العقائد الحقّة

السيد علي الحسيني الصدر

العقائد الحقّة

المؤلف:

السيد علي الحسيني الصدر


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار الغدير
المطبعة: سرور
الطبعة: ١
ISBN: 964-8485-25-1
الصفحات: ٦٦٧

الأشخاص؟

من الذي يعرف المصلِحَ من المفسد حتّى يختار من يكون فيه الصلاح الدائم بحيث لا يعتريه فساد تفسد به الطبقات البشرية الموجودة معه والأجيال الآتية بعده؟

وأخيرا هل يستطيع البشر العاجز المخطئ الظلوم تعيين ذلك؟

كلاّ! ثمّ ألف كلاّ!! لا يقدر على ذلك إلاّ اللّه تعالى الذي هو الخالق للبشر ، والعالم بسرائرهم وضمائرهم ، والخبير بمطاوي نفوسهم وعواقبهم ، والمالك لأمرهم ، والحكيم في تدبيرهم ، والعارف بإحتياجاتهم .. (وَاللّه يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنْ الْمُصْلِحِ) (١).

ومن المعلوم أنّ دينا كدين الإسلام الذي تقرّرت فيه جميع الأحكام والشرعيّات حتّى السنن والمرغّبات ، وكلّ جانب من جوانب الحياة لا يمكن أن يكون أهمل مسألة تعيين الإمام والخليفة بعد الرسول على أهمّيتها ، أو يكون أوكلَها إلى إختيار الاُمّة بما فيها الحثالة الجاهلة ، كأبي عبيدة الجرّاح الذي لا يميّز الهرّ من البرّ ، ولا يعرف خير نفسه فكيف بخير الآخرين.

وقد تضمّنت أخبار السقيفة من كتب السيرة والحديث شناعة حاله ، كما أفاده في التنقيح (٢) ، وهو من أعداء أمير المؤمنين عليه‌السلام (٣).

وحديث حسّان الجمّال في الفقيه (٤) يدلّ على ذمّه ونفاقه ، فلاحظ.

__________________

(١) سورة البقرة : (الآية ٢٢٠).

(٢) تنقيح المقال : (ج٢ ص١١٤ عند ترجمته تحت عنوان عامر بن الجرّاح).

(٣) معجم رجال الحديث : (ج١٠ ص٢١٦).

(٤) من لا يحضره الفقيه : (ج٢ ص٥٥٩ ح٣١٤٤).

٣٠١

لا يمكن من اللّه الحكيم في تدبيره ، ولا من الرسول الرؤوف باُمّته أن يكون أهمل الخلافة بعده.

ومن الحوار اللطيف أنّه سأل أبو الحسن الرّفا من ابن رامين الفقيه ـ وكلاهما من علماء العامّة ـ أنّه : لمّا خرج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من المدينة ما استخلف عليها أحدا؟

قال : بلى إستخلف عليّا.

قال : وكيف لم يقل لأهل المدينة اختاروا فانّكم لا تجتمعون على الضلال!

قال : خاف عليهم الخلف والفتنة.

قال : فلو وقع بينهم فساد لأصلحه عند عودته.

قال : هذا أوثق.

قال : فاستخلف أحدا بعد موته؟

قال : لا.

قال : فموته أعظم من سفره ، فكيف أمن على الاُمّة بعد موته ما خافه في سفره وهو حي عليهم؟ فقطعه (١).

البشر ليس بقادر على التشخيص المصيب لمن هو اللائق لهذا المنصب العظيم ..

ويشهد لذلك عدم قدرتهم على نصب اللائق من جميع الجهات في الاُمور الدنيوية ، والمناصب الموقتة اليسيرة ، فكيف يمكنهم التصدّي لذلك المنصب الديني الدائمي الحسّاس؟

وكم رأينا أهل العقل والتدبير اتّفقوا على تعيين شخص لإنجاز أمرٍ تبيّن لهم بعد ذلك خطأهم في تعيينه فغيّروه وبدّلوه.

بل الأعاظم الكُمّلين لا يمكن أن يكون إختيارهم كخيرة اللّه تعالى .. ألا

__________________

(١) بحار الأنوار : (ج٢٣ ص٧٥) نقلاً عن كتاب المناقب لابن شهر آشوب.

٣٠٢

ترى أنّ النبي موسى عليه‌السلام مع جلالة قدره وعزيميّة رسالته إختار من قومه لميقات ربّه سبعين رجلاً ، ثمّ قالوا له : أرِنا اللّه جهرةً.

ولو سلّمنا قدرتهم على إنتخاب اللائق ، لكن الاُمّة لا تتّفق في الإختيار لزعم كلّ جماعة منهم أنّ هذا هو الأصلح دون ذاك ، فلا يتسنّى لهم إتّفاق الآراء مع إختلاف الأهواء.

