الخلود في جهنّم

محمد عبد الخالق كاظم

الخلود في جهنّم

المؤلف:

محمد عبد الخالق كاظم


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المركز العالمي للدّراسات الإسلامية
المطبعة: اميران
الطبعة: ١
ISBN: 964-7741-74-X
الصفحات: ٢٣٦
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

وقوله : ( وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ) قال العلامة الطبرسي : أي حتى يدخل البعير في ثقب الإبرة والمعنى لا يدخلون الجنة أبداً. ١

وقال القرطبي : والجمل لا يلج ، فلا يدخلونها البتة ، وهذا دليل قطعي لا يجوز العفو عنهم. ٢

وقوله : ( وَكَذٰلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ ) أي ومثل ما جزيناه هؤلاء نجزي سائر المجرمين المكذبين بآيات الله. ٣

فالمعنى إنّ المكذبين لحجج الله تعالى من التوحيد والنبوة والبعث والجزاء ، والمستكبرين عن الايمان بها وقبولها ، لا تفتح لأرواحهم أبواب السماء حتى يدخلوا الجنة أبداً ، ويستحيل دخولهم فيها كما يستحيل دخول الجمل بحجمه الكبير ثقب الإبرة وهو بحجمه الصغير ، ومثلما جزينا هؤلاء نجازي سائر المجرمين المكذبين بآيات الله.

ويستفاد من هذه الآية في إثبات خلود الكفار المكذبين في النار لأن الانسان عاقبته إما إلى الجنة وإما إلى النار ، فاذا استحال دخوله الجنة إلى الأبد فلابد أن يدخل النار الى الأبد ، ولذلك عقّبه تعالى بقوله : ( لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذٰلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ) ٤ فيخلدون في النار إلى الأبد ، لأنهم ممنوعون عن دخول الجنة إلى الأبد.

وهناك آية أخرى تؤكد مضمون هذه الآية ، وهي قوله تعالى : ( ... إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ) ، ٥ فالتحريم في هذه الآية تحريم منع لا تحريم عبادة ، ٦ أي أن المشركين ممنوعون من دخول الجنة ، وإذا منعوا من دخول الجنة فلابد أن يكون

________________

١. المصدر السابق.

٢. تفسير القرطبي ، ج ٧ ، ص ٢٠٦.

٣. مجمع البيان ، ج ٤ ، ص ٤١٩.

٤. الاعراف ، ٤١.

٥. المائدة ، ٧٢.

٦. راجع : مجمع البيان ، ج ٣ ، ص ٢٢٨.

٦١

مصيرهم إلى النار ، والمنع من دخول الجنة هنا مطلق ، كما في الآية السابقة غير مقيد بزمان معين ، فهو منع دائمي ، فيكون بقاؤهم في النار أيضاً دائمياً وأبدياً.

أدلة النافين للخلود في جهنم

١. محدودية العذاب

قول بعضهم : إن أهل النار يعذبون فيها إلى وقت محدود ، أو أياماً معدودة ، ثم يخرجون منها ويخلفهم فيها قوماً آخرين ، وقد نسب ابن القيم الجوزية ١ هذا القول إلى اليهود.

أما الشيخ صدر الدين الشيرازي ٢ فقد قال : إعلم أن بعض الممكورين بالعقل ـ من ضلال الملاحدة وجهال الفلاسفة والطباعية وغيرهم ـ لفرط غفلتهم وغلبة مغاليط ظنونهم ، قد ظنوا أن قبائح أعمالهم وفضائح أفعالهم لا تؤثر في صفاء أحوالهم ، فاذا فارقت الأرواح الأجساد يرجع كل شيء إلى أصله ، فالأجساد ترجع إلى العناصر ، والأرواح ترجع إلى حظائر القدس ولايزاحمها شيء من نتائج الأعمال إلا أياماً معدودة ، كما حكى الله عنهم في قوله : ( وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُودَةً )٣

وقد كذبهم القرآن بقوله : ( بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) ، ٤ أي أن ارتكاب السيئة وكبائر المعاصي ليس هو الموجب لخلود الانسان في نار جهنم ، بل أن تكون تلك المعاصي محيطة بوجود الانسان بحيث لاتدع له مجالاً للهداية وطريقاً إلى النجاة ، فتسوق الانسان إلى الكفر والشرك بالله تعالى. فالاصرار على السيئة وعدم

________________

١. راجع : حادي الارواح ، ص ٢٤٨.

٢. صدر الدين الشيرازي ، تفسير القرآن الكريم ، ج ٥ ، ص ٢٩٠.

٣. البقرة ، ٨٠.

٤. البقرة ، ٨١.

٦٢

التوبة عنها يؤدي إلى إحاطة السيئة بالانسان ، وبالنتيجة تحيط بقلبه وتجعله سواداً وينطفيء نور الايمان في قلبه ، فلايرجع إلى طريق الهداية ، كما يشير إليه ماروي عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « ما من عبد إلا وفي قلبه نكتة بيضاء ، فاذا أذنب ذنباً خرج في النكتة نكتة سوداء ، فان تاب ذهب ذلك السواد ، وإن تمادي في الذنوب زاد ذلك السواد حتى يغطي البياض ، فاذا تغطى البياض لم يرجع صاحبه إلى خير أبداً ، وهو قول الله عزوجل :( كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ). ١

