منهاج الصالحين ـ العبادات - ج ١

فتاوى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني

منهاج الصالحين ـ العبادات - ج ١

المؤلف:

فتاوى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني


الموضوع : الفقه
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
الطبعة: ٥
الصفحات: ٤٨١

الظهر ـ مثلاً ـ يذهب إلى بغداد يجب عليه التمام في ذلك المحل وبعد التعدي من حد الترخص منه يقصر ، وإذا رجع من بغداد إلى النجف ووصل إلى محل عمله أتم ، وكذلك الحكم لأهل الكاظمية إذا كان لهم محل عمل في بغداد وخرجوا منها إليه لعملهم ثم السفر إلى كربلاء مثلاً ، فإنهم يتمون فيه الصلاة ذهاباً وإياباً إذا نزلوا فيه.

الثاني : العزم على الإقامة عشرة أيام متوالية في مكان واحد أو العلم ببقائه المدة المذكورة فيه وإن لم يكن باختياره ، والليالي المتوسطة داخلة بخلاف الأولى والأخيرة ، ويكفي تلفيق اليوم المنكسر من يوم آخر فإذا نوى الإقامة من زوال أول يوم إلى زوال اليوم الحادي عشر وجب التمام ، والظاهر أن مبدأ اليوم طلوع الفجر ، فإذا نوى الإقامة من طلوع الشمس فلا بد من نيتها إلى طلوعها من اليوم الحادي عشر.

مسألة ٩٣٠ : يشترط وحدة محل الإقامة ، فإذا قصد الإقامة عشرة أيام في النجف الأشرف ومسجد الكوفة مثلاً بقي على القصر ، نعم لا يشترط قصد عدم الخروج عن سور البلد ، بل إذا قصد الخروج إلى ما يتعلق بالبلد من الأمكنة مثل بساتينه ومزارعه ومقبرته ومائه ونحو ذلك من الأمكنة التي يتعارف وصول أهل البلد إليها من جهة كونهم أهل ذلك البلد لم يقدح في صدق الإقامة فيها ، وأما من قصد الخروج إلى حد الترخص ، أوما يزيد عليه إلى ما دون المسافة ـ كما إذا قصد الإقامة في النجف الأشرف مع قصد الخروج إلى مسجد الكوفة أو السهلة ـ فالأظهر أنه لا يضر بقصد الإقامة إذا لم يكن زمان الخروج مستوعباً للنهار أو كالمستوعب له كما لو قصد الخروج بعد الزوال والرجوع ساعة بعد الغروب ، ولكن يشترط عدم تكرره بحد يصدق معه الإقامة في أزيد من مكان واحد.

مسألة ٩٣١ : إذا قصد الإقامة إلى ورود المسافرين ، أوإنقضاء

٣٠١

الحاجة أو نحو ذلك ، وجب القصر وإن اتفق حصوله بعد عشرة أيام ، وكذا إذا نوى الإقامة إلى يوم الجمعة الثانية ـ مثلا ـ وكان عشرة أيام ولكنه لم يعلم بذلك من الأول فإنه يجب عليه القصر على الأظهر ، فلا فرق في وجوب القصر مع التردد في إقامة عشرة أيام بين أن يكون ذلك لأجل تردد زمان النية بين سابق ولاحق ، وبين أن يكون لأجل الجهل بالآخر ، كما إذا نوى المسافر الإقامة من اليوم الواحد والعشرين إلى آخر الشهر وتردد الشهر بين الناقص والتام ثم انكشف كماله فإنه يجب القصر في كلتا الصورتين.

مسألة ٩٣٢ : تجوز الإقامة في البرية ، وحينئذ يجب أن ينوي عدم الوصول إلى ما لا يعتاد الوصول إليه من الأمكنة البعيدة ، إلا إذا كان زمان الخروج قليلاً ، كما تقدم.

مسألة ٩٣٣ : إذا عدل ناوي الإقامة عشرة أيام عن قصد الإقامة ، فإن كان قد صلى فريضة أدائية تماماً بقي على الإتمام إلى أن يسافر ، والا رجع إلى القصر ، سواء لم يصل أصلاً أم صلى مثل الصبح والمغرب ، أو شرع في الرباعية ولم يتمها ولو كان في ركوع الثالثة ، وسواء أ فعل ما لا يجوز فعله للمسافر من النوافل والصوم ، أو لم يفعل.

