خاتمة مستدرك الوسائل - ج ٤

الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]

خاتمة مستدرك الوسائل - ج ٤

المؤلف:

الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-005-6
ISBN الدورة:
964-5503-84-1

الصفحات: ٥١٢

ولم يبعث الله نبيّا قطّ إلاّ : بالبر ، والعدل ، والمكارم ، ومحاسن الأخلاق ، ومحاسن الأعمال ، والنهي عن الفواحش ما ظهر وما بطن ، فالباطن منه ولاية أهل الباطن ، والظاهر منه فروعهم ، ولم يبعث الله نبيّا قطّ يدعو إلى معرفة ليس معها طاعة في أمر ونهي.

فإنّما يقبل الله من العباد العمل بالفرائض التي افتراضها الله على حدودها ، مع معرفة من جاءهم من عنده ودعاهم إليه ، فأوّل من ذلك معرفة من دعا إليه ثم طاعته فيما يقربه بمن لا طاعة له ، وأنه من عرف أطاع ، حرّم الحرام ظاهره وباطنه ، ولا يكون تحريم الباطن واستحلال الظاهر ، إنّما حرم الظاهر بالباطن والباطن بالظاهر معا جميعا ، ولا يكون الأصل والفرع ، وباطن الحرام حراما وظاهره حلالا ، ولا يحرّم الباطن ويستحل الظاهر ، وكذلك لا تستقيم أن يعرف صلاة الباطن ولا يعرف صلاة الظاهر ، ولا الزكاة ولا الصوم ولا الحج ولا العمرة والمسجد الحرام وجميع حرمات الله وشعائره.

وإن ترك لمعرفة الباطن ، لأن باطنه ظهره ، ولا يستقيم أن ترك واحدة منهما إذا كان الباطن حراما خبيثا ، فالظاهر منه إنّما يشبه الباطن ، والباطن بالظاهر ، فمن زعم أن تلك [انما] (١) هي المعرفة ، وأنّه إذا عرف اكتفى بغير طاعة فقد كذب وأشرك ذاك ، لم يعرف ولم يطع ، وإنّما قيل : اعرف واعمل ما شئت من الخير ، فإنه لا يقبل ذلك منك بغير معرفة ، فإذا عرفت فاعمل لنفسك ما شئت من الطاعة قلّ أو كثر ، فإنه مقبول منك.

أخبرك أن من عرف أطاع ، إذا عرف وصلّى وصام واعتمر وعظّم حرمات الله كلّها ، ولم يدع منها شيئا ، وعمل بالبر كلّه ومكارم الأخلاق كلّها ويجتنب سيئها ، وكل ذلك هو النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أصله ، وهو أصل هذا

__________________

(١) ما أثبتناه بين المعقوفتين من المصدر ، والظاهر صحته لإرادة التوكيد والحصر.

١٢١

كلّه لأنه جاء ودلّ عليه وأمر به ، ولا يقبل من أحد شيئا منه إلاّ به.

ومن عرف اجتنب الكبائر وحرّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، وحرّم المحارم كلّها ، لأن بمعرفة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبطاعته دخل فيما دخل فيه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخرج ممّا خرج منه النبيّ.

من زعم أنه يملك الحلال ويحرّم الحرام بغير معرفة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يحلّل لله حلالا ولم يحرّم له حراما ، وأنّه من صلّى وزكّى وحجّ واعتمر فعل ذلك كلّه بغير معرفة من افترض الله عليه طاعته لم يقبل منه شيئا من ذلك ، ولم يصلّ ولم يصم ولم يزكّ ولم يحج ولم يعتمر ولم يغتسل من الجنابة ولم يتطهّر ولم يحرّم لله حراما ولم يحلّل لله حلالا ، ليس له صلاة وإن ركع وسجد ، ولا له زكاة وإن أخرج لكلّ أربعين درهما ، ومن عرفه وأخذ عنه أطاع الله.

وأمّا ما ذكرت أنّهم يستحلّون نكاح ذوات الأرحام التي حرم الله في كتابه ، فإنّهم زعموا أنه إنّما حرّم علينا بذلك نكاح نساء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإن أحقّ ما بدأ منه تعظيم حقّ الله وكرامة رسوله وتعظيم شأنه [وما] (١) حرّم الله على تابعيه ونكاح نسائه من بعد قوله : (وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيماً) (٢) وقال الله تبارك وتعالى : (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) (٣) وهو أب لهم ، ثم قال : (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ ما قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً وَساءَ سَبِيلاً) (٤).

__________________

(١) في الأصل : ولما ، وما أثبتناه هو الصحيح الموافق لما في المصدر على ان سياق الكلام لا يحتمل غير العطف.

(٢) الأحزاب : ٣٣ / ٥٣.

(٣) الأحزاب : ٣٣ / ٦.

(٤) النساء : ٤ / ٢٢.

١٢٢

فمن حرم نساء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لتحريم الله ذلك ، فقد حرّم الله في كتابه العمّات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت وما حرّم الله من إرضاعه ، لأن تحريم ذلك تحريم نساء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فمن حرم ما حرّم الله من الأمهات والبنات والأخوات والعمات من نكاح نساء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومن استحل ما حرّم الله فقد أشرك إذ اتخذ ذلك دينا.

