البرهان في تفسير القرآن - ج ١

السيد هاشم الحسيني البحراني

البرهان في تفسير القرآن - ج ١

المؤلف:

السيد هاشم الحسيني البحراني


المحقق: مؤسسة البعثة
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة البعثة
المطبعة: مؤسسة البعثة
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٥٢

لا تَعْلَمُونَ [١٦٩]

١ ـ (التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه‌السلام : «(إِنَّما يَأْمُرُكُمْ) الشيطان (بِالسُّوءِ) بسوء المذهب والاعتقاد في خير خلق الله محمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجحود ولاية أفضل أولياء الله بعد محمد رسول الله (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) بإمامة من لم يجعل الله له في الإمامة حظا ، ومن جعله من أراذل أعدائه وأعظمهم كفرا به».

قوله تعالى :

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ

كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [١٧٢]

٢ ـ (التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه‌السلام : «قال الله عز وجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) بتوحيد الله ، ونبوة محمد رسول الله ، وبإمامة علي ولي الله (كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ) على ما رزقكم منها بالمقام على ولاية محمد وعلي ليقيكم الله تعالى بذلك شرور الشياطين المتمردة على ربها عز وجل ، فإنكم كلما جددتم على أنفسكم ولاية محمد وعلي عليهما‌السلام تجدد على مردة الشياطين لعائن الله ، وأعاذكم الله من نفخاتهم ونفثاتهم. فلما قاله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قيل : يا رسول الله وما نفخاتهم؟

قال : هي ما ينفخون به عند الغضب في الإنسان الذي يحملونه على هلاكه في دينه ودنياه ، وقد ينفخون في غير حال الغضب بما يهلكون به.

أتدرون ما أشد ما ينفخون به؟ هو ما ينفخون بأن يوهموه أن أحدا من هذه الامة فاضل علينا ، أو عدل لنا أهل البيت ، كلا ـ والله ـ بل جعل الله تعالى محمدا ثم آل محمد فوق جميع هذه الامة ، كما جعل الله تعالى السماء فوق الأرض ، وكما زاد نور الشمس والقمر على السها.

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وأما نفثاته : فأن يرى أحدكم أن شيئا بعد القرآن أشفى له من ذكرنا أهل البيت ومن الصلاة علينا ، فإن الله عز وجل جعل ذكرنا أهل البيت شفاء للصدور ، وجعل الصلوات علينا ماحية للأوزار والذنوب ، ومطهرة من العيوب ومضاعفة للحسنات».

__________________

مستدرك سورة البقرة آية ـ ١٦٩ ـ

١ ـ التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه‌السلام : ٥٨١ / ٣٤٢.

مستدرك سورة البقرة آية ـ ١٧٢ ـ

١ ـ التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه‌السلام : ٥٨٤ / ٣٤٨.

٥٨١

٢ ـ وعنه : «قال الله عز وجل : (إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) أي إن كنتم إياه تعبدون فاشكروا نعمة الله بطاعة من أمركم بطاعته من محمد وعلي وخلفائهم الطيبين».

٣ ـ (شرح نهج البلاغة) : قال : واعلم أن الذي رويته عن الشيوخ ورأيته بخط عبد الله بن أحمد بن الخشاب (رحمه‌الله) : أن الربيع بن زياد الحارثي أصابته نشابة في جبينه فكانت تنتقض عليه في كل عام ، فأتاه علي عليه‌السلام عائدا ، فقال : «كيف تجدك أبا عبد الرحمن؟» قال : أجدني ـ يا أمير المؤمنين ـ لو كان لا يذهب ما بي إلا بذهاب بصري لتمنيت ذهابه.

قال : «وما قيمة بصرك عندك؟» قال : لو كانت لي الدنيا لفديته بها.

قال : «لا جرم ليعطينك الله على قدر ذلك ، إن الله يعطي على قدر الألم والمصيبة ، وعنده تضعيف كثير».

قال الربيع : يا أمير المؤمنين ، ألا أشكوا إليك عاصم بن زياد أخي؟ قال : «ما له»؟ قال : لبس العباء وترك الملاء (١) ، وغم أهله وحزن ولده.

فقال عليه‌السلام : «ادعوا لي عاصما» فلما أتاه عبس في وجهه ، وقال : «ويحك ـ يا عاصم ـ أترى الله أباح لك اللذات ، وهو يكره ما أخذت منها؟ لأنت أهون على الله من ذلك ، أو ما سمعته يقول : (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ) (٢) ثم قال : (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) (٣) وقال : (وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها) (٤).

أما والله ابتذال نعم الله بالفعال أحب إليه من ابتذالها بالمقال ، وقد سمعتم الله يقول : (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) (٥) ، وقوله : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ) (٦).

إن الله خاطب المؤمنين بما خاطب به المرسلين ، فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ) وقال : (يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً) (٧) ، وقال رسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لبعض نسائه : مالي أراك شعثاء (٨) مرهاء (٩) سلتاء (١٠)؟».

__________________

٢ ـ التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه‌السلام : ٥٨٥ / ٣٤٩.

٣ ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١١ : ٣٥.

(١) الملاء والملاءة : ثوب رقيق ذو شقّين.

(٢) الرحمن ٥٥ : ١٩.

(٣) الرحمن ٥٥ : ٢٢.

(٤) فاطر ٣٥ : ١٢.

(٥) الضحى ٩٣ : ١١.

(٦) الأعراف ٧ : ٣٢.

(٧) المؤمنون ٢٣ : ٥١.

(٨) الشّعثاء : التي أغبر رأسها وتلبّد شعرها وانتشر لبعد عهده بالدّهن.

