قصص الأنبياء

قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي [ قطب الدين الراوندي ]

قصص الأنبياء

المؤلف:

قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي [ قطب الدين الراوندي ]


المحقق: غلامرضا عرفانيان اليزدي الخراساني
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٧٢
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

محمّد بن أبي عمير ، عن عليّ بن يقطين ، عن رجل ، عن أبي جعفر صلوات الله عليه ، قال : أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السّلام : أتدري لم اصطفيتك بكلامي من دون خلقي ؟ قال : لا ياربّ قال : لم أجد أحداً أذلّ نفساً منك يٰا موسى ، إنّك إذا صلّيت وضعت خدّيك على التّراب (١).

١٧٨ ـ وبهذا الاسناد ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله صاحب السّابري ، عن أبي عبد الله صلوات الله عليه قال : أوحى الله تعالى الى موسى عليه السّلام يا موسى اشكرني حقّ شكري ، فقال : يا ربّ كيف أشكرك حق شكرك وليس من شكر أشكرك به إلّا وأنت أنعمت به عليّ ، فقال : يا موسى شكرتني حقّ شكري حين علمت أنّ ذلك منّي (٢).

١٧٩ ـ وباسناده عن أحمد بن محمّد ، عن عمرو بن عثمان ، عن أبي جميلة ، عن جابر ، عن أبي جعفر (٣) عليه الصّلاة والسّلام قال : أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السّلام أحببني وحبّبني إلى خلقي ، قال موسى : يا ربّ إنّك لتعلم أنه ليس أحدٌ أحبّ إليَّ منك ، فكيف لي ربّي بقلوب العباد ؟ فأوحى الله تعالى إليه فذكّرهم نعمتي وآلائي ، فانّهم لا يذكرون منّى إلّا خيراً ، فقال موسى : يا ربّ رضيت بما قضيت ، تميت الكبير وتبقي الاولاد الصّغار ، فأوحى الله إليه أما ترضى بي رازقاً وكفيلاً ؟ فقال : بلى يا ربّ نعم الوكيل ونعم الكفيل (٤).

١٨٠ ـ وعن ابن بابويه ، عن ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحجّال ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر صلوات الله عليه قال : إنّ موسى عليه السّلام سأل ربّه أن يعلمه زوال الشّمس ، فوكّل الله بها ملكاً ، فقال : يا موسى قد زالت الشّمس ، فقال موسى متى ؟ فقال حين أخبرتك وقد سٰارت خمسمائة عام والله هو الوليّ (٥).

١٨١ ـ وعن ابن بابويه ، عن أبيه ، حدّثنا سعد بن عبد الله ، عن يعقوب بن يزيد ،

_________________________________

(١) بحار الانوار (١٣ / ٨) ، برقم (٨) عن العلل وأيضاً عنه في (٨٦ / ١٩٩) ، برقم : (٨) باختلاف في بعض العبارة.

(٢) بحار الانوار (١٣ / ٣٥١) ، برقم : (٤١) و (٧١ / ٥١) ، برقم : (٧٥).

(٣) في ق ٣ : عن أبي عبد الله عليه السّلام.

(٤) بحار الانوار (١٣ / ٣٥١ ـ ٣٥٢) ، برقم : (٤٣) وص (٣٦٤) ، برقم : (٢).

(٥) بحار الانوار (١٣ / ٣٥٢) ، برقم : (٤٤) و (٥٨ / ١٦١) ، برقم : (١٦).

١٦١

عن محمّد بن أبي عمير ، عن حمزة بن حمران ، عن أبي عبد الله صلوات الله عليه ، قال : أوحى الله تعالى الى موسى صلوات الله عليه أنّه ما يتقرّب إليّ عبد بشيء أحبّ إليَّ من ثلاث خصال ، فقال موسى : وما هي يا ربّ ؟ قال : الزّهد في الدّنيا ، والورع عن محارمي ، والبكاء من خشيتي ، فقال موسى : فما لمن صنع ذلك ؟ فقال : امّا الزّاهدون في الدنيا فأحكّمهم (١) في الجنّة ، وأمّا الورعون عن محارمي فإنّي أفتش النّاس ولا اُفتّشهم ، وأمّا البكّاؤون من خشيتي ففي الرفيق الأعلى لا يشركهم فيه أحد (٢).

١٨٢ ـ وعن الصّفار ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن عليّ بن أسباط ، عن خلف بن حمّاد ، عن قتيبة الأعشى ، عن أبي عبد الله صلوات الله عليه ، قال : أوحى الله إلى موسى صلوات الله عليه كما تدين تدان ، وكما تعمل كذلك تجزى ، من يصنع المعروف إلى امرئ السّوء (٤) يجزي (٥) شرّاً (٦).

١٨٣ ـ وبهذا الاسناد قال ابوجعفر صلوات الله عليه : إنّ فيما ناجى الله تعالى به موسى عليه السّلام أن قال : إنّ الدّنيا ليست بثواب للمؤمن بعمله ولا نقمة للفاجر بقدر ذنبه ، وهي دار الظّالمين إلّا العامل فيها بالخير ، فانّها له نعمت الدّار (٧).

١٨٤ ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكلّ ، حدّثنا عبدالله بن جعفر ، حدّثنا أحمد بن محمّد ، حدّثنا رجل ، عن أبي يعقوب (٨) ، عن أبي عبد الله صلوات الله عليه ، قال : كان فيما ناجى الله تعالى به موسى : لا تركن إلى الدّنيا ركون الظالمين وركون من اتّخذها أمّاً وأباً ، يا موسى لو وكلتك إلى نفسك تنظر (٩) لها لغلب عليليك حبّ

_________________________________

(١) في ق ٢ : فأسكنهم ، وفي ق ٤ : فأحكمهم فأسكنهم.

(٢) بحار الانوار (١٣ / ٣٥٢) ، برقم : (٤٦).

(٣) في ق ٣ : من صنع.

(٤) هكذا في النّسخ ولعلّه تصحيف : إمرئٍ سوءٍ ، كما في البحار أيضاً.

(٥) في ق ١ : يجز.

(٦) بحار الانوار (١٣ / ٣٥٣) ، برقم : (٤٩) و (٧٤ / ٤١٢) ، برقم : (٢٦).

(٧) بحار الانوار (١٣ / ٣٥٣) ، برقم : (٥٠) و (٧٣ / ١٠٤) ، برقم : (٩٧).

(٨) في البحار : ابن أبي يعفور.

(٩) في ق ٢ : تنظر اليها ، وفي البحار : تنظرها.

١٦٢

الدّنيا وزهرتها ، يا موسى نافس في الخير أهله واسبقهم إليه فانّ الخير كاسمه ، واترك من الدّنيا ما بك الغنى عنه ، ولا تنظر عيناك إلى كلّ مفتون فيها مأكول إلى نفسه ، واعلم أنّ كلَّ فتنة بذرها حبّ الدّنيا ، ولا تغبطنّ أحداً برضا النّاس عنه حتّى تعلم أنّ الله عزّ وجلّ عنه راض ، ولا تغبطنّ أحداً بطاعة النّاس له واتّباعهم إيّاه على غير الخلق ، فهو هلاك له ولمن اتّبعه (١).

١٨٥ ـ وقال ابوجعفر صلوات الله عليه : قال موسى عليه السّلام : أيّ عبادك أبغض إليك ؟ قال : جيفة باللّيل بطّال بالنّهار.

وقال : قال موسى عليه السّلام لربّه : يا ربّ إن كنت بعيداً ناديت ، وإن كنت قريباً ناجيت ، قال يا موسى : أنا جليس من ذكرني ، فقال موسى : يا ربّ إنّا نكون على حٰال من الحالات في الدّنيا مثل الغائط والجنابة فنذكرك ؟ قال يا موسى : اُذكرني على كلّ حال.

