البرهان في تفسير القرآن - ج ١

السيد هاشم الحسيني البحراني

البرهان في تفسير القرآن - ج ١

المؤلف:

السيد هاشم الحسيني البحراني


المحقق: مؤسسة البعثة
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة البعثة
المطبعة: مؤسسة البعثة
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٥٢

(يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) هو مصلحهم ومؤديهم بطاعتهم (٣) إلى جنات النعيم.

وجاء قوم من اليهود إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالوا : يا محمد ، هذه القبلة بيت المقدس قد صليت إليها أربع عشرة سنة ثم تركتها الآن ، أفحقا كان ما كنت عليه ، فقد تركته إلى باطل؟ فإن ما يخالف الحق فهو باطل ، أو كان باطلا فقد كنت عليه طول هذه المدة؟ فما يأمنا أن تكون الآن على باطل؟

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بل ذلك كان حقا ، وهذا حق ، يقول الله تعالى : (قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) إذا عرف صلاحكم ـ يا أيها العباد ـ في استقبال المشرق أمركم به ، وإذا عرف صلاحكم في استقبال المغرب أمركم به ، وإن عرف صلاحكم في غيرهما أمركم به ، فلا تنكروا تدبير الله في عباده ، وقصده إلى مصالحكم.

ثم قال لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لقد تركتم العمل يوم السبت ، ثم عملتم بعده في سائر الأيام ، وتركتموه في يوم السبت ، ثم عملتم بعده ، أفتركتم الحق إلى الباطل ، أو الباطل إلى الحق؟ أو الباطل إلى الباطل أو الحق إلى الحق؟ قولوا كيف شئتم فهو قول محمد وجوابه لكم.

قالوا : بل ترك العمل في السبت حق ، والعمل بعده حق.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فكذلك قبلة بيت المقدس في وقتها حق ، ثم قبلة الكعبة في وقتها حق.

فقالوا : يا محمد : أفبدا لربك فيما كان أمرك به بزعمك من الصلاة إلى بيت المقدس حتى (٤) نقلك إلى الكعبة؟

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما بدا له عن ذلك ، لأنه العالم بالعواقب ، والقادر على المصالح ، لا يستدرك على نفسه غلطا ، ولا يستحدث له رأيا بخلاف المتقدم ، جل عن ذلك ، ولا يقع أيضا عليه مانع يمنعه عن مراده ، وليس يبدو إلا لمن كان هذا وصفه ، وهو عز وجل يتعالى عن هذه الصفات علوا كبيرا.

ثم قال لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أيها اليهود ، أخبروني عن الله ، أليس يمرض ثم يصح ، ويصح ثم يمرض ، أبدا له في ذلك؟ أليس يحيي ويميت (٥) ، أليس يأتي بالليل في أثر النهار ، ثم النهار في أثر الليل ، أبدا له في كل واحد من ذلك؟ قالوا : لا.

قال : فكذلك الله تعبد نبيه محمدا بالصلاة إلى الكعبة بعد أن كان تعبده بالصلاة إلى بيت المقدس ، وما بدا له في الأول ، ثم قال : أليس الله يأتي بالشتاء في أثر الصيف ، والصيف في أثر الشتاء ، أبدا له في كل واحد منهما؟

قالوا : لا. قال : فكذلك لم يبد له في القبلة».

قال : «ثم قال : أليس قد ألزمكم أن تحترزوا في الشتاء من البرد بالثياب الغليظة ، وألزمكم في الصيف أن

__________________

(٣) في المصدر : وهو مصلحتهم ، وتؤديهم طاعتهم.

(٤) في المصدر : حين.

(٥) في المصدر زيادة : أبدا له.

٣٤١

تحترزوا من الحر ، أفبدا له في الصيف حين (٦) أمركم بخلاف ما أمركم به في الشتاء؟ قالوا : لا. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فكذلك تعبدكم في وقت لصلاح يعلمه بشيء ، ثم بعده في وقت آخر لصلاح آخر (٧) بشيء آخر ، فإن أطعتم في الحالين استحققتم ثوابه ، فأنزل الله : (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) (٨) أي إذا توجهتم بأمره فثم الوجه الذي تقصدون منه (٩) الله تعالى ، وتؤملون ثوابه.

ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا عباد الله ، أنتم كالمرضى ، والله رب العالمين كالطبيب ، فصلاح المرضى فيما يعلمه الطبيب ويدبره به ، لا فيما يشتهيه المريض ويقترحه ، ألا فسلموا لله أمره تكونوا من الفائزين».

فقيل : يا بن رسول الله ، فلم أمر بالقبلة الأولى؟

فقال : «لما قال الله عز وجل : (وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها) وهي بيت المقدس (إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ) (١٠) إلا لنعلم ذلك منه موجودا بعد أن علمناه سيوجد ، وذلك أن هوى أهل مكة كان في الكعبة ، فأراد الله يبين متبع محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من مخالفه باتباع القبلة التي كرهها ، ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأمر بها ، ولما كان هوى أهل المدينة في بيت المقدس أمرهم بمخالفتها والتوجه إلى الكعبة ، ليبين من يوافق محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ما يكرهه ، فهو مصدقه وموافقه.

ثم قال : (وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ) (١١) أي كان (١٢) التوجه إلى بيت المقدس في ذلك الوقت كبيرة إلا على من يهدي الله ، فعرف أن الله يتعبد بخلاف ما يريده المرء ليبتلي طاعته في مخالفة هواه».

قوله تعالى :

وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ

الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً [١٤٣]

٦٦٦ / ١ ـ محمد بن يعقوب : عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن

__________________

(٦) في المصدر : حتى.

(٧) في المصدر زيادة : يعلمه.

(٨) البقرة ٢ : ١١٥.

(٩) في «ط» نسخة بدل : الذي تعبدون فيه.

(١٠) البقرة ٢ : ١٤٣.

(١١) البقرة ٢ : ١٤٣.

(١٢) في «س وط» : وإن كان ما كان.

سورة البقرة آية ـ ١٤٣ ـ

١ ـ الكافي ١ : ١٤٦ / ٢.

٣٤٢

أحمد بن عائذ ، عن عمر بن أذينة ، عن بريد العجلي ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عز وجل : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ). فقال : «نحن الأمة الوسطى ، ونحن شهداء الله على خلقه ، وحججه في أرضه».

٦٦٧ / ٢ ـ عنه : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن بريد العجلي ، قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : قول الله تبارك وتعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً)؟ قال : «نحن الامة الوسط ، ونحن شهداء الله تبارك وتعالى على خلقه ، وحججه في أرضه».

٦٦٨ / ٣ ـ محمد بن الحسن الصفار : عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، [عن ابن أذينة] (١) ، عن بريد العجلي ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله تبارك وتعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً). قال : «نحن أمة الوسط ، ونحن شهداء الله على خلقه ، وحججه في أرضه».

٦٦٩ / ٤ ـ وعنه : عن عبد الله بن محمد ، عن إبراهيم بن محمد الثقفي ، قال : في (كتاب بندار بن عاصم) عن الحلبي ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في قول الله تبارك وتعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً). قال : «نحن الشهداء على الناس بما عندهم من الحلال والحرام ، وبما ضيعوا منه».

