الرسائل الفقهيّة

الميرزا أبو الفضل النجم آبادي

الرسائل الفقهيّة

المؤلف:

الميرزا أبو الفضل النجم آبادي


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آية الله العظمى البروجردي
المطبعة: قرآن كريم ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-93094-1-1
الصفحات: ٧٠٨

في حال الصحّة أو البلوغ.

فمن ذلك تثبت نجاسة عصير الزبيب المغليّ باستصحاب الأوّل بعد فرض كون الزبيبيّة من الأعراض الغير المغيّرة لحقيقة العنبيّة ، وكذلك يستصحب في المغليّ فيحكم بوجوب الوفاء بالعقد الواقع من المريض ، وذلك ؛ لأنّ أثر الاستصحاب ، إذا كان جعل تلك الملازمة الثابتة عند اليقين في ظرف الشكّ حقيقة. ومن المعلوم ؛ أنّ من آثاره العلم الحاصل من جهة الاستصحاب بالملازمة العلم بالملزوم ، وهو الغليان مثلا ، فإذا ثبت الملزوم فاللازم يثبت بذلك ، فيكون استصحاب الملازمة الثابتة بين العنب المغليّ والنجاسة من قبيل استصحاب ما ثبت أحد جزأي الموضوع بالوجدان ، وهو العنبيّة ، بناء على المسامحة ، والآخر بالاستصحاب.

وبالجملة ؛ فعلى هذا المسلك في باب الاستصحاب ؛ فلا مانع من الاستصحاب التعليقي أبدا ، وأمّا على المسلك ؛ التحقيق فيه من كون الاستصحاب من باب الأمر بالمعاملة ، لا جعلا وتنزيلا ، فلا يبقى المجال للاستصحاب التعليقي ، إذ قد ظهر أنّه موقوف على العلم بوجود الملزوم الحاصل على التقدير الأوّل من جعل الملازمة ، وأمّا على هذا التقدير فليست الملازمة في نفسها ثابتة حتّى يثبت الملزوم بتبعها ، بل الثابت إنّما هو اليقين التنزيلي.

ومن المعلوم ؛ أنّه لا ملازمة بين ذلك وإثبات الملازمة أو الملزوم لا عقلا ولا شرعا إلّا على القول بالأصل المثبت ، بخلاف الفرض الأوّل ؛ إذ الملازمة الحقيقيّة الّتي كانت ثابتة بجعل التنازع ملازما لوجود الملزوم ، فإذا لم يكن الملزوم هنا ثابتا فلا يثبت اللازم وهو الحكم ، فلا يبقى الموقع للاستصحاب.

٥٠١

مقتضى الأخبار في المقام

فإذا تمّ البحث في ما يقتضيه الأصل في المسألة فلنشرع في ذكر ما [هو] مقتضى الأدلّة الخاصّة في الباب من الأخبار ، فنقول [أوّلا] : لا يخفى أنّ أخبار الباب بحسب اللحاظ الأوّلي والنظر البدويّ متعارضة ، ولذلك اختلفت أقوال العلماء قدس الله أسرارهم في المسألة ، فاختار كلّ فريق طائفة منها ورجّحها على الاخرى سندا أو دلالة ، فأفتى بمفاد الراجحة بنظره.

فالمشهور بين القدماء (١) ، بل نقل في كلماتهم الإجماع على خروج المنجّزات من الأصل (٢) ، وأمّا الشهرة المتأخّرة فقد استقرّت على خلافه (٣).

أمّا الأخبار الدالّة على الأوّل فهي القريبة بحدّ الاستفاضة.

منها : حديث صفوان (٤) ، فهي وإن لم تكن صريحة في الدلالة على الخروج من الأصل ؛ إذ يحتمل أن يكون المراد من المرض غير مرض الوفاة ، فيكون السؤال عن غيره ؛ لكون حال المرض غالبا يوجب قلّة الحرص وانقطاع العلاقة من المال ، ولذلك يعمل بأمواله ـ أي المريض ـ في حاله هذا ما لا يعمل به في صحّته.

والجواب لا بدّ وأن يكون ناظرا إليه ؛ فلذلك لا يصير صريحا في المطلوب ، نعم ؛ بمقدّمات ترك الاستفصال يدلّ عليه أيضا ، إلّا أنّ ذلك لا يزيد عن الإطلاق

__________________

(١) وكذلك طائفة من متأخّري الأخباريّين ، «منه رحمه‌الله».

(٢) الحدائق الناضرة : ٢٢ / ٥٩٩.

(٣) مسالك الإفهام : ٦ / ٣٠٥ ، ونقله صاحب الحدائق الناضرة : ٢٢ / ٥٩٩.

(٤) وسائل الشيعة : ١٩ / ٢٩١ الحديث ٢٤٦٢١.

