مناظرات

الشيخ عبد الله الحسن

مناظرات

المؤلف:

الشيخ عبد الله الحسن


المحقق: الشيخ عبد الله الحسن
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٤
الجزء ٣ الجزء ٤

حكم المناظرة في الشريعة الأسلامية :

تمهيد :

عرفت المناظرة أو المجادلة في الفلسفة اليونانية باسم : (طوبيقا) ، وهي إحدى الصناعات الخمس المهمة التي ينقسم إليها القياس المنطقي ، ويتوقف فهم هذه الصناعة على مقدمات ومبادئ أساسية لاغنى عنها من يروم الدفاع عما يراه جديراً بالدفاع عنه لشتى الأغراض ، سواء أكان ذلك في مجال العقيدة أم لم يكن.

على أن رجوع طالب المناظرة أو الجدل إلى المصادر الأولية للوقوف على مقدمات ومبادئ هذه الصناعة قد لا يخلو من صعوبة ، لما اكتنف تلك المصادر من غموض في العبارة ، وإجمال يتيه معه المبتدئ في خضم الأساليب المنطقية التي لم يعتدها من قبل ، ولهذا ننصح بالرجوع إلى ما كتبه الشيخ محمد رضا المظفر ـ رحمه الله ـ في كتابه المنطق ، إذ فيه مادة غنية مبسطة تغني عن الرجوع إلى غيره في تحصيل أوليات المناظرة فيما يتعلق بصناعة الجدل.

ومن المهم أن نشير في هذا التمهيد إلى أن القياسات الجدلية ، ـ التي ينبغي معرفتها في مقام المناظرة أو المجادلة ـ تهدف بالدرجة الأساس إلى تحصيل ما يفحم به الخصم عند المناظرة ، وقطع حجته والظهور عليه بين السامعين ، سواء أكان ذلك حقاً أم باطلاً ، إذ ليس الغرض من القياسات الجدلية هو الحق أو الباطل ، وإن كان أحدهما داخلا " في طلب ما يفحم به

٢١

الخصم ، إلا أنه لم يكن مراداً ومقصوداً بعينه (١).

وهذا ما يفهم من تعريف الجدل أيضاً ، إذ لم يذكر في التعريف أي شرط يقيد معناه بالدفاع عن الحق مثلاً ، ولهذا قالوا : الجدل (صناعة علمية يقتدر معها على إقامة الحجة من المقدمات المسلمة على أي مطلوب يراد ، وعلى محافظة أي وضع يتفق ، على وجه لا تتوجه عليه مناقضة بحسب الأمكان) (٢).

ومن هنا كان لا بد من بيان رأي شريعتنا الغراء في المناظرة ما دامت رحاها تدور على إثبات صحة الاراء والأفكار التي يدعيها كل من الطرفين المتناظرين بغض النظر عن موافقة تلك الاراء أو مخالفتها لشريعة الأسلام ، وذلك بحسب التقسيم التالي للمناظرة.

__________________

(١) رسالة تصور والتصديق لصدر المتأهلين شيرازي ص ٢٣٣ ، مطبوعة بهامش الجوهر النضيد لعلامة الحلى.

(٢) الجوهر النضيد لعلامة الحلى ص ٢٣٣ والمنطق للشيخ المظفرج ج ٣ ص ٣٣٥.

٢٢

أقسام المناظرة :

تناول القرآن الكريم في العديد من الايات الشريفة ، وكذلك السنة المطهرة في جملة من الأحاديث ، موضوع المناظرة والجدل تارة بالتأييد وأخرى بالتفنيد ومن هنا يمكن القول بأن المناظرة بحسب نظرة الشريعة الإسلامية تنقسم إلى قسمين وهما :

القسم الأول : المناظرة المشروعة.

القسم الثاني : المناظرة غير المشروعة.

المناظرة المشروعة :

لقد شرع القرآن الكريم المناظرة وجعل لها حدود وضوابط وأكد على ضرورتها وأهميتها ، وذلك في كثير من آيات الذكر الحكيم ، وهذا ما يصور لقارئ القرآن الكريم احتلال المناظرة جانبا «حيويا» في حياة سائر الأديان ، إذ ما من رسول أو نبي إلا وقد ناظر قومه وحاججهم وجادلهم في إثبات صحة ما يدعوهم إليه.

ومما يزيد الأمر وضوحاً هو أن الله تعالى قد أمر رسوله الكريم ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ بمجادلة المشركين ودعوتهم إلى الحق ، بالحكمة والموعظة الحسنة ، فقال تعالى : (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) (١).

