البرهان في تفسير القرآن - ج ١

السيد هاشم الحسيني البحراني

البرهان في تفسير القرآن - ج ١

المؤلف:

السيد هاشم الحسيني البحراني


المحقق: مؤسسة البعثة
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة البعثة
المطبعة: مؤسسة البعثة
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٥٢

وقال السدي وابن عباس : ثم نزل (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) (٢) الآية ، فعاش بعدها ستة أشهر ، فلما خرج إلى حجة الوداع نزلت عليه في الطريق (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ) (٣) الآية ، فسميت آية الصيف ، ثم نزل عليه وهو واقف بعرفة (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) (٤) فعاش بعدها واحدا وثمانين يوما ، ثم نزلت عليه آيات الربا ، ثم نزل بعدها (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ) وهي آخر آية نزلت من السماء ، فعاش بعدها واحدا وعشرين يوما.

قوله تعالى :

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ـ إلى قوله تعالى ـ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [٢٨٢]) ١٥٥١ / ١ ـ قال علي بن إبراهيم : أما قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ) فقد روي في الخبر : أن في البقرة خمس مائة حكم ، وفي هذه الآية خمسة عشر حكما ، وهو قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللهُ) ثلاثة أحكام (فَلْيَكْتُبْ) أربعة أحكام (وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُ) خمسة أحكام ، وهو إقراره إذا أملاه.

(وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً) ولا يخونه ستة أحكام (فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ) أي لا يحسن أن يمل (فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ) يعني ولي المال سبعة أحكام (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ) ثمانية أحكام (فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى) يعني أن تنسى إحداهما فتذكر الاخرى تسعة أحكام (وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا) عشرة أحكام.

(وَلا تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلى أَجَلِهِ) أي لا تضجروا أن تكتبوه صغير السن أو كبيرا أحد عشر حكما (ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ وَأَدْنى أَلاَّ تَرْتابُوا) أي لا تشكوا (إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوها) اثنا عشر حكما (وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ) ثلاثة عشر حكما (وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ) أربعة عشر حكما (وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ) خمسة عشر حكما

__________________

(٢) التوبة ٩ : ١٢٨.

(٣) النساء ٤ : ١٧٦.

(٤) المائدة ٥ : ٣.

سورة البقرة آية ـ ٢٨٢ ـ

١ ـ تفسير القمّي ١ : ٩٤.

٥٦١

(وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).

١٥٥٢ / ٢ ـ الشيخ في (التهذيب) : بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال ، عن محمد وأحمد ابني الحسن ، عن أبيهما ، عن أحمد بن عمر ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سأله أبي وأنا حاضر عن قول الله عز وجل : (حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ) (١) قال : «الاحتلام». قال : فقال : «يحتلم في ست عشرة وسبع عشرة سنة ونحوها».

قال : إذا أتت عليه ثلاث عشرة سنة ونحوها؟ فقال : «لا ، إذا أتت ثلاث عشرة سنة كتبت له الحسنات ، وكتبت عليه السيئات ، وجاز أمره إلا أن يكون سفيها أو ضعيفا».

فقال : وما السفيه؟ فقال : «الذي يشتري الدرهم بأضعافه».

فقال : وما الضعيف؟ قال : «الأبله».

١٥٥٣ / ٣ ـ العياشي : عن ابن سنان ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام متى يدفع إلى الغلام ماله؟ قال : «إذا بلغ وأونس منه رشد ، ولم يكن سفيها أو ضعيفا».

قال : قلت : فإن منهم من يبلغ خمس عشرة سنة وست عشرة سنة ، ولم يبلغ؟ قال : «إذا بلغ ثلاث عشرة سنة جاز أمره ، إلا أن يكون سفيها أو ضعيفا».

قال : قلت : وما السفيه والضعيف؟ قال : «السفيه : شارب الخمر ، والضعيف : الذي يأخذ واحدا باثنين».

١٥٥٤ / ٤ ـ الشيخ في (التهذيب) : بإسناده عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ؛ وعلي بن حديد ، عن علي بن النعمان ، عن داود بن الحصين ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في قوله تعالى : (فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ).

فقال : «ذلك في الدين إذا لم يكن رجلان فرجل وامرأتان ، ورجل واحد ويمين المدعي إذا لم يكن امرأتان ، قضى بذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمير المؤمنين عليه‌السلام».

١٥٥٥ / ٥ ـ وقال الإمام أبو محمد العسكري عليه‌السلام في قوله عز وجل : (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ) قال : «قال : أمير المؤمنين عليه‌السلام (شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ) قال : من أحراركم من المسلمين العدول قال عليه‌السلام : استشهدوهم لتحوطوا بهم (١) أديانكم وأموالكم ، ولتستعملوا أدب الله ووصيته ، وإن فيها (٢) النفع

__________________

٢ ـ التهذيب ٩ : ١٨٢ / ٧٣١.

(١) الأحقاف ٤٦ : ١٥.

٣ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٥٥ / ٥٢١.

٤ ـ التهذيب ٦ : ٢٨١ / ٧٧٤.

٥ ـ التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه‌السلام : ٦٥١ / ٣٧٢.

(١) في «ط» : استشهدوا بهم لتحوطوا به.

(٢) في المصدر : فيهما.

٥٦٢

والبركة ، ولا تخالفوها (٣) فيلحقكم الندم حيث لا ينفعكم الندم.

ثم قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يقول : ثلاثة لا يستجيب الله دعاءهم ، بل يعذلهم (٤) ويوبخهم :

أما أحدهم : فرجل ابتلي بامرأة سوء فهي تؤذيه وتضاره ، وتعيب عليه دنياه فتنغصها وتكدرها (٥) ، وتفسد عليه آخرته ، فهو يقول : اللهم يا رب خلصني منها. يقول الله تعالى : يا أيها الجاهل قد خلصتك منها وجعلت بيدك طلاقها ، والتخلص (٦) منها طلاقها (٧).

والثاني : رجل مقيم في بلد قد استوبله (٨) ولا يحضر له فيه كل ما يريده ، وكل ما التمسه حرمه ، يقول : اللهم خلصني من هذا [البلد] الذي استوبلته. يقول الله عز وجل : يا عبدي ، قد خلصتك من هذا البلد ، وقد أوضحت لك طرق الخروج ، ومكنتك من ذلك ، فاخرج منه إلى غيره تجتلب عافيتي وتسترزقني.

