البرهان في تفسير القرآن - ج ١

السيد هاشم الحسيني البحراني

البرهان في تفسير القرآن - ج ١

المؤلف:

السيد هاشم الحسيني البحراني


المحقق: مؤسسة البعثة
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة البعثة
المطبعة: مؤسسة البعثة
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٥٢

ولا يطعم ، ولا يسقى ، ولا يكلم ، فإنه إذا فعل ذلك به يوشك أن يخرج فيؤخذ ، وإن كان إحداثه في الحرم أخذ في الحرم».

١٨٣١ / ٣٣ ـ عن عبد الخالق الصيقل ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً).

فقال : «لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد ، إلا ما شاء الله ـ ثم قال ـ : إن من أم هذا البيت وهو يعلم أنه البيت الذي أمر الله به ، وعرفنا أهل البيت حق معرفتنا كان آمنا في الدنيا والآخرة».

١٨٣٢ / ٣٤ ـ عن علي بن عبد العزيز ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : جعلت فداك ، قول الله : (آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) وقد يدخله المرجئ والقدري والحروري والزنديق الذي لا يؤمن بالله؟

قال : «لا ، ولا كرامة».

قلت : فمن جعلت فداك؟ قال : «من دخله وهو عارف بحقنا كما هو عارف له ، خرج من ذنوبه وكفي هم الدنيا والآخرة».

١٨٣٣ / ٣٥ ـ المفيد في (الاختصاص) : عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد سئل عن أول ركن وضع الله في الأرض.

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «الركن الذي بمكة ، وذلك قوله : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً)». قال : صدقت ، يا محمد.

١٨٣٤ / ٣٦ ـ ابن شهر آشوب : عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في قوله تعالى : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ) فقال له رجل : أهو أول بيت؟

قال : «لا ، قد كان قبله بيوت ، ولكنه أول بيت وضع للناس مباركا ، فيه الهدى والرحمة والبركة ، وأول من بناه إبراهيم عليه‌السلام ، ثم بناه قوم من العرب من جرهم (١) ، ثم هدم فبنته (٢) العمالقة ، ثم هدم فبنته قريش».

قوله تعالى :

وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ

__________________

٣٣ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٨٩ / ١٠٦.

٣٤ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٩٠ / ١٠٧.

٣٥ ـ الاختصاص : ٥٠.

٣٦ ـ المناقب ٢ : ٤٣.

(١) جرهم : حيّ من اليمن ، نزلوا مكّة ، وتزوج فيهم إسماعيل بن إبراهيم عليهما‌السلام. «لسان العرب ـ جرهم ـ ١٢ : ٧»

(٢) (العمالقة ثم هدم فبنته) ليس في المصدر.

٦٦١

غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ [٩٧]

١٨٣٥ / ١ ـ محمد بن يعقوب : عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن موسى بن القاسم البجلي ، ومحمد بن يحيى ، عن العمركي بن علي جميعا ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام ، قال : «إن الله عز وجل فرض الحج على أهل الجدة (١) في كل عام ، وذلك قوله عز وجل : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ)».

قال : قلت : فمن لم يحج منا فقد كفر؟ فقال : «لا ، ولكن من قال : ليس هذا هكذا ، فقد كفر».

١٨٣٦ / ٢ ـ عنه : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير (١) ، عن عمر بن أذينة ، قال : كتبت إلى أبي عبد الله عليه‌السلام مسائل بعضها مع ابن بكير ، وبعضها مع أبي العباس ، فجاء الجواب بإملائه عليه‌السلام : «سألت عن قول الله عز وجل : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) يعني به الحج والعمرة جميعا لأنهما مفروضان».

١٨٣٧ / ٣ ـ وعنه : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير (١) ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عز وجل : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) ما السبيل؟

قال : «أن يكون له ما يحج به».

قال : قلت : من عرض عليه ما يحج به فاستحيا من ذلك ، أهو ممن يستطيع إليه سبيلا؟ قال : «نعم ، ما شأنه يستحيي؟ ولو يحج على حمار أجدع (٢) أبتر (٣) ، فإن كان يطيق أن يمشي بعضا ويركب بعضا فليحج».

١٨٣٨ / ٤ ـ وعنه : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن يحيى الخثعمي ، قال : سأل حفص الكناسي أبا عبد الله عليه‌السلام وأنا حاضر (١) ، عن قول الله عز وجل : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) ما يعني بذلك؟

__________________

سورة آل عمران آية ـ ٩٧ ـ

١ ـ الكافي ٤ : ٢٦٥ / ٥.

(١) الجدة : الغنى. «مجمع البحرين ـ وجد ـ ٣ : ١٥٥».

٢ ـ الكافي ٤ : ٢٦٤ / ١.

٣ ـ الكافي ٤ : ٢٦٦ / ١.

(١) في «ط» زيادة : عن عمر بن أذينة ، والصواب ما في المتن ، لأنّ عمر بن أذينة لا يروي عن حمّاد بن عثمان ، وروى ابن أبي عمير عن حمّاد بلا واسطة في موارد كثيرة ، راجع معجم رجال الحديث ٦ : ٢١٧ و ١٤ : ٢٨٧.

(٢) الأجدع : المقطوع الاذن. «مجمع البحرين ـ جدع ـ ٤ : ٣٠٩».

(٣) الأبتر : المقطوع الذنب. «مجمع البحرين ـ بتر ـ ٣ : ٢١٣».

٤ ـ الكافي ٤ : ٢٦٧ / ٢.

(١) في المصدر : وأنا عنده.

٦٦٢

قال : «من كان صحيحا في بدنه ، مخلى سر به (١) ، له زاد وراحلة ، فهو ممن يستطيع الحج ـ أو قال ـ : ممن كان له مال».

قال : فقال له حفص الكناسي : فإذا كان صحيحا في بدنه ، مخلى سربه ، له زاد وراحلة ، فلم يحج ، فهو ممن يستطيع الحج؟ فقال : «نعم».

١٨٣٩ / ٥ ـ وعنه : عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن خالد بن جرير ، عن أبي الربيع الشامي ، قال : سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عز وجل : (مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً). فقال عليه‌السلام : «ما يقول الناس؟» قال : فقيل له : الزاد ، والراحلة.

قال : فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «قد سئل أبو جعفر عليه‌السلام عن هذا فقال : هلك الناس إذن ، لئن كان من كان له زاد وراحلة قدر ما يقول عليا له ، ويستغني به عن الناس ، ينطلق إليه (٢) ، فيسلبهم إياه ، فقد هلكوا».

فقيل له : فما السبيل؟ فقال : «السعة في المال ، إذا كان يحج ببعض ويبقي بعضا يقوت به عياله ، أليس قد فرض الله الزكاة ، فلم يجعلها إلا على من يملك مائتي درهم؟».

١٨٤٠ / ٦ ـ وعنه : عن محمد بن أبي عبد الله ، عن موسى بن عمران ، عن الحسين بن يزيد النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سأله رجل من أهل القدر ، فقال : يا ابن رسول الله ، أخبرني عن قول الله عز وجل : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) أليس قد جعل الله لهم الاستطاعة؟ فقال : «ويحك ، إنما يعني بالاستطاعة الزاد والراحلة ، ليس استطاعة البدن».

