الدعاء المعاني والصّيغ والأنواع

الدكتور محمّد محمود عبود زوين

الدعاء المعاني والصّيغ والأنواع

المؤلف:

الدكتور محمّد محمود عبود زوين


الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: مركز الرسالة
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-79-9
الصفحات: ١٣٩

دعاء يوسف :

لا نلحظ دعاءً ليوسف في غير السورة التي سمّيت فلقد وردله فيها دعاءان :

الأوّل : جاء بأسلوب الخبرعندما خيّر بين السجن وبين ما يؤمر به قال تعالى : ( قال ربّ اسّجن أحبّ إلىّ ممّا يدعونني إليه وإلاّ تصرف عنّي كيدهنّ أصب إليهنّ وأكن من الجاهلين ) (١) ففي هذا الإخبار « معنى الدعاء فلذلك قال : ( فاستجاب له ربّه فصرف عنه كيدهنّ إنّه هو السّميع العليم ) (٢) » (٣).

وفي الدعاء الثاني نرى تقديم الثناء على الله تعالى وإنعامه قبل الطلب منه. (٤) وفي هذا أدب رفيع سبقت الإشارة إليه في دعاء إبراهيم قال تعالى على لسان يوسف بعد أن رفع أبويه على العرش : ( ربّ قد آتيتني من الملك وعلّمتني من تأويل الأحاديث فاطر السّماوات والأرض أنت وليّي في الدّنيا والآخرة توفّني مسلمًا والحقني بالصّالحين ) (٥).

دعاء أيوب ويونس :

الملاحظ في دعاءي أيوب ويونس أنّهما وردا بأسلوب الخبر حيث اكتفيا ببيان حالهما افتقاراً لرحمته واستدراراً لعطفه ورعايته جلّ وعلا.

__________________

(١) سورة يوسف : ١٢ / ٣٣.

(٢) سورة يوسف : ١٢ / ٣٤.

(٣) معاني القرآن / الفرّاء ٤٤ : ٢.

(٤) ظ : مفاتيح الغيب ٢١٨ : ١٨.

(٥) سورة يوسف : ١٢ / ١٠١.

١٢١

أمّا نبي الله أيّوب فجاء دعاؤه في موضعين :

الأوّل : في سورة الأنبياء ضمن ما قصّ من أدعيتهم قال تعالى : (وأيّوب إذ نادى ربّه أنّي مسّني الضّرّ وأنت أرحم الرّاحمين) (١) فإنّك ترى كيف عرض حاله من جهة وأثني على الله تعالى وخصّه بقوله : (أنت أرحم الرّاحمين) مستعطفاً رحمته راجياً كشف ضرّه.

وفي الموضع الثاني من دعائه ترى في سياق الآية تكريم الله له قال سبحانه : ( واذكر عبدنا أيّوب إذ نادي ربّه أنّي مسّني الشّيطان بنصبٍ وعذاب ) (٢) فقوله : ( عبدنا أيّوب ) تشريف ما بعده تشريف حيث أضافه سبحانه إلى نفسه (٣) وهو كما في دعائه السابق أخبر عن حاله ولم يطلب من الله تعالى شيئاً صريحاً بل ترك ذلك طمعاً في وسع رحمته وتمام نعمه وكرمه والله أعلم.

وفي دعاء يونس الذي جاء في موضع واحد في سورة الأنبياء وهو قوله تعالى : ( وذا النّون إذ ذهب مغاضباً فظنّ أن لن نقدر عليه فنادي في الظّلّمات أن لا إله إلاّ أنت سبحانك إنّي كنت من الظّالمين ) (٤).

نجد أنّه قدّم كلمة التوحيد وأثنى عليه بتسبيحه ثّم أقرّ على نفسه بالظلم خضوعاً له واستزالاً لرحمتخ ورغبة في نجاته من الظلمات فجاءت الإجابة سريعة عقب دعائه بقوله تعالى : ( فاستجبنا له نجّيناه من الغمّ وكذلك ننجي المؤمنين ) (٥).

__________________

(١) سورة الأنبياء : ٢١ / ٨٣.

(٢) سورة صك ٣٨٤١.

(٣) ظ : مجمع البيان ١١٨ : ٥.

(٤) سورة الأنبياء : ٢١ / ٨٧.

(٥) سورة الأنبياء : ٢١ / ٨٨.

