خاتمة مستدرك الوسائل - ج ٤

الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]

خاتمة مستدرك الوسائل - ج ٤

المؤلف:

الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-005-6
ISBN الدورة:
964-5503-84-1

الصفحات: ٥١٢

عليه‌السلام فأخبرته بذلك فقال : صدق جابر ، ثم قال : لعلّكم ترون أن ليس كلّ إمام هو القائم بعد الإمام الذي كان قبله (١).

ز ـ ما رواه فيه في باب أن الجنّ تأتيهم فيسألونهم : عن علي بن محمّد ، عن صالح بن أبي حماد ، عن محمّد بن أورمة ، عن أحمد بن النضر ، عن النعمان ابن بشير ، قال : كنت مزاملا (٢) لجابر بن يزيد الجعفي ، فلما أن كنّا بالمدينة دخل على أبي جعفر عليه‌السلام فودّعه ، وخرج من عنده وهو مسرور ، حتى وردنا الأخرجة (٣) ـ أوّل منزل تعدل من فيد (٤) إلى المدينة ـ يوم الجمعة فصلّينا الزوال.

فلما نهض بنا البعير إذا أنا برجل طوال (٥) أدم معه كتاب فناوله جابر ، فتناوله فقبّله ووضعه على عينيه ، وإذا هو من محمّد بن عليّ إلى جابر بن يزيد ، وعليه طين أسود رطب ، فقال له : متى عهدك بسيدي؟ فقال : الساعة ، فقال له : قبل الصلاة أو بعد الصلاة؟ قال : بعد الصلاة.

قال : ففك الخاتم وأقبل يقرأه ويقبض وجهه حتى أتى على آخره ، ثم أمسك الكتاب ، فما رأيته ضاحكا ولا مسرورا حتى وافى الكوفة ، فلما وافينا الكوفة ليلا بتّ ليلتي ، فلما أصبحت أتيته إعظاما له ، فوجدته قد خرج وفي عنقه كعاب قد علّقها وقد ركب قصبة وهو يقول :

__________________

(١) أصول الكافي ١ : ٢٤٤ / ٧.

(٢) المزاملة : المعادلة على البعير ، وفي الحديث : انه مشى على زميلي ، والزميل العديل الذي حمله مع حملك على البعير ، انظر لسان العرب ١١ : ٣١٠.

(٣) الأخرجة : ماء على متن الطريق الأول عن يسار سميراء ، وسميراء بعد فيد ، انظر مراصد الاطلاع ١ : ٤١ ، ومعجم البلدان ١ : ١٢٠.

(٤) فيد : بليدة في نصف طريق مكة من الكوفة ـ معجم البلدان ٤ : ٢٨٢.

(٥) طوال وطويل بمعنى واحد ، والأدم مأخوذ من : الأدمة ، وهي السمرة الشديدة ، وقيل : من ادمة الأرض ، وهي لونها ، وبه سمي آدم أبو البشر ، انظر لسان العرب ١٢ : ١١.

٢٠١

أجد منصور بن جمهور

أميرا غير مأمور

وأبياتا نحو هذا ، فنظر في وجهي ونظرت في وجهه ، فلم يقل لي شيئا ولم أقل له ، وأقبلت أبكي لما رأيته ، واجتمع عليّ ، وعليه الصبيان والناس ، وجاء حتى دخل الرحبة وأقبل يدور مع الصبيان والناس يقولون : جنّ جابر بن يزيد ، جن جابر ، فو الله ما مضت الأيام حتى ورد كتاب هشام بن [عبد الملك] (١) إلى واليه : أن انظر رجلا يقال له : جابر بن يزيد الجعفي فاضرب عنقه وابعث إليّ برأسه ، فالتفت إلى جلسائه فقال لهم : من جابر بن يزيد الجعفي؟ قالوا : أصلحك الله كان رجلا له فضل وعلم وحديث وحج فجنّ ، وهو ذا في الرحبة مع الصبيان على القصب يلعب معهم.

قال فأشرف عليه فإذا هو مع الصبيان يلعب على القصب ، فقال : الحمد لله الذي عافاني من قتله ، ولم تمض الأيام حتى دخل منصور بن جمهور [الكوفة] (٢) وصنع ما كان يقول جابر (٣).

والسند حسن إلى أحمد بن النضر الثقة ، وأخرجه الكليني في جامعه الذي عرفت حاله ، وفيه ضروب من المعاجز.

ومؤيّد بما رواه الكشي : عن نصر بن الصباح ، قال : حدثنا أبو يعقوب

__________________

(١) في الأصل : بن الحكم ، وما أثبتناه من المصدر ، ومثله في بحار الأنوار ٤٦ : ٢٨٢ / ٨٥ عنه.

(٢) ما بين المعقوفتين من المصدر ، ومنصور بن جمهور من الطغاة لبني أمية من الغلابية ، ولاه يزيد ابن الوليد ـ بعد قتل الوليد بن يزيد ـ على الكوفة بعد عزل وإليها السابق يوسف بن عمر ، فدخل منصور الكوفة لأيام خلون من رجب سنة ١٢٦ ه‍ ، وهرب منها يوسف ، فأخذ بيوت الأموال وأطلق من في سجون يوسف من العمال وأهل الخراج. انظر تاريخ الطبري ٤ : ٢٦١ حوادث سنة : ١٢٦ ه‍.

قال في البحار ٤٦ : ٢٨٢ / ٨٥ :. « وكان [ذلك] بعد وفاة الباقر عليه‌السلام باثنتي عشرة سنة ، ولعل جابرا ـ رحمه‌الله ـ أخبر بذلك فيما أخبر من وقائع الكوفة ».

(٣) أصول الكافي ١ : ٣٢٦ / ٧ ، وما بين المعقوفتين منه.

