خاتمة مستدرك الوسائل - ج ٤

الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]

خاتمة مستدرك الوسائل - ج ٤

المؤلف:

الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-005-6
ISBN الدورة:
964-5503-84-1

الصفحات: ٥١٢

وأخبرني : أحمد بن محمّد بن موسى الجنديّ (١) قال : حدثنا ابن همام ، قال : حدثنا عبد الله بن العلاء المذاري ، عنه بكتاب يوم وليله ، قال علي بن همام : ولد أحمد بن هلال سنة ثمانين ومائة ، ومات سنة سبع وستين ومائتين (٢) ، انتهى.

والمتأمّل في تمام كلامه ، يعلم أنّه عنده ـ كما قال ـ : صالح الرواية ، وعدم ثبوت ضعفه عنده ، وعدم دلالة قوله ، وينكر عليه ، كما سننبّه عليه إن شاء الله تعالى.

ويظهر هذا من الكليني أيضا ، فإنه مضافا إلى إكثاره الرواية عنه في الكافي قال في باب الغيبة : الحسين بن أحمد ، عن أحمد بن هلال قال : حدثنا عثمان بن عيسى ، عن خالد بن نجيح ، عن زرارة بن أعين قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : لا بدّ للغلام من غيبة ، قلت : ولم؟ قال : يخاف ـ وأومئ بيده إلى بطنه ـ وهو المنتظر ، وهو الذي يشك الناس في ولادته ، فمنهم من يقول : حمل ، ومنهم من يقول : مات أبوه ولم يخلف ، ومنهم من يقول : ولد قبل موت أبيه بسنتين ، قال زرارة ، فقلت : ما تأمرني لو أدركت ذلك الزمان؟ قال : ادع الله بهذا الدعاء :

اللهم عرفني نفسك ، فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرفك ، اللهم عرفني نبيّك ، فإنّك إن لم تعرفني نبيّك لم أعرفه قطّ ، اللهم عرفني حجّتك ،

__________________

(١) كذا في الأصل : وفي المصدر في ترجمة أحمد بن هلال : وأخبرني أحمد بن محمد بن موسى بن الجندي ، وقال : في ترجمة ابن الجندي ٨٥ / ٢٠٦ : أحمد بن محمد بن عمران بن موسى أبو الحسن المعروف بابن الجندي ، ومثله في رجال العلامة : ١٩ / ٤٣.

وفي فهرست الشيخ : ٣٣ / ٩٨ ، ورجاله أيضا : ٤٥٦ / ١٠٦ : اثبت اسم (عمر) مكان (عمران) وقال ابن داود في ترجمته : ٤٤ / ١٢٩ : ومنهم من يقول : ابن عمران بن موسى ، وعمر أصح.

(٢) رجال النجاشي : ٨٣ / ١٩٩.

٦١

فإنك إن لم تعرفني حجّتك ضللت عن ديني.

قال أحمد بن هلال : سمعت هذا الحديث منذ ست وخمسين سنة (١) ، انتهى.

وسبيل قوله : قال أحمد. الى آخره ، سبيل ما تقدم في ترجمة أحمد البرقي ، من أن الغرض من نقله هذا الكلام عنه لجعله هذا الخبر من الإخبار بالمغيبات ، والإخبار بما لم يقع قبل وقوعه ثم وقع ، فيكون حجّة لدعوى العصابة الحقّة ، فلولا كونه عنده ممّن يعتمد عليه ، ويعوّل على كلامه ، لما أردف الخبر بكلامه.

وفي هذا الخبر أيضا ردّ صريح على من رماه بالنصب ، كما نقله الصدوق (٢) ، ومن رماه بالغلوّ أو اتّهمه به ، كما في الخلاصة (٣) وغيرها ، وأنّى للناصبي والغالي المكفّر عند محققي أصحابنا رواية مثل هذا الخبر؟!

ومثله في الردّ عليهما ما رواه أيضا في باب ما جاء في الاثني عشر : عن علي بن محمّد ، عن أحمد بن هلال ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن ابن أبي عياش ، عن سليم بن قيس قال : سمعت عبد الله بن جعفر يقول : كنّا عند معاوية ، أنا والحسن والحسين (عليهما السّلام) وعبد الله بن عباس ، وعمر بن أم سلمة ، وأسامة بن زيد ، فجرى بيني وبين معاوية كلام ، فقلت لمعاوية : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، ثم أخي علي بن أبي طالب عليه‌السلام أولى بالمؤمنين من

__________________

(١) أصول الكافي ١ : ٢٧٧ / ٢٩.

(٢) كمال الدين ١ : ٧٦.

(٣) رجال العلامة : ٢٠٢ / ٦.

٦٢

أنفسهم ، فإذا استشهد عليه‌السلام فالحسن بن علي (عليهما السّلام) أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، ثم ابني الحسين عليه‌السلام من بعده ، أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فإذا استشهد عليه‌السلام فابنة علي بن الحسين (عليهما السّلام) أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، وستدركه يا علي ، ثم ابنه محمّد بن علي عليهما‌السلام أولى بالمؤمنين من أنفسهم ـ وستدركه يا حسين ـ فتكمله اثني عشر إماما تسعة من ولد الحسين عليه‌السلام قال عبد الله بن جعفر : واستشهدت الحسن والحسين عليهما‌السلام [وعبد الله بن عباس] (١) وعمر بن أم سلمة ، وأسامة بن زيد فشهدوا لي عند معاوية.

قال سليم : وقد سمعت ذلك من سلمان ، وأبي ذر ، والمقداد ، وذكروا أنّهم سمعوا ذلك من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢).