(٩) المرهاء : التي تركت الاكتحال حتّى تبيضّ بواطن أجفانها.

٥٨٢

قال عاصم : فلم اقتصرت ـ يا أمير المؤمنين ـ على لبس الخشن ، وأكل الجشب؟

قال : «إن الله تعالى افترض على أئمة العدل أن يقدروا لأنفسهم بالقوام (١١) كيلا يتبيغ (١٢) بالفقير فقره» فما قام علي عليه‌السلام حتى نزع عاصم العباءة ولبس ملاءة.

قوله تعالى :

إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً

أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ

وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ [١٧٤]

١ ـ (تفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه‌السلام : «قال الله عز وجل في صفة الكاتمين لفضلنا أهل البيت : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتابِ) المشتمل على ذكر فضل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على جميع النبيين وفضل علي عليه‌السلام على جميع الوصيين.

(وَيَشْتَرُونَ بِهِ) بالكتمان (ثَمَناً قَلِيلاً) يكتمونه ليأخذوا عليه عرضا من الدنيا يسيرا ، وينالوا به في الدنيا عند جهال عباد الله رئاسة ، قال الله تعالى : (أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ) يوم القيامة (إِلاَّ النَّارَ) بدلا من إصابتهم اليسير من الدنيا لكتمانهم الحق (وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ) بكلام خير ، بل يكلمهم بأن يلعنهم ويخزيهم ويقول : بئس العباد أنتم ، غيرتم ترتيبي ، وأخرتم من قدمته ، وقدمتم من أخرته ، وواليتم من عاديته ، وعاديتم من واليته.

(وَلا يُزَكِّيهِمْ) من ذنوبهم ، لأن الذنوب إنما تذوب وتضمحل إذا قرن بها موالاة محمد وعلي وآلهما الطيبين عليهم‌السلام. فأما ما يقرن بها الزوال عن موالاة محمد وآله عليهم‌السلام ، فتلك ذنوب تتضاعف ، وأجرام تتزايد ، وعقوباتها تتعاظم ، (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) موجع في النار».

٢ ـ (دعائم الإسلام) : عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام ، أنه قال : «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم : الشيخ الزاني ، والديوث ـ وهو الذي لا يغار ، ويجتمع الناس في بيته على الفجور ـ والمرأة توطئ فراش زوجها».

__________________

(١٠) السلتاء : التي لا تختضب.

(١١) القوام : ما يقيم الإنسان من القوت.

(١٢) تبيّغ به الفقر : غلب عليه وتجاوز الحدّ.

مستدرك سورة البقرة آية ـ ١٧٤ ـ

١ ـ التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه‌السلام : ٥٨٥ / ٣٥٢.

٢ ـ دعائم الإسلام ٢ : ٤٤٨ / ١٥٧٠.

٥٨٣

قوله تعالى :

ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ

لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ [١٧٦]

١ ـ (التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه‌السلام : «(ذلِكَ) يعني ذلك العذاب الذي وجب على هؤلاء بآثامهم وإجرامهم لمخالفتهم لإمامهم ، وزوالهم عن موالاة سيد خلق الله بعد محمد نبيه ، أخيه وصفيه ، (بِأَنَّ اللهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِ) نزل الكتاب الذي توعد فيه من خالف المحقين وجانب الصادقين ، وشرع في طاعة الفاسقين ، نزل الكتاب بالحق أن ما يوعدون به يصيبهم ولا يخطئهم.

(وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ) فلم يؤمنوا به ، قال بعضهم : إنه سحر. وبعضهم : إنه شعر. وبعضهم : إنه كهانة (لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ) مخالفة بعيدة عن الحق ، كأن الحق في شق وهم في شق غيره يخالفه.

قال علي بن الحسين عليهما‌السلام : هذه أحوال من كتم فضائلنا ، وجحد حقوقنا ، وسمى بأسمائنا ، ولقب بألقابنا ، وأعان ظالمنا على غصب حقوقنا ، ومالأ علينا أعداءنا ، والتقية عليكم لا تزعجه ، والمخالفة على نفسه وماله وحاله لا تبعثه.

فاتقوا الله معاشر شيعتنا ، لا تستعملوا الهوينا ولا تقية عليكم ، ولا تستعملوا المهاجرة والتقية تمنعكم ، وسأحدثكم في ذلك بما يردعكم ويعظكم : دخل على أمير المؤمنين عليه‌السلام رجلان من أصحابه ، فوطئ أحدهما على حية فلدغته ، ووقع على الآخر في طريقه من حائط عقرب فلسعته وسقطا جميعا فكأنهما لما بهما يتضرعان ويبكيان ، فقيل لأمير المؤمنين عليه‌السلام ، فقال : دعوهما ، فانه لم يحن حينهما ، ولم تتم محنتهما ، فحملا إلى منزليهما ، فبقيا عليلين أليمين في عذاب شديد شهرين.

ثم إن أمير المؤمنين عليه‌السلام بعث إليهما ، فحملا إليه ، والناس يقولون : سيموتان على أيدي الحاملين لهما.

فقال لهما : كيف حالكما؟ قالا : نحن بألم عظيم ، وفي عذاب شديد. قال لهما : استغفر الله من كل ذنب أداكما إلى هذا ، وتعوذا بالله مما يحبط أجركما ، ويعظم وزركما.

