البرهان في تفسير القرآن - ج ١

السيد هاشم الحسيني البحراني

البرهان في تفسير القرآن - ج ١

المؤلف:

السيد هاشم الحسيني البحراني


المحقق: مؤسسة البعثة
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة البعثة
المطبعة: مؤسسة البعثة
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٥٢

١٩٤٤ / ٢ ـ الشيخ المفيد في (الاختصاص) : في حديث سبعين منقبة لأمير المؤمنين عليه‌السلام دون الصحابة ، بإسناده عن ابن دأب ، وذكر مناقبه إلى أن قال : ثم ترك الوهن والاستكانة ، إنه انصرف من احد وبه ثمانون جراحة ، تدخل الفتائل من موضع وتخرج من موضع ، فدخل عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عائدا وهو مثل المضغة على نطع (١) ، فلما رآه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكى وقال له : «إن رجلا يصيبه هذا في الله تعالى لحق على الله أن يفعل به ويفعل» فقال مجيبا له وبكى : «بأبي أنت وأمي ، الحمد لله الذي لم يرني وليت عنك ولا فررت ، بأبي أنت وأمي كيف حرمت الشهادة» قال : «إنها من ورائك إن شاء الله».

قال : فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إن أبا سفيان قد أرسل موعده : بيننا وبينكم حمراء الأسد» فقال : «بأبي أنت وأمي ، والله لو حملت على أيدي الرجال ما تخلفت عنك» قال : فنزل القرآن : (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) ونزلت الآية فيه قبلها : (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ كِتاباً مُؤَجَّلاً وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ).

ثم ترك الشكاية من ألم الجراحات ، وشكت المرأتان إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما يلقى ، وقالتا : يا رسول الله ، قد خشينا عليه مما تدخل الفتائل في موضع الجراحات من موضع إلى موضع ، وكتمانه ما يجد من الألم. قال : فعد ما به من أثر الجراحات عند خروجه من الدنيا ، فكانت ألف جراحة من قرنه إلى قدمه (صلوات الله عليه).

١٩٤٥ / ٣ ـ قال علي بن إبراهيم : قوله تعالى : (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ) إلى قوله تعالى : (وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ) (١) يقول : كأين من نبي قبل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قتل معه ربيون كثير ، والربيون : الجموع الكثيرة ، والربوة الواحدة عشرة آلاف.

١٩٤٦ / ٤ ـ أبو علي الطبرسي : الربيون عشرة آلاف. وهو المروي عن أبي جعفر عليه‌السلام ، يقول الله تعالى : (فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ) من قتل نبيهم.

١٩٤٧ / ٥ ـ وقال أبو علي الطبرسي : من أسند الضمير الذي في «قتل» إلى «نبي» ، فالمعنى : كم من نبي قتل قبل ذلك النبي ، وكان مع ذلك النبي جماعة كثيرة ، فقاتل أصحابه بعده وما وهنوا وما فتروا. وقال : فعلى هذا يكون النبي المقتول والذين معه لا يهنون ، بين الله سبحانه لو كان قتل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما ارجف بذلك يوم أحد ، لما أوجب ذلك أن يضعفوا ويهنوا ، كما لم يهن من كان مع الأنبياء بقتلهم. قال : وهو المروي عن أبي

__________________

٢ ـ الإختصاص : ١٥٨.

(١) النّطع : بساط من الجلد. «مجمع البحرين ـ نطع ـ ٤ : ٣٩٧».

٣ ـ تفسير القمّي ١ : ١١٩.

(١) آل عمران ٣ : ١٦١.

٤ ـ مجمع البيان ٢ : ٨٥٤.

٥ ـ مجمع البيان ٢ : ٨٥٤.

٧٠١

جعفر عليه‌السلام.

قوله تعالى :

وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا

وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ [١٤٧]

١٩٤٨ / ١ ـ قال علي بن إبراهيم : قوله تعالى : (وَما كانَ قَوْلَهُمْ) إلى قوله : (فِي أَمْرِنا) يعنون خطاياهم.

قوله تعالى :

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا ـ إلى قوله تعالى ـ وَاللهُ

عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ [١٤٩ ـ ١٥٤]

١٩٤٩ / ١ ـ علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا) يعني عبد الله ابن أبي حيث خرج مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم رجع يجبن أصحابه.

١٩٥٠ / ٢ ـ أبو علي الطبرسي : في قوله : (بَلِ اللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ) قيل : نزلت في المنافقين إذ قالوا للمؤمنين يوم احد ، يوم الهزيمة : ارجعوا إلى إخوانكم ، وارجعوا إلى دينهم ، عن علي عليه‌السلام.

١٩٥١ / ٣ ـ قال علي بن إبراهيم : قوله تعالى : (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ) يعني قريشا (بِما أَشْرَكُوا بِاللهِ).

قوله تعالى : (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ) يعني أن ينصركم الله عليهم (إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ) إذ تقتلونهم بإذن الله (حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا) يعني أصحاب عبد الله بن جبير الذين تركوا مراكزهم وفروا للغنيمة.

وقوله تعالى : (وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) يعني عبد الله بن جبير وأصحابه الذين بقوا حتى قتلوا (ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ) أي يختبركم (وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) ثم ذكر المنهزمين من

__________________

سورة آل عمران آية ـ ١٤٧ ـ

١ ـ تفسير القمّي ١ : ١٢٠.

سورة آل عمران آية ـ ١٤٩ ـ ١٥٤ ـ

١ ـ تفسير القمّي ١ : ١٢٠.

٢ ـ مجمع البيان ٢ : ٨٥٦.

٣ ـ تفسير القمّي ١ : ١٢٠.

٧٠٢

أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال : (إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ) إلى قوله : (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ).

١٩٥٢ / ٤ ـ وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام : (فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍ) «فأما الغم الأول فالهزيمة والقتل ، وأما الآخر فإشراف خالد بن الوليد عليهم ، يقول : (لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ) من الغنيمة (وَلا ما أَصابَكُمْ) يعني قتل إخوانهم (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ * ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِ) يعني الهزيمة».

١٩٥٣ / ٥ ـ وقال علي بن إبراهيم : وتراجع أصحاب رسول الله المجروحون وغيرهم ، فأقبلوا يعتذرون إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأحب الله أن يعرف رسوله من الصادق منهم ومن الكاذب ، فأنزل الله عليهم النعاس في تلك الحالة حتى كانوا يسقطون إلى الأرض ، وكان المنافقون الذين يكذبون لا يستقرون ، قد طارت عقولهم ، وهم يتكلمون بكلام لا يفهم عنهم ، فأنزل الله : (يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ) يعني المؤمنين (وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ) قال الله لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا) يقولون : لو كنا في بيوتنا ما أصابنا القتل ، قال الله : (لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ ما فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) فأخبر الله رسوله ما في قلوب القوم ومن كان منهم مؤمنا ، ومن كان منهم منافقا كاذبا بالنعاس ، فأنزل الله عليه : (ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) (١) يعني المنافق الكاذب من المؤمن الصادق بالنعاس الذي ميز بينهم.