__________________

(١) سورة النحل : الآية ١٢٥.

٢٣

كما أمر تعالى بمجادلة أهل الكتاب عن طريق الحكمة والموعظة لما في ذلك من إلانة قلوبهم وانصياعهم إلى الحق ، فقال تعالى : (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي احسن ..) (٢).

لأن الغلظة في المناظرة والجدل لا تزيد الطرف الاخر إلا نفوراً ، وعناداً ، وتعصباً ، وتمسكاً بالباطل كما أوضحه تعالى في قوله الكريم : (ولو كنت فظاً غليظ القلب لا نفضوا من حولك ..) (٣).

وهذا ما يكشف عن أسلوب المناظرة النبوية ، فهو الأسلوب الأمثل الذي يجب مراعاته بين المتناظرين.

ومن الأدلة والشواهد القرآنية التي تبين مشروعية المناظرة في الأسلام ، قوله تعالى : (وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم ، قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم ، الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً فإذا أنتم منه توقدون ، أو ليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم ، إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون ، فسبحان الذي بيده ملكوت كل شئ وإليه ترجعون) (١).

وهنا يلاحظ ما في جواب من أنكر الأحياء بعد الأماتة ، وما فيه من أدلة عظيمة ، وأسلوب رائع يأخذ بمجامع القلوب ويسوقها طوعا إلى الأذعان والتصديق ، ومنه ينكشف مدى تأثير الدليل وطريقة عرضه ، إذ بهما يخلق من الطرف الاخر إنسانا سلس الانقياد.

__________________

(١) سورة عنكبوت : الاية ٤٦.

(٢) سورة آل عمران : الاية.

(٣) سورة يس : الاية ٧٨ ـ ٨٢.

٢٤

ولم يقتصر هذا الأمر على مناظرات نبينا ـ صلى الله عليه وآله ـ مع مشركي مكة ومجادلتهم بالتي هي أحسن ، وإنما كان ذلك الأسلوب من المناظرة والجدل متبعا من قبل الأنبياء ـ عليهم السلام ـ مع مشركي أقوامهم كما في قصة إبراهيم ـ عليه السلام ـ مع نمرود كما في قوله تعالى : (ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحي ويميت قال أنا أحي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فات بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين) (١).

ومثله أيضاً ما جاء في محاجة قومه له ـ عليه السلام ـ وجوابه لهم كما في قوله تعالى : (وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله ـ إلى قوله ـ فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون) (٢).

ومثله أيضاً ما جاء في محاجته ـ عليه السلام ـ لقومه حينما كسر أصنامهم وقد ألزمهم بالحجة والعقل والرجوع إلى وجدانهم وعقولهم ، كما في قوله تعالى : (قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم ، قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون ، فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون ، ثم نكسوا على رؤسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون ، قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم ، أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون) (١).

ومنها مجادلة نوح ـ عليه السلام ـ لقومه الذين ركبوا رؤوسهم عنادا وازدادوا غيا وفسادا ، حيث قالوا له وهو يجادلهم في الله تعالى : (يا نوح

__________________

(١) سورة البقرة : الاية ٢٥٨.

(٢) سورة الانعام : الاية ٨١ ـ ٨٠.

(٣) سورة الانعام : الاية ٦٢ ـ ٦٧.

٢٥

قد جادلتنا فأكثرت جدالنا) (١).

ومن هنا يتبين أن المناظرة أو الجدل لو لم تكن مشروعة لما أمر الله تعالى بها أنبياءه ـ عليهم السلام ـ ، في حين أن القرآن الكريم يزخر بمحاججات الأنبياء لأقوامهم لا سيما نبينا ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ، وهو القدوة الحسنة والمثل الأعلى الذي لا ينتهي حديث عظمته ، ولا تزيده الدهور إلا سناءا وعلوا.