٢. دلالة الاستثناء عن الخلود على انقطاع العذاب

ذهب بعضهم إلى أن الاستثناء من الخلود في بعض الآيات القرآنية وتقييده بمشيئة الله تعالى دالّ على عدم أبديته وانقطاعه ، ٢ كما في قوله تعالى : ( فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ ) ٣ وقوله تعالى : ( وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الْإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُم مِّنَ الْإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ) ٤ وقال البعض الآخر : الاستثناء هنا استثناء من مدة عقابهم ، فذلك يدلّ على زوال ذلك العذاب في وقت هذا الاستثناء. ٥

________________

١. محمد بن يعقوب الكليني ، اصول الكافي ، ج ٢ ، ص ٢٧٣ ؛ محمد باقر المجلسي ، بحار الانوار ، ج ٧٣ ، ص ٣٣٢ ؛ وراجع : صدر الدين الشيرازي ، تفسير القرآن الكريم ، ج ٥ ، ص ٢٩١ ومكارم الشيرازي ، پيام قرآن ، ج ٦ ، ص ٤٩٣.

٢. راجع : حادي الارواح ، ج ٢٥٧ والدكتور محمد صادقي ، تفسير الفرقان ، ج ٣٠ ، ص ٤٧ ؛ ج ١٥ ، ص ١٣٩.

٣. هود ، ١٠٥ ـ ١٠٧.

٤. الأنعام ، ١٢٨.

٥. راجع : تفسير الكبير ، ج ١٧ ، ص ٦٣.

٦٣

ولنبحث في الآيتين لنرى هل إنهما تدلان على إنقطاع العذاب ، أم على دوام العذاب :

١. قوله تعالى : ( ...فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ ). ١

قوله : ( فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ) إخبار منه تعالى بأنهم قسمان : أشقياء وهم المستحقون للعقاب ، وسعداء وهم المستحقون للثواب ، والشقاء قوة أسباب البلاء ، والسعادة قوة أسباب النعمة. والشقي من شقي بسوء عمله في معاصي الله ، والسعيد من سعد بحسن عمله في طاعة الله. ٢

وقال العلامة الطباطبائي : ظاهر قوله تعالى : ( فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ) لا تفيد حصر أهل الجمع في الفريقين ، وهو الملائم ظاهراً لتفسيمه تعالى الناس إلى مؤمن وكافر ومستضعف كالأطفال والمجانين وكل من لم تتم عليه الحجة في الدنيا ، إلّا أن الغرض المسرودة له الآيات ليس بيان أصناف الناس بحسب العمل والاستحقاق ، بل من حيث شأن هذا اليوم ، وهو أنه يوم مجموع له الناس ، ويوم مشهود لا يتخلف عنه أحد ، وأنه ينتهي إلى جنة أو نار. ٣ فالآية ناظرة إلى عاقبة وخاتمة الانسان فهو إما إلى الجنة وإما إلى النار.

وقوله : ( فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ ) أي الذين شقوا باستحقاقهم العذاب جزاءً على أعمالهم القبيحة داخلون في النار ، والزفير : إخراج النفس ، والشهيق رده كما قال الزمخشري. ٤

________________

١. هود ، ١٠٥ ـ ١٠٧.

٢. راجع : تفسير التبيان ، ج ٦ ، ص ٦٥ ؛ مجمع البيان ، ج ٥ ، ص ١٩٤ ، تفسير المنار ، ج ١٢ ، ص ١٥٨ ؛ تفسير المراغي ، ج ١٢ ، ص ٨٥.

٣. تفسير الميزان ، ج ١١ ، ص ١٨.

٤. تفسير الكشاف ، ج ٢ ، ص ٤٣٠.

٦٤

وقال الراغب : الزفير : تردد النفس حتى تنتفخ الضلوع منه. ١ وقال : الشهيق طول الزفير ، وهو رد النفس ، والزفير مده. ٢

وقال الشيخ الطوسي : الزفير : ترديد النفس مع الصوت من الحزن حتى تنتفخ الضلوع ، وقال : الشهيق : صوت فظيع يخرج من الجوف بمد النفس. ٣

والمراد انهم يرددون أنفاسهم الى صدورهم ثم يخرجونها فيمدونها برفع الصوت بالبكاء والأنين من شدة حر النار وعظم الكربة ، كما يفعل الحمار ذلك عند نهيقه. ٤

وقوله : ( خَالِدِينَ فِيهَا ) أي مقيمين دائمين فيها ، كما قال البروسوي ، ٥ وقال الشيخ الطوسي : والخلود الكون في الأمر أبداً. ٦

وقوله : ( مَادَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ) نوع من التقييد يفيد تأكيد الخلود ، والمعنى دائمين فيها دوام السماوات والأرض. ٧ وقد ذكرت في المقصود من السماوات والأرض عدة وجوه منها :

أولاً : أن المراد سماوات الجنة والنار وأرضهما ، وهما لا يفنيان ، والدليل على أن لهما سماوات وأرضاً قوله تعالى : ( يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ ) وقوله : ( وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ ). ٨ ثانياً : أن المراد سماوات الجنة والنار وأرضهما لأنه لابد لأهل الآخرة مما يظلهم ويقلهم ، وكل ما أظلك فهو سماء ، وكل ما استقر عليه قدمك فهو أرض. ٩

________________

١. مفردات الفاظ القرآن ، ص ٣٨٠.

٢. المصدر السابق ، ص ٤٨٦.

٣. مجمع البيان ، ج ٥ ، ص ١٩٢.

٤. تفسير الميزان ، ج ١١ ، ص ٢٢.

