الشيخ الطوسي مفسراً

خضير جعفر

الشيخ الطوسي مفسراً

المؤلف:

خضير جعفر


الموضوع : التراجم
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-589-X
الصفحات: ٣٢٠

٨. ابو منصور السكري وهو من علماء الزيدية ١.

٩. احمد بن إبراهيم القزويني.

١٠. ابوالحسين وابوالعباس احمد بن علي النجاشي ، صاحب كتاب الرجال المتولد سنة ٣٧٢ ه‍ والمتوفى سنة ٤٥٠ هـ.

١١. جعفربن الحسين بن حسكة القمي.

١٢. الشريف ابومحمد الحسن بن احمدبن القاسم بن محمد بن علي بن ابي طالب عليه‌السلام المحمدي نسبةً إلى محمد بن الحنفية بن الامام علي عليه‌السلام.

١٣. ابو علي الحسن بن محمد بن اسماعيل بن محمد بن اشناس المعروف ، بابن الحمامي البزاز المولود سنة ٣٥٩ ه‍ والمتوفى في الثالث من ذي القعدة سنة ٤٣٩ ه‍ ٢.

١٤. ابو محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن داود الفحام المعروف بابن الفحام ، السرمن رائي ـ السامرائي ـ المتوفّى سنة ٤٠٨ هـ.

١٥. ابو الحسين حسنبش المقرئ.

١٦. ابو عبد الله الحسين بن إبراهيم القزويني.

١٧. ابو عبد الله الحسين بن إبراهيم بن على القمي المعروف بابن الخياط.

١٨. الحسين بن ابي محمد هارون بن موسى التلعكبري.

١٩. ابو محمد عبدالحميدبن محمد المقرئ النيسابوري.

٢٠. ابو عمرو عبدالواحدبن محمد بن عبد الله بن محمد بن مهدي بن خشنام المولود سنة ٣١٨ ه‍ ، والمتوفى سنة ٤١٠ ه‍ ، وهو من مشايخ الطوسي من علماء السنة.

٢١. ابو الحسن على بن احمدبن عمربن حفص المقرئ المعروف بابن الحمامي المولودسنة ٣٢٨ ه‍ والمتوفى سنة ٤١٧ هـ.

٢٢. السيد المرتضى علم الهدى ابوالقاسم علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن

__________________

١. الطهراني ، مقدمة التبيان ، ج ١ ، ص ٣٩.

٢. الخطيب ، تاريخ بغداد ، ج ٧ ، ص ٤٢٥.

٢١

ابراهيم بن الامام موسى الكاظم عليه‌السلام المتوفّى سنة ٤٣٦ ه‍ ـ ، وهو من اشهر اساتذته.

٢٣. ابوالقاسم على بن شبل بن اسد الوكيل المتوفّى سنة ٤١٠ هـ.

٢٤. القاضي ابوالقاسم علي التنوخي ابن القاضي ابي علي المحسن بن تميم القحطاني ، وهو من مشايخ الطوسي من علماء أهل السنة ، وكان قد ولد سنة ٣٧٠ ه‍ ، وتوفي سنة ٤٤٧ ه‍ ١.

٢٥. ابوالحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران المعروف بابن بشران المعدل ، وهومن علماء أهل السنة.

٢٦. محمد بن احمدبن ابي الفوارس الحافظ ، وهو من علماء أهل السنة.

٢٧. ابو زكريا محمد بن سليمان الحراني من أهل طوس.

٢٨. محمد بن سنان وهو من مشايخ الطوسي من علماء أهل السنة.

٢٩. ابو عبد الله محمد بن علي حموي البصري المتوفّى سنة ٤١٣ هـ.

٣٠. محمد بن على بن خشيش بن نضربن جعفربن إبراهيم التميمي ، وهو من مشايخ ‌الطوسي من علماء أهل السنة ، وقد روى عنه في اماليه اخباراً كثيرة.

٣١. ابوالحسن محمد بن محمد بن محمد بن مخلد البزاز المولود سنة ٣٢٩ ه‍ والمتوفّى سنة ٤١٩ ه‍ ، وهو من مشايخه من علماء أهل السنة ٢.

٣٢. السيد ابوالفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار المولود سنة ٣٢٢ ه‍ والمتوفّى سنة ٤١٤ ه‍ وهو من مشايخ الطوسي من علماء أهل السنة ٣.

وباضافة الخمسة الاوائل من شيوخه ، والذين اكثر الرواية عنهم يبلغ عددهم سبعةً وثلاثين شخصاً ، وقداكد هذا العدد السيد محمد صادق بحر العلوم ، عندما ترجم للشيخ ‌الطوسي في مقدمة كتبها لرجال الشيخ الطوسي ، ولكتاب الأمالي ، بشيء من التفصيل ،

__________________

١. الحموي ، معجم الادباء ، ج ١٤ ، ص ١١٠ ـ ١٢٤.

٢. الخطيب ، تاريخ بغداد ، ج ٣ ، ص ٣٣١.

٣. الطوسي ، الرجال ، ص ٤٥٢.

٢٢

واخرى مختصرة لكتاب الفهرست للشيخ نفسه ، وبهذا يتفق مااورده السيد بحر العلوم مع مااورده المؤرخ الشهير اية الله اغا بزرك الطهراني ، حينما كتب عن حياة الشيخ الطوسي رسالة قيمة ، قدم بها لتفسير التبيان المطبوع في النجف الاشرف.

تلاميذَ الشيخِ الطوسي

ما ان استقلّ الشيخ الطوسي بزعامة المذهب الامامي عند وفاة الشريف المرتضى عام٤٣٦ في بغداد حتّى صارت داره في الكرخ مأوى الأُمّةٌ ومقصد الوفّاد وقد انهال العلماءعلى دروسه ، واجتمع تحت منبره جمعٌ من التلاميذ بلغ عددهُم اكثر من ثلثمائةِ مجتهدٍ ١ ، ومن العامّة مالا يُحصى كثرةً ٢.

وقد اورد العلامة اية الله اغاز بزرك الطهراني في مقدّمة التبيان ، وكذلك السيد محمّد صادق بحر العلوم في مقدّمة رجال الطوسي واماليه قائمةً باسماء تلامذة الشيخ ‌الطوسي بلغ عددهم فيها ستة وثلاثين شخصاً ، ويبدو أنّ هؤلاء الذين ذكرت أسماؤهم في كتب التراجم كانوا من المشاهير فعرفوا ، بينما خُفيت أسماءُ غيرهم إمَا لقلَة آثارهم ، أو لضياعها ، او لأنّهم لم يتركوا أثراً أصلاً.

