البرهان في تفسير القرآن - ج ١

السيد هاشم الحسيني البحراني

البرهان في تفسير القرآن - ج ١

المؤلف:

السيد هاشم الحسيني البحراني


المحقق: مؤسسة البعثة
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة البعثة
المطبعة: مؤسسة البعثة
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٥٢

سَأَلْتُمْ) (٧٣) فقالوا : (يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ) (٧٤) فنصف الآية في سورة البقرة ، ونصفها في سورة المائدة.

وقوله : (اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (٧٥) فرد الله عليهم : (وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ) (٧٦) فنصف الآية في سورة الفرقان ، ونصفها في سورة العنكبوت ، (٧٧) ومثله كثير نذكره في مواضعه ، إن شاء الله.

وأما الآية التي نصفها منسوخة ونصفها متروكة على حالها ، فقوله : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ) وذلك أن المسلمين كانوا ينكحون أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، وينكحونهم ، فأنزل الله : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ) (٧٨) فنهى الله أن ينكح المسلم المشركة ، أو ينكح المشرك المسلمة. ثم نسخ قوله : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ) ، بقوله في سورة المائدة : (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) (٧٩) فنسخت هذه الآية قوله : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ) وترك قوله : (وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا) لم ينسخ ، لأنه لا يحل للمسلم أن ينكح المشرك ، ويحل له أن يتزوج المشركة من اليهود والنصارى.

وقوله : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ) (٨٠) ثم نسخت هذه الآية بقوله : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى) (٨١) فنسخت قوله : (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) إلى قوله : (وَالسِّنَّ بِالسِّنِ) ولم ينسخ قوله : (وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ) فنصف الآية منسوخة ، ونصفها متروكة.

وأما ما تأويله في تنزيله ، فكل آية نزلت في حلال أو في حرام ، مما لا يحتاج فيها إلى تأويل مثل قوله : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخالاتُكُمْ) (٨٢) وقوله : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ

__________________

(٧٣) البقرة ١ : ٦١.

(٧٤) المائدة ٥ : ٢٢.

(٧٥) الفرقان ٢٥ : ٥.

(٧٦) العنكبوت ٢٩ : ٤٨.

(٧٧) في «س» : القصص ، وفي المصدر : القصص والعنكبوت. ولم يرد الرد إلا في العنكبوت.

(٧٨) البقرة ٢ : ٢٢١.

(٧٩) المائدة ٥ : ٥.

(٨٠) المائدة ٥ : ٤٥.

(٨١) البقرة ٢ : ١٧٨.

(٨٢) النساء ٤ : ٢٣.

٨١

وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ) (٨٣) ومثله كثير مما تأويله في تنزيله ، وهو من المحكم الذي ذكرناه.

وأما ما تأويله مع تنزيله ، فمثل قوله : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (٨٤) فلم يستغن الناس بتنزيل الآية حتى فسر لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أولي (٨٥) الأمر ، وقوله : (اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (٨٦) فلم يستغن الناس الذين سمعوا هذا من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بتنزيل الآية حتى أخبرهم النبي (عليه وعلى آله الصلاة والسلام) من الصادقون ، وقوله : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) (٨٧) فلم يستغن الناس بهذا حتى أخبرهم النبي (عليه وعلى آله الصلاة والسلام) كم يصلون ، وكم يصومون ، وكم يزكون.

وأما ما تأويله قبل تنزيله ، فالأمور التي حدثت في عصر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، مما لم يكن عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيها حكم ، مثل : آية الظهار ، فإن العرب في الجاهلية كانوا إذا ظاهر الرجل من امرأته حرمت عليه إلى الأبد ، فلما هاجر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى المدينة ظاهر رجل من امرأته ، يقال له : أوس بن الصامت ؛ فجاءت امرأته إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخبرته بذلك ، فانتظر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحكم عن الله ، فأنزل الله تبارك وتعالى : (الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ) (٨٨) ومثله ما نزل في اللعان وغيره مما لم يكن عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه حكم حتى نزل عليه القرآن به ، عن الله عز وجل ، فكان التأويل قد تقدم التنزيل.

وأما ما تأويله بعد تنزيله ، فالأمور التي حدثت في عصر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبعده من غصب آل محمد (عليه وعليهم الصلاة والسلام) حقهم ، وما وعدهم الله من النصر على أعدائهم ، وما أخبر الله به نبيه (عليه وعلى آله الصلاة والسلام) من أخبار القائم عليه‌السلام وخروجه ، وأخبار الرجعة ، والساعة ، في قوله : (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ). (٨٩) وقوله : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) (٩٠) نزلت في القائم من آل محمد (عليه الصلاة والسلام).

وقوله : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ

__________________

(٨٣) المائدة ٥ : ٣.

(٨٤) النساء ٤ : ٥٩.

(٨٥) في المصدر : من أولو.

(٨٦) التوبة ٩ : ١١٩.

(٨٧) البقرة ٢ : ٤٣.

(٨٨) المجادلة ٥٨ : ٢.

(٨٩) الأنبياء ٢١ : ١٠٥.

(٩٠) النور ٢٤ : ٥٥.

٨٢

لَهُمْ فِي الْأَرْضِ) (٩١) ومثله كثير مما تأويله بعد تنزيله.

وأما ما هو متفق اللفظ ومختلف المعنى ، فقوله : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها) (٩٢) يعني أهل القرية ، وأهل العير ؛ وقوله : (وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا) (٩٣) يعني أهل القرى ، ومثله كثير نذكره في موضعه.

وأما الرخصة التي هي بعد عزيمة ، فإن الله تبارك وتعالى فرض الوضوء والغسل بالماء ، فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) (٩٤) ثم رخص لمن لم يجد الماء التيمم بالتراب ، فقال : (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ). (٩٥) ومثله قوله تعالى : (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) (٩٦) ثم رخص ، فقال : (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً). (٩٧) وقوله : (فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ) (٩٨) فقال العالم عليه‌السلام : «الصحيح يصلي قائما ، والمريض يصلي جالسا ، فمن لم يقدر فمضطجعا يومئ إيماء» ، وهذه رخصة بعد العزيمة.

