مناظرات

الشيخ عبد الله الحسن

مناظرات

المؤلف:

الشيخ عبد الله الحسن


المحقق: الشيخ عبد الله الحسن
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٤
الجزء ٣ الجزء ٤

وقال له : أنت سيد العرب (١).

وقال ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : علي خير البشر فمن أبى فقد كفر (٢).

وقال ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : لضربة علي يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين (٣) ، وجعله أحد الثقلين.

وقال ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : إنه مع الحق والحق معه كيفما دار ، وجعل له خمس ذي القربى وما كان لأبي بكر شئ منها ، ونص عليه يوم الغدير ودعا له وقال : اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله (٤) ، ونزلت فيه آية التطهير (٥) ، وظهر للمباهلة (٦).

__________________

وأيضا ذكروا أن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وجد عليا أمير المؤمنين وعمارا نائمين في دقعاء من التراب فأيقظهما وحرك عليا فقال : قم يا أبا تراب ، ألا أخبرك بأشقى الناس رجلين : أحيمر ثمود عاقر الناقة ، والذي يضربك على هذه (يعني قرنه) فيخضب هذه منها (يعني لحيته). راجع : مسند أحمد بن حنبل ج ٤ ص ٢٦٣ وص ٢٦٤ ، المستدرك للحاكم ج ٣ ص ١٤ ، تاريخ الطبري ج ٢ ص ٢٦١ ، السيرة النبوية ج ٢ ص ٢٣٦ ، تاريخ ابن كثير ج ٣ ص ٢٤٧ ، مجمع الزوائد للهيثمي ج ٩ ص ١٣٦ ، الجامع الكبير للسيوطي ج ٦ ص ٣٩٩ ، عمدة القاري ج ٧ ص ٦٣٠.

(١) المستدرك للحاكم ج ٣ ص ١٢٤ ، حلية الاولياء ج ٥ ص ٣٨ ، تاريخ بغداد ج ١١ ص ٨٩ ، لسان الميزان ج ٦ ص ٣٩.

(٢) تقدمت تخريجاته.

(٣) راجع : كنز العمال ج ١١ ص ٦٢٣ ح ٣٣٠٣٥ ، المستدرك للحاكم ج ٣ ص ٣٢ ، تاريخ بغداد ج ١٣ ص ١٩ ، الفردوس ج ٣ ص ٤٥٥ ح ٥٤٠٦ ، ارشاد القلوب للديلمي ج ٢ ص ٢١٩.

(٤) تقدمت تخريجاته.

(٥) تقدمت تخريجات نزولها فيهم ـ عليهم السلام ـ.

(٦) وذلك بنص الاية الشريفة (قل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا

٥٠١

وأكل الطائر المشوي (١) ، وسقط النجم في داره (٢) ، وحرمت الصدقة عليه وعلى أهل بيته (٣) ، وفرضت مودته ومودة أهل بيته (٤) ، وكان ولداهما سيدي شباب أهل الجنة (٥) ، وقال النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ له : أنت قسيم الجنة والنار (٦).

وقال : لحمك لحمي (٧) الخ ، وما أمر اسامة عليه (٨) ، وعلمه ألف باب

__________________

وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) سورة آل عمران : الاية ٦١ ، وقد تقدمت تخيرجاته نزولها فيهم ـ عليهم السلام ـ.

(١) تقدمت تخريجاته.

(٢) العمدة لابن البطريق ص ٧٨ ح ٩٥ ، المناقب لابن المغازلي ص ٢٦٦ ح ٣١٣ ، ميزان الاعتدال ج ٢ ص ٤٥ ، لسان الميزان ج ٢ ص ٤٤٩ ، إرشاد القلوب ج ٢ ص ٢٩٩ ، أمالي الصدوق ج ٤ ص ٤٥٣ ، بحار الأنوار ج ٣٥ ص ٢٧٦ ح ٥.

وجاء في ينابيع المودة للقندوزي ص ٢٣٩ في المناقب السبعين في فضائل أهل البيت ـ عليهم السلام ـ ح ٥٨.

عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال : كنا جلوسا بمكة مع طائفة من شبان قريش وفينا رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ إذ انقض نجم ، فقال ـ عليه السلام ـ : من انقض هذا النجم في منزله فهو وصيي من بعدي ، فقاموا ونظروا وقد انقض في منزل علي ـ عليه السلام ـ فقالوا قد ضللت بعلي فنزلت (والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى) رواه ابن المغازلي.

(٣) راجع : مجمع الزوائد ج ٣ ص ٩٠ ، مسند أبي داود الطيالي ص ٣٢٥ ح ٢٤٨٢ ، صح مسلم ج ٢ ص ٧٥١ ح ١٦١ ، مسند أحمد ج ١ ص ٢٠٠ ، تاريخ بغداد ج ١ ص ٤١٨ ، أسد الغابة ج ٢ ص ١٧٦ ، السنن الكبرى للبيهقي ج ٧ ص ٢٩ ، فرائد السمطين ج ١ ص ٣٥.

(٤) بنص الاية الشريفة قوله تعالى : (قل لا أسألكم عليه أجرا الا المودة في القربى).

(٥) تقدمت تخريجاته.

(٦) راجع : لسان الميزان ج ٣ ص ٢٤٧ ، مناقب ابن المغازلي ص ٦٧ ح ٩٧ ، الفردوس ج ٣ ص ٦٤ ح ٤١٨٠ ، أمالي الشيخ الصدوق ج ١ ص ٨١ ح ١ ، بحار الأنوار ج ٣٨ ص ٩٥ ح ١١.

