ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام - ج ١

السيّد علي الموسوي القزويني

ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام - ج ١

المؤلف:

السيّد علي الموسوي القزويني


المحقق: السيد علي العلوي القزويني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-470-077-5
الصفحات: ٩٠٨
الجزء ١ الجزء ٥

وفي تعرّض جماعة من الأصحاب لحمل الأخبار الّتي استند إليها المانعون عن التطهير بذلك الماء على صورة وجود النجاسة على الجسد إشارة إلى ذلك أيضا ، إذ لولاه خارجا عن محلّ النزاع لما كان لذلك الحمل فائدة في منع الاستدلال بها ، كما لا يخفى.

وثانيها : إطلاق عناوينهم المعبّرة عن موضوع المسألة بالمستعمل في رفع الحدث الأكبر ، يقضي بأنّ النزاع فيما يعمّ الجنابة والحيض والاستحاضة ونحوها ، بل هو صريح جملة عبائرهم ، كما في المختلف قائلا : « الماء المستعمل في الطهارة الكبرى كغسل الجنابة ، والحيض ، والاستحاضة ، والنفاس ، مع خلوّ البدن من النجاسة طاهر إجماعا ، وهل هو مطهّر أم لا؟ منع الشيخ ، والمفيد ، وابنا بابويه عن ذلك ، وقال السيّد المرتضى ، وابن إدريس أنّه مطهّر وهو الحقّ » (١).

وقريب منه ما عرفت في صدر الأمر الأوّل من عبارة المنتهى (٢) ومن هنا صحّ لصاحب المعالم ـ على ما حكي عنه ـ حمل عبارته الاخرى فيما بعد العبارة المشار إليها من قوله : « المستعمل في غسل الجنابة يجوز إزالة النجاسة به إجماعا منّا » (٣). على إرادة التمثيل دون الحصر (٤).

ولا ينافيه اختصاص الأخبار من الطرفين بالجنابة ، لجواز كون العموم مستفادا لهم من جهة تنقيح مناط ، أو إجماع مركّب أو نحو ذلك ، ولذا ترى أنّ سائر أدلّة الفريقين قد وردت على جهة العموم ، حتّى ما عرفت عن الشيخ من الوجه الثاني المتضمّن لقوله : « الإنسان مكلّف بالطهارة بالمتيقّن طهارة ، المقطوع على استباحة الصلاة باستعماله ، والمستعمل في غسل الجنابة ليس كذلك » (٥) لأنّ استباحة الصلاة باستعمال الماء أعمّ من أن يكون استعمال الماء علّة تامّة لها كما في غسل الجنابة ، أو جزء علّة كما في سائر الأغسال.

ولا ينافي ذلك إفراده الجنابة بالذكر بعد احتمال إرادة التمثيل احتمالا ظاهرا ، كما لا ينافي كلّ ذلك عبارة الصدوق : « فإن اغتسل الرجل في وهدة وخشي أن يرجع ما ينصبّ عنه إلى الماء الّذي يغتسل منه ، أخذ كفّا وصبّه أمامه ، وكفّا عن يمينه ، وكفّا عن يساره ، وكفّا عن خلفه ، واغتسل منه » (٦) ولا عبارة أبيه في رسالته إليه : « وإن اغتسلت

__________________

(١) مختلف الشيعة ١ : ٢٣٣.

(٢ و ٣) منتهى المطلب ١ : ١٣٧ و ١٣٨.

(٤) فقه المعالم ١ : ٣٣٥.

(٥) التهذيب ١ : ٢٢١.

(٦) الفقيه ١ : ١٥.

٤٠١

من ماء في وهدة وخشيت أن يرجع ما ينصبّ عنك إلى المكان الّذي تغتسل فيه ، أخذت كفّا وصببته عن يمينك ، وكفّا عن يسارك وكفّا خلفك وكفّا أمامك واغتسلت » (١) ولا عبارة الشيخ في النهاية : « متى حصل الانسان عند غدير أو قليب ولم يكن معه ما يغترف به الماء للوضوء ، فليدخل يده فيه ، ويأخذ منه ما يحتاج إليه ، وليس عليه شي‌ء ، وإن أراد الغسل للجنابة وخاف أن نزل إليها فساد الماء ، فليرشّ عن يمينه ويساره وأمامه وخلفه ، ثمّ ليأخذ كفّا من الماء فليغتسل به » (٢) فإنّ كلّ ذلك تأدية بما يوافق متون الروايات في الجملة لما فيه من الأغراض والحكم.

فما في الحدائق : « من أنّ أمثال هذه الامور صريحة في التخصيص بالجنابة » (٣) ، ليس ممّا ينبغي الالتفات إليه ، بل التعبير عن عنوان المسألة بما يرفع الحدث تصريح بخروج المستعمل في الأغسال المندوبة عن المتنازع فيه ، وعن الشيخ في الخلاف : « نفي الخلاف عنه » (٤) ويظهر ذلك عن منتهى العلّامة قائلا : « المستعمل في الأغسال المندوبة ، أو في غسل الثوب ، أو الآنية الطاهرين ليس بمستعمل ، لأنّ الاستعمال لم يسلبه الاطلاق ، فيجب بقاؤه على التطهير للآية (٥).

وقالت الحنفيّة : كلّ مستعمل في غسل بني آدم على وجه القربة فهو مستعمل ، وما لا فلا ، فلو غسل يده للطعام أو من الطعام صار مستعملا ، بخلاف ما لو غسل لإزالة الوسخ ولإزالة العجين من يده » (٦) الخ وبالجملة : تخصيص الخلاف إليهم يقضي بنفيه عمّا بين أصحابنا.

وثالثها : قال العلّامة في المنتهى : « المستعمل في غسل الجنابة يجوز إزالة النجاسة به إجماعا منّا ، لإطلاقه ، والمنع من رفع الحدث به عند بعض الأصحاب لا يوجب المنع من إزالة النجاسة ، لأنّهم إنّما قالوه ثمّ لعلّة لم توجد في إزالة الخبث ، فإن صحّت تلك العلّة ظهر الفرق وبطل الإلحاق ، وإلّا حكموا بالتساوي في البابين كما قلناه » (٧) انتهى.

ولعلّ نظره في العلّة الّتي لا توجد في إزالة الخبث إلى الأخبار المخصوصة في

__________________

(١) فقه الرضا عليه‌السلام : ٤ ـ الفقيه ١ : ١٥ ـ المقنع : ١٤.

(٢) النهاية ونكتها ١ : ٢١١.

(٣) الحدائق الناضرة ١ : ٤٤٨.

(٤) الخلاف ١ : ١٧٢ المسألة ١٢٦.

(٥) الأنفال : ١١.

(٦ و ٧) منتهى المطلب ١ : ١٣٨.

٤٠٢

المنع ـ على تقدير صحّتها سندا ودلالة ـ برفع الحدث ، وإلّا فبعض أدلّتهم يعمّ البابين كما لا يخفى على المتأمّل.

وكيف كان : فالخلاف في إزالة الخبث بذلك الماء غير متحقّق بين أصحابنا ، ولا حكاه عنهم صريحا أحد منّا ، نعم في عبارة الشهيد المحكيّة عن الذكرى ما يوهم ذلك ، حيث قال : « جوّز الشيخ والمحقّق إزالة النجاسة به ، لطهارته ، وبقاء قوّة إزالته الخبث ، وإن ذهب قوّة رفعه الحدث ، وقيل : لا ، لأنّ قوّته استوفيت فالتحق بالمضاف » (١) انتهى.

