البرهان في تفسير القرآن - ج ١

السيد هاشم الحسيني البحراني

البرهان في تفسير القرآن - ج ١

المؤلف:

السيد هاشم الحسيني البحراني


المحقق: مؤسسة البعثة
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة البعثة
المطبعة: مؤسسة البعثة
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٥٢

٢٠١٢ / ٧ ـ سعد بن عبد الله : قال : حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمد بن سنان ، عن عمار ابن مروان ، عن المنخل بن جميل ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : «ليس من مؤمن إلا وله قتلة وموتة ، إنه من قتل نشر حتى يموت ، ومن مات نشر حتى يقتل».

ثم تلوت على أبي جعفر عليه‌السلام هذه الآية (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) فقال : «ومنشورة».

قلت : قولك : «ومنشورة» ما هو؟

قال : «هكذا انزل بها جبرئيل على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كل نفس ذائقة الموت ومنشورة» ثم قال : «ما في هذه الامة أحد بر ولا فاجر إلا وينشر ، فأما المؤمنون فينشرون الى قرة أعينهم ، وأما الفجار فينشرون إلى خزي الله إياهم ، ألم تسمع إن الله تعالى يقول : (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ) (١) ، وقوله : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ) (٢) يعني بذلك محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقيامه في الرجعة ينذر فيها ، وقوله : (إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ * نَذِيراً لِلْبَشَرِ) (٣) يعني محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نذيرا للبشر في الرجعة ، وقوله : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (٤) يظهره الله عز وجل في الرجعة ، وقوله : (حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ) (٥) هو علي بن أبي طالب إذا رجع في الرجعة».

قال جابر : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في قوله عز وجل : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ) (٦) قال : هو أنا ، إذا خرجت أنا وشيعتي ، وخرج عثمان وشيعته ، ونقتل بني أمية فعندها (يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ)».

قلت : قد تقدمت روايات في الآية في قوله تعالى : (أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ) (٧).

قوله تعالى :

لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ

مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ

__________________

٧ ـ مختصر بصائر الدرجات : ١٧.

(١) السجدة ٣٢ : ٢١.

(٢) المدثّر ٣٢ : ٢١.

(٣) المدثّر ٧٤ : ٣٥ ، ٣٦.

(٤) التّوبة ٩ : ٣٣.

(٥) المؤمنون ٢٣ : ٧٧.

(٦) الحجر ١٥ : ٢.

(٧) آل عمران ٣ : ١٤٤.

٧٢١

ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [١٨٦]

٢٠١٣ / ١ ـ محمد بن إبراهيم النعماني ، قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة ، قال : حدثنا أحمد ابن يوسف بن يعقوب الجعفي ، قال : حدثنا إسماعيل بن مهران ، قال : حدثنا الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن الحكم بن أيمن ، عن ضريس الكناسي ، عن أبي خالد الكابلي ، قال : قال علي بن الحسين عليهما‌السلام : «لوددت أني تركت فكلمت الناس ثلاثا ، ثم قضى الله تعالى في ما أحب ، ولكن عزمة (١) من الله أن نصبر» ثم تلا هذه الآية : (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) (٢) ثم تلا أيضا قوله تعالى : (وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ).

٢٠١٤ / ٢ ـ ابن بابويه ، قال : حدثنا محمد بن علي ما جيلويه رحمه‌الله ، عن عمه محمد بن أبي القاسم ، عن محمد بن علي الكوفي ، عن محمد بن سنان ؛ وحدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق ، ومحمد بن أحمد السناني ، وعلي بن عبد الله الوراق ، والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب (رضي الله عنهم) ، قالوا : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، عن محمد بن إسماعيل ، عن علي بن العباس ، قال : حدثنا القاسم بن الربيع الصحاف ، عن محمد بن سنان : أن علي بن موسى عليه‌السلام كتب إليه في جواب مسائله في قوله : (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ) : «في أموالكم بإخراج الزكاة ، وفي أنفسكم بتوطين النفس (١) على الصبر».

٢٠١٥ / ٣ ـ العياشي : عن أبي خالد الكابلي ، قال : قال علي بن الحسين عليهما‌السلام : «لوددت أنه اذن لي فكلمت الناس ثلاثا ، ثم صنع الله بي ما أحب» قال (١) بيده على صدره ، ثم قال : «ولكنها عزمة من الله أن نصبر» ثم تلا هذه الآية : (وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) وأقبل يرفع يده ويضعها على صدره.

قوله تعالى :

وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا

__________________

سورة آل عمران آية ـ ١٨٦ ـ

١ ـ الغيبة : ١٩٨ / ١١.

(١) العزمة : الفرض «لسان العرب ـ عزم ـ ١٢ : ٤٠٠».

(٢) سورة ص ٣٨ : ٨٨.

٢ ـ عيون أخبار الرّضا عليه‌السلام ٢ : ٨٩ / ١.

(١) في المصدر : الأنفس.

٣ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢١٠ / ١٨٩.

(١) أي أشار.

٧٢٢

تَكْتُمُونَهُ ـ إلى قوله تعالى ـ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ [١٨٧ ـ ١٨٨]

٢٠١٦ / ١ ـ علي بن إبراهيم ، في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ) : «وذلك أن الله أخذ ميثاق الذين أوتوا الكتاب في محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليبيننه للناس إذا خرج ولا يكتمونه (فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ) يقول : نبذوا عهد الله وراء ظهورهم (وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ)».

وقال : قوله تعالى : (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا) نزلت في المنافقين الذين يحبون أن يحمدوا على غير فعل.

٢٠١٧ / ٢ ـ وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، في قوله تعالى : (فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ) يقول : ببعد من العذاب (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ).

قوله تعالى :

إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ

لِأُولِي الْأَلْبابِ [١٩٠]

٢٠١٨ / ١ ـ ابن بابويه ، قال : حدثنا أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، في قول الله عز وجل : (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى) (١).