(٧) راجع : لسان الميزان ج ٢ ص ٤١٥ ، مجمع الزوائد ج ٩ ص ١١١ ، ينابيع المودة ص ٥٠ الباب السادس ، نظم درر السمطين ص ٧٩ ، فرائد السمطين ج ١ ص ١٥٠ ح ١١٣ وص ٣٣٢ ح ٢٥٧.

(٨) لم يؤمر أسامة عليه ولا غيره ، سئل الحسن البصري عن علي ـ عليه السلام ـ فقال : ما أقول

٥٠٢

من العلم ينفتح له من كل باب ألف باب (١) ، وآخاه وواساه بنفسه ونام على فراشه ليفديه بنفسه (٢) ، وتصدق بخاتمه ونزلت فيه الاية (٣) ، وتصدق بأربعة دراهم في الليل والنهار سرا وعلانية (٤) ، وتصدق على المسكين والأسير واليتيم (٥) ، ونزل فيه (ومن عنده علم الكتاب) (٦) وأكل مع النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ طعام الجنة.

وكان حامل لواء الحمد (٧) دون أبي بكر ، وكتب في العرش

__________________

فيمن جمع الخصال الأربع ، ائتمانه على براءة ، وما قال له الرسول في غزاة تبوك ، فلو كان غير النبوة شئ يفوته لاستثناه ، وقول النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : الثقلان كتاب الله وعترتي ، وإنه لم يؤمر عليه أمير قط وقد أمرت الأمراء على غيره. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ٤ ص ٩٥ ـ ٩٦ عن الواقدي ، الملل والنحل للشهرستاني ج ١ ص ١٤٤.

(١) نظم درر السمطين ص ١١٣ ، ينابيع المودة ص ٧٧ ، فرائد السمطين ج ١ ص ١٠١ ح ٧٠.

(٢) وقد نزل فيه ـ عليه السلام ـ قوله تعالى : (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله) سورة البقرة : الاية ٢٠٧ ، وقد تقدمت الاية مع تخريجات مصادر نزولها فيه ـ عليه السلام ـ من مصادر العامة.

(٣) وهي قوله تعالى : (إنما وليكم الله ورسوله والذين امنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) سورة المائدة : الاية ٥٥ ، وقد تقدمت تخريجات مصادر نزولها فيه ـ عليه السلام ـ من مصادر العامة.

(٤) ونزل فيه قوله تعالى : (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولاهم يحزنون) سورة البقرة : الاية ٢٧٤ ، وقد تقدمت تخريجات مصادر نزولها فيه ـ عليه السلام ـ من مصادر العامة.

(٥) ونزل فيه قوله تعالى : (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) سورة الأنسان : الاية ٨ ، وقد تقدمت تخريجات مصادر نزولها فيه ـ عليه السلام ـ من مصادر العامة.

(٦) سورة الرعد : الاية ٤٣ ، وقد تقدمت الاية مع تخريجات مصادر نزولها فيه ـ عليه السلام ـ.

(٧) راجع : ينابيع المودة ص ٨١ ، كنز العمال ج ١٣ ص ١٥٣ ح ٣٦٤٨٧ ، أمالي الشيخ الطوسي ج ١ ص ٢٦٤ ، بحار الأنوار ج ٧ ص ٢٣٣ ح ٤ ، فرائد السمطين ج ١ ص ٨٧ ح ٥٧ ، وجاء في المناقب

٥٠٣

اسمه (١) ـ عليه السلام ـ وكان أستاذا لجبرئيل ، وصعد على منكب خير الأنام لكسر الأصنام (٢) ، وكان نفس الرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ بآية أنفسنا (٣) ، ورد الشمس (٤) ، وأخبر بالغيب (٥).

__________________

للخوارزمي ص ٣٥٨ ح ٣٦٩ : عن علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ قال : أنا أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة وأنت معي ومعنا لواء الحمد وهو بيدك تسير به أمامي تسبق به الأولين والاخرين.

(١) راجع : لسان الميزان ج ٣ ص ٢٣٨ ، ينابيع المودة ص ٢٣٨ في المناقب السبعين من فضائل أهل البيت ح ٥٢ ، ذخائر العقبى ص ٦٩ ، نظم درر السمطين ص ١٢٠ ، مجمع الزوائد ج ٩ ص ١٢١.

(٢) راجع : مسند أحمد ج ١ ص ٨٤ ، خصائص أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ للنسائي ص ١١٣ ح ١١٩ ، المستدرك للحاكم ج ٢ ص ٣٦٦ ، تاريخ بغداد ج ١٣ ص ٣٠٢ ، تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزي ص ٢٧ ، ذخائر العقبى ص ٨٥ ، ينابيع المودة ص ١٣٩.

(٣) وهي قوله تعالى : (قل تعالوا ندع أبنائنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم) سورة آل عمران : الاية ٦١. وقد تقدمت الاية مع تخريج مصادر نزولها فيهم ـ عليهم السلام ـ من مصادر العامة.

(٤) تقدمت تخريجاته.

(٥) فقد أخبر أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ بالأمور الغيبية في عدة مواطن ، رواها المحدثون والمؤرخون.

فمنها : أنه قال في خطبة : (سلوني قبل أن تفقدوني ، فو الله لا تسألونني عن فئة تضل مائة ، وتهدي مائة إلا أنبأتكم بناعقها وسائقها ، فقام إليه رجل فقال : أخبرني بما في رأسي ولحيتي من طاقة شعر ، فقال له علي ـ عليه السلام ـ : والله لقد حدثني خليلي أن على كل طاقة شعر من رأسك ملكا يلعنك ، وإن على كل طاقة شعر من لحيتك شيطانا يغويك ، وإن في بيتك سخلا يقتل ابن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وكان ابنه قاتل الحسين ـ عليه السلام ـ يومئذ طفلا يحبو ، وهو سنان بن أنس النخعي.