وربّما يوجّه ذلك ، ـ كما عن صاحب المعالم (٢) ـ باحتمال أن يكون المنقول عنه بعض المخالفين ، كما يشعر به التعليل الواهي ، وكيف كان فما ادّعاه العلّامة من الإجماع لا يخلو عن وصمة الشبهة ، وإن كان يؤيّده ظهور العناوين ، ولكن الحكم في حدّ ذاته كما ذكره ، بلا إشكال فيه ولا شبهة تعتريه بالنظر إلى ما قدّمناه من الأدلّة ، ولك أن تستند إلى الأولويّة بالقياس إلى رفع الحدث صغيرا وكبيرا كما لا يخفى.

ورابعها : الأقرب على المختار من طهوريّة المستعمل في رفع الحدث ، كراهية استعماله في رفع الحدث ثانيا ، وفاقا للشهيد في الدروس (٣) ، والخوانساري في شرحه (٤) عملا بما تقدّم من رواية عبد الله بن سنان (٥) ، وإن ضعف سندها بناء على التسامح ، وخصوص الرواية المرويّة عن الكافي (٦) ، الّتي قدّمنا ذكرها في ذيل غسالة الوضوء ، والظاهر أنّه لا يخالف فيه أحد.

وخامسها : يظهر من العلّامة في المنتهى عدم اشتراط الانفصال عند المانعين من أصحابنا في صدق الاستعمال ، ولكن عبارته في هذا المقام غير خالية عن التهافت ، فإنّه قال : « لو اغتسل من الجنابة ، وبقيت في العضو لمعة لم يصبها الماء ، فصرف البلل الّذي على العضو إلى تلك اللمعة جائز ، أمّا على ما اخترناه نحن فظاهر ، وأمّا على قول الحنفيّة فكذلك ، لأنّه إنّما يكون مستعملا بانفصاله عن البدن ، وفي اشتراط استقراره في

__________________

(١) ذكرى الشيعة ١ : ١٠٤.

(٢) فقه المعالم ١ : ٣٣٦ حيث قال ـ بعد نقل عبارة الشهيد ـ : « وكلامه هذا ليس فيه تصريح بأنّ القائل من الأصحاب ».

(٣) الدروس الشرعية ١ : ١٢٢.

(٤) مشارق الشموس : ٢٤٨.

(٥) الوسائل ١ : ٢١٥ ب ٩ من أبواب الماء المضاف ح ١٣.

(٦) الوسائل ١ : ٢١٩ ب ١١ من أبواب الماء المضاف والمستعمل ح ٢ ـ الكافي ٦ : ٥٠٣ / ٣٨.

٤٠٣

المكان خلاف عندهم.

وأمّا في الوضوء ، فقالوا : لا يجوز صرف البلل الّذي في اليمنى إلى اللمعة الّتي في اليسرى ، لأنّ البدن في الجنابة كالعضو الواحد فافترقا ، وليس للشيخ فيه نصّ ، والّذي ينبغي أن يقال على مذهبه عدم الجواز في الجنابة ، فإنّه لم يشترط في المستعمل الانفصال » (١) انتهى.

وكأنّه أخذ بإطلاق كلامه في المنع ، كما نبّه عليه بقوله : « ليس له فيه نصّ » وإلّا فقضيّة عدم النصّ جريان احتمال الأمرين معا في كلامه لا تعيّن أحدهما ، غير أنّه لا يخفى ما فيه ، مع ما ذكره من التعليل بناء على قول الحنفيّة من التهافت ، فإنّه لو صلح علّة لاشتراط الانفصال على مذهب الحنفيّة لجرى على مذهب الشيخ أيضا ، إذ ليس في كلام الشيخ إلّا الاستعمال ، والمفروض أنّه عنوان متوقّف صدقه بمقتضى تلك العلّة على الانفصال.

وكيف كان فعن جمع ممّن تأخّر إنكار النسبة المذكورة إلى الشيخ ، لعدم تصريحه بها في كتبه المشهورة ، مع استلزام ذلك عدم الاجتزاء بإجراء الماء في الغسل من محلّ إلى آخر بعد تحقّق مسمّاه ، وهو بمحلّ من البعد بل البطلان ، كما لا يخفى على من لاحظ الأخبار الواردة في كيفيّة الغسل من الجنابة ، وقد يعلّل البطلان بلزوم تعذّر الغسل لو لا الاجتزاء ، وهو في الجملة في محلّه كما ستعرفه.

والأولى أن يقال ـ في تحرير المقام ـ : إنّ المستعمل في طهارة ، قد يكون مستعملا في عضو من الطهارة ، أو جزء من العضو فاريد استعماله في عضو آخر منها ، أو جزء آخر من العضو ، وقد يكون مستعملا فيه أو في طهارة كاملة ، فاريد استعماله في طهارة اخرى ، وهذا هو القدر المتيقّن من مراد المانع عن الاستعمال الثاني.

وأمّا الأوّل : فقد يكون منفصلا عن العضو أو الجزء المغسولين ، بأن يؤخذ بعد انفصاله ويغسل العضو أو الجزء الآخر ، وقد لا يكون منفصلا عنه ، وعلى الثاني فقد يكون مستقرّا على العضو أو الجزء اللذين هو فيهما ، فاريد إمراره فيهما إلى العضو أو الجزء الباقي ، وقد لا يكون مستقرّا بل هو سائل ، فاريد إمراره حال السيلان إلى ما لا يسيل عليه عادة ، وهذا هو القدر الّذي يمكن دعوى القطع بخروجه عن المتنازع

__________________

(١) منتهى المطلب ١ : ١٣٩.

٤٠٤

بملاحظة سيرة المتشرّعة ، مع تعسّر الغسل ترتيبا بل تعذّره ، لو لا جوازه والاجتزاء به ، وأمّا الصورتان الباقيتان فكونهما من محلّ النزاع موضع شبهة ، والظاهر أنّ الأخيرة منهما مفروضة في مسألة اللمعة.

وعلى المختار فهل يجوز استعماله فيهما أو لا؟ والظاهر أنّ الجواز في مسألة اللمعة ممّا لا إشكال فيه ، وبه روايات مخصوصة ، تأتي في باب الغسل إن شاء الله ، دالّة على جواز مسح اللمعة بالبلّة الباقية في الأعضاء ، وادّعى عليه ظهور الإجماع في شرح الدروس (١).

وإنّما الإشكال في الصورة الاخرى ، ويظهر الفائدة بالنسبة إليها فيما لو قصر الماء المعدّ للغسل عن تمام الغسل ، بأن لا يكون كافيا إلّا عن غسل بعض الأعضاء ، فهل يجوز الاكتفاء به في تمام الغسل ، بأن يغسل به العضو المذكور ويؤخذ بعد انفصاله عنه في إناء ، ثمّ يغسل به العضو الآخر إلى أن يستكمل الغسل به ، أو لا؟

والحقّ أنّ الجواز هنا مشكل ، من أنّ بعض القواعد المتقدّمة في الاستدلال على الجواز في أصل المسألة ـ كقاعدة : إنّ الماهيّة المائيّة مقتضية للطهارة والطهوريّة معا ما لم يزاحمها خارج ـ يقتضي الجواز ، من حيث إنّ الماهيّة غير زالّة عن المفروض جدّا ، والعارض ممّا لم يعلم كونه مزاحما رافعا لما اقتضته الماهيّة.

ومن أنّه ممّا لا ذاهب إليه من الأصحاب ، بل ظاهرهم في غير هذا الموضع عدم الاكتفاء به ، حيث إنّه في مسألة ما لو وجد المحدث من الماء ما لا يكفيه لطهارته حكموا بوجوب التيمّم عليه ، مصرّحين بعدم الفرق فيه بين الجنب والمحدث بالأصغر ، وعزاه في المنتهى (٢) إلى مذهب علمائنا ، مؤذنا بالإجماع عليه ، فلم يذكروا فيه إلّا احتمال الوضوء مع التيمّم إذا كان جنبا ، أو استعماله في بعض الأعضاء ثمّ التيمّم للباقي ، ناسبين لهما إلى العامّة ، ولهم في هذا المقام روايات مصرّحة بالتيمّم دون الوضوء في الجنب خاصّة ، من غير تعرّض لبيان ما ذكرناه في مفروض المسألة ، فلو أنّه أمر مقرّر في الشريعة ثابت من الشارع لما كان للعدول عن الأمر به إلى الأمر بالتيمّم في الأخبار وجه ، كما لا يخفى.