قالا : وكيف ذلك يا أمير المؤمنين؟

فقال علي عليه‌السلام : ما أصيب واحد منكما إلا بذنبه ، أما أنت يا فلان ـ وأقبل على أحدهما ـ فتذكر يوم غمز على سلمان الفارسي رحمه‌الله فلان وطعن عليه لموالاته لنا ، فلم يمنعك من الرد والاستخفاف به خوف على نفسك ولا على أهلك ولا على ولدك ومالك ، أكثر من أنك استحييته ، فلذلك أصابك ، فإن أردت أن يزيل الله ما

__________________

مستدرك سورة البقرة آية ـ ١٧٦

١ ـ التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه‌السلام : ٥٨٦ / ٣٥٢.

٥٨٤

بك ، فاعتقد أن لا ترى مزريا على ولي لنا تقدر على نصرته بظهر الغيب إلا نصرته ، إلا أن تخاف على نفسك أو أهلك أو ولدك أو مالك.

وقال للآخر : فأنت ، أفتدري لما أصابك ما أصابك؟ قال : لا. قال : أما تذكر حيث أقبل قنبر خادمي وأنت بحضرة فلان العاتي ، فقمت إجلالا له لإجلالك لي؟ فقال لك : وتقوم لهذا بحضرتي؟! فقلت له : وما بالي لا أقوم وملائكة الله تضع له أجنحتها في طريقه ، فعليها يمشي. فلما قلت هذا له ، قام إلى قنبر وضربه ، وشتمه ، وآذاه ، وتهدده وتهددني ، وألزمني الإغضاء على قذى ، فلهذا سقطت عليك هذه الحية ، فإن أردت أن يعافيك الله تعالى من هذا ، فاعتقد أن لا تفعل بنا ، ولا بأحد من موالينا بحضرة أعدائنا ما يخاف علينا وعليهم منه.

أما إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان مع تفضيله لي لم يكن يقوم لي عن مجلسه إذا حضرته ، كما كان يفعله ببعض من لا يعشر معشار جزء من مائة ألف جزء من إيجابه لي ، لأنه علم أن ذلك يحمل بعض أعداء الله على ما يغمه ، ويغمني ، ويغم المؤمنين ، وقد كان يقوم لقوم لا يخاف على نفسه ولا عليهم مثل ما خاف علي لو فعل ذلك بي».

قوله تعالى :

وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [١٩٠]

١ ـ (مناقب الخوارزمي) : أنبأني مهذب الأئمة أبو المظفر عبد الملك بن علي بن محمد الهمداني نزيل بغداد ، حدثنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن عبد الله ، أخبرنا الحسن بن علي بن الحسن ، أخبرني محمد بن العباس بن محمد بن زكريا ، قال : قرأ علي ابن أبي الحسن ابن معروف ، حدثني الحسن بن الفهم ، حدثني محمد بن إسماعيل بن سعد ، أخبرني خالد بن مخلد ومحمد بن الصلت ، قالا : أخبرنا الربيع بن المنذر ، عن أبيه ، عن محمد بن الحنفية ، قال : دخل علينا ابن الملجم (لعنة الله) الحمام ، وأنا والحسن والحسين جلوس في الحمام ، فلما دخل ، كأنهما اشمأزا منه ، فقالا : «ما أجرأك تدخل علينا؟» قال : فقلت لهما : دعاه عنكما ، فلعمري ما يريد بكما إثما من هذا. فلما كان يوم أتي به أسيرا ، قال ابن الحنفية : ما أنا اليوم بأعرف به من يوم دخل علينا الحمام.

فقال علي عليه‌السلام : «إنه أسير ، فأحسنوا إليه وأكرموا مثواه ، فإن بقيت قتلت أو عفوت ، وإن مت فاقتلوه قتلتي (وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)».

__________________

مستدرك سورة البقرة آية ـ ١٩٠ ـ

١ ـ مناقب الخوارزمي : ٢٨٢.

٥٨٥

قوله تعالى :

وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ

الْمِهادُ [٢٠٦]

١ ـ (التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه‌السلام : «(وَإِذا قِيلَ لَهُ) لهذا الذي يعجبك قوله (اتَّقِ اللهَ) ودع سوء صنيعك (أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ) الذي هو محتقبه (١) ، فيزداد إلى شره شرا ، ويضيف إلى ظلمه ظلما (فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ) جزاء له على سوء فعله ، وعذابا (وَلَبِئْسَ الْمِهادُ) يمهدها ويكون دائما فيها».

٢ ـ وعنه : قال علي بن الحسين عليهما‌السلام : «ذم الله تعالى هذا الظالم المعتدي من المخالفين وهو على خلاف ما يقول منطو ، والإساءة إلى المؤمنين مضمر. فاتقوا الله عباد الله المنتحلين لمحبتنا ، وإياكم والذنوب التي قلما أصر عليها صاحبها إلا أداه إلى الخذلان المؤدي إلى الخروج عن ولاية محمد وعلي عليهما‌السلام والطيبين من آلهما ، والدخول في موالاة أعدائهما ، فإن من أصر على ذلك فأدى خذلانه إلى الشقاء الأشقى من مفارقة ولاية سيد اولي النهى ، فهو من أخسر الخاسرين.

قالوا : يا ابن رسول الله ، وما الذنوب المؤدية إلى الخذلان العظيم؟

قال : ظلمكم لإخوانكم الذين هم لكم في تفضيل علي عليه‌السلام ، والقول بإمامته ، وإمامة من انتجبه الله من ذريته موافقون ، ومعاونتكم الناصبين عليهم ، ولا تغتروا بحلم الله عنكم ، وطول إمهاله لكم ، فتكونوا كمن قال الله عز وجل : (كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ) (١) كان هذا رجل فيمن كان قبلكم في زمان بني إسرائيل ، يتعاطى الزهد والعبادة ، وقد كان قيل له : إن أفضل الزهد ، الزهد في ظلم إخوانك المؤمنين بمحمد وعلي عليهما‌السلام والطيبين من آلهما ، وإن أشرف العبادة خدمتك إخوانك المؤمنين ، الموافقين لك على تفضيل سادة الورى محمد المصطفى ، وعلي المرتضى ، والمنتجبين المختارين للقيام بسياسة الورى.

