قصص الأنبياء

قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي [ قطب الدين الراوندي ]

قصص الأنبياء

المؤلف:

قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي [ قطب الدين الراوندي ]


المحقق: غلامرضا عرفانيان اليزدي الخراساني
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٧٢
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

عليه السّلام : إني أحبّ أن تقرّبا إلى الله قرباناً لعلّ الله يتقبّل منكما ، فانطلق هابيل إلى أفضل كبش في غنمه ، فقرّبه التماساً لوجه الله ومرضاة أبيه ، فأمّا قابيل فانّه قرّب الزّوان الذي يبقى في البيدر الذي لا تستطيع البقر أن تدوسه ، فقرّب ضغثاً منه لا يريد به وجه الله تعالى ولا رضى أبيه ، فقبل الله قربان هابيل وردّ على قابيل قربانه.

فقال إبليس لقابيل : إنّه (١) يكون لهذا عقب يفتخرون على عقبك بأن قبل قربان أبيهم ، فاقتله حتى لا يكون له عقب ، فقتله فبعث الله تعالى جبرئيل فأجنّه (٢) ، فقال قابيل : يا ويلتي أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب يعني به مثل هذا الغريب الذي لا أعرفه جاء ودفن أخي ولم أهتد لذلك ، ونودي قابيل من السّماء لُعنت لما قتلت أخاك ، وبكى آدم عليه السلام على هابيل أربعين يوماً وليلةً (٣).

٤٠ ـ وعن ابن بابويه ، عن أبيه ، أخبرنا علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : لمّا أوصى آدم صلوات الله عليه الى هابيل ، حسده قابيل فقتله ، فوهب الله تعالى لآدم هبة الله ، وأمره أن يوصي اليه وأمره أن يكتم ذلك ، قال : فجرت السّنة بالكتمان في الوصيّة (٤) ، فقال قابيل لهبة الله : قد علمت أنّ أباك قد أوصى اليك ، فان أظهرت ذلك أو نطقت بشيء منه لاقتلنّك كما قتلت أخاك (٥).

٤١ ـ وعن ابن بابويه ، أخبرنا محمد بن موسى بن المتوكل ، أخبرنا عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن حبيب السّجستاني ، عن أبي جعفر صلوات الله عليه قال : لما قرّب ابنا آدم صلوات الله عليه القربان ، فتُقبّل من هابيل ولم يُتقبّل من قابيل (٦) ، دخل قابيل من ذلك حسد

_________________________________

(١) في ق ٢ : ان.

(٢) في ق ٢ : فأخبه.

(٣) بحار الانوار (١١ / ٢٣٩ ـ ٢٤٠) ، برقم : (٢٨).

(٤) في ق ٢ : في أي وصية.

(٥) بحار الانوار (١١ / ٢٤٠) ، برقم : (٢٩).

(٦) في ق ٢ : فقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر.

٦١

شديد ، وبغى قابيل على هابيل ، فلم يزل يرصده ويتبع خلواته حتّى خلا به متنحياً عن آدم عليه السلام ، فوثب عليه فقتله ، وكان من قصتهما ما قد بيّنه الله في كتابه من المحاورة قبل ان يقتله (١).

٤٢ ـ وبهذا الاسناد عن محمد بن الحسن ، أخبرنا محمد بن الحسن ، أخبرنا محمد بن الحسن بن متّيل ، أخبرنا محمد بن الحسن ، أخبرنا محمد بن سنان ، عن اسماعيل بن جابر وكرام بن عمر ، وعن عبد الحميد بن أبي الديلم ، عن أبي عبد الله الصادق صلوات الله عليه قال : أوحى الله تعالى إلى آدم صلوات الله عليه : أنَّ قابيل عدوّ الله قتل أخاه ، وإنّي أعقبك منه (٢) غلاماً ، يكون خليفتك ويرث علمك ، ويكون عالم الارض وربانيّها بعدك ، وهو الّذي يدعى في الكتب شيثاً ، وسماه أبا محمد هبة الله ، وهو اسمه بالعربية ، وكان آدم عليه السلام بشّر بنوح صلوات الله عليه وقال : انه سيأتي نبيّ من بعدي اسمه نوح ، فمن بلغه منكم فليسلّم له ، فانّ قومه يهلكون بالغرق إلّا من آمن به وصدّقه (٣) ما قيل لهم وما أُمروا به (٤).

فصل ـ ٩ ـ

٤٣ ـ وبالاسناد المذكور عن حبيب السّجستاني ، عن أبي جعفر صلوات الله عليه قال : لما علم آدم صلوات الله عليه بقتل هابيل جزع عليه جزعاً شديداً [ عظيماً ] (٥) فشكا ذلك الى الله تعالى ، فأوحى الله تعالى اليه أنّي واهب لك ذكراً يكون خلفاً من هابيل فولدته حوّا ، فلما كان اليوم السّابع (٦) سماه آدم عليه السّلام شيثاً ، فأوحى الله تعالى إليه : يا آدم إنما هذا الغلام هبة منيّ إليك فسمّه هبة الله ، فسمّاه آدم به ، فلمّا جاء وقت وفاة آدم صلوات

_________________________________

(١) بحار الانوار (١١ / ٢٤٠ ـ ٢٤١) ، برقم : (٣٠).

(٢) في ق ٢ وق ٤ : أعقبك عنه ، وفي ق ٣ : أعقبتك منه.

(٣) في ق ٢ : وصدق ، وفي البحار : وصدقه فيما.

(٤) بحار الانوار (١١ / ٢٦٤) ، برقم : (١٣).

(٥) الزيادة من ق ٣.

(٦) في ق ٢ : فلما كان في اليوم التاسع.

٦٢

الله عليه أوحى الله تعالى إليه أنّي متوفيك ، فأوص الى خير ولدك ، وهو هبتي الّذي وهبته لك فأوص اليه وسلِّم اليه ما علمتك من الأسماء ، فانّي أحبّ أن لا تخلو الأرض من عالم يعلم علمي ويقضي بحكمي ، أجعله حجّة لي على خلقي ، فجمع آدم صلوات الله عليه ولده جميعاً من الرّجال والنّساء.

ثمَّ قال لهم : يا ولدي أنّ الله أوحى إليّ : إنّي متوفّيك وأمرني أن أوصي الى خير ولدي وأنّه هبة الله ، وأنّ الله اختاره لي ولكم من بعدي ، فاسمعوا له وأطيعوا أمره ، فانّه وصيّتي وخليفتي عليكم ، فقالوا جميعاً : نسمع له ونطيع أمره ولا نخالفه.