فكيف يمكن تفويض إختيار الإمام إليهم ، ألا يؤدّي ذلك إلى التشاجر والتنافر المنتهي إلى الفتنة والفساد؟!

ثمّ إنّ الإمامة كما تقدّم هي منصب إلهي يكون بجعل اللّه وتشريعه ، كالرسالة ، وليست إعتبارا عرفيّا أو عقلائيا حتّى يجعلها العرف والعقلاء ، كما وأنّها ليست مرتبة علميّة مجرّدة حتّى يحوزها العلماء ، فلابدّ أن ينتهي تعيينها إلى من له التشريع فيقلّدها من اصطفاه من خُلّص عباده الصالحين ، وأوليائه المقرّبين.

ثمّ إنّ نفس مقتضى منصب الخلافة والوصاية والولاية في الإمام هو أن يكون بجعل اللّه تعالى ، إذ لا تتحقّق الخلافة بدون إستخلاف ، ولا تكون الوصاية بدون إيصاء ، ولا تكون الولاية بدون التولية .. ولا معنى أن يكون أحد خليفة لشخص مع إستخلافه من قِبَل الآخرين.

وحيث كانت الرسالة من اللّه فلا يصحّ أن تكون خلافتها ووصايتها والتولّي عنها إلاّ من قِبَل اللّه تعالى ..

على أنّه بالإضافة إلى ذلك يدلّ على كون تعيين الإمام بيد اللّه تعالى : الكتاب والسنّة والعقل.

٣٠٣

١ ـ أمّا الكتاب فمثل :

١ ـ قوله تعالى : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللّه وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (١).

حيث يستفاد منه أنّ المختار في اُمور الدين والدنيا هو اللّه تعالى دون خلقه ، ولا إختيار في التصرّف في ذلك .. خصوصا مع تقديم الربّ بقوله : (وَرَبُّكَ) في نسبة الخلق والإختيار إليه ونفيه عن المخلوقين.

إذ الإختيار يلزم أن يكون مع العلم بأحوال من يقع عليه الإختيار .. ولا يعلم غير اللّه تعالى جميع أحوال المختار حتّى يكون له الخيرة.

ويستفاد هذا الملاك من تلو هذه الآية التي قالت بعد ذلك (وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ) (٢) ، وفي هذا دلالة على أنّ من لا يعلم السرّ والجهر فلا إختيار له ، كما أفاده الشيخ الطبرسي في التفسير (٣).

وقد روى العلاّمة المجلسي (٤) حديث أنس بن مالك ، عن النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله في تفسير هذه الآية الشريفة بقوله :

«إنّ اللّه اختارني وأهل بيتي على جميع الخلق فانتجَبَنا ، فجعلني الرسول ، وجعل علي بن أبي طالب عليه‌السلام الوصيّ ، ثمّ قال : «ما كان لهم الخيرة» يعني ما جعلت للعباد أن يختاروا ، ولكنّي أختار من أشاء ، فأنا وأهل بيتي صفوة اللّه وخيرته من خلقه».

__________________

(١) سورة القصص : (الآية ٦٨).

(٢) سورة القصص : (الآية ٦٩).

(٣) مجمع البيان : (ج٧ ص٢٦٣).

(٤) بحار الأنوار : (ج٢٣ ص٧٤ ب٣ ح٢٢).

٣٠٤

٢ ـ قوله تعالى : (وَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاما قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (١).

حيث يستفاد منه أنّ جاعل الإمامة هو اللّه تعالى ، وأنّها عهد من اللّه تعالى ، وأنّ هذا العهد لا ينال الظالم ، ومن المعلوم أنّ العهد يكون بين الطرفين المتعاهدين فقط دون غيرهم .. وتقديم (إنّي) في الخطاب بقوله : (إنّي جاعلك) ، لا «جعلتك» يفيد إنحصار الجعل به تعالى.

وقد فسّر هذا العهد بالإمامة من قبل الخاصّة والعامّة ، فقد روي ذلك عن الإمامين الهمامين أبي جعفر الباقر وأبي عبداللّه الصادق عليهما‌السلام ، كما فسّره بها مجاهد بن جبر المكّي من العامّة ، فيما حكاه الشيخ الطوسي في التبيان (٢).

٣ ـ قوله تعالى : (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الاْءَرْضِ خَلِيفَةً) (٣) حيث يستفاد منه أيضا أنّ الخلافة الإلهية تكون بجعل اللّه تعالى ونصبه ، وأنّ هذا الجعل من شؤون اللّه تعالى شأنه ، مع أنّ مقتضى نفس الإستخلاف هو أن لا يكون إلاّ من المستخلف لا من غيره .. وخليفة الربّ يلزم أن يُنصب من جانب الربّ لا من جانب الناس ، وهذا معنى ظاهر ، لا شكّ فيه ولا رادّ عليه.