فعرف الرجل لما كان يظهر من الزهد ، فكان إخوانه المؤمنون يودعونه فيدعي أنها سرقت ، ويفوز بها ، وإذا لم يمكنه دعوى السرقة جحدها وذهب بها.

وما زال هكذا والدعاوى لا تقبل فيه ، والظنون تحسن به ، ويقتصر منه على أيمانه الفاجرة إلى أن خذله الله تعالى ، فوضعت عنده جارية من أجمل النساء قد جنت ليرقيها برقية فتبرأ ، أو يعالجها بدواء ، فحمله الخذلان

__________________

مستدرك سورة البقرة آية ـ ٢٠٦ ـ

١ ـ التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه‌السلام : ٦١٧ / ٣٦٢.

(١) أي جامعه.

٢ ـ التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه‌السلام : ٦١٨ / ٣٦٣.

(١) الحشر ٥٩ : ١٦.

٥٨٦

عند غلبة الجنون عليها على وطئها ، فأحبلها. فلما اقترب وضعها جاءه الشيطان ، فأخطر بباله أنها تلد وتعرف بالزنا بها فتقتل ، فاقتلها وادفنها تحت مصلاك. فقتلها ودفنها ، وطلبها أهلها ، فقال : زاد بها جنونها فماتت. فاتهموه وحفروا تحت مصلاه ، فوجدوها مقتولة مدفونة حبلى مقربة. فأخذوه وانضاف إلى هذه الخطيئة دعاوى القوم الكثيرة الذين جحدهم ، فقويت عليه التهمة ، وضويق عليه الطريق فاعترف على نفسه بالخطيئة بالزنا بها ، وقتلها ، فملئ بطنه وظهره سياطا ، وصلب على شجرة.

فجاءه بعض شياطين الإنس وقال له : ما الذي أغنى عنك عبادة من كنت تعبده ، وموالاة من كنت تواليه ، من محمد وعلي والطيبين من آلهما الذين زعموا أنهم في الشدائد أنصارك ، وفي الملمات أعوانك ، وذهب ما كنت تأمل هباء منثورا ، وانكشفت أحاديثهم لك ، وإطماعهم إياك من أعظم الغرور ، وأبطل الأباطيل ، وأنا الإمام الذي كنت تدعي إليه ، وصاحب الحق الذي كنت تدل عليه ، وقد كنت باعتقاد إمامة غيري من قبل مغرورا ، فإن أردت أن أخلصك من هؤلاء ، وأذهب بك إلى بلاد نازحة ، وأجعلك هناك رئيسا سيدا ، فاسجد لي على خشبتك هذه سجدة معترف بأني أنا الملك لإنقاذك ، لأنقذك. فغلب عليه الشقاء والخذلان ، واعتقد قوله وسجد له ، ثم قال : أنقذني. فقال له : إني بريء منك ، إني أخاف الله رب العالمين. وجعل يسخر ويطنز (١) به ، وتحير المصلوب ، واضطرب عليه اعتقاده ، ومات بأسوأ عاقبة ، فذلك الذي أداه إلى هذا الخذلان».

٣ ـ (مكارم الأخلاق) : عن عبد الله بن مسعود ـ في حديث طويل ـ قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يا بن مسعود ، إذا قيل لك : اتق الله فلا تغضب ، فإنه يقول : (وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ)».

قوله تعالى :

فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ

[٢٠٩]

١ ـ (التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه‌السلام : ـ في حديث طويل ـ قال : «(فَإِنْ زَلَلْتُمْ) عن السلم والإسلام الذي تمامه باعتقاد ولاية علي عليه‌السلام ، ولا ينفع الإقرار بالنبوة مع جحد إمامة علي عليه‌السلام ، كما لا ينفع الإقرار بالتوحيد مع جحد النبوة ، إن زللتم (مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ) من قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفضيلته ، وأتتكم الدلالات الواضحات الباهرات على أن محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الدال على إمامة علي عليه‌السلام نبي صدق ، ودينه دين حق (فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) قادر على معاقبة المخالفين لدينه والمكذبين لنبيه ، لا

__________________

(٢) أي يستهزئ.

٣ ـ مكارم الأخلاق : ٤٥٢.

مستدرك سورة البقرة آية ـ ٢٠٩ ـ

١ ـ التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه‌السلام : ٦٢٧ / ٣٦٦.

٥٨٧

يقدر أحد على صرف انتقامه من مخالفيه ، وقادر على إثابة الموافقين لدينه والمصدقين لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يقدر أحد على صرف ثوابه عن مطيعيه ، حكيم فيما يفعل من ذلك ، غير مسرف على من أطاعه وإن أكثر له الخيرات ، ولا واضع لها في غير موضعها وإن أتم له الكرامات ، ولا ظالم لمن عصاه وإن شدد عليه العقوبات.

قال علي بن الحسين عليهما‌السلام : وبهذه الآية وغيرها احتج علي عليه‌السلام يوم الشورى على من دافعه عن حقه ، وأخره عن رتبته ، وإن كان ما ضر الدافع إلا نفسه ، فإن عليا عليه‌السلام كالكعبة التي أمر الله باستقبالها للصلاة ، جعله الله ليؤتم به في امور الدين والدنيا ، كما لا ينقص الكعبة ، ولا يقدح في شيء من شرفها وفضلها أن ولى عنها الكافرون ، فكذلك لا يقدح في علي عليه‌السلام أن أخره عن حقه المقصرون ، ودافعه عن واجبه الظالمون.