قال : وأمر آدم صلوات الله عليه بتابوت ، ثم جعل فيه علمه والأسماء والوصيّة ، ثمّ دفعه الى هبة الله ، فقال له : انظر اذا أنا متّ يا هبة الله فاغسلني (١) وكفّني وصلّ عليّ وأدخلني حفرتي ، واذا حضرت وفاتك وأحسست بذلك من نفسك ، فالتمس خير ولدك وأكثرهم لك صحبةً وأفضلهم ، فأوص إليه بما أوصيت به إليك ، ولا تدع الأرض بغير عالم منّا أهل البيت ، يا بنيّ : إنّ الله تعالى أهبطني إلى الارض ، وجعلني خليفة فيها وحجة له على خلقه ، وجعلتك حجّة الله (٢) في أرضه من بعدي ، فلا تخرجنّ من (٣) الدّنيا حتّى تجعل لله حجّة على خلقه ووصيّاً من بعدك ، وسلّم إليه التّابوت وما فيه كما سلّمت (٤) إليك ، وأعلمه أنه سيكون من ذرّيّتي رجل نبيّ اسمه نوح يكون في نبوّته الطّوفان والغرق ، وأوص وصيّك أن يحتفظ (٥) بالتّابوت وبما فيه ، فاذا حضرته وفاته (٦) فمره أن يوصي الى خير ولده وليضع كلُّ وصيّي وصيته في التّابوت ، وليوص بذلك بعضهم الى بعض ، فمن أدرك منهم نبوة نوح ، فليركب معه وليحمل التّابوت وما فيه إلى فلكه ولا يتخلف عنه واحد ، واحذر يا هبة الله وأنتم يا ولدي الملعون قابيل.

_________________________________

(١) في ق ٢ وق ٣ : فغسلني.

(٢) في ق ٢ : حجة الله.

(٣) في ق ٢ : فلا تخرجوا من.

(٤) في ق ٥ : سلمته.

(٥) في ق ٢ : أن يحفظ ، وفي ق ٣ : أن يتحفظ.

(٦) في ق ٢ : الوفاة.

٦٣

فلمّا كان اليوم الذي أخبره الله أنّه متوفيه تهيّأ آدم صلوات الله عليه للموت وأذعن به ، فهبط ملك الموت فقال آدم : أشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّي عبد الله (١) وخليفته في أرضه ، ابتدأني باحسانه (٢) ، وأسجد لي ملائكته وعلّمني الاسماء كلّها ، ثم أسكنني جنته ولم يكن جعلها لي دار قرار ولا منزل استيطان ، وإنما خلقني لأسكن الأرض الذي أراد من التقدير والتدبير.

وقد كان نزل جبرئيل صلوات الله عليه بكفن آدم من الجنة والحنوط والمسحاة (٣) معه قال : ونزل مع جبرئيل سبعون ألف ملك صلوات الله عليهم ليحضروا جنازة آدم عليه السلام ، فغسله هبة الله وجبرئيل صلوات الله عليهما وكفنه وحنطه ، ثم قال جبرئيل لهبة الله : تقدم فصلّ على أبيك وكبّر عليه خمساً وسبعين تكبيرة ، فحضرت الملائكة ثم أدخلوه حفرته.

فقام هبة الله في ولد أبيه بطاعة الله تعالى ، فلمّا حضرته وفاته أوصى إلى ابنه قينان وسلّم إليه التّابوت ، فقام قينان في إخوته وولد أبيه بطاعة الله تعالى وتقدّس ، فلمّا حضرته الوفاة أوصى الى ابنه يزد وسلّم إليه التّابوت وجميع ما فيه ، وتقدّم إليه في نبوة نوح صلوات الله عليه ، فلمّا حضرت وفاة يزد أوصى إلى ابنه أخنوخ ـ وهو ادريس ـ وسلم اليه التابوت وجميع ما فيه والوصية ، فقام أخنوخ به ، فلما قرب أجله أوحى الله تعالى اليه أنّي رافعك الى السماء ، فأوص الى ابنك خرقاسيل (٤) ، ففعل ، فقام خرقاسيل (٥) بوصية أخنوخ ، فلمّا حضرته الوفاة أوصى إلى ابنه نوح وسلم اليه التابوت ، فلم يزل التّابوت عند نوح حتى حمله معه في سفينته ، فلما حضرته الوفاة أوصى الى ابنه سام وسلّم إليه التّابوت وجميع ما فيه (٦).

فصل ـ ١٠ ـ

٤٤ ـ أخبرنا السّيد ابوحرب بن المجتبى بن الدّاعي الحسني (٧) ، أخبرنا

_________________________________

(١) في ق ٢ : اني عبده.

(٢) في ق ٣ : واجتباني.

(٣) في ق ٣ : والماء.

(٤ ـ ٥) في ق ١ وق ٤ : خرقائيل.

(٦) بحار الانوار (١١ / ٢٦٤ ـ ٢٦٦) ، برقم : (١٤).

(٧) هكذا في جميع النّسخ المخطوطة وموضع في الرياض (٢ / ٤٣٥) وفي موضعين منه (٤٢٩ و ٤٣٤) وأيضاً في أمل الآمل (٢ / ٢٢٧) عن فهرس منتجب الدين : ابوحرب المجتبى بن الداعي (بن القاسم) الحسني وهذا هو الصّحيح.

٦٤

الدّوريستي (١) عن أبيه ، عن ابن بابويه ، حدّثنا محمّد بن الحسن ، أخبرنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، الحسن بن علي ، عن عمر (٢) ، عن أبان بن عثمان ، عن فضيل بن يسار ، عن أبي جعفر صلوات الله عليه قال : أرسل (٣) آدم ابنه الى جبرئيل عليه السلام فقال له : يقول لك أبي : أطعمني من زيت الزّيتون التي في موضع كذا وكذا من الجنّة ، فلقيه جبرئيل عليه السلام ، فقال له : ارجع إلى أبيك فقد قبض وأمرنا باجهازه والصّلاة عليه.

قال : فلمّا جهّزوه (٤) قال جبرئيل عليه السّلام : تقدّم يا هبة الله ، فصلّ على أبيك ، فتقدّم وكبّر عليه خمساً وسبعين تكبيرة سبعين تفضيلاً (٥) لآدم عليه السّلام وخمساً للسنّة.

قال : وآدم عليه السّلام لم يزل يعبد الله بمكة حتّى إذا أراد أن يقبضه بعث (٦) اليه الملائكة معهم سرير وحنوط وكفن من الجنّة ، فلما رأت حوّا عليها السلام الملائكة ذهبت لتدخل بينه وبينهم ، فقال لها آدم : خلّي بيني وبين رسل ربّي ، فقبض ، فغسلوه بالسدر والماء ، ثمّ لحّدوا قبره وقال : هذا سنّة ولده من بعده فكان عمره منذ خلقه الله تعالى إلى أن قبضه سبعمائة وستاً وثلاثين سنة ودفن بمكّة ، وكان بين آدم ونوح صلوات الله عليهما ألف وخمسمائة سنة (٧).

٤٥ ـ وبهذا الاسناد عن محمّد بن الحسن ، حدّثنا محمد بن الحسن الصّفار ، حدّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب ، حدّثنا محمّد بن سنان عن اسماعيل بن جابر ، عن عبد الحميد بن أبي الديلم ، عن أبي عبد الله صلوات الله عليه قال : قبض (٨) آدم صلوات

_________________________________

(١) هو الشّيخ ابوعبد الله جعفر بن محمّد بن أحمد بن العباس الدوريستي معاصر للشّيخ الطّوسي تغرض له في رجاله ص (٤٥٩) ووثّقه.

