منهاج الصالحين ـ العبادات - ج ١

فتاوى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني

منهاج الصالحين ـ العبادات - ج ١

المؤلف:

فتاوى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني


الموضوع : الفقه
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
الطبعة: ٥
الصفحات: ٤٨١

التقييد.

مسألة ١٠٦٤ : إذا فاته الصوم المنذور المشروط فيه التتابع فالأحوط الأولى التتابع في قضائه.

مسألة ١٠٦٥ : الصوم من المستحبات المؤكدة ، وقد ورد أنه جنة من النار ، وزكاة الأبدان ، وبه يدخل العبد الجنة ، وإن نوم الصائم عبادة ونفسه وصمته تسبيح ، وعمله متقبل ، ودعاءه مستجاب ، وخلوق فمه عند الله تعالى أطيب من رائحة المسك ، وتدعوا له الملائكة حتى يفطر ، وله فرحتان فرحة عند الإفطار ، وفرحة حين يلقى الله تعالى. وأفراده كثيرة وعد من المؤكد منه صوم ثلاثة أيام من كل شهر ، والأفضل في كيفيتها أول خميس من الشهر ، وآخر خميس منه ، وأول أربعاء من العشر الأواسط ، ويوم الغدير ، فإنه يعدل ـ كما في بعض الروايات ـ مائة حجة ومائة عمرة مبرورات متقبلات ، ويوم مولد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ويوم بعثه ، ويوم دحو الأرض ، وهو الخامس والعشرون من ذي القعدة ، ويوم عرفة لمن لا يضعفه عن الدعاء مع عدم الشك في الهلال ويوم المباهلة وهو الرابع والعشرون من ذي الحجة وتمام رجب ، وتمام شعبان وبعض كل منهما على اختلاف الأبعاض في مراتب الفضل ، ويوم النوروز ، وأول يوم محرم وثالثه وسابعه ، وكل خميس وكل جمعة إذا لم يصادفا عيداً.

مسألة ١٠٦٦ : يكره الصوم في موارد : منها الصوم يوم عرفة لمن خاف أن يضعفه عن الدعاء ، والصوم فيه مع الشك في الهلال ، بحيث يحتمل كونه عيد أضحى ، وصوم الضيف تطوعاً أو لواجب غير معين بدون إذن مضيفه ، وصوم الولد نافلة من غير إذن والده.

مسألة ١٠٦٧ : يحرم صوم العيدين وأيام التشريق لمن كان بمنى ناسكاً كان أم لا ، ويوم الشك على أنه من شهر رمضان ، ونذر المعصية بأن

٣٤١

ينذر الصوم على تقدير فعل الحرام شكراً ، أما زجراً فلا بأس به ، وصوم الوصال. ولا بأس بتأخير الإفطار ولو إلى الليلة الثانية إذا لم يكن عن نية الصوم ، والأحوط استحباباً اجتنابه ، والأحوط أن لا تصوم الزوجة تطوعاً أو لواجب غير معين بدون إذن الزوج وإن كان الأقوى جوازه إذا لم يمنع عن حقه ولا يترك الاحتياط بتركها الصوم إذا نهاها زوجها عنه وإن لم يكن مزاحماً لحقه والحمد لله رب العالمين.

٣٤٢

الخاتمة

في الاعتكاف

وهو اللبث في المسجد بقصد التعبد به والأحوط استحباباً أن يضم إليه قصد فعل العبادة فيه من صلاة ودعاء وغيرهما ، ويصح في كل وقت يصح فيه الصوم ، والأفضل شهر رمضان ، وأفضله العشر الأواخر.

مسألة ١٠٦٨ : يشترط في صحته مضافاً إلى العقل والإسلام ـ بتفصيل تقدم في الصوم ـ أمور :

الأول : نية القربة ، كما في غيره من العبادات. والواجب إيقاعه من أوله إلى آخره عن النية ، ويقوى جواز الاكتفاء بتبييت النية ، مع قصد الشروع فيه في أول يوم ، وأما لو قصد الشروع فيه وقت النية في أول الليل فيكفي بلا إشكال.