وقال قال موسى عليه السّلام : يٰا ربّ ما لمن عاد مريضاً ؟ قال : أوكّل به ملكاً يعوده في قبره إلى محشره ، قال ربّ : ما لمن غسّل ميّتاً ؟ قال : أخرجه من ذنوبه كما خرج من بطن أمّه ، قال : يا ربّ ما لمن شيّع جنازة ؟ قال : أوكّل به ملائكةً معهم رايات يشيّعونه من محشره (٢) إلى مقامه ، قال : فما لمن عزّى الثّكلى ؟ قال : أظلّه في ظلّي يوم لا ظلّ إلّا ظلّي تعالى الله.

وقال فيما ناجى الله به موسى أن قال : اكرم السّائل إذا هو أتاك بشيءٍ أو ببذل يسير أو برد جميل ، فانّه قد أتاك (٣) من ليس بجنّيّ ولا إنسيّ ملك من ملائكة الرّحمن ليبلوك فيما خوّلتك (٤) ونسألك عمّا موّلتك ، فكيف أنت صانع ؟ وقال يا موسى : لخلوف (٥) فم الصّائم أطيب عند الله من ريح المسك (٦).

_________________________________

(١) بحار الانوار (١٣ / ٣٥٣ ـ ٣٥٤) ، برقم : (٥١) و (٧٣ / ١٠٥) ، برقم : (٩٨).

(٢) في ق ٤ : في المحشر.

(٣) في بعض النّسخ والبحار : يأتيك.

(٤) في ق ١ : نولتك.

(٥) في ق ١ : لخلوق.

(٦) بحار الانوار (١٣ / ٣٥٤) ، برقم : (٥٢) ومن قوله : فيما ناجى الله به موسى. إلى قوله : فكيف أنت صانع ، في الجزء (٩٦ / ١٧٤) ، برقم : (١٦).

١٦٣

فصل ـ ٦ ـ

١٨٦ ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل ، حدّثنا عبد الله بن جعفر ، عن محمّد بن الحسين ، حدّثنا الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن حبيب السّجستاني ، عن أبي جعفر صلوات الله عليه قال : إنّ في التّوراة مكتوباً فيما ناجى الله به موسى صلوات الله عليه : خفني في سرّ أمرك أحفظك من وراء عورتك ، واذكرني في خلواتك وعند سرور لذاتك أذكرك عند غفلاتك واملك غضبك عمّن ملّكتك عليه أكفّ غضبي عنك ، واكتم مكنون سرّي في سريرك ، وأظهر في علانيتك المداراة عنّي لعدوّك وعدوّي من خلقي ، يا موسى إنّي خلقتك واصطفيتك وقوّيتك وأمرتك بطاعتي ونهيتك عن معصيتي ، فان انت أطعتني أعنتك على طاعتي ، وإن أنت عصيتني لم أعنك على معصيتي ولي عليك المنّة في طاعتك ، ولي عليك الحجّة في معصيتك إيّاي.

وقال : قال موسى : يا ربّ من يسكن حظيرة القدس ؟ قال : الّذين لم تر أعينهم الزّنا ، ولم يخالط أموالهم الرّبا ، ولم يأخذوا في حكمهم الرّشا ، وقال : قال يا موسى (١) : لا تستذلّ الفقير ولا تغبط الغني بالشّيء اليسير (٢).

١٨٧ ـ وعن ابن بابويه ، عن محمّد بن علي ماجيلويه ، حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن ابن أورمة ، عن رجل ، عن عبد الله بن عبد الرحمن البصري ، عن ابن مسكان ، عن أبي عبد الله ، عن آبائه عليهم الصّلاة والسّلام قال : مرّ موسى بن عمران عليه السّلام برجل رافع يده الى السّماء يدعو ، فانطلق موسى في حاجته ، فغاب عنه سبعة أيّام ، ثم رجع اليه وهو رافع يده يدعُو ويتضرّع ويسأل حاجته ، فأوحى الله إليه يا موسى لو دعاني حتّى تسقط لسانه ما استجبت له حتّى يأتيني من الباب الّذي أمرته به (٣).

١٨٨ ـ وعن ابن بابويه ، عن أبيه ، حدثنا علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن

_________________________________

(١) في بعض النّسخ والبحار : وقد قال يا موسى.

(٢) بحار الانوار (١٣ / ٣٢٨ ـ ٣٢٩) ، برقم : (٦).

(٣) بحار الانوار (١٣ / ٣٥٥) ، برقم : (٥٣) و (٢٧ / ١٨٠) ، برقم : (٢٨).

١٦٤

أبي عمير ، عن جميل بن صالح ، عن أبي عبد الله صلوات الله عليه قال : لمّا مضى موسى صلوات الله عليه إلى الجبل أتبعه رجل من أفضل أصحابه قال : فأجلسه في أسفل الجبل وصعد موسى الجبل فناجى ربّه ، ثمّ نزل فاذا بصاحبه قد أكل السّبع وجهه وقطّعه ، فأوحى الله تعالى إليه أنّه كان له عندي ذنب ، فأردت أن يلقاني ولا ذنب له (١).

١٨٩ ـ وعن ابن أبي عمير ، عن أبي علي البصري (٢) ، عن محمّد بن قيس ، عن أبي جعفر صلوات الله عليه ، قال : أوحى الله تعالى الى موسى صلوات الله عليه : انّ من عبٰادي من يتقرّب إليّ بالحسنة فاحكمه في الجنّة ، قال : وما تلك الحسنة ؟ قال : يمشي (٣) في حاجة مؤمن (٤).

١٩٠ ـ وعن أحمد بن محمّد (٥) ، عن إبن محبوب ، عن مقاتل بن سليمان ، قال : قال أبو عبد الله صلوات الله عليه : لمّا صعد موسى عليه السّلام الى الطّور فنادى (٦) ربّه قال : ربّ أرني خزائنك ، قال : يا موسى إنّ خزائني إذا أردتُ شيئاً أن أقول له : كن فيكون ، وقال : قال : يا ربّ أيّ خلقك (٧) أبغض إليك ؟ قال : الّذي يتّهمني قال : ومِنْ خلقك مَنْ يتّهمك ؟ قال : نعم ، الّذي يستخيرني فأخيّر له ، والّذي أقضى القضاء له وهو خير له فيتّهمني (٨).

١٩١ ـ وعن ابن بابويه ، عن أبيه ، حدّثنا سعد بن عبد الله ، حدّثنا محمّد بن الحسين ابن أبي الخطّاب ، عن ابن سنان ، عن ابن مسكان ، عن الوصّافي ، عن أبي جعفر(٩)

_________________________________

(١) بحار الانوار (١٣ / ٣٥٦) ، برقم : (٥٥).

(٢) في البحار : الشّعيري ، وهو الصّحيح لما أثبتناه في محلّه وهو : (الحلقة الاولى من مشايخ الثّقات دون) البصري والثّوري كما في بعض النّسخ.

(٣) في ق ١ : السّعي.

(٤) بحار الانوار (١٣ / ٣٥٦) ، برقم : (٥٦) و (٧٤ / ٣٠٦) ، برقم : (٥٦).

(٥) في البحار في الموردين الاتيين : بالاسناد إلى الصّدوق عن ابن المتوكّل عن الحميري عن أحمد بن محمّد ....

(٦) في ق ٢ وق ٣ والبحار : فناجى.

(٧) في البحار : أيّ خلق.

