حوار مع الشيخ صالح بن عبد الله الدرويش

جعفر السبحاني

حوار مع الشيخ صالح بن عبد الله الدرويش

المؤلف:

جعفر السبحاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ٠
ISBN: 964-357-051-7
الصفحات: ١٨٧

أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) (١).

فالآية تصف الأُمّة المرحومة بأنّها خير أُمّة ولكنّها ليست بصالحة للاستدلال على صلاح كلّ مسلم وفلاحه.

ونحن لم نزل نسمع من كلّ من يحاول إثبات عدالة كلّ صحابي ، الاستدلال بهذه الآيات ولكنّهم غفلوا عن نكات :

الأُولى : انّ الآيات نزلت في حقّ المهاجرين والأنصار فأين هي من الأعراب والطلقاء والمرتدّين والمنافقين المندسّين في الصحابة؟!

الثانية : انّها ثناء على مجموعة ولا يخص كلّ فرد فرد منهم ، فإذا أثنى الشاعر على الأُمّة العربية فانّما يريد المجموعة من الأُمّة لا كلّ فرد فرد حتّى أولئك الخونة الذين باعوا الأراضي الإسلامية بثمن زهيد.

____________________

١. آل عمران : ١١٠.

١٠١

الثالثة : الإمساك عمّا شجر بين الصحابة من الخلاف

ثم إنّ كثيراً من المحدّثين والمؤرّخين لمّا وقفوا على الموبقات الّتي ارتكبها بعض صحابة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد رحيله ، أسّسوا هنا أصلاً مفاده ضرورة الإمساك عمّا شجر بين الصحابة من الخلاف ، وربّما يقولون تلك دماء طهّر الله منها أيدينا فلا نلوّث بها ألسنتنا!! والقول منسوب إلى عمر بن عبد العزيز وربّما ينسب إلى الإمام أحمد بن حنبل.

وأنت خبير بأنّها تغطية وتعمية على الحقائق الثابتة. لماذا أوجبوا الإمساك عمّا شجر بينهم من الخلاف ، وهم بين ظالم ومظلوم ، وهذه الشريعة الغرّاء تدعونا إلى أن نكون للظالم خصماً ، وللمظلوم عوناً.

على أنّ الكلام المنسوب لعمر بن عبد العزيز أو أحمد بن حنبل يوهم بأنّ تلك الدماء كلّها قد سفكت بغير حق ، فكأنّ القاتلين والمقتولين في الحروب الثلاثة :

١٠٢

الجمل وصفين والنهروان كلّهم طغاة وبغاة ، يجب أن لا نلوّث ألسنتنا بدمائهم.

هذا غيض من فيض ممّا يمكن أن يقال في الصحابة ، ولو أردنا ان نفصّل البحث فيهم ونسرد أسماء من ظهر منهم الظلم والفسق ـ كالحكم بن أبي العاص ، وابنه مروان بن الحكم ، ووحشي بن حرب قاتل حمزة ، وعبد الله بن وهب الراسبي من رؤوس الخوارج وأمثالهم ـ لاحتجنا إلى كتاب مفرد ، وعند ذاك أذعنت انّ الحقّ مع الشيعة حيث تنظر إلى الصحابة والتابعين بنظرة واحدة ، وتكيلهما بكيل واحد ولا ترى دراسة أحوال الصحابة بالمعايير الصحيحة ، سبّاً لهم ، وذلك اقتداءً بالكتاب العزيز أوّلاً ، والسنّة النبوية ثانياً ، والسلف الصالح ثالثاً ، فإنّ الجميع يحفل بذكر الفضائل والمناقب ، كما يحفل بذكر مساوئ الأعمال وقبائح الأفعال.

١٠٣

٩

إنّ عليّاً لم يكفّر أحداً ممّن قاتله

يقول الشيخ :

إنّ عليّاً لم يكفّر أحداً ممّن قاتله حتّى ولا الخوارج ، ولا سبَّ ذرية أحد منهم ، ولا غنم ماله ، ولا حكم في أحد ممّن قاتله بحكم المرتدّين كما حكم أبو بكر وسائر الصحابة في بني حنيفة وأمثالهم من المرتدّين ، بل كان يترضّى عن طلحة والزبير وغيرهما ممّن قاتلهم ، ويحكم فيهم وفي أصحاب معاوية ممّن قاتلهم بحكم المسلمين ، وقد ثبت بالنقل الصحيح عند أهل السنّة وغيرهم أنّ مناديه نادى يوم الجمل لا يُتبع مدبر ، ولا يُجهز على جريح ولا يغنم مال. واستفاضت الآثار أنّه كان يقول عن

١٠٤

قتلى معاوية : إنّهم جميعاً مسلمون ليسوا كفّاراً ولا منافقين. وهذا ثبت بنقل الشيعة عن نفسها (١).