هذا هو موقف القرآن الكريم من المناظرة المشروعة بشكل موجز ، والذي يمكن أن تكون خلاصته : أن ينظر كل من المتناظرين بعين الاعتبار إلى الاخر ، ولا يستهين بآرائه وإن كانت مخالفة للحق في بداية الأمر وان لا ينسب أراءه الى محض الباطل حتى ولو كان كذلك في نظره لاحظ قوله تبارك وتعالى : (وانا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين) (٣) حيث ان النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ، يجمل اجمالا الضلالة بين الفريقين تمهيدا للجو الملائم للمناظرة الصحيحة بهدف الوصول الى الحقيقة ولا يفاجأهم مباشرة بتفنيد مزاعمهم جملة وتفصيلا رغم انها كانت محض الباطل في اعتقاده ـ صلى الله عليه وآله ـ ، ثم عليه أن يسوق الدليل الذي يعرفه المقابل نفسه ، وأن يعرض الدليل بالطريقة الهادئة مقرونا بالحكمة والموعظة الحسنة ، على أن يكون مراده تحصيل الحق ، وإلا ستكون المناظرة غير مشروعة كما سيأتي الحديث عنها في محله.

أما موقف السنة المطهرة من المناظرة ، فهو لا يختلف عن حكم القرآن ، فكلاهما ـ القرآن والسنة ـ صنوان لمشرع واحد ، قال تعالى : (وما

__________________

(١) سورة هود : الاية ٣٢.

(٢) سورة سبأ : الاية ٢٤.

٢٦

ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى) (١).

ومما ورد من الأدلة والشواهد على مشروعية المناظرة من السنة الشريفة :

منها : ما روي عن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ أنه قال : (نحن المجادلون في دين الله على لسان سبعين نبيا) (٢).

ومنها : ما روي من مناظرات النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ مع أهل الاديان وغيرهم ، ومما يروى بهذا الصدد من اجتماع أهل خمسة أديان وفرق ـ وهم اليهود ـ والنصارى ، والدهرية ، والثنوية ، ومشركوا العرب ـ عند النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ، واحتجاج كل فريق منهم لدعواه وجواب النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ لهم وإبطاله لمزاعمهم. (٣)

كما أن المتتبع لسيرة الأئمة ـ عليهم السلام ـ يجد أمثلة كثيرة جدا في مناظراتهم واحتجاجاتهم مع خصومهم ، كما وردت عنهم ـ عليهم السلام ـ أخبار كثيرة بشأن مجادلة الخصوم وإقناعهم ، وكانوا ـ عليهم السلام ـ يأمرون بعض أصحابهم بذلك ممن يتوسمون فيه القدرة على مقارعة الحجة بالحجة ، كما هو المشهور في موقف الأمام الصادق ـ عليه السلام ـ من هشام بن الحكم وثلة من أصحابه الذين كانوا بالمرصاد في تصديهم للزنادقة والملحدين والمخالفين في المسائل الاعتقادية كالمجبرة والمفوضة والمجسمة وغيرها من المذاهب الأخرى.

كما كانت لمسائل الأمامة الحصة الكبرى في مناظرات هؤلاء

__________________

(١) سورة النجم : الاية ٣ و ٤.

(٢) الاحتجاج للطبرسي ج ١ ـ ص ١٥.

(٣) الاحتجاج للطبرسي ج ١ ص ٢٢ ـ ٢٨ ، البرهان في تفسير القرآن للبحراني ج ٢ ص ١١٦ ـ ١٢٠.

٢٧

الأصحاب وغيرهم مع خصومهم ، كما سيبينه كتابنا هذا : مناظرات في الأمامة.

وفيما يلي نذكر بعض الروايات عن أهل بيت النبوة ـ عليهم السلام ـ الدالة على ما أسلفناه :

منها : رواية الشيخ المفيد بإسناده عن الأمام جعفر بن محمد الصادق عن أبيه الباقر ـ عليهما السلام ـ قال : من أعاننا بلسانه على عدونا أنطقه الله بحجته يوم موقفه بين يديه عز وجل (١).

ومنها : قول الصادق ـ عليه السلام ـ : حاجوا الناس بكلامي ، فإن حاجوكم فأنا المحجوج (٢).

ومنها : ما رواه ثقة الأسلام في الكافي (٣) من مناظرة هشام بن الحكم مع عمرو بن عبيد ، حتى أن الأمام الصادق ـ عليه السلام ـ أحب أن يسمع من هشام نفسه ما جرى بينه وبين عمرو بن عبيد ، كما ستأتي مفصلة في هذا الكتاب.

ومع هذا كله فقد تخيل بعض المخالفين أن المناظرة محرمة في رأي أهل البيت ـ عليهم السلام ـ ، وأن ما يفعله الشيعة يخالف أمر أئمتهم.

