إيجاز البيان عن معاني القرآن - ج ٢

محمود بن أبي الحسن النّيسابوري

إيجاز البيان عن معاني القرآن - ج ٢

المؤلف:

محمود بن أبي الحسن النّيسابوري


المحقق: الدكتور حنيف بن حسن القاسمي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٢
الجزء ١ الجزء ٢

ينصرون (١) وهم حاضرون.

٧٨ (قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ) : قاله أبيّ بن خلف (٢).

ولا يجوز نصب (فَيَكُونُ) من قوله : (كُنْ فَيَكُونُ) (٣) ؛ لأنّ الفعل واحد وإنما ينصب الثاني الذي يجب بوجوب الأول كقولك : ائتني فأكرمك.

ومن سورة الصافات

١ (وَالصَّافَّاتِ) : الملائكة (٤) ، لأنها صفوف في السّماء (٥) ، أو تصفّ أجنحتها حتى يؤمروا بما خلقوا لها.

٢ (فَالزَّاجِراتِ زَجْراً) : أي : زجرا تدركه القلوب كما تدرك وسوسة الشّيطان (٦).

__________________

(١) في «ك» و «ج» : ينصرونهم.

(٢) انظر تفسير الطبري : ٢٣ / ٣٠ ، وأسباب النزول : ٤٢٣ ، وتفسير ابن كثير : ٦ / ٥٧٩ ، والدر المنثور : (٧ / ٧٤ ، ٧٥).

(٣) في هذا القول نظر ، لأن قراءة النصب سبعية ، قرأ بها ابن عامر والكسائي كما في السبعة لابن مجاهد : ٥٤٤ ، والتيسير للداني : ١٣٧.

وانظر توجيه هذه القراءة في إعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٤٠٨ ، وحجة القراءات : ٣ / ٤٠٨.

(٤) هذا قول الجمهور ، وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره : ٤٣٨ عن ابن مسعود ، وقتادة.

وأخرجه الطبري في تفسيره : ٢٣ / ٣٣ عن ابن مسعود ، وقتادة ، ومجاهد ، والسدي.

وأخرجه الحاكم في المستدرك : ٢ / ٤٢٩ عن ابن مسعود رضي‌الله‌عنه ، وقال : «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه» ، ووافقه الذهبي.

وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٧ / ٧٨ ، وزاد نسبته إلى الفريابي ، وعبد بن حميد ، والطبراني ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود.

وحكى الطبري ـ رحمه‌الله تعالى ـ إجماع أهل التأويل على هذا القول.

(٥) نقله الماوردي في تفسيره : ٣ / ٤٠٤ عن مسروق ، وقتادة. وعزاه ابن الجوزي في زاد المسير : ٧ / ٤٤ إلى ابن عباس رضي‌الله‌عنهما.

(٦) ينظر هذا المعنى في تفسير الفخر الرازي : ٢٦ / ١١٥ ، وتفسير القرطبي : ١٥ / ٦٢ ، وروح

٢٢١

٣ (فَالتَّالِياتِ ذِكْراً) : تلاوة كتاب الله على أنبيائه (١). أو (ذِكْراً) [٨١ / ب] تسبيحه وتقديسه (٢) ، وهذه / جمع الجمع ، لأنّ الملائكة ذكور فجمعهم «صافّة ثم صافات».

٦ (بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ) : الزينة اسم ، أي : بزينة من الكواكب.

٧ (وَحِفْظاً) : حفظناها حفظا.

(مارِدٍ) : خارج إلى أعظم الفساد (٣).

٩ (دُحُوراً) : قذفا في النار (٤) ، وقيل (٥) : دفعا بعنف.

(واصِبٌ) : دائم (٦).

١٠ (إِلَّا مَنْ خَطِفَ) : استلب السّمع واسترق.

(شِهابٌ ثاقِبٌ) : شعلة من النار يثقب ضوؤها.

١١ (أَمْ مَنْ خَلَقْنا) : من السماء والأرض (٧) ، أو من الملائكة (٨) ، أو

__________________

المعاني : ٢٣ / ٦٥.

(١) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير : ٧ / ٤٥ ، وقال : «قاله ابن مسعود ، والحسن ، والجمهور».

(٢) المحرر الوجيز : ١٢ / ٣٣٣.

(٣) اللسان : ٣ / ٤٠٠ (مرد) ، وروح المعاني : ٢٣ / ٦٩.

(٤) نقل الماوردي هذا القول في تفسيره : ٤ / ٤٠٦ عن قتادة.

(٥) انظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٣٦٩ ، وتفسير الطبري : ٢٣ / ٣٩ ، وتفسير الماوردي : ٣ / ٤٠٦.

(٦) معاني القرآن للفراء : ٢ / ٣٨٣ ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة : ٢ / ١٦٦ ، وغريب القرآن لليزيدي : ٣١٤ ، والمفردات للراغب : ٥٢٤.

(٧) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره : ٢٣ / ٤١ عن مجاهد ، وقتادة.

وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٧ / ٨١ ، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن مجاهد رحمه‌الله تعالى.

(٨) نقله الماوردي في تفسيره : ٣ / ٤٠٧ عن سعيد بن جبير ، وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٧ / ٨١ ، وعزا إخراجه إلى ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير.

٢٢٢

من الأمم الذين أهلكوا (١).

(لازِبٍ) : لاصق ، لازق ، لازم : ألفاظ أربعة متقاربة (٢).

١٤ (يَسْتَسْخِرُونَ) : يستدعون السّخرية (٣) ، أو ينسبون الآيات إلى السّخرية [كقولك] (٤) استحسنته : وصفته به.

١٨ (داخِرُونَ) : أذلّاء صاغرون (٥).

٢١ (يَوْمُ الْفَصْلِ) : يوم يفصل بينكم بالجزاء.

٢٢ (وَأَزْواجَهُمْ) : أشباههم ، يحشر الزاني مع الزاني (٦).

٢٣ (فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ) : دلّوهم ؛ وحسنت الهداية فيه لأنّها أوقعت موقع الهداية إلى الجنّة ، وهو كقوله (٧) : (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ).

٢٤ (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) : أي : «عن عمره فيما أفناه ، وعن جسده

__________________

(١) ذكره الماوردي في تفسيره : ٣ / ٤٠٧ ، وقال : «حكاه ابن عيسى».

(٢) انظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٣٦٩ ، ومعاني القرآن للزجاج : ٤ / ٢٩٩ ، واللسان : ١ / ٧٣٨ (لزب).

(٣) قال الماوردي في تفسيره : ٣ / ٤٠٨ : «هو أن يستدعي بعضهم من بعض السخرية بها لأن الفرق بين «سخر» و «استخسر» كالفرق بين «علم» و «استعلم» ..».

(٤) في الأصل و «ج» : «كقوله» ، والمثبت في النص عن «ك».

(٥) مجاز القرآن لأبي عبيدة : ٢ / ١٦٨ ، وغريب القرآن لليزيدي : ٣١٥ ، ومعاني الزجاج : ٤ / ٣٠١ ، والمفردات للراغب : ١٦٦.