وهنا نورد ماذكره علماء الرجال والمفهرسون من أسماءِ تلاميذِ الشيخِ الطوسي ٣ حسب حروف الهجاء :

١. الشيخ الفقيه آدم بن يونس بن أبي المهاجر النسفي.

٢. الشيخ المؤلف ابوبكر أحمد بن الحسين بن احمد الخزاعي النيسابوري.

٣. الشيخ أبو طالب إسحاق بن محمد بن الحسن بن الحسين بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي.

__________________

١. أسد حيدر ، الإمام الصادق ، ج ٢ ، ص ٣١٧ ، وانظر القمّي ، الكنى والألقاب ، ج ٢ ، ص ٣٦٣.

٢. المامقاني ، تنقيح المقال في احوال الرجال ، ج ١ ، ص ١٩٤.

٣. الطهراني ، مقدّمة تفسير التبيان ، ج ١ ، ص ٤٢ ومابعدها ، وبحر العلوم ، مقدّمة أمالي الشيخ الطوسي ، ص ٢٤ وما بعدها ، ومقدّمه الفهرست.

٢٣

٤. الشيخ أبو إبراهيم إسماعيل شقيق إسحاق بن بابويه القمّي المتوفّى سنة ٥٠٠ هـ.

٥. الشيخ الثقة أبوالخير بركة بن محمد بن بركة الأسدي.

٦. الشيخ الثقة المصنّف أبوالصلاح تقي بن نجم الدين الحلبي.

٧. السيد المحدث أبو إبراهيم جعفربن علي بن جعفر الحسيني.

٨. الشيخ الإمام المصنّف أبو محمّد شمس الإسلام الحسن بن الحسين بن بابويه القمّي المعروف بحسكا ، المتوفّى سنة ٥١٢ هـ.

٩. الشيخ الفقيه أبو محمّد الحسن بن عبد العزيز بن الحسن الجبهاني.

١٠ ـ الشيخ أبو عليّ الحسن بن شيخ الطائفة الشيخ الطوسي.

١١. الشيخ الإمام موفق الدين الفقيه الحسين بن الفتح الواعظ البكر آبادي الجرجاني.

١٢. الشيخ الإمام محيي الدين أبو عبد الله الحسين بن مظفر بن عليّ بن الحسين الحمداني نزيل قزوين.

١٣. السيد عمادالدين أبوالوضاح ذوالفقاربن محمّد بن معبد الحسيني المروزي.

١٤. السيد الفقيه ابو محمّد زيد بن علي بن الحسين الحسيني أو الحسني.

١٥. السيد الفاضل زين بن الداعي الحسيني.

١٦. الشيخ الفقيه سعدالدين بن البرّاج.

١٧. الشيخ الفقيه أبوالحسن سليمان بن الحسن بن سليمان الصهرشتي.

١٨. الشيخ المحدّث شهرآشوب السروي المازندراني ، جدّ الشيخ محمد بن علي مؤلف معالم العلماء والمناقب.

١٩. الشيخ الفقيه صاعدبن ربيعة بن أبي غانم.

٢٠.الشيخ أبوالوفاء عبدالجبار بن عبد الله بن عليّ المقرئ الرازي المعروف بالمفيد المتوفّى سنة ٥٠٦ هـ.

٢١. الشيخ أبو عبد الله عبد الرحمن بن أحمد الحسيني الخزاعي النيسابوري المعروف بالمفيد أيضاً.

٢٢. الشيخ الفقيه موفّق الدين أبو القاسم عبيداللّه بن الحسن بن الحسين بن بابويه.

٢٤

٢٣. الشيخ أبو القاسم سعد الدين عزّ المؤمنين عبدالعزيز بن نحريربن عبدالعزيزالمعروف بابن البراج قاضي طرابلس المتوفّى سنة ٤١٨ هـ.

٢٤. الشيخ الفقيه عليّ بن عبدالصمد التميمي السبزواري.

٢٥. الأمير الفقيه غازي بن أحمد بن أبي منصور الساماني.

٢٦. الشيخ الإمام جمال الدين محمد بن أبي القاسم الطبري الآملي.

٢٧. الشيخ الامين ابو عبد الله محمد بن أحمد بن شهريار الخازن لمشهد الامام علي عليه‌السلام وهو صهر الشيخ الطوسي على إحدى بناته ١.

٢٨. الشيخ محمّد بن الحسن بن عليّ الفتّال صاحب كتاب ( روضة الواعظين ) المتوفّى سنة ٥٠٨.

٢٩. الشيخ الفقيه أبوالصلت محمّد بن عبدالقادر بن محمد.

٣٠ ـ الشيخ المؤلف الفقيه ابوالفتح محمّد بن على الكراچكي.

٣١. الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن الحسن الحلبي.

٣٢. الشيخ الفقيه أبو عبد الله محمّد بن هبة الله الطرابلسي.

٣٣. السيد صدر الأشراف المرتضى أبوالحسن المطهربن أبي القاسم علي بن أبي الفضل محمّد الحسيني الديباجي.

٣٤. السيّد الفقيه المنتهى بن أبي زيد بن كيابكي الحسيني الجرجاني.

٣٥. العالم الفاضل الفقيه الوزير ذوالمعالي زين الكفاة أبوسعيد منصوربن الحسين الآبي.

٣٦. السيد الثقة الفقيه المحدّث أبو إبراهيم ناصر بن الرضا بن محمّد بن عبد الله العلوي الحسيني.

ثقافة الشيخ الطوسي

ابتدأ الشيخُ الطوسي حياتَه العلميّةَ في طوسَ ، حيث كانت هذه المدينةَ إحدى مراكز

__________________

١. العماد الطبري ، بشاره المصطفي ، ص ٧٩.

٢٥

العلم المهمّةِ في خراسانَ ، ذلك الإقليم الواسعُ الذي أنجب الكثير من العلماء والأُدباء والمفكرينَ ، وبها درس الطوسي علومَ اللغةِ والأدبِ والفقهَ واُصولَه والحديثَ وعلمَ الكلام ، والتي هي مقدّماتٌ اساسيّةٌ لمن أراد أن يواصل دراستَه العلميّةَ العاليةَ في الجامعاتِ الإسلاميّةِ ذاتِ النَمطِ الحوزوي.

وعندما اتقنَ الشيخُ الطوسي تلك المقدّماتِ شدّ الرحالَ إلى بغدادَ ، وذلك عام ٤٠٨ ه‍ ، حيث كانت هذه المدينةُ نقطةَ جذبٍ لكلّ طامعٍ في الاستزادةِ من المعارفِ والعلومِ الإسلاميةِ.

وعندما نزل الشيخُ الطوسي بغدادَ كانت الزعامةُ للمذهبِ الجعفري قد آلت للشيخ ‌محمّد بن محمّد بن النعمان العُكبري البغدادي المعروف بالشيخ المفيد وبابن المعلّم ، وقد تتلمذَ شيخُنا الطوسي على يد الشيخ المفيدِ ، وبقَي على اتصالٍ به حتّى وفاتِه سنة ٤١٣ ه‍ ١.

