البرهان في تفسير القرآن - ج ١

السيد هاشم الحسيني البحراني

البرهان في تفسير القرآن - ج ١

المؤلف:

السيد هاشم الحسيني البحراني


المحقق: مؤسسة البعثة
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة البعثة
المطبعة: مؤسسة البعثة
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٥٢

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ [١]

٢٥٦ / ١ ـ علي بن إبراهيم بن هاشم ، قال : حدثنا أبو الفضل العباس بن محمد بن القاسم بن حمزة بن موسى ابن جعفر عليه‌السلام.

قال : حدثني أبي ، عن محمد بن أبي عمير ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز (١) ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام.

قال : وحدثني أبي ، عن النضر بن سويد ، عن حماد ، وعبد الرحمن بن أبي نجران ، وابن فضال ، عن علي بن عقبة. (٢) قال : وحدثني أبي ، عن النضر بن سويد ، وأحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام.

قال : وحدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، وهشام بن سالم ، وعن كلثوم بن الهرم (٣) ، عن عبدالله بن سنان ، وعبدالله بن مسكان ، وعن صفوان ، وسيف بن عميرة ، وأبي حمزة الثمالي ، وعن عبدالله بن جندب ، والحسين بن خالد ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام.

قال : وحدثني أبي ، عن حنان ، وعبدالله بن ميمون القداح ، وأبان بن عثمان ، عن عبدالله بن شريك العامري ، عن المفضل بن عمر ، وأبي بصير ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما‌السلام ، قالا في تفسير (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ).

قال : وحدثني أبي ، عن عمرو بن إبراهيم الراشدي ، وصالح بن سعيد ، ويحيى بن أبي عمران (٤) الحلبي ، وإسماعيل بن مرار ، وأبي طالب عبدالله بن الصلت ، عن علي بن يحيى (٥) ، عن أبي بصير ، عن أبي

__________________

سورة الفاتحة آية ـ ١ ـ

١ ـ تفسير القمّي ١ : ٢٧.

(١) في المصدر : حريف ، تصحيف صوابه ما في المتن ، راجع رجال النجاشي : ١٤٤ / ٣٧٥.

(٢) في «س» ، «ط» : عن عقبة ، ولعلّ الصواب ما أثبتناه من المصدر. راجع جامع الرواة ١ : ٥٩٣ ، معجم رجال الحديث ١٢ : ٩٦.

(٣) في المصدر : كلثوم بن العدم. راجع معجم رجال الحديث ١٤ : ١١٩.

(٤) في «س» : يحيى بن أبي عمير ، والصواب ما في المتن. راجع جامع الرواة ٢ : ٣٢٤ ، معجم رجال الحديث ٢٠ : ٢٦.

(٥) في «س» ، «ط» : عن أبي يحيى ، ولعلّ الصواب ما أثبتناه من المصدر. راجع معجم رجال الحديث ١٢ : ٢٢١.

١٠١

عبدالله عليه‌السلام ، قال : سألته عن تفسير (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) قال : «الباء بهاء الله ، والسين سناء الله ، والميم ملك الله ، والله إله كل شيء ، والرحمن بجميع خلقه ، والرحيم بالمؤمنين خاصة».

٢٥٧ / ٢ ـ محمد بن يعقوب : عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد ، عن عبدالله بن سنان ، قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن تفسير (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، قال : «الباء بهاء الله ، والسين سناء الله ، والميم مجد الله ـ وروى بعضهم : الميم ملك الله ـ والله إله كل شيء ، الرحمن بجميع خلقه ، والرحيم بالمؤمنين خاصة».

٢٥٨ / ٣ ـ وعنه : عن علي بن إبراهيم ، عن النضر بن سويد ، عن هشام بن الحكم أنه سأل أبا عبدالله عليه‌السلام عن أسماء الله واشتقاقها ، والله مم هو مشتق؟ فقال : «يا هشام ، الله مشتق من إله ، والإله يقتضي مألوها ، والاسم غير المسمى ، فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر ولم يعبد شيئا ، ومن عبد الاسم والمعنى فقد أشرك وعبد اثنين ، ومن عبد المعنى دون الاسم فذاك التوحيد ، أفهمت يا هشام؟».

قال : قلت زدني. قال : «لله تسعة وتسعون اسماء ، فلو كان الاسم هو المسمى لكان كل اسم منها إلها ، ولكن لله معنى يدل عليه بهذه الأسماء ، وكلها غيره.

يا هشام ، الخبز اسم للمأكول ، والماء اسم للمشروب ، والثوب اسم للملبوس ، والنار اسم للمحرق ، (١) أفهمت ـ يا هشام ـ فهما تدفع به وتناضل به أعداء الله ، المتخذين مع الله عز وجل غيره؟».

قلت : نعم ، فقال : «نفعك الله به وثبتك ، يا هشام».

قال هشام : فو الله ما قهرني أحد في التوحيد حتى قمت مقامي هذا.

٢٥٩ / ٤ ـ وعنه : عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد البرقي ، عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن ابن راشد ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام قال : سئل عن معنى الله ، فقال : «استولى على ما دق وجل». (١)

٢٦٠ / ٥ ـ ابن بابويه : عن أبيه ، قال : حدثنا أحمد بن إدريس ، عن الحسين بن عبدالله ، عن محمد بن عبد الله ، وموسى بن عمر ، والحسن بن علي بن أبي عثمان ، عن ابن سنان ، قال : سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام عن الاسم ، ما هو؟ فقال : «صفة لموصوف».

٢٦١ / ٦ ـ وعنه ، قال : حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن

__________________

٢ ـ الكافي ١ : ٨٩ / ١.

٣ ـ الكافي ١ : ٨٩ / ٢.

(١) في «س» : الحرق.

٤ ـ الكافي ١ : ٨٩ / ٣.

(٢) ما دقّ وجلّ : حقر وعظم. «مجمع البحرين ـ دقق ـ ٥ : ١٦٢».

٥ ـ معاني الأخبار : ٢ / ١.

٦ ـ معاني الأخبار : ٣ / ٢.

١٠٢

العباس بن معروف ، عن صفوان بن يحيى ، عمن حدثه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام أنه سئل عن (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، فقال : «الباء بهاء الله ، والسين سناء الله ، والميم ملك الله».

قال : قلت : الله؟ قال : «الألف آلاء الله على خلقه من النعيم بولايتنا ، واللام إلزام الله خلقه ولايتنا».

قلت : فالهاء؟ قال : «هوان لمن خالف محمدا وآل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين)».

قلت : الرحمن؟ قال : «بجميع العالم».

قلت : الرحيم؟ قال : «بالمؤمنين خاصة».

٢٦٢ / ٧ ـ وعنه ، قال : حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي‌الله‌عنه ، قال : أخبرنا أحمد بن محمد ابن سعيد مولى بني هاشم ، عن علي بن الحسن بن فضال ، عن أبيه ، قال : سألت الرضا علي بن موسى عليه‌السلام عن (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فقال : «معنى قول القائل : بسم الله ، أي : أسمي على نفسي سمة من سمات الله عز وجل وهي العبادة».

قال : فقلت له : وما السمة؟ قال : «العلامة».