٦٧٠ / ٥ ـ وعنه : عن يعقوب بن يزيد ، ومحمد بن الحسين ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن بريد ابن معاوية العجلي ، قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : قوله تعالى (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ)؟ قال : «نحن الأمة (١) الوسط ، ونحن شهداء الله على خلقه» (٢).

٦٧١ / ٦ ـ سعد بن عبد الله القمي : عن أحمد بن محمد بن عيسى ، ومحمد بن عبد الجبار ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن علي بن النعمان ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، في قول

__________________

٢ ـ الكافي ١ : ١٤٧ / ٤.

٣ ـ بصائر الدرجات : ٨٣ / ١١.

(١) أثبتناه من المصدر ، وهو الصواب كما في الحديثين (٢ و ٥) ومعجم رجال الحديث ٣ : ٢٩٠.

٤ ـ بصائر الدرجات : ١٠٢ / ١.

٥ ـ بصائر الدرجات : ١٠٢ / ٣.

(١) في المصدر : الأئمّة.

(٢) في المصدر زيادة : وحجته في أرضه.

٦ ـ مختصر بصائر الدرجات : ٦٥.

٣٤٣

الله عز وجل (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً). قال : «نحن الشهداء على الناس بما عندنا من الحلال والحرام» (١).

٦٧٢ / ٧ ـ العياشي : عن بريد بن معاوية ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : قلت له : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً)؟ قال : «نحن الأمة الوسطى ، ونحن شهداء الله على خلقه ، وحججه في أرضه».

٦٧٣ / ٨ ـ عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : «نحن نمط الحجاز» فقلت : وما نمط الحجاز؟

قال : «أوسط الأنماط ، إن الله يقول : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) ـ ثم قال ـ إلينا يرجع الغالي ، وبنا يلحق المقصر».

٦٧٤ / ٩ ـ وقال أبو بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : (لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) ، قال : «بما عندنا من الحلال والحرام ، وبما ضيعوا منه».

٦٧٥ / ١٠ ـ وروى عمر بن حنظلة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «هم الأئمة».

٦٧٦ / ١١ ـ عن أبي عمرو الزبيري ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «قال الله تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) فإن ظننت أن الله عنى بهذه الآية جميع أهل القبلة من الموحدين ، أفترى أن من لا تجوز شهادته في الدنيا على صاع من تمر ، يطلب الله شهادته يوم القيامة ويقبلها منه بحضرة جميع الأمم الماضية؟ كلا ، لم يعن الله مثل هذا من خلقه ، يعني الامة التي وجبت لها دعوة إبراهيم عليه‌السلام : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) (١) وهم الأمة الوسطى ، وهم خير أمة أخرجت للناس».

قوله تعالى :

وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ

يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ وَما

__________________

(١) في المصدر زيادة : وبما ضيّعوا.

٧ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٦٢ / ١١٠.

٨ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٦٣ / ١١١.

٩ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٦٣ / ١١٣.

١٠ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٦٣ / ١١٢.

١١ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٦٣ / ١١٤.

(١) آل عمران ٣ : ١١٠.

٣٤٤

كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ [١٤٣]

قد تقدم من تفسير هذه الآية في قوله تعالى : (سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ) الآية (١) ، ونزيد هاهنا :

٦٧٧ / ١ ـ الشيخ ، بإسناده عن الطاطري ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن قوله الله : (وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ) أمره به؟

قال : «نعم ، إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقلب وجهه في السماء ، فعلم الله ما في نفسه ، فقال : (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها) (١)».

٦٧٨ / ٢ ـ عنه : عن الطاطري ، عن وهيب ، عن أبي بصير ، عن أحدهما عليهما‌السلام ، قال : قلت له : الله أمره أن يصلي إلى البيت المقدس؟

قال : «نعم ، ألا ترى أن الله تعالى يقول : (وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ)».

٦٧٩ / ٣ ـ محمد بن يعقوب : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن القاسم بن بريد ، قال : حدثنا أبو عمرو الزبيري ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «لما صرف الله نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الكعبة عن بيت المقدس ، أنزل الله عز وجل : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) فسمى الصلاة إيمانا».

٦٨٠ / ٤ ـ العياشي : قال أبو عمرو الزبيري ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قلت له : ألا تخبرني عن الإيمان ، أقول هو وعمل ، أم قول بلا عمل؟

فقال : «الإيمان عمل كله ، والقول بعض ذلك العمل ، مفروض من الله ، مبين في كتابه ، واضح نوره ، ثابتة حجته ، يشهد له بها الكتاب ويدعو إليه.

ولما أن صرف الله نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الكعبة عن بيت المقدس ، قال المسلمون للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أرأيت صلاتنا التي كنا نصلي إلى بيت المقدس ، ما حالنا فيها ، وما حال من مضي من أمواتنا وهم يصلون إلى بيت المقدس؟ فأنزل الله : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) فسمى الصلاة إيمانا ، فمن اتقى الله حافظا لجوارحه موفيا كل جارحة من جوارحه بما فرض الله عليه ، لقي الله مستكملا لإيمانه من أهل الجنة ، ومن خان في شيء منها ، أو تعدى ما أمر فيها ، لقي الله ناقص الإيمان».

__________________

سورة البقرة آية ـ ١٤٣ ـ

(١) تقدم في الحديث (١) من تفسير الآية (١٤٢) من هذه السورة.

١ ـ التهذيب ٢ : ٤٣ / ١٣٧.

(١) البقرة ٢ : ١٤٤.

٢ ـ التهذيب ٢ : ٤٤ / ١٣٨.

٣ ـ الكافي ٢ : ٣٨ / ١.

٤ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٦٣ / ١١٥.

٣٤٥

قوله تعالى :

فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا

وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ [١٤٤]

٦٨١ / ١ ـ محمد بن يعقوب : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : «إذا استقبلت القبلة بوجهك فلا تقلب وجهك عن القبلة فتفسد صلاتك ، فإن الله عز وجل قال لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الفريضة : (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) واخشع ببصرك ولا ترفعه إلى السماء ، وليكن حذاء وجهك في موضع سجودك».

٦٨٢ / ٢ ـ العياشي : عن حريز ، قال أبو جعفر عليه‌السلام : «استقبل القبلة بوجهك ولا تقلب وجهك عن (١) القبلة فتفسد صلاتك ، فإن الله يقول لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الفريضة : (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ)».

قوله تعالى :

الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً

مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ

الْمُمْتَرِينَ [١٤٦ ـ ١٤٧]

٦٨٣ / ٣ ـ محمد بن يعقوب : عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه رفعه ، عن محمد ابن داود الغنوي ، عن الأصبغ نباتة ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، قال : «أما أصحاب المشأمة فهم اليهود والنصارى ، يقول الله عز وجل : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ) يعرفون محمدا والولاية في التوراة والإنجيل ، كما يعرفون أبناءهم في منازلهم (وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) أنك أنت الرسول إليهم (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ).

__________________

سورة البقرة آية ـ ١٤٤ ـ

١ ـ الكافي ٣ : ٣٠٠ / ٦.

٢ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٦٤ / ١١٦.

(١) في المصدر : من.

سورة البقرة آية ـ ١٤٦ ـ ١٤٧ ـ

١ ـ الكافي ٢ : ٢١٥ / ١٦.

