بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٤١
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

«(أبواب)»

* «(القضايا والاحكام)» *

١

«(باب)»

* «(أصناف القضاة وحال قضاة الجور والترافع اليهم)» *

الايات : آل عمران : «ألم تر إلى الذين اوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولي فريق منهم وهو معرضون» (١).

النساء : «ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما انزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد امروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا * وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا» (٢).

المائدة : «ومن لم يحكم بما أنزل الله فاولئك هم الكافرون» (٣).

وقال تعالى : «ومن لم يحكم بما أنزل الله فاولئك هم الظالمون» (٤).

وقال تعالى : «ومن لم يحكم بما أنزل الله فاولئك هم الفاسقون» (٥).

١ ـ ج : عن عمر بن حنظلة قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان وإلى القضاة أيحل

__________________

(١) سورة آل عمران : ٢٣.

(٢) سورة النساء : ٦٠.

(٣) سورة المائدة : ٤٤.

(٤) سورة المائدة : ٤٥.

(٥) سورة المائدة : ٤٧.

٢٦١

ذلك؟ قال عليه‌السلام : من تحاكم إليهم في حق أو باطل فانما تحاكم إلى الجبت والطاغوت المنهي عنه ، وما حكم له به فانما يأخذ سحتا ، وإن كان حقه ثابتا له ، لانه أخذه بحكم الطاغوت وقد أمر الله عزوجل أن يكفر به ، قال الله عزو جل «يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد امروا أن يكفروا به» قلت : فكيف يصنعان وقد اختلفا؟ قال : ينظران من كان منكم ممن قد روى حديثنا و عرف حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكما ، فاني قد جعلته عليكم حاكما ، فاذا حكم بحكم ولم يقبله منه فانما بحكم الله استخف ، وعلينا رد ، والراد علينا كالراد على الله ، وهوعلى حد الشرك بالله ، قلت : فان كان كل واحد منهما اختار رجلا من أصحابنا فرضيا أن يكونا الناظرين في حقهما ، فاختلفا فيما حكما فان الحكمين اختلفا في حديثكم؟ قال : إن الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ، ولا يلتفت إلى ما يحكم به الاخر ، قلت : فانهما عدلان مرضيان عرفا بذلك لا يفضل أحدهما صاحبه قال : ينظر إلى ماكان من روايتهما عنا في ذلك الذي حكما المجمع عليه بين أصحابك فيؤخذ به من حكمهما ، ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك ، فان المجمع عليه لا ريب فيه ، فانما الامور ثلاثة : أمر بين رشده فيتبع ، وأمر بين غية فيجتنب ، وأمر مشكل يرد حكمه إلى الله عزوجل وإلى رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : حلال بين ، وحرام بين ، وشبهات تترد بين ذلك ، فمن ترك الشبهات نجامن المحرمات ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات وهلك من حيث لا يعلم ، قلت : فان كان الخبران عنكما مشهورين قد رواهما الثقات عنكم قال : ينظر ما وافق حكمه حكم الكتاب و السنة وخالف العامة فيؤخذ به ، ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنة و وافق العامة ، قلت : جعلت فداك أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنة ثم وجدنا أحد الخبرين يوافق العامة والاخر يخالف بأيهما نأخذ من الخبرين؟ قال : ينظر إلى ماهم إليه يميلون فان ما خالف العامة ففيه الرشاد ، قلت : جعلت فداك وافقهم الخبران جميعا قال : انظروا إلى مايميل إليه حكامهم و

٢٦٢

قضاتهم فاتر كوه جانبا وخذوا بغيره ، قلت : فان وافق حكامهم الخبرين جميعا؟ قال : إذا كان كذلك فارجه وقف عنده حتى تلقي إمامك فان الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات ، والله المرشد (١).

٢ ـ ج : عن سعد بن أبى الخصيب قال : دخلت أنا وابن أبي ليلي المدينة فبينا نحن في مسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ دخل جعفر بن محمد عليه‌السلام فقمنا إليه فساء لني عن نفسي وأهلي ثم قال : من هذا معك؟ فقلت : ابن أبي ليلى قاضي المسلمين فقال : نعم ، ثم قال له : تأخذ مال هذا فتعطيه هذا وتفرق بين المرء وزوجه ولا تخاف في هذا أحدا؟ قال : نعم قال : فبأي شئ تقضي؟ قال : بما بلغني عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعن أبي بكر وعمر قال : فبلغك أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أقضاكم علي؟ قال : نعم قال : فكيف تقضي بغير قضاء علي عليه‌السلام وقد بلغك هذا؟ قال : فاصفر وجه ابن أبي ليلى ثم قال : التمس لنفسك زميلا والله لا اكلمك من رأسي كلمة أبدا (٢).

٣ ـ ل : جعفر بن علي ، عن جده الحسن بن عبدالله ، عن علي بن حسان عن عمه عبدالرحمن ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إذا فشت أربعة ظهرت أربعة : إذا فشا الزنا ظهرت الزلازل ، وإذا أمسكت الزكاة هلكت الماشية ، وإذا جار الحكام في القضاء أمسك القطر من السماء ، وإذا خفرت الذمة نصر المشركون على المسلمين (٣).

أقول : قد سبق مثله في باب المساوي بأسانيد.

