البرهان في تفسير القرآن - ج ١

السيد هاشم الحسيني البحراني

البرهان في تفسير القرآن - ج ١

المؤلف:

السيد هاشم الحسيني البحراني


المحقق: مؤسسة البعثة
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة البعثة
المطبعة: مؤسسة البعثة
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٥٢

الحسين بن أحمد بن المغيرة ، قال : أخبرني حيدر بن محمد السمرقندي ، قال : حدثني محمد بن عمر الكشي ، قال حدثني محمد بن مسعود العياشي ، قال : حدثني جعفر بن معروف ، قال : حدثني يعقوب بن يزيد ، عن محمد ابن عذافر ، عن عمر بن يزيد ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «يا ابن يزيد ، أنت والله منا أهل البيت».

قلت : جعلت فداك ، من آل محمد؟ قال : «إي والله».

قلت : من أنفسهم ، جعلت فداك؟ قال : «إي والله من أنفسهم ـ يا عمر ـ أما تقرأ كتاب الله عز وجل (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ)؟! أو ما تقرأ قول الله عز اسمه : (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١)؟!».

١٧٤١ / ٥ ـ العياشي : عن عمر بن يزيد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قال : «أنتم والله من آل محمد».

قال : فقلت : جعلت فداك ، من أنفسهم؟ قال : «من أنفسهم والله» قالها ثلاثا. ثم نظر إلي فقال لي : «يا عمر ، إن الله يقول : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ)».

١٧٤٢ / ٦ ـ عن علي بن النعمان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) قال : «هم الأئمة وأتباعهم».

١٧٤٣ / ٧ ـ عن أبي الصباح الكناني ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول في قول الله : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) ـ ثم قال : ـ علي والله على دين إبراهيم ومنهاجه ، وأنتم أولى الناس به».

١٧٤٤ / ٨ ـ وروى الشيخ الطبرسي ، قال : قال علي عليه‌السلام : «إن أولى الناس بالأنبياء أعلمهم بما جاءوا به» ثم تلا عليه‌السلام : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ) الآية ، ثم قال : «إن ولي محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أطاع الله وإن بعدت لحمته ، وإن عدو محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من عصى الله وإن قربت قرابته».

١٧٤٥ / ٩ ـ الزمخشري فى (ربيع الأبرار) : قال على عليه‌السلام «ان اولى الناس بالأنبياء أعلمهم بما جاءوا به» ثم تلى (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ) الآية ، ثم قال : «ان ولى محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أطاع الله وان بعدت لحمته ، وان عدو محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من عصى الله وان قربت قرابته».

١٧٤٦ / ١٠ ـ وقال علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) : أي تعلمون ما في التوراة من صفة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتكتمونه.

__________________

(١) إبراهيم ١٤ : ٣٦.

٥ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٧٧ / ٦١.

٦ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٧٧ / ٦٢.

٧ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٧٨ / ٦٣.

٨ ـ مجمع البيان ٢ : ٧٧٠.

٩ ـ ربيع الأبرار ٣ : ٥٦٠.

١٠ ـ تفسير القمّي ١ : ١٠٥.

٦٤١

١٧٤٧ / ١ ـ وقال علي بن إبراهيم : وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، في قوله تعالى : (وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) : «أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما قدم المدينة وهو يصلي نحو بيت المقدس ، أعجب ذلك اليهود ، فلما صرفه الله عن بيت المقدس إلى البيت الحرام وجدت (١) اليهود من ذلك ، وكان صرف القبلة صلاة الظهر ، فقالوا : صلى محمد الغداة واستقبل قبلتنا ، فآمنوا بالذي انزل على محمد وجه النهار ، واكفروا آخره ، يعنون القبلة حين استقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المسجد الحرام : (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) إلى قبلتنا».

قوله تعالى :

وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ ـ إلى قوله تعالى ـ وَيَقُولُونَ عَلَى

اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [٧٥]

١٧٤٨ / ٢ ـ قال علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى : (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ) : فإن اليهود قالوا : يحل لنا أن نأخذ مال الأميين. والأميون : الذين ليس معهم كتاب ، فرد الله عليهم فقال : (وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ).

قوله تعالى :

إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لا خَلاقَ

لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا

يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ [٧٧]

١٧٤٩ / ٣ ـ الشيخ في (أماليه) : عن الحفار ، قال : أخبرنا عثمان بن أحمد ، قال : حدثنا أبو قلابة ، قال : حدثنا

__________________

١١ ـ تفسير القمّي ١ : ١٠٥.

(١) وجدت : غضبت. «لسان العرب ـ وجد ـ ٣ : ٤٤٦».

سورة آل عمران آية ـ ٧٥ ـ

١ ـ تفسير القمّي ١ : ١٠٦.

سورة آل عمران آية ـ ٧٧ ـ

١ ـ الأمالي ١ : ٣٦٨.

٦٤٢

وهب بن جرير ؛ وأبو زيد ـ يعني الهروي ـ قالا : حدثنا شعبة ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن عبد الله ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : «من حلف على يمين (١) يقتطع بها مال أخيه لقي الله عز وجل وهو عليه غضبان» فأنزل الله تصديق ذلك في كتابه (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً) قال : فبرز الأشعث بن قيس ، فقال : في نزلت ، خاصمت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقضى علي باليمين.

١٧٥٠ / ٢ ـ عنه : عن الحفار ، قال : حدثنا عثمان بن أحمد ، قال : حدثنا أبو قلابة ، قال : حدثنا وهب بن جرير ، قال : حدثني أبي ، قال : سمعت عدي بن عدي يحدث عن رجاء بن حيوة ، والعرس بن عميرة ، وقال : حدثنا عدي ابن عدي ، عن أبيه ، قال : اختصم امرؤ القيس ورجل من حضر موت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أرض ، فقال : «ألك بينة؟» قال : لا. قال : «فبيمينه» قال : إذن والله يذهب بأرضي قال : «إن ذهب بأرضك بيمينه كان ممن لا ينظر الله إليه يوم القيامة ، ولا يزكيه ، وله عذاب أليم» قال : ففزع الرجل وردها إليه.

١٧٥١ / ٣ ـ وعنه : عن الحفار ، قال : حدثنا عثمان بن أحمد ، قال : حدثنا أبو قلابة ، قال : حدثنا أبو الوليد ، قال : حدثنا أبو عوانة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن علقمة بن وائل ، عن أبيه ، قال : اختصم رجل من حضرموت وامرؤ القيس إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أرض ، فقال : إن هذا ابتز (١) أرضي في الجاهلية. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ألك بينة؟» قال : لا. قال : «فبيمينه» فقال : يذهب ـ والله يا رسول الله ـ بأرضي. فقال : «إن ذهب بأرضك كان ممن لا ينظر الله إليه يوم القيامة ، ولا يزكيه ، وله عذاب أليم».