٣٤٦

فلما جحدوا ما عرفوا ابتلاهم الله بذلك فسلبهم روح الإيمان ، وأسكن أبدانهم ثلاثة أرواح : روح القوة ، وروح الشهوة ، وروح البدن ، ثم أضافهم إلى الأنعام ، فقال : (إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالْأَنْعامِ) (١) لأن الدابة إنما تحمل بروح القوة ، وتعتلف بروح الشهوة ، وتسير بروح البدن».

٦٨٤ / ٢ ـ علي بن إبراهيم ، قال : حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن حريز ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «نزلت هذه الآية في اليهود والنصارى ، يقول الله تبارك وتعالى : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) يعني التوراة والإنجيل (يَعْرِفُونَهُ) يعني يعرفون رسول الله (كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ) لأن الله عز وجل قد أنزل عليهم في التوراة والإنجيل والزبور صفة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصفة أصحابه ومهاجرته (١) ، وهو قول الله تعالى : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ) (٢) وهذه صفة محمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في التوراة [والإنجيل] وصفة أصحابه ، فلما بعثه الله عز وجل عرفه أهل الكتاب ، كما قال جل جلاله : (فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ) (٣)».

قوله تعالى :

(فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [١٤٨])

٦٨٥ / ١ ـ محمد بن إبراهيم ـ المعروف بابن زينب ـ قال : أخبرنا عبد الواحد بن عبد الله بن يونس ، قال : حدثنا محمد بن جعفر القرشي ، قال : حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمد بن سنان ، عن ضريس ، عن أبي خالد الكابلي ، عن علي بن الحسين ، أو عن محمد بن علي عليهما‌السلام ، أنه قال : «الفقداء قوم يفقدون من فرشهم فيصبحون بمكة ، وهو قول الله عز وجل : (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) ، وهم أصحاب القائم عليه‌السلام».

__________________

(١) الفرقان ٢٥ : ٤٤.

٢ ـ تفسير القمّي ١ : ٣٢.

(١) في المصدر : أصحابه ومبعثه وهجرته.

(٢) الفتح ٤٨ : ٢٩.

(٣) البقرة ٢ : ٨٩.

سورة البقرة آية ـ ١٤٨ ـ

١ ـ الغيبة للنعماني : ٣١٣ / ٤.

٣٤٧

٦٨٦ / ٢ ـ وعنه ، قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة ، قال : حدثنا علي بن الحسن التيملي ، قال : حدثنا الحسن ومحمد ابنا علي بن يوسف ، عن سعدان بن مسلم ، عن رجل ، عن المفضل بن عمر ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «إذا اذن الإمام دعا الله عز وجل باسمه العبراني ، فانتجب له أصحابه (١) ، الثلاث مائة وثلاثة عشر ، قزعا كقزع الخريف (٢) ، وهم أصحاب الألوية ؛ منهم من يفتقد من فراشه ليلا فيصبح بمكة ، ومنهم من يرى يسير في السحاب نهارا ، يعرف باسمه واسم أبيه وحسبه (٣) ونسبه».

قلت : جعلت فداك ، أيهما أعظم إيمانا؟

قال : «الذي يسير في السحاب نهارا ، وهم المفقودون ، وفيهم نزلت هذه الآية : (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً)».

٦٨٧ / ٣ ـ وعنه ، قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثني أحمد بن يوسف ، قال : حدثنا إسماعيل بن مهران ، عن الحسن بن علي ، عن أبيه ووهيب (١) ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، في قوله : (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) قال : «نزلت في القائم عليه‌السلام وأصحابه يجتمعون على غير ميعاد».

٦٨٨ / ٤ ـ وعنه ، قال : أخبرنا محمد بن يعقوب الكليني أبو جعفر ، قال : حدثني علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه. قال : وحدثني محمد بن يحيى بن عمران (١) ، عن أحمد بن محمد بن عيسى. وحدثني علي بن محمد وغيره ، عن سهل بن زياد (٢) ، عن الحسن بن محبوب. وحدثنا عبد الواحد بن عبد الله الموصلي ، عن أبي علي أحمد بن محمد بن أبي ناشر ، عن أحمد بن هلال ، عن الحسن بن محبوب ، قال : حدثنا عمرو بن أبي المقدام ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام ـ في حديث يذكر فيه علامات القائم عليه‌السلام ، إلى أن قال ـ : «فيجمع الله له (٣) أصحابه ثلاث مائة وثلاثة عشر رجلا ، ويجمعهم الله له على غير ميعاد ، قزعا كقزع الخريف ،

__________________

٢ ـ الغيبة للنعماني : ٣١٢ / ٣.

(١) انتجب : اختار وانتخب ، وفي المصدر : فأتيحت له صحابته : أي تهيّأت.

(٢) أي قطع كقطع السحاب المتفرّقة ، قيل ، وإنّما خصّ الخريف لأنّه أوّل الشتاء والسحاب فيه يكون متفرّقا غير متراكم ولا مطبق ، ثمّ يجتمع بعضه إلى بعض بعد ذلك. «مجمع البحرين ـ قزع ـ ٤ : ٣٧٨».

(٣) في المصدر : وحليته.

٣ ـ الغيبة للنعماني : ٢٤١ / ٣٧.

(١) في «س وط» : وهب ، والظاهر أنّ الصواب ما في المتن ، وهو الموافق لسائر الروايات. انظر معجم رجال الحديث ١٩ : ٢١٥.

٤ ـ الغيبة للنعماني : ٢٨٢ / ٦٧.

(١) في المصدر : محمّد بن عمران.

(٢) في المصدر زيادة : جميعا.

(٣) في المصدر : عليه.

٣٤٨

وهم (٤) ـ يا جابر ـ الآية التي ذكرها الله في كتابه : (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فيبايعونه بين الركن والمقام ، ومعه عهد من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد توارثته الأبناء من الآباء».

٦٨٩ / ٥ ـ ابن بابويه ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا أبي ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمد بن سنان ، عن أبي خالد القماط ، عن ضريس ، عن أبي خالد الكابلي ، عن سيد العابدين علي بن الحسين عليه‌السلام قال : «المفقودون من فرشهم ثلاث مائة وثلاثة عشر رجلا ، عدة أهل بدر ، فيصبحون بمكة ، وهو قوله عز وجل : (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) وهم أصحاب القائم».

٦٩٠ / ٦ ـ عنه ، قال : حدثنا محمد بن علي ما جيلويه رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثني عمي محمد بن أبي القاسم (١) ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي (٢) ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «لقد نزلت هذه الآية في المفقودين (٣) من أصحاب القائم عليه‌السلام ، قوله عز وجل : (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) إنهم المفقودون في (٤) فرشهم ليلا فيصبحون بمكة ، وبعضهم يسير في السحاب نهارا ، يعرف باسمه واسم أبيه وحليته ونسبه».

قال : فقلت : جعلت فداك ، أيهم أعظم إيمانا؟ قال : «الذي يسير في السحاب نهارا».

٦٩١ / ٧ ـ محمد بن يعقوب : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور بن يونس ، عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي خالد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (١) ، في قول الله عز وجل : (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً).

قال : «الخيرات الولاية ، وقوله : (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) يعني أصحاب القائم عليه‌السلام الثلاث مائة والبضعة عشر رجلا ـ قال ـ «هم والله الامة المعدودة ـ قال ـ : يجتمعون والله في ساعة واحدة قزعا كقزع الخريف».

