بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٨٣
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

معدن الاحكام ، وحليف الانعام ، سالكا طرائق جدك وأبيك ، مشبها في الوصية لاخيك.

وفي الذمم ، رضي الشيم ، ظاهر الكرم ، متهجدا في الظلم ، قويم الطرائق كريم الخلايق ، عظيم السوابق ، شريف النسب ، منيف الحسب ، رفيع الرتب كثير المناقب ، محمود الضرائب ، جزيل المواهب ، حليم رشيد منيب ، جواد عليم شديد ، إمام شهيد ، أواه منيب ، حبيب مهيب.

كنت للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ولدا ، وللقرآن منقدا وللامة عضدا ، وفي الطاعة مجتهدا ، حافظا للعهد والميثاق ، ناكبا عن سبل الفساق ، وباذلا للمجهود ، طويل الركوع والسجود.

زاهدا في الدنيا زهد الراحل عنها ، ناظرا إليها بعين المستوحشين منها ، آمالك عنها مكفوفة ، وهمتك عن زينتها مصروفة ، وألحاظك عن بهجتها مطروفة ورغبتك في الاخرة معروفة.

حتى إذا الجور مد باعه ، وأسفر الظلم قناعه ودعا الغي أتباعه ، وأنت في حرم جدك قاطن ، وللظالمين مباين ، جليس البيت والمحراب ، معتزل عن اللذات والشهوات ، تنكر المنكر بقلبك ولسانك ، على حسب طاقتك وإمكانك ، ثم اقتضاك العلم للانكار ، ولزمك أن تجاهد الفجار ، فسرت في أولادك وأهاليك ، وشيعتك ومواليك ، وصدعت بالحق والبينة ، ودعوت إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة وأمرت باقامة الحدود ، والطاعة للمعبود ، ونهيت عن الخبائث والطغيان ، وواجهوك بالظلم والعدوان.

فجاهدتهم بعد الايعاز لهم ، وتأكيد الحجة عليهم ، فنكثوا دمامك وبيعتك وأسخطوا ربك وجدك ، وبدؤوك بالحرب ، فثبت للطعن والضرب ، وطحنت جنود الفجار ، واقتحمت قسطل الغبار ، مجالدا بذي الققار ، كأنك علي المختار.

فلما رأوك ثابت الجاش ، غير خائف ولا خاش ، نصبوا لك غوائل مكرهم وقاتلوك بكيدهم وشرهم ، وأمر اللعين جنوده ، فمنعوك الماء ووروده ، وناجزوك

٣٢١

الفتال ، وعاجلوك النزال ، ورشقوك بالسهام والنبال ، وبسطوا إليك أكف الاصطلام ، ولم يرعوا لك ذماما ، ولا راقبوا فيك أثاما ، في قتلهم أولياءك ، ونهبهم رحالك ، وأنت مقدم في الهبوات ، ومحتمل للاذيات ، قد عجبت من صبرك ملائكة السماوات.

فأحدقوا بك من كل الجهات ، وأثخنوك بالجراح ، وحالوا بينك وبين الرواح ، ولم يبق لك ناصر ، وأنت محتسب صابر ، تذب عن نسوتك وأولادك حتى نكسوك عن جوادك ، فهويت إلى الارض جريحا ، تطؤك الخيول بحوافرها أو تعلوك الطغاة ببواترها.

قد رشح للموت جبينك ، واختلف بالانقباض والانبساط شمالك ويمينك تدير طرفا خفيفا إلى رحلك وبيتك ، وقد شغلت بنفسك عن ولدك وأهاليك وأسرع فرسك شاردا ، إلى خيامك قاصدا ، محمحما باكيا.

فلما رأين النساء جوادك مخزيا ، ونظرن سرجك عليه ملويا ، برزن من الخدور ، ناشرات الشعور ، على الخدود لاطمات الوجوه سافرات ، وبالعويل داعيات وبعد العز مذللات ، وإلى مصرعك مبادرات.

والشمر جالس على صدرك ، ومولغ سيفه على نحرك ، قابض على شيبتك بيده ، ذابح لك بمهنده ، قد سكنت حواسك ، وخفيت أنفاسك ، ورفع على القناة رأسك ، وسبي أهلك كالعبيد ، وصفدوا في الحديد ، فوق أقتاب المطيات ، تلفح وجوههم حر الهاجرات ، يساقون في البراري والفلوات ، أيديهم مغلولة إلى الاعناق يطاف بهم في الاسواق.

فالويل للعصاة الفساق ، لقد قتلوا بقتلك الاسلام ، وعطلوا الصلاة والصيام ونقضوا السنن والاحكام ، وهدموا قواعد الايمان ، وحرفوا آيات القرآن ، و هملجوا في البغي والعدوان.

لقد أصبح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله موتورا ، وعاد كتاب الله عزوجل مهجورا وغودر الحق إذا قهرت مقهورا ، وفقد بفقدك التكبير والتهليل ، والتحريم والتحليل

٣٢٢

والتنزيل والتأويل ، وظهر بعدك التغيير والتبديل ، والالحاد والتعطيل ، والاهواء والاضاليل ، والفتن والاباطيل.

فقام ناعيك عند قبر جدك الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فنعاك إليه بالدمع الهطول قائلا يارسول الله قتل سبطك وفتاك ، واستبيح أهلك وحماك ، وسبيت بعدك ذراريك ، و وقع المحذور بعترتك وذويك ، فانزعج الرسول ، وبكى قلبه المهول ، وعزاه بك الملائكة والانبياء ، وفجعت بك امك الزهراء.

واختلفت جنود الملائكة المقربين تعزي أباك أمير المؤمنين ، واقيمت لك المآتم في أعلا عليين ، ولطمت عليك الحور العين ، وبكت السماء وسكانها والجنان وخزانها ، والهضاب وأقطارها ، والبحار وحيتانها والجنان وولدانها والبيت والمقام ، والمشعر الحرام ، والحل والاحرام.