٤ ـ ل : ابن المتوكل ، عن السعد آبادى ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير رفعه إلى أبى عبدالله عليه‌السلام قال : القضاة أربعة : قاض قضى بالحق وهو لا يعلم أنه حق فهو في النار ، وقاض قضى بالباطل وهو لا يعلم أنه باطل فهو في النار ، وقاض قضى بالباطل وهو يعلم أنه باطل فهو في النار ، وقاض قضى بالحق

__________________

(١) الاحتجاج ج ٢ ص ١٠٦ ١٠٧.

(٢) الاحتجاج ج ٢ ص ١٠٢.

(٣) الخصال ج ١ ص ١٦٥.

٢٦٣

وهو يعلم أنه حق فهو في الجنة (١).

٥ ـ ل : عن الصادق عليه‌السلام قال : لا يطمعن قليل الفقه في القضاء (٢).

أقول : تمامه في باب حكمه عليه‌السلام.

٦ ـ ضا : اعلم أن القضاة أربعة : قاض يقضي بالباطل وهو يعلم أنه باطل فهو في النار ، وقاض يقضي بالباطل وهو لا يعلم أنه باطل فهو في النار ، وقاض قضى بالحق وهو لا يعلم أنه حق فهو في النار ، وقاض قضى بالحق وهو يعلم أنه حق فهو في الجنة ، فاجتنب القضاء فانك لا تقيم به (٣).

٧ ـ شى : عن يونس مولى علي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من كانت بينه وبين أخيه منازعة فدعاه إلى رجل من أصحابه يحكم بينهما فأبى إلا أن يرفعه إلى السلطان فهو كمن حاكم إلى الجبت والطاغوت وقد قال الله : «يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت» إلى قوله «بعيد» (٤).

٨ ـ شى : عن أبى بصير ، عن أبى عبدالله عليه‌السلام في قول الله تعالى : «ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما انزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت» فقال : يا أبا محمد إنه لو كان لك على رجل حق فدعوته إلى حكام أهل العدل فأبى عليك إلا أن يرافعك إلى حكام أهل الجور ليقضوا له كان ممن حاكم إلى الطاغوت (٥).

٩ ـ شى : عن عمار بن موسى ، عن أبى عبدالله عليه‌السلام قال : سئل عن الحكومة قال : من حكم برأيه بين اثنين فقد كفر (٦).

__________________

(١) الخصال ج ١ ص ١٦٩.

(٢) الخصال ج ٢ ص ٥٣.

(٣) فقه الرضا : ٣٥.

(٤) تفسير العياشى ج ١ ص ٢٥٤.

(٥) تفسير العياشى ج ١ ص ٨٥.

(٦) تفسير العياشى ج ١ ص ٢٥٤.

٢٦٤

١٠ ـ شى : عن أبى عبدالرحمن السلمي أن عليا عليه‌السلام مر على قاض فقال : هل تعرف الناسخ من المنسوخ؟ قال : لا ، فقال : هلكت وأهلكت ، تأويل كل حرف من القرآن على وجوه (١).

١١ ـ شى : عن أبى بصير ، عن أبى عبدالله عليه‌السلام قال : قلت له : قول الله «ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام» فقال : يا أبا بصير إن الله قد علم أن في الامة حكاما يجورون ، أما إنه لم يعن حكام أهل العدل ، ولكنه عني حكام أهل لجور ، يا أبا محمد أما إنه لو كان لك على رجل حق فدعوته إلى حكام أهل العدل فأبى عليك إلا أن يرافعك إلى حكام أهل الجور ليقضوا له كان ممن يحاكم إلى الطاغوت (٢).

١٢ ـ شى : عن الحسن بن علي قال : قرأت في كتاب أبى الاسد إلى أبي الحسن الثاني عليه‌السلام وجوابه بخطه سأل عن تفسير قوله : «ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام» قال : فكتب إليه : الحكام القضاة قال : ثم كتب تحته هو أن يعلم الرجل أنه ظالم العاصي وهوغير معذور في أخذه ذلك الذي حكم له به إذا كان قد علم أنه ظالم (٣).

١٣ ـ شى : عن عبدالله بن مسكان ، عن أبى عبدالله ، عن أبيه ، عن أبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من حكم في درهمين حكم جور ثم كبر عليه كان من أهل هذه الاية «ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون» فقلت : يا ابن رسول الله وكيف [جبر] عليه؟ قال : يكون له سوط وسجن فيحكم عليه فان رضي بحكومته وإلا ضربه بسوطه وحبسه في سجنه (٤).

١٤ ـ شى : عن أبى بصير ، عن أبى عبدالله عليه‌السلام قال : من حكم في درهمين بغير ما أنزل الله فقد كفر ، ومن حكم في درهمين فأخطأ كفر (٥).

__________________

(١) تفسير العياشى ج ١ ص ١٢.

(٢ ـ ٣) تفسير العياشى ج ١ ص ٨٥.

(٤) تفسير العياشى ج ١ ص ٣٢٣.

(٥) تفسير العياشى ج ١ ص ٣٢٣.

٢٦٥

١٥ ـ شى : عن أبى بصير بن علي ، عن أبى عبدالله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : من حكم في درهمين بغير ما أنزل الله فهو كافر بالله العظيم (١).

١٦ ـ شى : عن بعض أصحابه قال : سمعت عمارا يقول على منبر الكوفة : ثلاثة يشهدون على عثمان أنه كافر وأنا الرابع وأنا أسم الاربعة ثم قرأ هؤلاء الايات في المائدة «ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ، والظالمون والفاسقون» (٢).