والثالث : رجل أوصاه الله تعالى بأن يحتاط لدينه بشهود ، وكتاب ، فلم يفعل ، ودفع ماله إلى غير ثقة ، بغير وثيقة فجحده أو بخسه ، وهو يقول : اللهم يا رب ، رد علي مالي. يقول الله عز وجل : يا عبدي ، قد علمتك كيف تستوثق لمالك فيكون محفوظا لئلا يتعرض للتلف فأبيت ، فأنت الآن تدعوني ، وقد ضيعت مالك وأتلفته ، وغيرت وصيتي ، فلا أستجيب لك.

ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ألا فاستعملوا وصية الله تفلحوا وتنجحوا (٩) ، ولا تخالفوها فتندموا».

١٥٥٦ / ٦ ـ وقال الإمام العسكري عليه‌السلام : «قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في قوله عز وجل : (فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ) قال : عدلت امرأتان في الشهادة برجل واحد ، فإذا كان رجلان أو رجل وامرأتان أقاموا الشهادة قضي بشهادتهم.

قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : وبينا نحن مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يذاكرنا بقوله تعالى : (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ) قال : أحراركم دون عبيدكم ، فإن الله عز وجل قد شغل بخدمة مواليهم عن تحمل الشهادات ، وعن أدائها ، وليكونوا من المسلمين منكم ، فإن الله عز وجل إنما شرف المسلمين العدول بقبول شهادتهم ، وجعل ذلك من الشرف العاجل لهم ، ومن ثواب دنياهم قبل أن ينقلوا (١) إلى الآخرة. إذ جاءت امرأة

__________________

(٣) في المصدر : ولا تخالفوهما.

(٤) العذل : الملامة. «مجمع البحرين ـ عذل ـ ٥ : ٤٢٢» ، وفي المصدر : يعذبهم.

(٥) في «ط» فيبغضها ويكدّرها.

(٦) في المصدر : والتفصّي.

(٧) في المصدر : طلّقها ، وفيه زيادة : وانبذها عنك نبذ الجورب الخلق الممزّق.

(٨) استوبلوا المدينة : أي استوخموها ولم توافق أبدانهم ، يقال : هذه أرض وبلة : أي وبئة وخمة. «النهاية ٥ : ١٤٦».

(٩) في المصدر : وتنجوا.

٦ ـ التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه‌السلام : ٦٥٦ / ٣٧٤.

(١) في المصدر : يصلوا.

٥٦٣

فوقفت قبالة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقالت : بأبي أنت وأمي ، يا رسول الله ، أنا وافدة النساء إليك ، فما من امرأة يبلغها مسيري هذا إليك إلا سرها ذلك ، يا رسول الله ، إن الله عز وجل رب الرجال والنساء ، وإنك رسول الله. للرجال والنساء ، فما بال المرأتين برجل في الشهادة وفي الميراث؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أيتها المرأة ، ذلك قضاء من عدل حكيم لا يجور ولا يحيف ولا يتحامل ، لا ينفعه ما منعكن ، ولا ينقصه ما بذله لكن ، يدبر الأمر بعلمه. يا أيتها المرأة ، لأنكن ناقصات الدين والعقل.

قالت : يا رسول الله ، وما نقصان ديننا؟ قال : إن إحداكن تقعد نصف دهرها لا تصلي بحيضة عن الصلاة لله تعالى ، وإنكن تكثرن اللعن وتكفرن بالعشرة ، تمكث إحداكن عند الرجل عشر سنين فصاعدا ، يحسن إليها وينعم عليها ، فإذا ضاقت يده يوما أو خاصمها ، قالت له : ما رأيت منك خيرا قط. ومن لم يكن من النساء هذه خلقها فالذي يصيبها من هذا النقصان محنة عليها ، لتصبر فيعظم الله تعالى ثوابها ، فأبشري.

ثم قال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنه ما من رجل رديء إلا والمرأة الرديئة أردأ منه ، ولا من امرأة صالحة إلا والرجل الصالح أفضل منها ، وما ساوى الله قط امرأة برجل إلا ما كان من تسوية الله فاطمة بعلي عليهما‌السلام أي في الشهادة».

١٥٥٧ / ٧ ـ الشيخ في (التهذيب) : بإسناده عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في قول الله عز وجل : (وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا) ، قال : «قبل الشهادة».

وقوله : (وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) (١) قال : «بعد الشهادة».

١٥٥٨ / ٨ ـ عنه : بإسناده عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في قوله تعالى : (وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا). قال : «لا ينبغي لأحد إذا دعي إلى شهادة يشهد عليها أن يقول : لا أشهد لكم عليها».

١٥٥٩ / ٩ ـ وعنه : بإسناده عن الحسين بن سعيد ، عن النضر ، عن القاسم بن سليمان ، عن جراح المدائني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «إذا دعيت إلى الشهادة فأجب».

١٥٦٠ / ١٠ ـ وعنه : بإسناده عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في قول الله عز وجل : (وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا). فقال : «لا ينبغي لأحد إذا دعي إلى شهادة يشهد عليها أن يقول : لا أشهد لكم».

__________________

٧ ـ التهذيب ٦ : ٢٧٥ / ٧٥٠.

(١) البقرة ٢ : ٢٨٣.

٨ ـ التهذيب ٦ : ٢٧٥ / ٧٥١.

٩ ـ التهذيب ٦ : ٢٧٥ / ٧٥٢.

١٠ ـ التهذيب ٦ : ٢٧٥ / ٧٥٣.

٥٦٤

١٥٦١ / ١١ ـ وعنه : بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الحسن عليه‌السلام ، في قول الله عز وجل (وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا). فقال : «إذا دعاك الرجل لتشهد له [على دين ، أو حق] لم ينبغ لك أن تتقاعس عنها» (١).

١٥٦٢ / ١٢ ـ محمد بن يعقوب : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في قول الله عز وجل : (وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا).

قال : «لا ينبغي لأحد إذا دعي إلى الشهادة (١) أن يقول. لا أشهد لكم».

١٥٦٣ / ١٣ ـ عنه : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، مثله ، وقال : «فذلك قبل الكتاب».

١٥٦٤ / ١٤ ـ العياشي : عن زيد أبي اسامة (١) ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن قول الله : (وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا). قال : «لا ينبغي لأحد إذا ما دعي إلى الشهادة ليشهد عليها ، أن يقول : لا أشهد لكم».

١٥٦٥ / ١٥ ـ عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام ، في قول الله : (وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا). قال : «إذا دعاك (١) الرجل لتشهد على دين أو حق لا ينبغي لأحد أن يتقاعس عنه (٢)».

١٥٦٦ / ١٦ ـ عن أبي الصباح ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في قوله : (وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا).

قال : «قبل الشهادة ـ قال ـ : لا ينبغي لأحد إذا ما دعي للشهادة أن يشهد عليها ، أن يقول : لا أشهد لكم. وذلك قبل الكتاب».