(٦) ورد هذا المعنى في أثر أخرجه الطبري في تفسيره : ٢٣ / ٤٦ عن عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه وأخرجه ـ أيضا ـ عن ابن عباس ، ومجاهد ، وأبي العالية ، والسدي ، وابن زيد.

وأخرجه الحاكم في المستدرك : ٢ / ٤٣٠ عن عمر بن الخطاب ، وقال : «هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه» ووافقه الذهبي.

وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٧ / ٨٣ ، وزاد نسبته إلى عبد الرازق ، والفريابي ، وابن أبي شيبة ، وابن منيع في مسنده ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في «البعث» ـ كلهم ـ عن عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه.

(٧) بعض آية ٢١ من سورة آل عمران ، وآية ٣٤ سورة التوبة ، وآية ٢٤ سورة الانشقاق.

٢٢٣

فيما أبلاه ، وعن ماله ممّ اكتسبه وفيم أنفقه ، وعن علمه فيما عمل به» (١).

٢٧ (يَتَساءَلُونَ) : يقول هذا لذاك : لم غرّرتني؟ وذلك يقول : لم قبلت مني؟.

٢٨ (تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ) : تقهروننا بالقوة (٢) ، أو «اليمين» مثل الدّين ، أي : تأتوننا من قبله فتصدّوننا عنه (٣).

٤١ (رِزْقٌ مَعْلُومٌ) : لأنّ النّفس إلى المعلوم أسكن.

٤٥ (بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ) : سمّيت الخمر بـ «المعين» إمّا من ظهورها للعين ، أو لامتداد العين بها لبعد اطّرادها ، أو لشدّة جريها ، من «الإمعان»

__________________

(١) ورد هذا المعنى في عدة آثار من عدة طرق ، منها ما أخرجه الدارمي في سننه : (١ / ١٤٤ ، ١٤٥) حديث رقم ٥٣٧ ، باب «من كره الشهرة والمعرفة» عن أبي برزة الأسلمي مرفوعا ، وأخرجه ـ أيضا ـ الترمذي في سننه : ٤ / ٦١٢ ، كتاب صفة القيامة ، باب «في القيامة» عن ابن عباس رضي‌الله‌عنهما مرفوعا ، وقال : هذا حديث حسن صحيح.

وأخرجه ـ أيضا ـ عن ابن مسعود رضي‌الله‌عنه مرفوعا ، وفي إسناده الحسين بن قيس الرّحبي المعروف بـ «حنش» ، وهو ضعيف متهم كما في التقريب : ١٦٨.

قال الترمذي : هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث ابن مسعود عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلا من حديث الحسين بن قيس ، وحسين بن قيس يضعّف في الحديث من قبل حفظه.

والحديث أخرجه ابن عدي في الكامل : (٢ / ٧٦٣ ، ٧٦٤) عن ابن مسعود مرفوعا ، وفي إسناده ـ أيضا ـ الحسين بن قيس الرّحبي.

كما أخرجه الطبراني في المعجم الكبير : ١١ / ١٠٢ ، حديث رقم (١١١٧٧) عن ابن عباس رضي‌الله‌عنهما مرفوعا.

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد : ١٠ / ٣٤٩ : وفيه حسين بن الحسن الأشقر ، وهو ضعيف جدا ، وقد وثقه ابن حبان مع أنه يشتم السلف.

(٢) و «اليمين» في اللغة القوة والقدرة.

انظر معاني القرآن للفراء : ٢ / ٣٨٤ ، وتفسير الطبري : ٢٣ / ٤٩ ، واللسان : ١٣ / ٤٦١ (يمن).

(٣) ذكره الفراء في معانيه : ٢ / ٣٨٤ ، وأخرج ـ نحوه ـ الطبري في تفسيره : ٢٣ / ٤٩ عن مجاهد ، وقتادة ، والسدي ، وابن زيد.

وانظر معاني القرآن للزجاج : ٤ / ٣٠٢ ، وتفسير الماوردي : ٣ / ٤١١.

٢٢٤

في السّير ، أو لكثرتها ، من «المعن» وهو الكثير ، و «الماعون» لكثرة الانتفاع به.

ويقال «شرب ممعون» لا يكاد ينقطع (١).

٤٦ (بَيْضاءَ) : مشرقة منيرة فكأنّها بيضاء.

٤٧ (لا فِيها غَوْلٌ) : أذى وغائلة (٢) ، أو لا تغتال عقولهم (٣).

و (لا يُنْزِفُونَ) (٤) : لا يسكرون لئلا يقل حظهم من النّعيم ، أو لا ينفد شرابهم ، من باب «أقل» و «أعسر».

٤٨ (قاصِراتُ الطَّرْفِ) : يقصرن طرفهن على أزواجهن (٥).

٤٩ (كَأَنَّهُنَّ / بَيْضٌ) : في نقائها واستوائها.

(مَكْنُونٌ) : مصون (٦) ، أو الذي يكنّه ريش النّعام (٧).

__________________

(١) راجع ما سبق في تفسير الطبري : ٢٣ / ٥٢ ، ومعاني القرآن للزجاج : ٤ / ٣٠٣ ، واللسان : (١٣ / ٤١٠ ، ٤١١) (معن).

(٢) تفسير الطبري : ٢٣ / ٥٣ ، وتفسير الماوردي : ٣ / ٤١٢ ، واللسان : ١١ / ٥٠٩ (غول).

(٣) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره : ٢٣ / ٥٤ عن السدي ، وذكره أبو عبيدة في مجاز القرآن : ٢ / ١٦٩ ، وابن قتيبة في تفسير غريب القرآن : ٣٧١ ، والزجاج في معانيه : ٤ / ٣٠٣.

(٤) قرأ حمزة والكسائي بكسر الزاي ، وقرأ الباقون بفتحها.

قال الزجاج في معانيه : ٤ / ٣٠٣ : «فمن قرأ (يُنْزَفُونَ) فالمعنى : لا تذهب عقولهم بشربها ، يقال للسكران نزيف ومنزوف. ومن قرأ ينزفون ، فمعناه : لا ينفدون شرابهم ، أي : هو دائم أبدا لهم.

ويجوز أيكون (يُنْزَفُونَ) : «يسكرون».

وانظر معاني القرآن للفراء : ٢ / ٣٨٥ ، وغريب القرآن لليزيدي : ٣١٦ ، وتفسير الطبري : ٢٣ / ٥٥ ، والسبعة لابن مجاهد : ٥٤٧ ، والكشف لمكي : ٢ / ٢٢٤.

(٥) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٣٧١ ، وتفسير الطبري : ٢٣ / ٥٦ ، ومعاني القرآن للزجاج : ٤ / ٥٦.

(٦) مجاز القرآن لأبي عبيدة : ٢ / ١٧٠ ، وغريب القرآن لليزيدي : ٣١٧ ، والمفردات للراغب : ٤٤٢.

(٧) ذكره الزجاج في معانيه : ٤ / ٣٠٤ ، ونقله الماوردي في تفسيره : ٣ / ٤١٣ عن الحسن رحمه‌الله.