٢٠٢

إسحاق بن محمّد البصري ، قال : حدثنا علي بن عبد الله ، قال : خرج جابر ذات يوم وعلى رأسه قوصرة راكبا قصبة ، حتى مرّ على سكك الكوفة فجعل الناس يقولون : جنّ جابر ، جنّ جابر ، فلبثنا بعد ذلك أياما ، فإذا بكتاب هشام قد جاء بحمله إليه ، قال : فسال عنه الأمير ، فشهدوا عنده أنّه قد اختلط ، وكتب بذلك إلى هشام ولم يعرّض له ، ثم رجع إلى ما كان من حاله الأولى (١).

ولا يخفى ما في الخبر من الدلالة على عظم قدره وجلالة شأنه. ومثله.

ح ـ ما رواه فيه أيضا : عن عدّة من أصحابنا ، عن صالح بن أبي حمّاد ، عن إسماعيل بن مهران ، عمّن حدثه ، عن جابر بن يزيد ، عن الصادق عليه‌السلام قال : قلت له : حدثني محمّد بن علي (عليهما السّلام) بسبعين حديثا ، لم أحدث بها أحدا قطّ ، ولا أحدث بها أحدا ، فلما مضى محمّد بن علي (عليهما السّلام) ثقلت على عنقي ، وضاق بها صدري فما تأمرني؟ فقال : يا جابر إذا ضاق بك من ذلك شيء فاخرج إلى الجبّانة ، واحفر حفيرة ، ثم دلّ رأسك فيها ، وقل : حدثني محمّد بن علي بكذا وكذا ، ثم طمّه ، فإن الأرض تستر عليك.

قال جابر : ففعلت ذلك فخفّ ، عنّي ما كنت أجده (٢).

وسند الخبر وإن كان ينتهي إليه ، إلاّ أنه بعد ثبوت صدقه في إخباره بالأخبار المستعصية عن الصادقين) (عليهما السّلام) يكون في الحجيّة كغيره.

قال المحقق السيد صدر الدين العاملي : تأمّل في هذا الخبر لعلّك تهتدي منه ومن مثله إلى نوع ما كان ينشد المفيد فيه من الأشعار ، ويمكن الجواب بأن ثقل السر عليه إنّما كان حرصا على إظهار فضل آل محمّد عليهم‌السلام ، وظنّه

__________________

(١) رجال الكشي ٢ : ٤٤٣ / ٣٤٤.

(٢) الكافي ٨ : ١٥٧ / ١٤٩ ، من الروضة ، والظاهر أن هناك تصرف في النقل ، انظر كذلك بحار الأنوار ٤٦ : ٣٤٤ / ٢٧.

٢٠٣

قابليّة بعض الناس لإفشائه ، انتهى. ويقرب من هذا الخبر :

ط ـ ما رواه الكشي : عن جبرئيل بن أحمد : حدثني محمّد بن عيسى ، عن إسماعيل بن مهران ، عن أبي جميلة المفضل بن صالح ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، قال : حدثني أبو جعفر عليه‌السلام تسعين (١) ألف حديث ، لم أحدث بها أحدا قطّ ولا أحدث بها أحدا أبدا ، قال جابر : فقلت لأبي جعفر عليه‌السلام : جعلت فداك إنّك قد حمّلتني وقرأ عظيما بما حدثتني به من سرّكم الذي لا أحدث به أحدا ، فربّما جاش صدري حتى يأخذني منه شبه الجنون ، قال : « يا جابر فإذا كان ذلك (٢) فاخرج إلى الجبال (٣) ، فاحفر حفيرة ودلّ رأسك فيها » ، ثم قل : حدثني محمّد بن علي (عليهما السّلام) بكذا وكذا (٤).

ورواه الشيخ المفيد في كتاب الاختصاص بإسناده : عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن محمّد بن عيسى مثله ، إلاّ أنّ فيه : سبعين ألف حديث ، وفيه : فاخرج إلى الجبّان (٥). إلى آخره.

ي ـ ما رواه : عن علي بن محمّد ، قال : حدثني محمّد بن أحمد ، عن يعقوب بن يزيد ، عن عمرو بن عثمان ، عن أبي جميلة ، عن جابر قال : رويت خمسين ألف حديث ما سمعه (٦) أحد مني.

يا ـ ما رواه أيضا : عن جبرئيل بن أحمد ، حدثني الشجاعي ، عن محمّد

__________________

(١) في المصدر : سبعين.

(٢) نسخة بدل : كذلك « منه قدس‌سره ».

(٣) في المصدر : الجبّان.

(٤) رجال الكشي ٢ : ٤٤١ / ٣٤٣.

(٥) الاختصاص : ٦٦.

(٦) كذا في الأصل والمصدر أيضا ، والظاهر في تذكير الضمير ارتباطه بالعدد ، اي : ما سمع هذا العدد أحد مني ، رجال الكشي ٢ : ٤٤٠ / ٣٤٢.

٢٠٤

ابن الحسين ، عن أحمد بن النضر ، عن ، عمرو بن شمر ، عن جابر ، قال : دخلت على أبي جعفر عليه‌السلام وأنا شابّ فقال : من أنت؟ قلت : من أهل الكوفة ، قال : ممّن؟ قلت : من جعفي ، قال : ما أقدمك إلى هاهنا؟ قلت : طلب ، العلم ، قال : ممّن؟ قلت : منك ، قال : فإذا سألك أحد من أين أنت فقل : من أهل المدينة ، قال ، قلت : أسألك قبل كلّ شيء عن هذا ، أيحلّ لي أن أكذب؟ قال : ليس هذا بكذب ، من كان في المدينة فهو من أهلها حتى يخرج ، قال : و، دفع إليّ كتابا وقال لي : إن أنت حدّثت به حتى يهلك بنو أميّة فعليك لعنتي ولعنة آبائي ، وإن أنت كتمت منه شيئا بعد هلاك بني أميّة فعليك لعنتي ولعنة آبائي ، ثم دفع إليّ كتابا آخر ، ثم قال : وهاك هذا فإن حدثت بشيء منه أبدا فعليك لعنتي ولعنة آبائي (١).

