البرهان في تفسير القرآن - ج ١

السيد هاشم الحسيني البحراني

البرهان في تفسير القرآن - ج ١

المؤلف:

السيد هاشم الحسيني البحراني


المحقق: مؤسسة البعثة
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة البعثة
المطبعة: مؤسسة البعثة
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٥٢

فدخل عليها زكريا فإذا عندها فاكهة الشتاء في الصيف ، وفاكهة الصيف في الشتاء ، فقال : (أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ) (٢) فهنا لك دعا زكريا ربه ، قال : (إِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي) (٣) إلى ما ذكر الله من قصة يحيى وزكريا».

١٦٨٩ / ٥ ـ عن حفص بن البختري ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله : (إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً) (١) : «المحرر : يكون في الكنيسة ولا يخرج منها ، فلما وضعتها أنثى (قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى) (٢) إن الأنثى تحيض وتخرج من المسجد ، والمحرر لا يخرج من المسجد».

١٦٩٠ / ٦ ـ وفي رواية حريز ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال : «نذرت ما في بطنها للكنيسة أن تخدم العباد ، وليس الذكر كالأنثى في الخدمة ـ قال ـ : فشبت وكانت تخدمهم وتناولهم حتى بلغت ، فأمر زكريا أن تتخذ لها حجابا دون العباد ، فكان يدخل عليها فيرى عندها ثمرة الشتاء في الصيف ، وثمرة الصيف في الشتاء ، فهنالك دعا وسأل ربه أن يهب له ذكرا ، فوهب له يحيى».

١٦٩١ / ٧ ـ عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سمعته يقول : «أوحى الله إلى عمران : أني واهب لك ذكرا مباركا يبرئ الأكمه والأبرص ، ويحيي الموتى بإذن الله ، ورسولا إلى بني إسرائيل ، فأخبر بذلك امرأته حنة ، فحملت فوضعت مريم (قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى) (١) والأنثى لا تكون رسولا. فقال لها عمران : إنه ذكر يكون منها نبيا. فلما رأت ذلك قالت ما قالت ، فقال الله وقوله الحق : (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ) (٢)».

فقال أبو جعفر عليه‌السلام : «فكان ذلك عيسى بن مريم عليه‌السلام ، فإن قلنا لكم : إن الأمر يكون في أحدنا ، فكان (٣) في ابنه ، أو ابن ابنه ، أو ابن ابن ابنه ، فقد كان فيه ، فلا تنكروا ذلك».

١٦٩٢ / ٨ ـ عن سعد الإسكاف ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «لقي إبليس عيسى بن مريم عليه‌السلام ، فقال : هل نالني من حبائلك شيء؟ قال : جدتك التي قالت : (رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى) إلى قوله : (الشَّيْطانِ

__________________

(٢) آل عمران ٣ : ٣٧.

(٣) مريم ١٩ : ٥.

٥ ـ تفسير العياشي ١ : ١٧٠ / ٣٧.

(١) آل عمران ٣ : ٣٥.

(٢) آل عمران ٣ : ٣٦.

٦ ـ تفسير العياشي ١ : ١٧٠ / ٣٨.

٧ ـ تفسير العياشي ١ : ١٧١ / ٣٩.

(١ ، ٢) آل عمران ٣ : ٣٦.

(٣) زاد في «ط» : الأمر.

٨ ـ تفسير العياشي ١ : ١٧١ / ٤٠.

٦٢١

الرَّجِيمِ)» (١).

١٦٩٣ / ٩ ـ عن سيف ، عن نجم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «إن فاطمة عليها‌السلام ضمنت لعلي عليه‌السلام عمل البيت والعجين والخبز وقم البيت ، وضمن لها علي عليه‌السلام ما كان خلف الباب ؛ نقل الحطب ، وأن يجيء بالطعام ، فقال لها يوما : يا فاطمة ، هل عندك شيء؟

قالت : لا ، والذي عظم حقك ، ما كان عندنا منذ ثلاثة أيام شيء نقريك به.

قال : أفلا أخبرتني؟

قالت : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهاني أن أسألك شيئا ، فقال : لا تسألي ابن عمك شيئا ، إن جاءك بشيء عفوا ، وإلا فلا تسأليه».

قال : «فخرج (صلوات الله عليه) فلقي رجلا فاستقرض منه دينارا ، ثم أقبل به وقد أمسى ، فلقي المقداد بن الأسود ، فقال للمقداد : ما أخرجك في هذه الساعة؟ قال : الجوع ، والذي عظم حقك ، يا أمير المؤمنين ـ قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حي؟ قال : ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حي ـ قال عليه‌السلام : فهو أخرجني وقد استقرضت دينارا وسأوثرك به ؛ فدفعه إليه فأقبل فوجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جالسا وفاطمة تصلي وبينهما شيء مغطى ، فلما فرغت أحضرت ذلك الشيء فإذا جفنة من خبز ولحم قال : يا فاطمة ، أنى لك هذا؟ قالت : (هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ).

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ألا أحدثك بمثلك ومثلها؟ قال : بلى ، قال : مثل زكريا إذ دخل على مريم المحراب فوجد عندها رزقا (قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) (١) فأكلوا منها شهرا ، وهي الجفنة التي يأكل منها القائم عليه‌السلام وهي عندنا».

١٦٩٤ / ١٠ ـ عن إسماعيل بن عبد الرحمن الجعفي ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : المغيرة يزعم (١) أن الحائض تقضي الصلاة كما تقضي الصوم ، فقال : «ماله! لا وفقه الله ، إن امرأة عمران نذرت ما في بطنها محررا ، والمحرر للمسجد لا يخرج منه أبدا ، فلما وضعت مريم (قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى) (٢) فلما وضعتها أدخلتها (٣) المسجد ، فلما بلغت مبلغ النساء أخرجت من المسجد ، أنى

__________________

(١) قال العلامة المجلسي رحمه‌الله : يعني كيف ينالك من حبائلي وجدّتك دعت حين ولدت والدتك أن يعيذها الله وذريّتها من شر الشيطان الرجيم وأنت من ذرّيتها؟ «بحار الأنوار ١٤ : ٢٧١» ، والآية من سورة آل عمران ٣ : ٣٦.

٩ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٧١ / ٤١.

(١) آل عمران : ٣ : ٣٧.

١٠ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٧٢ / ٤٢.

(١) تفسير العيّاشي يقول المغيرة بن عمر ، تصحيف ، والصواب : المغيرة بن سعيد ، الذي كان يكّذب على الامام الباقر عليه‌السلام. انظر رجال الكشي : ٢٢٣.

(٢) آل عمران ٣ : ٣٦.

(٣) في «س» و «ط» نسخة بدل : أدخلت.

٦٢٢

كانت تجد أياما تقضيها (٤) وهي عليها أن تكون الدهر في المسجد؟».

١٦٩٥ / ١١ ـ عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «إن زكريا لما دعا ربه أن يهب له ذكرا فنادته الملائكة بما نادته به ، فأحب أن يعلم أن ذلك الصوت من الله ، أوحى إليه أن آية ذلك أن يمسك لسانه عن الكلام ثلاثة أيام ـ قال ـ : فلما أمسك لسانه ولم يتكلم علم أنه لا يقدر على ذلك إلا الله ، وذلك قول الله : (رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً) (١)».

١٦٩٦ / ١٢ ـ عن حماد ، عمن حدثه ، عن أحدهما عليهما‌السلام ، قال : «لما سأل زكريا ربه أن يهب له ذكرا ، فوهب الله تعالى له يحيى ، فدخله من ذلك ، فقال : (رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً) (١) فكان يومئ برأسه ، وهو الرمز».