٢٢٥

مدينون (١) : مجزيّون (٢).

٥٥ (سَواءِ الْجَحِيمِ) : وسطها ، لاستواء المسافة منه إلى الجوانب (٣).

(أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ) : يقوله المؤمن سرورا بنعمة الله ، أو توبيخا لقرينه بما كان ينكره (٤).

٦٢ (شَجَرَةُ الزَّقُّومِ) : أخبث شجر ، وتزقّم الطعام : تناوله على كره (٥).

٦٥ (طَلْعُها) : ما يطلع منها ، وقبح صورة الشّيطان متقرّر فجرى الشبيه عليه وإن لم ير.

٦٧ (مِنْ حَمِيمٍ) : ماء حار.

٦٨ (ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ) : النار الموقدة ، وذلك يدل أنهم في تطعّمهم الزقوم بمعزل عنها ، كما قال (٦) : (يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ).

٧٧ (وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ) : النّاس كلّهم من ذريّته ، فالعرب والعجم أولاد سام ، والسّودان أولاد حام ، والتّرك والصقالبة أولاد يافث (٧).

٧٨ (وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ) : أبقينا له الثناء الحسن (٨).

__________________

(١) قوله تعالى : (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ) [آية : ٥٣].

(٢) انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة : ٢ / ١٧٠ ، وغريب القرآن لليزيدي : ٣١٦ ، وتفسير الطبري : ٢٣ / ٦٠.

(٣) نص هذا القول في تفسير الماوردي : ٣ / ٤١٤.

(٤) ذكره البغوي في تفسيره : ٤ / ٢٨ دون عزو ، وكذا الزمخشري في الكشاف : ٣ / ٣٤٢ ، وابن عطية في المحرر الوجيز : ١٢ / ٣٦٣.

وأورده ابن الجوزي في زاد المسير : ٧ / ٦١ ، وقال : «ذكره الثعلبي».

(٥) الصحاح : ٥ / ١٩٤٢ (زقم) ، وتفسير الفخر الرازي : ٢٦ / ١٤١.

(٦) سورة الرحمن : آية : ٤٤.

(٧) انظر تاريخ الطبري : (١ / ٢٠١ ـ ٢٠٣) ، وتفسير الماوردي : ٣ / ٤١٧ ، والتعريف والإعلام : ١٤٥.

(٨) معاني القرآن للفراء : ٢ / ٣٨٧ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٣٧٢ ، وتفسير الطبري : ٢٣ / ٦٨ ، وتفسير الماوردي : ٣ / ٤١٧.

٢٢٦

٨٤ (بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) : سالم من الشّك والرياء.

٨٧ (فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ) : أنّه [ماذا] (١) يصنع بكم حين خلقكم ورزقكم وعبدتم غيره (٢)؟.

٨٨ (فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ) : للاستدلال بها على الصّانع ، أو ليس هو نجوم السّماء ، بل ما نجم في قلبه من الأصنام (٣) ، وقصد إهلاكها.

وقيل : كان علم النّجوم حقا ومن النّبوة ، ثم نسخ (٤). بل النّسخ في الأحكام وما كان من علم النّجوم ثابتا من تصريف الله على أمور في العالم ، فذلك ثابت أبدا وما ليس بثابت اليوم من فعلها في العالم من تلقاء أنفسها فلم يكن قطّ إلّا أن يقال : الاشتغال بمعرفتها نسخ ، فيكون صحيحا.

٨٩ (فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ) : استدل بها على سقم في بدنه ، أو خلقت للموت فأنا سقيم أبدا (٥).

__________________

(١) ما بين معقوفين عن «ج» و «ك».

(٢) تفسير الطبري : ٢٣ / ٧٠ ، ومعاني القرآن للزجاج : ٤ / ٣٠٨ ، وتفسير البغوي : ٤ / ٣٠.

(٣) نقل المؤلف ـ رحمه‌الله تعالى ـ هذا القول في كتابه وضح البرهان : ٢ / ٢٢٩ عن الحسن رحمه‌الله.

(٤) نقله المؤلف في وضح البرهان : ٢ / ٢٣٠ عن الضحاك.

وذكره الماوردي في تفسيره : ٣ / ٤١٨ ، والقرطبي في تفسيره : ١٥ / ٩٢ عن ابن عباس رضي‌الله‌عنهما.

وقال ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن : (٣٣٥ ، ٣٣٦) : «يريد علم النجوم ، أي في مقياس من مقاييسها ، أو سبب من أسبابها ، ولم ينظر إلى النجوم أنفسها. يدل على ذلك قوله : (فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ) ، ولم يقل : إلى النجوم. وهذا كما يقال : فلان ينظر في النجوم ، إذا كان حسابها ، وفلان ينظر في الفقه والحساب والنحو.

وإنما أراد بالنظر فيها أن يوهمهم أنه يعلم منها ما يعلمون ، ويتعرف في الأمور من حيث يتعرفون ، وذلك أبلغ في المحال ، وألطف في المكيدة ...».

(٥) قال الزجاج في معانيه : ٤ / ٣٠٨ : «وإنما قال : (إِنِّي سَقِيمٌ) ، لأن كل واحد وإن كان معافى فلا بد أن يسقم ويموت ، قال الله تعالى : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) ، أي : إنك ستموت فيما يستقبل ، كذلك قوله : (إِنِّي سَقِيمٌ) ، أي سأسقم لا محالة».

وانظر أقوال العلماء في توجيه هذه الآية في تأويل مشكل القرآن : ٣٣٦ ، وتفسير الطبري : ٢٣ / ٧١ ، وتفسير الماوردي : ٣ / ٤١٨ ، وتفسير الفخر الرازي : ٢٦ / ١٤٨.

٢٢٧

٩٣ (فَراغَ عَلَيْهِمْ) : مال (١) ، (ضَرْباً بِالْيَمِينِ) : بالقوة (٢) ، أو باليمين الذي هي خلاف الشّمال (٣) ، أو بالحلف التي تألّى بها (٤) ، فمن قوله (٥) : (وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ).

٩٤ (يَزِفُّونَ) : يسرعون (٦). زفّ يزفّ زفيفا وأزفّ إزفافا. والزّفيف : ابتداء عدو النعام (٧).

١٠٢ (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ) : أوان السّعي في عبادة الله (٨) ، أو أطاق أن يسعى معه.

[٨٢ / ب] (فَانْظُرْ ما ذا تَرى) : ليس على / المؤامرة ، ولكن اختبره أيجزع أم يصبر (٩).

فقال : (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ).

١٠٣ (وَتَلَّهُ) : أضجعه على جبينه ، أو ضرب به على تلّ (١٠).

__________________

(١) معاني القرآن للفراء : ٢ / ٣٨٨ ، وتفسير الطبري : ٢٣ / ٧٣ ، ومعاني الزجاج : ٤ / ٤٠٩.

(٢) معاني الفراء : ٢ / ٣٨٤ ، وتفسير الطبري : ٢٣ / ٧٣ ، واللسان : ١٣ / ٤٦١ (يمن).

(٣) نقله الماوردي في تفسيره : ٣ / ٤١٩ عن الضحاك ، وقال : «لأنها أقوى والضرب بها أشد».