قال : «من لم يدله خلق السماوات والأرض ، واختلاف الليل والنهار ، ودوران الفلك والشمس والقمر ، والآيات العجيبات على أن وراء ذلك أمرا أعظم منه ، فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا ـ قال ـ : فهو عما لم يعاين أعمى وأضل».

٢٠١٩ / ٢ ـ محمد بن يعقوب : عن أبي عبد الله الأشعري ، عن بعض أصحابنا ، عن هشام بن الحكم ، قال : قال

__________________

سورة آل عمران آية ـ ١٨٧ ـ ١٨٨ ـ

١ ـ تفسير القمّي ١ : ١٢٨.

٢ ـ تفسير القمّي ١ : ١٢٩.

سورة آل عمران آية ـ ١٩٠ ـ

١ ـ التوحيد : ٤٥٥ / ٦.

(١) الإسراء ١٧ : ٧٢.

٢ ـ الكافي ١ : ١٠ و ١٢ / ١٢.

٧٢٣

لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام : «يا هشام ، إن الله تبارك وتعالى بشر أهل العقل والفهم في كتابه ، فقال : (فَبَشِّرْ عِبادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ) (١)».

وساق الحديث بطوله ، وقال عليه‌السلام فيه : «ثم ذكر اولي الألباب بأحسن الذكر ، وحلاهم بأحسن الحلية ، فقال : (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَما يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبابِ) (٢) ، وقال : (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبابِ) (٣) ، وقال : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ) وقال : (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) (٤) ، وقال : (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) (٥) ، وقال : (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ) (٦) ، وقال : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ * هُدىً وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ) (٧).

يا هشام ، إن لكل شيء دليلا ، ودليل العقل التفكر ، ودليل التفكر الصمت».

٢٠٢٠ / ٣ ـ عنه : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : نبه بالتفكر قلبك ، وجاف عن الليل جنبك ، واتق الله ربك».

٢٠٢١ / ٤ ـ وعنه : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بعض أصحابه ، عن أبان ، عن الحسن الصيقل ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عما يروي الناس : أن تفكر ساعة خير من قيام ليلة ، قلت : كيف يتفكر؟

قال : «يمر بالخربة أو بالدار ، فيقول : أين ساكنوك ، أين بانوك ، ما لك لا تتكلمين؟».

٢٠٢٢ / ٥ ـ وعنه : عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن بعض رجاله ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «أفضل العبادة إدمان التفكر في الله تعالى وفي قدرته».

__________________

(١) الزّمر ٣٩ : ١٧ ، ١٨.

(٢) البقرة ٢ : ٢٦٩.

(٣) آل عمران ٣ : ٧.

(٤) الرّعد ١٣ : ١٩.

(٥) الزّمر ٣٩ : ٩.

(٦) سورة ص ٣٨ : ٢٩.

(٧) غافر ٤٠ : ٥٣ ، ٥٤.

٣ ـ الكافي ٢ : ٤٥ / ١.

٤ ـ الكافي ٢ : ٤٥ / ٢.

٥ ـ الكافي ٢ : ٤٥ / ٣.

٧٢٤

٢٠٢٣ / ٦ ـ وعنه : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن معمر بن خلاد ، قال : سمعت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام يقول : «ليس العبادة كثرة الصلاة والصوم ، إنما العبادة التفكر في أمر الله عز وجل».

٢٠٢٤ / ٧ ـ وعنه : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن إسماعيل بن سهل ، عن حماد ، عن ربعي ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : التفكر يدعوا إلى البر والعمل به».

٢٠٢٥ / ٨ ـ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أفضلكم منزلة عند الله تعالى أطولكم جوعا وتفكرا ، وأبغضكم إلى الله كل نئوم أكول».

٢٠٢٦ / ٩ ـ وقال ابن عباس : إن قوما تفكروا في الله تعالى ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «تفكروا في خلق الله ، ولا تفكروا في الله ، فإنكم لم تقدروا قدره».

٢٠٢٧ / ١٠ ـ خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات يوم على قوم وهم يتفكرون ، فقال : «ما لكم لا تتكلمون؟» فقالوا : نتفكر في خلق الله تعالى. فقال : «وكذلك فافعلوا وتفكروا في خلقه ، ولا تتفكروا فيه».

٢٠٢٨ / ١١ ـ وسئل عيسى عليه‌السلام : من أفضل الناس؟ فقال : «من كان منطقه ذكرا ، وصمته فكرا ، ونظره عبرة».

٢٠٢٩ / ١٢ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أعطوا أعينكم حظها من العبادة» [قالوا : وما حظها من العبادة ، يا رسول الله؟] (١) قال : «النظر في المصحف ، والتفكر فيه ، والاعتبار عند عجائبه».

٢٠٣٠ / ١٣ ـ وقال ابن عباس : ركعتان مقتصدتان في تفكر خير من قيام ليلة بلا قلب. وكان لقمان يطيل الجلوس وحده ، فكان يمر به مولاه ، فيقول : يا لقمان ، إنك تديم الجلوس وحدك ، فلو جلست مع الناس كان آنس لك. فيقول لقمان : إن طول الوحدة أفهم للفكر ، وطول الفكر دليل على طريق الجنة.

__________________

٦ ـ الكافي ٢ : ٤٥ / ٤.

٧ ـ الكافي ٢ : ٤٥ / ٥.

٨ ـ ... المحجة البيضاء ٥ : ١٤٦.

٩ ـ ... الدر المنثور ٢ : ٤٠٩ ، المحجة البيضاء ٨ : ١٩٣.

١٠ ـ ... الدر المنثور ٢ : ٤٠٨ ، المحجة البيضاء ٨ : ١٩٣.

١١ ـ ... المحجة البيضاء ٨ : ١٩٥.

١٢ ـ ... كنز العمال ١ : ٥١٠ / ٦٢٦٢ ، المحجة البيضاء ٨ : ١٩٥.

(١) أضفناه من المحجّة.