١٧٥٢ / ٤ ـ محمد بن يعقوب : عن علي بن محمد ، عن بعض أصحابه ، عن آدم بن إسحاق ، عن عبد الرزاق ابن مهران ، عن الحسين بن ميمون ، عن محمد بن سالم (١) ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «أنزل في العهد (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) والخلاق : النصيب ، فمن لم يكن له نصيب في الآخرة فبأي شيء يدخل الجنة؟!».

١٧٥٣ / ٥ ـ العياشي : عن علي بن ميمون الصائغ أبي الأكراد ، عن عبد الله بن أبي يعفور ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ، ولا يزكيهم ، ولهم عذاب أليم : من أدعى إمامة من الله ليست له ، ومن جحد إماما من الله ، ومن قال : إن لفلان وفلان في الإسلام نصيبا».

__________________

(١) في المصدر : حلف يمينا.

٢ ـ الأمالي ١ : ٣٦٨.

٣ ـ الأمالي ١ : ٣٦٨.

(١) بزّه : غلبه وغصبه. «لسان العرب ـ بزز ـ ٥ : ٣١٢».

٤ ـ الكافي ٢ : ٢٧ / ١.

(١) في «ط» : محمّد بن مسلم ، راجع معجم رجال الحديث ١٦ : ١٠١ و ١٧ : ٢٣٣.

٥ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٧٨ / ٦٤.

٦٤٣

١٧٥٤ / ٦ ـ عن أبي حمزة الثمالي ، عن علي بن الحسين عليهما‌السلام ، قال : «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ، ولا ينظر إليهم ، ولا يزكيهم ، ولهم عذاب أليم : من جحد إماما من الله ، أو ادعى إماما من غير الله ، أو زعم أن لفلان وفلان في الإسلام نصيبا».

١٧٥٥ / ٧ ـ عن إسحاق بن أبي هلال ، قال : قال علي عليه‌السلام : «ألا أخبركم بأكبر الزنا؟» قالوا : بلى يا أمير المؤمنين.

قال : «هي المرأة تفجر ولها زوج ، فتأتي بولد فتلزمه زوجها ، فتلك التي لا يكلمها الله ، ولا ينظر إليها ، ولا يزكيها ، ولها عذاب أليم».

١٧٥٦ / ٨ ـ عن محمد الحلبي ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ، ولا يزكيهم ، ولهم عذاب أليم : الديوث من الرجال ، والفاحش المتفحش ، والذي يسأل الناس وفي يده ظهر غنى».

١٧٥٧ / ٩ ـ عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ، ولا ينظر إليهم ، ولا يزكيهم ، ولهم عذاب أليم : شيخ زان ، ومقل مختال ، وملك جبار».

١٧٥٨ / ١٠ ـ عن السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما‌السلام ، قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ، ولا يزكيهم ، ولهم عذاب أليم : المرخي ذيله من العظمة ، والمزكي سلعته بالكذب ، ورجل استقبلك بود صدره فيواري وقلبه ممتلئ غشا».

١٧٥٩ / ١١ ـ عن أبي ذر ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ، ولا يزكيهم ، ولهم عذاب أليم». قلت : من هم ، خابوا وخسروا؟

قال : «المسبل (١) ، والمنان ، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب». أعادها ثلاثا.

١٧٦٠ / ١٢ ـ عن سلمان ، قال : ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة : الأشمط (١) الزاني ، ورجل مفلس مرح (٢) مختال ، ورجل اتخذ يمينه بضاعة فلا يشتري إلا بيمين ، ولا يبيع إلا بيمين.

__________________

٦ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٧٨ / ٦٥.

٧ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٧٨ / ٦٦.

٨ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٧٨ / ٦٧.

٩ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٧٩ / ٦٨.

١٠ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٧٩ / ٦٩.

١١ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٧٩ / ٧٠.

(١) المسبل : هو المرسل ذيله تكبّرا.

١٢ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٧٩ / ٧١.

(١) الشّمط : بياض شعر الرأس يخالط سواده. «مجمع البحرين ـ شمط ـ ٤ : ٢٥٨». وهي كناية عن كبير السنّ.

(٢) في «س» : مرخ.

٦٤٤

١٧٦١ / ١ ـ عن أبي معمر السعدي ، قال : قال علي بن أبي طالب عليه‌السلام في قوله : (وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ)» يعني لا ينظر إليهم بخير ، أي لا يرحمهم ، وقد يقول العرب للرجل السيد أو الملك : لا تنظر إلينا. يعني أنك لا تصيبنا بخير ، وذلك النظر من الله إلى خلقه».

قوله تعالى :

وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ

وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ

وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ـ إلى قوله تعالى ـ وَلكِنْ

كُونُوا رَبَّانِيِّينَ [٧٨ ـ ٧٩]

١٧٦٢ / ٢ ـ علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى : (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ ـ إلى قوله تعالى ـ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ) قال : كان اليهود يقولون شيئا ليس في التوراة ، ويقولون هو في التوراة فكذبهم الله.

١٧٦٣ / ٣ ـ وقال علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى : (ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللهِ وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ) : إن عيسى لم يقل للناس : إني خلقتكم فكونوا عبادا لي من دون الله ، ولكن قال لهم : كونوا ربانيين ، أي علماء.

قوله تعالى :

وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً [٨٠]

١٧٦٤ / ٤ ـ علي بن إبراهيم ، قال : كان قوم يعبدون الملائكة ، وقوم من النصارى زعموا أن عيسى عليه‌السلام رب ، واليهود قالوا : عزير ابن الله. فقال الله : (وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً).

__________________

١٣ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٨٠ / ٧٢.

سورة آل عمران آية ـ ٧٨ ـ ٧٩ ـ

١ ـ تفسير القمّي ١ : ١٠٦.

٢ ـ تفسير القمّي ١ : ١٠٦.

سورة آل عمران آية ـ ٨٠ ـ

١ ـ تفسير القمّي ١ : ١٠٦.

٦٤٥

قوله تعالى :

وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ

جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ ـ إلى قوله ـ مِنَ

الشَّاهِدِينَ [٨١]

١٧٦٥ / ١ ـ علي بن إبراهيم : إن الله أخذ ميثاق نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الأنبياء أن يؤمنوا به وينصروه ويخبروا أممهم بخبره.

١٧٦٦ / ٢ ـ وقال علي بن إبراهيم : حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن مسكان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «ما بعث الله نبيا من لدن آدم عليه‌السلام فهلم جرا إلا ويرجع إلى الدنيا وينصر أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وهو قوله : (لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ) يعني رسول الله (وَلَتَنْصُرُنَّهُ) يعني أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ثم قال لهم في الذر : (أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي) أي عهدي : (قالُوا أَقْرَرْنا قالَ) الله للملائكة : (فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ)». وهذه مع الآية التي في سورة الأحزاب في قوله : (وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ) (١) الآية ، والآية التي في سورة الأعراف في قوله : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) (٢) قد كتبت هذه الثلاث آيات في ثلاث سور.

١٧٦٧ / ٣ ـ سعد بن عبد الله : عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن عبد الله بن مسكان ، عن فيض بن أبي شيبة ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول ، وتلا هذه الآية : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ) الآية : «لتؤمنن برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولتنصرن عليا أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ قال ـ : نعم والله من لدن آدم وهلم جرا ، فلم يبعث الله نبيا ولا رسولا إلا رد جميعهم إلى الدنيا حتى يقاتلوا بين يدي علي بن أبي طالب عليه‌السلام».