فقال الرجل : أفليس إذا كان الزاد والراحلة فهو مستطيع للحج؟

فقال : «ويحك ، ليس كما تظن ، قد ترى الرجل عنده المال الكثير أكثر من الزاد والراحلة فهو لا يحج حتى يأذن الله تعالى في ذلك».

١٨٤١ / ٧ ـ الشيخ في (التهذيب) : بإسناده عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام

قال : قال الله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)؟

قال : «هذه لمن كان عنده مال وصحة ، وإن كان سوفه (٣) للتجارة فلا يسعه ، فإن مات على ذلك فقد ترك شريعة من شرائع الإسلام ، إذ هو يجد ما يحج به ، وإن كان دعاه قوم أن يحجوه فاستحيا فلم يفعل ، فإنه لا يسعه إلا الخروج ولو على حمار أجدع أبتر».

__________________

(٢) أي موسّع عليه غير مضيّق عليه. «أقرب الموارد ـ سرب ـ ١ : ٥٠٨».

٥ ـ الكافي ٤ : ٢٦٧ / ٣.

(١) أي إلى الحجّ. وفي «ط» : ينطلق إليهم فيسألهم.

٦ ـ الكافي ٤ : ٢٦٨ / ٥.

٧ ـ التهذيب ٥ : ١٨ / ٥٢.

(١) التسويف : التأخير. «مجمع البحرين ـ سوف ـ ٥ : ٧٣».

٦٦٣

وعن قوله عز وجل : (وَمَنْ كَفَرَ) قال : «يعني : من ترك».

١٨٤٢ / ٨ ـ عنه : بإسناده عن موسى بن القاسم ، عن معاوية بن وهب ، عن صفوان ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : قوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)؟ قال : «إن يكون له ما يحج به».

قلت : فإن عرض عليه الحج فاستحيا؟ قال : «هو ممن يستطيع ، ولم يستحيي؟! ولو على حمار أجدع أبتر ـ قال ـ : فإن كان يستطيع أن يمشي بعضا ويركب بعضا فليفعل».

١٨٤٣ / ٩ ـ وعنه : بإسناده عن أحمد بن محمد ، عن الحسين (١) ، عن القاسم بن محمد ، عن علي ، عن أبي بصير ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : قول الله عز وجل : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) قال : «يمشي إن لم يكن عنده».

قلت : لا يقدر على المشي؟ قال : «يمشي ويركب».

قلت : لا يقدر على ذلك؟ قال : «يخدم القوم ويخرج [معهم]».

قال الشيخ : هذا الخبر محمول على الاستحباب.

١٨٤٤ / ١٠ ـ العياشي : عن إبراهيم بن علي ، عن عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن ابن علي بن أبي طالب ، عن الحسن بن محبوب ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في قول الله : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً).

قال : «هذا لمن كان عنده مال وصحة ، فإن سوفه للتجارة فلا يسعه ذلك ، وإن مات على ذلك فقد ترك شريعة من شرائع الإسلام ، إذا ترك الحج وهو يجد ما يحج به ، وإن دعاه أحد إلى أن يحمله فاستحيا فلا يفعل ، فإنه لا يسعه إلا أن يخرج ولو على حمار أجدع أبتر ، وهو قول الله : (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) ـ قال ـ : ومن ترك فقد كفر ، ولم لا يكفر وقد ترك شريعة من شرائع الإسلام؟! يقول الله : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ) (١) فالفريضة : التلبية والإشعار والتقليد ، فأي ذلك فعل فقد فرض الحج ، ولا فرض إلا في هذه الشهور التي قال الله : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ)».

١٨٤٥ / ١١ ـ عن زرارة ، قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : «بني الإسلام على خمسة أشياء : على الصلاة ، والزكاة ، والصوم ، والحج ، والولاية».

__________________

٨ ـ التهذيب ٥ : ٣ / ٤.

٩ ـ التهذيب ٥ : ١٠ / ٢٦ ، الاستبصار ٢ : ١٤١.

(١) في المصدر : الحسين بن سعيد.

١٠ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٩٠ / ١٠٨.

(١) البقرة ٢ : ١٩٧.

١١ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٩١ / ١٠٩.

٦٦٤

قال : قلت : فأي ذلك أفضل؟ قال : «الولاية أفضلهن لأنها مفتاحهن ، والوالي هو الدليل عليهن».

قال : قلت : ثم الذي يلي في الفضل؟ قال : قال : «فالصلاة ، إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : الصلاة عمود دينكم».

قال : قلت : الذي يليها في الفضل؟ قال : «الزكاة ، لأنه قرنها بها ، وبدأ بالصلاة قبلها ، وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الزكاة تذهب الذنوب».

قال : قلت : فالذي يليها في الفضل؟ قال : «الحج ، لأن الله يقول : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) ، وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لحجة متقبلة خير من عشرين صلاة نافلة ، ومن طاف بهذا البيت طوافا أحصى فيه سبوعه (١) وأحسن ركعتيه غفر له. وقال يوم عرفة ويوم المزدلفة ما قال».

قال : قلت : ثم ماذا يتبعه؟ قال : «ثم الصوم».

قال : قلت : فما بال الصوم آخر ذلك أجمع؟ فقال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الصوم جنة من النار». قال : ثم قال : «إن أفضل الأشياء ما إذا كان فاتك لم يكن لك منه التوبة دون أن ترجع إليه فتؤديه بعينه ، إن الصلاة والزكاة والحج والولاية ليس ينفع شيء مكانها دون أدائها ، وإن الصوم إذا فاتك أو أفطرت أو سافرت فيه أديت مكانه أياما غيرها ، وفديت ذلك الذنب بفدية ، ولا قضاء عليك ، وليس مثل تلك الأربعة شيء يجزيك مكانها غيرها».

١٨٤٦ / ١٢ ـ عن عمر بن أذينة ، قال : قلت : لأبي عبد الله عليه‌السلام في قوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) يعني به الحج دون العمرة؟ قال : «ولكنه الحج والعمرة جميعا لأنهما مفروضان».

١٨٤٧ / ١٣ ـ عن عبد الرحمن بن سيابة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في قول الله : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً). قال : «من كان صحيحا في بدنه ، مخلي سربه ، له زاد وراحلة ، فهو مستطيع للحج».

١٨٤٨ / ١٤ ـ وعنه : في حديث الكناني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «وإن كان يقدر أن يمشي بعضا ويركب بعضا فليفعل (وَمَنْ كَفَرَ) ـ قال ـ : ترك».

١٨٤٩ / ١٥ ـ عن أبي الربيع الشامي ، قال : سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن قول الله : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً). فقال : «ما يقول الناس»؟ فقيل له : الزاد والراحلة.

قال : فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «سئل أبو جعفر عليه‌السلام عن هذا ، فقال : لقد هلك الناس إذن ، لئن كان من كان له زاد وراحلة قدر ما يقوت به عياله ، ويستغني به عن الناس ينطلق إليهم فيسألهم إياه ويحج به لقد هلكوا إذن.

