الرسائل الفقهيّة

الميرزا أبو الفضل النجم آبادي

الرسائل الفقهيّة

المؤلف:

الميرزا أبو الفضل النجم آبادي


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آية الله العظمى البروجردي
المطبعة: قرآن كريم ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-93094-1-1
الصفحات: ٧٠٨

رسالة الخمس

٢٢١
٢٢٢

بسم الله الرحمن الرحيم

خمس أرباح المكاسب

ممّا يجب فيه الخمس ؛ أرباح المكاسب وبقيّة الاستفادات الحاصلة من التكسّبات ، بعد إخراج مئونة السنة منها.

وهنا مسائل ؛ الاولى : في أنّه بعد ظهور الربح يتعلّق الخمس بالعين أو بالذمّة ، وبعد فرض تعلّقه بالعين يكون على نحو الحقيّة أم على نحو الملكيّة والاشتراك؟ فإذا وقع معاملة على ما تعلّق به الخمس ؛ هل تكون صحّته مراعاة بإخراج الحقّ منه ، أو يكون صحيحا ، لكن جواز التصرّف للمشتري مراعى بإخراج الحقّ؟

ثمّ بعد فرض كونه على نحو الملكيّة والاشتراك ؛ هل يكون المالك مأذونا شرعا في التصرّفات الواردة على مقدار الخمس ، فإذا باع ما تعلّق به الخمس كان ما قابله من الثمن خمسا ، ويكون مأذونا في التصرّفات في بدله إلى أن ينقضي الحول ، أم يكون المعاملة الواقعة على مقدار الخمس فضوليّا يتوقّف صحّته على إذن الحاكم؟

ثمّ بعد ذلك ، إن ظهر ربح بين المعاملات الواقعة عليه ، يكون من المالك أو من أرباب الخمس؟

الثانية : هل يعدّ من المئونة الّتي تعلّق الخمس بعد إخراجها ، جبران

٢٢٣

الخسران الّذي وقع على المالك في الحول أم لا؟

وعلى فرض الجبران ؛ هل يفرق بين أن يكون الخسران في المادّة الّتي حصل منها الربح ، كما إذا كان الربح من تجارة ثمّ وقع الخسران على هذه التجارة ، وبين أن يكون الربح في مادّة ثمّ وقع الخسران على غيرها ، سواء كان مشتركا معها في النوع ، كما إذا وقع الخسران في تجارة اخرى ، أو لم يكن مشتركا معها في النوع ، كما إذا وقع أحدهما في التجارة والآخر في الزراعة ، سواء كان مشتركا في الجنس أم لا ، أو كان الخسران هدم الدار ـ مثلا ـ والربح في التجارة؟

الثالثة : المساكن والمناكح والمتاجر الّتي أحلّ الخمس فيها للشيعة ؛ هل يختصّ بما إذا كان الانتقال من أهل السنّة ، أو يعمّها وما كان من الكفّار أيضا؟

هل يتعلّق الخمس بالعين أو بالذمّة؟

أمّا الاولى : فاعلم! أوّلا أنّ وقت ظهور الربح الّذي يعتبر في تعلّق الخمس هو بعد انقضاء الحول ، كما يظهر من الأخبار الّتي دلّت على وجوب الخمس بعد إخراج مئونة السنة (١) ، فإنّ الحال غالبا عدم تعيّن مقدار الربح الّذي يكفي مئونة السنة وزاد عنها إلّا بعد انقضاء الحول ، بل الأغلب عدم حصوله قبل تمامه أيضا.

نعم ؛ لو حصل له في أثناء الحول ربح يقطع بكفاية مئونة السنة مع الزيادة ، فعليه أن يردّ الخمس إن لم يحتمل طروّ الخسران له لا يزيد الزائد عن جبره ، فإن احتمل ؛ فذلك الموضع الّذي فيه يتوسّع وقت الخمس فيصبر حتّى ينقضي الحول وينكشف الحال.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٩ / ٤٩٩ الباب ٨ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

٢٢٤

فانقدح بذلك أنّه لا إشكال في التصرّفات الّتي تقع عن المالك في الأرباح في أثناء السنة ، بناء على عدم حصول ربح يقطع بزيادته عن مئونة السنة ، لعدم تعلّق الخمس بماله في أثناء الحول [السنة].

ثمّ بعد وصول وقت التعلّق فهل يتعلّق بالعين على نحو الحقيّة أو على نحو الملكيّة ، بعد الفراغ عن عدم تعلّقه بالذمّة ، لبعد دلالة الأخبار عليه؟ فظاهر قوله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‌ءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ) (١) هو كونه على نحو الملكيّة ، لظهور «اللام» فيه ، لكن يعارضه ظهور أنّ تعلّق الحكم بالموضوع في حال ثبوت الموضوع وبقاء عنوانه كما كان قبله ، فإنّه بناء على الأخذ بما أفاده «اللام» من الملكيّة يكون مفاد الآية : أنّ ما ملكتموه غنيمة ينتقل خمسه من ملككم إلى ملك الله ورسوله ، فالموضوع لوجوب الخمس هو ملك الناس ، وبعد تعلّق الحكم لا يكون وصف الموضوع باقيا ، وهو خلاف ما هو ظاهر حال الحكم مع موضوعه ، ولا يعتدّ بما خرج عن هذه القاعدة ، كسوّدت الأبيض وأغنيت الفقير وغيرهما ، لقلّته ولوجود القرينة.

