خاتمة مستدرك الوسائل - ج ٧

الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]

خاتمة مستدرك الوسائل - ج ٧

المؤلف:

الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-017-X
ISBN الدورة:
964-5503-84-1

الصفحات: ٤٦٤

تصحيح ما يصح عنهم ، وهم ثمانية عشر رجلاً ذكرهم الكشي (١). إلى آخره.

وقال المحقق الداماد في الرواشح كما مرّ ـ : قد أورد أبو عمرو الكشي في كتابه جماعة أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم ، والإقرار لهم بالفقه (٢). إلى آخره.

ومرّ عن الوافي قوله بعد نقل ما في الكشي في الطبقات ـ : قد فهم جماعة من المتأخرين من قوله أجمعت العصابة ، أو الأصحاب على تصحيح ما يصح عن هؤلاء ، الحكم بصحة الحديث المنقول عنهم (٣). إلى آخره.

وبذلك صرّح التقي المجلسي في أول شرح الفقيه (٤).

وقال السيّد الأجل بحر العلوم :

قَدْ أجْمَعَ الكل على تصحيح ما

يَصحُّ عَن جَماعةٍ فَلْيُعْلَما

وَهُمْ أُولوا نَجَابَةٍ ورِفعَهْ

أرَبَعةٌ وَخَمْسَةٌ وَتِسْعَهْ

فَالسِّتة الاولى مِنَ الأمجاد

أربعة مِنْهُمْ مِن الأوْتَادِ

زُرَارة كذا بَرِيد قَدْ أتى

ثُمَّ محمّد وَلَيْث يَا فَتى

كَذا الفُضَيْل ، بَعْدَهُ مَعْرُوف

وَهُوَ الذي مَا بيْنَنَا مَعْرُوفُ

والسِّتة الوُسْطَى أُولوا الفَضَائِلِ

رُتْبَتُهم أدْنى مِن الأوَائِلِ

جَمِيل الجَمِيل مَعْ أبان

والعَبْدَلانِ ثُمّ حَمّادَانِ

والسّتة الأُخرى هُمْ صفوانُ

ويونسٌ عليهم الرضوانُ

ثُمَّ ابنُ مَحْبوبِ كذا محمّدُ

كَذاكَ عَبدُ اللهِ ثُمَّ أحْمَدُ (٥)

__________________

(١) منتقى الجمان ١ : ١٥.

(٢) الرواشح السماوية : ٤٥ ، وقد مر هذا الكلام في صحيفة : ٣٢ من هذه الفائدة.

(٣) الوافي ١ : ٢٧ ، وقد مرّ هذا الكلام في صحيفة : ٢٢ من هذه الفائدة.

(٤) روضة المتقين ١ : ١٩ ٢٠.

(٥) لم ترد الأبيات في منظومة السيّد بحر العلوم ، وورد في رجاله ١ : ٩٤ ان للسيّد بحر العلوم رسالة في تحقيق معنى : (أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم) فلعلها هناك.

٦١

وفي عدّة المحقق السيّد محسن الكاظمي : ثم أن هنا أمارات تدل على وثاقة الراوي وأُخرى تدلّ على مدحه.

فمن الاولى : اتفاق الكلمة على الحكم بصحة ما يصح عنه ، كما اتفق ذلك في جماعات من الأوائل والأواسط والأواخر ، وهو قولهم : ان العصابة أجمعت على تصحيح ما يصح عنهم (١). إلى آخره.

وقال الأُستاذ في فوائد التعليقة : منها قولهم : أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه ، واختلف في بيان المراد. إلى أن قال : بعد استظهار الوثاقة منه بمعناها الأعم فلا يقدح نسبة بعضهم إلى الوقف وأمثاله ، نعم النسبة إلى التخليط كما وقعت في أبي بصير يحيى الأسدي ربّما تكون قادحة (٢) ، انتهى.

والأسدي من الستة الاولى إلى ، غير ذلك من الكلمات الصريحة في اتحاد مفاد ما في الطبقات الثلاث.

ولكن السيد الجليل في رسالة أبان فرّق بين التصديق والتصحيح ، فقال بعد اختيار مذهب المشهور ـ : إن قلت : إنّ هذا إنّما يتمّ فيما ذكر في الطبقة الثانية والثالثة ، وأمّا في الطبقة الاولى فلا ، إذ المذكور فيها تصديقهم لا تصحيح ما يصح عنه ، فكما يكون هذا ظاهر في صحة المروي يكون ذلك ظاهراً في صحة الرواية والأخبار ، فكما يمكن إرجاعه إليه يمكن العكس ، وإلاّ فما الوجه في الاختلاف؟

(قلت :) الظاهر أنّ هذا الاختلاف دليل على المعنى الذي اخترناه.

(توضيح المرام :) إنّ نشر الأحاديث لمّا كان في زمن الصادقين عليهما‌السلام ، وكان المذكور في الطبقة الاولى من أصحابهما كانت روايتهم غالباً عنهما من غير واسطة ، فيكفي للحكم بصحة الحديث تصديقهم كما لا

__________________

(١) عدة الرجال ، مخطوط : ورقة ٢١ / آ.

(٢) فوائد تعليقة الوحيد على منتهى المقال : ٦.