٥. روح البيان ، ج ٤ ، ص ١٨٨.

٦. مجمع البيان ، ج ٥ ، ص ١٩٢.

٧. تفسير الميزان ، ج ١١ ، ص ٢٣.

٨. مجمع البيان ، ج ٥ ، ص ١٩٤ ؛ تفسير الكشاف ، ج ٢ ، ص ٤٣٠.

٩. راجع : المصدر السابق.

٦٥

وقد رد العلامة الطباطبائي هذا الوجه وقال بسخافته ، لأنه إثبات للسماء والأرض من جهة الإضافة ، وأن الجنة والنار لابد أن يتصور لهما فوق وتحت ، فتكون الجنة والنار أصلاً ، وسماؤها وأرضهما تبعين لهما في الوجود ، ولازمه تحديد بقاء سمائهما وأرضهما بمدة دوامهما لا بالعكس كما فعل في الآية. ١

ثالثاً : أن المراد مادامت الآخرة ، وهي دائمة أبداً ، كما أن دوام السماء والأرض في الدنيا قدّر مدة بقائها. ٢

قال العلامة الطباطبائي في رده : ولعل المراد أن قوله : ( مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ) موضوع وضع التشبيه ، كقولك : كلمته تكليم المستهزيء الهازيء به أي مثل تكليم من يستهزيء ويهزاً به ، فلو أريد بذلك التشبيه أفاد خلاف المقصود ، أعني الانقطاع ، ولو أريد غير ذلك لم يف بذلك اللفظ. ٣

رابعاً : أنه لا يراد به السماء والأرض بعينها ، بل المراد التبعيد ، فانّ للعرب ألفاظاً للتبعيد في معنى التأييد ، يقولون ، لا أفعل ذلك ما اختلف الليل والنهار ، ومادامت السموات والارض ، ومانبت النبت ، وما أطت الابل ، وما اختلف الجرة والدرة ، وما ذرق شارق ، وفي أشباه ذلك ، ظناً منهم أن هذه الأشياء لا تتغير ، ويريدون بذلك التأييد لا التوقيت ، فخاطبهم سبحانه بالمتعارف من كلامهم على قدر عقولهم. ٤

وقد أجاب العلامة عن هذا الوجه بأنهم استعملوها في التأبيد وأكثروا منه ، ظناً منهم أن هذه الأمور دائمة مؤبدة. وأما من يصرح في كلامه بأنها مؤجلة الوجود منقطعة فانية ، ويعدّ الايمان بذلك إحدى فرائض النفوس ،

________________

١. راجع : تفسير الميزان ، ج ١١ ، ص ٢٤.

٢. مجمع البيان ، ج ٥ ، ص ١٩٤.

٣. تفسير الميزان ، ج ١١ ، ص ٢٦.

٤. مجمع البيان ، ج ٥ ، ص ١٩٤.

٦٦

فلايحسن منه وضعها في الكلام موضع التأبيد بأيّ صورة تصورت ، كيف لا وقد قال تعالى : ( مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى ... ) ؟ ١ وكيف يصح مع ذلك أن يقال : إن الجنة والنار خالدتان أبداً مادامت السماوات والأرض ؟ ٢

وقوله : ( إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ) نقل العلامة الطبرسي ٣ والقرطبي ٤ في المقصود من الاستثناء عشرة وجوه ، وهي كما يلي :

أولاً : أنه إستثناء في الزيادة من العذاب لأهل النار ، والزيادة من النعيم لأهل الجنة ، والتقدير إلّا ما شاء ربك من الزيادة على هذا المقدار ، كما يقول الرجل لغيره : لي عليك ألف دينار إلّا الألفين اللذين أقرضتكهما وقت كذا ، فالألفان زيادة على الألف بغير شك ، لأنّ الكثير لا يستثنى من القليل ، وعلى هذا يكون ( إلّا ) بمعنى ( سوى ) أي سوى ماشاء ربك ، كما يقال : ماكان معنا رجل إلّا زيد ، أي سوى زيد. وقد رده العلامة الطباطبائي بقوله : إنّه مبني على عدم إفادة قوله : ( مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ) الدوام والأبدية ، وقد عرفت خلافه. ٥

وقال ابن القيم : لاتخفى منا فرته والمستثنى منه ، وأن الذي يفهمه المخاطب مخالفة ما بعد ( إلّا ) لما قبلها. ٦

ثانياً : أن الاستثناء واقع على مقامهم في المحشر والحساب ، لانهم حينئذٍ ليسوا في جنة ولانار ومدة كونهم في البرزخ الذي هو ما بين الموت والحياة ، لأنّه تعالى لو قال خالدين فيها أبداً ولم يستثن لظنّ الظان أنهم يكونون في النار والجنة من لدن نزول الآية ، أو من بعد انقطاع التكليف ، فحصل للاستثناء

________________

١. الاحقاف ، ٣.

٢. تفسير الميزان ، ج ١١ ، ص ٢٦.

٣. مجمع البيان ، ج ٥ ، ص ١٩٤ ـ ١٩٦.

٤. تفسير القرطبي ، ج ٩ ، ص ٩٩ ـ ١٠٢.

٥. تفسير الميزان ، ج ١١ ، ص ٣٠.

٦. حادي الارواح ، ص ٢٥١.

٦٧

فائدة. فان قيل : كيف يستثني من الخلود في النار ما قبل الدخول فيها ؟ فالجواب : أن ذلك جائز الإخبار به قبل الدخول فيها.