اللهم فبحرمة هذا المكان المنيف ، صل على محمد وآل محمد ، واحشرني في زمرتهم وأدخلني الجنة بشفاعتهم ، اللهم إني أتوسل إليك يا أسرع الحاسبين ، ويا أكرم الاكرمين ، ويا أحكم الحاكمين ، بمحمد خاتم النبيين ، رسولك إلى العالمين أجمعين ، وبأخيه وابن عمه الانزع البطين ، العالم المكين ، على أميرالمؤمنين ، و بفاطمة سيدة نساء العالمين ، وبالحسن الزكي عصمة المتقين.

وبأبي عبدالله الحسين أكرم المستشهدين ، وبأولاده المقتولين ، وبعترته المظلومين ، وبعلي بن الحسين زين العابدين ، وبمحمد بن علي قبلة الاوابين ، وجعفربن محمد أصدق الصادقين ، وموسى بن جعفر مظهر البراهين ، وعلي بن موسى ناصر الدين ، ومحمد بن علي قدوة المهتدين ، وعلي بن محمد أزهد الزاهدين ، و الحسن بن علي وارث المستخلفين ، والحجة على الخلق أجمعين ، أن تصلي على محمد وآل محمد الصادقين الابرين ، آل طه ويس ، وأن تجعلني في القيامة من الامنين المطمئنين الفائزين ، الفرحين المستبشرين.

اللهم اكتبني في المسلمين ، وألحقني بالصالحين ، واجعل لي لسان صدق في الاخرين ، وانصرني على الباغين ، واكفني كيد الحاسدين ، واصرف عني

٣٢٣

مكر الماكرين ، واقبض عني أيدي الظالمين ، واجمع بيني وبين السادة الميامين في أعلا عليين ، مع الذين أنعمت عليهم من النبيين ، والصديقين والشهداء و الصالحين ، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم إنني اقسم عليك بنبيك المعصوم ، وبحكمك المحتوم ، ونهيك المكتوم وبهذا القبر الملموم ، الموسد في كنفه الامام المعصوم ، المقتول المظلوم ، أن تكشف مابي من الغموم ، وتصرف عني شر القدر المحتوم ، وتجيرني من النار ذات السموم ، اللهم جللني بنعمتك ، ورضني بقسمك ، وتغمدني بجودك وكرمك وباعدني من مكرك ونقمتك.

اللهم اعصمنى من الزلل ، وسددني في القول والعمل ، وافسح لي في مدة الاجل ، وأعفني من الاوجاع والعلل ، وبلغني بموالى وبفضلك أفضل الامل.

اللهم صل على محمد وآل محمد واقبل توبتي ، وارحم عبرتي وأقلني عثرتي ونفس كربتي ، واغفر لي خطيئتي ، وأصلح لي في ذريتي.

اللهم لا تدع لي في هذا المشهد المعظم ، والمحل المكرم ذنبا إلا غفرته ولا عيبا إلا سترته ، ولا غما إلا كشفته ، ولا رزقا إلا بسطته ، ولا جاها إلا عمرته ولا فسادا إلا أصلحته ، ولا أملا إلا بلغته ، ولا دعاء إلا أجبته ، ولا مضيقا إلا فرجته ولا شملا إلا جمعته ، ولا أمرا إلا أتممته ، ولا مالا إلا كثرته ، ولا خلقا إلا حسنته ، ولا إنفاقا إلا أخلقته ، ولا حالا إلا عمرته ، ولا حسودا إلا قمعته ، ولا عدوا إلا أرديته ، ولا شرا إلا كفيته ، ولا مرضا إلا شفيته ، ولا بعيدا إلا أدنيته ولا شعثا إلا لممته ، ولا سؤالا إلا أعطيته ، اللهم إني أسئلك خير العاجلة و ثواب الاجلة.

اللهم أغنني بحلالك عن الحرام ، وبفضلك عن جميع الانام ، اللهم إني أسئلك علما نافعا ، وقلبا خاشعا ، ويقينا شافعا ، وعملا زاكيا وصبرا جميلا ، وأجرا جزيلا ، اللهم ارزقني شكر نعمتك على ، وزد في إحسانك وكرمك إلى ، واجعل

٣٢٤

قولي في الناس مسموعا ، وعملي عندك مرفوعا ، وأثرى في الخيرات متبوعا ، و عدوي مقموعا.

اللهم صل على محمد وآل محمد الاخيار ، في آناء الليل وأطراف النهار ، و اكفني شر الاشرار ، وطهرني من الذنوب والاوزار ، وأجرني من النار ، و أحلني دار القرار ، واغفر لي ولجميع إخواني فيك وأخواتي المؤمنين والمؤمنات برحمتك يا أرحم الراحمين.

ثم توجه إلى القبلة وصل ركعتين واقرأ في الاولى سورة الانبياء وفي الثانية الحشر ، واقنت وقل :

لا إله إلا الله الحليم الكريم ، لا إله إلا الله العلي العظيم ، لا إله إلا الله رب السموات السبع والارضين السبع ، وما فيهن وما بينهن ، خلافا لاعدائه وتكذيبا لمن عدل به ، وإقرارا لربوبيته ، وخضوعا لعزته ، الاول بغير أول والاخر إلى غير آخر ، الظاهر على كل شئ بقدرته ، الباطن دون كل شئ بعلمه ولطفه ، لا تقف العقول على كنه عظمته ، ولا تدرك الاوهام حقيقة ماهيته ولا تتصور الانفس معاني كيفيته ، مطلعا على الضماير ، عارفا بالسراير ، يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور.

اللهم إني اشهدك على تصديقي رسولك صلى‌الله‌عليه‌وآله وإيماني به ، وعلمي بمنزلته وإني أشهد أنه النبي الذي نطقت الحكمة بفضله ، وبشرت الانبياء به ، ودعت إلى الاقرار بما جاء به ، وحثث على تصديقه بقوله تعالى : « الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التورية والانجيل يأمرهم بالمعروف وينهيهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والاغلال التي كانت عليهم ».