١٣ ـ ... المحجة البيضاء ٨ : ١٩٥ و ١٩٦.

٧٢٥

قوله تعالى :

الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ ـ إلى قوله تعالى ـ

خاشِعِينَ لِلَّهِ [١٩١ ـ ١٩٩]

٢٠٣١ / ١ ـ وفي قوله تعالى : (وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ويل لمن قرأ هذه الآية ثم مسح بها سبلته (١)» أي تجاوز عنها من غير فكر ، وذم المعرضين عنها.

٢٠٣٢ / ٢ ـ قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في بعض خطبه : «الحمد لله الدال على وجوده بخلقه ، وبمحدث خلقه على أزليته ، وباشتباههم على أن لا شبيه له ، لا تستلمه المشاعر (١) ، ولا تحجبه السواتر ، لافتراق الصانع من المصنوع ، والحاد من المحدود ، والرب من المربوب ؛ الأحد بلا تأويل عدد ، والخالق لا بمعنى حركة ونصب ، والسميع لا بأداة ، والبصير لا بتفريق آلة (٢) ، والشاهد لا بمماسة ، والبائن لا بتراخي مسافة ، والظاهر لا برؤية ، والباطن لا بلطافة ، بان من الأشياء بالقهر لها ، والقدرة عليها ، وبانت الأشياء منه بالخضوع له والرجوع إليه ؛ من وصفه فقد حده ، ومن حده فقد عده ، ومن عده فقد أبطل أزليته ، ومن قال : (كيف) فقد استوصفه ، ومن قال : (أين) فقد حيزه ، عالم إذ لا معلوم ، ورب إذ لا مربوب ، وقادر إذ لا مقدور».

٢٠٣٣ / ٣ ـ محمد بن يعقوب : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عز وجل : (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ).

قال : «الصحيح يصلي قائما وقعودا ، والمريض يصلي جالسا ، (وَعَلى جُنُوبِهِمْ) الذي يكون الأضعف من المريض الذي يصلي جالسا».

٢٠٣٤ / ٤ ـ الشيخ في (أماليه) ، قال : أخبرنا محمد بن محمد ـ يعني المفيد ـ قال : أخبرنا المظفر البلخي الوراق ، قال : أخبرنا أبو علي محمد بن همام الإسكافي الكاتب ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، قال : حدثنا الحسن بن محبوب ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر محمد ابن علي الباقر عليهما‌السلام ، قال : «لا يزال المؤمن في صلاة ما كان في ذكر الله ، قائما أو جالسا أو مضطجعا ، إن

__________________

سورة آل عمران آية ـ ١٩١ ـ ١٩٩ ـ

١ ـ المحجة البيضاء ٨ : ٢٣١.

(١) سبلة الرجل : مجتمع شاربيه ، وقيل : مقدّم لحيته ، وفي «ط» : شبكته.

٢ ـ نهج البلاغة : ٢١١ / خطبة (١٥٢).

(١) أي لا تصل إليه الحواس ، وفي «ط» : لا تسلمه المشاعر.

(٢) في المصدر : «بلا تفريق آلة».

٣ ـ الكافي ٣ : ٤١١ / ١١.

٤ ـ الأمالي ١ : ٧٦.

٧٢٦

الله تعالى يقول : (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ)».

وروى هذا الحديث الشيخ المفيد في (أماليه) قال : أخبرنا المظفر بن محمد البلخي (١) الوراق ، قال : حدثنا أبو علي محمد بن همام الإسكافي الكاتب ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، وساق الحديث بباقي السند والمتن سواء (٢).

٢٠٣٥ / ٥ ـ ابن بابويه ، قال : حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رحمه‌الله ، قال : حدثنا عبد العزيز بن يحيى بالبصرة ، قال : حدثني المغيرة بن محمد ، قال : حدثني رجاء بن سلمة ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر محمد بن علي عليهم‌السلام ، قال : «خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) بالكوفة منصرفه من النهروان ، ـ وذكر خطبة فيها أسماؤه من كتاب الله سبحانه ، قال فيها ـ وأنا الذاكر ، يقول الله تبارك وتعالى : (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ)».

٢٠٣٦ / ٦ ـ وروى الشيباني في (نهج البيان) : عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام : «أن هذه الآيات التي أواخر آل عمران نزلت في علي عليه‌السلام وفي جماعة من أصحابه ، وذلك أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما أمره الله تعالى بالمهاجرة إلى المدينة بعد موت عمه أبي طالب (رحمة الله عليه) ، وكان قد تحالفت عليه قريش بأن يكبسوا عليه ليلا وهو نائم ، فيضربوه ضربة رجل واحد ، فلم يعلم من قاتله ، فلا يؤخذ بثاره ، فأمر الله بأن يبيت مكانه ابن عمه عليا عليه‌السلام ، ويخرج ليلا إلى المدينة ، ففعل ما أمره الله به ، وبيت مكانه على فراشه عليا عليه‌السلام ، وأوصاه أن يحمل أزواجه إلى المدينة ، فجاء المشركون من قريش لما تعاقدوا عليه وتحالفوا ، فوجدوا عليا عليه‌السلام مكانه فرجعوا القهقرى ، وأبطل الله ما تعاقدوا عليه وتحالفوا.

ثم إن عليا عليه‌السلام حمل أهله وأزواجه إلى المدينة فعلم أبو سفيان بخروجه وسيره إلى المدينة فتبعه ليردهم ، وكان معهم عبد له أسود ، فيه شدة وجرأة في الحرب ، فأمره سيده أن يلحقه فيمنعه عن المسير حتى يلقاه بأصحابه ، فلحقه ، فقال له : لا تسر بمن معك إلى أن يأتي مولاي. فقال عليه‌السلام له : ويلك ، ارجع إلى مولاك وإلا قتلتك. فلم يرجع ، فشال علي عليه‌السلام سيفه وضربه ، فأبان عنقه عن جسده ، وسار بالنساء والأهل ، وجاء أبو سفيان فوجد عبده مقتولا ، فتبع عليا عليه‌السلام وأدركه ، فقال له : يا علي ، تأخذ بنات عمنا من عندنا من غير إذننا ، وتقتل عبدنا! فقال : أخذتهم بإذن من له الإذن ، فامض لشأنك. فلم يرجع ، وحاربه على ردهم بأصحابه يومه أجمع ، فلم يقدروا على رده ، وعجزوا عنه هو وأصحابه ، فرجعوا خائبين.