يقول الشريف المرتضى (ره) : قلت للشيخ أبي عبد الله أدام الله عزه : إن المعتزلة والحشوية يزعمون أن الذي نستعمله من المناظرة شئ يخالف أصول الأمامية ويخرج عن إجماعهم لأن القوم لا يرون المناظرة دينا وينهون عنها ويروون عن أئمتهم تبديع فاعلها وذم مستعملها ، فهل معك رواية عن أهل البيت ـ عليهم السلام ـ في صحتها أم تعتمد على

__________________

(١) أمالي المفيد ص ٣٣ ح ٧.

(٢) تصحيح الاعتقاد الشيخ المفيد : ص ٢٧.

(٣) الاصول من الكافي للكليني ج ١ ص ١٦٩ ـ ١٧١.

٢٨

حجج العقول ولا تلتفت إلى من خالفها وإن كان عليه إجماع العصابة؟

فقال : أخطأت المعتزلة والحشوية فيما ادعوه علينا من خلاف جماعة أهل مذهبنا في استعمال المناظرة وأخطأ من ادعى ذلك من الأمامية أيضا وتجاهل ، لأن فقهاء الامامية ورؤساءهم في علم الدين كانوا يستعملون المناظرة ويدينون بصحتها وتلقى ذلك عنهم الخلف ودانوا به ، وقد أشبعت القول في هذا الباب وذكرت أسماء المعروفين بالنظر وكتبهم ومدائح الأئمة لهم في كتابي الكامل في علوم الدين ، وكتاب الأركان في دعائم الدين ، وأنا أروي لك في هذا الوقت حديثا من جملة ما أوردت في ذلك إن شاء الله.

أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد (بسنده) عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد ـ عليهما السلام ـ قال : قال لي : خاصموهم وبينوا لهم الهدى الذي أنتم عليه ، وبينوا لهم ضلالهم وباهلوهم في علي ـ عليه السلام ـ (١).

إلى غير ذلك من الأدلة والشواهد التي تنص على مشروعية المناظرة على أن التوسع في إيراد الشواهد والأدلة على مشروعية المناظرة قد يكون على حساب مادة الكتاب ، إذ فيه الشئ الكثير الذي لا يمكن بموجبه إنكار مشروعية المناظرة في الإسلام ، زيادة على ما كتب من كتب إسلامية في هذا المجال بعض المناظرات التي وقعت بين علماء المسلمين في جوانب شتى من العقيدة وغيرها ، ولعل في كتاب الاحتجاج للشيخ الطبرسي ـ أعلى الله مقامه ـ خير دليل على ذلك.

__________________

(١) الفصول المختارة : ص ٢٨٤.

٢٩

المناظرة غير المشروعة :

وأما ما هو غير مشروع من المناظرة فقد سبق وأن ألمحنا الى أن القرآن الكريم بين ضوابط المناظرة المشروعة وحدد معالمها ، ووضعها في إطارها الصحيح ، وذلك بعبارة جامعة مانعة وهي أن تكون الدعوة فيها إلى الحق وهو ما عبر عنه تعالى ب‍ (سبيل الله) وأن تكون بالحكمة والموعظة والمجادلة الحسنة كما في قوله عز شأنه : (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) (١).

وحيث إن القرآن الكريم وضع الضوابط والمقاييس للمناظرة المشروعة فإذا تخلف عنها ما هو شرط أو شطر خرجت المناظرة عن كونها مشروعة وذلك فيما إذا كانت لأثبات باطل أو للغلبة على الحق أو كانت عن غير علم ، ونحو ذلك فهذه المناظرة هي التي لا يرضاها الله تعالى ولا يقرها حتى لأنبيائه ومن هذه المناظرات غير المشروعة مناظرات ومجادلات أهل الكتاب والمشركين والمنافقين مع نبينا محمد ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وكذا مجادلات الأمم السابقة مع أنبيائهم ـ عليهم السلام ـ وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا النحو من المناظرات والمجادلات غير المشروعة في مواضع شتى منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي :

١ ـ قوله تعالى : (وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق) (١).

٢ ـ قوله تعالى : (ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل

__________________

(١) سورة النحل : الاية ١٢٥.

(٢) سورة المؤمن : الاية ٥.

٣٠

شيطان مريد) (١).

٣ ـ قوله تعالى : (يجادلونك في الحق بعدما تبين) (٢).

٤ ـ قوله تعالى : (ويعلم الذين يجادلون في آياتنا مالهم من محيص) (٣).

٥ ـ قوله تعالى : (ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير) (٤).