ولاجل الوقوفِ على الحالةِ الثقافيّةِ لمفسّرنا لابدّ من معرفةِ أحوال أساتيذِه ومكانِتهم العلميّةِ وسعة اطّلاعِهم التي اغترفَ منها ، فكوّنتْ فيما بعد شخصيّته الثقافيّةَ والفكريّةَ :

فأُستاذُه الأوّلُ في بغدادَ الشيخُ المفيد الذي كان موضعَ اعجابِ من ترجمَ له من الكتّابِ والمؤرّخينَ.

حيث يقول ابن كثير فيه :

محمّد بن محمّد بن نعمان أبو عبد الله المعروف بابن المعلّم شيخ الإماميّة والمصنّف لهم والمحامي عن حوزتهم ، كانتْ ملوك الأطراف تعتقدُ به لكثرة الميل للشيعة في ذلك الزمان ، وكان يحضر مجلسه خلقٌ عظيمٌ من العلماء من جميع الطوائفِ والمللِ ٢.

وأمّا ابن العماد الحنبلي ، فكان يصفه بمايلي :

عالم الشيعة وإمام الرافضة ولسان الإماميّة ، رئيس الكلام والفقه والجدل ، صاحب

__________________

١. السيّد بحر العلوم ، مقدّمة الأمالي للطوسي ، ج ١ ، ص ٤.

٢. ابن كثير ، البداية والنهاية ، ج ١٢ ، ص ١٥.

٢٦

التصانيف الكثيرة ١.

وينعته ابن حجر العسقلاني بأنّه كثير التقشّف والتخشّع والإكباب على العلم ، تخرّج منه جماعة ، وبرع في المقالة الإماميّة حتّى كان يقال : « له على كل امام مَنّةُ »٢.

أمّا الذهبي فقد امتدحه بقوله : « كان ذاجلالة عظيمة وكان خاشعاًً متعبّداً متألّهاً »٣.

وقدترجم له أحد معاصريه وهو ابن النديم فقال :

ابن المعلّم أبو عبد الله في عصرنا انتهت إليه رئاسة متكلّمي الشيعة ، مقدّم في صناعة الكلام على مذهب أصحابه ، دقيق الفطنة ماضي الخاطر ، شاهدتُه فرايتُه بارعاً ٤.

وذكره أبو حيان التوحيدي فقال : « كان ابن المعلّم حسنَ اللسان والجدل ، صبوراً على الخصم ضنين السر جميل العلانيّة »٥.

وذكرُه أيضاً اليافعي فقال :

كان يناظر أهل كلّ عقيدة مع الجلالة والعظمة في الدولة البويهيّة ، وكان كثير الصدقات عظيمَ الخشوع كثيرَ الصلاة والصوم ، حسن الملبس ، وكان شيخاً ربعةً نحيفاً أسمر ، عاش ستاً وسبعين سنةً ، وله أكثر من مائتي مصنّفٍ ، وكان يوم وفاته مشهوراً ، وشيّعته ثمانون ألفاً ٦.

ويقول ابن الجوزي فيه :

كان لابن المعلّم مجلس نظر بداره بدرب رياح يحضره كافة العلماء ، وكانت له منزلة عند أُمراء الأطراف ، يميلهم إلى مذهبه ٧.

أما شيخنا الطوسي فقد ترجم لأُستاذه الشيخ المفيد بما نصّه :

__________________

١. ابن العماد ، شذرات الذهب ، ج ٣ ، ص ١٩٩.

٢. ابن حجر ، لسان الميزان ، ج ٥ ، ص ٣٦٨.

٣. الذهبي ، تاريخ دول الإسلام ، ج ١ ، ص ١٨٠.

٤. ابن النديم ، الفهرست ، ص ٢٦٦.

٥. ابو حيان ، الإمتاع والمؤانسة ، ج ١ ، ص ١٤١.

٦. اليافعي ، مرآة الجنان ، حوادث سنة ٤١٣ هـ.

٧. ابن الجوزي ، المنتظم ، ج ٨ ، ص ١١.

٢٧

انتهت إليه رئاسة الإماميّة في وقته ، وكان مقدّماً في العلم وصناعة الكلام ، وكان فقيهاً متقدّماً فيه ، حسن الخاطر ، دقيق الفطنة ، حاضر الجواب ، وله قريب من مائتي مصنف كبار وصغار ، وفهرست كتبه معروف ، وتوفّي لليلتين خلتا من شهر رمضان سنة ٤١٣ ه‍ ، وكان يوم وفاته يوماً لم يُرَ أعظمَ منه من كثرة الناس الذين حضروا للصلاة عليه ، وكثرة البكاء من المخالف والموافق ١.

ثم عدّ الشيخ الطوسي بعض كتبه ، وذكر قراءتها عليه وسماعها عنه.

وقد تتلمذ شيخنا الطوسي على يد اُستاذه المفيد لمدّة خمس سنوات ، ابتدأها منذ أوّل نزوله بغداد عام ٤٠٨ ه‍ ، ولم ينقطع عنه حتّى وفاته عام ٤١٣ ه‍ ، وكان خلال هذه الفترة قد درس الأُصول والكلام ٢ ، كما وأنّه شرع بالتأليف منذ ذلك الوقت المبكر ، حيث شرح كتاب أُستاذه المفيد ، والمسمى بكتاب المُقْنِعة ، وقد سمّى كتابه ب تهذيب الأحكام والذي ضمّنه الأدّلة الفقهية والأحاديث ، وردّ الشبه المثارةَ حولَ العقيدةِ والأحاديثِ المرويّةِ عن أئمة أهل البيت عليهم‌السلام ، وقدظهر تأثُّر الشيخ الطوسي بأُستاذه المفيدِ واضحاً في هذا الكتاب الذي أصبح فيما بعد أحدَ الأُصول الأربعةِ التي يرجُع إليها المجتهدون من الإماميّة عند استنباطهم للأحكامِ الشرعيّةِ.

ومعلوم أنّ الشيخَ الطوسي كان قداستفاد كثيراً من علوم أُستاذه المفيدِ ، خاصّةً إذا علمنا أنّ مجلسه كان يحضَره جماعة من العلماءِ من مختلفِ المذاهبِ الإسلاميّةِ ٣.