٢ ـ وأمّا السنّة :

فهي دالّة أيضا على لزوم كون تعيين الإمام من اللّه الملك العلاّم ، في أحاديث مثل :

__________________

(١) سورة البقرة : (الآية ١٢٤).

(٢) تفسير التبيان : (ج١ ص٤٤٨).

(٣) سورة البقرة : (الآية ٣٠).

٣٠٥

١ ـ حديث عبدالعزيز بن مسلم ، عن الإمام الرضا عليه‌السلام الذي ورد فيه : «إنّ الإمامة خلافة اللّه وخلافة الرسول ... فمن ذا الذي يبلغ معرفة الإمام أو يمكنه إختياره؟! هيهات! هيهات! ضلّت العقول وتاهت الحلوم ..» (١).

٢ ـ حديث سعد بن عبداللّه القمّي المتقدّم عن الإمام الحجّة عجّل اللّه تعالى فرجه (٢).

٣ ـ حديث عمرو بن الأشعث قال : سمعت أبا عبداللّه عليه‌السلام يقول : ونحن عنده في البيت نحو من عشرين رجلاً ، فأقبل علينا وقال :

«لعلّكم ترون أنّ هذا الأمر في الإمامة إلى الرجل منّا يضعه حيث يشاء ، واللّه إنّه لعهد من اللّه نزل على رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى رجال مسمّين رجل فرجل حتّى ينتهي إلى صاحبها» (٣).

٣ ـ وأمّا العقل :

فإنّه حاكم بتعيّن نصب الإمام والخليفة والوصي ممّن هو العارف بالأفضل ومن يؤمَن في إختياره من الخطأ والزلل ، ومن له الحقّ الأكمل ، وهو البصير الخبير.

وقد ثبت أنّ الإمامة من المناصب الإتّخاذية كالرسالة ، لا من المراتب الإدراكية كالعلم ، والعقل يحكم في هكذا منصب أن يكون جعله بيد الجاعل.

__________________

(١) اُصول الكافي : (ج١ ص١٩٨ ح١) ، وقد تقدّم تفصيله.

(٢) بحار الأنوار : (ج٢٣ ص٦٨ ب٣ ح٣) ، وتقد تقدّم في ص٢٣٦ من هذا الكتاب فراجع.

(٣) بحار الأنوار : (ج٢٣ ص٧٥ ب٣ ح٢٥).

٣٠٦

على أنّ العقل يرى بداهة لزوم تعيين إمام الشريعة من قبل صاحب تلك الشريعة ، وتعيين الخليفة من قبل نفس المستخلِف ، وتعيين الوصيّ من قبل شخص الموصي .. ولا معنى عقلاً لتصدّي الغير للنصب فضولة.

بل يقبح أن ينصب الغير أحدا إماما ، ثمّ يسلّطه على رقاب المسلمين ، لما عرفت من وقوع الظلم والفساد وحصول التنافر والتشاجر المبغوض عند العقل والعقلاء.

فيتعيّن أن يكون نصب الإمام والخليفة والوصي بيد اللّه تعالى العالم الخبير ، والقادر البصير ، والعارف بصلاح أمرهم وسبيل خيرهم .. وقد خلق الخلق ليرحمهم فينصب الأفضل الأكمل لهم.

واللابديّة الشرعيّة والعقليّة تقضي بأنّ اللّه تعالى قد عيّن الإمام للخليقة ونصبه للرعيّة بواسطة نبيّه الأمين صلوات اللّه عليه وآله أجمعين .. شأن سائر الاُمور التي يحتاجون إليها ممّا قد بلّغ النبي إيّاها .. وإلاّ لكان الدين ناقصا من هذه الجهة ، وحاشا الدين الكامل عن النقص الذي هو بديهي البطلان ومخالف لقول ذاته المقدّسة (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الاْءِسْلاَمَ دِينا) (١).

فالحقّ المحقّق هو أنّ اللّه تعالى قد أتمّ الحجّة البالغة وأكمل النعمة السابغة بنصب أمير المؤمنين ثمّ من بعده أولاده الأئمّة المعصومين صلوات اللّه عليهم وعلى اُمّهم الصدّيقة الطاهرة وعلى أبيها سيّد العترة الغرر الميامين .. كما تعرفه في الفصل الآتي.

__________________

(١) سورة المائدة : (الآية ٣).

٣٠٧

الفصل الثالث :

في بيان انحصار الإمامة في الهداة الغرر المعصومين الإثني عشر

(سلام اللّه عليهم أجمعين)

بعد أن ثبت إحتياج الخلق إلى الإمام ، وثبت كون تعيينه بيد الخالق العلاّم ، فالحقيقة الحقّة التي لا يعتريها ريب ولا يدانيها شكّ ، هي انّ الذين إصطفاهم اللّه تعالى للإمامة ، وإختارهم للخلافة ، وعيّنهم للوصاية هم السادة الغرر الأئمّة الإثنا عشر.

أوّلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، ثمّ الإمام الحسن المجتبى عليه‌السلام ، ثمّ الإمام الحسين سيّد الشهداء عليه‌السلام ، ثمّ الإمام السجّاد علي بن الحسين عليه‌السلام ، ثمّ الإمام الباقر محمّد بن علي عليه‌السلام ، ثمّ الإمام الصادق جعفر بن محمّد عليه‌السلام ، ثمّ الإمام الكاظم موسى بن جعفر عليه‌السلام ، ثمّ الإمام الرضا علي بن موسى عليه‌السلام ، ثمّ الإمام الجواد محمّد بن علي عليه‌السلام ، ثمّ الإمام الهادي علي بن محمّد عليه‌السلام ، ثمّ الإمام العسكري الحسن بن علي عليه‌السلام ، ثمّ خاتمهم الإمام الثاني عشر والوليّ المنتظر الحجّة بن الحسن المهدي صلوات اللّه عليهم.

وقد دلّ على ذلك الدليل القاطع والبرهان الساطع ، كتابا وسنّةً وعقلاً وإعجازا بالبيان التالي ذكره في الأدلّة الأربعة.

٣٠٨

مضافا إلى قاعدة السنخيّة الثابتة ، وملاحظة الحكمة البارعة ، ولزوم المسانخة بين الخليفة والمستخلف ، وبين النبي ووصيّه الذي هو قائم مقامه ..

فالسنخيّة موجودة في جميع الأشياء ، وواضحة في الاُمور بلا خفاء ، في الأفعال والأقوال وفي كلّ مجال.

لذلك قال اللّه تعالى : (وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ) (١).

وقال عزّ إسمه : (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) (٢).

وهذه السنخية نحسّها بوضوح فيما نشاهدها في حياتنا الطبيعية ، والعلاقات البشرية ..

وممّا لا شكّ فيه أنّ الذي هو مسانخ لرسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ذاته وصفاته ، وعلمه وأخلاقه ، وشجاعته ونزاهته ، ومكارمه وفضائله ، واُخوّته وقرابته هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام لا غيره .. فهو الذي يليق بوصاية الرسول الأعظم ، ويتعيّن لخلافة النبي الأكرم ، ويجدر أن يكون سيّد الاُمم.

وأمّا الأدلّة الأربعة على إمامة الأئمّة المعصومين عليهم‌السلام فهو كما يلي :

١ ـ دليل الكتاب :

وقد دلّت منه آيات بيّنات ودلائل واضحات على إمامة أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه‌السلام والأئمّة المعصومين من أولاده الطاهرين ، باتّفاق الفريقين ، نقطتف منها زهرة واحدة بها الكفاية والحجّة البالغة وهو قوله تعالى : «إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ

__________________

(١) سورة النور : (الآية ٢٦).

(٢) سورة فاطر : (الآية ١٠).

٣٠٩

اللّه وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ» (١).

وقد اتّفقت الاُمّة ولم تختلف منها الكلمة في نزول هذه الآية المباركة في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أرواحنا فداه.

وهذه الآية الشريفة صريحة في إختصاص الإمامة الكبرى والولاية العظمى به صلوات اللّه عليه.

بيان ذلك : أنّ الولي وإن اُطلق في اللغة على المحبّ والناصر والصديق وغيرها أيضا من المعاني إلاّ أنّ المعنى الشائع المنصرف إليه هو المعنى اللغوي والعرفي المعهود فيه ، وهو مالك الأمر ، والأولى بالتصرّف ، والأحقّ بالشيء ، والذي يلي تدبير الأمر ، ومنه قولهم : وليّ اليتيم ، أي الذي يلي أمره ويقوم بكفايته ، ووليّ المرأة : أي الذي يلي عقد النكاح عليها ، وولي الدم : أي الذي له حقّ المطالبة بالقصاص ..

وحقيقة الولاية هو معنى تولّي الأمر كما في المفردات (٢).

والمولى حقيقة في الاُولى كما في العمدة (٣).

وقال أبو عبيدة معمّر بن المثنّى في كتاب المجاز : «أنّ معنى مولاكم : أولى بكم» كما حكاه في التلخيص (٤).

وقال المبرّد في كتاب العبارة : «أصل الوليّ : الذي هو أولى أي أحقّ ، ومثله

__________________

(١) سورة المائدة : (الآية ٥٥).

(٢) المفردات للراغب : (٥٣٣).

(٣) العمدة لابن بطريق : (ص٥٥).