ب ـ أن لا يكون ما رموه به من الغلوّ أو النصب أو الوقف ، وما ورد فيه مضرّا بما يعتبر فيه عندهم ، لصحة الخبر من الصدق والتثبت والضبط ، وهل هو بعد صحّة الرمي إلاّ كأحد ثقات الفرق الباطلة ، من الزيدية والفطحية وأضرابهم ، الذين اعتمدوا عليهم في الرواية ، وإن كانوا في شدّة من النصب والعداوة ، ويحتمل هذا أيضا في كلام النجاشي.

ج ـ أن يكون زمان التلقّي منه والأخذ عنه أيام استقامته ، وقبل انحرافه عن طريقته ، فإنّ صريح كلام الصدوق في كمال الدين ، أنه رجع من الحق إلى الباطل (٣) ، وإذا تأمّلنا في تاريخ ولادته ووفاته ، والخبر الذي نقلنا عن الكافي ، الدال على كونه في أيام استقامته ، وقوله : منذ ستّ وخمسين سنة ، علمنا أن الانحراف كان في أواخر عمره ، وهذا لعلّه الأظهر بالنسبة إلى الجماعة

__________________

(١) لم يرد في الأصل ، وأضفناه من المصدر.

(٢) أصول الكافي ١ : ٤٤٤ / ٤.

(٣) كمال الدين ١ : ٧٦.

٦٣

المذكورين ، مع اختلافهم في طريقتهم ، واطّلاعهم على حاله ، وعدم تفرقتهم بينه وبين غيره ، هذا الشيخ الصدوق الناقل عن سعد بن عبد الله نصبه بعد التشيع ، سلك به في المشيخة ما فعل بغيره من ذكره وذكر الطريق إليه (١).

قال التقي المجلسي في شرحه : اعلم أنّ المصنّف مع علمه بضعف هذا الرجل ، جزم بصحّة ما روي عنه ، فهو إمّا أن يكون مضبوطا عنده اخباره قبل الانحراف ، والمدار على الرواية في وقت النقل ، وكان صالحا ، وإمّا لأنّه كان من مشايخ الإجازة كما يظهر من كلام ابن الغضائري ، وإمّا لأنه لو (٢) نقل الكتابين إلى كتابه كانوا قابلوا ورأوا صحّته ، فعملوا به ، وإمّا لأن الذم كان بمعنى آخر ، ولا ينافي كونه ثقة معتمدا عليه في النقل ، كما يظهر من النجاشي (٣) ، انتهى.

وفي كلامه شواهد لجملة ممّا ذكرناه ، وأراد بالكتابين ما نقله العلامة عن ابن الغضائري ، قال : وتوقّف ابن الغضائري في حديثه ، إلاّ فيما يرويه عن الحسن ابن محبوب من كتاب المشيخة ، ومحمّد بن أبي عمير من نوادره ، وقد سمع هذين الكتابين جلّ أصحاب الحديث واعتمدوه فيهما (٤).

د ـ أن تكون أخباره ورواياته التي كانت في أيدي الأصحاب ممّا جمعها في كتابه ، أو رواها عن حفظة ، مضبوطة معيّنة ، معروضة على الأصول التي هي موازين للردّ والقبول ، فرأوها صحيحة خالية عن الغثّ والتخليط ، فأجازوا النقل عنه ، وجميع ما ذكرناه آت في كثير من أضرابه ، فكن على بصيرة فيما ذكروا فيهم من الذموم ، وما فعلوا بهم في مؤلّفاتهم ، حتى لا تظنّ المناقضة

__________________

(١) الفقيه ٤ : ١٢٨ ، من المشيخة.

(٢) ظاهرا : لما « منه قدس‌سره ».

(٣) روضة المتقين ١٤ : ٤٧ ، وانظر رجال النجاشي : ٨٣ / ١٩٩.

(٤) رجال العلامة : ٢٠٢ / ٦.

٦٤

بين أقوالهم وأفعالهم (١) ، والله الهادي.

[٢٣] كج ـ وإلى إدريس بن زيد القمّي : أحمد بن زياد ، عن علي ابن إبراهيم ، عن أبيه ، عنه (٢).

السند صحيح بما شرحناه.

وأمّا إدريس فوصفه الصدوق بكونه صاحب الرضا عليه‌السلام (٣) وبذلك عدّوا حديثه حسنا (٤).

وعدّه في إيجاز المقال (٥) من المهملين ، والحقّ أنه من الثقات ، لرواية أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي عنه ، كما في الكافي في باب بيع المرعى (٦) ، وفي التهذيب في باب بيع الماء والمنع منه (٧).

[٢٤] كد ـ وإلى إدريس بن زيد وعلي بن إدريس صاحبي الرضا (عليه‌السلام) : محمّد بن علي ماجيلويه ، عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن إدريس بن زيد وعلي بن إدريس ، عن الرضا عليه‌السلام.

كذا في المشيخة (٨).

ولعلّ وجه التكرار كما قيل : إن إدريس بن زيد سمع بعض الأخبار منفردا ، وسمع بعضها مع علي (٩) ، والسند صحيح.

__________________

(١) تقدم في الفائدة الرابعة هامش رقم / ١ ما له علاقة بالمقام ، فراجع.

(٢) الفقيه ٤ : ١٠٩ ، من المشيخة.

(٣) الفقيه ٤ : ٨٩ ، من المشيخة.

(٤) روضة المتقين ١٤ : ٤٨.

(٥) إيجاز المقال : غير متوفر لدينا.

(٦) الكافي ٥ : ٢٧٦ / ٢.

(٧) تهذيب الأحكام ٧ : ١٤١ / ٨.

(٨) الفقيه ٤ : ٨٩ ، من المشيخة.

(٩) روضة المتقين ١٤ : ٤٨.