وروي الكشي أخبارا كثيرة في ظهور الكرامات العجيبة منه لم نستشهد بها لضعف أسانيدها وعدم الحاجة إليها.

وفي كتاب عيون المعجزات للعالم الجليل الحسين بن عبد الوهاب الشعراني ، وربّما ينسب إلى علم الهدى السيد المرتضى كما احتمله العلامة المجلسي (٢) ، وجزم به السيد المحدث التوبلي (٣) :

روى لي الشيخ أبو محمّد الحسن بن محمّد بن نصر (رضى الله عنه) يرفع الحديث برجاله إلى البرسي ، مرفوعا إلى جابر رضي‌الله‌عنه قال : لمّا أفضت الخلافة إلى بني أميّة (٤). إلى آخره.

وفي البحار نقلا عن والده ، عن كتاب قديم في المناقب ، قال : حدثنا

__________________

(١) رجال الكشي ٢ : ٣٣٨ / ٣٣٩.

(٢) بحار الأنوار ٤٦ : ١٠٢ / ٩٢ و ٢٧٤ / ٨٠.

(٣) مدينة المعاجز : ٣١٩.

(٤) عيون المعجزات : ٧٨.

٢٠٥

احمد بن عبيد الله ، قال : حدثنا محمّد بن جعفر ، قال : حدثنا محمّد بن إبراهيم ابن محمّد الموصلي ، قال : أخبرني أبي ، عن خالد ، عن جابر بن يزيد الجعفي (١).

وقال : حدثنا أبو سليمان بن أحمد ، قال : حدثنا ، محمّد بن سعيد ، عن أبي سعيد سهل بن زياد ، قال : حدثنا محمّد بن سنان ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، قال : لمّا أفضت الخلافة (٢). وساق الخبر.

وفيه معاجز كثيرة ، وذكر الخيط وتزلزل المدينة وهلاك جماعة كثيرة ، وذكر بعض مقاماتهم وحقوق الإخوان ، ويظهر منه علوّ مقامه عندهم بما لا يطمعه طامع ، ولطول الخبر لم نخرجه ، وهو مكرر في الكتب القديمة ، بل في نوادر المعجزات ـ وكأنّه مختصر الدلائل للطبري ـ في باب معاجز السجاد عليه‌السلام ما لفظه :

ومنها خبر الخيط ، معروف مشهور ، روى الشيخ أبو محمّد الحسن بن محمّد بن نصر يرفع الحديث برجاله إلى محمّد بن جعفر البرسي ، عن إبراهيم ابن محمّد الموصلي ، عن جابر الجعفي (٣). إلى آخره.

يب ـ ما في رجال الكشي في ترجمة يونس بن عبد الرحمن : وجدت بخطّ محمّد بن شاذان بن نعيم ، سمعت أبا محمّد القماصي الحسن بن علوية الثقة يقول : سمعت الفضل بن شاذان يقول : حجّ يونس بن عبد الرحمن أربعا وخمسين حجّة ، واعتمر أربعا وخمسين عمرة ، وألّف ألف جلد ردّا على المخالفين ، ويقال : انتهى علم الأئمة عليهم‌السلام إلى أربعة نفر ، أوّلهم سلمان الفارسي ، والثاني جابر ، والثالث السيد ، والرابع يونس بن

__________________

(١) مناقب ابن شهرآشوب ٤ : ١٨٣.

(٢) بحار الأنوار ٤٦ : ٢٧٤ / ٨٠.

(٣) بحار الأنوار ٤٦ : ٢٦٠ / ٦١.

٢٠٦

عبد الرحمن (١).

والمراد من الجابر هو الجعفي لا الأنصاري كما نصّ عليه جماعة ، بل لم نقف على من احتمل غيره ، ما في الخلاصة قال : قال ابن الغضائري : جابر ابن يزيد الجعفي الكوفي ، ثقة في نفسه ، ولكن جلّ من روى عنه ضعيف (٢).

يج ـ ما في الفهرست في ترجمته قال : جابر بن يزيد الجعفي ، له أصل ، أخبرنا به ، وذكر طريقه. ثم قال : وله كتاب التفسير ، ثم ذكر طريقه (٣). ولم يذكر فيه شيئا يدلّ على ضعفه. ويأتي (٤) في قول المفيد مدح عظيم لأصحاب الأصول.

ومنه يظهر أن قول بعضهم : لا يكاد يفهم حسن من قولهم : له كتاب أو أصل أصلا ، شطط من الكلام.

يد ـ ما في رجال الشيخ في أصحاب الصادق عليه‌السلام : جابر بن يزيد أبو عبد الله الجعفي ، تابعي ، أسند عنه ، روى عنهما (٥) ، وذكره في أصحاب الباقر عليه‌السلام أيضا وقال : جابر بن يزيد بن الحارث بن عبد يغوث الجعفي ، توفي سنة ثمان وعشرين ومائة على ما ذكره ابن حنبل ، وقال يحيى بن معين : مات سنة اثنتين وثلاثين [ومائة] (٦) وقال القتيبي : هو من الأزد (٧) ، انتهى.

ولم يشر إلى ضعف فيه ، وقد استظهرنا في محله من كلمة أسند عنه أنّه

__________________

(١) رجال الكشي ٢ : ٧٨٠ / ٩١٧.

(٢) رجال العلامة : ٣٥ / ٢.

(٣) فهرست الشيخ : ٤٥ / ١٤٧.

(٤) سيأتي في هذه الفائدة ، صحيفة : ٢١٤.

(٥) رجال الشيخ : ١٦٣ / ٣٠.

(٦) ما أثبتناه بين المعقوفتين من المصدر.

(٧) رجال الشيخ ١١١ / ٦.

٢٠٧

ممّن ذكره ابن عقدة في رجاله ، فيكون من الأربعة آلاف الذين وثقهم.