٦٢

يخفى ، وأمّا المذكور في الطبقة الثانية والثالثة فعلى ما ذكره لمّا كان من أصحاب الصادق والكاظم والرضا عليهم‌السلام وكانت رواية الطبقة الثانية عن مولانا الباقر عليه‌السلام على ما ذكره مع الواسطة ، والطبقة الثالثة كذلك بالنسبة إلى الصادق عليه‌السلام أيضاً ، ولم يكن الحكم بتصديقهم كافياً في الحكم بصحة الحديث ما اكتفى بذلك ، ولذا قال : أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم.

ولمّا تحقق رواية كلّ من في الطبقة الثانية عن مولانا الصادق عليه‌السلام من غير واسطة ، وكذلك الطبقة الثالثة بالنسبة إلى سيّدنا الكاظم والرضا عليهما‌السلام أتى بتصديقهم أيضاً.

(والحاصل :) أنّ التصديق فيما إذا كانت الرواية عن الأئمة عليهم‌السلام من غير واسطة ، والتصحيح إذا كانت معها فلا تغفل (١) ، انتهى.

(وفيه :) مضافاً إلى ما فيه من التكلّف ؛ ومخالفة الجماعة ، وصحة إطلاق الصحة على رواية الثقة عن المعصوم بلا واسطة ، كما قالوا في ترجمة يحيى بن عمران الحلبي : روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهما‌السلام ثقة ثقة ، صحيح الحديث (٢) ، ومثله في أبي الصلت الهروي كما يأتي (٣) أن رواية الطبقة الأُولى عن الصادقين عليهما‌السلام مع الواسطة ، وعن آبائهما الأطيبين عليهم‌السلام كثيرة (٤) ، وإن كانت قليلة بالنسبة إلى غيرها ، وعلى ما

__________________

(١) الرسائل الرجالية للشفتي : ٥.

(٢) رجال النجاشي : ٤٤٤ / ١١٩٩.

(٣) سيأتي لاحقاً في صحيفة : ٦٥ برقم [٩].

(٤) في هذا الموضع كُتب في حاشية (الأصل) : « في النجاشي [٣٠٤ / ٨٣٢] : عليّة بنت علي بن الحسين ، لها كتاب ، رواه أبو جعفر محمّد بن عبد الله بن القاسم بن محمّد بن عبيد الله بن محمّد بن عقيل ، قال : حدثنا رجاء بن جميل بن صالح ، قال : حدثنا أبي جميل بن صالح عن زرارة بن أعين ، عن علية بنت علي بن الحسين بالكتاب ».

٦٣

أسَّسه رحمه‌الله تخرج تلك الأحاديث عن هذه القاعدة ، لعدم دخولها في ضابطة التصديق لكونها مع الواسطة ، ولا في التصحيح لكونهم من الطبقة الأُولى ، ولا أظن أحداً يلتزم بهذا على اختلاف مشاربهم ، وأظن الذي أوقعه في هذا المضيق كلام الشيخ البهائي في المشرق حيث قال في عداد القرائن : ومنها وجوده في أصل معروف الانتساب إلى أحد الجماعة الذين أجمعوا على تصديقهم كزرارة ، ومحمّد بن مسلم ، والفضيل. أو على تصحيح ما يصح عنهم كصفوان بن يحيى ، ويونس بن عبد الرحمن ، وأحمد ابن محمّد بن أبي نصر (١) ، انتهى.

(الثالث :) ان ما ذكرنا من الوجه في عدم جواز الحكم بصحة حديث رأو على الإطلاق إلاّ من جهة وثاقته ووثاقة من بعده إلى المعصوم عليه‌السلام ؛ وفساد احتمال كونه من جهة القرائن جار في قولهم في بعض التراجم ـ : صحيح الحديث ، ولا فرق بينهم وبين أصحاب الإجماع إلاّ من جهة الإجماع في هؤلاء دونهم ، وهم جماعة أيضاً :

[١] إبراهيم بن نصر بن القعقاع الجعفي ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحس عليهما‌السلام ثقة ، صحيح الحديث (٢).

[٢] أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم

__________________

وَزِيدَ عليه في حاشية (الحجرية) ما نصه : « وفي التهذيب [٨ : ٦٣ / ٢٠٥] : في الصحيح عن ابن أبي عمير ، عن ابن أُذينة ، عن زرارة ، عن ابن بكير قال : (اشهد على أبي جعفر عليه‌السلام اني سمعته يقول : الغائب يطلق بالبينة والشهود) ، وغير ذلك في المواضع التي يقف عليها المتتبع. » « منه قدس‌سره ».

ولا يخفى وجه الربط بما في هذه الحاشية ، وهو رواية أصحاب الإجماع عن المعصوم عليه‌السلام بالواسطة.

(١) مشرق الشمسين : ٢ (ضمن الحبل المتين)

(٢) رجال النجاشي : ٢١ / ٢٨.

٦٤

التمار الكوفي ، ثقة ، صحيح الحديث (١).

[٣] أبو حمزة أنس بن عياض الليثي ، ثقة ، صحيح الحديث (٢).

[٤] أبو سعيد جعفر بن أحمد بن أيوب السمرقندي ، صحيح الحديث (٣).

[٥] الحسن بن علي بن بقاح الكوفي ، ثقة مشهور ، صحيح الحديث (٤).

[٦] الحسن بن علي بن نعمان الأعلم ، ثقة ثبت ، له كتاب نوادر ، صحيح الحديث (٥).

[٧] سعد بن طريف ، صحيح الحديث (٦).

[٨] أبو سهل صدقة بن بندار القمي ، ثقة ، صحيح الحديث (٧).