فصل على محمد رسولك إلى الثقلين ، وسيد الانبياء المصطفين ، وعلى أخيه وابن عمه ، اللذين لم يشركا بك طرفة عين أبدا ، وعلى فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ، وعلى سيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين ، صلاة خالدة الدوام ، عدد قطر الرهام ، وزنة الجبال والاكام ، ما أورق السلام ، واختلف

٣٢٥

الضياء والظلام ، وعلى آله الطاهرين ، الائمة المهتدين ، الذائدين عن الدين علي ومحمد وجعفر وموسى وعلى ومحمد وعلي والحسن والحجة ، القوام بالقسط وسلالة السبط.

اللهم إني أسئلك بحق هذا الامام فرجا قريبا ، وصبرا جميلا ، ونصرا عزيزا ، وغنى عن الخلق ، وثباتا في الهدى ، والتوفيق لما تحب وترضى ، و رزقا واسعاحلالا طيبا ، مريئا دارا سائغا ، فاضلا مفضلا صباصبا ، من غير كد ولا نكد ، ولا منة من أحد ، وعافية من كل بلاء وسقم ومرض ، والشكر على العافية والنعمآء ، وإذا جاء الموت فاقبضنا على أحسن مايكون لك طاعة ، على ما أمرتنا محافظين ، حتى تؤدينا إلى جنات النعيم ، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم صل على محمد وآل محمد وأوحشني من الدنيا وآنسني بالاخرة ، فانه لايوحش من الدنيا إلاخوفك ، ولا يؤنس بالاخرة إلا رجآؤك ، اللهم لك الحجة لا عليك ، وإليك المشتكى لامنك ، فصل على محمد وآله وأعنى على نفسي الظالمة العاصية ، وشهوتي الغالبة ، واختم لي بالعافية.

اللهم إن استغفاري إياك وأنا مصر على مانهيت قلة حيآء ، وتركي الاستغفار مع علمي بسعة حلمك تضييع لحق الرجآء ، اللهم إن ذنوبي تؤيسني أن أرجوك ، وإن علمي بسعة رحمتك يمنعني أن أخشاك ، فصل على محمد وآل محمد وصدق رجآئي لك ، وكذب خوفي منك ، وكن لي عند أحسن ظني بك يا أكرم الاكرمين.

اللهم صل على محمد وآل محمد وأيدني بالعصمة ، وأنطق لساني بالحكمة ، واجعلني ممن يندم على ما ضيعه في أمسه ، ولا يغبن حظه في يومه ، ولا يهم لرزق غده ، اللهم إن الغني من استغنى بك وافتقر إليك ، والفقير من استغنى بخلقك عنك ، فصل على محمد وآل محمد ، وأغننى عن خلقك بك ، واجعلني ممن لايبسط كفا إلا إليك.

٣٢٦

اللهم إن الشقى من قنط وأمامه التوبة ووراءه الرحمة ، وإن كنت ضعيف العمل فاني في رحمتك قوي الامل ، فهب لي ضعف عملي لقوة أملي.

اللهم إن كنت تعلم أن ما في عبادك من هو أقسى قلبا مني وأعظم مني ذنبا فاني أعلم أنه لا مولى أعظم منك طولا ، وأوسع رحمة وعفوا ، فيامن هو أوحد في رحمة ، اغفر لمن ليس بأوحد في خطيئته.

اللهم إنك أمرتنا فعصينا ، ونهيت فما انتهينا ، وذكرت فتناسينا ، و بصرت فتعامينا ، وحذرت فتعدينا ، وما كان ذلك جزاء إحسانك إلينا ، وأنت أعلم بما أعلناو أخفينا ، وأخفر بما نأتي وما أتينا ، فصل على محمد وآل محمد ولا تؤاخذنا بما أخطأنا ونسينا ، وهب لناحقوقك لدينا ، وأتم إحسانك إلينا ، وأسبل رحمتك علينا.

اللهم إنا نتوسل إليك بهذا الصديق الامام ، ونسئلك بالحق الذي جعلته له ولجده رسولك ولابويه على وفاطمة ، أهل بيت الرحمة ، إدرار الرزق الذي به قوام حياتنا ، وصلاح أحوال عيالنا ، فأنت الكريم الذي تعطي من سعة ، و تمنع من قدرة ، ونحن نسئلك من الرزق ما يكون صلاحا للدنيا ، وبلاغا للاخرة.

اللهم صل على محمد وآل محمد ، واغفر لنا ولوالدينا ، ولجميع المؤمنين و المؤمنات ، والمسلمين والمسلمات ، الاحياء منهم والاموات ، وآتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار.

ثم تركع وتسجد وتجلس وتتشهد وتسلم فاذا سبحت فعفر خديك وقل : سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر أربعين مرة. واسئل الله العصمة والنجاة والمغفرة والتوفيق بحسن العمل والقبول لما تتقرب به إليه وتبتغي به وجهه وقف عند الرأس ثم صل ركعتين على ماتقدم.

ثم انكب على القبر وقبله وقل : زاد الله في شرفكم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وادع لنفسك ولوالديك ولمن أردت.

٣٢٧

بيان : قوله عليه‌السلام بهذا القبر الملموم أي الذي يلم وينزل به الناس للزيارة  « قوله » خلافا أي أقول كلمة التوحيد ، خلافا لهم « قوله » اللذين لم يشركا بك أي العم وابنه أو محمد وعلي ، والرهام كجبال جمع الرهمة بالكسر وهى المطر الضعيف الدائم ، والسلام بالفتح ويكسر شجر.

« قوله » فيامن هو أوحد في رحمته في بعض النسخ بالجيم فهو من الوجدان أي يامن يجد كل شئ أراد من رحمته أكثر من غيره ، اغفر لمن ليس هو أكثر خطيئة من جميع من سواه ، ويحتمل أن يكون في الثاني كلمة في تعليلية أي اغفر لمن لايجد شيئابسبب خطيئته ، وفي بعض النسخ بالحاء المهملة أي أنت وحيد في الرحمة وأنا لست بوحيد في الخطيئة وهوأظهر.