١٧ ـ شى : عن أبى بصير ، عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : قال علي عليه‌السلام : من قضى في درهمين بغير ما أنزل الله فقد كفر (٣).

١٨ ـ شى : عن أبى العباس ، عن أبى عبدالله عليه‌السلام قال : من حكم في درهمين بغير ما أنزل الله فقد كفر ، قلت : كفر بما أنزل الله أو بما انزل على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال : ويلك إذا كفر بما أنزل على محمد أليس قد كفر بما أنزل الله (٤).

١٩ ـ كش : محمد بن مسعود ، عن أحمد بن منصور ، عن أحمد بن الفضل الكناسي قال : قال لي أبوعبدالله عليه‌السلام : أي شئ بلغني عنكم؟ قلت : ماهو؟ قال : بلغني أنكم أقعدتم قاضيا بالكناسة؟ قال : قلت : نعم جعلت فداك رجل يقال له عروة القتات وهو رجل له حظ من عقل نجتمع عنده فنتكلم ونتسأل ثم نرد ذلك إليكم قال : لا بأس (٥).

٢٠ ـ كتاب الغايات : قال عليه‌السلام : خير الناس قضاة الحق (٦).

٢١ ـ نهج البلاغة : ومن كلامه عليه‌السلام في صفة من يتصدى للحكم يين الامة وليس لذلك بأهل : إن أبغض الخلائق إلى الله رجلان : رجل وكله الله إلى نفسه فهو جائر عن قصد السبيل ، مشعوف بكلام بدعة ، ودعاء

__________________

(١ ـ ٣) تفسير العياشى ج ١ : ٣٢٣.

(٤) تفسير العياشى ج ١ ص ٣٢٤.

(٥) رجال الكشى ص ٣١٧ طبع النجف.

(٦) كتاب الغايات ص ٨٩.

٢٦٦

ضلالة ، فهو فتنة لمن افتتن به ، ضال عن هدى من كان قبله ، مضل لمن اقتدى به في حياته وبعد وفاته ، حمال خطايا غيره ، رهن بخطيئة ، ورجل قمش جهلا موضع في جهال الامة ، غار في أغباش الفتنة ، عم بما في عقد الهدنة ، قد سماه أشباه الناس عالما وليس به ، بكر فاستكثر من جمع ماقل منه خير مما كثر ، حتى إذا ارتوى من آجن ، واكتنز من غير طائل ، جلس بين الناس قاضيا ضامنا لتخليص ما التبس على غيره ، فان نزلت به إحدى المبهمات هيأ لها حشوارثا من رأيه ، ثم قطع به ، فهو من لبس الشبهات في مثل نسج العنكبوت ، لا يدري أصاب أم أخطأ إن أصاب خاف أن يكون قد أخطأ ، وإن أخطأ رجا أن يكون قد أصاب ، جاهل خباط جهالات ، عاش ركاب عشوات ، لم يعض على العلم بضرس قاطع ، يذرى الروايات إذراء الريح الهشيم ، لا ملئ والله باصدار ما ورد عليه ، لا يحسب العلم في شئ مما أنكره ، ولا يرى أن من وراه ما بلغ منه مذهبا لغيره ، وإن أظلم عليه أمر اكتتم به ، لما يعلم من جهل نفسه ، تصرخ من جور قضائه الدماء ، وتعج منه المواريث إلى الله أشكو من معشر يعيشون جهالا ، ويموتون ضلالا ، ليس فيهم سلعة أبور من كتاب الله إذا تلى حق تلاوته ، ولا سلعة أنفق بيعا ولا أغلى ثمنا منه إذا حرف عن مواضعه ، ولا عندهم أنكر من المعروف ، ولا أعرف من المنكر (١).

٢٢ ـ نهج : في عهده عليه‌السلام للاشتر رضي الله عنه : ثم اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك ممن لا تضيق به الامور ، ولا يمحكه الخصوم ، ولا يتمادي في الزلة ، ولا يحصر من الفئ إلى الحق إذا عرفه ، ولا تشرف نفسه على طمع ، ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه ، أوقفهم في الشبهات ، وآخذهم بالحجج ، وأقلهم تبرما بمراجعة الخصم ، وأصبرهم على تكشف الامور ، وأصرمهم عند إيضاح الحكم ، ممن لا يزدهيه إطراء ، ولا يستميله إغراء ، واولئك قليل ، ثم أكثر تعاهد قضائه ، وافسح له في البذل مما يزيح علته ، وتقل معه حاجته إلى الناس وأعطه من المنزلة لديك ما لا يطمع فيه غيره من خاصتك ، ليأمن بذلك اغتيال

__________________

(١) نهج البلاغة ج ١ ص ٤٧.

٢٦٧

الرجال له عندك (١).

٢٣ ـ وقال عليه‌السلام فيما كتب إلى قثم بن العباس : واجلس لهم العصرين فأفت للمستفتي ، وعلم الجاهل ، وذاكر العالم ، ولا يكن لك إلى الناس سفير إلا لسانك ، ولا حاجب إلا وجهك ، ولا تحجبن ذا حاجة عن لقائك بها ، فانها إن ذيدت عن أبوابك في أول وردها لم تجد فيما بعد على قضائها (٢).

٢٤ ـ ومن وصيته عليه‌السلام لعبد الله بن العباس عند استخلافه إياه على البصرة : سع الناس بوجهك ومجلسك وحكمك ، وإياك والغضب فانه طيرة من الشيطان (٣).