٢٦٣ / ٨ ـ وعنه ، قال : حدثنا محمد بن القاسم الجرجاني المفسر رحمه‌الله ، قال : حدثنا أبو يعقوب يوسف بن محمد بن زياد ، وأبو الحسن علي بن محمد بن سيار ، وكانا من الشيعة الإمامية ، عن أبويهما ، عن الحسن بن علي بن محمد عليهم‌السلام في قول الله عز وجل : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، فقال : «هو الله الذي يتأله (١) إليه عند الحوائج والشدائد كل مخلوق ، عند انقطاع الرجاء عن كل من هو دونه ، وتقطع الأسباب من جميع من سواه ، تقول : بسم الله ، أي استعين على أموري كلها بالله ، الذي لا تحق العبادة إلا له ، والمغيث إذا استغيث ، والمجيب إذا دعي.

وهو ما قال رجل للصادق عليه‌السلام : يا بن رسول الله ، دلني على الله ما هو ، فقد أكثر علي المجادلون وحيروني؟ فقال له : يا عبدالله ، هل ركبت سفينة قط؟ قال : نعم. فقال : هل كسرت بك ، حيث لا سفينة تنجيك ، ولا سباحة تغنيك؟ قال : نعم.

قال الصادق عليه‌السلام : فهل تعلق قلبك هنالك أن شيئا من الأشياء قادر على أن يخلصك من ورطتك؟ قال : نعم. قال الصادق عليه‌السلام : فذلك الشيء هو الله ، القادر على الإنجاء حيث لا منجي ، وعلى الإغاثة حيث لا مغيث.

ثم قال الصادق عليه‌السلام : ولربما ترك بعض شيعتنا في افتتاح أمره (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فيمتحنه الله عز وجل بمكروه ، لينبهه على شكر الله تبارك وتعالى والثناء عليه ، ويمحق عنه وصمة (٢) تقصيره ،

__________________

٧ ـ معاني الأخبار : ٣ / ١.

٨ ـ التّوحيد : ٢٣٠ / ٥ ، معاني الأخبار : ٤ / ٢.

(١) أله إلى كذا : لجأ إليه ، لأنّه سبحانه وتعالى المفزّع الذي يلجأ إليه في كل أمر. «لسان العرب ـ أله ـ ١٣ : ٤٦٩».

(٢) الوصم : العيب والعار. «الصحاح ـ وصم ـ ٥ : ٢٠٥٢».

١٠٣

عند تركه قول : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ).

قال : وقام رجل إلى علي بن الحسين عليه‌السلام فقال : أخبرني ما معنى (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)؟

فقال علي بن الحسين عليه‌السلام : حدثني أبي ، عن أخيه الحسن ، عن أبيه أمير المؤمنين عليه‌السلام : أن رجلا قام إليه ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أخبرني عن (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ما معناه؟

فقال : إن قولك : الله ، أعظم اسم من أسماء الله عز وجل ، وهو الاسم الذي لا ينبغي أن يسمى به غير الله ، ولم يتسم به مخلوق.

فقال الرجل : فما تفسير قول الله؟

قال : هو الذي يتأله إليه عند الحوائج والشدائد كل مخلوق ، عند انقطاع الرجاء من جميع من [هو] دونه ، وتقطع الأسباب من كل ما سواه ، وذلك [أن] كل مترئس في هذه الدنيا ، ومتعظم فيها ، وإن عظم غناه وطغيانه ، وكثرت حوائج من دونه إليه ، فإنهم سيحتاجون حوائج [لا يقدر عليها هذا المتعاظم ، وكذلك هذا المتعاظم يحتاج حوائج] لا يقدر عليها ، فينقطع إلى الله عند ضرورته وفاقته ، حتى إذا كفى همه ، عاد إلى شركه. أما تسمع الله عز وجل يقول : (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ * بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ وَتَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ) (٣) فقال الله جل وعز لعباده : أيها الفقراء إلى رحمتي ، إني قد ألزمتكم الحاجة إلي في كل حال ، وذلة العبودية في كل وقت ، فإلي فافزعوا في كل أمر تأخذون وترجون تمامه وبلوغ غايته ، فإني إن أردت أن أعطيكم ، لم يقدر غيري على منعكم ، وإن أردت أن أمنعكم ، لم يقدر غيري على إعطائكم ، فأنا أحق من يسأل ، وأولى من تضرع إليه.

فقولوا عند افتتاح كل أمر صغير أو عظيم (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) أي : استعين على هذا الأمر ، الذي لا تحق العبادة لغيره ، إلا له ، المجيب إذا دعي ، المغيث إذا استغيث ، الرحمن الذي يرحم يبسط الرزق علينا ، الرحيم بنا في أدياننا ، ودنيانا ، وآخرتنا ، خفف علينا الدين ، وجعله سهلا خفيفا ، وهو يرحمنا بتمييزنا من أعدائه».

ثم قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من حزنه أمر تعاطاه فقال : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) وهو مخلص لله ، ويقبل بقلبه إليه ، لم ينفك من إحدى اثنتين : إما بلوغ حاجته في الدنيا ، وإما يعد له عند ربه ويدخر له ، وما عند الله خير وأبقى للمؤمنين».

٢٦٤ / ٩ ـ العياشي : عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، في تفسير (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فقال : «الباء بهاء الله ، والسين سناء الله ، والميم مجد الله ـ ورواه غيره عنه : ملك الله ـ والله إله الخلق ، الرحمن بجميع العالم ، الرحيم بالمؤمنين خاصة».

ورواه غيره عنه : «والله إله كل شيء».

__________________

(٣) الأنعام ٦ : ٤٠ و ٤١.

٩ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٢ / ١٨ ـ ٢٠.

١٠٤

٢٦٥ / ١٠ ـ عن الحسن بن خرزاذ ، قال : كتبت إلى الصادق عليه‌السلام أسأل عن معنى الله. فقال : «استولى على ما دق وجل».

٢٦٦ / ١١ ـ تفسير الإمام أبي محمد العسكري عليه‌السلام قال : «قال الصادق عليه‌السلام : ولربما ترك في افتتاح أمر بعض شيعتنا (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فيمتحنه الله بمكروه ، لينبهه على شكر الله والثناء عليه ، ويمحو عنه وصمة تقصيره ، عند تركه قول : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ).

لقد دخل عبدالله بن يحيى على أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وبين يديه كرسي ، فأمره بالجلوس عليه ، فجلس عليه ، فمال به حتى سقط على رأسه ، فأوضح عن عظم رأسه ، وسال الدم ، فأمر أمير المؤمنين عليه‌السلام بماء ، فغسل عنه ذلك الدم. ثم قال : ادن مني ، [فدنا منه] فوضع يده على موضحته (١) ، وقد كان يجد من ألمها ما لا صبر له معه ، ومسح يده عليها وتفل فيها ، حتى اندمل وصار كأنه لم يصبه شيء قط.

وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : يا عبدالله ، الحمد لله الذي جعل تمحيص ذنوب شيعتنا في الدنيا بمحنهم ، لتسلم لهم طاعاتهم ، ويستحقوا عليها ثوابها.

فقال عبدالله بن يحيى : يا أمير المؤمنين ، وإنا لا نجازى بذنوبنا إلا في الدنيا؟

قال : نعم ، أما سمعت قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الدنيا سجن المؤمن ، وجنة الكافر. إن الله تعالى طهر شيعتنا من ذنوبهم في الدنيا بما يبتليهم به من المحن ، وبما يغفره لهم ، فإن الله تعالى يقول : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) (٢) حتى إذا وردوا يوم القيامة ، توفرت عليهم طاعاتهم وعباداتهم.