١٢٢

دعاء عيسى :

لم يرد لعيسى في القرآن الكريم سوى دعاء واحد في سورة المائدة حيث ورد في سياق قصّته مع قومه وطلبهم منه أن يدعوالله تعالى لينزل مائدةعليهم دليلاً على صدقه ومعجزة تطمئن بها قلوبهم فدعا الله سبحانه لأجلهم بأن ينزل عليهم ما طلبوه قال تعالى : ( قال عيسى ابن مريم اللّهمّ ربّنا أنزل علينا مائدةً من السّماء تكون لنا عيداً لأوّلنا وآخرنا وآيةً منك وارزقنا وأنت خير الرّازقين ) (١).

والملاحظ في دعائه تكرار ندائه بقول ( اللّهمّ ربّنا ) وفي هذا دلالة على صحّة نبوّته وإشارة لمواضع الدعاء وسياقاته دون التفصيل طلباً للإيجاز. وسنعرض لنوع آخر من أنواع الدعاء وهو دعاء المؤمنين.

ثانياً ـ دعاء المؤمنين :

المستوى الثاني أو النوع الآخر من أنواع الدعاء جاء على لسان المؤمنين الذين صدّقوا بأنبياء الله ورسالاته بعد إيمانهم بالله تعالى وتوحيده وإخلاص التوجّه إليه.

والمتتبّع لهذا النوع يخلص إلى أن القرآن العزيز قد نقل جانباً وافياً من دعاء المؤمنين على الختلاف أزمانهم وتعدّد أنبيائهم وتفاوت حالات

__________________

(١) سورة المائدة : ٥ / ١١٤.

١٢٣

دعائهم ومسائلهم. وقد امتدح الكتاب العزيز المؤمنين وأظهر سمو صلتهم الوثيقة بالله عزّوجلّ في سرّائهم وضرّائهم لا يلجؤون إلاّ لحصنه ولا يطمعون إلاّ بفيض رحمته وهم في كلّ ذلك ينهلون في دعائهم من نبع إيمانهم وصدق تعلّقهم بخالقهم لذا فقد كانت أدعيتهم تنتهج نهجاً واضح المعالم جلي الدلالات في تأكيد خضوعهم له وتضرّعهم إليه جلّ وعلا لا يسأمون ولا يكلّون في عرض فقرهم وبيان حاجتهم لعفوه ومغفرته ورحمته. ومن ذلك قوله تعالى على لسان المؤمنين بخاتم الرسل : ( آمن الرّسول بما أنزل إليه من ربّه والمومنون كلّ آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرّق بين أحدٍ من رسله وقالوا سمعنا وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربّنا وإليك المصير * لا يكلّف الله نفسًا إلاّ وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربّنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربّناو لا تحمل علينا إصرًا كما حملته على الّذين من قبلنا ربّنا لا تحمّلنا ما لا طاقه لنا به واعف عنّا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين ) (١).

فإنّك تلحظ الإشارة إلى إيمان الداعين وإلى إقراراهم بالمبدأ وهو الإيمان بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسوله ثمّ طلبوا المغفرة وأعادوا الإقرار على أنفسهم بالمعاد ( وإليك المصير ) (٢) ثمّ تلوا ذلك الإقرار بوصفهم خالقهم بأنّه لا يكلّف نفساً إلاّ ما تسع وتقدر عليه ولها وعليها ما تكتسبه من الأفعال وذهب بعضهم (٣) إلى وجود الفرق بين الكسب والاكتساب فالكسب مختصّ بالخير والاكتساب بالشر لأنّ في الاكتساب معنى الإعمال « ولما كان الشرّ مما

__________________

(١) سورة البقرة : ٢ / ٢٨٥ و ٢٨٦.

(٢) ظ : مفاتيح الغيب ٦٤ : ١ ـ ٦٥.

(٣) ظ : الكشاف ٣٣٢ : ١ بدائع الفوائد ٧٤ : ٢ البرهان ٣٢ : ٣.

١٢٤

تشتهيه النفس وهي منجذبة إليه وأمّارة به كانت في تحصيله أعمل وأجد فجعلت لذلك مكتسبة فيه ولما لم تكن كذلك في باب الخير وصفت بما لا دلالة فيه على الإعمال » (١) إلاّ أنّ هذا الفرق غيردقيق حيث جاء الاستعمال القرآني للفعلين ( كسب واكتسب ) تارة للخير وأخرى للشرّ (٢) وهو ما نقله الرازي في تفسيره « الصحيح عند أهل اللغة أن الكسب والاكتساب واحد لا فرق بينهما ... والقرآن ناطق بذلك » (٣).