١٩٥٤ / ٦ ـ العياشي : عن الحسين بن أبي العلاء ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، وذكر يوم احد : «أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كسرت رباعيته ، وإن الناس ولوا مصعدين في الوادي ، والرسول يدعوهم في أخراهم فأثابهم غما بغم ، ثم انزل عليهم النعاس».

فقلت : النعاس ما هو؟ قال : «الهم ، فلما استيقظوا قالوا : كفرنا. وجاء أبو سفيان ، فعلا فوق الجبل بإلهه هبل ، فقال : اعل هبل. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يومئذ : الله أعلى وأجل. فكسرت رباعية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وشكت لثته (١) ، وقال : نشدتك يا رب ما وعدتني ، فإنك إن شئت لم تعبد.

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا علي ، أين كنت؟ فقال : يا رسول الله ، لزقت (٢) بالأرض. فقال : ذاك الظن بك ،

__________________

٤ ـ تفسير القمّي ١ : ١٢٠.

٥ ـ تفسير القمّي ١ : ١٢٠.

(١) آل عمران ٣ : ١٧٩.

٦ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٠١ / ١٥٥.

(١) في «ط» والمصدر : واشتكت لثّته ، وفي «ط» نسخة بدل : وشكّت ثنيّته.

(٢) أي لم أخرّ ولم أبرح مكاني.

٧٠٣

فقال : يا علي ، ائتني بماء أغسل عني. فأتاه في صحفة (٣) ، فإذا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد عافه. وقال : ائتني في يدك. فأتاه بماء في كفه ، فغسل رسول الله عن لحيته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم».

قوله تعالى :

إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ

بِبَعْضِ ما كَسَبُوا ـ إلى قوله تعالى ـ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [١٥٥ ـ ١٥٦]

١٩٥٥ / ١ ـ العياشي : عن زرارة ، وحمران ، ومحمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام ، في قوله : (إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا) : «فهو في عقبة بن عثمان ، وعثمان بن سعد».

١٩٥٦ / ٢ ـ عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «لما انهزم الناس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم احد ، نادى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن الله قد وعدني أن يظهرني على الدين كله. فقال له بعض المنافقين ، وسماهما : فقد هزمنا وتسخر بنا».

١٩٥٧ / ٣ ـ عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في قوله : (إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا). قال : «هم أصحاب العقبة».

١٩٥٨ / ٤ ـ وقال علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ) : أي خدعهم حتى طلبوا الغنيمة (بِبَعْضِ ما كَسَبُوا) قال : بذنوبهم (وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ).

ثم قال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا) يعني عبد الله بن أبي وأصحابه الذين قعدوا عن الحرب (وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).

قوله تعالى :

وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا

__________________

(٣) الصّحفة : القصعة الكبيرة.

سورة آل عمران آية ـ ١٥٥ ـ ١٥٦ ـ

١ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٠١ / ١٥٦.

٢ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٠١ / ١٥٧.

٣ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٠١ / ١٥٨.

٤ ـ تفسير القمّي ١ : ١٢١.

٧٠٤

يَجْمَعُونَ ـ إلى قوله تعالى ـ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ [١٥٧ ـ ١٥٨]

١٩٥٩ / ١ ـ ابن بابويه : عن أبيه ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن سنان ، عن عمار بن مروان ، عن المنخل ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : سألته عن هذه الآية في قول الله عز وجل : (وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ). قال : فقال : «أتدري ما سبيل الله»؟ قلت : لا والله حتى أسمعه منك.

قال : «سبيل الله : علي عليه‌السلام وذريته ، من قتل في ولايته قتل في سبيل الله ، ومن مات في ولايته مات في سبيل الله».

١٩٦٠ / ٢ ـ سعد بن عبد الله القمي : عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن عبد الله بن المغيرة ، عمن حدثه ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : سئل عن قول الله عز وجل : (وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ).

قال : «يا جابر ، أتدري ما سبيل الله»؟ قلت : لا والله إلا إذا سمعت منك. فقال : «القتل في سبيل الله في ولاية علي عليه‌السلام وذريته ، فمن قتل في ولايته قتل في سبيل الله ، وليس من أحد يؤمن بهذه الآية إلا وله قتلة وميتة ، إنه من قتل ينشر حتى يموت ، ومن يموت ينشر حتى يقتل».

١٩٦١ / ٣ ـ عنه : عن أحمد بن محمد بن عيسى ، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، وعبد الله بن محمد ابن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة ، قال : كرهت أن سأل أبا جعفر عليه‌السلام عن الرجعة ، فاحتلت مسألة لطيفة لأبلغ بها حاجتي منها ، فقلت : أخبرني عمن قتل ، مات؟ قال : «لا ، الموت موت ، والقتل قتل».

قلت : ما أحد يقتل إلا وقد مات؟ قال : «قد فرق بين الموت والقتل في القرآن ، فقال : (أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ) (١) وقال : (وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ) فليس كما قلت ـ يا زرارة ـ فالموت موت والقتل قتل ، وقد قال الله عز وجل : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا) (٢)».

قال : قلت : إن الله عز وجل يقول : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) (٣) أفرأيت من قتل لم يذق الموت؟ فقال :

__________________

سورة آل عمران آية ـ ١٥٧ ـ ١٥٨ ـ

١ ـ معاني الأخبار : ١٦٧ / ١.

٢ ـ مختصر بصائر الدرجات : ٢٥.

٣ ـ مختصر بصائر الدرجات : ١٩.

(١) آل عمران ٣ : ١٤٤.

(٢) التّوبة ٩ : ١١١.

(٣) آل عمران ٣ : ١٨٥ ، الأنبياء ٢١ : ٣٥ ، العنكبوت ٢٩ : ٥٧.

٧٠٥

«ليس من قتل بالسيف كمن مات على فراشه ، إن من قتل لا بد أن يرجع إلى الدنيا حتى يذوق الموت».

١٩٦٢ / ٤ ـ العياشي : عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله : (وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ). قال لي : «يا جابر أتدري ما سبيل الله»؟ قال : [قلت :] لا أعلم إلا أن أسمعه منك.

قال : «سبيل الله علي وذريته عليهم‌السلام ، ومن قتل في ولايتهم قتل في سبيل الله ، ومن مات في ولايتهم مات في سبيل الله».