__________________

(١) في المصدر : أسبوعه ، وكلاهما بمعنى ، والأسبوع من الطّواف : أي سبع طوافات. «مجمع البحرين ـ سبع ـ ٤ : ٣٤٤».

١٢ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٩١ / ١١٠.

١٣ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٩٢ / ١١١.

١٤ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٩٢ / ١١٢.

١٥ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٩٢ / ١١٣.

٦٦٥

فقيل له : فما السبيل؟ ـ قال ـ فقال : «السعة في المال ، إذا كان يحج ببعض ويبقي بعضا يقوت به عياله ، أليس الله قد فرض الزكاة فلم يجعلها إلا على من يملك مائتي درهم؟».

١٨٥٠ / ١٦ ـ عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : قلت له : رجل عرض عليه الحج فاستحيا أن يقبله ، أهو ممن يستطيع الحج؟

قال : «نعم ، مره فلا يستحيي ولو على حمار أبتر ، وإن كان يستطيع أن يمشي بعضا ويركب بعضا فليفعل».

١٨٥١ / ١٧ ـ عن أبي أسامة زيد الشحام ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في قوله : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) قال : سألته ما السبيل؟ قال : «يكون له ما يحج به».

قلت : أرأيت إن عرض عليه مال يحج به فاستحيا من ذلك؟ قال : «هو ممن استطاع إليه سبيلا ـ قال ـ : وإن كان يطيق المشي بعضا والركوب بعضا فليفعل».

قلت : أرأيت قول الله (وَمَنْ كَفَرَ) أهو في الحج؟ قال : «نعم ـ قال ـ : هو كفر النعم» وقال : «ومن ترك» في خبر آخر.

١٨٥٢ / ١٨ ـ عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : قول الله تعالى : (مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)؟ قال : «تخرج ، وإذا لم يكن عندك تمشي».

قال : قلت : لا نقدر على ذلك. قال : «تمشي وتركب أحيانا».

قلت : لا نقدر على ذلك. قال : «تخدم قوما وتخرج معهم».

١٨٥٣ / ١٩ ـ عن عبد الرحمن بن الحجاج ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قوله : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً). قال : «الصحة في بدنه ، والقدرة في ماله».

وفي رواية حفص الأعور ، عنه ، قال : «القوة في البدن ، واليسار في المال».

قوله تعالى :

وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [١٠١]

١٨٥٤ / ١ ـ ابن بابويه ، قال : حدثنا علي بن الفضل بن العباس البغدادي بالري ، المعروف أبي الحسن

__________________

١٦ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٩٢ / ١١٤.

١٧ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٩٣ / ١١٥.

١٨ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٩٣ / ١١٦.

١٩ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٩٣ / ١١٧ ، ١١٨.

سورة آل عمران آية ـ ١٠١ ـ

١ ـ معاني الأخبار : ١٣٢ / ٢.

٦٦٦

الخيوطي (١) ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن سليمان بن الحارث ، قال : حدثنا محمد بن علي بن خلف العطار ، قال : حدثنا الحسين الأشقر ، قال : قلت لهشام بن الحكم : ما معنى قولكم : إن الإمام لا يكون إلا معصوما؟

فقال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن ذلك. فقال : «المعصوم هو الممتنع بالله من جميع محارم الله ، وقد قال الله تبارك وتعالى : (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)».

قوله تعالى :

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ

مُسْلِمُونَ [١٠٢]

١٨٥٥ / ١ ـ ابن بابويه ، قال : حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن النضر ، عن أبي الحسين ، عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عز وجل : (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ). قال : «يطاع ولا يعصى ، ويذكر فلا ينسى ، ويشكر فلا يكفر».

أحمد بن محمد بن خالد البرقي ، عنه أبيه ، عن النضر بن سويد ، عن أبي الحسين ، عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، مثله (١).

الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن أبي الحسين (٢) ، عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، مثله.(٣)

١٨٥٦ / ٢ ـ ابن شهر آشوب : عن (تفسير وكيع) ، قال : حدثنا سفيان بن مرة الهمداني ، عن عبد خير ، قال : سألت علي بن أبي طالب عليه‌السلام عن قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ).

قال : «والله ما عمل بها غير أهل بيت رسول الله ، نحن ذكرنا الله فلا ننساه ، ونحن شكرناه فلن نكفره ، ونحن أطعناه فلم نعصه ، فلما نزلت هذه الآية ، قالت الصحابة : لا نطيق ذلك. فأنزل الله تعالى : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)». قال وكيع : ما أطقتم. ثم قال : (وَاسْمَعُوا) ما تؤمرون به (وَأَطِيعُوا) (١) يعني أطيعوا الله ورسوله وأهل بيته فيما يأمرونكم به.

__________________

(١) في المصدر : الحنوطيّ ، والصواب ما في المتن. راجع تاريخ بغداد ١٢ : ٤٨ ، أنساب السمعاني ٢ : ٤٣٣.

سورة آل عمران آية ـ ١٠٢ ـ

١ ـ معاني الأخبار : ٢٤٠ / ١.

(١) المحاسن : ٢٠٤ / ٥٠.

(٢) في «س وط» : عن حصين ، وفي المصدر : عن حسن ، والظاهر أنّ الصواب ما أثبتناه. لروايته عن أبي بصير ، وبقرينة السندين الأوّلين.

(٣) كتاب الزهد : ١٧ / ٣٧.

٢ ـ المناقب ٢ : ١٧٧.

(١) التغابن ٦٤ : ١٦.

٦٦٧

١٨٥٧ / ٣ ـ العياشي : عن الحسين بن خالد ، قال : قال أبو الحسن الأول عليه‌السلام : «كيف تقرأ هذه الآية (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ماذا؟» قلت : مسلمون. فقال : «سبحان الله! يوقع عليهم الإيمان فيسميهم مؤمنين ، ثم يسألهم الإسلام ، والإيمان فوق الإسلام!».

قلت : هكذا تقرأ في قراءة زيد. قال : «إنما هي في قراءة علي عليه‌السلام ، وهي التنزيل الذي نزل به جبرئيل على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (إلا وأنتم مسلمون) لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم للإمام من بعده».

١٨٥٨ / ٤ ـ عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله : (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ).

قال : «يطاع فلا يعصى ، ويذكر فلا ينسى ويشكر فلا يكفر».

١٨٥٩ / ٥ ـ عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله : (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ) قال : «منسوخة».

قلت : وما نسخها؟ قال : «قول الله (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) (١)».

١٨٦٠ / ٦ ـ أبو علي الطبرسي ، في الآية : اختلف فيها على قولين : أحدهما أنها منسوخة بقوله تعالى : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) (١). قال : وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام.

والآخر أنها غير منسوخة ، عن ابن عباس وطاوس.

قوله تعالى :

(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [١٠٣]) ١٨٦١ / ١ ـ علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً) ، قال : التوحيد والولاية.

__________________

٣ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٩٣ / ١١٩.

٤ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٩٥ / ١٢٠.

٥ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٩٤ / ١٢١.