٦٥

وفي العدّة كالصحيح ، وجعل فيه الصحابة مدحا لعليّ (١) ، وهو كذلك خصوصا على ما ذكرناه في أحمد بن محمّد بن مطهر (٢) ، مع أن الظاهر عدم انفراده فيما يرويه ، ويروي عنه إبراهيم بن هاشم (٣) ، ومحمّد بن خالد (٤) ، ومحمّد بن سهل (٥).

[٢٥] كه ـ وإلى إدريس بن عبد الله القميّ : أبوه ، عن سعد بن عبد الله ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن جعفر بن بشير ، عن حماد ابن عثمان ، عنه (٦).

والسند في أعلى درجة الصحة.

وإدريس هذا هو : ابن عبد الله بن سعد الأشعري ، الذي وثّقه الشيخ (٧) والنجاشي (٨) ، ويروي عنه حمّاد بن عثمان (٩) ـ من أصحاب الإجماع ـ وسعد بن سعد (١٠) ، وهو والد أبي جرير القمّي زكريا.

[٢٦] كو ـ وإلى إدريس بن هلال : محمّد بن علي ماجيلويه ، عن محمّد بن يحيى العطار ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمّد بن سنان ، عنه (١١).

__________________

(١) العدة ٢ : ٩٤.

(٢) تقدم في هذه الفائدة ، صحيفة : ٥٤ برقم : ٢١.

(٣) الفقيه ٤ : ١٠٩ ، من المشيخة.

(٤) تهذيب الأحكام ٧ : ٤٥٣ / ١٨١٣.

(٥) الكافي ٤ : ١٤٣ / ١.

(٦) الفقيه ٤ : ١٠٩ ، من المشيخة.

(٧) فهرست الشيخ : ٣٨ / ١٠٩.

(٨) رجال النجاشي : ١٠٤ / ٢٥٩.

(٩) تهذيب الأحكام ٢ : ٢٣١ / ٩١٠.

(١٠) تهذيب الأحكام ٧ : ٤٤٧ / ١٧٨٨.

(١١) الفقيه : ٤ : ٨٥ ، من المشيخة.

٦٦

وليس في السند من يتوقّف فيه إلاّ محمّد بن سنان ، المختلف فيه غاية الاختلاف ، حتّى من شخص واحد.

هذا الشيخ المفيد رحمه‌الله جعله في الإرشاد من خاصّة الكاظم عليه‌السلام ومن ثقاته ، ومن أهل الورع والفقه والعلم من شيعته (١) ، وجعله مطعونا فيه في رسالته في الرد على أصحاب العدد (٢).

وهذا شيخ الطائفة ، ضعّفه في الفهرست (٣) والرجال (٤) ، وفي الاستبصار في باب لزوم المهر المسمّى بالدخول (٥).

وقال في كتاب الغيبة : فصل في ذكر طرف من أخبار السفراء الذين كانوا في حال الغيبة ، وقبل ذكر من كان سفيرا في حال الغيبة ، فذكر طرفا من أخبار من كان يختص بكلّ إمام ، ويتولى له الأمر على وجه الإيجاز ، ونذكر من كان ممدوحا منهم ، حسن الطريقة ، ومن كان مذموما سيء المذهب ، ليعرف الحال في ذلك.

قال رحمه‌الله : فمن الممدوحين : حمران بن أعين. إلى أن قال : ومنهم على ما رواه أبو طالب القمي ، قال : دخلت على أبي جعفر الثاني عليه‌السلام في آخر عمره ، فسمعته يقول : جزى الله صفوان بن يحيى ، ومحمّد بن سنان ، وزكريا بن آدم ، وسعد بن سعد عنّي خيرا ، فقد وفوا لي. إلى أن قال : وأمّا محمّد بن سنان ، فإنه روى عن علي بن الحسين بن داود ، قال : سمعت أبا جعفر الثاني عليه‌السلام يذكر محمّد بن سنان بخير ، ويقول :

__________________

(١) إرشاد المفيد : ٣٠٤.

(٢) الرسالة العددية : ١٠.

(٣) فهرست الشيخ : ١٤٣ / ٦٠٩.

(٤) رجال الشيخ : ٣٨٦ / ٥.

(٥) الاستبصار ٣ : ٢٢٤.

٦٧

رضي‌الله‌عنه برضائي عنه ، فما خالفني وما خالف أبي قطّ (١).

وهذا العلامة قال في الخلاصة بعد نقل تضعيفه عن جماعة : والوجه عندي التوقف فيما يرويه (٢).

وقال في المختلف في مسألة تحديد نشر الرضاع بالعشر بعد نقل رواية الفضيل بن يسار والاحتجاج بها لما اختاره من النشر : لا يقال في طريقها محمّد ابن سنان ، وفيه قول ، لأنّا قد بيّنا رجحان العمل برواية محمّد بن سنان في كتاب الرجال (٣) ، ولعلّه كتابه الآخر غير الخلاصة.

وبالجملة فنقل كلماتهم وما فيها يحتاج إلى بسط لا يقتضيه الكتاب ، إلاّ أنه عندنا من عمدة الثقات ، وأجلّه الرواة ، تبعا للمحققين ونقّاد المحصلين ، فنشير إجمالا إلى أسباب مدحه ، ونردفه بخلاصة ما جعلوه من أسباب جرحه ، ومن أراد التفصيل فعليه برجال السيد الأجل بحر العلوم.

أمّا الأولى فهي أمور :

أ ـ ما ورد فيه من التزكية والثناء الكامل ، عن أبي جعفر الثاني عليه‌السلام كما مرّ عن غيبة الشيخ (٤).

وقال السيد علي بن طاوس في مفتتح كتاب فلاح السائل : سمعت من يذكر طعنا على محمّد بن سنان ، ولعلّه لم يقف إلاّ على الطعن ، ولم يقف على تزكيته والثناء عليه ، وكذلك يحتمل أكثر الطعون (٥).