وإن أعداءنا يجازيهم عن طاعة تكون في الدنيا منهم ـ وإن كان لا وزن لها ، لأنه لا إخلاص معها ـ حتى إذا وافوا القيامة ، حملت عليهم ذنوبهم ، وبغضهم لمحمد وآله (صلوات الله عليهم أجمعين) وخيار أصحابه ، فقذفوا في النار.

فقال عبدالله بن يحيى : يا أمير المؤمنين ، قد أفدتني وعلمتني ، فإن رأيت أن تعرفني ذنبي الذي امتحنت به في هذا المجلس ، حتى لا أعود إلى مثله؟

فقال : تركك حين جلست أن تقول : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فجعل الله ذلك لسهوك عما ندبت إليه تمحيصا بما أصابك ، أما علمت أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حدثني ، عن الله عز وجل أنه قال : كل أمر ذي بال لم يذكر فيه اسم الله ، فهو أبتر؟

فقلت : بلى ـ بأبي أنت وأمي ـ لا أتركها بعدها. قال : إذن تحظى (٣) وتسعد.

قال عبدالله بن يحيى : يا أمير المؤمنين ، ما تفسير (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)؟

__________________

١٠ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢١ / ١٥.

١١ ـ التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه‌السلام : ٢٢ / ٧.

(١) الموضحة : الشجّة التي تبدي وضح العظم. «الصحاح ـ وضح ـ ١ : ٤١٦».

(٢) الشّورى ٤٢ : ٣٠.

(٣) في المصدر : تحصن بذلك.

١٠٥

قال : إن العبد إذا أراد أن يقرأ ، أو يعمل عملا ، فيقول : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) أي بهذا الاسم أعمل هذا العمل ، فكل عمل يعمله ، يبدأ فيه بـ (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فإنه مبارك له فيه».

٢٦٧ / ١٢ ـ (ربيع الأبرار) للزمخشري : قال : قال رجل لجعفر بن محمد عليهما‌السلام : ما الدليل على الله ، ولا تذكر لي العالم والعرض والجواهر؟ فقال له : «هل ركبت البحر؟» قال : نعم. قال : «فهل عصفت بكم الريح ، حتى خفتم الغرق؟» قال : نعم. قال : [قال : «فهل انقطع رجاؤك من المركب والملاحين؟» قال : نعم.] قال : «فهل تتبعت نفسك أن ثم من ينجيك؟» قال : نعم.

قال : «فإن ذاك هو الله سبحانه وتعالى ، قال الله : عز وجل : (ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ) (١) و (إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ)». (٢)

قوله عز وجل :

(الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ [٢] الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ [٣] مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [٤] إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [٥] اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ [٦] صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ [٧])

٢٦٨ / ١ ـ محمد بن يعقوب : عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن بعض أصحابنا ، عن محمد بن هشام ، عن ميسر ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : «شكر النعمة اجتناب المحارم ، وتمام الشكر قول الرجل : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)».

٢٦٩ / ٢ ـ الشيخ الفاضل علي بن عيسى في (كشف الغمة) : عن الإمام الصادق عليه‌السلام ، قال : «فقد أبي بغلة له ، فقال : إن ردها الله علي لأحمدنه بمحامد يرضاها ، فلما لبث أن أتي بها بسرجها ولجامها ، فلما استوى [عليها] وضم إليه ثيابه ، رفع رأسه إلى السماء ، وقال : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) ولم يزد.

ثم قال : ما تركت ولا أبقيت شيئا ، جعلت جميع أنواع المحامد لله عز وجل ، فما من حمد إلا وهو داخل فيما قلت».

ثم قال علي بن عيسى : صدق وبر عليه‌السلام فإن الألف واللام في قوله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) يستغرق الجنس

__________________

١٢ ـ ربيع الأبرار ١ : ٦٦٣.

(١) الإسراء ١٧ : ٦٧.

(٢) النّحل ١٦ : ٥٣.

سورة الفاتحة آية ـ ٢ ـ ٧ ـ

١ ـ الكافي ٢ : ٧٨ / ١٠.

٢ ـ كشف الغمّة ٢ : ١١٨.

١٠٦

وتفرده تعالى بالحمد.

٢٧٠ / ٣ ـ علي بن إبراهيم ، قال : حدثني أبي ، عن محمد بن أبي عمير ، عن النضر بن سويد ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قوله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) قال : «الشكر لله».

وفي قوله : (رَبِّ الْعالَمِينَ) قال : «خالق الخلق. (الرَّحْمنِ) بجميع خلقه (الرَّحِيمِ) بالمؤمنين خاصة». (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) قال : «يوم الحساب ، والدليل على ذلك قوله : (وَقالُوا يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ) (١) يعني يوم الحساب». (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) «مخاطبة الله عز وجل و (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) مثله». (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) قال : «الطريق ، ومعرفة الإمام».

٢٧١ / ٤ ـ قال : وحدثني أبي ، عن حماد ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قوله : (الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ).

قال : «هو أمير المؤمنين عليه‌السلام ومعرفته ، والدليل على أنه أمير المؤمنين قوله : (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) (١) وهو أمير المؤمنين عليه‌السلام في أم الكتاب.

٢٧٢ / ٥ ـ وعنه : وحدثني أبي ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث ، قال : وصف أبو عبدالله عليه‌السلام الصراط ، فقال : «ألف سنة صعود ، وألف سنة هبوط ، وألف سنة حدال». (١)

٢٧٣ / ٦ ـ وعنه : عن سعدان بن مسلم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : سألته عن الصراط ، قال : «هو أدق من الشعر ، وأحد من السيف ؛ فمنهم من يمر (١) عليه مثل البرق ، ومنهم من يمر عليه مثل عدو الفرس ، ومنهم من يمر عليه ماشيا ، ومنهم من يمر عليه حبوا ، (٢) متعلقا ، فتأخذ النار منه شيئا وتترك بعضا».

٢٧٤ / ٧ ـ وعنه أيضا ، قال : وحدثني أبي ، عن حماد ، عن حريز ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام أنه قرأ : «اهدنا الصراط المستقيم* صراط من (١) أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين» قال : «المغضوب عليهم : النصاب ، والضالين : اليهود والنصارى».

__________________

٣ ـ تفسير القمّي ١ : ٢٨.

(١) الصّافّات ٣٧ : ٢٠.

٤ ـ تفسير القمّي ١ : ٢٨.

(١) الزّخرف ٤٣ : ٤.

٥ ـ تفسير القمّي ١ : ٢٩.

(١) حدل : مشى في ميل إلى أحد جانبيه. «المعجم الوسيط ـ حدل ـ ١ : ١٦١».

٦ ـ تفسير القمّي ١ : ٢٩.

(١) في «س» : يمشي.

(٢) حبا الصبي على استه حبوا ، إذا زحف. «الصحاح ـ حبا ـ ٦ : ٢٣٠٧».

٧ ـ تفسير القمّي ١ : ٢٩.

(١) قرأ صراط من أنعمت عليهم عمر بن الخطّاب ، وعمرو بن عبد الله الزبيري ، وروي ذلك عن أهل البيت :. أنظر مجمع البيان ١ : ١٠٥.

١٠٧

٢٧٥ / ٨ ـ وعن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قوله : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ). قال : «المغضوب عليهم : النصاب ، والضالين : الشكاك الذين لا يعرفون الإمام».