١٧٦٨ / ٤ ـ وروى صاحب كتاب (الواحدة) قال : روى أبو محمد الحسن بن عبد الله الأطروش الكوفي ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر بن محمد البجلي (١) ، قال : حدثني أحمد بن محمد بن خالد البرقي ، قال : حدثني عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام ، قال : «قال

__________________

سورة آل عمران آية ـ ٨١ ـ

١ ـ تفسير القمّي ١ : ١٠٦.

٢ ـ تفسير القمّي ١ : ١٠٦.

(١) الأحزاب ٣٣ : ٧.

(٢) الأعراف ٧ : ١٧٢.

٣ ـ مختصر بصائر الدرجات : ٢٥.

٤ ـ .... مختصر بصائر الدرجات : ٣٢ ، تأويل الآيات ١ : ١١٦ / ٣٠.

(١) في المصدرين : أبو عبد الله جعفر بن محمّد البجلي.

٦٤٦

أمير المؤمنين عليه‌السلام : إن الله تبارك وتعالى أحد واحد ، تفرد في وحدانيته ، ثم تكلم بكلمة فصارت نورا ، ثم خلق من ذلك النور محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وخلقني وذريتي ، ثم تكلم بكلمة فصارت روحا فأسكنها الله تعالى في ذلك النور ، وأسكنه في أبداننا ، فنحن روح الله ، وكلماته ، وبنا احتج على خلقه ، فما زلنا في ظلة خضراء حيث لا شمس ولا قمر ، ولا ليل ولا نهار ، ولا عين تطرف نعبده ونقدسه ونسبحه قبل أن يخلق خلقه ، وأخذ ميثاق الأنبياء بالإيمان والنصرة لنا ، وذلك قوله عز وجل : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ) يعني (لَتُؤْمِنُنَ) بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولتنصرن وصيه ، فقد آمنوا بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم ينصروا وصيه ، وسينصرونه جميعا. وإن الله أخذ ميثاقي مع ميثاق محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالنصرة بعضنا لبعض ، فقد نصرت محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجاهدت بين يديه ، وقتلت عدوه ، ووفيت الله بما أخذ علي من الميثاق والعهد والنصرة لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولم ينصرني أحد من أنبيائه ورسله ، وذلك لما قبضهم الله إليه ، وسوف ينصرونني».

١٧٦٩ / ٥ ـ الحسن بن أبي الحسن الديلمي ، في (كتابه) بإسناده عن فرج بن أبي شيبة ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول وقد تلا هذه الآية : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ) : «يعني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (وَلَتَنْصُرُنَّهُ) يعني وصيه أمير المؤمنين ، ولم يبعث الله نبيا ولا رسولا إلا وأخذ عليه الميثاق لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالنبوة ولعلي عليه‌السلام بالإمامة».

١٧٧٠ / ٦ ـ العياشي : عن حبيب السجستاني ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ) فكيف يؤمن موسى بعيسى عليهما‌السلام وينصره ولم يدركه؟ وكيف يؤمن عيسى بمحمد عليهما‌السلام وينصره ولم يدركه؟

فقال : «يا حبيب ، إن القرآن قد طرح منه آي كثيرة ، ولم يزد فيه إلا حروف أخطأت بها الكتبة (١) ، وتوهمتها الرجال ، وهذا وهم ، فاقرأها : «(وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ ـ امم ـ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ) هكذا أنزلها ـ يا حبيب ـ فو الله ما وفت امة من الأمم التي كانت قبل موسى عليه‌السلام بما أخذ الله عليها من الميثاق لكل نبي بعثه الله بعد نبيها ، ولقد كذبت الامة التي جاءها موسى عليه‌السلام ، لما جاءها موسى عليه‌السلام ، ولم يؤمنوا به ولا نصروه إلا القليل منهم ، ولقد كذبت امة عيسى عليه‌السلام بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يؤمنوا به ولا نصروه لما جاء إلا القليل منهم.

ولقد جحدت هذه الأمة بما أخذ عليها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الميثاق لعلي بن أبي طالب عليه‌السلام ، يوم أقامه للناس ونصبه لهم ، ودعاهم إلى ولايته وطاعته في حياته ، وأشهدهم بذلك على أنفسهم ، فأي ميثاق

__________________

٥ ـ ... تأويل الآيات ١ : ١١٦ / ٢٩.

٦ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٨٠ / ٧٣.

(١) لم يصرّح أحد من أصحاب الرجال بوثاقة حبيب السجستاني ، والحديث مرسل ، معارض لما عليه إجماع الأمّة وعلماء الطائفة من أنّ القرآن الكريم هو ما بين الدفّتين ، لم يزد فيه ولم ينقص عنه ، وهو باق إلى قيام الساعة.

٦٤٧

أوكد من قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في علي بن أبي طالب عليه‌السلام؟! فو الله ما وفوا ، بل جحدوا وكذبوا».

١٧٧١ / ٧ ـ عن بكير ، قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : «إن الله أخذ ميثاق شيعتنا بالولاية لنا وهم ذر يوم أخذ الميثاق على الذر بالإقرار له بالربوبية ، ولمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالنبوة ، وعرض الله على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أئمته الطيبين وهم أظلة ـ قال ـ : خلقهم من الطينة التي خلق منها آدم ـ قال ـ : وخلق أرواح شيعتنا قبل أبدانهم بألفي عام ، وعرض عليهم وعرفهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليا عليه‌السلام ، ونحن نعرفهم في لحن القول».

١٧٧٢ / ٨ ـ عن زرارة ، قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : أرأيت حين أخذ الله الميثاق على الذر في صلب آدم عليه‌السلام ، فعرضهم على نفسه ، كانت معاينة منهم له؟

قال : «نعم ، يا زرارة ، وهم ذر بين يديه ، وأخذ عليهم بذلك الميثاق بالربوبية له ، ولمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالنبوة ، ثم كفل لهم بالأرزاق وأنساهم رؤيته ، وأثبت في قلوبهم معرفته ، فلا بد من أن يخرج الله إلى الدنيا كل من أخذ عليه الميثاق ، فمن جحد ما (١) أخذ عليه [من] الميثاق لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم ينفعه إقراره لربه بالميثاق ، ومن لم يجحد ميثاق محمد نفعه الميثاق لربه».

١٧٧٣ / ٩ ـ عن فيض بن أبي شيبة ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول ، وتلا هذه الآية : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ) إلى آخر الآية. قال : «لتؤمنن برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولتنصرن أمير المؤمنين عليه‌السلام».

قلت : ولتنصرن أمير المؤمنين؟! قال : «نعم ، من آدم فهلم جرا ، ولا يبعث الله نبيا ولا رسولا إلا رد إلى الدنيا حتى يقاتل بين يدي أمير المؤمنين عليه‌السلام».