__________________

(١) مشارق الشموس : ١٧٨.

(٢) منتهى المطلب ٣ : ١٨.

٤٠٥

فتلخّص من ذلك أنّ الأقرب حينئذ هو عدم الاكتفاء بالماء المفروض في الصورة المفروضة ، تحكيما لتلك الأخبار المؤيّدة بعمل الأخيار على القاعدة المشار إليها ، ويؤيّده ما قرّرناه في ذيل الكلام على رواية عليّ بن جعفر ، المتقدّمة في جملة الأخبار المستدلّ بها على طهوريّة المستعمل ، ولكن على التقدير المتقدّم إليه الإشارة.

فصار محصّل مختارنا مع ضميمة ما قرّرناه الآن : أنّ المستعمل في الحدث الأكبر لا يزول عنه الطهوريّة ، إلّا ما لو استعمل في بعض أعضاء الطهارة فاريد استعماله في العضو الآخر من تلك الطهارة ، فإنّه غير جائز لدليله الخاصّ الّذي لولاه لكان الجواز ظاهر الثبوت.

وسادسها : إذا اجتمعت المياه المستعملة حتّى بلغت كرّا وما زاد ، لم يزل المنع على القول به ، وفاقا لمحكيّ المعتبر (١) ، وخلافا للمبسوط (٢) ، والمنتهى (٣) ، وعن الخلاف : أنّه تردّد فيه (٤).

لنا : ما احتجّ به المعتبر : « بأنّ ثبوت المنع معلوم شرعا ، فيتوقّف ارتفاعه على وجود الدلالة ، وهي مفقودة » (٥).

واحتجّ العلّامة : « بأنّ بلوغ الكرّيّة موجب لعدم انفعال الماء عن الملاقي ، وما ذلك إلّا لقوّته ، فكيف يبقى انفعاله عن ارتفاع الحدث الّذي لو كان نجاسة لكانت تقديريّة » (٦).

وفيه : أنّ بلوغ الكرّيّة إن اريد به سبق الكرّيّة على الملاقاة فالمقدّمة الاولى مسلّمة ، ولكن المقام ليس منها ، وإن اريد به لحوق الكرّيّة بها فالمقدّمة الاولى ممنوعة ، فضلا عن المقدّمة الثانية.

وعن الشيخ في الخلاف (٧) في منشأ التردّد : « أنّه ثبت فيه المنع قبل أن يبلغ كرّا ، فيحتاج في جواز استعماله بعد البلوغ إلى دليل ، ومن دلالة الآيات والأخبار على طهارة الماء ، خرج عنه الناقص عن الكرّ بدليل ، فيبقى ما عداه ، وقولهم : « إذا بلغ الماء كرّا لم يحمل خبثا » (٨).

__________________

(١ و ٥) المعتبر : ٢٢.

(٢) المبسوط ١ : ١١.

(٣ و ٦) منتهى المطلب ١ : ١٣٨.

(٤) الخلاف ١ : ١٧٣ المسألة ـ ١٢٧.

(٧) الخلاف ١ : ١٧٣ ١ ـ المسألة ١٢٧ ـ مع اختلاف يسير.

(٨) نسب الشيخ قدس‌سره هذه الرواية إلى الأئمّة عليهم‌السلام ، ونقلها السيّد المرتضى قدس‌سره في الانتصار : ٦ ـ

٤٠٦

ويرد على أوّل الوجهين : أنّ المجتمع هو الناقص الّذي بلغ كرّا بالاجتماع ، فإذا سلّم خروجه عن الآيات والأخبار حال النقصان ، فأيّ دليل قضى بدخوله فيهما بعد الاجتماع؟ هذا مع ما فيه من التعبير بالطهارة الّتي ليست من المتنازع فيه ، إلّا أن يراد بها الطهوريّة.

وعلى ثاني الوجهين : القدح فيه سندا ودلالة ، أمّا الأوّل : فلما صرّح به غير واحد من أنّه غير معلوم الإسناد ، وأمّا الثاني : فلظهوره في أنّ بلوغ الكرّيّة مانع عن حدوث الخبثيّة فيه ، أو ملزوم له ، وهو ليس من كونه سببا أو ملزوما لزوالها عنه بعد الحدوث في شي‌ء. ولقد أجاد صاحب المعالم ـ فيما حكى عنه ـ من قوله : « والعجب أنّ الشيخ رحمه‌الله احتجّ في الخلاف (١) على عدم زوال النجاسة في المجتمع من الطاهر والنجس ؛ بأنّه : ماء محكوم بنجاسته ، فمن ادّعى زوال حكم النجاسة عنه بالاجتماع فعليه الدليل ، وليس هناك دليل ، فيبقى على الأصل ، ولو صحّ الحديث الّذي جعله في موضع النزاع منشأ لاحتمال زوال المانع ، لكان دليلا على زوال النجاسة هناك ، وليس بين الحكمين في الخلاف إلّا أوراق يسيرة. » (٢) انتهى.

وسابعها : قال في المنتهى : « لو اغتسل وجوبا من جنابة مشكوك فيها ، كالواجد في ثوبه المختصّ ، أو المتيقّن لها وللغسل الشاكّ في السابق ، أو من حيض مشكوك فيه كالناسية للوقت والعدد ، هل يكون ماؤه مستعملا؟ فيه إشكال ، فإنّ لقائل أن يقول : إنّه غير مستعمل ، لأنّه ماء طاهر في الأصل لم يعلم إزالة الجنابة به ، فلا يلحقه حكم المستعمل ويمكن أن يقال : إنّه مستعمل ، لأنّه قد اغتسل به من الجنابة وإن لم تكن معلومة ، إلّا أنّ الاغتسال معلوم فيلحقه حكمه ، ولأنّه ما أزال مانعا من الصلاة ، فانتقل المنع إليه كالمتيقّن » (٣).

أقول : والأولى إناطة الأمر بأنّ الرافع للطهوريّة هل هو طروّ الاستعمال في الجنابة ولو شرعيّة ، أو كونه رافعا للحدث الّذي هو أمر واقعي؟ فإن كان الأوّل فلا إشكال في

__________________

ـ مسألة ١ عن كتب العامّة عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال المحقّق في المعتبر ـ في مسألة الماء المستعمل في الحدث الأكبر ما هذا لفظه : « وما يدّعي من قول الأئمّة عليهم‌السلام إذا بلغ الماء كرّا لم يحمل خبثا ، لم نعرفه ، ولا نقلناه عنهم ونحن نطالب المدّعي نقل هذا اللفظ بالإسناد إليهم ». ـ المعتبر : ٢٢.

(١) الخلاف ١ : ١٩٤ ـ المسألة ١٥٠.

(٢) فقه المعالم ١ : ٣٤٤.

(٣) منتهى المطلب ١ : ١٤٠.

٤٠٧

صيرورته مستعملا ، وإن كان الثاني فلا إشكال في الحكم عليه بعدم صيرورته مستعملا ، للأصل الّذي ينشأ عن الشكّ في وجود الرافع ، والّذي يظهر من الأخبار المقامة على المنع ـ على فرض تماميّة دلالتها ـ وكلام العلماء الأخيار هو الثاني ، كما لا يخفى على المتأمّل.