مسألة ١٠٦٩ : لا يجوز العدول من اعتكاف إلى آخر اتفقا في الوجوب والندب أو اختلفا ، ولا من نيابة عن شخص إلى نيابة عن شخص آخر ولا من نيابة عن غيره إلى نفسه وبالعكس.

الثاني : الصوم ، فلا يصح بدونه فلو كان المكلف ممن لا يصح منه الصوم لسفر ، أو غيره لم يصح منه الاعتكاف.

الثالث : العدد ، فلا يصح أقل من ثلاثة أيام ، ويصح الأزيد منها وإن كان يوماً أو بعضه ، أو ليلة أو بعضها ، وتدخل فيه الليلتان المتوسطتان دون الأولى والرابعة ، وإن جاز إدخالهما بالنية ، فلو نذره كان أقل ما يمتثل به ثلاثة. ولو نذره أقل لم ينعقد إذا اراد به الاعتكاف المعهود والا صح ، ولو نذره ثلاثة معينة ، فاتفق أن الثالث عيد لم ينعقد ، ولو نذر اعتكاف خمسة فإن

٣٤٣

نواها بشرط لا من جهة الزيادة والنقصان بطل ، وإن نواها بشرط لا من جهة الزيادة ولا بشرط من جهة النقصان وجب عليه اعتكاف ثلاثة أيام ، وإن نواها بشرط لا من جهة النقيصة ، ولا بشرط من جهة الزيادة ضم إليها السادس أفرد اليومين أو ضمهما إلى الثلاثة.

الرابع : أن يكون في أحد المساجد الأربعة : المسجد الحرام ، ومسجد المدينة ، ومسجد الكوفة ، ومسجد البصرة ، ويجوز إيقاعه في المسجد الجامع في البلد أيضاً إلا إذا اختص بإمامته غير العادل فإنه لا يجوز حينئذ على الأحوط ، والأحوط استحباباً ـ مع الإمكان ـ الاقتصار على المساجد الأربعة.

مسألة ١٠٧٠ : لو اعتكف في مسجد معين فاتفق مانع من البقاء فيه بطل ، ولم يجز اللبث في مسجد آخر ، والأحوط لزوماً قضاؤه ـ إن كان واجباً ـ في مسجد آخر ، أو في ذلك المسجد بعد ارتفاع المانع.

مسألة ١٠٧١ : يدخل في المسجد سطحه وسردابه ، كبيت الطشت في مسجد الكوفة ، وكذا منبره ومحرابه ، والإضافات الملحقة به إذا جعلت جزءاً منه.

مسألة ١٠٧٢ : إذا قصد الاعتكاف في مكان خاص من المسجد لغي قصده.

الخامس : إذن من يعتبر إذنه في جوازه ، كالوالدين بالنسبة إلى ولدهما إذا كان موجباً لإيذائهما شفقة عليه ، وكالزوج بالنسبة إلى زوجته إذا كان منافياً لحقه على إشكال فيما إذا لم يكن مكثها في المسجد بدون إذنه حراماً بنفسه.

السادس : استدامة اللبث في المسجد الذي شرع به فيه ، فإذا خرج لغير الأسباب المسوغة للخروج بطل ، من غير فرق بين العالم بالحكم

٣٤٤

والجاهل ، ولا يبعد البطلان في الخروج نسياناً أيضاً ، بخلاف ما إذا خرج عن اضطرار أو إكراه أو لحاجة لابد له منها من بول أو غائط أو غسل جنابة ، أو استحاضة ، أو مس ميت وإن كان السبب باختياره. ويجوز الخروج للجنائز لتشييعها ، والصلاة عليها ، ودفنها ، وتغسيلها ، وتكفينها ، ولعيادة المريض ، أما تشييع المؤمن وإقامة الشهادة وتحملها وغير ذلك من الأمور الراجحة ففي جوازها إشكال ، والأظهر الجواز فيما إذا عد من الضرورات عرفاً والأحوط ـ لزوماً ـ مراعاة أقرب الطرق ولا تجوز زيادة المكث عن قدر الحاجة ، وأما التشاغل على وجه تنمحي به صورة الاعتكاف فهو مبطل وإن كان عن إكراه أو اضطرار ، ولا يجوز الجلوس تحت الظلال في الخارج بل الأحوط لزوماً ترك الجلوس فيه بعد قضاء الحاجة مطلقاً إلا مع الضرورة.