(٤) تلخيص الشافي : (ج٢ ص١٧٧).

٣١٠

المولى» كما حكاه عنه في المجمع (١).

وذكر الزمخشري في الأساس : «أنّ الولي بمعنى ولي الأمر والسيّد والمولى» (٢).

ونقل الزبيدي في تاج العروس عن ابن الأعرابي : «أنّ الولي هو الذي يلي عليك أمرك» (٣).

وذكر ابن الأثير في النهاية : «كأنّ الولاية تشعر بالتدبير والقدرة والفعل ، وما لم يجتمع ذلك فيه لم ينطلق عليه إسم الوالي».

ثمّ تعرّض إلى أنّه قد تكرّر ذكر المولى في الحديث وهو إسم يقع على جماعة كثيرة :

«الربّ والمالك والسيّد والمُنعِم والمعتِق والناصر والمحبّ والتابع والجار وابن العمّ والحليف والعقيد ـ أي المعاقد المعاهد ـ والصهر والعبد والمعتَق والمنعَم عليه».

ثمّ ذكر الحديث : «من كنت مولاه فعلي مولاه» ونصّ بكلامه الآتي : «وقال الشافعي رضى الله عنه : يعني بذلك ولاء الإسلام كقوله تعالى : (ذَلِكَ بِأَنَّ اللّه مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَى لَهُمْ) (٤)» (٥).

ونقل ابن منظور في لسان العرب عن الفرّاء : «أنّ الوليّ والمولى واحد في

__________________

(١) مجمع البيان : (ج٣ ص٢٠٩).

(٢) أساس البلاغة : (ص٦٨٩).

(٣) تاج العروس : (ج١٠ ص٣٩٩).

(٤) سورة محمّد : (الآية ١١).

(٥) النهاية : (ج٥ ص٢٢٨).

٣١١

كلام العرب».

ثمّ قال ما نصّه : «وروى ابن سلام ، عن يونس قال : المولى له مواضع في كلام العرب منها : المولى في الدين وهو الوليّ ، وذلك قوله تعالى : (ذَلِكَ بِأَنَّ اللّه مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَى لَهُمْ) أي لا وليّ لهم ، ومنه قول سيّدنا رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله : «من كنت مولاه فعلي مولاه» أي من كنت وليّه» (١).

وقال الصاحب بن عبّاد في المحيط : «المولى : الوليّ ، واللّه تعالى مولاه أي وليّه» (٢).

ولا يصحّ في الآية المباركة بالنسبة إلى ولاية الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ، بل لا يجوز شيء من المعاني سوى الولاية بمعنى مالكية الأمر ، كما أفاده في المجمع (٣) ، وكما يظهر لك بالتدبّر فيه وسيأتي مزيد تحقيقه.

وإذا تبيّن أنّ المعنى الحقيقي المتعيّن المنصرف إليه المعهود هنا هي الأحقّية والأولوية وولاية الأمر .. قلنا إنّ الآية الشريفة ، حصرت هذه الولاية الحقّة بالذوات المقدّسة الثلاثة : اللّه ورسوله والمتصدّق في ركوعه ، بكلمة (إنّما) المفيدة للحصر باتّفاق أهل العربية.

وفي مجمع البيان : لفظة إنّما مخصّصة لما أثبت بعدها ، نافية لما لم يثبت ، يقول القائل لغيره : إنّما لك عندي درهم ، فيكون مثل أن يقول : إنّه ليس لك عندي إلاّ درهم ، وقالوا : إنّما السخاء حاتم ، يريدون نفي السخاء عن غيره والتقدير :

__________________

(١) لسان العرب : (ج١٥ ص٤٠٨).

(٢) المحيط في اللغة : (ج١٠ ص٣٨٠).

(٣) مجمع البحرين : (ص٩٧ مادّة ـ ولا ـ).

٣١٢

إنّما السخاء ، سخاءُ حاتم (١).

فتنحصر الولاية بمن ذكر في الآية وتنتفي عمّا عداهم ، وتتعيّن في اللّه ورسوله والمزكّي في ركوعه.

ونفس ذكر ولاية الثلاثة في آية واحدة في سياق متّصل قرينة ظاهرة على سنخيّة ولاية المزكّي في ركوعه مع ولاية اللّه ورسوله ، وهي ولاية الأمر والأولى بالنفس.

بل إنّ نفس حصر الولاية فيمن ذكر في الآية والإخبار عنها بخبر واحد قرينة قطعيّة على تعيّن معنى الولاية بما يرجع إلى أولوية الأمر والإمامة والتدبير.

وذلك لأنّ ما تحتمله لفظة (ولي) من المعاني الاُخرى كالمحبّ والصديق وغيرهما ممّا تقدّم إمّا لا تناسب المورد ، وإمّا لا تنحصر باللّه ورسوله والذين يقيمون الصلاة ويعطون الزكاة وهم راكعون فلا يكون وجه لحصرها.

