الإسلام والمرأة

المؤلف:

الشيخ جعفر النقدي


الموضوع : علم‌النفس والتربية والاجتماع
الناشر: منشورات مكتبة النجاح
المطبعة: مطبعة الغري الحديثة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٨٤
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

عكاظ فطاف بها شاب من قريش من بني كنانة وسألها ان تكشف له وجهها فابت وجلس خلفها وهي لا تشعر وعقد ذيلها بشوكة فلما قامت انحسر ذيلها من خلفها فضحك الناس عليها وقيل لها انك بخلت بكشف وجهك فبان غيره فنادت يا آل عامر فساروا بالسلاح ونادى الشاب يا بني كنانة فجاؤا بالسيوف والرماح فحصل الحرب بينهما بسبب ذلك .

المرأة في الاسلام

جاء الاسلام ونشر لوآءه المنصور على ارجاء العالم واورقت المعمورة بنور المنقذ الاعظم ( محمد ) صلى الله عليه وآله وسلم واصلح ما اصلحه من حال البشر

٢١

فاقام المرأة في المقام الذي اوجدتها لها الرحمة الآلهية وعرف الناس بحقوقها المشروعة وابان لهم انها الجزء المقوم لحياة الانسان والسبب المتمم لا يجاده فجاء في كتابه العزيز ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ ) الاية ، ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ) وابطل عادة الؤد واعدام البنات ووجه التوبيخ والتبكيت على فاعلى ذلك بقوله عز من قائل ( وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ ) وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ ونهى من كانوا يقتلون البنات خوف الفقر بقوله تعالى ( وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا ) ذكر الكثير من علماء التفسير ان المراد بالاولاد هنا البنات

٢٢

وكذلك في الآية قبلها والاملاق هو الفقر والعرب تسمى البنت ولداً ومن ذلك قول بعضهم وقد بشر ببنت ( والله ما هي بنعم الولد ) اي بنعم المولود وجاء ذم المستتر من ولادة الانثى في قوله تعالى ( واذا بشر احدهم بالانثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به ايمسكه على هون ام يدسه في التراب الا ساء ما يحكمون ) وقارن الاسلام الرجل بالمرأة في الاوامر الدينية ونواهيها وقد جاء في كتابه الكريم ( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا

٢٣

وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) وقال تعالى ( أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ ) وقرن المرأة بالرجل في امره الولد بالاحسان بوالديه في قوله جل وعلا ( وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) وقال تعالى ( اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ ) وكان صاحب الشريعة الاسلامية (ص) يوصي في الرفق بالبنات وبالرحمة والحنان عليهن حتى انه (ص) كان يأمر اصحابه انهم اذا حملو شيئاً من السوق الى عيالهم ان يبدأ وا بالاناث قبل الذكور جبراً لخواطرهن وتحبيباً لهن عند الاباء والامهات وغيرهما ووصاياه صلى الله عليه وآله وسلم بالمرأة قد

٢٤

امتلأت بها كتب الحديث فمن ذلك قوله (ص) ( استوصوا بالنساء خيراً فانهن عوان عندكم ) وقوله صلى الله عليه وآله ( ما اكرم النساء الا كريم وما اهانهن الا لئيم ) وقد اصلح دينه الكريم امر الزواج واصلح الطلاق والمواريث اصلاحاً لم يبق منه مجال لقائل وابطل السفرر الباطل واوجب الحجاب المحافظ لشرف المرأة والصائن لكرامتها كما سيتلى عليك التفضيل .

الاسلام واصلاح الزواج

اول ما قام به الاسلام لاصلاح الزواج ان نهى عن الزنا ونكاح الزانيات ورغب الناس بالنكاح

٢٥

الشرعي واوجب الحد على الزناة من الرجال والنساء فجاء في كتابه الكريم ( وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ) الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ الزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ( الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ) ( وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) وجاء عن النبى « ص » ( من تزوج احرز نصف دينه فليتق الله

٢٦

في النصف الاخر ) وعنه صلى الله عليه وآله وسلم ( ما بنى بناء في الاسلام احب الى الله من التزويج ) وقال (ص) مخاطبا اولياء النساء ( اذا اتاكم من ترضون دينه وامانته فزوجوه الا تفعلوه تكن فتنة في الارض وفساد كبير ) وقال عز من قائل يأمر الفقراء بالاستعفاف وبعدهم ( بالغنى وليستعفف الذين لايجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله ) وينهى عن نكاح زوجة الاب احتشاما الاب وتعظيما لشأنه بقوله عز من قائل ( وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا ) ونهى عن الجمع بين الاختين علما منه تعالى انه موقف للغيرة لا تتمكن المرأة على احتماله ينشأ منه فساد ذات البين فقال جل وعن ( وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ

٢٧

سَلَفَ ) وحرم الاسلام نكاح الشغار فقال رسول الله (ص) ( لا شغار في الاسلام ) وامر بان يكون عقد الزواج على الحب الحقيقي وحدد تعدد النساء بما يحفظ حقوق للمرأة والرجل معا فقال تعالى ) فانكحوا ما طلب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فان خفتم ان لا تعدلوا فواحدة ) فقوله تعالى ما طاب يريد زواج الحب واباح التعدد الى اربع نسوة حفظاً لحقوق الرجال واشترط العدل حفظاً لحقوق النساء قال تعالى ( وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ ) الاية . والمراد بالعدل اولا المساواة بينهم في شؤن الحياة من الانفاق وغيره والقسم بينهن في املبيت عندهن وثانيا العدل في الميل القلبي اي الحب لانه ليس اختيار يا ولذلك نهي عن

٢٨

اختصاص التي يميل اليها القلب بالميل بقوله تعالى ( فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ ) وقد كان احد اصحاب النبى (ص) وهو غيلان بن سلمة تحته عشرة نسوة حين اسلم فقال له رسوله الله (ص) امسك اربعا فارق سائرهن فامسك اربعا منهن وترك الباقيات فتزوجهن غيره من المسلمين هذا وان الاسلام اوجب على الرجل الانفاق على المرأة اماً كانت او زوجة او بنتا واذا لم ينفق اجبر من قبل الحاكم الشرعي حتى انه جاء في تفسير قوله تعالى ( لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ ) عن صادق اهل البيت عليه الصلوة والسلام انه قال ( اذا انفق الرجل على امرأته ما يقيم ظهرها مع الكسوة والا فرق بينهما ) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله ( من انعم الله عليه فليوسع على

٢٩

امرأته فان لم يفعل لو شك ان نزول النعمة ) وبذلك كان الرجل قواما عليها قال تعالى ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) وكان لكل منهما حق على صاحبه قال النبى (ص) حق الزوج على زوجته ان تطيعه ولا تتصدق من بيته الا بأذنه ولا تمنعه نفسها ولا تخرج من بيته لا باذنه وحق الزوجة على زوجها ان يطعمها مما يأكل ويكسوها مما يلبس ولا يظلمها ولا يصيح في وجهها

الاسلام واصلاح الطلاق

اصلح الاسلام الطلاق وحدده بعد ما كان لا يوجد له حد محدود عند الامم وجعل له نظاماً خاصاً

٣٠

به وحرصاً على بقاء علقة الزوجية وتنظيم الرابطة العائلية جاء التصريح بكراهته الا عند الاضطرار قال النبى الكريم (ص) ابعض الحلال الى الله الطلاق وقال تعالى فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا اي فلا تطلبوا الفراق وقال ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ) وقد نقل جماعة من علماء التفسير منهم الامام الرازى ان العرب كان الرجل منهم في جاهلية يطلق امرأته ثم يراجعها قبل ان تنقضي عدتها ولو انه طلقها الف مرة كانت له القدرة على المراجعة فجائت امرأة الى عائشة فشكت ان زوجها يطلقها ويراجعها يضارها بذلك قدرت عائشة ذلك لرسول الله (ص) فكان ذلك السبب في نزول قوله

٣١

تعالى ( الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ) و انما قال مرتان لانه يريد التطليقة بعد التطليقة لا ايقاع التطليقتين او الثلاث دفعة واحدة وهذا هو الصحيح من مذهب اهل البيت (ع) ( واهل البيت ادرى عافيه ) لان المرة تفيد الوحدة وهي لم تتحقق الا بايقاعها منفردة وقوله تعالى ( فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ ) اي بعد التطليقة الثانية ( او تسريح باحسان ) اي بالتطليقة الثالثة لان المرأة تبين حينئذ بينونة كبرى ولا تحل له الا بعد ان يتزوجها غيره من الرجال والحكمة ( والله اعلم ) في جعل الطلاق مرتين هو ان الرجل ربما يكون طلاقه لزوجته في المرة الاولى لسوء تفاهم وقع بينهما او لتسرع منه من غيره تبصر او

٣٢

غير ذلك فكان له ان يراجعها قبل انقضاء العدة (١) والمرة الثانية انذرا ولذلك حذره بقوله ( فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ ) واذا وقع التطليقة الثالثة تحققت كراهته لها وظهر عدم ميله ادلى معاشرتها : وامر الدين الاسلامي الكريم ان نتربص المرأة في محل الزوجية طول العدة

ـــــــــــــــــــ

(١) العدة في الحرة ذات العادة المدخولة بها ثلاثة اطهار ، وفي من ليس لها عادة ثلاثة اشهر ويشترط كونها في سن من تحيض وفيمن رأت الحيض مرة او مرتين ثم فقدته تسعة اشهر والحاملة المطلقة تنقضي عدتها بوضعها الحمل ولا عدة لغير المدخول بها ولا للصغيرة ولا اليائسة وزمان اليأس في غير القرشية والنبطية بلوغها الخمسين من عمرها وفيها بلوغها الستين وعدة الامة نصف عدة الحرة والتفصيل موكول الى الكتب الفقهية وانما ذكرنا هذه الجملة ليطلع من ليس له اطلاع على العدة ان للزوج المطلق مجالا واسعاً اذا اراد الرجوع على مطلقته .