« قوله » : وأسبل : الاسبال إرسال الستر وفيه استعارة مكنية.

٩ ـ أقول : قال مؤلف المزار الكبير : « زيارة اخرى » في يوم عاشورامما خرج من الناحية إلى أحد الابواب قال : تقف عليه وتقول : السلام على آدم صفوة الله من خليقته ، وساق الزيارة إلى آخرها مثل مامر (١) فظهر أن هذه الزيارة منقولة مروية ، ويحتمل أن لا تكون مختصة بيوم عاشورا ، كمافعله السيد المرتضى ره.

وأما الاختلاف الواقع بين تلك الزيارة وبين مانسب إلى السيد المرتضى فلعله مبني على اختلاف الروايات والاظهر أن السيد أخذ هذه الزيارة وأضاف إليها من قبل نفسه ما أضاف.

وفي روايتي المفيد والمزار الكبير بعد قوله المخصوص باخوته قوله : السلام على صاحب القبة السامية ، والظاهر أنه سقط من النساخ الزيارة التي ألحقناها من رواية السيد ره.

__________________

(١) المزار الكبير ص ١٦٥ ١٧١.

٣٢٨

٢٥

« باب »

* « (زيارة الاربعين) » *

١ ـ قال السيد ـ رضي الله عنه ـ يروى عن أبي محمد العسكرى عليه‌السلام أنه قال : علامات المؤمن خمس : صلاة إحدى وخمسين ، وزيارة الاربعين ، والتختم باليمين ، وتعفير الجبين ، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم (١).

وقال عطا : كنت مع جابر بن عبدالله يوم العشرين من صفر فلما وصلنا الغاضرية اغتسل في شريعتها ولبس قميصا كان معه طاهرا ، ثم قال لي : أمعك شئ من الطيب يا عطا؟ قلت : معي سعد ، فجعل منه على رأسه وساير جسده ، ثم مشى حافيا حتى وقف عند رأس الحسين عليه‌السلام وكبر ثلاثا ثم خر مغشيا عليه فلما أفاق سمعته يقول :

السلام عليكم يا آل الله ، السلام عليكم يا صفوة الله ، السلام عليكم يا خيرة الله من خلقه ، السلام عليكم يا سادات السادات ، السلام عليكم يا ليوث الغابات ، السلام عليكم يا سفينة النجاة ، السلام عليك ورحمة الله وبركاته ، السلام عليك يا وارث علم الانبيآء ، السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله ، السلام عليك يا وارث نوح نبي الله ، السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله ، السلام عليك يا وارث إسماعيل ذبيح الله ، السلام عليك يا وارث موسى كليم الله ، السلام عليك يا وارث عيسى روح الله.

السلام عليك يا ابن محمد المصطفى ، السلام عليك يا ابن علي المرتضى ، السلام عليك يا ابن فاطمة الزهراء ، السلام عليك يا شهيد بن الشهيد ، السلام عليك يا قتيل بن القتيل ، السلام عليك يا ولي الله وابن وليه ، السلام عليك يا حجة الله وابن حجته على خلقه.

__________________

(١) مصباح الزائر ص ـ ١٥١.

٣٢٩

أشهد أنك قد أقمت الصلاة ، وآتيت الزكاة ، وأمرت بالمعروف ، ونهيت عن المنكر ، وبررت والديك ، وجاهدت عدوك ، أشهد أنك تسمع الكلام وترد الجواب ، وأنك حبيب الله وخليله ونجيبه وصفيه وابن صفيه ، زرتك مشتاقا فكن لي شفيعا إلى الله ، يا سيدي أستشفع إلى الله بجدك سيد النبيين ، وبأبيك سيد الوصيين ، وبامك سيدة نساء العالمين ، لعن الله قاتليك وظالميك و شانئيك ومبغضيك من الاولين والاخرين.

ثم انحنى على القبر ومرغ خديه عليه وصلى أربع ركعات ثم جاء إلى قبر علي بن الحسين عليه‌السلام فقال :

السلام عليك يا مولاي وابن مولاي ، لعن الله قاتلك لعن الله ظالمك أتقرب إلى الله بمحبتكم ، وأبرأ إلى الله من عدوكم.

ثم قبله وصلى ركعتين ، والتفت إلى قبور الشهداء فقال :

السلام على الارواح المنيخة بقبر أبي عبدالله ، السلام عليكم يا شيعة الله و شيعة رسوله وشيعة أمير المؤمنين والحسن والحسين ، السلام عليكم يا طاهرون ، السلام عليكم يا مهديون ، السلام عليكم يا أبرار ، السلام عليكم وعلى الملائكة الله الحافين بقبوركم ، جمعني الله وإياكم في مستقر رحمته تحت عرشه.

ثم جاء إلى قبر العباس بن أميرالمؤمنين عليهما‌السلام فوقف عليه وقال :

السلام عليك يا أبا القاسم ، السلام عليك يا عباس بن علي ، السلام عليك يا ابن أمير المؤمنين أشهد أنك قد بالغت في النصيحة وأديت الامانة ، وجاهدت عدوك وعدو أخيك ، فصلوات الله على روحك الطيبة ، وجزاك الله من أخ خيرا.

ثم صلى ركعتين ودعا إلى الله ومضى (١).

بيان : هذا الخبر يدل على أن جابرا رضي الله عنه كان يستحسن الطيب لزيارته عليه‌السلام ، وقد مر في بعض الاخبار المنع عنه ، ولا يبعد أن يحمل أخبار المنع على ما إذا كان المقصود منه التلذذ لا حرمة الروضة المقدسة وإكرامها وتطييبها

__________________

(١) مصباح الزائر ص ١٥١ ـ ١٥٢.