(٢) في ق ٣ : عن عمّه ، وفي ق ٥ : عن عمر بن عثمان.

(٣) في ق ٢ وق ٤ : لما أرسل.

(٤) في ق ٣ : فلما جهزه.

(٥) في ق ٢ وق ٣ : تفضلا.

(٦) في ق ٣ : اذا أراد أن يقبضه فبعث.

(٧) بحار الانوار (١١ / ٢٦٦ ـ ٢٦٧) ، برقم : (١٥).

(٨) في ق ٢ وق ٤ : لما قبض.

٦٥

الله عليه وكبّر عليه ثلاثين (١) تكبيرة ، فرفع خمس وعشرون ، بقي السنّة علينا خمساً ، وكان رسول الله صلّى عليه وآله وسلم يكبّر على أهل بدر سبعاً وتسعاً (٢).

٤٦ ـ وبهذا الاسناد عن ابن أبي الديلم ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ان قابيل أتى هبة الله عليه السلام ، فقال : ان أبي قد أعطاك العلم الذي كان عنده ، وأنا كنت أكبر منك وأحق به منك ، ولكن قتلت ابنه فغضب عليّ فآثرك بذلك العلم عليّ وأنّك والله إن ذكرت شيئاً ممّا عندك من العلم الّذي ورثك أبوك لتتكبّر به عليّ ولتفتخر عليّ لاقتلنّك كما قتلت أخاك.

فاستخفى هبة الله بما عنده من العلم لينقضي دولة قابيل ، ولذلك يسعنا في قومنا التّقية ، لانّ لنا في ابن آدم أُسوة ، قال : فحدّث هبة الله ولده بالميثاق سرّاً ، فجرت والله السّنة بالوصيّة (٣) من هبة الله في ولده ، ومن يتّخذه يتوارثونها عالم بعد عالم ، وكانوا يفتحون الوصيّة كلّ سنة يوماً فيحدّثون أنّ أباهم قد بشّرهم بنوح عليه السّلام.

قال : وإنّ قابيل لمّا رأى النّار الّتي قبلت قربان هابيل ظنَّ قابيل أنّ هابيل كان يعبد تلك النار ولم يكن له علم بربّه ، فقال قابيل : لا أعبد النار التي عبدها هابيل ، ولكن أعبد ناراً وأقرب قرباناً لها فبنى بيوت النيران (٤).

٤٧ ـ وعن ابن بابويه ، حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل ، حدثنا محمّد ابن أبي عبد الله الكوفي ، حدثنا موسى بن عمران النخعي ، عن عمّه الحسين بن يزيد ، عن علي بن سالم ، عن أبيه ، عن أبي بصير قال : كان ابوجعفر الباقر عليه الصّلاة والسّلام جالساً في الحرم وحوله عصابة من أوليائه اذ أقبل طاوُس اليماني في جماعة ، فقال من صاحب الحلقة ؟ قيل : محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال : إيّاه أردت ، فوقف بحياله وسلّم وجلس.

_________________________________

(١) في ق ١ : ثلاثون.

(٢) البحار ، الجزء (١١ / ٢٦٧) ، برقم : (١٦). والجزء (١٩ / ٣٢٠) ، برقم : (٧٣).

(٣) والله الوصيّة : ق ١.

(٤) بحار الانوار (٣ / ٢٤٩) من قوله : قال : وإنّ قابيل ، إلى آخره. و (١١ / ٢٤١) ، برقم : (٣١) أورد فيه تمام الخبر و (٧٥ / ٤١٩) ، برقم : (٧٤). ذكر فيه من صدره إلى قوله : أسوة.

٦٦

ثمّ قال : أتأذن لي في السّؤال ؟ فقال الباقر عليه السلام : قد آذنّاك فسل قال : أخبرني بيوم هلك ثلث النّاس فقال : وهمت يا شيخ أردت أن تقول : ربع النّاس وذلك يوم قتل قابيل هابيل ، كانوا أربعة : قابيل ، وهابيل ، وآدم ، وحوّا عليهم السّلام ، فهلك ربعهم ، فقال : أصبت ووهمت أنا ، فأيّهما كان الاب للنّاس القاتل أو المقتول ؟ قال : لا واحد منهما ، بل أبوهم شيث ابن آدم عليهما السّلام (١).

فصل ـ ١١ ـ

( في مبتدأ الأصنام )

٤٨ ـ عن محمد بن موسى بن المتوكّل ، حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، حدثنا محمّد بن النّعمان الأحول ، عن يزيد بن معاوية (٢) قال : سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول في مسجد النّبي صلى الله عليه وآله وسلم : إنّ إبليس اللّعين هو أوّل من صوّر صورةً على مثال آدم عليه السّلام ليفتن به النّاس ويضلّهم عن عبادة الله تعالى ، وكان ودّ في ولد قابيل ، وكان خليفة قابيل على ولده وعلى من بحضرتهم في سفح الجبل يعظّمونه (٣) ويسوّدونه ، فلمّا أن مات ودّ جزع عليه اخوته وخلّف عليهم ابناً يقال له : سواع فلم يغن غنا أبيه منهم (٤) ، فأتاهم إبليس في صورة شيخ فقال : قد بلغني ما أصبتم به من موت ودّ وعظيمكم ، فهل لكم فيَّ أن أصوّر لكم على مثال ودّ صورةً تستريحون إليها وتأنسون بها ؟ قالوا : افعل ، فعمد الخبيث إلى الآنك فاذابه حتّى صار مثل الماء.

ثمّ صوّر لهم صورةً مثال ودّ في بيته ، فتدافعوا على الصّورة يلثمونها ويضعون خدودهم عليها ويسجدون لها ، وأحبّ سواع أن يكون التعظيم والسّجود له ، فوثب على صورة ودّ ، فحكّها حتّى لم يدع منها شيئاً وهمّوا بقتل سواع ، فوعظهم وقال : أنا أقوم لكم بما كان يقوم

_________________________________

(١) بحار الانوار (١١ / ٢٤١ ـ ٢٤٢) ، برقم : (٣٢) و (٤٦ / ٣٥٤ ـ ٣٥٥) ، برقم : (٨).

(٢) في ق ٤ والبحار : بريد بن معاوية.

(٣) في ق ٣ : وكانوا يعظّمونه.

(٤) في ق ٢ : عنه.

٦٧

به ودّ ، وأنا ابنه ، فان قتلتموني لم يكن لكم رئيس ، فمالوا الى سواع بالطّاعة والتّعظيم.