حيث إنّ المؤمنين كلّهم مشتركون في هذه المعاني الاُخرى ، وقد عبّر الكتاب بذلك في قوله عزّ إسمه : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) (٢).

وإذا بطل الحمل على تلك المعاني تعيّن الحمل على المعنى الظاهر المسانخ المنصرف وهي الأولوية والأحقّية وولاية الأمر.

وإذا عرفت تعيّن الآية الشريفة بولاية الأمر ثمّ حصرها فيمن خصّهم اللّه بالذكر ..

قلنا : إنّ الاُمّة على إختلافها مجتمعة ، وأخبار الخاصّة والعامّة على كثرتها

__________________

(١) مجمع البيان : (ج٣ ص٢٠٩).

(٢) سورة التوبة : (الآية ٧١).

٣١٣

مطبقة على نزولها في أمير المؤمنين ومولى الموحّدين علي بن أبي طالب عليه‌السلام عند تصدّقه بخاتمه في حال ركوعه ، كما أفاده شيخ الطائفة في التلخيص (١).

وقد أحصى شيخنا الأميني في كتابه الشريف الغدير (٢) ، ستّة وستّين مصدرا من مصادر العامّة ذكرت نزول هذه الآية المحكمة في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

ثمّ اعلم أنّه إنّما عبّر عنه عليه‌السلام في الآية بلفظ الجمع إمّا للتفخيم والتعظيم فانّه يعبّر عن الواحد بلفظ الجمع إذا كان معظّما عالي الذكر نظير قوله : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (٣) ، كما أفاده شيخ الطائفة في التبيان (٤) ، أو لشموله سائر الأئمّة الطاهرين سلام اللّه عليهم أجمعين ، كما أفاده السيّد الشبّر في حقّ اليقين (٥).

ويظهر من بعض الأحاديث الشريفة (٦) أنّ المراد به جميع الأئمّة عليهم‌السلام ، وأنّهم قد وفّقوا جميعا لمثل هذه الفضيلة ، كما أفاده شيخنا العلاّمة المجلسي أعلى اللّه مقامه (٧).

وأضاف الزمخشري في الكشّاف بعد التنصيص على نزولها في علي عليه‌السلام : «إنّما جيء به على لفظ الجمع وإن كان السبب فيه رجلاً واحدا ليرغب الناس في

__________________

(١) تلخيص الشافي : (ج٢ ص١٨).

(٢) الغدير : (ج٣ ص١٥٦).

(٣) سورة الحجر : (الآية ٩).

(٤) التبيان : (ج٣ ص٥٦٢).

(٥) حقّ اليقين : (ج١ ص١٤٤).

(٦) تفسير البرهان : (ج١ ص٢٩٣).

(٧) بحار الأنوار : (ج٣٥ ص٢٠٦).

٣١٤

مثل فعله ، وليُنبّه على أنّ سجيّة المؤمنين يجب أن تكون على هذه الغاية من الحرص على البرّ والإحسان» (١).

فهذه الآية الكريمة إذا هي من أوضح الأدلّة ، وأجلى البراهين على أنّ الإمام والحجّة والولي الذي عيّنه اللّه تعالى هو أمير المؤمنين عليه‌السلام.

وقد روي هذا من طرق الخاصّة بتسعة عشر حديثا ، ومن طرق العامّة بأربعة وعشرين حديثا تجدها في غاية المرام لسيّدنا البحراني طاب ثراه (٢) وغيره.

وللنموذج نذكر من أحاديث الخاصّة المفسّرة ، حديث العياشي بإسناده عن عمّار بن ياسر أنّه قال : وقف لعلي بن أبي طالب سائل وهو راكع في صلاة تطوّع فنزع خاتمه فأعطاه السائل فأتى رسول اللّه فاعلم بذلك ، فنزل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذه الآية (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّه وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) (٣) .. إلى آخر الآية ، فقرأها رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علينا ، ثمّ قال :

«من كنت مولاه فعلي مولاه اللهمّ والِ مَن والاه وعادِ من عاداه» (٤).

ومن أحاديث العامّة حديث ابن المغازلي بسنده عن ابن عبّاس في قوله : (إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللّه وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) قال : نزلت في علي عليه‌السلام (٥).

__________________

(١) تفسير الكشّاف : (ج١ ص٤٢٢).

(٢) غاية المرام : (ص١٠٣ ـ ١٠٩ ب١٨ و ١٩) ، وجاءت في إحقاق الحقّ : (ج٢ ص٣٩٩ ، وج٣ ص٥٠٢ ، وج٤ ص٦٠ ، وج١٤ ص٢ ، وج٢٠ ص٢).