١٦٩٧ / ١٣ ـ عن إسماعيل الجعفي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام : «(وَسَيِّداً وَحَصُوراً) والحصور : الذي لا يأتي (١) النساء (وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ) (٢)».

١٦٩٨ / ١٤ ـ عن حسين بن أحمد ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : «إن طاعة الله خدمته في الأرض ، فليس شيء من خدمته تعدل الصلاة ، فمن ثم نادت الملائكة زكريا وهو قائم يصلي في المحراب».

١٦٩٩ / ١٥ ـ عن الحكم بن عيينة ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله في الكتاب : (وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ) (١) اصطفاها مرتين ، والاصطفاء إنما هو مرة واحدة؟ قال : فقال لي : «يا حكم ، إن لهذا تأويلا وتفسيرا».

فقلت له : فسره لنا ، أبقاك الله. قال : «يعني اصطفاها (٢) أولا من ذرية الأنبياء المصطفين المرسلين ، وطهرها من أن يكون في ولادتها من آبائها وأمهاتها سفاح ، واصطفاها بهذا في القرآن (يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي

__________________

(٤) في «س» و «ط» نسخة بدل والمصدر : فما تجد أياما تقضيه.

١١ ـ تفسير العياشي ١ : ١٧٢ / ٤٣.

(١) آل عمران ٣ : ٤١.

١٢ ـ تفسير العياشي ١ لا ١٧٢ / ٤٤.

(١) آل عمران ٣ : ٤١.

١٣ ـ تفسير العياشي ١ لا ١٧٢ / ٤٥.

(١) في المصدر : الذي يأبى.

(٢) آل عمران ٣ : ٣٩.

١٤ ـ تفسير العياشي ١ لا ١٧٣ / ٤٦.

١٥ ـ تفسير العياشي ١ لا ١٧٣ / ٤٧.

(١) آل عمران ٣ : ٤٢.

(٢) في «ط» : اصطفيه لها ، وفي المصدر : اصطفاها إياها.

٦٢٣

وَارْكَعِي) شكرا لله.

ثم قال لنبيه محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخبره بما غاب عنه من خبر مريم وعيسى : يا محمد (ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ) في مريم وابنها وبما خصهما الله به وفضلهما وأكرمهما حيث قال : (وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ) يا محمد ، يعني بذلك لرب الملائكة (إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ) حين أيتمت من أبيها».

١٧٠٠ / ١٦ ـ وفي رواية ابن خرزاد : أيهم يكفل مريم حين أيتمت من أبويها (وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ) يا محمد (إِذْ يَخْتَصِمُونَ) في مريم عند ولادتها بعيسى أيهم يكفلها ويكفل ولدها ، قال : فقلت له : أبقاك الله فمن كفلها؟

فقال : «أما تسمع لقوله : (وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا) (١) الآية».

وزاد علي بن مهزيار في حديثه : فلما وضعتها (قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) (٢).

قال : قلت : أكان يصيب مريم ما يصيب النساء من الطمث؟ قال : «نعم ، ما كانت إلا امرأة من النساء».

١٧٠١ / ١٧ ـ وفي رواية اخرى : (إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ) قال : قال : «استهموا عليها فخرج سهم زكريا فكفل بها».

قال زيد بن ركانة : اختصموا في بنت حمزة كما اختصموا في مريم ، قال : قلت له : جعلت فداك ، حمزة استن السنن والأمثال ، كما اختصموا في مريم اختصموا في بنت حمزة؟ قال : «نعم».

(وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ) (١) قال : «نساء عالميها ـ قال ـ : وكانت فاطمة عليها‌السلام سيدة نساء العالمين».

قوله تعالى :

وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ [٤٥]

١٧٠٢ / ١ ـ علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى : (وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) أي ذا وجه وجاه.

__________________

١٦ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٧٣ / ٤٨.

(١) آل عمران : ٣ : ٣٧.

(٢) آل عمران : ٣ : ٣٦.

١٧ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٧٤ ، ذيل الحديث (٤٨).

(١) الظاهر أنّ في الحديث سقطا ، وأشار لذلك أيضا المجلسي في البحار ١٤ : ١٩٣.

سورة آل عمران آية ـ ٤٥ ـ

١ ـ تفسير القمّي ١ : ١٠٢.

٦٢٤

قوله تعالى :

أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ ـ إلى قوله تعالى ـ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ

بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ [٤٩ ـ ٥٠]

١٧٠٣ / ١ ـ علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى : (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ) أي أقدر ، وهو خلق تقدير.

١٧٠٤ / ٢ ـ علي بن إبراهيم ، قال : حدثنا أحمد بن محمد الهمداني ، قال : حدثني جعفر بن عبد الله ، قال : حدثني كثير بن عياش ، عن زياد بن المنذر أبي الجارود ، عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما‌السلام ، في قوله تعالى : (وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ).

قال : «فإن عيسى عليه‌السلام كان يقول لبني إسرائيل : إني رسول الله إليكم (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ) الأكمه هو الأعمى ، قالوا : ما نرى الذي تصنع إلا سحرا فأرنا آية نعلم أنك صادق؟ قال : أرأيتم إن أخبرتكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم (١) ، يقول : ما أكلتم في بيوتكم قبل أن تخرجوا ، وما ادخرتم إلى الليل ، تعلمون أني صادق؟ قالوا : نعم. فكان يقول للرجل : أكلت كذا وكذا ، وشربت كذا وكذا ، ورفعت كذا وكذا. فمنهم من يقبل منه فيؤمن ، ومنهم من ينكر فيكفر ، وكان لهم في ذلك آية إن كانوا مؤمنين».

١٧٠٥ / ٣ ـ وقال علي بن إبراهيم في قوله تعالى : (وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ) وهو السبت والشحوم والطير الذي حرم الله على بني إسرائيل.

١٧٠٦ / ٤ ـ قال : وروى ابن أبي عمير ، عن رجل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عز وجل : (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ) (١) : «أي لما سمع ورأى أنهم يكفرون. والحواس الخمس التي قدرها الله في الناس : السمع للصوت ، والبصر للألوان وتمييزها ، والشم لمعرفة الروائح الطيبة والنتنة (٢) ، والذوق للطعوم وتمييزها ، واللمس لمعرفة الحار والبارد واللين والخشن».

__________________

سورة آل عمران آية ـ ٤٩ ـ ٥٠ ـ

١ ـ تفسير القمّي ١ : ١٠٢.

٢ ـ تفسير القمّي ١ : ١٠٢.

(١) (في بيوتكم) ليس في المصدر.

٣ ـ تفسير القمّي ١ : ١٠٣.

٤ ـ تفسير القمّي ١ : ١٠٣.

(١) آل عمران : ٣ : ٥٢.

(٢) في المصدر : الخبيثة.

٦٢٥

١٧٠٧ / ٥ ـ العياشي : عن الهذلي ، عن رجل ، قال : «مكث عيسى عليه‌السلام حتى بلغ سبع سنين أو ثمان سنين ، فجعل يخبرهم بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم ، فأقام بين أظهرهم يحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص ، ويعلمهم التوراة ، وأنزل الله عليهم الإنجيل لما أراد الله عليهم حجة».