٢٥ ـ الهداية : القضاء والاحكام ، الحكم في الدعاوي كلها أن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه ، فان رد المدعى عليه اليمين على المدعى إذا لم يكن للمدعي شاهدان فلم يحلف فلا حق له ، إلا في الحدود فانه لا يمين فيها وفي الدم ، فان البينة على المدعى عليه واليمين على المدعى لئلا يبطل دم امرئ مسلم (٤).

٢

* (باب) *

* «(كراهة تولى الخصومة)» *

١ ـ نهج البلاغة : في حديثه عليه‌السلام : إن للخصومة قحما.

قال السيد رضي الله عنه : يريد بالقحم المهالك لانها تقحم أصحابها في المهالك والمتالف في الاكثر ، ومن ذلك قمحة الاعراب ، وهو أن تصيبهم السنة فتتعرق أموالهم ، فذلك تقحمها فيهم ، وقيل فيه وجه آخر وهو أنها تقحمهم بلاد الريف أي

__________________

(١) نهج البلاغة ج ٣ ص ١٠٤.

(٢) نهج البلاغة ج ٣ ص ١٤٠.

(٣) نهج البلاغة ج ٣ ص ١٤٩.

(٤) الهداية : ٧٤.

٢٦٨

تحوجهم إلى دخول الحضر عند محول البدو (١).

بيان : قال ابن أبى الحديد قالها عليه‌السلام حين وكل عبدالله بن جعفر في الخصومة عنه وهو شاهد (٢).

٢ ـ نهج البلاغة : قال عليه‌السلام : من بالع في الخصومة أثم ، ومن قصر فيها ظلم ، ولا يستطيع أن يتقي الله من خاصم (٣).

٣ ـ دعائم الاسلام : روينا عن جعفر بن محمد صلوات الله عليه أنه قال : يوما لابن أبي ليلي : أتقضي بين الناس يا عبدالرحمن؟ فقال : نعم يا ابن رسول الله قال : تنزع مالا من يدي هذا فتعطيه هذا ، وتنزع امرأة من يدي هذا فتعطيها هذا؟ قال : نعم قال : بم ذا تفعل ذلك كله؟ قال : بكتاب الله قال : كل شئ تفعله تجده في كتاب الله؟ قال : لا ، قال : فمالم تجده في كتاب الله فمن أين تأخذه؟ قال : فآخذه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : وكل شئ تجده في كتاب الله وسنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال : مالم أجده في كتاب الله ولا في سنة رسول الله أخذته عن أصحاب رسول الله ، قال : عن أيهم تأخذ؟ قال : عن أبى بكر وعمرو على وعثمان وطلحة والزبير وعد أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : وكل شئ تأخذه عنهم تجدهم قد اجتمعوا عليه؟ قال : لا قال : فاذا اختلفوا فبقول من تأخذه منهم؟ قال : بقول من رأيت أن آخذ منهم أخذت قال : ولا تبالي أن تخالف الباقين؟ قال : لا ، قال : فهل تخالف عليا فيما بلغك أنه قضى به؟ قال : ربما خالفته إلى غيره فسكت أبوعبدالله عليه‌السلام ساعة ينكت في الارض ثم رفع رأسه إليه ، فقال له : يا عبدالرحمان فما تقول : يوم القيامة إن أخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بيدك وأوقفك بين يدي الله وقال : أي رب إن هذا بلغه عني قول فخالفه؟ قال : وأين خالفت قوله يا ابن رسول الله؟ قال :

__________________

(١) نهج البلاغة ج ٣ ص ٢١١ وتتعرق أموالهم من قولهم تعرق فلان العظم اي أكل جميع ما عليه من اللحم.

(٢) شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج ١٩ ص ١٠٧ الطبعة الحديثة سنة ١٩٦٣ م

(٣) نهج البلاغة ج ٣ ص ٢٢٥.

٢٦٩

ألم يبلغك قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لاصحابه : أقضاكم علي؟ قال : نعم قال : فاذا خالفت قوله ألم تخالف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ فاصفر وجه ابن أبي ليلى حتى عاد كالا ترجة ولم يحرجوابا (١).