وأشكل العلامة الطباطبائي على هذا الوجه بقوله : إنّه لادليل عليه من جهة اللفظ ، على أن هذا الوجه بظاهره مبني على إفادة قوله : ( فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ) الشقاوة والسعادة الجبريتين من غير اكتساب واختيار ، وقد عرفت ما فيه. ١

وقال ابن القيم : وقول من قال إنه لا خراج ما قبل دخولهم إليها من الزمان كزمان البرزخ والموقف ومدة الدنيا أيضاً لا يساعد عليه وجه الكلام ، فانه استثناء من جملة خبرية مضمونها أنهم إذا دخلوا النار لبثوا فيها مدة دوام السماوات والأرض إلا ما شاء الله ، وليس المراد الاستثناء قبل الدخول ، ألا ترى أنه سبحانه يخاطبهم بهذا في النار حين يقولون : ( رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا ) فيقول لهم حينئذٍ : ( النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ). ٢

ثالثاً : إن الاستثناء الأول يتصل بقوله : ( لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ ) وتقديره إلّا ما شاء ربك من أجناس العذاب الخارجة عن هذين الضربين ، ولا يتعلق الاستثناء بالخلود ، وفي أهل الجنة يتصل با دل عليه الكلام ، فكأنه قال : لهم فيها نعيم الّا ما شاء ربك من أنواع النعيم وإنّما دلّ عليه قوله : ( عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ).

قال العلامة الطباطبائي : وفيه أنه قطع لاتصال السياق ووحدته من غير دليل ، وفيه أخذ ( إلّا ) الأولى بمعنى سوى و ( إلّا ) الثانية بمعنى الاستثناء ، على أنه لا قرينة هناك على تعلق ( إلّا ) الأولى بقوله : ( لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ ) ولا أن قوله : ( عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ) يدل على ما ذكر ، فانه إنما يدل على دوام العطاء لا على جميع أنواع العطاء أو بعضها. ثم أية فائدة في استثناء بعض أنواع النعيم

________________

١. تفسير الميزان ، ج ١١ ، ص ٣٠.

٢. حادي الارواح ، ص ٢٥١.

٦٨

وإظهار ذلك للسامعين ، والمقام مقام التطميع والتبشير ، والظرف ظرف الدعوة والترغيب ؟ فهذا أسخف الوجوه. ١

رابعاً : أن يكون ( إلّا ) بمعنى ( الواو ) أي وما شاء ربك من الزيادة ، وأضاف العلامة الطبرسي : وهذا القول قد ضعفه النحويون. ٢

وقال العلامة الطباطبائي في رده : إن كون ( إلّا ) بمعنى الواو ولم يثبت ، وإنما ذكره الفرّاء لكنهم ضعفوه. على أن الوجه مبني على عدم إفادة التقدير والتحديد السابق على الاستثناء في الآيتين الدوام ، وقد عرفت ما فيه. ٣

خامساً : أن المراد بالذين شقوا من أدخل النار من أهل التوحيد الذين ضموا إلى إيمانهم وطاعتهم ارتكاب المعاصي ، فقال سبحانه إنهم معاقبون في النار إلا ما شاء ربك من إخراجهم منها إلى الجنة وإيصال ثواب طاعتهم اليهم.

وأما الاستثناء الذي في أهل الجنة فهو إستثناء من خلودهم أيضاً ، لان من ينقل من النار إلى الجنة ويخلد فيها لابدّ في الإخبار عنه بتأييد خلوده من استثناء ما تقدم من حاله ، فكأنه قال : إنهم في الجنة خالدين فيها إلا ما شاء ربك من الوقت الذي أدخلهم فيه النار.

قالوا : والذين شقوا في هذا القول هم الذين سعدوا بأعيانهم ، وإنما أجرى عليهم كل من الوصفين في الحال الذي يليق به ذلك ، فاذا أدخلوا في النار وعوقبوا فيها فهم أهل شقاء ، وإذا أدخلوا في الجنة وأثبتوا فيها فهم أهل سعادة ، ونسبوا هذا القول إلى ابن عباس ، وجابر بن عبد الله ، وأبي سعيد الخدري من الصحابة وجماعة من التابعين.

وأشكل العلامة الطباطبائي على هذا القول بكونه لا يلائم السياق ، فانه تعالى قسّم أهل الجمع يوم القيامة إلى قسمين : ( فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ) ومن

________________

١. تفسير الميزان ، ج ١١ ، ص ٣١.

٢. مجمع البيان ، ج ٥ ، ص ١٩٥.

٣. تفسير الميزان ، ج ١١ ، ص ٣١.

٦٩

المعلوم أن قوله : ( فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا ) الخ وقوله : ( وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا ) مبدوآن بأما التفصيلية مسوقان لتفصيل ما أجمل في قوله : ( فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ) ولازم ذلك كون المراد بالذين شقوا جميع أهل النار لا طائفة منهم خاصة ، والمراد بالذين سعدوا جميع أصحاب الجنة لا خصوص من أخرج من النار وأدخل الجنة.

اللهم إلّا أن يقال المراد بقوله : ( فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ) وصف طائفة خاصة بأعيانهم ، وذلك أن بعض أهل الجمع شقي وسعيد معاً ، وهم الذين أدخلوا النار واستقروا فيها خالدين مادامت السموات والأرض إلّا ما شاء ربك أن يخرجهم منها ويدخلهم الجنة ويسعدهم بها فيخلدوا فيها إلّا مقداراً من الزمان كانوا فيه أشقياء ساكنين في النار قبل أن يدخلوا الجنة.

