خاتمة مستدرك الوسائل - ج ٤

الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]

خاتمة مستدرك الوسائل - ج ٤

المؤلف:

الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-005-6
ISBN الدورة:
964-5503-84-1

الصفحات: ٥١٢

آلته ، والتوفيق والحكم مريحته (١) ، واللين والتواضع نتيجته ، وهو الشيء الذي لا يستوحش معه صاحبه إلى شيء ، ولا يأنس العاقل مع نبذه بشيء ، ولا منه يستخلف عوضا يوازيه ، ولا يعتاض منه بدلا يدانيه ، ولا تحول فضيلته ، ولا تزول منفعته ، وأنّى لك بكنز باق على الإنفاق ، ولا تقدح فيه يد الزمان ، ولا تكلمه غوائل الحدثان ، وأقل خصاله الثناء له في العاجل مع الفوز برضوان الله في الآجل ، وأشرف بما (٢) صاحبه على كل حال مقبول ، وقوله وفعله محتمل محمول ، وسببه أقرب من الرحم الماسّة ، وقوله أصدق وأوفق من التجربة وإدراك الحاسة ، وهو نجاة من تسليط التهم وتخاذير الندم ، وكفاك من كريم مناقبه ورفيع مراتبه أنّ العالم بما أدّى من صدق قوله شريك لكلّ عامل في فعله طول المسند ، وهو به ناظر ناطق صامت غائب حيّ ميت ورادع نصب (٣) ، انتهى.

وكفى في جلالة قدره أن عقد له ثقة الإسلام في الكافي (٤) عدّة منفردة ، وأكثر من الرواية عنه ، وعدّ في أوّل الفقيه كتاب المحاسن (٥).

وروى عنه أجلاّء المشايخ في هذه الطبقة :

مثل : محمّد بن الحسن الصفار (٦) ، ومحمّد بن يحيى العطار (٧) ، وسعد بن

__________________

(١) نسخة بدل : قريحته. « منه قدس‌سره ».

ومريحته : من مرحت الأرض بالنبات إذا أخرجته ، ومرح الزرع : اخرج سنبله والمعنى : ان من ثمراته التوفيق والحكم. لسان العرب : مرح.

وقريحته : اي طبيعته ، والمعنى : ان طبيعة العلم بالدين هي التوفيق والحكم. لسان العرب : قرح.

(٢) نسخة بدل : لما « قدس‌سره ».

(٣) السرائر : ٤٩٢ ، وانظر المحاسن : ط من المقدمة.

(٤) أصول الكافي ١ : ٤٤١ / ١.

(٥) الفقيه ١ : ٥.

(٦) أصول الكافي ١ : ٤٤٢ / ٢.

(٧) تهذيب الأحكام ١ : ٢٢٨ / ٦٥٩.

٤١

عبد الله (١) ، ومحمّد بن علي بن محبوب (٢) ، والحسن بن متيل الدقاق (٣) ، وعلي بن إبراهيم بن هاشم (٤) ، وأبوه إبراهيم (٥) ، وأحمد بن إدريس الأشعري (٦) ، ومحمّد ابن الحسن بن الوليد (٧) ، ومحمّد بن جعفر بن بطة (٨) ، ومحمّد بن أحمد بن يحيى (٩) ، وعلي بن الحسين السعدآبادي (١٠) ، ومحمّد بن عيسى (١١) ، ومحمّد بن أبي القاسم عبد الله ـ أو عبيد الله ـ بن عمران الجنابي البرقي (١٢) صهره على ابنته ، وغيرهم.

نعم في الكافي في كتاب الحجّة في باب ما جاء في الاثني عشر والنص عليهم ـ خبر صار سبب الحيرة ـ صورته : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد البرقي ، عن أبي هاشم داود بن قاسم الجعفري ، عن أبي جعفر الثاني عليه‌السلام. وذكر أن الخضر عليه‌السلام حضر عند أمير المؤمنين عليه‌السلام وشهد بإمامة الأئمة الاثني عشر عليهم‌السلام واحدا بعد واحد ، يسمّيهم بأسمائهم حتى انتهى إلى الخلف الحجّة (صلوات الله عليه) (١٣).

__________________

(١) فهرست الشيخ : ٢٢ / ٥٥.

(٢) تهذيب الأحكام ١ : ٣٤ / ٩١.

(٣) الفقيه ٤ : ٢٢ ، من المشيخة.

(٤) أصول الكافي ١ : ٢٧ / ٣.

(٥) لم نعثر على روايته عنه

(٦) الفقيه ٤ : ٩٩ ، من المشيخة.

(٧) فهرست الشيخ : ١٧٢ / ٧٥١.

(٨) فهرست الشيخ : ٢٢ / ٥٥.

(٩) تهذيب الأحكام ٧ : ٣١٧ / ١٣١١.

(١٠) فهرست الشيخ : ٢٢ / ٥٥.

(١١) أصول الكافي ١ : ١٨١ / ٥.

(١٢) الفقيه ٤ : ٦ و ١٨ ، من المشيخة ، وما في الأصل : الجنائي ـ بالهمزة ـ وما أثبتناه هو الصحيح الموافق لما في رجال النجاشي : ٣٥٣ / ٩٤٧.

(١٣) أصول الكافي ١ : ٤٤١ / ١.

٤٢

ثم قال الكليني رحمه‌الله : وحدثني محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمّد بن أبي عبد الله ، عن أبي هاشم مثله سواء. قال محمّد بن يحيى : فقلت لمحمد بن الحسن : يا أبا جعفر وددت أن هذا الخبر جاء من غير جهة أحمد بن أبي عبد الله ، قال : فقال : لقد حدثني قبل الحيرة بعشر سنين (١). انتهى.