وأما الرخصة التي صاحبها بالخيار ـ إن شاء أخذ ، وإن شاء ترك ـ فإن الله عز وجل رخص أن يعاقب الرجل الرجل على فعله به ، فقال : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ) (٩٩) فهذا بالخيار ، إن شاء عاقب ، وإن شاء عفا.

وأما الرخصة التي ظاهرها خلاف باطنها ، يعمل بظاهرها ، ولا يدان ببطانها ، فإن الله تبارك وتعالى نهى أن يتخذ المؤمن الكافر وليا ، فقال : (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ) (١٠٠) ثم رخص عند التقية أن يصلي بصلاته ، ويصوم بصيامه ، ويعمل بعمله في ظاهره ، وأن يدين الله

__________________

(٩١) القصص ٢٨ : ٥ و ٦.

(٩٢) يوسف ١٢ : ٨٢.

(٩٣) الكهف ١٨ : ٥٩.

(٩٤) المائدة ٥ : ٦.

(٩٥) المائدة ٥ : ٦.

(٩٦) البقرة ٢ : ٢٣٨.

(٩٧) البقرة ٢ : ٢٣٩.

(٩٨) النّساء ٤ : ١٠٣.

(٩٩) الشّورى ٤٢ : ٤٠.

(١٠٠) آل عمران ٣ : ٢٨.

٨٣

في باطنه بخلاف ذلك ، فقال : (إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) (١٠١) فهذا تفسير الرخصة ، ومعنى قول الصادق عليه‌السلام : «إن الله تبارك وتعالى يحب أو يؤخذ برخصه ، كما يحب أن يؤخذ بعزائمه».

وأما ما لفظه خبر ومعناه حكاية ، فقوله : (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً) (١٠٢) وهذا حكاية عنهم ، والدليل على أنه حكاية ، ما رد الله عليهم في قوله : (قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ). (١٠٣) وقوله يحكي قول قريش : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) (١٠٤) فهو على لفظ الخبر ومعناه حكاية ، ومثله كثير نذكره في مواضعه.

وأما ما هو مخاطبة للنبي (عليه وعلى آله الصلاة والسلام) والمعنى لأمته ، فقوله : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ) (١٠٥) فالمخاطبة للنبي (عليه وعلى آله الصلاة والسلام) والمعنى لأمته ، وقوله تعالى : (وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتُلْقى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً) (١٠٦) ومثله كثير مما خاطب به نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمعنى لأمته ، وهو قول الصادق عليه‌السلام : «إن الله بعث نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بإياك أعني ، واسمعي يا جارة».

وأما ما هو مخاطبة لقوم ومعناه لقوم آخرين ، فقوله : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَ ـ أنتم ، يا معشر أمة محمد ـ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً) (١٠٧) فالمخاطبة لبني إسرائيل ، والمعنى لأمة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وأما الرد على الزنادقة ، فقوله : (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ) (١٠٨) وذلك أن الزنادقة زعمت أن الإنسان إنما يتولد بدوران الفلك ، فإذا وقعت النطفة في الرحم تلقتها الأشكال والغذاء ، ومر عليها الليل والنهار ، فيتربى الإنسان ويكبر لذلك ، فقال الله تعالى ردا عليهم : (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ) يعني من يكبر ويعمر يرجع إلى حد الطفولية ، يأخذ في النقصان والنكسة.

فلو كان هذا ـ كما زعموا ـ لوجب أن يزيد الإنسان ما دامت الأشكال قائمة ، والليل والنهار يدوران عليه ، فلما بطل هذا ، وكان من تدبير الله عز وجل ، أخذ في النقصان عند منتهى عمره.

وأما الرد على الثنوية ، فقوله : (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ) قال :

__________________

(١٠١) آل عمران ٣ : ٢٨.

(١٠٢) الكهف ١٨ : ٢٥.

(١٠٣) الكهف ١٨ : ٢٦.

(١٠٤) الزّمر ٣٩ : ٣.

(١٠٥) الطّلاق ٦٥ : ١.

(١٠٦) الإسراء ١٧ : ٣٩.

(٠٧) الإسراء ١٧ : ٤.

(١٠٨) يس ٣٦ : ٦٨.

٨٤

لو كان إلهان لطلب كل واحد منهما العلو ، وإذا شاء واحد أن يخلق إنسانا ، فشاء الآخر أن يخالفه فيخلق بهيمة ، فيكون الخلق منهما على مشيئتهما واختلاف إرادتهما إنسانا وبهيمة في حالة واحدة.

فهذا من أعظم المحال غير موجود ، فإذا بطل هذا ، ولم يكن بينهما اختلاف ، بطل الاثنان ، وكان واحدا ، وهذا التدبير واتصاله وقوام بعضه ببعض واختلاف الأهواء والإرادات والمشيئات يدل على صانع واحد ، وهو قول الله عز وجل : (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) (١٠٩) وقوله : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتا). (١١٠) وأما الرد على عبدة الأوثان ، فقوله : (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ * أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ). (١١١) وقوله يحكي قول إبراهيم عليه‌السلام : (أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ * أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (١١٢) وقوله : (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً) (١١٣). وقوله : (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) (١١٤) ومثله كثير مما هو رد على الزنادقة وعبدة الأوثان.

وأما الرد على الدهرية ، فإن الدهرية زعموا أن الدهر لم يزل ولا يزال أبدا ، وليس له مدبر ولا صانع ، وأنكروا البعث والنشور ، فحكى الله عز وجل قولهم فقال : (وَقالُوا ما هِيَ إِلاَّ حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا ـ وإنما قالوا نحيا ونموت ـ وَما يُهْلِكُنا إِلاَّ الدَّهْرُ وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ) (١١٥) فرد الله عليهم ، فقال عز وجل : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً). (١١٦) ثم ضرب للبعث والنشور مثلا ، فقال : (وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً ـ أي يابسة ميتة ـ فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ـ أي حسن ـ ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ

__________________

(١٠٩) المؤمنون ٢٣ : ٩١.

(١١٠) الأنبياء ٢١ : ٢٢.