وأمّا ما ذكرت أن الشيعة يترادفون المرأة الواحدة فأعوذ بالله أن يكون ذلك من دين الله ورسوله ، إنّما دينه أن يحلّ ما أحلّ الله ويحرّم ما حرّم الله سواء ، وإنّ ممّا أحلّ الله المتعة من النساء في كتابه ، والمتعة في الحج أحلّها ثم لم يحرمهما ، فإذا أراد الرجل المسلم أن يتمتع من المرأة فعلى كتاب الله وسنّة نبيّه ، نكاح غير سفاح ، تراضيا على ما أحبّا من الأجرة والأجل ، كما قال الله : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ) (١) إن هما أحبّا أن يمدّا في الأجل على ذلك الأجر فآخر يوم من أجلها قبل أن ينقضي الأجل قبل غروب الشمس مدّا فيه ، وزادا في الأجل ما أحبّا ، فإن مضى آخر يوم منه لم يصلح إلاّ بأمر مستقبل ، وليس بينهما عدّة من سواه ، فإن اتخذت سواه اعتدّت خمسة وأربعين يوما ، وليس بينهما ميراث ، ثم إن شاءت تمتعت من آخر ، فهذا حلال لها إلى يوم القيامة ، وإن هي شاءت من عشرين إن ما بقيت في الدنيا ، كلّ هذا حلال لهما على حدود الله : (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) (٢)

وإذا أردت المتعة في الحج فأحرم من العقيق واجعلها متعة ، فمتى ما قدمت طفت بالبيت واستلمت الحجر الأسود وفتحت به وختمت سبعة

__________________

(١) النساء : ٤ / ٢٤.

(٢) الطلاق : ٦٥ / ١.

١٢٣

أشواط ، ثم تصلّي ركعتين عند مقام إبراهيم عليه‌السلام ثم اخرج من البيت فاسع بين الصفا والمروة سبعة أشواط ، تفتح بالصفا وتختم بالمروة ، فإذا فعلت ذلك فصبرت حتى إذا كان يوم التروية صنعت ما صنعت بالعقيق ، ثم أحرم بين الركن والمقام بالحج ، فلم تزل محرما حتى تقف بالموقف ، ثم ترمي الجمرات ، وتذبح ، وتحلّ ، وتغتسل ثم تزور البيت ، فإذا أنت فعلت ذلك فقد أحللت وهو قول الله : (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) (١) أن نذبح.

وأمّا ما ذكرت أنّهم يستحلون الشهادات بعضهم لبعض على غيرهم ، فإن ذلك ليس هو إلاّ قول الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ) (٢).

إذا كان مسافرا وحضره الموت اثنان ذوا عدل من دينه ، فإن لم يجدوا فآخران ممّن يقرءا القرآن من غير أهل ولايته (تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ. فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ) (٣) من أهل ولايته (فَيُقْسِمانِ بِاللهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ. ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ ، وَاتَّقُوا اللهَ وَاسْمَعُوا) (٤).

وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقضي بشهادة رجل واحد مع يمين

__________________

(١) البقرة ٢ / ١٩٦.

(٢) المائدة ٥ / ١٠٦.

(٣) المائدة ٥ / ١٠٦ ـ ١٠٧.

(٤) المائدة ٥ / ١٠٧ ـ ١٠٨.

١٢٤

المدعي ولا يبطل حقّ مسلم ولا يرد شهادة مؤمن ، فإذا أخذ يمين المدعي وشهادة الرجل قضى له بحقّه وليس يعمل بهذا ، فإذا كان لرجل مسلم قبل آخر حقّ يجحده ولم يكن شاهد غير واحد ، فإنّه إذا رفعه إلى ولاية الجور أبطلوا حقّه ولم يقضوا فيه بقضاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان الحق في الجور أن لا يبطل حقّ رجل فيستخرج الله على يديه حقّ رجل مسلم ، ويأجره الله ويجيء عدلا كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعمل به.

وأمّا ما ذكرت في آخر كتابك أنّهم يزعمون أن الله ربّ العالمين هو النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنّك شبّهت قولهم بقول الذين قالوا في علي عليه‌السلام ما قالوا ، فقد عرفت أنّ السنن والأمثال كائنة لم يكن شيئا فيما مضى إلاّ سيكون مثله حتى لو كانت شاة بشاة وكان هاهنا مثله.

واعلم أنه سيضل قوم بضلالة من كان قبلهم ، كتبت فتسألني عن مثل ذلك ما هو وما أرادوا به ، أخبرك أن الله تبارك وتعالى هو خلق الخلق لا شريك له ، له الخلق والأمر والدنيا والآخرة وهو ربّ كلّ شيء وخالقه ، خلق الخلق وأحبّ أن يعرفوه بأنبيائه واحتج عليهم بهم عليهم‌السلام.

فالنبيّ هو الدليل على الله ، عبد مخلوق مربوب ، اصطفاه بنفسه لرسالته ، وأكرمه بها ، فجعله خليفته في خلقه ، ولسانه فيهم ، وأمينه عليهم ، وخازنه في السموات والأرضين ، قوله قول الله ، لا يقول على الله إلاّ الحقّ ، من أطاعه أطاع الله ، ومن عصاه عصى الله ، وهو مولى من كان الله ربّه ووليّه ، من أبى أن يقرّ له بالطاعة فقد أبى أن يقرّ لربه بالطاعة وبالعبودية ، ومن أقرّ بطاعته أطاع الله وهداه بالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مولى الخلق جميعا ، عرفوا ذلك أو (١)

__________________

(١) كذا في الأصل ـ وفي المصدر : و، والظاهر صحته لإرادة العطف لا التفصيل ، أي : أنكروا ذلك بعد ما عرفوه.

١٢٥

أنكروه ، وهو الوالد المبرور فيمن أحبّه وأطاعه ، وهو الوالد البار ومجانب الكبائر.

وقد كتبت لك ما سألتني عنه ، وقد علمت أنّ قوما سمعوا صنعتنا هذه ، فلم يقولوها (١) بل حرّفوها ووضعوها على غير حدودها على نحو ما قد بلغك ، واحذر من الله ورسوله ، ومن يتعصّبون بنا أعمالهم الخبيثة ، وقد رمانا الناس بها ، والله يحكم بيننا وبينهم ، فإنه يقول : (الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ. يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ. يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) (٢).