وثامنها : قد أشرنا سابقا إلى أنّ الحكم في كلام أهل القول بالمنع مختصّ بالقليل ، لخروج الكثير عن المتنازع فيه ، وصرّح به غير واحد ، نعم عن المفيد (١) القول بكراهة الارتماس في الماء الكثير الراكد ، ووجّهه في شرح الدروس بقوله : « والظاهر أنّ وجهه صيرورته مستعملا يكره الطهارة به » (٢) ويظهر من الحدائق (٣) احتمال كون الكراهة مرادا بها المنع ، لأنّها في كلام المتقدّمين ـ كما هو في الأخبار ـ للأعمّ من المعنى المصطلح.

وعن شيخنا البهائي في حواشي الحبل المتين (٤) ما يقضي بتوهّمه عموم النزاع ، مستدلّا بما في المختلف من الاستدلال على عدم المنع بصحيحة صفوان ، الواردة في الحياض بين مكّة والمدينة ، وصحيحة محمّد بن إسماعيل المتقدّمة في عداد أدلّة القول المختار ، وهو كما ترى ، فإنّ الاستدلال بالإطلاق في بعض الأفراد المتنازع في حكمه ، لا يقضي بكون البعض الآخر من أفراده أيضا من المتنازع فيه.

وأمّا كراهة الاغتسال فلا يعرف له وجه ، مع منافاتها مع احتمال المنع لسيرة المتشرّعة ، وعمل الفرقة المحقّة.

وصحيحة محمّد بن إسماعيل (٥) المفصّلة في الرخصة وبين الضرورة ، وغيرها الّتي قدّمنا فيها احتمال كون النهي للكراهة ، بل استظهرناه ـ لا تكفي في إثبات الكراهة ، لعدم تبيّن كون هذه الكراهة هل هي من جهة الاغتسال ، أو من جهة الاستنجاء ، أو غير ذلك؟ والمفروض أنّ السؤال وقع عن هذه الأشياء مجتمعة لا منفردة ، ومن الظاهر كفاية كون بعض من هذه الأشياء مقتضيا للكراهة في الحكم بها مطلقا حال الاجتماع ،

__________________

(١) المقنعة : ٥٤.

(٢) مشارق الشموس : ٢٥٠.

(٣) الحدائق الناضرة ١ : ٤٥٧.

(٤) الحبل المتين : ١١٥ ـ حكى عنه في الحدائق الناضرة ١ : ٤٧٥ ـ ما هذا لفظه : « استدلال العلّامة في المختلف بالحديث السابع والثامن ، يعطي أنّ الخلاف ليس في الماء المنفصل عن أعضاء الغسل فقط ، بل هو جار في الكرّ الّذي يغتسل فيه أيضا فتدبّر » انتهى.

(٥) الوسائل ١ : ١٦٣ ب ٩ من أبواب الماء المطلق ح ١٤ ـ التهذيب ١ : ٤١٧ / ١٣١٦.

٤٠٨

والعمدة في هذا السؤال بيان الحكم لا تعيين محلّه ، لأنّ السؤال ورد عن المجتمع فخرج الجواب على طبقه ، فإنّ قيام الجهة المانعة بالجزء كاف في المنع عن الكلّ.

فالإنصاف : أنّ الرواية بالقياس إلى مفردات المسئول عنه مجملة لا يصحّ الاستناد إليها في شي‌ء منها بالخصوص. على إطلاقه وفي جميع أحواله ، فكراهة الاغتسال من الكرّ المغتسل فيه مشكل ، مع أنّه لم يظهر به قول من أصحابنا ، وما عرفت عن المفيد غير ثابت ، وحكمه بكراهة الارتماس في الكثير الراكد غير دالّ عليه ، فإنّ الارتماس في الراكد أعمّ من الاغتسال ، كما أنّ الراكد أخصّ من الكثير ؛ ولعلّه لخصوصيّة لا مدخليّة فيها للاغتسال ، ثمّ إنّ كون ذلك لأجل حفظ الماء عن كونه مستعملا يكره الطهارة به من أيّ جهة والاستظهار المتقدّم عن شرح الدروس ممنوع ، ولعلّ الاغتسال بنفسه مكروه في الراكد ، والله العالم بحقائق أحكامه.

* * *

٤٠٩

ينبوع

الماء الجاري ممّا أفرده الأصحاب بعنوان مستقلّ ، لما في قليله عند أهل القول بانفعال القليل بالملاقاة ، من الخلاف في انفعاله ، وإلّا فهو على القول المشهور من عدم انفعاله كان ينبغي أن يذكر في عداد المستثنيات عن قاعدة انفعال القليل ، ونحن أيضا أفردناه بالعنوان ، ولكن عقيب الفراغ عن المستثنيات اقتفاء لأثرهم ، مع مراعاة المناسبة المذكورة على قدر الإمكان.

وكيف كان : فاختلفت كلمتهم في تفسير الجاري هنا ؛ ففي المجمع ـ نقلا عن المصباح ـ : « الماء الجاري هو المتدافع في انحدار واستواء » (١) وفي مفتاح المعاني ـ الّذي هو منتخب من الصحاح والقاموس وغيرهما ـ « جرى الماء سال » (٢).

وعن بعض متأخّري المتأخّرين الاكتفاء بمطلق السيلان ولو لا عن مادّة ، استنادا إلى صدق « الجاري » على المياه الجارية عن ذوبان الثلج ، خصوصا إذا لم ينقطع في السنة.

وفي حاشية الشرائع ـ للشيخ عليّ ـ والمراد بالجاري : « ما كان نابعا من الأرض » (٣).

وعنه في حاشية الإرشاد والمراد به : « النابع من الأرض دون ما اجري » (٤) ، فإنّه واقف وإن لم يتنجّس العالي منه بنجاسة السافل إذا اختلف السطوح وعنه في جامع المقاصد المراد به : « النابع ، لأنّ الجاري لا عن نبع من أقسام الراكد » (٥).

وعن المسالك : « المراد بالجاري النابع غير البئر سواء جرى أم لا ، وإطلاق الجريان

__________________

(١) مجمع البحرين ؛ مادّة « جري ».

(٢) المصباح المنير : مادّة « جرى ».

(٣) حاشية شرائع الإسلام ـ للمحقّق الكركي ـ (مخطوط) الورقة : ٣.

(٤) حاشية إرشاد الأذهان ـ للمحقّق الكركي ـ (مخطوط) الورقة : ٣٩.

(٥) جامع المقاصد ١ : ١١٠.

٤١٠

عليه مطلقا تغليب أو حقيقة عرفيّة » (١).

وفي الروضة : « وهو النابع من الأرض مطلقا غير البئر ، على المشهور » (٢).

وعن الذخيرة : « والمراد به النابع غير البئر ، سواء جرى على وجه الأرض أولا ، والجاري لا عن مادّة لا يسمّى جاريا عرفا » (٣).

وفي المدارك : « المراد بالجاري النابع ، لأنّ الجاري لا عن مادّة من أقسام الراكد اتّفاقا » (٤).

وفي الحدائق : « المراد بالجاري هو النابع ، وإن لم يتعدّ محلّه » (٥).

وفي الرياض : « وهو النابع عن عين بقوّة أو مطلقا ولو بالرشح ، على إشكال في الأخير » (٦).

وفي الوسائل : « هو النابع غير البئر ، بقوّة أو مطلقا ولو بالرشح ، على إشكال في الأخير » (٧).

وقيل : هو هنا السائل على الأرض بالنبع من تحتها ، وإلّا فهو الواقف ، لأنّ الجاري لا عن نبع من أقسام الراكد اتّفاقا أو البئر.

وفي شرح الاستاذ للشرائع : « وهو السائل عن مادّة لا النابع مطلقا ، ولا السائل كذلك » (٨).