(١) التغابن ٦٤ : ١٦.

٦ ـ مجمع البيان ٢ : ٨٠٥.

(١) التغابن ٦٤ : ١٦.

سورة آل عمران آية ـ ١٠٣ ـ

١ ـ تفسير القمّي ١ : ١٠٨.

٦٦٨

١٨٦٢ / ٢ ـ محمد بن إبراهيم النعماني ـ المعروف بابن زينب ـ قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن معمر الطبراني بطبرية سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة ـ وكان هذا الرجل يوالي يزيد بن معاوية ومن النصاب ـ قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا علي بن هاشم ، والحسن (١) بن السكن ، قال : حدثنا عبد الرزاق بن همام ، قال : أخبرني أبي ، عن ميناء (٢) مولى عبد الرحمن بن عوف ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : وقد على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أهل اليمن ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «جاءكم أهل اليمن يبسون بسيسا» (٣) فلما دخلوا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «قوم رقيقة قلوبهم ، راسخ إيمانهم ، منهم المنصور يخرج في سبعين ألفا ينصر خلفي وخلف وصيي ، حمائل سيوفهم المسك» (٤).

فقالوا : يا رسول الله ، ومن وصيك؟ فقال : «هو الذي أمركم الله بالاعتصام به ، فقال عز وجل : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)».

فقالوا : يا رسول الله ، بين لنا ما هذا الحبل؟ فقال : «هو قول الله : (إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ) (٥) فالحبل من الله كتابه ، والحبل من الناس وصيي».

فقالوا : يا رسول الله ، ومن وصيك؟ فقال : «هو الذي أنزل الله فيه : (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ) (٦)».

فقالوا : يا رسول الله ، وما جنب الله هذا؟ فقال : «هو الذي يقول الله فيه : (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً) (٧) هو وصيي والسبيل إلي من بعدي».

فقالوا : يا رسول الله ، بالذي بعثك بالحق نبيا ، أرناه فقد اشتقنا إليه. فقال : «هو الذي جعله الله آية للمتوسمين (٨) ، فإن نظرتم إليه نظر من كان له قلب ، أو ألقى السمع وهو شهيد ، عرفتم أنه وصيي كما عرفتم أني نبيكم ، فتخللوا الصفوف وتصفحوا الوجوه ، فمن أهوت إليه قلوبكم فإنه هو ، لأن الله عز وجل يقول في كتابه : (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) (٩) إليه وإلى ذريته».

ثم قال : فقام أبو عامر الأشعري في الأشعريين ، وأبو غرة الخولاني في الخولانيين ، وظبيان وعثمان بن قيس

__________________

٢ ـ الغيبة : ٣٩ / ١.

(١) في المصدر : والحسين ، أنظر الجرح والتعديل ٣ : ١٧ و ٥٤ ، وتاريخ بغداد ٧ : ٣٢٣ و ٨ : ٥٠.

(٢) في «س وط» : أخبرني مينا ، والصواب ما في المتن لرواية همّام عن ميناء مولى عبد الرحمن بن عوف ، كما في تهذيب التهذيب ١٠ : ٣٩٧.

(٣) بسست الناقة وأبسستها : إذا سقتها وزجرتها وقلت لها : بس بس بكسر الباء وفتحها. «النهاية ـ بسس ـ ١ : ١٢٧».

(٤) حمائل سيوفهم المسك : أي علائق سيوفهم الجلد.

(٥) آل عمران ٣ : ١١٢.

(٦) الزّمر ٣٩ : ٥٦.

(٧) الفرقان ٢٥ : ٢٧.

(٨) في المصدر : للمؤمنين المتوسّمين.

(٩) إبراهيم ١٤ : ٣٧.

٦٦٩

في بني قيس ، وعرفة الدوسي في الدوسيين ، ولا حق به علاقة ، فتخللوا الصفوف ، وتصفحوا الوجوه ، وأخذوا بيد (١٠) الأصلع البطين ، وقالوا : إلى هذا أهوت أفئدتنا يا رسول الله.

فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أنتم نخبة الله حين عرفتم وصي رسول الله قبل أن تعرفوه ، فبم عرفتم أنه هو»؟

فرفعوا أصواتهم يبكون ، وقالوا : يا رسول الله ، نظرنا إلى القوم فلم تحن لهم [قلوبنا] ، ولما رأيناه رجفت قلوبنا ثم اطمأنت نفوسنا ، فانجاشت (١١) أكبادنا ، وهملت أعيننا ، وتبلجت (١٢) صدورنا حتى كأنه لنا أب ونحن عنده بنون.

فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «(وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) (١٣) أنتم منه (١٤) بالمنزلة التي سبقت لكم بها الحسنى ، وأنتم عن النار مبعدون».

قال : فبقي هؤلاء القوم المسمون حتى شهدوا مع أمير المؤمنين الجمل وصفين فقتلوا بصفين رحمهم‌الله ، وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بشرهم بالجنة وأخبرهم أنهم يستشهدون مع علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

١٨٦٣ / ٣ ـ عنه ، قال : أخبرنا محمد بن همام بن سهيل ، قال : حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد الحسني ، قال : حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق الحميري (١) ، قال : حدثنا محمد بن زيد بن عبد الرحمن التميمي ، عن الحسن بن الحسين الأنصاري ، عن محمد بن الحسين ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال علي بن الحسين عليه‌السلام : «كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات يوم جالسا ومعه أصحابه في المسجد ، فقال : يطلع عليكم من هذا الباب رجل من أهل الجنة يسأل عما يعنيه ، فطلع عليه رجل ، طوال شبيه برجال مضر ، فتقدم فسلم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجلس ، فقال : يا رسول الله ، إني سمعت الله عز وجل يقول فيما أنزل : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) فما هذا الحبل الذي أمرنا الله بالاعتصام به وألا نتفرق عنه؟ فأطرق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مليا ثم رفع رأسه وأشار بيده إلى علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، وقال : هذا حبل الله الذي من تمسك به عصم به في دنياه ، ولم يضل به في آخرته. فوثب الرجل إلى علي عليه‌السلام فاحتضنه من وراء ظهره وهو يقول : اعتصمت بحبل الله وحبل رسوله ، ثم قام فولى فخرج.

فقام رجل من الناس فقال : يا رسول الله ، ألحقه فأسأله أن يستغفر الله لي؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذن تجده موفقا. قال : فلحقه الرجل فسأله أن يستغفر الله له ، فقال له : أفهمت ما قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وما قلت له؟ قال : نعم. قال : فإن كنت متمسكا بذلك الحبل يغفر الله لك ، وإلا فلا يغفر الله لك».

__________________

(١٠) في المصدر زيادة : الأنزع.

(١١) الجأش : الاضطراب عند الفزع. «مجمع البحرين ـ جوش ـ ٤ : ١٣٢».

(١٢) في المصدر : وانثلجت.

(١٣) آل عمران ٣ : ٧.

(١٤) في المصدر : أنتم منهم.

٣ ـ الغيبة : ٤١ / ٢.