وروينا عن عمر بن اذينة وكان من أصحاب أبي عبدالله جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه قال : دخلت يوما على عبدالرحمن بن أبي ليلى بالكوفة وهو قاض فقلت : أردت أصلحك الله أن أسئلك عن مسائل وكنت حديث السن فقال : سل يا ابن أخي عما شئت ، فقلت : أخبرني عنكم معاشر القضاة ترد عليكم القضية في المال والفرج و الدم فتقضي أنت فيها برأيك ، ثم ترد تلك القضية بعينها على قاضي مكة فيقضي فيها بخلاف قضيتك ، وترد على قاضي البصرة وقضاة اليمن وقاضي المدينة فيقضون فيها بخلاف ذلك ، ثم تجتمعون عند خليفتكم الذي استقضاكم فتخبرونه باختلاف قضاياكم فيصوب قول كل واحد منكم ، وإلهكم واحد ونبيكم واحد ودينكم واحد فأمركم الله عزوجل بالاختلاف فأطعتموه؟ أم نهاكم عنه فعصيتموه؟ أم كنتم شركاء الله في حكمه فلكم أن تقولوا وعليه أن يرضي؟ أم أنزل الله دينا ناقصا فاستعان بكم على إتمامه؟ أم أنزله الله تاما فقصر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن أدائه؟ أم ماذا تقولون؟ فقال : من أين أنت يافتى؟ قلت : من أهل البصرة ، قال : من أيها؟ قلت : من عبدالقيس ، قال : من أيهم؟ قلت : من بني اذينة قال : ما قرابتك من عبدالرحمن بن اذينة؟ قلت : هو جدى ، فرحب لي وقربني وقال : أي فنى لقد سألت فغلظت وانهمكت فعوصت وساخبرك إنشاء الله ، أما قولك في اختلاف القضايا فانه ماورد علينا من أمر القضايا مما له في كتاب الله أصل وفي سنة نبيه فليس لنا أن نعدو الكتاب والسنة ، وما ورد علينا ليس في كتاب الله ولا في سنة رسوله فانا نأخذ فيه برأينا ، قلت : ما صنعت شيئا لان الله عزوجل يقول : «ما فرطنا في الكتاب من شئ» ، وقال : «وفيه تبيان كل شئ» أرأيت لو أن رجلا عمل بما أمره الله به وانتهى عما نهاه الله عنه أبقي لله شئ يعذبه عليه إن لم يفعله

__________________

(١) دعائم الاسلام ج ١ ص ٩٢.

٢٧٠

أويثيبه عليه إن فعله؟ قال : وكيف يثيبه على مالم يأمره به أو يعاقبه على مالم ينهه عنه؟ قلت : وكيف يرد عليك من الاحكام ماليس له في كتاب الله أثر ولا في سنة نبيه خبر قال : أخبرك يا ابن أخي حديثا حدثناه بعض أصحابنا يرفع الحديث إلى عمر ابن الخطاب أنه قضى قضية بين رجلين فقال له أدنى القوم إليه مجلسا : أصبت يا أمير المؤمنين ، فعلاه عمر بالدرة وقال : ثكلتك امك والله ما يدري عمر أصاب أم أخطأ ، إنما هو رأي اجتهدته فلا تزكونا في وجوهنا قلت : أفلا احدثك حديثا؟ قال : وما هو؟

قلت : أخبرني أبى عن أبى القاسم العبدي ، عن أبان ، عن علي بن أبى طالب عليه‌السلام أنه قال : القضاة ثلاثة : هالكان وناج ، فأما الهالكان فجائر جار متعمدا ومجتهد أخطأ ، والناجي من عمل بما أمره الله به فهذا نقض حديثك ياعم ، قال أجل والله يا ابن أخي فتقول : إن كل شئ في كتاب الله؟ قلت : الله قال ذلك ، وما من حلال ولا حرام ولا أمر ولا نهي إلا وهو في كتاب الله ، عرف ذلك من عرفه ، وجهله من جهله ، ولقد أخبرنا الله عزوجل فيه بما لا نحتاج إليه ، فكيف بما نختاج إليه قال : كيف قلت؟ قلت : قوله «فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها» قال : فعند من يوجد علم ذلك؟ قلت : عند من عرفت قال : وددت لو أني عرفته فأغسل قدميه وأخدمه وأتعلم منه ، قلت : أناشدك الله هل تعلم رجلا كان إذا سأل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أعطاه ، وإذا سكت عنه ابتدأه؟ قال : نعم ذلك علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، قلت : فهل علمت أن عليا سأل أحدا بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن حلال أو حرام؟ قال : لا ، قلت : فهل علمت أنهم كانوا يحتاجون إليه ويأخذون عنه؟ قال : نعم ، قلت : فذلك عنده ، قال : فقد مضى فأين لنا به؟ قلت : تسأل في ولده فان ذلك العلم فيهم وعندهم قال : وكيف لي بهم؟ قلت : أرأيت قوما كانوا في مفازة من الارض ومعهم أدلاء فوثبوا عليهم فقتلوا بعضهم وأخافوا بعضهم فهرب و استتر من بقي لخوفه فلم يجدوا من يدلهم فتاهوا في تلك المفازة حتى هلكوا ما تقول فيهم؟ قال : إلى النار ، واصفر وجهه وكانت في يده سفرجلة فضرب بها الارض

٢٧١

فتهشمت وضرب بين يديه وقال : إنا لله وإنا إليه راجعون (١).

٤ ـ نهج : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لا يقيم أمر الله سبحانه تعالى إلا من لا يصانع ولا يضارع ولا يتبع المطامع (٢).

بيان : المصانعة الرشوة ويمكن أن يقرأ بفتح النون وفي النسخ بالكسر ويحتمل أن يكون المصانعة بمعنى المداراة كما في النهاية ، والمضارعة من ضرع الرجل ضراعة إذا خضع وذل ، وقيل من المشابهة أي يتشبه بأئمة الحق وولاته وليس منهم والاول أظهر.

٣

* «(باب)» *

* «(الرشا في الحكم وأنواعه)» *

الايات : المائدة : «سماعون للذكب أكالون للسحت» (٣).

وقال تعالى : «وترى كثيرا منهم يسارعون في الاثم والعدوان وأكلهم السحت لبئس ماكانوا يعملون * لو لا ينهاهم الربانيون والاحبار عن قولهم الاثم وأكلهم السحت لبئس ماكانوا يصنعون» (٤).

التوبة : «يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الاحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله [والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله] فبشرهم بعذاب أليم» (٥).