وظاهره يوهم أنّ أحمد صار متحيّرا في أمر الإمامة ، أو خصوص إمامة الخلف عليه‌السلام وهذا طعن عظيم ، وأجاب عنه نقّاد الأحاديث بوجوه :

أ ـ ما في شرح المولى الخليل القزويني ، في شرحه : من أن هذا الكلام من محمّد بن يحيى وقع بعد إبعاده من قم ، وقبل إعادته هو زمان حيرة أحمد بن محمّد بن خالد ـ بزعم جمع ـ أو زمان تردّده في مواضع خارجة من قم متحيّرا ، وذلك لأنه كان حينئذ متّهما بما قذف به ، ولم يظهر بعد كذب ذلك القذف (٢).

ب ـ ما احتمله بعضهم من أن المراد تحيّره بالخرافة لكبر سنّه ، ولا يخفى بعده.

ج ـ ما أشار إليه المولى محمّد صالح في شرحه (٣) ، وفصّله السيد السند المحقق السيد صدر الدين العاملي فيما علّقه على رجال أبي علي ، فقال ـ بعد نقل كلام التقي المجلسي في حواشيه على النقد (٤) ، وكلام بعضهم في حواشيه على رجال ابن داود ، من فهمهما تحيّر أحمد من الخبر ـ ما لفظه : من الجائز

__________________

(١) أصول الكافي ١ : ٤٤٢ / ٢.

(٢) غير متوفر لدينا.

(٣) شرح الكافي ٧ : ٣٦٠ / ٢.

(٤) غير متوفر لدينا.

٤٣

أن لا يكون الأمر على ما فهمه المحشيان ، بل يكون محمّد بن يحيى إنّما عنى أن يكون هذا الخبر بسند ثان وثالث ، بحيث يبلغ حدّ التواتر والاستفاضة ، ليرغم به أنف المنكرين ، لا أنه تمنّى أن يكون من جاء به غير البرقي ، ليكون قدحا فيه في البرقي ، بل هو المتعين بعد الوقوف على توثيق البرقي ، وانتفاء القدح فيه بعد تدقيق النظر في عبارات القوم.

وأمّا قوله : قبل الحيرة ، فلم يرد منه أن أحمد بن أبي عبد الله قد تحيّر ، حاشاه وحاشا محمّد بن يحيى أن يقذفه بذلك ، وإنّما المراد بالحيرة زمن الغيبة ، وهي السنة التي مات فيها العسكري عليه‌السلام وتحيّرت الشيعة ، ومن طالع الكتب التي صنّفت في الغيبة ، علم أن إطلاق لفظ الحيرة على مثل ما قلناه شائع في كلامهم.

وبالجملة فقد أحبّ محمّد بن يحيى أن يكون هذا الخبر قد ورد من طرق متعددة ، لأن الإمامة من الأصول ، وليست كالفروع ، فأجابه محمّد بن الحسن بما معناه : أن الرواية قد تضمّنت ذكر الغيبة ، وقد حدثت بها قبل وقوعها ، فأغنى ظهور الإعجاز ـ وهو الإعلام بما لم يقع قبل أن يقع ـ عن الاستفاضة (١) ، انتهى.

قلت : وعلى ما حقّقه وهو الحقّ ، من أن المراد من الحيرة في ألسنة الرواة أيام الغيبة ، ومبدؤها سنة وفاة العسكري عليه‌السلام فالظاهر أن غرض محمّد بن يحيى من قوله : وددت. الى آخره ، أنّ راوي هذا الخبر يكون من الذين لم يدركوا أيام الحيرة ، ليكون إخباره بما لم يقع قبل وقوعه خالصا عن التوهم والريبة. وأتمّ في الدلالة على المقصود وظهور الإعجاز.

قال الصدوق في كمال الدين في جملة كلام له : وذلك أن الأئمة (عليهم

__________________

(١) نكت الرجال : غير متوفر لدينا.

٤٤

السلام) أخبروا بغيبته ـ يعني صاحب الأمر (صلوات الله عليه) ـ ووصفوا كونها لشيعتهم ، فيما نقل عنهم في الكتب المؤلّفة ، من قبل أن تقع الغيبة بمائتي سنة ، فليس احد من أتباع الأئمة عليهم‌السلام إلاّ وقد ذكر ذلك في كثير من كتبه ورواياته ، ودوّنه في مصنفاته ، وفي الكتب التي تعرف بالأصول ، مدوّنة مستحفظة عند شيعة آل محمّد عليهم‌السلام من قبل الغيبة بما ذكرنا من السنن (١) ، انتهى.

فأحبّ محمّد بن يحيى أن يكون الراوي منهم ، لا من مثل أحمد الذي أدرك أيام الحيرة ، فإنه عاش بعد وفاة العسكري عليه‌السلام أربعة عشر سنة ، وقيل : عشرين ، وتوفّى سنة أربع وسبعين ومائتين (٢) ، لا أنّ غرضه الاستكثار من السند ، فإن العبارة لا تفيده ، بل الجواب لا يلائمه إلاّ بتكلّف ، والله العاصم.

[١٦] يو ـ وإلى أحمد بن الحسن الميثمي : محمّد بن الحسن ، عن محمّد ابن الحسن الصفار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمّد بن الحسن بن زياد ، عنه (٣).

السند في أعلى درجة الصحة ، ومحمّد بن الحسن بن زياد هو الميثمي الذي قالوا فيه : ثقة عين (٤).

وأمّا أحمد فهو ابن الحسن بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم التمار أبو عبد الله مولى بني أسد ، قال النجاشي : قال أبو عمرو الكشي : كان واقفا ، وذكر هذا عن حمدويه ، عن الحسن بن موسى الخشاب قال : أحمد بن الحسن

__________________

(١) كمال الدين ١ : ١٩.

(٢) وقيل : انه مات سنة ثمانين ومائتين كما في النجاشي : ٧٦ : ١٨٢.