فلم يلبث سواع أن مات وخلّف ابناً يقال له : يغوث فجزعوا على سواع فأتاهم إبليس وقال : أنا الّذي صوّرت لكم صورة ودّ ، فهل لكم أن أجعل لكم مثال سواع ؟ على وجه لا يستطيع أحدٌ أن يغيّره قال : فافعل ، فعمد الى عود فنجّره ونصبه لهم في منزل سواع ، وإنّما سمّي ذلك العود خلافاً ، لأنّ إبليس عمل صورة سواع على خلاف صورة ودّ قال : فسجدوا له وعظّموه وقالوا ليغوث : ما نأمنك على هذا الصّنم أن تكيده كما كاد أبوك مثال ودّ ، فوضعوا على البيت حُرّاساً وحجّاباً (١) ، ثم كانوا يأتون الصّنم في يوم واحد ويعظّمونه أشدّ ما كانوا يعظّمون سواعاً ، فلمّا رآى ذلك يغوث قتل الحرسة والحجاب ليلاً وجعل الصّنم رميماً ، فلما بلغهم ذلك أقبلوا ليقتلوه فتوارى منهم (٢) إلى أن طلبوه ورأّسوه وعظّموه.

ثمّ مات وخلّف ابناً يقال له : يعوق فأتاهم إبليس ، فقال : قد بلغني موت يغوث وأنا جاعل لكم مثاله في شيء لا يقدر أحدٌ أن يغيّره قالوا : فافعل ، فعمد الخبيث إلى حجر جرع (٣) أبيض ، فنقره بالحديد حتّى صوّر لهم مثال يغوث ، فعظّموه أشدّ ما مضى (٤) ، وبنوا عليه بيتاً من حجر ، وتبايعوا أن لا يفتحوا باب ذلك البيت إلّا في رأس كلّ سنة ، وسُميّت البيعة يومئذ ، لانّهم تبايعوا وتعاقدوا عليه ، فاشتدّ ذلك على يعوق ، فعمد إلى ريطة (٥) وخلق فألقاها في الحاير ثمّ رماها بالنّار ليلاً ، فأصبح القوم وقد احترق البيت والصّنم والحرس وأرفض الصنم ملقى ، فجزعوا وهمّوا بقتل يعوق ، فقال لهم : إن قتلتم رئيسكم فسدت أموركم (٦) فكفّوا.

فلم يلبث أن مات يعوق ، خلّف ابناً يقال له : نسراً ، فأتاهم إبليس فقال : بلغني موت عظيمكم ، فأنا جاعل لكم مثال (٧) يعوق في شيء لا يبلى ، فقالوا : افعل فعمد إلى

_________________________________

(١) في ق ١ وق ٥ : وحجبا.

(٢) في ق ٢ : عنهم.

(٣) في ق ٤ : حجر جزع ، وفي البحار : إلى حجر أبيض.

(٤) في البحار : مما مضى.

(٥) في ق ١ : الريطة.

(٦) في ق ٣ : أفسدتم أمركم.

(٧) في ق ٢ : مثل.

٦٨

الذّهب وأوقد عليه النّار حتّى صار كالماء ، وعمل مثالاً من الطّين على صورة يعوق ، ثم أفرغ الذّهب (١) فيه ، ثمّ نصبه لهم في ديرهم ، واشتدَّ ذلك على نسر ولم يقدر على دخول تلك الدّير ، فانحاز عنهم في فرقة (٢) قليلة من اخوته يعبدون نسراً ، والأخرون يعبدون الصّنم.

حتّى مات نسر وظهرت نبوّة إدريس ، فبلغه حال القوم وأنّهم يعبدون جسماً على مثال يعوق وأنّ نسراً كان يعبد من دون الله ، فصار اليهم بمن معه حتى نزل مدينة نسر وهم فيها ، فهزمهم وقتل من قتل وهرب من هرب ، فتفرّقوا في البلاد ، وأمروا بالصّنم فحمل وألقي في البحر ، فاتخذت كلّ فرقة منهم صنماً وسمّوها بأسمائهم ، فلم يزالوا بعد ذلك قرناً بعد قرن لا يعرفون إلّا تلك الاسماء.

ثمّ ظهرت نبوّة نوح عليه السلام ، فدعاهم إلى عبادة الله وحده وترك ما كانوا يعبدون من الاصنام ، فقال بعضهم : لا تذرنّ آلهتكم ولا تذرنّ ودّاً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً (٣).

فصل ـ ١٢ ـ

٤٩ ـ عن ابن بابويه ، حدّثنا ابوالحسن علي بن عبد الله بن أحمد الأسواري ، حدّثنا علي بن أحمد البردعي ، حدّثنا محمّد عن محمد بن ميمون (٤) عن الحسن ، عن أبيّ بن كعب ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إنّ أباكم كان طوّالاً كالنّخلة السحوق ستين ذراعاً (٥).

٥٠ ـ وعن ابن بابويه ، حدثنا ابوعبد الله محمّد بن شاذان ، حدّثنا محمّد بن محمّد بن الحرث الحافظ ، حدّثنا صالح بن سعيد التّرمذي ، عن عبد المنعم بن إدريس ، عن أبيه ، عن وهب بن منبّه اليماني أنّ الله تعالى خلق (٦) حوّا من فضل طينة آدم على صورته ، وكان

_________________________________

(١) في ق ٣ : أفرغ عليه الذهب.

(٢) في ق ٢ : في قرية.

(٣) بحار الانوار (٣ / ٢٥٠ ـ ٢٥٢) ، برقم : (٨) ، سورة نوح : ٢٣.

(٤) في ق ٤ : حدثنا محمد بن محمد بن ميمون ، وفي ق ٢ وق ٣ : حدثنا محمد بن ميمون.

(٥) بحار الانوار (١١ / ١١٥) ، برقم : (٤١).

(٦) في ق ٢ : لما خلق.

٦٩

ألقى عليه النّعاس وأراه ذلك في منامه ، وهي أوّل رؤيا كانت في الارض ، فانتبه وهي جالسة عند رأسه ، فقال عزّ وجلّ : يا آدم ما هذه الجالسة ؟ قال : الرّؤيا التي أريتني في منامي فأنس وحمد الله تعالى ، فأوحى الله تعالى إلى آدم : إنّي (١) أجمع لك العلم كلّه في أربع (٢) كلمات : واحدة لي ، وواحدة لك ، وواحدة فيما بيني وبينك ، وواحدة فيما بينك وبين النّاس.

فأمّا الّتي لي فتعبدني ولا تشرك بي شيئاً ، وأمّا الّتي لك فأجزيك بعملك أحوج ما تكون إليه ، وأمّا الّتي فيما بيني وبينك ، فعليك الدّعاء وعليّ الاجابة ، وأمّا الّتي فيما بينك وبين النّاس ، فترضى للنّاس ما ترضى لنفسك.

وكان مهبط آدم صلوات الله عليه على جبل في مشرق أرض الهند (٣) يقال له : باسم ثم أمره أن يسير إلى مكة ، فطوى له الأرض ، فصار على كلّ مفازة يمرّ به خطوة ، ولم يقع قدمه في شيء من الأرض إلّا صار عمراناً ، وبكى على الجنّة مائتي سنة ، فعزّاه الله (٤) بخيمة من خيام الجنة ، فوضعها له بمكة في موضع الكعبة ، وتلك الخيمة من ياقوتة حمراء لها بابان شرقيّ وغربيّ من ذهب منظومان معلّق فيها ثلاث قناديل من تبر الجنّة تلتهب نوراً ، ونزل الرّكن وهو ياقوتة بيضاء من ياقوت الجنّة ، وكان كرسيّاً لآدم يجلس عليه.