٢٧٦ / ٩ ـ سعد بن عبدالله : عن أحمد بن الحسين ، عن علي بن الريان ، عن عبيد الله بن عبدالله الدهقان ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ، قال : سمعته يقول : «إن لله خلف هذا النطاق زبرجدة خضراء ، منها اخضرت السماء».

قلت : وما النطاق؟! قال : «الحجاب ، ولله عز وجل وراء ذلك سبعون ألف عالم ، أكثر من عدة الجن والإنس ، وكلهم يلعن فلانا وفلانا».

٢٧٧ / ١٠ ـ وعنه : عن سلمة بن الخطاب ، عن أحمد بن عبد الرحمن بن (١) عبد ربه الصيرفي ، عن محمد بن سليمان ، عن يقطين الجواليقي ، عن فلفلة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : «إن الله عز وجل خلق جبلا محيطا بالدنيا [من] زبرجدة خضراء ، وإنما خضرة السماء من خضرة ذلك الجبل ، وخلق خلفه خلقا ، لم يفترض عليهم شيئا مما افترض على خلقه من صلاة وزكاة ، وكلهم يلعن رجلين من هذه الأمة» وسماهما.

٢٧٨ / ١١ ـ وعنه : عن محمد بن هارون بن موسى ، عن أبي سهل بن زياد الواسطي ، عن عجلان أبي صالح ، (١) قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن قبة آدم ، فقلت له : هذه قبة آدم؟

فقال : «نعم ، ولله عز وجل قباب كثيرة ، أما إن لخلف مغربكم هذا تسعة وتسعين مغربا ، أرضا بيضاء مملوءة خلقا ، يستضيئون بنورها ، لم يعصوا الله طرفة عين ، لا يدرون أخلق الله عز وجل آدم أم لم يخلقه ، يبرءون من فلان وفلان وفلان».

قيل له : وكيف هذا ، وكيف يبرءون من فلان وفلان وفلان وهم لا يدرون أن الله خلق آدم أو لم يخلقه؟! فقال للسائل عن ذلك : «أتعرف إبليس؟». فقال : لا ، إلا بالخبر. قال : «إذن أمرت بلعنه والبراءة منه؟». قال : نعم. قال : «فكذلك أمر هؤلاء».

٢٧٩ / ١٢ ـ وعنه : عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الصمد بن بشير ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : «من وراء شمسكم هذه أربعون عين شمس ، ما بين عين شمس إلى عين شمس أربعون عاما ، فيها خلق كثير ، ما يعلمون أن الله خلق آدم أو لم يخلقه.

__________________

٨ ـ تفسير القمّي ١ : ٢٩.

٩ ـ مختصر بصائر الدرجات : ١٢.

١٠ ـ مختصر بصائر الدرجات : ١١.

(١) في «س» و «ط» : عن.

١١ ـ مختصر بصائر الدرجات : ١٢.

(١) في «س» و «ط» : عجلان بن أبي صالح ، وفي المصدر : عجلان بن صالح بن صالح ، والظاهر صحّة ما أثبتناه. راجع معجم رجال الحديث ١١ : ١٣٢ و ١٣٣.

١٢ ـ مختصر بصائر الدرجات : ١٢.

١٠٨

وإن من وراء قمركم هذا أربعين قرصا ، بين القرص إلى القرص أربعون عاما ، فيها خلق كثير ، ما يعلمون أن الله عز وجل خلق آدم أو لم يخلقه ، قد ألهموا ـ كما ألهمت النحلة ـ لعنة الأول والثاني في كل الأوقات ، وقد وكل بهم ملائكة ، متى لم يلعنوا عذبوا».

٢٨٠ / ١٣ ـ وعنه : عن الحسن بن عبد الصمد ، عن الحسن بن علي بن أبي عثمان ، (١) قال : حدثنا العباد بن عبد الخالق ، عمن حدثه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام.

وعن محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : «إن لله عز وجل ألف عالم ، كل عالم منهم أكثر من سبع سماوات وسبع أرضين ، ما يرى كل عالم منهم أن لله عالما غيرهم ، وأنا الحجة عليهم».

٢٨١ / ١٤ ـ وعنه : عن أحمد بن محمد بن عيسى ، (١) عن الحسين بن سعيد ، ومحمد بن عيسى بن عبيد ، عن الحسين بن سعيد جميعا ، عن فضالة بن أيوب ، عن القاسم بن بريد ، عن محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن ميراث العلم ما مبلغه ، أجوامع هو من هذا العلم ، أم تفسير كل شيء من هذه الأمور التي يتكلم فيها؟

فقال : «إن لله عز وجل مدينتين مدينة بالمشرق ، ومدينة بالمغرب ، فيهما قوم لا يعرفون إبليس ، ولا يعلمون بخلق إبليس ، نلقاهم كل حين فيسألوننا عما يحتاجون إليه ، ويسألوننا عن الدعاء فنعلمهم ، ويسألوننا عن قائمنا متى يظهر.

فيهم عبادة واجتهاد شديد ، لمدينتهم أبواب ، ما بين المصراع إلى المصراع مائة فرسخ ، لهم تقديس وتمجيد ودعاء واجتهاد شديد ، لو رأيتموهم لاحتقرتم عملكم ، يصلي الرجل منهم شهرا لا يرفع رأسه من سجدته ، طعامهم التسبيح ، ولباسهم الورع ، ووجوههم مشرقة بالنور ، وإذا رأوا منا واحدا احتوشوه ، (٢) واجتمعوا له ، وأخذوا من أثره من الأرض يتبركون به ، لهم دوي ـ إذا صلوا ـ كأشد من دوي الريح العاصف.

منهم جماعة لم يضعوا السلاح مذ كانوا ، ينتظرون قائمنا ، يدعون الله عز وجل أن يريهم إياه ، وعمر أحدهم ألف سنة ، إذا رأيتهم رأيت الخشوع والاستكانة وطلب ما يقربهم إلى الله عز وجل ، إذا احتبسنا عنهم ظنوا ذلك من سخط ، يتعاهدون أوقاتنا التي نأتيهم فيها ، فلا يسأمون ولا يفترون ، يتلون كتاب الله عز وجل كما علمناهم ، وإن فيما نعلمهم ما لو تلي على الناس لكفروا به ولأنكروه.

يسألوننا عن الشيء إذا ورد عليهم في القرآن لا يعرفونه ، فإذا أخبرناهم به انشرحت صدورهم لما يسمعون منا ، وسألوا لنا البقاء وأن لا يفقدونا ، ويعلمون أن المنة من الله عليهم فيما نعلمهم عظيمة ، ولهم خرجة مع الإمام ـ

__________________

١٣ ـ مختصر بصائر الدرجات : ١٣.

(١) في «س» : عمير ، والظاهر أنّه تصحيف ، راجع جامع الرواة ١ : ٢٠٨ ، معجم رجال الحديث ٥ : ٢٠.

١٤ ـ مختصر بصائر الدرجات : ١٠.

(١) في المصدر : أحمد بن عيسى ، والصواب ما في المتن ، وروى عنه سعد بن عبد الله. كما في الفهرست للطوسي ٢٥ : ٦٥ ، جامع الرواة ١ : ٦٩.

(٢) احتوش القوم الشيء : أحاطوا به وجعلوه وسطهم. «المعجم الوسيط ـ حاش ـ ١ : ٢٠٧».