(٣) الفقيه ٤ : ١٣١ ، من المشيخة.

(٤) رجال النجاشي : ٣٦٣ / ٩٧٩.

٤٥

واقف ، وقد روى عن الرضا عليه‌السلام وهو على كلّ حال ثقة ، صحيح الحديث ، معتمد عليه (١). الى آخره ، وظاهره توقّفه في نسبة الوقف إليه.

وفي الفهرست : كوفيّ ، صحيح الحديث ، سليم ، روى عن الرضا عليه‌السلام (٢).

وقال السروي في المعالم : أحمد بن الحسن. الى آخره ، روى عن الرضا عليه‌السلام (٣) ، وفيهما إشارة ، بل دلالة صريحة في عدم صحّة النسبة لروايته عنه عليه‌السلام المنافية لطريقة الواقفيّة ، وعلى كلّ حال فروايته صحيحة بشهادة المشايخ.

وقد روى عنه يعقوب بن يزيد (٤) ، بلا واسطة محمّد بن الحسن ، وعبيد الله بن أحمد بن نهيك (٥) ، والحسن بن محمّد بن سماعة (٦) ، وأحمد بن محمّد ابن عيسى (٧) ، وإبراهيم بن هاشم (٨) ، وغيرهم.

[١٧] يز ـ وإلى أحمد بن عائذ : أبوه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد ابن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عنه (٩).

وهؤلاء كلّهم من أجلاّء الثقات عند الأصحاب ، سوى الحسن ، فلم ينصّ أحد على توثيقه ، ولكن مدحوه بما استفاد منه المحققون الوثاقة ، فنقول :

__________________

(١) رجال الكشي ٢ : ٧٦٨ ، رجال النجاشي : ٧٤ / ١٧٩.

(٢) فهرست الشيخ : ٢٢ / ٥٦.

(٣) معالم العلماء : ١٢ / ٥٦.

(٤) كامل الزيارات : ٨٨ / ١.

(٥) فهرست الشيخ : ٢٢ / ٦٦.

(٦) الكافي ٤ : ٣٧١ / ٩.

(٧) الكافي ٧ : ٣٩٤ / ١.

(٨) الكافي ٧ : ٢٨٣ / ٤.

(٩) الفقيه ٤ : ١٢٥ / ١٤ ، من المشيخة.

٤٦

يدل عليها أمور :

أ ـ رواية ابن أبي عمير عنه ، كما صرّح به الأستاذ الأكبر في التعليقة (١).

ب ـ رواية الأجلاّء عنه ، مثل : يعقوب بن يزيد (٢) ، وأحمد بن محمّد بن عيسى (٣) ، والحسين بن سعيد (٤) ، وإبراهيم بن هاشم (٥) ، وأيوب بن نوح (٦) ، وأحمد بن محمّد بن خالد (٧) ، ومحمّد بن عيسى (٨) ، وعبد الله بن الصلت (٩) ، ومحمّد بن يحيى الخزّاز (١٠) ، وعلي بن الحسن بن فضال (١١).

ج ـ قول النجاشي في حقّه : وكان من وجوه هذه الطائفة (١٢) ، فإنّه ممّا يفهم منه فوق الوثاقة.

قال السيد المحقق الكاظمي في عدّته ، في ذكر جملة ما يفهم منه التوثيق : وكذا قولهم : عين من عيون هذه الطائفة ، ووجه من وجوهها ، وما كان ليكون عينا للطائفة تنظر بها ، بل شخصها وإنسانها ، فإنه معنى العين عرفا ، ووجهها الذي به نتوجّه ، ولا تقع الأنظار إلاّ عليه ، ولا تعرف إلاّ به ،

__________________

(١) تعليقة البهبهاني : ١٠٤.

(٢) رجال النجاشي : ٤٠ / ٨٠.

(٣) رجال النجاشي : ٣٩ / ٨٠ ، وفهرست الشيخ : ٥٤ / ١٩٢.

(٤) تهذيب الأحكام ٨ : ٢٩٢ / ١٠٨٠.

(٥) الفقيه ٤ : ٨٣ ، من المشيخة.

(٦) هداية المحدثين : ١٩٠.

(٧) أصول الكافي ١ : ٣٣ / ٤.

(٨) الاستبصار ٤ : ٩٥ / ٣٦٥.

(٩) أصول الكافي ١ : ٣٨٩ / ٥.

(١٠) لم نظفر بروايته عنه ، والموجود رواية ابنه علي بن محمد بن يحيى الخزاز ، عن الوشاء كما في تهذيب الأحكام ١٠ : ٤٩ / ١٨١ ، وانظر : جامع الرواة ١ : ٢١١ ، وتنقيح المقال ١ : ٢٩٥ ، ومعجم رجال الحديث ٥ : ٧٢ و ١٢ : ١٦٥ ، ولعله سقط من الناسخ سهوا.

(١١) تهذيب الأحكام ١ : ٣٩٤ / ١٢١٨.

(١٢) رجال النجاشي : ٣٩ / ٨٠.

٤٧

فإن ذلك هو معنى الوجه في العرف ، ألا وهو بالمكانة العليا ، وليس الغرض من جهة الدنيا قطعا ، فيكون من جهة المذهب (١).

في شرح المشيخة : والظاهر أن قولهم : وجه ، توثيق لأن دأب علمائنا السابقين في نقل الأخبار كان لا ينقلون إلاّ عمّن كان في غاية الثقة ، ولم يكن يومئذ مال ولا جاه ، حتى يتوجّهوا إليهم له بخلاف اليوم (٢).

وردّه في العدة بأنّه رحمه‌الله جعل الوجه بمعنى ما يتوجه إليه ، وإضافته إلى الطائفة لأدنى ملابسة ، أي ما تتوجّه إليه الطائفة ، وهو كما ترى خلاف ما يعقله الناس ، إنّما يعقلون ما ذكرناه (٣) ، انتهى.