٣٣٠

وقال الفيروز آبادى (١) شيعة الرجل بالكسر أتباعه وأنصاره.

٢ ـ يب : أخبرنا جماعة من أصحابنا عن أبي محمد هارون بن موسى بن أحمد التلعكبرى قال : حدثنا محمد بن علي بن معمر قال : حدثني أبوالحسن علي بن محمد بن مسعدة والحسن بن علي بن فضال ، عن سعدان بن مسلم ، عن صفوان بن مهران الجمال قال : قال لي مولاي الصادق صلوات الله عليه في زيارة الاربعين : تزور عند ارتفاع النهار وتقول :

السلام على ولي الله وحبيبه ، السلام على خليل الله ونجيه ، السلام على صفي الله وابن صفيه ، السلام على الحسين المظلوم الشهيد ، السلام على أسير الكربات ، وقتيل العبرات ، اللهم إني أشهد أنه وليك وابن وليك ، وصفيك وابن صفيك ، الفائز بكرامتك ، أكرمته بالشهادة ، وحبوته بالسعادة ، واجتبيته بطيب الولادة ، وجعلته سيدا من السادة ، وقائدا من القادة ، وذائدا من الذادة.

وأعطيته مواريث الانبياء ، وجعلته حجة على خلقك من الاوصيآء ، فأعذر في الدعاء ، ومنح النصح وبذل مهجته فيك ، ليستنقذ عبادك من الجهالة ، وحيرة الضلالة ، وقد توازر عليه من غرته الدنيا ، وباع حظه بالارذل الادنى ، وشرى آخرته بالثمن الاوكس ، وتغطرس وتردى في هواه ، وأسخطك وأسخط نبيك وأطاع من عبادك أهل الشقاق والنفاق ، وحملة الاوزار ، المستوجبين للنار ، فجاهدهم فيك صابرا محتسبا ، حتى سفك في طاعتك دمه ، واستبيح حريمه ، اللهم فالعنهم لعنا وبيلا ، وعذبهم عذابا أليما.

السلام عليك يا ابن رسول الله ، السلام عليك يا ابن سيد الاوصياء ، أشهد أنك أمين الله وابن أمينه ، عشت سعيدا ، ومضيت حميدا ، ومت فقيدا مظلوما شهيدا ، وأشهد أن الله منجز لك ما وعدك ، ومهلك من خذلك ، ومعذب من قتلك.

وأشهد أنك وفيت بعهد الله ، وجاهدت في سبيل الله ، حتى أتاك اليقين ، فلعن

__________________

(١) القاموس ج ٣ ص ٤٧.

٣٣١

الله من قتلك ، ولعن الله من ظلمك ، ولعن الله امة سمعت بذلك فرضيت به ، اللهم إني اشهدك أني ولي لمن والاه ، وعدو لمن عاداه ، بأبي أنت وامي يا ابن رسول الله.

أشهد أنك كنت نورا في الاصلاب الشامخة ، والارحام المطهرة ، لم تنجسك الجاهلية بأنجاسها ، ولم تلبسك من مدلهمات ثيابها ، وأشهد أنك من دعائم الدين وأركان المسلمين ، ومعقل المؤمنين ، وأشهد أنك الامام البر التقي الرضي الزكي الهادي المهدي.

وأشهد أن الائمة من ولدك كلمة التقوى ، وأعلام الهدى ، والعروة الوثقى ، والحجة على أهل الدنيا ، وأشهد أني بكم مؤمن وبايابكم موقن ، بشرايع ديني ، وخواتيم عملي ، وقلبي لقلبكم سلم ، وأمري لامركم متبع ، ونصرتي لكم معدة ، حتى يأذن الله لكم.

فمعكم معكم لا مع عدوكم ، صلوات الله عليكم وعلى أرواحكم وأجسادكم وشاهدكم وغائبكم وظاهركم وباطنكم آمين رب العالمين.

وتصلي ركعتين وتدعو بما أحببت وتنصرف (١).

أقول : أورد المفيد والسيد (٢) والشهيد (٣) وغيرهم رحمهم الله هذه الزيارة في كتبهم مرسلا.

ورواه السيد في الاقبال (٤) باسناده عن التعلكبري إلى آخر ما مر سندا و متنا ، ثم قال فيه وفي مصباح الزائر (٥) وجدت لهذه الزيارة وداعا يختص بها

__________________

(١) التهذيب ج ٦ ص ١١٣.

(٢) مصباح الزائر ص ١٥٢ ـ ١٥٤.

(٣) مزار الشهيد ص ٥٧ ـ ٥٨ واخرج الزيارة صاحب المزار الكبير فيه ص ١٧١ ـ ١٧٢.

(٤) الاقبال : ٦١ ـ ٦٣.

(٥) مصباح الزائر ص ١٥٣ ـ ١٥٤.

٣٣٢

وهو أن تقف قدام الضريح وتقول :

السلام عليك يا ابن رسول الله ، السلام عليك يا ابن على المرتضى ، وصي رسول الله ، السلام عليك يا ابن فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ، السلام عليك يا وارث الحسن الزكي ، السلام عليك يا حجة الله في أرضه ، وشاهده على خلقه ، السلام عليك يا أبا عبدالله الشهيد.

السلام عليك يا مولاي وابن مولاي ، أشهد أنك قد أقمت الصلاة ، وآتيت الزكاة ، وأمرت بالمعروف ، ونهيت عن المنكر ، وجاهدت في سبيل الله ، حتى أتاك اليقين ، وأشهد أنك على بينة من ربك ، أتيتك يا مولاي زائرا وافدا راغبا مقرا لك بالذنوب. هاربا إليك من الخطايا ، لتشفع لي عند ربك ، يا ابن رسول الله صلى الله عليك حيا وميتا ، فان لك عند الله مقاما معلوما وشفاعة مقبولة ، لعن الله من ظلمك ، لعن الله من حرمك وغصب حقك ، لعن الله من قتلك ، ولعن الله من خذلك ، ولعن الله من دعاك فلم يجبك ولم يعنك ، ولعن الله من منعك من حرم الله وحرم رسوله وحرم أبيك وأخيك ، ولعن الله من منعك من شرب ماء الفرات لعنا كثيرا يتبع بعضها بعضا.