(١) الظاهر أنّ الصحيح في نسبته : الأحمري ، كما في رجال النجاشي : ١٩ ، وفهرست الطوسي : ٧ ، وعدّا من كتبه كتابا في الغيبة.

٦٧٠

١٨٦٤ / ٤ ـ الشيخ في (أماليه) : بالإسناد ، قال : أخبرنا أبو عمر ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا جعفر بن علي ابن نجيح الكندي ، قال : حدثنا حسن بن حسين ، قال : حدثنا أبو حفص الصائغ ـ قال أبو العباس : هو عمر بن راشد أبو سليمان ـ عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام ، في قوله : (ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) (١) قال : «نحن من النعيم».

وفي قوله : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً) قال : «نحن الحبل».

١٨٦٥ / ٥ ـ السيد الرضي في (الخصائص) : قال : حدثني هارون بن موسى ، قال : حدثني أحمد بن محمد بن عمار (١) ، قال : حدثنا أبو موسى عيسى الضرير البجلي ، عن أبي الحسن عليه‌السلام في خطبة خطبها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مرضه ، وفي الخبر : «فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ادعوا لي عمي ـ يعني العباس رحمه‌الله ـ فدعي له ، فحمله وعلي عليه‌السلام ، حتى أخرجاه ، فصلى بالناس وإنه لقاعد ، ثم حمل فوضع على المنبر بعد ذلك ، فاجتمع لذلك جميع أهل المدينة من المهاجرين والأنصار ، حتى برزت العواتق (٢) من خدورها ، فبين باك وصائح ومسترجع [وواجم] (٣) والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخطب ساعة ويسكت ساعة ، وكان فيما ذكر من خطبته أن قال : يا معاشر المهاجرين والأنصار ، ومن حضر في يومي هذا وساعتي هذه من الإنس والجن ، ليبلغ شاهدكم غائبكم ، ألا إني قد خلفت فيكم كتاب الله فيه النور والهدى ، والبيان لما فرض الله تبارك وتعالى من شيء ، حجة الله عليكم وحجتي وحجة وليي ، وخلفت فيكم العلم الأكبر ، علم الدين ونور الهدى وضياءه ، وهو علي بن أبي طالب ، ألا وهو حبل الله (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ).

أيها الناس ، هذا علي ، من أحبه وتولاه اليوم وبعد اليوم فقد أوفى بما عاهد عليه الله ، ومن عاداه وأبغضه اليوم وبعد اليوم جاء يوم القيامة أصم وأعمى ، لا حجة له عند الله».

١٨٦٦ / ٦ ـ وعنه في كتاب (المناقب) : عن أبي المبارك بن مسرور ، قال : حدثني علي بن محمد بن علي الأندركي بقراءتي عليه ، قال : حدثنا أبو القاسم عيسى بن علي الموصلي ، عن القاضي أبي طاهر محمد بن أحمد ابن عمرو النهاوندي قاضي البصرة رحمه‌الله ، قال : حدثني محمد بن عبد الله بن سليمان بن مطير ، عن الحسين بن

__________________

٤ ـ الأمالي ١ : ٢٧٨ ، الصواعق المحرقة : ١٥١ ، شواهد التنزيل ١ : ١٣١ / ١٨٠ ، ينابيع المودة : ٢٧٤.

(١) التكاثر ١٠٢ : ٨.

٥ ـ خصائص أمير المؤمنين : ٧٤.

(١) في «س وط» : بن عليّ ، والصواب ما في المتن ، روى عنه هارون بن موسى بعض مصنّفاته ، راجع فهرست الطوسي : ٢٩ ، ومعجم رجال الحديث ٢ : ٢٩٣.

(٢) العواتق : جمع عاتق : وهي الشابّة أوّل ما تدرك ، وقيل : هي التي لم تبن من والديها ولم تزوّج وقد أدركت وشبّت. «النهاية ٣ : ١٧٩».

(٣) الواجم : الذي اشتدّ حزنه حتّى أمسك عن الكلام. «مجمع البحرين ـ وجم ـ ٦ : ١٨٢».

٦ ـ عنه في غاية المرام : ٢٤٣ / ٣ ، ينابيع المودة : ١١٩.

٦٧١

عبد الملك ، عن أسباط ، عن الأعمش ، عن سعيد بن جبير ، عن عبد الله بن عباس ، قال : كنا عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ جاء أعرابي ، فقال : يا رسول الله ، سمعتك تقول : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً) فما حبل الله الذي أعتصم به؟ فضرب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يده في يد علي عليه‌السلام وقال : «تمسكوا بهذا ، فهذا هو الحبل المتين».

١٨٦٧ / ٧ ـ العياشي : عن ابن يزيد ، قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن قوله : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً).

قال : «علي بن أبي طالب حبل الله المتين».

١٨٦٨ / ٨ ـ عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «آل محمد عليهم‌السلام هم حبل الله الذي أمرنا (١) بالاعتصام به ، فقال : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)».

١٨٦٩ / ٩ ـ ابن شهر آشوب : عن محمد بن علي العنبري ، بإسناده عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه سأل أعرابي عن هذه الآية : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً) ، فأخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد علي عليه‌السلام ، وقال (٢) : «يا أعرابي ، هذا حبل الله فاعتصم به» فدار الأعرابي من خلف علي عليه‌السلام واحتضنه ، وقال (٣) : اللهم إني أشهدك أني قد اعتصمت بحبلك. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا».

ثم قال ابن شهر آشوب : وروي نحو من ذلك عن الباقر والصادق عليهما‌السلام.

١٨٧٠ / ١٠ ـ (تفسير الثعلبي) : يرفعه بإسناده إلى جعفر بن محمد عليهما‌السلام في قوله تعالى : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا). قال : «نحن حبل الله الذي قال الله : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)».

١٨٧١ / ١١ ـ علي بن إبراهيم ، قال : في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، في قوله : (وَلا تَفَرَّقُوا).

قال : «إن الله تبارك وتعالى علم أنهم سيفترقون بعد نبيهم ويختلفون ، فنهاهم عن التفرق كما نهى من كان قبلهم ، فأمرهم أن يجتمعوا على ولاية آل محمد (عليهم الصلاة والسلام) ، ولا يتفرقوا».

__________________

٧ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٩٤ / ١٢٢.

٨ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٩٤ / ١٢٣.

(١) في «ط» : أمر.

٩ ـ المناقب ٣ : ٧٦.

(١) في المصدر : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يده فوضعها على كتف عليّ فقال.

(٢) في المصدر : علي عليه‌السلام والتزمه ثمّ قال.

١٠ ـ عنه في غاية المرام : ٢٤٢ / ١ ، العمدة : ٢٨٨ / ٤٦٧ ، الصواعق المحرقة : ١٥١ ، ينابيع المودة : ١١٩!

١١ ـ تفسير القمّي ١ : ١٠٨.

٦٧٢

١٨٧٢ / ١٢ ـ وقال علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى : (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ) : فإنها نزلت في الأوس والخزرج ، كانت الحرب بينهم مائة سنة ، لا يضعون السلاح لا بالليل ، ولا بالنهار ، حتى ولد عليه الأولاد ، فلما بعث الله نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أصلح بينهم فدخلوا في الإسلام ، وذهبت العداوة من قلوبهم برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصاروا إخوانا.