وقال الجليل الشيخ حسين ـ والد الشيخ البهائي ـ في رسالة وصول الأخيار : أمّا نحو شيخ الطائفة ، وعمدتها ، ووجهها ، ورئيسها ، ونحو ذلك ، فقد استعمله أصحابنا فيمن يستغني عن التوثيق لشهرته ، إيماء إلى أن التوثيق دون مرتبته (٤) ، انتهى.

وظاهره مسلّمية كونه من ألفاظ التوثيق.

د ـ قول النجاشي في حقّه أيضا : وكان هذا الشيخ عينا من عيون هذه الطائفة ـ بعد ما نقل قصّة أحمد بن محمّد بن عيسى معه ـ وقول الحسن في آخرها : لو علمت أن هذا الحديث يكون له هذا الطلب لاستكثرت منه ، فإني أدركت في هذا المسجد تسعمائة شيخ ، كلّ يقول : حدثني جعفر بن محمّد عليهما‌السلام (٥) وقد مرّت في أوائل الفائدة الثالثة ، ووجه الدلالة كسابقه

__________________

(١) العدة : ١٩.

(٢) روضة المتقين ١٤ : ٤٥.

(٣) العدة : ١٩.

(٤) وصول الأخيار : ١٩٢.

(٥) رجال النجاشي : ٤٠ / ٨١.

٤٨

كما عرفت من السيد.

وقال التقي المجلسي في شرح المشيخة : عين ، توثيق ، لأن الظاهر استعارته من الميزان باعتبار صدقه ، كما كان الصادق عليه‌السلام يسمّي أبا الصباح : بالميزان ، لصدقه (١).

قال في العدّة : فرق بين الميزان والعين ، وكأنّه لم يراع العرف ، والوجه ما ذكرناه (٢). الى آخره ، والظاهر ما ذكره من كونه استعارة من العين بمعنى الباصرة ، خصوصا إذ اقترن مع الوجه.

هـ ـ كونه من مشايخ الإجازة ، كما صرّح به في التعليقة (٣) ، وكذا العلامة الطباطبائي في شرحه للوافي (٤) ، الذي جمعه تلميذه السيد صاحب مفتاح الكرامة ، وقد أشرنا سابقا إلى وجه الاستفادة.

و ـ حكم العلامة بصحة طرق هو فيها ، منها الطريق المذكور ، ومنها طريق الصدوق إلى أبي الحسن النهدي (٥) ، وفي كتاب التدبير من المسالك عند ذكر رواية عنه : أن الأصحاب ذكروها في الصحاح (٦).

ثم إنّ الحسن هذا من الذين وقفوا على الكاظم عليه‌السلام ثم رجعوا ، وأشار إلى ذلك في التعليقة (٧) ، وأطال الكلام في منتهى المقال (٨) بما

__________________

(١) روضة المتقين ١٤ : ٤٥.

(٢) العدة : ١٩.

(٣) تعليقة البهبهاني : ١٠٤.

(٤) شرح الوافي : لم نعثر عليه.

(٥) رجال العلامة : ٢٨٠ ، من الفائدة الثامنة. وانظر طريق الصدوق إليه في الفقيه ٤ : ١٠٢ ، من المشيخة.

(٦) مسالك الأفهام ٢ : ١١١.

(٧) تعليقة البهبهاني : ١٠٥.

(٨) منتهى المقال : ١٠٣.

٤٩

لا طائل تحته.

والقول الفصل في هذا المقال ما ذكره شيخ الطائفة في كتاب الغيبة ، بعد إبطال قول الواقفة : ويبطل ذلك أيضا ما ظهر من المعجزات على يد الرضا عليه‌السلام الدالة على صحّة إمامته ، وهي مذكورة في الكتب ، ولأجلها رجع جماعة من القول بالوقف ، مثل : عبد الرحمن بن الحجاج ، ورفاعة بن موسى ، ويونس بن يعقوب ، وجميل بن درّاج ، وحماد بن عيسى ، وغيرهم ، وهؤلاء من أصحاب أبيه الذين شكّوا فيه عليه‌السلام (١) ثم رجعوا ، وكذلك من كان في عصره ، مثل : أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، والحسن بن علي الوشاء ، وغيرهم ممّن قال بالوقف ، ثم التزموا الحجّة ، وقالوا بإمامته وإمامة من بعده من ولده ، فروى جعفر بن محمّد بن مالك. وذكر كيفية رجوع البزنطي. إلى أن قال : وكذلك الحسن بن علي الوشاء ، وكان يقول بالوقف فرجع ، وكان سببه. وساق الخبر (٢).

هذا وفي الفقيه : وروى عن الحسن بن علي الوشاء قال : كنت مع أبي وأنا غلام ، فتعشّينا عند الرضا عليه‌السلام ليلة خمس وعشرين من ذي القعدة ، فقال عليه‌السلام له : ليلة خمس وعشرين من ذي القعدة ولد فيها إبراهيم ، وولد فيها عيسى بن مريم ، وفيها دحيت الأرض من تحت الكعبة ، فمن صام ذلك اليوم كان كمن صام ستّين شهرا (٣) ، ويظهر منه وممّا مرّ أن الوقف منه كان عثرة في أوان شبابه انجبرت فيه.

وأمّا أحمد بن عائذ ، فقد وثّقه النجاشي (٤) ، وروى عنه الحسن بن علي

__________________

(١) اي : شكوا في إمامة الرضا عليه‌السلام.

(٢) الغيبة للطوسي : ٤٧.

(٣) الفقيه ٢ : ٥٤ / ٢٣٨.

(٤) رجال النجاشي : ٩٨ / ٢٦.