وأمّا ما كتبت ونحوه ، وتخوّفت أن تكون صفتهم من صفته فقد أكرمه الله عزّ وجلّ عمّا يقولون علوّا كبيرا ، صفتي هذه صفة صاحبنا التي وصفنا له ، وعندنا أخذناه ، فجزاه الله عنّا أفضل الحقّ ، فإن جزاءه على الله ، فتفهم كتابي هذا والقوّة لله (٣).

ورواه سعد بن عبد الله في كتاب البصائر ، على ما في مختصره للحسن بن سليمان الحلّي ، عن القاسم بن الربيع الورّاق ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمّد بن سنان (٤). إلى آخر الخبر سندا ومتنا باختلاف يسير.

ورواه القاضي نعمان في دعائم الإسلام ، قال : وروينا عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليهما‌السلام أنه كتب إلى بعض أوليائه ، قد كتب إليه بحال

__________________

(١) كذا في الأصل ، وفي المصدر : يقولوا بها وهو الصحيح ، اي : لم يعملوا بها.

(٢) النور ٢٤ / ٢٣ ـ ٢٥.

(٣) بصائر الدرجات : ٥٥٠ ـ ٥٥٦ / ١.

(٤) مختصر بصائر الدرجات : ٧٨.

١٢٦

قوم قبله (١) ، وذكر ملخصّ الخبر كما مرّ (٢) في شرح حال دعائم الإسلام.

وبالجملة فالخبر في غاية الاعتبار ، وكفى بمتنه شاهدا ، ويظهر منه مضافا إلى براءة ساحة المفضّل عن الخطابية ، الذين تضمّن الخبر مقالاتهم الفاسدة ، وجلالة قدره التي يكشف عنها اهتمامه عليه‌السلام بجواب كتابه بهذا البيان الطويل ، سبب توهم من توهم فيه ، فإن الظاهر أنه كان خالطهم وعاشرهم ليعرف مذاهبهم وطريقتهم ويستخرج من طواغيتهم مكنون سريرتهم فينهي أخبارهم إلى إمامه عليه‌السلام على بصيرة وروية ، فظنّ الجاهل الغبيّ أو الحاسد الغوي (٣) أنّه صبا إليهم وتدثّر بمذهبهم ، إلى أن وقف عليهم ما أبداه في كتابه إليه عليه‌السلام ثم صار مأمورا لإظهار البراءة منهم عليّ (٤).

ح ـ ما رواه في الدعائم قال : ثم كان أبو الخطاب في عصر جعفر بن محمّد (صلوات الله عليهما) من أجلّ دعاته ، ثم أصابه ما أصاب المغيرة ، فكفر وادعّى أيضا النبوّة. إلى أن قال : فبلغ أمره جعفر بن محمّد (صلوات الله عليهما) فلم يقدر عليه بأكثر من أن لعنه وتبرأ منه ، وجمع أصحابه فعرفهم ذلك وكتب إلى البلدان بالبراءة منه ، وعظم أمره على أبي عبد الله عليه‌السلام فاستفظعه واستهاله.

قال المفضل : دخلت يوما على أبي عبد الله جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) فرأيته مقلوليا (٥) متغيّظا مستعبرا ، فقلت له : ما لك جعلت فداك؟

__________________

(١) دعائم الإسلام ١ : ٥١.

(٢) تقدم في الجزء الأول صفحة : ١٣٨.

(٣) هذا الكلام منه قدس‌سره هو تعريض بمقولة خالد بن النجيح الجوان المتقدمة في ص ١٠٢ من هذه الفائدة فراجع.

(٤) كذا في الأصل ، ولم افهم لها وجها ، ولعله أراد : [علنا] فحرفت سهوا من الناسخ.

(٥) مقلوليا : منكمشا ، متجافيا ، متململا لا يستقر على حال ، وقيل منكمشا في السجود انظر :

١٢٧

فقال : سبحان الله وتعالى عمّا يقول الظالمون علوّا كبيرا ، أي مفضّل ، زعم هذا الكذّاب الكافر أنّي أنا الله ، سبحان الله ولا إله إلاّ هو ربّي وربّ آبائي ، الذي خلقنا وهو أعطانا وخوّلنا ، فنحن أعلام الهدى والحجّة العظمى ، أخرج إلى هؤلاء ـ يعني أصحاب أبي الخطاب ـ فقل لهم : إنّا مخلوقون وعباد مربوبون ، ولكن لنا من ربّنا منزلة لم ينزلها أحد غيرنا ، ولا تصلح إلاّ لنا ، ونحن من نور الله وشيعتنا منّا ، وسائر الخلق في النار ، ونحن جيران الله غدا في داره ، فمن قبل منّا وأطاعنا فهو في الجنّة ، ومن أطاع الكافر الكذاب فهو في النار (١).

ومن التأمّل في هذه الأخبار وما تقدم ، يظهر حاله في زمان الصادق عليه‌السلام وبعده ، وبعد وفاة إسماعيل ، وفي أيام أبي الحسن عليه‌السلام ففي أيّ وقت صار خطابيّا ثم رجع؟!