٥٠٢

ولا يوجب صيرورته نصّا ، كما لا يخفى.

ومنها : حديث أبي بصير (١) ودلالته على المطلوب تامّة وقريب من الصراحة.

ومنها : حديث سماعة (٢) ودلالته على المدّعى إنّما هو بالإطلاق (٣).

ومنها : الموثّقات الأربع لعمّار (٤) ، فهي وإن كانت من حيث السند تامّة إلّا أنّ في دلالتها جهات من الكلام ، إذ يحتمل أن يكون المراد من الإبانة هي الإبانة الخارجيّة لا الاعتباريّة المراد بها المنجّز الواقع بأحد عناوين المعاملات ، فعلى الاحتمال الأوّل لا يتمّ المدّعى بها ، إذ يكون المراد بها عليه أنّه إذا كانت الإبانة الخارجيّة في المنجّز واقعة ، بمعنى أن يكون أقبضه إلى المنتقل إليه في حياته الكاشف ذلك عن إمضاء الورثة وعدم ردّهم ، وإلّا كان لهم المنع ، فلا يكون فيها دلالة على المطلوب ، فتأمّل!

نعم ؛ تتمّ دلالته بناء على استظهار الاحتمال الثاني.

وثانيا : اختلف نقل متن أحدها من كونه «تعدّى» أو «بعدي» ، ولا ريب أنّه على إحدى النسختين لا دلالة فيها على المطلوب أيضا ، وعلى ذلك تصير

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١٩ / ٢٩٧ الحديث ٢٤٦٣٦.

(٢) وسائل الشيعة : ١٩ / ٢٩٦ الحديث ٢٤٦٣٥.

(٣) لا يخفى ضعف دلالته إذ يحتمل أن يكون [«ما» في] قوله عليه‌السلام : «ماله» ؛ «ما» الموصولة ، فتكون كناية عن ثلث ماله الّذي هو له ، فأجاب الإمام عليه‌السلام : «هو ماله» أي الثلث ماله يصنع به ما شاء ، وعلى فرض التسليم فدلالته إنّما هو بالإطلاق القابل للتقييد جدّا ، «منه رحمه‌الله».

(٤) وسائل الشيعة : ١٩ / ٢٧٨ الحديث ٢٤٥٩١ و ٢٩٨ الحديث ٢٤٦٣٩ و ٢٩٩ الحديث ٢٤٦٤١ و ٣٠٠ الحديث ٢٤٦٤٤.

٥٠٣

الرواية (١) بحكم المجمل ، إذ على تقدير الأوّل بناء على أن يكون الغرض من التعدّي التجاوز عن الثلث ، لا الحياة لمّا يصير الكلام ممّا يصلح للقرينيّة الصارفة للّفظ عن معناه الظاهر فيه ، فيصير طرفا للعلم الإجمالي ، فلا يمكن الأخذ بالطرف الآخر.

وثالثا : يحتمل قويّا كون الموثّقات الأربع ـ الّتي يكون ناقلها شخصا واحدا ، وكذا المنقول عنه ـ موثّقة واحدة ، وإنّما نقلها مكرّرة ، فلا يحصل الوثوق بكلّ واحد منها الّذي هو مناط الاعتبار.

ثمّ إذا احتمل كونها منحصرة بواحدة ، وبعد أن يحتمل كون تلك الواحدة هي الّتي قد اختلفت نسخته ، الموجب ذلك لسقوطها عن الاعتبار ، فكيف يمكن التمسّك بهذه الموثّقات والركون إليها؟

ومنها : ما رواه المحمّدون الثلاثة (٢).

ومنها : صحيح إبراهيم بن هاشم (٣).

ومنها : خبر ابن أبي السمّاك (٤) ، ودلالة هذه الطائفة أيضا تكون بالإطلاق ، مع جريان احتمال التفكيك في لفظ «ماله» أيضا فيها.

نعم ؛ هذا الاحتمال في بعض هذه الروايات ، وهي ما كانت في ذيلها لفظ «فإن أوصى» (٥) ونحوه ؛ بعيد بل في غاية الضعف ، وأمّا في هذه الروايات

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١٩ / ٢٧٨ الحديث ٢٤٥٩١.

(٢) وسائل الشيعة : ١٩ / ٣٣٣ الحديث ٢٤٧١٦ ، جواهر الكلام : ٢٨ / ٢٥٩.

(٣) وسائل الشيعة : ١٩ / ٢٩٩ الحديث ٢٤٦٤٢.

(٤) وسائل الشيعة : ١٩ / ٢٩٧ الحديث ٢٤٦٣٧.

(٥) وسائل الشيعة : ١٩ / ٢٩٩ الحديث ٢٤٦٤١.