مسألة ٩٣٤ : إذا صلى بعد نية الإقامة فريضة أدائية تماماً مع الغفلة عن إقامته بالكلية ثم عدل ففي كفايته في البقاء على التمام إشكال فلا يترك الاحتياط بالجمع بين القصر والإتمام بعد العدول ، وكذلك الحال لو صلاها تماماً لشرف البقعة غافلاً عن نية إقامته ، وإذا فاتته الصلاة بعد نية الإقامة فقضاها خارج الوقت تماماً ثم عدل عن إقامته رجع إلى القصر.

مسألة ٩٣٥ : إذا تمت مدة الإقامة لم يحتج في البقاء على التمام إلى إقامة جديدة ، بل يبقى على التمام إلى أن يسافر وإن لم يصل في مدة الإقامة فريضة تماماً.

٣٠٢

مسألة ٩٣٦ : لا يشترط في تحقق الإقامة كونه مكلفاً ، فلو نوى الإقامة وهو غير بالغ ثم بلغ في أثناء العشرة وجب عليه التمام في بقية الأيام وقبل البلوغ أيضاً يصلي تماماً ، وإذا نواها وهو مجنون وكان تحقق القصد منه ممكناً ، أو نواها حال الإفاقة ثم جن يصلي تماماً بعد الإفاقة في بقية العشرة ، وكذا إذا كانت حائضاً حال النية فإنها تصلي ما بقي بعد الظهر من العشرة تماماً ، بل إذا كانت حائضاً تمام العشرة يجب عليها التمام ما لم تنشئ سفراً.

مسألة ٩٣٧ : إذا صلى تماماً ، ثم عدل لكن تبين بطلان صلاته رجع إلى القصر ، وإذا صلى الظهر قصراً ثم نوى الإقامة فصلى العصر تماماً ثم تبين له بطلان إحدى الصلاتين فإنه يرجع إلى القصر ، ويرتفع حكم الإقامة ، وإذا صلى بنية التمام ، وبعد السلام شك في أنه سلم على الأربع أو الاثنتين أو الثلاث كفى في البقاء على حكم التمام إذا عدل عن الإقامة بعد الصلاة ، وكذا يكفي في البقاء على حكم التمام إذا عدل عن الإقامة بعد الصلاة ، وكذا يكفي في البقاء على حكم التمام إذا عدل عن الإقامة بعد السلام الواجب ، وقبل الإتيان بسجود السهو ، أو قبل قضاء السجدة المنسية ، ولا يترك الاحتياط فيما إذا عدل بعد السلام الأول وقبل السلام الأخير أو قبل الإتيان بصلاة الاحتياط.

مسألة ٩٣٨ : إذا استقرت الإقامة ولو بالصلاة تماماً ، فبدا للمقيم الخروج إلى ما دون المسافة ، فإن كان ناوياً للإقامة في المقصد ، أو في محل الإقامة ، أو في غيرهما بقي على التمام ، حتى يسافر من محل الإقامة الثانية ، وإن كان ناوياً الرجوع إلى محل الإقامة والسفر منه قبل العشرة أتم في الذهاب والمقصد ، وأما في الإياب ومحل الإقامة فالأحوط الأولى الجمع بين القصر والتمام فيهما وإن كان الأظهر جواز الاقتصار على التمام حتى يسافر من محل الإقامة ، نعم إذا كان ناوياً السفر من مقصده وكان رجوعه إلى محل

٣٠٣

إقامته من جهة وقوعه في طريقه قصر في إيابه ومحل إقامته أيضاً.

مسألة ٩٣٩ : إذا دخل في الصلاة بنية القصر ، فنوى الإقامة في الأثناء أكملها تماماً ، وإذا نوى الإقامة فشرع في الصلاة بنية التمام فعدل في الأثناء ، فإن كان قبل الدخول في ركوع الثالثة أتمها قصراً ، وإن كان بعده جاز له قطعها وأتى بها قصراً.

مسألة ٩٤٠ : إذا عدل عن نية الإقامة ، وشك في أن عدوله كان بعد الصلاة تماماً ليبقى على التمام أم لا بنى على عدمها فيرجع إلى القصر.

مسألة ٩٤١ : إذا عزم على الإقامة فنوى الصوم ، وعدل بعد الزوال قبل أن يصلي تماماً ففي صحته إشكال فالأحوط إتمامه ثم قضاؤه ، وأما الصلاة فيجب فيها القصر ، كما سبق.

الثالث : أن يقيم في مكان واحد ثلاثين يوماً من دون عزم على الإقامة عشرة أيام ، سواء عزم على إقامة تسعة أو أقل أم بقي متردداً فإنه يجب عليه القصر إلى نهاية الثلاثين ، وبعدها يجب عليه التمام إلى أن يسافر سفراً جديداً.