٥٠

ابن فضّال في التهذيب في باب أحكام الطلاق (١) ، وأحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي في التهذيب في باب أحكام الجماعة (٢) ، وهما من أصحاب الإجماع ، والأخير ممّن لا يروي إلاّ عن الثقة على المشهور.

[١٨] يح ـ وإلى أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي : أبوه ومحمّد ابن الحسن ، عن سعد بن عبد الله والحميري جميعا ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عنه.

وأبوه ومحمّد بن علي ماجيلويه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عنه (٣).

ورجال السندين من أجلاّء الثقات ، ليس فيهما من يتأمّل فيه ، سوى ماجيلويه الذي لم ينصّ أحد على توثيقه ، ولكن العلامة صحّح طريق الصدوق إلى إسماعيل بن رباح (٤) ، وهو فيه ، وعدّوه من مشايخ الإجازة ، وأكثر الصدوق من الترحّم عليه والترضي عنه ، مهما (٥) أسند الحديث إليه (٦) ، فلا مجال للتأمّل فيه.

[١٩] يط ـ وإلى أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني : محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني ، عنه (٧).

وأحمد هذا هو ابن عقدة الزيدي ، المشهور بالجلالة والوثاقة والحفظ ، حتى قال الشيخ الطوسي : سمعت جماعة يحكون عنه أنّه قال : أحفظ مائة

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٨ : ٦٨ / ٢٢٧.

(٢) تهذيب الأحكام ٣ : ٣٧ / ١٣١.

(٣) الفقيه ٤ : ١٨ ، من المشيخة.

(٤) رجال العلامة : ٢٧٨ ، وانظر طريق الصدوق اليه ٤ : ٣٤ ، من المشيخة.

(٥) الاولى : كلما ، لا سيما وان المصنف في معرض التوكيد.

(٦) الفقيه ٤ : ٦٢ و ٦٣ ، من المشيخة.

(٧) الفقيه ٤ : ١٣٥ ، من المشيخة.

٥١

وعشرين ألف حديثا بأسانيدها ، واذاكر بثلاثمائة ألف حديث (١).

قال النجاشي : هذا رجل جليل في أصحاب الحديث ، مشهور بالحفظ ، والحكايات تختلف عنه في الحفظ وعظمه ، وكان كوفيّا زيديّا جاروديّا ، وعلى ذلك مات ، وذكره أصحابنا لاختلاطه بهم ، ومداخلته إيّاهم ، وعظم محلّه ، وثقته وأمانته (٢) ، ولغيره من المدح والإطراء عليه ما يقرب منه.

وعدّ جماعة من جملة كتبه ، كتابا في أصحاب الصادق عليه‌السلام من الثقات ، وأشار إليه الشيخ في أول رجاله (٣) ، والمفيد في إرشاده (٤) ، وجماعة أخرى سنذكر كلماتهم في محلّها إن شاء الله.

وقال ابن شهرآشوب في مناقبه : إن الذين رووا عنه من الثقات كانوا أربعة آلاف رجل ، وإن ابن عقدة ذكرهم في كتابه (٥) ، انتهى.

واعتمد على هذا الكتاب ـ المشتمل على أربعة آلاف ثقة ، وأربعة آلاف حديث ، فإنه أخرج فيه لكلّ رجل حديثا ـ كلّ من تأخر عنه ، وقال تلميذه الجليل أبو عبد الله محمّد بن إبراهيم النعماني في كتاب الغيبة : وهذا الرجل ممّن لا يطعن عليه في الثقة ، ولا في العلم بالحديث ، والرجال الناقلين له (٦).

وبالجملة : فجلالة قدره وعظمه وجلالة شأن الذين أخذوا عنه ورووا كتبه ، كالنعماني (٧) ، والتلعكبري (٨) ، ومحمّد بن أحمد بن الجنيد (٩) ، ومحمّد بن أحمد بن

__________________

(١) رجال الشيخ : ٤٤١ / ٣٠.

(٢) رجال النجاشي : ٩٤ / ٢٣٣.

(٣) رجال الشيخ : ٢.

(٤) إرشاد المفيد : ٢٧١.

(٥) مناقب ابن شهرآشوب : ٤ / ٢٤٧.

(٦) الغيبة للنعماني : ٢٥.

(٧) الغيبة للنعماني : ٣٣.

(٨) رجال الشيخ : ٤٤٢ / ٣٠.

(٩) هداية المحدثين : ١٧٧ ،

٥٢

داود (١) ، وعبد الله بن محمّد بن أحمد أبي طاهر الموسوي (٢) ، وثقة الإسلام الكليني في الكافي (٣) ، وأحمد بن محمّد بن الصلت الأهوازي (٤) ، وأحمد بن الحسين القطان (٥) ، وعبد الله بن أحمد بن جلين أبي بكر الوراق الدوري (٦) ، ومحمّد بن جعفر النحوي (٧) ، وأبي الحسن التميمي (٨) ، وجعفر بن محمّد الأديب (٩) ، ومحمّد بن عمر بن يحيى (١٠) ، يغني عن النظر في حال محمّد بن إسحاق (١١) ، مع أنه من مشايخ الإجازة ، وقد أكثر الصدوق من الرواية عنه مترحّما مترضّيا.

وهو الذي روى عنه في العلل حديثا ذكر فيه : أنه كان عند الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح ، فسأل الحسين بن روح رجل : كيف سلّط الله على الحسين عليه‌السلام قاتله وهو عدوّ الله ، والحسين عليه‌السلام وليّ الله؟. وساق الحديث ، وفي آخره : قال محمّد بن إبراهيم [بن] (١٢) إسحاق

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٤ : ١٦٦ / ٤٧٢.

(٢) تهذيب الأحكام ٦ : ١٠٦ / ١٨٥.

(٣) الكافي ٥ : ٤ / ٦.