وأمّا حكاية ترك الصلاة مجاهرة بين أظهر مثل معاوية بن وهب ، وإسحاق ابن عمّار ، من أجلاّء أصحاب أبي عبد الله عليه‌السلام ثم اعتذاره بما هو أشنع من جرمه لو صحت القصة؟! فعلائم الوضع منها لائحة ، فإن المفضل كان في الظاهر معدودا من كبار أصحابه عليه‌السلام فكيف يتجاهر بترك الصلاة بمرأى منهم؟! فإن كان في أيام خطابيّته فكيف خفي عليهما؟ ولم طلبا منه المرافقة مع أنّهم كانوا مأمورين بالمجانبة والبراءة؟

ولنعم ما قال المحقق السيد صدر الدين العاملي في تعليقته على رجال أبي علي : الذي يخطر بالبال أن المفضّل كان صلّى وهم مشتغلون بالصلاة فلم يشعروا به ، إمّا لأنّهم أطالوا في الصلاة وخفّف ، أو لأنّهم اشتغلوا بالمقدمات وكان على وضوء ، أو لأنّهم تشاغلوا بالتعقيب ورأى أن يأتي به وهو راكب على

__________________

لسان العرب : قلا ـ ١٥ : ٢٠٠.

(١) دعائم الإسلام ١ : ٥٠.

١٢٨

حماره ، أو لنحو ذلك ، ولمّا كان قول الرجلين : إلا تصلّي؟ يتضمّن الاعتراض عليه في تغافله عن الصلاة وتكاسله عنها ، لاعتقادهما أنه لم ينزل بعد ، أجابهما جواب الظريف المداعب : بأنّي قد صلّيت قبل أن أخرج ، وقصد صلاة الليل أو صلاة العشاءين أو نحو ذلك ، وإلاّ فدعوى إيقاع الصلاة قبل الفجر بأربع ساعات أو أكثر إقرار بترك الصلاة البتة ، لأن الصلاة قبل وقتها ليست بصلاة ، ومن لا يستحي من التصريح بترك الصلاة أي شيء يصنع بزيارة الحسين عليه‌السلام؟!!

الثاني : من الوجوه الدالة على جلالة قدره تصريح جماعة من الأعلام بها ، قال الشيخ المفيد في كتاب الإرشاد : فممن روى صريح النص بالإمامة من أبي عبد الله عليه‌السلام على ابنه أبي الحسن موسى عليه‌السلام من شيوخ أصحاب أبي عبد الله عليه‌السلام وخاصّته وبطانته وظهارته (١) وثاقته الفقهاء الصالحين (رحمة الله عليهم) المفضل بن عمر الجعفي ، ومعاذ بن كثير ، وعبد الرحمن بن الحجاج (٢). الى آخره ، ثم ابتدأ بخبره وترحم عليه.

وقال شيخ الطائفة في كتاب الغيبة : وقبل ذكر من كان سفيرا حال الغيبة ، نذكر طرفا من أخبار من كان يختص بكلّ إمام ويتولّى له الأمر على وجه من الإيجاز ، ونذكر من كان ممدوحا منهم حسن الطريقة ، ومن كان مذموما سيء الحال ، ليعرف الحال في ذلك ، وقد روي في بعض الأخبار أنّهم قالوا : خدّامنا شرار خلق الله ، وهذا ليس على عمومه ، وإنّما قالوا لأن فيهم من غيّر وبدّل وخان على ما سنذكره.

وقد روى محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أبيه ، عن محمّد بن صالح الهمداني ، قال : كتبت إلى صاحب الزمان عليه‌السلام : إنّ أهل

__________________

(١) لم ترد في المصدر ، وقد علّم عليها المصنف علامة : نسخة.

(٢) إرشاد المفيد : ٢٨٨.

١٢٩

بيتي يؤذوني ويقرعوني بالحديث الذي روي عن آبائك عليهم‌السلام أنّهم قالوا : خدّامنا شرار خلق الله ، فكتب : ويحكم ما تقرءون ما قال الله تعالى : (وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً) (١) فنحن والله القرى التي بارك فيها ، وأنتم القرى الظاهرة.

فمن المحمودين حمران بن أعين. إلى أن قال : ومنهم المفضل بن عمر (٢) ، ثم ساق الأخبار الثلاثة التي تقدمت ، فهو عند الشيخ من وكلائهم وقوّامهم الذين لم يغيّروا ولم يبدّلوا ولم يحرّفوا ، ممن كان حسن المذهب محمود الطريقة.

وقال ابن شهرآشوب في المناقب ، في أحوال الصادق (عليه‌السلام) : ومن خواصّ أصحابه : معاوية بن عمّار ، وزيد الشحام ، وعبد الله بن أبي يعفور. إلى أن قال : والمفضل بن عمر الجعفي (٣). الى آخره.

وعدّه الشيخ إبراهيم الكفعمي من البوابين (٤) ، ومرادهم من باب الإمام عليه‌السلام على ما يظهر من بعض قدماء الأصحاب هو بابه في العلوم والأسرار.

وروى ابنا بسطام في طبّ الأئمة عليهم‌السلام : عن محمّد بن جعفر ابن علي البرسي ، عن محمّد بن يحيى الأرمني ، وكان بابا للمفضل بن عمر ، وكان المفضل بابا لأبي عبد الله الصادق عليه‌السلام (٥) الخبر. الى آخره.

__________________

(١) سبأ : ٣٤ / ١٨.

(٢) الغيبة للطوسي : ٢٠٩.

(٣) مناقب ابن شهرآشوب ٤ : ٢٨١.

(٤) في الأصل : البابي ، والذي أثبتناه من المصدر لتكرره هكذا ، كذلك انظر بحار الأنوار ٦٢ : ٢٦٤ / ٢٥.

(٥) طب الأئمة : ١٢٨.

١٣٠

قال السيد المحقق صدر الدين العاملي : من نظر في حديث المفضّل المشهور عن الصادق عليه‌السلام علم أن ذلك الخطاب البليغ والمعاني العجيبة والألفاظ الغريبة لا يخاطب الإمام بها إلاّ رجلا عظيما جليلا كثير العلم زكيّ الحسّ ، أهلا لتحمل الأسرار الرفيعة والدقائق البديعة ، والرجل عندي من عظم الشأن وجلالة القدر بمكان ، انتهى.