٥٠٤

الأخيرة فقريبة بل قويّة مع لحاظها مع ما يدلّ من الروايات الآتية على حرمان الشخص في مرض موته عن الزائد عن الثلث.

ومنها : الأحاديث الثلاثة المشتملة على العتق ولما كان تقريب دلالة هذه الطائفة على المطلوب حكم الإمام عليه‌السلام بكونه نافذا مطلقا ، مع احتمال كونه زائدا عن الثلث ، وأيضا يحتمل كونه مؤخّرا عن الوصايا ، مع ذلك يحكم عليه‌السلام بكونه نافذا مطلقا ولا يتمّ ذلك إلّا لكونه من التصرّفات المنجّزة.

فيمكن أن يجاب عن ذلك أوّلا بأنّ الحكم بنفوذ العتق مطلقا لكون بنائه على التغليب.

وثانيا : يحتمل كونه مقدّما على سائر الوصايا بحسب الوصيّة فلذلك حكم الإمام عليه‌السلام بكونه نافذا.

وثالثا : ولو فرض كون العتق من التصرّفات المنجّزة ، مع ذلك حكم الإمام عليه‌السلام بنفوذه مطلقا لا يستكشف كونه من الأصل ، بل يجتمع ذلك ـ أي تقديمه وتنفيذه ـ مع كونه من الثلث أيضا ، وذلك لأنّه يمكن أن يكون وجه التقديم هو دوران الأمر بين المقتضى التنجيزي ـ وهو العتق ـ والتعليقي وهو الوصيّة ، ولمّا كان المقتضى التنجيزي يؤثّر في الرتبة السابقة فلا تصل النوبة إلى الوصيّة ، لعدم بقاء المحلّ له ، إذ الثلث الّذي هو مصرفه إنّما صرف في العتق لما عرفت.

وأمّا الأخبار الدالّة على الثاني فبين طوائف (١) ، الاولى : ما تدلّ بإطلاقها

__________________

(١) قد ادّعى تواترها «صاحب الجواهر» نقلا عن «جامع المقاصد» (جواهر الكلام : ٢٨ / ٤٦٨ ولاحظ! جامع المقاصد : ١١ / ٩٦ و ١٠٩ ـ ١١١) وإن لم تتحقّق هذه الدعوى عن «جامع المقاصد» على حسب الفحص في أطراف كلماته ، كما اعترف بذلك بعض من كتب في المسألة رسالة.

٥٠٥

على حرمان الرجل عمّا زاد عن الثلث (١).

منها : صحيح يعقوب بن شعيب (٢).

ومنها : صحيحة ابن يقطين (٣).

ومنها : خبر عبد الله بن سنان (٤) ، وغير ذلك ممّا لا يسع هذا المختصر لنقلها.

أمّا الكلام في سند هذه الأخبار فلا ينبغي البحث فيه ؛ لاشتمالها على الصحيح ونحوه ، وأمّا دلالتها فلمّا كان مضمون غالبها هو : «رجل يموت» أو «ماله عند موته» ومن هذا القبيل ، فالنفي الوارد على هذه المضامين إمّا أن يكون المراد به نفي السلطنة في ما زاد عن الثلث ، وإمّا أن يكون هو نفي الماليّة رأسا.

أمّا الأوّل : فهو موقوف أن يكون المراد من مجموع السؤال والجواب هو سلب السلطنة في زمن الحياة المتعلّقة بالتصرّف المنجّز والمعلّق كليهما.

وعلى هذا التقدير ؛ قد يتوهّم كونها حاكمة على الأخبار الدالّة على خروج المنجّز من الأصل ؛ لكون دلالتها بالإطلاق فيقيّد قوله عليه‌السلام : «الإنسان أحقّ بماله ما دام فيه شي‌ء من الروح» (٥) بتصرّفه المتعلّق بثلث ماله دون زائده ، ولكن هذا مردود.

أو فيها يكون ما ليس يقبل ذلك ، مثل حديث أبي بصير الدالّ على نفوذ

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١٩ / ٢٧١ الباب ١٠ من أبواب الوصايا.

(٢) وسائل الشيعة : ١٩ / ٢٧٢ الحديث ٢٤٥٧١.

(٣) وسائل الشيعة : ١٩ / ٢٧٤ الحديث ٢٤٥٧٧.

(٤) وسائل الشيعة : ١٩ / ٢٧٣ الحديث ٢٤٥٧٦.

(٥) وسائل الشيعة : ١٩ / ٢٩٩ الحديث ٢٤٦٤٢.

٥٠٦

تصرّفات الشخص مطلقا ، وفي ذيله : «فإن أوصى فليس له إلّا الثلث» (١) ، وقد أشرنا إلى كون مضمون هذا الحديث نصّا في المدّعى ، فكيف يمكن تقييده بنحو ما ذكر؟ ولذلك قد يتوهّم حكومة تلك الأخبار على هذه الطائفة وتقييدها بالتصرّفات المعلّقة على الموت ، فهي الّتي نفت السلطنة عمّا زاد عن الثلث فيها.