مسألة ١٠٧٣ : إذا امكنه أن يغتسل في المسجد فالأحوط لزوماً عدم الخروج لأجله إذا كان الحدث لا يمنع من البقاء في المسجد كمس الميت ، وأما إذا كان يمنع منه ـ كالجنابة ـ فإن تمكن من الاغتسال في المسجد من غير مكث ولم يستلزم محرماً آخر كالتلويث والهتك وجب على الأحوط ، والا لم يجز مطلقا وإن كان زمان الغسل أقل من زمان الخروج ، هذا في غير المسجدين وأما فيهما فإن لم يكن زمان الغسل أطول من زمان التيمم وكذا من زمان الخروج وجب الغسل في المسجد ما لم يستلزم محرما والا وجب الغسل خارجه.

فصل

الاعتكاف في نفسه مندوب ، ويجب بالعارض من نذر وشبهه ، فإن كان واجباً معيناً فلا إشكال في وجوبه ـ قبل الشروع ـ فضلاً عما بعده ، وإن

٣٤٥

كان واجباً مطلقاً أو مندوباً فالأقوى عدم وجوبه بالشروع ، وإن كان في الأول أحوط استحباباً ، نعم يجب بعد مضي يومين منه فيتعين اليوم الثالث ، إلا إذا اشترط حال النية الرجوع لعارض ، فاتفق حصوله بعد يومين ، فله الرجوع عنه ـ حينئذ ـ إن شاء ، ولا عبرة بالشرط إذا لم يكن مقارناً للنية ، سواء أ كان قبلها أم بعد الشروع فيه.

مسألة ١٠٧٤ : يشكل جواز اشتراط الرجوع متى شاء وإن لم يكن عارض ، نعم يكفي في العارض العذر العرفي.

مسألة ١٠٧٥ : إذا شرط الرجوع حال النية ، ثم بعد ذلك اسقط شرطه ، فالظاهر عدم سقوط حكمه.

مسألة ١٠٧٦ : إذا نذر الاعتكاف ، وشرط في نذره الرجوع بأن كان المنذور ـ أي الاعتكاف ـ مشروطاً جاز له الرجوع ، وإن لم يشترطه حين الشروع فيه إذا أتى به وفاءً لنذره لأنه يكون من الاعتكاف المشروط به إجمالاً.

مسألة ١٠٧٧ : إذا جلس في المسجد على فراش مغصوب لم يقدح ذلك في الاعتكاف ، وإن سبق شخص إلى مكان من المسجد فأزاله المعتكف من مكانه ، وجلس فيه ففي البطلان تأمل بل منع.

فصل

في أحكام الاعتكاف

مسألة ١٠٧٨ : لابد للمعتكف من ترك أمور :

منها : الجماع ، والأحوط ـ وجوباً ـ إلحاق اللمس والتقبيل بشهوة به وأولى منهما بالاحتياط ما يصدق عليه المباشرة بما دون الفرج كالتفخيذ ونحوه ، ولا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة.

٣٤٦

ومنها : الاستمناء وإن كان على الوجه الحلال كالنظر إلى الزوجة ـ على الأحوط وجوباً ـ.

ومنها : شم الطيب مطلقاً ولو للشراء وشم الريحان مع التلذذ ولا مانع منه إذا كان بدونه.

ومنها : البيع والشراء بل مطلق التجارة ، على الأحوط وجوباً ، ولا بأس بالاشتغال بالأمور الدنيوية من المباحات ، حتى الخياطة والنساجة ونحوهما ، وإن كان الأحوط ـ استحباباً ـ الاجتناب ، وإذا اضطر إلى البيع والشراء ـ لا ما يلحقهما من مطلق التجارة ـ لأجل الأكل أو الشرب مما تمس حاجة المعتكف به ولم يمكن التوكيل أوما بحكمه ولا النقل بغير ذلك فعله.