٦ ـ قوله تعالى : (فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون) (٥).

إلى غير ذلك من الايات الكثيرة الأخرى الناهية عن مثل هذه المجادلات التي لا يبتغى من ورائها إلا الباطل.

فهي إما أن تكون مجادلة في حق قد تبين ، وإما أن تكون لأماتة الحق ونصرة الباطل ، وإما أن تكون عن جهل وما يستتبعه من عناد وإصرار على الباطل ، وإما أن تكون بغير هذا وذاك من الدواعي الأخرى التي لا يقرها دين ولا يؤيدها وجدان ، وحري بالمسلم أن يتبع الحق فالحق أحق بأن يتبع من أي طريق كان.

__________________

(١) سورة الحج : الاية ٣.

(٢) سورة الأنفال : الاية ٦.

(٣) سورة الشورى : الاية ٣٥.

(٤) سورة لقمان : الاية ٢٠.

(٥) سورة آل عمران : الاية ٦٦.

٣١

آداب المناظرة :

لكي تكون المناظرة ناجحة وبناءة هادفة ، ولكي يخرج الطرفان منها بفائدة ونتيجة مثمرة ، يحسن بهما أن يتبعا آداب المناظرة التي تشير إليها الاية الكريمة : (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) (١) وفيما يلي نذكر أهم الاداب التي ينبغي مراعاتها في المناظرة وهي :

١ ـ أن يكون (المناظر) في طلب الحق كمنشد ضالة يكون شاكرا متى وجدها ، ولا يفرق بين أن يظهر على يده أو على يد غيره ، فيرى رفيقه معينا لا خصيما ويشكره إذا عرفه الخطأ وأظهر له الحق ، كما لو أخذ طريقا في طلب ضالة فنبهه غيره على ضالته في طريق آخر ، والحق ضالة المؤمن يطلبه كذلك ، فحقه إذا ظهر الحق على لسان خصمه أن يفرح به ويشكره ، لا أنه يخجله ويسود وجهه ويزيل لونه ، ويجتهد في مجاهدته ومدافعته جهده.

٢ ـ أن لا يمنع معينه من الانتقال من دليل إلى دليل ، ومن سؤال إلى سؤال ، بل يمكنه من إيراد ما يحضره ويخرج من كلامه ما يحتاج إليه في إصابة الحق ، فإن وجده في جملته أو استلزمه وإن كان غافلا عن اللزوم فليقبله ويحمد الله تعالى ، فإن الغرض إصابة الحق ، وإن كان في كلام متهافت إذا حصل منه المطلوب.

__________________

(١) سورة النحل : الاية ١٢٥.

٣٢

فأما قوله : «هذا لا يلزمني فقد تركت كلامك الأول وليس لك ذلك» ونحو ذلك من أراجيف المناظرين ، فهو محض العناد والخروج عن نهج السداد.

وكثيراً ما ترى المناظرات في المحافل تنقضي بمحض المجادلات حتى يطلب المعترض الدليل عليه ويمنع المدعي ما هو عالم به ، وينقضي المجلس على ذلك الأنكار والأصرار على العناد ، وذلك عين الفساد ، والخيانة للشرع المطهر ، والدخول في ذم من كتم علمه.

٣ ـ أن يقصد بها إصابة الحق وطلب ظهوره كيف اتفق لا ظهور صوابه وغزارة علمه ، وصحة نظره ، فإن ذلك مراء قد عرفت ما فيه من القبائح والنهي الأكيد.

ومن آيات هذا القصد أن لا يوقعها إلا مع رجاء التأثير ، فأما إذا علم عدم قبول المناظر للحق وأنه لا يرجع عن رأيه وإن تبين له خطأه فمناظرته غير جائزة لترتب الافات وعدم حصول الغاية المطلوبة منها.

٤ ـ أن يناظر في واقعة مهمة ، أو في مسألة قريبة من الوقوع ، وأن يهتم بمثل ذلك ، والمهم أن يبين الحق ولا يطول الكلام زيادة عما يحتاج إليه في تحقيق الحق.

ولا يغتر بأن المناظرة في تلك المسائل النادرة توجب رياضة الفكر وملكة الاستدلال والتحقيق ، كما يتفق ذلك كثيرا لقاصدي حظ النفوس من إظهار المعرفة فيتناظرون في التعريفات وما تشتمل عليه من النقوض والتزييفات وفي المغالطات ونحوها ، ولو اختبر حالهم حق الاختبار

٣٣

لوجد مقصدهم على غير ذلك الاعتبار (١).