وسار علي عليه‌السلام بأصحابه وقد كلوا من الحرب والقتال ، فأمرهم علي عليه‌السلام بالنزول ليستريحوا ويسير بمن

__________________

(١) في «س وط» : البجلي ، تصحيف صوابه ما في المتن ، راجع رجال النجاشي : ٤٢٢ / ١١٣٠.

(٢) الأمالي : ٣١٠ / ١.

٥ ـ معاني الأخبار : ٥٩ / ٩.

٦ ـ نهج البيان ١ : ٧٩.

٧٢٧

معه ، فنزلوا وصلوا على ما يتمكنون ، وطرحوا أنفسهم عجزا يذكرون الله تعالى في هذه الحالات كلها إلى الصباح ، ويحمدونه ، ويشكرونه ، ويعبد. ثم سار بهم إلى المدينة ، إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ونزل جبرئيل عليه‌السلام قبل وصولهم ، فحكى للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حكايتهم ، وتلا عليه الآيات من آخر آل عمران إلى قوله : (إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ) فلما وصل عليه‌السلام بهم إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال له : إن الله سبحانه قد أنزل فيك وفي أصحابك قرآنا ، وتلا عليه الآيات من آخر آل عمران إلى آخرها» والحمد لله رب العالمين.

٢٠٣٧ / ٧ ـ وروى الشيخ المفيد في (الاختصاص) : بإسناده إلى علي بن أسباط ، عن غير واحد من أصحاب ابن دأب ، وذكر حديثا يتضمن أن لأمير المؤمنين عليه‌السلام سبعين منقبة لا يشركه فيها أحد من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، منها : أول خصاله المواساة. قالوا : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له : «إن قريشا قد أجمعوا على قتلي ، فنم على فراشي» فقال : «بأبي أنت وامي ، السمع والطاعة لله ولرسوله» فنام على فراشه ، ومضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لوجهه ، وأصبح علي عليه‌السلام وقريش تحرسه ، فأخذوه فقالوا : أنت الذي غدرتنا منذ الليلة؟

فقطعوا له قضبان الشجر ، فضرب حتى كادوا يأتون على نفسه ، ثم أفلت من بين أيديهم ، وأرسل إليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو في الغار أن «اكثر ثلاثة أباعر : واحدا لي ، وواحدا لأبي بكر ، وواحدا للدليل ، واحمل أنت بناتي إلى أن تلحق بي» ففعل.

[ومنه خصاله عليه‌السلام الحفيظة والكرم] قال ابن دأب : فما الحفيظة والكرم؟ قالوا : مشى على رجليه ، وجعل بنات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الظهر ، وكمن النهار وسار بهن الليل ما شيا على رجليه ، فقدم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد تعلقت قدماه دما ومدة ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أتدري ما نزل فيك»؟ فأعلمه بما لا عوض له لو بقي في الدنيا ما كانت الدنيا باقية. قال : «يا علي ، نزل فيك (فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى) فالذكر أنت ، والإناث بنات رسول الله ، يقول الله تبارك وتعالى : (فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ) إلى قوله : (وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ)».

٢٠٣٨ / ٨ ـ العياشي : عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : «لا يزال المؤمن في صلاة ما كان في ذكر الله ، إن كان قائما أو جالسا أو مضطجعا ، لأن الله يقول : (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ)» الآية.

عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام مثله ، في رواية اخرى.

٢٠٣٩ / ٩ ـ وفي رواية عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال سمعته يقول في قول الله : (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً) : «الأصحاء (وَقُعُوداً) يعني المرضى (وَعَلى جُنُوبِهِمْ) ـ قال : ـ اعل ممن يصلي جالسا وأوجع».

__________________

٧ ـ الإختصاص : ١٤٦.

٨ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢١١ / ١٩٠.

٩ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢١١ / ١٩١.

٧٢٨

٢٠٤٠ / ١٠ ـ وفي رواية اخرى عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ) قال : «الصحيح يصلي قائما وقعودا ، والمريض يصلي جالسا ، وعلى جنوبهم أضعف من المريض الذي يصلي جالسا».

٢٠٤١ / ١١ ـ عن يونس بن ظبيان ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله : (وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ).

قال : «ما لهم من أئمة يسمونهم (١) بأسمائهم».

٢٠٤٢ / ١٢ ـ عن عبد الرحمن (١) بن كثير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في قوله : (رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا).

قال : «هو (٢) أمير المؤمنين عليه‌السلام نودي من السماء : أن آمن برسول الله ؛ فآمن به».

٢٠٤٣ / ١٣ ـ عن الأصبغ بن نباتة ، عن علي عليه‌السلام ، في قوله تعالى : (ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللهِ) ، (وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ). قال : «قال رسول الله : أنت الثواب ، وأصحابك (١) الأبرار».

٢٠٤٤ / ١٤ ـ عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : «الموت خير للمؤمن ، لأن الله يقول : (وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ)».

٢٠٤٥ / ١٥ ـ علي بن إبراهيم ، قال : قوله تعالى : (رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ) يعني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ينادي للإيمان ، إلى قوله : (إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ) ثم ذكر أمير المؤمنين عليه‌السلام وأصحابه ، فقال : (فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ) يعني أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وسلمان ، وأبا ذرّ حين اخرج ، وعمار ، الذين أوذوا في سبيل الله (١) : (وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللهِ وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ) ، ثم قال لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ * مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ).

__________________

١٠ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢١١ / ١٩٢.

١١ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢١١ / ١٩٣.