يه ـ رواية ابن أبي عمير عنه كما في الكافي في باب النوادر من كتاب الصلاة : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن أبي عمير ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لجبرئيل : يا جبرئيل أيّ البقاع أحبّ إلى الله عزّ وجلّ؟ قال : المساجد ، وأحبّ أهلها إلى الله أولهم دخولا وآخرهم خروجا منها (١).

وتأمّل في السند صاحب جامع الرواة واحتمل الإرسال لبعد ما بين ابن أبي عمير وجابر (٢) ، والظاهر أنّه في غير محلّه.

ورواية جملة من الأجلاّء [عنه] منهم : صفوان بن يحيى كما في الخرائج في فصل أعلام الصادق عليه‌السلام (٣).

وعنبسة بن بجاد العبادي (٤) ، وهشام بن سالم (٥) ، والنضر بن سويد (٦).

وسيف بن عميرة (٧) ، وعمّار بن مروان (٨) ، وإبراهيم بن سليمان (٩) ، وإبراهيم بن عمر اليماني (١٠) ، وعمر بن أبان (١١) ، والمفضل بن

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٨٩ / ١٤.

(٢) جامع الرواة ١ : ١٤٦.

(٣) الخرائج والجرائح : ٣٣٢ ، كذلك انظر بحار الأنوار ٤٧ : ٩٩ / ١١٨.

(٤) الكافي ٣٩٤ / ٥٩٣ ، من الروضة.

(٥) أصول الكافي ١ : ٢٤٤ / ٧.

(٦) أصول الكافي ١ : ١٦٦ / ٢.

(٧) تهذيب الأحكام ١ : ٤٥٤ / ١٤٧٩.

(٨) أصول الكافي ١ : ٣٣٠ / ١.

(٩) فهرست الشيخ : ٤٥ / ١٤٧.

(١٠) أصول الكافي ١ : ٢١٣ / ١.

(١١) أصول الكافي ٢ : ١٣٣ / ٢.

٢٠٨

عمر (١) ، والحسن بن السري (٢) ، وعمرو بن شمر (٣) ، وعمرو بن عثمان (٤) ، وعمر بن يزيد (٥) ، وعبد الله بن غالب (٦) ، ويعقوب السراج (٧) الذي قال المفيد فيه : أنه كان من شيوخ أصحاب الصادق عليه‌السلام وخاصّته وبطانته وثقاته (٨).

وميسر (٩) ، والسكوني (١٠) ، ومثنى الحنّاط (١١) ، وصباح المزني (١٢).

يو ـ عدّه المخالفون من الكذابين ، وتضعيفهم إيّاه واهتمامهم على النهي عن الرواية عنه ، حتى قال مسلم في أوّل صحيحه : حدثنا أبو غسان محمّد بن عمرو الرازي ، قال : سمعت جريرا يقول : لقيت جابر بن يزيد الجعفي فلم أكتب عنه ، كان يؤمن بالرجعة (١٣)

حدثنا حسن الحلواني ، حدثنا يحيى بن آدم ، حدثنا مسعر ، حدثنا جابر ـ وهو ابن يزيد ـ قبل أن يحدث ما أحدث (١٤).

حدثني سلمة بن شبيب ، حدثني الحميدي ، حدثنا سفيان قال : كان

__________________

(١) الفقيه ٤ : ٣٧ ، من المشيخة.

(٢) أصول الكافي ١ : ٩٦ / ٢.

(٣) الكافي ٨ : ١٨ / ٤ ، من الروضة.

(٤) الكافي ٣ : ٢٣٤ / ٣.

(٥) تهذيب الأحكام ٣ : ٣ / ٥.

(٦) الكافي ٨ : ٣٣٦ / ٥٢٩ ، من الروضة.

(٧) أصول الكافي ٢ : ٤٢ / ١.

(٨) الإرشاد : ٢٨٨.

(٩) تهذيب الأحكام ٧ : ٧٥ / ٣٢٢.

(١٠) تهذيب الأحكام ٧ : ٤٣٦ / ١٧٣٧.

(١١) الاستبصار ٣ : ٢٠٩ / ٧٥٨.

(١٢) الكافي ٨ : ٣٤٤ / ٥٤٢ ، من الروضة.

(١٣) صحيح مسلم ١ : ٢٠ / ٢.

(١٤) صحيح مسلم ١ : ٢٠ / ٣.

٢٠٩

الناس يحملون عن جابر قبل أن يظهر ما أظهر ، فلمّا أظهر ما أظهر اتهمه الناس في حديثه ، وتركه بعض الناس ، فقيل له : وما أظهر؟ قال : الإيمان بالرجعة (١).

حدثنا حسن الحلواني ، حدثنا أبو يحيى الحمّاني ، حدثنا قبيصة وأخوه أنّهما سمعا الجراح بن مليح يقول : سمعت جابرا يقول : عندي سبعون ألف حديث عن أبي جعفر ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كلّها (٢).

حدثني حجّاج بن الشاعر ، قال : حدثنا أحمد بن يونس ، قال : سمعت زهيرا يقول : قال جابر ـ أو سمعت جابرا يقول ـ : إنّ عندي لخمسين ألف حديث ما حدّثت منها بشيء ، [قال] (٣) ثم حدث يوما بحديث فقال : هذا من الخمسين ألفا (٤).

حدثني إبراهيم بن خالد اليشكري قال : سمعت أبا الوليد يقول : سمعت سلام بن أبي مطيع يقول : سمعت جابر الجعفي يقول : عندي خمسون ألف حديث عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٥)

وحدثنا سلمة بن شبيب ، حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان ، قال : سمعت رجلا سأل جابر عن قوله عزّ وجلّ : (فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ) (٦)؟ فقال جابر : لم يجيء تأويل هذه الآية ، قال سفيان : وكذب ، فقلنا لسفيان : وما أراد بهذا؟ فقال : إن الرافضة تقول : إنّ عليا عليه‌السلام في السحاب ، فلا نخرج مع من خرج من ولده

__________________

(١) صحيح مسلم ١ : ٢٠ / ٤.