١٥٦٧ / ١٧ ـ عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في قوله : (وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا).

__________________

١١ ـ التهذيب ٦ : ٢٧٦ / ٧٥٤.

(١) في المصدر : تقاعس عنه.

١٢ ـ الكافي ٧ : ٣٧٩ / ٢.

(١) في المصدر : إلى شهادة يشهد عليها.

١٣ ـ الكافي ٧ : ٢٨٠ / ٢.

١٤ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٥٥ / ٥٢٢.

(١) في المصدر : يزيد بن اسامة ، وفي «ط» : زيد بن أبي اسامة ، والصواب ما في المتن ، لأنّ أبا اسامة كنيته ، وهو زيد بن يونس أبو أسامة الشحّام ، المعروف بزيد الشحّام ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهما‌السلام ، راجع رجال النجاشيّ : ١٧٥ / ٤٦٢ ، معجم رجال الحديث ٧ : ٣٦٧.

١٥ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٥٦ / ٥٢٣.

(١) «ط» : دعاكم.

(٢) في المصدر : عنها.

١٦ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٥٦ / ٥٢٤.

١٧ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٥٦ / ٥٢٧.

٥٦٥

قال : «قبل الشهادة».

قوله تعالى :

وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ ـ إلى قوله ـ

أَمانَتَهُ [٢٨٣]

١٥٦٨ / ١ ـ الشيخ في (التهذيب) : بإسناده عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ؛ وعلي بن حديد ، عن علي بن النعمان ، عن داود بن الحصين ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في قوله : (وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ) : «أي يأخذ منه رهنا ، فإن أمنه ولم يأخذ منه رهنا فليتق الله ربه ، الذي يأخذ المال».

١٥٦٩ / ٢ ـ العياشي : عن محمد بن عيسى ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : «لا رهن إلا مقبوضا».

قوله تعالى :

وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ [٢٨٣]

١٥٧٠ / ٣ ـ محمد بن يعقوب : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في قوله عز وجل : (وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ). قال : «بعد الشهادة».

١٥٧١ / ٤ ـ ابن بابويه في (الفقيه) : بإسناده عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كتم الشهادة أو شهد بها ليهدر بها دم امرئ مسلم ، أو ليتوي (١) بها مال امرئ مسلم أتى يوم القيامة ولوجهه ظلمة مد البصر ، وفي وجهه كدوح (٢) تعرفه الخلائق باسمه ونسبه ، ومن شهد شهادة حق ليحيي بها مال امرئ مسلم أتى يوم القيامة ولوجهه نور مد البصر ، تعرفه الخلائق باسمه ونسبه» ثم قال أبو

__________________

سورة البقرة آية ـ ٢٨٣ ـ

١ ـ ......

٢ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٥٦ / ٥٢٥.

سورة البقرة آية ـ ٢٨٣ ـ

١ ـ الكافي ٧ : ٣٨١ / ٢.

٢ ـ من لا يحضره الفقيه ٣ : ٣٥ / ١١٤.

(١) التوى : مقصور ويمد ، وهو هلاك المال. «مجمع البحرين ـ توا ـ ١ : ٧١».

(٢) الكدوح : الخدوش ، وكلّ أثر من خدش أو عضّ فهو كدح. «النهاية ٤ : ١٥٥».

٥٦٦

جعفر عليه‌السلام : «ألا ترى أن الله عز وجل يقول : (وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ) (٣)».

١٥٧٢ / ٣ ـ وعنه : وقال عليه‌السلام ، في قوله عز وجل : (وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) ، قال : «كافر قلبه».

١٥٧٣ / ٤ ـ العياشي : عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قلت : (وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ)؟

قال : «بعد الشهادة».

قوله تعالى :

لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ

تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ

عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ

وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ

مِنْ رُسُلِهِ ـ إلى قوله تعالى : ـ فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ

[٢٨٤ ـ ٢٨٦]

١٥٧٤ / ١ ـ (الاحتجاج) : عن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن الحسين بن علي ، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ـ في حديث طويل مع يهودي يسأله (١) عن فضائل الأنبياء ، ويأتيه أمير المؤمنين عليه‌السلام بما لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما هو أفضل مما اوتي الأنبياء عليهم‌السلام ، فكان فيما سأله (٢) اليهودي ، أنه قال له : فإن هذا سليمان قد سخرت له الرياح ، فسارت به في بلاده غدوها شهر ورواحها شهر؟

فقال له علي عليه‌السلام : «لقد كان كذلك ، ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعطي ما هو أفضل من هذا : إنه أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى مسيرة شهر ، وعرج به في ملكوت السماوات مسيرة خمسين ألف عام في أقل من ثلث ليلة ، حتى انتهى إلى ساق العرش ، فدنا بالعلم فتدلى من الجنة رفرف (٣) أخضر ، وغشي النور بصره ،

__________________

(٣) الطّلاق ٦٥ : ٢.

٣ ـ من لا يحضره الفقيه ٣ : ٣٥ / ١١٥.

٤ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٥٦ / ٥٢٦.

سورة البقرة آية ـ ٢٨٤ ـ ٢٨٦ ـ

١ ـ الاحتجاج : ٢٢٠.

(١) في «س» نسخة بدل : يخبره.

(٢) في «س» نسخة بدل : أخبره.

(٣) الرّفرف : البساط. «النهاية ٢ : ٢٤٢».

٥٦٧

فرأى عظمة ربه عز وجل بفؤاده ، ولم يرها بعينه ، فكان كقاب قوسين بينها وبينه أو أدنى (فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى) (٤) فكان فيما أوحى إليه الآية التي في سورة البقرة ، قوله تعالى : (لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).

وكانت الآية قد عرضت على الأنبياء من لدن آدم عليه‌السلام إلى أن بعث الله تبارك اسمه محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وعرضت على الأمم فأبوا أن يقبلوها من ثقلها ، وقبلها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعرضها على أمته فقبلوها ، فلما رأى الله تبارك وتعالى منهم القبول علم أنهم لا يطيقونها ، فلما أن سار إلى ساق العرش كرر عليه الكلام ليفهمه ، فقال : (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ) ، فأجاب صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مجيبا عنه وعن أمته ، فقال : (وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) فقال جل ذكره : لهم الجنة والمغفرة علي إن فعلوا ذلك ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أما إذا فعلت بنا ذلك (غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) يعني المرجع في الآخرة.

قال : فأجابه الله جل ثناؤه : وقد فعلت ذلك بك وبأمتك. ثم قال عز وجل : أما إذا قبلت الآية بتشديدها وعظم ما فيها ، وقد عرضتها على الأمم فأبوا أن يقبلوها ، وقبلتها أمتك ، فحق علي أن أرفعها عن أمتك. وقال : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ) من خير (وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ) من شر.

فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما سمع ذلك : أما فعلت ذلك بي وبأمتي فزدني. قال : سل. قال : (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا) ، قال الله عز وجل : لست او آخذ أمتك بالنسيان والخطأ لكرامتك علي ، وكانت الأمم السالفة إذا نسوا ما ذكروا به فتحت عليهم أبواب العذاب ، وقد رفعت (٥) ذلك عن أمتك ، وكانت الأمم السالفة إذا أخطأوا أخذوا بالخطإ وعوقبوا عليه ، وقد رفعت ذلك عن أمتك لكرامتك علي.

فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اللهم إذا أعطيتني ذلك فزدني. فقال الله تعالى له : سل. قال : (رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا) ، يعني بالإصر : الشدائد التي كانت على من كان من قبلنا. فأجابه الله عز وجل إلى ذلك ، فقال تبارك اسمه : قد رفعت عن أمتك الآصار التي كانت على من كان من قبلنا. فأجابه الله عز وجل إلى ذلك ، فقال تبارك اسمه : قد رفعت عن أمتك الآصار التي كانت على الأمم السالفة : كنت لا أقبل صلاتهم إلا في بقاع من الأرض معلومة (٦) اخترتها لهم وإن بعدت ، وقد جعلت الأرض كلها لامتك مسجدا وترابها طهورا ، فهذه من الآصار التي كانت على الأمم قبلك ، فرفعتها عن أمتك كرامة لك.

وكانت الأمم السالفة إذا أصابهم أذى من نجاسة قرضوه من أجسادهم ، وقد جعلت الماء لامتك طهورا ، فهذه من الآصار التي كانت عليهم ، فرفعتها عن أمتك.

وكانت الأمم السالفة تحمل قرابينها على أعناقها إلى بيت المقدس ، فمن قبلت ذلك منه أرسلت عليه نارا

__________________

(٤) النجم ٥٣ : ١٠.

(٥) في المصدر : دفعت.

(٦) في المصدر : بقاع معلومة من الأرض.

٥٦٨

فأكلته فرجع مسرورا ، ومن لم أقبل ذلك منه رجع مثبورا ، وقد جعلت قربان أمتك في بطون فقرائها ومساكينها ، فمن قبلت ذلك منه أضعفت ذلك له أضعافا مضاعفة ، ومن لم أقبل ذلك منه رفعت عنه عقوبات الدنيا ، وقد رفعت ذلك عن أمتك ، وهي من الآصار التي كانت على الأمم من قبلك (٧).

وكانت الأمم السالفة صلاتها مفروضة [عليها] في ظلم الليل وأنصاف النهار ، وهي من الشدائد التي كانت عليهم ، فرفعتها عن أمتك وفرضت صلاتهم في أطراف الليل والنهار ، وفي أوقات نشاطهم.

وكانت الأمم السالفة قد فرضت عليهم خمسين صلاة في خمسين وقتا ، وهي من الآصار التي كانت عليهم ، فرفعتها عن أمتك وجعلتها خمسا في خمسة أوقات ، وهي إحدى وخمسون ركعة ، وجعلت لهم أجر خمسين صلاة.

وكانت الأمم السالفة حسنتهم بحسنة ، وسيئتهم بسيئة ، وهي من الآصار التي كانت عليهم ، فرفعتها عن أمتك ، وجعلت الحسنة بعشرة والسيئة بواحدة.

وكانت الأمم السالفة إذا نوى أحدهم حسنة ثم لم يعملها لم تكتب له ، وإن عملها كتبت له حسنة ، وإن أمتك إذا نوى (٨) أحدهم حسنة ثم لم يعملها كتبت له حسنة وإن لم يعملها ، وإن عملها كتبت له عشرة ، وهي من الآصار التي كانت عليهم ، فرفعتها عن أمتك.

وكانت الأمم السالفة إذا هم أحدهم بسيئة ثم لم يعملها لم تكتب عليه ، وإن عملها كتبت عليه سيئة ، وإن أمتك إذا هم أحدهم بسيئة ثم لم يعملها كتبت له حسنة ، وهذه من الآصار التي كانت عليهم فرفعتها عن أمتك.

وكانت الأمم السالفة إذا أذنبوا كتبت ذنوبهم على أبوابهم ، وجعلت توبتهم من الذنوب : أن حرمت عليهم بعد التوبة أحب الطعام إليهم ، وقد رفعت ذلك عن أمتك ، وجعلت ذنوبهم فيما بيني وبينهم ، وجعلت عليهم ستورا كثيفة ، وقبلت توبتهم بلا عقوبة ، ولا أعاقبهم بأن احرم عليهم أحب الطعام إليهم.

وكانت الأمم السالفة يتوب أحدهم (٩) من الذنب الواحد مائة سنة ، أو ثمانين سنة أو خمسين سنة ، ثم لا أقبل توبتهم دون أن أعاقبه في الدنيا بعقوبة ، وهي من الآصار التي كانت عليهم ، فرفعتها عن أمتك ، وإن الرجل من أمتك ليذنب عشرين سنة ، أو ثلاثين سنة ، أو أربعين سنة ، أو مائة سنة ، ثم يتوب ويندم طرفة عين ، فأغفر له ذلك كله.

فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اللهم إذا أعطيتني ذلك كله فزدني. قال : سل. قال : (رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ) ، فقال تبارك اسمه : قد فعلت ذلك بأمتك ، وقد رفعت عنهم جميع (١٠) بلايا الأمم ، وذلك حكمي في جميع الأمم : أن لا اكلف خلقا فوق طاقتهم.

__________________

(٧) في المصدر : من كان من قبلك.

(٨) في المصدر : إذا همّ.

(٩) في المصدر زيادة : إلى الله.

(١٠) في المصدر : عظم ، وفي «ط» : جميع عظيم.

٥٦٩

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا) ، قال الله عز وجل : قد فعلت ذلك بتائبي أمتك.

ثم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) قال الله عز اسمه : إن أمتك في الأرض كالشامة البيضاء في الثور الأسود ، هم القادرون ، وهم القاهرون ، يستخدمون ولا يستخدمون لكرامتك علي ، وحق علي أن اظهر دينك على الأديان حتى لا يبقى في شرق الأرض وغربها دين إلا دينك ، ويؤدون إلى أهل دينك الجزية».

١٥٧٥ / ٢ ـ علي بن إبراهيم ، قال : حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «أن هذه الآية مشافهة الله تعالى لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليلة أسري به إلى السماء ، قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لما انتهيت إلى محل سدرة المنتهى ، فإذا الورقة منها تظل أمة من الأمم ، فكنت من ربي (قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) (١) ، كما حكى الله عز وجل ، فناداني ربي تعالى : (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ). فقلت : أنا مجيب عني وعن أمتي : (وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) ، فقال الله : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ).