٥ ـ أن يتخير الألفاظ الجزلة الفخمة ، ويتجنب العبارات الركيكة العامية ، ويتقي التمتمة والغلط في الألفاظ والأسلوب.

٦ ـ أن يكون متمكنا من إيراد الأمثال والشواهد من الشعر ، والنصوص الدينية ، والفلسفية ، والعلمية ، وكلمات العظماء ، والحوادث الصغيرة الملائمة ـ وذلك عند الحاجة طبعا ـ بل ينبغي أن يكثر من ذلك ما وجد إليه سبيلا وذلك يعينه على تحقيق مقصوده وهدفه ، والمثل الواحد قد يفعل في النفوس ما لا تفعله الحجج المنطقية من الانصياع إليه والتسليم به.

٧ ـ أن يتجنب عبارة الشتم واللعن ، والسخرية والاستهزاء ، ونحو ذلك مما يثير عواطف الغير ويوقظ الحقد والشحناء ، فإن هذا يفسد الغرض من المجادلة التي يجب أن تكون بالتي هي أحسن.

٨ ـ ألا يرفع صوته فوق المألوف المتعارف ، فإن هذا لا يكسبه إلا ضعفا ، ولا يكون إلا دليلا على الشعور بالمغلوبية ، بل يجب عليه أن يلقي الكلام قوي الأداء لا يشعر بالتردد والارتباك والضعف والانهيار ، وإن أداه بصوت منخفض هادئ فإن تأثير هذا الأسلوب أعظم بكثير من تأثير أسلوب الصياح والصراخ.

٩ ـ أن يتواضع في خطاب خصمه ، ويتجنب عبارات الكبرياء والتعاظم ، والكلمات النابية القبيحة.

١٠ ـ أن يتظاهر بالأصغاء الكامل لخصمه ، ولا يبدأ بالكلام إلا من حيث ينتهي من بيان مقصوده ، فإن الاستباق إلى الكلام سوالا وجوابا قبل

__________________

(١) منية المريد في آداب المفيد والمستفيد : لزين الدين العاملي ص ١٥٤.

٣٤

أن يتم خصمه كلامه يربك على الطرفين سير المحادثة ، ويعقد البحث من جهة ، ويثير غضب الخصم من جهة أخرى.

١١ ـ أن يتجنب ـ حد الأمكان ـ مجادلة طالب الرياء والسمعة ومؤثر الغلبة والعناد ومدعي القوة والعظمة فإن هذا من جهة يعديه بمرضه فينساق بالأخير مقهورا إلى أن يكون شبيها به في هذا المرض ، ومن جهة أخرى لا يستطيع مع مثل هذا الشخص أن يتوصل إلى نتيجة مرضية في المجادلة (١).

١٢ ـ أن يكون مطلعا على أفكار وآراء خصمه من كتبه ومصادره لا من كتبه ومصادره هو.

١٣ ـ أن يكون هاضما للفكرة التي يريد طرحها ومحيطا بها تماما ، ومقتنعا بها ، لكي يتمكن من إقناع خصمه.

١٤ ـ وينبغي أن يختار الكلام المناسب للزمان والمكان فإن لهما تأثيرا كبيرا في النفوس ، ومن هنا قيل في المثل المشهور : لكل مقام مقال.

١٥ ـ أن يخاطب خصمه بكلام مفهوم مراعيا مقدار فهمه ، ومستواه الفكري ، بأسلوب حسن ومنطق سديد.

__________________

(١) المنطق : للمظفر ص ٣٦٢.

٣٥

تاريخ الاحتجاج والمناظرة في الخلافة الاسلامية :

قد يتصور البعض أن تاريخ الاحتجاج والمناظرة في الأمامة وإثبات حق أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ يعود إلى زمان متأخر ، وبالتحديد إلى ظهور علم الكلام بين الشيعة ، وهذا ما دعاني لأثبات ما يؤكد أن تلك المناظرات والاحتجاجات كانت منذ اليوم الأول لتسلم الخلافة بعد النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ مباشرة إثر أحداث السقيفة التي غيرت مجرى التاريخ ، كما اعتبر ذلك النزاع أول نزاع حدث بين المسلمين بعد النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ (١) في الإمامة.