(٤) فهرست الطوسي : ١٧ / ٥١ ، ورجاله : ٤٤٢ / ٣٠.

(٥) الفقيه ٤ : ٢٥ ، من المشيخة.

(٦) لم نظفر بروايته عنه ، بل وجدنا رواية ابنه أحمد بن عبد الله عنه ، انظر فهرست الشيخ : ١٧ / ٥١ وجامع الرواة ١ : ٦٦ ، ولعل اسم الابن سقط سهوا من الناسخ.

(٧) هداية المحدثين : ١٧٧.

(٨) هداية المحدثين : ١٧٧.

(٩) هداية المحدثين : ١٧٧.

(١٠) فهرست الشيخ : ١٨ / ٦٢.

(١١) اي : محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني المتقدم ذكره آنفا.

(١٢) في الأصل : أبو ، وما أثبتناه بين المعقوفتين هو الصحيح الموافق لما في المصدر وسائر كتب الرجال وأسانيد الصدوق أيضا. انظر : عيون اخبار الرضا عليه‌السلام ١ : ٢١٦ / ١ ، وكمال الدين

٥٣

رضي‌الله‌عنه : فعدت إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح (قدّس الله روحه) من الغد ، وأنا أقول في نفسي : أتراه ذكر ما ذكر لنا بالأمس من عند نفسه؟ فابتدأني فقال لي : يا محمّد بن إبراهيم ، لئن أخّر من السماء فتخطفني الطير ، أو تهوي بي الريح في مكان سحيق ، أحبّ إليّ [من] أن أقول في دين الله تعالى برأيي ، ومن عند نفسي ، بل ذلك عن الأصل ، ومسموع عن الحجة عليه‌السلام (١).

[٢٠] ك‍ ـ وإلى أحمد بن محمّد بن عيسى : أبوه ومحمّد بن الحسن (رضي الله عنهما) عن سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري جميعا ، عنه (٢).

وهؤلاء الخمسة من عيون الطائفة ، ووجوهها ، والعثرة المنقولة عن أحمد من كتمان الشهادة (٣) كبعض العثرات المنقولة عن غيره من الأعاظم ، فقلّ ما سلموا عنها ، إلاّ أنّهم جبروها بما تقدم عليها وتأخر منهم ، ممّا صار سببا لعدم الاعتناء ، وإعراض الأصحاب عنها ، وعدم عدّهم إيّاها من قوادح علوّ مقامهم فضلا عن الخلل في عدالتهم.

[٢١] كا ـ وإلى أحمد بن محمّد بن مطهر ، صاحب أبي محمّد [بن علي] (٧) :

__________________

٢ : ٥٠٧ / ٣٧ ، وعلل الشرائع : ٢٤١ / ١ ، والفقيه ٤ : ١١٣ و ١٣٥ ، من المشيخة.

ولعل إثبات (أبو) مكان (ابن) جاء سهوا من الناسخ لما تقدم من ذكره صحيحا ، فلاحظ.

(١) علل الشرائع : ٢٤١ / ١ ، وما بين العقوفتين منه.

(٢) الفقيه ٤ : ١١٢ ، من المشيخة.

(٣) يريد بالعثرة ما رواه الكليني في باب الإشارة والنص على أبي الحسن الثالث عليه‌السلام في أصول الكافي ١ : ٢٦٠ / ٢ بخصوص كتمان أحمد بن محمد بن عيسى الشهادة على ذلك ، تعصبا منه لعروبته ، وقد ضعف السيد الخويي أعلى الله مقامه هذه الرواية لوجود الخيراني وأبيه في سندها.

انظر : معجم رجال الحديث ٢ : ٢٩٩.

٥٤

أبوه ومحمّد بن الحسن وسعد بن عبد الله والحميري جميعا ، عنه (١).

في شرح المشيخة : هذا المدح يعني قوله : صاحب. إلى آخره ، يكفيه مع ذكر المصنّف أن كتابه معتمد الأصحاب (٢).

وفي العدّة للسيد الكاظمي رحمه‌الله بعدّه الممدوح بهذا القول (٣).

وظاهرهما عدم معروفيّة أحمد إلاّ بهذا المدح الذي ذكره الصدوق في أول السند وآخره ، وهو كذلك ، فإنه غير مذكور فيما عثرنا عليه من الكتب في هذا الفنّ ، واعترف به الفاضل المولى مراد في شرح الفقيه ، ولكن كان على هؤلاء التفحّص عن حاله ، وكشف المراد عن لفظ الصاحب ، فإنه ليس المراد منه هنا مجرّد الصحابة التي بها يدخل في أصحابه عليه‌السلام المشاركين له فيها ، فما الداعي إلى الإشارة إليها في أوّل كلامه وآخره ، واختصاصه بها ، بل الذي ظهر لنا أنه كان القيّم على أموره عليه‌السلام الكاشف عمّا فوق العدالة.

فروى الثقة الثبت علي بن الحسين المسعودي في كتاب إثبات الوصية ، عن الحميري ، عن أحمد بن إسحاق ، قال : دخلت على أبي محمّد عليه‌السلام فقال لي : يا أحمد ، ما كان حالكم فيما كان الناس فيه من الشك والارتياب؟ قلت : يا سيدي ، لما ورد الكتاب بخبر سيدنا ومولده ، لم يبق منا رجل ولا امرأة ولا غلام بلغ الفهم إلاّ قال بالحق ، فقال : أما علمتم أن الأرض لا تخلو من حجة لله.

__________________

(١) الفقيه ٤ : ١١٩ ، من المشيخة ، وما بين المعقوفين منه.

(٢) روضة المتقين ١٤ : ٤٧.

(٣) العدّة للكاظمي ٢ : ٩٣.

