ينابيع الأحكام - ج ٥

السيّد علي الموسوي القزويني

ينابيع الأحكام - ج ٥

المؤلف:

السيّد علي الموسوي القزويني


المحقق: السيد عبد الرحيم الجزمئي القزويني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-470-850-3
الصفحات: ٩٣٥
الجزء ١ الجزء ٥

ونقل المؤرّخين الغير البالغ حدّ العلم وغير ذلك من الأمارات ، لأنّ كفايته في إثبات ذلك يحتاج إلى دليل عامّ كدليل الانسداد كما استدلّ به هنا بعضهم ، أو دليل خاصّ ولا سبيل إلى شي‌ء منهما.

أمّا الأوّل : فلعدم جريانه في الموضوعات خصوصاً ما نحن فيه ، لعدم الانسداد الأغلبي في الأراضي بل الغالب منها معلومة الحال باعتبار العلم بكون أكثرها ملكاً لأربابها ولو بحكم اليد السليمة عن المعارض ، والعلم بكون كثير منها من الأنفال ، والعلم في جملة بكونها مجهولة المالك ، والعلم في بعضها بكونه من المفتوحة عنوةً ، فلا يبقى ما يكون مشتبه الحال إلّا بعض قليل ، مع عدم حكومة للعقل في الأراضي المشتبهة بين المفتوحة عنوةً وبين غيرها وإن فرضناها غالبة ، التفاتاً منه إلى احتمال مرجعيّة الأصل الجاري في المورد ممّا سنشير إليه من غير أن يلزم من الرجوع إليه محذور من المحاذير الّتي كانت تلزم من العمل بالأصل في الأحكام الشرعيّة المظنونة بالظنون المطلقة ، من الخروج عن الدين والهرج والمرج فيه والمخالفة القطعيّة للعلم الإجمالي ، فلا يحكم بتعيّن العمل بالظنّ ولا جوازه.

وأمّا الثاني : فلفقد ما يدلّ عليه من الأدلّة الخاصّة ، ولم نقف على من ذكر هنا دليلاً خاصّاً سوى ما يوهمه عبارة مفتاح الكرامة من دعوى الإجماع عليه ، فإنّه في تضاعيف كلامه في حجّيّة الظنّ الحاصل من التواريخ أو جماعة من مشاهير المؤرّخين أو نقل بعض أصحابنا بنى على الحجّيّة وكفايته في إثبات هذا الموضوع ، وعلّله «بأنّه ظنّ في الموضوعات الّتي يكتفي فيها بالظنون الضعيفة كما هو مسلّم عند الكلّ» (١) انتهى.

وفيه : أنّ الصفة المذكورة في العبارة إن كانت توضيحيّة ليرجع الكلام إلى دعوى الإجماع على حجّيّة مطلق الظنّ في عموم الموضوعات فهو واضح المنع ، كيف ونزاعهم في مسألة تعارض الأصل والظاهر معروف ، ولعلّ المشهور تقديم الأصل. وإن كانت احترازيّة لإخراج الموضوعات الّتي لا يكتفى فيها بالظنّ ، ففيه أنّ الإجماع على كفاية الظنّ في هذا الموضوع غير معلوم الثبوت خصوصاً بالقياس إلى الظنون الضعيفة.

__________________

(١) مفتاح الكرامة ١٣ : ٧٦.

٤٦١

وقد يستدلّ لإثبات كون الأرض في محلّ الاشتباه خراجيّة باستقرار سيرة السلاطين على ضرب الخراج على هذه الأراضي وأخذ المقاسمة على ارتفاعها.

وهذا أيضاً ضعيف ، إذ لو اريد بذلك أنّ السيرة المذكورة تكشف عن ثبوت ذلك في تلك الأراضي من الصدر الأوّل من غير نكير وإلّا لنقله أرباب التواريخ لكثرة اعتنائهم بنقل هذه الامور ، ففيه منع الكشف عن ذلك ، لعدم قضاء العادة بحصول نكير في مثل ذلك ، ولا بنقل المؤرّخين له على تقدير حصوله. أمّا الأوّل : فلجواز كون عدم النكير على السلاطين فيما أحدثوه من ضرب الخراج والمقاسمة على الأرض الغير الخراجيّة لضرب من الخوف والتقيّة. وأمّا الثاني : فلجواز عدم اطّلاع أهل التواريخ على ما أحدثوه ظلماً خصوصاً مع تأخّر زمانهم ، أو بناء عدم تعرّضهم على تقدير الاطّلاع على ضرب من الخوف أيضاً سيّما مع أنّ كثيراً منهم ألّفوا كتبهم لسلاطينهم.

ولو اريد به توسيط أصالة الصحّة في فعل المسلم لكون السلاطين من زمرة المسلمين ، فيحمل فعلهم في ضرب الخراج والمقاسمة على هذه الأراضي على الصحّة المقتضية لكونها خراجيّة ، ففيه ـ مع أنّ أصالة الصحّة على تقدير جريانها لا يثبت بها الموضوع ، وأنّها لا تجري في أفعال المخالفين والغالب من السلاطين من أهل الخلاف ـ : أنّه [إن] اريد بالصحّة المطلوبة من هذا الأصل الصحّة التكليفيّة أعني الجواز والإباحة قبالاً للحرمة ، ففيه أنّ حرمة تصرّفات الجائر حتّى في أخذ الخراج والمقاسمة فيما تحقّق كونه خراجيّاً مفروغ عنها ، فكيف بالمشتبه المحتمل كونه ملكاً لأربابه لعدم استحقاقه وكونه غاصباً في سلطنته.

وإن اريد بها الصحّة الوضعيّة أعني نفوذ هذه التصرّفات بالقياس إلى غيرهم إذا كان من الشيعة الّذي من آثاره بالنسبة إلى مستعملي الأرض براءة ذمّته عمّا دفعه إلى الجائر من الخراج والمقاسمة ، وبالنسبة إلى من يأخذ شيئاً منهما من الجائر مجّاناً أو معاوضة حلّ الأخذ وجوازه. ففيه منع جريانه لوجهين :

الأوّل : أنّ السلطان الضارب للخراج والمقاسمة الآخذ لهما على الأراضي المشتبهة إن كان من المخالفين فلا يجري في أفعاله أصالة الصحّة بالذات لما حقّق في مباحث ذلك الأصل من عدم جريانه في أفعال أهل الخلاف ، وإن كان من المؤمنين فالصحّة الوضعيّة

٤٦٢

في فعله هذا مفروض الانتفاء في الأرض الخراجيّة المحقّقة فكيف بالمشتبه ، لما تقدّم من عدم ثبوت إمضاء الأئمّة عليهم‌السلام لتصرّفات سلاطين الشيعة الّذي عليه مدار نفوذها.

الثاني : أنّ من شروط جريان هذا الأصل عدم رجوع الشكّ في صحّة الفعل الصادر من المسلم وفساده إلى الموضوع والشكّ هنا باعتبار اشتباه الموضوع ، ونفوذ تصرّفات الجائر إنّما ثبت بإمضاء الأئمّة وهو مقصور على الأرض الخراجيّة ، وهذه الأراضي غير معلوم كونها منها فلا يعلم شمول إمضاء الأئمّة عليهم‌السلام لها وعدمه فتأمّل ، فلا بدّ في الموارد المشتبهة من الرجوع إلى الأصل.