فقلت : (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا) ، وقال الله : لا او آخذك.

فقلت : (رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا) فقال الله : لا أحملك.

فقلت : (رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) فقال الله تعالى : قد أعطيتك ذلك لك ولامتك».

فقال الصادق عليه‌السلام : «ما وفد إلى الله تعالى أحد أكرم من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث سأل لأمته هذه الخصال».

١٥٧٦ / ٣ ـ محمد بن يعقوب : عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن أبي داود المسترق ، قال : حدثني عمرو بن مروان ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : رفع عن امتي أربع خصال : خطأها ، ونسيانها ، وما اكرهوا عليه ، وما لم يطيقوا ؛ وذلك قول الله عز وجل : (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ) ، وقوله : (إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) (١)».

١٥٧٧ / ٤ ـ وروى صاحب كتاب (المقتضب في إمامة الاثني عشر) : [عن أبي الحسن علي بن سنان

__________________

٢ ـ تفسير القمّي ١ : ٩٥.

(١) النجم ٥٣ : ٩.

٣ ـ الكافي ٢ : ٣٣٥ / ١.

(١) النّحل ١٦ : ١٠٦.

٤ ـ مقتضب الأثر : ١٠ ، فرائد السمطين ٢ : ٣١٩ / ٥٧١.

٥٧٠

الموصلي المعدل] (١) ، عن أحمد بن [محمد الخليلي الآملي ، عن] (٢) محمد بن صالح ، عن سليمان بن محمد (٣) ، عن زياد (٤) بن مسلم ، عن عبد الرحمن بن (٥) يزيد بن جابر ، عن سلام بن أبي عمرة (٦) ، عن أبي سلمى راعي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يقول : «ليلة أسري بي إلى السماء ، قال لي الجليل جل جلاله : (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ). فقلت : والمؤمنون. فقال تعالى : صدقت ـ يا محمد ـ من خلفت في أمتك؟ قلت : خيرها. قال الله تعالى علي بن أبي طالب؟ قلت : نعم.

قال : يا محمد ، إني اطلعت على الأرض اطلاعة فاخترتك منها ، فشققت لك اسما من أسمائي ، فلا اذكر في موضع إلا وذكرت معي ، فأنا المحمود وأنت محمد ، ثم اطلعت الثانية فاخترت منها عليا ، وشققت له اسما من أسمائى ، فأنا الأعلى وهو علي.

يا محمد ، إني خلقتك وخلقت عليا وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ولده (٧) من [سنخ] (٨) نوري ، وعرضت ولايتكم على أهل السماوات والأرض (٩) ، فمن قبلها كان عندي من المؤمنين ، ومن جحدها كان عندي من الكافرين.

يا محمد ، لو أن عبدا من عبيدي عبدني حتى ينقطع أو يصير كالشن البالي (١٠) ، ثم أتاني جاحدا لولايتكم ما غفرت له حتى يقر بولايتكم.

يا محمد ، تحب أن تراهم؟ قلت : نعم. فقال لي : التفت عن يمين العرش. فالتفت فإذا بعلي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين ، وعلي بن الحسين ، ومحمد بن علي ، وجعفر بن محمد ، وموسى بن جعفر ، وعلي بن موسى ، ومحمد بن علي ، وعلي بن محمد ، والحسن بن علي ، والمهدي ، في ضحضاح (١١) من نور ، قيام يصلون ، وهو في

__________________

(١) من المصادر ، وهو شيخ الجوهري صاحب المقتضب.

(٢) أثبتناه من المصادر ، ومحمّد بن صالح هو الهمداني كما في المصدر وغيبة الطوسي ١٤٧ / ١٠٩ ، ولعلّه أبو إسماعيل الواسطي البطيخي الراوي عن سليمان بن محمّد كما في الجرح والتعديل ٧ : ٢٨٨ وتاريخ بغداد ٥ : ٣٥٥.

(٣) في المصدر : سليمان بن أحمد ، راجع التعليقة السابقة.

(٤) في المصدر : الريان.

(٥) في «س وط» : عن ، والظاهر أنّه تصحيف ، ولعلّه الأزدي الشامي الداراني ، وثّقه غير واحد ، في الطبقة الثانية من فقهاء أهل الشام بعد الصحابة ، انظر طبقات ابن سعد ٧ : ٤٦٦ وتهذيب التهذيب ٦ : ٢٩٧ ، وانظر التعليقة الآتية.

(٦) في «س وط» : عن سلامة ، والظاهر أنّه تصحيف ، انظر الجرح والتعديل ٤ : ٢٥٨ ، ومعجم رجال الحديث ٨ : ١٧٠.

ولعلّه أبو سلام ممطور الحبشي الراوي عن أبي سلمى ، وروى عنه عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، انظر تهذيب التهذيب ١٠ : ٢٩٦.

(٧) (والأئمة من ولده) ليس في المصدر.

(٨) السّنخ : الأصل.

(٩) في المصدر : والأرضين.

(١٠) أي القربة الخلق.

(١١) الضّحضاح في الأصل : ما رقّ من الماء على وجه الأرض ، واستعير هنا للنور. «النهاية ٣ : ٧٥».

٥٧١

وسطهم ـ يعني المهدي ـ كأنه كوكب دري.

فقال : يا محمد ، هؤلاء الحجج ، وهو الثائر من عترتك ، وعزتي وجلالي إنه الحجة الواجبة لأوليائي ، والمنتقم من أعدائي».

وروى هذا الحديث من طريق المخالفين موفق بن أحمد بإسناد حذفناه للاختصار ، عن أبي سلمى (١٢) راعي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وذكر الحديث بعينه (١٣).

ورواه الشيخ الطوسي في كتاب (الغيبة) بإسناده عن أبي سلمى راعي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وذكر الحديث (١٤).

١٥٧٨ / ٥ ـ محمد بن إبراهيم النعماني : بإسناده عن أبي أيوب المؤدب ، عن أبيه ، وكان مؤدبا لبعض ولد جعفر بن محمد عليهما‌السلام ، قال : قال : «لما توفي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دخل المدينة يهودي ـ وذكر مسائل مع علي عليه‌السلام ـ وكان فيما سأله اليهودي أن قال له : ما أول حرف كلم به نبيكم لما أسري به ورجع من عند ربه؟ فقال له علي عليه‌السلام : أما أول ما كلم به نبينا (عليه وآله السلام) ، قول الله تعالى : (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ) قال : ليس هذا أردت.

قال : فقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ) قال : ليس هذا أردت.