اللهم فاطر السموات والارض ، عالم الغيب والشهادة ، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ، اللهم لا تجعله آخر العهد من زيارته وارزقنيه أبدا ما بقيت وحييت يارب ، وإن مت فاحشرني في زمرته يا أرحم الراحمين.

ثم قال ـ رحمه الله ـ : وأما زيارة العباس ابن مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام وزيارة الشهداء مع مولانا الحسين عليه‌السلام فتزورهم في هذا اليوم بما قدمناه من زيارتهم في يوم عاشورا ، وإن شاء بغيرها من زياراتهم المنقولة عن الاصفياء (٢).

بيان : الذود : السوق والطرد والدفع أي يدفع عن الاسلام والمسلمين ما يوجب الفساد ، والوكس النقصان ، والغطرسة الاعجاب بالنفس والتطاول على الاقران والتكبير ، وتغطرس تغضب وفي مشيته تبختر وتعسف الطريق ذكرها

٣٣٣

الفيروز آبادي (١) وتردى في البئر سقط.

قوله عليه‌السلام بشرايع ديني لعل المعنى أن شرايع ديني وخواتيم عملي يشهد معي بذلك على سبيل المبالغة والتجوز ، أي كونهما موافقين لما أمرتم به شاهد لي بأني بكم مؤمن.

ويحتمل أن يكون العطف في قوله بايابكم من قبيل عطف المفرد أي مؤمن بايابكم ، ويكون قوله موقن خبرا بعد خبر لان ، وقوله بشرايع متعلقا بموقن أي موقن بحقية شرايع ديني ، وبحقية ما يختم به عملي من الجنة والنار والثواب والعقاب.

وفي بعض النسخ التهذيب وبشرايع مع العطف فيرجع إلى المعنى الاخير ولعله سقط من البين شئ كما يظهر مما يشبهه من الفقرات الواقعة في ساير الزيارات.

« فايدة » اعلم أنه ليس في الاخبار ما العلة ، في استحباب زيارته صلوات الله عليه في هذا اليوم؟ والمشهور بين الاصحاب أن العلة في ذلك رجوع حرم الحسين صلوات الله عليه في مثل ذلك اليوم إلى كربلا عند رجوعهم من الشام ، وإلحاق علي بن الحسين صلوات الله عليه الرؤوس بالاجساد ، وقيل في مثل ذلك اليوم رجعوا إلى المدينة ، وكلاهما مستبعدان جدا لان الزمان لا يسع ذلك كما يظهر من الاخبار والاثار ، وكون ذلك في السنة الاخرى أيضا مستبعد.

ولعل العلة في استحباب الزيارة في هذا اليوم هو أن جابر بن عبدالله الانصاري رضي الله عنه في مثل هذا اليوم وصل من المدينة إلى قبره الشريف وزاره بالزيارة التي مر ذكرها ، فكان أول من زاره من الانس ظاهرا ، فلذلك يستحب التأسي به أو إطلاق أهل البيت عليهم‌السلام في الشام من الحبس والقيد في مثل هذا اليوم ، أو علة اخرى لا نعرفه.

قال الكفعمى ـ ره ـ (٢) إنما سميت بزيارة الاربعين لان وقتها يوم العشرين

__________________

(١) القاموس ج ٢ ص ٢٣٤.

(٢) مصباح الكفعمى ص ٤٨٩.

٣٣٤

من صفر وذلك لاربعين يوما من مقتل الحسين عليه‌السلام ، وهو اليوم الذي ورد فيه جابر بن عبدالله الانصاري صاحب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من المدينة إلى كربلا لزيارة قبر الحسين عليه‌السلام فكان أول من زاره من الناس وفي هذا اليوم كان رجوع حرم الحسين عليه‌السلام من الشام إلى المدينة.

وقال السيد رحمه الله في كتاب الاقبال (١) : فان قيل كيف يكون يوم العشرين من صفر يوم الاربعين إذا كان قتل الحسين صلوات الله عليه يوم عاشر محرم فيكون يوم العاشر من جملة الاربعين ، فيصير أحداو أربعين ، فيقال : لعله قد كان شهر محرم الذي قتل فيه صلوات الله عليه ناقصاو كان يوم عشرين من صفر تمام أربعين يوما.

فانه حيث ضبط يوم الاربعين بالعشرين من صفر فاما أن يكون الشهر كما قلنا ناقصا أو يكون تاماو يكون يوم قتله صلوات الله عليه غير محسوب من عدد الاربعين لان قتله كان في أواخر نهاره فلم يحصل ذلك اليوم كله في العدد ، وهذا تأويل كاف للعارفين ، وهم أعرف بأسرار رب العالمين في تعيين أوقات الزيارة للطاهرين.

ثم قال رحمه الله : ووجدت في المصباح أن حرم الحسين عليه‌السلام وصلوا المدينة مع مولانا علي بن الحسين عليه‌السلام يوم العشرين من صفر.

وفي غير المصباح أنهم وصلوا كربلا ايضا في عودهم من الشام يوم العشرين من صفر وكلاهما مستبعد لان عبيدالله بن زياد لعنه الله كتب إلى يزيد يعرفه ما جرى ويستأذنه في حملهم ولم يحملهم حتى عاد الجواب إليه وهذا يحتاج إلى نحو عشرين يوما أو أكثر منها ، ولانه لما حملهم إلى الشام روي أنهم أقاموا فيها شهرا في موضع لا يكنهم من حر ولا برد ، وصورة الحال تقتضي أنهم تأخروا أكثر من أربعين يوما من يوم قتل عليه‌السلام إلى أن وصلوا العراق أو المدينة.