راجع : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ٢ ص ٤٨٨ ، رواه عن كتاب الغارات لابن هلال الثقفي ، نهج الحق وكشف الصدق للعلامة الحلي ص ٢٤١.

ومنها : إخباره ـ عليه السلام ـ بمقتل ولده الحسين ـ عليه السلام ـ لما اجتاز بأرض كربلا : (بكى وقال : ههنا مناخ ركابهم وههنا موضع رحالهم وها هنا مهراق دمائهم فتية من آل محمد

٥٠٤

وكان نوره موجودا قبل ايجاد آدم (١) ـ عليه السلام ـ ، واستشفع آدم باسمه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ (٢).

وذكرت له الشواهد والدلائل ، فلما لقيني في الصباح ، قال : رأيت في الرؤيا كأنك كسوتني شملة بيضاء.

قلت : الحمد لله أهل العظمة والكبرياء ، جزم في اعتقاده ، ورسخ الحق في فؤاده ، ... هذه خلاصة ما جرى بيني وبينه وأقر الله تعالى عيني وعينه. (٣)

__________________

ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يقتلون بهذه العرصة تبكي عليهم السماء والأرض).

راجع : ينابيع المودة ص ٢١٦ ، نهج الحق وكشف الصدق للعلامة الحلي ص ٢٤٣ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ٣ ص ١٦٩ ـ ١٧١ ، دلائل النبوة لابن نعيم ص ٥٠٩ ، ذخائر العقبى ص ٩٧ ، نور الأبصار ص ١١٧.

ومنها : إخباره ـ عليه السلام ـ بقتل (ذي الثدية) من الخوارج ، وعدم عبور الخو ارج النهر ، بعد أن قيل له : قد عبروا.

راجع : مروج الذهب ج ٢ ص ٤٠٥ وص ٤٠٦ ، الكامل لابن الأثير ج ٣ ص ١٧٤ وص ١٧٥ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ٢ ص ٢٧٢ و ٢٧٧ ، نهج الحق وكشف الصدق للعلامة الحلي ص ٢٤٢.

(١) راجع : الفردوس ج ٢ ص ١٩١ ح ٢٩٥٢ ، نظم درر السمطين ص ٧٩ ، ينابيع المودة ص ١٠ ، فرائد السمطين ج ١ ص ٤١ ح ٦ ، فضائل الصحابة لأحمد ج ٢ ص ٦٦٢ ح ١١٣٠ ، بحار الأنوار ج ١٥ ص ٢٤ ح ٤٢.

وقال المرحوم الحجة الشيخ حسن التاروتي ـ رحمة الله عليه ـ في هذا المعنى :

ومهللين مكبرين وآدم

من مائه والطين لن يتركبا

(٢) وقد روى القندوزي الحنفي في ينابيع المودة ص ٩٧ عن ابن المغازلي بسنده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : فتاب عليه قال : سأله بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين فتاب عليه وغفر له.

(٣) أنوار الرشاد للأمة في معرفة الأئمة : للشيخ محمد باقر المازندراني ص ١ ٤٦ بتصرف.

٥٠٥

المناظرة الرابعة والستون

مناظرة أبي ذر (أبوان) المسيحي الكاثوليكي مع رجل تركماني في السجن

هذا العظيم يعتنق الدين الاسلامي الحنيف وبالخصوص مذهب الشيعة مذهب أهل البيت ـ عليهم السلام ـ وذلك عام ١٣٥٣ ه‍.

ولد أبوان عام ١٣٣٠ ه‍ في المملكة الهستانية من أبوين مسيحيين وبعد بضع سنين دخل إحدى المدارس هناك ودام فيها ثلاث سنين ، تاقت نفسه يوما لمغادرة بلاده فقصد روسيا ، وفيها واصل دراسته ستة أعوام أخرى فلم يشاهد ثمة في المدرسة إلا المعارضة ضد الدين ، وهذا ما أوجب تركه المدرسة فعزم على مغادرة روسيا فغادرها ، فقبض عليه في الحدود الروسية الأيرانية ، وسجن تسعة عشر يوما ، فاتفق أن وجد في السجن مسلمين أحدهما شيعي فارسي ، والاخر سني تركماني. فجرى حديث إسلامي بينهم فاطلع على شئ من معتقدات الشيعة والسنة حول خلافة الأمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب ـ عليه السلام ـ فمال من حينه إلى مذهب الشيعة.

ولنستمع إليه كيف يحدثنا بما جرى له في أيام سجنه مع الرجلين المسلمين :

قال : لما كنت سجينا في روسيا مع المسلمين المذكورين ، رأيت

٥٠٦

المسلم السني يتحامل على المسلم الشيعي وينسبه إلى المروق من الدين ، عجبت من ذلك وقلت في نفسي : كيف ينسبه إلى ذلك وهما سيان في العقيدة. سألت الشيعي عن سبب ذلك.

قال : إننا معاشر الأمامية نقول : بخلافة رجل ـ هو صهر نبينا وابن عمه ـ من بعد النبي محمد ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ بلا فصل وهو الأمام علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ.

وهذا ينفي خلافته كذلك ، وهو السبب في تحامله علي ونسبته لي إلى المروق من الدين.

قال : فتوجهت إلى السني ، وقلت له : إننا في السجن الان ثمانية رجال ولو فرضنا أن لك بنتا واحدة فخطبها منك كل منا كنت تزوج أينا منها؟

أجاب : كنت أزوج أعلمكم وأكرمكم وعدد خصالا حميدة.

فأجبته : فقد أثبت بنفسك أفضلية علي ـ عليه السلام ـ على غيره من الصحابة ، إذ لم يزوج النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ابنته فاطمة ـ عليها السلام ـ إلا إلى علي (١) ـ عليه السلام ـ ، مع تقدم غيره من الصحابة عليه في خطبتها (٢) منه ، فلم يرد علي جوابا ، انتهى.