نرجع مرّة أخرى إلى الدعاء ونرى السؤال والطلب بالنداء ( ربّنا ) تكرّر مع الدعاء بصيغة النهي مرّات ثلاث في عدم المؤاخذة على النسيان أو الخطأ أي « لا تعاقبنا إن عصينا جاهلين أو متعمّدين » (٤) كما روي ذلك عن ابن عباس أو أن المراد بالنسيان ـ وله عدّة وجوه في التفسير ـ أننا « لم نفعل فعلاً يجب فعله على سبيل السهو والغفلة. أو أخطأنا : أي فعلنا فعلاً يجب تركه من غير قصد ويحسن هذا في الدعاء على سبيل الانقطاع إلى الله تعالى وإظهار الفقر إلى مسألته والاستعانة به وإن كان مأمون المؤاخذة بمثله » (٥)

ثم توسّل المؤمنون إلى الله تعالى أن لا يحمل عليهم عهوداً ثقيلة كما أوجبها على غيرهم من الأمم السابقة ولا يحمّلهم ما لا طاقة لهم به.

ومن اللطيف أن يأتي الفعل ( تحمل ) مخفّفاً مرّة ومشدّداً ( تحمّلنا ) مرّة أخرى : أي أنّه خصّ الأمر أو العهد الثقيل بالحمل بينما ما لايمكن حمله خصّه

__________________

(١) الكشاف ٣٣٢ : ١.

(٢) ظ : الآيات التالية : الأعرا : ٧ / ٩٦ يونس : ١٠ / ٥٨ النساء : ٤ / ٣٥ ١١١ ـ ١١٢.

(٣) مفاتيح الغيب ١٥٢ : ٧.

(٤) مجمع البيان ٣٩٠ : ١ ظ : جامع البيان ١٥٥ : ٣ مفاتيح الغيب ١٥٤ : ٧.

(٥) مجمع البيان ٣٩٠ : ١.

١٢٥

بالتحميل وفي ذلك دلالة على « أن الشاق يمكن حمله أما ما لا يكون مقدوراً لا يمكن حمله » (١) لذلك فإنّهم رغبوا إلى الله تعالى أن يكفيهم ما يستطيعون حمله بمشقّة وعناء وما لا يقدرون على حمله أصلاً والله أعلم.

ثمّ يتجدّد الدعاء بصيغة فعل الدعاء من دون أن يقترن بلفظ ( ربّنا ) ولعلّ في ذلك إشعاراً « بأنّ العبد إذا واظب على التضرّع نال القرب من الله تعالى » (٢) ولك أن تري الدقّة في استخدام أفعالالدعاء وترتيبها ( واعف عنّا واغفر لنا وارحمنا ) فبالعفو يسقط العقاب وبالمغرفرة تستر الذنوب وتصان فلا يطّلع عليها سواه عزّوجلّ وبالرحمة بكون الخلاص وتنال الكرامات (٣).

ولابدّ من الإشارة إلى أن التركيب السياقي لألفاظ الدعاء تأتي تبعاً لترتيب دلالاته لذا فعلّة تقديم العفو والمغفرة قبل كان طلب ـ كمافي أدعية القرآن أو غيرها من الأدعية المأثورة ـ إنّما هي بمثابة تطهير النفس من أحمال الذنوب العالقة والتي تشكّل بذاتها حاجزاً بين الأنسان وبين نور رحمته تعالى فإذا استطاع الداعي أن ينفض عن قبله غبار المعصية ويستشعر في نفسه حسرة الذنب وندمه من جهة والإصرار على التوبةمنجهة أخرى فإنّه ولا شك قادر على أن يستقبل نور الرحمة التي تطهّر النفس من آفات الضلال وتنبت في أرضها شجرة الهداية التي ثمارها صدق التوجّه لله عزّوجلّ.

ويمكن أن تلمس في هذا الدعاء أغلب صيغ الدعاء وصوره سواء ما جاء منها بأسلوب النهي أو الأمر كما في صيغة ( أفعل ) وصيغة المصدر النائب عن فعل الدعاء ( غفرانك ) وفيهذا تجديد للأسلوب بدلاً من مجيئه على شكل

__________________

(١) مفاتيح الغيب ١٥٩ : ٧.

(٢) مفاتيح الغيب ١٦٠ : ٧.

(٣) ظ : مفاتيح الغيب ١٦٠ : ٧.

١٢٦

واحد. ونستطيع كذلك أن نرصد في دعاء المؤمنين هذا ـ وغيره ـ تعليماً للداعين في كيفية دعائه وما يجب أن يخاطبوه به ويطلبون منه (١).

ومما جاء من دعاء المؤمنين في آخر آل عمران قوله تعالى : ( الّذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكّرون في خلق السّماوات والأرض ربّنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النّار * ربّنا إنّك من تدخل النّار فقد أخزيته وما للظّالمين من أنصار * ربّنا إنّنا سمعنا منادياً ينادي للإيمان أن آمنوا بربّكم فآمنّا ربّنا فاغقر لنا ذنوبنا وكفّر عنّا سيّئاتنا وتوقّنا مع الأبرار * ربّنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنّك لا تخلف الميعاد ) (٢).