٥٥

ثم أمر أبو محمد عليه‌السلام والدته بالحج في سنة تسع وخمسين ومائتين ، وعرفها ما يناله في سنة ستين ، وأحضر الصاحب عليه‌السلام فأوصى إليه وسلّم الاسم الأعظم والمواريث والسلاح إليه ، وخرجت أم أبي محمّد عليه‌السلام مع الصاحب عليه‌السلام جميعا إلى مكّة ، وكان أحمد ابن محمّد بن مطهر أبو علي المتولّي لما يحتاج إليه الوكيل ، فلما بلغوا بعض المنازل من طريق مكة ، تلقى الأعراب القوافل ، فأخبروهم بشدّة الخوف ، وقلّة الماء ، فرجع أكثر الناس إلاّ من كان في الناحية ، فإنّهم نفذوا وسلموا ، وروي أنه ورد عليهم الأمر بالنفوذ (١).

وظاهر أنّ من يجعله عليه‌السلام قيّما على أمور أهله ، الذين فيهم أمّه ومن هو مثله في هذا السفر العظيم الطويل ، لا بدّ أن يكون بمكان من الوثاقة والأمانة والفطانة.

ومن هذا الخبر يتبيّن إجمال ما في الكافي في باب مولد أبي محمّد عليه‌السلام بإسناده عن أبي علي المطهر ، أنه كتب إليه بالقادسية يعلمه انصراف الناس ، وأنه يخاف العطش ، فكتب عليه‌السلام : امضوا ولا خوف عليكم إن شاء الله ، فمضوا سالمين والحمد لله ربّ العالمين (٢).

وفيه : في باب تسمية من رآه عليه‌السلام عن علي بن محمّد ، عن فتح مولى الزراري ، قال : سمعت أبا علي بن مطهر يذكر أنه رآه ووصف له قدّه عليه‌السلام (٣).

وفي الفقيه بإسناده عن سعد بن عبد الله ، عن موسى بن الحسن ، عن

__________________

(١) إثبات الوصية : ٢١٧.

(٢) أصول الكافي ١ : ٤٢٥ / ٦.

(٣) أصول الكافي ١ : ٢٦٦ / ٥.

٥٦

أبي علي أحمد بن محمّد بن مطهر ، قال : كتبت إلى أبي محمّد عليه‌السلام أنّي دفعت إلى ستّة أنفس مائة دينار وخمسين دينارا ليحجوا بها ، فرجعوا ولم يشخص بعضهم ، وأتاني بعض ، وذكر أنّه أنفق بعض الدنانير وبقيت بقيّة ، وأنّه يردّ عليّ ما بقي ، وأني قد رمت مطالبة من لم يأتني؟ فكتب : لا تعرض لمن لم يأتك ، ولا تأخذ ممّن أتاك شيئا مما يأتيك به ، والأجر فقد وقع على الله عزّ وجلّ (١).

وأخرج القطب الراوندي في الخرائج ، عن أحمد بن مطهّر قال : كتب بعض أصحابنا إلى أبي محمّد عليه‌السلام من أهل الجبل ، يسأله عمّن وقف على أبي الحسن موسى عليه‌السلام : أتوّلاهم أم أتبرأ منهم؟ فكتب : أتترحم على عمّك لا رحم الله عمّك ، تبرأ منه ، أنا إلى الله منهم بريء ، فلا تتولاهم ، ولا تعد مرضاهم ، ولا تشهد جنائزهم ، ولا تصلّ على أحد منهم مات أبدا ، سواء من جحد إماما من الله ، أو زاد إماما ما ليست إمامته من الله ، وجحد أو قال : ثالث ثلاثة ، إن الجاحد أمر آخرنا جاحد أمر أوّلنا ، والزائد فينا كالناقص الجاحد أمرنا (٢). ويأتي بعض ما يتعلّق به في الفائدة العاشرة.

[٢٢] كب ـ وإلى أحمد بن هلال : أبوه ومحمّد بن الحسن ، عن سعد ابن عبد الله ، عنه (٣).

وأحمد هو العبرتائي ، المنسوب إلى العبرتا ، قرية من قرى النهروان (٤) ، الذي ورد فيه عن سيدنا الإمام العسكري عليه‌السلام ذموم وتوقيعات

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٦٠ / ٥.

(٢) الخرائج والجرائح ١ : ٤٥٢ / ٣٨.

(٣) الفقيه ٤ : ١٢٨ ، من المشيخة.

(٤) قال في معجم البلدان ٤ : ٧٧ : عبرتا : وهي قرية كبيرة من اعمال بغداد من نواحي النهروان بين بغداد وواسط.

٥٧

بلعنه ، ونسبوه تارة إلى الغلوّ ، واخرى إلى ضدّه النصب ، وتارة إلى الوقف على أبي جعفر عليه‌السلام ومع ذلك نرى الأجلاّء الكبار والمشايخ العظام رووا عنه ، وعمد المؤلفين أخرجوا أحاديثه في مجاميعهم ، وبتوسطهم وصلت إلينا هذه التوقيعات ، وبمرأى منهم هذه الذموم والجروح.

فممّن روى عنه سعد بن عبد الله هنا (١) ، وفي طريقه [الى] أميّة بن عمرو (٢) ، وفي التهذيب في باب ما تجوز الصلاة فيه (٣) ، وباب فضل الصلاة من أبواب الزيادات (٤).

وعبد الله بن جعفر الحميري كما صرّح به في النجاشي (٥) ، وأبو محمّد عبد الله بن العلاء ، أو أبي العلاء المذاري الثقة الجليل ، الذي في النجاشي : أنه من وجوه أصحابنا (٦) كما صرّح فيه أيضا.

والجليل محمّد بن علي بن محبوب في التهذيب في باب الأنفال (٧).

وموسى بن الحسن بن عامر بن عبد الله الأشعري ـ الذي قالوا فيه : ثقة عين جليل القدر (٨) ـ في التهذيب في باب ما يجب على المحرم اجتنابه (٩) ، وفي

__________________

(١) إشارة إلى الطريق المتقدم آنفا.