٦٩٢ / ٨ ـ علي بن إبراهيم ، قال : حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور بن يونس ، عن أبي خالد

__________________

(٤) في المصدر : وهي.

٥ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٦٥٤ / ٢١.

٦ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٦٧٢ / ٢٤.

(١) في «س» و «ط» : زيادة : عن أحمد بن أبي القاسم ، والصواب ما في المتن ، وهو تصحيف محمّد بن أبي القاسم الذي يروي عن أحمد البرقي.

راجع : جامع الرواة ١ : ٦٤ ، معجم رجال الحديث ٢ : ٢٦٨.

(٢) في المصدر : الكوفي ، وهو صحيح أيضا لأنّ أصله من الكوفة ، انظر رجال النجاشي : ٧٦ / ١٨٢.

(٣) في المصدر : المفتقدين.

(٤) في المصدر : ليفتقدون عن.

٧ ـ الكافي ٨ : ٣١٣ / ٤٨٧ ، ينابيع المودة : ٤٢١.

(١) في المصدر : عن أبي جعفر عليه‌السلام ، وأبو خالد يروي عن الباقر والصادق (عليهما السّلام). انظر معجم رجال الحديث ٢١ : ١٣٨.

٨ ـ تفسير القمّي ٢ : ٢٠٥.

٣٤٩

الكابلي ، قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام ـ في حديث يذكر فيه خروج القائم عليه‌السلام ـ قال : «ثم ينتهي إلى المقام فيصلي ركعتين ، وينشد الله حقه».

ثم قال أبو جعفر عليه‌السلام : هو ـ والله ـ المضطر في قوله : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ) (١) فيكون أول من يبايعه جبرئيل ، ثم الثلاث مائة والثلاثة عشر رجلا ؛ فمن كان ابتلى بالمسير وافاه ، ومن لم يبتل بالمسير فقد عن فراشه ، وهو قول أمير المؤمنين عليه‌السلام : هم المفقودون عن فرشهم ، وذلك قول الله : (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) ـ قال ـ : الخيرات الولاية».

٦٩٣ / ٩ ـ أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في (مسند فاطمة) ، قال : حدثني أبو الحسين محمد بن هارون ، قال : حدثنا أبي هارون بن موسى (١) بن أحمد رحمه‌الله ، قال : حدثنا أبو علي الحسن بن محمد النهاوندي ، قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن إبراهيم بن عبيد الله القمي القطان ـ المعروف بابن الخزاز ـ قال : حدثنا محمد بن زياد ، عن أبي عبد الله الخراساني ، قال : حدثنا أبو الحسين عبد الله بن الحسن الزهري (٢) ، قال : حدثنا أبو حسان (٣) سعيد ابن جناح ، عن مسعدة (٤) بن صدقة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ـ في حديث يذكر فيه رجال القائم عليه‌السلام من البلدان ـ قال عليه‌السلام : «إن أصحاب القائم عليه‌السلام يلقى بعضهم بعضا كأنهم بنو أب وام ، وإن افترقوا افترقوا عشاء والتقوا غدوة ، وذلك تأويل هذه الآية : (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً).

قال أبو بصير : قلت : جعلت فداك ، ليس على الأرض يومئذ مؤمن غيرهم؟

قال : «بلى ، ولكن هذه التي يخرج الله فيها القائم ، وهم النجباء والقضاة والحكام والفقهاء في الدين ، يمسح الله بطونهم وظهورهم فلا يشتبه عليهم حكم».

٦٩٤ / ١٠ ـ العياشي : عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، يقول : «الزم الأرض ، لا تحرك يدك ولا رجلك أبدا حتى ترى علامات أذكرها لك في سنة وترى مناديا ينادي بدمشق ، وخسفا بقرية من قراها ، وتسقط طائفة من مسجدها ، فإذا رأيت الترك جازوها ، فأقبلت الترك حتى نزلت الجزيرة (١) ، وأقبلت الروم حتى نزلت الرملة (٢) ، وهي سنة اختلاف في كل أرض من أرض العرب.

__________________

(١) النّمل ٢٧ : ٦٢.

٩ ـ دلائل الإمامة : ٣١٠.

(١) في «س وط» : أبو هارون موسى ، والصواب ما في المتن. راجع معجم رجال الحديث ١٧ : ٣١٨.

(٢) سقط اسم هذا الراوي من دلائل الامامة المطبوع ، واثبت في بعض نسخه المخطوطة.

(٣) في نسخة من «ط» ، أبو حنان.

(٤) في «س وط» : مسعود ، تصحيف صوابه ما في المتن ، انظر : رجال النجاشي : ٤١٥ / ١١٠٨ ومعجم رجال الحديث ١٨ : ١٣٥.

١٠ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٦٤ / ١١٧.

(١) الجزيرة : وهي التي بين دجلة والفرات. «معجم البلدان ٢ : ١٣٤».

(٢) الرملة : وتطلق على عدّة أماكن ، منها : مدينة عظيمة بفلسطين ، ومحلّة خربت نحو شاطئ مقابل للكرخ ببغداد ، وقرية في البحرين. «معجم =

٣٥٠

وإن أهل الشام يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات : الأصهب (٣) ، والأبقع (٤) ، والسفياني ، مع بني ذنب الحمار مضر ، ومع السفياني أخواله من كلب ، فيظهر السفياني ومن معه على بني ذنب الحمار حتى يقتلوا قتلا لم يقتله شيء قط. ويحضر رجل بدمشق ، فيقتل هو ومن معه قتلا لم يقتله شيء قط ، وهو من بني ذنب الحمار ، وهي الآية التي يقول الله تبارك وتعالى : (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (٥).

ويظهر السفياني ومن معه حتى لا يكون له همة إلا آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وشيعتهم ، فيبعث ـ والله ـ بعثا إلى الكوفة ، فيصاب بأناس من شيعة آل محمد بالكوفة قتلا وصلبا ، وتقبل راية من خراسان حتى تنزل ساحل الدجلة ، يخرج رجل من الموالي ضعيف ومن تبعه فيصاب بظهر الكوفة ، ويبعث بعثا إلى المدينة فيقتل بها رجلا ، ويهرب المهدي والمنصور منها ، ويؤخذ آل محمد صغيرهم وكبيرهم ، لا يترك منهم أحد إلا حبس ، ويخرج الجيش في طلب الرجلين.

ويخرج المهدي عليه‌السلام منها على سنة موسى عليه‌السلام خائفا يترقب حتى يقدم مكة ، ويقبل الجيش حتى إذا نزلوا البيداء (٦) ـ وهو جيش الهلاك (٧) ـ خسف بهم ، فلا يفلت منهم إلا مخبر ، فيقوم القائم بين الركن والمقام فيصلي وينصرف ، ومعه وزيره ، فيقول : يا أيها الناس ، إنا نستنصر الله على من ظلمنا وسلب حقنا ، من يحاجنا في الله فإنا أولى بالله ، ومن يحاجنا في آدم عليه‌السلام فإنا أولى الناس بآدم عليه‌السلام ، ومن حاجنا في نوح عليه‌السلام فإنا أولى الناس بنوح عليه‌السلام ، ومن حاجنا في إبراهيم عليه‌السلام فإنا أولى الناس بإبراهيم عليه‌السلام ، ومن حاجنا في محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنا أولى الناس بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومن حاجنا في النبيين فنحن أولى الناس بالنبيين ، ومن حاجنا في كتاب الله فنحن أولى الناس بكتاب الله. إنا نشهد وكل مسلم اليوم أنا قد ظلمنا ، وطردنا ، وبغي علينا ، وأخرجنا من ديارنا وأموالنا وأهلينا ، وقهرنا ، ألا إنا نستنصر الله اليوم وكل مسلم.