ومنها : المماراة في أمر ديني أو دنيوي بداعي إثبات الغلبة وإظهار الفضيلة ، لا بداعي إظهار الحق ورد الخصم عن الخطأ ، فإنه من أفضل العبادات ، والمدار على القصد.

مسألة ١٠٧٩ : لا يجب على المعتكف الاجتناب عما يحرم على المحرم على الأقوى ، ولا سيما لبس المخيط وإزالة الشعر ، وأكل الصيد ، وعقد النكاح ، فإن جميعها جائز له.

مسألة ١٠٨٠ : الظاهر أن المحرمات المذكورة مفسدة للاعتكاف من دون فرق بين وقوعها في الليل والنهار ، وفي حرمتها تكليفاً إذا لم يكن واجبا معيناً ولو لأجل انقضاء يومين منه إشكال ، وإن كان أحوط وجوباً.

مسألة ١٠٨١ : إذا صدر منه أحد المحرمات المذكورة ـ سهواً ـ فالظاهر عدم بطلان اعتكافه حتى في الجماع على الأقرب.

مسألة ١٠٨٢ : إذا أفسد اعتكافه بأحد المفسدات ، فإن كان واجباً معيناً وجب قضاؤه على الأحوط وجوباً وإن كان غير معين وجب استئنافه ؛ وكذا يجب القضاء ـ على الأحوط لزوماً ـ إذا كان مندوباً ، وكان الإفساد

٣٤٧

بعد يومين ، أما إذا كان قبلهما فلا شئ عليه ، ولا يجب الفور في القضاء ولكن لا يجوز تأخيره بحد يعد تهاوناً وتوانياً في أداء الواجب.

مسألة ١٠٨٣ : إذا باع أو اشترى في أيام الاعتكاف لم يبطل بيعه أو شراؤه ، وإن بطل اعتكافه.

مسألة ١٠٨٤ : إذا أفسد الاعتكاف الواجب بالجماع ولو ليلاً وجبت الكفارة ، ويلحق به على الأحوط لزوماً الجماع المسبوق بالخروج المحرم وإن بطل اعتكافه به بشرط عدم رفع يده عنه ، والأقوى عدم وجوب الكفارة بالإفساد بغير الجماع ، وإن كان أحوط استحباباً ، وكفارته ككفارة صوم شهر رمضان وإن كان الأحوط استحباباً أن تكون كفارته مثل كفارة الظهار ، وإذا كان الاعتكاف في شهر رمضان وأفسده بالجماع نهاراً وجبت كفارتان ، إحداهما لإفطار شهر رمضان والأخرى لإفساد الاعتكاف ، وكذا إذا كان في قضاء شهر رمضان بعد الزوال ، وإن كان الاعتكاف المذكور منذوراً معيناً أوما بحكمه وجبت كفارة ثالثة لمخالفة النذر ، وإذا كان الجماع لامرأته الصائمة في شهر رمضان وقد أكرهها وجبت كفارة رابعة عنها على الأحوط لزوماً.

و الحمد لله رب العالمين

٣٤٨
٣٤٩

كتاب الزكاة

٣٥٠
٣٥١

وهي أحد الأركان التي بني عليها الإسلام ، ووجوبها من ضروريات الدين وقد قرنها الله تبارك وتعالى بالصلاة في غير واحد من الآيات الكريمة وقد ورد في بعض الروايات أن الصلاة لا تقبل من مانعها وإن من منع قيراطاً من الزكاة فليمت إن شاء يهودياً أو نصرانياً.

المقصد الأول

في الشرائط العامة لثبوت الزكاة

وهي على المشهور أمور :

الأول : الملكية الشخصية ، فلا تثبت الزكاة على الأعيان الزكوية إذا لم تكن مملوكة لأحد بأن تكون من المباحات الأصلية كما إذا وجدت غلات أو مواش كذلك ، كما لا تثبت عليها إذا كانت مملوكة للجهة أو للمسجد مثلاً ، ويعتبر أن تكون الملكية فعلية في الغلات في وقت التعلق وفي ما عداها في تمام الحول فلا عبرة بالملكية المنشأة للموهوب له قبل قبض العين وللموصى له قبل قبوله ولو بعد وفاة الموصي.