مسألة ٩٤٢ : المتردد في الأمكنة المتعددة يقصر وإن بلغت المدة ثلاثين يوماً.

مسألة ٩٤٣ : إذا خرج المقيم المتردد إلى ما دون المسافة جرى عليه حكم المقيم عشرة أيام إذا خرج إليه ، فيجري فيه ما ذكرناه فيه.

مسألة ٩٤٤ : إذا تردد في مكان تسعة وعشرين يوماً ، ثم انتقل إلى مكان آخر ، وأقام فيه ـ متردداً ـ تسعة وعشرين ، وهكذا بقي على القصر في الجميع إلى أن ينوي الإقامة في مكان واحد عشرة أيام ، أو يبقى في مكان واحد ثلاثين يوماً متردداً.

مسألة ٩٤٥ : يكفي تلفيق اليوم المنكسر من يوم آخر هنا ، كما تقدم

٣٠٤

في الإقامة.

مسألة ٩٤٦ : في كفاية الشهر الهلالي إذا نقص عن الثلاثين يوماً إشكال ، بل الأظهر عدم الكفاية.

الفصل الثالث

في أحكام المسافر

مسألة ٩٤٧ : تسقط النوافل النهارية في السفر ، وفي سقوط الوتيرة إشكال والأظهر السقوط ، نعم لا بأس بالإتيان بها برجاء المطلوبية ، ويجب القصر في الفرائض الرباعية بالاقتصار على الأوليين منها فيما عدا الأماكن الأربعة ، كما سيأتي ، وإذا صلاها تماماً ، فإن كان عالماً بالحكم بطلت ، ووجبت الإعادة أو القضاء ، وإن كان جاهلاً بالحكم من أصله ـ بأن لم يعلم مشروعية التقصير للمسافر أو كونه واجباً عليه ـ لم تجب الإعادة ، فضلاً عن القضاء ، وإن كان عالماً بأصل الحكم ، وجاهلاً ببعض الخصوصيات الموجبة للقصر ، مثل انقطاع عملية السفر بإقامة عشرة في البلد ، ومثل أن العاصي في سفره يقصر إذا رجع إلى الطاعة ونحو ذلك فإن علم في الوقت فالأحوط إعادة الصلاة ولا يبعد عدم وجوب قضائها إذا علم به بعد مضي الوقت ، وإن كان جاهلاً بالموضوع ، بأن لا يعلم أن ما قصده مسافة ـ مثلاً ـ فأتم فتبين له أنه مسافة ، أو كان ناسياً للسفر أو ناسياً أن حكم المسافر القصر فأتم ، فإن علم أو تذكر في الوقت أعاد ، وإن علم أو تذكر بعد خروج الوقت فالظاهر عدم وجوب القضاء عليه.

مسألة ٩٤٨ : الصوم كالصلاة فيما ذكر فيبطل في السفر مع العلم ويصح مع الجهل ، سواء أ كان لجهل بأصل الحكم أم كان بالخصوصيات أم كان بالموضوع.

٣٠٥

مسألة ٩٤٩ : إذا قصر من وظيفته التمام بطلت صلاته في جميع الموارد ، بلا فرق في ذلك بين العامد والجاهل والناسي والخاطئ ، نعم المقيم عشرة أيام إذا قصر جهلاً بأن حكمه التمام ثم علم به كان الحكم بوجوب الإعادة عليه مبنياً على الاحتياط الوجوبي.

مسألة ٩٥٠ : إذا دخل الوقت وهو حاضر وتمكن من الصلاة تماماً ولم يصل ، ثم سافر حتى تجاوز حد الترخص والوقت باق ، صلى قصراً ، وإذا دخل عليه الوقت وهو مسافر وتمكن من الصلاة قصراً ولم يصل حتى وصل إلى وطنه ، أو محل إقامته صلى تماماً ، فالمدار على زمان الأداء لا زمان حدوث الوجوب.

مسألة ٩٥١ : إذا فاتته الصلاة في الحضر قضى تماماً ولو في السفر ، وإذا فاتته في السفر قضى قصراً ولو في الحضر ، وإذا كان في أول الوقت حاضراً وفي آخره مسافراً أو بالعكس راعى في القضاء حال الفوات وهو آخر الوقت ، فيقضي في الأول قصرا ، وفي العكس تماماً.