ويجيء ـ والله ـ ثلاث مائة وبضعة عشر رجلا ، فيهم خمسون امرأة ، يجتمعون بمكة على غير ميعاد ، قزعا كقزع الخريف ، يتبع بعضهم بعضا ، وهي الآية التي قال الله : (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فيقول رجل من آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اخرج منها ، فهي القرية الظالم أهلها.

ثم يخرج من مكة هو ومن معه الثلاث مائة وبضعة عشر يبايعونه بين الركن والمقام ، ومعه عهد نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورايته ، وسلاحه ، ووزيره معه ، فينادي المنادي بمكة باسمه وأمره من السماء ، حتى يسمعه أهل

__________________

البلدان ٣ : ٦٩».

(٣) الصهبة : الشّقرة في شعر الرأس. «الصحاح ـ صهب ـ ١ : ١٦٦».

(٤) الأبقع : الذي يخالط لونّه لون آخر.

(٥) مريم ١٩ : ٣٧.

(٦) البيداء : اسم لأرض ملساء بين مكّة والمدينة ، «معجم البلدان ١ : ٥٢٣».

(٧) في المصدر : الهملات.

٣٥١

الأرض كلهم : اسمه اسم نبي ، إن (٨) أشكل عليكم فلم يشكل عليكم عهد نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ورايته ، وسلاحه ، والنفس الزكية من ولد الحسين عليه‌السلام ، فإن أشكل عليكم هذا فلا يشكل عليكم الصوت من السماء باسمه وأمره ، وإياك وشذاذا من آل محمد ، فإن لآل محمد وعلي عليهم‌السلام راية ، ولغيرهم رايات ، فالزم الأرض ولا تتبع منهم رجلا أبدا حتى ترى رجلا من ولد الحسين عليه‌السلام ، معه عهد نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورايته وسلاحه ، فإن عهد نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صار عند علي بن الحسين عليهما‌السلام ، ثم صار عند محمد بن علي ، عليهما‌السلام ، ويفعل الله ما يشاء ، فالزم هؤلاء أبدا ، وإياك ومن ذكرت لك.

فإذا خرج رجل منهم معه ثلاث مائة وبضعة عشر رجلا ، ومعه راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، عامدا إلى المدينة حتى يمر بالبيداء حتى يقول : هذا مكان القوم الذين يخسف بهم ، وهي الآية التي قال الله : (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ) (٩).

فإذا قدم المدينة أخرج محمد بن الشجري على سنة يوسف عليه‌السلام ، ثم يأتي الكوفة فيطيل بها المكث ما شاء الله أن يمكث حتى يظهر عليها ، ثم يسير حتى يأتي العذراء (١٠) هو ومن معه ، وقد لحق به ناس كثير ، والسفياني يومئذ بوادي الرملة ، حتى إذا التقوا ـ وهو يوم الأبدال ـ يخرج أناس كانوا مع السفياني من شيعة آل محمد ، ويخرج ناس كانوا مع آل محمد إلى السفياني ، فهم من شيعته حتى يلحقوا بهم ، ويخرج كل أناس إلى رايتهم ، وهو يوم الأبدال.

قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ويقتل يومئذ السفياني ومن معه حتى لا يترك منهم مخبر ، والخائب يومئذ من خاب من غنيمة بني كلب ، ثم يقبل إلى الكوفة فيكون منزله بها ، فلا يترك عبدا مسلما إلا اشتراه وأعتقه ، ولا غارما إلا قضى دينه ، ولا مظلمة لأحد من الناس إلا ردها ، ولا يقتل منه عبد إلا أدى ثمنه ، دية مسلمة إلى أهله (١١) ، ولا يقتل قتيل إلا قضى عنه دينه ، وألحق عياله في العطاء ، حتى يملأ الأرض قسطا وعدلا ، كما ملئت ظلما وجورا وعدوانا.

ويسكن هو وأهل بيته الرحبة (١٢) ، والرحبة إنما كانت مسكن نوح عليه‌السلام ، وهي أرض طيبة ، ولا يسكن الرجل من آل محمد عليهم‌السلام ولا يقتل إلا بأرض طيبة زاكية ، فهم الأوصياء الطيبون».

__________________

(٨) في «ط» : ما ، ونسخة بدل : فما.

(٩) النّحل ١٦ : ٤٥ ـ ٤٦.

(١٠) العذراء : هي قرية بغوطة دمشق من إقليم خولان. «معجم البلدان ٤ : ٩١».

(١١) في المصدر : أهلها.

(١٢) الرّحبة : تطلق على عدّة أماكن ، منها : قرية بحذاء القادسية على مرحلة من الكوفة ، وقرية قريبة من صنعاء اليمن ، وناحية بين المدينة والشام قريبة من وادي القرى. «معجم البلدان ٣ : ٣٣».

٣٥٢

٦٩٥ / ١١ ـ عن أبي سمينة ، عن مولى لأبي الحسن عليه‌السلام ، قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن قوله : (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً). قال : «وذلك ـ والله ـ أن لو قد قام قائمنا يجمع الله إليه شيعتنا من جميع البلدان».

٦٩٦ / ١٢ ـ عن المفضل بن عمر ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «إذا اذن الإمام دعا الله باسمه العبراني الأكبر ، فانتجب (١) له أصحابه الثلاث مائة والثلاثة عشر ، قزعا كقزع الخريف ؛ وهم أصحاب الولاية ، ومنهم من يفتقد من فراشه ليلا فيصبح بمكة ، ومنهم من يرى يسير في السحاب نهارا ، يعرف باسمه واسم أبيه وحسبه ونسبه».

قلت : جعلت فداك ، أيهم أعظم إيمانا؟

قال : «الذي يسير في السحاب نهارا ، وهم المفقودون ، وفيهم نزلت هذه الآية : (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً)».

٦٩٧ / ١٣ ـ الشيخ المفيد في كتاب (الإختصاص) عن عمرو بن أبي المقدام ، عن جابر الجعفي ، قال : قال لي أبو جعفر عليه‌السلام : «يا جابر ، الزم الأرض ، ولا تحرك يدا ولا رجلا حتى ترى علامات أذكرها لك إن أدركتها : أولها اختلاف ولد فلان ، وما أراك تدرك ذلك ، ولكن حدث به بعدي ، ومناد ينادي من السماء ، ويجيئكم الصوت من ناحية دمشق بالفتح ، ويخسف بقرية من قرى الشام تسمى الجابية (١) ، وتسقط طائفة من مسجد دمشق الأيمن ، ومارقة تمرق من ناحية الترك ، وتعقبها من ناحية (٢) الروم ، ويستقبل إخوان الترك حتى ينزلوا الجزيرة ، ويستقبل مارقة الروم حتى تنزل الرملة.