١٧٧٤ / ١٠ ـ عن سلام بن المستنير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «لقد تسموا باسم ما سمى الله به أحدا إلا علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، وما جاء تأويله».

قلت : جعلت فداك متى يجيء تأويله؟

قال : «إذا جاء جمع الله أمامه النبيين والمؤمنين حتى ينصروه ، وهو قول الله : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ) إلى قوله تعالى : (وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ) فيومئذ (١) يدفع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اللواء إلى علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، فيكون أمير الخلائق كلهم أجمعين ، يكون الخلائق كلهم تحت لوائه ، ويكون هو أميرهم ، فهذا تأويله».

__________________

٧ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٨٠ / ٧٤.

٨ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٨١ / ٧٥.

(١) في «ط» : ممّا.

٩ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٨١ / ٧٦.

١٠ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٨١ / ٧٧.

(١) زاد في «ط» والمصدر : راية.

٦٤٨

قوله تعالى :

أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً

وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ـ إلى قوله تعالى : ـ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ

[٨٣ ـ ٩١]

١٧٧٥ / ١ ـ العياشي : عن عمار بن أبي الأحوص ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «إن الله تبارك وتعالى خلق في مبتدأ الخلق بحرين : أحدهما عذب فرات ، والآخر ملح أجاج ، ثم خلق تربة آدم عليه‌السلام من البحر العذب الفرات ، ثم أجراه على البحر الأجاج ، فجعله حمأ مسنونا ، وهو خلق آدم عليه‌السلام ، ثم قبض قبضة من كتف آدم الأيمن ، فذرأها في صلب آدم ، فقال : هؤلاء في الجنة ولا أبالي [ثم قبض من كتف آدم الأيسر فذرأها في صلب آدم ، فقال : هؤلاء في النار ولا أبالي] ولا اسأل عما أفعل ولي في هؤلاء البداء بعد وفي هؤلاء ، وهؤلاء سيبتلون» (١).

قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «فاحتج يومئذ أصحاب الشمال وهم ذر على خالقهم ، فقالوا : يا ربنا بم أوجبت لنا النار وأنت الحكم العدل من قبل أن تحتج علينا وتبلونا بالرسل وتعلم طاعتنا لك ومعصيتنا؟ فقال الله تبارك وتعالى : فأنا أخبركم بالحجة عليكم الآن في الطاعة والمعصية والإعذار بعد الإخبار».

قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «فأوحى الله إلى مالك خازن النار ، أن مر النار تشهق ، ثم تخرج عنقا منها ، فخرجت لهم ، ثم قال الله لهم : ادخلوها طائعين. فقالوا : لا ندخلها طائعين. ثم قال : ادخلوها طائعين أو لأعذبنكم بها كارهين.

قالوا : إنما هربنا إليك منها ، وحاججناك فيها حيث أو جبتها علينا ، وصيرتنا من أصحاب الشمال ، فكيف ندخلها طائعين؟ ولكن ابدأ بأصحاب اليمين في دخولها كي تكون قد عدلت فينا وفيهم».

قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «فأمر أصحاب اليمين وهم ذر بين يديه ، فقال : ادخلوا هذه النار طائعين. قال : فطفقوا يتبادرون في دخولها فولجوا فيها جميعا ، فصيرها الله عليهم بردا وسلاما ، ثم أخرجهم منها ، ثم إن الله تبارك وتعالى نادى في أصحاب اليمين وأصحاب الشمال : ألست بربكم؟ فقال أصحاب اليمين : بلى يا ربنا ، نحن بريتك وخلقك مقرين طائعين. وقال أصحاب الشمال : بلى يا ربنا نحن بريتك وخلقك كارهين. وذلك قول الله : (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) ـ قال ـ : توحيدهم لله».

١٧٧٦ / ٢ ـ عن عباية الأسدي : أنه سمع أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : «(وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) أكان ذلك بعد؟». قلت : نعم ، يا أمير المؤمنين.

__________________

سورة آل عمران آية ـ ٨٣ ـ ٩١ ـ

١ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٨٢ / ٧٨.

(١) في «ط» : سيسألون.

٢ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٨٣ / ٧٩.

٦٤٩

قال : «كلا والذي نفسي بيده ، حتى يدخل المرأة بمن عذب آمنين ، لا يخاف حية ولا عقربا فما سوى ذلك» (١).

١٧٧٧ / ٣ ـ عن صالح بن ميثم ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله : (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً).

قال : «ذلك حين يقول علي عليه‌السلام : أنا أولى الناس بهذه الآية (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) إلى قوله : (كاذِبِينَ) (١)».

١٧٧٨ / ٤ ـ عن رفاعة بن موسى ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً). قال : «إذا قام القائم عليه‌السلام لا تبقى أرض إلا نودي فيها بشهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله».

١٧٧٩ / ٥ ـ عن ابن بكير ، قال سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن قوله : (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً). قال : «أنزلت في القائم عليه‌السلام إذا خرج باليهود والنصارى والصابئين والزنادقة وأهل الردة والكفار في شرق الأرض وغربها ، فعرض عليهم الإسلام ، فمن أسلم طوعا أمره بالصلاة والزكاة وما يؤمر به المسلم ويجب لله تعالى عليه ، ومن لم يسلم ضرب عنقه حتى لا يبقى في المشارق والمغارب أحد إلا وحد الله».

قلت له : جعلت فداك ، إن الخلق أكثر من ذلك؟ فقال : «إن الله إذا أراد أمرا قلل الكثير وكثر القليل».

١٧٨٠ / ٦ ـ ابن بابويه : عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن إبراهيم بن هاشم ؛ ويعقوب بن يزيد جميعا ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير (١) ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول في قوله عز وجل : (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً). قال : «هو توحيدهم لله عز وجل».

١٧٨١ / ٧ ـ الشيخ في (أماليه) قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أحمد بن عبد العزيز الجوهري بالبصرة ، قال : حدثنا علي بن محمد بن سليمان النوفلي ، قال : حدثني أبي ، قال : سمعت محمد بن عون ابن عبد الله بن الحارث يحدث عن أبيه ، عن عبد الله بن العباس في هذه الآية : (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً). قال : أسلمت الملائكة في السماء ، والمؤمنون في الأرض طوعا ، أولهم وسابقهم من

__________________

(١) كذا ، ولا يخلو الحديث من اضطراب في ألفاظه ، والظاهر أنّه «حتّى تدخل المرأة بمن عزب آمنة ، ولا تخاف حيّة ولا عقرب ...».

٣ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٨٣ / ٨٠.

(١) النّحل ١٦ : ٣٨ ـ ٣٩.

٤ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٨٣ / ٨١ ، ينابيع المودة : ٤٢١.

٥ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٨٣ / ٨٢.

٦ ـ التوحيد : ٤٦ / ٧.

(١) في المصدر : ابن بكير ، عن زرارة ، وابن بكير يروي عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، وعن زرارة ، انظر معجم رجال الحديث ٧ : ٢٤٨ و ٢٢ : ١٦١.

٧ ـ الأمالي ٢ : ١١٧.