(١) في «ط» : يسمّوا.

١٢ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢١١ / ١٩٤.

(١) في «س ، ط» : وبعض نسخ المصدر : عن عمر بن عبد الرحمن ، وهو تصحيف (عن عمّه عبد الرحمن) بسبب حذف أسانيد تفسير العيّاشي ، والراوي عن عبد الرحمن هو ابن أخيه علي بن حسّان. راجع رجال النجاشي : ٢٣٤ ، معجم رجال الحديث ٩ : ٣٤٣.

(٢) في «ط» : هذا.

١٣ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢١٢ / ١٩٥ ، شواهد التّنزيل ١ : ١٣٨ / ١٩٠.

(١) في المصدر : وأنصارك.

١٤ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢١٢ / ١٩٦.

١٥ ـ تفسير القمّي ١ : ١٢٩.

(١) (وعمار ... الله) ليس في المصدر.

٧٢٩

وأما قوله : (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خاشِعِينَ لِلَّهِ) فهم قوم من اليهود والنصارى دخلوا في الإسلام ، منهم النجاشي وأصحابه.

قوله تعالى :

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ

تُفْلِحُونَ [٢٠٠]

٢٠٤٦ / ١ ـ محمد بن يعقوب : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن الحسين بن المختار ، عن عبد الله بن أبي يعفور ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في قول الله عز وجل : (اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا) قال : «اصبروا على الفرائض».

٢٠٤٧ / ٢ ـ عنه : عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن حماد بن عيسى ، عن أبي السفاتج ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في قول الله عز وجل : (اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا) قال : «اصبروا على الفرائض ، وصابروا على المصائب ، ورابطوا على الأئمة».

٢٠٤٨ / ٣ ـ ابن بابويه ، قال : حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، قال : حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن علي بن أسباط ، عن ابن أبي حمزة (١) ، عن أبي بصير ، قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن قول الله عز وجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا).

فقال : «اصبروا على المصائب ، وصابروهم على التقية ، ورابطوا على ما تقتدون به ، (وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)».

٢٠٤٩ / ٤ ـ محمد بن إبراهيم النعماني ، قال : أخبرنا علي بن أحمد بن البندنيجي ، عن عبيد الله بن موسى العباسي ، عن هارون بن مسلم ، عن القاسم بن عروة ، عن بريد بن معاوية العجلي ، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه‌السلام ، في قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا).

قال : «اصبروا على أداء الفرائض ، وصابروا عدوكم ، ورابطوا إمامكم المنتظر».

__________________

سورة آل عمران آية ـ ٢٠٠ ـ

١ ـ الكافي ٢ : ٦٦ / ٢.

٢ ـ الكافي ٢ : ٦٦ / ٣.

٣ ـ معاني الأخبار : ٣٦٩ / ١.

(١) في المصدر : عن أبي حمزة ، والصواب ما في المتن. لرواية ابن أبي حمزة عن أبي بصير ، كما أثبت ذلك في معجم رجال الحديث ٢١ : ٤٥ و ٥٨.

٤ ـ الغيبة : ١٩٩ / ١٣.

٧٣٠

وروى هذا الحديث الشيخ المفيد في (الغيبة) بإسناده عن بريد بن معاوية العجلي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، الحديث بعينه (١).

٢٠٥٠ / ٥ ـ عنه ، قال : أخبرنا علي بن أحمد ، قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى ، عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن علي بن إسماعيل ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن أبي الطفيل ، عن أبي جعفر محمد ابن علي ، عن أبيه علي بن الحسين عليهم‌السلام : «أن ابن عباس بعث إليه من يسأله عن هذه الآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا) فغضب علي بن الحسين عليهما‌السلام وقال للسائل : وددت أن الذي أمرك بهذا واجهني به ـ ثم قال ـ : نزلت في أبي وفينا ، ولم يكن الرباط الذي أمرنا به بعد ، وسيكون ذلك ذرية من نسلنا المرابط».

ثم قال : «أما إن في صلبه ـ يعني ابن عباس ـ وديعة ذرئت لنار جهنم ، سيخرجون أقواما من دين الله أفواجا ، وستصبغ الأرض بدماء فراخ من فراخ آل محمد عليهم‌السلام ، تنهض تلك الفراخ في غير وقت ، وتطلب غير مدرك ، ويرابط الذين آمنوا ، ويصبرون ويصابرون حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين».

وسيأتي نحو هذا الحديث في قوله تعالى : (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً) (١) بوجه آخر.

٢٠٥١ / ٦ ـ علي بن إبراهيم ، قال : حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن مسكان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «اصبروا على المصائب ، وصابروا على الفرائض ، ورابطوا على الأئمة».

٢٠٥٢ / ٧ ـ عنه ، قال : حدثني أبي ، عن الحسين بن خالد ، عن الرضا عليه‌السلام ، قال : «إذا كان يوم القيامة ينادي مناد أين الصابرون؟ فيقوم فئام (١) من الناس ، ثم ينادي : أين المتصبرون؟ فيقوم فئام من الناس».

قلت : جعلت فداك ، وما الصابرون؟ قال : «على أداء الفرائض ، والمتصبرون على اجتناب المحارم».

٢٠٥٣ / ٨ ـ سعد بن عبد الله : عن يعقوب بن يزيد ؛ وإبراهيم بن هاشم ، عن الحسن بن محبوب ، عن يعقوب السراج ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : تخلوا الأرض من عالم منكم حي ظاهر يفزع إليه الناس في حلالهم وحرامهم؟

فقال : «لا يا أبا يوسف ، وإن ذلك لشيء في كتاب الله عز وجل قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا

__________________

(١) انظر تأويل الآيات ١ : ١٢٧ / ٤٧.

٥ ـ الغيبة : ١٩٩ / ١٢.

(١) يأتي في الحديث (٤) من تفسير الآية (٧٢) من سورة الاسراء.

٦ ـ تفسير القمي ١ : ١٢٩.