وأما جوازهم في عودهم على كربلا فيمكن ذلك ولكنه ما يكون وصولهم إليها

__________________

(١) الاقبال ص ٦٠.

٣٣٥

يوم العشرين من صفر لانهم اجتمعوا على ما روي مع جابر بن عبدالله الانصاري فان كان جابر وصل زائرا من الحجاز فيحتاج وصول الخبر إليه ومجيئه أكثر من أربعين يوما وعلى أن يكون جابر وصل من غير الحجاز من الكوفة أو غيرها اقول : قد سبق القول منا في ذلك في أبواب تاريخه صلوات الله عليه.

٢٦

* (باب) *

* « زيارته عليه‌السلام في اول يوم من رجب والنصف » *

* « (من شعبان وليلتيهما) » *

١ ـ قال المفيد والسيد بن طاوس رحمة الله عليهما وغيرهما : زيارة أول يوم من رجب وليلته وليلة النصف من شعبان فاذا أردت زيارته عليه‌السلام في الاوقات المذكورة فاغتسل والبس أطهر ثيابك ، وقف على باب قبته مستقبل القبلة ، وسلم على سيدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين والائمة صلوات الله عليهم أجمعين.

ثم ادخل على ضريحه وكبر الله مائة مرة وقل :

السلام عليك يا ابن رسول الله ، السلام عليك يا ابن خاتم النبيين ، السلام عليك يا ابن سيد المرسلين ، السلام عليك يا ابن سيد الوصيين ، السلام عليك يا أبا عبدلله السلام عليك يا حسين بن على ، السلام عليك يا ابن فاطمة سيدة نساء العالمين ، السلام عليك يا ولي الله وابن وليه ، السلام عليك يا صفي الله وابن صفيه ، السلام عليك يا حجة الله وابن حجته ، السلام عليك يا حبيب الله وابن حبيبه ، السلام عليك يا سفير الله وابن سفيره ، السلام عليك يا خازن الكتاب المسطور ، السلام عليك يا وارث التوراة والانجيل والزبور ، السلام عليك يا أمين الرحمان ، السلام عليك يا شريك القرآن السلام عليك ياعمود الدين ، السلام عليك يا باب حكمة رب العالمين (السلام عليك يا باب حطة الذي من دخله كان من الآمنين) السلام عليك يا عيبة علم الله ، السلام عليك يا موضع سر الله.

٣٣٦

السلام عليك يا ثار الله وابن ثاره ، والوتر الموتور ، السلام عليك وعلى الارواح التي حلت بفنائك ، وأناخت برحلك ، بأبي أنت وامي ونفسي يا أبا عبدالله لقد عظمت المصيبة ، وجلت الرزية بك علينا وعلى جميع أهل الاسلام ، فلعن الله امة أسست أساس الظلم والجور عليكم أهل البيت ، ولعن الله امة دفعتكم عن مقامكم وأزالتكم عن مراتبكم التي رتبكم الله فيها.

بأبي أنت وامي ونفسي يا أبا عبدالله ، أشهد لقد اقشعرت لدمائكم أظلة العرش مع أظلة الخلايق ، وبكتكم السماء والارض ، وسكان الجنان والبر والبحر ، صلى الله عليك عدد مافي علم الله ، لبيك داعي الله ، إن كان لم يجبك بدني عند استغاثتك ولساني عند استنصارك ، فقد أجابك قلبي وسمعي وبصري ، سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا.

أشهد أنك طهر طاهر مطهر ، من طهر طاهر مطهر ، طهرت وطهرت بك البلاد ، و طهرت أرض أنت بها وطهر حرمك ، أشهد أنك قد أمرت بالقسط والعدل ودعوت إليهما وأنك صادق صديق فيما دعوت إليه ، وأنك ثارالله في الارض.

وأشهد أنك قد بلغت عن الله ، وعن جدك رسول الله ، وعن أبيك أمير المؤمنين وعن أخيك الحسن ، ونصحت وجاهدت في سبيل الله ، وعبدته مخلصا حتى أتاك اليقين فجزاك الله خيرجزاء السابقين ، وصلى الله عليك وسلم تسليما.

اللهم صل على محمد وآل محمد ، وصل على الحسين المظلوم الشهيد الرشيد ، قتيل العبرات ، وأسير الكربات ، صلاة نامية زاكية مباركة يصعد أولها ولا ينفد آخرها أفضل ما صليت على أحد من أولاد أنبيائك المرسلين يا إله العالمين.

ثم قبل الضريح وضع خدك الايمن عليه والايسر ودر حول الضريح وقبله من أربع جوانبه (١).

وقال المفيد رحمه الله : ثم امض إلى ضريح علي بن الحسين عليه‌السلام وقف عليه وقل :

__________________

(١) مصباح الزائر ص ١٥٤ ـ ١٥٥

٣٣٧

السلام عليك أيها الصديق الطيب الزكي الحبيب المقرب ، وابن ريحانة رسول الله ، السلام عليك من شهيد محتسب ، ورحمة الله وبركاته ، ما أكرم مقامك وأشرف منقلبك ، أشهد لقد شكر الله سعيك ، وأجزل ثوابك ، وألحقك بالذروة العالية ، حيث الشرف كل الشرف ، وفي الغرف كما من عليك من قبل ، وجعلك من أهل البيت ، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، صلوات الله عليك ورحمة الله وبركاته ورضوانه ، فاشفع أيها السيد الطاهر إلى ربك في حط الاثقال عن ظهري ، وتخفيفها عني ، وارحم ذلي وخضوعي لك وللسيد أبيك ، صلى الله عليكما.