[٩] أبو الصلت الهَرَوي ، عبد السلام بن صالح ، روى عن الرضا عليه‌السلام ثقة ، صحيح الحديث (٨).

[١٠] أبو الحسن علي بن إبراهيم بن محمّد الجَوّاني ، ثقة ، صحيح الحديث (٩).

[١١] النضر بن سُوَيد الكوفي ، ثقة ، صحيح الحديث (١٠).

__________________

(١) رجال النجاشي : ٧٤ / ١٧٩.

(٢) رجال النجاشي : ١٠٦ / ٢٦٩.

(٣) رجال النجاشي : ١٢١ / ٣١٠.

(٤) رجال النجاشي : ٤٠ / ٨٢.

(٥) رجال النجاشي : ٤٠ / ٨١.

(٦) رجال الشيخ : ٩٢ / ١٧.

(٧) رجال النجاشي : ٢٠٤ / ٥٤٤.

(٨) رجال النجاشي : ٢٤٥ / ٦٤٣.

(٩) رجال النجاشي : ٢٦٢ / ٦٨٧.

(١٠) رجال النجاشي : ٤٢٧ / ١١٤٧.

٦٥

[١٢] يحيى بن عمران بن علي بن أبي شعبة الحلبي ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهما‌السلام ثقة ثقة ، صحيح الحديث (١).

[١٣] أبو الحسين محمّد بن جعفر الأسدي الرازي ، كان ثقة ، صحيح الحديث (٢).

أمّا دلالة قولهم : صحيح الحديث على وثاقة من قيل في حقّه ذلك فهو صريح جماعة.

قال الشهيد الثاني في بداية الدراية وشرحها : ألفاظ التعديل : عدل ثقة. إلى أن قال : وكذا قوله : وهو صحيح الحديث ، فإنه يقتضي كونه ثقة ضابطاً ، ففيه زيادة تزكية (٣).

وهو ظاهر سبطه في شرح الإستبصار في شرح قوله عليه‌السلام : الكرّ من الماء نحو حبّي هذا (٤).

وصريح الفاضل النحرير الشيخ عبد النبيّ الجزائري في حاوي الأقوال (٥).

والمحقق البحراني الشيخ سليمان في البلغة (٦) ، فإنهما عدّا جعفر السمرقندي من الثقات.

وعلى ما أسسناه فالدلالة واضحة ، إلاّ أنّ الثمرة في هذا المقام منحصرة في السمرقندي ، وابن طريف ، والباقي كما عرفت نصّ عليهم بالوثاقة ، إنّما الكلام في دلالته على وثاقة من بعده ، وهو أيضاً ظاهر على ما

__________________

(١) رجال النجاشي : ٤٤٤ / ١١٩٩.

(٢) رجال النجاشي : ٣٧٣ / ١٠٢٠.

(٣) الدراية للشهيد الثاني : ٧٦.

(٤) استقصاء الاعتبار : مخطوط.

(٥) حاوي الأقوال : مخطوط ، ورقة : ٣٨ ب / ١١٨.

(٦) بلغة المحدثين : ٣٣٩ (ضمن معراج الكمال)

٦٦

ذكرنا هنا وفي (رنط) في ترجمة القاسم بن سليمان (١) ، وفي الفائدة الرابعة (٢).

وظاهر المحقق الداماد مسلميّته عند أهل الفن ، قال في الرواشح : هل رواية الثقة الثبت عن رجل سمّاه تعديل؟ صحّ ما في الشرح العضدي : أنّ فيه مذاهب.

أوّلها : تعديل ، إذ الظاهر أنّه لا يروي إلاّ عن عدل.

الثاني : ليس بتعديل ، إذ كثيراً نرى من يروي ولا يفكر ممّن يروي.

وثالثها : وهو المختار ، إن علم من عادته أنّه لا يروي إلاّ عن عدل فهو تعديل ، وإلاّ فلا (٣).

وثقة صحيح الحديث في اصطلاح أئمة التوثيق والتوهين من أصحابنا (رضوان الله تعالى عليهم) تعبير عن هذا المعنى (٤) ، انتهى.

وظاهره كون الكلمة اصطلاحاً في ذلك إذا وقعت بعد التوثيق.

وظاهر العلاّمة الطباطبائي تصديقه ، فإنه نقله عنه في بعض فوائد رجاله (٥) ، ولم يورد عليه بشيء.

ومع الغض ففي إطلاق الحديث المعلوم من عدم عهد فيه يقيده في أحاديث محصورة كفاية في عدم جواز الحكم بالصحة من جهة القرائن كما مرّ (٦).

نعم لو وجد ما يجب معه الحمل على العهد يسقط عن الدلالة كما قالوا في الحسين بن عبيد الله السعدي : له كتب صحيحة الحديث (٧) ، وفي

__________________

(١) راجع الفائدة الخامسة من خاتمة المستدرك الرمز (رنط) المساوي للطريق رقم [٢٥٩].

(٢) راجع الفائدة الرابعة من خاتمة المستدرك ، صحيفة : ٥٣٤ ٥٣٥.

(٣) شرح القاضي عضد الملة والدين على مختصر المنتهى لابن الحاجب ١ : ١٧١ ١٧٢.

(٤) الرواشح السماوية : ١٠٤ ، الراشحة الثالثة.

(٥) رجال السيّد بحر العلوم ٤ : ٧ ، الفائدة الثالثة.

(٦) مر في الوجه الثاني من المقام الأول صحيفة : ٤٠ ، فراجع.