الثاني والثالث : كمال المالك بالبلوغ والعقل ، والأظهر كونهما من شرائط ثبوت الزكاة في خصوص النقدين ومال التجارة ـ دون الغلات والمواشي ـ فلا تثبت الزكاة على النقدين ومال التجارة إذا كان المالك صبياً أو مجنوناً في أثناء الحول بل لا بد من استئناف الحول من حين البلوغ والعقل.

٣٥٢

مسألة ١٠٨٥ : لا فرق في الجنون المانع عن ثبوت الزكاة بين الإطباقي والإدواري ، نعم لا يضر عروض الجنون آناً ما بل ساعة ونحوها في ثبوت الزكاة.

الرابع : الحرية ، فلا تجب الزكاة في أموال الرق.

الخامس : التمكن من التصرف ، والأظهر كونه شرطاً لثبوت الزكاة في ما عدا الغلات ، والمراد به كون المالك أومن بحكمه ـ كالولي ـ مستولياً على المال الزكوي خارجاً غير محبوس عنه شرعاً ، فلا زكاة في المال الغائب الذي لم يصل إلى المالك ولا إلى وكيله ولا في المسروق والمحجور والمدفون في مكان منسي مدة معتداً بها عرفاً ولا في الدين وإن تمكن من استيفائه ولا في الموقوف والمرهون وما تعلق به حق الغرماء ، وأما المنذور التصدق به فلا يبعد ثبوت الزكاة فيه فتجب إداؤها ولومن مال آخر حتى لا ينافي الوفاء بالنذر.

مسألة ١٠٨٦ : لا تجب الزكاة في نماء الوقف إذا كان مجعولاً على نحوالمصرف إلا مع صيرورته ملكاً للموقوف عليه ، وكذا لا تجب الزكاة فيه إذا كان مجعولاً على نحوالملك وكان الوقف عاماً ـ أي على عنوان عام كالفقراء ـ إلا بعد صيرورته ملكاً شخصياً لهم ، وتجب إذا كان الوقف خاصاً بان يكون نماؤه ملكاً لشخص أو أشخاص ، فإذا جعل بستانه وقفاً على أن يصرف نماؤها على ذريته أوعلى علماء البلد لم تجب الزكاة فيه ، نعم لو قسم بينهم قبل وقت تعلق الزكاة بحيث تعلقت في ملكهم وجبت عليهم إذا بلغت النصاب ، وكذا إذا جعلها وقفاً على أن يكون نماؤها ملكاً للفقراء أو العلماء مثلاً لم تجب الزكاة إلا إذا بلغت حصة من وصل إليه النماء قبل زمان التعلق مقدار النصاب ، ولو جعلها وقفاً على أن يكون نماؤها ملكاً لاشخاص كالذرية مثلاً وكانت حصة كل واحد تبلغ النصاب وجبت الزكاة على كل واحد

٣٥٣

منهم.

مسألة ١٠٨٧ : إذا كانت الأعيان الزكوية مشتركة بين أثنين أو أكثر أعتبر في وجوب الزكاة على بعضهم بلوغ حصته النصاب ، ولا يكفي في الوجوب بلوغ المجموع النصاب.

مسألة ١٠٨٨ : ثبوت الخيار المشروط برد مثل الثمن لا يمنع من تعلق الزكاة وإن كان مرجعه الى اشتراط إبقاء المبيع على ملك المشتري ، فيجب إخراج الزكاة من مال آخر لكي لا ينافي العمل بالشرط.

مسألة ١٠٨٩ : الإغماء والسكر حال التعلق أو في أثناء الحول لا يمنعان عن وجوب الزكاة.

مسألة ١٠٩٠ : إذا عرض عدم التمكن من التصرف ، بعد مضي الحول متمكناً فقد استقر الوجوب ، فيجب الأداء إذا تمكن بعد ذلك ، فإن كان مقصراً كان ضامناً وإلا فلا.