فقد حكى الله سبحانه عن المؤمنين ذكرهم المتواصل في مختلف أحوالهم من جهة وتفكّر هم الدائم من جهة ثانية وإقرارهم « بعجز العقول عن الإحاطة بآثار حكمة الله في خلق السماوات والأرض » (٣) وتقديمهم الثناء قبل الدعاء بقولهم : ( ربّنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك ) من جهة أخرى.

وتلحظ كذلك في قوله : ( ينادي ) تعقيباً على ( سمعنا منادياً ) تفخيماً للمنادي والنداء فيوقت واحد لا يحصل فيما إذ حذف من سياق الدعاء (٤) وقد شمل هذا الدعاء الترتيب الدقيق للحاجات في غفران الذنوب وتكفير السيئات والوفاة مع الأبرار فضلاً عمّا سألوه تعالى بإنجاز ما وعدهم به لالأجل إيجاد الفعل بل على سبيل الانقطاع واللجوء إليه وإظهار التضرّع والعبودية له

__________________

(١) ظ : جامع البيان ١٥٥ : ٣.

(٢) سورة آل عمران : ٣ / ١٩١ ـ ١٩٤.

(٣) مفاتيح الغيب ١٤٠ : ٩.

(٤) ظ : الكشاف ٤٥٥ : ١ مفاتيح الغيب ١٤٥ : ٩.

١٢٧

جلّ وعلا (١) لذا يجوز للداعي أن يسأل ما يعلم أنّه واقع أو يقع رغبة في التذلّل والخضوع أمام بارئه.

وفي تكرار النداء ( ربّنا ) بالدعاء دلالات كثيرة توضح حال المؤمنين في تعلّقهم بالله وانقطاعهم عن كل شيء سواه فضلاً عمّا لهذا التكرار من جانب تربوي يستمدّ الداعون منه آداباً قرآنية في كيفية مخاطبة الله وسؤاله ومعرفة طرائق الوصول بالدعاء إلى منازل الإجابة لذا فقد خمس مرّات ( ربّنا ) أنجاه الله ممّا يخاف وأعطاه ما أراد » وقرأ الآية (٢).

وقد ذمّ الكتاب العزيز يقيّدون دعاءهم بمطالب الدنيا ويتناسون الآخرة في حين امتدح من قرن مطالب دنياه بمطالب آخرته لأنّ في ذلك سبيل إجابتها قال تعالى : ( فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشدّ ذكراً فمن النّاس من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النّار * أولئك لهم نصيب ممّا كسبوا والله سريع الحساب ) (٣).

فقد بيّن دعاء أهل الدنيا ودعاء أهل الآخرة فمن تعلّق بالدنيا جعل دعاءه محصوراً بها مقصوراً عليها أما دعاء أهل الآخرة فهو من يرى في دنياه طريقاً لآخرة فيجعل الموازنة بينهما طلباً للآخرة أولاً وللدنيا ثانياً. وما دام السبيل إلى الآخرة وأهم ما نستلهمه من الموازنة بين الدعاء ين هو التأدّب بأدب السؤال

__________________

(١) ظ : التبيان ٨٦ : ٣ مجمع البيان ٣٠٤ : ٢.

(٢) الكشاف ٤٥٧ : ١.

(٣) سورة البقرة : ٢ / ٢٠٠ ـ ٢٠٢.

١٢٨

والطلب بأن لا يكون قاصراً عن الإحاطة بمطالب الآخرة كما هو مختصّ بمطالب الدنيا جاء في تفسير التبيان « والفائدة في الأخبار عنهم بهذا الدعاء الاقتداء بهم فيه لأنّه حذّر من الدعاء الأوّل ورغّب بالثاني » (١).

وتتكرّر مواضع امتداح الداعين في القرآن الكريم منها ما ورد في سورة المؤمنون حيث زجر سبحانه الكافرين من أهل الدينا حينما سألوه إخراجهم منها وذكرّهم سخريتهم من دعاء المؤمنين وسؤالهم سبحانه المغفرة والرحمة بعد الإقرار بالإيمان به وتوحيده قال عزّ من قائل : ( قالوا ربّنا غلبت علينا شقوتنا وكنّا قوماً ضالّين * ربّنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنّا ظالمون * قال اخسئوا فيها ولا تكلّمون إنّه كان فريق من عبادي يقولون ربّنا آمنّا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الرّاحمين * فاتّخذتموهم سخريًّا حتّي أنسوكم ذكريو كنتم منهم تضحكون * إنّي جزيتهم اليوم يما صبروا أنّهم هم الفائرون ) (٢).