ثم أشار إلى طعن الشيخ المفيد عليه في الرسالة (٦) ، وقال : على أن

__________________

(١) الغيبة للطوسي : ٢٠٩.

(٢) رجال العلامة : ٢٥١ / ١٧.

(٣) المختلف : ٥١٨.

(٤) الغيبة للطوسي ٢٠٩ ، وقد تقدم آنفا ، فراجع.

(٥) فلاح السائل : ١٢.

(٦) الرسالة العددية : ١٠.

٦٨

المشهور من السادة عليهم‌السلام من الوصف لهذا الرجل ، خلاف ما به شيخنا أتاه ووصفه ، والظاهر من القول ضد ماله به ذكر ـ ثم نقل خبر عبد الله ابن الصلت ـ ثم قال : هذا مع جلالته في الشيعة ، وعلوّ شأنه ورئاسته ، وعظم قدره ، ولقائه من الأئمة عليهم‌السلام ثلاثة ، وروى عنهم ، منهم أبو إبراهيم موسى بن جعفر ، وأبو الحسن علي بن موسى ، وأبو جعفر محمّد بن علي عليهم‌السلام (١). إلى آخره.

وروى الكشي : عن محمّد بن مسعود ، قال : حدثني علي بن محمّد ، قال : حدثني أحمد بن محمّد ، عن رجل ، عن علي بن الحسين بن داود القمي ، قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يذكر صفوان بن يحيى ، ومحمّد بن سنان بخير ، وقال : رضي الله عنهما ، فما خالفاني ولا خالفا أبي قطّ (٢).

وعن محمّد بن قولويه ، قال : حدثني سعد بن عبد الله القمي ، قال : حدثني أبو جعفر أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن رجل ، عن علي بن الحسين ابن داود القمي قال : سمعت أبا جعفر الثاني عليه‌السلام في آخر عمره ، فسمعته يقول : جزى الله صفوان بن يحيى ، ومحمّد بن سنان ، وزكريا بن آدم عني خيرا ، فقد وفوا لي ، ولم يذكر سعد بن سعد [قال] : فخرجت فلقيت موفّقا ، فقلت له : إن مولاي ذكر صفوان ، ومحمّد بن سنان ، وزكريا بن آدم ، وجزاهم خيرا ، ولم يذكر سعد بن سعد.

قال : فعدت إليه ، فقال : جزى الله صفوان بن يحيى ، ومحمّد بن سنان ، وزكريا بن آدم ، وسعد بن سعد خيرا ، فقد وفوا لي (٣).

__________________

(١) فلاح السائل : ١٢.

(٢) رجال الكشي ٢ : ٧٩٣ / ٩٦٦ ، وقد تقدم مثلها آنفا عن كتاب الغيبة للطوسي ، فراجع.

(٣) انظر : رجال الكشفي ٢ : ٧٩٢ / ٩٦٢ و ٩٦٣ ، وقد جمع المصنف ـ رحمه‌الله ـ فيما ذكره أعلاه بين سند الرواية الاولى وبين متن الثانية ، وسند الرواية المذكورة هو : عن أبي طالب عبد الله بن الصلت القمي.

٦٩

وعن محمّد بن قولويه ، قال : حدثني سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن هلال ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع : أن أبا جعفر الثاني عليه‌السلام كان يخبرني بلعن صفوان بن يحيى ، ومحمّد بن سنان ، فقال : إنّهما خالفا أمري فلما كان من قابل قال أبو جعفر لمحمّد بن سهل البحراني : تولّ صفوان بن يحيى ، ومحمّد بن سنان ، فقد رضيت عنهما (١).

ومنه يظهر الجواب عمّا رواه فيه : عن محمّد بن مسعود ، عن علي بن محمّد القمي ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى القمّي ، قال : بعث إليّ أبو جعفر عليه‌السلام غلامه ومعه كتاب ، فأمرني أن أسير إليه ، فأتيته وهو بالمدينة ، نازل في دار بزيع ، فدخلت عليه وسلّمت عليه ، فذكر في صفوان ، ومحمّد بن سنان ، وغيرهما ، ما قد سمعه غير واحد ، فقلت في نفسي : أستعطفه على زكريا بن آدم ، لعلّه أن يسلم ممّا قال في هؤلاء (٢) ، الخبر.

مع أن اقترانه مع صفوان ، الذي لم يطعن عليه بشيء ، من أوضح الشواهد ، من أن المراد بالمخالفة ، فعل الصغيرة الغير المنافية للعدالة ، فالمراد بعدمها في خبر ابن داود القمّي انتفاء المخالفة بعد توبته ، وتجدد الرضا عنه ، وأنّ اللعن محمول على الإبعاد لمصلحة كما ورد مثله في كثير من الأعاظم.

والظاهر من الشيخ في الغيبة (٣) ، والسيد في الفلاح (٤) ، أخذ خبر المدح من كتاب أبي طالب القمّي ، وطريقه إليه صحيح في الفهرست (٥) ، فلا يضرّ

__________________

ولعل الاشتباه حصل من توافق الروايتين بتزكية محمد بن سنان ، مع تشابه ألفاظهما ، زيادة على عدم وجود فاصل بين الروايتين فكأنهما واحدة ، فلاحظ.

(١) رجال الكشي ٢ : ٧٩٣ / ٩٦٤.

(٢) رجال الكشي ٢ : ٨٥٨ / ١١١٥.

(٣) الغيبة للطوسي : ٢١١.

(٤) فلاح السائل : ١٢.

(٥) فهرست الشيخ : ١٣١ / ٥٨٠.