قال لهم علي عليه‌السلام يوم الشورى في بعض مقاله بعد أن أعذر وأنذر ، وبالغ وأوضح : معاشر الأولياء العقلاء ، ألم ينه الله تعالى عن أن تجعلوا له أندادا ممن لا يعقل ولا يسمع ولا يبصر ولا يفهم؟ أو لم يجعلني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لدينكم ودنياكم قواما؟ أو لم يجعل إلي مفزعكم؟ أو لم يقل لكم : علي مع الحق والحق معه؟ أو لم يقل : أنا مدينة العلم وعلي بابها؟ أولا تروني غنيا عن علومكم وأنتم إلى علمي محتاجون؟ أفأمر الله تعالى العلماء باتباع من لا يعلم ، أم من لا يعلم باتباع من يعلم؟

يا أيها الناس ، لم تنقضون ترتيب الألباب ، لم تؤخرون من قدمه الكريم الوهاب؟ أو ليس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أجابني إلى ما رد عنه أفضلكم ؛ فاطمة لما خطبها؟ أوليس قد جعلني أحب خلق الله إلى الله لما أطعمني معه من الطائر؟ أوليس جعلني أقرب الخلق شبها بمحمد نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ أفأقرب الناس به شبها تؤخرون ، وأبعد الناس به شبها تقدمون ، ما لكم لا تتفكرون ولا تعقلون»؟! قال : «فما زال يحتج بهذا ونحوه عليهم وهم لا يغفلون عما دبروه ، ولا يرضون إلا بما آثروه»!

قوله تعالى :

كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ [٢١٦]

١ ـ (دعائم الإسلام) : عن علي عليه‌السلام أنه قال : «الجهاد فرض على جميع المسلمين لقول الله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ) فإن قامت بالجهاد طائفة من المسلمين وسع سائرهم التخلف عنه ما لم يحتج الذين يلون الجهاد إلى المدد ، فإن احتاجوا لزم الجميع أن يمدوهم حتى يكتفوا ، قال الله تعالى : (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً) (١) فإن دهم أمر يحتاج فيه إلى جماعتهم نفروا كلهم ، قال الله عز وجل : (انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً

__________________

مستدرك سورة البقرة آية ـ ٢١٦ ـ

١ ـ دعائم الإسلام ١ : ٣٤١.

(١) التوبة ٩ : ١٢٢.

٥٨٨

وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) (٢)».

قوله تعالى :

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا ـ إلى قوله تعالى ـ رَحْمَتَ اللهِ [٢١٨]

١ ـ (إعلام الورى) ـ في ذكر مغازي الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ قال : ثم رجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من العشيرة (١) إلى المدينة ، فلم يقم بها عشر ليال حتى أغار كرز بن جابر الفهري على سرح المدينة ، فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في طلبه حتى بلغ واديا يقال له سفوان من ناحية بدر ، وهي غزوة بدر الأولى ، وحامل لوائه علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، واستخلف على المدينة زيد بن حارثة ، وفاته كرز فلم يدركه.

فرجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأقام جمادى ورجب وشعبان ، وكان بعث بين ذلك سعد بن أبي وقاص في ثمانية رهط ، فرجع ولم يلق كيدا ، ثم بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبد الله بن جحش إلى نخلة وقال : «كن بها حتى تأتينا بخبر من أخبار قريش» ولم يأمره بقتال ، وذلك في الشهر الحرام ، وكتب له كتابا ، وقال : «اخرج أنت وأصحابك حتى إذا سرت يومين فافتح كتابك وانظر ما فيه ، وامض لما أمرتك».

فلما سار يومين وفتح الكتاب فإذا فيه : «أن امض حتى تنزل نخلة فتأتينا من أخبار قريش بما يصل إليك منهم».

فقال لأصحابه حين قرأ الكتاب : سمعا وطاعة ، من كان له رغبة في الشهادة فلينطلق معي. فمضى معه القوم حتى نزلوا النخلة ، فمر بهم عمرو بن الحضرمي ، والحكم بن كيسان ، وعثمان والمغيرة ابنا عبد الله ، معهم تجارة قدموا بها من الطائف أدم وزبيب ، فلما رآهم القوم أشرف لهم واقد بن عبد الله ، وكان قد حلق رأسه ، فقالوا : عمار (٢) ليس عليكم منهم بأس. وائتمر أصحاب رسول الله ، وهو آخر يوم من رجب ، فقالوا : لئن قتلتموهم إنكم لتقتلونهم في الشهر الحرام ، ولئن تركتموهم ليدخلن هذه الليلة مكة فليمنعن منكم ، فأجمع القوم على قتلهم ، فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله ، واستأمن (٣) عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان ، وهرب المغيرة فأعجزهم ، واستاقوا العير ، فقدموا بها على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال لهم : «والله ما أمرتكم بالقتال في الشهر الحرام» وأوقف الأسيرين ، والعير ولم يأخذ منها شيئا ، وأسقط في أيدي القوم ، وظنوا أنهم قد هلكوا ،

__________________

(٢) التوبة ٩ : ٤١.

مستدرك سورة البقرة آية ـ ٢١٨ ـ

١ ـ إعلام الورى : ٧٣.

(١) العشيرة : موضع بناحية ينبع.

(٢) أي معتمرون يريدون زيارة البيت الحرام.

(٣) كذا في المصدر ، والظاهر استؤسر.