مسألة ١٠٩١ : زكاة القرض على المقترض بعد قبضه ، لا على المقرض فلو اقترض نصاباً من الأعيان الزكوية ، وبقي عنده سنة وجبت عليه الزكاة ، وإن كان قد اشترط في عقد القرض على المقرض أن يؤدي الزكاة عنه. نعم إذا أدى المقرض عنه صح ، وسقطت الزكاة عن المقترض ويصح مع عدم الشرط أن يتبرع المقرض عنه بأداء الزكاة كما يصح تبرع الأجنبي.

مسألة ١٠٩٢ : يجب على ولي الصبي والمجنون إخراج زكاة غلاتهما ومواشيهما كما يستحب له إخراج زكاة مال التجارة إذا أتجر بمالهما لهما.

مسألة ١٠٩٣ : الإسلام ليس شرطاً في وجوب الزكاة ، فتجب الزكاة على الكافر على الأظهر ، نعم الظاهر أنها لا تؤخذ منه قهرا مع أخذ الجزية ، ولو أداها فالأظهر تعينها وإجزاؤها وإن كان آثما بالإخلال بقصد القربة.

مسألة ١٠٩٤ : إذا استطاع بتمام النصاب أخرج الزكاة ، إذا كان تعلقها

٣٥٤

قبل تعلق الحج ، ولم يجب الحج ، وإن كان بعده وجب الحج ويجب عليه ـ حينئذ ـ حفظ استطاعته ولو بتبديل المال بغيره إذا لم يتمكن من إدائه بغير ذلك حتى متسكعا ، وإذا لم يبدل حتى مضى عليه الحول وجبت الزكاة أيضاً.

٣٥٥

المقصد الثاني

ما تجب فيه الزكاة

تجب الزكاة في الأنعام الثلاثة : الإبل والبقر والغنم ، والغلات الأربع : الحنطة ، والشعير ، والتمر ، والزبيب ، وفي النقدين : الذهب والفضة ، وفي مال التجارة على الأحوط وجوباً ولا تجب فيما عدا ذلك ، نعم تستحب في غيرها من الحبوب التي تنبت في الأرض كالسمسم ، والأرز ، والدخن ، والحمص ، والعدس ، والماش ، والذروة ، وغيرها ، ولا تستحب في الخضروات مثل البقل والقثاء والبطيخ والخيار ونحوها.

و الكلام في العشرة الأول يقع في مباحث :

المبحث الأول

الأنعام الثلاثة

و شرائط وجوبها ـ مضافاً إلى الشرائط العامة المتقدمة ـ أربعة :

الشرط الأول : النصاب.

في الإبل إثنا عشر نصاباً ، الأول : خمس ، وفيها : شاة ، ثم عشر وفيها : شاتان ، ثم خمس عشرة وفيها ثلاث شياه ، ثم عشرون وفيها أربع شياه ، ثم خمس وعشرون وفيها : خمس شياه ، ثم ست وعشرون ، وفيها : بنت مخاض ، وهي الداخلة في السنة الثانية ، ثم ست وثلاثون وفيها : بنت لبون ، وهي الداخلة في السنة الثالثة ، ثم ست وأربعون وفيها : حقة ، وهي الداخلة

٣٥٦

في السنة الرابعة ، ثم إحدى وستون وفيها : جذعة ، وهي الداخلة في السنة الخامسة ، ثم ست وسبعون وفيها : بنتا لبون ، ثم إحدى وتسعون ، وفيها : حقتان ، ثم مائة وإحدى وعشرون فصاعداً وفيها : في كل خمسين حقة ، وفي كل أربعين : بنت لبون ، فإن كان العدد مطابقاً للأربعين ـ بحيث إذا حسب بالأربعين لم تكن زيادة ولا نقيصة ـ عمل على الأربعين كالمائة والستين ، وإذا كان مطابقاً للخمسين ـ بالمعنى المتقدم ـ عمل على الخمسين ، كالمائة والخمسين ، وإن كان مطابقاً لكل منهما ـ كالمائتين ـ تخير المالك بين العد بالأربعين والخمسين ، وإن كان مطابقاً لهما ـ معاً ـ كالمائتين والستين عمل عليهما معاً ، فيحسب خمسينين وأربع أربعينات ، ولا شئ فيما نقص عن النصاب الأول ، وما بين النصابين في حكم النصاب السابق.