وانّ خيمة آدم لم تزل في مكانها حتّى قبضه الله تعالى ، ثم ّ رفعها الله إليه ، وبنى بنو آدم في موضعها بيتاً من الطّين والحجارة ، ولم يزل معموراً ، وأُعتق من الغرق ، ولم يخرّ به الماء حتى بعث (٥) الله تعالى إبراهيم صلوات الله عليه (٦).

_________________________________

(١) في ق ٣ : اليه اني.

(٢) في ق ٣ : أجمع لك كلمة في أربع.

(٣) في ق ٣ : على جبل شرقي الهند ، وفي ق ٤ والبحار : على جبل في شرقي أرض الهند ، وفي ق ٢ : وكان هبط آدم في مشرق أرض الهند ، وفي ق ١ : وكان مهبط آدم على جبل في شرقي أهل الهند.

(٤) في ق ١ وق ٣ : فعزه الله.

(٥) في ق ١ والبحار : (١١ / ٢١١) إبتعث الله.

(٦) بحار الانوار (١١ / ١١٥) ، برقم : (٤٢) الى قوله : لنفسك. وما بعده إلى آخره في المصدر نفسه ص (٢١١) ، برقم : (١٧) وفي الجزء (٩٩ / ٦١) ، برقم : (٣١) وفيه : إنبعث الله وراجع (٧٥ / ٢٦) ، برقم : (٨) فيه مقدار من وسط الخبر.

٧٠

٥١ ـ وذكر وهب أنّ ابن عباس أخبره أنّ جبرئيل وقف على النبيِّ صلوات الله عليه وآله وعليه عصابة خضراء (١) قد علاها الغبار ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله : ما هذا الغبار ؟ قال : إنّ الملائكة أُمرت بزيارة البيت فازدحمت ، فهذا الغبار ممّا تثير الملائكة بأجنحتها (٢).

٥٢ ـ قال وهب : ولمّا أراد قابيل أن يقتل أخاه ، ولم يدر كيف يصنع عمد إبليس إلى طائر ، فرضخ (٣) رأسه بحجر فقتله فتعلّم قابيل ، فساعة قتله أرعش جسده (٤) ولم يعلم ما يصنع أقبل غراب يهوي على الحجر الّذي دمغ أخاه ، فجعل يمسح الدّم بمنقاره وأقبل غراب آخر حتى وقع بين يديه ، فوثب الأوّل على الثّاني فقتله ، ثمّ حفر (٥) بمنقاره فواراه فتعلّم قابيل (٦).

٥٣ ـ وروي أنّه لم يوار سوأة أخيه ، وانطلق هارباً حتى أتى وادياً من أودية اليمن في شرقيّ عدن ، فكمن فيه زماناً ، وبلغ آدم صلوات الله عليه ما صنع قابيل بهابيل ، فأقبل فوجده قتيلاً ثمّ دفنه ، وفيه وفي إبليس نزلت : « رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ » (٧) لأنّ قابيل أوّل من سنّ القتل ، ولا يقتل مقتول إلى يوم القيامة إلّا كان له فيه شركة (٨) (٩).

٥٤ ـ وسئل الصّادق عليه السّلام عن قوله تعالى : « وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ » قال : هما هما (١٠).

_________________________________

(١) في ق ٢ : حمراء خضراء.

(٢) بحار الانوار (٩٩ / ٦١) ، برقم : (٣٢).

(٣) في البحار : فرضح ، وهما بمعنى واحد.

(٤) في ق ٢ وق ٤ : ونعش جسده.

(٥) في ق ٢ : ثم هز ، وفي ق ٤ : ثم هزه.

(٦) بحار الانوار (١١ / ٢٤٢) ، برقم : (٣٣).

(٧) سورة فصلت : (٢٩).

(٨) في ق ١ : شرك ، وفي البحار : فيه له شرك.

(٩) بحار الانوار (١١ / ٢٤٢) ، برقم : (٣٤).

(١٠) بحار الانوار (١١ / ٢٤٣) ، برقم : (٣٥).

٧١

٥٥ ـ قال وهب : فلمّا حضرت (١) آدم عليه السّلام الوفاة أوصى الى شيث ، وحفر لآدم في غار في أبي قبيس يقال له : غار الكنز ، فلم يزل آدم في ذلك الغار حتى كان في زمن (٢) الغرق استخرجه نوح صلوات الله عليه في تابوت وجعله معه في السّفينة (٣).

٥٦ ـ وأمّا عوج بن عناق ، فانّه كان جبّاراً [ في الارض ] (٤) عدوّاً لله وللاسلام ، وله بسطة في الجسم والخلق ، وكان يضرب يده (٥) فيأخذ الحوت من أسفل البحر ثم يرفع (٦) الى السماء ، فيشويه في حرّ (٧) الشّمس فيأكله ، وكان عمره ثلاثة آلاف وستّمائة سنة (٨).

٥٧ ـ وروي أنّه لمّا أراد نوح عليه السّلام أن يركب السّفينة جاءَ اليه عوج ، فقال له : احملني معك ، فقال نوح : إنّي لم أومر بذلك ، فبلغ الماء إليه وما جاوز ركبتيه ، وبقي إلى أيّام موسى ، فقتله موسى عليه السلام (٩).



_________________________________

(١) في البحار : قال لما حضر.

(٢) في ق ١ وق ٣ وق ٥ : كان زمان.

(٣) بحار الانوار (١١ / ٢٦٧) ، برقم : (١٧).

(٤) الزيادة من ق ٤.

(٥) في ق ٣ : بيده.

(٦) في ق ١ وق ٣ : ثم يرفعه.

(٧) في ق ٢ : من حرّ.

(٨) بحار الانوار (١١ / ٢٤٣) ، برقم : (٣٦).

(٩) بحار الانوار (١١ / ٢٤٣) ، برقم : (٣٧).

٧٢

الباب الثاني

( في نبوّة إدريس ونوح عليهما السّلام )

٥٨ ـ أخبرنا السيد ابوالصّمصام ذو الفقار بن أحمد بن معبد (١) الحسيني ، حدّثنا الشّيخ ابوجعفر الطّوسي ، حدّثنا الشيخ المفيد ابوعبد الله ، حدّثنا الشّيخ ابوجعفر بن بابويه ، حدثنا أبي ، حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن ابراهيم بن أبي البلّاد ، عن أبيه ، عن أبي جعفر صلوات الله عليه قال : كان نبوّة إدريس عليه السلام أنه كان في زمنه ملك جبّار وأنّه ركب ذات يوم في بعض نزهة ، فمرّ بأرض خضرة نضرة لعبد مؤمن فأعجبته ، فسأل وزراءه لمن هذه ؟ فقالوا : لفلان ، فدعا به ، فقال له : أمتعني (٢) بأرضك هذه ، فقال : عيالي أحوج إليها منك ، فغضب الملك وانصرف إلى أهله.