ثمّ بعد تعارض الظهورين لا يبعد تقدّم ظهور حال تعلّق الحكم بالموضوع ، ويحمل على أنّ التعلّق بنحو الحقيّة ، فإنّ مفاد الآية حينئذ : أنّ ما ملكتموه غنيمة فإنّه يتعلّق لله وللرسول حقّ عليه ، كان ذلك الحقّ بمقدار خمسه في حال كونه ملكا لكم ، وبعد منع الرجحان وتساقط الظهورين بالمعارضة فالمرجع هو الأصل ، فيستصحب بقاء ملكيّة المالك ، وثمرة كون تعلّقه على نحو الحقيّة هو صحّة التصرّفات وعدم كون العقد الواقع عليه فضوليّا.

__________________

(١) الأنفال (٨) : ٤١.

٢٢٥

نعم ؛ لزومه مراعى على أداء حقّ من له الخمس أو إجازته ، ودعوى إجازة الشارع للتصرّف في هذا المال وانتقال الخمس ـ سواء كان ملكا أو حقّا ـ إلى الذمّة ، غير بيّن البرهان.

نعم ، يمكن الاستدلال عليه برواية أبي يسار الدالّة على تصرّفه في الغوص الّذي أخرجه من البحر ببيعه ، ولذا جاء بثمنه إلى الإمام عليه‌السلام (١).

إلّا أنّ احتمال استجازته من الإمام عليه‌السلام قبل البيع ، أو اختصاص الإجازة العمومي ـ على فرض دلالتها ـ بما يغوص من الجواهرات ؛ لتعسّر إخراج خمسه قبل البيع ، أو عدم تعيّن صحّته قبله ، يبعّد الاستدلال به على ما نحن فيه.

والتمسّك برواية القصب (٢) أضعف ، لقوّة احتمال كون البيع في أثناء السنة وقبل تعلّق الخمس به.

والحاصل : أنّه لا يبعد القول بأنّ الخمس أيضا حقّ يتعلّق بأرباح المكاسب وغيرها ممّا يجب فيه الخمس كالزكاة ، ويدلّ عليه ـ مضافا إلى ما ذكر ـ الرواية الواردة في من أخرج ركازا فباعه بدراهم وشياه (٣) .. إلى آخره ، فإنّ حكمه عليه‌السلام بصحّة المعاملة واستيفاء الخمس من الثمن الّذي أخذه البائع ظاهر في أنّه على نحو الحقيّة ، وإلّا فاللازم أخذ مقدار الخمس من عين الركاز.

واحتمال انتقال البائع الخمس إلى الذمّة قبل البيع ؛ مندفع بظهور حاله في القصد إلى عدم إخراجه.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٩ / ٥٤٨ الحديث ١٢٦٨٦.

(٢) وسائل الشيعة : ٩ / ٥٠٤ الحديث ١٢٥٨٧.

(٣) وسائل الشيعة : ٩ / ٤٩٧ الحديث ١٢٥٧٥.

٢٢٦

وعلى أيّ حال ؛ فبناء على كون الخمس حقّا متعلّقا بالمال يكون مانعا عن نفوذ التصرّفات الواقعة عليه ما دام الحقّ باقيا ، فلو أوقع المالك على ماله الغير المخمّس عقدا مع تضييق وقت إخراج الخمس وعدم نقله إلى الذمّة ـ بناء على جوازه ـ فتكون صحّة ذلك العقد مراعاة بإخراج الخمس عنه [قبل العقد] ، فلو أخرج كان صحيحا وإلّا لبطل ، فلو وقع على هذا المال عقد واحد من المالك ثمّ أخرج الخمس عنه أو وقع عليه عقود مترتّبة ثمنا ومثمنا ، ثمّ أخرج خمسه فمقتضى القاعدة كون العقود باطلة.

أمّا الصورة الاولى ؛ فلأنّ وقوع العقد حين تعلّق الحقّ غير مجد ، وبعده لم يقع عقد آخر ، فهو كما إذا باع الشي‌ء المرهون ثمّ فكّ رهنه.

وأمّا الصورة الثانية ؛ فيضاف إلى هذه الجهة من وجود المانع عدم المقتضي أيضا بالنسبة إلى العقود اللاحقة ، وهو ملكيّة الناقل والبائع.