مسألة ١٠٩٥ : إذا لم يكن عنده بنت مخاض أجزأ عنها إبن لبون ، وإذا لم يكن عنده تخير في شراء أيهما شاء.

مسألة ١٠٩٦ : في البقر نصابان ، الأول ثلاثون ، وفيها تبيع ولا تجزئ التبيعة على الأحوط وجوباً وهوما دخل في السنة الثانية ثم أربعون ، وفيها مسنة وهي الداخلة في السنه الثالثة ، وفيما زاد على هذا الحساب ، ويتعين العد بالمطابق الذي لا عفو فيه ، فإن طابق الثلاثين ـ لا غير ـ كالستين عد بها ، وإن طابق الأربعين ـ لا غير ـ كالثمانين عد بها ، وإن طابقهما ـ كالسبعين ـ عد بهما معاً ، وإن طابق كلا منهما كالمائة والعشرين ـ يتخير بين العد بالثلاثين والأربعين ، ولا شئ فيما دون الثلاثين ، وما بين النصابين في حكم النصاب السابق.

مسألة ١٠٩٧ : في الغنم خمسة نصب : أربعون ، وفيها : شاة ، ثم مائة وإحدى وعشرون ، وفيها : شاتان ، ثم مائتان وواحدة ، وفيها : ثلاث

٣٥٧

شياه ، ثم ثلاثمائة وواحدة ، وفيها : أربع شياه ، ثم أربعمائة فصاعداً ففي كل مائة : شاة بالغاً ما بلغ ، ولا شيء فيما نقص عن النصاب الأول وما بين النصابين في حكم النصاب السابق.

مسألة ١٠٩٨ : الجاموس والبقر جنس واحد ، ولا فرق في الإبل بين العراب والبخاتي ، ولا في الغنم بين المعز والظأن ، ولا بين الذكر والأنثى في الجميع.

مسألة ١٠٩٩ : المال المشترك ـ إذا بلغ نصيب كل واحد منهم النصاب ـ وجبت الزكاة على كل منهم ، وإن بلغ نصيب بعضهم النصاب دون بعض وجبت على من بلغ نصيبه دون شريكه ، وإن لم يبلغ نصيب واحد منهم النصاب لم تجب الزكاة ، وإن بلغ المجموع النصاب.

مسألة ١١٠٠ : إذا كان مال المالك الواحد متفرقاً بعضه عن بعض فإن كان المجموع يبلغ النصاب وجبت فيه الزكاة ، ولا يلاحظ كل واحد على حده.

مسألة ١١٠١ : الأحوط وجوباً في الشاة التي تجب في نصب الإبل والغنم أن تكمل لها سنة ، وتدخل في الثانية ، إن كانت من الظأن ، أو تكمل لها سنتان وتدخل في الثالثة ، إن كانت من المعز ، ويتخير المالك بين دفعها من النصاب وغيره ، ولو كانت من بلد آخر ، كما يجوز دفع القيمة من النقدين ، وما بحكمهما من الأثمان ، كالأوراق النقدية وإن كان دفع العين أفضل وأحوط استحباباً ، وأما جواز دفع القيمة من غير النقدين وما بحكمهما فلا يخلو عن إشكال.

مسألة ١١٠٢ : المدار على القيمة وقت الدفع لا وقت الوجوب ، وفي كون الاعتبار بقيمة بلد الدفع أو بلد النصاب إشكال والأول أقرب وإن كان الأحوط استحبابا دفع أعلى القيمتين.