أقول : والّذي يظهر ـ والله أعلم ـ أنّ لفظ « الجاري » في وصف الماء به ، ليس حاله إلّا كلفظ « المحقون » و « الواقف » و « الراكد » و « الكرّ » و « القليل » ، فلا وضع فيه لغة وعرفا لما يقابل المحقون وماء البئر وغيرهما من الأقسام المتداولة في لسان الفقهاء ، الممتازة بعضها عن بعض بحسب الأحكام المثبتة من الأدلّة الشرعيّة ، بل هو لغة وعرفا بالمعنى الأعمّ من المتشرّعة وغيرهم ـ وصف عامّ يلحق الماء باعتبار ما يعرضه من وصف السيلان ، ولا ينافيه تبادر ما يقابل المحقون وغيره من الأقسام المشار إليها عند المتشرّعة بالخصوص ، لأنّه تبادر إطلاقي ينشأ من انسهم بطريقة الفقهاء في إجراء الأحكام ، والتفرقة بين ما ذكر من الأقسام ، بناء على أنّ ما عرفت عن الفقهاء من التفاسير

__________________

(١) مسالك الافهام ١ : ١٢.

(٢) الروضة البهيّة ١ : ٢٥٢.

(٣) ذخيرة المعاد : ١١٦. (٤) مدارك الأحكام ١ : ٢٨.

(٥) الحدائق الناضرة ١ : ١٧١. (٦) رياض المسائل ١ : ١٣٥.

(٧) لم نعثر عليه. (٨) كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري رحمه‌الله ـ ١ : ٦٩.

٤١١

المذكورة بيان لموضوع ـ حكم متّفق عليه أو مختلف فيه ـ استفادوه كلّا أم جلّا من الأدلّة الشرعيّة ، لا أنّه تفسير لمفهوم اللفظ لغة ولا عرفا ولا شرعا حتّى يلزم منه ثبوت الحقيقة الشرعيّة فيه ، وإلّا فمفهوم قولنا : « ماء جار » لغة وعرفا ليس إلّا الماء السائل ، ووصف الجاري صفة تقييديّة يحترز بها عمّا ليس بسائل فعلا ، لا أنّه صفة توضيحيّة.

نعم هو حيثما يؤخذ اللفظ المذكور موضوعا للحكم المشار إليه أو في المسألة المختلف فيها يكون صفة توضيحيّة ، لكن من جهة الفرض والاعتبار ، لا من جهة دخولها مع الموصوف في مفهوم اللفظ لغة أو عرفا.

وبالجملة : مفهوم اللفظ لغة أو عرفا شي‌ء ، وموضوع الحكم الشرعي شي‌ء آخر ، غاية الأمر أنّهما قد يتطابقان وقد يتفارقان ، وغرضهم من التفاسير المذكورة الإشارة إلى الثاني فقط ، والأوّل يفارقه في غير النابع ، فإنّه إذا سال ماء جار لغة وعرفا وإن لم يكن من موضوع الحكم الشرعي أو المسألة المذكورين في شي‌ء ، والّذي يشهد بما ذكرناه من تغاير الأمرين وجوه :

الأوّل : خلوّ كلام أئمّة اللغة ـ فيما نعلم ـ عن تفسيره بما هو موضوع للحكم الشرعي ، واشتمال جملة من كلامهم على تفسيره بما يعمّ هذا المعنى كما عرفت عن مفتاح المعاني ، ولا ينافيه ما عرفته عن المصباح ، لأنّ تفسيره بالمتدافع إمّا تفسير له بما يرادف السائل أو بما يلزمه ، نظرا إلى أنّ السيلان يستلزم كون بعض الأجزاء دافعا للبعض الآخر ، وموجبا لانتقاله عن مكان إلى آخر.

والثاني : ما عرفت في التفاسير المذكورة من التعبير في أكثرها بقولهم : « والمراد بالجاري » ، « أو المراد به هنا » ، فإنّ ذلك كالتصريح بأنّ هذا التفسير بيان لما هو المراد من اللفظ في خصوص المقام ، ويزيده بيانا ما في كلام بعضهم من إخراج الجاري لا عن نبع عمّا هو المراد هنا بطريق الاستدلال ، ولا ينافيه ما في بعض تلك التفاسير من بيان المعنى بطريق الحمل دون التعبير بلفظة « المراد » ، لأنّ ذلك أيضا بقرينة ما في أكثرها ينزّل إلى بيان المراد بالخصوص ، لا بيان مفهوم اللفظ بما هو هو ، كما يفصح عن ذلك ما عرفت عن ثاني الشهيدين في كتابيه المسالك (١) والروضة (٢) ، حيث إنّه في

__________________

(١) مسالك الافهام ١ : ١٢.

(٢) الروضة البهيّة ١ : ٢٥٢.

٤١٢

الأوّل عبّر باللفظ المذكور ، وفي الثاني ذكر المعنى بطريق الحمل.

وأقوى ممّا ذكر ما في الدروس من قوله : « ثالثها : الجاري نابعا » (١) بعد ما جعل أقسام الماء باعتبار مخالطة النجس له أربعة ، وفي شرح العبارة المذكورة للمحقّق الخوانساري : « احترز به عمّا إذا كان جاريا من غير نبع ، فإنّ حكمه حكم الواقف اتّفاقا نعم القليل منه إذا كان منحدرا لا ينجّس ما فوقه » (٢) ، انتهى فإنّ ظاهر هذه العبارات كلّها أنّ وقوع لفظ « الجاري » على الماء ليس بحسب الوضع اللغوي ، ولا العرفي العامّ ، ولا أنّه حصل فيه للفقهاء اصطلاح خاصّ ، وإلّا لم يكن لما فيها من التقييدات والتصريح بالاحترازات وجه.

والثالث : ما عن المحقّق الأردبيلي في مجمع الفائدة من قوله : « وأمّا حقيقة الجاري ، فقيل : إنّه النابع غير البئر ، فكأنّه اصطلاح ، ويفهم ممّا نقل عن الدروس اشتراط دوام النبع ، وكذا ابن فهد وليس هنا حقيقة شرعيّة بل ولا عرفيّة ، ومعلوم عدم إرادة اللغويّة ، ويمكن استخراج المعنى المتقدّم. أمّا غير البئر فلانفرادها بالأحكام ، وأمّا النابع مطلقا فلعدم القوّة في غير النابع ، وللإجماع أيضا على اعتبار الكرّيّة في غير النابع بين القائلين بالتنجيس ، ولوجود معنى الجري في النابع » (٣) انتهى. وحينئذ فما في عبارة المسالك من قوله ـ بعد تفسيره المتقدّم ـ « وإطلاق الجريان عليه مطلقا تغليب أو حقيقة عرفيّة » (٤) لا بدّ وأن يحمل على إرادة التغليب في لسان الفقهاء ، حيث يعتبرون المعنى المذكور موضوعا في المسألة المتنازع فيها ، وإرادة الحقيقة العرفيّة الخاصّة كما فهمه الأردبيلي.

وعليه فما ربّما يورد عليه من مخالفة ذلك للعرف واللغة ، والاستدلال في ردّه بأنّ الجاري ، لا يصدق إلّا مع تحقّق الجريان ليس على ما ينبغي ، فإنّ اعتبار الجريان فعلا في صدق الجاري لغة أو عرفا لا ينافي عدم كونه معتبرا فيما هو موضوع في المسألة الفقهيّة ، بعد تبيّن أنّ العبرة فيه بالنبع فقط دون الجريان فعلا ، غاية الأمر كون وقوع اللفظ عليه مجازا من باب التغليب لتحقّق الجريان في أكثر أفراد هذا الموضوع ، أو

__________________

(١) الدروس الشرعيّة ١ : ١١٩.