١٩٦٣ / ٥ ـ عن زرارة ، قال : كرهت أن أسأل أبا جعفر عليه‌السلام عن الرجعة ، واستخفيت ذلك ، قلت : لأسألن مسألة لطيفة أبلغ فيها حاجتي ، فقلت : أخبرني عمن قتل ، أمات؟ قال : «لا ، الموت موت ، والقتل قتل».

قلت : ما أحد يقتل إلا وقد مات؟ فقال : «قول الله أصدق من قولك ، فرق بينهما في القرآن ، فقال : (أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ) (١) وقال : (وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ) وليس كما قلت ـ يا زرارة ـ الموت موت ، والقتل قتل».

قلت : فإن الله يقول : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) (٢). قال : «من قتل لم يذق الموت ـ ثم قال ـ : لا بد من أن يرجع حتى يذوق الموت».

١٩٦٤ / ٦ ـ عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، في قول الله : (وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ) ، وقد قال الله : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) (١)؟

فقال أبو جعفر عليه‌السلام : «قد فرق الله بينهما ـ ثم قال ـ : أكنت قاتلا رجلا لو قتل أخاك»؟ قلت : نعم. قال : «فلو مات موتا ، أكنت قاتلا به أحدا؟» قلت : لا. قال : «ألا ترى كيف فرق الله بينهما؟».

١٩٦٥ / ٧ ـ عن عبد الله بن المغيرة ، عمن حدثه ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : سئل عن قول الله : (وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ). قال : «أتدري ـ يا جابر ـ ما سبيل الله»؟ فقلت : لا والله ، إلا أن أسمعه منك.

قال : «سبيل الله علي عليه‌السلام وذريته ، فمن قتل في ولايته قتل في سبيل الله ، ومن مات في ولايته مات في سبيل الله ، ليس من مؤمن في (١) هذه الامة إلا وله قتلة وميتة ـ قال ـ : إنه من قتل ينشر حتى يموت ، ومن مات ينشر حتى يقتل».

__________________

٤ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٠٢ / ١٥٩.

٥ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٠٢ / ١٦٠.

(١) آل عمران ٣ : ١٤٤.

(٢) آل عمران ٣ : ١٨٥ ، الأنبياء ٢١ : ٣٥ ، العنكبوت ٢٩ : ٥٧.

٦ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٠٢ / ١٦١.

(١) آل عمران ٣ : ١٨٥ ، الأنبياء ٢١ : ٣٥ ، العنكبوت ٢٩ : ٥٧.

٧ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٠٢ / ١٦٢.

(١) في المصدر : يؤمن من.

٧٠٦

قوله تعالى :

فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ ـ إلى قوله تعالى ـ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ

الْمُؤْمِنُونَ [١٥٩ ـ ١٦٠]

١٩٦٦ / ١ ـ قال علي بن إبراهيم : ثم قال لنبيه : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) أي انهزموا ولم يقيموا معك ، ثم قال تأديبا لرسوله : (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ * إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).

١٩٦٧ / ٢ ـ ابن بابويه ، قال : حدثنا علي بن عبد الله الوراق ، ومحمد بن أحمد السناني ، وعلي بن أحمد بن محمد رضي‌الله‌عنه ، قالوا : حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان ، قال : حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب ، قال : حدثنا تميم بن بهلول ، عن أبيه ، عن جعفر بن سليمان البصري ، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي ، قال : سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليه‌السلام ، قال : قلت : قوله عز وجل : (وَما تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللهِ) (١) وقوله عز وجل : (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ).

فقال : «إذ فعل العبد ما أمره الله عز وجل به من الطاعة كان فعله وفقا لأمر الله عز وجل وسمي العبد موفقا ، وإذا أراد العبد أن يدخل في شيء من معاصي الله فحال الله تبارك وتعالى بينه وبين تلك المعصية فتركها كان تركه لها بتوفيق الله تعالى ذكره ، ومتى خلى بينه وبين المعصية ، فلم يحل بينه وبينها حتى يركبها ، فقد خذله ولم ينصره (٢) ولم يوفقه».

١٩٦٨ / ٣ ـ العياشي : عن صفوان ، قال : استأذنت لمحمد بن خالد على الرضا أبي الحسن عليه‌السلام ، وأخبرته أنه ليس يقول بهذا القول ، وإنه قال : والله لا أريد بلقائه إلا لأنتهي إلى قوله ، فقال : «أدخله» فدخل ، فقال له : جعلت فداك ، إنه كان فرط مني شيء ، وأسرفت على نفسي ، وكان فيما يزعمون أنه كان يعيبه ، فقال : وأنا أستغفر الله مما كان مني فأحب أن تقبل عذري وتغفر لي ما كان مني.

فقال : «نعم ، أقبل ، إن لم أقبل كان إبطال ما يقول هذا وأصحابه ـ وأشار إلي بيده ـ ومصداق ما يقول الآخرون ـ يعني المخالفين ـ قال الله لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا

__________________

سورة آل عمران آية ـ ١٥٩ ـ ١٦٠ ـ

١ ـ تفسير القمي ١ : ١٢١.

٢ ـ التوحيد : ٢٤٢ / ١.

(١) هود ١١ : ٨٨.

(٢) في المصدر زيادة : ولم يوفقه.

٣ ـ تفسير العياشي ١ : ٢٠٣ / ١٦٣.

٧٠٧

مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ)». ثم سأله عن أبيه ، فأخبره أنه قد مضى ، واستغفر له.

١٩٦٩ / ٤ ـ عن صفوان الجمال ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، وعن سعد الإسكاف ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : «جاء أعرابي ـ أحد بني عامر ـ فسأل عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلم يجده ، قالوا : هو يفرج (١). فطلبه فلم يجده ، قالوا : هو بمنى ـ قال ـ : فطلبه فلم يجده ، فقالوا : هو بعرفة. فطلبه فلم يجده ، قالوا : هو بالمشعر ـ قال ـ : فوجده في الموقف ، قال : حلوا (٢) لي النبي. فقال الناس : يا أعرابي ، ما أنكرك ، إذا وجدت النبي وسط القوم وجدته مفخما (٣).

قال : بل حلوه لي حتى لا أسأل عنه أحدا.

قالوا : فإن نبي الله أطول من الربعة (٤) ، وأقصر من الطويل الفاحش ، كأن لونه فضة وذهب ، أرجل (٥) الناس جمة (٦) ، وأوسع الناس جبهة ، بين عينيه غرة ، أقنى الأنف (٧) ، واسع الجبين ، كث اللحية ، مفلح الأسنان ، على شفته السفلى خال ، كأن رقبته إبريق فضة ، بعيد ما بين مشاشة (٨) المنكبين ، كأن بطنه وصدره سواء ، سبط البنان ، عظيم البراثن (٩) ، إذا مشى مشى متكفئا ، وإذا التفت التفت بأجمعه ، كأن يده من لينها متن أرنب ، إذا قام مع إنسان لم ينفتل (١٠) حتى ينفتل صاحبه ، وإذا جلس لم يحل حبوته (١١) حتى يقوم جليسه.