قلت : قال السيد رضي الدين علي بن طاوس في كتاب الأمان ، في ذكر ما يصحبه المسافر معه من الكتب : ويصحب معه كتاب مفضّل بن عمر الذي رواه عن الصادق عليه‌السلام في معرفة وجوه الحكمة في إنشاء العالم السفلي ، وإظهار إسراره فإنه عجيب في معناه (١).

وقال في كشف المحجة فيما أوصى إلى ولده : انظر كتاب المفضل بن عمر الذي أملاه عليه الصادق عليه‌السلام فيما خلق الله جلّ جلاله من الآثار (٢).

وقال التقيّ المجلسي في شرح المشيخة : واعلم أن للمفضل نسخة معروفة بتوحيد المفضل ، كافية لمن أراد معرفة الله تعالى ، والنسخة شاهدة بصحّتها ، فينبغي أن لا يغفلوا عنها ، لأن الغالب على أبناء زماننا أنّهم يعتمدون في أصول الدين على قول الكفرة ، لأن أدلّتها عقلية وليس فيها تقليد ، وإنّما هو إراءة الطريق ، وهذا النوع من الإراءة خير من إراءة الحكماء بكثير سيّما للعوام ، وهي موافقة لما قال الله تعالى في القرآن وجميع كتبه وقاله الأنبياء والأوصياء عليهم‌السلام (٣) انتهى.

__________________

(١) الأمان : ٧٨.

(٢) كشف المحجة : ٩.

(٣) روضة المتقين ١٤ : ٢٨٢.

١٣١

قلت : ومضامين الكتاب كما قال رحمه‌الله : من أقوى الشواهد بصحّتها ، وفي آخره قال عليه‌السلام : يا مفضّل خذ ما آتيتك وكن من الشاكرين ، ولآلائه من الحامدين ، ولأوليائه من المطيعين ، فقد شرحت لك من الأدلة على الخلق ، والشواهد على صواب التدبير والعمل قليلا من كثير وجزءا من كلّ ، فتدبّر ، وذكّر فيه واعتبر به ، فقلت : بمعونتك يا مولاي أقوى على ذلك وأبلغه إن شاء الله تعالى ، فوضع يده على صدري فقال : احفظ بمشيّة الله [ولا تنس] (١) إن شاء الله تعالى ، فخررت مغشيّا.

فلمّا أفقت قال : كيف ترى نفسك يا مفضل؟ فقلت : قد استغنيت بمعونة مولاي وتأييده عن الكتاب الذي كتبته ، وصار ذلك بين يدي كأنّما اقرأه من كفّي ، فلمولاي الحمد والشكر كما هو أهله ومستحقه ، فقال : يا مفضل فرّغ قلبك واجمع ذهنك وعقلك وطمأنينتك ، فسألقي إليك من علم ملكوت السموات والأرض وما خلق الله بينهما ، وفيهما من عجائب خلقه ، وأصناف الملائكة وصفوفهم ومقاماتهم ومراتبهم إلى سدرة المنتهى ، وسائر الخلق من الجن والإنس إلى الأرض السابعة السفلى وما تحت الثرى ، حتى يكون ما وعيته جزءا من أجزاء ، انصرف إذا شئت مصاحبا ملكوءا فأنت منا بالمكان الرفيع ، وموضعك من قلوب المؤمنين موضع الماء من الصدى ، ولا تسألن عمّا وعدتك حتى أحدث لك منه ذكرا (٢) ، انتهى كلامه الشريف.

ويوجد في بعض المواضع حديث أوله : روي عن الشيخ الثقة الحسين ابن محمّد بن علي الحليّ ، عن الشيخ السعيد أبي عبد الله الحسين بن أحمد ، قال : حدثني جعفر بن مالك الفزاري الكوفي ، عن عبد الله بن يونس الموصلي ،

__________________

(١) ما بين المعقوفتين من المصدر.

(٢) توحيد المفضل : ١٨٢ ، وانظر بحار الأنوار ٣ : ١٥٠.

١٣٢

عن محمّد بن صدقة العبدي ، عن محمّد بن سنان الزاهري ، عن صفوان بن يحيى الكوفي ، عن مفضّل بن عمر الجعفي ، قال : قلت لمولانا الصادق : الوعد منه إليّ وقد خلوت به فوجدت منه فرصة أتمنّاها أسألك عمّا جرى في خاطري. الخبر ، وفيه مطالب غريبة غامضة لا توجد في غيره ، ويحتمل أن يكون هو ما وعده عليه‌السلام في آخر الخبر السابق ، إلاّ أنّي لم أجده في موضع يمكن الاعتماد عليه والنقل منه.

هذا والعالم الجليل الحسن بن علي بن شعبة عقد في كتابه تحف العقول بعد أبواب مواعظ الأئمة عليهم‌السلام وحكمهم على الترتيب بابا في مواعظ المفضل بن عمر ، وذكر فيه منه مواعظ شافية ، روى أكثرها عن الصادق عليه‌السلام.

ومما فيه قال : وقال أبو عبد الله عليه‌السلام مرّة وأنا معه : يا مفضل كم أصحابك؟ فقلت : قليل ، فلما انصرفت إلى الكوفة أقبلت عليّ الشيعة فمزّقوني كلّ ممزق ، يأكلون لحمي ويشتمون عرضي ، حتى أن بعضهم استقبلني فوثب في وجهي ، وبعضهم قعد لي في سكك الكوفة يريد ضربي ، ورموني بكلّ بهتان ، حتى بلغ ذلك أبا عبد الله عليه‌السلام.