وأول من فتح باب الاحتجاج والمناظرة ـ في هذا الأمر ـ هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ صاحب الحق الذي ثبت له بالنصوص الشرعية ، كما أن للزهراء والحسن والحسين ـ عليهم السلام ـ وبني هاشم وجملة من الصحابة الدور الكبير في ذلك ، وكتب التاريخ والحديث والسيرة زاخرة باحتجاجاتهم ومناظراتهم في هذا الأمر ، وفيما يلي نذكر بعضا من احتجاجاتهم :

احتجاج أمير المؤمنين عليه السلام في الخلافة ومطالبته بحقه

الذي يراجع كتب الحديث والسيرة ـ في خصوص هذا الشأن ـ يجد كثيرا من احتجاجاته ومناشداته ـ عليه السلام ـ في الخلافة ، وكذلك من

__________________

انظر مقالات اسلاميين للاشعري ص ٢.

٣٦

يراجع نهج البلاغة يجد كثيرا من الخطب والكلمات التي تكشف عن مدى تأثره ـ عليه السلام ـ ، ويجد تلك النفس التي ملؤها الحسرة والتأسف كل ذلك بسبب ما حصل من القوم في حقه.

فقد روى كثير من المحدثين أنه عقيب يوم السقيفة تألم وتظلم ، واستنجد واستصرخ ، حيث ساموه الحضور والبيعة ، وأنه قال وهو يشير إلى القبر : (يابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني) (١) ، وأنه قال : واجعفراه! ولا جعفر لي اليوم! واحمزتاه ولا حمزة لي اليوم! (٢)

وفيما يلي نذكر بعض خطبه واحتجاجاته في الخلافة ، وبعض النصوص التي تكشف عن موقفه تجاههم :

١ ـ روي أن عليا ـ عليه السلام ـ أتي به إلى أبي بكر وهو يقول :

أنا عبد الله ، وأخو رسوله ، فقيل له بايع أبا بكر.

فقال : أنا أحق بهذا الأمر منكم ، لا أبايعكم ، وأنتم أولى بالبيعة لي ، أخذتم هذا الأمر من الأنصار ، واحتججتم عليهم بالقرابة من النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وتأخذونه منا أهل البيت غصبا؟ ألستم زعمتم للأنصار أنكم أولى بهذا الأمر منهم لما كان محمد منكم ، فأعطوكم المقادة ، وسلموا إليكم الأمارة ، وأنا أحتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار ، نحن أولى برسول الله حيا وميتا ، فأنصفونا إن كنتم تؤمنون ، وإلا فبوؤا بالظلم وأنتم تعلمون.

فقال عمر : إنك لست متروكا حتى تبايع.

فقال له علي : احلب حلبا لك شطره ، واشدد له اليوم أمره يردد عليك

__________________

(١) سوره الاعراف : الاية ١٥٠.

(٢) شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ج ١١ ص ١١١.

٣٧

غداً ، ثم قال : والله يا عمر لا أقبل قولك ولا أبايعه. ـ إلى أن قال لهم ـ :

الله الله يا معشر المهاجرين ، لا تخرجوا سلطان محمد في العرب عن داره وقعر بيته ، إلى دوركم وقعر بيوتكم ، ولا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس وحقه ، فو الله يا معشر المهاجرين لنحن أحق الناس به ، لأنا أهل البيت ، ونحن أحق بهذا الأمر منكم ، أما كان فينا القارئ لكتاب الله ، الفقيه في دين الله ، العالم بسنن رسول الله ، المضطلع بأمر الرعية ، المدافع عنهم الأمور السيئة ، القاسم بينهم بالسوية ، والله إنه لفينا ، فلا تتبعوا الهوى فتضلوا عن سبيل الله ، فتزدادوا من الحق بعدا (١).

٢ ـ لما بويع أبو بكر في يوم السقيفة وجددت البيعة له يوم الثلاثاء على العامة ، خرج علي ـ عليه السلام ـ فقال : أفسدت علينا أمورنا ، ولم تستشر ، ولم ترع لنا حقا.

فقال أبو بكر : بلى ، ولكني خشيت الفتنة (٢).

٣ ـ قوله ـ عليه السلام ـ : واعجبا أن تكون الخلافة بالصحابة ولا تكون بالصحابة والقرابة.

قال الشريف الرضي ـ رحمه الله ـ : وقد روي له شعر قريب من هذا المعنى وهو :

__________________

(١) الامامة والسياسة لابن قتيبة ج ١ ص ١٨ ـ ١٩ ، السقيفة للجوهري ص ٦٠ ـ ٦١ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ٦ ص ١١ ـ ١٢.