(٧) رجال النجاشي : ٤٢ / ٨٦.

٦٧

النجاشي في خصوص ابن الأعلم (١) ، وكذا في أبي الحسين الأسدي فإنه قال : كان ثقة صحيح الحديث ، إلاّ انه روى عن الضعفاء (٢) ، فلا بُدّ من الحمل على الموجود في كتابه ، مع أنّ اختلاف الاعتقاد في الوثاقة والضعف غير عزيز في الأقدمين كما في المتأخرين.

واعلم أنه قال النجاشي : الحسن بن علي بن النعمان ، مولى بني هاشم ، أبوه علي بن النعمان الأعلم ثقة ، ثبت ، له كتاب نوادر ، صحيح الحديث كثير الفوائد (٣).

قال السيّد في الرجال الكبير بعد نقله ، ونقل ما في الخلاصة ـ : وقد قيل أن ما في الخلاصة والنجاشي يحتمل عود التوثيق فيهما إلى الأب ، وربّما استفيد توثيقه من وصف كتابه بأنّه صحيح الحديث ، وفيهما نظر. إلى أن قال : ثم لا يخفى أنّ وصف الكتاب بكونه صحيح الحديث إنّما يقتضي الحكم بصحة حديثه إذا علم أنه من كتابه ، لا الحكم بصحة حديثه مطلقاً ، كما هو مقتضى التوثيق ، على أن ظاهر الجماعة الحكم بصحة حديثه مطلقاً والله أعلم (٤) ، انتهى.

وفيه تنصيص بالمطلب الأول ، وظهور في الثاني ، فتأمّل.

__________________

(١) وابن الأعلم ، هو علي بن النعمان الأعلم ترجم له النجاشي : ٢٧٤ / ٧١٩ ، ووثقه وقال في ترجمة ابنه الحسن كما سيأتي ـ : أبوه علي بن النعمان الأعلم ثقة. صحيح الحديث ، وظاهر التوثيق هنا للابن لا للأب ، وله نظائر كثيرة في رجال النجاشي.

(٢) رجال النجاشي : ٣٧٣ / ١٠٢٠.

(٣) رجال النجاشي : ٤٠ / ٨١.

(٤) منهج المقال : ١٠٥.

٦٨

الفائدة الثامنة

٦٩
٧٠

في ذكر أمارة عامة لوثاقة جميع المجاهيل الموجودة في خصوص كتاب الرجال لشيخ الطائفة في خصوص أصحاب الصادق عليه‌السلام وهي التي أشرنا إليها في كثير من التراجم ، بأنّه من الأربعة آلاف الذين وثقهم ابن عقدة ، فإنه صنّف كتاباً في خصوص رجاله عليه‌السلام وأنهاهم إلى أربعة آلاف ، ووثق جميعهم ، وكلّ ما في رجال الشيخ منهم موجودون فيه ، فهم ثقات بتوثيقه ، وصدّقه في هذا التوثيق المشايخ العظام أيضاً.

وتوضيح صدق هذه الدعوى ، وإثبات مفادها ، يحتاج إلى نقل كلماتهم ، فأقول :

قال العلاّمة في الخلاصة في ترجمة ابن عقدة ـ : يكنّى أبا العباس ، جليل القدر ، عظيم المنزلة ، وكان زيديّاً جارودياً ، وعلى ذلك مات ، وإنّما ذكرناه من جملة أصحابنا لكثرة روايته عنهم ، وخلطته بهم ، وتصنيفه لهم ، روى جميع كتب أصحابنا ، وصنّف لهم ، وذكر أُصولهم. إلى أن قال : له كتب ذكرناها في كتابنا الكبير ، منها : كتاب أسماء الرجال الذين رووا عن الصادق عليه‌السلام أربعة آلاف رجل ، وأخرج فيه لكلّ رجل الحديث الذي رواه (١).

وقال الشيخ المفيد في الإرشاد ، في أحوال الصادق عليه‌السلام : إنّ أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرواة عنه عليه‌السلام من الثقات على اختلافهم في الآراء والمقالات ، فكانوا أربعة آلاف رجل من أصحابه (٢).

وقال الشيخ الجليل محمّد بن علي الفتال في روضة الواعظين : قد

__________________

(١) الخلاصة : ٢٠٣ ٢٠٤ / ١٣.

(٢) الإرشاد : ٢ / ١٧٩.

٧١

جمع أصحاب الحديث أسماء الرواة عنه عليه‌السلام من الثقات على اختلافهم في الآراء والمقالات ، فكانوا أربعة آلاف (١).

وقال السيّد الجليل صاحب الكرامات الباهرة السيّد علي بن عبد الحميد النيلي في كتاب الأنوار المضيئة : ومما اشتهر بين العامة والخاصة أن أصحاب الحديث جمعوا أسماء الرواة عنه عليه‌السلام من الثقات (٢) ، وذكر مثله.

وقال الشيخ الطبرسي في الفصل الرابع من الباب الخامس من كتابه اعلام الورى في ذكر مناقبه عليه‌السلام : ولم ينقل عن أحدٍ من سائر العلوم ما نقل عنه [عليه‌السلام] فإن أصحاب الحديث قد جمعوا أسامي الرواة عنه [عليه‌السلام] من الثقات على اختلافهم في المقالات والديانات ، فكانوا أربعة آلاف رجل (٣).

وقال في الفصل الثالث من القسم الأول من الركن الرابع ، منه ـ : وروى عن الصادق عليه‌السلام من أبوابه من مشهوري أهل العلم أربعة آلاف إنسان (٤).