وانظر تفسير البغوي : ٤ / ٣١ ، وزاد المسير : ٧ / ٦٨ ، وتفسير ابن كثير : ٧ / ٢٢.

(٤) ذكره الطبري في تفسيره : ٢٣ / ٧٣ ، والماوردي في تفسيره : ٣ / ٤١٩ ، والبغوي : ٤ / ٣١.

(٥) سورة الأنبياء : آية : ٥٧.

(٦) مجاز القرآن لأبي عبيدة : ٢ / ١٧١ ، وغريب القرآن لليزيدي : ٣١٧ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٣٧٢ ، والمفردات للراغب : ٢١٣.

(٧) ذكره الزجاج في معانيه : ٤ / ٣٠٩.

وانظر اللسان : ٩ / ١٣٧ ، وتاج العروس : ٢٣ / ٣٩٣ (زفف).

(٨) نقل الماوردي هذا القول في تفسيره : ٣ / ٤٢١ عن ابن زيد ، وكذا البغوي في تفسيره : ٤ / ٣٢ ، وابن الجوزي في زاد المسير : ٧ / ٧٢ ، والقرطبي في تفسيره : ١٥ / ٩٩.

(٩) عن تفسير الماوردي : ٣ / ٤٢٢ ، ويريد بـ «المؤامرة» هنا : الأمر.

ينظر معاني القرآن للفراء : ٢ / ٣٩٠ ، وزاد المسير : ٧ / ٧٥.

(١٠) نقل المؤلف ـ رحمه‌الله ـ هذا القول في كتابه وضح البرهان : ٢ / ٢٣٥ عن قطرب.

٢٢٨

ويروى (١) أنه كلما اعتمد بالشّفرة عليه انقلبت. ويروى أنه يذبح ويصل الله ما يفرى فلا فصل.

وإنما قيل للنّبيّ إنّه من المؤمنين (٢) ترغيبا في الإيمان.

١١٢ (وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا) : بشرناه بنبوّته بعد ما بشرناه بولادته.

١٣٠ «ياسين» : محمد وأمّته ؛ لأنّه أهل سورة ياسين (٣).

١٢٥ (أَتَدْعُونَ بَعْلاً) : صنم من ذهب ، وبه سمّي بعلبك (٤).

(مُغاضِباً) (٥) : المغاضب المتسخط للشّيء الكئيب به ، ولمّا ركب السّفينة خافوا الغرق ، فقالوا : هنا عبد مذنب لا ننجو أو نلقيه في البحر ، فخرجت القرعة على يونس ، فذلك قوله : (فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ) أي : قارع بالسّهام (٦).

__________________

(١) ذكر نحوه القرطبي في تفسيره : ١٥ / ١٠٢ ، وأورده السيوطي في الدر المنثور : (٧ / ١٠٩ ـ ١١١) ، وعزا إخراجه إلى عبد بن حميد ، وابن المنذر عن مجاهد.

ونسبه ـ أيضا ـ إلى الخطيب في «تالي التلخيص» عن فضيل بن عياض رضي‌الله‌عنه.

(٢) في قوله تعالى : (إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) [آية : ١١١].

(٣) أورده البغوي في تفسيره : ٤ / ٤١ ، وقال : «وهذا القول بعيد ، لأنه لم يسبق له ذكر».

وأبطله السهيلي في التعريف والإعلام : ١٤٨ وأورد الأدلة على ذلك.

(٤) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره : ٢٣ / ٩٢ عن الضحاك ، وابن زيد.

وذكره الفراء في معانيه : ٢ / ٣٩٢ ، والماوردي في تفسيره : ٣ / ٤٢٥ ، والقرطبي في تفسيره : ١٥ / ١١٦.

(٥) هذه اللفظة الكريمة من الآية ٨٧ من سورة الأنبياء ، وقد وردت في سياق قصة يونس عليه‌السلام هناك.

(٦) ورد ذلك في عدة آثار ، منها ما أخرجه عبد الرازق في تفسيره : ٢ / ١٥٤ عن طاوس عن أبيه ، والطبري في تفسيره : ٢٣ / ٩٨ عن ابن عباس رضي‌الله‌عنهما.

وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٧ / ١٢١ ، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم عن ابن عباس.

كما عزا إخراجه إلى أحمد في «الزهد» ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر عن طاوس.

وانظر تفسير البغوي : ٤ / ٤٢ ، وتفسير ابن كثير : ٧ / ٣٣.

٢٢٩

(مِنَ الْمُدْحَضِينَ) : المقروعين المغلوبين (١).

١٤٥ (فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ) : بالفضاء.

(وَهُوَ سَقِيمٌ) : كالصّبي المنفوس (٢).

١٤٦ (مِنْ يَقْطِينٍ) : [من] (٣) قرع (٤) ، أو ما يبسط ورقه على الأرض ، «يفعيل» من قطن بالمكان (٥).

١٤٧ (أَوْ يَزِيدُونَ) : على شكّ المخاطبين (٦) ، أو للإبهام كأنه قيل أحد العددين (٧).

١٥٨ (وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً) : قالوا : الملائكة بنات الله حتى قال لهم أبو بكر : فمن أمهاتهم (٨)؟.

أو (الْجِنَّةِ) : الأصنام ؛ لأن الجنّ تكلّمهم منها وتغويهم فيها ،

__________________

(١) معاني القرآن للفراء : ٢ / ٣٩٣ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٣٧٤ ، ومعاني الزجاج : ٤ / ٣١٣.

(٢) في تفسير الطبري : ٢٣ / ١٠١ : «وهو كالصبي المنفوس : لحم نيئ».

والنفوس : الطفل الصغير حين يولد.

الصحاح : ٣ / ٩٨٥ ، واللسان : ٦ / ٢٣٩ (نفس).

(٣) عن نسخة «ج».

(٤) القرع : بإسكان الراء وتحريكها ، نبات معروف ، وأكثر ما تسميه العرب : الدّباء.

اللسان : ٨ / ٢٦٩ (قرع).

(٥) عن معاني القرآن للزجاج : ٤ / ٣١٤ ، وانظر الصحاح : ٦ / ٢١٨٣ ، واللسان : ١٣ / ٣٤٥ (قطن) ، والتعريف والإعلام للسهيلي : ١٤٩.

(٦) تفسير الطبري : ٢٣ / ١٠٤ ، ومعاني الزجاج : ٤ / ٣١٤ ، وزاد المسير : ٧ / ٩٠ ، وتفسير القرطبي : ١٥ / ١٣٢.

وهو أولى الأقوال عند الفخر الرازي في تفسيره : ٢٦ / ١٦٦.

(٧) انظر معاني القرآن للزجاج : ٤ / ٣١٤ ، وتفسير الفخر الرازي : ٢٦ / ١٦٦.

(٨) أخرجه الطبري في تفسيره : ٢٣ / ١٠٨ عن مجاهد.

وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٧ / ١٣٣ ، وزاد نسبته إلى آدم بن إياس ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في «شعب الإيمان» عن مجاهد رحمه‌الله.