ولكن يمكن أن يقال بصحّة العقود الواقعة عليه ونفوذها بعد إخراج خمسه مهما كانت بمقتضى الرواية الواردة عن أبي جعفر عليه‌السلام : «لا يحلّ لأحد أن يشتري من مال (١) الخمس شيئا حتّى يصل إلينا حقّنا» (٢).

ورواية اخرى لأبي عبد الله عليه‌السلام : «لا يعذر عبد اشترى من مال (٣) الخمس شيئا أن يقول : يا ربّ! اشتريته بمالي ، حتّى يأذن له أهل الخمس» (٤).

وتقريب الاستدلال يتوقّف على مقدّمات :

__________________

(١) لم ترد في المصدر : مال.

(٢) وسائل الشيعة : ٩ / ٤٨٤ الحديث ١٢٥٤٣ ـ ١٢٥٥٠.

(٣) لم ترد في المصدر : مال.

(٤) وسائل الشيعة : ٩ / ٥٤٢ الحديث ١٢٦٧٤.

٢٢٧

الاولى : لا ريب أنّ أمر البيع أمر شرعيّ يجوز للشارع أن يتصرّف فيه كيف شاء ، بمعنى أنّه يمكن له أن يمضي البيع الّذي لم يكن جامعا للشرائط ، كيف؟! ومن يجعل شيئا شرطا أو مانعا يمكنه إلغاء شرطيّته ومانعيّته مهما شاء.

الثانية : انحصار المانع من نفوذ هذا البيع كونه متعلّقا للخمس ، غاية الأمر تارة يكون هو فقط ، واخرى يتولّد منه عدم المقتضي أيضا.

الثالثة : أنّ المراد من الحلّيّة في قوله عليه‌السلام : «لا يحلّ» هي الحلّيّة التكليفيّة ، ومن «الاشتراء» هو التصرّف في المال الّذي أخذه من البائع ، فحرمة التصرّف فيه تدلّ على عدم نفوذ بيعه فعلا ، وظاهر أنّ المراد ليس هو إنشاء نقل الملكيّة ، وإلّا لم يكن فيه عقاب حتّى لا يكون المشتري معذورا عند الله.

فبعد هذه المقدّمات نأخذ بإطلاق الخبرين ونقول : إذا وقع عقود مترتّبة أو عقد واحد على هذا المال الّذي لم يؤدّ خمسه ، فحلّيّة تصرّف كلّ واحد منهم موقوف على أداء الخمس ، من دون توقّف على شي‌ء آخر ، كما هو قضيّة جعل حرمة التصرّف مغيّاة بعدم وصول الحقّ إلى أهله ، فجوازه حاصل عند حصول غاية الحرمة ، ومقتضى حلّيّة التصرّف للمشتري الثاني ـ مثلا ـ هو انتقاله إلى ملكه بالعقد الّذي وقع عليه قبل إخراج الخمس ولازمه إلغاء بعض شرائط البيع ، وهو جائز للشارع ، كما عرفت ، ولازم الطريق حجّة ، فتأمّل!

وممّا يمكن الاستدلال به على كونه على نحو الحقيّة ، هو الرواية الّتي سئل عن المعصوم عليه‌السلام : عن بستان صرف بعض فاكهتها في مئونة عياله وباع بعضها ، فقال عليه‌السلام : «ما بعت منه فخمّسه!» (١) ؛

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٩ / ٥٠٤ الحديث ١٢٥٨٨ ، نقله بالمعنى.

٢٢٨

فإنّه لو كان الخمس متعلّقا بالعين فحينئذ للإمام عليه‌السلام أن يسأل ويقول : فما تفعل بالخمس إذا تريد البيع؟ فعدم سؤاله يدلّ على جواز بيعه ، وهو يدلّ على أنّ الخمس يكون على نحو الحقيّة.

واحتمال أن يكون صحّة البيع في هذه الموارد بسبب إمضائه وإجازته عليه‌السلام ؛ مدفوع بأنّ الظاهر تسليم صحّة العقود الّتي وقعت على هذه الأموال ، ولذا اطلق على ما يكون بإزائها الثمن ، والظاهر أنّها ثمن بمجرّد وقوع العقد عليها ، لا أنّها تصير ثمنا بعد إجازته.

ثمّ بعد ذلك يحتمل أن يكون البيع صحيحا من أوّل الأمر ولم تتوقّف صحّته على إجازته ، ويحتمل أن يكون صحّته موقوفة على إجازته ، لكون المال متعلّقا لحقّه ، كما في حقّ الرهانة وأمثالها ، والظاهر من الأدلّة ـ كما عرفت من إطلاق لفظ «الثمن» على ما يقابل المال الخمسي وغيره ـ هو صحّة البيع وحصول الانتقال بمجرّد وقوع العقد.