٧٠

ضعف طريق الكشي (١) ، مضافا إلى ما ذكره السيد الأجل : من أن الأخبار المذكورة لا تقصر عن خبر واحد صحيح ، فإنّها روايات متعددة مشهورة ، ذكرها الكشي ، والمفيد ـ في كتاب الاختصاص (٢) ـ [والشيخ] (٣) واعتمد عليها الشيخان في مدح محمّد بن سنان ، ونصّ المفيد على كونها مشهورة في النقل ، وفي كلام الكشي ما يؤذن بذلك ، حيث أجاب عمّا ورد من الطعن على الفضل ابن شاذان ، بأن ذلك قد تعقبه الرضا من الإمام ، كما في صفوان ومحمّد بن سنان (٤) ، ولولا اشتهار الحديث الوارد فيهما ، واعتباره عند الأصحاب ، لما حسن التنظير بهما (٥).

ب ـ إكثار جماهير الأجلاّء من الرواية عنه : كالحسن بن محبوب ، وهو من أصحاب الإجماع ، في التهذيب في باب تلقين المحتضرين (٦) ، وباب القضاء في الديات (٧).

ويونس بن عبد الرحمن ، وهو مثله صرّح به في الكشي (٨) ، وفي باب الوقوف والصدقات من التهذيب (٩).

وصفوان بن يحيى ، الذي لا يروي إلاّ عن ثقة ، في التهذيب في باب

__________________

(١) رجال الكشي ٢ : ٥٠٣ / ٩٦٤.

(٢) الاختصاص : ٨٧.

(٣) ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.

(٤) رجال الكشي ٢ : ٨٢٢ / ١٠٢٩.

(٥) رجال السيد بحر العلوم ٣ : ٢٦٤.

(٦) تهذيب الأحكام ١ : ٤٣٧ / ١٤٠٧.

(٧) تهذيب الأحكام ١٠ : ١٦٣ / ٦٥١.

(٨) رجال الكشي ٢ : ٥٠٧ / ٩٨٠.

(٩) تهذيب الأحكام ٩ : ١٣٥ / ٥٦٨.

٧١

فضل الصلاة من أبواب الزيادات (١) ، وفي باب الغرر والمجازفة (٢) ، وفي باب قضاء شهر رمضان (٣).

والحسن بن فضّال ، فيه في باب علامة شهر رمضان (٤) ، وهما أيضا من أصحاب الإجماع.

وأحمد بن محمّد بن عيسى (٥) ، وأيوب بن نوح (٦) ، والحسن بن سعيد (٧) ، والحسن بن علي بن يقطين (٨) ، والحسين بن سعيد (٩) ، والعباس بن معروف (١٠) ، وعبد الرحمن بن أبي نجران (١١) ، وعبد الله بن الصلت (١٢) ، والفضل ابن شاذان (١٣) ، ومحمّد بن إسماعيل بن بزيع (١٤) ، ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (١٥) ، ومحمّد بن عبد الجبار (١٦) ، وموسى بن القاسم (١٧) ، ويعقوب بن

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٢ : ٢٣٦ / ٩٣٥.

(٢) تهذيب الأحكام ٧ : ١٢٩ / ٥٦٥.

(٣) تهذيب الأحكام ٤ : ٢٧٨ / ٨٤٣.

(٤) تهذيب الأحكام ٤ : ١٦٤ / ٤٦٢.

(٥) رجال الكشي ٢ : ٨٤٩ / ١٠٩٢.

(٦) رجال الكشي ٢ : ٦٨٦ / ٧٢٨ و ٧٢٩.

(٧) رجال الكشي ٢ : ٧٩٦ / ٩٧٩.

(٨) أصول الكافي ١ : ٧ / ٧.

(٩) رجال الكشي ٢ : ٧٩٦ / ٩٧٩.

(١٠) تهذيب الأحكام ٣ : ٣٠ / ١٠٧.

(١١) رجال الكشي ٢ : ٥٩٣ / ٥٤٩.

(١٢) تهذيب الأحكام ٣ : ٦٧ / ٢١٩.

(١٣) رجال النجاشي : ٣٢٨ / ٨٨٨ ، ورجال الكشي ٢ : ٧٩٦ / ٩٧٩.

(١٤) الكافي ٨ : ٢ / ١ ، من الروضة.

(١٥) رجال النجاشي : ٣٢٨ / ٨٨٨.

(١٦) الفقيه ٤ : ١٠٤ ، من المشيخة ، وفيه : محمد بن أبي الصهبان وهو بذاته محمد بن عبد الجبار ، انظر رجال الشيخ الطوسي : ٤٢٣ / ١٧ ، ورجال العلامة : ١٤٢ / ٢٥.

(١٧) تهذيب الأحكام ٥ : ٧٠ / ٢٣٠.

٧٢

يزيد (١) ، وإبراهيم بن هاشم (٢) ، وأحمد بن محمّد بن خالد (٣) ، والحسن بن الحسين اللؤلؤي (٤) ، وشاذان بن الخليل والد الفضل (٥) ، وعلي بن أسباط (٦) ، وعلي بن الحكم (٧)

ومحمّد بن أحمد بن يحيى (٨) ، ولم يستثنه القميّون من نوادره (٩) ، ومحمّد ابن خالد البرقي (١٠) ، ومحمّد بن عيسى بن عبيد (١١) ، والحسن بن موسى (١٢) ، وحمزة بن يعلى الأشعري (١٣) ، وعمرو بن عثمان الثقفي (١٤) ، والحسن بن علي بن يوسف ، المعروف بابن بقاح (١٥) ، وموسى بن عمر بن يزيد (١٦).

وعلي بن النعمان (١٧) ، الذي قالوا فيه : كان ثقة وجها ثبتا صحيحا ، واضح الطريقة (١٨) ، ومحمّد بن يحيى (١٩) ، والحسن بن علي

__________________

(١) رجال الكشي ٢ : ٤٣٨ / ٨٢٦.