٦٥٠

هذه الامة علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، ولكل امة سابق ، وأسلم المنافقون كرها ، وكان علي بن أبي طالب عليه‌السلام أول الامة إسلاما ، وأولهم من رسول الله للمشركين قتالا ، وقاتل من بعده المنافقين ومن أسلم كرها.

١٧٨٢ / ٨ ـ عنه : بإسناده قال أبو محمد الفحام : حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبيد الله الهاشمي المنصوري ، قال : حدثني عم أبي : أبو موسى عيسى بن أحمد بن عيسى بن المنصور ، قال : حدثني الإمام علي بن محمد العسكري ، قال : حدثني أبي محمد بن علي ، قال : حدثني أبي علي بن موسى ، قال : حدثني أبي موسى بن جعفر عليهم‌السلام قال : «كنت عند سيدنا الصادق عليه‌السلام إذ دخل عليه أشجع السلمي (١) يمدحه فوجده عليلا ، فجلس وأمسك ، فقال له سيدنا الصادق عليه‌السلام : عد عن العلة ، واذكر ما جئت له. فقال له :

ألبسك الله منه عافية

في نومك المعتري وفي أرقك

يخرج من جسمك السقام كما

أخرج ذل السؤال من عنقك

فقال : يا غلام ، أي شيء معك؟ قال : أربعمائة درهم. قال : أعطها للأشجع. قال : فأخذها وشكر ، وولى. فقال : ردوه. فقال : يا سيدي ، سألت فأعطيت فأغنيت ، فلم رددتني؟ قال : حدثني أبي ، عن آبائه ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : خير العطاء ما أبقى نعمة باقية ، وإن الذي أعطيتك لا يبقي لك نعمة باقية ، وهذا خاتمي فإن أعطيت به عشرة آلاف درهم ، وإلا فعد إلي وقت كذا وكذا اوفك إياها.

قال : يا سيدي ، قد أغنيتني وأنا كثير الأسفار ، وأحصل في المواضع المفزعة فتعلمني ما آمن به على نفسي؟

قال : إذا خفت أمرا فاترك يمينك على ام رأسك ، واقرأ برفيع صوتك (أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ).

قال أشجع : فحصلت في واد (٢) تعبث فيه الجن ، فسمعت قائلا يقول : خذوه. فقرأتها ، فقال قائل : كيف نأخذه وقد احتجز بآية طيبة؟».

١٧٨٣ / ٩ ـ وقال علي بن إبراهيم : قوله تعالى : (أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ) قال : أغير هذا الدين (٣) قلت لكم أن تقروا بمحمد ووصيه (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً) أي فرقا من السيف. ثم أمر نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالإقرار بالأنبياء والرسل والكتب ، فقال : (قُلْ) يا محمد (آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَ) ما أوتي (النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ

__________________

٨ ـ الأمالي ١ : ٢٨٧.

(١) هو أشجع بن عمرو السلمي ، كان شاعرا مفلقا ، مكثرا سائر الشعر ، معدودا في فحول الشعراء ، عده ابن شهر آشوب من شعراء أهل البيت المتكلفين. انظر ترجمته في تاريخ بغداد ٧ : ٤٥ ، معالم العلماء : ١٥٣ ، أعيان الشيعة ٣ : ٤٤٧ ـ ٤٥٩.

(٢) في المصدر : دار.

٩ ـ تفسير القمي ١ : ١٠٧.

(١) في المصدر : الذي.

٦٥١

لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ).

١٧٨٤ / ١٠ ـ العياشي : عن حنان بن سدير ، عن أبيه ، قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : هل كان ولد يعقوب أنبياء؟ قال : «لا ، ولكنهم كانوا أسباط أولاد الأنبياء ، لم يكونوا فارقوا الدنيا إلا سعداء ، تابوا وتذكروا ما صنعوا».

١٧٨٥ / ١١ ـ وقال علي بن إبراهيم : وقوله : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) فإنه محكم ، ثم ذكر الله عز وجل : (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ) (١) في أمير المؤمنين عليه‌السلام وكفروا بعد الرسول ، فقال : (كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) فهذه كلها في أعداء آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

١٧٨٦ / ١٢ ـ الطبرسي في (مجمع البيان) ، في قوله : (كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ـ إلى قوله تعالى ـ إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا) قيل : نزلت الآيات في رجل من الأنصار يقال له : الحارث بن سويد بن الصامت ، وكان قتل المجذر بن زياد البلوي غدرا وهرب ، وارتد عن الإسلام ، ولحق بمكة ، ثم ندم فأرسل إلى قومه أن يسألوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هل لي من توبة؟ فسألوا ، فنزلت الآيات إلى قوله : (إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا) فحملها إليه رجل من قومه ، فقال : إني لأعلم أنك لصدوق ، وأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أصدق منك ، وأن الله تعالى أصدق الثلاثة. ورجع إلى المدينة ، وتاب وحسن إسلامه. قال الطبرسي : وهو المروي عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

قوله تعالى :

لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [٩٢]

١٧٨٧ / ١ ـ محمد بن يعقوب : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن يونس بن ظبيان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «لن تنالوا البر حتى تنفقوا ما تحبون ، هكذا فاقرأها».

١٧٨٨ / ٢ ـ عنه ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ؛ وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ،

__________________

١٠ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٨٤ / ٨٣.

١١ ـ تفسير القمّي ١ : ١٠٧.

(١) البقرة ٢ : ٢٧.

١٢ ـ مجمع البيان ٢ : ٧٨٩.

سورة آل عمران آية ـ ٩٢ ـ

١ ـ الكافي ٨ : ١٨٣ / ٢٠٩.

٢ ـ الكافي ٢ : ١٢٦ / ١.

٦٥٢

عن الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاد الحناط ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عز وجل : (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) (١) ما هذا الإحسان؟

فقال : «الإحسان أن تحسن صحبتهما ، وأن لا تكلفهما أن يسألاك شيئا [مما يحتاجان إليه] ، وإن كانا مستغنيين ، أليس الله عز وجل يقول : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ)».

١٧٨٩ / ٣ ـ العياشي : عن يونس بن ظبيان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «لن تنالوا البر حتى تنفقوا ما تحبون». هكذا قرأها.

١٧٩٠ / ٤ ـ عن المفضل بن عمر ، قال : دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام يوما ومعي شيء فوضعته بين يديه ، فقال : «ما هذا»؟ فقلت : هذه صلة مواليك وعبيدك. قال : فقال لي : «يا مفضل ، إني لا أقبل ذلك ، وما أقبله من حاجة بي (١) إليه ، وما أقبله إلا ليزكوا به».

ثم قال : «سمعت أبي يقول : من مضت له سنة لم يصلنا من ماله ، قل أو كثر ، لم ينظر الله إليه يوم القيامة ، إلا أن يعفو الله عنه».