ولكن هذا أيضا فاسد ؛ وذلك ؛ لأنّه إذا كان وقوع متعلّق الوصيّة وتحقّقه بعد موت الموصي لا في حياته ، فمرجع سلب السلطنة عن الإنسان وإثباتها له في ثلث ماله يكون إلى إثبات السلطنة له في ثلث ماله بعد موته ، وهذا لغو غير معقول ، بل لا بدّ أن يلاحظ النفي والإثبات بالنسبة إلى زمن الحياة ، كما لا يخفى.

فإذا انتهى الأمر إلى ذلك فيقع التعارض الحقيقي بين الطائفتين على هذا التقدير ، إذ يكون مفاد أخبار الأصل إثبات السلطنة الكليّة ما دامت الروح في بدن الإنسان ، ومفاد هذه الأخبار هي السلطنة عنه في ما زاد عن الثلث كذلك.

وأمّا على التقدير الثاني ـ وهو أن يكون المراد من النفي في هذه الأخبار نفي الماليّة ـ ولا ريب أنّ ذلك إنّما هو مبنيّ على أن يكون المراد من قوله عليه‌السلام : «عند الموت» أو قوله عليه‌السلام : «يموت» وغير ذلك من هذه المضامين بعد الموت ، إذ فيه إنّما تنقطع يد الإنسان عن ماله فيصحّ نفيه عنه ، وأمّا قبله فالظاهر أنّ بقاء المال على ملك صاحبه وعدم تعلّق حقّ الورثة به إجماعي ، فعلى ذلك يبقى النفي بحاله على معناه الأصلي من نفي حقيقة الماليّة لا نفي السلطنة باعتبار نفي الآثار ، ويرتفع التعارض أيضا ، إذ يختلف موضوع الإثبات المستفاد من أخبار الأصل والنفي الدالّ عليه هذه الأدلّة ، فيدور الأمر بين أن يرفع اليد من ظاهر

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١٩ / ٢٩٧ الحديث ٢٤٦٣٦.

٥٠٧

أخبار الأصل بحملها على غير مرض الموت وتقييد السلطنة المستفادة منها بالثلث ، وبين التصرّف في بعض هذه الأخبار ، مثل قوله عليه‌السلام : «عند موته» وحمله على بعد الموت ، وإلّا فمثل قوله عليه‌السلام : «يموت» لا يحتاج إلى التصرّف ؛ إذ هو ظاهر في ذلك.

ولا إشكال أنّ الثاني أولى ، بل متعيّن ؛ إذ عليه يبقى النفي أوّلا على معناه الظاهر ، وفي هذه الأخبار يكون ما يدلّ على كون المراد ، التصرّفات المعلّقة على الموت مثل قوله عليه‌السلام : «فإذا أوصى بأكثر من الثلث» (١) .. إلى آخره ، وكذلك قوله عليه‌السلام : «فإن لم يوص» (٢) .. إلى آخره.

ثانيا : والجمود على ظواهرها يوجب تخصيص الأكثر أو الالتزام بما هو المخالف للسيرة القطعيّة ، ومنع المالك عن تصرّفه في مرضه عن مطلق التصرّفات إلّا بمقدار الثلث وحجره عن إعطائه أجرة الطبيب أو بعض النذور ، أو صرفه لنفسه ولعياله ، وغير ذلك ممّا هو مرغوب عنه عند الكلّ ثالثا.

فالتحقيق الالتزام بظهور أخبار الأصل ، لعدم كون هذه الأخبار قابلة لمعارضتها كما عرفت ، وأمّا بقيّة الطوائف فلا ريب في عدم قابليّتها للمعارضة أيضا كما يظهر للمتدبّر فيها ، وقد تعرّض لذكرها والجواب عنها السيّد المحشّي قدس‌سره (٣) بما لا مزيد عنه فراجع!

ولكن لا يخفى ؛ أنّه بعد ما أشرنا إلى ما في أخبار الأصل أيضا هي غير

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١٩ / ٢٨٤ الحديث ٢٤٦٠٢.

(٢) لاحظ! وسائل الشيعة : ١٩ / ٢٧٣ الحديث ٢٤٥٧٦.

(٣) لم نعثر على هذا القول.

٥٠٨

تامّة الدلالة أو السند ، وإن استقرّ رأي الأستاد ـ مد ظلّه ـ على تقويتها مؤيّدا بغيرها ممّا أشرنا إليها قبل التعرّض لذكر الأخبار ، والله العالم ، وهو الموفّق والمعين.