١٨٧٣ / ١٣ ـ محمد بن يعقوب : عن علي بن إبراهيم ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن محمد بن سليمان ، عن أبيه (١) ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في قوله : (وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها) ـ بمحمد ـ هكذا والله نزل بها (٢) جبرئيل على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم».

١٨٧٤ / ١٤ ـ العياشي : عن محمد بن سليمان البصري الديلمي ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في قوله : «(وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها) بمحمد».

١٨٧٥ / ١٥ ـ عن أبي الحسن علي بن محمد بن ميثم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «ابشروا بأعظم المنن عليكم ، قول الله : (وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها) فالإنقاذ من الله (١) هبة ، والله لا يرجع من هبته».

١٨٧٦ / ١٦ ـ عن ابن هارون ، قال : كان أبو عبد الله عليه‌السلام إذا ذكر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «بأبي وامي ونفسي وقومي وعترتي ، عجب للعرب كيف لا تحملنا على رؤوسها! والله يقول في كتابه : (وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها) فبرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والله أنقذوا».

قوله تعالى :

(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [١٠٤])

١٨٧٧ / ١ ـ علي بن إبراهيم ، قال : في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، في قوله : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ

__________________

١٢ ـ تفسير القمي ١ : ١٠٨.

١٣ ـ الكافي ٨ : ١٨٣ / ٢٠٨.

(١) (محمد بن سليمان ، عن أبيه) ليس في المصدر ، والظاهر صحة ما في المتن لعدم إمكان روآية البرقي عن الصادق عليه‌السلام إلا مرسلا ، راجع الحديث الآتي ورجال النجاشي : ٣٦٥ / ٩٨٧ ومعجم رجال الحديث ١٦ : ١٢٩.

(٢) أي بهذا المعنى.

١٤ ـ تفسير العياشي ١ : ١٩٤ / ١٢٤.

١٥ ـ تفسير العياشي ١ : ١٩٤ / ١٢٥.

(١) في «س» : فالإنقاذ منها.

١٦ ـ تفسير العياشي ١ : ١٩٤ / ١٢٦.

سورة آل عمران آية ـ ١٠٤ ـ

١ ـ تفسير القمي ١ : ١٠٨.

٦٧٣

أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ) : «فهذه الآية لآل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومن تابعهم (يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ)».

١٨٧٨ / ٢ ـ محمد بن يعقوب : عن علي بن إبراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : وسئل عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، أواجب هو على الامة جميعا؟ فقال : «لا».

فقيل له : ولم؟ قال : «إنما هو على القوي ، المطاع ، العالم بالمعروف والمنكر ، لا على الضعيف الذي لا يهتدي سبيلا إلى أي من أي ، يقول من الحق إلى الباطل ، والدليل على ذلك كتاب الله عز وجل ، قوله : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) فهذا خاص غير عام ، كما قال الله عز وجل : (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) (١) ولم يقل على امة موسى ، ولا على كل قومه ، وهم يومئذ أمم مختلفة ، والامة واحد فصاعدا ، كما قال الله عز وجل : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ) (٢) يقول : مطيعا لله عز وجل وليس على من يعلم ذلك في هذه الهدنة من حرج إذا كان لا قوة له ، ولا عذر ، ولا طاعة».

قال مسعدة : وسمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول ، وسئل عن الحديث الذي جاء عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إن أفضل الجهاد كلمة عدل عند إمام جائر» ما معناه؟ قال : «هذا على أن يأمره بعد معرفته وهو مع ذلك يقبل منه وإلا فلا».

١٨٧٩ / ٣ ـ العياشي : عن أبي عمرو الزبيري ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال في قوله : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ).

قال : «في هذه الآية تكفير أهل القبلة بالمعاصي ، لأنه من لم يكن يدعوا إلى الخيرات ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر من المسلمين ، فليس من الامة التي وصفها ، لأنكم تزعمون أن جميع المسلمين من امة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قد بدت هذه الآية وقد وصفت امة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالدعاء إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ومن لم يوجد فيه الصفة التي وصفت ، بها ، فكيف يكون من الامة وهو على خلاف ما شرطه الله على الامة ووصفها به؟!».

١٨٨٠ / ٤ ـ أبو علي الطبرسي : يروى عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «ولتكن منكم أئمة» : «وكنتم خير أئمة

__________________

٢ ـ الكافي ٥ : ٥٩ / ١٦.

(١) الأعراف ٧ : ١٥٩.

(٢) النّحل ١٦ : ١٢٠.

٣ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٩٥ / ١٢٧.

٤ ـ مجمع البيان ٢ : ٨٠٧.

٦٧٤

أخرجت للناس».

قوله تعالى :

يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ ـ إلى قوله تعالى : ـ فَفِي

رَحْمَتِ اللهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ [١٠٦ ـ ١٠٧]

١٨٨١ / ١ ـ علي بن إبراهيم ، قال : حدثني أبي ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبي الجارود ، عن عمران بن هيثم ، عن مالك بن ضمرة ، عن أبي ذر رحمه‌الله ، قال : لما نزلت هذه الآية : (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ) قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ترد علي أمتي يوم القيامة على خمس رايات : فراية مع عجل هذه الامة ، فأسألهم : ما فعلتم بالثقلين من بعدي؟ فيقولون : أما الأكبر فحرفناه ونبذناه وراء ظهورنا ، وأما الأصغر فعاديناه وأبغضناه وظلمناه. فأقول : ردوا إلى النار ظماء مظمئين مسودة وجوهكم. ثم ترد علي راية مع فرعون هذه الامة ، فأقول لهم : ما فعلتم بالثقلين من بعدي؟ فيقولون : أما الأكبر فحرفناه ومزقناه وخالفناه ، وأما الأصغر فعاديناه وقاتلناه. فأقول : ردوا إلى النار ظماء مظمئين مسودة وجوهكم. ثم ترد علي راية مع سامري هذه الامة ، فأقول لهم : ما فعلتم بالثقلين من بعدي؟ فيقولون : أما الأكبر فعصيناه وتركناه ، وأما الأصغر فخذلناه وضيعناه [وصنعنا به كل قبيح]. فأقول : ردوا إلى النار ظماء مظمئين مسودة وجوهكم. ثم ترد علي راية ذي الثدية مع أول الخوارج وآخرهم ، فأسألهم : ما فعلتم بالثقلين من بعدي؟ فيقولون : أما الأكبر فمزقناه فبرئنا منه ، وأما الأصغر فقاتلناه وقتلناه. فأقول : ردوا إلى (١) النار ظماء مظمئين مسودة وجوهكم. ثم ترد علي راية مع إمام المتقين ، وسيد الوصيين (٢) ، وقائد الغر المحجلين ، ووصي رسول رب العالمين ، فأقول لهم : ما فعلتم بالثقلين من بعدي؟ فيقولون : أما الأكبر فاتبعناه وأطعناه ، وأما الأصغر فأحببناه وواليناه ووازرناه ونصرناه حتى أهريقت فيهم دماؤنا. فأقول : ردوا إلى الجنة رواء مرويين ، مبيضة وجوهكم» ثم تلا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).