المناقشة :

ما ذكره فضيلة الشيخ لا غبار عليه ، ونحن الشيعة لا نكفِّر أحداً من الصحابة ولا التابعين ولا سائر الفرق ممّن يشهدون بالأُصول الثلاثة :

١ ـ التوحيد.

٢ ـ رسالة النبي الخاتم.

٣ ـ المعاد.

وهذا هو معيار الإيمان والكفر في كتبهم ونقتصر هنا على كلمتين لعلمين من قدماء الإمامية :

قال ابن ميثم البحراني (المتوفّى ٦٧٩ ه‍) شارح النهج : الكفر إنكار صدق الرسول وإنكار شيء ممّا علم مجيئه به بالضرورة. (٢)

____________________

١. تأمّلات في كتاب نهج البلاغة : ٢٣.

٢. قواعد المرام : ١٧١.

١٠٥

وقال الفاضل المقداد (المتوفّى ٨٢٨ ه‍) : الكفر اصطلاحاً هو إنكار ما علم ضرورة مجيء الإسلام به (١).

ولو حاولنا أن نذكر نصوص علمائنا القدامى في معيار الإيمان والكفر لطال بنا الكلام في المقام مع أنّ أساس الرسالة قائم على الإيجاز والاختصار.

وها نحن نردف النصّين المذكورين بنصّين آخرين لأشهر مراجع الفتيا بين الشيعة في هذه الأعصار :

قال السيد الطباطبائي : والمراد بالكافر من كان منكراً للأُلوهية أو التوحيد أو الرسالة أو ضرورياً من ضروريات الدين مع الالتفات إلى كونه ضروريّاً بحيث يرجع إنكاره إلى إنكار الرسالة (٢).

وقال السيد الإمام الخميني : الكافر : هو من انتحل غير الإسلام ، أو انتحله وجحد ما يعلم من الدين ضرورة

____________________

١. إرشاد الطالبين : ٤٤٣.

٢. العروة الوثقى ، كتاب الطهارة ، قسم النجاسات الثامن : الكافر : ٢٤.

١٠٦

بحيث يرجع جحوده إلى إنكار الرسالة أو تكذيب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو تنقيص شريعته المطهّرة (١).

وعلى ذلك ، فأبناء الفرق الإسلامية سنّيّهم وشيعيّهم محكومون بالإسلام ما داموا يستظلّون بخيمة التوحيد والرسالة والاعتقاد بالمعاد ولا ينكرون شيئاً من ضروريات الدين التي ربّما يرجع إنكارها إلى انكار الرسالة.

فأين التكفير الذي يفترى على الشيعة بالنسبة إلى سائر الفرق؟! وقد عرفت أنّ وصف الأعمال ودراسة حياة الصحابي والتابعي لا يمَتُّ إلى السبّ ولا إلى التكفير ، ولو كان هناك خطب فانّما هو في كتب الآخرين وأفعالهم ، وبما أنّ فضيلة الشيخ من الحنابلة نذكر شيئاً قليلاً من تكفيراتهم المروّعة لطوائف من المسلمين ، حتّى يتبيّن الداعي إلى وحدة الكلمة عن مفرّق الجماعة والصفوف!!

____________________

١. تحرير الوسيلة : ١ / ١١٨.

١٠٧

مسلسل التكفير في كتب الحنابلة :

إنّ فضيلة الشيخ رمى الشيعة تلويحاً بتهمة تكفير البعض ، وقد عرفت أنّ الشيعة بريئة من هذه التهمة ، وانّ كل من آمن بالأُصول الثلاثة ولم ينكر شيئاً من ضروريات الدين فهو مسلم ، والمسلم أخو المسلم من غير فرق بين شيعيّهم وسنّيّهم ، ويجب على الجميع الاعتصام بحبل الله والوقوف بوجه كلّ من يتربّص بالإسلام الدوائر.