وكانت له امرأة من الأزارقة يشاورها في الامر إذا نزل به ، فخرجت إليه فرأت في وجهه الغضب ، فقالت : أيّها الملك انّما يغتم ويأسف من لا يقدر على التّغيير ، فان كنت تكره أن تقتله بغير حجة ، فأنا أكفيك أمره وأصيّر أرضه بيدك بحجة لك فيها العذر عند أهل مملكتك ، فقال : ما هي ؟

قالت : أبعث أقواماً من أصحابي الأزارقة حتى يأتوك به ، فيشهدون لك عليه عندك أنّه قد برىء من دينكم ، فيجوز لك قتله وأخذ أرضه ، قال : فافعلي وكان أهلها يرون قتل

_________________________________

(١) في ق ٤ : سعيد ـ خ ل.

(٢) في ق ٢ : متعني.

٧٣

المؤمنين ، فأمرتهم بذلك ، فشهدوا عليه أنّه برىء من دين (١) الملك ، فقتله واستخلص أرضه.

فغضب الله تعالى للمؤمن فأوحى الى إدريس عليه السلام ان ائت عبدي الجبار فقل له : أما رضيت أن قتلت عبدي المؤمن ظلماً حتى استخلصت أرضه ، فأحوجت (٢) عياله من بعده وأجعتهم (٣) ، أما وعزّتي لأنتقمنَّ له منك في الآجل ، ولأسلبنّك ملكك في العاجل ، ولأطعمنّ الكلاب من لحمك ، فقد غرّك حلمي ، فأتاه إدريس عليه السلام برسالة ربِّه ، وهو في مجلسه وحوله أصحابه.

فقال الجبار : اخرج عنّي يا ادريس ، ثمَّ أخبر امراته بما جاءَ به إدريس صلوات الله عليه ، فقالت : لا تهولنّك رسالة إدريس أنا أرسل اليه من يقتله وأكفيك أمره ، وكان لإِدريس صلوات الله عليه أصحاب مؤمنون يأنسون به ويأنس بهم ، فأخبرهم بوحي الله ورسالته (٤) إلى الجبّار ، فخافوا على إدريس منه.

ثم بعثت امرأة الجبار أربعين رجلاً من الازارقة ليقتلوا إدريس ، فأتوه فلم يجدوه في مجلسه ، فانصرفوا ورآهم أصحاب إدريس ، فأحسّوا بأنّهم يريدون (٥) قتل إدريس عليه السّلام ، فتفرّقوا في طلبه وقالوا له : خذ حذرك يا إدريس ، فتنحّى عن القرية (٦) من يومه ذلك ومعه نفرٌ من أصحابه ، فلمّا كان في السّحر ناجى ربَّه ، فأوحى الله إليه أن تنحّ عنه وخلَّني وايّاه.

قال إدريس صلوات الله عليه : أسألك أن لا تمطر السّماء على أهل هذه القرية ، وان خربت وجهدوا وجاعوا. قال الله تعالى : إنّي قد أعطيتك ما سألته ، فأخبر إدريس أصحابه بما سأل الله من حبس المطر عليهم وعنهم ، وقال : اخرجوا من هذه القرية إلى غيرها من القرى ، فتفرقوا وشاع الخبر بما سأل إدريس عليه السّلام ربّه.

_________________________________

(١) في ق ١ وق ٤ وق ٥ : عن دين.

(٢) في ق ٢ : فأخرجت.

(٣) في ق ٣ : وأحوجتهم. وفي ق ٤ : وأفجعتهم.

(٤) في ق ٢ وق ٤ وق ٥ : ورسالاته.

(٥) في ق ٢ : أرادوا.

(٦) في ق ٣ : عن القوم.

٧٤

وتنحّى إدريس إلى كهف في جبل شاهق ، ووكّل الله تعالى ملكاً يأتيه بالطّعام عند كلّ مساء ، وكان يصوم النّهار ، وظَهَرَ في المدينة جبّار آخر ، فسلب ملكه ـ أعني : الاول ـ (١) وقتله وأطعَمَ الكلاب لحمه ولحم امرأته ، فمكثوا بعد إدريس عشرين سنة لم تمطر السماء عليهم مطرة ، فلما جهدوا ومشى بعضهم إلى بعض.

فقالوا : إنَّ الّذي نزل بنا مما ترون بسؤال إدريس عليه السلام ربّه ، وقد تنحّى عنّا ولا علم لنا بموضعه ، والله أرحم بنا منه ، فأجمعوا أمرهم على أن يتوبوا إلى الله تعالى ، فقاموا على الرّماد ، ولبسوا المسوح ، وحثّوا على رؤوسهم التّراب ، وعجّوا إلى الله بالتّوبة والاستغفار والبكاء والتّضرع إليه.

فأوحى الله تعالى إلى الملك الّذي يأتي إدريس عليه السلام بطعامه : أن أحبس طعامه عنه ، فجاع إدريس عليه السلام ليلة ، فلمّا كان في ليلة اليوم الثّاني لم يؤت بطعامه قلّ صبره وكذلك (٢) اللّيلة الثّالثة ، فنادى يا ربّ حبست عنّي رزقي من قبل أن تقبض روحي.

فأوحى الله إليه اهبط من موضعك ، واطلب المعاش لنفسك ، فهبط إلى قرية فلمّا دخلها نظر الى دخان بعض منازلها ، فأقبل نحوه فهجم على عجوز كبيرة وهي ترفق قرصين لها على مقلاة ، فقال : بيعي منّي (٣) هذا الطّعام ، فحلفت أنّها ما تملك شيئاً غيرهما (٤) واحد لي وواحدٌ لإِبني ، فقال : إنّ ابنك صغير يكفيه نصف قرصة فيحيى به ويجزيني النّصف الآخر ، فأكلت المرأة قرصها ، وكسرت القرص الآخر بين إدريس وبين ابنها ، فلمّا رآى ابنها إدريس يأكل من قرصته اضطرب حتّى مات ، فقالت يا عبد الله : قتلت ابني جزعاً على قوته ، فقال لها إدريس عليه السلام : أحييه باذن الله ولا تجزعي.

ثمَّ أخذ إدريس بعضد الصّبيّ وقال : أيتها الرّوح الخارجة عن هذا الغلام ارجعي إليه وإلى بدنه باذن الله تعالى ، أنا إدريس النبيّ ، فرجعت روح الغلام إليه ، فقالت أشهد أنك

_________________________________

(١) في ق ٣ : فسلب ملك الأول.

(٢) في ق ١ وق ٣ وق ٤ وق ٥ : وكذا.

(٣) في ق ٢ وق ٤ : من.

(٤) في ق ٢ : منه شيئاً غيرها.

٧٥

إدريس النّبيّ ، وخرجت ونادت في القرية بأعلى صوتها : إبشروا بالفرج قد دخل إدريس عليه السلام قريتكم.