مسألة ٩٥٢ : يتخير المسافر بين القصر والتمام في الأماكن الأربعة : مكة المعظمة ، والمدينة المنورة ، والكوفة ، وحرم الحسين عليه‌السلام ، فللمسافر السائغ له التقصير أن يتم صلاته في هذه المواضع بل هو أفضل وإن كان التقصير أحوط ، وذكر جماعة اختصاص التخيير في البلاد الثلاثة بمساجدها ولكنه لا يبعد ثبوت التخيير فيها مطلقاً وإن كان الاختصاص أحوط ، والظاهر أن التخيير ثابت في حرم الحسين عليه‌السلام فيما يحيط بالقبر الشريف بمقدار خمسة وعشرين ذراعاً من كل جانب فتدخل بعض الأروقة في الحد المذكور ويخرج عنه بعض المسجد الخلفي.

مسألة ٩٥٣ : لا فرق في ثبوت التخيير في الأماكن المذكورة بين أرضها وسطحها والمواضع المنخفضة فيها ، كبيت الطشت في مسجد

٣٠٦

الكوفة.

مسألة ٩٥٤ : لا يلحق الصوم بالصلاة في التخيير المذكور ، فلا يجوز للمسافر الذي حكمه القصر الصوم في الأماكن الأربعة.

مسألة ٩٥٥ : التخيير المذكور استمراري ، فإذا شرع في الصلاة بنية القصر يجوز له العدول في الأثناء إلى الإتمام ، وبالعكس.

مسألة ٩٥٦ : لا يجري التخيير المذكور في سائر المساجد والمشاهد الشريفة.

مسألة ٩٥٧ : يستحب للمسافر أن يقول عقيب كل صلاة مقصورة ثلاثين مرة : (( سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر )).

مسألة ٩٥٨ : يختص التخيير المذكور بالأداء ولا يجري في القضاء.

٣٠٧

المقصد الثاني عشر

في صلاة الجمعة

وفيه فروع

الأول : صلاة الجمعة ركعتان كصلاة الصبح ، وتمتاز عنها بخطبتين قبلها ، ففي الأولى منهما يقوم الإمام ويحمد الله ويثني عليه ويوصي بتقوى الله ويقرأ سورة قصيرة من الكتاب العزيز ثم يجلس قليلاً ، وفي الثانية يقوم ويحمد الله ويثني عليه ويصلي على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى أئمة المسلمين عليهم‌السلام ويضم إلى ذلك على الأحوط الأولى الاستغفار للمؤمنين والمؤمنات.

الثاني : الأحوط إتيان الحمد والصلاة من الخطبة بالعربية ، وأما غيرهما من أجزائها كالثناء على الله والوصية بالتقوى فيجوز إتيانها بغير العربية أيضاً على الأظهر ، بل الأحوط ـ إذا كان أكثر الحضور غير عارفين باللغة العربية ـ أن تكون الوصية بتقوى الله تعالى باللغة التي يفهمونها.

الثالث : صلاة الجمعة واجبة تخييراً على الأظهر ، ومعنى ذلك أن المكلف يوم الجمعة مخير بين الإتيان بصلاة الجمعة على النحو الذي تتوفر فيه شرائطها الآتية وبين الإتيان بصلاة الظهر ولكن إقامة الجمعة أفضل ، فإذا أتى بها مع الشرائط أجزأت عن الظهر.

الرابع : يعتبر في وجوب صلاة الجمعة أمور :

١ ـ دخول الوقت ، وهو زوال الشمس ، ووقتها أول الزوال عرفا كما مر ، فلو أخرها عنه لم تصح منه فيأتي بصلاة الظهر.

٢ ـ اجتماع خمسة أشخاص ، أحدهم الإمام ، فلا تجب الجمعة ما

٣٠٨

لم يجتمع خمسة نفر من المسلمين كان أحدهم الإمام.

٣ ـ وجود الإمام الجامع لشرائط الإمامة من العدالة وغيرها ـ على ما تقدم ذكرها في صلاة الجماعة ـ.

الخامس : تعتبر في صحة صلاة الجمعة أمور :

١ ـ الجماعة ، فلا تصح صلاة الجمعة فرادى ، ويجزي فيها إدراك الإمام في الركوع الأول بل في القيام من الركعة الثانية أيضاً فيأتي مع الإمام بركعة وبعد فراغه يأتي بركعة أخرى ، وأما لو أدركه في ركوع الركعة الثانية ففي الاجتزاء به إشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.

٢ ـ أن لا تكون المسافة بينها وبين صلاة جمعة أخرى أقل من فرسخ ، فلو أقيمت جمعتان فيما دون فرسخ بطلتا جميعا إن كانتا مقترنتين زماناً ، وأما إذا كانت إحداهما سابقة على الأخرى ولو بتكبيرة الإحرام صحت السابقة دون اللاحقة ، نعم إذا كانت إحدى الصلاتين فاقدة لشرائط الصحة فهي لا تمنع عن إقامة صلاة جمعة أخرى ولو كانت في عرضها أو متأخرة عنها.