ولكن أُلفِتُ نظر الشيخ لنكتة مهمة وهي وجود مسلسل التكفير في كتب الحنابلة بالنسبة إلى بعض أئمة المذاهب الفقهية وسائر المسلمين،وها نحن نذكر نماذج لهذا الموضوع :

١ ـ تكفير أبي حنيفة والحنفية :

هذا هو عبد الله بن أحمد بن حنبل (المتوفّى ٢٩٠ ه‍) كفّر في كتابه «السنّة» أبا حنيفة وعرّفه بالنحو التالي : كافر ، زنديق ، مات جهمياً ، ينقض الإسلام عروة عروة ، ما

١٠٨

ولد في الإسلام أشأم ولا أضرَّ على الأُمّة منه ، وأنّه أبو الخطايا ، وأنّه يكيد الدين ، وأنّه نبطي غير عربي وأنّ الخمّارين خير من أتباع أبي حنيفة ، وأنّ الحنفية أشدّ على المسلمين من اللصوص ، وأنّ أصحاب أبي حنيفة مثل الذين يكشفون عوراتهم في المساجد! وأنّ أبا حنيفة سيُكبّه الله في النار ، وأنّه أبو جيفة ، وانّ المسلم يؤجر على بغض أبي حنيفة وأصحابه ... (١)

وربّما يتصوّر القارئ أن التكفير يختصّ بالولد وأنّ الوالد ـ أعني الإمام أحمد ـ منزّه عن هذه الوصمة ، ولكنّه لو رجع إلى كتبه المطبوعة باسمه يرى أنّ الولد تبع والده في التكفير.

٢ ـ تكفير من قال : القرآن كلام الله :

هذا هو الوالد يقول : من زعم أن القرآن مخلوق فهو

____________________

١. كتاب السنّة : ١ / ١٨٤ ـ ٢١٠ ، ولكلامه صلة فمن أراد فليرجع إلى نفس الكتاب.

١٠٩

جهميّ كافر ، ومن زعم أنّ القرآن كلام الله ووقف ولم يقل ليس بمخلوق فهو أخبث من قول الأوّل ، ومن زعم أنّ ألفاظنا به وتلاوتنا له مخلوقة والقرآن كلام الله فهو جهمي ، ومن لم يكفّر هؤلاء القوم كلّهم فهو مثلهم (١).

تجد أنّ الإمام يكفّر من قال بأنّ القرآن كلام الله ووقف ، بل يراه أخبث ممّن يقول بأن القرآن مخلوق ، وحتّى يكفّر من لم يكفّرهم. وعندئذ نسأل فضيلة الشيخ : انّ مسألة خلق القرآن وعدمه أو حدوث القرآن وقدمه ، مسألة ليس لها جذور في الكتاب والسنّة وإنّما طُرحت في أيام خلافة المأمون وكانت بصمات يوحنّا النصراني الدمشقي (٢) عليها واضحة ، أليس اللازم على الإمام أحمد

____________________

١. طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى : ١ / ٢٩.

٢. وهو من حفدة سرجون بن منصور الرومي النصراني المشرف على الشؤون المالية للدولة الأُموية في عصر معاوية ومن بعده إلى زمن عبد الملك. وقد بسطنا ـ في كتابنا «بحوث في الملل

١١٠

ـ حسب أُصول المحدّثين والسلفيّين ـ أن لا يخوض في هذه المسألة عند المرور عليها ويسكت عن وصف القرآن بالقدم أو الحدوث؟!

وربما يتصوّر القارئ أن مسلسل التكفير قد انتهى في أوساط الحنابلة بموت الوالد والولد ، ولكن المتتبع في التاريخ يرى استمرار التكفير على يد علماء الحنابلة. كابن تيميّة وتلميذه ابن القيم ونذكر من الاخير شيئاً.

٣ ـ التكفير عند ابن قيّم الجوزية :

لقد نحا ابن قيّم الجوزية (المتوفّى ٧٥١ ه‍) منحى أُستاذه ابن تيميّة في تكفير المسلمين فأطلق على المسلمين قاطبة اسم «المعطّلة» وعلى منهجه ومنهج أُستاذه اسم «المثبتة» حيث اختلفا مع سائر المسلمين في مفاد الصفات الخبرية كيد الله ، وعين الله ، وغيرهما ، فالمسلمون على إجراء هذه الصفات على الله سبحانه مع

____________________

والنحل» ج ٣ ـ الكلام في تاريخ مسألة حدوث القرآن وقدمه وأنّها من أين نشأت؟ وكيف دخلت في حوزة الإسلام؟

١١١

تجريدها من التشبيه والتجسيم ، ولكنّهما يصرّان على إجرائها على الله سبحانه بنفس معانيها اللغوية من دون تجريد عن التجسيم والتشبيه ، ولذلك يطلقون على فرق المسلمين من الأشاعرة والمعتزلة والإمامية اسم «المعطّلة».