قد وقع الفراغ من هذا البحث في أخير عشر الثاني من [شهر] رمضان المبارك ١٣٤٤ الهجريّة.

٥٠٩
٥١٠

رسالة الغصب

٥١١
٥١٢

غصب المسجد

[ولا يخفى أنّه إذا كان الشي‌ء متعلّق حقّ الانتفاع لشخص أو جماعة ولم يكن مملوكا لهم لا عينا ولا منفعة فهل يكون غصبه كغصب المملوك عينا أو منفعة بحيث تبطل صلاة الغاصب في ذلك المكان مطلقا ، وصلاة غيره إذا لم يكن جاهلا بالغصب ، أو ناسيا ، أو لا يكون كغصب المملوك؟ فإنّه معركة الآراء ، فقيل بعدم الفرق ، وقيل بالفرق وأنّ الصلاة لا تبطل إلّا فيما إذا كان مملوكا عينا أو منفعة فلا تبطل الصلاة فيما لم يكن ملكا] (١) عينا أم منفعة ، بل إنّما تعلّق حقّ انتفاعهم عنها بلا أن يثبت لهم ماليّة فيها أصلا ، ولذلك قالوا في مسألة من سبق إلى مكان من المسجد ونحوه فهو أولى به (٢) ، بأنّه لو أزعجه آخر عن مكانه فصلّى فيه تكون صلاته صحيحة ، وليس ذلك إلّا لأنّ للسابق حقّ انتفاع من الأرض بلا ثبوت ماليّة له فيها ، ولا ثبوت حكم وضعيّ لهذه الأرض بالنسبة إلى السابق ، بل إنّما أولويّته حكم تكليفي صرف ، وهو حرمة إزعاجه الغير الّذي نشأ ذلك من جهة جعل الشارع له أولويّة الانتفاع.

نعم ؛ هل يتوقّف صدق عنوان الغصب على أن تكون يد الغاصب موضوعة على المال والملك ، بحيث لو لم تكن اليد العادية واردة على ما ليس بمال لأحد

__________________

(١) ما بين المعقوفتين أوردناه لتتميم البحث.

(٢) ليست المسألة اتّفاقية بل خلافيّة ، بل المشهور بطلان الصلاة ، «منه رحمه‌الله».

٥١٣

لم يتحقّق الغصب ، أم لا ، بل لا يتوقّف على ذلك ، بل ما يصدق عليه أعمّ من أن يكون مالا أو شيئا فيه نحو اختصاص بالغير ، بحيث للغير أن يرفع اليد العادية ويمنعه عن التصرّف فيه لا بعنوان الأمر بالمعروف بل بعنوان أنّ حقّه تعلّق به فهو ذو حقّ فيه وله إضافة خاصّة إلى الشي‌ء الّذي وردت عليه اليد العادية.

ولا يخفى ؛ أنّه ما اعتبر أحد في مفهوم الغصب المعنى الأوّل ، بل معناه اللغوي وكذلك كلماتهم ظاهرة في المعنى الأعمّ ، ولا ريب أنّ العرف أيضا مساعد معه ، فيصدق على من تصرّف في المسجد عمّا هو عليه ، ولو لم يكن فيه ماليّة لأحد أي مال للناس ، أنّه غصبه ، لما يرون فيه للناس حقّ اختصاص به.

وبعبارة اخرى : أنّ الأوقاف العامّة ليست كالمباحات الأصليّة الّتي ليس لأحد أن يمنع المتصرّف فيها عن التصرّف ، بل لهم لما يكون للناس جميعا فيها حقّ وسلطنة أن يمنعوا المانع عن استنقاذ حقّهم ، وكذلك ليس كمنفعة الحرّ الّتي ليست ملكا ولا متعلّقا لحقّ أحد ، بل إنّما سلطنته على نفسه حكم محض بلا اعتبار ماليّة أو حقّ فيه ، ولذلك لا يضمن منافع الحرّ ، وليس ذلك إلّا لاختلاف نحو العلقة الحاصلة بين الناس وبين المباحات ، وبين العلقة الثابتة بين الأوقاف العامّة والموقوف عليهم ؛ لأنّ العلقة الثابتة بينهم وبين المباحات إنّما تكون نحو اختصاص ، بحيث لو سبق إليها كلّ شخص تكون تلك المباح له ، وله أن يقلّبه كيف شاء ؛ لصيرورته ملكا له ، بخلاف الأوقاف العامّة فإنّ الناس فيها شرع سواء ، وإن كانت علقة الاختصاص هنا أيضا بتحقيق للسابق إلّا نحوها تكون بحيث له الانتفاع منها فقط ، بلا أن يكون له تقلّبها بأيّ نحو شاء بعنوان الملكية ، بل لو تصرّف هكذا لما كان يتصرّف في متعلّق حقّ الغير ، فللغير أن يمنعه ويرفع

٥١٤

يده عن الزائد عمّا له الحقّ أن يتصرّف فيه كغيره من الموقوف عليهم.