وقد نقل القرآن المجيد الكثير من أدعية المؤمنون في مختلف المواقف منها عند القتال وسؤالهم الصبر والثبات والنصر على الأعداء (٣) ومنها التصديق بالرسل (٤) ومنها دعاء المؤمنون على أقوامهم (٥) إلى غيرذلك من الأديعة بلسان المؤمنين على اختلاف أجناسهم ومطالبهم.

__________________

(١) التبيان ١٧٣ : ٢.

(٢) سورة المؤمنون : ٢٣ / ١٠٦ ـ ١١١.

(٣) ظ : الآيات : البقرة : ٢ / ٢٥٠ آل عمران : ٣ / ١٤٦ و ١٤٧.

(٤) ظ : آلعمران : ٣ / ٥٢ و ٥٣.

(٥) ظ : النساء : ٤ / ٧٥ الأعراف : ٧ / ٧٩.

١٢٩

ومثلما كان للمؤمنين مكان في القرآن كان للمرأة المؤمنة محلّها في الدعاء كما جاء على لسان امرأة فرعون قال تعالى : ( ... ربّ ابن لي عندك بيتاً في الجنّة ونجّني من فرعون وعمله ونجّني من القوم الظّالمين ) (١).

كما لم يقتصر دعاء المؤمنين على دار الدنيا بل جاء القرآن أدعية على لسانهم في الجنّة قال تعالى : ( قالوا الحمد لله الّذي أذهب عنّا الحزن إنّ ربّنا لغفور شكور * الّذي أحلّنا دار من فضله لا يمسّنا فيها نصب ولا يمسّنا فيها لغوب ) (٢).

ثالثاً ـ دعاء الملائكة :

من الطريف أن ينقل القرآن الكريم أدعية لجنس آخر من خلق الله تعالى وهم الملائكة وأغلب ما جاء عنهم دعاؤهم للمؤمنين وأهل الجنّة بالسلامة وإلقاء التحية عليهم قال تعالى : ( ... والملائكة يدخلون عليهم من كلّ بابٍ * سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدّار ) (٣). (٤) وأطول ما ورد عن الملائكة من دعاء دعاؤهم في سورة غافر قال تعالى : ( الّذين يحملون العرش ومن حوله يسبّحون بحمد ربّهم ويؤمنون به يستغفرون للّذين آمنوا ربّنا وسعت

__________________

(١) سورة التحريم : ٦٦ / ١١.

(٢) سورة فاطر : ٣٥ / ٣٤ و ٣٥.

(٣) سورة الرعد : ١٣ / ٢٣ و ٢٤.     

(٤) ظ : في السياق نفسه الآيات : النحل : ١٦ / ٣٢ الزمر : ٣٩ / ٧٣ ، ٧٥ وغيرها

١٣٠

كل شيءٍ رحمةً وعلماً فاغفر للّذين تابوا واتّبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم * ربّنا وأدخلهم جنّات عدن الّتي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرّيّاتهم إنّك أنت العزيز الحكيم * وقهم السّيئات ومن تق السّيّئات يومئذٍ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم ) (١) فإنّك تلحظ في هذه الآيات الكريمة أنّها بدأت بوصف الملائكة المسبّحين بالإيمان واستغفارهم لمن على شاكلتهم في الإيمان بمعنى أنّه « قد روعي التناسب في قوله : ( يؤمنون به ) ( ويستغفرون للّذين آمنوا ) كأنّه قيل : ويؤمنون ويستغفرون لمن في حالهم وصفتهم وفيه تنبيه على أن الاشتراك في الإيمان يجب أن يكون أدعى شيء إلى النصيحة وأبعثه على إمحاض الشفقة وإن للمؤمنين الأجناس وتباعدت الأماكن » (٢). ثمّ الملائكة قدّموا قبل الدعاء للمؤمنين الثناء لله تعالى وذلك قوله : ( ربّنا وسعت كلّ شيءٍ رحمةً وعلماً ) وهذا أدب رفيع من آداب الدعاء سبقت الإشارة له في مواضع عديدة ليكون الدعاء أقرب للإجابة وعليه فقد جاء الثناء في دعاء الملائكة هذا بان وصفوا الله تعالى بـ « الربوبية والرحمة والعلم » (٣) وقد يجد المتدبّر في هذه الآيات سؤالاً في نفسه حول قائدة قوله تعالى : ( وقهم عذاب الجحيم ) بعد قوله جلّ وعلا : ( فاغفر للّذين تابوا ) فالمغفرة تستوجب الوقاية من العذاب والوقاية تستوجب سبق المغفرة عليها وقد انتبه إلى ذلك الفخر الرازي فأجاب أن « دلالة لفظ المغفرة على إسقاط عذاب الجحيم دلالة حاصلةعلى الرمز والإشارة فلما ذكروا الدعاء على سبيل الرمز والإشارة أردفوه بذكره

__________________

(١) سورة غافر : ٤٠ / ٧ ـ ٩.