وقد يقرّر ذلك الأصل بأصالة عدم الفتح عنوةً.

ويمكن الخدشة فيه بمعارضة تأخّر إسلام الأهل عن الصدر الأوّل إلى زمان تيقّن تحقّقه فيه ، إلّا أن يدفع بعدم لزوم الفتح عنوة لتأخّر إسلام الأهل وعدم منافاته لحدوث الإسلام في زمن الفتح. والأولى أن يقرّر الأصل بأصالة بقاء ملك أهل الأرض وعدم خروجها عن ملكهم وعدم دخولها في ملك المسلمين وعدم تملّكهم لها ، ولا يخدشه كونه من الاصول المثبتة لعدم القصد به إلى إثبات كونها أرضاً أسلم عليها أهلها طوعاً أو أرضاً صولح عليها أهلها على أن تكون لهم أو من أرض الأنفال بل إلى نفي كونها فتحت عنوةً ، ويكفي فيه نفي اللازم بالأصل ، ونفي اللازم يستلزم نفي الملزوم ، لأنّ من لوازم الأرض المفتوحة عنوةً وأحكامها الشرعيّة كونها ملكاً للمسلمين من حين الفتح. نعم ربّما يتعارض ذلك الأصل بأصالة عدم تملّك الإمام عليه‌السلام فيما كان الطرف المقابل كون الأرض ممّا انجلى أهلها.

فلو قيل : بعد تعارض الأصلين الموضوعين وتساقطهما ـ وهما أصالة عدم الفتح عنوة وأصالة عدم انجلاء الأهل ـ لا محلّ لجريان الأصل لأصالة عدم التملّك في الجانبين لأنّ التملّك لازم للفتح عنوة ولانجلاء الأهل ونفي الملزوم بالأصل يستلزم انتفاء اللازم فيهما ، فالأصلان يتساقطان بالقياس إلى كلّ من الملزوم واللازم ، فيبقى استصحاب بقاء ما كان على ما كان وهو ملك الأهل سليماً.

قلنا : هذا الاستصحاب أيضاً في مسألة اشتباه الأرض بين المفتوحة عنوة والمنجلي عنها الأهل غير جارٍ ، لتيقّن انتقاض الحالة السابقة على التقديرين ، والشبهة

٤٦٣

إنّما هو في تملّك المسلمين أو تملّك الإمام عليه‌السلام.

لا يقال : قضيّة بقاء الاشتباه وقوع الشكّ في الحكم من حيث الحلّ والحرمة فيما يؤخذ من الجائر من مال الخراج والمقاسمة المأخوذين على هذه الأرض المشتبهة الحال وأصل الإباحة وأصالة البراءة عن وجوب الاجتناب يقتضيان الحلّ وجواز الأخذ والأكل ، لأنّ الحلّ على ما تقدّم منوط بإذن الأئمّة وإمضائهم عليهم‌السلام والأصل عدم صدوره منهم عليهم‌السلام بالقياس إلى محلّ الاشتباه ، وهذا بالقياس إلى الأصلين أصل موضوعي وارد عليهما ، فعدم ثبوت كون محلّ الاشتباه من المفتوحة عنوةً أو من مطلق الأرض الخراجيّة ولو لعدم جريان أصل من الاصول فيه كافٍ في عدم حلّ الأخذ من الجائر مجّاناً أو معاوضة كما هو قضيّة الاشتراط بالشرط الأوّل.

وقد سبق إلى الوهم أنّ التكلّم في تأسيس الأصل في محلّ الاشتباه قليل الجدوى ، لأنّه إن كان تحت يد المسلمين وهم يتصرّفون فيه تصرّف المالكيّة فأصالة الصحّة في تصرّفاتهم مع قاعدة اليد ترفعان الاشتباه ، وإن لم يكن تحت يدهم بأن كان الأرض مواتاً بالموت الطارئ على حال كونها محياة نظراً إلى أنّها لو كانت في تلك الحال ملكاً للمسلمين لم تخرج عن ملكهم بالموت ، فهذا مع ندرته خارج عن محلّ البحث لانتفاء الخراج والمقاسمة في نحو ذلك ، فلا يبقى محلّ للتكلّم في إحراز شرط ترتّب الأحكام المتقدّمة للأرض الخراجيّة. نعم ربّما يتكلّم في نحو ذلك في إفادة الإحياء الملك لمن يريد إحياءها فتأمّل.

الشرط الثاني : أن يكون الفتح فيما ثبت كونها فتحت عنوةً بإذن الإمام عليه‌السلام لأنّه لو لا بإذن الإمام عليه‌السلام كان المفتوح من الأنفال المختصّة بالإمام على المشهور بين الأصحاب المصرّح به في كلامهم بلا نقل خلاف فيه ، وعن المجمع (١) أنّه كاد يكون إجماعاً ، وعن المبسوط (٢) نسبته إلى رواية أصحابنا وكأنّه أراد بالرواية مرسلة العبّاس الورّاق عن رجل سمّاه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «إذا غزا قوم بغير إذن الإمام فغنموا كانت الغنيمة كلّها للإمام ، وإذا غزوا بأمر الإمام فغنموا كان للإمام الخمس» (٣) وعن

__________________

(١) مجمع الفائدة ٧ : ٤٧٣.

(٢) المبسوط ٢ : ٣٤ ، نقلاً بالمعنى.

(٣) الوسائل ٩ : ٥٢٩ / ١٦ ، ب ١ الأنفال ، التهذيب ٤ : ١٣٥ / ٣٧٨.

٤٦٤

المبسوط و «على هذه الرواية يكون جميع ما فتحت بعد النبيّ إلّا ما فتحت في زمان الوصيّ من مال الإمام عليه‌السلام وعلى هذا فلو شكّ في أرض فتحت عنوة في كون فتحها بإذن الإمام وعدمه فالأصل يقتضي العدم مضافاً إلى أصالة عدم تملّك المسلمين إيّاها.

الشرط الثالث : كون المفتوحة عنوة بإذن الإمام عامرة أي محياة في وقت الفتح ليدخل في ملك المسلمين بعد إخراج خمسه لكونها حينئذٍ من الغنائم ، فإنّها إن كانت غامرة أي مواتاً حال الفتح كانت للإمام لكونها من الأنفال على المشهور المصرّح به في كلامهم من غير خلاف يظهر ، وقيل بل المتّفق عليه المصرّح به كما عن الكفاية (١) ومحكيّ التذكرة (٢) ، وعلى هذا فلو شكّ في حياتها حال الفتح كان أصالة عدم ملك المسلمين مقتضياً للعدم ، مضافاً إلى أصالة تأخّر الحادث فإنّ الحياة أمر حادث يشكّ في بدو زمان حدوثها هل هو قبل الفتح أو بعده.