(٢) صحيح مسلم ١ : ٢٠ / ٥.

(٣) ما بين المعقوفتين من المصدر.

(٤) صحيح مسلم ١ : ٢٠ / ٦.

(٥) صحيح مسلم ١ : ٢٠ / ٧.

(٦) يوسف ١٢ : ٨٠.

٢١٠

حتى ينادي مناد من السماء ـ يريد عليا عليه‌السلام أنه ينادي ـ اخرجوا مع فلان ، يقول جابر : فذا تأويل هذه الآية وكذب ، كانت في إخوة يوسف (١).

وحدثنا سلمة بن شبيب ، حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان ، قال : سمعت جابرا يحدّث بنحو من ثلاثين ألف حديث ، ما أستحل أن أذكر منها شيئا ، وإن كان لي كذا وكذا (٢).

ذكر هذه الأخبار في مقام ذكر الكذابين ومن لا يجوز الأخذ عنه ، كالحارث الأعور الهمداني وغيره.

وقال ابن حجر في التقريب : جابر بن يزيد بن الحارث الجعفي أبو عبد الله الكوفي ، ضعيف ، رافضي ، من الخامسة (٣).

وقال الذهبي في الميزان : جابر الجعفي الكوفي ، أحد علماء الشيعة ، عن سفيان : كان جابر الجعفي ورعا في الحديث ، وما رأيت أورع منه (٤) ، ثم ذكر بعض ما رواه مسلم.

وقال : وعن يحيى بن يعلى : سمعت زائدة يقول : جابر الجعفي رافضي ، شتم أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٥).

وقال جرير بن عبد الحميد : لا أستحلّ أن أحدث عن جابر الجعفي لأنه كان يؤمن بالرجعة.

وقال في مختصره في الرجال ، كما في النهج وغيره ، بعد الترجمة : عن أبي الطفيل ، والشعبي ، وعنه : شعبة ، والسفيانان ، من أكبر علماء الشيعة ، وثقه

__________________

(١) صحيح مسلم ١ : ٢٠ / ٨.

(٢) صحيح مسلم ١ : ٢١ / ١.

(٣) تقريب التهذيب ١ : ١٢٣ / ١٧.

(٤) ميزان الاعتدال ١ : ٣٧٩ / ١٤٢٥.

(٥) ميزان الاعتدال ١ : ٣٨٣.

٢١١

شعبة فشذّ ، وتركه الحفّاظ (١).

وقال أبو داود صاحب السنن : ليس في كتابي منه شيء سوى حديث السهو (٢).

وعن ابن الجوزي في المنتظم قال : كان جابر بن يزيد الجعفي رافضيا غاليا ، مات سنة ١٢٨ (٣).

إلى غير ذلك من كلماتهم الناشئة عن عداوتهم المنبعثة عن كونه عالما شيعيا رافضيا (٤)

يز ـ عدّه ابن شهرآشوب في المناقب بابا لأبي جعفر الباقر عليه‌السلام

__________________

(١) تهذيب التهذيب ٢ : ٤٣ /

(٢) سنن أبي داود ١ : ٢٧٢ / ١٠٣٦ ، الكاشف ١ : ١٢٢ / ٧٤٨.

(٣) المنتظم لابن الجوزي ٧ : ٢٦٧.

(٤) أقول : ان ما يدعيه شخص من كثرة الحفظ لا يوجب تكذيبه شرعا وعقلا ما لم يقترن ذلك بالدليل.

وعليه فأن تضعيف جابر الجعفي ـ رضوان الله تعالى عليه ـ ورميه بالوضع من لدن بعض الكتاب الذين باعوا ضمائرهم بثمن بخس لا لكثرة حفظه ـ كما يزعمون ـ وانما السبب الحقيقي هو لانقطاعه إلى أئمة أهل البيت عليهم‌السلام وملازمتهم أكثر من خمسين عاما وإلاّ لأوجب ذلك تضعيف من ادعى الحفظ أضعافا مضاعفة على ما قاله جابر!.

فهذا البخاري اخرج كتابه من ستمائة ألف حديث ، وانه كان يحفظ مائة ألف حديث صحاح وضعف هذا العدد من الأحاديث غير الصحيحة!! وهذا احمد بن حنبل كان يحفظ جميع ما في كتبه ـ على ما يرويه القوم ـ والتي كانت اثنتي عشر حملا!! ويحيى بن معين كتب بيده مليون حديث!! وقال الشعبي : ما حدثني رجل بحديث الا حفظته.

وقال أبو زرعة الأزدي : ما في بيتي سواد على بياض الا واحفظه.

ونحن لا نريد ان نضعف هؤلاء بقدر ما نريد ان نبين ان كثرة الحفظ عن شخص توجب تكذيبه ، والا لما صح إطلاق لقب « الحافظ » على احد بحال.

انظر : المبادئ العامة للفقه الجعفري : ١١٠ وما بعدها.

٢١٢

وكذلك الكفعمي في جنّته (١) ، والمراد من الباب بابهم عليهم‌السلام في علومهم وأسرارهم ، وفي الأول ، والإرشاد للمفيد ، وإعلام الورى للطبرسي ، في مقام ذكر فضائل الباقر عليه‌السلام ما لفظهم : وكان جابر بن يزيد الجعفي إذا روى عن محمّد بن علي (عليهما السّلام) شيئا يقول : حدثني وصيّ الأوصياء ووارث علوم (٢) الأنبياء محمّد بن علي عليهم‌السلام (٣).

وروى الكشي : عن حمدويه قال : حدثنا يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الحميد بن أبي العلاء قال : دخلت المسجد حين قتل الوليد ، فإذا الناس مجتمعون ، قال : فأتيتهم فإذا جابر الجعفي عليه عمامة خزّ حمراء ، وإذا هو يقول : حدثني وصي الأوصياء ووارث علم الأنبياء محمّد بن علي (عليهما السّلام) قال : فقال الناس : جنّ جابر ، جنّ جابر (٤).