لكن ينتقل ما قدمناه من الاشكال ، وهو أن السياق الظاهر في وصف أهل الجمع عامة لا يساعد على إرادة طائفة خاصة منهم. ويمكن أن يقرر هذا الوجه على وجه التعميم بأن يقال : المراد بقوله : ( فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ) تقسيم عامة أهل الجمع إلى الشقي والسعيد ، والمراد بقوله : ( الَّذِينَ شَقُوا ) جميع أهل النار ، وبقوله : ( الَّذِينَ سُعِدُوا ) جميع أصحاب الجنة ، ويكون المراد بالاستثناء في الموضعين استثناء حال الفساق من أهل التوحيد الذين يخرجهم الله تعالى من النار ويدخلهم الجنة ، وحينئذٍ يسلم من جل ما كان يرد على الوجه السابق من الإشكال. ١

وهذا المقصود من قول العلامة الطبرسي حيث قال : ويجوز أن يريد بالذين شقوا جميع الداخلين إلى جهنم ثم استثنى بقوله : ( إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ) أهل الطاعات منهم ممن استحق الثواب ولابد أن يوصل إليه ، وتقديره ( إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ) أن يخرجه بتوحيده من النار ويدخله الجنة. وأما في أهل الجنة

________________

١. المصدر السابق ، ص ٣١ ، ٣٢.

٧٠

فهو استثناء من خلودهم أيضاً لما ذكرناه أيضاً. ١

سادساً : إن تعليق ذلك بالمشيئة على سبيل التأكيد للخلود والتبعيد للخروج ، لأن الله تعالى لا يشاء إلّا تخليدهم على ما حكم به ، فكأنه تعليق لما لا يكون ، بما لا يكون لأنّه لا يشاء أن يخرجهم منها.

ويردّه العلامة الطباطبائي بكون هذا الوجه يشارك مع ما تبناه هو بدعوى كون الاستثناء في الموردين غير مسوق لنقض الخلود ، غير أن الوجه الذي تبناه يختص بكون الاستثناء لبيان إطلاق القدرة الالهية ، وهذا الوجه يختص بدعوى أن الاستثناء لبيان أن الخلود لا ينتقض بسبب من الأسباب إلّا أن يشاء الله انتقاضه ، ولن يشاء أصلاً.

وهذا هو وجه الضعف فيه ، فان قوله : ( ولن يشاء أصلاً ) لادليل عليه ، هب أن قوله في أهل الجنة : ( عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ) يشعر أو يدل على ذلك ، لكن قوله : إِنَّ ( رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ) لا يشعر به ولا يدل عليه لو لم يشعر بخلافه كما هو ظاهر. ٢

سابعاً : إن الله سبحانه استثنى ثم عزم بقوله : ( إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ) أنه أراد أن يخلدهم ، قاله الحسن ، وقريب منه ما قاله الزجاج وغيره أنه استثناء تستثنيه العرب وتفعله كما تقول : والله لاضربن زيداً إلاّ أن أرى غير ذلك وأنت عازم على ضربه ، والمعنى في الاستثناء على هذا إني لو شئت أن لا أضربه لفعلت. وهذا هو الوجه الذي تبناه العلامة الطباطبائي. ٣

ثامناً : إن المراد به استثناء من الزمان الذي سبق فيه طائفة من أهل النار دخلوها قبل طائفة ، وكذا في الطوائف الذين يدخلون الجنة ، فانه تعالى يقول : ( وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا ) ، ( وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا ) فالزمرة منهم تدخل بعد الزمرة ، فلابد أن يقع بينهما تفاوت في الزمان ، وهو الذي

________________

١. راجع : مجمع البيان ، ج ٥ ، ص ١٩٥.

٢. راجع : تفسير الميزان ، ج ١١ ، ص ٣٢ ـ ٣٣.

٣. راجع : المصدر السابق ، ص ٢٨ ـ ٢٩.

٧١

يستثنيه تعالى بقوله : (إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ) ، ونقل هذا الوجه يحيى بن سلام البصري.

ويرده العلامة الطباطبائي بقوله : إن الظاهر من قوله : (خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ) وكذا في قوله : (فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا) الخ أن الوصف ناظر إلى مدة الكون في النار أو الجنة من جهة النهاية لا من جهة البداية. ١

تاسعاً : إن المعنى خالدون في النار دائمون فيها مدة كونهم في القبور مادامت السماوات والأرض في الدنيا ، وإذا فنيتا وعدمتا إنقطع عقابهم إلى أن يبعثهم الله للحساب ، وقوله : (إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ) وقع على ما يكون في الآخرة.

وقال العلامة الطباطبائي في رده : إن مرجعه إلى الوجه الثاني المبني على أخذ (إلّا) بمعنى (سوى) مع اختلاف ما في التقرير ، وقد عرفت ما يرد عليه. ٢

عاشراً : إن المراد : (إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ) أن يتجاوز عنهم فلا يدخلهم النار ، فالاستثناء من الضمير العائد الى الذين شقوا ، والتقدير فأما الذين شقوا فكائنون في النار إلاّ ما شاء ربك ، والظاهر أن هذا القائل يوجه الاستثناء في ناحية أهل الجنة (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا ـ إلى قوله ـ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ) بأن المراد به أهل التوحيد الخارجون من النار إلى الجنة ، والمعنى أن السعداء في الجنة خالدون فيها إلاّ الفساق من أهل التوحيد ، فإنهم في النار ، ثم يخرجون فيدخلون الجنة ، ونسب هذا الوجه إلى أبي مجلز.