فتلك السنة ـ يا جابر ـ فيها اختلاف كثير في كل أرض من ناحية المغرب ؛ فأول أرض المغرب تخرب الشام ، يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات : راية الأصهب ، وراية الأبقع ، وراية السفياني ، فيلقى السفياني الأبقع فيقتتلون فيقتله ومن معه ، ويقتل الأصهب ، ثم لا يكون همه إلا الإقبال نحو العراق ، ويمر جيشه بقرقيسياء (٣) فيقتلون بها مائة ألف رجل من الجبارين.

ويبعث السفياني جيشا إلى الكوفة وعدتهم سبعون ألف رجل ، فيصيبون من أهل الكوفة قتلا وصلبا وسبيا ، فبينا هم كذلك إذ أقبلت رايات من ناحية خراسان ، تطوي المنازل طيا حثيثا ، ومعهم نفر من أصحاب

__________________

١١ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٦٦ / ١١٧.

١٢ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٦٧ / ١١٨.

(١) في «ط» : فانتخب ، وكلاهما بمعنى ، وفي المصدر : فانتحيت : أي قصدت.

١٣ ـ الإختصاص : ٢٥٥.

(١) الجابية : قرية من أعمال دمشق. «معجم البلدان ٢ : ٩١».

(٢) في المصدر : ويعقّبها مرج.

(٣) قرقيسياء : بلد على نهر الخابور ، وعندها مصبّ الخابور في الفرات ، فهي في مثلث بين الخابور والفرات. «معجم البلدان ٤ : ٣٢٨».

٣٥٣

القائم عليه‌السلام ، وخرج رجل من موالي أهل الكوفة فيقتله أمير جيش السفياني بين الحيرة والكوفة.

ويبعث السفياني بعثا إلى المدينة فيفر (٤) المهدي منها إلى مكة ، فبلغ أمير جيش السفياني أن المهدي قد خرج من المدينة ، فيبعث جيشا على أثره فلا يدركه حتى يدخل مكة خائفا يترقب على سنة موسى بن عمران عليه‌السلام ، وينزل أمير جيش السفياني البيداء ، فينادي مناد من السماء : يا بيداء ، أبيدي القوم. فتخسف بهم البيداء ، فلا ينفلت منهم إلا ثلاثة ؛ يحول الله وجوههم في أقفيتهم ، وهم من كلب ، وفيهم نزلت هذه الآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها) (٥) الآية».

قال : «والقائم يومئذ بمكة ، قد أسند ظهره إلى البيت الحرام مستجيرا به ، ينادي : يا أيها الناس ، إنا نستنصر الله ، ومن أجابنا من الناس فإنا أهل بيت نبيكم ، ونحن أولى الناس بالله وبمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فمن حاجني في آدم عليه‌السلام فأنا أولى الناس بآدم عليه‌السلام ، ومن حاجني في نوح عليه‌السلام فأنا أولى الناس بنوح عليه‌السلام ، ومن حاجني في إبراهيم عليه‌السلام فأنا أولى الناس بإبراهيم عليه‌السلام ، ومن حاجني في محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأنا أولى الناس بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومن حاجني في النبيين فأنا أولى الناس بالنبيين.

أليس الله يقول في محكم كتابه : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٦) فأنا بقية من آدم عليه‌السلام وخيرة من نوح عليه‌السلام ، ومصطفى من إبراهيم عليه‌السلام ، وصفوة من محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

إلا ومن حاجني في كتاب الله فأنا أولى الناس بكتاب الله ، ألا ومن حاجني في سنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسيرته فأنا أولى الناس بسنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسيرته ، فانشد الله من سمع كلامي اليوم لما أبلغه الشاهد منكم الغائب ، واسألكم بحق الله وحق رسوله وحقي ـ فإن لي عليكم حق القربى برسوله ـ لما أعنتمونا ومنعتمونا ممن يظلمنا ، فقد أخفنا ، وظلمنا ، وطردنا من ديارنا وأبنائنا ، وبغي علينا ، ودفعنا عن حقنا ، واثر علينا أهل الباطل ، الله الله فينا ، لا تخذلونا ، وانصرونا ينصركم الله.

فيجمع الله له أصحابه الثلاث مائة والثلاثة عشر رجلا ، فيجمعهم الله له على غير ميعاد ، قزعا كقزع الخريف ، وهي ـ يا جابر ـ الآية التي ذكرها الله : (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فيبايعونه بين الركن والمقام ، ومعه عهد من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد توارثه الأبناء عن الآباء.

والقائم ـ يا جابر ـ رجل من ولد الحسين بن علي (صلى الله عليهما) ، يصلح الله له أمره في ليلة واحدة ، فما أشكل على الناس من ذلك ـ يا جابر ـ فلا يشكل عليهم ولادته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ووراثته العلماء عالما بعد عالم ، فإن أشكل عليهم هذا كله فإن الصوت من السماء لا يشكل عليهم ، إذا نودي باسمه واسم أبيه واسم أمه».

وسيأتي ـ إن شاء الله ـ هذا الحديث مسندا من طريق محمد بن إبراهيم النعماني ، في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا

__________________

(٤) في المصدر : فينفر.

(٥) النساء ٤ : ٤٧.

(٦) آل عمران ٣ : ٣٣ ـ ٣٤.

٣٥٤

الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ) (٧) الآية ، من سورة النساء.

٦٩٨ / ١٤ ـ الطبرسي في (الاحتجاج) عن عبد العظيم الحسني رضي‌الله‌عنه ، قال : قلت لمحمد بن علي بن موسى عليه‌السلام : إني لأرجو أن تكون القائم من أهل بيت محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا ، كما ملئت ظلما وجورا؟.

فقال عليه‌السلام : «ما منا إلا قائم بأمر الله [وهاد إلى دين الله] ، ولكن القائم الذي يطهر الله به الأرض من الكفر والجحود ، ويملأها قسطا وعدلا ، هو الذي تخفى على الناس ولادته ، ويغيب عنهم شخصه ، وتحرم عليهم تسميته ، وهو سمي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكنيه ، وهو الذي تطوى له الأرض ويذل له كل صعب. يجتمع إليه من أصحابه عدة أهل بدر ثلاث مائة وثلاثة عشر رجلا من أقاصي الأرض ، وذلك قوله الله عز وجل : (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فإذا اجتمعت له هذه العدة من أهل الأرض (١) أظهر الله أمره ، فإذا أكمل له العقد وهو عشرة آلاف رجل خرج بإذن الله ، فلا يزال يقتل أعداء الله حتى يرضى الله عز وجل».

قال عبد العظيم : [فقلت له :] يا سيدي ، وكيف يعلم أن الله قد رضي؟

قال : «يلقي في قلبه الرحمة ، فإذا دخل المدينة أخرج اللات والعزى فأحرقهما».

وسيأتي ـ إن شاء الله تعالى ـ حديث يوافق ما هنا في معنى الآية ، في قوله تعالى : (وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) من سورة سبأ ، حديث عن الباقر عليه‌السلام (٢).

قوله تعالى :

وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ

حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي [١٥٠]

٦٩٩ / ١ ـ علي بن إبراهيم : يعني : ولا الذين ظلموا منهم ، و (إلا) في موضع (ولا) (١) وليست هي استثناء.

__________________

(٧) يأتي في الحديث (٢) من تفسير الآية (٤٧) من سورة النساء.

١٤ ـ الإحتجاج : ٤٤٩.

(١) في المصدر : أهل الإخلاص.