(٢) الكشاف ١٥٢ : ٤.

(٣) مفاتيح الغيب ٣٥ : ٢٦.

١٣١

على سبيل التصريح لأجل التأكيد والمبالغة » (١).

وعلى أية حال فإنّ في دعاء الملائكة للمؤمنين بيان لمنزلة المؤمنين السامية في العوالم الأخرى وتشريف لهم بأن أخبر تعالى بذلك على لسان جملة العرش من الملائكة.

رابعاً ـ دعاء الكفّار :

مثلما كان للمؤمنين المصدقين دعاء للكافرين دعاء أيضاً ولكن فرقاً كبيراً وبوناً شاسعاً بين الفرقين أو نوعي الدعاء إذ إن اكثر أدعية المؤمنين جاءت في الدنيا صادقة في التوجّه مترقّبة بعين الخوف والرجاء للآخرة لذلك فقد أقرّ الله عيون المؤمنين في الآخرة بإجابتها وأعطاهم ما أمّلوا به وبرحمته الواسعة جلّ وعلا.

أمّا أدعية الكفّار فما كان منها في الدنيا فقد جاء بشكلين :

الأوّل : استهزاؤهم بالأنبياء والرسل والرسالات واستبعاد أنّهم جاؤوا بالحق وبه أمروا كما في قوله تعالى على لسان أحدهم : ( إذ قالوا اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارةً من السّماء أو ائتنا بعذابٍ أليمٍ ) (٢). (٣)

الثاني : دعاؤهم على أنفسهم بالويل والثبور وإقرارهم على أنفسهم باظلم بعد أن يلوح العذاب بأفقهم قال تعالى : ( ولئن مسّتهم نفحة من عذاب ربّك ليقولنّ يا ويلنا إنّا كنّا ظالمين ) (٤). (٥)

__________________

(١) مفاتيح الغيب ٣٧ : ٢٦.

(٢) سورة الأنفال : ٨ / ٣٢.

(٣) ظ : في السياق نفسه : ص : ٣٨ / ١٦ سبأ : ٣٤ / ١٩.

(٤) سورة الأنبياء : ٢١ / ٤٦.

(٥) ظ : الآيات التالية ف السياق عينه : الأنبياء : ٢١ / ١٤ ـ ١٥ ، ٩٧.

١٣٢

أما دعاؤهم في الآخرة فقد ورد بعد أن تيقّنوا وعيدهم وذاقوا غليظ عذابه فما كان منهم غير صراخهم ولكن هيهات فقد قضي الأمر قال تعالى : ( والّذين كفروا لهم نار جهنّم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفّف عنهم من عذابهم كذلك نجزي كلّ كفورٍ * وهو يصطرخون فيها ربّنا أخرجنا نعمل صالحاً غير الّذي كنّا نعمل أولم نعمّركم ما يتذكّر فيه من تذكّر وجاءكم النّذير فذوقوا فما للظّالمين من نصيرٍ ) (١).

فأنت تحسّ في بناء الكلمة ( يصطرخون ) الألم الشديد والحال الذي لا يطاق من العذاب ولو قيل بدل ذلك ( يصرخون ) لما دلّ على هذا المعنى ولم ترفي نفسك مرارة دعائهم من شدّة عذابهم فضلاً عن ذلك فإنّ في قوله : ( غير الّذي كنّا نعمل ) ندماً آخر على ما سبق من أعمالهم الضالّة لذا فلم يكتفوا بقولهم : ( ربّنا أخرجنا نعمل صالحاً ) فعقّبوا عليه ( غير الّذي كنّا نعمل ) إظهاراً لمعنى « التحسّر على ما عملوه من غير الصالح مع الاعتراف به » (٢) لذا جاء جواب دعائهم على صيغة الاستفهام التقريري توبيخاً لهم وتأكيداً لاستحقاقهم العذاب مع زيادته فما لهم عند ذلك من نصير يدفع عنهم ولا شفيع فيشفع لهم والله أعلم.

وممّا من دعاء الكافرين قوله تعالى : ( ولو تري إذ المجرمون ناكسو رووسهم عند ربّهم ربّنا أبصرنا وسمعنا فأرجعنا نعمل صالحاً إنّا موقنون ) (٣).

__________________

(١) سورة فاطر : ٣٥ / ٣٦ و ٣٧.

(٢) الكشاف ٦١٥ : ٣.