وروى الحسين بن حمدان ، عن أحمد بن يوسف بن محمّد ، عن أبي سكينة ، عن عمرو بن الزهير ، عن الصادق عليه‌السلام قال : إنّما سمّي جابر لأنه جبر المؤمنين بعلمه ، وهو بحر لا ينزح ، وهو الباب في دهره ، والحجة على الخلق من حجّة الله أبي جعفر محمّد بن علي (عليهما السّلام) (٥).

وعن جعفر بن محمّد بن مالك ، عن جعفر بن محمّد الخزاز ، عن مخول ابن إبراهيم ، عن أبي خديجة سالم بن مكرم ، عن ميمون بن إبراهيم ، عن جابر أنه قال : علّمني ابن فاطمة (عليهما السّلام) كلمات ما أشاء أن أعلم بهن شيئا إلاّ علمته ، يعني الباقر عليه‌السلام.

__________________

(١) الجنة الواقية (المصباح) : ٥٢٢.

(٢) نسخة بدل : علم « منه قدس‌سره ».

(٣) مناقب ابن شهرآشوب ٤ : ٢١١ / ١٢ ، الإرشاد : ٢٦٣ ، إعلام الورى : ٢٦٩.

(٤) رجال الكشي ٢ : ٤٣٧ / ٣٣٧.

(٥) سفينة البحار : ١ / ٥٣٩.

٢١٣

وبهذا الإسناد ، عن ميمون قال : كان جابر قد جنن نفسه ، فركب القصب وطاف مع الصبيان حيث طلب للقتل ، وكان فيما يدور إذ لقيه رجل في طريقه ، وكان الرجل قد حلف بطلاق امرأته في ليلته تلك أنه يسأل عن النساء أوّل من يلقاه ، فاستقبله جابر فسأله عن النساء؟ فقال له جابر : النساء ثلاث ، وهو راكب القصبة فمسكها الرجل ، فقال له جابر : خلّ عن الجواد ، فركض مع الصبيان ، فقال الرجل : ما فهمت ما قال جابر ، ثم لحق به فقال له : ما معنى النساء ثلاث؟ فقال جابر : واحدة لك ، وواحدة عليك ، وواحدة لا لك ولا عليك ، وقال له : خلّ عن الجواد.

فقال الرجل : ما فهمت قول جابر ، فلحق به وقال : ما فهمت ما قلت؟ فقال له : أما التي لك فالبكر ، وأمّا التي عليك فالتي كان لها بعل ولها ولد منه ، والتي لا لك ولا عليك فالثيب التي لا ولد عليها (١).

يح ـ قول الشيخ المفيد في رسالته في الرّد على أصحاب العدد ما لفظه : وأمّا رواة الحديث بأن شهر رمضان من شهور السنة يكون تسعة وعشرين يوما ويكون ثلاثين يوما فهم فقهاء أصحاب أبي جعفر محمّد بن علي ، وأبي عبد الله جعفر بن محمّد بن علي ، وأبي الحسن علي بن محمّد ، وأبي محمّد الحسن بن علي ابن محمّد (صلوات الله عليهم) والأعلام الرؤساء المأخوذ عنهم الحلال والحرام والفتيا والأحكام ، الذين لا يطعن عليهم ، ولا طريق إلى ذمّ واحد منهم ، وهم أصحاب الأصول المدوّنة ، والمصنفات المشهورة ، وكلّهم قد أجمعوا نقلا وعملا على أنّ شهر رمضان يكون تسعة وعشرين ، نقلوا ذلك عن أئمة الهدى عليهم‌السلام وعرفوه من عقيدتهم ، واعتمدوه في ديانتهم ، وقد فصّلت أحاديثهم في كتابي المعروف بـ (مصابيح النور في علامات [أوائل] (٢) الشهور)

__________________

(١) سفينة البحار : ١ / ٥٣٩.

(٢) ما أثبتناه بين المعقوفتين من المصدر.

٢١٤

وأنا أثبت من ذلك ما يدلّ على تفصيلها إن شاء الله.

فممّن روى عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر (عليهما السّلام) أن شهر رمضان يصيبه ما يصيب الشهور من النقصان : أبو جعفر محمّد بن مسلم. إلى أن قال ـ في عداد من روى عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) ـ : وروى عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول. إلى آخره.

ثم ذكر بعده ما رواه ابن أبي يعفور ، ومعاوية بن وهب ، وعبد الأعلى ابن أعين ، وسماعة ، وعبد الله (١) بن زرارة وأضرابهم (٢) ، فلولا أن جابر عنده من الموصوفين بالنعوت التي قدمها لما أدرج حديثه في حديثهم ، وهذا واضح بحمد الله تعالى.

ويشهد لذلك ما فعل به في كتاب الاختصاص ، فإنه قال فيه : أصحاب محمّد بن علي (عليهما السّلام) : جابر بن يزيد الجعفي ، حمران بن أعين ، وزرارة ، [عامر بن] (٣) عبد الله بن جذاعة ، حجر بن زائدة ، عبد الله بن شريك العامري ، فضيل بن يسار البصري ، سلام بن المستنير ، بريد بن معاوية العجلي ، [الحكم] (٤) بن أبي نعيم (٥) ، انتهى. انظر كيف قدّمه في الذكر على جميعهم.

هذا ما عثرت عليه من أسباب مدحه ووثاقته وعلوّ مقامه ودرجته.

__________________

(١) في المصدر : عبيد بن زرارة وفي هامشه : في نسخة (د) عبيد الله ، والظاهر اتحاده مع عبيد.

(٢) الرسالة العددية : ١٤ ـ ٢٣.

(٣) في الأصل : عبد الله بن جذاعة ، وما أثبتناه من المصدر ، كذلك انظر تنقيح المقال ١ : ١٩٧ الفائدة ١٢ من المقدمة ـ حواريّ الإمام الباقر عليه‌السلام.