قوله تعالى :

كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ

__________________

سورة آل عمران آية ـ ١٠٦ ـ ١٠٧ ـ

١ ـ تفسير القمّي ١ : ١٠٩.

(١) (إلى) ليس في المصدر.

(٢) في «ط» : المسلمين.

٦٧٥

الْمُنْكَرِ ـ إلى قوله تعالى : ـ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ [١١٠ ـ ١١٢]

١٨٨٢ / ١ ـ علي بن إبراهيم ، قال : حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن سنان ، قال : قرئت عند أبي عبد الله عليه‌السلام : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) الآية ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «خير امة يقتلون أمير المؤمنين والحسن والحسين ابني علي عليهم‌السلام؟!».

فقال القارئ : جعلت فداك ، كيف نزلت؟ قال : «نزلت (كنتم خير أئمة أخرجت للناس) ألا ترى مدح الله لهم (تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ)؟».

١٨٨٣ / ٢ ـ العياشي : عن حماد بن عيسى ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «في قراءة علي عليه‌السلام «كنتم خير أئمة أخرجت للناس» ـ قال ـ : هم آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم».

١٨٨٤ / ٣ ـ أبو بصير ، عنه عليه‌السلام ، قال : قال : «إنما أنزلت هذه الآية على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه وفي الأوصياء خاصة ، فقال : (كنتم (١) خير أئمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) هكذا والله نزل بها جبرئيل ، وما عنى بها إلا محمدا وأوصياءه (صلوات الله عليهم)».

١٨٨٥ / ٤ ـ عن أبي عمرو الزبيري ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في قول الله : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ).

قال : «يعني الامة التي وجبت لها دعوة إبراهيم عليه‌السلام ، فهم الامة التي بعث الله فيها ومنها وإليها ، وهم الامة الوسطى ، وهم خير امة أخرجت للناس».

١٨٨٦ / ٥ ـ وقال علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى : (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ) : يعني بعهد من الله وعهد من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد مر في تفسير قوله تعالى : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً) (١) معنى الحبل من الله : كتابه ، والحبل من الناس : وصي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ) : الجوع.

١٨٨٧ / ٦ ـ ابن شهر آشوب : عن الباقر عليه‌السلام (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ) قال :

__________________

سورة آل عمران آية ـ ١١٠ ـ ١١٢ ـ

١ ـ تفسير القمّي ١ : ١١٠.

٢ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٩٥ / ١٢٨.

٣ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٩٥ / ١٢٩.

(١) في «ط» : أنتم.

٤ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٩٥ / ١٣٠.

٥ ـ تفسير القمّي ١ : ١١٠.

(١) تقدم في الأحاديث (٢ ـ ١٠) من تفسير الآية (١٠٣) من سورة آل عمران.

٦ ـ المناقب ٣ : ٧٥.

٦٧٦

«حبل من الله : كتاب الله (١) ، وحبل من الناس : علي بن أبي طالب عليه‌السلام».

١٨٨٨ / ٧ ـ العياشي : عن يونس بن عبد الرحمن ، عن عدة من أصحابنا ، رفعوه إلى أبي عبد الله عليه‌السلام ، في قوله : (إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ). قال : «الحبل من الله : كتاب الله ، والحبل من الناس : هو علي بن أبي طالب عليه‌السلام».

قوله تعالى :

ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ

ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ ـ إلى قوله تعالى : ـ عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَ

نامِلَ مِنَ الْغَيْظِ [١١٢ ـ ١١٩]

١٨٨٩ / ١ ـ أحمد بن محمد بن خالد البرقي : عن عثمان ، عن سماعة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله : (وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍ). فقال : «أما والله ما قتلوهم بالسيف ، ولكن أذاعوا سرهم وأفشوا عليهم فقتلوا».

ورواه محمد بن يعقوب ، عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن عثمان بن عيسى ، ببقية السند والمتن (١).

١٨٩٠ / ٢ ـ العياشي : عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، وتلا هذه الآية : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ). قال : «والله ما ضربوهم بأيديهم ، ولا قتلوهم بأسيافهم ولكن سمعوا أحاديثهم وأسرارهم فأذاعوها فأخذوا عليها فقتلوا ، فصار قتلا واعتداء ومعصية».

١٨٩١ / ٣ ـ وقال علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى : (وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ) : أي لن يجحدوه. ثم ضرب للكفار ، ومن ينفق (١) ماله في غير طاعة الله مثلا ، فقال : (مَثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ

__________________

(١) (قال : حبل من الله كتاب الله) ليس في المصدر.

٧ ـ تفسير العياشي ١ : ١٩٦ / ١٣١.

سورة آل عمران آية ـ ١١٢ ـ ١١٩ ـ

١ ـ المحاسن : ٢٥٦ / ٢٩٠.

(١) الكافي ٢ : ٢٧٥ / ٧ ، وفيه : ما قتلوهم بأسيافهم.

٢ ـ تفسير العياشي ١ : ١٩٦ / ١٣٢.

٣ ـ تفسير القمي ١ : ١١٠.

(١) في المصدر : من أنفق.

٦٧٧

فِيها صِرٌّ) أي برد (أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ) أي زرعهم (وَما ظَلَمَهُمُ اللهُ وَلكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ).

وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ) نزلت في اليهود (لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً) أي عداوة. وقوله تعالى : (عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ) قال : أطراف الأصابع.

قوله تعالى :

وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ وَاللهُ سَمِيعٌ

عَلِيمٌ [١٢١]

١٨٩٢ / ١ ـ علي بن إبراهيم ، قال : حدثني أبي ، عن صفوان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «سبب نزول هذه الآية أن قريشا خرجت من مكة تريد حرب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فخرج يبتغي موضعا للقتال».

١٨٩٣ / ٢ ـ ابن شهر آشوب : في شوال غزاة احد ـ وهو يوم المهراس (١) ـ قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والربيع والسدي وابن إسحاق ، نزل قوله : (وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ) فيها ، وهو المروي عن أبي جعفر عليه‌السلام.

١٨٩٤ / ٣ ـ وعنه : عن الصادق عليه‌السلام وابن مسعود : لما قصد أبو سفيان في ثلاثة آلاف من قريش إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويقال : في ألفين. منهم مائتا فارس ، والباقون ركب ، لهم سبعمائة درع».

قوله تعالى :

إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا [١٢٢]

١٨٩٥ / ١ ـ علي بن إبراهيم : نزلت في عبد الله بن أبي وقوم من أصحابه اتبعوا رأيه في ترك الخروج ، والقعود عن نصرة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

__________________

سورة آل عمران آية ـ ١٢١ ـ

١ ـ تفسير القمّي ١ : ١١٠.

٢ ـ المناقب ١ : ١٩١.

(١) المهراس : اسم ماء بأحد ، ويوم المهراس : يوم أحد.

٣ ـ مناقب ابن شهر آشوب ١ : ١٩١.