مسألة ١١٠٣ : إذا كان مالكا للنصاب لا أزيد ـ كأربعين شاة مثلاً ـ

٣٥٨

فحال عليه أحوال فإن أخرج زكاته كل سنة من غيره تكررت لعدم نقصانه ـ حينئذ ـ عن النصاب ، ولو أخرجها منه أو لم يخرج أصلاً لم تجب إلا زكاة سنة واحدة ، ولو كان عنده أزيد من النصاب ـ كأن كان عنده خمسون شاة ـ وحال عليه أحوال لم يؤد زكاتها وجبت عليه الزكاة بمقدار ما مضى من السنين ، إلى أن ينقص عن النصاب.

مسألة ١١٠٤ : إذا كان جميع النصاب من الإناث يجزئ دفع الذكر عن الأنثى ، وبالعكس ، وإذا كان كله من الظأن يجزي دفع المعز عن الظأن ، وبالعكس ، وكذا الحال في البقر والجاموس والإبل العراب والبخاتي.

مسألة ١١٠٥ : لا فرق بين الصحيح والمريض ، والسليم والمعيب والشاب والهرم في العد من النصاب ، نعم إذا تولى المالك إخراج زكاته وكانت كلها صحيحة لا يجوز له دفع المريض ، وكذا إذا كانت كلها سليمه لا يجوز له دفع المعيب وإذا كانت كلها شابة لا يجوز له دفع الهرم ، وكذا إذا كان النصاب ملفقاً من الصنفين على الأحوط ، إن لم يكن أقوى ، نعم إذا كانت كلها مريضة أو هرمة أو معيبة جاز له الإخراج منها.

الشرط الثاني : السوم طول الحول

فإذا كانت معلوفة ، ولو في بعض الحول لم تجب الزكاة فيها ، نعم لا يقدح في صدق السوم علفها قليلاً والعبرة فيه بالصدق العرفي.

مسألة ١١٠٦ : لا فرق في منع العلف من وجوب الزكاة بين أن يكون بالاختيار والاضطرار ، وإن تكون من مال المالك وغيره بإذنه أولا كما أن الظاهر أنه لا فرق في السوم بين أن يكون من نبت مملوك أو مباح فإن رعاها في الحشيش والدغل الذي ينبت في الأرض المملوكة في أيام الربيع أو عند

٣٥٩

نضوب الماء وجبت فيها الزكاة ، نعم إذا كان المرعى مزروعاً ففي صدق السوم إشكال ، والأظهر عدم الصدق ، وإذا جز العلف المباح فأطعمها إياه كانت معلوفة ، ولم تجب الزكاة فيها.

الشرط الثالث : أن لا تكون عوامل ولو في بعض الحول

على المشهور ، والأحوط عدم اعتبار هذا الشرط فتجب الزكاة في الإبل والبقر وإن استعملت في السقي أو الحرث أو الحمل أو نحو ذلك ، ولو كان استعمالها من القلة بحد يصدق عليها أنها فارغة وليست بعوامل وجبت فيها الزكاة بلا إشكال.

الشرط الرابع : أن يمضي عليها حول جامعة للشرائط

ويكفي فيه الدخول في الشهر الثاني عشر ، والأقوى استقرارالوجوب بذلك ، فلا يضر فقد بعض الشرائط قبل تمامه ، نعم الشهر الثاني عشر محسوب من الحول الأول ، وابتداء الحول الثاني بعد إتمامه.

مسألة ١١٠٧ : إذا إختل بعض الشروط في أثناء الأحد عشر بطل الحول ، كما إذا نقصت عن النصاب أو لم يتمكن من التصرف فيها أو بدلها بجنسها ، أو بغير جنسها ولو كان زكوياً ، إذا لم يكن التبديل بقصد الفرار من الزكاة والا فالأحوط إخراجها إذا كان التبديل بما يشاركها في القيمة الاستعمالية كتبديل الشاة الحلوب بمثلها.

مسألة ١١٠٨ : إذا حصل لمالك النصاب ـ في أثناء الحول ـ ملك جديد بنتاج ، أو شراء ، أو نحوهما ، فإما أن لا يكون الجديد نصاباً مستقلاً ولا مكملاً للنصاب السابق كما إذا كان عنده أربعون من الغنم ، وفي أثناء الحول ولدت أربعين فلا شيء عليه ، إلا ما وجب في الأول ، وهو شاة في

٣٦٠