فجاء الأعرابي ، فلما نظر إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عرفه ، قال بمحجنه (١٢) على رأس ناقة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند ذنب ناقته ، فأقبلت الناس تقول : ما أجرأك ، يا أعرابي! قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : دعوه فإنه أرب (١٣). ثم قال : ما حاجتك؟

__________________

٤ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٠٣ / ١٦٤.

(١) كذا ، والظاهر أنّ الصواب «هو بقزح» قال يا قوت : هو القرن الذي يقف الامام عنده بالمزدلفة ، وفي مجمع البحرين : قزّح : اسم جبل بالمزدلفة. معجم البلدان ٤ : ٣٤١ ، مجمع البحرين ـ قزح ـ ٢ : ٤٠٤.

(٢) أي اذكروا أوصافه.

(٣) مفخّما : معظّما. «مجمع البحرين ـ فخم ـ ٦ : ١٣٠».

(٤) أي الوسيط القامة.

(٥) الشعر الرّجل : الذي بين السبوطة والجعودة. «أقرب الموارد ـ رجل ـ ١ : ٣٩٣».

(٦) الجمّة : مجتمع شعر الناصية. «مجمع البحرين ـ جمم ـ ٦ : ٣٠».

(٧) القنا في الأنف : طوله ورقّة أرتبته مع حدب في وسطه. «مجمع البحرين ـ قنا ـ ١ : ٣٥١».

(٨) المشاشة : واحدة المشاش ، وهي رءوس العظام اللّينة. «الصحاح ـ مشش ـ ٣ : ١٠١٩».

(٩) البراثن : جمع برثن : الكفّ مع الأصابع. «مجمع البحرين ـ برثن ـ ٦ : ٢١٣».

(١٠) انفتل : انصرف. «لسان العرب ـ فتل ـ ١١ : ٥١٤».

(١١) قال العلامة المجلسيّ رحمه‌الله نقلا عن الكازروني : من عادة العرب إذا جلس أحدهم متمكنا أن يحتبي بثوبه ، فإذا أراد الرجل أن يقوم حلّ حبوته ، يعني إذا جلس إليه رجل لم يقم من عنده حتّى يكون الرجل هو الذي يبدأ بالقيام. «بحار الأنوار ١٦ : ١٨٦» والحبوة : ما يحتبى به ، أي يشتمل به ، من ثوب أو عمامة.

(١٢) المحجن : عصا معقوفة الرأس كالصّولجان «النهاية ١ : ٣٤٧» ولعل المعنى : مال أو أشار بمحجنه.

(١٣) في «ط» : أديب. والأرب : المحتاج ، أو الحادق الكامل.

٧٠٨

قال : جاءتنا رسلك أن تقيموا الصلاة ، وتؤتوا الزكاة ، وتحجوا البيت ، وتغتسلوا من الجنابة ، وبعثني قومي إليك [رائدا] أبغي أن أستحلفك ، وأخشى أن تغضب.

قال : لا أغضب ، إني أنا الذي سماني الله في التوراة والإنجيل محمد رسول الله ، المجتبى المصطفى ، ليس بفحاش ولا سخاب (١٤) في الأسواق ، ولا يتبع السيئة السيئة ، ولكن يتبع السيئة الحسنة ، فسلني عما شئت ، وأنا الذي سماني الله في القرآن (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) فاسأل عما شئت.

قال : إن الله الذي رفع السماوات بغير عمد هو أرسلك؟ قال : نعم ، هو أرسلني.

قال : بالله الذي قامت السماوات بأمره هو الذي أنزل عليك الكتاب ، وأرسلك بالصلاة المفروضة والزكاة المعقولة؟ قال : نعم.

قال : وهو أمرك بالاغتسال من الجنابة ، وبالحدود كلها؟ قال : نعم.

قال : فإنا آمنا بالله ، ورسله ، وكتابه ، واليوم الآخر ، والبعث ، والميزان ، والموقف ، والحلال ، والحرام ، صغيره وكبيره. قال : فاستغفر له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودعا له».

١٩٧٠ / ٥ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن مهزيار ، قال : كتب إلي أبو جعفر عليه‌السلام أن «سل فلانا أن يشير علي ويتخير لنفسه (١) ، فهو يعلم ما يجوز في بلده ، وكيف يعامل السلاطين ، فإن المشورة مباركة ، قال الله لنبيه في محكم كتابه : (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) فإن كان ما يقول مما يجوز كنت أصوب رأيه ، وإن كان غير ذلك رجوت أن أضعه على الطريق الواضح إن شاء الله (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) يعني الاستخارة».

قوله تعالى :

وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ [١٦١]

١٩٧١ / ١ ـ ابن بابويه : عن أبيه ، قال : حدثنا علي بن محمد بن قتيبة ، عن حمدان بن سليمان ، عن نوح بن شعيب ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن صالح بن عقبة ، عن علقمة ، عن الصادق جعفر بن محمد عليه‌السلام ، في حديث طويل قال عليه‌السلام فيه : «ألم ينسبوا نبينا محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى أنه يوم بدر أخذ [لنفسه] من المغنم

__________________

(١٤) السّخب : الصياح. «النهاية ٢ : ٣٤٩».

٥ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٠٤ / ١٦٥.

(١) لعلّ المراد من قوله عليه‌السلام (يشير عليّ) أي سله يظهر لي ما عنده من مصلحتي في أمر كذا (ويتخيّر لنفسه) أي يتخيّر لي تخيّرا كتخيّره لنفسه ، كما هو شأن الأخ المحبّ المحبوب الذي يخشى الله (تعالى) «من هامش بعض نسخ المصدر».

سورة آل عمران آية ـ ١٦١ ـ

١ ـ الأمالي ٩٢ / ٣ ، سنن أبي داود ٤ : ٣١ / ٣٩٧١ ، سنن الترمذي ٥ : ٢٣٠ / ٣٠٠٩ ، تفسير الطبري ٤ : ١٠٢.

٧٠٩

قطيفة حمراء ، حتى أظهره الله عز وجل على القطيفة ، وبرأ نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الخيانة ، وأنزل في كتابه : (وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ)؟!».

١٩٧٢ / ٢ ـ العياشي : عن سماعة ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «الغلول كل شيء غل من الإمام ، وأكل مال اليتيم شبهة ، والسحت شبهة».