سورة آل عمران آية ـ ١٢٢ ـ

١ ـ تفسير القمّي ١ : ١١٠.

٦٧٨

قوله تعالى :

وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ [١٢٣]

١٨٩٦ / ١ ـ علي بن إبراهيم : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «ما كانوا أذلة وفيهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإنما نزل : ولقد نصركم الله ببدر وأنتم ضعفاء».

وروى نحو ذلك الطبرسي في (مجمع البيان) عن أبي عبد الله عليه‌السلام (١).

١٨٩٧ / ٢ ـ العياشي : عن أبي بصير ، قال : قرأت عند أبي عبد الله عليه‌السلام : (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ). فقال : «مه ، ليس هكذا أنزلها الله إنما أنزلت : وأنتم قليل».

١٨٩٨ / ٣ ـ عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سأله أبي عن هذه الآية : (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ). قال : «ليس هكذا أنزله الله ، ما أذل الله رسوله قط ، إنما أنزلت : وأنتم قليل».

عيسى ، عن صفوان ، عن ابن سنان مثله.

١٨٩٩ / ٤ ـ عن ربعي بن حريز ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، أنه قرأ : «لقد نصركم الله ببدر وأنتم ضعفاء ، وما كانوا أذلة ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيهم».

١٩٠٠ / ٥ ـ القصة : علي بن إبراهيم ، قال : وكان سبب غزوة احد أن قريشا لما رجعت من بدر إلى مكة ، وقد أصابهم ما أصابهم من القتل والأسر لأنه قتل منهم سبعون وأسر منهم سبعون ، فلما رجعوا إلى مكة ، قال أبو سفيان : يا معشر قريش ، لا تدعوا نساءكم يبكين على قتلاكم ، فإن البكاء والدمعة إذا خرجت أذهبت الحزن والحرقة (١) والعداوة لمحمد ، ويشمت بنا محمد وأصحابه. فلما غزوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم احد أذنوا لنسائهم بعد ذلك في البكاء والنوح.

فلما أرادوا أن يغزوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى احد ساروا في حلفائهم من كنانة وغيرها ، فجمعوا الجموع والسلاح وخرجوا من مكة في ثلاثة آلاف فارس وألفي راجل ، وأخرجوا معهم النساء يذكرنهم ويحثنهم على حرب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأخرج أبو سفيان هند بنت عتبة ، وخرجت معهم عمره بنت علقمة الحارثية.

فلما بلغ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذلك جمع أصحابه وأخبرهم أن الله قد أخبره أن قريشا قد تجمعت تريد

__________________

سورة آل عمران آية ـ ١٢٣ ـ

١ ـ تفسير القمّي ١ : ١٢٢.

(١) مجمع البيان ٢ : ٨٢٨.

٢ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٩٦ / ١٣٣.

٣ ـ تفسير العيّاشي ١٩٦ / ١٣٤.

٤ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٩٦ / ١٣٥.

٥ ـ تفسير القمّي ١ : ١١٠.

(١) في «ط» : القرحة.

٦٧٩

المدينة ، وحث أصحابه على الجهاد والخروج ، فقال عبد الله بن أبي وقومه : يا رسول الله ، لا تخرج من المدينة حتى نقاتل في أزقتها ، فيقاتل الرجل الضعيف والمرأة والعبد والأمة على أفواه السكك وعلى السطوح ، فما أرادنا قوم قط فظفروا بنا ونحن في حصوننا ودورنا ، وما خرجنا إلى أعدائنا قط إلا كان لهم الظفر علينا.

فقام سعد بن معاذ رحمه‌الله وغيره من الأوس ، فقالوا : يا رسول الله ، ما طمع فينا أحد من العرب ونحن مشركون نعبد الأصنام ، فكيف يطمعون فينا وأنت فينا؟! لا ، حتى نخرج إليهم فنقاتلهم ، فمن قتل منا كان شهيدا ، ومن نجا منا كان قد جاهد في سبيل الله. فقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوله ، وخرج مع نفر من أصحابه يبتغون موضعا للقتال (٢) ، كما قال الله ، (وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ) إلى قوله تعالى : (إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا) (٣) يعني عبد الله بن أبي وأصحابه ، فضرب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معسكره مما يلي طريق العراق ، وقعد عنه عبد الله بن أبي وقومه وجماعة من الخزرج اتبعوا رأيه ، ووافت قريش إلى أحد ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عد أصحابه ، وكانوا سبعمائة رجل ، فوضع عبد الله بن جبير في خمسين من الرماة على باب الشعب وأشفق أن يأتي كمينهم من ذلك المكان. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعبد الله بن جبير وأصحابه : «إن رأيتمونا قد هزمناهم حتى أدخلناهم مكة فلا تخرجوا من هذا المكان ، وإن رأيتموهم قد هزمونا حتى أدخلونا المدينة فلا تبرحوا ، والزموا مراكزكم».

ووضع أبو سفيان خالد بن الوليد في مائتي فارس كمينا ، وقال لهم : إذا رأيتمونا قد اختلطنا بهم فاخرجوا عليهم من هذا الشعب حتى تكونوا من ورائهم. فلما أقبلت الخيل واصطفوا ، وعبأ (٤) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أصحابه ، ودفع الراية إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام فحملت الأنصار على مشركي قريش فانهزموا هزيمة قبيحة ، ووقع أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سوادهم ، وانحط خالد بن الوليد في مائتي فارس ، فلقي عبد الله بن جبير ، فاستقبلوهم بالسهام فرجعوا ، ونظر أصحاب عبد الله بن جبير إلى أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ينهبون سواد القوم ، فقالوا لعبد الله بن جبير : تقيمنا هاهنا وقد غنم أصحابنا ونبقى نحن بلا غنيمة! فقال لهم عبد الله : اتقوا الله ، فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد تقدم إلينا أن لا نبرح ، فلم يقبلوا منه ، وأقبل ينسل رجل فرجل حتى أخلوا مراكزهم ، وبقي عبد الله بن جبير في اثني عشر رجلا ، وقد كانت راية قريش مع طلحة بن أبي طلحة العدوي من بني عبد الدار ، فبرز ونادى : يا محمد ، تزعمون أنكم تجهزونا بأسيافكم إلى النار ، ونجهزكم بأسيافنا إلى الجنة ، فمن شاء أن يلحق بجنته فليبرز إلي. فبرز إليه أمير المؤمنين عليه‌السلام وهو يقول :

يا طلح إن كنت كما تقول

لكم خيول ولنا نصول (٥)

فاثبت لننظر أينا المقتول

وأينا أولى بما تقول

__________________

(٢) في المصدر : موضع القتال.

(٣) آل عمران ٣ : ١٢١ / ـ ١٢٢.

(٤) عبّأت الجيش : رتّبتهم في مواضعهم وهيأتهم للحرب. «مجمع البحرين ـ عبا ـ ١ : ٢٨١».

(٥) النّصل : حديدة السّهم والرمح والسّكّين والسيف ما لم يكن له مقبض. «مجمع البحرين ـ نصل ـ ٥ : ٤٨٤».

٦٨٠