(١١١) الأعراف ٧ : ١٩٤ و ١٩٥.

(١١٢) الأنبياء ٢١ : ٦٦ و ٦٧.

(١١٣) الإسراء ١٧ : ٥٦.

(١١٤) النحل ١٦ : ١٧.

(١١٥) الجاثية ٤٥ : ٢٤.

(١١٦) الحج ٢٢ : ٥.

٨٥

شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ). (١١٧) وقوله : (اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ * فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى). (١١٨) وقوله : (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ * وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ـ إلى قوله ـ : وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ الْخُرُوجُ) (١١٩) وقوله : (وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) (١٢٠) ومثله كثير مما هو رد على الدهرية.

وأما الرد على من أنكر الثواب والعقاب ، فقوله : (يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ * فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلاَّ ما شاءَ رَبُّكَ) (١٢١) فإذا قامت القيامة تبدل السماوات والأرض ، وأما قوله : (ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) إنما هو في الدنيا ما دامت السماوات والأرض.

وقوله : (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا) (١٢٢) الغدو والعشي إنما يكون في الدنيا في دار المشركين ، فأما في القيامة فلا يكون غدو ، ولا عشي.

وقوله : (لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا) (١٢٣) يعني في جنان الدنيا التي تنتقل إليها أرواح المؤمنين ، وأما في جنات الخلد فلا يكون غدو ولا عشي.

وقوله : (مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (١٢٤)

فقال الصادق عليه‌السلام : «البرزخ القبر ، وفيه (١٢٥) الثواب والعقاب بين الدنيا والآخرة» (١٢٦).

والدليل على ذلك أيضا

قول العالم عليه‌السلام : «والله ، ما نخاف عليكم إلا البرزخ». (١٢٧)

__________________

(١١٧) الحجّ ٢٢ : ٥ ـ ٧.

(١١٨) الرّوم ٣٠ : ٤٨ ـ ٥٠.

(١١٩) سورة ق ٥٠ : ٦ ـ ١١.

(١٢٠) يس ٣٦ : ٧٨ و ٧٩.

(١٢١) هود ١١ : ١٠٥ ـ ١٠٧.

(١٢٢) المؤمن : ٤٠ : ٤٦.

(١٢٣) مريم ١٩ : ٦٢.

(١٢٤) المؤمنون ٢٣ : ١٠٠.

(١٢٥) في «س» : وهو.

(١٢٦) تفسير القمّي ٢ : ٩٤.

(١٢٧) تفسير القمّي ٢ : ٩٤.

٨٦

وقوله عز وجل : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (١٢٨).

قال الصادق عليه‌السلام : «يستبشرون ـ والله ـ في الجنة بمن لم يلحق بهم من خلفهم من المؤمنين في الدنيا» (١٢٩) ومثله كثير مما هو رد على من أنكر الثواب والعقاب وعذاب القبر.

وأما الرد على من أنكر المعراج والإسراء ، فقوله : (وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى * ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى * فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) (١٣٠) وقوله : (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا) (١٣١) وقوله : (فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ) (١٣٢) يعني الأنبياء عليهم‌السلام ، وإنما رآهم في السماء ليلة أسري به.

وأما الرد على من أنكر الرؤية ، فقوله : (ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى * أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى * عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى). (١٣٣)

قال أبو الحسن علي بن إبراهيم بن هاشم : حدثني أبي ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن علي بن موسى الرضا عليه‌السلام ، قال : قال لي : «يا أحمد ، ما الخلاف بينكم وبين أصحاب هشام بن الحكم بالنفي للجسم في التوحيد؟» فقلت : جعلت فداك ، قلنا نحن بالصورة ، للحديث الذي روي «أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رأى ربه في صورة شاب» وقال هشام بن الحكم بالنفي للجسم.

فقال : «يا أحمد ، إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما أسري به إلى السماء ، وبلغ عند سدرة المنتهى ، خرق له في الحجب مثل سم الإبرة (١٣٤) ، فرأى من نور العظمة ما شاء الله أن يرى ، وأردتم أنتم التشبيه ، دع هذا ـ يا أحمد ـ لا ينفتح عليك منه أمر عظيم».

وأما الرد على من أنكر خلق الجنة والنار ، فقوله : (عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى * عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى) وسدرة المنتهى في السماء السابعة ، وجنة المأوى عنده.

قال علي بن إبراهيم : حدثني أبي ، عن حماد ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لما أسري بي إلى السماء ، دخلت الجنة ، فرأيت قصرا من ياقوتة حمراء ، يرى داخلها من خارجها ، وخارجها من

__________________

(١٢٨) آل عمران ٣ : ١٦٩ و ١٧٠.

(١٢٩) تفسير القمّي ١ : ١٢٧.

(١٣٠) النّجم ٥٣ : ٧ ـ ٩.

(١٣١) الزّخرف ٤٣ : ٤٥.

(١٣٢) يونس ١٠ : ٩٤.

(١٣٣) النّجم ٥٣ : ١١ ـ ١٥.

(١٣٤) السمّ : الثقب ، ومنه سمّ الخياط. «الصحاح ـ سمم ـ ٥ : ١٩٥٣».

٨٧

داخلها من ضيائها ، وفيها بنيان (١٣٥) من در وزبرجد ، فقلت : يا جبرئيل لمن هذا القصر؟ فقال : هذا لمن أطاب الكلام ، وأدام الصيام ، وأطعم الطعام ، وتهجد بالليل والناس نيام.

فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : يا رسول الله ، وفي أمتك من يطيق هذا؟

فقال : ادن مني يا علي ، فدنا منه ، فقال : أتدري ما إطابة الكلام؟ فقال : الله ورسوله أعلم. قال : من قال : (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر).

ثم قال : أتدري ما إدامة الصيام؟ قال : الله ورسوله أعلم. قال : من صام شهر رمضان ولم يفطر منه يوما.

وتدري ما إطعام الطعام؟ قال : الله ورسوله أعلم. قال : من طلب لعياله ما يكف به وجوههم عن الناس.