ثمّ مع تسليم صحّة العقد ؛ هل ينتقل العين الخمسي إلى المشتري متعلّقا للحقّ ، أو ينتقل الحقّ منها إلى الثمن؟ وجهان : من دلالة الأخبار (١) على حرمة تصرّف المشتري قبل وصول الخمس إلى أهله ، وهو علامة بقاء الحقّ متعلّقا عليه ؛ ومن إمكان انتقال الحقّ [إلى] الثمن ، وكون حرمة تصرّفه تعبّدا.

ويدلّ على ما قلنا أمرهم عليهم‌السلام بإخراج الخمس من الثمن في بعض الأخبار (٢) ، واحتمال أن يكون المراد من الثمن القيمة ، فيدلّ على جواز إخراج

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٩ / ٤٨٤ الحديث ١٢٥٤٣ و ١٢٥٤٤ و ٤٨٧ الحديث ١٢٥٥٠ و ٥٤٢ الحديث ١٢٦٧٤.

(٢) وسائل الشيعة : ٩ / ٤٩٨ الحديث ١٢٥٧٥.

٢٢٩

الخمس من قيمة ما تعلّق به ، لكون الغالب مطابقة الثمن للقيمة الواقعيّة خلاف الظاهر.

وكيف كان ؛ فهل كون تعلّق الخمس بالمال ـ سواء كان على نحو الحقيّة أم على نحو الملكيّة ـ على نحو الإشاعة ، أم [على] ؛ نحو الكلّي في المعيّن؟

فعلى الأوّل ؛ لا يجوز للمالك التصرّف في المال المتعلّق للخمس بوجه.

وعلى الثاني ؛ يجوز له التصرّف إلى أن يبقى بمقدار الخمس منه ، وجهان ؛ من أنّ الأصل جواز تصرّف كلّ أحد في ماله ، فيختصّ المنع بالمقدار المتيقّن وهو مقدار الخمس ، ومن ظهور لفظ الخمس ـ الّذي هو أحد الكسور ـ في الإشاعة.

والأقوى هو الثاني ؛ نظرا إلى الروايات الدالّة على حرمة التصرّف (١) ، فكلّ جزء من أجزاء المال المتعلّق للخمس ممّا لا يعذر الله المالك أن يشتري به شيئا حتّى يصل مالهم إليهم عليهم‌السلام.

ثمّ على فرض كونه من قبيل الكلّي في المعيّن ، فيجوز للمالك التصرّف إلى أن يبقى منه مقداره ، ولا يحتاج إلى قصد إخراج الخمس من الباقي ، كما هو قاعدة هذا الباب ، فما ذكره السيّد قدس‌سره في موضعين من كلامه في «العروة» من تقييد جواز التصرّف بصورة القصد بأداء الخمس من الباقي (٢) ، لا نعرف له وجها ، فتدبّر!

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٩ / ٤٨٤ الحديث ١٢٥٤٣ و ١٢٥٤٤ و ٤٨٧ الحديث ١٢٥٥٠ و ٥٤٢ الحديث ١٢٦٧٤.

(٢) العروة الوثقى : ٢ / ٣٩٩ المسألة ٧٦ ، و ٤٠١ المسألة ٨٠.

٢٣٠

ما هو المراد ممّا احلّ فيه الخمس للشيعة؟

وأمّا المسألة الثالثة (١) ؛ فمجمل القول فيها : أنّ الأخبار الواردة في باب الخمس على ثلاثة أقسام :

منها : ما يدلّ على أصل مشروعيّته (٢).

ومنها : ما يدلّ على عدم تحليله مطلقا صريحا (٣).

ومنها : ما يدلّ على التحليل (٤).

وطريق الجمع بينهما حمل ما دلّ على التحليل على المناكح والمساكن والمتاجر الّتي وقع في أيدينا من الكفّار ومن لا يعتقد الخمس ، بل لا يبعد أن يقال : إنّ أصل مصبّ أخبار التحليل هو هذا المورد ولا يحتاج إلى الجمع أيضا.

لا إشكال في تحليل ما وقع في أيدينا من أهل السنّة ، فهل يختصّ التحليل بهم أو يعمّهم والكفّار الّذين لا يعتقدون أصل الإسلام أيضا ، وأيضا هل يختصّ التحليل بما إذا وقع منهم أو يعمّه وما إذا حصل الاشتراك بيننا وبينهم في ما يجب في سهم الخمس؟

الأقوى ؛ ثبوت التحليل في الصورتين ، نظرا إلى التعليل الّذي ذكره عليه‌السلام في ذيل بعض أخبار التحليل ، مثل الخبر الّذي سئل عليه‌السلام فيه عن أرباح المكاسب

__________________

(١) لا يخفى أنّ المصنّف رحمه‌الله ما راعى الترتيب في ذكر المسائل ، والمسألة الثانية تأتي في الصفحة : ٢٣٨ من هذا الكتاب.

(٢) وسائل الشيعة : ٩ / ٤٨٣ الحديث ١٢٥٤١.