٢٣٠

والنّسب : الشّركة ، وهذا أولى لقوله : (لَمُحْضَرُونَ) أي : مزعجون في العذاب ، فيكون على القول الأول (لَمُحْضَرُونَ) قائلو هذا القول.

(بِفاتِنِينَ) (١) : مضلّين (٢).

١٦٤ (مَقامٌ مَعْلُومٌ) : لا يتجاوزه.

١٦٥ (لَنَحْنُ الصَّافُّونَ) : حول العرش (٣).

١٧٢ (إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ) : لم يقتل نبيّ أمر بالجهاد.

وفي الحديث (٤) : «من أحب أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر فليكن آخر كلامه في مجلسه : (سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ) ... الآيات.

ومن سورة ص

١ (ذِي الذِّكْرِ) : [ذي] (٥) الشّرف ، أو ذكر الأنبياء والأمم ، أو ذكر جميع أغراض القرآن (٦) ، وجواب القسم محذوف ليذهب فيه القلب كلّ

__________________

(١) من قوله تعالى : (ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ) [آية : ١٦٢].

(٢) معاني القرآن للفراء : ٢ / ٣٩٤ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٣٧٥ ، وتفسير الطبري : ٢٣ / ١٠٩ ، والمفردات للراغب : ٣٧٢.

(٣) وهو معنى قوله تعالى : (وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) [الزمر : آية : ٧٥].

وانظر تفسير الماوردي : ٣ / ٤٣٠ ، وتفسير ابن كثير : ٧ / ١١٥.

(٤) أخرجه البغوي في تفسيره : ٤ / ٤٦ عن علي رضي الله تعالى عنه موقوفا.

وأورده ابن كثير في تفسيره : ٧ / ٤٢ ، وعزا إخراجه إلى ابن أبي حاتم عن الشعبي مرسلا ، وأخرجه عبد الرازق في المصنف : ٢ / ٢٣٧ ، كتاب الصلاة ، باب «التسبيح والقول وراء الصلاة» عن علي رضي‌الله‌عنه بلفظ : «من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى فليقل عند فروغه من صلاته ...».

(٥) عن نسخة «ج».

(٦) انظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٣٧٦ ، وتفسير الطبري : ٢٣ / ١١٨ ، ومعاني القرآن للزجاج : ٤ / ٣١٩ ، وتفسير الماوردي : ٣ / ٤٣٣ ، وزاد المسير : ٧ / ٩٨.

٢٣١

مذهب ، فيكون دليله أغزر وتجوزه أزجر (١).

[٨٣ / أ] ٢ (فِي عِزَّةٍ) : / منعة ، وقيل (٢) : حميّة الجاهلية.

(شِقاقٍ) : خلاف وعداوة.

٣ (لاتَ حِينَ مَناصٍ) : ليس حين ملجأ (٣) ، ولا تعمل «لات» بالنصب إلا في «الحين» وحده ؛ لأنّها مشبّهة بـ «ليس» فلا تقوى قوة المشبّه به (٤).

٧ و (فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ) : التّنصر ، لأنها آخر الملل (٥).

٩ (أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ) : فيمنعونك ما منّ الله به عليك من الرسالة.

١٠ (فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ) : أي : إلى السّماء فليأتوا منها بالوحي إلى من يشاءوا.

١١ (جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ) : بشارة بهزيمتهم ، فكانت يوم

__________________

(١) في «ك» وكتاب وضح البرهان : «وبحره أزخر».

(٢) ذكره الطبري في تفسيره : ٢٣ / ١١٩ ، ونقله الماوردي في تفسيره : ٣ / ٤٣٤ عن قتادة.

(٣) معاني القرآن للفراء : ٢ / ٣٩٧ ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة : ٢ / ١٧٦ ، والمفردات : ٥٠٩.

(٤) راجع هذا المعنى في الكتاب لسيبويه : (١ / ٥٧ ، ٥٨) ، ومعاني القرآن للأخفش : ٢ / ٦٧٠ ، وتفسير الطبري : (٢٣ / ١٢١ ، ١٢٢) ، ومعاني القرآن للزجاج : ٤ / ٣٢٠ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٤٥١.

(٥) أخرج الطبري نحو هذا القول في تفسيره : ٢٣ / ١٢٦ عن ابن عباس ، ومحمد بن كعب القرظي ، والسدي.

ونقله الماوردي في تفسيره : ٣ / ٤٣٦ عن ابن عباس ، وقتادة ، والسدي.

وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٧ / ١٤٦ ، وعزا إخراجه إلى الفريابي ، وعبد بن حميد ، وابن جرير عن مجاهد.

كما نسبه إلى عبد حميد عن قتادة.

وانظر هذا القول في تفسير البغوي : ٤ / ٤٩ ، وزاد المسير : ٧ / ١٠٣ ، وتفسير ابن كثير : ٧ / ٤٧.

٢٣٢

بدر (١).

و (ما) صلة مقوية للنكرة المبتدأة.

١٢ (ذُو الْأَوْتادِ) : ذو الأبنية العالية كالجبال التي هي أوتاد الأرض.

أو ذو الملك الثابت ثبات الوتد في الجدار (٢).

١٥ (ما لَها مِنْ فَواقٍ) : بالفتح والضم (٣) مثل غمار النّاس وغمارهم ، بل «الفواق» ما بين الحلبتين مقدار ما يفوق اللّبن فيه إلى الضّرع ويجتمع.

و «الفواق» ـ بالضم ـ مصدر كالإفاقة مثل الجواب والإجابة ، فالأول مقدار وقت الراحة والثاني نفي الإفاقة عن الغشية (٤).

١٦ (عَجِّلْ لَنا قِطَّنا) : حظّنا ، أي : ما كتبت لنا من الرزق (٥). وقيل (٦) : من الجنّة. وقيل (٧) : من العذاب.

__________________

(١) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره : ٢٣ / ١٣٠ عن قتادة.

وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٧ / ١٤٧ ، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن قتادة.

(٢) في «ج» : الجبال.

(٣) قراءة الضم لحمزة ، والكسائي ، وقرأ باقي السبعة بفتح الفاء.

السبعة لابن مجاهد : ٥٥٢ ، والتبصرة لمكي : ٣١١ ، والتيسير لأبي عمرو الداني : ١٨٧.

(٤) انظر توجيه القراءتين في معاني الفراء : ٢ / ٤٠٠ ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة : ٢ / ١٧٩ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : (٣٧٧ ، ٣٧٨) ، وتفسير الطبري : (٢٣ / ١٣٢ ، ١٣٣) ، ومعاني القرآن للزجاج : ٤ / ٣٢٣.

(٥) أخرجه الطبري في تفسيره : ٢٣ / ١٣٥ عن إسماعيل بن أبي خالد.

ونقله الماوردي في تفسيره : ٣ / ٤٣٩ ، والقرطبي في تفسيره : ١٥ / ١٥٧ عن إسماعيل بن أبي خالد أيضا.