(٨) بحار الانوار (١٣ / ٣٥٦) ، برقم : (٥٧) و (٧١ / ١٤٢) ، برقم : (٣٨).

(٩) في بعض النّسخ والبحار : عن ابن مسكان عن الرّضا وعن أبي جعفر عليهما السّلام ، وهو غلط لانّ ابن مسكان توفّي في أيّام أبي الحسن موسى عليه السلام. والوصّافي هو عبيد الله بن الوليد الوصّافي.

١٦٥

صلوات الله عليه قال : فيما ناجي الله موسى عليه السّلام أن قال : إنّ لي عباداً أبيحهم جنّتي وأحكّمهم فيها قال موسى : من هؤلاء الذين أبحتهم جنّتك وتحكمهم فيها ؟ قال : من أدخل على مؤمن سروراً (١).

١٩٢ ـ وعن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد (٢) ، عن فضالة ، عن إسماعيل بن أبي زياد ، عن أبي عبد الله صلوات الله عليه. قال : أوحى الله تعالى إلى موسى لا تفرح بكثرة المال ، ولا تدع ذكري على كلّ حال ، فانّ كثرة المال تُنسي الذّنوب ، وترك ذكري يُقسي القلوب (٣).

١٩٣ ـ وعن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن عمر بن يزيد ، عن أبي عبد الله صلوات الله عليه ، قال : في التّوراة مكتوب يا ابن آدم تفرَّغ لعبادتي أملأ قلبك خوفاً ، وإلّا تفرّغ لعبادتي أملأ قلبك شغلاً بالدّنيا ، ثمّ لا أسدّ فاقتك وأكِلُكَ إلى طلبها (٤).

فصل ـ ٧ ـ

( في حديث حزبيل (٥) عليه السّلام وهو مؤمن آل فرعون لمّا طلبه فرعون لعنه الله )

١٩٤ ـ أرسل فرعون رجلين في طلبه فانطلقا في طلبه ، فوجدٰاه قائماً يصلّي بين الجبال والوحوش خلفه ، فأرادا أن يعجّلاه عن صلاته ، فأمر الله دابّة من تلك الوحوش كأنّها بعيرٌ أن تحوّل بينهما وبين المؤمن ، فطردتهما عنه حتّى قضى صلاته ، فلمّا رآهما أوجس في نفسه خيفةً وقال : يا ربّ أجرني من فرعون ، فانّك إلهي عليك توكّلت وبك آمنت وإليك أنبت ، أسألك يا إلهي إن كان هذان الرّجلان يريدان بي سوءاً فسلّط عليهما فرعون وعجّل ذلك ،

_________________________________

(١) بحار الانوار (١٣ / ٣٥٦ ـ ٣٥٧) ، برقم : (٥٩) و (٧٤ / ٣٠٦) ، برقم : (٥٧).

(٢) في المورد الأوّل من البحار : عن أبيه عن سعد عن الأهوازي ، وهو غلط ، والصّحيح ما أثبتناه في المتن كما في جميع النّسخ وفي المورد الثّاني من البحار وكما في مشيخة الفقيه في الطّريق الى الحسين بن سعيد الأهوازي.

(٣) بحار الانوار (١٣ / ٣٤٢) ، برقم : (١٩) و (٧٣ / ١٤٢) ، برقم : (١٩).

(٤) بحار الانوار (١٣ / ٣٥٧) ، برقم : (٦٠) وفيه : وإن لا تفرّغ ... وفي سائر النّسخ منها ، البحار (٧١ / ١٨٢) ، برقم : (٣٩) مدغماً.

(٥) في البحار : خِربيل ـ خ ل.

١٦٦

وإن هما أراداني بخير فاهدهما ، فانطلقا حتّى دخلا على فرعون فاخبراه بالّذي عايناه فقال احدهما : ما الّذي نفعك أن يقتل فكتم عليه ، فقال الآخر : وعزّة فرعون لا أكتم عليه وأخبر فرعون على رؤوس النّاس بما رآى وكتم الآخر ، فلمّا دخل حزبيل قال فرعون للرّجلين من ربّكما ؟ قالا : أنت. فقال لحزبيل ومن ربّك ؟ قال : ربّي ربّهما ، فظنّ فرعون أنّه يعنيه فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب وسُرَّ فرعون ، وأمر بالأوّل فصلب ، فنجى الله المؤمن وآمن الآخر بموسى صلوات الله عليه حتّى قتل مع السّحرة (١).

فصل ـ ٨ ـ

( في تسع آيات موسى صلوات الله عليه )

١٩٥ ـ لمّا اجتمع رأي فرعون أن يكيد موسى فأوّل ما كاده به عمل الصّرح ، فأمَرّ هامان ببنائه حتّى اجتمع فيه خمسون ألف بنّاء ، سوى من يطبخ الآجر ، وينجّر الخشب والأبواب ، ويضرب المسامير حتّى رفع بنياناً لم يكن مثله منذ خلق الله الدّنيا ، وكان أساسه على جبل ، فزلزله الله تعالى ، فانهدم على عمّاله وأهله وكلّ من كان عمل فيه من القهارمة والعمّال ، فقال فرعون لموسى عليه السّلام : انّك تزعم أنّ ربّك عدل لا يجور أفعدله (٢) الّذي أمر ؟ فاعتزل الآن الى عسكرك ، فإِنّ النّاس لحقوُا بالجبال والرمال ، فاذا اجتمعوا تُسمِعَهُمْ (٣) رسالة ربّك ، فأوحى الله تعالى إلى موسى عليه السّلام أخّره ودعه ، فانّه يريد أن يجنّد لك الجنود لك الجنود فيقاتلك ، واضرب بينك وبينه أجلاً ، وابرز الى معسكرك يأمنوا بأمانك ، ثمّ ابنوا بنياناً واجعلوا بيوتكم قبلةً.

فضرب موسى بينه وبين فرعون أربعين ليلةً ، فأوحى الله الى موسى أنّه يجمع لك الجموع ، فلا يهولنّك شأنه فانّي أكفيك كيده ، فخرج موسى صلوات الله عليه من عند فرعون والعصٰا معه على حالها حيّة تتبعه وتنعق وتدور حوله والنّاس ينظرون إليه متعجّبين وقد ملئوا رعباً ، حتّى دخل موسى عسكره وأخذ برأسها فإذا هي عصٰا ، وجمع قومه وبنوا مسجداً.

_________________________________

(١) بحار الانوار (١٣ / ١٦٢ ـ ١٦٣) ، برقم : (٦).

(٢) في ق ١ : أفعدل.

(٣) في ق ١ وق ٢ : فأسمعهم.

١٦٧

فلمّا مضى الأجل الّذي كان بين موسى وفرعون أوحى الله تعالى إلى موسى صلوات الله عليه أن اضرب بعصاك النّيل ، وكانوا يشربون منه ، فضربه فتحوّل دماً عبيطاً ، فاذا ورده بنو اسرائيل استقوا ماءاً صافياً ، وإذا ورده آل فرعون اختضبت أيديهم واسقيتهم بالدّم ، فجهدهم العطش حتّى أنّ المرأة من قوم فرعون تستقي من نساء بني إسرائيل ، فاذا سكبت الماء لفرعونيّة تحوّل دماً ، فلبثوا في ذلك أربعين ليلة ، وأشرفوا على الموت واستغاث (١) فرعون وآله بمضغ الرّطبة ، فصير ماؤها مالحاً ، فبعث فرعون إلى موسى : ادع لنا ربّك يعيد لنا هذا الماء صافياً ، فضرب موسى بالعصٰا النّيل ، فصار ماءاً خالصاً. هذا (٢) قصّة الدّم.