فقد ظهر بجميع ما قرّرناه في ذكر الشروط الثلاث أنّ الاشتباه في كون الأرض خراجيّة ليترتّب عليها الأحكام المتقدّمة قد يحصل للشكّ في كونها فتحت عنوة أو صلحاً ، وقد يحصل بعد ثبوت الفتح عنوة للشكّ في كون فتحها بإذن الإمام أو لا ، وقد يحصل بعد ثبوت الأمرين للشكّ في كونها حال الفتح معمورة أو خربة ، وقد عرفت أنّ الأصل في جميع هذه المراتب يقتضي العدم والبناء على عدم كونها خراجيّة ، ولا يخرج عن الأصل فيها إلّا بما يوجب علماً عقليّاً أو شرعيّاً ، ومن العلم الشرعي جملة من الروايات المأثورة عن أهل بيت العصمة في بعض مصاديق هذا العنوان الّتي منها مكّة المعظّمة ، ففي خبر صفوان بن يحيى وأحمد بن محمّد بن أبي نصر قال عليه‌السلام : «إنّ أهل الطائف أسلموا وجعلوا عليهم العشر ونصف العشر ، وأنّ مكّة دخلها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عنوة ، وكانوا اسراء في يده فأعتقهم ، وقال : اذهبوا فأنتم طلقاء» (٣).

والرواية وإن ضعف سندها بجهالة بعض رجاله ، غير أنّ الظاهر عدم الإشكال لأحد في هذا الموضوع ، ولذا ذكر في مفتاح الكرامة «أنّ كون مكّة مفتوحة عنوة هو الظاهر من المذهب كما قاله الشيخ في المبسوط (٤) وجماعة (٥) وفي

__________________

(١) الكفاية : ٢٣٩.

(٢) التذكرة ٢ : ٤٠٢.

(٣) البحار ١٩ : ١٨٠ / ٢٩.

(٤) المبسوط ٢ : ٣٣.

(٥) كما في التذكرة ٩ : ١٨٨ ، المسالك ٣ : ٥٤.

٤٦٥

الخلاف (١) الإجماع عليه» (٢).

ومنها : سواد العراق ، ففي صحيح محمّد الحلبي قال : «سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن السواد ما منزلته؟ قال : هو لجميع المسلمين لمن هو اليوم ، ولمن يدخل في الإسلام بعد اليوم ، ولمن لم يخلق بعد ، فقلت : الشراء من الدهاقين؟ قال : لا يصلح إلّا أن يشتري منهم على أن يصيّرها للمسلمين فإذا شاء وليّ الأمر أن يأخذها أخذها ، قلت : فإن أخذها منه ، قال : يردّ عليه رأس ماله وله ما أكل من غلّتها بما عمل» (٣).

ورواية أبي الربيع الشامي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «لا تشتر من أرض السواد شيئاً إلّا من كانت له ذمّة فإنّما هو في‌ء للمسلمين» (٤).

وصحيح عبد الرحمن بن الحجّاج قال : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عمّا اختلف فيه ابن أبي ليلى وابن شبرمة في السواد وأرضه؟ فقلت : إنّ ابن أبي ليلى قال : إنّهم إذا أسلموا فهم أحرار وما في أيديهم من أرضهم لهم ، وأمّا ابن شبرمة فزعم أنّهم عبيد ، وأنّ أرضهم الّتي بأيديهم ليست لهم ، فقال : في الأرض ما قال ابن شبرمة ، وقال : في الرجال ما قال ابن أبي ليلى إنّهم إذا أسلموا فهم أحرار» (٥) الخ.

وأمّا الموضوع وتحديده فقال في مفتاح الكرامة : «وسواد العراق كما ذكره الأصحاب (٦) وغيرهم من العامّة (٧) في أبواب شتّى كباب الزكاة والجهاد والخمس والبيع والرهن هو ما بين عبّادان والموصل طولاً إلى ساحل البحر وقيّده بعضهم بكونه من شرقي دجلة قال : وأمّا الغربي الّذي يليه البصرة فإنّه إسلامي مثل شطّ عثمان بن أبي العاص فإنّ أرضه كانت مواتاً فأحياها عثمان بن أبي العاص ، وما بين طريق القادسيّة المتّصل بعذيب من أرض العرب ومنقطع جبال حلوان عرضاً ، وسمّيت سواداً

__________________

(١) الخلاف ٣ : ١٨٨ ، المسألة ٣١٦.

(٢) مفتاح الكرامة ١٣ : ١٠٣.

(٣) الوسائل ١٧ : ٣٦٩ / ٤ ، ب ٢١ عقد البيع ، التهذيب ٧ : ١٤٧ / ٦٥٢.

(٤) الوسائل ١٧ : ٣٦٩ / ٥ ، ب ٢١ عقد البيع ، التهذيب ٧ : ١٤٧ / ٦٥٣.

(٥) الوسائل ٢٥ : ٤١٧ / ٣ ، ب ٤ إحياء الموات : التهذيب ٧ : ١٥٥ / ٦٨٤.

(٦) كما في المبسوط ٢ : ٣٣ ، التذكرة ٩ : ١٨٩ ، الحدائق ١٨ : ٣١٠.

(٧) الحاوي الكبير ١٤ : ٢٥٦ باب فتح السواد.

٤٦٦

لأنّ الجيش لمّا خرجوا من البادية رأوا هذه الأرض والتفاف أشجارها فسمّوها سواداً لذلك» (١) انتهى.

وظاهر الأخبار المتقدّمة كما ترى تملّك المسلمين لجميع أرض العراق المسمّى بأرض السواد من غير تقييد بالعامر قيل : وينزّل ذلك على أنّ كلّها كانت عامرة حال الفتح ، ويؤيّده أنّهم ضبطوا أرض الخراج كما في المنتهى (٢) وغيره (٣) بعد المساحة بستّة أو اثنين وثلاثين ألف ألف جريب.

أقول : ويؤيّده أيضاً ما قيل من أنّ هذه الأرض لمّا فتحت أرسل إليها عمر بن الخطّاب ثلاثة أنفس ، عمّار بن ياسر على صلاتهم أميراً ، وابن مسعود قاضياً ووالياً على بيت المال ، وعثمان بن حنيف على مساحة الأرض ، وفرض لهم كلّ يوم شاة شطرها مع السواقط لعمّار وشطرها للآخرين ، وقال ما أرى قرية يؤخذ منها كلّ يوم شاة إلّا سريع خرابها ، ومسح عثمان بن حنيف أرض الخراج فقيل : اثنان وثلاثون ألف ألف جريب ، وقيل : ستّة وثلاثون ألف ألف جريب ، ثمّ ضرب على كلّ جريب نخل عشرة دراهم ، وعلى الكرم ثمانية دراهم ، وعلى جريب الشجر والرطبة ستّة دراهم ، وعلى الحنطة أربعة دراهم ، وعلى الشعير درهمين ، ثمّ كتب بذلك إلى عمر فأمضاه.