ومن الطبيعي أنّ الاحتكاكَ بمثل هؤلاءِ العلماء من شأنهِ ان يمنحَ الشيخَ الطوسي فرصةً أكبَر في الاستزادةِ ممّا عند الآخرين ، ويوفّرَ له الكثيرَ من المجالاتِ في معرفةِ أفكارهم وآرائهم ومذاهبِهم ، خاصّةً وإنّ تلك الفترَة كانت من أخصب الفتراتِ التاريخيّةِ التي مرّتْ بها الحياةُ الفكرّيةُ بسببِ توفُّر الحريّةِ واستتبابِ الأمنِ والهدوءِ إبّانها ممّا طبعَ شخصيةَ مفسِّرنا الثقافيةَ والعلميّةَ بطابعِ الشمولِ والعُمْق والموسوعيّةِ.

__________________

١. بحر العلوم ، مقدمة أمالي الطوسي ، ج ١ ، ص ٦.

٢. السبكي ، طبقات الشافعية ، ج ٤ ، ص ١٢٧.

٣. ابن كثير ، البداية والنهاية ، ج ١٢ ، ص ١٥.

٢٨

وبعد وفاة الشيخِ المفيدِ انتهتْ الزعامةُ الفكريّةُ للشيعةِ الإماميّةِ إلى الشريفِ المرتضى ( ٣٣٥. ٤٣٦ ه‍ ) ، والذي كان في وقتها يتولّى نقابةَ الطالبيّينَ ١ وإمارةَ الحجِّ وديوانَ المظالمِ ٢ ، ويشغل منصَب قاضي القضاةِ ٣ ، كما وانّه يتصل من حيثَ النسب بالإمام عليّ بن أبي طالبٍ عليه‌السلام ، ومع هذا كلَّه فهو يمتلكُ من الثقافةِ والمعارِف والعلومِ ماتجعلهُ مؤهَّلاً ، لأنّ يَحظى بمكانةٍ خاصّةٍ على الصَعِيدَين الشعبي والرسمي ، إذ أنّه كان قدحارْ على العلومِ مالمْ يدانِه فيه أحدٌ في زمانِه ٤.

« وكان اكثرُ أهل زمانه ادباء وفضلاء »٥.

« كما وأنه اخذ يجري على تلامذته رزقاً كلٌّ بنسبته »٦. ويمكننا هنا ان تُدرِكَ مدى فضل مفسرنا ومقدار علمه ، اذا ماعرفنا ان راتبه كان اثني عشر ديناراً شهريّاً ، بينما كان راتب القاضي ابن البراج عبدالعزيزبن نحرير ثمانية دنانير شهريّاً ٧.

« وكان للمرتضى مجلسٌ يناظر عنده في كل المذاهب »٨ ، مما وفّر لشيخنا الطوسي فرصة أُخرى للاستفادة في هذا المجال ، حيث الاجواء الفكرية المشبعة بالابداع والمهارة في فن المخاطبة والحوار وطرح الراي والدفاع عنه.

وفي ايام تلمذة الشيخ الطوسي على يد الشريف المرتضى شرع مفسرنا في تلخيص كتاب الشافي لاستاذه المرتضى ، ووضع له عنواناً تلخيص الشافي ، وقدبسط فيه المسائل بغية تقريبها لاذهان المتعلمين ، وذلك نظراً لأهمية الكتاب الذي نقض به الشريف المرتضى

__________________

١. ابن الجوزي ، المنتظم ، ج ٨ ، ص ١٢٠ ، الخطيب ، تاريخ بغداد ، ج ١١ ، ص ٤٠٢.

٢. النوري ، مستدرك الوسائل ، ج ٣ ، ص ٥١٦ ، ابن عتبة ، عمدة الطالب ، ص ١٩٤.

٣. النوري ، مستدرك الوسائل ، ج ٣ ، ص ١٦.

٤. النجاشي ، الرجال ، ص ٢٠٦.

٥. الطوسي ، الرجال ، ص ٤٨٥.

٦. البحراني ، لؤلؤة البحرين ، ص ٢٥٩.

٧. الخوانساري ، روضات الجنات ، ص ٣٨٣ ، البحراني ، لؤلؤة البحرين ، ص ٣١٧.

٨. ابن كثير ، البداية والنهاية ، ج ١٢ ، ص ٥٣.

٢٩

كتاب المغني لعبد الجباربن احمد الهمداني احد شيوخ المعتزلة المتوفّى سنة ٤١٥ ه‍ ١.

« وقد انهى الشيخ الطوسي تلخيص الشافي في رجب سنة اثنتين وثلاثين واربعمائة »٢ ويبدو ان الشيخ الطوسي كان قدنشط في مجال التاليف ابان حياة استاذه المرتضى ، اذ كتب مجموعة من اهم مؤلفاته ، منها كتاب الرجال الذي بحث فيه عن احوال الرجال الذين رووا عن الرسول الاكرم (ص) ، او عن احد الائمة من أهل البيت عليهم‌السلام ، او الذين رووا عنهم بالواسطة ، وعند ترجمته لاستاذه المرتضى نجده يقول : « ادام الله ايامه ، او عبارة مد الله في عمره »٣ ، مما يؤكد ان الشريف المرتضى لازال حيّاً وقت كتابة الرجال ، وإلا لترحّمَ عليه كعادته حينما يمر على ذكر المتوفين من الرجال اثناء ترجمته لحياتهم ، وفي ذلك وجدناه يقول عندما يترجم لاستاذه الشيخ المفيد :

« والشيخ ابو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان المفيد ، رضي الله عنهم جميعاً »٤. كما كتب الشيخ الطوسي كتاباً اخر بعنوان الفهرست في حياة الشريف المرتضى ، حيث كتب فيه : « واخبرنا به الاجل المرتضى على بن الحسين الموسوي ( ادام الله تاييده ) »٥.

وكان الشريف المرتضى قدعنى بتلميذه الطوسي ، وبالغ في توجيهه اكثر من سائرتلامذته ، لماشاهده فيه من اللياقة التامة ، وبقي الطوسي ملازماً لاستاذه المرتضى ثلاثةً وعشرين عاما من سنة ٤١٣ ه‍ ، حيث توفّي الشيخ المفيد ، والى عام ٤٣٦ ه‍ ـ ، حيث وفاة الشريف المرتضى ، وقد افاد الشيخ الطوسي من هذه الصحبة والتلمذة شيئاً كثيراً ، خاصّةً وان الشريف المرتضى كان يعيش اجواء الانفتاح الفكري بين مختلف المذاهب الإسلاميّة ، يناظر العلماء ، ويرد الشبهات ، ويدافع عن مذهبه بكل ما أُتي من علم ومعرفةٍ ، وقدكانت للشريف المرتضى مكتبةٌ عامرةٌ يقول عنها ابوالقاسم التنوخي : « حصرنا كتبه فوجدنا

__________________

١. ابوالفداء ، المختصر ، ج ٢٧ ، ص ١٥٥ ، الخطيب ، تاريخ بغداد ، ج ١١ ، ص ١١٣.