وقد أشكل عليه العلامة الطباطبائي بقوله : إن ما ذكره إنما يجري في أول الاستثنائين ، فالثاني من الاستثنائين لابد أن يوجه بوجه آخر ، وهو كائناً ما كان يوجب انتقاض وحدة السياق في الآيتين. على أن العصاة من المؤمنين الذين يعفو الله سبحانه عنهم فلا يدخلهم النار من رأس ، لا يعفى عنهم جزافاً ، وإنما يعفى لصالح عملهم أو لشفاعة ، فيصيرون بذلك سعداء ، فيدخلون في

________________

١. المصدر السابق ، ج ١١ ، ص ٣٣.

٢. المصدر السابق ، ص ٣٣ ، ٣٤.

٧٢

الآية الثانية ( وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ ) الخ من غير أن يدخلوا في زمرة الأشقياء ، ثم يستثنوا لعدم دخولهم النار ، وبالجملة هم ليسوا بأشقياء حتى يستثنوا ، بل سعداء داخلون في الجنة من أول. ١

الوجه الصحيح في المراد من أداة الإستثناء ، هذه الوجوه التي ذكرها العلامة الطبرسي وغيره من المفسرين ، فإن أكثرها لا تخلو من إشكال عدا وجهين منها ، حيث يمكن تفسير الآية على ضوئهما ، وهذان الوجهان هما الوجه الخامس ، وهو كون الاستثناء استثناءً من الخلود لإخراج المذنبين من الموحدين ، والوجه السابع وهو أن الاستثناء ليس استثناءً من الخلود بل لبيان إطلاق القدرة الإلهية.

أما الوجه الخامس فقد ذهب اليه كل من الشيخ الطوسي ٢ والعلامة الطبرسي ٣ والبيضاوي ٤ والبروسوي. ٥ وأما الوجه السابع فقد تبناه العلامة الطباطبائي ٦ والشيخ محمد عبده ٧ واحمد المراغي ٨ والعلامة مرتضى العسكري ، ٩ فيما أجاز الشيخ مكارم الشيرازي الوجهين محتملاً وجهاً ثالثاً ، وهو تلفيق من الوجهين الخامس والسابع ، وهو كون الاستثناء في الجملة الأولى إشارة إلى المؤمنين المذنبين الذين يعتقون من النار بعد مدة ، والاستثناء في الجملة الثانية إشارة إلى قدرة الله سبحانه ، والشاهد عليه ورود قوله تعالى ( إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ) في الجملة الأولى بعد الاستثناء ، ليدل على تحقق المشيئة الإلهية ، وفي الجملة الثانية ورود قوله : عَطَآءً ( غَيْرَ

________________

١. المصدر السابق ، ج ١١ ، ص ٣٤.

٢. راجع : تفسير التبيان ، ج ٦ ، ص ٦٧ ، ٦٨.

٣. راجع : تفسير التبيان ، ج ٦ ، ص ٦٧ ، ٦٨.

٤. راجع : تفسير البيضاوي ، ج ٣ ، ص ٢٦٣.

٥. راجع : روح البيان ، ج ٤ ، ص ١٨٨.

٦. راجع : تفسير الميزان ، ج ١١ ، ص ٢٨ ، ٢٩.

٧. راجع : تفسير المنار ، ج ١٢ ، ص ٦٠ ، ١٦١.

٨. راجع : تفسير المراغي ، ج ١٢ ، ص ٨٧.

٩. راجع : السيد مرتضى العسكري ، عقائد الاسلام من القرآن الكريم ، ص ٣٩٤.

٧٣

مَجْذُوذٍ ) ليدل على الأبدية. ١

توضيح الوجه الخامس : إن الاستثناء على هذا الوجه استثناء من الخلود في النار لإخراج فساق الموحدين ، كما يشير اليه الاستثناء الأول ، أي أنهم سوف يخرجون من النار بعد مدة من العذاب ، فالخلود هنا منتقض باعتبار الانتهاء ، وفي الاستثناء يشير إلى أنهم مفارقون الجنة أيام عذابهم ، فالخلود على هذا منتقض باعتبار الابتداء في الاستثناء الثاني.

فإن قيل : إنه على هذا التفسير لا يكون قوله تعالى : ( فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ) تقسيماً صحيحاً ، لأن من شرطه أن تكون صفة كل قسم منتفية عن قسيمه ، وهنا قد اجتمع الوصفان في مصداق واحد.

قلنا : إن أهل الموقف لا يخرجون عن القسمين ، وإن حالهم لا يخلو عن السعادة والشقاوة ، وذلك لا يمنع اجتماع الأمرين في شخص واحد باعتبارين ، فيكون شقياً في زمان ، وسعيداً في زمان آخر. ٢

ومما يؤيد هذا الوجه روايةً ما نقله صاحب تفسير البرهان مسنداً إلى حمران قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله : ( خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ) قال : « هذه في الذين يخرجون من النار ». ٣

توضيح الوجه السابع : إذ قلنا : إن الاستثناء في قوله تعالى : ( خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ ) استثناء من ضمير الجمع المستتر في خالدين ، والمعنى هم جميعاً خالدون فيها إلّا ما شاء الله أن يخرج منها ويدخل الجنة ، فيكون تصديقاً لما في الأخبار أن المذنبين والعصاة من المؤمنين لايدومون في النار ، بل يخرجون منها ويدخلون الجنة

________________

١. راجع : ناصر مكارم الشيرازي ، الامثل في تفسير كتاب الله المنزل ، ج ٧ ، ص ٦٧ ، ٦٨.