وتدري ما التهجد بالليل والناس نيام؟ قال : الله ورسوله أعلم. قال : من لم ينم حتى يصلي العشاء الآخرة ، ويعني بالناس نيام : اليهود والنصارى ، فإنهم ينامون فيما بينهما».

وبهذا الإسناد قال : «قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لما أسري بي إلى السماء ، دخلت الجنة ، فرأيت فيها قيعانا (١٣٦) يققا ، (١٣٧) ورأيت فيها الملائكة يبنون لبنة من ذهب ولبنة من فضة ، وربما أمسكوا. فقلت لهم : ما لكم ربما بنيتم ، وربما أمسكتم؟ فقالوا : حتى تأتينا النفقة. فقلت : ما نفقتكم. قالوا : قول المؤمن في الدنيا : (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر). فإذا قال بنينا ، وإذا أمسك أمسكنا».

وقال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لما أسرى بي ربي إلى سبع سماواته ، أخذ بيدي جبرئيل ، فأدخلني الجنة ، فأجلسني على درنوك من درانيك (١٣٨) الجنة ، فناولني سفرجلة ، فانفلقت نصفين ، فخرجت من بينهما حوراء ، فقامت بين يدي ، فقالت : السلام عليك يا محمد ، السلام عليك يا أحمد ، السلام عليك يا رسول الله.

فقلت : وعليك السلام ، من أنت؟

فقالت : أنا الراضية المرضية ، خلقني الله الجبار من ثلاثة أنواع : أسفلي من المسك ، ووسطي من العنبر ، وأعلاي من الكافور ، وعجنت بماء الحيوان ، ثم قال جل ذكره لي : كوني ، فكنت لأخيك وابن عمك ووصيك علي ابن أبي طالب».

قال : وقال أبو عبدالله عليه‌السلام : «كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يكثر من تقبيل فاطمة عليها‌السلام ، فغضبت من ذلك عائشة ، فقالت : يا رسول الله ، إنك تكثر تقبيل فاطمة! فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا عائشة ، إني لما أسري بي إلى السماء ، ودخلت الجنة ، فأدناني جبرئيل عليه‌السلام من شجرة طوبى ، ناولني من ثمارها فأكلته ، فلما هبطت إلى الأرض جعل (١٣٩) الله ذلك ماء في

__________________

(١٣٥) في المصدر : بيتان.

(١٣٦) القيعان : جمع قاع ، والقاع : المستوي من الأرض. «الصحاح ـ قوع ـ ٣ : ١٢٧٤».

(١٣٧) أبيض يقق : أي شديد البياض ناصعه. «الصحاح ـ يقق ـ ٤ : ١٥٧١».

(١٣٨) الدرنوك : ضرب من البسط ذو خمل. «الصحاح ـ درن ـ ٤ : ١٥٨٣».

(١٣٩) في هامش «س» : فحوّل. وفي «ط» والمصدر : حوّل.

٨٨

ظهري ، فواقعت خديجة فحملت بفاطمة ، فما قبلتها إلا وجدت رائحة شجرة طوبى منها». ومثل ذلك كثير مما هو رد على من أنكر المعراج ، وخلق الجنة والنار.

وأما الرد على المجبرة الذين قالوا : ليس لنا صنع ، ونحن مجبورون ، يحدث الله لنا الفعل عند الفعل ، وإنما الأفعال المنسوبة إلى الناس على المجاز لا على الحقيقة ، وتأولوا في ذلك آيات من كتاب الله عز وجل لم يعرفوا معناها ، مثل قوله : (وَما تَشاؤُنَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ) (١٤٠) وقوله : (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً) (١٤١) وغير ذلك من الآيات التي تأويلها على خلاف معانيها.

وفيما قالوا إبطال الثواب والعقاب ، وإذا قالوا ذلك ثم أقروا بالثواب والعقاب ، نسبوا الله تعالى إلى الجور ، وأنه يعذب على غير اكتساب وفعل ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا أن يعاقب أحدا على غير فعل ، وبغير حجة واضحة عليه.

والقرآن كله رد عليهم ، قال الله تبارك وتعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ) (١٤٢) فقوله عز وجل : (لها وعليها) هو على الحقيقة لفعلها. وقوله : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (١٤٣). وقوله : (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) (١٤٤). وقوله : (ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ) (١٤٥). وقوله : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى) (١٤٦). وقوله : (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ ـ يعني بينا له طريق الخير وطريق الشر ـ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً). (١٤٧) وقوله : (وَعاداً وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ * وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَما كانُوا سابِقِينَ * فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ ـ ولم يقل بفعلنا ـ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا وَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ). (١٤٨) ومثله كثير نذكره ، ونذكر أيضا ما احتجت به المجبرة من القرآن ، الذي لم يعرفوا معناه وتفسيره ، في مواضعه إن شاء الله.

وأما الرد على المعتزلة ، فإن الرد عليهم من القرآن كثير ، وفي ذلك أن المعتزلة قالوا : نحن نخلق أفعالنا ، وليس لله فيها صنع ولا مشيئة ولا إرادة ، ويكون ما شاء إبليس ، ولا يكون ما شاء الله ، واحتجوا بأنهم خالقون ، لقول

__________________

(١٤٠) الإنسان ٧٦ : ٣٠.

(١٤١) الأنعام ٦ : ١٢٥.

(١٤٢) البقرة ٢ : ٢٨٦.

(١٤٣) الزلزلة ٩٩ : ٧ و ٨.

(١٤٤) المدّثر ٧٤ : ٣٨.

(١٤٥) آل عمران ٣ : ١٨٢.

(١٤٦) فصّلت ٤١ : ١٧.

(١٤٧) الإنسان ٧٦ : ٣.

(١٤٨) العنكبوت ٢٩ : ٣٨ ـ ٤٠.

٨٩

الله عز وجل : (فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) (١٤٩) فقالوا : في الخلق خالقون غير الله ، فلم يعرفوا معنى الخلق ، وعلى كم وجه هو.

فسئل الصادق عليه‌السلام أفوض الله إلى العباد أمرا؟ فقال : «الله أجل وأعظم من ذلك».