__________________

(١) وجاء في ينابيع المودة ص ١٨٣ عن بريدة عن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ أن الله تعالى أمرني أن أزوج فاطمة من علي ـ عليه السلام ـ ، وفي فرائد السمطين ج ١ ص ٩٠ ح ٥٩ ، عن أنس بن مالك قال : كنت عند النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فغشيه الوحي فلما أفاق قال لي : يا أنس أتدري ما جاءني به جبرئيل ـ عليه السلام ـ من عند صاحب العرش غز وجل؟ قال : فقلت : بأبي وأمي ما جاءك به جبرئيل؟ قال : إن الله أمرني أن أزوج فاطمة من علي ـ عليه السلام ـ الخ.

(٢) راجع : خصائص أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ للنسائي : ص ١١٤ ـ ح ١٢٠ ، المناقب لابن المغازلي ص ٣٤٧ ح ٣٩٩ ، فرائد السمطين للجويني ج ١ ـ ص ٨٨ ح ٦٨ ، ذخائر العقبى للطبري ٢٧ ، وللحديث مصادر أخرى كثيرة.

٥٠٧

فمن ذلك الوقت عاهد ربه في نفسه ، إن خرج من السجن في يوم أضمره في نفسه أن يدخل إيران ويعتنق الدين الأسلامي وبالخصوص مذهب الشيعة مذهب أهل البيت ـ عليهم السلام ـ ، وما إن حل ذلك اليوم وإذا بالأمر يصدر بإطلاق سراحه بلا سؤال ولا تحقيق.

فدخل إيران وأم خراسان مشهد الأمام الرضا ـ عليه السلام ـ وبقي شهرين أو ثلاثة أشهر أظهر فيها رغبته في اعتناق الدين الأسلامي رسميا وبالخصوص مذهب الشيعة مذهب أهل البيت ـ عليهم السلام ـ وفاء بعهده ، فدخل على العلامة الحجة المغفور له الشيخ مرتضى الأشتياني واعتنق الأسلام على يديه وبالخصوص المذهب الجعفري وسماه أبا ذر كنية الصحابي الجليل جندب بن جنادة أبي ذر الغفاري ـ رضوان الله عليه ـ الذي ثبت حين انقلب الناس أجمع مع رفاقه الثلاثة سلمان مقداد وعمار.

وأبو ذر (أبوان) يجيد اللغة الفارسية ويتكلم باللغتين الهستانية والروسية كما أنه يقرأ ويكتب فيهما (١).

__________________

(١) ماذا في التاريخ للقبيسي : ج ٢٥ ص ٣٧٣ ، (كتاب) لماذا اختار هؤلاء العظماء مذهب أهل البيت ـ عليهم السلام ـ للقبيسي ص ١٨ ـ ١٩.

٥٠٨

المناظرة الخامسة والستون

مناظرة الأنطاكي (١) مع عالم شافعي من الشام

يقول الشيخ الأنطاكي :

بعد اشتهار أمرنا بالتشيع أتاني أحد أعاظم علماء الشافعية المشهورين بالعلم والفضيلة في مدينة حلب الشهباء (٢) ، وسألني بكل

__________________

(١) هو : سماحة العلامة الكبير المجاهد الشيخ محمد مرعي الأمين الأنطاكي مولدا ، والحلبي نشأة ، والأزهري تخرجا ، والشافعي مذهبا ، والشيعي خاتمة ، من أبرز علماء سوريا ، ولد سنة ١٣١٤ ه‍ في قرية من القرى التابعة إلى أنطاكية ، درس في قريته قرابة ثلاث سنوات ثم انتقل إلى أنطاكية للدراسة ، وبقي فيها قرابة سبع سنوات ، ثم انتقل إلى الجامع الازهر مع أخيه ، ودرس عند العلامة الأكبر الشيخ مصطفى المراغي شيخ الجامع الأزهر ورئيس المجلس الأسلامي الأعلى ، والعلامة الكبير الشيخ محمد أبو طه المهنى ، والعلامة الكبير الشيخ رحيم وغيرهم من مشيخة الأزهر ، حصل على شهادات راقية من جامع الازهر ، وعاد إلى بلاده وامتهن إمامة الجماعة والجمعة والتدريس والأفتاء والخطابة نحو خمسة عشر عاما.

وأخيرا أخذ بمذهب أهل البيت ـ عليهم السلام ـ لما تبين له مذهب الحق ، وذلك بسبب قرائته لكتاب المراجعات للعلامة الحجة السيد شرف الدين الموسوي ، ولوقوع الكثير من المناظرات بينه وبين علماء الشيعة الأمامية ، وقد تشيع على يده ويد أخيه الشيخ أحمد الكثير من أبناء العامة من سوريا ولبنان وتركية وغيرها.

قد استفدنا هذه الترجمة من كتابه (لماذا اخترت مذهب الشيعة).

(٢) حلب : (وتعرف بالشهباء أيضا) مدينة مشهورة بالشام ، واسعة كثيرة الخيرات ، طيبة الهواء ، وهي قصبة جند قنسرين. قيل : سميت حلب ، لأن إبراهيم ـ عليه السلام ـ كان نازلا بها يحلب غنمه في الجمعات ، ويتصدق به فتقول الفقراء : حلب. وهو قول بعيد ، وقيل : كان حلب وحمص وبرذعة إخوة من عمليق ، فبنى كل واحد منهم مدينة سميت به. ومشرب أهل حلب من صهاريج في بيوتها ، تمتلئ بماء المطر ، على بابها نهر يعرف بقويق ، يمد في الشتاء

٥٠٩

لطف لماذا أخذتم بمذهب الشيعة وتركتم مذهبكم وما هو السبب الداعي لكم واعتمادكم عليه وما هو دليلكم على أحقية علي ـ عليه السلام ـ من أبي بكر؟

فناظرته كثيرا ، وقد وقعت المناظرة فيما بيننا مرارا وأخيرا اقتنع الرجل.