(٢) أي : رواية سعد عن احمد بن هلال العبرتائي في طريق الصدوق إلى أمية بن عمرو عن الشعيري.

انظر : الفقيه ٤ : ١١٠ ، من المشيخة.

(٣) تهذيب الأحكام ٢ : ٢٤٠ / ٩٥٣.

(٤) تهذيب الأحكام ٢ : ٣٦٢ / ١٤٩٩.

(٥) رجال النجاشي : ٨٣ / ١٩٩.

(٦) رجال النجاشي : ٢١٩ / ٥٧١.

(٧) تهذيب الأحكام ٤ : ١٣٤ / ٣٧٥.

(٨) رجال النجاشي : ٤٠٦ / ١٠٧٨ ورجال العلامة : ١٦٦ / ٤ ، ورجال ابن داود : ١٩٣ / ١٦١٣.

(٩) تهذيب الأحكام ٥ : ٣٠٨ / ١٠٥٢.

٥٨

باب الطواف (١) ، وفي باب ماهيّة زكاة الفطرة ، وغيرها (٢).

والحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة ، في باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة (٣) ، وباب التيمم (٤) ، وباب الدعاء بين الركعات (٥) ، وغيرها.

ومحمّد بن يحيى العطار ، في الكافي في باب نوادر الطواف (٦).

وإبراهيم بن محمّد الهمداني الثقة ، وكيل الناحية ، في التهذيب في باب البيّنات (٧) ، وباب الوصية لأهل الضلال (٨) ، وفي الاستبصار في باب ما تجوز شهادة النساء فيه (٩).

والحسن بن علي الزيتوني ، وفي نسخة : الحسين (١٠) ، ولعلّه سهو.

وأحمد بن محمّد بن عبد الله ، الذي يروي عنه البزنطي في الكافي ، في باب أن الآيات هم الأئمة عليهم‌السلام (١١) وباب كراهية ردّ الطيب (١٢).

وعلي بن محمّد ، من مشايخ الكليني (١٣).

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٥ : ١٤٠ / ٤٦٤.

(٢) تهذيب الأحكام ٤ : ٧٩ / ٢٢٥.

(٣) تهذيب الأحكام ١ : ٤٨ / ١٤٠.

(٤) تهذيب الأحكام ١ : ١٩٠ / ٥٤٧.

(٥) تهذيب الأحكام ٣ : ٧٦ / ٢٣٤.

(٦) الكافي ٤ : ٤٢٧ / ١.

(٧) تهذيب الأحكام ٦ : ٢٦٨ / ٧١٩.

(٨) تهذيب الأحكام ٩ : ٢٠٤ / ٨١٢.

(٩) الاستبصار ٣ : ٢٨ / ٩.

(١٠) تهذيب الأحكام ٦ : ٤٨ / ١٠٩ ، وفيه : الحسين. والصحيح : الحسن لما في الكشي ٢ : ٦٥٨ / ٦٧٥ ، والنجاشي : ٦٢ / ١٤٣ ، ورجال ابن داود : ٧٦ / ٤٤٠ ، وفي جامع الرواة ١ : ٢١٢ ، الظاهر ان الحسين مصغرا سهو لعدم وجوده في كتب الرجال.

(١١) أصول الكافي ١ : ١٦١ / ١.

(١٢) الكافي ٦ : ٥١٣ / ٣.

(١٣) أصول الكافي ١ : ٤٤٤ / ٤.

٥٩

ومحمّد بن عيسى العبيدي ، في التهذيب في باب الوصية بالثلث (١) ، وباب حكم الجنابة (٢) ، وغيرها.

وعلي بن محمّد بن حفص أبو قتادة القمّي الثقة ، كما في التهذيب في باب تلقين المحتضر من أبواب الزيادات (٣).

ومحمّد بن أحمد بن يحيى ، في الكافي في باب من لا يجوز له صيام التطوع (٤) ، وفي التهذيب في باب صلاة الغريق (٥) ، وباب صلاة المضطر من الزيادات (٦) ، وغير هؤلاء.

وفي الكافي في باب مولد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : محمّد بن يحيى ، عن سعد بن عبد الله ، عن جماعة من أصحابنا ، عن أحمد بن هلال (٧).

الى آخره ، ولا بدّ من الجمع بين رواية هؤلاء المشايخ عنه ، الكاشفة عن الاعتماد عليه في النقل والرواية ، وبين ما ورد فيه من الذّمّ ، وما قالوا فيه بأحد وجوه :

أ ـ عدم اعتنائهم به ، وعدم ثبوته عندهم ، ولعلّه الظاهر من النجاشي ، ففي رجاله : أحمد بن هلال أبو جعفر العبرتائي ، صالح الرواية ، يعرف منها وينكر ، وقد روي فيه ذموم عن سيدنا الإمام العسكري عليه‌السلام ولا أعرف له إلاّ كتاب يوم وليله ، وكتاب نوادر ، أخبرني بالنوادر : أبو عبد الله بن شاذان ، عن أحمد بن محمّد بن يحيى ، عن عبد الله بن جعفر ، عنه ، به.

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٩ : ١٩٧ / ٧٨٧.

(٢) تهذيب الأحكام ١ : ١٤٥ / ٤١٠.

(٣) تهذيب الأحكام ١ : ٤٣١ / ١٣٧٩ و ٤٦٦ / ١٧٣.

(٤) الكافي ٤ : ١٥١ / ٢.

(٥) تهذيب الأحكام ٣ : ١٧٥ / ٣٨٨.

(٦) تهذيب الأحكام ٣ : ٣٠٨ / ٩٥٤.

(٧) أصول الكافي ١ : ٣٧٠ / ١٨.

٦٠