وروي أنّ ارتفاعها كان في عهد عمر مائة وستّين ألف ألف درهم ... إلى آخر ما ذكر. نعم ما تقدّم من التقييد بشرقي دجلة كون الغربي منه مواتاً حال الفتح بل هو المصرّح به في كلام البعض الّذي هو العلّامة في كتبه ظاهراً لما حكي عنه من قوله : «من شرقي دجلة فأمّا الغربي الّذي يليه البصرة فإنّما هو إسلامي مثل شطّ عثمان بن أبي العاص وما والاها كانت مواتاً فأحياها عثمان».

وأمّا توهّم الموت في غير ما ذكر من البلاد المحدث بالعراق مثل البغداد والكوفة والحلّة والمشاهد المشرّفة تعليلاً بكونها إسلاميّة بناها المسلمون ولم تفتح عنوة ولم يثبت أنّ أرضها يملكها المسلمون بالاستغنام والّتي فتحت عنوة واخذت من الكفّار قهراً قد انهدمت ، فيدفعه ما قيل من أنّ المفتوحة عنوة لا تختصّ بالأبنية حتّى يقال إنّها

__________________

(١) مفتاح الكرامة ١٣ : ٧٣ ـ ٧٤.

(٢) المنتهى ٢ : ٩٣٧.

(٣) المبسوط ٢ : ٣٤.

٤٦٧

انهدمت ، فإذا كانت البلاد المذكورة وما يتبعها من قراها غير مفتوحة عنوة فأين أرض العراق المفتوحة عنوة المقدّر بستّة وثلاثين ألف ألف جريب ، وأيضاً من البعيد عادةً أن يكون بلد المدائن على طرف العراق بحيث يكون الخارج ممّا يليه البلاد المذكورة مواتاً غير معمورة وقت الفتح.

هذا كلّه فيما يتعلّق بتحقّق الشرط الثالث في سواد العراق المفروض كونها فتحت عنوة. وأمّا يتعلّق بتحقّق الشرط الثاني أعني كون الفتح بإذن الإمام فقيل كما في الكفاية «الظاهر أنّ الفتوح الّتي وقعت في زمن عمر كان بإذن أمير المؤمنين عليه‌السلام لأنّ عمر كان يشاور الصحابة خصوصاً أمير المؤمنين عليه‌السلام في تدبير الحروب وغيرها ، وكان لا يصدر إلّا عن رأيه عليه‌السلام والنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخبر بالفتوح وغلبة المسلمين على أهل الفرس والروم ، وقبول سلمان تولية المدائن وعمّار أمارة العساكر مع ما روي فيهما قرينة على ما ذكرنا» (١) انتهى.

وقيل أيضاً : والظاهر أنّ أرض العراق مفتوحة بالإذن كما يكشف عن ذلك ما دلّ على أنّها للمسلمين (٢) وأمّا غيرها ممّا فتحت في زمان خلافة الثاني وهي أغلب ما فتحت فظاهر بعض الأخبار كون ذلك أيضاً بإذن مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام وأمره كالمرويّ عن الخصال بسنده عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليه‌السلام «أنّه أتى يهودي أمير المؤمنين عليه‌السلام في منصرفه عن وقعة نهروان فسأله عن المواطن الّتي يمتحن الله أوصياء الأنبياء حيث روي أنّه تعالى يمتحنهم في حياة الأنبياء في سبعة مواطن ، وبعد وفاتهم في سبعة مواطن ، فإنّ فيه قوله عليه‌السلام وأمّا الرابعة يعني من المواطن الممتحن بها بعد النبيّ فإنّ القائم بعد صاحبه يعني عمر بعد أبي بكر كان يشاورني في موارد الامور فيصدرها عن أمري ويناظرني في غوامضها فيمضيها عن رأيي لا أعلمه أحداً ولا يعلمه أصحابي ولا يناظرني غيره» (٣) الخبر.

__________________

(١) كفاية الأحكام : ٢٣٩.

(٢) الوسائل ١٧ : ٣٦٩ / ٤ و ٥ ، باب ٢١ عقد البيع ، التهذيب ٧ : ١٤٧ / ٦٥٢ و ٦٥٣.

(٣) الخصال : ٣٧٤ / ٥٨ ، ب السبعة.

٤٦٨

ولا ريب أنّ الخروج إلى الكفّار ودعاءهم إلى الإسلام يدخل في عموم «الامور» بل هو من أعظمها ، هذا مع ما اشتهر من حضور أبي محمّد الحسن المجتبى عليه‌السلام في بعض الغزوات (١) ودخول بعض خواصّ أمير المؤمنين عليه‌السلام من الصحابة كعمّار في أمرهم (٢) مع إمكان استفادة العلم من جهة شاهد الحال برضا أمير المؤمنين عليه‌السلام بل سائر الأئمّة عليهم‌السلام بالفتوحات الإسلاميّة الموجبة لتأيّد هذا الدين ، مع ما ورد من «أنّ الله تعالى يؤيّد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم منه» (٣).

وقد يقال : إنّ ظاهر صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «سألته عن سيرة الإمام عليه‌السلام في الأرض الّتي فتحت بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ فقال : إنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام قد سار في أهل العراق بسيرة فهي إمام لسائر الأرضين ...» (٤) الخ إنّ سائر الأرضين المفتوحة بعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حكمها حكم أرض العراق.

ثمّ إنّك قد سمعت سابقاً عند الإشارة إلى أقسام الأرضين حسبما ذكره مفتاح الكرامة أنّهم مثّلوا للأراضي المفتوحة عنوة بسواد العراق وبلاد خراسان والشام ومكّة المشرّفة ، وقد سمعت أيضاً ما يتعلّق بمكّة وما يتعلّق بسواد العراق من النصوص ، ولم نقف في الشام وبلاد خراسان على نصّ يدلّ على الفتح عنوة فيهما ولا على تحديد لهما ، بل في مفتاح الكرامة أنّه لم يذكر تحديد للشام ، نعم قال قبيل ذلك : «وأمّا خراسان فمن أقصاها إلى كرمان وخوزستان وهمدان وقزوين» (٥) انتهى. وإن كان ذلك لا يخلو عن مناقشة لقضائه بأن يدخل في خراسان من البلاد ما ليس بداخل فيها قطعاً كأرض قم وساوة والري لدخولها في التحديد ، ويمكن التوجيه بأنّه تحديد لبلاد خراسان لا من حيث الاسم بل من حيث صفة المفتوحيّة عنوة ، فيعمّ ما ذكر إذا لم يعلم بطلان الفتح عنوة في البلاد المذكورة بل نقل ذلك في خصوص الري أيضاً بل في

__________________

(١) تاريخ الطبري ٣ : ٣٢٣ ، الكامل في التاريخ ٣ : ١٠٩.

(٢) اسد الغابة ٤ : ٤٦.

(٣) الوسائل ١٥ : ٤٠ / ١ ، ب ٩ أبواب جهاد العدوّ ، التهذيب ٦ : ١٢٧ / ٢٢٤.

(٤) الوسائل ١٥ : ١٥٣ / ٢ ، ب ٦٩ أبواب جهاد العدوّ ، التهذيب ٤ : ١١٨ / ٣٤٠.

(٥) مفتاح الكرامة ١٣ : ٧٤.