فقيل : فأجبرهم على ذلك؟ فقال : «الله أعدل من أن يجبرهم على فعل ، ثم يعذبهم عليه».

فقيل له : فهل بين هاتين المنزلتين منزلة؟ فقال : «نعم». [فقيل : ما هي؟ فقال : «سر من أسرار] ما بين السماء والأرض».

وفي حديث آخر ، قال : وسئل هل بين الجبر والقدر منزلة؟ قال : «نعم». فقيل : ما هي؟ فقال : «سر من أسرار الله».

وفي حديث آخر ، أنه قال : «هكذا خرج إلينا».

قال : وحدثني محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس ، قال : قال الرضا عليه‌السلام : «يا يونس ، لا تقل بقول القدرية ، فإن القدرية لا يقولون بقول أهل الجنة ، ولا بقول أهل النار ، ولا بقول إبليس ؛ فإن أهل الجنة قالوا : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ) ١٥٠) ولم يقولوا بقول أهل النار ، فإن أهل النار يقولون : (رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا) (١٥١) وقال إبليس : (رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي)». (١٥٢) فقلت : يا سيدي ، والله ما أقول بقولهم ولكن أقول : [لا يكون] إلا ما شاء الله وقضى وقدر.

فقال : «ليس هكذا ـ يا يونس ـ ولكن لا يكون إلا ما شاء الله وأراد وقدر وقضى ، أتدري ما المشيئة ، يا يونس؟» قلت : لا. قال : «هي الذكر الأول ، وتدري ما الإرادة؟». قلت : لا. قال : «العزيمة على ما شاء الله ، وتدري ما التقدير؟». قلت : لا. قال : «هو وضع الحدود من الآجال ، والأرزاق ، والبقاء ، والفناء ، وتدري ما القضاء؟». قلت : لا.

قال : «هو إقامة العين ، ولا يكون إلا ما شاء الله في الذكر الأول».

وأما الرد على من أنكر الرجعة ، فقوله : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً). (١٥٣)

قال : وحدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «ما يقول الناس في هذه الآية : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً)؟». قلت : يقولون : إنها في القيامة.

قال : «ليس كما يقولون ، إن ذلك في الرجعة ، أيحشر الله في القيامة من كل أمة فوجا ويدع الباقين؟! إنما آية يوم القيامة قوله : (وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً)». (١٥٤)

__________________

(١٤٩) المؤمنون ٢٣ : ١٤.

(١٥٠) الأعراف ٧ : ٤٣.

(١٥١) المؤمنون ٢٣ : ١٠٦.

(١٥٢) الحجر ١٥ : ٣٩.

(١٥٣) النّمل ٢٧ : ٨٣.

(١٥٤) الكهف ١٨ : ٤٧.

٩٠

وقوله : (وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ) فـ (١٥٥) قال الصادق عليه‌السلام : «كل قرية أهلك الله أهلها بالعذاب لا يرجعون في الرجعة ، وأما في القيامة فيرجعون ، والذين محضوا (١٥٦) الإيمان محضا ، وغيرهم ممن لم يهلكوا بالعذاب ، ومحضوا الكفر محضا يرجعون».

قال : وحدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن عبدالله بن مسكان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قوله : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ). (١٥٧)

قال : «ما بعث الله نبيا من لدن آدم ، إلا ويرجع إلى الدنيا ، فينصر أمير المؤمنين ، وهو قوله : (لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ) يعني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (وَلَتَنْصُرُنَّهُ) يعني أمير المؤمنين عليه‌السلام». ومثله كثير مما وعد الله تبارك وتعالى الأئمة عليهم‌السلام من الرجعة والنصر ، فقال : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ ـ يا معشر الأئمة ـ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) (١٥٨) فهذا مما يكون إذا رجعوا إلى الدنيا.

وقوله : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ) (١٥٩) فهذا كله مما يكون في الرجعة.

قال : وحدثني أبي ، عن أحمد بن النضر ، عن عمر بن شمر ، قال : ذكر عند أبي جعفر عليه‌السلام جابر ، فقال : «رحم الله جابرا ، لقد بلغ من علمه أنه كان يعرف تأويل هذه الآية : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) (١٦٠) يعني الرجعة». ومثله كثير ، نذكره في مواضعه.

وأما الرد على من وصف الله عز وجل ، فقوله : (وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى). (١٦١)

قال : حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : «إذا انتهى الكلام إلى الله فأمسكوا ، أو تكلموا فيما دون العرش ، ولا تكلموا فيما فوق العرش ، فإن قوما تكلموا فيما فوق العرش فتاهت عقولهم ، حتى كان الرجل ينادى من بين يديه فيجيب من خلفه ، وينادى من خلفه فيجيب من بين يديه».

وقوله عليه‌السلام : «من تعاطى مأثما هلك» فلا يوصف الله عز وجل إلا بما وصف به نفسه عز وجل ، ومن قول أمير المؤمنين عليه‌السلام وخطبه وكلامه في نفي الصفة. (١٦٢)

__________________

(١٥٥) الأنبياء ٢١ : ٩٥.

(١٥٦) المحض : الخالص الذي لم يخالطه شيء. «مجمع البحرين ـ محض ـ ٤ : ٢٢٩».

(١٥٧) آل عمران ٣ : ٨١.

(١٥٨) النّور ٢٤ : ٥٥.

(١٥٩) القصص ٢٨ : ٥ و ٦.

(١٦٠) القصص ٢٨ : ٨٥.

(١٦١) النّجم ٥٣ : ٤٢.