فلما رجعت إليه في السنة الثانية ، كان أوّل ما استقبلني به بعد تسليمه عليّ أن قال : يا مفضل ما هذا الذي بلغني أن هؤلاء يقولون لك وفيك؟ قلت : وما عليّ من قولهم ، قال : أجل بل ذلك عليهم ، أيغضبون ـ بؤسا لهم ـ أنّك قلت أن أصحابك قليل؟! لا والله ما هم لنا شيعة ، ولو كانوا لنا شيعة ما غضبوا من قولك وما اشمأزوا منه ، لقد وصف الله شيعتنا بغير ما هم عليه ، وما شيعة جعفر إلاّ من كفّ لسانه ، وعمل لخالقه ، ورجا سيّده وخاف الله حقّ خيفته ، ويحهم أفيهم من قد صار كالحنايا من كثرة الصلاة؟ أو قد صار كالتائه من شدّة

١٣٣

الخوف؟ أو كالضرير من الخشوع؟ أو كالضنّى من الصيام؟ أو كالأخرس من طول الصمت والسكوت؟ وهل فيهم من قد أدأب ليله من طول القيام؟ وأدأب نهاره من الصيام؟ أو منع نفسه لذّات الدنيا ونعيمها خوفا من الله وشوقا إلينا ـ أهل البيت ـ انّى يكونون لنا شيعة؟ وإنّهم ليخاصمون عدوّنا فينا حتى يزيدوهم عداوة ، ليهرون هرير الكلب ويطمعون طمع الغراب ، أما إنّي لولا أتخوف عليهم أن اغويهم بك لأمرتك أن تدخل بيتك وتغلق بابك ثم لا تنظر إليهم ما بقيت ، ولكن إن جاؤك فاقبل منهم ، فإن الله قد جعلهم حجّة على أنفسهم واحتج بهم على غيرهم (١).

ومن هذا الخبر وجملة ممّا سبق يظهر كثير من أسباب عداوة أهل عصره له ، وحسدهم المورث لافترائهم عليه وبهتانهم به ، ونسبته إلى المذاهب الفاسدة التي منشأها كلام الكشي ، ودعوى الخطابية والطيّارة أنه منهم كما هو عادة أمثالهم من عدّ الأجلاّء من زمرتهم لتكثير سوادهم ، والحمد لله الذي أظهر طهارة ذيله عن هذه الأرجاس بما شرحناه.

الثالث : رواية ابن أبي عمير عنه ، قال الفضل بن شاذان في كتاب الغيبة : حدثنا محمّد بن أبي عمير رضي‌الله‌عنه قال : حدثنا المفضل بن عمر ، عن الصادق جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهم‌السلام قال : سئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الدجّال (٢). الخبر.

وفي تفسير علي بن إبراهيم : أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن المفضل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله تعالى : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ

__________________

(١) تحف العقول : ٣٩١.

(٢) الغيبة لابن شاذان : لم نعثر عليه فيه.

١٣٤

 فَوْجاً) (١) (٢). الخبر.

وفي كمال الدين والعيون بإسناده : عن ابن أبي عمير ، عن المفضل ، عن الصادق ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لمّا اسري بي إلى السماء ، أوحى إليّ ربّي جلّ جلاله (٣). الخبر.

الرابع : رواية الأجلاّء عنه مثل : محمّد بن مسلم كما في بصائر الصفار ، بإسناده : عن فضالة ، عن محمّد بن مسلم ، عن المفضل بن عمر ، قال : حمل إلى أبي عبد الله عليه‌السلام مال من خراسان مع رجلين من أصحابه (٤). الخبر.

وجعفر بن بشير الجليل ، الذي عدّت روايته عن أحد من أمارات الوثاقة لقولهم فيه : روى عن الثقات ورووا عنه ، كما في الكافي في باب المؤمن وعلاماته (٥) ، وفي الاستبصار في باب من مسّ لحيته فسقط منها شعر (٦) ، وفي كمال الدين (٧).

ومحمّد بن سنان (٨) ، ومنصور بن يونس (٩) ، وخلف بن حمّاد (١٠) ، والحسن

__________________

(١) النمل : ٢٧ / ٨٣.

(٢) تفسير القمي ٢ : ١٣١.

(٣) كمال الدين ١ : ٢٥٢ / ٢ ، وعيون اخبار الرضا عليه‌السلام ١ : ٥٨ / ٢٧.

(٤) بصائر الدرجات : ١١٩ / ٩.

(٥) أصول الكافي ٢ : ١٨٥ / ٢٣.

(٦) الاستبصار ٢ : ١٩٨ / ٥.

(٧) كمال الدين : ١٤٢ / ١٠ وفيه بشر بن جعفر بدلا عن جعفر بن بشير.

(٨) فهرست الشيخ : ١٦٩ / ٧٣٦.

(٩) الكافي ٥ : ٩٠ / ١.

(١٠) أصول الكافي ٢ : ١٥١ / ٦.

١٣٥

ابن رباط (١) ، وزرعة (٢) ، وعبد الله بن حمّاد الأنصاري (٣) الذي عدّه النجاشي من شيوخ أصحابنا (٤).

ويونس بن عبد الرحمن ـ من أصحاب الإجماع ـ في الكافي في كتاب الصوم (٥) ، وفي باب فضل فقراء المسلمين (٦).

وعثمان بن عيسى ـ من أصحاب الإجماع ـ كما في الكافي في باب اخوة المؤمنين (٧) ، وفي باب الطاعة والتقوى (٨).

وعمر بن أبان الكلبي (٩).