١٠٩

إذا قام ـ يسبقون فيها أصحاب السلاح ، ويدعون الله عز وجل أن يجعلهم ممن ينتصر بهم لدينه.

فهم كهول وشبان ، إذا رأى شاب منهم الكهل ، جلس بين يديه جلسة العبد ، لا يقوم حتى يأمره ، لهم طريق أعلم به من الخلق إلى حيث يريد الإمام عليه‌السلام ، فإذا أمرهم الإمام بأمر قاموا إليه أبدا حتى يكون هو الذي يأمرهم بغيره ، لو نّهم وردوا على ما بين المشرق والمغرب من الخلق ، لأفنوهم في ساعة واحدة ، لا يحيك (٣) فيهم الحديد ، لهم سيوف من حديد غير هذا الحديد ، لو ضرب أحدهم بسيفه جبلا لقده حتّى يفصله. في ساعة يعبر بهم الإمام عليه‌السلام الهند والديلم (٤) والروم والبربر (٥) وفارس ، وما بين جابرس (٦) إلى جابلق (٧) : وهما مدينتان : واحدة بالمشرق ، وواحدة بالمغرب ، لا يأتون على أهل دين إلا دعوهم إلى الله عز وجل وإلى الإسلام ، والإقرار بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والتوحيد ، وولايتنا أهل البيت ، فمن أجاب منهم ودخل في الإسلام تركوه ، وأمروا أميرا منهم ، ومن لم يجب ، ولم يقر بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يقر بالإسلام ، ولم يسلم قتلوه ، حتى لا يبقى بين المشرق والمغرب وما دون الجبل أحد إلا آمن».

٢٨٢ / ١٥ ـ محمد بن الحسن الصفار ، وسعد بن عبدالله ، والشيخ المفيد ـ واللفظ له ـ كلهم رووا عن يعقوب ابن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن بعض رجاله ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام رفعه إلى الحسن بن علي عليه‌السلام ، قال : «إن لله مدينتين : إحداهما بالمشرق ، والأخرى بالمغرب ، عليهما سور من حديد ، وعلى كل مدينة ألف ألف باب ، لكل باب مصراعان من ذهب ، وفيها ألف ألف لغة ، تتكلم كل لغة بخلاف لغة صاحبتها ، وأنا أعرف جميع اللغات ، وما فيهما وما بينهما ، وما عليهما حجة غيري وغير أخي الحسين عليه‌السلام».

٢٨٣ / ١٦ ـ محمد بن الحسن الصفار : عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب ، عن أبان بن تغلب ، قال : كنت عند أبي عبدالله عليه‌السلام فدخل عليه رجل من أهل اليمن ، فقال له : «يا أخا اليمن عندكم علماء؟». قال : نعم. قال : «فما بلغ من علم عالمكم؟». قال : يسير في ليلة واحدة مسيرة شهرين ، يزجر الطير ، (١) ويقفو الآثار. (٢) فقال أبو عبدالله عليه‌السلام : «عالم المدينة أعلم من عالمكم». قال : فما بلغ من علم عالم المدينة؟ قال : «يسير

__________________

(٣) يقال : ضربه فما أحاك فيه السيف ، إذا لم يعمل فيه ، ويقال ما يحيك فيه الملام ، إذا لم يؤثّر فيه. «الصحاح ـ حيك ـ ٤ : ١٥٨٢».

(٤) الديلم : جيل سمّوا بأرضهم ، وهم في جبال قرب جيلان. «مراصد الاطلاع ٢ : ٥٨١».

(٥) البربر : هو اسم يشتمل قبائل كثيرة في جبال المغرب ، أولها برقة ثمّ إلى آخر المغرب والبحر المحيط وفي الجنوب إلى بلاد السودان ، ويقال لمجموع بلادهم بلاد البربر. «معجم البلدان ١ : ٣٦٨».

(٦) جابرس : مدينة بأقصى المشرق ، يسكنها ـ على ما زعم اليهود ـ قوم منهم ، وقيل : إنّهم بقايا المؤمنين من ثمود. «مراصد الاطلاع ١ : ٣٠٤».

(٧) جابلق : مدينة بأقصى المغرب ، يروى عن ابن عباس ان أهلها من ولد عاد. «مراصد الاطلاع ١ : ٣٠٤».

١٥ ـ بصائر الدرجات : ١٢. ٣٥٩ / ٤ ، مختصر بصائر الدرجات : ١٢ ، الإختصاص : ٢٩١.

١٦ ـ بصائر الدرجات : ٤٢١ / ١٥.

(١) زجر الطير : أثارها ليتيمّن بسنوحها أو يتشاءم ببروحها. «المعجم الوسيط ـ زجر ـ ١ : ٣٨٩».

(٢) قفوت أثره : أي اتّبعته. «الصحاح ـ قفا ـ ٦ : ٢٤٦٦».

١١٠

في ساعة واحدة من النهار مسيرة الشمس سنة ، حتى يقطع ألف عالم مثل عالمكم هذا ، ما يعلمون أن الله خلق آدم ولا إبليس». قال : يعرفونكم؟! قال : «نعم ، ما افترض عليهم إلا ولايتنا ، والبراءة من أعدائنا».

٢٨٤ / ١٧ ـ المفيد في (الاختصاص) : عن محمد أبي عبدالله (١) الرازي الجاموراني ، عن إسماعيل بن موسى ، عن أبيه ، عن جده ، عن عبد الصمد بن علي ، قال : دخل رجل على علي بن الحسين عليه‌السلام ، فقال له علي بن الحسين عليه‌السلام : «من أنت؟». قال : رجل منجم قائف (٢) عراف. قال : فنظر إليه ، ثم قال : «هل أدلك على رجل ، قد مر منذ دخلت علينا في أربعة عشر عالما ، كل عالم أكبر من الدنيا ثلاث مرات ، لم يتحرك من مكانه؟!». قال : من هو؟! قال : «أنا ، وإن شئت أنبأتك بما أكلت ، وما ادخرت في بيتك».

٢٨٥ / ١٨ ـ ابن بابويه ، قال : حدثنا محمد بن القاسم الأسترآبادي المفسر رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثني يوسف بن محمد بن زياد ، وعلي بن محمد بن سيار ، عن أبويهما ، عن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، عن أبيه ، عن جده عليهم‌السلام ، قال : «جاء رجل إلى الرضا عليه‌السلام ، فقال له : يا ابن رسول الله ، أخبرني عن قول الله سبحانه : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) ما تفسيره؟

قال : لقد حدثني أبي ، عن جدي ، عن الباقر ، عن زين العابدين ، عن أبيه عليهم‌السلام أن رجلا جاء إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : أخبرني عن قول الله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) ما تفسيره؟

فقال : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) هو أن عرف عباده بعض نعمه عليهم جملا ، إذ لا يقدرون على معرفة جميعها بالتفصيل ، لأنها أكثر من أن تحصى أو تعرف.

فقال لهم : قولوا : الحمد لله على ما أنعم به علينا رب العالمين ؛ وهم الجماعات من كل مخلوق ، من الجمادات والحيوانات. فأما الحيوانات فهو يقلبها في قدرته ، ويغذوها من رزقه ، ويحوطها بكنفه (١) ، ويدبر كلا منها بمصلحته. وأما الجمادات فهو يمسكها بقدرته ، يمسك المتصل منها أن يتهافت ، ويمسك المتهافت (٢) منها أن يتلاصق ، ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه ، ويمسك الأرض أن تنخسف إلا بأمره ، إنه بعباده لرؤوف رحيم.