(٢) تهذيب الأحكام ٨ : ١١٢ / ٣٨٦.

(٣) أصول الكافي ٢ : ١٤٨ / ٦.

(٤) الكافي ٤ : ٢٨٧ / ٧.

(٥) رجال الكشي ٢ : ٥٩٥ / ٥٥٤.

(٦) رجال الكشي ١ : ٣٩٨ / ٢٨٧.

(٧) الكافي ٨ : ٣٨٤ / ٥٨٤ ، من الروضة.

(٨) تهذيب الأحكام ٧ : ١٥٩ / ٧٠٥.

(٩) رجال النجاشي : ٣٤٨ / ٩٣٩.

(١٠) رجال الكشي ١ : ٣٣٩ / ١٩٦.

(١١) رجال الكشي ٢ : ٧٩٦ / ٩٧٩.

(١٢) رجال الكشي ٢ : ٧٩٦ / ٩٨٢.

(١٣) تهذيب الأحكام ١ : ٣٦٦ / ١١١٤.

(١٤) الاستبصار ١ : ٤٦٦ / ١٨٠٣.

(١٥) تهذيب الأحكام ٤ : ١٢١ / ٣٤٤.

(١٦) تهذيب الأحكام ٧ : ٢٥٤ / ١٠٩٦.

(١٧) رجال الكشي ١ : ٣٢٢ / ١٦٩.

(١٨) رجال النجاشي : ٢٧٤ / ٧١٩.

(١٩) أصول الكافي ١ : ٢٣٢ / ٣.

٧٣

الوشاء (١) ، وأحمد بن عمر (٢).

وعبد الرحمن بن الحجاج (٣) ، أستاذ صفوان ، كما صرّح به الفاضل الأردبيلي في جامع الرواة (٤) ، والعالم النبيل السيد حسين القزويني في مشتركاته (٥).

وإسماعيل بن محمّد (٦) ، والظاهر أنه المكي الجليل الملقب بقنبرة (٧).

ويروي عنه جماعة من أرباب الكتب ، رموا بعضهم بالضعف الغير الثابت عندنا ، وسكتوا عن آخرين ، ووجدناهم ممدوحين ، تركناهم لعدم الحاجة.

ورواية هؤلاء عن أحد ، من أتقن أسباب استفادة الوثاقة ، كما سنشرحه إن شاء الله تعالى ، وقال في الجامع بعد ذكر هؤلاء وغيرهم ، ومواضع رواياتهم عنه :

أقول : لا يخفى أن رواية جمع كثير من العدول والثقات عنه على ما ذكرناه ، تدلّ على حسن حاله ، وما نقل الميرزا محمّد رحمه‌الله عن الخلاصة (٨) ، أنه قال قبل موته : كلّ ما حدثتكم به لم يكن لي سماعا ولا رواية ، وإنّما وجدته (٩). إلى آخره ، لو كان واقعا ، كيف لم يطّلع هؤلاء العدول

__________________

(١) رجال الكشي ٢ : ٦٨٩ / ٧٣٦.

(٢) تهذيب الأحكام ٢ : ١١٢ / ٤٢١.

(٣) أصول الكافي ١ : ٣٧١ / ٢٤.

(٤) جامع الرواة ١ : ٤٤٧.

(٥) المشتركات للقزويني : غير متوفر لدينا.

(٦) أصول الكافي ٢ : ٢٧١ / ٢.

(٧) انظر رجال النجاشي : ٣١ / ٦٧ ، وفهرست الشيخ : ١٢ / ٣٥.

(٨) رجال العلامة : ٢٥١ / ٧.

(٩) منهج المقال : ٢٩٩.

٧٤

والثقات عليه (١)؟

وقال السيد الأجل ، بعد ذكر جملة ممّن روى عنه من هؤلاء : أروى الناس عنه : محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب ـ وقد قال النجاشي فيه : جليل من أصحابنا ، عظيم القدر ، كثير الرواية ، ثقة عين ، حسن التصانيف ، مسكون إلى روايته (٢) ـ وكذا أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري ، مع ما علم من تحفّظه في النقل ، والسرعة إلى القدح ، ونفيه الأجلاّء بتهمة الغلو والرواية عن الضعفاء ، وكتب الحديث مشحونة برواية محمّد بن سنان ، قد رواها جميع أصحابنا الكوفيين والقميين.

وأورده صاحب نوادر الحكمة ، ولم يستثنها محمّد بن الحسن بن الوليد وأتباعه منه.

وملأ بها ثقة الإسلام الكليني (قدّس الله سرّه) جامعه الكافي ، أصولا وفروعا ، ونقلها رئيس المحدثين الصدوق في كتابه الذي ضمن أن لا يورد فيه إلاّ ما هو حجّة بينه وبين ربّه.

وذكر في المشيخة ، أن ما يرويه عنه ، فقد رواه عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عنه (٣).

وأكثر الشيخ في كتابيه من الرواية عنه ، وروى في الفهرست (٤) كتبه عن جماعة ـ ومنهم المفيد ـ : عن الصدوق ، عن أبيه ومحمّد بن الحسن ، عن سعد

__________________

(١) جامع الرواة ٢ : ١٢٨.

(٢) رجال النجاشي : ٣٣٤ / ٨٩٧.

(٣) الفقيه ٤ : ١٠٥ ، من المشيخة.

(٤) ترجم الشيخ الطوسي لابن سنان في موضعين من الفهرست.

الأول : (١٣١ / ٥٩٠) في بيان طريقه الى رسالة الامام الجواد عليه‌السلام الى أهل البصرة.