(٦) أخرجه الطبري في تفسيره : ٢٣ / ١٣٥ عن السدي ، ونقله الماوردي في تفسيره : ٣ / ٤٣٩ عن سعيد بن جبير ، وكذا البغوي في تفسيره : ٤ / ٥٠ ، وابن الجوزي في زاد المسير : ٧ / ١٠٩.

وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٧ / ١٤٨ ، وعزا إخراجه إلى ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي‌الله‌عنهما.

(٧) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره : ٢٣ / ١٣٤ عن ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة.

٢٣٣

١٧ (ذَا الْأَيْدِ) : ذا القوّة في الدين (١) ، فكان يقوم نصف كلّ ليلة ويصوم نصف كلّ شهر (٢).

١٩ (كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ) : يرجّع التسبيح معه (٣). وقيل (٤) : رجّاع إلى ما يريده.

٢٠ (وَفَصْلَ الْخِطابِ) : علم الحكم بين الناس (٥) ، أو قطع ما خاطب

__________________

وعقب الطبري ـ رحمه‌الله تعالى ـ على الأقوال السالفة بقوله : «وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب أن يقال : إن القوم سألوا ربهم تعجيل صكاكهم بحظوظهم من الخير أو الشر الذي وعد الله عباده أن يؤتيهموها في الآخرة قبل يوم القيامة في الدنيا استهزاء بوعيد الله ...».

(١) ورد هذا المعنى في أثر أخرجه عبد الرازق في تفسيره : ٢ / ١٦١ عن قتادة رحمه‌الله تعالى.

وأخرجه الطبري في تفسيره : ٢٣ / ١٣٦ عن قتادة ، وابن زيد.

وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٧ / ١٤٨ ، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد عن قتادة.

وانظر هذا المعنى في معاني القرآن للفراء : ٢ / ٤٠١ ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة : ٢ / ١٧٩ ، ومعاني الزجاج : ٤ / ٣٢٣.

(٢) ذكره الزجاج في معانيه : ٤ / ٣٢٣ ، والماوردي في تفسيره : ٣ / ٤٣٩.

وأخرج الإمام البخاري والإمام مسلم في صحيحيهما عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أحبّ الصيام إلى الله صيام داود كان يصوم يوما ويفطر يوما ، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه».

صحيح البخاري : ٤ / ١٣٤ ، كتاب الأنبياء ، باب «أحب الصلاة إلى الله صلاة داود ...».

وصحيح مسلم : ٢ / ٨١٦ ، كتاب الصيام ، باب «النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به ...».

(٣) معاني القرآن للزجاج : ٤ / ٣٢٤ ، وتفسير البغوي : ٤ / ٥١ ، وزاد المسير : ٧ / ١١١.

(٤) تفسير البغوي : ٤ / ٥١ ، وزاد المسير : ٧ / ١١١.

قال ابن الجوزي : «هذا قول الجمهور».

(٥) هو علم القضاء ، وقد أخرج الطبري هذا القول في تفسيره : ٢٣ / ١٣٩ عن مجاهد ، والسدي ، وابن زيد.

ونقله الماوردي في تفسيره : ٣ / ٤٤٠ عن ابن عباس ، والحسن.

وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٧ / ١٥٤ ، وعزا إخراجه إلى عبد بن حميد ، وابن المنذر عن الحسن رحمه‌الله تعالى.

٢٣٤

بعض بعضا (١).

٢١ (نَبَأُ الْخَصْمِ) : يتناول العدد والفرد ؛ لأنّه لفظ المصدر ، والمصدر للجنس (٢).

(تَسَوَّرُوا) : أتوه من أعلى سوره ، وجاء (تَسَوَّرُوا) ، وهما اثنان ؛ لأن الاثنين جمع ؛ لأن الجمع ضم عدد إلى عدد (٣).

٢٢ (وَلا تُشْطِطْ) : أشطّ في الحكم : عدل عن العدل وبعد عن الحق.

شطّت به النّوى : تباعدت (٤). وشأنها أنّ جماعة من أعدائه (٥)

__________________

(١) العبارة في وضح البرهان للمؤلف : ٢ / ٢٤٥ : «كأنه قطع المخاطبة وفصل ما خاطب به بعض بعضا».

(٢) تفسير الطبري : ٢٣ / ١٤٠ ، ومعاني القرآن للزجاج : ٤ / ٣٢٥ ، والبيان لابن الأنباري : ٢ / ٣١٤.

(٣) ينظر التبيان للعكبري : ٢ / ١٠٩٨ ، والبحر المحيط : ٧ / ٣٩١.

(٤) ينظر معاني القرآن للفراء : ٢ / ٤٠٣ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٣٧٨ ، والمفردات للراغب : ٢٦٠ ، واللسان : ٧ / ٣٣٤ (شطط).

(٥) جمهور المفسرين على أن «الخصم» كانوا ملائكة.

قال ابن عطية في المحرر الوجيز : ١٢ / ٤٣٧ : «ولا خلاف بين أهل التأويل أن هؤلاء الخصم إنما كانوا ملائكة بعثهم الله ضرب مثل لداود عليه‌السلام ، فاختصموا إليه في نازله قد وقع هو في نحوها ...».

وقال القرطبي في تفسيره : ١٥ / ١٦٥ : «ولا خلاف بين أهل التفسير أنه يراد به ها هنا ملكان».

ينظر أيضا تفسير الماوردي : ٣ / ٤٤١ ، وزاد المسير : ٧ / ١١٨ ، وتفسير الفخر الرازي : ٢٦ / ١٨٩ ، وتفسير البيضاوي : ٢ / ٣٠٧ ، وروح المعاني : ٢٣ / ١٧٨.

قال الكرماني في غرائب التفسير : ٢ / ٩٩٦ : «اختلف المفسرون في «الخصم» فذهب الأكثرون إلى أنهم الملائكة. الغريب : كانا آدميين. العجيب : كانا ملكين على صورة آدميين. وقيل : لو كان ملكين لم يقولا : (خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ) ، ولم يقولا : (إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً) ، لأن الملائكة لا تكذب ولا يبغي بعضهم على بعض ، ولا يكونان خصمين ، ولا يملكان النعجة ولا غيرها ، بل كانا آدميين ، دخلا بغير إذنه في غير وقت الخصوم ففزع منهم ، ولا يأمرهم الله بالكذب أيضا.

وذهب بعضهم إلى أنهما كانا ملكين ، وقالا : أرأيت إن كنا خصمين بغى بعضنا على

٢٣٥

تسوّروا محرابه وقصدوه بسوء في وقت غفلة (١) ، فلما رأوه متيقظا انتقض تدبيرهم ، فاخترع بعضهم خصومة أنهم قصدوه لأجلها ، ففزع منهم ، فقالوا : لا بأس.

[٨٣ / ب] (خَصْمانِ) (٢) : / فقال داود : (لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ).

أي [إن] (٣) كان الأمر كما تقول ، فحلم عنهم وصبر مع الأيد (٤) وشدّة الملك.

٢٤ (وَخَرَّ راكِعاً) : وقع من ركوعه إلى سجوده (٥).

(وَأَنابَ) : إلى الله شكرا لما وفّقه من الصّبر والحلم.