وقال ابن شهرآشوب في المناقب : نقل عن الصادق عليه‌السلام من العلوم ما لا ينقل عن أحد ، وقد جمع أصحاب الحديث أسماء الرواة من الثقات على اختلافهم في الآراء والمقالات ، وكانوا أربعة آلاف رجل.

بيان ذلك : إنَّ ابن عقدة صنّف كتاب الرجال لأبي عبد الله عليه‌السلام ، عدّدهم فيه (٥)

وقال المحقق في المعتبر في جملة كلامه فيما انتشر عنهم من العلوم ـ : وكذا الحال في جعفر بن محمّد عليهما‌السلام ، فإنه انتشر عنه من العلوم الجمّة ما بهر به العقول ، حتى غلا فيه جماعة ، وأخرجوه إلى حدّ

__________________

(١) روضة الواعظين ١ : ٢٠٧.

(٢) الأنوار المضيئة : مخطوط.

(٣) اعلام الورى : ٢٧٦ ٢٧٧.

(٤) اعلام الورى : ٣٨٧.

(٥) المناقب ٤ : ٢٤٧.

٧٢

الإلهية ، وروى عنه من الرجال ما يقارب أربعة آلاف رجل (١).

وقال الشهيد في الذكرى : حتى أنّ أبا عبد الله جعفر بن محمّد الصادق عليه‌السلام كُتب من أجوبة مسائله أربعمائة مصنَّف لأربعمائة مصنِّف ، ودوّن من رجاله العروفين أربعة آلاف رجل من أهل العراق والحجاز والشام. إلى أن قال : ومن رام معرفة رجالهم ، والوقوف على مصنّفاتهم ، فليطالع كتاب الحافظ ابن عقدة وفهرست النجاشي (٢). إلى آخره.

وقال العالم النحرير الشيخ حسين والد البهائي رحمه‌الله في وصول الأخيار : ومنهم جعفر الصادق عليه‌السلام الذي اشتهر عنه من العلوم ما بهر العقول ، حتى غلا فيه جماعة ، وأخرجوه إلى حدّ الألُوهية ، ودوّن العامة والخاصة ممّن برز ومهر بتعلّمه من العلماء والفقهاء أربعة آلاف رجل ، كزرارة بن أعين ، وعدّ جماعة وقال : من أعيان الفضلاء من أهل الحجاز ، والعراق ، والشام ، والخراسان ، من المعروفين المشهورين من أصحاب المصنفات الكثيرة والمباحث المشهورة (٣). إلى آخر ما قال.

وقال التقي المجلسي ، في الشرح بعد ذكر ما في الخلاصة ـ : وذكرَ الأصحاب إخباراً عن ابن عقدة في كتاب الرجال ، والمسموع من المشايخ أنه كان كتاباً بترتيب كتب الحديث والفقه ، وذكر أحوال كلّ واحد.

منهم ، وروى عن كتابه خبراً أو خبرين أو أكثر ، وكان ضِعْفَ الكافي (٤) ، انتهى.

وبعد التأمل في تلك الكلمات يظهر أنّ مراد من أجمل وعبّر عن

__________________

(١) المعتبر ١ : ٢٦.

(٢) الذكرى : ١٦.

(٣) وصول الأخيار إلى أُصول الاخبار : ٦٠.

(٤) روضة المتقين ١٤ : ١٢ ، وضِعْفُ الشيء : مِثلاه.

٧٣

الجامع بأصحاب الحديث أو غيره هو ابن عقدة ، وإن كتابه مشتمل على العدد المذكور ، وكلّهم ثقات مشهورون ، معروفون بالعلم والفضل ، كما صرّح به المفيد ، والفتال ، والطبرسيان (١) ، فاذا علم أنّ فلاناً ذكره أبو العباس في كتابه فهو ثقة عند هؤلاء الإعلام.

أمّا الشيخ النجاشي فذكر هذا الكتاب إجمالاً في مؤلفات ابن عقدة (٢) ، ثم في التراجم كثيراً ما يقول ذكره أبو العباس ، أو في الرجال ، أو في كتابه ، أو ذكر في رجال أبي عبد الله عليه‌السلام ، مشيراً إلى وجوده في الكتاب المذكور. إلاّ أنّ الغالب أنّه يوثقه أيضاً ، وإنّما ينتفع بذلك فيمن لم يوثقه صريحاً ، وقنع بكونه ممّن ذكره ابن عقدة ، كأسباط بن سالم الزطي (٣) ، والحسين بن حماد (٤) ، والحسين بن أبي العلاء (٥) ، وبسّام بن عبد الله الصيرفي (٦) ، وتليد بن سليمان أبي إدريس المحاربي (٧) ، وجرّاح المدائني (٨) ، وحكم بن مسكين (٩) ، وداود بن زربي (١٠) ، وذريح المحاربي (١١) ، وصالح بن سعيد القماط (١٢) ، وعبد الملك بن عتبة الهاشمي اللهبي (١٣) ،

__________________

(١) كذا والأنسب : والطبرسي كما مرّ في موردين.

(٢) رجال النجاشي : ٩٤ / ٢٣٣.

(٣) رجال النجاشي : ١٠٦ / ٢٦٨.

(٤) رجال النجاشي : ٥٥ / ١٢٤.

(٥) رجال النجاشي : ٥٢ / ١١٧.

(٦) رجال النجاشي : ١١٢ / ٢٨٨.