١٧٠٨ / ٦ ـ عن محمد بن أبي عمير ، عمن ذكره ، رفعه ، قال : «إن أصحاب عيسى عليه‌السلام سألوه أن يحيي لهم ميتا ، قال : فأتى بهم إلى قبر سام بن نوح ، فقال له : قم بإذن الله ، يا سام بن نوح. قال : فانشق القبر ، ثم أعاد الكلام فتحرك ، ثم أعاد الكلام فخرج سام بن نوح ، فقال له عيسى : أيهما أحب إليك تبقى أو تعود؟ قال : فقال : يا روح الله ، بل أعود ، إني لأجد حرقة الموت ـ أو قال : لذعة (١) الموت ـ في جوفي إلى يومي هذا».

١٧٠٩ / ٧ ـ عن أبان بن تغلب ، قال : سئل أبو عبد الله عليه‌السلام : هل كان عيسى بن مريم أحيى أحدا بعد موته حتى كان له أكل ورزق ومدة وولد؟

فقال : «نعم ، إنه كان له صديق مؤاخ له في الله ، وكان عيسى يمر به فينزل عليه ، وإن عيسى غاب عنه حينا ثم مر به ليسلم عليه ، فخرجت إليه أمه لتسلم عليه ، فسألها عنه ، فقالت أمه : مات ، يا رسول الله. فقال لها : أتحبين أن تريه ، قالت : نعم ، قال لها : إذا كان غدا أتيتك حتى أحييه لك بإذن الله تعالى. فلما كان من الغد أتاها ، فقال لها : انطلقي معي إلى قبره ، فانطلقا حتى أتيا قبره ، فوقف عيسى عليه‌السلام ثم دعا الله فانفرج القبر ، وخرج ابنها حيا ، فلما رأته امه ورآها بكيا فرحمهما عيسى عليه‌السلام فقال له : أتحب أن تبقى مع أمك في الدنيا؟ قال : يا رسول الله ، بأكل وبرزق ومدة ، أو بغير مدة ولا رزق ولا أكل؟ فقال له عيسى : بل برزق وأكل ومدة ، تعمر عشرين سنة ، وتزوج ويولد لك ؛ قال : فنعم إذن. فدفعه عيسى عليه‌السلام إلى أمه ، فعاش عشرين سنة وولد له».

١٧١٠ / ٨ ـ عن محمد الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «كان بين داود وعيسى بن مريم أربع مائة سنة ، وكانت شريعة عيسى أنه بعث بالتوحيد والإخلاص ، وبما أوصى به نوح وإبراهيم وموسى ، وأنزل عليه الإنجيل ، وأخذ عليه الميثاق الذي أخذ على النبيين ، وشرع له في الكتاب إقام الصلاة مع الدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وتحريم الحرام وتحليل الحلال.

وأنزل عليه في الإنجيل مواعظ وأمثال وحدود ، وليس فيها قصاص ولا أحكام حدود ، ولا فرض مواريث ، وأنزل عليه تخفيف ما كان نزل على موسى عليه‌السلام في التوراة ، وهو قول الله تعالى في الذي قال عيسى بن مريم لبني إسرائيل : (وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ) وأمر عيسى من معه ممن اتبعه من المؤمنين أن يؤمنوا بشريعة التوراة والإنجيل».

__________________

٥ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٧٤ / ٤٩.

٦ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٧٤ / ٥٠.

(١) في «ط» نسخة بدل : لدغة.

٧ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٧٤ / ٥١.

٨ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٧٥ / ٥٢.

٦٢٦

قوله تعالى :

قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ [٥٢]

١٧١١ / ١ ـ ابن بابويه ، قال : حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي ، قال : حدثنا علي بن الحسن بن فضال ، عن أبيه ، قال : قلت : لأبي الحسن الرضا عليه‌السلام : لم سمي الحواريون حواريين؟

قال : «أما عند الناس فإنهم سموا حواريين لأنهم كانوا قصارين يخلصون الثياب من الوسخ بالغسل ، وهو اسم مشتق من الخبز الحوارى (١) ، وأما عندنا فسمي الحواريون حواريين لأنهم كانوا مخلصين في أنفسهم ومخلصين لغيرهم من أوساخ الذنوب بالوعظ والتذكر».

قوله تعالى :

وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ [٥٤]

١٧١٢ / ٢ ـ ابن بابويه : عن محمد بن إبراهيم بن أحمد بن يونس المعاذي (١) ، قال : حدثني أحمد بن محمد ابن سعيد الكوفي الهمداني ، قال : حدثنا علي بن الحسن بن فضال ، عن أبيه ، قال : سألت الرضا عليه‌السلام عن قوله : (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ). فقال : «إن الله تبارك وتعالى لا يمكر ، ولكنه عز وجل يجازيهم جزاء المكر».

قوله تعالى :

إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا

وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ [٥٥]

١٧١٣ / ١ ـ علي بن إبراهيم ، قال : حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن صالح ، عن حمران بن

__________________

سورة آل عمران آية ـ ٥٢ ـ

١ ـ علل الشرائع : ٨٠ / ١ باب ٧٢.

(١) الحوّارى : الدقيق الأبيض ، وهو لباب الدقيق. والخبر الحوّارى : الخبز المعمول من هذا الدقيق.

سورة آل عمران آية ـ ٥٤ ـ

١ ـ عيون أخبار الرّضا عليه‌السلام ١ : ١٢٦ / ١٩ ، التوحيد : ١٦٣ / ١.

(١) في العيون : محمّد بن أحمد بن إبراهيم المعاذي ، وكلاهما واحد ، انظر معجم رجال الحديث ١٤ : ٢١٩ و ٣١٢.

سورة آل عمران آية ـ ٥٥ ـ

١ ـ تفسير القمّي ١ : ١٠٣.

٦٢٧

أعين ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : «إن عيسى عليه‌السلام وعد أصحابه ليلة رفعه الله إليه فاجتمعوا إليه عند المساء ، وهم اثنا عشر رجلا ، فأدخلهم بيتا ثم خرج عليهم من عين في زاوية البيت ، وهو ينفض رأسه من الماء فقال : إن الله أوحى إلي أنه رافعي إليه الساعة ، ومطهري من اليهود ، فأيكم يلقى عليه شبحي فيقتل ، ويصلب ، ويكون معي في درجتي؟ فقال شاب منهم : أنا يا روح الله. قال : فأنت هوذا.

فقال لهم عيسى عليه‌السلام : إن منكم لمن يكفر بي قبل أن يصبح اثنتي عشرة كفرة. فقال له رجل منهم : أنا هو يا نبي الله. فقال عيسى عليه‌السلام : أتحس بذلك في نفسك؟ فلتكن هو.

ثم قال لهم عيسى عليه‌السلام : إنكم ستفترقون بعدي على ثلاث فرق ؛ فرقتين مفتريتين على الله في النار ، وفرقة تتبع شمعون صادقة على الله في الجنة. ثم رفع الله تعالى عيسى عليه‌السلام إليه من زاوية البيت وهم ينظرون إليه».

ثم قال أبو جعفر عليه‌السلام : «إن اليهود جاءت في طلب عيسى عليه‌السلام من ليلتهم ، فأخذوا الرجل الذي قال له عيسى : إن منكم لمن يكفر بي قبل أن يصبح اثنتي عشرة كفرة ، وأخذوا الشاب الذي القي عليه شبح عيسى عليه‌السلام ، فقتل وصلب ، وكفر الذي قال له عيسى : تكفر قبل أن تصبح اثنتي عشرة كفرة».

١٧١٤ / ٢ ـ العياشي : عن ابن عمر ، عن بعض أصحابنا ، عن رجل حدثه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «رفع عيسى بن مريم عليه‌السلام بمدرعة صوف من غزل مريم ، ومن نسج مريم ، ومن خياطة مريم ، فلما انتهى إلى السماء نودي : يا عيسى ، ألق عنك زينة الدنيا».