(٣) سورة السجدة : ٣٢ / ١٢.

١٣٣

فالآية تصوّر أدق تصورير حال المجرمين وتشعر من بدئها بأداة الشرط (لو) التي جاء دخولها على المضارع دلالة على « استمرار الفعل » (١) فضلاً عن استعمال ضمير الخطاب في الفعل ( ترى ) للعموم دون الخصوص لأنّ أصل الخطاب أن يكون لمخاطب مخصوص أو معين وقد يترك فيراد به معنى العموم ودلالته. وهذا ما جاء في الآية حيث دلّ الخطاب « على العموم قصداً إلى تفظيع حال المجرمين وإن قد بلغت من الظهور إلى حيث يمتنع خفاؤها البتة فلا تخصّ رؤية راءٍ دون راء بل كلّ من يتأتّى منه الرؤية فله مدخل في هذا الخطاب » (٢) لوضوح صورة وحركة تنكيس الرؤوس وما فيها من الإشارة إلى الذلّة الدائمة التي يوحيها لفظ « ناكسوا » بصيغة اسم الفاعل فضلاً عن أن صدور الدعاء منهم بحالهم هذا ـ منكسين الرؤوس ـ توحي بالحسرة والندم وفوات الفرصة عليهم والله أعلم.

ومن جملة ما يتّضح للناظر المتفّحص لدعاء الكافرين هو دعاء بعضهم على بعض وبراءة بعضهم من بعض وتبادلهم الاتهام في تسبيب الغواية منأحدهم للآخر وهكذا ترى كلّ داعٍ منهم بطلب النجاة لنفسه ويوقع ما كان منه على غيره ويحتدم بين الدعاء شعورملؤه العذاب والألم والتفجّع ـ نستجير بالله تعالى ـ قال عزّ من قائل : ( يوم تقلّب وجوههم في النّار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرّسولا * وقالوا ربّنا إنّا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلّونا السّبيلا * ربّنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعناً كبيراً ) (٣). (٤)

__________________

(١) الإيضاح ١٨٥ : ١.

(٢) مفتاح العلوم : ٣٦٨ ـ ٣٦٩ ظ : الإيضاح ١١٤ : ١ البرهان ٢١٩ : ٢.

(٣) سورة الأحزاب : ٣٣ / ٦٦ ـ ٦٨.

(٤) ظ : الآيات التالية في السياق عينه : الأعرف : ٧ / ٣٨ القصص : ٢٨ / ٦٢ فصلت : ٤١ / ٢٩.

١٣٤

ويتجلّى لنا من نوع دعاء الكافرين صورة ما هم فيه من سوء الحال والحسرة والانكسار والذلّة التي لا توصف أبان عنها دعاؤهم الذي تجد فيه صدى نفوسهم الضالّة المعذّبة والله أعلم.

خامساً ـ دعاء إبليس ( عليه اللعنة ) :

تكرّر دعاء إبليس ( لعنه الله ) في سور ثلاث تشابه في اثنين منها هي قوله تعالى : ( قال ربّ فأنظرني إلى يوم يبعثون * قال فإنّك من المنظرين * إلى يوم الوقت المعلوم ) (١) ومن الواضح أن تأخير إبليس وإنظاره قد أجيب ولكن ليس كما أراد هو إلى يوم البعث يعني يوم القيامة « وهو يوم بعث لا يوم موت » (٢) لذا فعندما طلب إنظاره إلى يوم القيامة أراد بذلك الخلاص من الموت وهذا ما لا سبيل لمخلوق على تحقيقة إذ إن ذلك يعني خلوده حتى يوم الحساب جاء في جامع اليان : « إنّه سائل النظرة إلى قيام الساعة وذلك هو يبعث الخلق ولو أعطي ما سأل من النظرة كانقد أعطي الخلود وبقاء لا فناء معه وذلك أنّ لا موت بعد البعث فقال جلّ ثناؤه له : ( فإنّك من المنظرين * إلى يوم الوقت المعلوم ) وذلك إلى يوم قد كتب الله عليه فيه الهلاك والموت والفناء » (٣).

وفي دعاء إبليس في القرآن الكريم دلالة واضحة على عدائه للإنسان فقد طلب إمهاله « لا ليندم على خطيئته في حضرة الخالق العظيم ولا ليتوب إلى الله ويرجع عن إثمه الجسيم ولكن لينتقم من آدم وذريته جزاء لعنه وطرده من

__________________

(١) سورة الحجر : ١٥ / ٣٦ ـ ٣٨ وسورة ص : ٣٨ / ٧٩ ـ ٨١.

(٢) التبيان ٣٦١ : ٤.