(٣) وسائل الشيعة : ٩ / ٤٨٤ الحديث ١٢٥٤٣ و ١٢٥٤٥.

(٤) وسائل الشيعة : ٩ / ٥٤٣ الباب ٤ من أبواب الأنفال.

٢٣١

الّتي تقع في أيدي الشيعة ، قال عليه‌السلام : «ما أنصفناهم إن كلّفناهم ذلك اليوم» (١) دلّ على أنّ كلّ مورد يكون عدم تحليل الخمس فيه خلاف المرحمة واللطف القديمة الّتي كانت منهم عليهم‌السلام بالنسبة إلى شيعتهم كان الخمس فيه محلّا.

فإذن ؛ المعادن الّتي كانت في أيدي الكفّار ولا يؤدّون خمس ما أخرجوا منها ، فإمّا أن يمنعوا الشيعة من المعاملة معهم أو يكلّفوهم بالأداء من مالهم أو أحلّوا لهم.

ولا ريب أنّ كلا الشقّين الأوّلين خلاف اللطف والمرحمة ، فتعيّن الشقّ الثالث ، وكذا إذا كان أرضا مشتركا بين الاثنين ، فباع أحدهما سهمه من ذمّيّ ولم يقدر أهل الإسلام بأخذ خمسها منه ، فإذن لا بدّ إمّا من حكمهم بعدم جواز تصرّف المسلم في سهمه المشترك مع مقدار الخمس ، أو أداء الخمس من ماله أو إحلالهم عليهم‌السلام الخمس له ، وظاهر أنّ الأوّلين خلاف مرحمتهم ، فتعيّن الثالث.

وهل يختصّ التحليل في باب الخمس بالمواضع الثلاثة المذكورة أو يعمّها وسائر موارد الخمس ، نظرا إلى إطلاق بعض الأخبار؟

الأقوى هو الأوّل ، وبيانه يتوقّف على مقدّمة ، وهي : أنّه إذا ورد عامّ واحد وخاصّ متعدّد فالظاهر عرض هذه الخاصّات أجمع على العامّ ، وتخصيص حجّته بما عداها لو لم يلزم تخصيص الأكثر أو إلغاء العامّ بالكليّة ، وإن لزم ذلك عمل بينهما عمل التعارض ، ولا يجوز أن يعرض على العامّ بعض الخاصّات متقدّما حتّى تنقلب النسبة مع الخاصّ الآخر إلى العموم من وجه.

وأمّا إذا ورد عامّان متعارضان في بادي النظر ، وورد ما هو أخصّ من

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٩ / ٥٤٥ الحديث ١٢٦٨٠ ، وفيه : ما أنصفناكم إن كلّفناكم.

٢٣٢

أحدهما ، فالظاهر تخصيص هذا العامّ أوّلا بهذا الخاصّ ، ثمّ ملاحظة النسبة بينه وبين العامّ الآخر والعمل بمقتضاه. كيف كان ؛ لأنّ الدليل لا يعارض الآخر ما لم يستقرّ حجّيته من جميع الجهات ، والعامّ الّذي ورد في مقابله خاصّ لم يكن حجّة في مقدار الخاصّ أصلا ، فكيف يمكن أن يعارض الدليل الآخر المستقرّ حجيّته في كلّ الأفراد؟ كيف ولا يمكن عمل التعارض بينهما مع عدم استقرار ظهوره وحجيّته؟ فحينئذ بعد تخصيص أحد العامّين بالخاصّ الوارد في مقابله كثيرا ما ينقلب النسبة بينهما إلى العموم والخصوص المطلق ، فتنحصر حجيّة العامّ الآخر في غير مورد هذا العامّ بعد التخصيص بصيرورته أظهر ، بل نصّا في بعض المقامات بعد التخصيص في الأفراد الباقية تحته ، فلا يعارضه ظهور العامّ في هذه الموارد.

إذا عرفت ذلك ؛ فنقول : الأخبار الواردة في هذا الباب على ثلاثة أنحاء :

منها : ما يدلّ على عدم التحليل مطلقا ، كما في رواية عليّ بن راشد : قلت له : أمرتني بالقيام بأمرك وأخذ حقّك فأعلمت مواليك بذلك ، فقال لي بعضهم : وأيّ شي‌ء حقّه؟ فلم أدر ما أجيبه.

فقال عليه‌السلام : «يجب عليهم الخمس».

فقلت : ففي أيّ شي‌ء؟

فقال عليه‌السلام : «في أمتعتهم وصنائعهم».

قلت : والتاجر والصانع بيده؟

قال عليه‌السلام : «إذا أمكنهم بعد مئونتهم» (١).

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٩ / ٥٠٠ الحديث ١٢٥٨١.

٢٣٣

ومثلها غير واحد من الروايات (١).