(٧) رجال النجاشي : ١١٥ / ٢٩٥.

(٨) رجال النجاشي : ١٣٠ / ٣٣٥.

(٩) رجال النجاشي : ١٣٦ / ٣٥٠.

(١٠) رجال النجاشي : ١٦٠ / ٤٢٤.

(١١) رجال النجاشي : ١٦٣ / ٤٣١.

(١٢) رجال النجاشي : ١٩٩ / ٥٢٩.

(١٣) رجال النجاشي : ٢٣٩ / ٦٣٥.

٧٤

ومحمّد بن خالد الأشعري (١) ، وموسى بن طلحة القمي (٢).

وانّما الفائدة التامة في رجال شيخ الطائفة ، فإنه قال في أوله بعد أن ذكر أنّه بنى على جمع أسماء الرجال الذين رووا عنهم عليهم‌السلام ، قال : ولم أجد لأصحابنا كتاباً جامعاً في هذا المعنى إلاّ مختصرات قد ذكر كلّ إنسان منهم طرفاً إلاّ ما ذكره ابن عقدة من رجال الصادق عليه‌السلام ، فإنه قد بلغ الغاية في ذلك ، ولم يذكر رجال باقي الأئمة عليهم‌السلام ، وأنا أذكر ما ذكره ، وأورد من بعد ذلك ما لم يذكره (٣) ، انتهى.

وهو نصّ على ذكره في باب أصحاب الصادق عليه‌السلام جميع ما في رجال ابن عقدة ، وقوله : أورد. إلى آخره ، أي : من رجال باقي الأئمة عليهم‌السلام.

ولمّا أحصينا ما في الباب المذكور منهم وجدناهم : ثلاثة آلاف وخمسين رجلاً (٤) ، ينقص عمّا في رجال ابن عقدة بكثير ، ويأتي وجهه إن شاء الله تعالى ، ولا يضرّ بالمقصود من كون تمام ما في الأول موجوداً في الثاني ، وبعد ثبوت وثاقة تمام ما في الثاني بنص المشايخ العظام تثبت وثاقة تمام ما في الأول ، فيخرج كلّ ما فيه من المجاهيل عن حريم الجهالة ، ويدخل في حدود الوثاقة.

وإلى مثل ذلك أشار المحقق الداماد في الرواشح ، بعد تعريف المجهول الاصطلاحي بأنه : الذي حكم أئمة الرجال عليه بالجهالة كإسماعيل بن قتيبة ، إلى أن ذكر المجهول اللغوي وشرحه ، ثم قال :

__________________

(١) رجال النجاشي : ٣٤٣ / ٩٢٥.

(٢) رجال النجاشي : ٤٠٥ / ١٠٧٤.

(٣) رجال الطوسي : ٢.

(٤) الموجود في رجال الشيخ الطوسي في أصحاب الإمام الصادق عليه‌السلام يزيد على ما ذكره المصنف رحمه‌الله تعالى بمائة وأربعة وسبعين اسماً فيما أحصيناه ، والظاهر انه أسقط من العدد من حكم هو باتحاده مع غيره ، ومن رووا عنه عليه‌السلام بالواسطة كما في باب من لم يسم من أبواب أصحاب الإمام الصادق عليه‌السلام

٧٥

وبالجملة جهالة الرجل على معنى عدم تعرّف حاله من حيث عدم الظفر بذكره أو بمدحه أو ذمة في الكتب الرجالية ليس ممّا يسوغ الحكم بضعف السند ، أو الطعن فيه ، كما ليس يسوغ تصحيحه أو تحسينه أو توثيقه ، إنما تكون الجهالة والإهمال من أسباب الطعن ، بمعنى حكم أئمة الرجال على الرجل بأنه مجهول أو مهمل ، فمهما وجد شيء من أسباب الجرح انصرم التكليف بالفحص والتفتيش ، وساغ الطعن في الطريق ، فأمّا المجهول أو المهمل لا بالمعنى المصطلح عليه عند أرباب هذا الفن ، بل بالعرف العامي ، أعني المسكوت عن ذكره رأساً ، أو عن مدحه وذمه فعلى المجتهد أن يتبع مظان استعلام حاله من الطبقات والأسانيد ، والمشيخات والإجازات ، والأحاديث والسير والتواريخ ، وكتب الأنساب وما يجري مجراها ، فإن [وقع] (١) إليه ما يصلح للتعويل عليه فذاك ، وإلاّ وجب تسريح الأمر إلى بقعة التوقف ، وتسريح القول فيه إلى موقف السكوت عنه.

ومن غرائب عصرنا هذا أنّ القاصرين عن تعريف القوانين والأُصول ، سويعات من العمر يشتغلون بالتحصيل ، وذلك أيضاً لا على شرائط السلوك ، ولا من جواد السبيل ، ثم يتعدون الحدّ ، ويَتَجَرّؤُن في الدين ، فاذا تصفحوا وريقات قد [استنسخوها] (٢) ، وهم غير متمهرين في سبيل علمها ، ومسلك معرفتها ، ولم يظفروا بالمقصود منها بزعمهم ، استحلّوا الطعن في الأسانيد ، والحكم على الأحاديث بالضعف ، فترى كتبهم وفيها في [مقابلِ] (٣) سند سند على الهامش ضعيف ضعيف ، وأكثرها غير مطابق للواقع (٤) ، انتهى كلامه ورفع في الخلد اعلامه.