وأمّا قصّة الضّفادع ، فانّه تعالى أوحى إلى موسى أن يقوم إلى شفير النّيل حتّى يخرج كلّ ضفادع خلقه الله تعالى من ذلك الماء ، فأقبلت تدبّ سراعاً تؤمّ أبواب المدينة ، فدخلت فيها حتّى ملأت كلّ شيء ، فلم تبق دار ولا بيت ولا إناء إلّا امتلأت ضفادع ، ولا طعام ولا شراب إلّا في ضفادع ، حتّى غمّهم ذلك وكادوا يموتون ، فطلب فرعون إلى موسى صلوات الله عليه أن يدعوا ربّه ليكشف البلاء ، واعتذر اليه من الخلف ، فأوحى الله تعالى إلى موسى أن أسعفه ، فأناف (٣) موسى بالعصٰا ، فلحق جميع الضّفادع بالنّيل.

وأمّا قصّة الجراد والقمّل ، فانّه تعالى أوحى إلى موسى عليه السّلام أن ينطلق إلى ناحية من الأرض ويشير بالعصٰا نحو المشرق وأخرى نحو المغرب ، فانبثّ (٤) الجراد من الافقين جميعاً ، فجاء مثل الأسود ، وذلك في زمان الحصاد ، فملأ كلّ شي وغمّ الزّرع ، فأكله وأكل خشب البيوت وأبوابها ومسامير الحديد والأقفال والسّلاسل ، ونكت موسى الأرض بالعصا ، فامتلأت فصار وجه الأرض أسود وأحمر ، حتّى أنّ ثيابهم ولحفهم وآنيتهم فتجيء من أصله (٥) وتجىءُ من رأس الرّجل ولحيته وتأكل كلّ شيءٍ ، فلمّا رأوا الّذي نزل من البلاء اجتمعوا إلى فرعون ، وقالوا : ليس من بلاء إلّا ويمكن الصّبر عليه إلّا الجوع ، فانّه بلاء فاضح

_________________________________

(١) في هامش ق ٤ : واشتغل وفي ساير النّسخ حتّى البحار : واستغاث والظّاهر : واستعان. على ما يستدعيه معنى العبارة.

(٢) في ق ١ : هذه.

(٣) أي : أشار بها.

(٤) في ق ٣ والبحار : فانبثق.

(٥) في البحار (١٣ / ١١٥) : حتى ملئت ثيابهم ولحفهم وآنيتهم فتجيء متواصلة.

١٦٨

لا صبر لأحد عليه ، ما أنت صانع ؟ فأرسل فرعون إلى موسى عليه السّلام بجنده أنّه لم يجتمع له أمره الّذي أراد ، فأوحى الله تعالى إلى موسى أن لا تدع له حجّةً وأن ينظره ، فأشار بعصاه فانقشع (١) الجراد والقمل من وجه الأرض.

وأمّا الطّمس ، فانّ موسى صلوات الله عليه لمّا رآى آل فرعون لا يزيدون إلّا كفراً دعا موسى عليهم ، فقال : ربّنا إنّك أتيت فرعون وملأه زينةً وأموالاً في الحياة الدّنيا ربّنا اطمس على أموالهم ، فطمس الله أموالهم حجارةً ، فلم يبق لهم شيئاً ممّا خلق الله تعالى يملكونه ، ولا حنطةً ولا شعيراً ، ولا ثوباً ولا سلاحاً ، ولا شيئاً من الأشياء إلّا صار حجارةً.

وأمّا الطّاعون ، فانّه أوحى الله تعالى إلى موسى إنّي مرسل على (٢) أبكار آل فرعون في هذه اللّيلة الطّاعون ، فلا يبقى بآل فرعون من إنسان ولا دابة إلّا قتله ، فبشّر موسى قومه بذلك ، فانطلقت العيون إلى فرعون بالخبر ، فلمّا بلغه الخبر قال لقومه : قولوا لبني إسرائيل : إذا أمسيتم فقدّموا أبكاركم وقدّموا أنتم أبكاركم واقرنوا كلّ بكرين في سلسلة ، فانّ الموت يطرقهم ليلاً ، فاذا وجدهم مختلطين لم يدر بايّهم يبطش ، ففعلوا ، فلمّا جنّهم اللّيل أرسل الله تعالى الطّاعون ، فلم يبق منهم إنسان ولا دابة إلّا قتله ، فأصبح أبكار آل فرعون جيفاً وأبكار بني إسرائيل أحياءً سالمين ، فمات منهم ثمانون ألفاً سوى الدوّاب.

وكان لفرعون من أثاث الدّنيا وزهرتها وزينتها ومن الحلّي والحلل مالا يعلمه إلّا الله تعالى ، فأوحى الله جلّت عظمته إلى موسى صلوات الله عليه إنّي مورث بني إسرائيل ما في أيدي آل فرعون ، فقل لهم : ليستعيروا منهم الحليّ والزّينة ، فانّهم لا يمتنعون من خوف البلاء ، وأعطى فرعون جميع زينة أهله وولده ومٰا كان في خزائنة ، فاوحى الله تعالى إلى موسى بالمسير بجميع ذلك حتّى كان من الغرق بفرعون وقومه ما كان (٣).

فصل ـ ٩ ـ

( في قصّة قارون )

١٩٥ ـ أمر موسى عليه السّلام قارون أن يعلق في رداءه خيوطاً خضراً ، فلم يطعه

_________________________________

(١) وانقشع : تفرق.

(٢) في ق ٢ وق ٤ خ ل : إلى.

(٣) بحار الانوار (١٣ / ١١٣ ـ ١١٦) ، برقم : (١٦).

١٦٩

واستكبر وقال : إنّما يفعل ذلك الأرباب بعبيدهم كيما يتميّزوا ، وخرج على موسى في زينته على بغلة شهباء ، ومعه أربعة آلاف مقاتل وثلاثمائة وصيفة عليهنّ الحليّ ، وقال لموسى : أنا خير منك ، فلمّا رآى ذلك موسى قال لقارون : أبرز بنا فادع عليَّ وأدعوا عليك ـ وكان ابن عمّ لموسى عليه السّلام لحّاً (١) ـ فأمر الأرض فأخذت قارون إلى ركبتيه ، فقال : أنشدك الله والرّحم يا موسى ، فابتلعته الأرض وخسف به وبداره (٢).

١٩٦ ـ وعن محمّد بن السّايب ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس رضي الله عنه قال : كان قارون ابن عمّ موسى عليه السّلام وكانت في زمان موسى امرأة بغيّ لها جمال وهيئة ، فقال لها قارون : أعطيك مائة ألف درهم وتجيئين غداً إلى موسى وهو جالس عند بني إسرائيل يتلو عليهم التّوراة فتقولين : يا معشر بني إسرائيل إنّ موسى دعاني إلى نفسه فأخذت منه مائة ألف درهم ، فلمّا أصبحت جاءت المرأة البغيّ فقامت على رؤوسهم وكان قارون حضر في زينته فقالت المرأة : يا موسى إنّ قارون أعطاني مائة ألف درهم على أن أقول بين بني إسرائيل على رؤوس الأشهاد أنّك دعوتني إلى نفسك ومعاذ الله ان تكون دعوتني ، لقد أكرمك الله عن ذلك فقال موسى للارض : خذيه فأخذته وابتلعته ، وإنّه ليتخلخل (٣) ما بلغ ولله الحمد (٤).