ومنها : ما يدلّ على التحليل في موضع خاصّ ، وهو المناكح والمساكن والمتاجر إذا وقع في أيدي الشيعة ممّن لا يعتقد الخمس من الكفّار أو العامّة ؛ فمنها : رواية يونس بن يعقوب ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام إذ دخل عليه رجل من القمّاطين ، فقال : جعلت فداك تقع في أيدينا الأموال والأرباح وتجارات نعرف (٢) أنّ حقّك فيها ثابت ، وأنّا عن ذلك مقصّرون.

فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «ما أنصفناكم إن كلّفناكم ذلك اليوم» (٣).

والظاهر ؛ أنّ المراد من «ذلك اليوم» وقت تسلّط الكافرين والغاصبين ، حيث يعملون بالتقيّة ، ويحتمل أن يكون المراد يوم القيامة أيضا ، لكنّه بعيد ، وفي معناها غير واحد من الأخبار (٤).

ومنها : ما يدلّ على التحليل مطلقا ، كرواية حكيم ، مؤذّن بني عيس ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‌ءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ) (٥) قال : هي والله الإفادة يوما فيوما (٦) ، إلّا أنّ أبي جعل شيعتنا من ذلك في حلّ ليزكوا» (٧).

__________________

(١) انظر! وسائل الشيعة : ٩ / ٤٩٩ الباب ٨ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

(٢) في المصدر : نعلم.

(٣) وسائل الشيعة : ٩ / ٥٤٥ الحديث ١٢٦٨٠.

(٤) انظر! وسائل الشيعة : ٩ / ٥٤٣ الباب ٤ من أبواب الأنفال.

(٥) الأنفال (٨) : ٤٧.

(٦) في المصدر : يوما بيوم.

(٧) وسائل الشيعة : ٩ / ٥٤٦ الحديث ١٢٦٨٢.

٢٣٤

وفي معناها أخبار متعدّدة (١).

فنقول : القسم الأوّل مع القسم الأخير متعارضان ، والقسم الأوسط يخصّ القسم الأوّل في الموارد المذكورة ، فتصير نسبته مع الأخير عموما مطلقا ، فيخصّص به عمومات التحليل وتقيّد إطلاقاته.

ثمّ إذا عرفت كيفيّة الجمع بين الأخبار ، وكيفيّة الاستدلال بها لحلّ المناكح والمساكن والمتاجر على الوجه الأحسن تعرف أنّه لا حاجة إلى الاستدلال بمرسلة «عوالي اللآلي» الّتي استدلّ بها الشيخ قدس‌سره في المواضع الثلاثة ، وهي على ما حكاه في مسألة حلّ المناكح من خمسه عن «عوالي اللآلي» قال : سئل الصادق عليه‌السلام ، فقيل له : يا ابن رسول الله! ما حال شيعتكم في ما خصّكم الله به إذا غاب غائبكم واستتر قائمكم؟

فقال : «ما أنصفناهم إن أخذناهم (٢) ، ولا أحسنّاهم (٣) إن عاقبناهم ، بل نبيح لهم المساكن لتصحّ عباداتهم (٤) ونبيح لهم المناكح لتطيب ولادتهم ، ونبيح لهم المتاجر ليزكوا أموالهم» (٥).

مع إمكان أن يناقش فيه تارة بإرساله ، واخرى بأنّ سياقه يأبى عن حمله على خصوص هذه الثلاثة بالمعنى الّذي ذكرناه وهو ما إذا وقع في أيدينا عن يد من لا يعتقد الخمس ، لأنّ تحليل هذه الثلاثة لا يختصّ بحال الحضور حتّى

__________________

(١) انظر! وسائل الشيعة : ٩ / ٥٤٣ الباب ٤ من أبواب الأنفال.

(٢) في المصدر : إن واخذناهم.

(٣) في المصدر : ولا أجبناهم.

(٤) في المصدر : عبادتهم.

(٥) عوالي اللآلي : ٤ / ٥ الحديث ٢ ، مستدرك الوسائل : ٧ / ٣٠٣ الحديث ٨٢٧٢.

٢٣٥

يتوحّش السائل الشيعي بعد الغيبة ويسأل عنه بخصوصه ، بل ظاهره السؤال عن مطلق الخمس ، فإنّه لمّا شاهد السائل أنّ الشيعة مرسلون خمسهم في حال الحضور بخدمتهم ، أو يعيّنون الوكيل لأخذه فصار بصدد تعيين تكليفهم في حال الغيبة ، فتحليل الإمام عليه‌السلام يرجع إلى كليّة الخمس ، لا خصوص المناكح والمساكن والمتاجر بالمعنى الّذي ذكرناه.

وقلّ العامل بهذا الحديث ، فطرحه وفاقا «للتذكرة» (١) لا يخلو عن قوّة ، مضافا إلى ما حكي أنّ «الحدائق» لم يذكره أصلا مع جمعه لأخبار الخمس مستوفى ، وراجع فتدبّر!