ومن جملة المناظرة أنه سألني عن بيان الأحقية في أمر الخلافة هل أبو بكر أحق أم علي؟

فأجبته إن هذا شئ واضح جدا بأن الخلافة الحقة لأمير المؤمنين علي ـ عليه السلام ـ فور وفاة رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ثم من بعده إلى الحسن المجتبى ـ عليه السلام ـ ثم إلى الحسين الشهيد بكربلاء ـ عليه السلام ـ ثم إلى علي بن الحسين زين العابدين ـ عليه السلا م ـ ، ثم إلى محمد بن علي الباقر ـ عليهما السلام ـ ، ثم إلى جعفر بن محمد الصادق ـ عليهما السلام ـ ، ثم إلى موسى بن جعفر الكاظم ـ عليهما السلام ـ ثم إلى علي بن موسى الرضا ـ عليهما السلام ـ ، ثم إلى محمد بن علي الجواد ـ عليهما السلام ـ ثم إلى علي بن محمد الهادي ـ عليهما السلام ـ ، ثم إلى الحسن بن علي العسكري ـ عليهما السلام ـ ، ثم إلى الحجة بن الحسن المهدي الأمام الغائب المنتظر ـ عجل الله فرجه ـ (١).

__________________

وينصب في الصيف ، وبجانب منها قلعة كبيرة محكمة ، بها جامع وكنيستان ، وميدان ودور كثيرة ، وبها مقام لإبراهيم الخليل ـ عليه السلام ـ ومن حلب إلى قنسرين يوم ، والى المعرة يومان ، وإلى منبج وبالس يومان. انظر : مراصد الاطلاع ج ١ ص ٤١٧ ، سفينة البحار ج ١ ص ٢٩٦.

(١) تقدمت تخريجات النصوص على اسماءهم وعددهم من قبل النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ من كتب العامة فراجع.

٥١٠

ودليل الشيعة على ذلك الكتاب الكريم ، والسنة الثابتة عن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ من الطرفين ، وكتبهم مليئة من الحجج والبراهين الرصينة ، ويثبتون مدعاهم من كتبكم ومؤلفاتكم ، إلا أنكم أعرضتم عن الرجوع إلى مؤلفات الشيعة والوقوف على ما فيها ، وهذا نوع من التعصب الأعمى؟

أما الكتاب :

فقوله تعالى : (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) (١).

وأن هذه الاية نزلت في ولاية علي بلا ريب ، بأجماع الشيعة وأكثر علماء السنة في كتب التفسير كالطبري (٢) ، والرازي (٣) ، وابن كثير (٤) ، وغيرهم (٥) ، فإنهم قالوا بنزولها في علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ.

ومما لا يخفى على ذي مسكة بأن الله جل وعلا هو الذي يرسل الرسل إلى الأمم لا يتوقف أمرهم على إرضاء الناس وكذلك أمر الوصاية تكون من الله لا بالشورى ولا بأهل الحل والعقد ولا بالانتخاب أبدا ، لأن الوصاية ركن من أركان الدين والله جل وعلا لا يدع ركنا من أركان الدين إلى الامة تتجاذ به أهواؤهم كل يجر إلى قرصه.

بل لابد من أن يكون القائم بأمر الله بعده وفاة النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ منصوصا عليه من الله لا ينقص عن الرسل ولا يزيد ، معصوما

__________________

(١) سورة المائدة : الاية ٥٥.

(٢) ج ٦ ص ٢٨٨ وص ٢٨٩.

(٣) ج ١٢ ص ٢٦ وص ٢٠ ط ـ البهية بمصر وج ٣ ص ٤٣١ ط ـ الدار العامرة بمصر.

(٤) ج ٢ ص ٧١ ط دار إحياء الكتب.

(٥) تقدمت تخريجات ذلك فيما سبق فراجع.

٥١١

عن الخطأ.

فالاية نص صريح في ولاية علي (١) ، وقد أجمعت الشيعة وأكثر المفسرين من السنة أيضا أن الذي أعطى الزكاة حال الركوع هو علي بلا خلال ، فتثبت ولايته ـ عليه السلام ـ أي خلاته بعد رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ بهذه الاية.

فأورد علي حجة يدعي بها تدعيم خلافة أبي بكر.

فقال : إن أبا بكر أحق بالاخلافة ، إذ أنه أنفق أموالا كثيرة قدمها إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ، وزوجه ابنته ، وقام إماما في الجماعة أيام مرض النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم.

فأجبته قائلا : أما إنفاق أمواله ، دعوي تحتاج إلى دليل يثبتها ، ونحن لا نعترف بهذا الانفاق ، ولا نقر به ، ثم نقول : من أين اكتسب هذه الاموال الطائلة ، ومن الذي أمره به ، ولنا أن نسألك : هل الانفاق كان في مكة أم المدينة؟ (٢)

__________________

(١) يقول المقداد السيوري في شرح الباب الحادي عشر ص ٩٦ ـ : إن المراد ب‍ (الذين آمنوا) في الاية هو بعض المؤمنين لوجهين.

الوجه الاول : أنه لولا ذلك ، لكان كل واحد وليا لنفسه ـ وهو باطل ـ

الوجه الثاني : أنه وصفهم بوصف غير حاصل لكلهم ، وهو إيتاء الزكاة حال الركوع ، إذا الجملة هنا حالية.