١٧١٥ / ٣ ـ ابن بابويه ، قال : حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الكوفي ، قال : حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبيه ، عن أبي الحسن علي بن موسى عليه‌السلام ، قال : «إنه ما شبه أمر أحد من أنبياء الله وحججه للناس إلا أمر عيسى عليه‌السلام وحده ، لأنه رفع من الأرض حيا وقبض روحه بين السماء والأرض ، ثم رفع إلى السماء ورد عليه روحه ، وذلك قوله عز وجل : (إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ) وقال الله تعالى حكاية لقول عيسى يوم القيامة : (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (١)».

قوله تعالى :

إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ

__________________

٢ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٧٥ / ٥٣.

٣ ـ عيون أخبار الرّضا عليه‌السلام ١ : ٢١٥ / ٢.

(١) المائدة ٥ : ١١٧.

٦٢٨

فَيَكُونُ [٥٩]

١٧١٦ / ١ ـ علي بن إبراهيم ، قال : حدثني أبي ، عن النضر بن سويد ، عن ابن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «أن نصارى نجران لما وفدوا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان سيدهم الأهتم والعاقب والسيد ، وحضرت صلاتهم فأقبلوا يضربون بالناقوس ، وصلوا ، فقال أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا رسول الله ، هذا في مسجدك؟ فقال : دعوهم.

فلما فرغوا دنوا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقالوا له : إلى ما تدعونا؟ فقال : إلى شهادة أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، وأن عيسى عبد مخلوق ، يأكل ويشرب ويحدث.

قالوا : فمن أبوه؟ فنزل الوحي على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال : قل لهم : ما تقولون في آدم ؛ أكان عبدا مخلوقا يأكل ويشرب ويحدث وينكح؟ فسألهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقالوا : نعم. فقال : فمن أبوه؟ فبهتوا وبقوا ساكتين ، فأنزل الله : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) إلى قوله : (فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) (١).

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فباهلوني ، فإن كنت صادقا أنزلت اللعنة عليكم ، وإن كنت كاذبا نزلت علي.

فقالوا : أنصفت. فتواعدوا للمباهلة ، فلما رجعوا إلى منازلهم ، قال رؤساؤهم السيد والعاقب والأهتم : إن باهلنا بقومه باهلناه ، فإنه ليس بنبي ، وإن باهلنا بأهل بيته خاصة فلا نباهله فإنه لا يقدم على أهل بيته إلا وهو صادق ، فلما أصبحوا جاءوا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومعه أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين (صلوات الله عليهم) ، فقال النصارى : من هؤلاء؟ فقيل لهم : هذا ابن عمه ووصيه وختنه علي بن أبي طالب ، وهذه ابنته فاطمة ، وهذان ابناه الحسن والحسين. ففرقوا ، فقالوا (٢) لرسول الله : نعطيك الرضا فاعفنا من المباهلة.

فصالحهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الجزية وانصرفوا».

قوله تعالى :

فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا

وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ

__________________

سورة آل عمران آية ـ ٥٩ ـ

١ ـ تفسير القمّي ١ : ١٠٤.

(١) آل عمران ٣ : ٦١.

(٢) في المصدر : فعرفوا وقالوا.

٦٢٩

لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ [٦١]

١٧١٧ / ١ ـ الشيخ في (أماليه) بإسناده ، قال : حدثنا أبو الفتح محمد بن أحمد بن أبي الفوارس ، قال : أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد الصائغ ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق السراج ، قال : حدثنا قتيبة بن سعيد ، قال : حدثنا حاتم ، عن بكير بن مسمار (١) ، عن عامر بن سعد ، عن أبيه ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لعلي ثلاثا ، لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم (٢) : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لعلي وخلفه في بعض مغازيه ، فقال : «يا رسول الله ، تخلفني مع النساء والصبيان»؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي!».

وسمعته يقول يوم خيبر : «لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله» قال : فتطاولنا لهذا ، قال : «ادعوا لي عليا». فأتى علي عليه‌السلام أرمد العينين ، فبصق في عينيه ودفع إليه الراية ففتح الله عليه.

ولما نزلت هذه الآية : (نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا عليهم‌السلام ، وقال : «اللهم هؤلاء أهل بيتي».

١٧١٨ / ٢ ـ عنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثني أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ابن عبد الرحمن الهمداني بالكوفة ، قال : حدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس الأشعري ، قال : حدثني علي بن حسان الواسطي ، قال : حدثني عبد الرحمن بن كثير ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده علي بن الحسين عليهم‌السلام ، عن عمه الحسن عليه‌السلام ، قال : «قال الحسن : قال الله تعالى لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين جحده كفرة الكتاب وحاجوه : (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) فأخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الأنفس معه أبي ، ومن البنين أنا وأخي ، ومن النساء فاطمة أمي من الناس جميعا ، فنحن أهله ولحمه ودمه ونفسه ، ونحن منه وهو منا».

١٧١٩ / ٣ ـ الشيخ المفيد في (الاختصاص) : عن محمد بن الحسن بن أحمد ـ يعني ابن الوليد ـ عن أحمد ابن إدريس ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن إسماعيل العلوي ، قال : حدثني محمد بن الزبرقان الدامغاني الشيخ ، قال : قال أبو الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام : «اجتمعت الامة برها وفاجرها أن حديث النجراني حين

__________________

سورة آل عمران آية ـ ٦١ ـ

١ ـ الأمالي ١ : ٣١٣ ، صحيح مسلم ٤ : ١٨٧١ / ٣٢ ، مسند أحمد بن حنبل ١ : ١٨٥.

(١) في «س» و «ط» : حاتم بن بكير بن يسار ، وفي المصدر : حاتم عن بكير بن يسار ، والصواب ما أثبتناه ، حيث روى قتيبة ، عن حاتم بن إسماعيل ، عن بكير بن مسمار ، عن عامر. راجع تهذيب الكمال ٤ : ٢٥١ و ٥ : ١٨٧ ، تهذيب التهذيب ١ : ٤٩٥ و ٢ : ١٢٨.

(٢) هي الإبل الحمر ، وهي أنفس أموال النّعم وأقومها وأجلدها ، فجعلت كناية عن خير الدنيا كلّه. «مجمع البحرين ـ حمر ـ ٣ : ٢٧٦».

٢ ـ الأمالي ٢ : ١٧٧.

٣ ـ الاختصاص : ٥٦.

٦٣٠

دعاه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى المباهلة لم يكن في الكساء إلا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام ، فقال الله تبارك وتعالى : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) فكان تأويل أبنائنا الحسن والحسين ، ونسائنا فاطمة ، وأنفسنا علي بن أبي طالب عليهم‌السلام».

١٧٢٠ / ٤ ـ الشيخ في (مجالسه) قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا الحسن بن علي بن زكريا العاصمي ، قال : حدثنا أحمد بن عبيد الله الغداني (١) ، قال : حدثنا الربيع بن سيار ، قال : حدثنا الأعمش ، عن سالم ابن أبي الجعد ، يرفعه إلى أبي ذر (رضي‌الله‌عنه): أن عليا عليه‌السلام وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص أمرهم عمر بن الخطاب أن يدخلوا بيتا ويغلقوا عليهم بابه ، ويتشاوروا في أمرهم ، وأجلهم ثلاثة أيام ، فإن توافق خمسة على قول واحد وأبى رجل منهم قتل ذلك الرجل ، وإن توافق أربعة وأبى اثنان قتل الاثنان.