(٣) جامع البيان ١٣٢ : ٨ ظ : مفاتيح الغيب ٢٣٤ : ٢٦.

١٣٥

هداه يربط لعنة الله له بآدم يربطها بعصيانه لله في تبجّح نكير » (١). ياجلّى لنا من خلال استعراض أنواع الدعاء تنوّع مستوياته فضلاً عن تعدّد أدعية كل مستوى وقد اتّضح كذلك منخلال ما سلف مواضع الدعاء في النص القرآني وسيلي هذا الفصل دراسة الدعاء كأسلوب خطابي له مفهومه لدى الأصوليين والنحاة والبلاغيين فضلاً عن تمثّله بطرق حدّد الفصل الثالث مظاهرها العامّة.

__________________

(١) في ظلال القرآن / سيد قطب مج ٥ ج ١٣ ص ٢٤.

١٣٦

المحتويات

مقدمة المركز.................................................................... ٥

مقدمة المؤلف................................................................... ٧

الفصل الأوّل : معاني الدعاء في القرآن الكريم..................................... ٩

المبحث الأوّل : الدعاء في اللغة والاصطلاح...................................... ٩

أولاً ـ الدعاء لغة.............................................................. ٩

اشتقاقه...................................................................... ٩

لالة المادة................................................................... ١٠

استعمال مادة « دعا » ...................................................... ١٠

الدعاء في اصطلاح.......................................................... ١٢

ثانياً : وجود معاني الدعاء في القرآن الكريم...................................... ١٥

الوجه الأوّل : الدعاء بمعنى العبادة............................................. ١٦

الوحه الثاني : الدعاء بمعى القول.............................................. ١٧

الوجه الثالث : الدعاء بمعنى الاستعانة أو الاستغاثة............................... ١٨

الوجه الرابع : الدعاء بمعنى النداء.............................................. ٢٠

الوجه الخامس : الدعاء السؤال................................................ ٢٢

الوجه السادس : الدعاء بمعنى العذاب والعقوبة والموت........................... ٢٣

الوجه السابع : معان مختلفة................................................... ٢٣

١٣٧

المبحث الثاني : الألفاظ المستعملة في معنى الدعاء................................. ٢٦

الصلاة....................................................................... ٢٧

الابتهال...................................................................... ٣٢

القنوت....................................................................... ٣٣

التضرّع...................................................................... ٣٦

السلام....................................................................... ٣٧

الحمد ـ الشكر.............................................................. ٣٨

التسبيح والذكر............................................................... ٤٣

التعوّذ........................................................................ ٤٦

الفصل الثاني : صيغ الدعاء وصورهفي القرآن الكريم............................ ٥١

صور الدعاء في القرآن الكريم.................................................. ٥٩

الصورة الأولى : الدعاء الخارج عن الأمرمجازاً................................... ٥٩

الصيغة الأولى : صيغة فعل الأمر (فعل الدعاء).................................. ٦٠

الصيغة الثانية : اللّام الجازمة والفعل المضارع (فعل الدعاء) (صيغة ليفعل).......... ٦١

جواب فعلالحارج من الأمر................................................... ٦٥

الصيغة الثالثة : الدعاء بصيغة المصدر.......................................... ٧٠

الصورة الثانية : الدعاء الخارج عن النهي مجازاً.................................. ٧٨

الصورة الثالثة : الدعاء بالخبر................................................. ٨٤

الفصل الثالث : معالم الدعاء وأنواعه في القرآن الكريم........................... ٩١

المبحث الأوّل : معالم الدعاء في القرآن الكريم................................... ٩١

استجابة الدعاء............................................................... ٩٦

١٣٨

المبحث الثاني : أنواع الدعاء في القرآن الكريم................................. ١٠١

أولاً : أدعية الأنبياء......................................................... ١٠١

دعاء الرسول محمد......................................................... ١٠١

دعاء آدم................................................................. ١٠٤

دعاء نوح................................................................. ١٠٦

دعاء إبراهيم.............................................................. ١٠٨

دعاء موسى............................................................... ١١١

دعاء زكريا............................................................... ١١٤

دعاء هود ولوط........................................................... ١١٩

دعاء سليمان.............................................................. ١٢٠

دعاء يوسف.............................................................. ١٢١

دعاء أيوبو يونس.......................................................... ١٢١

دعاء عيسى............................................................... ١٢٣

ثانياً : دعاء المؤمنين.......................................................... ١٢٣

ثالثاً : دعاء الملائكة.......................................................... ١٣٠

رابعاً : دعاء الكفّار.......................................................... ١٣٢

خامساً : دعاء إبليس (عليه اللعنة)............................................ ١٣٥

المحتويات................................................................... ١٣٧

١٣٩