(فَاسْتَغْفَرَ) : لذنوب القوم ، أو قال : ربّ اغفر لي ولهم.

٢٥ (فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ) : أي : لأجله.

وقيل في تأويل خطيئته : إنّ الخصم لما قال : (إِنَّ هذا أَخِي لَهُ) كان الواجب أن يسأله تصحيح دعواه ، أو يسأل الخصم الآخر عنه ، فعجّل وقال : (لَقَدْ ظَلَمَكَ) (٦) ، وإن ثبت حديث .....

__________________

بعض ... إلى آخر الآية. وقيل : تقديره ، ما تقول : خصمان قال بغى بعضنا على بعض «الآيات ، إنما هو مثل» اه ـ.

(١) في «ج» : غفلته.

(٢) يريد قوله تعالى : (خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِ ... وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ).

(٣) ما بين معقوفين عن «ك».

(٤) أي : القوة ، وقد تم بيان هذا المعنى قبل قليل.

(٥) قال ابن العربي في أحكام القرآن : ٤ / ١٦٣٩ : «لا خلاف بين العلماء أن الركوع ها هنا السجود ؛ لأنه أخوه ؛ إذ كل ركوع سجود ، وكل سجود ركوع ؛ فإن السجود هو الميل ، والركوع هو الانحناء ، وأحدهما يدل على الآخر ، ولكنه قد يختص كل واحد منهما بهيئة ، ثم جاء على تسمية أحدهما بالآخر ، فسمى السجود ركوعا».

وانظر تفسير الماوردي : ٣ / ٤٤٣ ، وزاد المسير : ٧ / ١٢٢ ، وتفسير القرطبي : ١٥ / ١٨٢.

(٦) أورده النحاس في إعراب القرآن : ٣ / ٤٦١ ، والماوردي في تفسيره : ٣ / ٤٤٣.

وقال ابن العربي ـ رحمه‌الله ـ في أحكام القرآن : ٤ / ١٦٣٨ : «أما من قال : إنه حكم

٢٣٦

أوريا (١) ، فخطيئته خطبته على خطبته (٢) ، أو استكثاره من النساء ، ويكون (فَغَفَرْنا لَهُ) بعد الإنابة وإن كانت خطيئته مغفورة فتكون مغفرة على مغفرة.

٢٣ (أَكْفِلْنِيها) : اجعلني كافلها وانزل أنت عنها (٣).

(وَعَزَّنِي) : غلبني (٤).

٣١ (الصَّافِناتُ الْجِيادُ) : القائمة على ثلاث قوائم (٥) [الثّانية] (٦) رابعتها.

__________________

لأحد الخصمين قبل أن يسمع من الآخر فلا يجوز ذلك على الأنبياء ...».

(١) لم يثبت هذا الحديث ورد جماهير العلماء هذه الرواية الدخيلة ، الذي يتنزه عن ارتكاب بعض ما جاء فيها الفضلاء من الناس فضلا عن أنبياء الله المعصومين.

قال القاضي ـ رحمه‌الله تعالى ـ في الشفا : ٢ / ٨٢٧ : «وأما قصة داود عليه‌السلام فلا يجب أن يلتفت إلى ما سطّره فيه الأخباريون من أهل الكتاب الذين بدلوا وغيروا ، ونقله بعض المفسرين ، ولم ينص الله على شيء من ذلك ولا ورد في حديث صحيح ...».

ورده ـ أيضا ـ ابن العربي في أحكام القرآن : ٤ / ١٦٣٦ ، والفخر الرازي في تفسيره : ٢٦ / ١٨٩ الذي أورد أدلة قوية في بطلان هذه القصة.

وانظر البحر المحيط : ٧ / ٣٩٣ ، وتفسير ابن كثير : ٧ / ٥١.

(٢) ذكره ابن العربي في أحكام القرآن : ٤ / ١٦٣٩ ، وقال : «وهذا باطل يرده القرآن والآثار التفسيرية كلها».

(٣) عن معاني القرآن للزجاج : ٤ / ٣٢٧.

وانظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٣٧٩ ، وتفسير الطبري : ٢٣ / ١٤٣ ، وتفسير القرطبي : ١٥ / ١٧٤.

(٤) معاني القرآن للفراء : ٢ / ٤٠٤ ، وغريب القرآن لليزيدي : ٣٢٢ ، ومعاني الزجاج :٤ / ٣٢٧.

(٥) قال الزجاج في معانيه : ٤ / ٣٣٠ : «الصافنات : الخيل القائمة ، وقال أهل اللّغة وأهل التفسير : الصافن : القائم الذي يثنى إحدى يديه أو إحدى رجليه حتى يقف بها على سنبكه ـ وهو طرف الحافر ـ فثلاث من قوائمه متصلة بالأرض ، وقائمة منها تتصل بالأرض طرف حافرها ...».

ينظر ـ أيضا ـ تفسير الماوردي : ٣ / ٤٤٥ ، وتفسير البغوي : ٤ / ٦٠ ، واللسان : ١٣ / ٢٤٨ (صفن).

(٦) في الأصل : «النايئة» ، والمثبت في النص عن «ك».

٢٣٧

٣٢ (أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ) : آثرت حبّ المال (١) على ذكر ربّي.

(حَتَّى تَوارَتْ) : أي : الخيل (٢) ، أو الشمس (٣) ، ودلّ عليها (إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِ).

٣٣ (فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ) : كواها في الأعناق والقوائم (٤) ، وجعلها حبيسا في سبيل الله مسوّمة كفارة لصلاة فاتته ، أو ذبحها وعرقبها (٥) وتصدّق بلحومها كفارة.

وقيل (٦) : جعل يمسح أعراف الخيل وعراقيبها حبّا لها.

__________________

(١) أخرج عبد الرزاق نحو هذا القول في تفسيره : ٢ / ١٦٣ عن الحسن ، وقتادة.

وأخرجه الطبري في تفسيره : ٢٣ / ١٥٥ عن قتادة ، والسدي.

وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٧ / ١٧٧ ، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد ، وابن المنذر عن الحسن ، وقتادة رحمهما‌الله تعالى.

كما عزا إخراجه إلى ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.

(٢) ذكر الماوردي هذا القول في تفسيره : ٣ / ٤٤٦ ، وقال : «حكاه ابن عيسى». ونقله ابن عطية في المحرر الوجيز : ١٢ / ٤٥٦ عن بعض المفسرين ولم يسمهم ، وعده الكرماني في غرائب التفسير : ٢ / ١٠٠٠ من غرائب الأقوال ، وعزاه إلى ابن عيسى.

(٣) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره : ٢٣ / ١٥٥ عن ابن مسعود رضي‌الله‌عنه.

ونقله البغوي في تفسيره : ٤ / ٦٠ عن مقاتل. وذكره ابن عطية في المحرر الوجيز : ١٢ / ٤٥٦ ، وابن الجوزي في زاد المسير : ٧ / ١٣٠ ، والقرطبي في تفسيره : ١٥ / ١٩٦ ، وقال : «الأكثر في التفسير أن التي تواترت بالحجاب هي الشمس».