٥٨٩

وقالت قريش : استحل محمد الشهر الحرام ؛ فأنزل الله سبحانه : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ) الآية (٤) ، فلما نزل ذلك أخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المال وفداء الأسيرين ، وقال المسلمون : نطمع لنا أن يكون غزاة ، فأنزل الله فيهم : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا) إلى قوله : (أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ) وكانت هذه قبل بدر بشهرين.

قوله تعالى :

تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ [٢٥٢]

١ ـ فرات بن إبراهيم : عن محمد بن موسى صاحب الأكسية ، قال : سمعت زيد بن علي يقول في هذه الآية : (تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِ) وما يعقلها إلا العالمون ، قال زيد : نحن هم. ثم تلا : (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلاَّ الظَّالِمُونَ) (١).

__________________

(٤) البقرة ٢ : ٢١٧.

مستدرك سورة البقرة آية ـ ٢٥٢ ـ

١ ـ تفسير فرات بن إبراهيم : ٣١٩ / ٤٣٢.

(١) العنكبوت ٢٩ : ٤٩.

٥٩٠

سورة آل عمران مدنية

٥٩١
٥٩٢

فضلها :

١٥٨٦ / ١ ـ ابن بابويه ؛ والعياشي : عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «من قرأ سورة البقرة وآل عمران جاءتا يوم القيامة تظلانه على رأسه ، مثل الغمامتين ، أو مثل العباءتين» (١).

١٥٨٧ / ٢ ـ وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنه قال : «من قرأ هذه السورة أعطاه الله بكل حرف أمانا من حر جهنم ، وإن كتبت بزعفران وعلقت على امرأة لم تحمل ، حملت بإذن الله تعالى ، وإن علقت على نخل أو شجر يرمي ثمره أو ورقه ، أمسك بإذن الله تعالى».

١٥٨٨ / ٣ ـ عن الصادق عليه‌السلام ، قال : «إن كتبت بزعفران وعلقت على امرأة تريد الحمل ، حملت بإذن الله تعالى ، وإن علقها معسر ، يسر الله أمره ، ورزقه الله تعالى».

__________________

سورة آل عمران ـ فضلها ـ

١ ـ ثواب الأعمال : ١٠٤ ، تفسير العيّاشي ١ : ٢٥ / ٢ و : ١٦١ / ٥٣٥.

(١) في المصدرين : الغيابتين ، وغيابة كلّ شيء : ما سترك. «تاج العروس ـ غيب ـ ١ : ٤١٦» ، والذي في النهاية : «تجيء البقرة وآل عمران كأنّهما غمامتان أو غيايتان» ، الغياية : كلّ شيء أضلّ الإنسان فوق رأسه كالسّحابة وغيرها.

٢ ـ .... مجمع البيان ٢ : ٦٩٣ «قطعة منه».

٣ ـ خواص القرآن : ١.

٥٩٣
٥٩٤

قوله تعالى :

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الم * اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ـ إلى قوله تعالى ـ وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ

[١ ـ ٤]

١٥٨٩ / ١ ـ ابن بابويه ، قال : أخبرنا أبو الحسن محمد بن هارون الزنجاني ، فيما كتب إلي على يدي علي بن أحمد البغدادي الوراق ، قال : حدثنا معاذ بن المثنى العنبري ، قال : حدثنا عبد الله بن أسماء ، قال : حدثنا جويرية ، عن سفيان بن سعيد الثوري ، قال : قلت لجعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام : ما معنى قول الله عز وجل (الم)؟

قال عليه‌السلام : «أما (الم) في أول البقرة فمعناه : أنا الله الملك ، وأما في أول آل عمران فمعناه : أنا الله المجيد».

١٥٩٠ / ٢ ـ علي بن إبراهيم ، قال : حدثني أبي ، عن النضر بن سويد ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن قول الله تبارك وتعالى : (الم * اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ * نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ * مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ).

قال : «الفرقان : هو كل أمر محكم ، والكتاب : هو جملة القرآن ، الذي يصدقه من كان قبله من الأنبياء».

١٥٩١ / ٣ ـ محمد بن يعقوب : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن سنان أو عن غيره ، عمن ذكره ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن القرآن والفرقان ، أهما شيئان ، أو شيء واحد؟

__________________

سورة آل عمران آية ـ ١ ـ ٤ ـ

١ ـ معاني الأخبار : ٢٢ / ١.

٢ ـ تفسير القمّي ١ : ٩٦.

٣ ـ الكافي ١ : ٤٦١ / ١١.

٥٩٥

فقال عليه‌السلام : «القرآن : جملة الكتاب ، والفرقان : المحكم الواجب العمل به».

١٥٩٢ / ٤ ـ العياشي : عن عبد الله بن سنان ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن القرآن والفرقان.

قال : «القرآن : جملة الكتاب وأخبار ما يكون ، والفرقان : المحكم الذي يعمل به ؛ وكل محكم فهو فرقان».

١٥٩٣ / ٥ ـ عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في قول الله تعالى : (الم * اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ * نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ * مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ).

قال : «هو كل أمر محكم ، والكتاب هو جملة القرآن الذي يصدق فيه من كان (١) قبله من الأنبياء».

١٥٩٤ / ٦ ـ أبو علي الطبرسي ، قال : روي عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، أنه قال : «الفرقان هو كل آية محكمة في الكتاب ، وهو الذي يصدق فيه من كان قبله من الأنبياء».

قوله تعالى :

هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ [٦]

١٥٩٥ / ١ ـ علي بن إبراهيم : يعني ذكرا وأنثى ، وأسود وأبيض وأحمر ، وصحيحا وسقيما.