ثم انكب على القبر وقل :

زاد الله في شرفكم في الاخرة كما شرفكم في الدنيا ، وأسعدكم كما أسعد بكم ، وأشهد أنكم أعلام الدين ، ونجوم العالمين ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ثم توجه إلى الشهداء رضوان الله عليهم وقل :

السلام عليكم يا أنصار الله ، وأنصار رسوله ، وأنصار على بن أبي طالب ، وأنصار فاطمة ، وأنصار الحسن والحسين ، وأنصار الاسلام ، أشهد لقد نصحتم الله وجاهدتم في سبيله فجزاكم الله من الاسلام وأهله أفضل الجزاء فزتم والله فوزا عظيما ، ياليتني كنت معكم فأفوز فوزا عظيما أشهد أنكم أحياء عند ربكم ترزقون ، أشهد أنكم الشهداء والسعداء وأنكم الفائزون في درجات العلى ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ثم عد إلى عند الرأس فصل صلاة الزيارة وادع لنفسك ولوالديك ولاخوانك.

وقال السيد قدس الله روحه : وامض وقف على ضريح علي بن الحسين عليهما‌السلام مستقبل القبلة وقل :

السلام من الله والسلام من ملائكته المقربين ، وأنبيائه المرسلين ، وعباده الصالحين

٣٣٨

وجميع أهل طاعته من أهل السماوات والارضين على أبي عبدالله الحسين بن علي و رحمة الله وبركاته ، السلام على أول قتيل ، من نسل خيرسليل ، من سلالة إبراهيم الخليل ، صلى الله عليك وعلى أبيك ، إذ قال فيك قتل الله قوما قتلوك يابني ما أجرأهم على الرحمن وعلى انتهاك حرمة الرسول ، على الدنيا بعدك العفا ، أشهد أنك ابن حجة الله وابن أمينه ، حكم الله لك على قاتليك ، وأصلاهم جهنم وساءت مصيرا ، وجعلنا الله يوم القيامة من ملاقيك ومرافقيك ، ومرافقي جدك وأبيك وعمك وأخيك ، وامك المظلومة الطاهرة المطهرة ، وأبرأ إلى الله ممن قتلك وأسأل الله مرافقتكم في دارالخلود ، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

السلام على العباس بن أميرالمؤمنين السلام على جعفربن أمير المؤمنين ، السلام على عبيدالله بن أميرالمؤمنين ، السلام على أبي بكربن الحسن ، السلام على عبدالله ابن الحسن ، السلام على عبدالله بن الحسين ، السلام على محمد بن عبدالله بن جعفر ابن أبي طالب ، السلام على جعفربن عقيل ، السلام على عبدالرحمن بن عقيل ، السلام على عبدالله بن مسلم بن عقيل ، السلام على محمد بن أبي سعيد بن عقيل ، السلام على عون بن عبدالله بن جعفربن أبي طالب.

السلام عليكم أهل بيت المصطفى ، السلام عليكم أهل الشكر والرضا ، السلام عليكم يا أنصار الله ورجاله من أهل الحق والبلوى ، والمجاهدين على بصيرة في سبيله ، أشهد أنكم كما قال الله عزوجل « وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين » فما ضعفتم ولا استكنتم حتى لقيتم الله على سبيل الحق ونصره وكلمة الله التامة.

صلى الله عليكم وعلى أرواحكم وأبدانكم وسلم تسليما ، فزتم والله ، ولوددت أني كنت معكم فأفوز فوزا عظيما ، أبشروا بموعد الله الذي لاخلف له إنه لايخلف الميعاد ، أشهد أنكم النجباء وسادة الشهداء في الدنيا والاخرة ، و أشهد أنكم جاهدتم في سبيل الله ، وقتلتم على منهاج رسول الله ، وأنكم السابقون

٣٣٩

المجاهدون ، وأشهد أنكم أنصارالله وأنصار رسوله ، الحمدلله الذي صدقكم وعده وأراكم ماتحبون ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته (١).

ثم التفت إلى الشهداء وقل :

السلام على سعيد بن عبدالله الحنفي ، السلام على جرير بن يزيد الرياحي السلام على زهير بن القين ، السلام على حبيب بن مظهر ، السلام على مسلم بن عوسجة السلام على عقبة بن سمعان ، السلام على برير بن خضير ، السلام على عبدالله بن عمير ، السلام على نافع بن هلال ، السلام على منذربن المفضل الجعفي ، السلام على عمرو بن قرظة الانصاري ، السلام على أبي ثمامة الصائدى ، السلام على جون مولى أبي ذرالغفاري ، السلام على عبدالرحمن بن عبدالله الازدي ، السلام على عبدالرحمن وعبدالله ابني عروة ، السلام على سيف بن الحارث ، السلام على مالك ابن عبدالله الحايرى ، السلام على حنظلة بن أسعد الشبامي ، السلام على القاسم بن الحارث الكاهلي ، السلام على بشير بن عمرو الحضرمي ، السلام على عابس بن شبيب الشاكري ، السلام على حجاج بن مسروق الجعفي ، السلام على عمرو بن خلف وسعيد مولاه ، السلام على حيان بن الحارث ، السلام على مجمع بن عبدالله العائذي ، السلام على نعيم بن عجلان ، السلام على عبدالرحمن بن يزيد ، السلام على عمر بن أبي كعب ، السلام على سليمان بن عون الحضرمي ، السلام على قيس ابن مسهر الصيداوي ، السلام على عثمان بن فروة الغفاري ، السلام على غيلان بن عبدالرحمن ، السلام على قيس بن عبدالله الهمداني ، السلام على عمر بن كناد السلام على جبلة بن عبدالله ، السلام على مسلم بن كناد ، السلام على سليمان بن سليمان الازدي ، السلام على حماد بن حماد الخزاعي المرادي ، السلام على عامر ابن مسلم ومولاه مسلم ، السلام على بدربن رقيط وابنيه عبدالله وعبيدالله ، السلام على رميث بن عمرو ، السلام على سفيان بن مالك ، السلام على زهير بن سائب ، السلام على قاسط وكرش ابني زهير ، السلام على كنانة بن عتيق ، السلام على عامر بن

__________________

(١) مصباح الزائر ص ١٥٥ ١٦٥.

٣٤٠