فقال : اترك الأمر مستورا. قال : لتخبرني ، أو لست أنت هو؟

فقال : أما إذا أبيت فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما رجع من عند ربه ، والحجب ترفع له قبل أن يصير إلى موضع جبرئيل ، ناداه ملك : يا أحمد قال : لبيك ، فقال (١) : إن الله يقرأ عليك السلام ، ويقول لك : اقرأ على السيد الولي السلام. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من السيد الولي؟ قال الملك : علي بن أبي طالب.

قال اليهودي : صدقت والله ، إنى لأجده في كتاب أبي ، واليهودي من ولد داود».

١٥٧٩ / ٦ ـ العياشي : عن سعدان ، عن رجل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في قوله تعالى : (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ). قال : «حقيق على الله أن لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من حبهما».

١٥٨٠ / ٧ ـ عن أبي عمرو الزبيري ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «إن الله فرض الإيمان على جوارح بني

__________________

(١٢) في «س وط» : أبي سليمان ، وهو تصحيف ، صوابه ما في المتن من الغيبة والمقتل وأسد الغابة ٥ : ٢١٩ وتهذيب التهذيب ١٢ : ١١٥.

(١٣) مقتل الحسين عليه‌السلام للخوارزمي ١ : ٩٥.

(١٤) الغيبة : ١٤٧ / ١٠٩.

٥ ـ الغيبة للنعماني : ١٠٠ / ٣٠.

(١) (لبيك ، فقال) ليس في المصدر.

٦ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٥٦ / ٥٢٨.

٧ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٥٧ / ٥٢٩.

٥٧٢

آدم وقسمه عليها وفرقه فيها ، فليس من جوارحه جارحة إلا وقد وكلت من الإيمان بغير ما وكلت به أختها ، فمنها قلبه الذي به يعقل ويفقه ويفهم ، وهو أمير بدنه الذي لا ترد الجوارح ولا تصدر إلا عن رأيه وأمره.

وأما ما فرض على القلب من الإيمان : فالإقرار ، والمعرفة ، والعقد ، والرضا ، والتسليم بأن لا إله إلا هو وحده لا شريك له إلها واحدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ، وأن محمدا عبده ورسوله ، والإقرار بما جاء من عند الله من نبي أو كتاب. فذلك ما فرض الله على القلب من الإقرار والمعرفة ، وهو عمله ، وهو قول الله تعالى : (إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً) (١) ، وقال : (أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (٢) ، وقال : (الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ) (٣) ، وقال : (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) ، فذلك ما فرض الله على القلب من الإقرار والمعرفة ، وهو عمله ، وهو رأس الإيمان».

١٥٨١ / ٨ ـ عن عبد الصمد بن بشير (١) ، قال : ذكر عند أبي عبد الله عليه‌السلام بدء الأذان ، فقال : إن رجلا من الأنصار رأى في منامه الأذان ، فقصه على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأمره رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يعلمه بلالا (٢).

فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «كذبوا ، إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان نائما في ظل الكعبة ، فأتاه جبرئيل عليه‌السلام ومعه طاس فيه ماء من الجنة ، فأيقظه وأمره أن يغتسل ، ثم وضع في محمل له ألف ألف لون من نور ، ثم صعد به حتى انتهى إلى أبواب السماء ، فلما رأته الملائكة نفرت عن أبواب السماء ، وقالت : إليهن : إله في الأرض ، وإله في السماء؟! فأمر الله جبرئيل عليه‌السلام ، فقال : الله أكبر ، الله أكبر. فتراجعت الملائكة نحو أبواب السماء وعلمت أنه مخلوق ، ففتحت الباب ، فدخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى انتهى إلى السماء الثانية ، فنفرت الملائكة عن أبواب السماء ، فقالت : إلهين : إله في الأرض ، وإله في السماء؟! فقال جبرئيل : أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، فتراجعت الملائكة وعلمت أنه مخلوق ، ثم فتح الباب ، فدخل صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومر حتى انتهى إلى السماء الثالثة ، فنفرت الملائكة عن أبواب السماء ، فقال جبرئيل : أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، فتراجعت الملائكة ، وفتح الباب.

ومر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى انتهى إلى السماء الرابعة ، فإذا هو بملك متكى وهو على سرير ، تحت يده ثلاث مائة ألف ملك ، تحت كل ملك ثلاث مائة ألف ملك ، فهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بالسجود ، وظن أنه هو ، فنودي : أن قم ـ قال ـ فقام الملك على رجليه ـ قال ـ فعلم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه عبد مخلوق ـ قال ـ فلا يزال قائما

__________________

(١) النّحل ١٦ : ١٠٦.

(٢) الرّعد ١٣ : ٢٨.

(٣) المائدة ٥ : ٤١.

٨ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٥٧ / ٥٣٠.

(١) في «س وط» : شبية ، تصحيف صواب ما في المتن ، انظر رجال النجاشي : ٢٤٨ / ٦٥٤ ومعجم رجال الحديث ١٠ : ٢٢ والحديث الآتي.

(٢) زاد في «ط ، س» : قال محمّد بن الحسن في حديثه : نفرت عن أبواب السماء ، إلهنا. ولم ترد هذه الزيادة في المصدر.

٥٧٣

إلى يوم القيامة».

قال : «وفتح الباب ، ومر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى انتهى إلى السماء السابعة ـ قال ـ وانتهى إلى سدرة المنتهى ـ قال ـ فقالت السدرة : ما جاوزني مخلوق قبلك ؛ ثم مضى فتدانى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى ، فأوحى الله إلى عبده ما أوحى (٣) ـ قال ـ فدفع إليه كتابين : كتاب أصحاب اليمين بيمينه ، و [كتاب] أصحاب الشمال بشماله ، فأخذ كتاب أصحاب اليمين بيمينه ، وفتحه ونظر فيه ، فإذا فيه أسماء أهل الجنة ، وأسماء آبائهم وقبائلهم ـ قال ـ فقال الله : (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ) ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) ، فقال الله : (وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا) ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) ، قال الله : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ).

قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا) ، ـ قال ـ فقال الله : قد فعلت.

فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا) ، قال : قد فعلت.

فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) ، كل ذلك يقول الله : قد فعلت.

ثم طوى الصحيفة فأمسكها بيمينه ، وفتح الاخرى ، صحيفة أصحاب الشمال ، فإذا فيها أسماء أهل النار ، وأسماء آبائهم وقبائلهم ، ـ قال ـ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن هؤلاء قوم لا يؤمنون. فقال الله : يا محمد ، (فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (٤)».