٢. الطوسي ، تلخيص الشافي ، ص ٤٧٩.

٣. الطوسي ، الرجال ، ص ٤٨٥.

٤. الطوسي ، الفهرست ، ص ٢٩.

٥. الطوسي ، الفهرست ، ص ٦.

٣٠

ثمانين الف مجلد من مصنفاته ومحفوظاته ومقرواته »١ حتى قيل : « انها قد قومت بثلاثين الف دينارٍ ، بعد ان اخذ منها الوزراء والرؤساء شطراً عظيماً »٢ ، ومعلومٌ انّ الشريف المرتضى كان شاعراً مجيداً ، له ديوان شعرٍ في ثلاثة اجزاء ، طبع بمصر سنة ١٩٥٨ م ، وقد حققه ورتب قوافيه وشرح معانيه المحامي رشيد الصفار ، وترجم اعيانه الدكتور مصطفى جواد ، وقدم له الشيخ محمدرضا الشبيبي.

ان كل تلك المؤهلات التي اتصف بها الشريف المرتضى والجو الفكري السائد في ذلك العصر وتوفر النادر من الكتب والمخطوطات اثرت تاثيراً مباشراً وكبيراً على شخصية مفسرنا ، ومنحته القدرة في ان يبلغ مرحلة النضوج العلمي ، واهلته لان يكون فيما بعد شيخاً للطائفة وعلماً من اعلام التشيع.

ولعلَّ معارضة الشيخ الطوسي لاراء استاذه الشريف المرتضى في بعض المسائل مثل حجية خبر الواحد والاجماع تدلُّ وبشكلٍ واضحٍ على مدى تعمق الشيخ الطوسي وطول باعه في علم الاصول ، وكذلك تؤكد مدى استيعاب اجواء الحرية الفكرية انذاك لمثل هذه الخلافات التي قد تحدث بين التلميذ واستاذه دون ان تثير شيئاً من عدم الرضا لدى أيٍّ من المتعارضين ، وفي هذا المجال يقول الشريف المرتضى :

ابطلنا في الشريعة العمل باخبار الاحاد ، لانها لاتوجب علماً ولاعملاً ، واوجبنا ان يكون العمل تابعاً للعلم ، لان خبر الواحد اذا كان عدلاً فغاية مايقتضيه الظن لصدقه ، ومن ظننت صدقه يجوز ان يكون كاذبا ، وان ظننت به الصدق ، فان الظن لايمنع من التجويز ، فعاد الامر في العمل باخبار الاحاد إلى انه اقدامٌ على مالانأمن من كونه فساداً ٣.

كما واكد الاجماع في ذلك بقوله « ان اصحابنا كلهم سلفهم وخلفهم ومتقدمهم ومتاخرهم يمنعون من العمل باخبار الاحاد »٤.

____________

١. السيد بحر العلوم ، مقدمة امالي الطوسي ، ج ١ ، ص ٩.

٢. الباخرزي ، دمية القصر ، ص ٧٥.

٣. ابن ادريس ، السرائر ، ص ٢.

٤. نفس المصدر.

٣١

وقد عارضه الشيخ الطوسي على ذلك تماماً فقال بحجية خبر الاحاد ، واكد الاجماع أيضاً بقوله :

اما ما اخترته من المذهب فهو ان خبر الواحد اذا كان واردا عن اصحابنا القائلين بالامامة ، وكان ذلك مروياً عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله او عن احد الائمة عليه‌السلام ، وكان ممن لايطعن في روايته ، ويكون سديداً في نقله ، ولم يكن هناك قرينةٌ تدل على صحة ماتضمنه الخبر ، لانه ان كان هناك قرينةٌ تدل على صحة ذلك كان الاعتبار بالقرينة ، وكان ذلك موجباً للعلم ، ونحن نذكر القرائن فيما بعد جاز العمل بها والذي يدل على ذلك اجماع الفرقة المحقة ، فاني وجدتها مجمعةً على العمل بهذه الاخبار التى رووها في تصانيفهم ودونوها في اصولهم ، لايتناكرون ذلك ولايتدافعونه ، حتى ان واحداً منهم اذا افتى بشيء لايعرفونه سالوه من اين قلت هذا؟ فاذا احالهم على كتابٍ معروفٍ او اصلٍ مشهورٍ ، وكان راويه ثقةً لاينكر حديثه سكتوا ، او سلموا الامر في ذلك ، وقبلوا قوله ، وهذه عادتهم وسجيتهم من عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ومن بعده من الائمة عليه‌السلام : ومن زمن الصادق جعفر بن محمدٍ عليه‌السلام الذي انتشر العلم عنه ، وكثرت الرواية من جهته ، فلولا ان العمل بهذه الاخبار كان جائزاً لما اجمعوا على ذلك ولانكروه ، لان اجماعهم فيه معصومٌ لايجوز عليه الغلط والسهو ١.

ومثل هذه الاجواء العلمية الحرة التي تبيح للتلميذ ان يعارض استاذه مازال يملك في معارضته دليلاً ، هي التي منحت الشيخ الطوسي قدراً كافياً من الاقدام لان يضم إلى حلقات الدرس التي كان يشرف عليها بعض اعلام أهل السنة من امثال : هلال بن محمد جعفر الحفار المتوفّى سنة ٤١٤ ه‍ ٢.

ومحمد بن محمد بن محمد بن مخلد المتوفّى سنة ٤١٩ ه‍ ٣.

واحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر المتوفّى سنة ٤٣٢ ه‍ ٤.

__________________

١. الطوسي ، العدة ، ص ٥١.

٢. الخطيب ، تاريخ بغداد ، ج ١٤ ، ص ٧٥.

٣. انظر نفس المصدر ، ج ٣ ، ص ٣٢.

٤. الطهراني ، مصفى المقال ، ص ٢٨ ، الطوسي ، الرجال ، ص ٤٥٠.

٣٢

ومحمد بن احمد بن شاذان المتوفّى سنة ٤٢٥ ه‍ ١.

وكان لهذه الحلقات اكبر الاثر في تفهم الشيخ الطوسي للمذاهب الإسلاميّة المختلفة ، والاحاطة بها عن قربٍ ، وعلى السنة ائمتها واعلامها المشهورين.