ثم قال : «يا مفضل ، إنها فريضة ، فرضها الله على شيعتنا في كتابه إذ يقول : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) فنحن البر والتقوى ، وسبيل الهدى ، وباب التقوى ، ولا يحجب دعاؤنا عن الله ، اقتصروا على حلالكم ، وحرامكم ، فسلوا عنه ، وإياكم أن تسألوا أحدا من الفقهاء عما لا يعنيكم (٢) وعما ستر الله عنكم».

١٧٩١ / ٥ ـ محمد بن يعقوب : عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن محمد بن شعيب ، عن الحسين بن الحسن ، عن عاصم ، عن يونس ، عمن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه كان يتصدق بالسكر ، فقيل له : أتتصدق بالسكر؟ فقال : «نعم ، إنه ليس شيء أحب إلي منه ، فأنا أحب أن أتصدق بأحب الأشياء إلي».

١٧٩٢ / ٦ ـ علي بن إبراهيم : أي لن تنالوا الثواب حتى تردوا إلى آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حقهم من الخمس والأنفال والفيء.

١٧٩٣ / ٧ ـ أبو علي الطبرسي : يروى عن ابن عمر : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سئل عن هذه الآية ، فقال : «هو أن ينفق العبد المال وهو شحيح يأمل الدنيا ، ويرجو الغنى ، ويخاف الفقر».

__________________

(١) البقرة ٢ : ٨٣ ، النّساء ٤ : ٣٦ ، الأنعام ٦ : ١٥١ ، الأسراء ١٧ : ٢٣.

٣ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٨٤ / ٨٤.

٤ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٨٤ / ٨٥.

(١) في المصدر : من حاجتي.

(٢) في «ط» : لا يغنيكم.

٥ ـ الكافي ٤ : ٦١ / ٣.

٦ ـ تفسير القمّي ١ : ١٠٧.

٧ ـ مجمع البيان ٢ : ٧٩٣.

٦٥٣

قوله تعالى :

كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلاَّ ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ

مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ ـ إلى قوله تعالى ـ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [٩٣]

١٧٩٤ / ١ ـ علي بن إبراهيم ، قال : إن يعقوب كان يصيبه عرق النسا ، فحرم على نفسه لحم الجمل ، فقالت اليهود : إن لحم الجمل محرم في التوراة. فقال الله عز وجل لهم : (قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) إنما حرم هذا إسرائيل على نفسه ، ولم يحرمه على الناس ، وهذا حكاية عن اليهود ولفظه لفظ الخبر.

١٧٩٥ / ٢ ـ محمد بن يعقوب : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد أو غيره ، عن ابن محبوب ، عن عبد العزيز العبدي ، عن عبد الله بن أبي يعفور ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «إن إسرائيل كان إذا أكل من لحم الإبل هيج عليه وجع الخاصرة ، فحرم على نفسه لحم الإبل ، وذلك قبل أن تنزل التوراة ، فلما نزلت التوراة لم يحرمه ولم يأكله».

١٧٩٦ / ٣ ـ العياشي : عن عبد الله بن أبي يعفور ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله : (كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلاَّ ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ).

قال : «إن إسرائيل كان إذا أكل لحوم الإبل هيج عليه وجع الخاصرة ، فحرم على نفسه لحم الإبل ، وذلك من قبل أن تنزل التوراة ، فلما أنزلت التوراة لم يحرمه ولم يأكله».

١٧٩٧ / ٤ ـ عن عمر بن يزيد ، قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه‌السلام أسأله عن رجل دبر مملوكه ، هل له أن يبيع (١) عنقه (٢)؟ قال : كتب : (كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلاَّ ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ).

قوله تعالى :

قُلْ صَدَقَ اللهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [٩٥]

١٧٩٨ / ٥ ـ العياشي : عن حبابة الوالبية ، قالت : سمعت الحسين بن علي عليهما‌السلام يقول : «ما أعلم أحدا

__________________

سورة آل عمران آية ـ ٩٣ ـ

١ ـ تفسير القمّي ١ : ١٠٧.

٢ ـ الكافي ٥ : ٣٠٦ / ٩.

٣ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٨٤ / ٨٦.

٤ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٨٥ / ٨٧.

(١) في «س ، ط» : يتبع.

(٢) في «ط» والمصدر : عتقه.

سورة آل عمران آية ـ ٩٥ ـ

١ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٨٥ / ٨٨.

٦٥٤

على ملة إبراهيم عليه‌السلام إلا نحن وشيعتنا» قال صالح : ما أحد على ملة إبراهيم عليه‌السلام قال جابر : ما أعلم أحدا على ملة إبراهيم عليه‌السلام.

قوله تعالى :

إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ * فِيهِ

آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً [٩٦ ـ ٩٧]

١٧٩٩ / ١ ـ محمد بن يعقوب : عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن سيف ابن عميرة ، عن أبي زرارة التميمي ، عن أبي حسان ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «لما أراد الله عز وجل أن يخلق الأرض أمر الرياح فضربن وجه الماء حتى صار موجا ، ثم أزبد فصار زبدا واحدا فجمعه في موضع البيت ، ثم جعله جبلا من زبد ، ثم دحا الأرض من تحته ، وهو قول الله عز وجل : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً)».

وروى أيضا عن سيف بن عميرة ، عن أبي بكر الحضرمي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، مثله.

١٨٠٠ / ٢ ـ عنه : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسين بن محبوب ، عن ابن سنان ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عز وجل : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ * فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ) ما هذه الآيات البينات؟

قال : «مقام إبراهيم عليه‌السلام حيث قام على الحجر فأثرت فيه قدماه ، والحجر الأسود ، ومنزل إسماعيل».

١٨٠١ / ٣ ـ وعنه : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أقوم اصلي بمكة ، والمرأة بين يدي جالسة أو مارة؟

فقال : «لا بأس ، إنما سميت بكة لأنها تبك فيها الرجال والنساء».

١٨٠٢ / ٤ ـ وعنه : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن قول الله عز وجل : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) البيت عنى أم الحرم؟

قال : «من دخل الحرم من الناس مستجيرا به فهو آمن من سخط الله ، ومن دخله من الوحوش والطير كان آمنا

__________________

سورة آل عمران آية ـ ٩٦ ـ ٩٧ ـ

١ ـ الكافي ٤ : ١٨٩ / ٧.

٢ ـ الكافي ٤ : ٢٢٣ / ١.

٣ ـ الكافي ٤ : ٥٢٦ / ٧.

٤ ـ الكافي ٤ : ٢٢٦ / ١.

٦٥٥

من أن يهاج أو يؤذى حتى يخرج من الحرم».

١٨٠٣ / ٥ ـ وعنه : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال سألته عن قول الله عز وجل : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً).

قال : «إذا أحدث العبد جناية في غير الحرم ثم فر إلى الحرم لم ينبغ (١) لأحد أن يأخذه في الحرم ، ولكن يمنع من السوق ، ولا يبايع ، ولا يطعم ، ولا يسقى ، ولا يكلم ، فإنه إذا فعل ذلك به يوشك أن يخرج فيؤخذ ، وإذا جنى في الحرم جناية أقيم عليه الحد في الحرم ، لأنه لم يرع للحرم حرمة» (٢).