قال : «فلما فرغ من مناجاة ربه ، رد إلى البيت المعمور ، وهو في السماء السابعة بحذاء الكعبة ـ قال ـ فجمع له النبيين والمرسلين والملائكة ، ثم أمر جبرئيل فأتم الأذان ، وأقام الصلاة ، وتقدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فصلى بهم ، فلما فرغ التفت إليهم ، فقال الله له : (فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ) (٥) فسألهم يومئذ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم نزل ومعه صحيفتان ، فدفعهما إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام».

فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «فهذا كان بدء الأذان».

١٥٨٢ / ٩ ـ عن عبد الصمد بن بشير ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «أتى جبرئيل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو بالأبطح بالبراق ، أصغر من البغل ، وأكبر من الحمار ، عليه ألف ألف محفة (١) من نور ،

__________________

(٣) تضمين من سورة النجم ٥٣ : ٨ ـ ١٠.

(٤) الزخرف ٤٣ : ٨٩.

(٥) يونس ١٠ : ٩٤.

٩ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٥٩ / ٥٣١.

(١) المحفّة : هودج لا قبّة له.

٥٧٤

فشمس (٢) البراق حين أدناه منه ليركبه ، فلطمه جبرئيل عليه‌السلام لطمة عرق البراق منها ، ثم قال : اسكن ، فإنه محمد. ثم زف به ـ أي أسرع به ـ من بيت المقدس إلى السماء ، فتطايرت الملائكة من أبواب السماء ، فقال جبرئيل : الله أكبر. فقالت الملائكة : عبد مخلوق ـ قال ـ : ثم لقوا جبرئيل ، فقالوا : يا جبرئيل ، من هذا؟ قال : هذا محمد. فسلموا عليه.

ثم زف به إلى السماء الثانية ، فتطايرت الملائكة ، فقال جبرئيل : أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله.

فقالت الملائكة : عبد مخلوق. فلقوا جبرئيل ، فقالوا : من هذا؟ فقال : هذا محمد. فسلموا عليه.

ولم يزل كذلك في سماء سماء ، ثم أتم الأذان ، ثم صلى بهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في السماء السابعة ، وأمهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم مضى به جبرئيل عليه‌السلام حتى انتهى به إلى موضع ، فوضع إصبعه على منكبه ثم رفعه (٣) ، فقال له : امض ، يا محمد. فقال له : يا جبرئيل ، تدعني في هذا الموضع؟ ـ قال ـ : فقال له : يا محمد ، ليس لي أن أجوز هذا المقام ، ولقد وطئت موضعا ما وطئه أحد قبلك ، ولا يطؤه أحد بعدك».

قال : «ففتح الله له من العظيم ما شاء الله ـ قال ـ فكلمه الله : (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ) ، قال : نعم ، يا رب (وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) ، قال الله تبارك وتعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ) ، قال محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ)».

قال : «قال الله : يا محمد ، من لامتك بعدك؟ فقال : الله أعلم. قال : علي أمير المؤمنين».

قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «والله ، ما كانت ولايته إلا من الله مشافهة لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم».

١٥٨٣ / ١٠ ـ عن قتادة ، قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا قرأ هذه الآية : (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ) حتى يختمها ، قال : «وحق الله ، إن لله كتابا قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي سنة ، فوضعه عنده فوق العرش ، فأنزل آيتين فختم بهما البقرة ، فأيما بيت قرئتا فيه لم يدخله الشيطان».

١٥٨٤ / ١١ ـ عن زرارة ، وحمران ، ومحمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام ، في آخر البقرة ، قال : «لما دعوا أجيبوا (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها) ـ قال ـ : ما افترض الله عليها (لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ) ، وقوله : (لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا)».

__________________

(٢) شمست الدابّة : نفرت.

(٣) في «ط» : دفعه.

١٠ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٦٠ / ٥٣٢.

١١ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٦٠ / ٥٣٣.

٥٧٥

١٥٨٥ / ١٢ ـ عن عمرو بن مروان الخزاز ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام ، قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رفعت عن امتي أربع خصال : ما أخطأوا ، وما نسوا ، وما أكرهوا عليه ، وما لم يطيقوا ، وذلك في كتاب الله ، قول تبارك وتعالى : (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ) ، وقوله : (إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) (١)».

__________________

١٢ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٦٠ / ٥٣٤.

(١) النّحل ١٦ : ١٠٦.

٥٧٦

المستدرك

(سورة البقرة)

قوله تعالى :

وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ

الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ [٨٢]

١ ـ (مناقب ابن شهر آشوب) : عن الباقر عليه‌السلام ، في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) نزلت في علي عليه‌السلام ، وهو أول مؤمن ، وأول مصل.

رواه الفلكي في (إبانة ما في التنزيل) عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس.

٢ ـ وعنه : عن المرزباني ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) نزلت في علي عليه‌السلام خاصة ، وهو أول مؤمن وأول مصل بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

قوله تعالى :

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا

__________________

مستدرك سورة البقرة آية ـ ٨٢ ـ

١ ـ المناقب ٢ : ٩.

٢ ـ المناقب ٢ : ١٣.

٥٧٧

تَعْمَلُونَ [١٤٠]

١ ـ محمد بن يعقوب : عن أحمد بن مهران ، عن محمد بن علي ، عن أبي الحكم الأرمني ، قال : حدثني عبد الله بن إبراهيم بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، عن يزيد بن سليط الزيدي.

قال أبو الحكم : وأخبرني عبد الله بن محمد بن عمارة الجرمي عن يزيد بن سليط ، عن الإمام الكاظم عليه‌السلام ـ في حديث طويل ذكر فيه النص والإشارة على أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ـ قال : «يا يزيد ، إنها وديعة عندك فلا تخبر بها إلا عاقلا ، أو عبدا تعرفه صادقا ، وإن سئلت عن الشهادة فاشهد بها ، وهو قول الله عز وجل : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) (١) وقال لنا أيضا : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ)».

٢ ـ (إرشاد القلوب) : في خبر حذيفة بن اليمان ـ في حديث طويل يذكر فيه حال المنافقين بعد خطبة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بغدير خم منصرفه من حجة الوداع ـ قال : فلما أراد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المسير أتوه ، فقال لهم : «فيم كنتم تتناجون في يومكم هذا ، وقد نهيتكم عن النجوى»؟

فقالوا : يا رسول الله ما التقينا غير وقتنا هذا ؛ فنظر إليهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مليا ، ثم قال لهم : «أنتم أعلم أم الله ، (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)».

قوله تعالى :

وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ [١٥٤]

٣ ـ محمد بن يعقوب : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن خالد ، عن القاسم بن محمد ، عن الحسين بن أحمد ، عن يونس بن ظبيان ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام ، فقال : «ما يقول الناس في أرواح المؤمنين؟». فقلت : يقولون : تكون في حواصل طيور خضر في قناديل تحت العرش.

فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «سبحان الله! المؤمن أكرم على الله من أن يجعل روحه في حوصلة طير. يا يونس ، إذا كان ذلك أتاه محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام والملائكة المقربون عليهم‌السلام ،

__________________

مستدرك سورة البقرة آية ـ ١٤٠ ـ

١ ـ الكافي ١ : ٢٥٢ / ١٤.

(١) النساء : ٥٨.

٢ ـ إرشاد القلوب : ٣٣٣.

مستدرك سورة البقرة آية ـ ١٥٤ ـ

١ ـ الكافي ٣ : ٢٤٥ / ٦.

٥٧٨

فإذا قبضه الله عز وجل صير تلك الروح في قالب كقالبه في الدنيا ، فيأكلون ويشربون ، فإذا قدم عليهم القادم عرفوه بتلك الصورة التي كانت في الدنيا».

وروى الشيخ الطوسي في (التهذيب) : عن علي بن مهزيار ، عن الحسن ، عن القاسم بن محمد ، مثله (١).

١ ـ وفي (التهذيب) : عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن أرواح المؤمنين؟ فقال : «في الجنة على صور أبدانهم ، لو رأيته لقلت فلان».

٢ ـ وأخرج أحمد ومسلم والنسائي والحاكم وصححه ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يؤتى بالرجل من أهل الجنة فيقول الله عز وجل له : يا ابن آدم ، كيف وجدت منزلك؟ فيقول : أي رب خير منزل. فيقول : سل وتمن. فيقول : أسألك أن تردني إلى الدنيا فأقتل في سبيلك عشر مرات. لما رأى من فضل الشهادة.

قال : «ويؤتى بالرجل من أهل النار فيقول الله : يا ابن آدم ، كيف وجدت منزلك؟ فيقول : أي رب ، شر منزل.

فيقول : فتفتدي منه بطلاع الأرض ذهبا؟ فيقول : نعم. فيقول : كذبت ، قد سألتك دون ذلك فلم تفعل».

قوله تعالى :

إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ

الرَّحِيمُ [١٦٠]

١ ـ (التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه‌السلام : «قال الله عز وجل : (إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا) من كتمانه (وَأَصْلَحُوا) أعمالهم ، وأصلحوا ما كانوا أفسدوه بسوء التأويل ، فجحدوا به فضل الفاضل واستحقاق المحق ، (وَبَيَّنُوا) ما ذكره الله تعالى من نعت محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصفته ، ومن ذكر علي عليه‌السلام وحليته ، وما ذكره رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ) أقبل توبتهم (وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)».

قوله تعالى :

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ

وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ

__________________

(١) التهذيب ١ : ٤٦٦ / ١٥٢٦ ، عنه مجمع البيان ١ : ٤٣٤.

٢ ـ التهذيب ١ : ٤٦٦ / ١٥٢٧ ، عنه مجمع البيان ١ : ٤٣٤.

٣ ـ مسند أحمد ٣ : ١٣١ و ٢٣٩ ، سنن النسائي ٦ : ٣٦ ، مستدرك الحاكم ٢ : ٧٥ ، الدر المنثور ١ : ٢٧٦ و ٢ : ٣٧٧.

مستدرك سورة البقرة آية ـ ١٦٠ ـ

١ ـ التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه‌السلام : ٥٧١ / ٣٣٣.

٥٧٩

يُنْظَرُونَ [١٦١ ـ ١٦٢]

١ ـ (التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه‌السلام : قال الإمام عليه‌السلام : «قال الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) بالله في ردهم نبوة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وولاية علي بن أبي طالب عليه‌السلام (وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ) على كفرهم (أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ) يوجب الله تعالى لهم البعد من الرحمة ، والسحق (١) من الثواب (وَالْمَلائِكَةِ) وعليهم لعنة الملائكة يلعنونهم (وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) ولعنة الناس أجمعين كل يلعنهم ، لأن كل المأمورين المنهيين يلعنون الكافرين ، والكافرين أيضا يقولون : لعن الله الكافرين ، فهم في لعن أنفسهم أيضا (خالِدِينَ فِيها) في اللعنة ، في نار جهنم (لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ) يوما ولا ساعة (وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) لا يؤخرون ساعة ، إلا يحل بهم العذاب».

٢ ـ وعنه : «قال الإمام علي بن الحسين عليهما‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن هؤلاء الكاتمين لصفة محمد رسول الله ، والجاحدين لحلية علي ولي الله ، إذا أتاهم ملك الموت ليقبض أرواحهم ، أتاهم بأفظع المناظر ، وأقبح الوجوه ، فيحيط بهم عند نزع أرواحهم مردة شياطينهم الذين كانوا يعرفونهم ، ثم يقول ملك الموت : أبشري أيتها النفس الخبيثة ، الكافرة بربها بجحد نبوة نبيه ، وإمامة علي وصيه ، بلعنة من الله وغضبه. ثم يقول : ارفع رأسك وطرفك وانظر. فينظر فيرى دون العرش محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على سرير بين يدي عرش الرحمن ، ويرى عليا عليه‌السلام على كرسي بين يديه ، وسائر الأئمة عليهم‌السلام على مراتبهم الشريفة بحضرته ، ثم يرى الجنان قد فتحت أبوابها ، ويرى القصور والدرجات والمنازل التي تقصر عنها أماني المتمنين ، فيقول له : لو كنت لأولئك مواليا كانت روحك يعرج بها إلى حضرتهم ، وكان يكون مأواك في تلك الجنان ، وكانت تكون منازلك فيها ؛ وإن كنت على مخالفتهم ، فقد حرمت [من] حضرتهم ، ومنعت مجاورتهم ، وتلك منازلك ، وأولئك مجاوروك ومقاربوك ، فانظر. فيرفع له عن حجب الهاوية ، فيراها بما فيها من بلاياها ودواهيها وعقاربها وحياتها وأفاعيها وضروب عذابها وأنكالها ، فيقال له : فتلك إذن منازلك. ثم تمثل له شياطينه ، هؤلاء الذين كانوا يغوونه ويقبل منهم ، مقرنين معه هناك في تلك الأصفاد والأغلال ، فيكون موته بأشد حسرة وأعظم أسف».

قوله تعالى :

إِنَّما يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما

__________________

مستدرك سورة البقرة آية ـ ١٦١ ـ ١٦٢ ـ

١ ـ التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه‌السلام : ٥٧٢ / ٣٣٤.

(١) السّحق : البعد.

٢ ـ التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه‌السلام : ٥٧٢ / ٣٣٥.

٥٨٠