١ ـ ل : ابن الوليد ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن موسى بن عمر ، عن ابن المغيرة ، عن السكوني ، عن الصادق ، عن آبائه ، عن علي عليهم‌السلام قال : السحت ثمن

__________________

(١) دعائم الاسلام ج ١ ص ٩٢ ٩٥.

(٢) نهج البلاغة ج ٣ ص ١٧٦.

(٣) سورة المائدة : ٤٢.

(٤) سورة المائدة : ٦٢ ٦٣.

(٥) سورة التوبة : ٣٤.

٢٧٢

الميتة وثمن الكلب وثمن الخمر ومهر البغي والرشوة في الحكم ، وأجر الكاهن (١).

٢ ـ شى : عن السكوني مثله (٢).

٣ ـ ل : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن أبى أيوب عن عمار بن مروان قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : السحت أنواع كثيرة منها ما اصيب من أعمال الولاة الظلمة ، ومنها اجور القضاء واجور الفواجر وثمن الخمر والنبيذ المسكر والربا بعد البينة ، فأما الرشا ياعمار في الاحكام فان ذلك الكفر بالله العظيم وبرسوله (٣).

٤ ـ مع : ابن المتوكل ، عن الحميري ، عن ابن أبي الخطاب ، عن ابن محبوب ، عن أبى أيوب ، عن عمار مثله (٤).

٥ ـ ن : بالاسانيد الثلاثة ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن علي عليه‌السلام في قول الله عزوجل : «أكالون للسحت» قال : هو الرجل يقضي لاخيه الحاجة ثم يقبل هديته (٥).

صح : عنه عليه‌السلام مثله (٦).

٦ ـ ما : أبوعمرو ، عن ابن عقدة ، عن أحمد بن يحيى ، عن عبدالرحمن عن أبيه ، عن ليث بن أبي سليم ، عن عطاء بن أبى رباح ، عن جابر بن عبدالله أنه قال : هدية الامراء غلول (٧).

٧ ـ شى : عن جراح المدايني ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من أكل

__________________

(١) الخصال ج ١ ص ٢٣٤.

(٢) تفسير العياشى ج ١ ص ٣٢٢.

(٣) الخصال ج ١ ص ٢٣٤.

(٤) معانى الاخبار ص ٢١١ ذيل حديث.

(٥) عيون الاخبار ج ٢ : ٢٨.

(٦) صحيفة الرضا ص ٣١.

(٧) أمالى الطوسى ج ١ : ٢٦٨.

٢٧٣

السحت الرشوة في الحكم (١).

٨ ـ شى : عن سماعة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : الرشا في الحكم هو الكفر بالله (٢).

٩ ـ جع : قال النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله : الراشي والمرتشي والماشي بينهما ملعونون (٣).

١٠ ـ كتاب الامامة والتبصرة : عن سهل بن أحمد ، عن محمد بن محمد بن الاشعث ، عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مثله.

١١ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : لعن الله الراشي والمرتشي والماشي بينهما.

١٢ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إياكم والرشوة فانها محض الكفر ولا يشم صاحب الرشوة ريح الجنة.

٤

* «باب» *

* «(أحكام الولاة والقضاة وآدابهم)» *

الايات : النساء : «إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها ، وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا» (٤).

المائدة : «فان جاؤك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا ، وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين» إلى قوله تعالى «فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهوائهم عما جائك من الحق»

__________________

(١) تفسير العياشى ج ١ : ٣٢١.

(٢) نفس المصدر ج ١ ص ٣٢١ ذيل حديث.

(٣) جامع الاخبار ص ٦٢ طبع النجف.

(٤) سورة النساء : ٥٨.

٢٧٤

إلى قوله : «وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهوائهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك» إلى قوله تعالى «أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون» (١).

ص : «قالوا خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط * إن هذا أخى له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال : أكفلنيها وعزني في الخطاب * قال : لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا مع الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ماهم» إلى قوله تعالى : «يا داود إنا جعلنا خليفة في الارض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد ، بما نسوا يوم الحساب» (٢).

١ ـ ل : ما جيلويه ، عن محمد العطار ، عن سهل ، عن ابن يزيد ، عن محمد بن إبراهيم النوفلي رفعه إلى الصادق عليه‌السلام عن آبائه عليهم‌السلام أن أمير المؤمنين عليه‌السلام كتب إلى عماله : أدقوا أقلامكم ، وقاربوا بين سطوركم ، واحذفوا عني فضولكم واقصدوا قصد المعاني ، وإياكم والاكثار ، فان أموال المسلمين لا تحتمل الاضرار (٣).

اقول : قد سبق في باب جوامع آداب النساء ، عن الباقر عليه‌السلام أن المرأة لا تولى القضاء ولا تولى الامارة ، وفي وصية الني صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى على عليه‌السلام مثله ، وقد أوردنا في عهد أمير المؤمنين عليه‌السلام إلى الاشتر وإلى غيره كثيرا من آداب الولاة والقضاة.

٢ ـ ن : باسناد التميمي عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لما وجهني إلى اليمن : إذا تحوكم إليك فلا تحكم لاحد

__________________

(١) سوره المائدة الايات ٤٢ إلى ٥٠.

(٢) سورة ص الايات ٢٤ إلى ٢٦.

(٣) الخصال ج ١ : ٢١٩.