٤٦٩

مفتاح الكرامة «أنّه قيل إنّ أكثر بلاد الإسلام فتحت عنوة» وعلى التوجيه المذكور فالتحديد المذكور ربّما يوهم كون كرمان وخوزستان وهمدان وقزوين أيضاً من المفتوحة عنوة بناءً على إرادة دخول الغاية في المغيّا.

تتمّة : في كلام غير واحد أنّه ليس للخراج الّذي يتعلّق بالأراضي الخراجيّة قدر معيّن ، بل المعيار فيه ما وقع عليه التراضي من السلطان ومستعمل الأرض ، بل نسب ذلك إلى ظاهر الأصحاب ، وعلّل بأنّ الخراج هي اجرة أرض المسلمين فينوط برضى الموجر والمستأجر ، ويدلّ عليه المرويّ من قول أبي الحسن عليه‌السلام في مرسلة حمّاد بن عيسى «والأرض الّتي اخذت عنوة بخيل وركاب فهي موقوفة متروكة في يد من يعمرها ويحييها على صلح ما يصالحهم الوالي على قدر طاقتهم من الخراج النصف أو الثلث أو الثلثان ، وعلى قدر ما يكون لهم صالحاً ولا يضرّ بهم ...» (١) الحديث. وحكي عن بعض «أنّه يشترط فيه أن لا يزيد على ما كان يأخذه المتولّي له وهو الإمام العادل إلّا برضاه أي مستعمل الأرض» (٢).

وقد يفصل بأنّ مستعمل الأرض بالزرع والغرس إن كان مختاراً في استعمالها فمقاطعة الخراج والمقاسمة باختياره واختيار الجائر فإذا تراضيا على شي‌ء فهو الحقّ قليلاً كان أو كثيراً ، وإن كان لا بدّ له من استعمالها لأنّها كانت مزرعة له من مدّة سنين ويتضرّر بالارتحال عن تلك القرية إلى غيرها ، فالمناط ما ذكره الإمام عليه‌السلام في المرسلة من عدم كون المضروب عليهم مضرّاً بأن لا يبقى لهم بعد أداء الخراج ما يكون بإزاء ما أنفقوا على الزرع من المال وبذلوا له من أبدانهم الأعمال ، وعلى كلّ تقدير فلو اتّفق أنّ أحداً استعمل الأرض قبل مقاطعة الخراج تعيّن عليه اجرة المثل وهي مضبوطة عند أهل الخبرة. ثمّ إنّ المراد من الخراج هنا ما يعمّ المقاسمة وهي الحصّة المقاطع عليها من حاصلها كما يظهر ذلك عن المرسلة ، هذا.

__________________

(١) الوسائل ١٥ : ١١٠ / ٢ ، ب ٤١ جهاد العدوّ.

(٢) حكاه في مفتاح الكرامة عن السيّد عميد الدين ١٣ : ٨٩ ـ ٩٠.

٤٧٠

كتاب البيع

٤٧١

كتاب البيع

وليعلم أنّ البيع في الأصل على ما عن المصباح المنير «مبادلة مال بمال» (١) وظاهره اعتبار كون كلّ من العوضين عيناً لظهور المال في العين شخصيّة كانت أو كلّيّة في الذمّة أو في الخارج كصاع من الصبرة الموجودة مثلاً ، كما يقتضيه ما في المجمع من «أنّ المال في الأصل الملك من الذهب والفضّة ، ثمّ اطلق على كلّ ما يقتنى ويملك من الأعيان ، وأكثر ما يطلق عند العرب على الإبل لأنّها كانت أكثر أموالهم» (٢).

ولا إشكال بل لا خلاف فيه بالقياس إلى المبيع المعبّر عنه بالمثمن وهو ما يضاف من المال إلى البائع ، وعليه جرى اصطلاح الفقهاء حتّى قالوا من غير خلاف «أنّ البيع لنقل الأعيان قبالاً للإجارة الّتي هي لنقل المنافع». وأمّا ما في كلام بعضهم «من بيع خدمة العبد» كما عن الشيخ في المبسوط (٣) وما في بعض الأخبار (٤) «من بيع سكنى الدار» كما في رواية إسحاق بن عمّار ، فهو لضرب من المجاز لا على الحقيقة.

وأمّا الثمن وهو ما يضاف من العوضين إلى المشتري ، وهو من يصدر منه القبول قبالاً للبائع الّذي هو من يصدر منه الإيجاب. وقد يفرّق بينهما بكون سلعة المشتري في الصيغة المشتملة على الإيجاب والقبول مقرونة بالباء ، كما ذكر ذلك في بيع الحيوان الموجب لخيار ثلاثة أيّام للمشتري على المشهور ، فرقاً بينه وبين البائع الّذي لا خيار له مطلقاً حتّى في مسألة ما لو وقعت المبايعة بين حيوانين.

__________________

(١) مصباح المنير : ٦٩ ، مادّة «بيع».

(٢) مجمع البحرين ٥ : ٤٧٥.

(٣) المبسوط ٦ : ١٧٢.

(٤) الوسائل ١٧ : ٣٣٥ / ٥ ، ب الأوّل من أبواب عقد البيع وشروطه ، التهذيب ٧ : ٠. ١٣ / ٥٧١

٤٧٢

وأمّا ما قد يورد عليه من أنّه غير مطّرد لانتقاضه ببيع السلف كأن يقول أسلفتك المبلغ الفلاني في الحنطة الموصوفة مؤجّلة إلى شهر تؤدّيها عند رأس الأجل ، فيدفعه بابتناء ما ذكر على الغالب فلا إشكال بل لا خلاف أيضاً في جواز كونه عيناً بل هو الغالب وقوعه في الخارج.

وأمّا المنافع فجواز وقوعها ثمناً في البيع هو المصرّح به في التذكرة (١) والقواعد (٢) وجامع المقاصد (٣) وعليه جماعة من مشايخنا (٤) قدّس الله أرواحهم ، وقبلهم الشيخ في شرحه للقواعد (٥) وفي كلام بعض مشايخنا «أنّه لا يبعد عدم الخلاف فيه» ويظهر ذلك أيضاً من كلّ من عبّر من الفقهاء عن الثمن بالعوض خصوصاً في أكثر حدود البيع لتناول العوض بعموم مفهومه المنافع أيضاً ، وهو ظاهر من فسّره بمطلق المقابل أيضاً كما عن المصابيح (٦). وهو الأقوى عملاً بصدق اسم البيع مع عوضيّة المنفعة وإطلاق الأدلّة والفتاوي.

خلافاً لما عن بعض المتأخّرين من اعتبار العينيّة في العوضين معاً وهو ظاهر المستند (٧) أيضاً حيث جعل من شرائط العوضين «كونهما عينين» ولعلّ مستنده ما سمعت عن المصباح المنير مع ما في كلام الأصحاب من أنّ البيع لنقل الأعيان ، والأوّل ممّا لا يمكن الوثوق عليه لتفرّده وإعراض الأكثر من أهل اللغة عنه ، والثاني منزّل على المبيع كما يكشف عنه وقوع العين اجرة في الإجارة بل هو الغالب فيها ، مع أنّهم قالوا فيها أنّها لنقل المنافع ، وهذا أقوى شاهد بكون نظرهم في المقامين إلى المعوّض لا ما يعمّه والعوض.