فلما توافقوا جميعا على رأي واحد ، قال لهم علي بن أبي طالب عليه‌السلام : «إني أحب أن تسمعوا مني ما أقول لكم ، فإن يكن حقا فاقبلوه ، وإن يكن باطلا فأنكروه» قالوا : قل. وذكر فضائله عليهم وهم يعترفون به. فمما قال لهم : «فهل فيكم أحد أنزل الله عز وجل فيه وفي زوجته وولديه آية المباهلة ، وجعل الله عز وجل نفسه نفس رسوله غيري؟» قالوا : لا.

١٧٢١ / ٥ ـ ومن طريق المخالفين ما رواه موفق بن أحمد ـ وهو من عظماء علمائهم ـ قال : أخبرنا قتيبة ، قال : حدثنا حاتم بن إسماعيل ، عن بكير بن مسمار (١) ، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه ، قال : أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا ، فقال : ما منعك أن تسب أبا تراب؟

قال : أما ما ذكرت ثلاثا قالهن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأن تكون لي واحدة أحب إلي من حمر النعم : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لعلي وخلفه في بعض مغازيه : «تكون أنت في بيتي إلى أن أعود» (٢) فقال له علي : «يا رسول الله ، تخلفني مع النساء والصبيان»؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبوة بعدي!».

وسمعته يقول يوم خيبر : «لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله». قال : فتطاولنا لها ، فقال : «ادعوا لي عليا» قال : فأتى علي عليه‌السلام وبه رمد ، فبصق في عينيه ، ودفع الراية إليه ، ففتح الله عليه.

__________________

٤ ـ الأمالي ٢ : ١٦٣.

(١) في المصدر : أحمد بن عبيد الله العدلي ، والصواب ما في المتن ، كما في تهذيب التهذيب ١ : ٥٩.

٥ ـ مناقب الخوارزمي ٥٩ ، صحيح مسلم ٤ : ١٨٧١ / ٣٢ ، مسند أحمد بن حنبل ١ : ١٨٥.

(١) في «س وط» : بكير بن يسار ، وفي المصدر : بكير بن عمّار ، تصحيف ، والصواب ما أثبتناه ، روى عن عامر بن سعد بن أبي وقاص ، وعنه حاتم بن إسماعيل ، كذا في تهذيب الكمال ٤ : ٢٥١ و ٥ : ١٨٧ ، وتهذيب التهذيب ١ : ٤٩٥ و ٢ : ١٢٨.

(٢) (تكون أنت ... أعود) ليس في المصدر.

٦٣١

وأنزلت هذه الآية : (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ) الآية ، ودعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المباهلة عليا وفاطمة وحسنا وحسينا عليهم‌السلام ، ثم قال : «اللهم هؤلاء أهلي».

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب صحيح من هذا الوجه.

قال رضي‌الله‌عنه : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى» أخرجه الشيخان في صحيحيهما بطرق كثيرة. انتهى كلام موفق بن أحمد.

١٧٢٢ / ٦ ـ الشيخ المفيد في كتاب (الاختصاص) قال : حدثني أبو بكر محمد بن إبراهيم العلاف الهمداني بهمدان ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر بن شاذان البزاز (١) ، قال : حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن سعيد البزاز ـ المعروف بابن المطبقي ـ وجعفر الدقاق ، قالا : حدثنا أبو الحسن محمد بن الفيض بن فياض الدمشقي بدمشق ، قال : حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن أخي عبد الرزاق ، قال : حدثنا عبد الرزاق بن همام الصنعاني ، قال : حدثنا معمر بن راشد ، قال : حدثنا محمد بن المنكدر ، عن أبيه ، عن جده ، قال : لما قدم السيد والعاقب أسقفا نجران في سبعين راكبا وفدا على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كنت معهم ، فبينا كزز يسير ـ وكزز صاحب نفقاتهم ـ إذ عثرت بغلته ، فقال : تعس من تأتيه ـ يعني النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ فقال له صاحبه ، وهو العاقب : [بل تعست وانتكست] ، فقال : ولم ذلك؟

قال : لأنك أتعست النبي الأمي أحمد.

قال : وما علمك بذلك؟

قال : أما تقرأ من المفتاح (٢) الرابع من الوحي إلى المسيح : أن قل لبني إسرائيل : ما أجهلكم ، تتطيبون بالطيب لتطيبوا به في الدنيا عند أهلها وأهلكم ، وأجوافكم عندي كجيفة الميتة (٣)؟! يا بني إسرائيل ، آمنوا برسولي النبي الأمي الذي يكون في آخر الزمان ، صاحب الوجه الأقمر ، والجمل والأحمر ، المشرب بالنور ، ذي الجناب (٤) الحسن ، والثياب الخشن ، سيد الماضين عندي وأكرم الباقين علي ، المستن بسنتي ، والصائر في دار جنتي ، والمجاهد بيده المشركين من أجلي ، فبشر به بني إسرائيل ، ومر بني إسرائيل أن يعزروه ، وأن ينصروه.

قال عيسى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قدوس قدوس ، من هذا العبد الصالح الذي قد أحبه قلبي ولم تره عيني؟

قال : هو منك وأنت منه ، وهو صهرك على أمك ، قليل الأولاد كثير الأزواج ، يسكن مكة من موضع أساس وطئ (٥) إبراهيم ، نسله من مباركة ، وهي ضرة أمك في الجنة ، له شأن من الشأن ، تنام عيناه ولا ينام قلبه ، يأكل

__________________

٦ ـ الاختصاص : ١١٢.

(١) في المصدر : عبد الله بن محمّد بن جعفر بن موسى بن شاذان البزّاز ، كلاهما صحيح ، كما في تاريخ بغداد ١٠ : ١٢٨.

(٢) في نسخة من المصدر : المصباح.

(٣) في المصدر : كالجيفة المنتنة.

(٤) في «ط» : ذي الثياب.

(٥) في «ط» : أساس من وطن.

٦٣٢

الهدية ولا يقبل الصدقة ، له حوض من شفير زمزم إلى مغيب الشمس ، يدفق فيه ميزابان (٦) من الرحيق والتسنيم ؛ فيه أكاويب عدد نجوم السماء ، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا ، وذلك بتفضيلي إياه على سائر المرسلين (٧) ، يوافق قوله فعله ، وسريرته علانيته ، فطوبى له وطوبى لامته الذين على ملته يحيون ، وعلى سنته يموتون ، ومع أهل بيته يميلون ، آمنين مؤمنين ، مطمئنين مباركين ، يظهر في زمن قحط وجدب ، فيدعوني فترخي السماء عزاليها (٨) حتى يرى أثر بركاتها في أكنافها ، وأبارك فيما يضع فيه يده.

قال : إلهي سمه؟ قال : نعم ، هو أحمد ، وهو محمد ، رسولي إلى الخلق كافة ، وأقربهم مني منزلة ، وأخصصهم (٩) عندي شفاعة ، لا يأمر إلا بما أحب وينهى لما أكره.

قال له صاحبه : فأنى تقدم بنا (١٠) على من هذه صفته؟ قال : نشهد أحواله وننظر آياته (١١) ، فإن يكن هو ساعدناه بالمسألة ، ونكفه بأموالنا عن أهل ديننا من حيث لا يشعر بنا ، وإن يك كاذبا كفيناه بكذبه على الله عز وجل.