وأمّا الفرق بينها وبين منافع الحرّ ؛ فلما عرفت من أنّ العقلاء لا يعتبرون لمنافعها الماليّة ، ولا العلقة الحاصلة بينه وبين منافعه العلقة الملكيّة والمالكيّة ، كما أنّ الشارع ما اعتبر لمنافعه إلّا حكما تكليفيّا محضا ، بمعنى أنّ سلطنة الحرّ على نفسه ومنافعه (١) ليست إلّا قدرة محضة بلا اعتبار حكم وضعي له ولمنافعه.

وممّا ذكرنا ظهر لك أنّه يكفي في حرمة التصرّفات الزائدة على مصرف الوقف أو المعتبرة له ، ما دلّ على أنّ الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها ، فلو لم يكن لنا دليل الغصب ، أو لم يصدق العنوان على المقام ، ما يكون من قبيل هذه الأدلّة كافية لإثبات عدم جواز التعدّي في الأوقاف العامّة ومنع اليد العادية عنه ، كيف وقد أوضحنا صدق عنوان القضيّة عليها ، وعدم توقّف ذلك على أن يكون الوقف تمليكا كما زعمه بعض (٢) ، بل ولو قلنا بكون الأوقاف العامّة تحريرا وإيقافا يصدق عنوان الغصبيّة أيضا ؛ لصيرورتها بذلك ـ أي بالتحرير ـ متعلّقا لحقّ الناس ، ولو لم يكن ملكا لهم ، كما أنّ ظاهر معاقد الإجماعات قد عبّر فيها عن الحقّ ، أي : للناس حقّ الصلاة في المساجد أو حقّ السكنى في الخانات.

فلا يتوهّم أنّ إضافتهم بها يكون كإضافتهم بالمباحات قبل تصرّفهم فيها ، حتّى يكون حكما محضا بلا ثبوت حقّ ليس الأمر كذلك ، بل يعتبرون للناس في الأوقاف العامّة الحقوق ونحو اختصاص وإضافة ماليّة بحيث لو منعهم أحد عنها

__________________

(١) وإن كان ظاهرهم اعتبار الماليّة لمنافعه بعد صيرورتها مصبّا للمعاملة والإجارة ، حتّى جوّز بعض جعلها بدلا وعوضا في البيع ، وبالجملة ؛ اعتبر فيها جميع اعتبارات الماليّة ، فراجع أوّل البيع! «منه رحمه‌الله».

(٢) المكاسب : ٤ / ٥٤.

٥١٥

يصدق عليه أنّه غصب حقوقهم.

بل هكذا القول في الأوقاف الخاصّة ، أي لا نلتزم فيها بالتمليك ، مع ذلك نلتزم فيها بصدق عنوان الغصبيّة ، كما أنّ ظاهر الحديث وكذلك عبارات الفقهاء في حقيقة الوقف هو أنّه تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة ، فينكشف من ذلك أنّهم اعتبروا للتمليك مراتب.

منها : تمليك العين بجميع تشخّصات وجودها ومراتب وجودها ، كما في التمليك في البيع والهبة ونحوهما.

[و] منها : تمليكها بجهة من وجودها ؛ مثل تمليك منافعها مثل الإجارة ، والأوقاف الخاصّة ، فهذه الحيثيّة من وجود العين فيهما يصير ملكا للمستأجر والموقوف عليهم ، ولذلك لهم القلب والانقلاب في هذه الحيثيّة من الوجود بأيّ نحو شاءوا ، ولكن بحيث لم يتعدّ عن المنافع ويصل التصرّف بالعين.

ولعلّه لمّا رأوا أنّ للموقوف عليهم في الأوقاف الخاصّة التصرّف فيها ـ أي في منافعها ـ بأيّ نحو شاءوا فالتزموا بالتمليك فيها ، فأشكل عليهم الأمر ، ووردت عليهم الإشكالات المذكورة في محلّها.

وقد تبيّن أنّه لا داعي لذلك ، ولا ضرورة تقتضيه ، مع أنّه يلزم أن نجعل للواقف حقائق مختلفة ، ففي الأوقاف العامّة نلتزم بالتحرير والإيقاف ، وفي الخاصّة بالتمليك.