(١٦٢) قد يكون على تقدير : ومن قول أمير المؤمنين عليه‌السلام وخطبه وكلامه في نفي الصفة كثير نذكره في مواضعه ، أو أن قوله عليه‌السلام سقط من أيدي النساخ ، ومن جميل ما قاله عليه‌السلام في نفي الصفة : «كمال الإخلاص له نفي الصفة عنه ، لشهادة كلّ صفة أنّها غير الموصوف ، =

٩١

وأما الترغيب ، فقوله : (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) (١٦٣). وقوله : (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ). (١٦٤) ومثله قوله : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها) (١٦٥) وقوله : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) (١٦٦). وقوله : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ). (١٦٧) وأما الترهيب ، فمثل قوله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ). (١٦٨) وقوله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ). (١٦٩)

وأما القصص ، فهو ما أخبر الله تعالى نبيه (عليه وعلى آله الصلاة والسلام) من أخبار الأنبياء (عليهم الصلاة والسلام) وقصصهم في قوله : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِ) (١٧٠). وقوله : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) (١٧١). وقوله : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ). (١٧٢) ومثله كثير ، ونحن نذكر ذلك كله في مواضعه ، إن شاء الله ، وإنما ذكرنا من الأبواب التي اختصرناها من الكتاب آية واحدة ليستدل بها على غيرها ، ويعرف معنى ما ذكرناه مما في هذا الكتاب من العلم ، وفي الذي ذكرناه كفاية لمن شرح الله قلبه وصدره ، ومن عليه بدينه الذي ارتضاه لملائكته وأنبيائه ورسله.

__________________

= وشهادة كلّ موصوف أنّه غير الصفة ، فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه ، ومن قرنه فقد ثنّاه ، ومن ثنّاه فقد جزّأه ، ومن جزّأه فقد جهله ، ومن جهله فقد أشار إليه ، ومن أشار إليه فقد حدّه ، ومن حدّه فقد عدّه». نهج البلاغة : ٤٠ الخطبة ١.

(١٦٣) الإسراء ١٧ : ٧٩.

(١٦٤) الصّف ٦١ : ١٠ ـ ١٢.

(١٦٥) النّمل ٢٧ : ٨٩.

(١٦٦) الأنعام ٦ : ١٦٠.

(١٦٧) غافر ٤٠ : ٤٠.

(١٦٨) الحجّ ٢٢ : ١.

(١٦٩) لقمان ٣١ : ٣٣.

(١٧٠) الكهف ١٨ : ١٣.

(١٧١) يوسف ١٢ : ٣.

(١٧٢) غافر ٤٠ : ٧٨.

٩٢

سورة فاتحة الكتاب

٩٣
٩٤

بسم الله الرحمن الرحيم

ثواب فاتحة الكتاب وفضلها ، والبسملة آية منها ، وفضلها

٢٢٢ / ١ ـ (التهذيب) : محمد بن الحسن الطوسي ، بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب ، عن العباس ، عن محمد بن أبي عمير ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن السبع المثاني والقرآن العظيم ، أهي الفاتحة؟ قال : «نعم».

قلت : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) من السبع؟ قال : «نعم ، هي أفضلهن».

٢٢٣ / ٢ ـ عنه : بإسناده عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن حماد بن زيد (١) ، عن عبدالله بن يحيى الكاهلي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : «(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) أقرب إلى اسم الله الأعظم من ناظر العين إلى بياضها».

٢٢٤ / ٣ ـ محمد بن علي بن بابويه ، قال : حدثنا محمد بن القاسم المفسر المعروف : بأبي الحسن الجرجاني رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثني يوسف بن محمد بن زياد ، وعلي بن محمد بن سيار ، عن أبويهما ، عن الحسن ابن علي ، عن أبيه علي بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه الرضا علي بن موسى ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهم‌السلام أنه قال : «(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) آية من فاتحة الكتاب ، وهي سبع آيات ، تمامها : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : إن الله تعالى قال لي : يا محمد : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) (١) فأفرد الامتنان علي بفاتحة الكتاب ، وجعلها بإزاء القرآن العظيم.

وإن فاتحة الكتاب أشرف ما في كنوز العرش ، وإن الله عز وجل خص محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وشرفه بها ، ولم

__________________

ثواب فاتحة الكتاب وفضلها ، والبسملة آية منها ، وفضلها

١ ـ التّهذيب ٢ : ٢٨٩ / ١١٥٧.

٢ ـ التّهذيب ٢ : ٢٨٩ / ١١٥٩.

(١) في «س» و «ط» : زياد ، والصواب ما أثبتناه من المصدر. راجع النجاشي : ٣٧١ / ١٠١١ ، تنقيح المقال ٣ : ١٠٩.

٣ ـ عيون أخبار الرّضا عليه‌السلام ١ : ٣٠١ / ٦٠ ، أمالي الصّدوق ١٤٨ / ٢.

(١) الحجر ١٥ : ٨٧.

٩٥

يشرك معه فيها أحدا من أنبيائه ، ما خلا سليمان عليه‌السلام فإنه أعطاه منها : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) حكى عن بلقيس حين قالت : (إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ). (٢)

ألا فمن قرأها معتقدا لموالاة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وآله الطيبين ، منقادا لأمرها ، مؤمنا بظاهرها وباطنها ، أعطاه الله بكل حرف منها أفضل من الدنيا وما فيها ، من أصناف أموالها وخيراتها.

ومن استمع إلى قارئ يقرأها كان له قدر ما للقارىء ، فليستكثر أحدكم من هذا الخير المعرض لكم فإنه غنيمة ، لا يذهبن أوانه فتبقى في قلوبكم الحسرة».

٢٢٥ / ٤ ـ ابن بابويه أيضا مرسلا ، قال : قيل لأمير المؤمنين عليه‌السلام : يا أمير المؤمنين ، أخبرنا عن (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) أهي من فاتحة الكتاب؟

فقال : «نعم ، كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقرأها ويعدها منها ، ويقول : فاتحة الكتاب هي السبع المثاني».

٢٢٦ / ٥ ـ محمد بن يعقوب : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «لو قرئت الحمد على ميت سبعين مرة ، ثم ردت فيه الروح ، ما كان عجبا».

٢٢٧ / ٦ ـ وعنه : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن عبدالله بن الفضل ، رفعه ، قال : «ما قرأت الحمد على وجع سبعين مرة إلا سكن».

٢٢٨ / ٧ ـ وعنه : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن سلمة بن محرز ، قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : «من لم يبرئه الحمد لم يبرئه شيء».

٢٢٩ / ٨ ـ ابن بابويه ، قال : حدثني أبي رحمه‌الله ، قال : حدثني محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن حسان ، عن إسماعيل بن مهران ، قال : حدثني الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني ، عن أبيه ، قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام : «اسم الله الأعظم مقطع في أم الكتاب».