فصل ـ ١٠ ـ

١٩٧ ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا محمّد بن القاسم الاسترآبادي ، حدّثنا يوسف بن محمّد بن زياد ، عن أبيه ، عن الحسن بن علي صلوات الله عليهما في قوله تعالى جلّ ذكره : « وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَىٰ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ » (٥) قال : كان موسى عليه السّلام يقول لبني اسرائيل : إذا فرّج الله عنكم وأهلك أعداءكم أتيتكم بكتاب من عند ربّكم يشتمل على أوامره ونواهيه ومواعظه وعبره وأمثاله ، فلمّا فرّج الله عنهم أمره الله أن يأتي الميعاد ،

_________________________________

(١) اللّح بفتح اللّام : الملاصق بالنّسب ، وهذه الكلمة سقطت عن ق ٣ والبحار.

(٢) بحار الانوار (١٣ / ٢٥٣) ، برقم : (٣).

(٣) في ق ٣ والبحار : ليتجلجل ، وفي ق ٤ : لتخلخل ، وفي ق ٢ : فتخلخل.

(٤) بحار الانوار (١٣ / ٢٥٣ ـ ٢٥٤) ، برقم : (٤).

(٥) الآية : ٥١ ، سورة البقرة.

١٧٠

وأوحى إليه أن يعطيه الكتاب بعد أربعين ، فجاء السّامري فشبّه على مستضعفي بني إسرائيل ، فقال : وعدكم موسى أن يرجع إليكم عند أربعين ، وهذه عشرون ليلة وعشرون. يوماً تمت أربعين (١) أخطأ موسى ، وأراد ربّكم أن يريكم أنّه قادر على أن يدعوكم إلى نفسه بنفسه ، وأنّه لم يبعث موسى لحاجة منه إليه ، فأظهر العجل الّذي عمله ، فقالوا له : كيف يكون العجل إلهنا ؟ قال : إنّها هذا العجل يكلّمكم منه ربّكم كما تكلّم (٢) موسى من الشّجرة فضلّوا بذلك ، فنصب السّامري عجلاً مؤخّره إلى حائط ، وحفر في الجانب الآخر في الأرض [ وأجلس فيه ] (٣) بعض مردته ، فهو الّذي يضع فاه (٤) على دبره ويكلّم بما تكلّم لمّا قال : هذا إلهكم وإله موسى.

ثم إنّ الله تعالى أبطل تمويه السّامري ، وأمر الله أن يقتل من لم يعبده من عبده ، فاستسلم المقتولون وقال القاتلون : نحن أعظم مصيبةً منهم نقتل بأيدينا آباءنا وأبناءنا وإخواننا وقراباتنا ، فلمّا استمرّ القتل فيهم فهم ستّمائة ألف إلّا اثنى عشر ألفاً الّذي لم يعبدوا العجل ، فوقف الله بعضهم فقال لبعض : أو ليس الله قد جعل التّوسل بمحمّد وآله أمراً لا يخيب معه طالبه وهكذا توسّلت الأنبياء والرّسل ، فما بالنا لا نتوسّل ، فضجّوا يا ربّنا بجاه محمّد الاكرم ، وبجاه علي الأفضل الأعلم ، وبجاه فاطمة الفضلى ، وبجاه الحسن والحسين ، وبجاه الذّرية الطّيبين من آل طه وياسين ، لمّا غفرت لنا ذنوبنا وغفرت هفواتنا وأزلت هذا القتل عنّا ، فنودي موسى عليه السّلام كفّ عن القتل (٥).

فصل ـ ١١ ـ

١٩٨ ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، حدّثنا إبراهيم بن هاشم ،

_________________________________

(١) في البحار : أربعون.

(٢) في ق ٣ والبحار : كلم وفي ق ٢ : يكلم.

(٣) الزّيادة من البحار فقط.

(٤) في ق ٢ : فمه.

(٥) بحار الانوار (١٣ / ٢٣٠ ـ ٢٣١) ، برقم : (٤٢) ، وص (٢٣٤ ـ ٢٣٥) عن التفسير المنسوب الى الامام العسكري ، وراجع التفسير ص (٩٩ ـ ١٠١).

١٧١

عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر صلوات الله عليه ، قال : لمّا انتهى بهم موسى عليه السلام إلى الأرض المقدّسة ، قال لهم : ادخلوا فأبوا أن يدخلوها ، فتاهوا في أربعة فراسخ أربعين سنة ، وكانوا إذا أمسوا نادى مناديهم أمسيتم الرّحيل (١) ، حتّى إذا انتهى إلى مقدار ما أرادوا أمر الله الارض ، فدارت بهم إلى منازلهم الأولى ، فيصبحون في منزلهم الّذي ارتحلوا منه ، فمكثوا بذلك أربعين سنة ينزل عليهم المنّ والسّلوى ، فهلكوا فيها أجمعين إلّا رجلين يوشع بن نون وكالب بن يوفنا (٢) الّذين أنعم الله عليهما ، ومات موسى وهارون صلوات الله عليهما ، فدخلها يوشع بن نون وكالب وأبناؤهما ، وكان معهم حجر كان موسى يضربه بعصاه ، فينفجر منه الماء لكل سبط عين (٣).

١٩٩ ـ وبالاسناد المتقدّم ، عن وهب بن منبّه ، عن ابن عبّاس رضي الله عنه قال : قال بنو إسرائيل لموسى عليه السّلام حين جاز بهم البحر : خبّرنا يا موسى بأيّ قوّة وبأيّ عدّة وعلى أيّ حمولة تبلغ الأرض المقدّسة ومعك الذّرية والنّساء والهرمى والزّمني ؟ فقال موسى عليه السّلام : ما أعلم قوماً ورّثه الله من عرض الدّنيا ما ورّثكم ، ولا أعلم أحداً آتاه منها مثل الّذي آتاكم ، فمعكم من ذلك مالا يحصيه إلّا الله تعالى ، وقال موسى : سيجعل الله لكم مخرجاً ، فاذكروه وردّوا إليه اُموركم ، فانّه أرحم بكم من أنفسكم ، قالوا : فادعه يطعمنا ويسقينا ويكسنا ويحملنا من الرّجلة ويظلّلنا من الحرّ ، فأوحى الله تعالى إلى موسى قد أمرت السّماء أن يمطر عليهم المنّ والسّلوى ، وأمرت الرّيح أن تنشف لهم السّلوى ، وأمرت الحجارة أن تنفجر ، وأمرت الغمام أن تظلّهم ، وسخرت ثيابهم أن تثبت بقدر ما يثبتون (٤) ، فلمّا قال لهم موسى ذلك سكتوا ، فسار بهم موسى فانطلقوا يؤمّون الأرض المقدّسة وهي فلسطين ، وإنّما قدّسها ، لأنّ يعقوب عليه السّلام وُلد بها ، وكانت مسكن أبيه اسحاق عليه السّلام ، ويوسف عليه السّلام ولد بها ، ونقلوا كلّهم بعد الموت إلى أرض فلسطين(٥).

_________________________________

(١) في ق ٣ : كرر الرحيل.

(٢) في ق ١ : باقنا ، وفي ق ٤ وق ٥ : باقنا.

(٣) بحار الانوار (١٣ / ١٧٧ ـ ١٧٨) ، برقم : (٦).

(٥) في ق ٣ : أن تنبت بقدر ما يلبسون ، وفي البحار : أن تنبت بقدر ما ينبتون.

(٥) بحار الانوار (١٣ / ١٧٨) ، برقم : (٧).