(٤) في الأصل : الحكيم بن نعيم ، وما أثبتناه من المصدر ، وانظر أيضا رجال الشيخ : ١١٤ / ١٢ و ١١ و ١٧١ / ١١٢ ورجال العلامة : ٦٠ / ٤ ، وجامع الرواة ١ : ٢٦٦.

(٥) الاختصاص : ٨.

٢١٥

قال التقي المجلسي في الشرح : والذي يخطر ببالي من تتبع إخباره أنه كان من أصحاب أسرارهما عليهما‌السلام وكان يذكر بعض المعجزات التي لا تدركها عقول الضعفاء ، حصل به الغلوّ في بعضهم ، ونسبوا إليه افتراء سيّما الغلاة والعامة.

روى مسلم في أول كتابه ذموما كثيرة في جابر (١) ، والكلّ يرجع إلى الرفض ، وإلى القول بالرجعة ، وكان مشتهرا بينهم ، وعمل على أخباره جلّ أصحاب الحديث ، ولم نطّلع على شيء يدل على غلوّه واختلاطه سوى خبر ضعيف رواه الكشيّ (٢) ، انتهى.

والمراد من الخبر إن كان هو ما رواه : عن حمدويه وإبراهيم ابني نصير قالا : حدثنا محمّد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن ابن بكير ، عن زرارة ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن أحاديث جابر؟ فقال : ما رأيته عند أبي قطّ إلاّ مرّة واحدة ، وما دخل عليّ قط (٣). فهو إمّا محمول على التقية عن زرارة ، وهو في غاية البعد ، أو موضوع كما لا يخفى على من تأمّل فيما قدمناه ، كيف وهو من الذين رووا النص من الباقر على الصادق (صلوات الله عليهما) بالسند الصحيح ، كما رواه الكليني (٤) ، والطبرسي (٥) ، والمفيد (٦) ، والسروي (٧) ، وغيرهم.

وفي باب معاجز الباقر عليه‌السلام ممّا رآه بنفسه ورواه شيء كثير ،

__________________

(١) صحيح مسلم ١ : ٢٠.

(٢) روضة المتقين ١٤ : ٧٧.

(٣) رجال الكشي ٢ : ٤٣٦ / ٣٣٥.

(٤) أصول الكافي ١ : ٢٤٤ / ٧.

(٥) إعلام الورى : ٢٦٧.

(٦) الإرشاد : ٢٧١.

(٧) مناقب ابن شهرآشوب ٤ : ٢٧٨.

٢١٦

وكذا في أخبار الزيارات ، ومنها زيارة أمين الله ، وأبواب الفضائل منه ما لا يحصى.

والظاهر أن الأصل في ما نسب إليه من الضعف والتخليط ما ذكره النجاشي في ترجمته ، فلنذكره مع الجواب عنه بعون الله تعالى.

قال رحمه‌الله : جابر بن يزيد أبو عبد الله ، وقيل : أبو محمّد ، الجعفي ، عربي قديم ، نسبه : ابن الحارث بن عبد يغوث بن كعب بن الحرب بن معاوية ابن وائل بن مرار بن جعفي ، لقي أبا جعفر وأبا عبد الله (عليهما السّلام) ومات في أيامه سنة ثمان وعشرين ومائة ، روى عنه جماعة ـ غمز فيهم [و] ضعّفوا ـ منهم : عمرو بن شمر ، ومفضّل بن صالح ، ومنخل بن جميل ، ويوسف بن يعقوب ، وكان في نفسه مختلطا ، وكان شيخنا أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان رحمه‌الله ينشدنا أشعارا كثيرة في معناه يدلّ على الاختلاط ليس هذا موضعا لذكرها ، وقلّما يورد عنه شيء في الحلال والحرام ، له كتب منها التفسير ، ثم ذكر طرقه إليه وإلى سائر كتبه (١).

وقال العلامة في الخلاصة بعد نقل ما في النجاشي : والأقوى عندي التوقف فيما يرويه هؤلاء عنه ، كما قاله الشيخ ابن الغضائري (٢).

قال السيد الأجل الآميرزا محمّد في المنهج : واعلم أن ما تقدم من قول الخلاصة : والأقوى عندي. إلى آخره ، مشعر بأنّه قيل ما يرويه عنه الثقات فلعلّه الصواب ، فإن تلك الإشعار إن كان ممّا قيل فيه فلعلّ ذلك لسخافة ما نقل عنه هؤلاء الضعفاء ، وإن نقلت عنه أو مضمونها فلعلّ ذلك أيضا من فعل هؤلاء ، على أنّ قائل الأشعار غير معلوم الآن لنا ، وكان مستند نسبة الاختلاط

__________________

(١) رجال النجاشي : ١٢٨ / ٣٣٢.

(٢) رجال العلامة : ٣٥ / ٢.

٢١٧

إليه ليس إلاّ هذا ، والله تعالى أعلم (١) ، انتهى.

قلت : قد كانت جملة من المسائل المتعلّقة بالمعارف عند جماعة من أعاظم هذا العصر من المناكير التي يضلّلون معتقدها وينسبونه إلى الاختلاط ، كوجود عالم الذّر ، والأظلّة عند الشيخ المفيد ، وطيّ الأرض عند علم الهدى ، ووجود الجنّة والنار الآن عند أخيه الرضي ، وأمثال ذلك ممّا يتعلّق بمقاماتهم عليهم‌السلام وغيره ، مع تواتر الأخبار بها وصيرورتها كالضروريات في هذه الأعصار ، وظاهر أنّ من يرى الذي يروي خلاف ما اعتقده ينسبه إلى الاختلاط ، بل الزندقة ، ومن سبر روايات جابر في هذه الموارد وغيرها يعرف أن نسبة الاختلاط إليه اعتراف له ببلوغه المقامات العالية ، والذروة السامية من المعارف.