والمتتبع لحياة الشيخ الطوسي سواء في ايام دراسته الاولى بمدينة طوس ، او اثناء وجوده في بغداد يستطيع القول بان عوامل عديدةٍ استطاعت ان تصقل ثقافة الشيخ ‌الطوسي ، وتمنحه هذه المكانة العلمية الكبيرة والمتميزة التي يمكننا اجمالها في مايلي :

١. المؤهلات الذاتية التي يمتلكها الشيخ الطوسي من ذكاء وفطنة وسرعة حافظةٍ ، ولعل نظرةً واحدةً في كتابه الأمالي توضح للقارى ء ماحظي به الشيخ من موهبةٍ عقليةٍ عاليةٍ ، فهو يروي خطباً او رسائل كاملة او احاديث مطوّلةٍ على ظهر قلبٍ مع ذكر السند واسماء الرواة وابائهم واجدادهم والقابهم حتى يوصلهم إلى مصدر الحديث او الخطبة اوالرسالة سواء كانت عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله او عن احد الائمة عليهم‌السلام ، مثال ذلك قوله : وعنه عن شيخه رضي‌الله‌عنه قال : حدثني ابوعبد الله محمد بن محمد بن النعمان رحمه‌الله قال :

اخبرني ابوالحسن علي بن محمد بن الحسن الكاتب ، قال : اخبرني الحسن بن علي الزعفراني ، قال :

اخبرني ابواسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي ، قال : حدثني عبد الله بن محمد بن عثمان ، قال : حدثنا علي بن محمد بن ابي سعيد عن فضيل بن جعد عن ابي اسحاق الهمداني قال : لما ولى اميرالمؤمنين علي بن ابي طالب ( صلوات الله عليه ) محمد بن ابي بكر مصر واعمالها كتب له كتاباً ، وامره ان يقراه على أهل مصر ، وليعمل به ، اوصاه به فيه ، وكان الكتاب : بسم الله الرحمن الرحيم ، من عبد الله اميرالمؤمنين علي بن ابي طالب إلى أهل مصر ومحمد بن ابي بكر ٢.

ثم يستمر في قراءة رسالةٍ مطوّلةٍ استغرقت اكثر من ست صفحاتٍ من كتاب الأمالي ، الامرالذي يؤكد قوة الحافظة لديه ، وتمكنه من الاستيعاب ، وقدرته على التلقي.

٢. توفر للشيخ الطوسي من الاساتذة مالم يتوفر مثلهم لغيره من الطلبة كالشيخ المفيد

__________________

١. اليافعي ، مراة الجنان ، ج ٣ ، ص ٤٤.

٢. الطوسي ، الأمالي ، ج ١ ، ص ٢٤ ـ ٣٠.

٣٣

والشريف المرتضى واخرين كثيرين ، فنهل من علومهم ماشاء اللّه.

٣. توفرت للشيخ الطوسي مكتباتٌ ودور علمٍ زاخرةٍ بجميع المصنفات النفيسة ، وفي مختلف الفنون والعلوم والاداب ما اهله لان يغترف من محتوياتها وكتبها ماوهبه ثقافةً موسوعيةً رائعةً ، ومن اهم تلك المكتبات مكتبةٌ الوزير البويهي سابور بن اردشير ، والتي كانت تضم اكثر من عشرة الاف مجلّدٍ ١. والمكتبة الاخرى هي مكتبة الشريف الرضي ، والتي كانت تمنح الطلاب ما يحتاجون إليه من وسائل ماديّةٍ ، ثم مكتبة الشريف المرتضى ، والتي كان فيها ثمانون الف مجلّدٍ ٢.

٤. التقارب بين علماء المذاهب الإسلاميّة المختلفة ، وماسبب ذلك من انفتاح فكري بين مختلف الطوائف الإسلاميّة يظهر جليّاً من خلال المناظرات والمناقشات وشيوع الجدل والحوار في المسائل المختلف عليها ، مما يشجع على التعمق والاستقصاء لاثراء الموضوعات واشباعها بحثاً وتفصيلاً « وكان لدى الشيخ المفيد مجلس يحضره خلقٌ كثيرٌ من العلماء من سائر الطوائف »٣ ، « وكان للشريف المرتضى أيضاً مجلس يناظر عنده في كل المذاهب »٤.

٥. جاء اختيار بغداد من قبل الشيخ الطوسي لان تكون مكاناً لدراسته موفقاً جداً ، حيث كانت هذه المدينة في وقتها ملتقى لرجال الفكر والعلم والادب وعاصمةً للدولة ومقرّاً للخلافة ومركزاً للحضارة الإسلاميّة العظيمة ٥ ، وكان التنافس فيها بين الدارسين على اشده ، لذلك نبغ فيها الكثيرون من الفقهاء ، بالاضافة إلى ذلك فقد كانت التسهيلات للطلبة الوافدين إلى بغداد مبذولةً ، حيث يجد الطلاب المقام والماوى ٦.

__________________

١. محمد كردعلي ، خطط الشام ، ج ٦ ، ص ١٨٥.

٢. ابن عتبة ، عمدة الطالب ، ص ١٩٥.

٣. ابن كثير ، البداية والنهاية ، ج ١٢ ، ص ١٥.

٤. نفس المصدر ، ج ١٢ ، ص ٥٣.

٥. فياض ، محاضرات عن الشعر الفارسي ، ص ٩٧.

٦. مختصر ، تاريخ العلم ، ص ٧٢.

٣٤

٦. كان باب الاجتهاد مفتوحاً على مصراعيه بسبب الحرية واتساع الفكر ومرونته ، الامر الذي حفز الشيخ الطوسي لان يكمل الاشواط الدراسية المطلوبة ، وفعلاً فقد تم له ما اراد بعد جهدٍ جهيدٍ ومثابرةٍ عالية ، حتى صار « شيخ الطائفة وعمدتها ١ ، ولقب بالامام الاعظم »٢.

مؤلفات الشيخ الطوسي

استطاع الشيخ الطوسي ـ بما يملك من ثقافةٍ وموهبةٍ وسعة اطّلاعٍ ـ ان يثري المكتبة الإسلاميّة بمؤلفاتٍ هي غاية في الاهمية والجودة ، حيث استقى مادة مؤلفاته من تصانيف القدماء التي تتميز باهمية خاصّةٍ بسبب قربها من عصر الرسالة ، والتحامها بفترةٍ وجودِ الائمة من أهل البيت عليهم‌السلام ، وتاثرها باجواء العلم والمعرفة التي كانوا يشيعونها في الأوساط الإسلاميّة انذاك ، ومن هنا اتسمت مؤلفات الشيخ الطوسي بميّزاتٍ خاصة لاتوجد فيما عداها من مؤلفات السلف ومن تلك المميّزات :

١. اصبحت بمثابة المنبع الاول والمصدر الوحيد لمعظم مؤلفي القرون الوسطى ، حيث استقوا منها مادتهم وكتبوا كتبهم.