(فعلي هذا) أن المراد بذلك البعض هو علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ خاصة للنقل الصحيح ، واتفاق أكثر المفسرين على أنه كان يصلي ، فسأله سائل فأعطاه خاتمه راكعا ، وإذا كان ـ عليه السلام ـ أولى بالتصرف فينا ، تعين أن يكون هو الامام لانا لا نعني بالامام إلا ذلك.

(٢) والجدير بالذكر هنا ما رواه ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح النهج ج ١٣ ص ٢٧٢ ، عن شيخه ردا على هذا الادعاء قال :

قال شيخنا أبو جعفر ـ رحمه الله ـ : أخبرونا على أي نوائب الاسلام أنفق هذا المال ، وفي أي

٥١٢

فإن قلت : في مكة فالنبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ لم يجهز جيشا ولم يبن مسجدا ، ومن يسلم من القوم يهاجره إلى الحبشة والنبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ غني بمال خديجة كما يروون.

وإن قلت : بالمدينة فأبو بكر هاجر ولم يملك من المال سوى (٦٠٠) درهم فترك لعياله شيئا وحمل معه ما بقي ونزل على الانصار ، فكان هو وكل من يهاجر عالة على الانصار ، ثم إن أبا بكر لم يكن من التجار بل كان تارة بزازا يبيع يوم اجتماع الناس أمتعته يحملها على كتفه ، وتارة معلم الاولاد وأخرى نجارا يصلح لمن يحتاج بابا أو مثله.

__________________

وجه وضعه؟ فإنه ليس بجائز أن يخفى ذلك ويدرس حتى يفوت ، وينسي ذكره ، وأنتم فلم تفقوا على شئ أكثر من عتقه بزعمكم ست رقاب لعلها لا يبلغ ثمنها في ذلك العصر مائة درهم ، وكيف يدعى له الانفاق الجليل ، وقد باع من رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ بعيرين عند خروجه إلى يثرب ، وأخذ منه الثمن في مثل تلك الحال ، وروى ذلك جميع المحدثين ، وقد رويتم أيضا أنه كان حيث كان بالمدينة غنيا موسرا ، ورويتم عن عائشة أنها قالت : هاجر أبو بكر وعنده عشرة آلاف درهم ، وقلتم : إن الله تعالى أنزل فيه : (ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولى القربى) النور / ٢٢ ، قلتم : هي في أبي بكر ومسطح بن إثاثة ، فأين الفقر الذي زعمتم أنه أنفق حتى تخلل بالعباأة؟ ورويتم أن الله تعالى في سمائه ملائكة قد تخللوا بالعباءة وأن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ رآهم ليلة الاسراء ، فسأل جبرئيل عنهم ، فقال : هؤلاء ملائكة تأسوا بأبي بكر بن أبي قحافة صديقك في الارض ، فإنه سينفق عليك ماله ، حتى يخلل عباءه في عنقه ، وأنتم أيضا رويتم أن الله تعالى لما أنزل آية النجوي ، فقال : (يأيها الذين آموا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم) المجادلة / ١٢ ، لم يعمل بها إلا على بن أبي طالب وحده ، مع إقراركم بفقره وقلة ذات يده ، وأبو بكر في الحال التي ذكرنا من لاسعة أمسك عن مناجاته ، فعاتب الله المؤمنين في ذلك ، فقال : (أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم) ، فجعله سبحانه ذنبا يتوب عليهم منه ، وهو إمساكهم عن تقديم الصدقة ، فكيف سخت نفسه بإنفاق إربعين ألفا ، وأمسك عن مناجاة الرسول ، وإنما كان يحتاج فيها إلى إخراج درهمين! الخ.

٥١٣

وأما تزويجه ابنته لرسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فهذا لا يلزم منه تولي أمور المسلمين به.

وأما صلاته في الجماعة إن صحت ـ فلا يلزم منها تولي الامامة الكبري والخلافة العظمى فصلاة الجماعة غير الخلافة.

وقد ورد أن الصحابة كان يؤم بعضهم بعضا حضرا وسفرا ، فلو كانت هذه تثبت دعواكم لصح أن يكون منهم حقيق بالخلافة ، ولو صحت لادعاها يوم السقيفة لنفسه لكنها لم تكن آنذاك بل وجدت أيام الطاغية معاوية لما صار الحديث متبحرا.

ثم حديث الجماعة جاء عن ابنته عائشة فقط ، ولا تنسى لما سمع النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ تكبيرة الصلاة قال : من يؤم الجماعة؟

فقالوا : أبوبكر.

قال : احملوني ، فحملوه بأبي وأمي معصبا مدثرا يتهادي بين رجلين علي والفضل حتى دخل المسجد ، فعزل أبا بكر وأم الجماعة بنفسه ، ولم يدع إبا بكر يكمل الصلاة (١) ، فلو كانت صلاة أبي بكر بإذن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسمل ، أو برضاه فلمذا خرج بنفسه ـ صلى الله عليه واله وسلم ـ وهو مريض وأم القوم؟

والعجب كل العجب من إخواننا أنهم يقيمون الحجة بهذه الاشياء التي لا تنهض بالدليل ، ويتناسون ما ورد في علي ـ عليه السلام ـ من الادلة التي لا يمكن عدها ، كحديث يوم الانذار إذ جمع رسول الله ـ صلى الله عليه واله وسلم ـ عشيرته الاقربين بأمر من الله : (وأنذر عشيرتك

__________________

(١) تقدمت تخريجاته.

٥١٤

الاقربين) (١) ، فجمعهم الرسو ـ صلى الله عليه وآله وسمل ـ وكانوا آنذاك أربعين رجلا يزيدون رجلا أو ينقصون ، ووضع لهم طعاما يكفي الواحد منهم فأكلوا جميعهم حتى شبعوا وبعد أن فرغوا.