وروى عنه ابن أبي عمير (١٠) ، والحسن بن محبوب (١١) ، وفي جملة من الأخبار بواسطة واحدة ، وقد أكثر المشايخ كالكليني ، والصفار ، وسعد بن عبد الله ـ في كتبهم ـ والصدوق ـ في كتبه ـ والشيخ ـ في كتبه ـ من نقل رواياته ، في أبواب التوحيد ، والمعاجز والفضائل ، والأدعية والزيارات ، والأحكام ، وكلّها سديدة ، ومنافية لطريقة الغلاة والطيارة والخطابيّة ، وتلقّاها الأصحاب بالقبول ، وانحصار جملة منها في خبره كما لا يخفى ، فلا يصغى إلى تضعيف النجاشي ، والغضائري خلافا للشيخين الجليلين ، وقد عرفت منشأه الغير

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٢ : ٢٥٣ / ١٠٠٣.

(٢) تهذيب الأحكام ٢ : ٣٣٩ / ١٤٠٢.

(٣) الكافي ٧ : ٢٤٢ / ١٢.

(٤) رجال النجاشي : ٢١٨ / ٥٦٨.

(٥) الكافي ٤ : ١١٧ / ٧.

(٦) أصول الكافي ٢ : ٢٠٤ / ٢١.

(٧) أصول الكافي ٢ : ١٣٢ / ١.

(٨) أصول الكافي ٢ : ٦١ / ٧.

(٩) أصول الكافي ١ : ٣٧٨ / ٣.

(١٠) الاستبصار ٣ : ٩٧ / ٣٣٣ ، بتوسط علي الصيرفي.

(١١) الروضة من الكافي ٨ : ٢٧٩ / ٤٢١ ، بتوسط هشام الخراساني.

١٣٦

القابل لمقاومة ما فصلناه.

وأمّا إسماعيل (١) ، فغير مذكور في الرجال ، وفي العدة : والظاهر أنه هو الذي قال فيه ابن حجر في مناقبه : إسماعيل بن مسلم بن أبي فديك والد محمّد ، وذكر أنّهما صدوقان (٢) ، انتهى ، وفي التقريب (٣) مثله.

وفي الفقيه في باب الدين والقرض : وروى إسماعيل بن قديد (٤) ، عن أبي عبد الله ، عن أبيه (عليهما السّلام) قال : إن الله عزّ وجلّ مع صاحب الدين حتى يؤدّيه ، ما لم يأخذه ممّا يحرم عليه (٥) ، وفيه إشعار بتشيّعه مضافا إلى عدّ الصدوق كتابه من الكتب المعتمدة.

[٣١] لا ـ وإلى إسماعيل بن جابر : محمّد بن موسى ، عن عبد الله ابن جعفر الحميري ، عن محمّد بن عيسى ، عن صفوان بن يحيى ، عنه (٦).

والسند صحيح ، وليس فيه من يتأمّل فيه ، سوى محمّد بن عيسى الذي ضعّفه بعضهم ، وتوقّف فيه آخرون ، والحقّ أنّه ثقة ثبت جليل لقوّة ما دلّ عليه ، وضعف ما جرحوه به.

أما الأول فهي أمور :

أ ـ ما في النجاشي : محمّد بن عيسى بن عبيد بن يقطين بن موسى مولى أسد بن خزيمة أبو جعفر ، جليل في أصحابنا ، ثقة ، عين ، كثير الرواية ، حسن

__________________

(١) اي إسماعيل بن أبي فديك وقد تقدم في هذه الفائدة ، برقم [٣٠] وبرمز (ل)

(٢) عدة الكاظمي ٢ / ٩٩.

(٣) تقريب التهذيب ١ : ٧٤ / ٥٥٧.

(٤) كذا في النسخ والظاهر انه تصحيف فديك « منه قدس‌سره ».

(٥) الفقيه ٣ : ١١٣ / ١٤.

(٦) الفقيه ٤ : ١١ ، من المشيخة.

١٣٧

التصانيف ، يروي عن أبي جعفر الثاني عليه‌السلام مكاتبة ومشافهة (١).

ب ـ رواية الأجلاّء عنه ، وإكثارهم منها ، بحيث يظهر اعتمادهم عليه ، مثل : محمّد بن الحسن الصفار (٢) ، وسعد بن عبد الله (٣) ، ومحمّد بن أحمد بن يحيى (٤) ، وعبد الله بن جعفر الحميري (٥) ، وعلي بن محمّد بن بندار (٦) ـ شيخ ثقة الإسلام الكليني ـ ومحمّد بن علي بن محبوب (٧) ، وأحمد بن محمّد بن عيسى كما في التهذيب في باب كيفيّة الحكم (٨) ، وفي باب الزيادات في كتاب الوصايا (٩) ، وغيرها.

وأحمد بن محمّد بن خالد (١٠) ، وعلي بن إبراهيم (١١) ، وأبوه إبراهيم بن هاشم (١٢) ، وسهل بن زياد (١٣) ، وعلي بن الحسن بن فضّال (١٤) ، والشيخ العديم

__________________

(١) رجال النجاشي : ٣٣٣ / ٨٩٦.

(٢) الفقيه ٨ : ٩٢.

(٣) الاستبصار ١ : ٧١ / ٢١٨.

(٤) تهذيب الأحكام ٦ : ٣٨٢ / ١١٢٧ ـ ١١٢٨.

(٥) رجال النجاشي : ٣٣٣ / ٨٩٦.

(٦) الكافي ٦ : ٣٢٣ / ٦ ، تهذيب الأحكام ٣ : ١٢٩ / ٢٧٨.

(٧) تهذيب الأحكام ٢ : ٣٣٧ / ١٣٩٣ ـ ١٣٩٤.