ومنها : ما يكون تمليكا لجهة من وجود العين أضعف من الجهة الثانية ، وهي جهة الانتفاع من العين كما في العارية والأوقاف العامّة ، ففي مثلهما ليس تمليكا للمنفعة ولا العين ، ولذلك ليس للمستعير ولا الموقوف عليهم القلب

٥١٦

والانقلاب فيهما بل يكون أثر هذا التمليك صرف جعل حقّ الانتفاع لهم ، فيستحقّون أن يعملوا في العين العمل الّذي اعير العين واوقف له ، فلا يتوقّف استحقاقهم ذلك أن يكون العين أو المنفعة ملكا لهم ، بل فيه تسبيل الانتفاع وتمليكه ، وهذا أمر اعتبره العقلاء ، والشارع أيضا أمضاه.

وأمّا جهة الضمان ـ أي ضمان العين ـ فقد تبيّن لك صدق عنوان الغصب على تغليب الأوقاف العامّة وتغييرها عن هيئتها الموقوفة عليها ، وقد ذكرنا في صدر الباب أنّ الغصب مساوق لليد ، ولا يخفى أنّه بعد لحاظ العلقة المذكورة بين الأوقاف المذكورة والموقوف عليهم ، فيصدق أيضا على اليد العادية فيها قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «على اليد ما أخذت حتّى تؤدّي» (١) ولا إشكال أنّ أخذ كلّ شي‌ء بحسبه ، فأخذ العين يكون بوضع اليد عليها ، وأخذ الانتفاع يكون بوضع اليد على ما ينتفع منه ، ومنع المستحقّين عن انتفاعهم [منه].

هذا اعتبار الأخذ ، وأمّا اعتبار الأداء فيها ؛ فإنّما يكون بردّ ما ينتفع به إليهم ، فإن كان بدّله أو جعله محلّا لانتفاع شخصه فيردّه إلى ذوي الحقوق ، ويجعله في محلّه حتّى يستفيد ذوو الحقوق منها كما عيّن بحسب ما أوقفها أهلها لمصرفها ، هذا بخلاف مثل منافع الحرّ ؛ فإنّه وإن كان يتصوّر الاستيلاء بالنسبة إلى الحرّ ، إلّا أنّه لا يصدق الضمان على منافعه الفائتة زمن الاستيلاء عليه وحسبه ، وعلّة ذلك أنّ الإضافة الاختصاصيّة الّتي تكون في الأوقاف ، بحيث يكون منشأ تلك الإضافة الحكم الوضعي الّذي اعتبر فيها باعتبار حقوق الموقوف عليهم المتعلّقة بالأعيان الموقوفة الّتي صارت تلك الإضافة منشأ

__________________

(١) عوالي اللآلي : ١ / ٢٢٤ الحديث ١٠٦ ، مستدرك الوسائل : ١٧ / ٨٨ الحديث ٢٠٨١٩.

٥١٧

لاعتبار نحو ماليّة فيها لهم تلك الإضافة ، ما اعتبر بين الحرّ ومنافعه ، ولذلك قلنا : إنّ سلطنته على نفسه ليست إلّا قدرة محضة وحكما صرفا ، فلذلك ؛ وإن صدق الأخذ على الاستيلاء على الحرّ بوضع اليد عليه ، إلّا أنّ غاية قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «على اليد» وهي «حتّى تؤدّي» لا يصدق ، لأنّ التأدية موقوفة على أن يكون المؤدّى مالا أو حقّا حتّى يردّ ، فيتحقّق الأداء ، وقد أوضحنا : لا اعتبار ماليّة أصلا بالنسبة إلى منافع الحرّ ، فتأمّل! (١)

فانقدح بما ذكرنا تحقيق الضمان باستيلاء اليد على الأوقاف العامّة ، وصدق الغصبيّة عليها عند ذلك ، فللموقوف عليهم إلزام الغاصب على ردّ الأعيان الموقوفة وأخذها منه ؛ لصدق قاعدة «اليد» على عمله ذلك.

ومن البديهة أنّ الضمان لا يتوقّف على مئونة أزيد من ذلك ، وكذلك يضمن العادي والغاصب منافعها المستوفاة بالملاك الّذي بيّنا في ضمانه أصل العين الموقوفة ؛ لأنّه وإن لم يكن منافع المسجد ـ مثلا ـ ملكا للمسلمين ، بل لهم فيه حقّ الانتفاع ، إلّا أنّ تلك الإضافة الّتي تعتبر عند العقلاء بين العين والموقوف عليهم ، كذلك تعتبر بينهم وبين منافعه.

فإن آجر الغاصب المسجد ـ مثلا ـ وأخذ مال الإجارة يجب عليه ، بمعنى أنّه ضامن أن يصرفها في الأعيان الموقوفة ، بل للمسلمين إلزامه ، بأن يأخذوا عنه المنافع ، لا لكونها مالا لهم بل لكونها متعلّقا لحقوقهم ، فيصرفوها في العين الموقوفة من حصير المسجد أو تعميره وغير ذلك ، ولكن لهم ذلك بعنوان الأمر بالمعروف ، أو يكون منعهم بعنوان النهي عن المنكر ، بل فوق ذلك ، بمعنى أنّهم

__________________

(١) الالتزام بالفرق في غاية الإشكال ، «منه رحمه‌الله».