٣ ـ قراءة خطبتين قبل الصلاة ـ على ما تقدم ـ والأحوط لزوماً أن تكون الخطبتان بعد الزوال ، كما لابد أن يكون الخطيب هو الإمام ، ولا يجب الحضور حال الخطبة على الأظهر.

السادس : إذا أقيمت الجمعة في بلد واجدة للشرائط فإن كان من أقامها هو الإمام المعصوم عليه‌السلام أومن يمثله وجب الحضور فيها عيناً ، وإن كان غيره لم يجب الحضور على الأظهر ، بل يجوز الإتيان بصلاة الظهر.

السابع : يعتبر في وجوب الحضور في الصورة الأولى المتقدمة أمور :

١ ـ الذكورة ، فلا يجب الحضور على النساء.

٢ ـ الحرية ، فلا يجب على العبيد.

٣ ـ الحضور ، فلا يجب على المسافر سواء في ذلك المسافر الذي

٣٠٩

وظيفته القصر ومن كانت وظيفته الإتمام كالقاصد لإقامة عشرة أيام.

٤ ـ السلامة من المرض والعمى ، فلا يجب على المريض والأعمى.

٥ ـ عدم الشيخوخة ، فلا يجب على الشيخ الكبير.

٦ ـ أن لا يكون الفصل بينه وبين المكان الذي تقام فيه الجمعة أزيد من فرسخين ، كما لا يجب على من كان الحضور عليه حرجياً لمطر أو برد شديد أو نحوهما وإن لم يكن الفصل بهذا المقدار.

الثامن : من لا تجب عليه صلاة الجمعة عيناً تجوز له المبادرة إلى أداء صلاة الظهر في أول وقتها.

التاسع : الأحوط لزوماً الإصغاء إلى الخطبة لمن يفهم معناها ، ولا يجوز ـ على الأحوط ـ التكلم أثناء اشتغال الإمام بها إذا كان ذلك مانعاً عن الإصغاء.

العاشر : يحرم البيع والشراء بعد النداء لصلاة الجمعة إذا كانا منافيين للصلاة ولكن الأظهر صحة المعاملة وإن كانت محرمة.

الحادي عشر : من يجب عليه الحضور إذا تركه وصلى صلاة الظهر فالأظهر صحة صلاته.

٣١٠

خاتمة

في بعض الصلوات المستحبة

منها : صلاة العيدين ، وهي واجبة في زمان الحضور مع اجتماع الشرائط ، ومستحبة في عصر الغيبة جماعة وفرادى ، ولا يعتبر فيها العدد ولا تباعد الجماعتين ، ولا غير ذلك من شرائط صلاة الجمعة. وكيفيتها : ركعتان يقرأ في كل منهما الحمد وسورة ، والأفضل أن يقرأ في الأولى (( والشمس )) وفي الثانية (( الغاشية )) أو في الأولى ( الأعلى ) وفي الثانية (( والشمس ) ثم يكبر في الأولى خمس تكبيرات ، ويقنت بين كل تكبيرتين وفي الثانية يكبر بعد القراءة اربعا ، ويقنت بين كل تكبيرتين ولا يبعد الاجتزاء بثلاث تكبيرات في كل ركعة عدا تكبيرتي الإحرام والركوع ، ويجزي في القنوت ما يجزي في قنوت سائر الصلوات ، والأفضل أن يدعو بالمأثور ، فيقول في كل واحد منها : ( اللهم أهل الكبرياء والعظمة ، وأهل الجود والجبروت ، وأهل العفو والرحمة ، وأهل التقوى والمغفرة ، أسألك بحق هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا ، ولمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذخراً ومزيداً ، أن تصلي على محمد وال محمد ، كأفضل ما صليت على عبد من عبادك ، وصل على ملائكتك ورسلك ، واغفر للمؤمنين والمؤمنات ، والمسلمين والمسلمات ، الأحياء منهم والأموات ، اللهم إني أسألك خير ما سألك به عبادك الصالحون وأعوذ بك من شر ما استعاذ بك منه عبادك المخلصون ) ، ويأتي الإمام بخطبتين بعد الصلاة يفصل بينهما بجلسة خفيفة ، ولا يجب الحضور عندهما ، ولا الإصغاء ، والأحوط عدم تركهما في زمان الغيبة إذا كانت الصلاة جماعة.