٢. راجع : تفسير البيضاوي ، ج ٣ ، ص ٢٦٣.

٣. السيد هاشم البحراني ، البرهان في تفسير القرآن ، ج ٣ ، ص ٢٣٤ ، ح ١٠.

٧٤

في الآخرة للشفاعة ، فإنّ خروج البعض كافٍّ في انتقاض العموم وصحة الاستثناء.

والكلام في الآية التالية : ( وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ ) الخ نظير الكلام في هذه الآية ، لاشتراكهما في السياق ، غير أن الاستثناء في آية الجنة يعقبه قوله تعالى : ( عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ) ولازمه أن لا يكون الاستثناء مشيراً إلى تحقق الوقوع ، فإنه لا يلائم كون الجنة عطاءً غير مقطوع ، بل هو مشير إلى إمكان الوقوع ، والمعنى أن أهل الجنة خالدون فيها أبداً إلّا أن يخرجهم الله منها ، لكن العطية دائمية ، وهم غير خارجين منها ، والله غير شاء ذلك أبداً ، فيكون الاستثناء مسوقاً لاثبات القدرة المطلقة ، وأن قدرة الله سبحانه لاتنقطع عنهم بإدخالهم الجنة الخالدة ، فله تعالى أن يخرجهم من الجنة وإن وعد لهم البقاء فيها دائماً ، لكنه تعالى لا يخرجهم لمكان وعده ، والله لا يخلف الميعاد.

والكلام في الاستثناء الواقع في هذه الآية ـ أعني آية النار ـ نظيره في آية الجنة ، لوحدة السياق بالمقابلة والمحاذاة ، وإن اختتمت الآية بقوله : ( إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ) وفيه من الاشارة إلى التحقق مالا يخفى. ١

ومما يؤيد هذا الوجه روايةً ما نقله صاحب تفسير البرهان بقوله : عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله ( فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ) قال : « في ذكر أهل النار استثناء ، وليس في ذكر أهل الجنة استثناء ( وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ) ». ٢

ويعلق العلامة الطباطبائي على هذه الرواية بأنه عليه‌السلام يشير فيها الى أن الاستثناء بالمشيئة في أهل الجنة لما عقبه الله بقوله : ( عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ) لم يكن استثناءً دالاً على إخراج بعض أهل الجنة منها ، وأنما يدل على إطلاق

________________

١. راجع : تفسير الميزان ، ج ١١ ، ص ٢٨ ، ٢٩.

٢. البرهان في تفسير القرآن ، ج ٣.

٧٥

القدرة ، بخلاف الاستثناء في أهل النار فإنه معقب بقوله : ( إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ) المشعر بوقوع الفعل.

وأصحّ الوجهين هو الوجه السابع الذي ذهب اليه العلّامة الطباطبائي وآخرون ، ويؤيده ما ذكره الفراء في تفسيره لقوله تعالى : ( سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنسَىٰ إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ) ، قال : لم يشأ أن ينسى شيئاً ، وهو كقوله : ( خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ) ولا يشاء. وأنت قائل في الكلام : لأعطينك كل ما سألت إلا ماشئت ، وإلا أن أشاء أن أمنعك. والنية ألا تمنعه ، وعلى هذا مجاري الأيمان يستثنى فيها ونية الحالف التمام. ٢

ويمكن الاستدلال على فساد الوجه الخامس من قوله : ( فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ) فالآية ناظرة إلى عاقبة الانسان يوم القيامة ، فهو إما إلى الجنة ، وإما إلى النار ، أي إما من المخلدين في النار ، أو من المخلدين في الجنة ، وعلى هذا يكون المقصود من الأشقياء في الآية هم الكفار ، فلا يشمل فساق الموحدين حتى نقول إن الاستثناء لإخراج المذنبين من الموحدين ، وعلى هذا فلابد من تفسير الآية بكونها لإثبات المشيئة الإلهية وليست استثناءاً من الخلود.

ومما يؤكد ويؤيد ما قلناه هو ما يتقدمها وما يتعقبها من الآيات القرآنية ، فالآيات القرآنية التي تقدمت على آية الخلود تحكي عن قصص الأمم الغابرة وعن شركهم واستكبارهم عن قبول الحق ، والذي ساقهم إلى عذاب الاستئصال ، وكذلك ما يتعقبها من الآيات ، وهو قوله تعالى : ( فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّمَّا يَعْبُدُ هَٰؤُلَاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُم مِّن قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنقُوصٍ ) وهذه الآية تفريع على آية الخلود وما سبقها من تفصيل لقصص

________________

١. راجع : تفسير الميزان ، ج ١١ ، ص ٤١.

٢. راجع : أبي زكريا بن زياد الفراء ، معاني القرآن ، ج ٣ ، ص ٢٥٦.