(٢) يأتي في الحديث (١) من تفسير الآية (٥١) من سورة سبأ.

سورة البقرة آية ـ ١٥٠ ـ

١ ـ تفسير القمّي ١ : ٦٣.

(١) وهو ما قاله أبو عبيدة : إنّ (إلاّ) ها هنا بمعنى الواو ، أي ولا الذين ظلموا ، وأنكره عليه الفرّاء والمبرّد. مجمع البيان ١ : ٤٢٧.

٣٥٥

قوله تعالى :

فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ [١٥٢]

٧٠٠ / ١ ـ ابن بابويه ، قال : حدثنا محمد بن الحسن ، قال : حدثنا أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد ، قال : حدثنا أبو محمد جعفر بن أحمد بن سعيد البجلي ابن أخي صفوان بن يحيى ، عن علي بن أسباط ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي الصباح بن نعيم العبدي (١) ، عن محمد بن مسلم ، في حديث يقول في آخره : «تسبيح فاطمة الزهراء عليها‌السلام ذكر الله الكثير [الذي] قال الله عز وجل : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ)».

٧٠١ / ٢ ـ العياشي : عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : «قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن الملك ينزل الصحيفة أول النهار وأول الليل ، يكتب فيها عمل ابن آدم ، فاعملوا (١) في أولها خيرا (٢) وفي آخرها خيرا ، يغفر لكم ما بين ذلك ـ إن شاء الله ـ فإن الله قال : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ)».

٧٠٢ / ٣ ـ عن سماعة بن مهران ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قلت له : للشكر حد إذا فعله الرجل كان شاكرا ، قال : «نعم» قلت : وما هو؟ قال : «الحمد لله على كل نعمة أنعمها علي ، وإن كان لكم فيما أنعم عليه حق أداه ـ قال ـ ومنه [قوله تعالى] (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا) (١)» حتى عد آيات.

٧٠٣ / ٤ ـ عن أبي عمرو الزبيري ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «الكفر في كتاب الله على خمسة أوجه ، فمنها : كفر النعم ، وذلك قول الله يحكي قول سليمان عليه‌السلام : (هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ) (١) الآية ، وقال : (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) (٢) ، [وقال :] (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ)».

٧٠٤ / ٥ ـ عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : «تسبيح فاطمة الزهراء عليها‌السلام من ذكر الله الكثير الذي قال : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ)».

__________________

سورة البقرة آية ـ ١٥٢ ـ

١ ـ معاني الأخبار : ١٩٤ / ٥.

(١) في «س» : أبي الصبّاح ، عن نعيم العايدي ، وفي «ط» : أبي الصبّاح ، عن نعيم العابدي ، وفي المصدر : أبي الصبّاح بن نعيم العائذي ، والصواب ما أثبتناه ، وهو إبراهيم بن نعيم العبدي أبو الصبّاح الكناني. انظر : رجال النجاشيّ : ١٩ : ٢٤ ، مجمع الرجال ١ : ٧٦ و ٧٨.

٢ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٦٧ / ١١٩.

(١) في المصدر : فأملوا.

(٢) في المصدر زيادة : فان الله.

٣ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٦٧ / ١٢٠.

(١) الزّخرف ٤٣ : ١٣.

٤ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٦٧ / ١٢١.

(١) النّمل ٢٧ : ٤٠.

(٢) إبراهيم ١٤ : ٧.

٥ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٦٧ / ١٢٢.

٣٥٦

٧٠٥ / ٦ ـ عمر بن إبراهيم الأوسي ، قال : نزل جبرئيل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال : إن الله عز وجل يقول لك : أعطيت أمتك ما لم أعطه أحدا من الأمم ، قال : «وما هو ، يا أخي؟» قال : قوله تعالى : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) ولقد أجزل العطاء والموهبة من جلالك بهذه المنقبة حيث يخلق الفلك والنور العلوي والسفلي ، والعرش والكرسي ، والبهائم والهوام ، والوحش والأنعام ، ولم يقل لصنف منهم : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) فمتى تؤدي شكر مولاك على ما أولاك ، أنعم عليك وأعطاك.

قوله تعالى :

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ

[١٥٣]

٧٠٦ / ١ ـ العياشي : عن الفضيل ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : قال : «يا فضيل ، بلغ من لقيت من موالينا عنا السلام ، وقل لهم : إني أقول : إني لا اغني عنكم من الله شيئا إلا بورع ، فاحفظوا ألسنتكم ، وكفوا أيديكم ، وعليكم بالصبر والصلاة ، إن الله مع الصابرين».

٧٠٧ / ٢ ـ عن عبد الله بن طلحة ، قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «الصبر هو الصوم».

٧٠٨ / ٣ ـ صحيفة الامام الرضا عليه‌السلام : «ليس في القرآن آية (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) إلا في حقنا».

٧٠٩ / ٤ ـ ومن طريق المخالفين : روى موفق بن أحمد ، وهو من أعيان علماء المخالفين ، بإسناده عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ما أنزل الله آية فيها (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) إلا علي رأسها وأميرها».

٧١٠ / ٥ ـ وعنه أيضا ، بإسناده عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : ما أنزل الله تعالى في القرآن آية يقول فيها (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) إلا كان علي بن أبي طالب عليه‌السلام شريفها وأميرها.

__________________

٦ ـ .........

سورة البقرة آية ـ ١٥٣ ـ

١ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٦٨ / ١٢٣.

٢ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٦٨ / ١٢٤.

٣ ـ أخرجه ابن شهر آشوب في مناقبه ٣ : ٥٣ ، عن صحيفة الإمام الرضا عليه‌السلام.

٤ ـ مناقب الخوارزمي : ١٨٨ ، حلية الأولياء ١ : ٦٤ ، كفاية الطالب : ١٣٩ ، شواهد التنزيل ١ : ٥١ / ٧٨ ، كنز العمال ١١ : ٦٠٤ / ٣٢٩٢٠.

٥ ـ مناقب الخوارزمي : ١٩٨ ، كفاية الطالب : ١٤٠ ، الصواعق المحرقة : ١٢٧ ، تاريخ الخلفاء للسيوطي : ١٣٦ ، الرياض النضرة ٣ : ١٨٠.

٣٥٧

قوله تعالى :

وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ

وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [١٥٥] الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ

مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ [١٥٦] أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ

مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [١٥٧]

٧١١ / ١ ـ محمد بن إبراهيم النعماني ـ المعروف بابن زينب ـ قال : حدثنا محمد بن همام ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، قال : حدثنا أحمد بن هلال ، قال : حدثنا الحسن بن محبوب (١) ، عن علي بن رئاب ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما‌السلام ، قال : «إن قدام [قيام] القائم علامات ، بلوى من الله تعالى لعباده المؤمنين».

قلت : وما هي؟ قال : «فذلك قول الله عز وجل : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ـ قال ـ : لَنَبْلُوَنَّكُمْ) يعني المؤمنين (بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ) من ملوك بني فلان في آخر سلطانهم (وَالْجُوعِ) بغلاء أسعارهم (وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ) فساد التجارات وقلة الفضل فيها (وَالْأَنْفُسِ) موت ذريع (وَالثَّمَراتِ) قلة ريع ما يزرع وقلة بركة الثمار (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) عند ذلك بخروج القائم عليه‌السلام».

ثم قال : «يا محمد ، هذا تأويله ، إن الله عز وجل يقول : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) (٢)».