(٢) مشارق الشموس : ٢٠٥.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان ١ : ٢٥٠.

(٤) مسالك الأفهام ١ : ١٢.

٤١٣

اصطلاحا خاصّا ، ولا مشاحّة فيه.

وربّما يقال : بأنّ قولهم ـ في تطهير الجاري ـ : أنّه يطهّر بكثرة الماء الجاري عليه متدافعا حتّى يزول التغيّر ، وما في بعض الأخبار عن الماء الجاري يمرّ بالجيف والعذرة والدم أيتوضّأ منه؟ يشير إلى كون الجاري ما تحقّق فيه الجريان.

وفيه : ما لا يخفى على المتأمّل.

نعم ، من يدّعي كفاية النبع مطلقا في موضوع المسألة عند الفقهاء ، وعدم اعتبار الجريان الفعلي فيه ، ينبغي أن يطالب بدليل ذلك.

فإذا ثبت أنّ مرجع التفاسير المتقدّمة إلى تحقيق موضوع المسألة. فلا بدّ من النظر في تحقيقه في كلماتهم ، وأدلّتهم المقامة على امتياز الجاري عن سائر الأقسام بحسب الحكم في الجملة.

فنقول : لا إشكال ولا خلاف ظاهرا في أنّ النابع السائل على وجه الأرض من موضوع المسألة ، كما أنّه لا إشكال ولا خلاف في أنّ ما ليس بنابع ولا سائل ليس من موضوع المسألة في شي‌ء ، وإنّما الكلام في اعتبار هذين الوصفين معا في هذا الموضوع ، على وجه لو لا أحدهما لم يكن المورد منه ، والظاهر أنّه لا إشكال ولا خلاف أيضا في اعتبار الوصف الأوّل ـ أعني النبع ـ المفسّر في كلام أهل اللغة بخروج الماء من العين ، ولذا ترى تفاسيرهم المتقدّمة متوافقة على اعتباره ، مع استتباع بعضها بدعوى الاتّفاق على دخول غير النابع في أقسام الراكد ، وإن حصل له وصف الجريان.

وممّا يرشد إلى ذلك أيضا فرضهم مسألة اختلاف السطوح بالتسنيم أو الانحدار ـ الّذي لا يتأتّى إلّا مع الجريان ـ في الكرّ الّذي هو من الراكد.

نعم ، العمدة في المقام اعتبار الوصف الثاني وهو الجريان.

ويظهر الفائدة في العيون الصغار الغير السائلة ، الّتي ينبع منها الماء إلى مرتبة فيقف عليها حتّى يؤخذ منه شي‌ء ، فإذا أخذ ينبع ثانيا إلى أن يصل المرتبة أيضا وهكذا ، وقد اختلفت كلمة المتأخّرين في ذلك ففي صريح المسالك (١) والذخيرة (٢) والحدائق (٣) ـ على ما تقدّم ـ عدم اعتباره ، وصرّح به الخوانساري في شرح الدروس أيضا قائلا :

__________________

(١) مسالك الأفهام ١ : ١٢.

(٢) ذخيرة المعاد : ١١٦.

(٣) الحدائق الناضرة ١ : ١٧١.

٤١٤

« واعلم ، أنّه لا يشترط فيه الجريان ، بل يكفي مجرّد النبع » (١) ، ويمكن استفادته أيضا عن جملة من التفاسير المتقدّم ذكرها لما فيها من إطلاق النبع ، وعن ظاهر المحقّق اعتباره ، حيث حكم بعدم تطهير القليل بالنبع من تحته ، تعليلا : « بأنّ النابع ينجّس بالملاقاة » (٢) ، وعن كاشف اللثام ـ للفاضل الهندي ـ أنّه جعله أوضح الاحتمالين (٣) وهو المحكيّ عن المقنعة (٤) ، والتهذيب (٥) ، حيث حكما بانفعال القليل من الغدير النابع وتطهيره بالنزح ، وهو صريح بعض من قاربناه عصرا ، قائلا ، « بأنّه يلحق بالبئر العيون الصغار الغير السائلة ، وغير الصادق عليها اسم البئر ، وفاقا للمقنعة والتهذيب والفاضل الهندي في شرح القواعد ، لعدم صدق الجريان في مائها شرعا ولغة وعرفا ، فلا يشمله عبارات الأصحاب ولا ما ورد من الأخبار » (٦).

وعن المحقّق البهبهاني : « أنّ النابع الراكد عند الفقهاء في حكم البئر » (٧).

ويستفاد عن المحقّق المذكور ـ في عبارة محكيّة عن شرحه للمفاتيح اعتباره في صدق الاسم دون الحكم ، بمعنى دخول العيون المشار إليها في حكم الجاري. وخروجها عنه اسما ، حيث قال : « المعتبر في الجاري والبئر هو الصدق العرفي ـ أي العرف العامّ ـ فمجرّد الجريان اللغوي لا ينفع في الجاري ، حتّى يكون الجريان عن مادّة سواء كانت نبعا أو نزأ حاصلين عن حفر الآبار وخرق أسافلها ، ودخل الماء من بئر إلى بئر إلى أن جرى على الأرض وهذا هو المسمّى بالقناة ، أو كان البئر واحدة وثقب أسفلها حتّى يجري ماؤها على الأرض ، أو امتلأت ماء إلى أن جرى على الأرض ، ففي جميع هذه الصور يكون الماء جاريا ، وإن أطلق عليه ماء البئر أيضا ، إلّا أنّه ليس إطلاقا حقيقيّا باصطلاح العرف العامّ ، ومن الجاري العيون الّتي يجري منها الماء ، وأمّا الّتي لا يجري أصلا وإن كان عن مادّة نبعا أو نزأ فحكمها حكم الجاري في عدم الانفعال ما لم يتغيّر ، للأصل ، والعمومات ، وقوله عليه‌السلام في البئر : « لأنّ له مادّة » وغير ذلك » (٨) انتهى.

__________________

(١) مشارق الشموس : ٢٠٥.

(٢) المعتبر : ١١.

(٣) كشف اللثام ١ : ٢٥٤.

(٤) المقنعة : ٦٦.

(٥) التهذيب ١ : ٢٣٤.

(٦) لم نعرف قائله.

(٧) حاشية البهبهاني على مدارك الأحكام ١ : ١٠٤.

(٨) مصابيح الظلام ـ كتاب الطهارة ـ (مخطوط) الورقة : ٥١٨.

٤١٥

وأنت بعد ما أحطت خبرا بما قرّرناه آنفا ، من أنّ مبنى إطلاق الجاري على النابع السائل ليس على الوضع اللغوي جزما ، ولا العرفي والشرعي ، حيث لا شاهد بهما أصلا ، بل إنّما هو لأجل كونه أحد أفراد مفهومه اللغوي ، تعرف أنّ بعض الكلمات المذكورة ليس في محلّه ، فالاستناد في نفي دخول ما فرض من العيون في اسم الجاري إلى عدم صدق الجريان ونحوه عليها ليس ممّا ينبغي ، والاعتراف بكونها في حكمه ممّا يشهد بما تقدّم من أنّ غرضهم في المقام ضبط موضوع الحكم لا شرح مفهوم اللفظ ، فلا بدّ وأن يكون الجاري مرادا به حينئذ معنى يشمل الغير السائل أيضا ، ومعه لا معنى لنفي دخوله في المسمّى هنا ، استنادا إلى ما يرجع إلى إحراز المسمّى اللغوي أو العرفي.