(٣) سورة المائدة : (الآية ٥٥).

(٤) غاية المرام : (ص١٠٨ ب١٩ ح١٠).

(٥) غاية المرام : (ص١٠٤ ب١٨ ح٥ و ٦).

٣١٥

وترى أحاديث أهل بيت العصمة ، المتظافرة في بحار الأنوار (١) وغيرها من كتب الشيعة الأبرار التي تؤكّد هذه الحقيقة وهي نزولها في شأن أمير المؤمنين عليه‌السلام.

هذه زهرة عطرة ، وآية زاهرة من رياض آيات اللّه الباهرة إقتطفناها نموذجا حيّا ودليلاً قطعيّا من أدلّة الإمامة ..

وآيات الذكر الحكيم في هذا الأصل كثيرة جدّا تراها في مواردها مذكورة مفصّلة مثل آية الإطاعة ، وآية التطهير ، وآية الصادقين ، وآية إكمال الدين ، وآية الشاهد وغيرها من الآيات المباركات ، النازلة في شأن خليفة سيّد الكائنات صلوات اللّه عليه وآله المعصومين والمفسّرة بالأئمّة الطاهرين عليهم سلام الملك الحقّ المبين ؛ ممّا إعترف بها القوم واُحصيت في المجلّد الثاني من إحقاق الحقّ للسيّد القاضي التستري أعلى اللّه مقامه ، والمجلّد الثامن من دلائل الصدق للشيخ المظفّر طيّب اللّه رمسه في فصل إمامة علي والآل عليهم‌السلام في القرآن.

وأضاف السيّد شرف الدين قدّس اللّه روحه أنّه تكفي آية التطهير في دليليتها لإمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام بتصديق أهل البيت المعصومين في بيانهم إمامتهم من قِبَل ربّ العالمين (٢).

٢ ـ دليل السنّة :

الأحاديث الشريفة الدالّة على إمامة الهداة الإثني عشر أكثر من أن تُحصى ، إلاّ أنّا نتيمّن بذكر لؤلؤة باهرة من تلك اللئاليء الفاخرة ، وهي حديث

__________________

(١) بحار الأنوار : (ج٣٥ ص١٨٣ ب٤).

(٢) الكلمة الغرّاء : (ص٣١٧).

٣١٦

الدعوة الإلهيّة والعزيمة الربّانية ، حديث إكمال الدين وإتمام النعمة ، حديث الغدير الأغرّ ، الذي نزل به الكتاب المبين ، وتواترت فيه أحاديث النبي الأمين .. بأنّه ألقى وأجاد رسول اللّه بخطبته المباركة ، وناشد فيه القوم قائلاً :

«ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا : بلى ، ثمّ أخذ بيد علي عليه‌السلام ورفعه وقال : من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، اللهمّ والِ من والاه ، وعادِ من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ..».

وقد إعترف المؤالف والمخالف حتّى الخوارج والنواصب بصحّته وتواتره والتسالم عليه.

ففي نزل الأبرار للبدخشي ما نصّه : «هذا حديث صحيح مشهور لم يتكلّم في صحّته إلاّ متعصّب جاحد ولا إعتبار بقوله» (١).

وفي روح المعاني للآلوسي حكى عن الذهبي أنّه قال : «(من كنت مولاه) متواتر يُتيقّن أنّ رسول اللّه قاله» (٢).

وفي سرّ العالمين المنسوب إلى الغزالي : «أجمع الجماهير على متن الحديث من خطبته في يوم غدير خمّ باتّفاق الجميع وهو يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه» (٣).

وفي المناقب للشافعي : «وهذا الخبر قد تجاوز حدّ التواتر ، فلا يوجد خبر قطّ نقل من طرق كهذه الطرق» (٤).

__________________

(١) نزل الأبرار : (ص٢١).

(٢) تفسير روح المعاني : (ج٢ ص٣٥٠).

(٣) سرّ العالمين : (ص٩).

(٤) المناقب لعبداللّه الشافعي : (ص١٠٨).

٣١٧

وقد جاءت نصوص الحديث من طريق الخاصّة في ثلاثة وأربعين حديثا ومن طريق العامّة في تسعة وثمانين حديثا تلاحظها بأسنادها ومتونها في غاية المرام وغيرها (١).

وللنموذج نذكر من طرق الخاصّة ، حديث علي بن إبراهيم قال : حدّثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن سنان ، عن أبي عبداللّه عليه‌السلام قال :

«لمّا أمر اللّه نبيّه أن ينصب أمير المؤمنين للناس في قوله : (يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) (٢) في علي بغدير خمّ فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، فجاءت الأبالسة إلى إبليس الأكبر وحثوا التراب على وجوههم ، فقال لهم إبليس : ما لكم؟! قالوا : إنّ هذا الرجل قد عقد اليوم عقدة لا يحلّها شيء إلى يوم القيامة ، فقال لهم إبليس : كلاّ! إنّ الذين حوله قد وعدوني فيه عِدة لن يخلفوني ، فأنزل اللّه على رسوله (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ) (٣) الآية» (٤).