٣١١

مسألة ٩٥٩ : لا يتحمل الإمام في هذه الصلاة غير القراءة.

مسألة ٩٦٠ : إذا لم تجتمع شرائط وجوبها ففي جريان أحكام النافلة عليها إشكال ، والظاهر بطلانها بالشك في ركعاتها ، ولزوم قضاء السجدة الواحدة إذا نسيت ، وسجود السهو عند تحقق موجبه.

مسألة ٩٦١ : إذا شك في جزء منها وهو في المحل أتى به ، وإن كان بعد تجاوز المحل مضى.

مسألة ٩٦٢ : ليس في هذه الصلاة أذان ولا إقامة ، بل يستحب أن يقول المؤذن : الصلاة ـ ثلاثاً ـ.

مسألة ٩٦٣ : وقتها من طلوع الشمس إلى الزوال ، والأظهر سقوط قضائها لو فاتت ، ويستحب الغسل قبلها ، والجهر فيها بالقراءة ، إماماً كان أو منفرداً ، ورفع اليدين حال التكبيرات ، والسجود على الأرض ، والإصحار بها إلا في مكة المعظمة فإن الإتيان بها في المسجد الحرام أفضل ، وإن يخرج إليها راجلاً حافياً لابساً عمامة بيضاء مشمراً ثوبه إلى ساقه ، وإن يأكل قبل خروجه إلى الصلاة في الفطر ، وبعد عوده في الأضحى مما يضحي به إن كان.

ومنها : صلاة ليلة الدفن ، وتسمى صلاة الوحشة وهي ركعتان يقرأ في الأولى بعد الحمد آية الكرسي والأحوط لزوماً قراءتها إلى : ( هم فيها خالدون ) وفي الثانية بعد الحمد سورة القدر عشر مرات ، وبعد السلام يقول : (( اللهم صل على محمد وال محمد وابعث ثوابها إلى قبر فلان )) ويسمي الميت ، وفي رواية بعد الحمد في الأولى التوحيد مرتين ، وبعد الحمد في الثانية سورة التكاثر عشراً ، ثم الدعاء المذكور ، والجمع بين الكيفيتين أولى وأفضل.

مسالة ٩٦٤ : لا بأس بالاستئجار لهذه الصلاة وإن كان الأولى ترك الاستئجار ودفع المال إلى المصلي ، على نحولا يؤذن له بالتصرف فيه ، إلا

٣١٢

إذا صلى.

مسألة ٩٦٥ : إذا صلى ونسي آية الكرسي أو القدر أو بعضهما أو أتى بالقدر أقل من العدد الموظف فهي لا تجزئ عن صلاة ليلة الدفن ولا يحل له المال المأذون له فيه بشرط كونه مصلياً إذا لم تكن الصلاة تامة.

مسألة ٩٦٦ : وقت صلاة ليلة الدفن على النحو الأول الليلة الأولى من الدفن فإذا لم يدفن الميت إلا بعد مرور مدة أخرت الصلاة إلى الليلة الأولى من الدفن ، وأما على النحو الثاني فظاهر الرواية الواردة به استحبابها في أول ليلة بعد الموت ، ويجوز الإتيان بها في جميع آنات الليل ، وإن كان التعجيل أولى.

مسألة ٩٦٧ : إذا أخذ المال ليصلي فنسي الصلاة في ليلة الدفن لا يجوز له التصرف في المال إلا بمراجعة مالكه ، فإن لم يعرفه ولم يمكن تعرفه جرى عليه حكم مجهول المالك ، نعم لو علم من القرائن رضاه بالتصرف فيه إذا صلى هدية أو عمل عملاً آخر جاز له التصرف فيه بمثل الأكل والشرب وأداء الدين ، بل يجوز له ـ على الأظهر ـ التصرف بمثل البيع ونحوه كأن يشتري به شيئاً لنفسه.

ومنها : صلاة أول يوم من كل شهر ، وهي : ركعتان يقرأ في الأولى بعد الحمد سورة التوحيد ثلاثين مرة ، وفي الثانية بعد الحمد سورة القدر ثلاثين مرة ثم يتصدق بما تيسر ، يشتري بذلك سلامة الشهر ـ كما في الرواية ـ ويستحب قراءة هذه الآيات الكريمة بعدها وهي : ( بسم الله الرحمن الرحيم * وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ، ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين ) ( بسم الله الرحمن الرحيم * وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهوعلى كل شيء قدير ) ( بسم الله الرحمن الرحيم * سيجعل الله بعد عسر يسرا ، ما شاء الله لا قوة إلا بالله ، حسبنا الله ونعم الوكيل ، وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد ،

٣١٣

لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير ، رب لا تذرني فرداً وإنت خير الوارثين ).