يقول ابن القيّم في نونيته المعروفة ، المشحونة بالتشبيه والتجسيم :

لكن أخو التعطيل شر من أخي

الإشراك بالمعقول والبرهان

ان المعطَّل جاحد للذات أو

كمالها هذان تعطيلان

والمشركون أخف في نعراتهم

وكلاهم من شيعة الشيطان (١)

____________________

١. شرح نونية ابن القيم : ١ / ٢٧. ولاحظ كتابنا بحوث في الملل والنحل الجزء الرابع.

١١٢

٤ ـ تشبيه الروافض باليهود والنصارى :

إنّ من البحوث الدارجة في كتب الحنابلة هو تشبيه الشيعة أو الروافض حسب مصطلحهم باليهود والنصارى ، وهذا هو ابن الجوزي (٥١٠ ـ ٥٩٧ ه‍) قد فتح باباً في كتاب «الموضوعات» في تشبيه الروافض باليهود والنصارى ، وذكر هناك وجوهاً عشرة تجمعهم ، فقال :

١ ـ محنة الرافضة ، محنة اليهود قالت اليهود لا يصلح الملك إلاّ في آل داود وقالت الرافضة لا تصلح الإمارة إلاّ في آل علي.

٢ ـ وقالت اليهود لا جهاد في سبيل الله حتى يخرج المسيح الدجال وقالت الرافضة لا جهاد حتى يخرج المهدي ... (١)

وقد سبقه إلى ذلك ابن حزم الظاهري (المتوفّى

____________________

١. الموضوعات : ١ / ٣٣٨ ـ ٣٣٩.

١١٣

٤٥٦ ه‍) فذكر نفس الوجوه التي اعتمد عليها ابن الجوزي في «الموضوعات» والظاهر انّ ابن الجوزي أخذها عن ابن حزم (يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْض زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا) (١).

قل لنا يا صاحب الفضيلة : هل رأيتم شيعياً يُشبّه أخاه السنّيّ باليهود ويختلق له وجوهاً عشرة ، كيف يطيب لكم إخراج هذه الكتب وطبعها ونشرها وقراءتها دون أن تؤدّوا واجبكم أمام هذه التهم؟! أفرأيتم شيعياً ، يصلّي إلى غير الكعبة ، أو ينتحل غير دين الإسلام ، أو يختلف في القرآن أنّه كلام الله سبحانه النازل على قلب سيد المرسلين ليكون من المنذرين ، أو يختلف في الصلوات الخمس ، أو في حج بيت الله الحرام ، وما ضاهاها من الأُصول والفروع.

نعم يفارق الشيعة إخوانَهم السنّة في مسائل اجتهادية ، فهم مثلاً يمسحون الأرجل مكان غسلها ـ تبعاً لظاهر الكتاب ـ ولا يروْن المسح على الخفين مجزياً ،

____________________

١. الأنعام : ١١٢.

١١٤

ويجهرون بالبسملة في الصلوات الجهرية ، ويقولون بجواز الجمع بين الصلاتين في السفر والحضر من دون عذر ؛ أخذاً بما روي عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم متضافراً : «جمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الظهر والعصر جميعاً ، والمغرب والعشاء من غير خوف ولا سفر» ، ويروْن القصر والإفطار في السفر عزيمة لا رخصة ، ويقيمون نوافل رمضان (التراويح) فرادى في البيوت عملاً بوصية الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ويصدرون في هذه الموارد ونظائرها عن الكتاب والسنّة.

نعم لولا الدعايات الخادعة ، من الأُمويّين والعباسيّين ثم العثمانيّين عبر القرون في تشويه سمعة الشيعة ، لعلمتم أنّ الشيعي هو الأخ الذي افتقدتموه طيلة قرون ، والتشيّع والتسنّن صنوان من أصل واحد ، والاختلاف بين الشيعة والسنّة ، ليس بأكثر من الاختلاف بين المذاهب الأربعة. يعرف ذلك من له إلمام بالفقه على المذاهب الخمسة.