١٨٠٤ / ٦ ـ وعنه : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عز وجل : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً).

قال : «إن سرق سارق بغير مكة أو جنى جناية على نفسه ففر إلى مكة ، لم يؤخذ ما دام في الحرم حتى يخرج منه ، ولكن يمنع من السوق ، ولا يبايع ، ولا يجالس حتى يخرج منه فيؤخذ ، وإذا أحدث في الحرم ذلك الحدث أخذ فيه».

١٨٠٥ / ٧ ـ وعنه : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، والحجال ، عن ثعلبة ، عن أبي خالد القماط ، عن عبد الخالق الصيقل ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عز وجل : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً). فقال : «لقد سألتني عن شيء ما سألني أحد إلا من شاء الله».

قال : «من أم هذا البيت وهو يعلم أنه البيت الذي أمره الله عز وجل به ، وعرفنا أهل البيت حق معرفتنا ، كان آمنا في الدنيا والآخرة».

١٨٠٦ / ٨ ـ ابن بابويه ، قال : حدثنا أبي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أيوب بن نوح ، عن صفوان بن يحيى ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، أنه سئل عن طير أهلي أقبل فدخل الحرم.

قال : «لا يمس ، لأن الله عز وجل يقول : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً)».

١٨٠٧ / ٩ ـ عنه : بإسناده عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله عز وجل : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً).

قال : «في قائمنا أهل البيت ، فمن بايعه ، ودخل معه ، ومسح على يده ، ودخل في عقد أصحابه ، كان آمنا».

__________________

٥ ـ الكافي ٤ : ٢٢٦ / ٢.

(١) في المصدر : لم يسع.

(٢) في المصدر : حرمته.

٦ ـ الكافي ٤ : ٢٢٧ / ٣.

٧ ـ الكافي ٤ : ٥٤٥ / ٢٥.

٨ ـ علل الشرائع : ٤٥١ / ١ باب ٢٠٦.

٩ ـ علل الشرائع : ٩١ / ٥.

٦٥٦

١٨٠٨ / ١٠ ـ وعنه : عن أبيه ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسين ، عن جعفر بن بشير ، عن العرزمي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «إنما سميت مكة بكة لأن الناس يتباكون فيها».

١٨٠٩ / ١١ ـ وعنه ، قال : حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه‌الله ، قال : حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام لم سميت الكعبة بكة؟ فقال : «لبكاء الناس حولها وفيها».

١٨١٠ / ١٢ ـ وعنه ، قال : حدثنا أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا أحمد بن إدريس (١) ، قال : حدثنا أحمد بن محمد ابن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن علي بن النعمان ، عن سعيد بن عبد الله الأعرج ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «موضع البيت بكة ، والقرية مكة».

١٨١١ / ١٣ ـ وعنه ، قال : حدثنا محمد بن الحسن ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن العباس بن معروف ، عن علي بن مهزيار ، عن فضالة ، عن أبان ، عن الفضيل ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «إنما سميت مكة بكة لأنها تبك بها الرجال والنساء ، والمرأة تصلي بين يديك وعن يمينك وعن شمالك ومعك ، ولا بأس بذلك ، إنما يكره ذلك في سائر البلدان».

١٨١٢ / ١٤ ـ وعنه ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد وعبد الله ابني محمد بن عيسى ، عن محمد بن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن عبيد الله بن علي الحلبي ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام لم سميت مكة بكة؟ قال : «لأن الناس يبك بعضهم بعضا فيها بالأيدي».

١٨١٣ / ١٥ ـ علي بن إبراهيم ، قال : حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في الرجل يجني الجناية في غير الحرم ، ثم يلجأ إلى الحرم.

قال : «لا يقام عليه الحد ، ولا يكلم ، ولا يسقى ، ولا يطعم ، ولا يباع ، فإذا فعل ذلك به يوشك أن يخرج فيقام عليه الحد ، وإذا جنى في الحرم جناية أقيم عليه الحد في الحرم ، لأنه لم ير للحرم حرمة».

١٨١٤ / ١٦ ـ العياشي : عن عبد الصمد بن سعد ، قال : طلب أبو جعفر أن يشتري من أهل مكة بيوتهم أن يزيده في المسجد ، فأبوا ، فأرغبهم فامتنعوا ، فضاق بذلك فأتى أبا عبد الله عليه‌السلام فقال له : إني سألت هؤلاء شيئا

__________________

١٠ ـ علل الشرائع : ٣٩٧ / ١ باب ١٣٧.

١١ ـ علل الشرائع : ٣٩٧ / ٢.

١٢ ـ علل الشرائع : ٣٩٧ / ٣.

(١) في المصدر : حدثنا إدريس ، والصواب ما في المتن ، وهو من مشايخ ابن بابويه ، والراوي عن ابن عيسى كثيرا ، راجع معجم رجال الحديث ٢ : ٣٨.

١٣ ـ علل الشرائع : ٣٩٧ / ٤.

١٤ ـ علل الشرائع : ٣٩٨ / ٥.

١٥ ـ تفسير القمّي ١ : ١٠٨.

١٦ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٨٥ / ٨٩.

٦٥٧

من منازلهم وأفنيتهم ، لنزيد في المسجد ، وقد منعوني ذلك فقد غمني غما شديدا.

فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «لم يغمك ذلك وحجتك عليهم فيه ظاهرة؟». فقال : وبما أحتج عليهم؟ فقال : «بكتاب الله».

فقال : في أي موضع؟

فقال : «قول الله : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ) قد أخبرك الله تعالى أن أول بيت وضع للناس هو الذي ببكة ، فإن كانوا هم تولوا قبل البيت فلهم أفنيتهم ، وإن كان البيت قديما قبلهم فله فناؤه».

فدعاهم أبو جعفر فاحتج عليهم بهذا ، فقالوا له : اصنع ما أحببت.

١٨١٥ / ١٧ ـ عن الحسن بن علي بن النعمان ، قال : لما بنى المهدي في المسجد الحرام بقيت دار في تربيع المسجد فطلبها من أربابها فامتنعوا ، فسأل عن ذلك الفقهاء ، فكل قال له : أنه لا ينبغي أن يدخل شيئا في المسجد الحرام غصبا.

فقال له علي بن يقطين : يا أمير المؤمنين ، لو كتبت إلى موسى بن جعفر عليهما‌السلام لأخبرك بوجه الأمر في ذلك. فكتب إلى والي المدينة أن يسأل موسى بن جعفر عليهما‌السلام عن دار أردنا أن ندخلها في المسجد الحرام ، فامتنع علينا صاحبها ، فكيف المخرج من ذلك؟ فقال ذلك لأبي الحسن عليه‌السلام ، فقال أبو الحسن عليه‌السلام : «ولا بد من الجواب في هذا؟» فقال له : الأمر لا بد منه.