٢٣٠ / ٩ ـ وعنه ، قال : حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، قال : حدثني محمد بن يحيى العطار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن الرضا علي بن موسى عليهما‌السلام أنه قال : «(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) أقرب إلى اسم الله الأعظم من سواد العين إلى بياضها».

__________________

(٢) النّمل ٢٧ : ٢٩ و ٣٠.

٤ ـ عيون أخبار الرّضا عليه‌السلام ١ : ٣٠١ / ٥٩ ، أمالي الصّدوق : ١٤٨ / ١.

٥ ـ الكافي ٢ : ٤٥٦ / ١٦.

٦ ـ الكافي ٢ : ٤٥٦ / ١٥.

٧ ـ الكافي ٢ : ٤٥٨ / ٢٢.

٨ ـ ثواب الأعمال : ١٠٤.

٩ ـ عيون أخبار الرّضا عليه‌السلام ٢ : ٥ / ١١.

٩٦

٢٣١ / ١٠ ـ علي بن إبراهيم في (تفسيره) : عن ابن أذينة ، قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام : «(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) أحق ما جهر به ، وهي الآية التي قال الله عز وجل : (وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً)». (١)

٢٣٢ / ١١ ـ عنه ، قال : حدثني أبي ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : «إن إبليس رن رنينا (١) ، لما بعث الله نبيه على حين فترة من الرسل ، وحين نزلت أم الكتاب».

٢٣٣ / ١٢ ـ العياشي ، بأسانيده عن الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني ، عن أبيه ، قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام : «اسم الله الأعظم مقطع في أم الكتاب».

٢٣٤ / ١٣ ـ عن محمد بن سنان ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر ، عن أبيه عليهما‌السلام ، قال : قال لأبي حنيفة : «ما سورة أولها تحميد ، وأوسطها إخلاص ، وآخرها دعاء؟» فبقي متحيرا ، ثم قال : لا أدري.

فقال أبو عبدالله عليه‌السلام : «السورة التي أولها تحميد ، وأوسطها إخلاص ، وآخرها دعاء ، سورة الحمد».

٢٣٥ / ١٤ ـ عن يونس بن عبدالرحمن ، عمن رفعه ، قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) (١)؟ فقال : «هي سورة الحمد ، وهي سبع آيات منها (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) وإنما سميت المثاني لأنها تثنى في الركعتين».

٢٣٦ / ١٥ ـ عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : «سرقوا أكرم آية في كتاب الله (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)».

٢٣٧ / ١٦ ـ عن صفوان الجمال ، قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام : «ما أنزل الله من السماء كتابا إلا وفاتحته (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) وإنما كان يعرف انقضاء السورة بنزول (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ابتداء للأخرى».

٢٣٨ / ١٧ ـ عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : «كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يجهر بـ (بِسْمِ اللهِ

__________________

١٠ ـ تفسير القمي ١ : ٢٨.

(١) الإسراء ١٧ : ٤٦.

١١ ـ تفسير القمي ١ : ٢٩.

(١) الرنين : الصياح عند البكاء. «لسان العرب ـ رنن ـ ١٣ : ١٨٧».

١٢ ـ تفسير العياشي ١ : ١٩ / ١.

١٣ ـ تفسير العياشي ١ : ١٩ / ٢.

١٤ ـ تفسير العياشي ١ : ١٩ / ٣.

(١) الحجر ١٥ : ٨٧.

١٥ ـ تفسير العياشي ١ : ١٩ / ٤.

١٦ ـ تفسير العياشي ١ : ١٩ / ٥.

١٧ ـ تفسير العياشي ١ : ٢٠ / ٦.

٩٧

الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ويرفع صوته بها ، فإذا سمع المشركون ولوا مدبرين ، فأنزل الله : (وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً)». (١)

٢٣٩ / ١٨ ـ قال الحسن بن خرزاد ، وروي عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : «إذا أم الرجل القوم ، جاء شيطان إلى الشيطان الذي هو قريب إلى الإمام ، فيقول : هل ذكر الله؟ يعني هل قرأ (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فإن قال : نعم ، هرب منه ، وإن قال : لا ، ركب عنق الإمام ، ودلى رجليه في صدره ، فلم يزل الشيطان إمام القوم حتى يفرغوا من صلاتهم».

٢٤٠ / ١٩ ـ عن عبد الملك بن عمر ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «إن إبليس رن أربع رنات : أولهن يوم لعن ، وحين هبط إلى الأرض ، وحين بعث محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على فترة من الرسل ، وحين أنزلت أم الكتاب (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) ونخر (١) نخرتين : حين أكل آدم عليه‌السلام من الشجرة ، وحين أهبط آدم إلى الأرض ـ قال ـ : ولعن من فعل ذلك».

٢٤١ / ٢٠ ـ عن إسماعيل بن أبان ، يرفعه إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لجابر بن عبدالله : «يا جابر ، ألا أعلمك أفضل سورة أنزلها الله في كتابه؟».

قال : فقال جابر : بلى ـ بأبي أنت وأمي ، يا رسول الله ـ علمنيها.

قال : قال : فعلمه (الْحَمْدُ لِلَّهِ) أم الكتاب.

قال : ثم قال له : «يا جابر ، ألا أخبرك عنها؟».

قال : بلى ـ بأبي أنت وأمي ـ فأخبرني.

قال : «هي شفاء من كل داء ، إلا السام» يعني الموت.

٢٤٢ / ٢١ ـ عن سلمة بن محمد ، (١) قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : «من لم تبرئه الحمد لم يبرئه شيء».

٢٤٣ / ٢٢ ـ عن أبي بكر الحضرمي ، قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام : «إذا كانت لك حاجة ، فاقرأ المثاني وسورة أخرى ، وصل ركعتين ، وادع الله».

__________________

(١) الإسراء ١٧ : ٤٦.

١٨ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٠ / ٧.

١٩ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٠ / ٨.