ومضى إدريس حتى جلس على موضع مدينة الجبّار الاوّل وهي تلّ ، فاجتمع إليه النّاس من أهل قريته (١) ، فقالوا مسّنا الجوع والجهد في هذه العشرين سنة ، فادع الله تعالى لنا أن يمطر علينا ، قال إدريس عليه السلام : لا أدعوا حتّى يأتيني (٢) جبّاركم وجميع أهل قريتكم مشاة حفاة ، فبلغ الجبّار قوله ، فبعث إليه أربعين رجلاً يأتوه بادريس ، فأتوه وعنفوا به ، فدعا عليهم فماتوا ، فبلغ الجبار الخبر ، فبعث إليه خمسمائة رجل ، فقالوا له : يا إدريس إنّ الملك بعثنا إليك لنذهب بك إليه ، فقال لهم إدريس عليه السّلام : انظروا إلى مصارع أصحابكم قالوا : متنا بالجوع (٣) فارحم وادع الله أن يمطر علينا فقال : حتّى يأتي الجبّار.

ثمَّ إنهم سألوا الجبّار أن يمضي معهم ، فأتوه وقفوا بين يديه خاضعين ، فقال إدريس عليه السلام : الآن ، فنعم. فسأل الله أن يمطر عليهم فأظلّتهم سحابة من السّماء ، فارعدت وأبرقت وهطلت عليهم (٤).

فصل ـ ١ ـ

٥٩ ـ وعن ابن بابويه ، عن أبيه ، حدّثنا(٥) محمّد بن يحيى العطّار ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن محمد بن أورمة ، حدّثنا محمد بن عثمان ، عن أبي جميلة ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن أبي جعفر صلوات الله عليه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : إنّ ملكاً من الملائكة كانت له منزلة ، فاهبطه الله تعالى من السّماء إلى الأرض ، فأتى إدريس النبيّ عليه السلام ، فقال له : اشفع لي عند ربّك ، قال : فصلّى ثلاث ليال لا يفتر وصام

_________________________________

(١) في ق ٣ : القرية.

(٢) في ق ٢ : يأتني.

(٣) في ق ٣ : مسّنا الجوع.

(٤) ذكر العلامة المجلسي نحوه مع اختلاف كثير في الالفاظ مع التّحفظ لروح القصّة عن اكمال الدّين في البحار (١١ / ٢٧١ ـ ٢٧٦) ، برقم : (٢) ، واكتفى بذلك عن التنصيص على عبارات القصّة عن قصص الانبياء.

(٥) في ق ٢ وق ٤ : قال : حدّثنا.

٧٦

أيّامها لا يفطر.

ثمَّ طلب إلى الله تعالى في السّحر للملك ، فأذن له في الصّعود إلى السّماء ، فقال له الملك : أحبّ أن أكافيك ، فاطلب إليَّ حاجةً ، فقال : تريني ملك الموت لعلّي آنس به ، فانّه ليس يهنئني (١) مع ذكره شيء ، فبسط جناحيه.

ثم قال له : اركب (٢) فصعد به ، فطلب ملك الموت في سماء الدّنيا ، فقيل له : إنّه قد صعد فاستقبله بين السماء الرابعة والخامسة ، فقال الملك لملك الموت : ما لي أراك قاطباً ؟ قال : أتعجّب أنّي كنت تحت ظلّ العرش حتّى أُومر (٣) أن أقبض روح إدريس بين السّماء الرّابعة والخامسة ، فسمع إدريس ذلك ، فانتقض (٤) من جناح الملك ، وقبض ملك الموت روحه مكانه ، وفي قوله تعالى : « وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا » (٥) (٦).

٦٠ ـ وباسناده عن ابن أورمة ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن محمّد بن مروان ، عن أبي صالح عن ابن عبّاس رضي الله عنه قال : كان إدريس النّبيّ صلوات الله عليه يسيح النّهار ويصومه (٧) ، ويبيت حيث ما جنّه اللّيل ، ويأتيه رزقه حيث ما أفطر ، وكان يصعد له من العمل الصّالح مثل ما يصعد لأهل الأرض كلّهم ، فسأل ملك الموت ربّه في زيارة (٨) إدريس عليه السلام وأن يسلّم عليه ، فأذن له فنزل وأتاه ، فقال : إنّي أريد أن أصحبك ، فأكون معك فصحبه ، وكانا يسيحان النّهار ويصومانه ، فإِذا جنّهما اللّيل أتى إدريس فطره (٩) فيأكل ، ويدعو ملك الموت إليه فيقول : لا حاجة لي فيه ، ثمَّ يقومان

_________________________________

(١) في ق ٣ : يهنأ اليّ.

(٢) في ق ١ : جناحيه ثم ركب.

(٣) في البحار : حتى أمرت.

(٤) في ق ١ وق ٥ والبحار : فانتفض.

(٥) سورة مريم : (٥٦).

(٦) بحار الانوار (١١ / ٢٧٧ ـ ٢٧٨) ، برقم : (٧).

(٧) في ق ٢ وق ٤ : يسيح النّهار بصومه.

(٨) في ق ٤ : في زيارته.

(٩) في ق ١ وق ٣ : فطوره.

٧٧

يصلّيان وإدريس يصلّي ويفتر وينام ، وملك الموت يصلّي ولا ينام ولا يفتر ، فمكثا بذلك أيّام.

ثمَّ إنّهما مرّا بقطيع غنم وكرم قد أينع ، فقال ملك الموت : هل لك أن تأخذ من ذلك حملاً ، أو من هذا عناقيد فتفطر عليه ؟ فقال : سبحان الله أدعوك إلى ما لي فتأبى ، فكيف تدعوني إلى مال الغير ؟

ثمَّ قال إدريس عليه السلام : قد صحبتني وأحسنت فيما بيني وبينك من أنت ؟ قال : أنا ملك الموت قال إدريس : لي إليك حاجة فقال : وما هي ؟ قال : تصعد بي إلى السّماء فاستأذن ملك الموت ربّه في ذلك ، فأذن له فحمله على جناحه فصعد به إلى السّماء.

ثمَّ قال له إدريس عليه السّلام : إنّ لي إليك حاجة أخرى قال : وما هي ؟ قال : بلغني من الموت شدة فأحبّ أن تذيقني (١) منه طرفاً فانظر هو كما بلغني ؟ فاستأذن ربّه له ، فأخذ بنفسه ساعة ثم خلّى عنه فقال له : كيف رأيت (٢) ؟ قال : بلغني عنه شدة ، وأنّه لأشدّ ممّا بلغني (٣) ولي إليك حاجة أخرى تريني النّار ، فاستأذن ملك الموت صاحب النّار ، ففتح له ، فلما رآها إدريس عليه السلام سقط مغشيّاً عليه.