١٧٢

فصل ـ ١٢ ـ

( في حديث بلعم بن باعورا (١) )

٢٠٠ ـ عن ابن بابويه ، عن أبيه ، حدّثنا سعد بن عبد الله ، ومحمّد بن يحيى العطّار ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي ، عن عبد الرّحمن بن سيّابة ، عن عمّار بن معاوية الدّهني رفعه ، قال : فتحت مدائن الشّام على يوشع بن نون ، ففتحها مدينة مدينة حتّى انتهى الى البلقاء ، فلقوا فيها رجلاً يقال له : بالق ، فجعلوا يخرجون يقاتلونه لا يقتل منهم رجل ، فسأل عن ذلك فقيل : إنّ فيهم امرأةً عندها علم ، ثمّ سألوا يوشع الصّلح ، ثمّ انتهى إلى مدينة أخرى ، فحصرها فأرسل صاحب المدينة الى بلعم ودعاه.

فركب حماره إلى الملك ، فعثر حماره تحته ، فقال لِم عثرت فكلّمه الله فقال : لِمَ لا أعثر وهذا جبرئيل بيده حربة ينهاك عنهم ، وكان عندهم أنّ بلعم أوتي الاسم الأعظم ، فقال الملك : ادع عليهم وهو المنافق الّذي روي أنّ قوله تعالى : « وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا » نزل فيه فقال لصاحب المدينة : ليس للدّعاء عليهم سبيل ولكن أُشير عليك أن تزّين النّساء وتأمرهنّ أن يأتين عسكرهم فتتعرّض الرّجال ، فانّ الزّنا لم يظهر في قوم قطّ إلّا بعث الله عليهم الموت ، فلمّا دخل النّساء العسكر وقع الرّجال بالنّساء ، فاوحى الله إلى يوشع إن شئت سلّطت عليهم العدوّ ، وإن شئت أهلكتهم بالسّنين ، وان شئت بموت حثيث عجلان ، فقال : هم بنو إسرائيل لا احب أن يسلط الله عليهم عدوهم ، ولا أن يهلكهم بالسّنين ، ولكن بموت حثيث عجلان. قال : فمات في ثلاث ساعات سبعون ألفاً بالطّاعون (٢).

فصل ـ ١٣ ـ

٢٠١ ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أحمد بن عليّ بن إبراهيم ، حدّثنا أبي ، حدّثنا

_________________________________

(١) في البحار وبعض النّسخ : باعور. وفي بعض آخر : باعورا.

(٢) بحار الانوار (١٣ / ٣٧٨ ـ ٣٧٩) ، برقم : (٢) ، والاية : ١٧٥ ، سورة الاعراف.

١٧٣

جدّي ، عن علي بن معبد ، عن الحسين بن خالد ، عن الرّضا ، عن آبائه عليهم السّلام عن رسول الله صلّى الله عليه وآله : لكلّ أمّة صدّيق وفاروق وصدّيق هذه الأمّة وفاروقها عليّ بن أبي طالب ، انّ علياً سفينة نجاتها وباب حطّتها ، وأنّه يوشعها وشمعونها وذو قرنيها. معاشر النّاس إنّ عليّاً خليفة الله وخليفتي عليكم بعدي وأنّه لأمير المؤمنين وخير الوصيّين من نازعه نازعني ، ومن ظلمه ظلمني ، ومن برّه برّني ، ومن جفاه فقد جفاني (١).

٢٠٢ ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطّالقاني ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد مولى بني هاشم ، حدّثنا جعفر بن عبد الله بن جعفر بن محمّد ، حدّثنا كثير بن عيّاش القطّان ، عن زياد بن المنذر ، عن الباقر عليه السلام قال في قوله تعالى : « وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا » : إنّ ذلك حين فصل موسى من أرض التّيه فدخلوا العمران ، وكان بنو إسرائيل أخطؤا خطيئةً ، فأحبّ الله أن ينقذهم منها إن تابوا ، فقال لهم : إذا انتهيتم إلى باب القرية فاسجدوا وقولوا : حطةٌ ، تنحط عنكم خطاياكم ، فأمّا المحسنون ففعلوا ما اُمروا به ، وأمّا الّذين ظلموا فزعموا حنطة حمراء ، فبدّلوا فأنزل الله تعالى عليهم (٢) رجزاً (٣).

فصل ـ ١٤ ـ

( في وفاة هارون وموسى صلوات الله عليهما )

٢٠٣ ـ وعن ابن بابويه ، عن أبيه ، حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عمّن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال قال موسى لهارون عليهما السلام : امض بنا إلى جبل طور سيناء ، ثمّ خرجا فاذا بيت على بابه شجرة عليها ثوبان (٤) ، فقال موسى لهارون : اطرح ثيابك وادخل هذا البيت وَالبس هاتين الحلّتين ونم

_________________________________

(١) بحار الانوار (٣٨ / ١١٢) ، برقم : (٤٧) عن العيون ، وراجع العيون (٢ / ١٣) ، رواه بأسانيد عديدة مع زيادة. واثبات الهداة (٢ / ١٣٠) ، برقم : (٥٦٣) ، والاية : ٥٨ ، سورة البقرة.

(٢) كذا في ق ٣ ، وفي غيره من النّسخ : فبدّلوا ما أنزل الله تعالى رجزاً. وفي البحار : فبدّلوا فأنزل الله تعالى رجزاً.

(٣) بحار الانوار (١٣ / ١٧٨) ، برقم : (٨).

(٤) كذا في البحار وهو الصّحيح ، وفي جميع النّسخ المخطوطة : كثبان. وهو جمع الكثب وأتى بمعنى : طائفة من طعام. فيمكن تصحيح : كثبان ، بهذا المعنى من بين معانيه.

١٧٤

على السرّير ، ففعل هارون ، فلمّا أن نام على السّرير قبضه الله إليه وارتفع البيت والشّجرة.

ورجع موسى إلى بني إسرائيل ، فأعلمهم أنّ الله قبض هارون ورفعه إليه ، فقالوا : كذبت أنت قتلته ، فشكى موسى عليه السلام ذلك إلى ربّه ، فأمر الله تعالى الملائكة فأنزلته على سرير بين السّماء والأرض حتّى رأته بنو إسرائيل ، فعلموا أنّه مات (١).

٢٠٤ ـ وباسناده ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنّ ملك الموت أتى موسى عليه السّلام فسلّم عليه ، فقال : من أنت ؟ فقال : انا ملك الموت ، قال : فما جاء بك ؟ قال : جئت لأقبض روحك وإنّي أُمرت أن أتركك حتّى يكون الّذي تريد ، وخرج ملك الموت فمكث موسى ما شاء الله ، ثّم دعا يوشع بن نون ، فأوصى إليه وأمره بكتمان أمره ، وبأن يوصي بعده إلى من يقوم بالأمر وغاب موسى عليه السلام عن قومه ، فمرّ في غيبته فرآى ملائكة يحفرون قبراً ، قال : لمن تحفرون هذا القبر ؟ قالوا : نحفره والله لعبد (٢) كريم على الله تعالى ، فقال : إنّ لهذا العبد من الله لمنزلةً ، فانّي ما رأيت مضجعاً ولا مدخلاً أحسن منه ، فقالت الملآئكة : يا صفيّ الله أتحبّ أن تكون ذلك ؟ قال : وددت ، قالوا : فادخل واضطجع فيه ثمّ توجّه إلى ربّك ، فاضطجع فيه موسى عليه السّلام لينظر كيف هو فكشف له عن (٣) الغطاء فرآى مكانه في الجنّة فقال يا ربّ : اقبضني إليك فقبضه ملك الموت ودفنه وكانت الملآئكة صلّت عليه فصاح صائح من السّماء مٰات موسى كليم الله وأيّ نفس لا تموت. فكان بنو إسرائيل لا يعرفون مكان قبره ، فسئل رسول الله صلّى الله عليه وآله عن قبره قال : عند الطّريق الأعظم عند الكثيب الأحمر (٤).