قال عليهم‌السلام : و (رَبِّ الْعالَمِينَ) مالكهم ، وخالقهم ، وسائق أرزاقهم إليهم ، من حيث يعلمون ومن حيث

__________________

١٧ ـ الاختصاص : ٣١٩.

(١) في «س» والمصدر : محمّد بن عبد الله ، وما في المتن هو الصواب ، وهو أبو عبد الله محمّد بن أحمد. راجع تنقيح المقال ٢ : ٦٦ ، معجم رجال الحديث ١٥ : ٥١.

(٢) القائف : الذي يعرف الآثار. «الصحاح ـ قوف ـ ٤ : ١٤١٩».

١٨ ـ عيون أخبار الرّضا عليه‌السلام ١ : ٢٨٢ / ٣٠ ، علل الشرائع : ٤١٦ / ٣.

(١) كنف الله : رحمته وستره وحفظه. «المعجم الوسيط ـ كنف ـ ٢ : ٨٠١».

(٢) التهافت : التساقط قطعة قطعة. «الصحاح ـ هفت ـ ١ : ٢٧١».

١١١

لا يعلمون ، فالرزق مقسوم ، وهو يأتي ابن آدم على أي مسيرة سارها من الدنيا ، ليس بتقوى متق بزائده ، ولا فجور فاجر بناقصه ، وبينه وبينه ستر وهو طالبه ، فلو أن أحدكم يفر من رزقه ، لطلبه رزقه كما يطلبه الموت.

فقال الله جل جلاله : قولوا : الحمد لله على ما أنعم علينا ، وذكرنا به من خير في كتب الأولين ، قبل أن نكون ، ففي هذا إيجاب على محمد وآل محمد (صلوات الله عليهم) وعلى شيعتهم أن يشكروه بما فضلهم ، وذلك

أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : لما بعث الله موسى بن عمران عليه‌السلام ، واصطفاه نجيا ، وفلق له البحر ، ونجى بني إسرائيل ، وأعطاه التوراة والألواح ، رأى مكانه من ربه عز وجل ، فقال : يا رب ، لقد أكرمتني بكرامة لم تكرم بها أحدا قبلي.

فقال الله تعالى : يا موسى ، أما علمت أن محمدا أفضل عندي من جميع ملائكتي وجميع خلقي؟

قال موسى عليه‌السلام : يا رب ، فإن كان محمدا أكرم عندك من جميع خلقك ، فهل في آل الأنبياء أكرم من آلي؟

فقال الله تعالى : يا موسى ، أما علمت أن فضل آل محمد على جميع آل النبيين ، كفضل محمد على جميع المرسلين.

قال موسى : يا رب ، فإن كان آل محمد كذلك ، فهل في أمم الأنبياء أفضل عندك من أمتي؟ ظللت عليهم الغمام ، (٣) وأنزلت عليهم المن (٤) والسلوى (٥) وفلقت لهم البحر.

فقال الله جل جلاله : يا موسى ، أما علمت أن فضل أمة محمد على جميع الأمم ، كفضله على جميع خلقي.

قال موسى : يا رب ، ليتني كنت أراهم ، فأوحى الله جل جلاله إليه : يا موسى ، إنك لن تراهم ، وليس هذا أوان ظهورهم ، ولكن سوف تراهم في الجنان ، جنات عدن والفردوس ، بحضرة محمد في نعيمها يتقلبون ، وفي خيراتها يتبحبحون ، (٦) أفتحب أن أسمعك كلامهم؟ قال : نعم ، إلهي.

قال الله جل جلاله : قم بين يدي واشدد مئزرك قيام العبد الذليل بين يدي الرب الجليل. ففعل ذلك موسى ، فنادى ربنا عز وجل : يا أمة محمد. فأجابوه كلهم وهم في أصلاب آبائهم ، وأرحام أمهاتهم : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك ، قال : فجعل تلك الإجابة شعار الحاج.

ثم نادى ربنا عز وجل : يا أمة محمد ، إن قضائي عليكم أن رحمتي سبقت غضبي ، وعفوي قبل عقابي ، قد استجبت لكم ، من قبل أن تدعوني ، وأعطيتكم من قبل أن تسألوني ، من لقيني منكم بشهادة : أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، صادقا في أقواله ، محقا في أفعاله ، وأن علي بن أبي طالب أخوه ووصيه ووليه ، ويلتزم طاعته كما يلتزم طاعة محمد ، وأن أولياءه المصطفين المطهرين ، المبلغين بعجائب آيات الله ،

__________________

(٣) الغمام : السّحاب الأبيض ، سميي بذلك لأنّه يغمّ السّماء ، أي يسترها. «مجمع البحرين ـ غمم ـ ٦ : ١٢٨».

(٤) المنّ : شي حلو ، كان يسقط من السّماء على شجرهم فيجتنونه ، ويقال : ما منّ الله به على العباد بلا تعب ولا عناء. «مجمع البحرين ـ منن ـ ٦ : ٣١٨».

(٥) السّلوى : طائر. «الصحاح ـ سلا ـ ٦ : ٢٣٨٠».

(٦) بحبح في الشّيء : توسّع ، وبحبح في الدار : تمكّن في المقام والحلول بها ، وبحبح الدّار : توسّطها. «المعجم الوسيط ـ بحبح ـ ١ : ٣٩».

١١٢

ودلائل حجج الله ، من بعدهما أولياؤه ، أدخلته جنتي ، وإن كانت ذنوبه مثل زبد البحر.

قال : فلما بعث الله تعالى نبينا محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : يا محمد (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا) (٧) أمتك بهذه الكرامة. ثم قال عز وجل لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قل : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) على ما اختصني به من هذه الفضيلة ، وقال لأمته : قولوا أنتم : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) على ما اختصنا به من هذه الفضائل».

٢٨٦ / ١٩ ـ وروى في (الفقيه) فيما ذكر الفضل ـ يعني الفضل بن شاذان ـ من العلل عن الرضا عليه‌السلام أنه قال : «أمر الناس بالقراءة في الصلاة ، لئلا يكون القرآن مهجورا مضيعا ، وليكون محفوظا مدروسا ، فلا يضمحل ولا يجهل.

وإنما بدأ بالحمد دون سائر السور ، لأنه ليس شيء من القرآن والكلام جمع فيه من جوامع الخير والحكمة ما جمع في سورة الحمد ، وذلك أن قوله عز وجل : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) هو أداء لما أوجب الله عز وجل على خلقه من الشكر ، والشكر لما وفق عبده من الخير.

(رَبِّ الْعالَمِينَ) توحيد وتمحيد له ، وإقرار بأنه الخالق المالك لا غيره. (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) استعطافه وذكر آلائه ونعمائه على جميع خلقه. (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) إقرار له بالبعث ، والحساب ، والمجازاة ، وإيجاب ملك الآخرة له ، كإيجاب ملك الدنيا. (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) رغبة وتقرب إلى الله تعالى ذكره ، وإخلاص له بالعمل دون غيره.

(وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) استزادة من توفيقه ، وعبادته ، واستدامة لما أنعم عليه ونصره. (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) استرشاد لدينه ، واعتصام بحبله ، واستزادة في المعرفة لربه عز وجل وكبريائه وعظمته. (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) تأكيد في السؤل والرغبة ، وذكر لما قد تقدم من نعمه على أوليائه ، ورغبة في مثل تلك النعم. (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) استعاذة من أن يكون من المعاندين الكافرين ، المستخفين به وبأمره ونهيه.