ثم نقول : الظاهر أن الشيخ المفيد أنشد هذه الأشعار من باب الحكاية والنقل من دون اعتقاد بصدق مضمونها فيه ، لما تقدم من نصّه على جلالته وعدم تطرق الطعن إليه بوجه في الرسالة العددية ، واعتماده على رواياته في إرشاده ، وفي كتاب الكافية في موارد متعددة أشرنا إلى بعضها في ترجمة عمرو ابن شمر (٢).

ثم إن تمسّك النجاشي لاختلاطه بالأشعار كما هو الظاهر من كونها مستندة فيه ، مع ما رأى من إكثار أئمّة الحديث مثل : الكليني ، وشيخه عليّ ، والصدوق ، الصفار ، وابن قولويه ، والشيخ المفيد ـ شيخه ـ في الإرشاد والأمالي والكافية والاختصاص وغيرهم من النقل عنه عجيب ، وأعجب منه قوله : وقلّما يورد عنه شيء في الحلال والحرام (٣) ، فإن في كثير من أبواب الأحكام منه خبرا.

__________________

(١) منهج المقال : ٨٠.

(٢) تقدم في هذه الفائدة ، صحيفة : ١٩٣.

(٣) رجال النجاشي ١٢٨ / ٣٣٢.

٢١٨

وروى الصدوق في باب السبعين من الخصال عنه خبرا طويلا فيه سبعون حكما من أحكام النساء يصير بمنزلة سبعين حديثا (١).

وكتاب جعفر بن محمّد بن شريح (٢) أكثر أخباره عنه ، وأغلبها في الأحكام ، فلو جمع أحد أسانيد جابر في الأحكام لصار كتابا ، فكيف يستقلّ هذا النقاد مروياته في الحلال والحرام ، ومع الغضّ نقول : ليس هذا وهنا فيه ، فإنّ القائمين بجمع الأحكام في عصره كان أكثر من أن يحصى ، فلعلّه رأى أن جمع غيرها ممّا يتعلّق بالدين ، كالمعارف والفضائل والمعاجز والأخلاف والساعة الصغرى والكبرى أهمّ ، ونشرها ألزم ، فكلّها من معالم الدين وشعب شريعة خاتم النبيين ، كما أنّ قلّة ما ورد من زرارة وأضرابه في هذه المقامات لا تورث وهنا فيهم ، ولكلّ وجهة هو مولّيها.

[٥٨] نح ـ وإلى جرّاح المدايني : أبوه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى [عن الحسين بن سعيد] (٣) عن النضر بن سويد ، عن القاسم بن سليمان ، عنه (٤).

رجال السند إلى القاسم من الأجلاّء ، وأما القاسم فلم يوثقوه صريحا ، ويمكن استظهار وثاقته من رواية النضر عنه ، لما قيل في ترجمته من أنّه : صحيح الحديث (٥) ، وقد مرّ في الفائدة السابقة (٦) بيان دلالة هذه الكلمة على وثاقة

__________________

(١) الخصال ٢ : ٥٨٥ / ١٢.

(٢) انظر الأصول الستة عشر : ٦٠.

(٣) ما بين المعقوفتين لم يرد في الأصل وأثبتناه من المصدر ، والظاهر وجود السقط في نسخة المصنف من الفقيه أو حصل ذلك سهوا من الناسخ ، انظر خاتمة الوسائل ٣٠ : ٣٧ / ٥٨ ، وروضة المتقين ١٤ : ٧٧ ، ومجمع الرجال ٧ : ٢٣٢ ، ومعجم رجال الحديث ٤ : ٣٨ / ٢٠٧٨.

(٤) الفقيه ٤ : ٢٦ ، من المشيخة.

(٥) رجال العلامة : ١٧٤ / ١.

(٦) تقدم في الفائدة الرابعة ماله علاقة بالمقام.

٢١٩

مشايخ من قيلت هذه الكلمة في حقّه ، فراجع.

ويؤيّد رواية يونس بن عبد الرحمن عنه في التهذيب في باب ميراث من علا في الآباء (١) ، وباب ابن الأخ وجدّه (٢).

وحمّاد فيه أيضا (٣) ، وفي الاستبصار في باب أنّ القاذف إذا عرفت توبته قبلت شهادته (٤) ، وفي طريق الصدوق إليه كما يأتي (٥) ، وهما من أصحاب الإجماع.

والحسين بن سعيد في التهذيب في باب البيّنات (٦).

وأمّا جرّاح ، في النجاشي : روى عن أبي عبد الله عليه‌السلام ذكره أبو العباس ، له كتاب يرويه عنه جماعة منهم النضر بن سويد (٧).

أما قوله : روى. إلى آخره ، ففيه إشارة إلى كونه من أصحاب الأصول كما أشرنا إليه سابقا ، وعرف ذلك منه بالاستقراء.

وقوله : ذكره ، إشارة إلى كونه من الأربعة آلاف الذين جمعهم أبو العباس ووثقهم وتلقّاه الأصحاب بالقبول.

وعرفت كون رواية النضر من أمارات الوثاقة.

[٥٩] نط ـ وإلى جعفر بن بشير البجلي : أبوه ، عن سعد بن عبد الله ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عنه (٨).

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٩ : ٣٠٨ / ١١٠٣.

(٢) تهذيب الأحكام ٩ : ٣٠٩ / ١١٠٦.

(٣) تهذيب الأحكام ١٠ : ١٥٩ / ٦٣٩.

(٤) الاستبصار ٣ : ٣٧ / ١٢٥.

(٥) انظر صفحة : ٩٠ من الجزء الخامس الخاصة بالطريق رقم : ٢٥٩ وبرمز (رنط)

(٦) تهذيب الأحكام ٦ : ٢٤٦ / ٦٢٢ و ٢٥٤ / ٦٦٠ و ٢٥٦ / ٦٦٩.

(٧) رجال النجاشي : ١٣٠ / ٣٣٥.

(٨) الفقيه ٤ : ٧٢ ، من المشيخة.

٢٢٠