والعمدة في معرفة دخوله في موضوع الحكم ملاحظة الأدلّة المقامة على ذلك الحكم ، ولا يبعد أن يقال : بعموم أكثر الأدلّة المقامة على عدم انفعاله على فرض سلامتها دلالة ، خصوصا ما يأتي من رواية البئر المعلّلة بوجود المادّة ، على تقدير رجوع التعليل إلى حكم عدم الإفساد لا الطهر بالنزح كما هو الأظهر ، فإنّها على هذا التقدير تفيد قاعدة عامّة جارية في كلّ ذي مادّة والمقام منه ، نظرا إلى أنّ عدم السيلان على وجه الأرض ينشأ عن تحتيّة المادّة لا عن فقدها أو ضعفها كما قد يتوهّم ، ولو فرض شكّ في شمول ذلك الحكم له بملاحظة ما تقدّم من الخلاف الواقع فيه ، ولم يظهر من الأدلّة شي‌ء ، كان المتعيّن إدخاله في عمومات انفعال القليل ، المفيدة قاعدة عامّة تجري في المقام جزما لو خلّي وطبعها حسبما تقدّم في محلّه.

وهذا ضابط كلّي في المسألة يجب الرجوع إليه في كلّ ما يشكّ دخوله في الجاري الّذي هو موضوع المسألة ، لأجل خلاف ، أو ضعف نبع ، أو يشكّ في وجود النبع ونحوه حين الملاقاة.

ومن جملة ذلك ما يتعدّى محلّه خارجا من الأرض بطريق الرشح ، وهو العرق يقال : « رشح جبينه إذا عرق » ولعلّه إلى إخراج مثل ذلك ينظر ما اعتبره الشهيد في الدروس (١) من دوام النبع في الجاري ، نظرا إلى أنّ الماء في صورة الرشح يخرج شيئا فشيئا ، والمعتبر في عدم الانفعال اتّصال الملاقي للنجاسة بالمادّة حين تحقّق الملاقاة ،

__________________

(١) الدروس الشرعيّة ١ : ١١٩.

٤١٦

ولا ريب أنّ الاتّصال ممّا لا يعلم به مع الخروج رشحا ، وإنّما اعتبرنا العلم هنا مع أنّ الحكم بالطهارة يكفي فيه عدم العلم بتحقّق سبب النجاسة ، والمقام منه ، لأنّ المقتضي للنجاسة هنا موجود وهو عموم القاعدة ، فلا بدّ في الخروج عنها من مخرج علميّ ولو شرعا.

لكن يرد على الشهيد في اعتباره الشرط المذكور ـ بناء على هذا التوجيه ـ : أنّ ذلك إنّما يستقيم لو كان الحكم بعدم انفعال الجاري معلّقا عند الأصحاب بوجود المادّة ، وهو غير ظاهر من أكثرهم ، بل أكثر أدلّتهم خلو عن اعتباره.

نعم لو استند في ذلك إلى الرواية المشار إليها ، المعلّلة بوجود المادّة كان الاشتراط متّجها. لكن يشكل ذلك : بأنّ الاستناد إليها غير معلوم من جميعهم إلّا أن يقال : بأنّها مستند الحكم عنده ، فاعتبر الشرط المذكور جريا على مقتضى دليله ، فلا إيراد عليه بعد تسليم هذا الدليل منه ، ونقل اعتبار ذلك أيضا عن ابن فهد في موجزه (١) وعن التنقيح : « أنّه استحسن ذلك الشرط » (٢).

وذكر في معناه وجوه :

منها : ما ذكرناه ، وهو أظهرها ، وفاقا للمحكيّ عن بعض محشّي الروضة ، والمحقّق الثاني (٣) وصاحب المعالم (٤) حيث استحسنه.

وأمّا ما أورد عليه : بأنّه غير مفيد ، إذ مجرّد عدم ظهور المادّة لا يكفي في الحكم بالانفعال ، بل التحقيق في صورة الشكّ في وجود المادّة الحكم بعدم الانفعال للأصل ، بل وكذلك مع ظنّ العدم للاستصحاب ، وإن انحصر الدليل على عدم اشتراط الكرّيّة في الخبر المشار إليه ، وهو كما ترى وكأنّه غفلة عمّا قرّرناه من وجود المقتضي للانفعال ، لو لا الدليل المخرج.

ومنها : ما عن روض الجنان (٥) التصريح به من ، أنّ المراد بدوام النبع عدم الانقطاع في أثناء الزمان ، ككثير من المياه الّتي تخرج زمن الشتاء وتجفّ في الصيف.

__________________

(١) الموجز الحاوى (سلسلة الينابيع الفقهيّة ٢٦ : ٤١١).

(٢) التنقيح الرائع ١ : ٣٨.

(٣) حكى عنه في فقه المعالم عن بعض فوائده ١ : ٣٠٢.

(٤) فقه المعالم ١ : ٣٠٢.

(٥) روض الجنان : ١٣٥ ـ حكاه أيضا في مشارق الشموس عن بعضهم : ٢٠٦ ـ وأيضا في فقه المعالم ١ : ٣٠١.

٤١٧

ففيه : ما لا يخفى ، فإنّ الحكم إذا كان معلّقا بوصف النبع فهو ما لم يتحقّق الانقطاع موجود ، فينبغي أن يتحقّق معه الحكم ، ولا يعقل مدخليّة لانقطاعه في بعض الأزمنة في ذلك ، ولذا يقال : بأنّ القول بالانفعال مع انتفاء الشرط بالمعنى المذكور يوجب تخصيص عموم الأدلّة بمجرّد التشهّي ، ومن هنا صحّ القول بأنّ ذلك ممّا لا ينبغي نسبته إلى مثل الشهيد ، بل من هو دونه بمراتب.

وربّما يورد عليه : بأنّ الدوام بالمعنى المذكور إن اريد به ما يعمّ الزمان كلّه ، فلا ريب في بطلانه إذ لا سبيل إلى العلم به ، وإن خصّ ببعضه فهو مجرّد تحكّم ، وفيه نظر.

ومنها : أن يكون المراد به ما يحترز به عن بعض العيون أو الآبار الّتي لها نبع ولا يجري ماؤها على الأرض ، مع عدم دخولها في اسم البئر ، وإنّما يعلم النبع بأخذ شي‌ء من الماء ، فإنّه حينئذ يأخذ بالنبع إلى أن يبلغ الحدّ الأوّل ، وهذا أضعف من سابقه ، فإنّ الحكم بعدم الانفعال إن كان مستفادا من الأصل أو الروايات غير رواية البئر المعلّلة بما سبق فلا ريب أنّهما ساكتان عن اعتبار أصل النبع فضلا عن دوامه ، وإن كان مستفادا عن الرواية المشار إليها فأقصاها الدلالة على اعتبار وجود المادّة والاتّصال بها ، وعدم تعدّي الماء لا يقدح في شي‌ء منهما ، كما لا يخفى.

وفي الحدائق عن بعض الفقهاء المحدّثين من متأخّري المتأخّرين : أنّ النابع على وجوه :

أحدها : أن ينبع الماء حتّى يبلغ حدّا معيّنا ، ثمّ يقف ولا ينبع ثانيا إلّا بعد إخراج بعض الماء.

وثانيها : أن لا ينبع ثانيا إلّا بعد حفر جديد ، كما هو المشاهد في بعض الأراضي.

وثالثها : أن ينبع الماء ولا يقف على حدّ كما في العيون الجارية ، قال : « وشمول الأخبار المستفاد منها حكم الجاري للوجه الثاني غير واضح ، فيبقى تحت ما يدلّ على اعتبار الكرّيّة ، وكأنّ مراد شيخنا الشهيد رحمه‌الله ما ذكرناه » (١) انتهى.

ويرد عليه : أنّ وقوف نبعه ثانيا على حفر جديد لا يخرج النابع أوّلا عن كونه نابعا ، والحكم معلّق عليه ، إلّا أن يقال : إنّ النبع إنّما يناط به الحكم في موضع اتّصال

__________________

(١) الحدائق الناضرة ١ : ١٩٦.