(٢) مروج الذهب للمسعودي ج ٢ ص ٣٠٧.

٣٨

فإن كنت باشورى ملكت امورهم

فكيف بهذا والمسشيرون غيب

وإن كنت بالقربى حججت خصيمهم

فغيرك اولى بالنبي واقرب (١)

٤ ـ قوله ـ عليه السلام : اللهم إني استعديك على قريش ومن أعانهم ، فإنهم قد قطعوا رحمي ، وأكفئوا إنائي ، واجمعوا على منازعتي حقا كنت أولى من غيري ، وقالوا : ألا أن في الحق أن في الحق أن تأخذه وفي الحق أن تمنعه ، فاصبر مغموما ، أو مت متاسفا.

فنطرت فإذا ليس لي رافد ، ولا داب ولا داب ولا مساعد ، إلا مساعد ، الا أهل بيتي ، فضننت بهم عن المنية ، فأغضيت على القذى ، وجرعت ريقي على الشجا ، وصبرت من كظم الغيظ على امر من العلقم ، والم للقلب من وخز

__________________

(١) نهج البلاغة للامام علي ـ عليه السلام ـ ص ٥٠٢ من حكمه رقم : ١٩٠. قال بن أبي الحديد في شرح النهج ج ١٨ ص ٤١٦ : حديثه عليه السلام ـ في النثر والنظم المذكورين مع أبي بكر وعمر.

أما النثر فإلى عمر توجيهه ، لأن أبا بكر لما قال لعمر : امدد يدك ، قال له عمر : أنت صاحب رسول الله في المواطن كلها ، شدتها ورخائها ، فامدد أنت يدك. فقال علي ـ عليه السلام ـ : إذا احتججت لاستحقاقه الأمر بصحبته إياه في المواطن كلها ، فهلا سلمت الأمر إلى من قد شركه في ذلك ، وزاد عليه بالقرابة!!.

وأما النظم فموجه إلى أبي بكر ، لأن أبا بكر حاج الأنصار في السقيفة. فقال : نحن عترة رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ، وبيضته التي تفقأت عنه ، فلما بويع احتج على الناس بالبيعة ، وأنها صدرت عن أهل الحل والعقد. فقال علي ـ عليه السلام ـ : أما احتجاجك على الأنصار بأنك من بيضة رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ومن قومه ، فغيرك أقرب نسبا منك إليه.

وأما احتجاجك بالاختيار ورضا الجماعة بك ، فقد كان قوم من جملة الصحابة غائبين لم يحضروا العقد فكيف يثبت!.

٣٩

الشفار (١).

٥ ـ قوله ـ عليه السلام ـ : أما بعد ، فإن الله سبحانه بعث محمدا ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ نذيرا للعالمين ، ومهيمنا على المرسلين ، فلما مضى ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ تنازع المسلمون الأمر من بعده ، فو الله ما كان يلقى في روعي ، ولا يخطر ببالي أن العرب تزعج هذا الأمر من بعده ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ عن أهل بيته ، ولا أنهم منحوه عني من بعده ، فما راعني إلا انثيال الناس على فلان يبايعونه ، فأمسكت بيدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الأسلام يدعون إلى محق دين محمد ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فخشيت إن لم أنصر الأسلام وأهله أن أرى فيه ثلما أو هدما ، تكون المصيبة به علي أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هي متاع أيام قلائل ، يزول منها ما كان كما يزول السراب ، أو كما يتقشع السحاب ، فنهضت في تلك الأحداث حتى زاح الباطل وزهق ، واطمأن الدين وتنهنه (٢).

٦ ـ قال ـ عليه السلام ـ في خطبته الشقشقية :

أما والله لقد تقمصها فلان ، وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ، ينحدر عني السيل ، ولا يرقى إلي الطير ، فسدلت دونها ثوبا ، وطويت عنها كشحا ، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء يهرم فيها الكبير ، ويشيب فيها الصغير ، ويكدح فيها مؤمن

__________________

(١) نهج البلاغة للامام علي ـ عليه السلام ـ ص ٣٣٦ من كلام له رقم : ٢١٧ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ١١ ص ١٠٩.

(٢) نهج البلاغة للامام على ص ٤٥١ كتاب رقم : ٦٢ ، شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ج ١٧ ص ١٥١ ، الإمامة والسياسة لابن قتيبة ج ١ ص ١٣٣ بتفاوت.

٤٠