٢٧٥

الخصمين دون أن تسمع من الاخر قال : فما شككت في قضاء بعد ذلك (١).

٣ ـ ما : فيما كتب أمير المؤمنين عليه‌السلام لمحمد بن أبى بكر : لا تقض في أمر واحد بقضائين مختلفين فيختلف أمرك وتزيغ عن الحق ، وأجب لعامة رعيتك ما تحب لنفسك وأهل بيتك ، واكره لهم ما تكره لنفسك وأهل بيتك ، فان ذلك أوجب للحجة وأصلح للرعية ، وحض الغمرات ولا تخف في الله لومة لائم وانصح المرء إذا استشارك ، واجعل نفسك اسوة لفريب المسلمين وبعيدهم (٢).

٤ ـ ما : الجعابي ، عن ابن عقدة ، عن علي بن الحسين بن عبدالله ، عن أبيه عن معاوية بن سفيان ، عن محمد بن إسماعيل بن الحكم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان في بني إسرائيل قاض وكان يقضي بينهم قال : فلما حضره الموت قال لامرأته : إذا مت فاغسليني وكفنيني وضعيني على سريري وغطي وجهي فانك لا ترين سواء قال : فلما أن مات فعلت به ذلك ثم مكثت حينا وكشفت عن وجهه لتنظر إليه فاذا هي بدودة تقرض منخره ففزعت لذلك ، فلما كان الليل أتاها في منامها فقال لها أفزعك ما رأيت؟ فقالت : أجل لقد فزعت ، قال : أما إنك إن كنت فزعت ماكان ما رأيت إلا في أخيك فلان ، أتاني ومعه خصم له فلما جلسا إلى قلت : اللهم اجعل الحق له ووجه القضاء له على صاحبه ، فلما اختصما إلى كان الحق له ورأيت ذلك بينا في القضاء فوجهت القضاء له على صاحبه فأصابني مارأيت لموضع هواي كان معه وإن وافقه الحق (٣).

٥ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن ابن المتوكل ، عن الحميري ، عن أحمد بن محمد ، عن الثمالي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام مثله.

٦ ـ ضا : اعلم أنه يجب عليك أن تساوي بين الخصمين حتى النظر إليهما حتى لا يكون نظرك إلى أحدهم أكثر من نظرك إلى الثاني ، فاذا تحاكمت إلى

__________________

(١) عيون الاخبار ج ٢ : ٦٥.

(٢) أمالى الطوسى ج ١ ص ٣٠ ذيل حديث طويل.

(٣) أمالى الطوسى ج ١ ص ١٢٦.

٢٧٦

حاكم فانظر أن تكون على يمين خصمك ، وإذا تحاكم خصمان فادعى كل واحد منهما على صاحبه دعوى فالذي يدعي بالدعوى أحق من صاحبه أن يسمع منه ، فاذا ادعيا جميعا فالدعوى الذي على يمين خصمه (١).

٧ ـ شى : عن الحسن ، عن علي عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا أتاك الخصمان فلا تقض لواحد حتى تمسع من الاخر فانه أجدر أن تعلم الحق (٢).

٨ ـ الهداية : ومن حكم في درهمين بغير ما أنزل الله فهو كافر (٣).

٥

«(باب)»

* «(الحكم بالشاهد واليمين)» *

١ ـ لى : الطالقاني ، عن العدوي ، عن صهيب بن عباد ، عن أبيه ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قضي باليمين مع الشاهد الواحد ، وأن عليا عليه‌السلام قضى به بالعراق (٤).

٢ ـ لى : بهذا الاسناد عن الصادق ، عن أبيه عليهما‌السلام ، عن جابر بن عبدالله قال : جاء جبرئيل إلى النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله فأمره أن يأخذ باليمين مع الشاهد (٥).

٣ ـ ب : حماد بن عيسى ، عن الصادق ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : قال أبى عليه‌السلام قضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بشاهد ويمين (٦).

٤ ـ ب : ابن عيسى عن البزنطي قال : سمعت الرضا عليه‌السلام يقول : قال أبو حنيفة لابي عبدالله عليه‌السلام تجتزؤن بشاهد واحد ويمين؟ قال : نعم قضى به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

(١) فقه الرضا ص ٣٥.

(٢) تفسير العياشى ج ٢ ص ٧٥ جزء حديث.

(٣) الهداية ص ٧٥.

(٤ ـ ٥) أمالى الصدوق ص ٣٦٣.

(٦) قرب الاسناد ص ١٠.

٢٧٧

وقضى به على عليه‌السلام بين أظهركم بشاهد ويمين ، فعجب أبوحنيفة ، فقال أبوعبدالله عليه‌السلام : أعجب من هذا أنكم تقضون بشاهد واحد في مائة شاهد وتجتزؤن بشهاداتهم بقوله فقال له : لا نفعل فقال : بلى تبعثون رجلا واحدا فيسأل عن مائة شاهد فتجيزون شهاداتهم بقوله وإنما هو رجل واحد ، فقال أبوحنيفة ايش فرق مابين ظلال المحرم والخباء؟ فقال أبوعبدالله عليه‌السلام : إن السنة لا تقاس (١).

٥ ـ أربعين الشهيد : باسناده عن الصدوق ، عن جعفر بن الحسين ، عن محمد بن عبدالله بن جعفر الحميري ، عن والده ، عن محمد بن عيسى بن عبدالله الاشعري عن حماد بن عيسى قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : قال أبى رضي الله عنه : قضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بشاهد ويمين (٢).