١٩٧٣ / ٣ ـ علي بن إبراهيم ، قال : في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، في قوله تعالى : (وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ) : «فصدق الله ، لم يكن الله ليجعل نبيا غالا (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ) ومن غل شيئا رآه يوم القيامة في النار ، ثم يكلف أن يدخل إليه فيخرجه من النار».

قوله تعالى :

أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ

الْمَصِيرُ ـ إلى قوله تعالى ـ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ [١٦٢ ـ ١٦٧]

١٩٧٤ / ١ ـ محمد بن يعقوب : عن علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن عمار الساباطي ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عز وجل : (أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ * هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ).

فقال : «الذين اتبعوا رضوان الله هم الأئمة ، وهم ـ والله ، يا عمار ـ درجات للمؤمنين ، وبولايتهم ومعرفتهم إيانا يضاعف الله لهم أعمالهم ، ويرفع الله لهم الدرجات العلا».

١٩٧٥ / ٢ ـ العياشي : عن عمار بن مروان ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله : (أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ).

فقال : «هم الأئمة ، وهم ـ والله ، يا عمار ـ درجات للمؤمنين عند الله ، وبموالاتهم وبمعرفتهم إيانا يضاعف الله للمؤمنين حسناتهم ، ويرفع الله لهم الدرجات العلا.

وأما قوله ، يا عمار : (كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ) إلى قوله : (الْمَصِيرُ) فهم والله الذين جحدوا حق علي ابن أبي طالب عليه‌السلام وحق الأئمة منا أهل البيت ، فباءوا بذلك بسخط من الله».

__________________

٢ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٠٥ / ١٦٦.

٣ ـ تفسير القمّي ١ : ١٢٢.

سورة آل عمران آية ـ ١٦٢ ـ ١٦٧ ـ

١ ـ الكافي ١ : ٣٥٦ / ٨٤.

٢ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٠٥ / ١٦٧.

٧١٠

١٩٧٦ / ٣ ـ عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام أنه ذكر قول الله : (هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ) قال : «الدرجة ما بين السماء إلى الأرض».

١٩٧٧ / ٤ ـ وقال علي بن إبراهيم ، في قوله : (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ) : فهذه الآية لآل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

١٩٧٨ / ٥ ـ وقال علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى : (أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ) يقول : بمعصيتكم أصابكم ما أصابكم (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) فهم ثلاث مائة منافق رجعوا مع عبد الله بن أبي سلول ، فقال لهم جابر بن عبد الله : أنشدكم في نبيكم ودينكم ودياركم ، فقالوا : والله لا يكون القتال اليوم ، ولو نعلم أن يكون القتال لا تبعناكم ، يقول الله : (هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ).

١٩٧٩ / ٦ ـ العياشي : عن محمد بن أبي حمزة ، عمن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في قول الله : (أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها).

قال : «كان المسلمون قد أصابوا ببدر مائة وأربعين رجلا : قتلوا سبعين رجلا ، وأسروا سبعين رجلا ، فلما كان يوم احد أصيب من المسلمين سبعون رجلا ، فاغتموا بذلك ، فأنزل الله تبارك وتعالى : (أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها)».

قوله تعالى :

وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ

يُرْزَقُونَ ـ إلى قوله تعالى ـ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [١٦٩ ـ ١٧٠]

١٩٨٠ / ١ ـ علي بن إبراهيم ، قال : حدثني أبي ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي عبيدة الحذاء ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «هم والله شيعتنا ، إذا دخلوا الجنة واستقبلوا الكرامة من الله استبشروا بمن لم يلحقوا بهم من إخوانهم من المؤمنين في الدنيا».

__________________

٣ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٠٥ / ١٦٨.

٤ ـ تفسير القمّي ١ : ١٢٢.

٥ ـ تفسير القمّي ١ : ١٢٢.

٦ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٠٥ / ١٦٩.

سورة آل عمران آية ـ ١٦٩ ـ ١٧٠ ـ

١ ـ تفسير القمّي ١ : ١٢٧.

٧١١

(أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) وهو رد على من يبطل الثواب والعقاب بعد الموت.

١٩٨١ / ٢ ـ محمد بن يعقوب : بإسناده عن الحسن بن محبوب ، عن الحارث بن محمد بن النعمان ، عن بريد العجلي ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عز وجل : (وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).

قال : «هم والله شيعتنا حين صارت أرواحهم في الجنة ، واستقبلوا الكرامة من الله عز وجل ، علموا واستيقنوا أنهم كانوا على الحق وعلى دين الله جل ذكره ، فاستبشروا بمن لم يلحقوا بهم من إخوانهم من خلفهم من المؤمنين (أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)».

١٩٨٢ / ٣ ـ عنه : بإسناده قال : «إن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال لأبي بكر يوما : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) وأشهد أن محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مات شهيدا ، والله ليأتينك ، فأيقن إذا جاءك ، فإن الشيطان غير متخيل به ، فأخذ علي عليه‌السلام بيد أبي بكر فأراه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال عليه‌السلام : «يا أبا بكر ، آمن بعلي وبأحد عشر من ولده ، إنهم مثلي إلا النبوة وتب إلى الله مما في يدك فإنه لا حق لك فيه. قال : ثم ذهب فلم يره».

١٩٨٣ / ٤ ـ العياشي : عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : «أتى رجل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : إني راغب نشيط في الجهاد في سبيل الله ؛ قال : فجاهد في سبيل الله ، فإنك إن تقتل كنت حيا عند الله ترزق ، وإن مت فقد وقع أجرك على الله ، وإن رجعت خرجت من الذنوب إلى الله ، هذا تفسير (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً)».

قوله تعالى :

(الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ ـ إلى قوله تعالى ـ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ [١٧٢ ـ ١٧٤]) تقدمت الرواية في الآية في هذه السورة (١) ونزيد هنا :

١٩٨٤ / ١ ـ ابن شهر آشوب ، قال : ذكر الفلكي المفسر ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، وعن أبي

__________________

٢ ـ الكافي ٨ : ١٥٦ / ١٤٦.

٣ ـ الكافي ١ : ٤٤٨ / ١٣.

٤ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٠٦ / ١٧٠.

سورة آل عمران آية ـ ١٧٢ ـ ١٧٤ ـ

(١) تقدم في الحديث (١) من تفسير الآية (١٤٠) من سورة آل عمران.

١ ـ المناقب ١ : ١٩٤.