قال : ولم ـ إذا رأيت العلامة ـ لا تتبعه؟ قال : أما رأيت ما فعل بنا هؤلاء القوم؟ أكرمونا ومولونا ، ونصبوا لنا الكنائس وأعلوا فيها ذكرنا ، فكيف تطيب النفس بالدخول في دين يستوي فيه الشريف والوضيع؟

فلما قدموا المدينة ، قال من رآهم من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما رأينا وفدا من وفود العرب كانوا أجمل منهم ، لهم شعور وعليهم ثياب الحبر ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم متناء عن المسجد ، وحضرت صلاتهم ، فقاموا فصلوا في مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تلقاء المشرق ، فهم بهم رجال من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تمنعهم ، فأقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال : «دعوهم» فلما قضوا صلاتهم جلسوا إليه وناظروه ، فقالوا : يا أبا القاسم ، حاجنا في عيسى؟ قال : «هو عبد الله ، ورسوله ، وكلمته ألقاها إلى مريم ، وروح منه».

فقال أحدهم : بل هو ولده وثاني اثنين. وقال آخر : بل هو ثالث ثلاثة ، أب وابن وروح القدس ، وقد سمعناه في قرآن نزل عليك يقول : فعلنا وجعلنا وخلقنا ، ولو كان واحدا لقال : خلقت وجعلت وفعلت. فتغشى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الوحي فنزل عليه صدر سورة آل عمران إلى قوله رأس الستين منها : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) إلى آخر الآية.

فقص عليهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم [القصة وتلا] القرآن ، فقال بعضهم لبعض : قد ـ والله ـ أتاكم بالفصل من خبر صاحبكم. فقال لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إن الله عز وجل قد أمرني بمباهلتكم».

__________________

(٦) في المصدر : الشمس حيث يغرب فيه شرابام

(٧) في «ط» نسخة بدل : المسلمين.

(٨) عزاليها : مطرها. «لسان العرب ـ عزل ـ ١١ : ٤٤٣».

(٩) في «ط» والمصدر : وأحضرهم.

(١٠) في «ط» : فأين تعدّينا.

(١١) في «ط» : أيامه.

٦٣٣

فقالوا : إذا كان غدا باهلناك ، فقال القوم بعضهم لبعض : حتى ننظر بما يباهلنا غدا بكثرة أتباعه من أوباش الناس ، أم بالقلة (١٢) من أهل الصفوة والطهارة ، فإنهم وشيج (١٣) الأنبياء ، وموضع نهلهم.

فلما كان من الغد غدا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيمينه علي ، وبيساره الحسن والحسين ، ومن ورائهم فاطمة (صلى الله عليهم) ، عليهم النمار النجرانية (١٤) ، وعلى كتف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كساء قطواني (١٥) رقيق خشن ليس بكثيف ولا لين ، فأمر بشجرتين فكسح ما بينهما ، ونشر الكساء عليهما ، وأدخلهم تحت الكساء ، وأدخل منكبه الأيسر معهم تحت الكساء معتمدا على قوسه النبع ، ورفع يده اليمنى إلى السماء للمباهلة ، وأشرف (١٦) الناس ينظرون واصفر لون السيد والعاقب وزلزلا (١٧) حتى كادا أن تطيش عقولهما.

فقال أحدهما لصاحبه : أنباهله؟ قال : أو ما علمت أنه ما باهل قوم قط نبيا فنشأ صغيرهم أو بقي كبيرهم؟

ولكن أره أنك غير مكترث ، وأعطه من المال والسلاح ما أراد ، فإن الرجل محارب ، وقل له : أبهؤلاء تباهلنا؟ لئلا يرى أنه قد تقدمت معرفتنا بفضله وفضل أهل بيته.

فلما رفع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يده إلى السماء للمباهلة ، قال أحدهما لصاحبه : وأي رهبانية؟ دارك الرجل ، فإنه إن فاه ببهلة لم نرجع إلى أهل ولا مال. فقالا : يا أبا القاسم ، أفبهؤلاء تباهلنا؟ قال : «نعم ، هؤلاء أوجه من على وجه الأرض بعدي إلى الله عز وجل وجيهة ، وأقربهم إليه وسيلة».

قال : فبصبصا ـ يعني ارتعدا وكرا ـ وقالا له : يا أبا القاسم ، نعطيك ألف سيف ، وألف درع ، وألف حجفة (١٨) وألف دينار كل عام ، على أن الدرع والسيف والحجفة عندك إعارة حتى يأتي من ورائنا من قومنا فنعلمهم بالذي رأينا وشاهدنا ، فيكون الأمر على ملأ منهم ، فإما الإسلام ، وإما الجزية ، وإما المقاطعة في كل عام.

فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «قد قبلت ذلك منكما ، أما والذي بعثني بالكرامة ، لو باهلتموني بمن تحت الكساء لأضرم الله عز وجل عليكم الوادي نارا تأجج تأججا ، حتى يساقها إلى من ورائكم في أسرع من طرفة عين فأحرقتهم تأججا».

فهبط عليه جبرئيل الروح الأمين عليه‌السلام ، فقال : يا محمد ، إن الله يقرئك السلام ، ويقول لك : وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لو باهلت بمن تحت الكساء أهل السماوات وأهل الأرض لتساقطت السماء كسفا متهافتة ،

__________________

(١٢) في المصدر : بأهله.

(١٣) الوشيجة : عرق الشجرة. واستعير هنا لاشتباك القرابة والصّلة.

(١٤) النّمار : جمع نمرة : كساء مخطط. «مجمع البحرين ـ نمر ـ ٣ : ٥٠٣».

(١٥) في «ط» : قرقف ، ولعلّه تصحيف قرطف : القطيفة ، والقطواني : نوع من الأكسية منسوبة إلى موضع في الكوفة ، والقطوانيّة : عباءة بيضاء قصيرة الخمل. «القاموس المحيط ـ قطا ـ ٤ : ٣٨١» ، «لسان العرب ـ قطا ـ ١٥ : ١٩١».

(١٦) في المصدر : واشرأبّ : أي رفع رأسه لينظر إليه.

(١٧) في «ط» والمصدر : وكرّا.

(١٨) الحجفة : الترس ، وذلك إن كانت من جلود وليس فيها خشب ، وتسمى درقة أيضا. «مجمع البحرين ـ حجف ـ ٥ : ٣٥».

٦٣٤

ولتقطعت الأرضون زبرا سابحة (١٩) ، فلم يستقر عليها بعد ذلك ، فرفع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يديه حتى رؤي بياض إبطيه. ثم قال : «وعلى من ظلمكم حقكم ، وبخسني (٢٠) الأجر الذي افترضه الله فيكم عليهم ، بهلة الله تتابع إلى يوم القيامة».

١٧٢٣ / ٧ ـ ابن بابويه ، قال : حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب ، وجعفر بن محمد بن مسرور رضي‌الله‌عنه ، عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أبيه ، عن الريان بن الصلت ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ، في حديثه عليه‌السلام مع المأمون والعلماء ، في الفرق بين العترة والامة ، وفضل العترة على الامة ، واصطفاء العترة ـ وذكر الحديث بطوله ـ وفي الحديث : قالت العلماء : فأخبرنا هل فسر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب؟

فقال الرضا عليه‌السلام : «فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن ، في اثني عشر موضعا ـ وذكر المواضع من القرآن وقال عليه‌السلام فيها ـ وأما الثالثة : حين ميز الله تعالى الطاهرين من خلقه ، وأمر نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمباهلة بهم في آية الابتهال ، فقال عز وجل : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ)».

قالت العلماء : عنى به نفسه.