٧ ـ تفسير القمي ١ : ١٢٩.

(١) الفئام : الجماعة الكثيرة. «النهاية ٣ : ٤٠٦».

٨ ـ مختصر بصائر الدرجات : ٨.

٧٣١

وَصابِرُوا وَرابِطُوا) اصبروا على دينكم ، وصابروا على (١) عدوكم ، ورابطوا إمامكم فيما أمركم ، وفرض عليكم».

٢٠٥٤ / ٩ ـ الشيخ في (مجالسه) بإسناده ، حذفناه اختصارا ، في حديث أبي ذر ، قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يا أبا ذر ، أتعلم في أي شيء أنزلت هذه الآية (اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)»؟ قلت : لا ، فداك أبي وأمي. قال : «في انتظار الصلاة خلف الصلاة».

٢٠٥٥ / ١٠ ـ العياشي : عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في قول الله تبارك وتعالى : «(اصْبِرُوا) يقول : عن المعاصي (وَصابِرُوا) على الفرائض (وَاتَّقُوا اللهَ) يقول : مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر ـ ثم قال ـ وأي منكر أنكر من ظلم الامة لنا وقتلهم إيانا! (وَرابِطُوا) يقول : في سبيل الله ، ونحن السبيل فيما بين الله تعالى وخلقه ، ونحن الرباط الأدنى ، فمن جاهد عنا ، فقد جاهد عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وما جاء به من عند الله (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) يقول : لعل الجنة توجب لكم إن فعلتم ذلك ، ونظيرها من قول الله : (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (١) ولو كانت هذه الآية في المؤذنين كما فسرها المفسرون لفاز القدرية وأهل البدع معهم».

١٠٥٦ / ١١ ـ عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في قول الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا). قال : «اصبروا على الفرائض ، وصابروا على المصائب ، ورابطوا على الأئمة».

٢٠٥٧ / ١٢ ـ عن يعقوب السراج ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : تبقى الأرض يوما بغير عالم منكم يفزع الناس إليه؟

قال : فقال لي : «إذن لا يعبد الله ، يا أبا يوسف ، لا تخلوا الأرض من عالم منا ظاهر يفزع الناس إليه في حلالهم وحرامهم ، وإن ذلك لمبين في كتاب الله قال الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا) اصبروا على دينكم ، وصابروا على عدوكم ممن يخالفكم ، ورابطوا إمامكم ، واتقوا الله فيما أمركم به ، وافترض عليكم».

٢٠٥٨ / ١٣ ـ وفي رواية اخرى عنه «(اصْبِرُوا) على الأذى فينا» قلت : (وَصابِرُوا)؟ قال : «على عدوكم مع وليكم» قلت : (وَرابِطُوا)؟ قال : «المقام مع إمامكم» ، (وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) قلت : تنزيل؟ قال : «نعم».

__________________

(١) (على) ليس في المصدر.

٩ ـ ورد هذا الحديث في الأمالي ٢ : ١٣٨ ـ ١٥٥ ، ولكن لم نجد هذه القطعة فيه ، ووردت في مكارم الأخلاق : ٤٦٧ ، الوسائل ٣ : ٨٦ / ٨ ، البحار ٧٧ : ٨٥.

١٠ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢١٢ / ١٩٧.

(١) فصّلت ٤١ : ٣٣.

١١ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢١٢ / ١٩٨.

١٢ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢١٢ / ١٩٩!

١٣ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢١٣ / ٢٠٠.

٧٣٢

٢٠٥٩ / ١٤ ـ عن أبي الطفيل ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، في هذه الآية ، قال : «نزلت فينا ، ولم يكن الرباط الذي أمرنا به بعد ، وسيكون ذلك يكون من نسلنا المرابط ، ومن نسل ابن ناثل (١) المرابط».

٢٠٦٠ / ١٥ ـ عن بريد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، في قوله : (اصْبِرُوا) يعني بذلك عن المعاصي (وَصابِرُوا) يعني التقية (وَرابِطُوا) يعني الأئمة عليهم‌السلام».

ثم قال : «أتدري ما معنى البدوا ما لبدنا ، فإذا تحركنا فتحركوا؟ (وَاتَّقُوا اللهَ) ما لبدنا ، ربكم (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)».

قال : قلت : جعلت فداك ، إنما نقرؤها (وَاتَّقُوا اللهَ) قال : «أنتم تقرؤنها كذا ، ونحن نقرؤها هكذا» (١).

٢٠٦١ / ١٦ ـ وروى الحسين بن مساعد من طريق المخالفين : أن الآية نزلت في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي عليه‌السلام وحمزة رضي‌الله‌عنه.

__________________

١٤ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢١٣ / ٢٠١.

(١) في «س» : ناتل ، قال المجلسي رحمه‌الله : ابن ناتل كناية عن ابن عبّاس ، والناتل : المتقدّم والزاجر ، أو بالثاء المثلثة كناية عن امّ العبّاس : نثيلة ، فقد وقع في الأشعار المنشدة في ذمّهم نسبتهم إليها ، والحاصل أنّ من نسلنا من ينتظر الخلافة ومن نسلهم أيضا ، ولكن دولتنا باقية ، ودولتهم زائلة. «بحار الأنوار ٢٤ : ٢١٨».

١٥ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢١٣ / ٢٠٢.

(١) قال المجلسي رحمه‌الله : والمعنى لا تستعجلوا في الخروج على المخالفين ، وأقيموا في بيوتكم ما لم يظهر منا ما يوجب الحركة من النداء والصيحة وعلامات خروج القائم عليه‌السلام ، وظاهره أن تلك الزيادات كانت داخلة في الآية ، ويحتمل أن يكون تفسيرا للمرابطة والمصابرة بارتكاب تجوّز في قوله عليه‌السلام : «نحن نقرؤها كذا» ويحتمل أن يكون لفظ الجلالة زيد من النساخ ، ويكون : واتّقوا ما لبدنا ربّكم. كما يؤمي إليه كلام الراوي ، بحار الأنوار ٢٤ : ٢١٨.