٧١٢

رافع : أنها نزلت في علي عليه‌السلام ، وذلك أنه نادى يوم الثاني من احد في المسلمين فأجابوه ، وتقدم علي عليه‌السلام براية المهاجرين في سبعين رجلا حتى انتهى إلى حمراء الأسد ليرهب العدو ، وهي سوق على ثلاثة أميال من المدينة ، ثم رجع إلى المدينة يوم الجمعة وخرج أبو سفيان حتى انتهى إلى الروحاء ، فلقي معبد الخزاعي ، فقال : ما وراءك؟ فأنشده :

كادت تهد من الأصوات راحلتي

إذ سالت الأرض بالجرد الأبابيل

تردي (١) بأسد كرام لا تنابلة

عند اللقاء ولا خرق معازيل

فقال أبو سفيان لركب من عبد القيس : أبلغوا محمدا أني قتلت صناديدكم وأردت الرجعة لأستأصلكم.

فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «حسبنا الله ونعم الوكيل».

قال أبو رافع : قال ذلك علي عليه‌السلام فنزل (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ) الآية.

١٩٨٥ / ٢ ـ وذكر ابن شهر آشوب أيضا ، قال : روي عن أبي رافع بطرق كثيرة ، أنه لما انصرف المشركون يوم احد بلغوا الروحاء ، قالوا : لا الكواعب أردفتم ، ولا محمدا قتلتم ، ارجعوا. فبلغ ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فبعث في آثارهم عليا عليه‌السلام في نفر من الخزرج ، فجعل لا يرتحل المشركون من منزل إلا نزله علي عليه‌السلام ، فأنزل الله تعالى : (الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ).

وفي خبر أبي رافع : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تفل على جراحه ودعا له ، وبعثه خلف المشركين ، فنزلت فيه الآية.

١٩٨٦ / ٣ ـ وروي من طريق الجمهور : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجه عليا عليه‌السلام في نفر في طلب أبي سفيان ، فلقيه أعرابي من خزاعة ، فقال له : إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم ـ يعني أبا سفيان وأصحابه ـ فقالوا : يعني عليا وأصحابه : «حسبنا الله ونعم الوكيل» فنزلت هذه الآية إلى قوله : (ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ).

١٩٨٧ / ٤ ـ العياشي : عن سالم بن أبي مريم ، قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : «إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعث عليا عليه‌السلام في عشرة (اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ) إلى (أَجْرٌ عَظِيمٌ) إنما نزلت في علي عليه‌السلام».

١٩٨٨ / ٥ ـ عن جابر ، عن محمد بن علي عليهما‌السلام ، قال : «لما وجه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمير

__________________

(١) أي تسرع.

٢ ـ المناقب ٣ : ١٢٥.

٣ ـ ... «نحوه» في كشف الغمة ١ : ٣١٧ والدر المنثور ٢ : ٣٨٩ وانظر احقاق الحق ٣ : ٣٧٤ و ١٤ : ٣٢٦ و ٢٠ : ٤٣.

٤ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٠٦ / ١٧١ ، شواهد التنزيل ١ : ١٣٣ / ١٨٤ و ١٨٥.

٥ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٠٦ / ١٧٢.

٧١٣

المؤمنين عليه‌السلام وعمار بن ياسر إلى أهل مكة قالوا : بعث هذا الصبي ، ولو بعث غيره إلى أهل مكة ، وفي مكة صناديد قريش ورجالها؟! والله ، الكفر أولى بنا مما نحن فيه ؛ فساروا ، وقالوا لهما ، وخوفوهما بأهل مكة وغلظوا عليهما الأمر ، فقال علي عليه‌السلام : «حسبنا الله ونعم الوكيل».

ومضيا ، فلما دخلا مكة أخبر الله نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقولهم لعلي عليه‌السلام ، وبقول علي عليه‌السلام لهم ، فأنزل الله بأسمائهم في كتابه ، وذلك قول الله : (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ) وإنما نزلت : ألم تر إلى فلان وفلان لقوا عليا وعمارا فقالا : إن أبا سفيان وعبد الله بن عامر وأهل مكة قد جمعوا لكم فاخشوهم. فزادهم إيمانا ، وقالوا : حسبنا الله ونعم الوكيل».

قوله تعالى :

وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي

لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ [١٧٨]

١٩٨٩ / ١ ـ العياشي : عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : قلت له أخبرني عن الكافر ، الموت خير له أم الحياة؟ فقال : «الموت خير للمؤمن والكافر».

قلت : ولم؟ قال : «لأن الله يقول : (وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ) (١) ، ويقول : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ)».

١٩٩٠ / ٢ ـ عن يونس ، رفعه ، قال : قلت له : زوج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ابنته فلانا؟ قال : «نعم».

قلت : فكيف زوجه الأخرى؟ قال : «قد فعل ، فأنزل الله : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ) إلى (عَذابٌ مُهِينٌ)».

قوله تعالى :

ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ

__________________

سورة آل عمران آية ـ ١٧٨ ـ

١ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٠٦ / ١٧٣.

(١) آل عمران ٣ : ١٩٨.

٢ ـ تفسير العيّاشي ١ لا ٢٠٧ / ١٧٤.

٧١٤

الطَّيِّبِ [١٧٩]

١٩٩١ / ١ ـ العياشي : عن عجلان أبي صالح (١) ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «لا تمضي الأيام والليالي حتى ينادي مناد من السماء : يا أهل الحق اعتزلوا (٢). يا أهل الباطل ، اعتزلوا. فيعزل هؤلاء من هؤلاء ، ويعزل هؤلاء من هؤلاء».

قال : قلت : أصلحك الله ، يخالط هؤلاء هؤلاء بعد ذلك النداء؟ قال : «كلا ، إنه يقول في الكتاب : (ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ)».

قوله تعالى :

وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ

بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلِلَّهِ مِيراثُ

السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [١٨٠]

١٩٩٢ / ١ ـ محمد بن يعقوب : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الله بن مسكان ، عن محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عز وجل : (سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ).

فقال : «يا محمد ، ما من أحد يمنع من زكاة ماله شيئا إلا جعل الله عز وجل ذلك يوم القيامة ثعبانا من النار مطوقا في عنقه ، ينهش من لحمه حتى يفرغ من الحساب ، وهو قول الله عز وجل : (سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ) يعني ما بخلوا به من الزكاة».

١٩٩٣ / ٢ ـ عنه : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن أيوب بن راشد ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «مانع الزكاة يطوق بحية قرعاء تأكل من دماغه ، وذلك قوله عز وجل : (سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ)».

__________________

سورة آل عمران آية ـ ١٧٩ ـ

١ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٠٧ / ١٧٥.

(١) في «س وط» : عجلان بن صالح ، والصواب ما في المتن ، قال السيّد الخوئي : في بعض الموارد عجلان بن صالح ، لكن الصواب عجلان أبي صالح بقرينة سائر الروايات ، راجع معجم رجال الحديث ١١ : ١٣٣.

(٢) (يا أهل الحقّ اعتزلوا) ليس في «ط».

سورة آل عمران آية ـ ١٧٩ ـ

١ ـ الكافي ٣ : ٥٠٢ / ١.