والثاني : (١٤٣ / ٦١٩) وهو ما ذكر المصنف ـ رحمه‌الله تعالى ـ وفيه أمور :

أ ـ في ذيل ترجمته في الفهرست وقع سقط في الطريق الثاني إليه ، إذ قال : « وأخبرنا أيضا ابن

٧٥

بن عبد الله والحميري ومحمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن أحمد بن محمّد ، عنه (١)

وذكر الشيخ الثقة الجليل أبو غالب أحمد بن محمّد بن سليمان الزراري في رسالته إلى ولد ولده أحمد بن عبد الله بن أحمد ، في جملة الكتب التي أوصى بها إليه ، ووصّى بحفظها ، وأجاز له روايتها ، كتابي الطرائف والنوادر من كتب محمّد بن سنان ، وقال : حدثني بكتاب محمّد بن سنان [الطرائف] (٢) جدّي محمّد بن سليمان ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن سنان.

وحدثني بكتاب النوادر أبو الحسن محمّد بن محمّد بن المغازي ، عن جدّي محمّد بن سليمان ، عن محمّد بن الحسين ، قال : وهو بخطّ جدّي أبي طاهر (٣).

وإطباق هؤلاء العلماء العدول على الرواية عنه ، والاعتناء بأخباره ، وتدوينها في الكتب الموضوعة للعمل ، كاشف عن حسن حاله ، وقبول رواياته (٤).

ج ـ ظهور معجزات أبي جعفر عليه‌السلام فيه ، بعود بصره بعد ذهابه ببركة دعائه ، كما رواه الكشي (٥) ، وضعف سنده لا يضرّ ، لأن عود بصر

__________________

بابويه » والشيخ لا يروي عنه بدون واسطة والظاهر انها (الجماعة) المتقدمة في الطريق الأول ، أي : وأخبرنا جماعة أيضا عن ابن بابويه.

ب ـ ما ذكره الشيخ الطوسي من عطف احمد بن محمّد على محمد بن الحسين بواو العطف ـ لا العنعنة كما هنا ـ هو الصحيح ، وبقرينة ما سيذكره المصنف عن رسالة الزراري فلاحظ.

(١) فهرست الشيخ : ١٤٣ / ٦٠٩.

(٢) ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.

(٣) رسالة ابن غالب الزراري : ٦٨ / ٦٠ و ٧٤ / ٧٣.

(٤) رجال السيّد بحر العلوم ٣ : ٢٧٠.

(٥) رجال الكشي ٢ : ٨٤٩ / ١٠٩٢.

٧٦

مثل محمّد بن سنان المعروف المشهور بين الأصحاب بعد ذهابه لو لم يكن صدقا وحقّا لما ذكره في كتابه ، ولما أبقاه الشيخ في اختياره.

ووكالته لهم كما نصّ عليه الشيخ في الغيبة (١) ، وحاشاهم عليهم‌السلام ان يوكّلوا الفاسق والغالي والكذّاب في أمورهم ، ولقائه أربعة منهم عليهم‌السلام واختصاصه بهم ، وكثرة رواياته في الفروع والأصول وسلامتها عن الغلوّ والتخليط.

وروايته النصّ الصريح على الرضا والجواد (عليهما السّلام) واقتران نصّه بالإعجاز ، بناء على ما هو الظاهر من إظهاره له قبل أن يولد الجواد عليه‌السلام.

وسلامة مذهبه من الوقف ، ومن فتنة الواقفة التي أصابت كثيرا من الشيعة ، فمنهم من بقي عليه : كالبطائني وأتباعه ، ومنهم من وقف ثم رجع : كالبزنطي ، والوشاء ، وجميل ، وحمّاد ، ورفاعة ، وعبد الرحمن بن الحجاج ، ويونس بن يعقوب ، وغيرهم من الأعاظم ، وما ذلك إلاّ لدعاء الكاظم عليه‌السلام له بالتثبت ، على ما رواه ثقة الإسلام في الكافي (٢) ، والمفيد في الإرشاد (٣) ، والكشي في رجاله ، بأسانيد متعددة عنه واللفظ للأول :

قال : دخلت على أبي الحسن موسى عليه‌السلام من قبل أن يقدم العراق لسنة ، وعلي عليه‌السلام ابنه جالس بين يديه ، فنظر إليّ فقال : يا محمّد ، أما أنّه سيكون في هذه السنة حركة ، فلا تجزع لذلك ، قال : قلت : وما يكون جعلت فداك ، فقد أقلقني ما ذكرت؟ فقال : أصير إلى الطاغية ، أما

__________________

(١) الغيبة للشيخ : ٢١١.

(٢) أصول الكافي ١ : ٢٥٦ / ١٦.

(٣) إرشاد المفيد : ٣٠٧.

٧٧

إنّه لا يبدؤني منه سوء ، ومن الذي بعده ، قال : قلت : وما يكون جعلت فداك؟

قال : يضلّ الله الظالمين ويفعل ما يشاء ، قال : قلت : وما ذاك جعلت فداك؟ قال : من ظلم ابني هذا حقّه وجحده إمامته من بعدي كان كمن ظلم علي بن أبي طالب عليه‌السلام حقّه وجحده إمامته بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

قال : قلت : والله لئن مدّ الله في العمر لأسلمن له حقّه ، ولأقرّن له بإمامته ، قال : صدقت يا محمّد ، يمد الله في عمرك ، وتسلّم له حقّه ، وتقرّ له بإمامته وإمامة من يكون من بعده ، قال : قلت : ومن ذاك؟ قال : محمّد ابنه قال : قلت : الرضا والتسليم (١).

وزاد الكشي بعد التسليم : قال : كذلك قد وجدتك في صحيفة أمير المؤمنين عليه‌السلام أما انك في شيعتنا أبين من البرق في الليلة الظلماء ، ثم قال : يا محمّد ، إن المفضل أنسي ومستراحي ، وأنت انسهما ومستراحهما (٢) ، وحرام على النار أن تمسّك أبدا (٣).