تتميم : قد يتوهّم في إباحتهم الخمس للشيعة إشكالان :

أحدهما : أنّ الخمس بتمامه ليس حقّا لهم ، بل نصفه حقّهم ونصفه الآخر حقّ للسادات ، فكيف يبيحون الخمس أجمع؟

ويمكن دفعه تارة بأنّ تمامه لهم والسادات جميعا عيالهم ، كما يشهد به بعض الأخبار (٢) ، وقد خصّ نصفه بهم موهوبا منهم عليهم‌السلام.

واخرى ؛ بأنّه على فرض كون نصفه مختصّا بالسادة ، لهم الولاية المطلقة للتصرّف في أموال الناس جميعا ، وكيف بالسادة؟! فإنّهم أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأموالهم.

ثانيهما : أنّه كيف تنطبق هذه الإباحة للشيعة مع القواعد؟ من وجوه :

الأوّل : أنّ الإباحة لا تفيد الملكيّة ، مع دعوى الإجماع على أنّ الشيعة

__________________

(١) تذكرة الفقهاء : ٥ / ٤٤٤.

(٢) وسائل الشيعة : ٩ / ٥١٨ الحديث ١٢٦١٨.

٢٣٦

يصيرون مالكا في الموارد المذكورة ، ولذا يجوز لهم الوطء والعتق والبيع.

الثاني : أنّ الإباحة والتمليك يستدعي لا أقلّ وجود الملك ، مع أنّه لا شي‌ء منهما في زمن الأئمّة عليهم‌السلام حتّى يصحّ التمليك.

الثالث : أنّه على فرض صحّة التمليك فهو ليس للأفراد ، بل بعنوان الشيعة ، كملك المفتوح عنوة الّذي هو ملك لعنوان المسلم ، فلا يجوز تصرّف كلّ أحد بنفسه فيه ، بل يجب أن يجمع في بيت المال ، ثمّ يصرف بإذن الحاكم في مصالح الشيعة.

وأنت خبير بأنّه بعد دلالة الأخبار على أنّ الخمس متعلّق بالأموال على نحو الحقيّة لا وقع لواحد من الإشكالات ، وقد عرفت أنّ الأقوى نفوذ التصرّفات الواقعة على المال المخمّس قبل الإخراج ، غاية الأمر حرمة التصرّف للمشتري قبل وصول الحقّ إليهم ، فمعنى تحليلهم عليهم‌السلام ؛ إغماضهم عن حقّهم فيحلّ به التصرّفات قبل الوصول ، مضافا إلى أنّ معنى تعلّق حقّهم بالمال أنّهم مختارون وحريّون بتملّك خمس هذا المال ، ومعنى تحليلهم عليهم‌السلام ، إذنهم للشيعة بتملّك سهمهم ونقل هذا الاختيار إليهم.

نعم ؛ لو استفيد من الأخبار كون الخمس ملكا لهم وكونهم شركاء مع المالك (١) ـ كما هو المشهور ـ يشكل دفع الإشكالات.

لكن يجاب تارة ؛ بأنّ هذا نحو تمليك خاصّ للشيعة ورد به النصّ الخاصّ (٢) فلا يلزم أن ينطبق على القواعد.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٩ / ٤٨٣ الباب ١ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

(٢) لاحظ! وسائل الشيعة : ٩ / ٥٤٣ الباب ٤ من أبواب الأنفال.

٢٣٧

واخرى ؛ بكونه دفعا ، لا رفعا ، بمعنى أنّ الله تعالى لم يكلّف الشيعة بالخمس في هذه الموارد من أوّل الأمر ، وغير ذلك من الأجوبة المذكورة في المفصّلات.

هل يجبر الخسران الوارد على المالك في الحول من الربح؟

الثانية من المسائل الّتي ذكرناها في صدر البحث هو أنّ الخسران هل يجبر بالربح مطلقا أو يفصّل؟

لا إشكال في جبر خسران تجارة واحدة بربحها ، فهل يجبر خسران إحدى التجارتين بربح اخرى؟ بل وهل يجبر خسران ضيعته كالزراعة بربح التجارة مثلا؟ بل وهل يجبر الخسران الواقع على المالك ولو لم يكن في كسبه ، كهدم داره وموت دابّته من الربح الحاصل من استفاداته أم لا؟

لا إشكال أنّه لو أخذنا في عنوان ما يجب فيه الخمس من الأرباح هو أرباح الاكتسابات ، لا يجوز جبران الخسران الوارد على المالك عن غير طريق الاكتساب ، لصدق حصول الربح من الاكتساب مع هدم داره ، ولكن لو جعلنا العنوان هو مطلق الفائدة ، كما هو مضمون بعض الأخبار (١) والمعنون في كلمات الأخيار ، وحمل ما ورد منها في تقييد الربح بالاكتساب بذكرها من باب المصداقيّة ، لكونها أغلب أفراد ما يفيد.