وأمّا الحقوق ففي وقوعها ثمناً خلاف ، فعن شرح (٨) القواعد اعتبار عدم كونه ثمناً ، ومن مشايخنا من منع اعتبار ذلك تعليلاً «بإطلاق الأدلّة والفتاوى المقتضي لكون البيع كالصلح الّذي لا إشكال في وقوعه على الحقوق ، فلا يبعد صحّة وقوعها ثمناً في البيع

__________________

(١) التذكرة ١٠ : ٣٥.

(٢) القواعد ٢ : ٢٢ و ٢٨٤.

(٣) جامع المقاصد ٧ : ١٠٣.

(٤) الجواهر ٢٢ : ٢٠٩ ، المكاسب ٣ : ٨.

(٥) شرح القواعد ٢ : ١١.

(٦) المصابيح : ٣٥.

(٧) المستند ١٤ : ٣٠٦.

(٨) شرح القواعد ٢ : ١١.

٤٧٣

وغيره ، من غير فرق بين اقتضاء ذلك سقوطها كبيع العين بحقّ الخيار أو الشفعة على معنى سقوطهما ، وبين اقتضائه نقلها كحقّ التحجير ونحوه» (١).

بل جزم به بعض معاصريه من مشايخنا أيضاً فقال ـ عند قراءتنا عليه ـ : «إنّ العوض في البيع بعد ثبوت اعتبار كونه دنيويّاً لا فرق فيه بين أن يكون عيناً أو منفعة أو حقّاً ، ولا في الحقّ بين كونه نقليّاً كقوله بعتك هذا بحقّ تحجيرك فينتقل حقّ التحجير إلى البائع ، أو إسقاطيّاً كقولك بعت هذا بحقّ شفعتك في هذه الدار فيسقط الشفعة لصدق البيع مع الجميع وإن فسّرناه بمبادلة مال بمال لصدق المال على المنفعة والحقّ أيضاً ، فإنّه عبارة عمّا يبذل في مقابله المال ، والمنفعة والحقّ أيضاً يبذل في مقابلهما المال».

ومن مشايخنا أيضاً من فصّل بين ما لا يقبل النقل إلى الغير كحقّ الرجوع في الطلاق وحقّي الخيار والشفعة فلا إشكال في عدم الصحّة لأنّ البيع تمليك والإسقاط ليس تمليكاً ، وما يقبله «كحقّ التحجير ونحوه ففي جواز وقوعه عوضاً للبيع إشكال من أخذ المال في عوضي المبايعة لغة وعرفاً مع ظهور كلمات الفقهاء ـ عند التعرّض لشروط العوضين ولما يصحّ أن يكون اجرة في الإجارة ـ في حصر الثمن في المال» (٢).

أقول : هذا ينتقض بالمنفعة الّتي نفى الإشكال عن جواز وقوعها ثمناً ، ولو بنى ذلك على تفسير الثمن بالعوض أو مطلق المقابل أو ما يستحقّ به المال أو ما يبذل بإزائه المال لجرى الجميع في الحقّ المقابل للنقل.

ونقض الأوّل أيضاً ببيع الدين على من هو عليه بعين معلومة ، لاقتضائه الإسقاط ولو باعتبار أنّ الإنسان لا يملك على نفسه ما يملكه غيره عليه ، وهذا بعينه يجري في حقّ الخيار والشفعة. ودفع بأنّه لا مانع من كون بيع الدين على من هو عليه تمليكاً فيسقط ، ولذا جعل الشهيد في قواعده (٣) «الإبراء» مردّداً بين الإسقاط والتمليك. وحاصل الدفع : أنّه ممّا يعقل أن يكون الإنسان مالكاً لما في ذمّته فيؤثّر تمليكه السقوط ، ولا يعقل أن يتسلّط على نفسه ، والسرّ في الفرق أنّ الحقّ سلطنة فعليّة لا يعقل قيام طرفيها لشخص واحد ، بخلاف الملك فإنّه نسبة بين المالك والمملوك ولا يحتاج

__________________

(١) الجواهر ٢٢ : ٢٠٩.

(٢) المكاسب ٣ : ٩.

(٣) القواعد والفوائد ١ : ٢٩١.

٤٧٤

إلى من يملك عليه حتّى يستحيل اتّحاد المالك والمملوك عليه.

وتحقيق المقام : أنّ معيار المسألة صدق البيع بمعناه العرفي الّذي سنذكره مع مقابلة الحقّ للعين مطلقاً أو في الجملة وعدمه ، والظاهر صدقه عرفاً على ما لو قال : بعتك هذا بحقّ تحجيرك أو بحقّ رجوعك أو حقّ خيارك أو حقّ شفعتك أو نحوه ، ولذا لا يصحّ تكذيبه بأن يقال : ما بعته ، ولا سلب البيع عن تمليكه في مقابل ما ذكر من الحقوق لمكان كلمة الباء المفيدة للمقابلة المقتضية للعوضيّة الصادقة على الحقّ وإن كان أثرها السقوط في البعض والانتقال إلى البائع في البعض.

ودعوى كون البيع تمليكاً إن اريد بالقياس إلى المبيع فهو حاصل في المقام ، وإن اريد بالقياس إلى كلّ من العوضين فهو في جميع فروض العوض محلّ منع ، كالمنع من دعوى أخذ المال في عوضي المبايعة عرفاً ولغة ، أمّا في الأوّل فلما عرفت من عدم صحّة التكذيب وسلب الاسم عرفاً ، وأمّا في الثاني فلعدم شاهد عليه من كلام أهل اللغة عدا ما تقدّم عن المصباح المنير ، ولقد عرفت ما فيه مع قوّة احتمال بنائه على الغالب في العوضين من كونها مالين.

ثمّ إنّ البيع يطلق على معان :

أحدها : المعاملة المتقوّمة بالمتبايعين المنحلّة إلى فعل البائع وفعل المشتري المعبّر عنهما في الفارسيّة بـ «فروختن وخريدن».

وقد يقال : إنّ هذا عرف خاصّ واصطلاح مخصوص للفقهاء يذكرونه في سلك سائر العقود ويعدّونه في عدادها ، ومن موارد إطلاقه عليه قولهم باب البيع أو كتاب البيع كما يقولون باب الإجارة وباب الصلح ونحوه ، ولم يوجد الإطلاق عليه في خطابات الشرع كتاباً وسنّة.

ويمكن الخدشة فيه بمنع الإنكار المذكور ، لجواز كون ما في قوله تعالى : «فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ» (١) وما في قوله تعالى أيضاً : «رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ» (٢) من هذا الباب.

__________________

(١) الجمعة : ٩.

(٢) النور : ٣٧.

٤٧٥

أمّا الأوّل فلوضوح عدم اختصاص النهي عن البيع وقت النداء بالبائع فقط بل يعمّه والمشتري أيضاً ، فوجب أن يكون المراد بالبيع هنا المعاملة المذكورة المنحلّة إلى فعليهما فينحلّ النهي عنه أيضاً إلى نهي كلّ منهما عن فعله.