٢. حوت مؤلفات الشيخ الطوسي خلاصة الكتب المذهبية القديمة ، حيث كانت مكتبة سابور في الكرخ ومكتبات بغداد الاخرى تحتضن الكتب القديمة الصحيحة التي هي بخطوط مؤلفيها واقلامهم ، وقدكانت استفادة الشيخ الطوسي من تلك الكتب والمكتبات كبيرةً جداً ، اذ لم يدع كتاباً فيها الا وعمد إلى مراجعته واستخراج ما فيه من منفعةٍ ، وبهذا يكون الطوسي قد اسدى للعلم خدمةً جُلّى من خلال انتقائه لافضل ما حوى عصره من علوم ، ومن ثم عرضها بلغةٍ ميسرةٍ وفي كتب مبوبةٍ وباسلوبٍ متين ، فحفظ بذلك ارثاً ثقافياً وتراثاً حضاريّاً نادراً ، خاصة بعد ان تحولت مكتبة سابور في الكرخ إلى طعمةٍ للنار ابان

__________________

١. ابن داود ، الرجال ، ق١ ، ص ٣٠٦.

٢. الشهيد الاول ، كتاب الاربعين حديثا ، ص ١٨٢.

٣٥

العهد السلجوقي.

٣. كما وتميزت مؤلفات الشيخ الطوسي بالتنوع والكثرة ، حيث بلغ تعداد ما توصل إليه الباحثون من كتبه (٤٧) مؤلفاً في مختلف الفنون والعلوم والاداب ، اذ لم يدع باباً من العلم إلا وطرقَه ، فقد كتبَ في الفقهِ والأُصولِ وعلمِ الكلامِ والتفسير وعلم الحديث والرجال والادعية والعبادات وغيرها.

وفيما يلي قائمة باسماء الكتب التي الفها الشيخ الطوسي مرتبةً حسب حروف الهجاء:

١. الابواب ويسمى كتاب الرجال ، وهو في تراجم الرجال الذين رووا عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والائمة عليهم‌السلام ، ومن تاخر عنهم ١ وهو احد الاصول المعتمدة عند علماء الامامية.

٢. اختيار الرجال وهو كتاب الرجال المتداول المشهور برجال الكشي المطبوع سنة ١٣١٧ ه‍ ، الذي ذكر في اوله الاحاديث السبعة في فضل الرواة ، واول السبعة حديث ابي عبد الله عليه‌السلام : « اعرفوا منازل الرجال منا على قدر رواياتهم عنا » ، وهو مختارٌ من رجال الكشي الذي اسمه معرفة الناقلين ٢.

٣. الاستبصار فيما اختلف من الاخبار ، وهو احد الكتب الاربعة والمجاميع الحديثية التي عليها مدار استنباط الأحكام الشرعية عند الفقهاء الاثني عشرية ، منذ عصر المؤلف حتى اليوم ويحتوي على خمسة الافٍ وخمسمائة واحدعشر (٥٥١١) حديثاً ، وقد طبع في الهند سنة ١٣٠٧ ه‍ ، وفي ايران سنة ١٣١٧ ه‍ ، ثم في النجف الأشرف سنة ١٣٧٥ هـ.٣.

٤. أُصول العقائد ٤ وهو كتاب في الاصول كبير خرج منه الكلام في التوحيد والعدل.

٥. الاقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد وهو فيما يجب على العباد من اصول العقائدوالعبادات الشرعية على وجه الاختصار ٥.

__________________

١. انظر الطهراني ، الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، ج ١ ، ص ٧٣ و ج ١٠ ، ص ١٢٠ ، مادة ( الرجال ).

٢. الطهراني ، الذريعة ، ج ١ ، ص ٣٦٥ ـ ٣٦٦.

٣. نفس المصدر ، ج ٢ ، ص ١٤ ـ ١٦.

٤. نفس المصدر ، ج ٢ ، ص ١٩٨.

٥. نفس المصدر ، ج ٢ ، ص ٢٦٩ ـ ٢٧٠.

٣٦

٦. الأمالي في الحديث ١ ويقال له : المجالس ، لانه املاه مرتبا في عدة مجالس وقدطبع لاول مرة في طهران عام ١٣١٣ هـ.

٧. انس الوحيد مجموعة للشيخ الطوسي ، عده في فهرسه من تصانيفه ٢.

٨. الايجاز في الفرائض ، وهو كتاب مختصر ، وقد احال فيه التفصيل إلى كتابه النهاية ، وقدشرحه قطب الدين الراوندي فسماه الانجاز ٣.

٩. التبيان في تفسير القرآن ٤ ، يقع في عشرة مجلدات ، وطبع لمرات عديدة في طهران والنجف.

١٠ ـ تلخيص الشافى في الامامة ٥ وهو اختصار لكتاب الشافي الذي كتبه علم الهدى السيد المرتضى رحمه‌الله ، وقد طبع في ايران سنة ١٣١١ هـ.

١١. تمهيد الاصول ، وهو شرح كتاب جمل العلم والعمل ٦ لاستاذه الشريف المرتضى ، ولم يخرج منه الا شرح ما يتعلق بالاصول.

١٢. تهذيب الأحكام ، في الحديث ٧ وهو احد الكتب الاربعة والمجامع القديمة المعول عليها عند الإماميّة من تاريخ تاليفها وحتى اليوم ، وقد استخرجه الشيخ الطوسي من الاصول المعتمدة للقدماء ، وللتهذيب شروح وحواشى عديدة ، ذكر منها الشيخ الطهراني ستة عشر شرحا وعشرين حاشية مع ذكر اسماء مؤلفيها.

١٣. الجمل والعقود ، في العبادات ٨ : وقد الفه بطلب من القاضي الشيخ ‌عبدالعزيزبن

__________________

١. الطهراني ، الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، ج ٢ ، ص ٣٠٩ ـ ٣١١ ، ص ٣١٣ ـ ٣١٤.

٢. نفس المصدر ، ج ٢ ، ص ٣٦٨.

٣. نفس المصدر ، ج ٢ ، ص ٣٦٤ و ٤٨٦

٤. نفس المصدر ، ج ٣ ، ص ٣٢٨ ـ ٣٣١ ، ج ٤ ، ص ٢٦٦ ـ ٢٦٧.

٥. نفس المصدر ، ج ٤ ، ص ٤٢٣.

٦. نفس المصدر ، ج ٤ ، ص ٤٣٣.

٧. نفس المصدر ، ج ٤ ، ص ٥٠٤ ـ ٥٠٧.

٨. نفس المصدر ، ج ٥ ، ص ١٤٥.

٣٧

نحريربن عبدالعزيزبن البراج قاضي طرابلس ( ت ٤٨١ ه‍ ).

١٤. الخلاف ، في الأحكام ١ ويقال له : مسائل الخلاف وقد ناظر فيه المخالفين جميعاً ، وذكر اراء كل مذهبٍ ثم بين الصحيح منها.

١٥. رياضة العقول ، وقدشرح فيه المقدمة في المدخل إلى علم الكلام ٢.