فصل ـ ١٥ ـ

( في خروج صفراء على يوشع بن نون بعد وفاة موسى عليهما السّلام )

٢٠٥ ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أبي ، حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار عن الحسين بن

_________________________________

(١) بحار الانوار (١٣ / ٣٦٨) ، برقم : (١٣).

(٢) في ق ٢ : فقالوا لعبد كريم.

(٣) في ق ٢ وق ٤ وق ٥ والبحار : من.

(٤) بحار الانوار (١٣ / ٣٦٨ ـ ٣٦٩) ، برقم : (١٢) ورواه الصّدوق في الامالي المجلس (٤١) ، برقم : (٢).

١٧٥

الحسن بن أبان ، عن ابن أورمة باسناده إلى أبي جعفر عليه السلام قال : إنّ امرأة موسى عليه السلام خرجت على يوشع بن نون راكبة زرّافة فكان لها أوّل النّهار وله آخر النّهار ، فظفر بها فأشار عليه بعض من حضرة بمٰا لا ينبغي فيها فقال : أبعد مضاجعة موسى لها ؟ ولكن أحفظه فيها (١).

٢٠٦ ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أحمد بن الحسن العطّار (٢) ، حدّثنا الحسن بن عليّ السّكري ، حدّثنا محمّد بن زكريّا البصري ، حدّثنا جعفر بن محمّد بن عمارة ، عن أبيه قال : قال الصّادق عليه السلام : إنّ يوشع بن نون قام بالأمر بعد موسى صابراً من الطّواغيت على اللّأواء (٣) والضّراء والجهد والبلاء ، حتّى مضى منهم ثلاث طواغيت ، فقوى بعدهم أمره ، فخرج عليه رجلان من منافقي قوم موسى بصفراء امرأة موسى في مائة ألف رجل فقاتلوا يوشع ، فغلبهم وقتل منهم مقتلة عظيمة وهرب الباقون بإِذن الله وأسر صفراء (٤) ، وقال : قد عفوت عنك في الدّنيا الى أن ألقي نبيّ الله موسى فأشكو إليه ما لقيت منك (٥) ، فقالت صفراء : واويلاه والله لو اُبيحت لي الجنّة لاستحييت أن أرى رسول الله وقد هتكت حجابه على وصيّه بعده (٦).



_________________________________

(١) بحار الانوار (١٣ / ٣٦٩) ، برقم : (١٥) وروي نحوه مع زيادة : المسعودي في إثبات الوصيّة ص (٥٢).

(٢) وفي البحار : القطّان. ولكن الوارد في مشايخ الصّدوق : أحمد بن الحسن العطّار.

(٣) كذا في النّسخ : فما عن بعض من أنّها « على الأذى » فهو تصحيف. واللّأواء كما في نهاية ابن الاثير ـ آخذا للكلمة من : لأوّ ـ بمعنى الشّدة وضيق المعيشة الجزء (٤ / ٢٢١) وفي أقرب الموارد بمعنى الشّدة والمحنة ، وهي فعلاء من اللّاي.

(٤) في البحار : وأسر صفراء بنت شعيب. والنّسخ الخطيّة خالية من قوله : بنت شعيب.

(٥) في البحار : الى أن نلقي نبي الله موسى فاشكو ما لقيت منك ومن قومك.

(٦) بحار الانوار (١٣ / ٣٦٦).

١٧٦

الباب التاسع

( في بني إسرائيل )

٢٠٧ ـ وعن ابن بابويه ، عن أبيه ، حدّثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن علي ، عن أبي جميلة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : كان في بني إسرائيل عابد يقال له : جريح وكان يعبد الله في صومعة ، فجاءته أمّه وهو يصلّي ، فدعته فلم يجبها ولم يكلّمها ، فانصرفت وهي تقول (١) : أسأل إله بني إسرائيل أن يخذلك ، فلمّا كان من الغد جاءت فاجرة وقعدت عند صومعته قد أخذها الطّلق ، فادّعت أنّ الولد من جريح ، ففشا في بني إسرائيل أنّ من كان يلوم النّاس على الزّنا زنى ، وأمر الملك بصلبه ، فأقبلت أمّه إليه تلطم وجهها ، فقال لها : اسكتي إنّما هذا لدعوتك ، فقال النّاس لمّا سمعوا منه ذلك : وكيف لنا بذلك ؟ قال : هاتوا الصّبيّ ، فجاؤوا به فأخذته ، فقال : من أبوك ؟ فقال : فلان الرّاعي لبني فلان ، فأكذب الله الّذين قالوا ما قالوا في جريح ، فحلف جريح أن لا يفارق أمّه يخدمها (٢).

٢٠٨ ـ وباسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن عليّ ، عن فضل بن محمّد الأشعري ، عن مسمع ، عن أبي الحسن ، عن أبيه عليهما السّلام قال : كان رجل ظالم ، فكان يصل الرّحم ويحسن على رعيّته ويعدل في الحكم ، فحضر أجله فقال : ربّ حضر أجلي وابني صغير فمدّد لي في عمري ، فأرسل الله إليه انّي قد أنشأت لك في عمرك

_________________________________

(١) في البحار : فانصرفت ثم أتته ودعته ، فلم يلتفت اليها فانصرفت ، ثم أتته ودعته فلم يجبها ولم يكلمها. فانصرفت وهي تقول ....

(٢) بحار الانوار (١٤ / ٤٨٧) ، برقم : (١). و (٧٤ / ٧٥ ـ ٧٦) ، برقم : (٦٨).

١٧٧

اثنتي عشرة سنة ، وقيل له : الى هذا يشبّ (١) ابنك ويعلم من كان جاهلاً ويستحكم على من لا يعلم (٢).

٢٠٩ ـ وعن ابن بابويه ، عن محمّد بن الحسن ، حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن الحكم بن مسكين ، عن النّعمان بن يحيى الأزرق ، عن أبي حمزة الثّمالي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : إنّ ملكاً من بني إسرائيل قال : لأبنينّ مدينةً لا يعيبها أحدٌ ، فلمّا فرغ من بنائها اجتمع رأيهم على أنّهم لم يروا مثلها قطّ ، فقال له رجل : لو آمنتني على نفسي أخبرتك بعيبها فقال : لك الأمان. قال : لها عيبان أحدهما : أنك تهلك عنها ، والثّاني : انّها تخرب من بعدك فقال الملك : وأيّ عيب أعيب من هذا ثمّ قال : فما نصنع قال : تبني ما يبقى ولا يفنى ، وتكون شابّاً لا تهرم أبداً فقال الملك لابنته ذلك فقالت : ما صدقك أحد غيره من أهل مملكتك (٣).

٢١٠ ـ وعن ابن بابويه ، عن أبيه ، حدّثنا عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن بكير ، عن عبد الملك بن أعين ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : كان في بني إسرائيل رجل وكان له بنتان ، فزوّجهما من رجلين ، واحد زرّاع وآخر يعمل الفخار ، ثمّ إنّه زارهما ، فبدأ بامرأة الزرّاع ، فقال لها : كيف حالك ؟ قالت : قد زَرَعَ زوجي زرعاً كثيراً ، فإِن جاء الله بالسّماء فنحن أحسن بني اسرائيل حالاً ، ثمّ ذهب إلى أخرى ، فسألها عن حالها ، فقال : قد عمل زوجي فخاراً كثيراً ، فإن أمسك الله السّماء عنّا ، فنحن أحسن بني إسرائيل حالاً ، فانصرف وهو يقول : « أللّهمّ أنت لهما » (٤).