وأمّا الثاني فلوضوح أنّ مدح عدم الإلهاء عن ذكر الله حال التشاغل بالبيع أو الاشتراء لا يختصّ بالبائع بل يعمّ المشتري أيضاً ، حيث كان اشتراؤه لا يلهيه عن ذكر الله ، وذكر البيع عقيب التجارة من باب ذكر الخاصّ بعد العامّ من حيث إنّ التجارة اريد بها المعاملة الاكتسابيّة ، سواء كانت على وجه البيع والشراء أو على وجوه اخر. ولا يذهب عليك أنّ الإطلاق المذكور في الآيتين إنّما هو لضرب من المجاز من باب الاستعمال في القدر المشترك بين فعل البائع وفعل المشتري ، والظاهر كونه من باب الاستعمال في عموم المجاز بناءً على كون البيع حيثما استعمل في فعل المشتري مجازاً ، وظاهر عبارة القاموس كونه من باب الاستعمال في عموم الاشتراك لظهور كلامه في كون البيع من الألفاظ المشتركة بين الضدّين ، لأنّه قال : «باعه يبيعه بيعاً ومبيعاً والقياس مباعاً إذا باعه ، وإذا اشتراه ضدّ وهو مبيع ومبيوع» (١) إلى آخر ما ذكره.

وثانيها : فعل البائع من حيث تعقّبه بفعل المشتري الّذي يراد ذلك من لفظ «بعت» خبراً وإنشاءً ، وإنّما اعتبرنا الحيثيّة لأنّ فعل البائع إن كان نقل ملك العين فلا يصدق بدون الانتقال إلى المشتري المنوط بقبوله لنقل البائع ، وإن كان تمليك العين فلا يصدق بدون تملّك المشتري المنوط بقبوله التمليك ، كالكسر لا يصدق بدون الانكسار ، والإحراق لا يصدق بدون الاحتراق ، والإيجاد لا يصدق بدون الوجود ، وهكذا الإيجاب والوجوب بل كلّ تأثير وأثره المترتّب عليه ، وهذا المعنى هو المعنى العرفي العامّ الكاشف عن اللغة ولا يختصّ بعرف الفقهاء ولا عرف المتشرّعة ولا عرف زمان الشارع بل يعمّ غير المتديّنين بشرع الإسلام وأهل زمان الجاهليّة بل الامم السالفة ، فهو من المعنى القديم الّذي أمضاه الشارع غاية الأمر أنّه أضاف إليه في هذا الشرع شروطاً وزوائد اخر ، وهو الّذي ورد على طبقه قوله تعالى : «أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ» (٢) وأخذ عنواناً في

__________________

(١) البقرة : ٢٧٥.

(٢) البقرة : ٢٧٥.

٤٧٦

أخبار أهل بيت العصمة عليهم‌السلام وهذا هو حقيقة البيع عرفاً ولغة للتبادر واستقراء موارد الاستعمال وغيره.

وثالثها : فعل المشتري من حيث وقوعه عقيب فعل البائع ، وعليه ينطبق ما في قوله عليه‌السلام : «البيّعان بالخيار ما لم يفترقا» (١) فإنّ البيع أصله البائع وقد اطلق بحكم التثنية على ما يعمّ المشتري فيكون المراد من المادّة فيما اطلق عليه فعله الّذي يتأتّى منه. وقضيّة ظاهر كلام القاموس كونه فيه أيضاً حقيقة فيكون البيّعان كالعينين ، وعلى ما بيّناه يكون مجازاً فيكون البيّعان كالقمرين. وينبغي القطع بعدم كون هذا المعنى مراداً في محلّ البحث لوضوح عدم كون تعريف البيع باعتبار انتسابه إلى المشتري وإن قلنا بكونه حقيقة فيه أيضاً ، كما أنّه ليس المقصود تعريفه بالمعنى الأوّل لما عرفت من عدم كونه مسمّى البيع على وجه الحقيقة. والمقصود في المقام تعريفه باعتبار مسمّاه الحقيقي عرفاً ولغة ولا يكون إلّا المعنى الثاني ، فإنّ المتبادر من لفظ البيع في جميع تصاريفه الّتي منها مادّة «بعت» خبراً وإنشاءً تمليك العين ، وهو إدخال البائع لها في ملك المشتري ، ويتبادر مع ذلك كونه على وجه التعويض وهو تبديلها ببدل يعطيه المشتري ، فيتبادر منه المجموع من التمليك وكونه على وجه التعويض تبادراً أوّليّاً ، ثمّ ينتقل الذهن من هذا المعنى المتبادر إلى تملّك المشتري لها وانتقالها إليه ، التفاتاً منه إلى أنّ التمليك لا ينفكّ في الوجود عن التملّك ، كما أنّ النقل المرادف له لا ينفكّ عن الانتقال فيكون ذلك أيضاً ممّا يتبادر من اللفظ ولكن تبادراً ثانويّاً على حدّ تبادر سائر المداليل الالتزاميّة.

فالبيع في جميع تصاريفه يدلّ مطابقة على تمليك العين على وجه التعويض فهو معناه الموضوع له بحسب العرف وكذلك اللغة لأصالة عدم النقل ، والتزاماً على التملّك المرادف للانتقال ، والمعنى المطابقي المذكور فعل للبائع من حيث تعقّبه بفعل المشتري على ما بيّنّاه سابقاً ، وهذا الفعل من البائع فعل توليدي يتولّد من فعل علاجي يقال له الفعل المباشري وهو التلفّظ بصيغة «بعت» ونحوها المقرونة بصيغة القبول من المشتري ،

__________________

(١) الوسائل ١٨ : ٥ / ١ و ٢ ، ب ١ من أبواب الخيار ، عوالي الآلي ٣ : ٢٠٩.

٤٧٧

أو الإعطاء والأخذ الواقع بين شخصين في العوضين بقصد إنشاء التمليك من أحدهما وقبوله من الآخر كما في المعاطاة على القول بكونها بيعاً وفي حكمها إشارة الأخرس.

فلا يصحّ تعريفه بالإيجاب والقبول كما في النافع (١) حيث عرّفه بالإيجاب والقبول اللّذان ينتقل بهما العين المملوكة من مالك إلى غيره بعوض مقدّر ، والدروس (٢) حيث عرّفه بالإيجاب والقبول من الكاملين الدالّان على نقل العين بعوض مقدّر مع التراضي ، لأنّ تعريف البيع بالإيجاب والقبول تسمية للسبب باسم المسبّب لا أنّه تعريف للمسبّب ، والمقصود تعريف المسبّب لا السبب لأنّ البيع اسم للمسبّب لا للسبب.

ولا تعريفه بأنّه عقد يدلّ على انتقال عين أو ما في حكمها من شخص إلى غيره بعوض مقدّر على جهة التراضي كما عن الوسيلة (٣) لأنّ العقد عندهم عبارة عن مجموع الإيجاب والقبول ، وقد عرفت ما في التعريف بهما مضافاً إلى انتقاض العكس في الجميع بالمعاطاة على القول بكونها بيعاً.