__________________

(١) في الأصل : رفع ، وما بين المعقوفتين من المصدر وهو الأنسب ظاهراً.

(٢) في الأصل : استحشوها ، وما بين المعقوفتين من المصدر وهو الأنسب ظاهراً.

(٣) في الأصل : مقابلة ، وما بين المعقوفتين من المصدر وهو الأنسب ظاهراً.

(٤) الرواشح السماوية : ٦٠ ٦١ ، الراشحة الثالثة عشرة.

٧٦

ولقد أجاد في بيانه ، وصدق في طعنه على المنخرطين بزعمهم في سلك أقرانه ، ولعمري ما فعلوا بكتب الأحاديث رزيّة جليلة ، ومصيبة عظيمة ، ينبغي الاسترجاع عند ذكرها ، وأعجب منهم الذين جاؤا من بعدهم ، وتابعوهم بغير إحسان ، ولم يصرفوا قليلاً من عمرهم في التفحص عن مقالاتهم ، والتجسس عن صحّة تضعيفاتهم ، فصدقوهم قولاً وعملاً ، وأوقعوا في بنيان آثار الأطهار ، وأحاديث الأبرار وهو أساس الدين خللاً ، من غير داع في أكثر الموارد ، كالأحاديث المتعلقة بالتوحيد ، والنبوّة ، والإمامة ، والفضائل ، والدعوات ، وأمثالها ، ممّا ليس فيها ما يخالف الأدلّة القطعية ، ولا حكم تكليفي ، ولا فائدة له سوى افتضاحنا بين من خالفنا ، وتشنيعهم علينا ، بأنّ أصحّ كتب الإمامية عندهم كتاب الكافي ، وأخبار ضعافه باعتراف علمائهم أزيد من نصف ما فيه ، مع أنّ بالتأمل والدقة حسب الأمارات الواضحة لا يبلغ ضعافه عشر ذلك بالاصطلاح الجديد.

والعجب من العلاّمة المجلسي ، وتلميذه المحدث الجزائري ، مع عدم اعتقادهما بهذا النمط الجديد ، خصوصاً الثاني ، وشدة إنكاره على من أخذه ، بنيا في شرحيهما على التهذيب ، والأول في شرحه على الكافي أيضاً على ذلك (١) ، فصنعا بهما ما أشار إليه في الرواشح ، ولم أجد محملاً صحيحاً لما فعلا.

ومن جميع ذلك ظهر أنّ في ذكر المجاهيل في الكتب الرجالية فائدة عظيمة ، إذ كثيراً ما يطّلع المتأخر اختياراً ، أو يقع نظره ، على أمارة واضحة تورث المعرفة بالمجهول ووثاقته ، فيثبته (٢) عند ذكر اسمه ، ولو أسقطه من

__________________

(١) ملاذ الأخيار ١ : ١٩١ / ٥٩ و ١٤٧ / ٢٢ و ١٤٨ / ٢٣ ، مرآة العقول ١ : ٩٥ / ٣٤ و ١٠١ / ٧.

(٢) كذا ، والظاهر : فيثبتها ، والأولى ان تكون العبارة : « فيذكرها عند تثبيت اسمه » ، لكي يكون إسقاط الاسم مؤدياً إلى عدم الانتفاع بذكر الأمارة ، كما هو مفاد قوله فيما بعد.

٧٧

الكتاب لم ينتفع بها غالباً.

فقول أبي علي في أوّل رجاله ـ : ولم أذكر المجاهيل لعدم تعقّل فائدة في ذكرهم صادر من غير تأمّل ، وإن سبقه في إسقاط المجاهيل من الكتاب المولى عبد النبيّ في الحاوي ، ومعاصره المولى خداوردي الأفشاري في كتاب زبدة الرجال ، ولن ينفعه الاشتراك في إسقاط الإيراد (١) ، مع أنّ له فائدة أُخرى أشار إليها بعض المعاصرين : من أنّه ربّما تشترك أسامي الثقات مع المجاهيل بحيث لا تميز ، أو يتوقف على ملاحظتهما معاً ، فالناظر في كتبهم كثيراً ما يظن انحصار الاسم الذي يريده ، أو يميّزه بزعم أنه الموجود في الكتاب ، وفي الواقع هو من المجاهيل الساقطين ؛ وهو كلام متين ، ونحن نحمد الله تعالى على الوقوف على هذه الأمارة الواضحة التي صلح بها حال كثير من المجاهيل.

وقد أشار إليها شيخنا الأجلّ في أمل الآمل في باب الخاء في ترجمة أبي الربيع الشامي خليد بن أوفى فإنه قال فيه : ولو قيل بتوثيقه وتوثيق جميع أصحاب الصادق عليه‌السلام إلاّ من ثبت ضعفه لم يكن بعيداً ؛ لأن المفيد في الإرشاد (٢) ، وابن شهرآشوب في معالم العلماء (٣) ، والطبرسي في إعلام

__________________

(١) الإيراد : كذا ، والصحيح : « ما أراد » ، والمعنى : ان اشتراك الثقات مع المجاهيل بالاسم أحياناً لا يكون حجة في إسقاط المجاهيل ، وهذا هو صريح قوله فيما بعد.

أما الإيراد فهو المؤاخذة التي بينها المصنف بقوله السابق : (ان في ذكر المجاهيل في الكتب الرجالية. الى آخره). وفرض إسقاطها يجعل من وجود الاشتراك مسوغاً لإسقاط المجاهيل ، لا سيما عند ملاحظة قوله اللاحق : (مع ان له فائدة أُخرى ..) ، والمصنف ليس بصدد ذلك قطعاً.