١١٥

وهذا هو ابن جبرين المعاصر ، جلس على منصة الفتيا في السعوديّة وكفّر الشيعة في جواب سؤال رُفع إليه ، فقال في جواب السؤال :

أما بعد ؛ فلا يحل ذبح الرافضي ولا أكل ذبيحته ، فإنّ الرافضة غالباً مشركون ، حيث يدعون علي بن أبي طالب دائماً في الشدة والرخاء حتى في عرفات والطواف والسعي ... (١)

سبحان الله تُؤكل ذبيحة اليهودي والنصراني في الحرمين الشريفين ، وفي عامَّة بلادهم مع أنّها ذبيحة لم يذكر عليها اسم الله ، ولكن لا تباح ذبيحة من آمن بالله رباً ، وبمحمد رسولاً ، وبالإسلام ديناً ، وبالقرآن كتاباً ، وبالكعبة قبلة!!

____________________

١. الجواب المؤرخ : ٢٢ / ٢ / ١٤١٢ ه‍ وقد ألّفنا رسالة مفردة في رد ما افترى على الشيعة في هذه الفتيا القصيرة ، وطبعت باسم : «القول المبين في الرد على ابن جبرين».

١١٦

وقد حكى بعض المعاصرين في كتاب له أنّه رأى رسالة عنوانها «بذل المجهود في مشابهة الرافضة لليهود» وأضاف قائلاً :

نشأنا هنا في الخليج عامة وفي المملكة خاصة على أن الشيعة فيهم معظم صفات اليهود والنصارى وأنّهم أسوأ من اليهود والنصارى بخصلتين حتى طبعت في ذلك الكتب ونوقشت الرسائل العلمية! مع أنّ كل هذا أخذناه من ابن تيمية ، فقد ذكره ابن تيمية في مقدّمة منهاج السنة معتمداً على رواية مكذوبة من رواية أحد الكذّابين واسمه عبد الرحمن بن مالك بن مغول رواها عن والده عن الشعبي ، وهما بريئان من تلك الرواية.

أبعد مسلسلات التكفير والتفسيق هذه ، يصح لشيخنا القاضي أن يشتكي الشيعة بتكفيرهم وتفسيقهم الآخرين ، فأيّ الفريقين أولى بالإثم ، فاقضِ بوجدانك الحرّ؟!!

١١٧

حرام على بلابله الدوح

قل لنا يا صاحب الفضيلة : أنتم من قضاة المحكمة الكبرى في القطيف ـ حسب العنوان المكتوب على غلاف الرسالة ـ والقطيف جزء من المنطقة الشرقية ، يغلب عليها التشيّع من العصور الأُولى إلى يومنا هذا ، فلماذا تصادرون الكتب الشيعية ، وفي الوقت نفسه ، تدخل المجلات الغربية التي رسالتها الدعوة إلى الخلاعة والانحلال الأخلاقي ، بوفرة من دون رقابة؟!

أحرام على بلابله الدوح

حلال للطير من كل جنس

هذا وقد أصبحت الرياض ـ بحمد الله ـ عاصمة للثقافة عام ٢٠٠٠ م ، ومع هذا ، لا تزال الكتب الشيعية حتى المصاحف المطبوعة في إيران ، والصحيفة السجادية تصادر بلا اكتراث من قبل رجال الجمارك ، ويُمنع الزائرون من إدخالها.

وقد اقتصرتُ في هذا المقام على بثّ القليل من

١١٨

الشكوى ، ونحيل الباقي إلى آونة أُخرى.

فدع عنك نهباً ، صِيحَ في حَجَراته

ولكن حديثاً ما حديث الرواحل

اللهم ارزق المسلمين توحيد الكلمة ، كما رزقتهم كلمة التوحيد ، واجعل الجميع صفاً واحداً أمام الأعداء وأرنا الحقّ ووفّقنا لاتّباعه ، وأرنا الباطل وأعنّا على اجتنابه بمنِّك وجودك وإحسانك.

١١٩

١٠

الشيعة خالفوا إمامهم عليّاً

يقول الشيخ :

إنّ عليّاً يذم الذين ادعوا التشيع له وخالفوا أوامره من شيعة الكوفة حتى قال فيهم :

١ ـ «لودِدْتُ أنّ معاوية صارفني بكم صرف الدينار بالدرهم ، فأخذ منّي عشرة منكم ، وأعطاني رجلا منهم. يا أهل الكوفة منيتُ منكم بثلاث واثنتين : صم ذوو أسماع ، وْبكم ذوو كلام ، وعمي ذوو أبصار» (١).

٢ ـ وقال : «اللهم إنّي مللتُهم وملّوني ، وسئمتهم

____________________

١. نهج البلاغة : الخطبة ٩٣ ط عبده ؛ شرح نهج البلاغة : ٧ / ٧٠ ـ ٧١.

١٢٠