(٤) ذكره البغوي في تفسيره : ٤ / ٦١ ، وابن الجوزي في زاد المسير : ٧ / ١٣٢ ، وقال : «حكاه الثعلبي».

(٥) أي : قطع عرقوبهما ، وفي الصحاح : ١ / ١٨٠ (عرقب) : العصب الغليظ ... وعرقوب الدابة في رجلها بمنزلة الركبة في يدها.

(٦) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره : ٢٣ / ٤٤٦ عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.

وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٧ / ١٧٨ ، وزاد نسبته إلى أبي حاتم عن ابن عباس أيضا ، ونقله البغوي في تفسيره : ٤ / ٦١ عن الزهري ، وابن كيسان ، ثم قال : «وهذا قول ضعيف».

٢٣٨

٣٤ (فَتَنَّا سُلَيْمانَ) : خلّصناه (١) ، أو ابتليناه (٢).

وسبب فتنته قربانه بعض نسائه في الحيض. وقيل : احتجابه عن النّاس ثلاثة أيام. وقيل (٣) : تزوّجه في غير بني إسرائيل.

(وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً) : أي : ألقيناه ؛ لأنه مرض فصار كالجسد الملقى (٤).

(ثُمَّ أَنابَ) : إلى الصحة.

٣٥ (لا يَنْبَغِي) : لا يكون ؛ لأنه لما مرض عرض لقلبه زوال ملك الدنيا ،

__________________

(١) من قولهم : فتنت الذهب إذا خلصته ، وهو أن يذاب بالنار ليتميز الرديء من الجيد.

الصحاح : ٦ / ٢١٧٥ ، والمفردات للراغب : ٣٧١ ، واللسان : ١٣ / ٣١٧ (فتن).

(٢) نقله الماوردي في تفسيره : ٣ / ٤٤٦ عن السدي.

(٣) وردت هذه الأقوال في كتب التفسير ، مثل تفسير الماوردي : ٣ / ٤٤٧ ، وتفسير البغوي : ٤ / ٦٤ ، وزاد المسير : (٧ / ١٣٣ ، ١٣٤) ، وتفسير القرطبي : ١٥ / ١٩٩.

وأوردها الفخر الرازي في تفسيره : ٢٦ / ٢٠٨ ، وعقب عليها بقوله : «واعلم أن أهل التحقيق استبعدوا هذا الكلام ...» ، ثم ذكر الوجوه التي رد بها هذه الأقوال.

(٤) ذكر الماوردي هذا القول في تفسيره : ٣ / ٤٤٨ عن ابن بحر.

وأورده ابن عطية في المحرر الوجيز : ١٢ / ٤٦١ ، وغيره من الأقوال في الآية ، ثم قال : «وهذا كله غير متصل بمعنى هذه الآية».

وذكر القرطبي في تفسيره : ١٥ / ٢٠٢ القول الذي ذكره المؤلف فقال : «وقيل : إن الجسد كان سليمان نفسه وذلك أنه مرض مرضا شديدا حتى صار جسدا ، وقد يوصف به المريض المضني فيقال : كالجسد الملقى» اه.

وأخرج الإمام البخاري في صحيحه : ٣ / ٢٠٩ ، كتاب الجهاد والسير ، باب «من طلب الولد للجهاد» عن أبي هريرة رضي‌الله‌عنه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «قال سليمان بن داود عليهما‌السلام : لأطوفن الليلة على مائة امرأة ـ أو تسع وتسعين ـ كلهن يأتي بفارس يجاهد في سبيل الله ، فقال له صاحبه : قل إن شاء الله ، فلم يقل إن شاء الله ، فلم يحمل منهن إلّا امرأة واحدة جاءت بشق رجل ، والذي نفس محمد بيده لو قال : إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعون».

قال القاضي عياض في الشفا : ٢ / ٨٣٥ ، «قال أصحاب المعاني : والشق هو الجسد الذي ألقى على كرسيه حين عرض عليه ، وهي عقوبته ومحنته».

٢٣٩

فسأل ملك الآخرة (١).

٣٦ (حَيْثُ أَصابَ) : قصد وأراد (٢). يقال : أصاب الصواب فأخطأ الجواب (٣).

٤١ (بِنُصْبٍ) : بضرّ (٤) ، و (بِنُصْبٍ) (٥) تعب ، وإنما اشتكى وسوسة الشّيطان لا المرض ، لقوله : (إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً) : كان الشّيطان يوسوس أن [٨٤ / أ] داءه يعدي ، فأخرجوه واستقذروه ، وتركته امرأته (٦) /.

٤٢ (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ) : حرّكها واضرب بها الأرض ، فضرب فنبعت عينان (٧).

٤٣ (وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ) : كانوا مرضى فشفاهم ، وقيل (٨) : غائبين فردّهم.

وقيل (٩) : موتى فأحياهم.

__________________

(١) ذكر نحوه الفخر الرازي في تفسيره : ٦ / ٢١٠.

(٢) ذكره الفراء في معانيه : ٢ / ٤٠٥ ، وأبو عبيدة في مجاز القرآن : ٢ / ١٨٣ ، وابن قتيبة في تفسير غريب القرآن : ٣٧٩ ، وأخرجه الطبري في تفسيره : ٢٣ / ١٦٧ عن ابن عباس ، ومجاهد ، والحسن ، والسدي ، والضحاك ، وابن زيد.

قال الزجاج في معانيه : ٤ / ٣٣٣ : «إجماع المفسرين وأهل اللغة أنه حيث أراد ، وحقيقته : قصد وكذلك قولك للمجيب في المسألة : أصبت ، أي : قصدت فلم تخطئ الجواب».

(٣) عن الأصمعي في تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٣٨٠ ، وتفسير الماوردي : ٣ / ٤٥٠ ، وتفسير القرطبي : ١٥ / ٢٠٥ ، واللسان : ١ / ٥٣٥ (صوب).

(٤) معاني القرآن للفراء : ٢ / ٤٠٦ ، ومعاني الزجاج : ٤ / ٣٣٤ ، وتفسير القرطبي : ١٥ / ٢٠٧.

(٥) بفتح النون والصاد ، قراءة يعقوب من القراء العشرة ، وتنسب هذه القراءة أيضا إلى الحسن ، وعاصم الجحدري.

ينظر الغاية لابن مهران : ٢٥٠ ، والنشر : ٣ / ٢٧٧ ، والبحر المحيط : ٧ / ٤٠٠.

(٦) ينظر تفسير الطبري : ٢٣ / ١٦٨ ، وتفسير ابن كثير : ٧ / ٦٥.

(٧) أخرج الطبري نحو هذا القول في تفسيره : ٢٣ / ١٦٦ عن قتادة ، وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٧ / ١٩٣ ، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد عن قتادة أيضا.

(٨) ذكر الماوردي هذين القولين في تفسيره : (٣ / ٤٥٢ ، ٤٥٣) ، وقال : «حكاهما ابن بحر».

(٩) ذكر الزجاج في معاني القرآن : ٤ / ٣٣٥ ، والماوردي في تفسيره : ٣ / ٤٥٣ ، وقال : «عليه الجمهور».

٢٤٠