مسألة ٩٦٨ : يجوز إتيان هذه الصلاة في تمام النهار.

ومنها : صلاة الغفيلة ، وهي : ركعتان بين المغرب والعشاء ، يقرأ في الأولى بعد الحمد : ( وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين * فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين ) وفي الثانية بعد الحمد : ( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ) ثم يرفع يديه ويقول : (( اللهم إني أسألك بمفاتح الغيب التي لا يعلمها إلا أنت أن تصلي على محمد وال محمد وإن تفعل بي كذا وكذا )) ويذكر حاجته ، ثم يقول : (( اللهم أنت ولي نعمتي والقادر على طلبتي تعلم حاجتي فأسألك بحق محمد واله عليه وعليهم‌السلام لما ( وفي نسخة إلا ) قضيتها لي )) ثم يسأل حاجته فإنها تقضى إن شاء الله تعالى ، وقد ورد أنها تورث دار الكرامة ودار السلام وهي الجنة.

مسألة ٩٦٩ : يجوز الإتيان بصلاة الغفيلة بقصد ركعتين من نافلة المغرب فيكون ذلك من تداخل المستحبين.

ومنها : الصلاة في مسجد الكوفة لقضاء الحاجة ، وهي ركعتان يقرأ في كل واحدة منهما بعد الحمد سبع سور ، والأولى الإتيان بها على هذا الترتيب : الفلق ـ أولاً ـ ثم الناس ، ثم التوحيد ، ثم الكافرون ، ثم النصر ، ثم الأعلى ، ثم القدر.

و لنكتف بهذا المقدار من الصلوات المستحبة طلباً للاختصار ، والحمد لله ربنا وهو حسبنا ونعم الوكيل.

٣١٤
٣١٥

كتاب الصوم

٣١٦
٣١٧

الفصل الأول

في النية

مسألة ٩٧٠ : يعتبر في الصوم ـ الذي هومن العبادات الشرعية ـ العزم عليه على نحو ينطبق عليه عنوان الطاعة والتخضع لله تعالى ، ويكفي كون العزم عن داع إلهي وبقاؤه في النفس ولو ارتكازاً ، ولا يعتبر ضم الإخطار إليه بمعنى اعتبار كون الإمساك لله تعالى وإن كان ضمه أولى ، كما لا يعتبر استناد ترك المفطرات إلى العزم المذكور ، فلا يضر بوقوع الصوم العجز عن فعلها أو وجود الصارف النفساني عنها ، وكذا لا يعتبر كون الصائم في جميع الوقت بل في شئ منه في حالة يمكن توجه التكليف إليه فلا يضر النوم المستوعب لجميع الوقت ولو لم يكن باختيار منه كلاً أو بعضاً ، ولكن وفي إلحاق الإغماء والسكر به إشكال فلا يترك الاحتياط للمغمى عليه اذا كان مسبوقا بالنيةوافاق اثناء النهار باتمام الصوم ، وان لم يفعل فالقضاء ، والسكران مع سبق النية بالجمع بين الإتمام إن أفاق أثناء الوقت والقضاء بعد ذلك.

مسألة ٩٧١ : لا يجب قصد الوجوب والندب ، ولا الأداء ولا غير ذلك من صفات الأمر والمأمور به ، نعم إذا كان النوع المأمور به قصدياً كالقضاء والكفارة ـ على ما سيأتي ـ لزم قصده ، ولكن يكفي فيه القصد الإجمالي كالقصد إلى المأمور به بالأمر الفعلي مع وحدة ما في الذمة.

مسألة ٩٧٢ : يعتبر في القضاء قصده ، ويتحقق بقصد كون الصوم بدلاً عما فات ، ويعتبر في القضاء عن الغير قصد النيابة عنه في ذلك بإتيان العمل مطابقاً لما في ذمته بقصد تفريغها ، ويكفي في وقوعه عن نفسه عدم قصد النيابة عن الغير ، وإذا كان ما في ذمته واحداً مردداً بين كونه القضاء عن نفسه

٣١٨

أو عن غيره كفاه القصد الإجمالي.

مسألة ٩٧٣ : يعتبر في الصوم ـ كما مر ـ العزم عليه وهو يتوقف على تصوره ولو بصورة إجمالية على نحو تميزه عن بقية العبادات كالذي يعتبر فيه ترك الأكل والشرب بماله من الحدود الشرعية ، ولا يجب العلم التفصيلي بجميع ما يفسده والعزم على تركه ، فلو لم يتصور البعض ـ كالجماع ـ أو اعتقد عدم مفطريته لم يضر بينة صومه.