ولا بانتقال عين مملوكة من شخص إلى غيره بعوض مقدّر على وجه التراضي كما عن المبسوط (٤) والحلّي في السرائر (٥) والعلّامة في جملة من كتبه (٦) من غير اختلاف بينها في ألفاظ التعريف إلّا يسيراً ، لأنّ الانتقال على ما بيّنّاه لازم معنى البيع والمقصود تعريف الملزوم لا اللازم. ولا يجدي تكلّف توجيهه بأنّ ذلك تعريف البيع بالمعنى المأخوذ بالبناء للمفعول وهو المبيعيّة ، لأنّ المصدر حقيقة في المعنى الحدثي المأخوذ بالبناء للفاعل وإطلاقه على غيره مجاز ، مع أنّ المقصود تعريفه بالمعنى المأخوذ بالبناء للفاعل لأنّه فعل البائع المأخوذ في وضعه. وحمل الانتقال على إرادة معنى النقل نظراً إلى مجي‌ء الانتقال في اللغة متعدّياً أيضاً ، وإن كان يدفع المحذور ولكنّه خلاف ظاهر لا يليق بمقام التعريف.

ولا بنقل الملك من مالك بصيغة مخصوصة كما عن المحقّق الثاني (٧) لا لاختلال

__________________

(١) النافع : ١١٨.

(٢) الدروس ٣ : ١٩١.

(٣) الوسيلة : ٢٣٦.

(٤) المبسوط ٢ : ٧٦.

(٥) السرائر ٢ : ٢٤٠.

(٦) التذكرة ١٠ : ٥ ، القواعد ٢ : ١٦ ، التحرير ١ : ١٦٥.

(٧) جامع المقاصد ٤ : ٥٥.

٤٧٨

في جنسه لأنّ النقل مرادف للتمليك ، بل لخلل في القيد الأخير من جهة الإجمال ، إذ لا يدرى أنّ المراد بقوله : «مخصوصة» هل هي الخصوصيّات المعتبرة في صيغة البيع أو خصوص صيغة البيع الممتازة عن صيغ سائر العقود مع جهالة الخصوصيّات المعتبرة على الاحتمال الأوّل وجهالة أصل الصيغة على الثاني ، ففيه إجمال من جهات عديدة ، والمقصود في التعريف إيضاح المعرّف فينافيه الإجمال.

ولا بأنّه إنشاء تمليك العين من مالك إلى غيره بعوض معلوم على جهة التراضي كما عن المصابيح (١) لأنّ الإنشاء مدلول صيغة «بعت» وما بمعناها ، والمقصود من التعريف معرفة مدلول المادّة لا مدلول الصيغة فلا يصحّ أخذه في تعريف مدلول المادّة فليتدبّر.

وممّا ذكر ظهر ما في تعريفه بأنّه إنشاء تمليك عين بمال كما اختاره شيخنا (٢) قدس‌سره وجعل تعريفه بذلك أولى ، ونحوه تعريفه بإنشاء مقتضى تمليك العين بعوض.

فالصحيح في تعريفه بالنظر إلى ما بيّنّاه سابقاً أن يقال : إنّه تمليك العين على وجه التعويض إن أردنا تعريف الصحيح منه ، أو إنّه إبدال عين بعوض إن أردنا تعريف الأعمّ منه ، ولا حاجة إلى الإطناب بذكر قيود اخر من كونه من مالك إلى غيره أو من شخص إلى آخر وبعوض مقدّر أو معلوم وعلى جهة التراضي وما أشبه ذلك ، لكونه تطويلاً بلا طائل ، مع كون الامور المذكورة شروطاً لصحّة البيع أثبتها الشرع وليست بداخلة في مسمّاه ، بل الداخل في مسمّاه هو التمليك المقيّد بالقيدين.

ولكلّ من الأجزاء الثلاث ظهور يخرج به شي‌ء ، وللهيئة التركيبيّة أيضاً ظهور في دخل كلّ من القيدين في ماهيّة المسمّى وحقيقة الموضوع له المأخوذة في لحاظ الوضع.

فيخرج بالتمليك ما لا تمليك فيه كالصلح عمّا في الذمّة الّذي مفاده الإبراء وهو إسقاط لا أنّه تمليك. وما كان تمليكه تمليك المنفعة كالإجارة ، وما كان تمليك العين فيه بلا عوض كالهبة ، وما ليس تمليك العين فيه على وجه التعويض داخلاً في الماهيّة وحقيقة المسمّى كالصلح عن العين بعوض فإنّ الصلح تسالم محض وهو تمام حقيقته ولم يعتبر فيه تمليك ولا كونه مع العوض ، ولذا قد يكون مفاده الإبراء وقد يكون مفاده

__________________

(١) المصابيح : ٣٣.

(٢) المكاسب ٣ : ١١.

٤٧٩

مفاد العارية.

وما ذكرناه في وجه إخراج ما ذكر أولى ممّا قد يوجّه بأنّ التعويض في الصلح المذكور ضمني لأنّ التسالم باعتبار المورد يتضمّنه كما صنعه بعضهم ، إذ لم يؤخذ في التعريف ما يخرج التمليك الضمني.

ويخرج أيضاً ما لا يكون التعويض فيه داخلاً في حقيقة مسمّاه المأخوذة في لحاظ الوضع كالهبة المعوّضة فإنّ تمام حقيقته تمليك العين مطلقاً ولذا يغلب فيه عدم اشتماله على العوض. فما ذكرناه تعريف تامّ لمسمّى البيع جامع ومانع غير محتاج في جمعه ولا منعه إلى تكلّف.

وبالتأمّل فيما ذكر يظهر حال التعريف الثاني ، والسرّ في كونه للأعمّ أنّ إبدال العين بالعوض لا يقتضي كونه على وجه ترتّب عليه الأثر من حصول الملك والتملّك والنقل والانتقال ، ومن ذلك يظهر الوجه في كون التعريف الأوّل للصحيح فإنّ التمليك على ما بيّنّاه سابقاً لا يصدق إلّا حيث يستتبع التملّك فيكون فرعاً على تحقّق جميع الشروط المعتبرة في الصحّة في نفس الأمر وإن لم يصرّح بشي‌ء منها في التعريف ، فلا ينقسم إلى الصحيح والفاسد إذ لا تمليك في الفاسد ، وقد يجعل التمليك أعمّ من الواقعي والصوري ولو بحسب الاعتقاد أو القصد المحض كبيع الغاصب لنفسه مع العلم بالغصبيّة والفساد ، فيكون التعريف الأوّل أيضاً للأعمّ ولا يخلو عن تكلّف ، وهو عند القائلين بكون المعاطاة بيعاً ينقسم إليه بالصيغة المخصوصة وهي قول «بعت واشتريت» وما بمعناهما في الإيجاب والقبول وإليه بغير الصيغة المخصوصة ويقال له «المعاطاة» وهو الإعطاء والأخذ للعين والعوض على وجه التمليك والتملّك.

ثمّ إنّ في باب البيع مقاصد كثيرة :

المقصد الأوّل : في صيغة البيع وما يتعلّق بها وما يعتبر فيها من الخصوصيّات ، وفيه مباحث :

٤٨٠