٥١٨

يمنعونه عن التصرّف في حقوقهم ويأخذون منه كذلك حقوقهم الّتي لا تتحقّق تلك إلّا بأخذ ما ينشأ منه هذه الحقوق ، عينا كان أم منفعة ، أمّا العين فهو واضح كيف يكون منشأ لحقوقهم وأمّا المنافع ؛ فلأنّ السنة الّتي آجر فيها المسجد الغاصب ـ مثلا ـ كان للموقوف عليهم في هذه السنة الانتفاع من المسجد ، فقد منعهم الغاصب عن ذلك ، فاستوفى تلك [المنافع] من متعلّق حقوقهم ، ففي الحقيقة هذه المنفعة نشأت من منع حقوقهم واختصاص الانتفاع بنفسه ، الّذي يكون غيره شريكا [معه] فيه ، فغير الغاصب يأخذ منه هذه المنافع ويصرفها في الوقف ؛ لكونها أيضا متعلّقة لحقّه ، فتأمّل!

وأمّا لحاظ الإتلاف فيها ؛ وإن كان المعروف أنّه «من أتلف مال الغير فهو له ضامن» (١) والمفروض أنّ الموقوفات العامّة ليست ملكا (مالا) لأحد ولكن لا إشكال في أنّ هذه القضيّة ليست حديثا مأثورا حتّى نلتزم في تطبيقها على الموارد برعاية ألفاظها ومدلولها الظاهرة فيه ، ولا نتجاوز عن ظاهرها أصلا ، بل هي قاعدة مستفادة من تطبيقها على الموارد الخاصّة الّتي منها قوله عليه‌السلام : «من أضرّ بطريق المسلمين فهو ضامن» (٢).

ولا ريب أنّ هذا ملاكه بعينه متحقّق في مثل إضرارهم بإتلاف مطلق متعلّق حقوقهم ، كالمسجد والرباط والخان وغيرها ، فمن خرّب مسجدا أو نحوه فهو ضامن له ، وللمسلمين إلزامه على بنائه ثانيا وتعميره ؛ لجريان قاعدة الإتلاف هنا أيضا ، كما يجري في مثل الإضرار بطريق المسلمين وجريان ملاكه في مثل

__________________

(١) جواهر الكلام : ٣٧ / ٦٠ ، ولاحظ! القواعد الفقهية : ٢ / ٢٨.

(٢) وسائل الشيعة : ٢٩ / ٢٤١ الحديث ٣٥٥٤٠.

٥١٩

المسجد أيضا ، لأنّ الطريق مع أنّه ليس مالا لهم بل فقط متعلّق لحقّهم ، وإضافة بينه وبينهم ، وقد اعتبروا فيه الماليّة حتّى استفادوا القاعدة المعروفة عن مثله ، كذلك قد عرفت أنّ هذه الإضافة والعلقة متحقّقة بين الأوقاف العامّة والموقوف عليهم ، مع أنّه لا ريب في أنّ في لفظ «المال المأخوذ» في القاعدة توسعة تشمل الحقوق أيضا ، بل يعتبر عند العرف والعقلاء في الحقوق اعتبار الماليّة ، بحيث يستفاد منه تسامحهم في لفظ المال كلّ المسامحة ، وعليك بالتتبّع في الموارد.

فكيف كان ؛ فقد ظهر لك من مطاوي ما ذكرنا حال الرهن وأمثاله كلّ ما يكون متعلّقا لحقّ الغير وله مساس بالغير ولو على نحو الوثيقة ، فالراهن إذا أخذ العين المرهونة عن المرتهن قبل تأدية الدين عدوانا يصدق على عمله ذلك عنوان الغصب والأخذ ، فهو ضامن له وعليه أن يؤدّيه ، وكذلك لو أتلف العين المرهونة يجب عليه التدارك ، وللمرتهن إلزامه على ذلك لجريان جميع الاعتبارات المذكورة والتقريبات السابقة فيه.

تعاقب الأيدي في الغصب

الأمر الخامس : في تعاقب الأيدي ، قال في «الشرائع» : (ولو تعاقبت الأيدي الغاصبة على المغصوب تخيّر المالك في إلزام أيّهم شاء ، أو إلزام الجميع بدلا واحدا) (١).

نقول : في المقام إشكالات ثلاثة لا بدّ من تنقيح البحث بنحو ترتفع الإشكالات ، حتّى نخرج عن المسألة فارغا عن الشبهات كلّها.

__________________

(١) شرائع الإسلام : ٣ / ٢٣٦.

٥٢٠