١٦ ـ تحفة الأبرار : ١١٤ «مخطوط» ، تفسير الحبري : ٢٥٢ / ١٧ ، شواهد التنزيل ١ : ١٣٩ / ١٩٢.

٧٣٣
٧٣٤

المستدرك

(سورة آل عمران)

قوله تعالى :

إِنَّ اللهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ [٥]

١ ـ (الاحتجاج) للطبرسي ـ في احتجاج الإمام الصادق عليه‌السلام على الزنادقة ـ قال : أوليس توزن الأعمال؟

قال عليه‌السلام : «لا ، إن الأعمال ليست بأجسام ، وإنما هي صفة ما عملوا ، وإنما يحتاج إلى وزن الشيء من جهل عدد الأشياء ، ولا يعرف ثقلها أو خفتها ، و (إِنَّ اللهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ)».

قوله تعالى :

فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ

وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ [٢٥]

١ ـ (مكارم الأخلاق) : عن عبد الله بن مسعود ـ في حديث ـ أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال له : «يا بن مسعود ،

__________________

مستدرك سورة آل عمران آية ـ ٥ ـ

١ ـ الاحتجاج : ٣٥١.

مستدرك سورة آل عمران آية ـ ٢٥ ـ

١ ـ مكارم الأخلاق : ٤٥٢.

٧٣٥

إذا تلوت كتاب الله تعالى فأتيت على آية فيها أمر ونهي ، فرددها نظرا واعتبارا فيها ، ولا تسه عن ذلك ، فإن نهيه يدل على ترك المعاصي ، وأمره يدل على عمل البر والصلاح ، فإن الله تعالى يقول : (فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ)».

قوله تعالى :

قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ [٣٢]

١ ـ (تحف العقول) : من خطبة لأمير المؤمنين عليه‌السلام عند ما أنكر عليه قوم تسويته بين الناس في الفيء : «أما بعد ـ أيها الناس ـ فإنا نحمد ربنا وإلهنا وولي النعمة علينا ، ظاهرة وباطنة بغير حول منا ولا قوة إلا امتنانا علينا وفضلا ، ليبلونا أنشكر أم نكفر ، فمن شكر زاده ، ومن كفر عذبه.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، أحدا صمدا ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله بعثه رحمة للعباد والبلاد والبهائم والأنعام ، نعمة أنعم بها ومنا وفضلا.

فأفضل الناس ـ أيها الناس ـ عند الله منزلة ، وأعظمهم عند الله خطرا ، أطوعهم لأمر الله ، وأعملهم بطاعة الله ، وأتبعهم لسنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأحياهم لكتاب الله ، فليس لأحد من خلق الله عندنا فضل إلا بطاعة الله وطاعة رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، واتباع كتابه وسنة نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، هذا كتاب الله بين أظهرنا وعهد نبي الله وسيرته فينا ، لا يجهلها إلا جاهل مخالف معاند ، عن الله عز وجل ، يقول الله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) (١) فمن اتقى الله فهو الشريف المكرم المحب ، وكذلك أهل طاعته وطاعة رسول الله ، يقول الله في كتابه : (إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٢). وقال : (أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ)».

قوله تعالى :

وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ [٤٨]

١ ـ (مناقب ابن شهر آشوب) : عن ابن جريج ، في قوله تعالى : (وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) ، إن الله تعالى

__________________

مستدرك سورة آل عمران آية ـ ٣٢ ـ

١ ـ تحف العقول : ١٨٣.

(١) الحجرات ٤٩ : ١٣.

(٢) آل عمران ٣ : ٣١.

مستدرك سورة آل عمران آية ـ ٤٨ ـ

١ ـ المناقب ١ : ٢٢٦.

٧٣٦

أعطى عيسى عليه‌السلام تسعة أشياء من الحظ ، ولسائر الناس جزءا.

٢ ـ (مجمع البيان) : عن أبي علي الجبائي ، في قوله : (وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ) ، قيل : أراد به بعض الكتب التي أنزلها الله تعالى على أنبيائه سوى التوراة والإنجيل ، مثل : الزبور وغيره.

٣ ـ وعنه : عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، في قوله : (وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ). قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أوتيت القرآن ومثليه» قالوا : أراد به السنن ، وقيل : أراد به جميع ما علمه من اصول الدين.

قوله تعالى :

فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ [٥٣]

١ ـ (مناقب ابن شهر آشوب) : عن الإمام الكاظم عليه‌السلام ، في قوله تعالى : (فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ).

قال : «نحن هم ، نشهد للرسل على أممها».

قوله تعالى :

الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ ـ إلى قوله تعالى ـ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ

الْعَظِيمِ [٧٣ ـ ٧٤]

١ ـ (بشارة المصطفى) : عن سعيد بن زيد بن أرطاة ، عن كميل بن زياد ، عن أمير المؤمنين علي عليه‌السلام ـ في حديث ـ قال : «يا كميل ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لي قولا ، والمهاجرون والأنصار متوافرون يوما بعد العصر ، يوم النصف من شهر رمضان ، قائما على قدميه فوق منبره : علي وابناي منه الطيبون مني ، وأنا منهم ، وهم الطيبون بعد أمهم ، وهم سفينة ، من ركبها نجا ومن تخلف عنها هوى ، الناجي في الجنة ، والهاوي في لظى.

يا كميل : (الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ) ، (وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) يا كميل : علام يحسدوننا ، والله أنشأنا من قبل أن يعرفونا ، أفتراهم بحسدهم إيانا عن ربنا يزيلوننا؟!».

__________________

٢ ـ مجمع البيان ٢ : ٧٥٢.

٣ ـ مجمع البيان ٢ : ٧٥٢.

مستدرك سورة آل عمران آية ـ ٥٣ ـ

١ ـ المناقب ٤ : ٢٨٣.