٣٣

الا ان توجب هي خروجها بشيء ينافي ابقائها قال تعالى ( لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا ) وآخر الآية ببين سبب النهي عن خروجها من بيت الزوجية ... ولم يشرع الطلاق في الاسلام الا بعد الارشاد الى التروي وتحكيم حكمين من اهل الزوجين فقال تبارك وتعالى ( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ) وهذان الحكمان ان اتفقا على الاصلاح فعلاه وان اتفقا على التفريق فلا يصح الا برضاء الزوج في الطلاق ورضاء المرأة في البذل ان كان خلقاً وللطلاق

٣٤

شرائط لا يقع بدونها ( الاول ) ان يكون بلفظ طالق الثانى كونه بالعربية الثالث التلفظ بالطلاق ( الرابع ) عدم تعليقه على شيء ( الخامس ) ان لا يذكر بعد صيغته ما ينافيه « السادس » ان يقصد الانشاء يلفظه « السابع » بلوغ المطلق « الثامن » كونه عاقلا « التاسع » كونه مختاراً « العاشر » كونو قاصداً للطلاق ـ فطلاق السكران وامثاله ممن لم يقصدوه باطل ـ « الحادى العشر » كونها خالية من الحيض والفاس « الثانى عشر » كون طلاقها في طهر لم يواقعها فيه « الثالث عشر » كونها امرأة دائمة « الرابع العشر »ان تكون امرأة معينة « الخامس عشر » ان يشهد عدلين عند انشائه وان يكونا حاضرين ويسعان اللفظ معاً « السادس عشر »

٣٥

ان يكون العدلان من الرجال فانت ترى كيف تقيد الطلاق بقيود يكاد ان يكون معها معدوماً ... وقد جاء النهي المحرم فيمن ضيق على الزوجة ليطلقها باسقاطها صداقها او بعضه عنه فقال تعالى ( وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ ) اي لا تضيقوا عليهن ليتركن لكم بعض ما اصدقتموهن به فاذا لم يكن البعض مباحا فالكل بطريق اولى . وقال تعالى ( وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا ) اما اذا رغبت المرأة في الطلاق وطلبت فراق زوجها وخيف من قبولها النشوز على نفسها فحفظا للنظام واراحة للزوجين ابيح للرجل ان يأخذ منها ما تطيب به نفسه في مقابلة طلاقها فقال تعالى : ( فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ) وانما جاز للرجل ذلك

٣٦

لان مقتضى العدل ان لا يكلف خسارة زوجته وخسارة الصداق الذى اصدقها به من غير جرم منه وهي الطالبة للطلاق ... ووبخ الباهت زوجته لتفتدي منه بالصداق ليتزوج به غيرها بقوله عز من قائل ( وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ) وامر الرجل بان يدفع للمرأة المطلقة منه ما تتمتع به قال تعالى ( وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ) وان ينفق عليها مع الحمل وبعد وضعه وينفق عليها مدة الرضاع ( وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) ( وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) وصرح ان لا عدة لغير المدخول بها وامر ان لا تحرم من الحقوق وان تسرح

٣٧

سراحا جيلا فقال ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا ) اسقط الله عدة المطلقة قبل المسيس لاستبراء رحمها . والمتعة انما هو اذا لم يسمى لها مهراً فاذا كان لها مهر فلها نصفه قال تعالى ( وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ ) هذا وقد ظهر مما شرحناه ان الاسلام لم يشرع الطلاق الا بعد ان جعل له نظاماً كافلا لحقوق الزوجين فليت شعري اذا لم يكن الطلاق مشروعا فماذا كان يصنع الزوجان المتعاديان وغيرهما ممن لم يحصل بينهما الامتزاج وسنوضح هذا المقام لدى شرح فوائد الاحكام .

٣٨

الاسلام

واصلاح المواريث والمشهادات

اصلح الاسلام حال المرأة في المواريث وجعل لها نصيباً مفروضاً في الارث بدان حرمتها الامم فاعطى الام السدس مما ترك ولدها فرضا ان كان له ولد ومع الاب وفقد الولد والاخوة الثلث واطاها المال كله مع انفرادها وساواها مع الاب في بعض الاحوال وامر بالرد عليها مع البنت والانفراد ولها احوال خاصة في الارث مذكورة في مظانها من الفقه الاسلامي معلومة عند المسلمين واعطى الزوجة الربع مع فقد

٣٩

الولد والثمن مع وجوده واعطى البنت نصف الولد عند اجتماعهما والبنتين الثلثين مع فقد الولد والبنت الواحدة النصف وهاتان القسمتان بالفرض واذا لم يحصل وارث في درجتهما قرباً مع الميت فالمال كله لهما اولها حينئذ قال الله تعالى في كتابه الكريم ( يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ) وقال تعالى في الزوجات ( وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ) وربما كانت الحكمة

٤٠