ومن طرق العامّة حديث أحمد بن حنبل بإسناده قال : كنّا مع رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله في سفره فنزلنا بغدير خمّ ونودي فينا : الصلاة جامعة ، وكسح لرسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله تحت شجرة ، فصلّى الظهر وأخذ بيد علي عليه‌السلام فقال :

«ألستم تعلمون أنّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا : بلى.

__________________

(١) غاية المرام : (ص٧٩ ـ ١٠٣ ب١٦ و ١٧) ، وإحقاق الحقّ : (ج٢ ص٤٢٦ ، وج٣ ص٣٢٢ ، وج٦ ص٢٢٥ ، وج١٦ ص٥٥٩ ، وج٢١ ص١).

(٢) سورة المائدة : (الآية ٦٧).

(٣) سورة سبأ : (الآية ٢٠).

(٤) غاية المرام : (ص٩١ ب١٧ ح٨).

٣١٨

قال : ألستم تعلمون أنّي أولى بكلّ مؤمن من نفسه؟ قالوا : بلى ، وأخذ بيد علي عليه‌السلام فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهمّ والِ من والاه وعادِ من عاداه. قال : فلقيه عمر فقال : هنيئا لك يابن أبي طالب أصبحت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة» (١).

وقد أوفى البحث غاية الإيفاء شيخنا العلاّمة الأميني في موسوعته الغرّاء الغدير ، فلاحظ إستقصاء البحث من حيث الكتاب والسنّة والأدب في المجلّد الأوّل منه ، ونحن نشير إلى فهرَسَة ما فصّل فيه هذا البحث الطيّب والحديث المستطاب،راجعها لمزيد المعرفة :

ففي صفحة ٥ أحصى المحدّثين والمؤرخين والمتكلّمين والمفسّرين واللغويين الذين ذكروا حديث الغدير.

وفي صفحة ٩ ذكر المجموعة الكثيرة التي كانت في ركاب النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين إلقاء خطبة الغدير وأخذ العهد من الحاضرين وطلب إبلاغه للغائبين. وأقلّ عدد ذكر في إحصاء الحاضرين هو تسعون الف شخص.

وفي صفحة ١٤ ذكر رواة حديث الغدير من الصحابة مئة وعشر صحابيا ، مع ذكر تواتر جميع الطبقات في القرون الأربعة عشر.

وفي صفحة ٦٢ ذكر رواة حديث الغدير من التابعين وهم أربعة وثمانون تابعيّا.

وفي صفحة ٧٣ ذكر طبقات رواة حديث الغدير من أئمّة الحديث وحفّاظه وهم ثلاث مئة وستّون نسمة.

وفي صفحة ١٥٢ ذكر المؤرخين في حديث الغدير وهم ستّة وعشرون

__________________

(١) غاية المرام : (ص٧٩ ب١٦ ح١).

٣١٩

مؤلّفا.

وفي صفحة ٢١٤ ذكر نزول قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ) (١) في علي عليه‌السلام نقلاً عن ثلاثين مصدرا من مصادر العامّة مضافا إلى مصادر الخاصّة المتواترة.

وفي صفحة ٢٣٠ ذكر نزول قوله تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الاْءِسْلاَمَ دِينا) (٢) يوم الغدير بعد نصب علي أمير المؤمنين نقلاً عن ستّة عشر مصدرا من مصادر العامّة.

وفي صفحة ٢٣٩ ذكر نزول قوله تعالى : (سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ * مِنَ اللّه ذِي الْمَعَارِجِ) (٣) في الحارث بن النعمان الفهري حينما ردّ على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله نصبه عليّا أميرا ، نقلاً عن ثلاثين مصدرا من مصادر العامّة.

وفي صفحة ٢٩٤ تعرّض إلى بيان سند هذا الحديث المتواتر واستغناؤه عن الإثبات.

وفي صفحة ٣٤٠ تطرّق إلى بيان دلالته القطعيّة على إمامة مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام بالقرائن المتّصلة والمنفصلة العشرين المعيّنة للأولوية مضافا إلى حقيقة معنى الأولوية للولي ..

ويحسن مراجعة تلك القرائن الصريحة التي كان يلزم ذكرها هنا لولا طلب الإختصار.

__________________

(١) سورة المائدة : (الآية ٦٧).

(٢) سورة المائدة : (الآية ٣).

(٣) سورة المعارج : (الآيات ١ ـ ٣).

٣٢٠