مسألة ٩٧٤ : لا يقع في شهر رمضان صوم غيره وإن لم يكن الشخص مكلفاً بالصوم ـ كالمسافر ـ فإن نوى غيره متعمداً بطل ـ وإن لم يخل ذلك بقصد القربة على الأحوط ـ ولو كان جاهلاً به أو ناسياً له صح ويجزي حينئذ عن رمضان لا عما نواه.

مسألة ٩٧٥ : يكفي في صحة صوم رمضان وقوعه فيه ولا يعتبر قصد عنوانه على الأظهر ، ولكن الأحوط قصده ولو إجمالاً بأن ينوي الصوم المشروع غداً ، ومثله في ذلك الصوم المندوب فيتحقق إذا نوى صوم غد قربة إلى الله تعالى إذا كان الزمان صالحاً لوقوعه فيه وكان الشخص ممن يجوز له التطوع بأن لم يكن مسافراً ولم يكن عليه قضاء شهر رمضان ، وكذلك الحال في المنذور بجميع أقسامه إلا إذا كان مقيداً بعنوان قصدي كالصوم شكراً أو زجراً ، ومثله القضاء والكفارة ففي مثل ذلك إذا لم يقصد المعين لم يقع ، نعم إذا قصد ما في الذمة وكان واحداً أجزأ عنه.

مسألة ٩٧٦ : وقت النية في الواجب المعين ـ ولو بالعارض ـ عند طلوع الفجر الصادق على الأحوط لزوماً بمعنى أنه لابد فيه من تحقق الإمساك مقروناً بالعزم ولو ارتكازاً لا بمعنى أن لها وقتاً محدداً شرعاً ، وأما في الواجب غير المعين فيمتد وقتها إلى ما قبل الزوال وإن تضيق وقته فله تأخيرها إليه ولو اختياراً ، فإذا أصبح ناوياً للإفطار وبدا له قبل الزوال أن يصوم واجباً

٣١٩

فنوى الصوم أجزأه ، وإن كان ذلك بعد الزوال لم يجز على الأحوط ، وأما في المندوب فيمتد وقتها إلى أن يبقى من النهار ما يقترن فيه الصوم بالنية.

مسألة ٩٧٧ : يجتزئ في شهر رمضان كله بنية واحدة قبل الشهر فلا يعتبر حدوث العزم على الصوم في كل ليلة أو عند طلوع الفجر من كل يوم وإن كان يعتبر وجوده عنده ولو ارتكازاً على ما سبق ، والظاهر كفاية ذلك في غير شهر رمضان أيضاً كصوم الكفارة ونحوها.

مسألة ٩٧٨ : إذا لم ينو الصوم في شهر رمضان لنسيان الحكم أوالموضوع ، أو للجهل بهما ولم يستعمل مفطراً ثم تذكر أو علم أثناء النهار فالظاهر الاجتزاء بتجديد نيته قبل الزوال ، ويشكل الاجتزاء به بعده فلا يترك الاحتياط بالإمساك بقية النهار بقصد القربة المطلقة والقضاء بعد ذلك.

مسألة ٩٧٩ : إذا صام يوم الشك بنية شعبان ندباً أو قضاءً أو نذراً أجزأ عن شهر رمضان إن كان ، وإذا تبين أنه من رمضان قبل الزوال أو بعده جدد النية ، وإن صامه بنية رمضان بطل ، وأما إن صامه بنية الأمر الواقعي المتوجه إليه ـ إما الوجوبي أو الندبي ـ فالظاهر الصحة ، وإن صامه على أنه إن كان من شعبان كان ندباً ، وإن كان من رمضان كان وجوباً فلا يبعد الصحة أيضاً ، وإذا أصبح فيه ناوياً للإفطار فتبين أنه من رمضان جرى عليه التفصيل المتقدم في المسألة السابقة.

مسألة ٩٨٠ : تجب استدامة النية إلى آخر النهار ، فإذا نوى القطع فعلا أو تردد بطل وإن رجع إلى نية الصوم على الأحوط ، وكذا إذا نوى القطع فيما يأتي أو تردد فيه أو نوى المفطر مع العلم بمفطريته ، وإذا تردد للشك في صحة صومه فالظاهر الصحة ، هذا في الواجب المعين ، أما الواجب غير المعين فلا يقدح شئ من ذلك فيه إذا رجع إلى نيته قبل الزوال.

مسألة ٩٨١ : لا يصح العدول من صوم إلى صوم وإن بقي وقت

٣٢٠