قوله تعالى :

هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ

وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ

ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ

فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلاَّ

__________________

٤ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٩ / ٢.

٥ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٦٢ / ١.

(١) في المصدر : من كتاب.

٦ ـ مجمع البيان ٢ : ٦٩٧.

سورة آل عمران آية ـ ٦ ـ

١ ـ تفسير القمّي ١ : ٩٦.

٥٩٦

أُولُوا الْأَلْبابِ [٧]

١٥٩٦ / ١ ـ محمد بن يعقوب : عن علي بن محمد ، عن بعض أصحابه ، عن آدم بن إسحاق ، عن عبد الرزاق ابن مهران ، عن الحسين بن ميمون ، عن محمد بن سالم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : «إن أناسا تكلموا في القرآن بغير علم ، وذلك أن الله تبارك وتعالى يقول : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ) الآية ، فالمنسوخات من المتشابهات ، والمحكمات من الناسخات».

١٥٩٧ / ٢ ـ عنه : عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن محمد بن اورمة ، عن علي بن حسان ، عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ) قال : «أمير المؤمنين والأئمة عليهم‌السلام». (وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ) قال : «فلان وفلان».

(فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ) : «أصحابهم وأهل ولايتهم». (فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) : «أمير المؤمنين والأئمة عليهم‌السلام».

١٥٩٨ / ٣ ـ وعنه : عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن أيوب بن الحر ؛ وعمران بن علي ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «نحن الراسخون في العلم ، ونحن نعلم تأويله».

١٥٩٩ / ٤ ـ وعنه : عن علي بن محمد ، عن عبد الله بن علي ، عن إبراهيم بن إسحاق ، عن عبد الله بن حماد ، عن بريد بن معاوية ، عن أحدهما عليهما‌السلام في قول الله عز وجل : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) : «فرسول الله أفضل الراسخين في العلم ، قد علمه الله عز وجل جميع ما أنزل عليه من التنزيل والتأويل ، وما كان الله لينزل عليه شيئا لم يعلمه تأويله ، وأوصياؤه من بعده يعلمونه كله ، والذين لا يعلمون تأويله إذا قال العالم فيهم بعلم ، فأجابهم الله بقوله : (يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) والقرآن خاص وعام ، ومحكم ومتشابه ، وناسخ ومنسوخ ، فالراسخون في العلم يعلمونه».

١٦٠٠ / ٥ ـ وعنه : بإسناده عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي الصباح الكناني ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «نحن قوم فرض الله عز وجل طاعتنا ، لنا الأنفال ولنا صفو المال ، ونحن الراسخون في العلم».

__________________

سورة آل عمران آية ـ ٧ ـ

١ ـ الكافي ٢ : ٢٤ / ١.

٢ ـ الكافي ١ : ٣٤٣ / ١٤.

٣ ـ الكافي ١ : ١٦٦ / ١.

٤ ـ الكافي ١ : ١٦٦ / ٢.

٥ ـ الكافي ١ : ١٤٣ / ٦.

٥٩٧

١٦٠١ / ٦ ـ سليم بن قيس الهلالي : عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ في حديث له مع معاوية ـ قال عليه‌السلام : «يا معاوية ، إن القرآن ، حق ، ونور وهدى ، ورحمة وشفاء للمؤمنين الذين آمنوا (١) (وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى) (٢).

يا معاوية ، إن الله عز وجل لم يدع صنفا من أصناف الضلالة والدعاة إلى النار إلا وقد رد عليهم واحتج في القرآن ، ونهى عن اتباعهم ، وأنزل فيهم قرآنا ناطقا عليهم ، علمه من علمه ، وجهله من جهله ، وإني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : ليس من القرآن آية إلا ولها ظهر وبطن ، ولا منه حرف إلا وله حد ، ولكل حد مطلع على ظهر القرآن وبطنه وتأويله ، وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم ، وأمر الله عز وجل سائر الأمة أن يقولوا : (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) وأن يسلموا لنا ، وأن يردوا علمه إلينا ، وقال الله عز وجل : (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) (٣) ويطلبونه».

١٦٠٢ / ٧ ـ علي بن إبراهيم : قال : حدثنا محمد بن أحمد بن ثابت ، قال : حدثنا الحسن بن محمد بن سماعة ، عن وهيب بن حفص ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : «إن القرآن زاجر وآمر ، يأمر بالجنة ويزجر عن النار ، وفيه محكم ومتشابه : فأما المحكم فيؤمن به ويعمل به ويعتبر به ، وأما المتشابه فيؤمن به ولا يعمل به ، وهو قوله : (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) ـ قال ـ : آل محمد عليهم‌السلام الراسخون في العلم».

١٦٠٣ / ٨ ـ عنه ، قال : حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن بريد بن معاوية ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أفضل الراسخين في العلم ، فقد علم جميع ما أنزل الله عليه من التنزيل والتأويل ، وما كان الله لينزل عليه شيئا لم يعلمه التأويل ، وأوصياؤه من بعده يعلمونه كله».

قال : قلت : جعلت فداك ، إن أبا الخطاب كان يقول فيكم قولا عظيما ، قال : «وما كان يقول»؟

قلت : إنه يقول : إنكم تعلمون علم الحلال والحرام والقرآن ، قال : «إن علم الحلال والحرام والقرآن يسير في جنب العلم الذي يحدث في الليل والنهار».

١٦٠٤ / ٩ ـ العياشي : عن عبد الرحمن بن كثير الهاشمي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله : (هُوَ الَّذِي

__________________

٦ ـ كتاب سليم بن قيس الهلالي : ١٥٦.

(١) (الذين آمنوا) ليس في المصدر.