ثم قال له : لي إليك حاجة أخرى تريني الجنّة ، فاستأذن ملك الموت خازن الجنّة فدخلها فلمّا نظر إليها قال : يا ملك الموت ما كنت لأخرج منها إنّ الله تعالى يقول : « كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ » وقد ذقته ويقول : « وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا » وقد وردتها ويقول في الجنّة : « وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا » (٤).

٦١ ـ وبالاسناد المتقدّم عن وهب بن منبّه : أنّ إدريس عليه السلام كان رجلاً طويلاً ضخم البطن ، عظيم الصدر ، قليل الصّوت ، رقيق المنطق ، قريب الخطا إذا مشى ، وإنّما سمّي إدريس لكثرة ما يدرس من كلام الله تعالى ، وهو بين أظهر قومه يدعوهم إلى

_________________________________

(١) في ق ٣ : تذوقني.

(٢) في ق ١ : رأيته.

(٣) في ق ٣ : وانّه أشدّ ممّا بلغني ، وفي ق ٤ : وانّه لأشدّ ممّا يبلغني.

(٤) بحار الانوار (١١ / ٢٧٨ ـ ٢٧٩) ، برقم : (٧) ، الدّية : ٣٥ سورة الانبياء ، الاية : ٧١ سورة مريم ، والذيل بحسب مايراد منه حصنا ، غير موجود في القرآن.

٧٨

عبادة الله ، فلا يزال يجيبه واحد بعد واحد ، حتّى صاروا سبعة وسبعين ، إلى أن صاروا سبعمائة ثم بلغوا ألفاً ، فاختار منهم سبعة ، فقال لهم : تعالوا فليدع بعضنا وليؤمّن بقيتنا ، ثم رفعوا أيديهم إلى السّماء فنبّأه الله ودلّ (١) على عبادته ، فلم يزالوا يعبدون الله حتّى رفع الله تعالى إدريس عليه السلام إلى السّماء وانقرض من تابعه.

ثمَّ اختلفوا حتّى كان زمن نوح عليه السلام وأنزل الله على إدريس ثلاثين صحيفة ، وهو أوّل من خطّ بالقلم ، وأوّل من خاط الثّياب ولبسها ، وكان من كان قبله يلبسون الجلود ، وكان كلّما خاط سبّح الله وهلّله وكبّره ووحّده ومجّده ، وكان يصعد إلى السّماء من عمله في كلّ يوم مثل أعمال أهل زمانه كلّهم.

قال : وكانت الملائكة في زمن إدريس صلوات الله عليه يصافحون النّاس ويسلّمون عليهم ويكلّمونهم ويجالسونهم ، وذلك لصلاح الزّمان وأهله ، فلم يزل النّاس على ذلك حتّى كان (٢) زمن نوح عليه الصّلاة والسّلام وقومه ، ثم انقطع ذلك.

وكان من أمره مع ملك الموت ما كان حتى دخل الجنّة ، فقال له ربّه : إنّ إدريس إنّما حاجّك فحجّك بوحي (٣) وأنا الّذي هيّأت له تعجيل دخول الجنّة ، فانّه كان ينصب نفسه وجسده يتعبهما لي ، فكان حقّاً عليّ أن أعوّضه (٤) من ذلك الرّاحة (٥) والطّمأنينة وأن أُبوّئه بتواضعه لي وبصالح عبادتي من الجنّة مقعداً ومكاناً عليّاً (٦).

فصل ـ ٢ ـ

٦٢ ـ وبالاسناد عن سعد بن عبد الله ، حدّثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن الحسن بن عطا الأزدي ، عن عبد السّلام ، عن عمّار اليقظان (٧) قال : كان عند أبي

_________________________________

(١) في ق ١ : ودله.

(٢) في ق ٣ : الى ان كان.

(٣) في ق ٤ والبحار : بوحيي.

(٤) في ق ٤ : اعتوضه.

(٥) في ق ٢ وق ٤ : بالراحة.

(٦) بحار الانوار (١١ / ٢٧٩ ـ ٢٨٠) ، برقم : (٩).

(٧) في البحار : أبي اليقظان.

٧٩

عبد الله صلوات الله عليه جماعة وفيهم رجل يقال له : أبان بن نعمان فقال : أيّكم له علم بعمّي زيد بن عليّ صلوات الله عليه ؟ فقال : أنا أصلحك الله قال : وما علمك به قال : كنّا عنده ليلة : فقال هل لكم في مسجد سهلة ؟ فخرجنا معه إليه ، فوجدنا معه إجتهاداً كما قال.

فقال ابوعبد الله صلوات الله عليه : كان بيت إبراهيم صلوات الله عليه الّذي خرج منه إلى العمالقة ، وكان بيت إدريس عليه السّلام الّذي كان يخيط فيه ، وفيه صخرة خضراء فيها صورة وجوه النّبيين ، وفيه مناخ الرّاكب ـ يعني : الخضر عليه السلام ـ ثمّ قال : لو أنّ عمى أتاه حين خرج فصلّى فيه واستجار بالله لاجاره عشرين سنة ؛ وما أتاه مكروب قط ، فصلّى فيه ما بين العشاءين ودعا الله إلّا فرّج الله عنه (١).

٦٣ ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا محمّد بن علي بن المفضل بن تمام ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن عمّار ، عن أبيه ، عن حمدان القلانسي ، عن محمد بن جمهور ، عن مرازم (٢) بن عبد الله ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله صلوات الله عليه أنّه قال : يا أبا محمّد كأنّي أرى نزول القائم في مسجد السّهلة بأهله وعياله قلت : يكون منزله ؟ قال : نعم ، هو منزل إدريس عليه السلام وما بعث الله نبيّاً إلّا وقد صلّى فيه ، والمقيم فيه كالمقيم في فسطاط رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وما من مؤمن ولا مؤمنة إلّا وقلبه يحنّ إليه ، وما من يوم ولا ليلة إلّا والملائكة يأوون إلى هذا المسجد يعبدون الله فيه ، يا أبا محمّد أما انّي لو كنت بالقرب منكم ما صلّيت صلاة إلّا فيه ، ثم إذا قام قائمنا انتقم الله لرسوله ولنا أجمعين (٣).

٦٤ ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا عبد الله بن محمد الصّائغ ، حدّثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطّان ، حدثنا ابومحمد بن عبد الله بن حبيب ، حدثنا تميم بن بهلول ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مهران ، قال : قال لي الصّادق عليه السلام : إذا دخلت الكوفة فأت مسجد السّهلة ، فصلّ فيه واسأل الله حاجتك لدينك ودنياك ، فانّ مسجد السّهلة بيت إدريس عليه السّلام الذي كان يخيط فيه ويصلّي فيه ، ومن دعا الله فيه بما أحبّ قضى له

_________________________________

(١) بحار الانوار (١٠٠ / ٤٣٤ ـ ٤٣٥) ، برقم : (٢) و (٤٦ / ١٨٢) ، برقم : (٤٥).

(٢) في ق ١ و ٢ و ٤ : مريم.

(٣) بحار الانوار (٥٢ / ٣١٧) ، برقم : (١٣) و (١٠٠ / ٤٣٥) ، برقم : (٣).

٨٠