قال أبو الحسن عليه‌السلام : «غلطتم ، إنما عنى به علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، ومما يدل على ذلك قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين قال : لينتهين بنو وليعة أو لأبعثن إليهم رجلا كنفسي ـ يعني علي بن أبي طالب عليه‌السلام ـ وعنى بالأبناء الحسن والحسين ، وعنى بالنساء فاطمة عليها‌السلام ، فهذه خصوصية لا يتقدم فيها أحد ، وفضل لا يلحقهم فيه بشر ، وشرف لا يسبقهم إليه خلق ، إذ جعل نفس علي عليه‌السلام كنفسه (صلوات الله عليه وعلى آله) ، فهذه الثالثة ، وأما الرابعة» وذكرها وما بعدها إلى آخر الحديث.

١٧٢٤ / ٨ ـ عنه ، قال : حدثنا أبو أحمد هانئ بن أبي محمد بن محمود العبدي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا أبي بإسناده ، رفعه إلى موسى بن جعفر عليهما‌السلام في حديث له مع الرشيد ، قال الرشيد له : كيف قلتم : إنا ذرية النبي ، والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يعقب ، وإنما العقب للذكر لا للأنثى ، وأنتم ولد البنت ولا يكون لها عقب؟

فقلت : «أسألك بحق القرابة والقبر ومن فيه إلا ما عفيتني عن هذه المسألة».

فقال : تخبرني بحجتكم فيه يا ولد علي ، وأنت ـ يا موسى ـ يعسوبهم وإمام زمانهم كذا أنهي إلي ، ولست أعفيك في كل ما أسألك عنه حتى تأتيني فيه بحجة من كتاب الله ، وأنتم تدعون ـ معشر ولد علي ـ أنه لا يسقط عنكم منه شيء لا ألف ولا واو إلا وتأويله عندكم ، واحتججتم بقوله عز وجل : (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ

__________________

(١٩) في «ط» والمصدر : سائحة.

(٢٠) في «ط» : وبخس.

٧ ـ أمالي الصدوق : ٤٢٣ / ١.

٨ ـ عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ١ : ٨٤ / ٩.

٦٣٥

شَيْءٍ) (١) وقد استغنيتم عن رأي العلماء وقياسهم.

فقلت : «تأذن لي في الجواب»؟ قال : هات.

قلت : «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ) (٢) من أبو عيسى ، يا أمير المؤمنين؟».

فقال : ليس له أب.

فقلت : «إنما ألحقه الله (٣) بذراري الأنبياء عليهم‌السلام من طريق مريم ، وكذلك ألحقنا الله تعالى بذراري النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من قبل امنا فاطمة عليها‌السلام أزيدك يا أمير المؤمنين»؟ قال : هات.

قلت : «قول الله عز وجل : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) ولم يدع أحد أنه إذ أدخل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحت الكساء عند المباهلة مع النصارى إلا علي بن أبي طالب ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين عليهم‌السلام ، فكان تأويل قوله عز وجل : (أَبْناءَنا) الحسن والحسين (وَنِساءَنا) فاطمة (وَأَنْفُسَنا) علي بن أبي طالب عليه‌السلام».

١٧٢٥ / ٩ ـ العياشي : عن حريز ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «إن أمير المؤمنين عليه‌السلام سئل عن فضائله فذكر بعضها ، ثم قالوا له : زدنا. فقال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتاه حبران من أحبار النصارى من أهل نجران ، فتكلما في أمر عيسى ، فأنزل الله هذه الآية : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ) إلى آخر الآية ، فدخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخذ بيد علي والحسن والحسين وفاطمة ، ثم خرج ورفع كفه إلى السماء ، وفرج بين أصابعه ، ودعاهم إلى المباهلة ـ قال : وقال أبو جعفر عليه‌السلام : وكذلك المباهلة يشبك يده في يده يرفعهما إلى السماء ـ فلما رآه الحبران ، قال أحدهما لصاحبه : والله لئن كان نبيا لنهلكن ، وإن كان غير نبي كفانا قومه. فكفا وانصرفا».

١٧٢٦ / ١٠ ـ عن محمد بن سعيد الأردني (١) ، عن موسى بن محمد بن الرضا ، عن أخيه أبي الحسن عليه‌السلام : «أنه قال في هذه الآية (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) ولو قال : تعالوا نبتهل فنجعل لعنة الله عليكم ، لم يكونوا يجيبون للمباهلة ، وقد علم أن نبيه مؤد عنه رسالاته ، وما هو من الكاذبين».

__________________

(١) الأنعام ٦ : ٣٨.

(٢) الأنعام ٦ : ٨٤ ـ ٨٥.

(٣) في المصدر : إنّما ألحقناه.

٩ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٧٥ / ٥٤.

١٠ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٧٦ / ٥٥.

(١) في المصدر : الأزدي.

٦٣٦

١٧٢٧ / ١١ ـ عن أبي جعفر الأحول ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «ما تقول قريش في الخمس»؟

قال : قلت : تزعم أنه لها.

قال : «ما أنصفونا ، والله لو كان مباهلة ليباهلن بنا ، ولئن كان مبارزة ليبارزن بنا ، ثم نكون وهم على سواء!».

١٧٢٨ / ١٢ ـ عن الأحول ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له شيئا مما أنكرته الناس ، فقال : «قل لهم : إن قريشا قالوا : نحن أولو القربى الذين هم لهم الغنيمة. فقل لهم : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يدع للبراز يوم بدر غير أهل بيته ، وعند المباهلة جاء بعلي والحسن والحسين وفاطمة عليهم‌السلام ، أفيكون لنا المر ، ولهم الحلو؟!».

١٧٢٩ / ١٣ ـ عن المنذر ، قال : حدثنا علي عليه‌السلام قال : «لما نزلت هذه الآية (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) الآية ، قال : أخذ بيد علي وفاطمة وابنيهما عليهم‌السلام ، فقال رجل من النصارى : لا تفعلوا فيصيبكم عنت (١). فلم يدعوه».

١٧٣٠ / ١٤ ـ عن عامر بن سعد ، قال : قال معاوية لأبي : ما يمنعك أن تسب أبا تراب؟

قال : لثلاث رويتهن عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لما نزلت آية المباهلة (تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) الآية ، أخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام قال : «هؤلاء أهلي».

١٧٣١ / ١٥ ـ وروي من طريق المخالفين كثير في معنى ذلك ، منها : ما رواه مسلم في (صحيحه) من طرق ، منها : في الجزء الرابع ، في باب فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، في تفسير قوله تعالى : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) فرفع مسلم الحديث إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو طويل يتضمن عدة فضائل لعلي عليه‌السلام خاصة يقول في آخره : لما نزلت هذه الآية دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا ، وقال : «اللهم هؤلاء أهل بيتي» (١).

ورواه مسلم أيضا في آخر الجزء المذكور (٢).

ورواه الحميدي في (الجمع بين الصحيحين) في مسند سعد بن أبي وقاص ، في الحديث الثالث من أفراد مسلم (٣).

__________________

١١ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٧٦ / ٥٦.

١٢ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٧٦ / ٥٧.

١٣ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٧٧ / ٥٨.

(١) العنت : دخول المشقّة على الإنسان ولقاء الشدّة. «لسان العرب ـ عنت ـ ٢ : ٦١».

١٤ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٧٧ / ٥٩.

١٥ ـ صحيح مسلم ٤ : ١٨٧١ ذيل الحديث ٣٢.

(١) في المصدر : أهلي.

(٢) عنه في العمدة لابن البطريق : ١٨٨ / ٢٨٩.

(٣) عنه في جامع الأصول ٩ : ٤٦٩ / ٦٤٧٩.