(٢) فصلت ٤١ : ٤٤.

(٣) النساء ٤ : ٨٣.

٧ ـ تفسير القمي ٢ : ٤٥١.

٨ ـ تفسير القمي ١ : ٩٦.

٩ ـ تفسير العياشي ١ : ١٦٢ / ٢.

٥٩٨

أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ) قال : «أمير المؤمنين والأئمة عليهم‌السلام (وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ) فلان وفلان (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ) أصحابهم وأهل ولايتهم (فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ)».

١٦٠٥ / ١٠ ـ وسئل أبو عبد الله عليه‌السلام ، عن المحكم والمتشابه ، فقال : «المحكم ما يعمل به ، والمتشابه ما اشتبه على جاهله».

١٦٠٦ / ١١ ـ عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام يقول : «إن القرآن محكم ومتشابه ، فأما المحكم فنؤمن به ونعمل به وندين به ، وأما المتشابه فنؤمن به ولا نعمل به ، وهو قول الله عز وجل : (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) والراسخون في العلم هو آل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين)».

١٦٠٧ / ١٢ ـ عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، أن رجلا قال لأمير المؤمنين عليه‌السلام : هل تصف ربنا نزداد له حبا وبه معرفة؟ فغضب عليه‌السلام وخطب الناس ، فقال فيما قال : «عليك ـ يا عبد الله ـ بما ذلك عليه القرآن من صفته ، وتقدمك فيه الرسول من معرفته ، فائتم به واستضىء بنور هدايته ، فإنما هي نعمة وحكمة أوتيتها ، فخذ ما أوتيت وكن من الشاكرين ، وما كلفك الشيطان عليه مما ليس عليك في الكتاب فرضه ، ولا في سنة الرسول والأئمة الهداة أثره ، فكل علمه إلى الله ، ولا تقدر عظمة الله [على قدر عقلك فتكون من الهالكين].

واعلم ـ يا عبد الله ـ أن الراسخين في العلم هم الذين أغناهم الله عن الاقتحام على السدد المضروبة دون الغيوب ، وأقروا بجهل ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب ، فقالوا : (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) وقد مدح الله اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علما ، وسمى تركهم التعمق فيما لم يكلفهم البحث عنه [رسوخا]».

١٦٠٨ / ١٣ ـ عن بريد بن معاوية ، قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : قول الله : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ)؟

قال : «يعني تأويل القرآن كله (إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) فرسول الله أفضل الراسخين ، قد علمه الله جميع ما أنزل عليه من التنزيل والتأويل ، وما كان الله منزلا عليه شيئا لم يعلمه تأويله ، وأوصياؤه من بعده يعلمونه كله ، فقال الذين لا يعلمون : ما نقول إذا لم نعلم تأويله؟ فأجابهم الله (يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) والقرآن له خاص وعام ، وناسخ ومنسوخ ، ومحكم ومتشابه ، فالراسخون في العلم يعلمونه».

١٦٠٩ / ١٤ ـ عن الفضيل بن يسار ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «(وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي

__________________

١٠ ـ تفسير العياشي ١ : ١٦٢ / ٣.

١١ ـ تفسير العياشي ١ : ١٦٢ / ٤.

١٢ ـ تفسير العياشي ١ : ١٦٣ / ٥.

١٣ ـ تفسير العياشي ١ : ١٦٤ / ٦.

١٤ ـ تفسير العياشي ١ : ١٦٤ / ٧.

٥٩٩

الْعِلْمِ) نحن نعلمه».

١٦١٠ / ١٥ ـ عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «نحن الراسخون في العلم ، فنحن نعلم تأويله».

١٦١١ / ١٦ ـ علي بن إبراهيم في قوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ) : أي شك.

قوله تعالى :

رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ

الْوَهَّابُ [٨]

١٦١٢ / ١ ـ علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى : (رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا) : أي لا نشك.

١٦١٣ / ٢ ـ محمد بن يعقوب : عن أبي عبد الله الأشعري ، عن بعض أصحابنا ، رفعه ، عن هشام بن الحكم ، قال : قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام ، وذكر الحديث إلى أن قال : «يا هشام ، إن الله حكى عن قوم صالحين : أنهم قالوا : (رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) حين علموا أن القلوب تزيغ وتعود إلى عماها ورداها ، إنه لم يخف الله من لم يعقل عن الله ، ومن لم يعقل عن الله لم يعقد قلبه على معرفة ثابتة ينظرها ويجد حقيقتها في قلبه ، ولا يكون أحد كذلك إلا من كان قوله لفعله مصدقا ، وسره لعلانيته موافقا ، لأن الله تعالى اسمه لم يدل على الباطن الخفي من العقل إلا بظاهر منه وناطق عنه».

١٦١٤ / ٣ ـ العياشي : عن سماعة بن مهران ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «أكثروا من أن تقولوا : (رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا) ولا تأمنوا الزيغ».

قوله تعالى :

وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ ـ إلى قوله ـ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ [١٠ ـ ١٣]

١٦١٥ / ١ ـ علي بن إبراهيم ، قوله : (وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ) : يعني حطب النار. وقال : قوله تعالى :

__________________

١٥ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٦٤ / ٨.

١٦ ـ تفسير القمّي ١ : ٩٦.

سورة آل عمران آية ـ ٨ ـ

١ ـ تفسير القمّي ١ : ٩٧.

٢ ـ الكافي ١ : ١٤ / ١٢.

٣ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٦٤ / ٩.

سورة آل عمران آية ـ ١٠ ـ ١٣ ـ

١ ـ تفسير القمّي ١ : ٩٧.

٦٠٠