٢ ـ الكافي ٣ : ٥٠٥ / ١٦.

٧١٥

وروى هذا الحديث الشيخ في (مجالسه) قال : أخبرنا الحسين بن إبراهيم القزويني ، قال : أخبرنا محمد بن وهبان ، عن محمد بن أحمد بن زكريا ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن أسباط (١) ، عن أيوب ابن راشد ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «مانع الزكاة» وذكر الحديث بعينه (٢).

١٩٩٤ / ٣ ـ العياشي : عن محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام (سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).

قال : «ما من عبد منع زكاة ماله إلا جعل الله ذلك يوم القيامة ثعبانا من نار مطوقا في عنقه ، ينهش من لحمه حتى يفرغ من الحساب ، وهو قول الله : (سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ) ـ قال ـ : ما بخلوا من الزكاة».

١٩٩٥ / ٤ ـ عن ابن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام ، قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما من ذي زكاة مال : إبل ولا بقر ولا غنم ، يمنع زكاة ماله ، إلا أقيم يوم القيامة بقاع قفرة تنطحه كل ذات قرن بقرنها ، وتنهشه كل ذات ناب بأنيابها ، وتطؤه كل ذات ظلف بظلفها حتى يفرغ الله من حساب خلقه ، وما من ذي زكاة مال : نخل ولا زرع ولا كرم ، يمنع زكاة ماله ، إلا قلدت أرضه في سبع أرضين يطوق بها إلى يوم القيامة».

١٩٩٦ / ٥ ـ عن يوسف الطاطري أن (١) ه‍ سمع أبا جعفر عليه‌السلام يقول ، وقد ذكر الزكاة ، فقال : «الذي يمنع الزكاة يحول الله ماله يوم القيامة شجاعا (٢) من نار ، له زنمتان (٣) ، فيطوقه إياه ، ثم يقال له : الزمه كما لزمك في الدنيا. وهو قول الله : (سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ)» الآية.

١٩٩٧ / ٦ ـ وعنهم عليهم‌السلام ، قال : «مانع الزكاة يطوق بشجاع أقرع يأكل من لحمه ، وهو قوله : (سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ)» الآية.

__________________

(١) في «ط» : عليّ بن أسباط ، والصواب ما في المتن ، لرواية عليّ بن عقبة ، عن أسباط بن سالم ، وليس عن عليّ بن أسباط. راجع معجم رجال الحديث ١٢ : ٩٥.

(٢) الأمالي ٢ : ٣٠٥.

٣ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٠٧ / ١٧٦.

٤ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٠٧ / ١٧٧.

٥ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٠٨ / ١٧٨.

(١) في المصدر : عمّن ، والطاطري معدود من أصحاب أبي جعفر وأبي عبد الله عليه‌السلام ، أنظر معجم رجال الحديث ٢٠ : ١٦١ و ١٧٧.

(٢) الشجاع ، بالكسر والضمّ : الحيّة العظيمة. «مجمع البحرين ـ شجع ـ ٤ : ٣٥١».

(٣) في «ط» والمصدر : ريمتان ، وزنمتا الاذن : هنتان تليان الشحمة ، وتقابلان الوترة. «لسان العرب ـ زنم ـ ١٢ : ٢٧٥» ، ولعلّها تصحيف (زبيبتان) والزّبيبة : نكتة سوداء فوق عين الحيّة. «النهاية ٢ : ٢٩٢».

٦ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٠٨ / ١٧٩.

٧١٦

قوله تعالى :

لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ [١٨١]

١٩٩٨ / ١ ـ علي بن إبراهيم ، قال : والله ما رأوا الله فيعلمون أنه فقير ، ولكنهم رأوا أولياء الله فقراء ، فقالوا : لو كان الله غنيا لأغنى أولياءه ، فافتخروا على الله في الغناء (١).

قوله تعالى :

الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ

تَأْكُلُهُ النَّارُ ـ إلى قوله تعالى ـ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [١٨٣]

١٩٩٩ / ١ ـ علي بن إبراهيم : إن قوما من اليهود قالوا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لن نؤمن لك حتى تأتينا بقربان تأكله النار. وكان عند بني إسرائيل طست ، كانوا يقربون القربان فيضعونه في الطست ، فتجيء نار فتقع فيه فتحرقه ، فقالوا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لن نؤمن لك حتى تأتينا بقربان تأكله النار كما كان لبني إسرائيل ، فقال الله تعالى : (قُلْ) لهم يا محمد : (قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).

٢٠٠٠ / ٢ ـ محمد بن يعقوب : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن مروك بن عبيد ، عن رجل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «لعن الله القدرية ، لعن الله الخوارج ، لعن الله المرجئة ، لعن الله المرجئة».

قال : قلت : لعنت هؤلاء مرة مرة ، ولعنت هؤلاء مرتين؟

قال : «إن هؤلاء يقولون : إن قتلتنا مؤمنون ، فدماؤنا متلطخة بثيابهم إلى يوم القيامة ، إن الله حكى عن قوم في كتابه : (أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) ـ قال ـ : «كان بين القائلين والقاتلين خمسمائة عام ، فألزمهم الله القتل برضاهم ما فعلوا».

__________________

سورة آل عمران آية ـ ١٨١ ـ

١ ـ تفسير القمّي ١ : ١٢٧.

(١) (فافتخروا على الله في الغناء) ليس في المصدر.

سورة آل عمران آية ـ ١٨٣ ـ

١ ـ تفسير القمّي ١ : ١٢٧.

٢ ـ الكافي ١ : ٣٠٠ / ١.

٧١٧

٢٠٠١ / ٣ ـ العياشي : عن سماعة ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول في قول الله : (قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) : «وقد علم أن هؤلاء لم يقتلوا ، ولكن فقد كان هواهم مع الذين قتلوا ، فسماهم الله تعالى قاتلين لمتابعة هواهم ورضاهم لذلك الفعل».

٢٠٠٢ / ٤ ـ عن عمر بن معمر ، قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «لعن الله القدرية ، لعن الله الحرورية ، لعن الله المرجئة ، لعن الله المرجئة».

قال : قلت له : جعلت فداك ، كيف لعنت هؤلاء مرة ، ولعنت هؤلاء مرتين؟

فقال : «إن هؤلاء زعموا أن الذين قتلونا كانوا مؤمنين ، فثيابهم ملطخة بدمائنا إلى يوم القيامة ، أما تسمع لقول الله : (الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ) إلى قوله : (صادِقِينَ)؟ ـ قال ـ : فكان بين الذين خوطبوا بهذا القول ، وبين القاتلين خمس مائة سنة ، فسماهم الله قاتلين برضاهم بما صنع أولئك».