٦ ـ الهداية : وحكم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بشهادة شاهد ويمين المدعي (٣).

٦

«(باب)»

* «(الحلف صادقا وكاذبا وتحليف الغير)» *

الايات : القلم : «ولا تطع كل حلاف مهين» (٤).

١ ـ لى : في خبر المناهي قال النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله : من حلف بيمين كاذبة صبرا ليقطع بها مال امرئ مسلم لقي الله عزوجل وهو عليه غضبان إلا أن يتوب (٥).

٢ ـ لى : العطار ، عن أبيه ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن

__________________

(١) قرب الاسناد ص ١٥٨.

(٢) أربعين الشهيد ص ١٩ طبع ايران سنة ١٣١٨.

(٣) الهداية ص ٧٤.

(٤) سورة القلم : ١٠.

(٥) أمالى الصدوق ص ٤٢٤.

٢٧٨

أبي الجارود ، عن رجل من عبدالقيس ، عن سلمان رحمه الله أنه مر على المقابر فقال : السلام عليكم يا أهل القبور من المؤمنين والمسلمين ، يا أهل الديار هل علمتم أن اليوم جمعة ، فلما انصرف إلى منزله ونام وملكته عيناه ، أتاه آت فقال : فعليك السلام يا أبا عبدالله تكلمت فسمعنا وسلمت فرددنا ، وقلت : هل تعلمون أن اليوم جمعة وقد علمنا ما تقول الطير في يوم الجمعة قال : وما تقول الطير في يوم الجمعة؟ قال : تقول : قدوس قدوس ربنا الرحمن الملك ، ما يعرف عظمه ربنا من يحلف باسمه كاذبا (١).

٣ ـ ثو : أبي ، عن محمد العطار ، مثله (٢).

٤ ـ سن : أبي مثله (٣).

٥ ـ لى : ابن إدريس ، عن أبيه ، عن ابن أبى الخطاب ، عن عثمان بن عيسى ، عن الخزاز ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من حلف بالله فليصدق ومن لم يصدق فليس من الله ، ومن حلف له بالله فليرض ، ومن لم يرض فليس من الله (٤).

٦ ـ سن : أبي عن عثمان مثله (٥).

٧ ـ ين : عن عثمان مثله (٦).

٨ ـ ل : عن سعيد بن علاقة قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : اليمين الفاجرة تورث الفقر (٧).

٩ ـ ما : الحفار ، عن عثمان بن أحمد ، عن أبي قلابة ، عن وهب بن حريز

__________________

(١) أمالى الصدوق ص ٤٨٢.

(٢) ثواب الاعمال وعقابها ص ٢٠٥ طبع بغداد

(٣) المحاسن ص ١١٩.

(٤) أمالى الصدوق ص ٤٨٣.

(٥) المحاسن ص ١٢٠.

(٦) نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٠.

(٧) الخصال ج ٢ : ٩٤.

٢٧٩

وأبوزيد عن شعبة ، عن الاعمش ، عن أبى وايل ، عن عبدالله ، عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من حلف على يمين يقتطع بها مال أخيه لقي الله عزوجل وهو عليه غضبان ، فأنزل الله تصديق ذلك في كتابه : «إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا» قال فبرز الاشعث بن قيس فقال : في نزلت ، خاصمت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقضى على باليمين (١).

١٠ ـ ما : بهذا الاسناد إلى وهب ، عن أبيه ، عن عدى بن عدي ، عن رجاء ابن حبوة والعرس بن عميرة قال : حدثناه عن عدي بن عدي ، عن أبيه ، قال : اختصم امرؤ القيس ورجل من حضر موت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في أرض فقال : ألك بينة؟ قال : لا ، قال : فيمينه؟ قال : إذا والله يذهب بأرضي قال : إن ذهب بأرضك بيمينه كان ممن لا ينظر الله إليه يوم القيامة ولا يزكيه وله عذاب أليم ، قال : ففزع الرجل وردها إليه (٢).

١١ ـ ما : الحفار ، عن عثمان بن أحمد ، عن أبي قلابة ، عن أبي الوليد ، عن أبي عوانة ، عن عبدالملك بن عمير ، عن علقمة بن وايل ، عن أبيه مثله (٣).

١٢ ـ ثو : أبي ، عن سعد ، عن ابن هاشم ، عن ابن معبد ، عن درست ، عن عبدالحميد الطائي ، عن أبي الحسن الاول عليه‌السلام قال : قال النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله من قدم غريما إلى السطان يستحلفه وهو يعلم أنه يحلف ثم تركه تعظيما لله عزوجل لم يرض الله له بمنزلة يوم القيامة إلا منزلة إبراهيم خليل الرحمن عليه‌السلام (٤).

١٣ ـ ضا : مثله (٥).

أقول : قد مضى كثير من أخبار هذا الباب في كتاب الايمان والنذور.

١٤ ـ ص : عن الصادق عليه‌السلام قال : قال عيسى للحواريين : إن موسى عليه‌السلام أمركم أن لا تحلفوا بالله كاذبين ، وأنا آمركم أن لا تحلفوا بالله لا كاذبين ولا

__________________

(١ ـ ٣) أمالى الطوسى ج ١ ص ٣٦٨.

(٤) ثواب الاعمال ص ٧٢.

(٥) فقه الرضا ص ٣٤.

٢٨٠