(١) نخر : مدّ الصوت في خياشيمه. «القاموس المحيط ـ نخر ـ ٢ : ١٤٤».

٢٠ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٠ / ٩.

٢١ ـ الله ١ : ٢٠ / ١.

(١) في المصدر : سلمة بن محرز.

٢٢ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢١ / ١١.

٩٨

قلت : أصلحك الله ، وما المثاني؟ قال : «فاتحة الكتاب (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)».

٢٤٤ / ٢٣ ـ عن عيسى بن عبدالله ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي عليه‌السلام ، قال : بلغه أن أناسا ينزعون (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، فقال : «هي آية من كتاب الله ، أنساهم إياها الشيطان».

٢٤٥ / ٢٤ ـ عن إسماعيل بن مهران ، قال : قال أبو الحسن الرضا عليه‌السلام : «(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) أقرب إلى اسم الله الأعظم من سواد العين إلى بياضها».

٢٤٦ / ٢٥ ـ عن سليمان الجعفري ، قال : سمعت أبا الحسن عليه‌السلام يقول : «إذا أتى أحدكم أهله ، فليكن قبل ذلك ملاطفة ، فإنه ألين (١) لقلبها ، وأسل لسخيمتها (٢) ، فإذا أفضى إلى حاجته ، قال : (بِسْمِ اللهِ) ثلاثا ، فإن قدر أن يقرأ أي آية حضرته من القرآن فعل ، وإلا قد كفته التسمية» الحديث.

٢٤٧ / ٢٦ ـ عن خالد بن المختار ، قال : سمعت جعفر بن محمد عليه‌السلام يقول : «ما لهم ـ قاتلهم الله ـ عمدوا إلى أعظم آية في كتاب الله ، فزعموا أنها بدعة إذا أظهروها ، وهي (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)».

٢٤٨ / ٢٧ ـ (أمالي الشيخ) بإسناده ، قال : قال الصادق عليه‌السلام : «من نالته علة ، فليقرأ الحمد في جيبه (١) سبع مرات ، فإن ذهبت ، وإلا فليقرأها سبعين مرة ، وأنا الضامن له العافية».

٢٤٩ / ٢٨ ـ (جامع الأخبار) : عن ابن مسعود ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من أراد أن ينجيه الله من الزبانية التسعة عشر ، فليقرأ (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فإنها تسعة عشر حرفا ، ليجعل الله كل حرف منها عن واحد منهم».

٢٥٠ / ٢٩ ـ وعن ابن مسعود ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : «من قرأ (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) كتب الله له بكل حرف أربعة آلاف حسنة ، ومحا عنه أربعة آلاف سيئة ، ورفع له أربعة آلاف درجة».

__________________

٢٣ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢١ / ١٢.

٢٤ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢١ / ١٣.

٢٥ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢١ / ١٤.

(١) في المصدر : أبرّ.

(٢) السّخيمة : الضغينة والموجدة في النفس. «الصحاح ـ سخم ـ ٥ : ١٩٤٨». والمعنى : أكثر إخراجا لحقدها ، وما يستولي عليها من الضغينة ومساوئ الأخلاق.

٢٦ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢١ / ١٦.

٢٧ ـ الأمالي ١ : ٢٩٠.

(١) في «ط» جبينه.

٢٨ ـ جامع الأخبار : ٤٢.

٢٩ ـ جامع الأخبار : ٤٢.

٩٩

٢٥١ / ٣٠ ـ وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «من قرأ (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) بنى الله له في الجنة سبعين ألف قصر من ياقوتة حمراء ، في كل قصر سبعون ألف بيت من لؤلؤة بيضاء ، في كل بيت سبعون ألف سرير من زبرجدة خضراء ، فوق كل سرير سبعون ألف فراش من سندس وإستبرق ، وعليه زوجة من حور العين ، ولها سبعون ألف ذؤابة ، مكللة بالدر والياقوت ، مكتوب على خدها الأيمن : محمد رسول الله ، وعلى خدها الأيسر : علي ولي الله ، وعلى جبينها الحسن ، وعلى ذقنها : الحسين ، وعلى شفتيها : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)».

قلت : يا رسول الله ، لمن هذه الكرامة؟ قال : لمن يقول بالحرمة والتعظيم : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)».

٢٥٢ / ٣١ ـ وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إذا مر المؤمن على الصراط ، فيقول : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) أطفئ لهب النار ، وتقول : جز ـ يا مؤمن ـ فإن نورك قد أطفأ لهبي».

٢٥٣ / ٣٢ ـ وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إذا قال المعلم للصبي : [قل :] (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) [فقال الصبي : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)] كتب الله براءة للصبي ، وبراءة لأبويه ، وبراءة للمعلم [من النار]».

٢٥٤ / ٣٣ ـ وروي أن رجلا يسمى عبد الرحمن ، كان معلما للأولاد في المدينة ، فعلم ولدا للحسين عليه‌السلام يقال له جعفر ، فعلمه (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) فلما قرأها على أبيه الحسين عليه‌السلام استدعى المعلم ، وأعطاه ألف دينار وألف حلة ، وحشا فاه درا ، فقيل له في ذلك؟ فقال عليه‌السلام : «وأنى تساوي عطيتي هذه بتعليمه ولدي (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)؟!».

٢٥٥ / ٣٤ ـ الزمخشري في (ربيع الأبرار) : عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا يرد دعاء أوله (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فإن أمتي يأتون يوم القيامة ، وهم يقولون : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فتثقل حسناتهم في الميزان ، فتقول الأمم : ما أرجح موازين أمة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم! فيقول الأنبياء : إن ابتداء كلامهم ثلاثة أسماء من أسماء الله تعالى ، لو وضعت في كفة الميزان ، ووضعت سيئات الخلق في كفة أخرى ، لرجحت حسناتهم».

__________________

٣٠ ـ جامع الأخبار : ٤٢.

٣١ ـ جامع الأخبار : ٤٢.

٣٢ ـ جامع الأخبار : ٤٢.

٣٣ ـ مناقب ابن شهر آشوب ٤ : ٦٦ «نحوه».

٣٤ ـ ربيع الأبرار ٢ : ٣٣٦.

١٠٠