٤١٨

النابع بالمادّة لا مطلقا ، ولا ريب أنّ افتقار النبع ثانيا إلى الحفر الجديد ممّا يكشف عن انقطاع ما نبع أوّلا عن المادّة.

ويبقى من المواضع المشكوك فيها « الثمد » بالفتح والسكون ، بل هو ممّا لا ينبغي الشكّ في عدم اندراجه تحت الجاري اسما وحكما ، سواء فسّرناه بما عن منقول الأساس ـ عن الأصمعي ـ من أنّه : « ماء المطر الّذي يبقى محقونا تحت الرمل ، فإذا انكشف عنه الأرض » (١) وحاصله : ما يختفي تحت الرمل من ماء المطر ، أو بما في مفتاح المعاني (٢) والقاموس (٣) والمجمع (٤) من : « أنّه الماء القليل لا مادّة له » أو « ما يبقى في الأرض الجلد » وهي الأرض الصلبة المستوية المتن ، نعم إن فسّرناه بما يظهر في الشتاء ويذهب في الصيف ـ كما هو أحد الثلاث المذكورة في الكتب المشار إليها ـ كان ممّا تقدّم بيان كونه مرادا للشهيد فيما اعتبره من الشرط المتقدّم ، وقد ظهر بملاحظة ما ذكر أنّ القدر المتيقّن ممّا هو مراد المشهور إنّما هو السائل عن نبع ، وهذا أو ما هو أعمّ منه هو الّذي اختلف الأصحاب في انفعال قليله ، واشتراط الكرّيّة في عدم انفعاله وعدمه على قولين :

الأوّل : ما هو المشهور جدّا محقّقا ومحكيّا من أنّه لا يشترط فيه الكرّيّة ، فلا ينفعل قليله بالنجاسة إلّا إذا تغيّر ، وعزى إلى صريح المبسوط (٥) ، والغنية (٦) ، وشرح الجمل (٧) ، للقاضي ، والدروس (٨) ، والذكرى (٩) ، وحاشية الشرائع (١٠) ، والإرشاد (١١) ، والجعفريّة (١٢) ، والكفاية (١٣) ، والمصابيح (١٤) ، وظاهر إطلاق المقنعة (١٥) ،

__________________

(١) أساس البلاغة ؛ مادّة « ثمد » : ٧٦.

(٢) مفتاح المعاني ؛ مادّة « ثمد ».

(٣) القاموس المحيط ؛ مادة « ثمد » ١ : ٢٨٠.

(٤) مجمع البحرين ؛ مادّة « ثمد » ٣ : ٢٠.

(٥) المبسوط ١ : ٥. (٦) غنية النزوع : ٤٦.

(٧) شرح الجمل والعلم ـ للقاضي ابن البرّاج ـ : ٥٦.

(٨) الدروس ١ : ١١٩.

(٩) ذكرى الشيعة ١ : ٧٩.

(١٠) حاشية الشرائع ـ للمحقّق الكركي ـ (مخطوط) الورقة : ٣.

(١١) حاشية الإرشاد ـ للمحقّق الكركي ـ (محفوظ) الورقة : ٣.

(١٢) الجعفريّة (رسائل المحقّق الكركي ١ : ٨٣).

(١٣) كفاية الأحكام : ٩.

(١٤) المصابيح في الفقه ـ كتاب الطهارة ـ (مخطوط) الورقة : ٥٥.

(١٥) المقنعة : ٧٤.

٤١٩

والخلاف (١) ، والجمل والعقود (٢) ، والنهاية (٣) ، والمراسم (٤) ، والوسيلة (٥) والسرائر (٦) ، والإشارة (٧) ، والنافع (٨) ، والشرائع (٩) ، والمعتبر (١٠) ، والتبصرة (١١) ، والإرشاد (١٢) ، والجامع (١٣) ، واللمعة (١٤) ، والبيان (١٥) ، ومحكيّ أبي الصلاح (١٦) ، والسيوري (١٧) ، وابن فهد (١٨) ، والمحقّق الكركي (١٩) ، وولده (٢٠) ، والشيخ البهائي (٢١) ، والمجمع (٢٢)، والمدارك (٢٣)، والمعالم (٢٤)، بل عن المعتبر ، « ولا ينجّس الجاري بالملاقاة ، وهو مذهب فقهائنا أجمع ، إلى أن قال بعد ذلك :

« ولا الكثير الراكد » (٢٥) ، فعلم أنّه لا فرق بين قليل الجاري وكثيره ، وعن شرح الجمل لابن البرّاج : نقل الإجماع على عدم نجاسة الجاري ، مع التصريح فيه بعدم الفرق بين القليل والكثير (٢٦) ، ونحوه عن الغنية (٢٧) ، وعن ظاهر الخلاف (٢٨) نقله ، ومثله عن حواشي التحرير (٢٩) للمحقّق الثاني ، ومثله عن مصابيح العلّامة الطباطبائي (٣٠) ، وعن الذكرى : « إنّي لم أقف فيه على مخالف ممّن سلف » (٣١) ، أي ممّن تقدّم على العلّامة ، وعن جامع المقاصد : أنّه نسب رأي العلّامة إلى مخالفة مذهب الأصحاب (٣٢).

والثاني : ما عن العلّامة في صريح نهاية الإحكام (٣٣) ، وظاهر القواعد (٣٤) من اشتراط الكرّيّة وانفعال قليله ، وعن ثاني الشهيدين في المسالك (٣٥) إنّه اختاره صريحا ،

__________________

(١) الخلاف ١ : ١٩٥ ـ المسألة ١٥٢.

(٢) الجمل والعقود : ٥٤. (٣) النهاية ونكتها ١ : ٢٠٠.

(٤) المراسم العلويّة : ٣٧. (٥) الوسيلة : ٦٧. (٦) السرائر ١ : ٦٢. (٧) إشارة السبق : ٨١.

(٨) المختصر النافع : ٤١. (٩) شرائع الإسلام ١ : ١٢. (١٠) المعتبر : ٩. (١١) تبصرة المتعلّمين : ٢٣.

(١٢) إرشاد الأذهان ١ : ٢٣٥. (١٣) الجامع للشرائع : ٢٠. (١٤) اللمعة الدمشقيّة ١ : ٣١. (١٥) البيان : ٩٨. (١٦) الكافي في الفقه ـ لأبي الصلاح الحلبي ـ (سلسلة الينابيع الفقهيّة ١ : ١٨٢).

(١٧) التنقيح الرائع ١ : ٣٨. (١٨) الموجز الحاوي (لسلسلة الينابيع الفقهيّة ٢٦ : ٤١١).

(١٩) جامع المقاصد ١ : ١١١.

(٢٠ و ٢١ و ٢٩ و ٣٠) حكى عنه السيد مهدي بحر العلوم في مصابيحه ، راجع المصابيح في الفقه ـ كتاب الطهارة ـ (مخطوط) الورقة : ٥٥. (٢٢) مجمع الفائدة والبرهان ١ : ٢٥٢.

(٢٣) مدارك الأحكام ١ : ٣٠. (٢٤) فقه المعالم ١ : ٢٩٨.

(٢٥) المعتبر : ٩. (٢٦) شرح الجمل والعلم : ـ للقاضي ابن برّاج ـ ٥٦.

(٢٧) غنية النزوع : ٤٦. (٢٨) الخلاف ١ : ١٩٥ المسألة ١٥٢.

(٣١) ذكرى الشيعة ١ : ٧٩. (٣٢) جامع المقاصد ١ : ١١١.

(٣٣) نهاية الإحكام ١ : ٢٢٩. (٣٤) قواعد الأحكام ١ : ١٨٢.

(٣٥) مسالك الافهام ١ : ١٢.

٤٢٠