٢٠٠٣ / ٥ ـ محمد بن هاشم ، عمن حدثه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «لما نزلت هذه الآية : (قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) وقد علم أنهم قالوا : والله ما قتلنا ولا شهدنا ـ قال ـ : وإنما (١) قيل لهم : ابرءوا من قتلتهم ، فأبوا».

٢٠٠٤ / ٦ ـ عن محمد بن الأرقط ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال لي : «تنزل الكوفة»؟ قلت : نعم. قال : «فترون قتلة الحسين بين أظهركم؟». قال : قلت : جعلت فداك ما رأيت منهم أحدا (١)! قال : «فإذن أنت لا ترى القاتل إلا من قتل ، أو من ولي القتل ، ألم تسمع إلى قول الله : (قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) فأي رسول قتل (٢) الذين كان محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين أظهرهم ، ولم يكن بينه وبين عيسى عليهما‌السلام رسول؟! إنما رضوا قتل أولئك فسموا قاتلين».

قوله تعالى :

فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جاؤُ بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ

__________________

٣ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٠٨ / ١٨٠.

٤ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٠٨ / ١٨١.

٥ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٠٩ / ١٨٢.

(١) في «ط» : وإذا.

٦ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٠٩ / ١٨٣.

(١) في «س» : ما لبث منهم أحد.

(٢) في «ط» والمصدر : قبل.

٧١٨

وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ [١٨٤]

٢٠٠٥ / ١ ـ علي بن إبراهيم ، قال : في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، في قوله تعالى : (فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جاؤُ بِالْبَيِّناتِ) هي الآيات (وَالزُّبُرِ) هو كتب الأنبياء بالنبوة (وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ) الحلال والحرام.

قوله تعالى :

كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ

زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ

الْغُرُورِ [١٨٥]

٢٠٠٦ / ٢ ـ علي بن إبراهيم ، قال : حدثني أبي ، عن سليمان الديلمي ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «إذا كان يوم القيامة يدعى محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيكسى حلة وردية ، ثم يقام على يمين العرش ، ثم يدعى إبراهيم عليه‌السلام فيكسى حلة بيضاء ، فيقام على يسار العرش ، ثم يدعى بعلي أمير المؤمنين عليه‌السلام فيكسى حلة وردية ، فيقام على يمين النبي ، ثم يدعى بإسماعيل عليه‌السلام فيكسى حلة بيضاء ، فيقام على يسار إبراهيم عليه‌السلام ، ثم يدعى بالحسن عليه‌السلام فيكسى حلة وردية ، فيقام على يمين أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ثم يدعى بالحسين عليه‌السلام فيكسى حلة وردية ، فيقام على يمين الحسن عليه‌السلام ، ثم يدعى بالأئمة فيكسون حللا وردية ، فيقام كل واحد عن يمين صاحبه ، ثم يدعى بالشيعة فيقومون أمامهم ، ثم يدعى بفاطمة عليها‌السلام ونسائها من ذريتها وشيعتها فيدخلون الجنة بغير حساب.

ثم ينادي مناد من بطنان العرش من قبل رب العزة والأفق الأعلى : نعم الأب أبوك يا محمد ، وهو إبراهيم ، ونعم الأخ أخوك ، وهو علي بن أبي طالب ونعم السبطان سبطاك ، وهما الحسن والحسين ، ونعم الجنين جنينك ، وهو محسن ، ونعم الأئمة الراشدون ذريتك ، وهم فلان وفلان إلى آخرهم ، ونعم الشيعة شيعتك. ألا إن محمدا ووصيه وسبطيه والأئمة من ذريته هم الفائزون ؛ ثم يؤمر بهم إلى الجنة ، وذلك قوله : (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ)».

__________________

سورة آل عمران آية ـ ١٨٤ ـ

١ ـ تفسير القمّي ١ : ١٢٧.

سورة آل عمران آية ـ ١٨٥ ـ

١ ـ تفسير القمّي ١ : ١٢٨.

٧١٩

٢٠٠٧ / ٢ ـ العياشي : عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «إن عليا عليه‌السلام لما غمض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) (١) يا لها من مصيبة خصت الأقربين ، وعمت المؤمنين ، لم يصابوا بمثلها قط ، ولا عاينوا مثلها. فلما قبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، سمعوا مناديا ينادي من سقف البيت : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (٢) والسلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ) إن في الله خلفا من كل ذاهب ، وعزاء من كل مصيبة ، ودركا من كل ما فات ، فبالله فثقوا ، وعليه فتوكلوا ، وإياه فارجوا ، إن المصاب من حرم الثواب».

٢٠٠٨ / ٣ ـ عن الحسين ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «لما قبض رسول الله جاءهم جبرئيل والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مسجى ، وفي البيت علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام ، فقال : السلام عليكم ، يا أهل بيت الرحمة (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) إلى (مَتاعُ الْغُرُورِ) إن في الله عزاء من كل مصيبة ، ودركا من كل ما فات ، وخلفا من كل هالك ، فبالله فثقوا ، وإياه فارجوا ، إنما المصاب من حرم الثواب ، وهذا آخر وطئي من الدنيا ـ قال ـ قالوا : فسمعنا صوتا ، فلم نر شخصا».

٢٠٠٩ / ٤ ـ عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «لما قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سمعوا صوتا من جانب البيت ، ولم يروا شخصا ، يقول : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) إلى قوله : (فَقَدْ فازَ) ثم قال : في الله خلفا وعزاء من كل مصيبة ، ودركا لما فات ، فبالله فثقوا ، وإياه فارجوا ، وإنما المحروم من حرم الثواب ، واستروا عورة نبيكم. فلما وضعه على السرير نودي : يا علي ، لا تخلع القميص ـ قال ـ : فغسله علي عليهما‌السلام في قميصه».

٢٠١٠ / ٥ ـ عن محمد بن يونس ، عن بعض أصحابنا ، قال : قال لي أبو جعفر عليه‌السلام : «(كل نفس ذائقة الموت ومنشورة) كذا نزل بها على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنه ليس أحد من هذه الأمة إلا سينشر ، فأما المؤمنون فينشرون إلى قرة عين ، وأما الفجار فينشرون إلى خزي الله إياهم».

٢٠١١ / ٦ ـ عن زرارة ، قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : «(كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) لم يذق الموت من قتل». ـ وقال ـ : «لا بد من أن يرجع حتى يذوق الموت».

__________________

٢ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٠٩ / ١٨٤.

(١) البقرة ٢ : ١٥٦.

(٢) الأحزاب ٣٣ : ٣٣.

٣ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٠٩ / ١٨٥.

٤ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢١٠ / ١٨٦.

٥ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢١٠ / ١٨٧.

٦ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢١٠ / ١٨٨.

٧٢٠