قال النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : يا بني هاشم من منكم يؤازرني على أمري هذا فلم يجبه أحد.

فقال علي ـ عليه السلام. ، أن ا يا رسو لالهل اؤازرك ، قالها ثلاثا ، وفي كل مرة يجيب علي أنا يا رسول الله ، فأخذ برقبته وقال : أنت وصيي وخليفتي من بعدي فاسمعواله وأطيعوا (٢).

__________________

(١) سورة الشعراء : الاية ٢١٤.

(٢) هذا الحديث قد بلغ حد التواتر وقد أخرجه بهذه الالفاظ وقريب منها كثير من الحفاظ والعلماء.

راجع : تاريخ الطبري ج ٢ ص ٣١٩ ـ ٣٢١ ، الكامل في التاريخ لابن الاثير الشافعي ج ٢ ص ٦٢ وص ٦٣ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ١٣ ص ٢١٠ وص ٢٤٤ ، السيرة الحلبية للحلبي الشافعي ج ١ ص ٣١١ ، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج ٥ ص ٤١ وص ٤٢ ، شواهد التنزيل للحسكاني ج ١ ص ٣١١ ، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج ٥ ص ٤١ وص ٤٢ ، شواهد التنزيل للحسكاني ج ١ ص ٣٧١ ح ٥١٤ و ٥٨٠ ، كنز العمال ج ١٥ ص ١١٥ ح ٣٣٤. ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج ١ ص ٨٥ ح ١٣٩ و ١٤٠ و ١٤١ وص ٩٩ ح ١٣٧ و ١٣٨ و ١٣٩ ، التفسير المنير لمعالم التنزيل للجاوي ج ٢ ص ١١٨ ، تفسير الخازن لعلاء الدين الشافعي ج ٣ ص ٣٧١ و ٣٩٠ ، حياة محمد لمحمد حسين هيكل ص ١٠٤ الطبعة الاولى سنة ١٣٥٤ ه‍ ، وفي الطبعة الثانية وما بعدها من طبعات الكتاب حذف من الحديث قوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : وأن يكون أخي ، ووصي وخليفتي فيكم "؟!! وأكبر شاهد مراجعة الطبعة الاولى والطبعات الاخرى ، ومراجعة جريدة السياسة المصرية لمحمد حسين هيكل ملحق عدد ـ ٢٧٥١ ـ بتاريخ ١٢ ذي القعدة ١٣٥٠ ه‍ ص ٥ وص ٦ من ملحق عدد ـ ٢٧٨٥ ـ ذكر الحديث بتمامه ، تفسير الطبري ج ١٩ ص ١٢١ ، ولكن المؤلف أو الناشر حرف آخر الحديث ، فحذف قوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : " إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم " وذكر بدله " إن هذا أخي وكذا وكذا "؟!! مع أنه ذكر الحديث بتمامه في تاريخه ج ٢ ص ٣١٩ ط دار المعارف بمصر ، الغدير ج ٢ ص ٢٧٨ ـ ٢٨٤. =

٥١٥

وحديث يوم الغدير المشهور (١). وحديث الثقلين (٢) وحديث المنزلة (٣) وحديث السفينة (٤) وحديث باب حطة (٥) ، وحديث أنا مدينة العلم وعلي بابها (٦) وحديث المؤاخاة (٧) وحديث تبليغ سورة براءة (٨).

__________________

(١) تقدمت تخريجاته.

(٢) تقدمت تخريجاته.

(٣) تقدمت تخريجاته.

(٤) وهو قول النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : (ألا إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق) ، وقد تقدم مع تخريج مصادره.

(٥) وهو قول النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : «إنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له»، وهو من الاحاديث المتواترة المشهورة.

راجع : كنز العمال ج ١١ ص ٦٠٣ ح ٣٢٩١٠ ، الفردوس بمأثور الخطاب ج ٣ ص ٦٤ ح ٣١٧٩ ، أسني المطالب ص ٢٠١ ح ٨٩٥ ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص ٣٧٨ ، مجمع الزوائد للهيثمي الشافعي ج ٩ ص ١٦٨ ، المعجم الصغير للطبراني ج ٢ ص ٢٢ ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص ٢٩٨ ، رشفة الصادي لابي بكر الحضرمي ص ٧٩ ، أرجح المطالب لعبيد الله الحنفي ص ٣٣ ، الصواعق المحرقة ص ٩١ ط ـ الميمنية وص ١٥٠ ط ـ المحمدية بمصر ، فرائد السمطين ج ٢ ص ٢٤٢ ح ٥١٦ و ٥١٩.

(٦) تقدمت تخريجاته.

(٧) حديث المؤاخاة بين الرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وعلي ـ عليه السلام.

راجع : صحيح الترمذي ج ٥ ص ٣٠٠ ح ٣٨٠٤ ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص ١٩٤ الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص ٢١ ، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزي ص ٢٠ ـ ٢٤ ، مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي ص ٣٧ ح ٥٧ ، المناقب للخوارزمي الحنفي ص ٣٩ ح ٧ ، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ١٧٠ ، السيرة النبوي ة لابن هشام ج ٢ ص ١٠٨ ، أسد الغابة لابن الاثير ج ٢ ص ٢٢١ وج ٣ ص ١٣٧ وج ٤ ص ٢٩ ، ذخائر العقبى ص ٦٦ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ١٨ ص ٢٤ وج ٦ ص ١٦٧ مقتل الحسين للخوارزمي الحنفي ج ١ ص ٤٨ ، مجمع الزوائد ج ٩ ص ١١٢ الاصابة لابن حجر ج ٢ ص ٥٠٧ ، الطبقات الكبرى لابن سعد ج ٣ ص ٢٢ ، الرياض النضرة ج ٢ ص ٢٢٠ ، جامع الاصول لابن الاثير ج ٩ ص ٤٦٨ ، إحقاق الحق للتستري ج ٤ ص ١٧١ وج ٦ ص ٤٦٢ ، الغدير للاميني ج ٣ ص ١١٣.