(وَلَا الضَّالِّينَ) اعتصام من أن يكون من الذين ضلوا عن سبيله من غير معرفة ، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. وقد اجتمع فيها من جوامع الخير والحكمة ، من أمر الآخرة والدنيا ، ما لا يجمعه شيء من الأشياء».

٢٨٧ / ٢٠ ـ وعنه ، قال : حدثنا أحمد بن الحسن القطان ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن محمد الحسيني ، قال : أخبرنا أبو جعفر أحمد بن عيسى بن أبي مريم العجلي ، قال : حدثنا محمد بن أحمد بن عبدالله بن زياد العرزمي ، قال : حدثنا علي بن حاتم المنقري ، عن المفضل بن عمر ، قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن الصراط ، فقال : «هو الطريق إلى معرفة الله عز وجل ، وهما صراطان : صراط في الدنيا ، وصراط في الآخرة. فأما الصراط الذي في الدنيا ، فهو الإمام المفترض الطاعة ، من عرفه في الدنيا واقتدى بهداه ، مر على الصراط الذي هو جسر جهنم في الآخرة ،

__________________

(٧) القصص ٢٨ : ٤٦.

١٩ ـ من لا يحضره الفقيه ١ : ٢٠٣ / ٩٢٨.

٢٠ ـ معاني الأخبار : ٣٢ / ١.

١١٣

ومن لم يعرفه في الدنيا ، زلت قدمه عن الصراط في الآخرة ، فتردى في نار جهنم».

٢٨٨ / ٢١ ـ وعنه ، قال : حدثنا أبي رحمه‌الله قال : حدثنا محمد بن أحمد بن علي بن الصلت ، عن عبدالله بن الصلت ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عمن ذكره ، عن عبيد الله الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «الصراط المستقيم أمير المؤمنين علي عليه‌السلام».

٢٨٩ / ٢٢ ـ وعنه : قال : حدثنا محمد بن القاسم الأسترآبادي المفسر ، قال : حدثنا يوسف بن محمد بن زياد ، وعلي بن محمد بن سيار ، عن أبويهما ، عن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، في قوله : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) قال : «أدم لنا توفيقك ، الذي به أطعناك فيما مضى من أيامنا ، حتى نطيعك كذلك في مستقبل أعمارنا.

والصراط المستقيم هو صراطان : صراط في الدنيا ، وصراط في الآخرة ؛ فأما الطريق المستقيم في الدنيا ، فهو ما قصر عن الغلو ، وارتفع عن التقصير ، واستقام فلم يعدل إلى شيء من الباطل.

وأما الطريق الآخر ، [فهو] طريق المؤمنين إلى الجنة ، الذي هو مستقيم ، لا يعدلون عن الجنة إلى النار ، ولا إلى غير النار سوى الجنة».

٢٩٠ / ٢٣ ـ وعنه ، قال : وقال جعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام في قوله عز وجل : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) ، قال : «يقول : أرشدنا إلى الصراط المستقيم ، وأرشدنا للزوم الطريق المؤدي إلى محبتك ، والمبلغ دينك ، والمانع من أن نتبع أهواءنا فنعطب ، أو نأخذ بآرائنا فنهلك».

٢٩١ / ٢٤ ـ وعنه ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر ، قال : حدثني ثابت الثمالي ، عن سيد العابدين علي بن الحسين (صلى الله عليهما) [قال] : «ليس بين الله وبين حجته حجاب ، ولا لله دون حجته ستر ، نحن أبواب الله ، ونحن الصراط المستقيم ، ونحن عيبة (١) علمه ، ونحن تراجمة وحيه ، ونحن أركان توحيده ، ونحن موضع سره».

٢٩٢ / ٢٥ ـ وعنه ، قال : حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي ، قال : حدثنا فرات بن إبراهيم الكوفي ، قال : حدثني محمد بن الحسن بن إبراهيم ، قال : حدثنا علوان بن محمد ، قال : حدثنا حنان بن سدير ، عن جعفر بن محمد عليه‌السلام ، قال : «قول الله عز وجل في الحمد : (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) يعني محمدا وذريته (صلوات الله عليهم)».

__________________

٢١ ـ معاني الأخبار : ٣٢ / ٢ ، شواهد التنزيل ١ : ٦١ / ٩٦ «نحوه».

٢٢ ـ معاني الأخبار : ٣٣ / ٤.

٢٣ ـ معاني الأخبار : ٣٣ / ذيل الحديث ٤.

٢٤ ـ معاني الأخبار : ٣٥ / ٥ ، ينابيع المودّة : ٤٧٧.

(١) العيبة : مستودع الثياب أو مستودع أفضل الثياب ، وعيبة العلم على الاستعارة. «مجمع البحرين ـ عيب ـ ٢ : ١٣٠».

٢٥ ـ معاني الأخبار : ٣٦ / ٧ ، شواهد التنزيل ١ : ٥٧ / ٨٦.

١١٤

٢٩٣ / ٢٦ ـ وعنه ، قال : حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي ، قال : حدثنا فرات بن إبراهيم ، قال : حدثني عبيد بن كثير ، قال : حدثنا محمد بن مروان ، قال : حدثنا عبيد بن يحيى بن مهران ، قال : حدثنا محمد بن الحسين ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قول الله عز وجل : (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) قال : «شيعة علي الذين أنعمت عليهم بولاية علي بن أبي طالب ، لم يغضب عليهم ولم يضلوا».

٢٩٤ / ٢٧ ـ وعنه ، قال : حدثنا محمد بن القاسم الأسترآبادي المفسر ، قال : حدثني يوسف بن المتوكل ، عن محمد بن زياد ، وعلي بن محمد بن سيار ، عن أبويهما ، عن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، في قول الله عز وجل : (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) قال : «أي قولوا : اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم ، بالتوفيق لدينك وطاعتك ، وهم الذين قال الله عز وجل : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً)» (١). وحكي هذا بعينه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام.

قال : ثم قال : «ليس هؤلاء المنعم عليهم بالمال وصحة البدن ، وإن كان كل هذا نعمة من الله ظاهرة ، ألا ترون أن هؤلاء قد يكونون كفارا أو فساقا ، فما ندبتم إلى أن تدعوا بأن ترشدوا إلى صراطهم ، وإنما أمرتم بالدعاء بأن ترشدوا إلى صراط الذين أنعم عليهم بالإيمان بالله ، والتصديق لرسوله ، وبالولاية لمحمد وآله الطيبين ، وأصحابه الخيرين المنتجبين ، وبالتقية الحسنة التي يسلم بها من شر عباد الله ، ومن الزيادة في آثام أعداء الله وكفرهم ، بأن تداريهم ولا تغريهم بأذاك وأذى المؤمنين ، وبالمعرفة بحقوق الإخوان».

٢٩٥ / ٢٨ ـ العياشي : عن محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) (١) فقال : «فاتحة الكتاب [يثنى فيها القول ، قال : وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن الله من علي بفاتحة الكتاب] من كنز العرش ، فيها (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) الآية التي يقول [فيها] : (وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً). (٢) و (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) دعوى أهل الجنة ، حين شكروا الله حسن الثواب. و (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) قال جبرئيل : ما قالها مسلم قط إلا صدقة الله وأهل سماواته. (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) إخلاص العبادة. (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) أفضل ما طلب به العباد حوائجهم. (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) صراط الأنبياء ، وهم الذين أنعم الله عليهم.

(غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) اليهود و (وغير الضالين) النصارى».

__________________

٢٦ ـ معاني الأخبار : ٣٦ / ٨ ، شواهد التنزيل ١ : ٦٦ / ١٠٥.

٢٧ ـ معاني الأخبار : ٣٦ / ٩.

(١) النّساء ٤ : ٦٩.

٢٨ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٢ / ١٧.

(١) الحجر ١٥ : ٨٧.

(٢) الإسراء ١٧ : ٤٦.

١١٥

٢٩٦ / ٢٩ ـ عن محمد بن علي الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه كان يقرأ : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ).

٢٩٧ / ٣٠ ـ عن داود بن فرقد ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقرأ ما لا أحصي : (ملك (١) يوم الدين).

٢٩٨ / ٣١ ـ عن الزهري ، قال : قال علي بن الحسين عليه‌السلام : «لو مات ما بين المشرق والمغرب لما استوحشت ، بعد أن يكون القرآن معي». وكان إذا قرأ (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) يكررها ، ويكاد أن يموت.

٢٩٩ / ٣٢ ـ عن الحسن بن محمد بن الجمال ، عن بعض أصحابنا ، قال : بعث عبد الملك بن مروان إلى عامل المدينة أن وجه إلي محمد بن علي بن الحسين ، ولا تهيجه ، ولا تروعه ، واقض (١) له حوائجه.

وقد كان ورد على عبد الملك رجل من القدرية ، فحضر جميع من كان بالشام فأعياهم جميعا ، فقال : ما لهذا إلا محمد بن علي ، فكتب إلى صاحب المدينة أن يحمل محمد بن علي عليه‌السلام إليه ، فأتاه صاحب المدينة بكتابه ، فقال له أبو جعفر عليه‌السلام : «إني شيخ كبير ، لا أقوى على الخروج ، وهذا جعفر ابني يقوم مقامي ، فوجهه إليه».

فلما قدم على الأموي ازدراه (٢) لصغره ، وكره أن يجمع بينه وبين القدري ، مخافة أن يغلبه ، وتسامع الناس بالشام بقدوم جعفر لمخاصمة القدري ، فلما كان من الغد اجتمع الناس لخصومتهما. فقال الأموي لأبي عبد الله عليه‌السلام : إنه قد أعيانا أمر هذا القدري ، وإنما كتبت إليك لأجمع بينك وبينه ، فإنه لم يدع عندنا أحدا إلا خصمه. فقال : «إن الله يكفيناه».

قال : فلما اجتمعوا ، قال القدري لأبي عبد الله عليه‌السلام : سل عما شئت. فقال له : «اقرأ سورة الحمد». قال : فقرأها ، وقال الأموي وأنا معه : ما في سورة الحمد علينا! إنا لله وإنا إليه راجعون! قال : فجعل القدري يقرأ سورة الحمد حتى بلغ قول الله تبارك وتعالى : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) فقال له جعفر عليه‌السلام : «قف ، من تستعين ، وما حاجتك إلى المعونة إن كان الأمر إليك»؟! فبهت الذي كفر ، والله لا يهدي القوم الظالمين.

٣٠٠ / ٣٣ ـ عن داود بن فرقد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) يعني أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)».

__________________

٢٩ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٢ / ٢١.

٣٠ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٢ / ٢٢.

(١) قرأ عاصم والكسائي وخلف (مالك) والباقون (ملك) ، من قرأ (مالك) معناه أنّه مالك يوم الدّين والحساب لا يملكه غيره ولا يليه سواه ، ومن قرأ (ملك) معناه أنّه الملك يومئذ لا ملك غيره. «التبيان للطوسي ١ : ٣٣».

٣١ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٣ / ٢٣.

٣٢ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٣ / ٢٤.

(١) في «ط» : وامض.

(٢) ازدريته ، أي حقرته. «الصحاح ـ زري ـ ٦ : ٢٣٦٨».

٣٣ ـ الله ١ : ٢٤ / ٢٥.

١١٦

٣٠١ / ٣٤ ـ وقال محمد بن علي الحلبي : سمعته ما لا أحصي ، وأنا أصلي خلفه ، يقرأ : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ). (١)

٣٠٢ / ٣٥ ـ عن معاوية بن وهب ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ). قال : «هم اليهود والنصارى».

٣٠٣ / ٣٦ ـ عن رجل ، عن ابن أبي عمير ، رفعه ، في قوله : (غير المغضوب عليهم وغير الضالين) قال : «هكذا نزلت» وقال : «المغضوب عليهم : فلان وفلان وفلان والنصاب ، والضالين : الشكاك الذين لا يعرفون الإمام».

٣٠٤ / ٣٧ ـ ابن شهر آشوب : عن (تفسير وكيع بن الجراح) : عن سفيان الثوري ، عن السدي ، عن أسباط ومجاهد ، عن عبد الله بن عباس في قوله : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ). قال : قولوا ـ معاشر العباد ـ : أرشدنا إلى حب محمد وأهل بيته عليهم‌السلام.

٣٠٥ / ٣٨ ـ وعن (تفسير الثعلبي) رواية ابن شاهين ، عن رجاله ، عن مسلم بن حيان ، عن أبي بريدة في قوله تعالى : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ). قال : صراط محمد وآله عليهم‌السلام.

٣٠٦ / ٣٩ ـ الإمام العسكري أبو محمد عليه‌السلام ، قال : «قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إن الله أمر عباده أن يسألوه طريق المنعم عليهم ، وهم الصديقون ، والشهداء ، والصالحون. وأن يستعيذوا به من طريق المغضوب عليهم ، وهم اليهود الذين قال الله فيهم : (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللهِ مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ) (١). وأن يستعيذوا من طريق الضالين ، وهم الذين قال الله فيهم : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ) (٢). وهم النصارى.

ثم قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : كل من كفر بالله فهو مغضوب عليه ، وضال عن سبيل الله عز وجل. وقال الرضا عليه‌السلام كذلك».

__________________

٣٤ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٤ / ٢٦.

(١) قرأ الكسائي من طريق أبي حمدون ، ويعقوب من طريق رويس (السراط) والباقون (الصراط) فمن قرأ بالسين راعى الأصل لأنّه مشتق من السرط ، ومن قرأ بالصاد فلما بين الصاد والطاء من المؤاخاة بالاستعلاء والاطباق ولكراهة أن يتسفل بالسين ثمّ يتصعّد بالطاء ، ومراد الحديث هو ترجيح القراءة بالصاد.

٣٥ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٤ / ٢٧.

٣٦ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٤ / ٢٨.

٣٧ ـ مناقب ابن شهر آشوب ٣ : ٧٣.

٣٨ ـ مناقب ابن شهر آشوب ٣ : ٧٣ ، شواهد التنزيل ١ : ٥٧ / ٨٦ ، أرجح المطالب : ٨٥ و ٣١٩ ، عنه إحقاق الحقّ ١٤ : ٣٧٩.

٣٩ ـ التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه‌السلام : ٥٠ / ٢٣.

(١) المائدة ٥ : ٦٠.

(٢) المائدة ٥ : ٧٧.

١١٧
١١٨

سورة البقرة مدنية

١١٩
١٢٠