وأما وجوه القدح فيه :

فأوّلها : الغلو ، نسبه إليه ابن الغضائري (٤) ، والكشي في موضع (٥) ، وذكر خلافه في موضع (٦) آخر.

والجواب : أنه إن أراد من الغلوّ ما هو معروف عند جمع من القميين ، فثبوته لا يضرّ بالعدالة فضلا عن الإيمان ، بل ثبوته عند غيرهم من مكمّلاته ،

__________________

(١) أصول الكافي ١ : ٢٥٦ / ١٦.

(٢) الضمير في (انسهما) و (مستراحهما) يعود إلى الإمامين الرضا والجواد سلام الله عليهما.

(٣) رجال الكشي ٢ : ٧٩٦ / ٩٨٢.

(٤) انظر رجال العلامة : ٢٥١ / ١٧.

(٥) رجال الكشي ٢ : ٦١٣ / ٥٨٤.

(٦) رجال الكشي ٢ : ٧٩٢ / ٩٦٢ ـ ٩٦٣.

٧٨

كما نص عليه الشيخ المفيد في شرح عقائد الصدوق (١) ، وإن أراد منه المعنى المعروف عند الأصحاب الذي حكموا بكفر صاحبه ونجاسته وارتداده وحرمة ذبيحته ، ففيه انه يكذّبه :

أوّلا : سلامة رواياته عنه ، وصراحتها في اعتقاده بإمامة الأئمة عليهم‌السلام وإثبات الصفات البشرية لهم ، وهي أكثر من أن تحصى وثانيا : رواية هؤلاء الأجلّة عنه واعتمادهم عليه ، وفيهم جمع من القميين الذين هم أشدّ شيء في هذا الأمر ، سيّما أحمد بن محمّد بن عيسى (٢) ، ومحمّد ابن الحسن بن الوليد (٣) ، والصدوق (٤) رحمهم‌الله كما هو معلوم من طريقتهم ، بل ومخالطة الفقهاء له ، كأحمد بن محمّد بن أبي نصر (٥) ، وصفوان ابن يحيى (٦) ، ويونس بن عبد الرحمن (٧) ، كما يعلم من تتّبع الأخبار.

وثالثا : ما في فلاح السائل للسيد علي بن طاوس قال : رويت بإسنادي إلى هارون بن موسى التلعكبري ، بإسناده الذي ذكره في أواخر الجزء السادس من كتاب عبد الله بن حماد الأنصاري ما هذا لفظه : أبو محمّد هارون بن موسى قال : حدثنا محمّد بن همام قال : حدثنا الحسين بن أحمد المالكي قال : قلت لأحمد بن هليل (٨) الكرخي : أخبرني عمّا يقال في محمّد بن سنان من أمر الغلوّ؟

فقال : معاذ الله هو والله علّمني الطهور ، وحبس العيال ، وكان متقشّفا

__________________

(١) تصحيح الاعتقاد : ١١٣.

(٢) أصول الكافي ٢ : ٣٧ / ٣.

(٣) أمالي المفيد : ١٢.

(٤) الفقيه ٣ : ٥٠٢ / ٤٧٦٣.

(٥) رجال الكشي ٢ : ٨٥٠ / ١٠٩٣.

(٦) رجال الكشي ٢ : ٧٩٦ / ٩٨٠ ـ ٩٨١.

(٧) رجال الكشي ٢ : ٧٩٦ / ٩٧٩.

(٨) كذا في الأصل والمصدر ، وفي النجاشي ٨٣ / ١٩٩ : أحمد بن هلال الكرخي.

٧٩

متعبّدا (١).

وأمّا ما في الكشي ، قال : وجدت بخط أبي عبد الله الشاذاني : سمعت العاصمي يقول : إن عبد الله بن محمّد بن عيسى الأسدي الملقب ببنان ، قال : كنت مع صفوان بن يحيى بالكوفة في منزلي إذ دخل علينا محمّد بن سنان ، فقال صفوان : هذا ابن سنان ، لقد همّ أن يطيّر غير مرّة فقصصناه حتى ثبت معنا (٢).

فأجاب عنه النجاشي بعد نقله : بأنه يدل على اضطراب كان وزال (٣) ، مع انه لم يعلم أنه أراد أيّ درجة من الارتفاع ، فلعلّه أراد منه ما هو محظور عنده دون غيره.

وقد روى أيضا بالسند المذكور ، قال : كنّا ندخل مسجد الكوفة ، وكان ينظر إلينا محمّد بن سنان ، ويقول (٤) : من أراد المضمئلات فإليّ ، ومن أراد الحلال والحرام فعليه بالشيخ ـ يعني صفوان بن يحيى (٥) ـ.

قال العلامة الطباطبائي : المضمئلات : المشكلات ، إن حديث أهل البيت عليهم‌السلام صعب مستصعب (٦) ، انتهى ، ومنه يظهر للناظر السبب لسوء الظن به.

وثانيها : الكذب ، نسبه إليه الفضل بن شاذان ، على ما رواه عنه الكشي في رجاله ، ففي موضع منه : وذكر الفضل أنّ من الكذّابين المشهورين ابن

__________________

(١) فلاح السائل : ١٣.

(٢) رجال الكشي ٢ : ٧٩٦ / ٩٨٠.

(٣) رجال النجاشي : ٣٢٨ / ٨٨٨.

(٤) في الأصل : وقال ، وما أثبتناه من المصدر.

(٥) رجال الكشي ٢ : ٧٩٦ / ٩٨١.

(٦) رجال السيد بحر العلوم ٣ : ٢٧٢.

٨٠