٢١١ ـ وبإسناده عن ابن أبي عمير رفعه ، فقال : التقى ملكان فقال أحدهما لصاحبه : أين تريد ؟ قال : بعثني ربّي أحبس السّمك ، فإِنّ فلان الملك اشتهى سمكة ، فأمرني أن أحبسه له ليؤخذ له الّذي يشتهي منه ، فأنت أين تريد ؟ قال : بعثني ربّي إلى

_________________________________

(١) هكذا في البحار. وفي ق ١ : وقيل له : ما يشبّ ... وفي بقيّة النّسخ : إلى هذا ما يشبّ ... وعلى وجود كلمة : ما فهي ليست للنّفي.

(٢) بحار الانوار (٧٥ / ٣٤٦) ، برقم : (٤٧).

(٣) بحار الانوار (١٤ / ٤٨٧ ـ ٤٨٨) ، برقم : (٢) و (٧٥ / ٣٤٦) ، برقم : (٤٨).

(٤) بحار الانوار (١٤ / ٤٨٨) ، برقم : (٣).

١٧٨

فلان العابد ، فانّه قد طبخ قدراً وهو صائم فأرسلني ربّي أن اُكفئها (١).

فصل ـ ١ ـ

٢١٢ ـ وعن ابن بابويه ، عن محمّد بن علي ماجيلويه ، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم ، عن محمّد بن علي الكوفي ، عن محمّد بن سنان ، عن النّضر بن قرواش ، عن إسحاق بن عمّار ، عمّن سمع أبا عبد الله عليه السلام يحدّث قال : مرّ عالم بعابد وهو يصلّي ، فقال : يا هذا كيف صلاتك ؟ قال : مثلي يسأل عن هذا ؟ قال : ثمّ بكى قال : وكيف بكاؤك ؟ فقال : إنّي لأبكي حتّى تجري دموعي ، فضحك العالم وقال : تضحك وأنت خائف من ربّك أفضل من بكائك وأنت مدلّ بعملك ، إنّ المدلّ بعمله ما يصعد منه شيء وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله : حدّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج (٢).

٢١٣ ـ وباسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن عليّ ، عن الحسن بن جهم ، عن رجل ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : كان في بني إسرائيل رجل يكثر أن يقول : الحمد لله ربّ العالمين والعاقبة للمتّقين. فغاظ إبليس ذلك ، فبعث إليه شيطاناً ، فقال : قل : العاقبة للأغنياء فجاءه فقال ذلك ، فتحاكما إلى أوّل من يطّلع عليهما على قطع يد الّذي يحكم عليه ، فلقيا شخصاً فاخبراه بحالهما فقال : العاقبة للأغنياء ، فرجع (٣) وهو يحمد الله ويقول : العاقبة للمتّقين ، فقال له : تعود أيضاً فقال : نعم على اليد الاخرى فخرجا فطلع الآخر فحكم عليه أيضاً فقطعت يده الأخرى ، وعاد أيضاً يحمد الله ويقول : العاقبة للمتّقين فقال له : تحاكمني على ضرب العنق ؟ فقال : نعم فخرجا فرأيا مثالاً فوقفا عليه ، فقال : إنّي كنت حاكمت هذا وقصّا عليه قصّتهما قال : فمسح يديه فعادتا ثمّ

_________________________________

(١) بحار الانوار (٦٧ / ٢٣١) ، برقم : (٤٤). فيه وفي سائر النّسخ : ربّي أكفاؤها ، غير أنّ في نسخة ق ١ : أن اكفائها.

(٢) بحار الانوار (٧٢ / ٣١٧ ـ ٣١٨) ، برقم : (٢٩). أقول : ألفاظ الخبر في النّسخ مشوّشة والمتن الحاضر مستفاد من مجموعها وإطلاق ذيله : حدّثوا ... مقيّدٌ بالخبر الآتي المرقم (٢٣٤ م).

(٣) كذا في النّسخ. والظّاهر سقوط جملةٍ قبل قوله : فرجع. وهي إمّا : فقطعت إحدى يديه ـ أو ـ فحكم عليه وقطعت منه يد واحدة. وفي ذيل البحار (١٤ / ٤٨٨) عن قصص الأنبياء للجزائري : قطع يده فرجع.

١٧٩

ضرب عنق ذلك الخبيث ، وقال : هكذا العاقبة للمتّقين (١).

٢١٤ ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا محمّد بن موسى بن المتّوكل ، حدّثنا عبدالله بن جعفر ، حدّثنا أحمد بن محمّد ، عن الثّمالي (٢) ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : كان قاضٍ في بني إسرائيل رجلاً وكان يقضي فيهم بالحق ، فلمّا حضرته الوفاة قال لامرأته : إذا متّ فاغسليني وكفّنيني وغطّي وجهي وضعيني على سريري ، فانّك لا ترين سوءاً إن شاء الله تعالى ، فلمّا مات فعلت ما كان أمرها به ، ثمّ مكثت بعد ذلك حيناً ، ثمّ إنّها كشفت عن وجهه فاذا دودة تقرض من منخره ، ففزعت من ذلك ، فلمّا كان باللّيل أتاها في منامها ـ يعني رأته في النّوم ـ فقال لها : فزعتِ ممّا رأيت ؟ قالت : أجل قال : والله ما هو إلّا في أخيك ، وذلك أنّه أتاني ومعه خصم له فلمّا جلسا قلت : اللّهمّ اجعل الحق له ، فلمّا اختصما كان الحق له ففرحتُ ، فأصابني ما رأيت لموضع هواي مع موافقة الحق له (٣).

٢١٥ ـ وعن ابن بابويه ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه حدّثنا ابوأحمد : محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي العباس ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : إنّ قوماً في الزّمان الأوّل أصابوا ذنباً ، فخافوا منه فجاءهم قوم آخرون ، فقالوا : ما بالكم ؟ قالوا : أصبنا ذنوباً فخفنا منها وأشفقنا ، فقالوا : لا تخافوا نحن نحملها. فقال الله تعالى : لا تخافون وتجترئون عليّ ؟ فأنزل الله بهم العذاب (٤).

٢١٦ ـ وبهذا الاسناد عن أبي أحمد ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه

_________________________________

(١) بحار الانوار (١٤ / ٤٨٨ ـ ٤٨٩) ، برقم : (٤) و (٧٠ / ٢٩٣ ـ ٢٩٤) ، برقم : (٣٦).

(٢) كذا في النّسخ. والظّاهر سقوط الحسن بن محبوب من السّند قبل الثّمالي لأنّ المراد بأحمد بن محمّد هنا إمّا أحمد بن محمد بن عيسى ـ أو ـ أحمد بن محمّد بن خالد البرقي وهما لا يرويان عن الثّمالي أبي حمزة ثابت بن دينار المتوفّي (١٥٠) بلا واسطة وهي هنا من ذكرناه لا محالة كما يظهر ذلك من فهرستي الشّيخ والنّجاشي في تراجمهم إن قلت : يأتي في الحديث المرقم (٢٠٢) رواية ابن محبوب عنه بواسطة مالك بن عطيّة. قلت : المستفاد من الفن أنّ ابن محبوب كان يروي كان يروي كتاب الثّمالي ولم يذكر هذا في شأن ابن عطيّة وإنّما الثابت روايته عنه أما الذي نحن فيه خارج عن مثل ذلك.

(٣) بحار الانوار (١٤ / ٤٨٩) ، برقم : (٥). و (١٠٤ / ٢٧٦) ، برقم : (٥) وليس فيه : يعني رأته في النوم و التّفسير من الرّاوندي.

(٤) بحار الانوار (١٤ / ٥٠٩) روي نحوه عن الكافي ذيل الحديث برقم (٣٥).

١٨٠