فقال له : «اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم ، إن كانت الكعبة هي النازلة بالناس فالناس أولى بفنائها ، وإن كان الناس هم النازلون بفناء الكعبة فالكعبة أولى بفنائها» فلما أتى الكتاب المهدي أخذ الكتاب فقبله ثم أمر بهدم الدار ، فأتى أهل الدار أبا الحسن عليه‌السلام فسألوه أن يكتب لهم إلى المهدي كتابا في ثمن دارهم ، فكتب إليه «أن أرضخ (١) لهم شيئا». فأرضاهم.

١٨١٦ / ١٨ ـ عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «كان الله تبارك وتعالى كما وصف نفسه ، وكان عرشه على الماء والماء على الهواء والهواء لا يجري ، ولم يكن غير الماء خلق ، والماء يومئذ عذب فرات ، فلما أراد الله أن يخلق الأرض أمر الرياح الأربع فضربن الماء حتى صار موجا ، ثم أزبد زبدة واحدة ، فجمعه في موضع البيت ، فأمر الله فصار جبلا من الزبد ، ثم دحا الأرض من تحته ، ثم قال : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ)».

١٨١٧ / ١٩ ـ عن زرارة ، قال : سئل أبو جعفر عليه‌السلام عن البيت ، أكان يحج إليه قبل أن يبعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟

__________________

١٧ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٨٥ / ٩٠.

(١) الرّضخ : العطاء. «لسان العرب ـ رضخ ـ ٣ : ١٩».

١٨ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٨٦ / ٩١.

١٩ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٨٦ / ٩٢.

٦٥٨

قال : «نعم ، لا يعلمون أن الناس قد كانوا يحجون ، ونخبركم أن آدم ونوحا وسليمان عليهم‌السلام قد حجوا البيت بالجن والإنس والطير ، ولقد حجه موسى عليه‌السلام على جمل أحمر ، يقول : لبيك لبيك ، فإنه كما قال الله تعالى : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ)».

١٨١٨ / ٢٠ ـ عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «مكة جملة القرية ، وبكة موضع الحجر الذي يبك الناس بعضهم بعضا».

١٨١٩ / ٢١ ـ عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : «إن بكة موضع البيت ، وإن مكة الحرم ، وذلك قوله : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً)».

١٨٢٠ / ٢٢ ـ عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته : لم سميت مكة ببكة؟ قال : «لأن الناس يبك بعضهم بعضا بالأيدي».

١٨٢١ / ٢٣ ـ عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : «إن بكة موضع البيت ، وإن مكة جميع ما اكتنفه الحرم».

١٨٢٢ / ٢٤ ـ عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «إنه وجد في حجر (١) من حجرات البيت مكتوبا : إني أنا الله ذو بكة ، خلقتها يوم خلقت السماوات والأرض ، ويوم خلقت الشمس والقمر ، وخلقت الجبلين وحففتهما بسبعة أملاك حفا. وفي حجر آخر : هذا بيت الله الحرام ببكة تكفل الله برزق أهله من ثلاث سبل ، مبارك (٢) لهم في اللحم والماء ، أول من نحله إبراهيم عليه‌السلام».

١٨٢٣ / ٢٥ ـ عن علي بن جعفر بن (١) محمد ، عن أخيه موسى عليهم‌السلام ، قال : سألته عن مكة لم سميت بكة؟ قال : «لأن الناس يبك بعضهم بعضا بالأيدي» يعني يدفع بعضهم بعضا بالأيدي في المسجد حول الكعبة.

١٨٢٤ / ٢٦ ـ عن ابن سنان ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله : (فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ) فما هذه

__________________

٢٠ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٨٧ / ٩٣.

٢١ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٨٧ / ٩٤.

٢٢ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٨٧ / ٩٥.

٢٣ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٨٧ / ٩٦.

٢٤ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٨٧ / ٩٧.

(١) في المصدر : حجرين.

(٢) في المصدر : منازل.

٢٥ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٨٧ / ٩٨.

(١) في «س وط» : عن ، تصحيف ، والصواب ما في المتن ، وهو يروي عن أخيه موسى بن جعفر عليهما‌السلام كثيرا. راجع رجال النجاشي : ٢٥١ ، مجمع الرجال ٤ : ١٧٣.

٢٦ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٨٧ / ٩٩.

٦٥٩

الآيات البينات؟ قال : «مقام إبراهيم عليه‌السلام حين قام عليه ، فأثرت قدماه فيه ، والحجر ، ومنزل إسماعيل عليه‌السلام».

١٨٢٥ / ٢٧ ـ عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن قوله : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً).

قال : «يأمن فيه كل خائف ما لم يكن عليه حد من حدود الله ينبغي أن يؤخذ به».

قلت : فيأمن فيه من حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا؟ قال : «هو مثل الذي يكمن (١) بالطريق فيأخذ الشاة أو الشيء ، فيصنع به الإمام ما شاء».

قال : وسألته عن طائر يدخل الحرم؟ قال : «لا يؤخذ ولا يمس ، لأن الله يقول : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً)».

١٨٢٦ / ٢٨ ـ عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قلت : أرأيت قوله : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) البيت عنى أو الحرم؟

قال : «من دخل الحرم من الناس مستجيرا به فهو آمن ، ومن دخل البيت من المؤمنين مستجيرا به فهو آمن من سخط الله ، ومن دخل الحرم من الوحش والسباع والطير فهو آمن من أن يهاج أو يؤذى حتى يخرج من الحرم».

١٨٢٧ / ٢٩ ـ عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «من دخل مكة المسجد الحرام يعرف من حقنا وحرمتنا ما عرف من حقها وحرمتها غفر الله له ذنبه ، وكفاه ما أهمه من أمر الدنيا والآخرة ، وهو قوله : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً)».

١٨٢٨ / ٣٠ ـ عن المثنى ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام وسألته عن قول الله : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً).

قال : «إذا أحدث السارق في غير الحرم ثم دخل الحرم لم ينبغ لأحد أن يأخذه ، ولكن يمنع من السوق ، ولا يبايع ، ولا يكلم ، فإنه إذا فعل ذلك به أوشك أن يخرج فيؤخذ ، وإذا أخذ أقيم عليه الحد ، فإن أحدث في الحرم أخذ وأقيم عليه الحد في الحرم ، لأن من جنى في الحرم أقيم عليه الحد في الحرم».

١٨٢٩ / ٣١ ـ وقال عبد الله بن سنان : سمعته عليه‌السلام يقول فيما ادخل الحرم مما صيد في الحل ، قال : «إذا دخل الحرم فلا يذبح ، إن الله يقول : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً)».

١٨٣٠ / ٣٢ ـ عن عمران الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً).

قال : «إذا أحدث العبد في غير الحرم ثم فر إلى الحرم لم ينبغ أن يؤخذ ، ولكن يمنع منه السوق ، ولا يبايع ،

__________________

٢٧ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٨٨ / ١٠٠.

(١) في «ط» : يكن ، وفي المصدر : نكر.

٢٨ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٨٩ / ١٠١.

٢٩ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٨٩ / ١٠٢.

٣٠ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٨٩ / ١٠٣.

٣١ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٨٩ / ١٠٤.

٣٢ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٨٩ / ١٠٥.

٦٦٠