فيمكن القول بملاحظة الفائدة بعد جبر الخسارة عن أيّ جهة كانت ، فإنّ الملحوظ حينئذ فائدة سنة المالك ، ومعنى الفائدة في السنة هو ما يحصل له فيها

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٩ / ٥٠٣ الحديث ١٢٥٨٥.

٢٣٨

زائدا على ما يملكه في السنة السابقة وبعد حصول مائة درهم من الاكتساب ، وموت دابّة له يوازي قيمتها هذا المقدار لم يصدق أنّه حصل له الفائدة في هذه السنة ، بل يصدق لم يقع عليه ضرر.

نعم ؛ ذكر السيّد قدس‌سره في «العروة» أنّه لا إشكال في عدم جبران الخسارة الّتي كانت من قبيل هدم الدار وموت الدابّة ، وأمّا الخسران الوارد في إحدى التجارتين الأحوط عدم الجبران بربح الاخرى وإن كان الجبران لا يخلو عن قوّة ، وكذا نفى الإشكال عن جبران خسران التجارة بربحها (١).

أقول : لو اخذ في العنوان وجوب خمس الزائد عن ربح الاكتساب فإمّا أن يؤخذ بنحو العموم المجموعي فمعناه ربح جميع الاكتسابات في السنة فلا إشكال في جبران خسارة إحدى التجارتين بربح الاخرى ، لأنّه مع عدم الجبران لا يصدق ربح الاكتسابات.

وإمّا أن يؤخذ بنحو العموم الاستغراقي في ربح كلّ استفادة بخصوصه موردا للخمس ، فمقتضاه عدم جبران خسران التجارة بربحها أيضا ، لأنّه يصدق أنّه ربح من اكتسابه الفلاني كذا وكذا.

ولو أخذ في العنوان خمس الفوائد ـ كما أنّه ليس ببعيد ، ويدلّ عليه جملة من الأخبار الدالّة على وجوب الخمس في الجائزة والهديّة والصدقة (٢) ـ فإنّها لا تعدّ اكتسابا على الأقوى ، فإنّه طلب المال من حيث الماليّة وطلب الرزق مثلا ،

__________________

(١) العروة الوثقى : ٢ / ٣٩٧ و ٣٩٨.

(٢) وسائل الشيعة : ٩ / ٥٠١ الحديث ١٢٥٨٣ ، و ٥٠٣ الحديث ١٢٥٨٥ ، و ٥٠٤ الحديث ١٢٥٨٨ ، و ٥٠٨ الحديث ١٢٥٩٦.

٢٣٩

ولذا لا يعدّ صيد السلطان اكتسابا ، بل هو فائدة ، فلا يبعد القول بجبر كلّ خسران ورد على المالك من أيّ جهة كان ، لعدم صدق حصول الفائدة مع الخسارة ، كما مرّ ، فتأمّل!

ثمّ إنّه لا إشكال في خروج الميراث إذا لم يكن ممّا لا يحتسب عن عنوان الفائدة فلا يجب فيه الخمس ، لأنّه يعدّ مال المورّث مال الوارث طولا بل يعدّ وجود المورّث مانعا عن إجراء آثار الماليّة ولم يعدّ انتقاله إليه فائدة ، فالأظهر عدم وجوب الخمس في الميراث ، وفاقا «للتذكرة» (١).

نعم ؛ استثنى بعض الأصحاب فيما إذا كان الميراث ممّن لا يحتسب (٢) ويدلّ عليه بعض الأخبار أيضا (٣).

وأمّا ما زاد عن المئونة من الزكاة والخمس وأمثالهما ؛ فالظاهر عدم وجوب الخمس فيه ، لعدم عدّه فائدة ، لأنّ الفائدة ما حصل ولم يكن شي‌ء بإزائه ، كالزائد على رأس المال في التجارة والهديّة وأمثالهما.

وأمّا الخمس والزكاة ؛ فكأنّهما طلب ودين من المستحقّ على المالك فأدّاه بتعيّنه في ذلك المستحقّ فهو حقّه الثابت في ذمّة المالك قد أدّاه ، وليس شي‌ء ولم يكن بإزائه شي‌ء حتّى تعدّ فائدة ، فهو كما إذا كان له في ذمّته دين وقد استقرضه منه.

وبعبارة اخرى : الزكاة إذا نسبت إلى نوع الفقراء كانت فائدة ، لأنّه لم يكن

__________________

(١) تذكرة الفقهاء : ٥ / ٤٢١.

(٢) جواهر الكلام : ١٦ / ٥٦ ، العروة الوثقى : ٢ / ٣٨٩ المسألة ٤٩.

(٣) وسائل الشيعة : ٩ / ٤٩٩ الباب ٨ من أبواب ما يجب فيه الخمس ، انظر! جواهر الكلام : ١٦ / ٥٦.

٢٤٠