(٨) تقدمت تخريجاته.

٥١٦

وسد الابواب (١) ، وقلع باب خيبر (٢) ، وقتل عمر بن ود (٣) ، وزوج بضعة الرسول فاطمة الزهراء ـ عليها السلام ـ ، إلى كثير وكثير من ذلك النمط مما لو أردنا جمعها لملانا المجلدات الضخمة.

أفكل هذه الروايات المتفق عليها لا تثبت خلافة علي ـ عليه السلام ـ وتلك الروايات المختلف فيها المفتعلة تثبت لابي بكر تولي منصب الرسالة وهذا شئ عجاب؟!

ثم قال لي : أنتم لا تعترفون بخلافة أبي بكر.

قلت : هذا لا نزاع فيه عندنا ، ولكن ننازع في الاحقية والاولوية ، هل كان أبو بكر أحق بها أم المؤمنين؟ هاهنا النزاع ، ولنا عندئذ نظر في هذا الامر العظيم الذي جر على الامة بلاء وفرق الامة ابتداء يوم السقيفة إلى فرقتين بل إلى أربع فرق ، فالانصار انقسموا على أنفسهم قسمين ، قسم يريد عليا ـ عليه السلام ـ وذلك بعد خراب البصرة ، والاخر استسلم وسلم الامر إلى أبي بكر ، وكذلك المهاجرون منهم من يريد أبا بكر والاخر عليا ، ثم إلى فرق تبلغ الثالثة والسبعين كل فرقة تحمل على من سواها من الفرق حملة شعواء لاهوادة فيها ، فجر الامة الاسلامية إلى نزاع دائم عنيف فكفر بعضهم بعضا ولا زالت الامة تخمر في بحور من الدماء من ذلك اليوم المشؤوم إلى يوم الناس هذا ، ثم إلى يوم يأتي الله بالفرج.

فالشيعة بر متهم يحكمون بما ثبت عندهم من الادلة قرآنا وسنة وتاريخا ويحتجون من كتب خصومهم السنة فضلا عن كتبهم بالخلافة

__________________

(١) تقدمت تخريجاته.

(٢) تقدمت تخريجاته.

(٣) تقدمت تخريجاته.

٥١٧

لعلي ولبنيه الائمة الاحد عشر ـ عليهم السلام ـ الذين تمسكت الشعية بإمامتهم.

إلى غير ذلك من الا دلت أوردتها على فضيلة فسمع واقتنع وخرج من عندنا وهو في ريب من مذهبه ، وشاكرا لنا على ما قدمناه له من الادلة ، وقد طلب مني بعض كتب الشيعة ومؤلفاتهم فأعطيته جملة منها وفيها من كتب الامام الحجة المجاهد السيد عبد الحسين شرف الدين (١).

__________________

(١) كتاب لماذا اخترت مذهب الشيعة للانطاكي ص ٣١٩.

٥١٨

المناظرة السادسة والستون

مناظرة الشيخ الاناطكي مع رجل من أهل حمص (١)

دخل علي يوما في حلب نفران من أهل حمص أحدهما شيعي مستبصر ، والاخر سني مستهتر ، وكانت بينهما مناقشة أولوية علي ـ عليه السلام ـ بالاخلافة.

فقال لي الشيعي : يقول صاحبي هذا وهو من أهل السنة ليس هناك نص على علي ـ عليه السلام ، بأنه الخليفة بعد رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ بلا فصل؟!

فسألني السني : هل هناك نص صريح؟

فأجبته : نعم ، بل نصوصو صريحة في كتبكم ومصادركم ، وأحلته على تاريخ الطبري ، وابن الاثير والتفاسير أجمع وذكرت له تفسير آية (وأنذر عشيرتك الاقربين) (٢) ، من تاريخ الكامل لابن الاثير (٣) والحديث بطوله ، وقدر رواه ابن الاثير بزيادة ألفاظ على ما رواه الطبري (٤) إلى أن انتهيت إلى قول النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم : أيكم يا بني عبد

__________________

(١) حمص : بلد مشهور كبير مسور ، في طرفه القبلي قلعة حصينة على تل عال كبير ، بين دمشق وحلب ، في نصف الطريق ، يمسى باسم من أحدثه وهو : حمص بن مكنف العمليقي ، انظر : مراصد الاطلاع ج ١ ص ٤٢٥.

(٢) سورة الشعراء : الاية ٢١٤.

(٣) ج ٢ ص ٦٢ وص ٦٣.

(٤) في تاريخه ج ٢ ص ٣١٩ ـ ٣٢١

٥١٩

المطلب يؤازرني على هذا الامر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي من بعدي ، وأجابه علي لما لم يجبه أحد منهم ، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه واله وسلم ـ : هذا أخي ووزيري ووصيي وخليفتي من بعدي فاسمعوا له وأطيعوا (١).

ثم قلت له : أيها المحترم أتطلب نصا أصرح من هذا النص؟

فقال : إذا ما صنعوا؟!.

فقهمت من قوله : ما صنعوا ، يشير إلى اجتماعهم في السقيفة وتنازعهم فيمن يختلف رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ أمهاجرون أم أنصار.

فقلت له : هذا ما وقع؟

فقال : عجبا عجبا وانتهى الامر.

وقال قولا في هذا المقام ولا أريد ذكره ، ثم استبصر وذهب حامدا شاكرا (٢).

__________________

(١) تقدمت تخريجاته.

(٢) لماذا اخترت مذهب الشيعة للانطاكي ص ٣٢٧.

٥٢٠