(٢) الإرشاد ٢ : ١٧٩.

(٣) في هامش (الأصل) : « قوله : (معالم العلماء) سهو من قلمه الشريف ، والصحيح : المناقب كما نقلناه » منه قدس‌سره.

انظر كتاب المناقب لابن شهرآشوب ٤ : ٢٤٧.

٧٨

الورى (١) ، قد وثقوا أربعة آلاف من أصحاب الصادق عليه‌السلام ، والموجود منهم في جميع كتب الرجال والحديث لا يبلغون ثلاثة آلاف ، وذكر العلاّمة وغيره (٢) أن ابن عقدة جمع أربعة آلاف المذكورين في كتاب الرجال (٣) ، انتهى.

وقد أوضحنا ما أجمله ولكن ينبغي التنبيه على أُمور :

الأول : إنّ الذي يروم استقصاء أصحاب إمامٍ عليه‌السلام ، واستيعاب رواته يذكر كلّ من أدركه ، ولو من أوّل أيام خلافته قليلاً ، أو من آخر أوقات خلافته جزءاً يسيراً ، كما فعل الذين أرادوا إحصاء أصحاب رسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كصاحب الإستيعاب ، وأُسد الغابة ، والإصابة وغيرها ، فتراهم يذكرون منهم كلّ من أدرك من طرفي أيام رسالته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بأقل ما به يصدق الإدراك.

وأمّا من قصد جمع أصحاب كلّ إمامٍ عليه‌السلام ، فيذكر كلّ من أدرك منهم غالب أيام عمره ، واختص به ، واشتهر باسم صحابته ، وإن أدرك اثنين منهم بما يعتد به يذكره في البابين ، وهكذا ، وإن أدرك غير من اختص به عليه‌السلام قليلاً ربّما يشيرون (٤) إليه ، كما ترى البرقي يقول في رجاله في العنوان : أصحاب أبي الحسن الرضا علي بن موسى عليهما‌السلام ثم يقول : من أدركه من أصحاب أبي عبد الله عليه‌السلام : حماد بن عثمان. إلى أن قال : ومن أصحاب أبي الحسن موسى ابن جعفر عليهما‌السلام. وعدّ جماعة ، ثم قال : أصحاب أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ، ومن نشأ في عصره : إسحاق بن موسى ابن جعفر عليهما‌السلام (٥). إلى آخره.

إذا عرفت ذلك تعلم وجه نقصان عدد ما في رجال الشيخ من

__________________

(١) إعلام الورى : ٢٧٦ ٢٧٧.

(٢) راجع قول العلامة وغيره في أول هذه الفائدة.

(٣) أمل الآمل ١ : ٨٣.

(٤) كذا والصحيح : يشير ، لقوله قبله : وإنْ أدرك.

(٥) رجال البرقي : ٥٢ ٥٤.

٧٩

أصحاب الصادق عليه‌السلام عمّا في رجال ابن عقدة منهم ، مع تصريحه بأنه يذكر ما ذكره ، فان ابن عقدة أحصاهم لغرضه ، والشيخ أسقط بعضهم لما ذكرنا ، وتعلم أنّ ما أسقطه في هذا الباب منهم أثبته في باب أصحاب أبي جعفر الباقر عليه‌السلام ، أو في باب أصحاب أبي إبراهيم موسى بن جعفر عليهما‌السلام ، وإن كانوا مجهولين من هذه الجهة ، وهذا واضح بحمد الله تعالى.

الثاني : إنّ المقرر المعهود عند أئمة هذا الفن ، أنّه إذا قال عالم عدل إمامي : فلان ثقة من غير تعرضه أو غيره لمذهبه ، فإن المُزكَّى عدل إمامي ، إمّا لكون (ثقة) اصطلاح لهم في ذلك ، أو لانصراف المطلق إلى الفرد الكامل ، أو لغير ذلك من الوجوه. ولا فرق في ذلك بين توثيق واحد معين ، أو جماعة محصورين بكلمة واحدة كما في المقام.

فإن المفيد ، والفتال ، والطبرسيان (١) ، صرّحوا بابن ابن عقدة جمع أربعة آلاف من الثقات ، فلا بُدّ من حمل الوثاقة على المصطلح المعهود كما هو مقتضى عمل الأصحاب في جميع الموارد.

إلاّ أنّ الإنصاف أنّ بعد ملاحظة قولهم على اختلاف آرائهم في الآراء والمقالات أو الديانات يوجب حملها على المعنى الأعمّ ، أي : العدالة من غير انضمام الإيمان ، فالمراد عدالة كلٍّ في مذهبه ، أو يقال : أنّ الأصل ما ذكرنا في رجال الشيخ ، إلى أن يظهر من كلامه أو من كلام غيره خلافه.

إن قلت : إنّ كلام الجماعة ناظر إلى عمل ابن عقدة وما صنعه في كتابه ، فيكون المراد أنّه جمع أربعة آلاف من الثقات عنده ، فيؤول الكلام إلى الاعتماد على توثيق المزكي العادل الغير الإمامي. وفيه من المناقشات ما لا يخفى.

(قلت : أولاً :) إنّه خلاف ظاهر كلام الجماعة ، فإن مقتضاه حمل

__________________

(١) كذا والأنسب : والطبرسي كما مرّ آنفاً في موردين ، مع أقوال ما ذكره المصنف أيضاً.

٨٠