٦٣٧

١٧٣٢ / ١٦ ـ ورواه الثعلبي في تفسير هذه الآية ، عن مقاتل والكلبي ، قال : لما قرأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذه الآية على وفد نجران ودعاهم إلى المباهلة ، فقالوا : نرجع وننظر في أمرنا ونأتيك غدا. فخلا بعضهم إلى بعض ، فقالوا للعاقب وكان ديانهم وذا رأيهم : يا عبد المسيح ، ما ترى؟

فقال : والله لقد عرفتم ـ يا معاشر النصارى ـ أن محمدا نبي مرسل ، ولقد جاءكم بالفضل من أمر صاحبكم ، والله ما لاعن قوم قط نبيا فعاش كبيرهم ، ولا نبت صغيرهم ، ولئن فعلتم ذلك لتهلكن ، وإن أبيتم إلا دينكم والإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم ، فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم.

فأتوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد غدا محتضنا للحسن وآخذا بيد الحسين وفاطمة تمشي خلفه وعلي يمشي خلفها ، وهو يقول لهم : «إذا أنا دعوت فأمنوا» فقال اسقف نجران : يا معاشر النصارى ، إني لأرى وجوها لو أقسموا على الله أن يزيل جبلا لأزاله ، فلا تباهلوا فتهلكوا ، ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة.

فقالوا : يا أبا القاسم ، لقد رأينا أننا لا نباهلك ، وأن نتركك على دينك ونثبت على ديننا.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «فإن أبيتم المباهلة فأسلموا ، يكن لكم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم». فأبوا ، فقال : «إني أنابذكم للحرب» فقالوا : ما لنا بحرب العرب طاقة ، ولكن نصالحك على أن لا تغزونا ، ولا تخيفنا ، ولا تردنا عن ديننا ، على أن نؤدي إليك في كل عام ألفي حلة : ألفا في صفر ، وألفا في رجب. فصالحهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ذلك.

ورواه أيضا أبو بكر بن مردويه بأكمل من هذه الألفاظ وهذه المعاني ، عن ابن عباس والحسن والشعبي والسدي.

وفي رواية الثعلبي زيادة ، وهي : قال : «والذي نفسي بيده إن العذاب قد تدلى على أهل نجران ، ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير ، ولاضطرم الوادي عليهم نارا ، ولاستأصل الله نجران وأهله حتى الطير على رؤوس الشجر ، وما حال الحول على النصارى حتى هلكوا». فأنزل الله تعالى : (إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللهُ) (١) الآية.

١٧٣٣ / ١٧ ـ ورواه الشافعي ابن المغازلي في كتاب (المناقب) عن الشعبي ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قدم أهل نجران على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، العاقب والسيد (١) ، فدعاهما إلى الإسلام ، فقالا : أسلمنا ـ يا محمد ـ قبلك. قال : «كذبتما ، إن شئتما أخبرتكما بما يمنعكما من الإسلام؟». قالا : هات (٢).

قال : «حب الصليب ، وشرب الخمر ، وأكل الخنزير» فدعاهما إلى الملاعنة ، فوعداه أن يغادياه بالغداة ،

__________________

١٦ ـ عنه في العمدة لابن البطرق : ١٨٩ / ٢٩٠ ، وعنه في غاية المرام : ٣٠٠ / ٣ ، وعنه في إحقاق الحق ٣ : ٤٩.

(١) آل عمران ٣ : ٦٢.

١٧ ـ مناقب المغازلي : ٢٦٣ / ٣١٠ ، شواهد التنزيل ١ : ١٢٢ / ١٧٠ ، النور المشتعل : ٤٩ / ٣.

(١) في المصدر : الطيّب.

(٢) في المصدر : فهات أنبئنا.

٦٣٨

فغدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخذ بيد علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام ، ثم أرسل إليهما ، فأبيا أن يجيباه ، فأقر الخراج عليهما (٣) ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «والذي بعثني بالحق نبيا لو فعلا لأمطر الله عليهما الوادي نارا».

قال جابر : نزلت فيهم هذه الآية (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ).

قال الشعبي : (أَبْناءَنا) الحسن والحسين (وَنِساءَنا) فاطمة (وَأَنْفُسَنا) علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم).

قلت : الأخبار بذلك من الفريقين متضافرة ، اقتصرنا على هذا اليسير مخافة الإطالة ، والله الموفق.

قوله تعالى :

قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ

اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ

[٦٤]

١٧٣٤ / ١ ـ محمد بن الحسن الشيباني : روي عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام : «أن الكلمة هاهنا هي شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأن عيسى عبد الله ، وأنه مخلوق كآدم».

قوله تعالى :

يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ

وَالْإِنْجِيلُ إِلاَّ مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ ـ إلى قوله تعالى : ـ حَنِيفاً مُسْلِماً

وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [٦٥ ـ ٦٧]

١٧٣٥ / ٢ ـ قال علي بن إبراهيم : قوله : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ

__________________

(٣) في المصدر : واقرا بالخراج.

سورة آل عمران آية ـ ٦٤ ـ

١ ـ نهج البيان ١ : ٧٠ (مخطوط).

سورة آل عمران آية ـ ٦٥ ـ ٦٧ ـ

١ ـ تفسير القمي ١ : ١٠٥.

٦٣٩

وَالْإِنْجِيلُ إِلاَّ مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) ثم قال : (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ) أي أنتم يا هؤلاء (حاجَجْتُمْ فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ) يعني بما في التوراة والإنجيل (فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ) يعني بما في صحف إبراهيم (وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) ثم قال : (ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).

١٧٣٦ / ٢ ـ العياشي : عن عبيد الله الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : (ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا) لا يهوديا يصلي إلى المغرب ، ولا نصرانيا يصلي إلى المشرق (وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً) يقول : كان على دين محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم».

قوله تعالى :

إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا

وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ـ إلى قوله تعالى ـ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [٦٨ ـ ٧٢]

١٧٣٧ / ٣ ـ علي بن إبراهيم ، قال : حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور بن يونس ، عن عمر بن يزيد ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «أنتم والله من آل محمد».

فقلت : من أنفسهم ، جعلت فداك؟ قال : «نعم والله من أنفسهم» ثلاثا. ثم نظر إلي ونظرت إليه ، فقال : «يا عمر ، إن الله يقول في كتابه : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ)».

١٧٣٨ / ٤ ـ أحمد بن محمد بن خالد : عن ابن فضال ، عن حماد بن عثمان ، عن عبد الله بن سليمان الصيرفي ، قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : «(إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا)» ثم قال : «أنتم والله على دين إبراهيم عليه‌السلام ومنهاجه ، وأنتم أولى الناس به».

١٧٣٩ / ٥ ـ محمد بن يعقوب : عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن مثنى ، عن عبد الله بن عجلان ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، في قوله تعالى : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا) قال : «هم الأئمة عليهم‌السلام ومن اتبعهم».

١٧٤٠ / ٦ ـ الشيخ في (أماليه) ، قال : أخبرني محمد بن محمد ـ يعني المفيد ـ قال : أخبرني أبو عبد الله

__________________

٢ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٧٧ / ٦٠.

سورة آل عمران آية ـ ٦٨ ـ ٧٢ ـ

١ ـ تفسير القمّي ١ : ١٠٥.

٢ ـ المحاسن : ١٤٧ / ٥٧.

٣ ـ الكافي ١ : ٣٤٤ / ٢٠.

٤ ـ الأمالي ١ : ٤٤.

٦٤٠