٧١٢ / ٢ ـ وعنه ، قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة ، قال : أخبرني أحمد بن يوسف بن يعقوب أبو الحسن الجعفي من كتابه ، قال : حدثنا إسماعيل بن مهران ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «لا بد أن يكون قدام قيام القائم سنة يجوع فيها الناس ، ويصيبهم خوف شديد من القتل ، ونقص من الأموال والأنفس والثمرات ، وإن ذلك في كتاب الله لبين» ثم تلا هذه الآية : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ

__________________

سورة البقرة آية ـ ١٥٥ ـ ١٥٧ ـ

١ ـ الغيبة : ٢٥٠ / ٥ ، ينابيع المودة : ٤٢١.

(١) في «س» : عبد الله بن جعفر الحميري ، قال : حدثنا محمد بن هلال ، قال : حدثنا الحسن بن محبوب ، وفي المصدر : عبد الله بن جعفر الحميري ، قال : حدثنا الحسن بن محبوب ، والظاهر أن الصواب ما أثبتناه ، لروآية عبد الله بن جعفر ، عن أحمد بن هلال ، وروآية أحمد بن هلال عن الحسن ابن محبوب دون محمد بن هلال ، راجع رجال النجاشي ٨٣ / ١١٩ ، معجم رجال الحديث ٢ : ٣٥٥ و ٣٥٩ والحديثين (٢ و ٣)

(٢) آل عمران ٣ : ٧.

٢ ـ الغيبة : ٢٥٠ / ٦.

٣٥٨

بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ).

ورواه أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في (مسند فاطمة عليها‌السلام قال : أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون ، قال حدثني أبي ، قال : حدثنا أبو علي محمد بن همام ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، قال : حدثنا أحمد بن هلال ، قال : حدثني الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، وأبي أيوب الخزاز ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «إن لقيام قائمنا علامات» وذكر الحديث إلى آخره (١).

٧١٣ / ٣ ـ ابن بابويه ، قال : حدثني أبي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثني عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن هلال ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب الخزاز ، والعلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «إن قبل قيام (١) القائم علامات تكون من الله عز وجل للمؤمنين».

قلت : وما هي جعلني الله فداك؟ قال : «يقول (٢) الله عز وجل : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ) يعني المؤمنين قبل خروج القائم (بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) ـ قال ـ : يبلوهم بشيء من الخوف من ملوك بني فلان في آخر سلطانهم ، والجوع بغلاء أسعارهم ، ونقص من الأموال ـ قال ـ : كساد التجارات وقلة الفضل ، ونقص من الأنفس ـ قال ـ : موت ذريع ، ونقص من الثمرات ، قلة ريع ما يزرع ، (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) عند ذلك بتعجيل الفرج (٣)».

ثم قال لي : يا محمد ، هذا تأويله ، إن الله عز وجل يقول : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) (٤)».

٧١٤ / ٤ ـ محمد بن يعقوب : عن أبي علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن إسحاق بن عمار ، وعبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قال الله عز وجل : إني جعلت الدنيا بين عبادي قرضا ، فمن أقرضني منها قرضا ، أعطيته بكل واحدة عشرا إلى سبع مائة ضعف ، وما شئت من ذلك ، ومن لم يقرضني منها قرضا فأخذت منه شيئا قسرا فصبر ، أعطيته ثلاث خصال ، لو أعطيت واحدة منهن ملائكتي لرضوا بها مني».

قال : ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «قول الله تعالى : (الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ * أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ) فهذه واحدة من ثلاث خصال (وَرَحْمَةٌ) اثنتان (وَأُولئِكَ هُمُ

__________________

(١) دلائل الإمامة : ٢٥٩.

٣ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٦٤٩ / ٣.

(١) في المصدر : إن قدام.

(٢) في المصدر : قال : ذلك قول.

(٣) في المصدر : بتعجيل خروج القائم عليه‌السلام

(٤) آل عمران ٣ : ٧.

٤ ـ الكافي ٢ : ٧٦ / ٢١.

٣٥٩

الْمُهْتَدُونَ) ثلاث ـ ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام ـ هذا لمن أخذ الله منه شيئا قسرا فصبر».

٧١٥ / ٥ ـ وعنه : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن داود بن زربي (١) ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «من ذكر مصيبته ، ولو بعد حين ، فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، والحمد لله رب العالمين ، اللهم أجرني على مصيبتي ، واخلف علي (٢) منها ، كان له من الأجر مثل ما كان عند أول صدمة».

٧١٦ / ٦ ـ وعنه : عن علي بن محمد ، عن صالح بن أبي حماد ، رفعه ، قال : جاء أمير المؤمنين عليه‌السلام إلى الأشعث بن قيس يعزيه بأخ له ، يقال له : عبد الرحمن ، فقال له أمير المؤمنين : «إن جزعت فحق الرحم أتيت ، وإن صبرت فحق الله أديت ، على أنك إن صبرت جرى عليك القضاء وأنت محمود ، وإن جزعت جرى عليك القضاء وأنت مذموم».

فقال له الأشعث : إنا لله وإنا إليه راجعون! فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «أتدري ما تأويلها؟» فقال الأشعث (١) : أنت غاية العلم ومنتهاه.

فقال له : «أما قولك : إنا لله ، فإقرار منك بالملك ، وأما قولك : وإنا إليه راجعون ، فإقرار منك بالهلاك».

٧١٧ / ٧ ـ السيد الرضي في (الخصائص) : قال علي عليه‌السلام وقد سمع رجلا يقول : إنا لله وإنا إليه راجعون : «يا هذا ، إن قولنا : إنا لله ، إقرار منا بالملك ، وقولنا : إليه راجعون ، إقرار منا بالهلاك (١)».

٧١٨ / ٨ ـ ابن شهر آشوب ، قال : لما نعى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليا عليه‌السلام بحال جعفر في أرض مؤتة (١) ، قال : «إنا لله وإنا إليه راجعون» فأنزل الله : (الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ * أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ) الآية.

٧١٩ / ٩ ـ العياشي : عن الثمالي ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ).

قال : «ذلك جوع خاص ، وجوع عام ؛ فأما بالشام فإنه عام ، وأما الخاص بالكوفة يخص ولا يعم ولكنه يخص

__________________

٥ ـ الكافي ٣ : ٢٢٤ / ٦.

(١) في «س» : داود بن زرين ، وفي المصدر : داود بن رزين ، والصواب ما أثبتناه ، وهو أبو سليمان الخندقي روى عن أبي عبد الله ٧. راجع رجال النجاشي : ١٦٠ / ٤٢٤ ، الفهرست : ٦٨ / ٢٧٠ واستظهر صاحب جامع الرواة ١ : ٣٠٤ أنّ ابن رزين سهو لعدم وجوده في كتب الرجال.

(٢) في المصدر زيادة : أفضل.

٦ ـ الكافي ٣ : ٢٦١ / ٤٠.

(١) في المصدر زيادة : لا.

٧ ـ خصائص الأئمة : ٩٥.

(١) في المصدر : بالهلك.

٨ ـ المناقب ٢ : ١٢٠.

(١) مؤتة : قرية من قرى البلقاء في حدود الشام. «معجم البلدان ٥ : ٢٢٠».

٩ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٦٨ / ١٢٥.

٣٦٠