(٨) كذا ، وفي جامع الرواة ٢ : ١٦٩ ـ نقلا عن التهذيب ـ مثله ، وفي الباب المذكور من التهذيب ٦ : ٢٢٩ / ٥٥٥ روايته عن ياسين الضرير بلا توسط أبيه ، أما روايته عن أبيه محمد بن عيسى في التهذيب تجدها في باب وصية الصبي والمحجور عليهم ٩ : ١٨٣ / ١٣٧ ، وفي باب بيع المضمون ٧ : ٢٧ / ١١٧.

والظاهر نقل المصنف ـ رحمه‌الله ـ ذلك من جامع الرواة الذي وقع فيه الاشتباه ، فتدبر.

(٩) تهذيب الأحكام ٩ : ٢٤٣ / ٩٣٩ و ٩٤١.

(١٠) أصول الكافي ٢ : ٧٥ / ٢٠.

(١١) تهذيب الأحكام ٦ : ٢٣١ / ٥٦٢ و ١٠ : ١٦٨ / ٦٦٧.

(١٢) تهذيب الأحكام ٧ : ٢٦٣ / ١١٣٩.

(١٣) أصول الكافي ٢ : ٨٧ / ٥.

(١٤) تهذيب الأحكام ١ : ١٦٣ / ٤٦٨.

١٣٨

النظير حمدويه ابن نصير (١) ، ومحمّد بن يحيى (٢) ، ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطاب (٣) ، موسى بن الحسن (٤) وهو الأشعري الثقة الجليل ، ومحمّد بن نصير (٥) والظاهر أنّه الكشي الثقة الجليل ، وإبراهيم بن إسحاق الأحمر (٦) ، والحسين بن عبيد الله (٧) ، وعلي بن محمّد بن شيرة القاساني (٨) ، وجبرئيل بن أحمد الفاريابي (٩).

ج ـ ما في رجال الكشي ، ونقله عنه النجاشي أيضا في رجاله : عن علي ابن محمّد القتيبي ، قال : كان الفضل يحبّ العبيدي ويثني عليه ويمدحه ويميل إليه ويقول : ليس في أقرانه مثله (١٠) ، وقال النجاشي بعد نقله : وبحسبك هذا الثناء من الفضل (١١) ، انتهى ، وهو كما قال ، فإنه معاصره وشريكه في التّلمّذ والأخذ عن يونس ، وأعرف به من غيره ، مع ما هو عليه من علوّ المقام وجلالة القدر والبراءة عن المجازفة في الكلام.

د ـ ما في النجاشي : في ترجمة محمّد بن أحمد بن يحيى بعد ما نقل عن ابن الوليد ، أنه استثنى من رجال نوادر الحكمة جماعة عدّهم ، وفيهم العبيدي : قال أبو العباس بن نوح : وقد أصاب شيخنا أبو جعفر رحمه‌الله في ذلك كلّه ،

__________________

(١) رجال الكشي ٢ : ٧٤٦ / ٨٤٤.

(٢) أصول الكافي ٢ : ٣٤١ / ٤.

(٣) تهذيب الأحكام ١ : ٤٣٧ / ١٤٠٦.

(٤) أصول الكافي ٢ : ٤١٣ / ١٥.

(٥) تهذيب الأحكام ٢ : ١٩٧ / ٧٧٧.

(٦) تهذيب الأحكام ٣ : ٦٧ / ٢١٩.

(٧) أصول الكافي ١ : ٣٦٥ / ٣.

(٨) الكافي ٣ : ٣٤٤ / ٢٠.

(٩) رجال الكشي ١ : ٣٩٣ / ٢٨٢ و ٢٨٣ و ٢٨٤.

(١٠) رجال الكشي ٢ : ٨١٧ / ١٠٢١.

(١١) رجال النجاشي : ٣٣٣ / ٨٩٦.

١٣٩

وتبعه أبو جعفر بن بابويه على ذلك ، إلاّ في محمّد بن عيسى بن عبيد ، فلا أدري ما رأيه فيه ، لأنه كان على ظاهر العدالة والثقة (١).

هـ ـ ما في الكشي : في ترجمة محمّد بن سنان ما لفظه : روى عنه الفضل وأبوه ، ويونس ، ومحمّد بن عيسى ، ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطاب ، والحسن والحسين ابنا سعيد الأهوازيان ، وأيوب بن نوح ، وغيرهم من العدول والثقات من أهل العلم (٢) ، انتهى ، وهذا تصريح منه بوثاقة جماعة ، منهم محمّد بن عيسى ، ويأتي جملة من مدائحه متفرقا.

وأمّا الثاني فهو أيضا أمور :

أ ـ ما في النجاشي قال : ذكر أبو جعفر بن بابويه عن ابن الوليد أنه قال : ما تفرّد به محمّد بن عيسى من كتب يونس وحديثه لا يعتمد عليه ، ورأيت أصحابنا ينكرون هذا القول ويقولون : من مثل أبي جعفر محمّد بن عيسى ، سكن بغداد (٣).

ب ـ ما في الفهرست للشيخ : أنه ضعيف ، استثناه أبو جعفر بن بابويه. من رجال نوادر الحكمة وقال : لا أروي ما يختص بروايته (٤).

ج ـ ما فيه أيضا قال : وقيل : أنه كان يذهب مذهب الغلاة (٥).

__________________

(١) لا يخفى ان استثناء ابن الوليد رواية محمد بن احمد بن يحيى ، عن محمد بن عيسى لا يحمل على إطلاقه ، بل فيما كان منه بإسناد منقطع كما نص عليه النجاشي في رجاله : ٣٤٨ / ٩٣٩ ، فراجع.

(٢) رجال الكشي ٢ : ٧٩٦ / ٩٧٩.

(٣) رجال النجاشي : ٣٣٣ / ٨٩٦.

(٤) فهرست الشيخ : ١٤٠ / ٦٠١.

(٥) فهرست الشيخ : ١٤٠ / ٦٠١.

١٤٠