١٦. شرح الشرح في الاصول ٣ وقد صنفه في اخر ايام حياته ، وفيه يقول تلميذه الحسن بن مهدي السليقي : « كتاب مبسوط ، املى علينا منه شيئاً صالحاً ، ومات رحمه‌الله ولم يتمه ».

١٧. العدة في الاصول ٤ وقدقسمه إلى قسمين : الاول في اصول الدين والثاني في اصول الفقه ، وهو ابسط ما ألّف في هذا الفن عند القدماء.

١٨. الغيبة في غيبة الامام الحجة المهدي المنتظر عليه‌السلام ٥ وقدكتبه الطوسي في سنة سبعٍ واربعين واربعمائة.

١٩. الفرق بين النبي والامام ، في علم الكلام ، وقدذكره الشيخ الطوسي في الفهرست.

٢٠ ـ الفهرست في تراجم اصحاب الكتب والاصول ٦ ، وقد شرحه العلامة المحقق الشيخ سليمان الماحوزي ( ت ١١٢١ ه‍ ) وسماه معراج الكمال إلى معرفة الرجال.

٢١. مالايسع المكلف الاخلال به ، في علم الكلام ٧ ، وقدذكره الشيخ الطوسي في الفهرست.

٢٢. مايعلل ومالايعلل ، في علم الكلام ٨ ، وقدذكره الشيخ الطوسي في الفهرست.

__________________

١. نفس المصدر ، ج ٧ ، ص ٢٣٥ ـ ٢٣٦.

٢. نفس المصدر ، ج ١١ ، ص ٣٤٠.

٣. نفس المصدر ، ج ١٣ ، ص ٣٣٢.

٤. نفس المصدر ، ج ١٥ ، ص ٢٢٧

٥. نفس المصدر ، ج ١٦ ، ص ٧٩.

٦. نفس المصدر ، ج ١٦ ، ص ٣٨٤.

٧. نفس المصدر ، ج ١٩ ، ص ٢٥ ـ ٢٦.

٨. نفس المصدر ، ج ١٩ ، ص ٣٦.

٣٨

٢٣. المبسوط ، في الفقه ويشتمل على نحو سبعين بابا من ابواب الفقه ، وقدطبع في ايران سنة ١٢٧٠ ه‍ ١.

٢٤. مختصر اخبار المختاربن ابي عبيدة الثقي ويعبر عنه باخبار المختار ٢.

٢٥. مختصر المصباح في الادعية والعبادات ، ويقال له : المصباح الصغير ، وقداختصر فيه كتابه الكبير مصباح المتهجد ٣.

٢٦. مختصر في عمل يوم وليلة : في العبادات ، وقد ذكره الشيخ الطوسي في الفهرست ، وقداقتصر فيه على الفرائض والنوافل وبعض التعقيبات في غاية الاختصار.

٢٧. مسالة في الاحوال ، وقد ذكرها الشيخ الطوسي في الفهرست ووصفها بانها : « مليحة ».

٢٨. مسالة في تحريم الفقاع ، وقدذكرها الشيخ الطوسي في الفهرست.

٢٩. مسالة في العمل بخبر الواحد وبيان حجيته. ٤

٣٠ ـ مسائل في وجوب الجزية على اليهود والمنتمين إلى الجبابرة.

٣١. مسائل ابن البراج ، وقدذكرها في الفهرست.

٣٢. المسائل الالياسية ، وهي مائة مسالة في فنون مختلفة ٥ ، وقدذكرها الطوسي في الفهرست.

٣٣. المسائل الحنبلائية في الفقة ، وهي اربع وعشرون مسالة ٦ ، وقدذكرهاالطوسي في الفهرست.

٣٤. المسائل الحائرية ، وهي نحو من ثلثمائة مسالة في الفقه ٧.

__________________

١. نفس المصدر ، ج ١٩ ، ص ٥٤ ـ ٥٥.

٢. نفس المصدر ، ج ١ ، ص ٣٤٨ ، مادة ( اخبار المختار ).

٣. نفس المصدر ، ج ٨ ، ص ١٧٦ ، مادة ( الدعاء ).

٤. نفس المصدر ، ج ٦ ، ص ٢٧٠ مادة ( حجية الاخبار ).

٥. نفس المصدر ، ج ٥ ، ص ٢١٤ ، مادة ( جوابات ).

٦. نفس المصدر ، ج ٥ ، ص ٢١٨ ، مادة ( جوابات ).

٧. نفس المصدر ، ج ٥ ، ص ٢١٨ ، مادة ( جوابات ).

٣٩

٣٥. المسائل الحلبية في الفقه ١.

٣٦. المسائل الدمشقية ، وهي اثنتي عشرة مسالة ، في تفسير القرآن ٢ وقد ذكرها في الفهرست.

٣٧. المسائل الرازية وهي خمس عشرة مسالة في الوعيد ٣ وردت من الري إلى استاذه السيد المرتضى فاجاب عنها ، واجاب عنها الشيخ الطوسي أيضاً ، وذكرها في الفهرست.

٣٨. المسائل الرجبية في التفسير ، وقد ذكرها الطوسي في الفهرست ، وقال بانها لم يصنف مثلها.

٣٩. المسائل القمية ٤.

٤٠ ـ مصباح المتهجد من اعمال السنة والادعية والزيارات ٥ وقدطبع في طهران سنة ١٣٣٨ هـ.

٤١. المفصح في الامامة : وتوجد منه نسخة مكتبة راجه فيض اباد في الهند ٦.

٤٢. مقتل الحسين عليه‌السلام وقد ذكره الطوسي في الفهرست.

٤٣. مقدمة في المدخل إلى علم الكلام ، وقد ذكرها الشيخ الطوسي في الفهرست ووصفها فيه بقوله : لم يعمل مثلها ٧.

٤٤. مناسك الحج في مجرد العمل ، وقد ذكرها الطوسي في الفهرست.

٤٥. النقض على ابن شاذان في مسالة الغار ، وقد ذكره الشيخ الطوسي في الفهرست.

__________________

١. نفس المصدر ، ج ٥ ، ص ٢١٩ ، مادة ( جوابات ).

٢. نفس المصدر ، ص ٢٢٠ ، مادة ( جوابات ).

٣. نفس المصدر ، ص ٢٢١ ، مادة ( جوابات ).

٤. نفس المصدر ، ص ٢٣٠ ، مادة ( جوابات ).

٥. نفس المصدر ، ج ٨ ، ص ١٧٥ ـ ١٧٦ ، مادة الدعاء.

٦. الطهراني ، مقدمة التبيان ، ج ١ ، ص ٣٤.

٧. الطهراني ، الذريعة ، ج ٥ ، ص ٢٧٧.

٤٠