مستدرك سورة آل عمران آية ـ ٧٣ ـ ٧٤ ـ

١ ـ بشارة المصطفى : ٣٠.

٧٣٧

قوله تعالى :

وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ

وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ [١٠٥]

١ ـ (الاحتجاج) للطبرسي : عن محمد ويحيى ابني عبد الله بن الحسين ، عن أبيهما ، عن جدهما ، عن علي ابن أبي طالب عليه‌السلام ـ في حديث ـ قال : «لما خطب أبو بكر قام إليه أبي بن كعب ، وكان يوم الجمعة أول يوم من شهر رمضان ، وقال : وايم الله ما أهملتم ، لقد نصب لكم علم ، يحل لكم الحلال ، ويحرم عليكم الحرام ، ولو أطعتموه ما اختلفتم ، ولا تدابرتم ، ولا تقاتلتم ولا برىء بعضكم من بعض ، فو الله إنكم بعده لناقضون عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإنكم على عترته لمختلفون ، وإن سئل هذا عن غير ما يعلم أفتى برأيه ، فقد أبعدتم ، وتخارستم ، وزعمتم أن الخلاف رحمة ، هيهات ، أبى الكتاب ذلك عليكم ، يقول الله تعالى جده (١) : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ).

ثم أخبرنا باختلافكم ، فقال سبحانه : (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) (٢) أي للرحمة ، وهم آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : يا علي ، أنت وشيعتك على الفطرة والناس منها براء. فهلا قبلتم من نبيكم ، كيف وهو خبركم بانتكاصتكم عن وصيه علي بن أبي طالب وأمينه ، ووزيره ، وأخيه ، ووليه دونكم أجمعين! وأطهركم قلبا ، وأقدمكم سلما ، وأعظمكم وعيا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أعطاه تراثه ، وأوصاه بعداته ، فاستخلفه على أمته ، ووضع عنده سره ، فهو وليه دونكم أجمعين ، وأحق به منكم أكتعين (٣) ، سيد الوصيين ، ووصي خاتم المرسلين ، أفضل المتقين ، وأطوع الأمة لرب العالمين ، سلمتم عليه بإمرة المؤمنين في حياة سيد النبيين ، وخاتم المرسلين ، فقد أعذر من أنذر ، وأدى النصيحة من وعظ ، وبصر من عمى ، فقد سمعتم كما سمعنا ، ورأيتم كما رأينا ، وشهدتم كما شهدنا».

__________________

مستدرك سورة آل عمران آية ـ ١٠٥ ـ

١ ـ الاحتجاج : ١١٤.

(١) الجدّ : العظمة.

(٢) هود ١١ : ١١٨ و ١١٩.

(٣) أي كلّكم.

٧٣٨

قوله تعالى :

هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ [١٣٨]

١ ـ (مناقب ابن شهر آشوب) : إن الله تعالى سمى عليا عليه‌السلام مثل ما سمى به كتبه ، قال في القرآن (هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ) ، ولعلي عليه‌السلام (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) (١).

٢ ـ (دلائل الامامة) : روى الحسن بن معاذ الرضوي ، قال : حدثنا لوط بن يحيى الأزدي ، عن عمارة بن زيد الواقدي ، قال : حج هشام بن عبد الملك بن مروان سنة من السنين ، وكان حج في تلك السنة محمد بن علي الباقر وابنه جعفر عليهم‌السلام ، فقال جعفر بن محمد عليهما‌السلام في بعض كلامه : «فقال له هشام : إن عليا كان يدعي علم الغيب والله لم يطلع على غيبه أحدا ، فكيف ادعى ذلك ، ومن أين؟

فقال أبي : إن الله أنزل على نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كتابا بين فيه ما كان وما يكون إلى يوم القيامة ، في قوله تعالى : (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ) (١) ، (وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) وفي قوله تعالى : (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) (٢) ، وفي قوله : (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) (٣) وفي قوله : (وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ) (٤) وأوحى إلى نبيه عليه‌السلام أن لا يبقي في غيبه وسره ومكنون علمه شيئا إلا يناجي به عليا ، وأمره أن يؤلف القرآن من بعده ، ويتولى غسله وتحنيطه وتكفينه من دون قومه ، وقال لأهله وأصحابه : حرام أن تنظروا إلى عورتي غير أخي علي ، فهو مني وأنا منه ، له مالي وعليه ما علي ، وهو قاضي ديني ومنجز وعدي. وقال لأصحابه : علي يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله. ولم يكن عند احد تأويل القرآن بكماله وتمامه إلا عند علي عليه‌السلام ، ولذلك قال لأصحابه : أقضاكم علي. وقال عمر بن الخطاب : لو لا علي لهلك عمر. أفيشهد له عمر ويجحد غيره؟!».

قوله تعالى :

ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ * ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ

__________________

مستدرك سورة آل عمران آية ـ ١٣٨ ـ

١ ـ المناقب ٣ : ٢٤٠.

(١) هود ١١ : ١٧.

٢ ـ دلائل الإمامة : ١٠٥.

(١) النحل ١٦ : ٨٩.

(٢) يس ٣٦ : ١٢.

(٣) الانعام ٦ : ٣٨.

(٤) النمل ٢٧ : ٧٥.

٧٣٩

بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ [١٨١ ـ ١٨٢]

١ ـ (الاختصاص) : سعيد بن جناح ، قال : حدثني عوف بن عبد الله الأزدي ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ـ في حديث صفة النار ـ قال : «وتقول الملائكة : يا معشر الأشقياء ، ادنوا فاشربوا منها ، فإذا أعرضوا عنها ضربتهم الملائكة بالمقامع ، وقيل لهم : (ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ * ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ)».

تم بحمد الله ومنه الجزء الأول من تفسير البرهان ،

ويتلوه الجزء الثاني ، أوله

تفسير سورة النساء

__________________

مستدرك سورة آل عمران آية ـ ١٨١ ـ ١٨٢ ـ

١ ـ الاختصاص : ٣٦٢.

٧٤٠