٧٦

الامم الغابرة ، وفيها ايئاس للكافرين من العفو الالهي ، كما قال العلامة الطباطبائي ١ والطبرسي. ٢ وفي هذه الآية يأمر الله تعالى نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله بان لا يكون في شك من عبادة قومه لغير الله ، وما يعبد هؤلاء إلّا كما يعبد اُولئك الُامم الهالكة الذين كانوا آباءهم ، ولا شك انا سنعطيهم حظهم من الجزاء كما فعلنا ذلك بآبائهم. على أن سورة هود بكاملها نزلت في مكة ، فكل ذلك دليل على أن المقصود من الأشقياء هم الكفار ، ولا ريب أن الكفار مخلدون في النار بصريح القرآن ، كقوله تعالى : ( وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ) وعلى هذا لايمكن حمل الاستثناء في آية الخلود في النار على استثناء الفساق من الموحدين ، وما تقدم من بيان فساد بقية الوجوه فيلزم حملها على كون المقصود منها هو إثبات المشيئة الالهية ، وانه لا يخرج شيء عن إرادته تعالى.

فالمعنى : أن الله تعالى يخبر أن أهل الجمع يوم القيامة ينقسمون إلى من هو شقي لسوء عمله من الكفر والشرك والتكذيب بآيات الله ، وإلى من هو سعيد لايمانه وعمله الصالح ، وسياق الآية يدل على حصر أهل الجمع يوم القيامة في الفريقين السعداء والاشقياء ، فهي نظير قوله تعالى : ( وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ) ٣ فقوله : ( فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ) بمعونة السياق أنها تفيد الحصر ، وإن كانت وحدها بمعزل عن الدلالة ، والآية ناظرة إلى عاقبة الانسان ونتيجة عمله يوم القيامة ، فهو إما من الاشقياء أبداً ، وإما من السعداء أبداً ، وبعد ذلك فصلت الآية حال الفريقين بحرف التفصيل ( أما ) ، فأما الذين شقوا فهم داخلون في النار ، وهؤلاء من شدة العذاب يرددون أنفاسهم في صدورهم ويخرجونها بصوت عال

________________

١. راجع : تفسير الميزان ، ج ١١ ، ص ٤٤.

٢. راجع : مجمع البيان ، ج ٥ ، ص ١٩٨.

٣. الشورىٰ ، ٨.

٧٧

بالبكاء والأنيني ، وهم في النار كما يفعل الحمار في نهيقه ، وهؤلاء يمكثون في النار مخلدين مادامت سماوات الآخرة وأرضها ، وكما هي دائمة فعذابهم وبقاؤهم في النار دائمة وأبدية ، ودخولهم الى النار بمشيئة الله تعالى كما كان دخولهم الى الجنة بمشيئة الله حيث لا يخرج شيء من قدرته ، وارادته تعالى والتي لا تنقطع عنهم بادخالهم الجنة الخالدة ، وقدرته باقية على ماكانت عليه قبل ذلك ، فله تعالى أن يخرجهم منها ، لكنه لا يخرجهم منها لمكان وعده ، وهو الذي لا يخلف الميعاد ، وكذلك الاستثناء الواقع في هذه الآية نظيره في آية الجنة لوحدة السياق وبالمقابلة والمحاذاة فأهل الخلود في النار كاهل الخلود في الجنة لا يخرجون منها أبداً إلّا أن يشاء الله سبحانه ، وذلك لأنه تعالى شأنه على كل شيء قدير ، ولا يوجب فعل من الأفعال إعطاء أو منع سلب قدرته على خلافه ، أو خروج الأمر من يده ، لأنّ قدرته مطلقة غير مقيدة بتقدير دون تقدير وأمر دون أمر ، وإن الله تعالى يفعل ما يشاء هو وما يريد من إخلادهم في النار أبداً. فالآية كما ترى لا دلالة فيها على انقطاع العذاب وإن احتملت دلالتها على الاستثناء من الخلود فهي دالة على اخراج المذنبين من الموحدين لا إخراج الكفار من النار ، وقد قال تعالى :( وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ )١

٢. قوله تعالى : ( وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الْإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُم مِّنَ الْإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ). ٢

هذه الآية واردة في حق الكفار ، والدليل هو ما بتبعها بعد آية ، وهو قوله تعالى : ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا

________________

١. البقرة ، ١٦٧.

٢. الانعام ، ١٢٨.

٧٨

عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ ) ١ فالآية تخاطب اُولئك الذين دخلوا في ولاية الشياطين ، وكذلك تخاطب أولولياءهم من شياطين الجن بأنه أرسل إليهم الرسل ، وقصوا عليهم آيات الله وعلائمه التي تدلّ على الدين الحق ، وأنذروهم عن لقاء يوم القيامة ، وأنه سبحانه سوف يوفقهم للحساب على أعمالهم ثم يجازيهم بما عملوا ، وأنهم شهدوا على أنفسهم بكل ذلك ، وشهدوا أيضاً بأنهم كانوا كافرين بكل ما جاء به الرسل ، وكان كل ذلك عن علم منهم لا عن غفلة. وقد ثبت في تفسير الآية السابقة أن قوله : ( إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ) ليس استثناءً عن الخلود ، بل هو لاثبات القدرة الالهية المطلقة ، وانه لا يخرج شيء عن ارادته تعالى.

فالاستثناء في هذه الآية أيضاً ليس استثناءً عن الخلود في النار ، لأن الآية نازلة في حق الكفار ، وقد اتفق المفسرون على أن الكفار مخلدون في النار خلوداً أبدياً ، وعلى هذا يلزم تفسيرها بما فسرنا به الآية السابقة ، وهي أنها لاثبات كون خلود الكافرين في النار واقع عن إرادته سبحانه ، وخلودهم في النار لايسلب عنهم إرادته ، بل ان شاء أن يخرجهم منها فعل ، ولكنه لا يخرجهم منها ولا يشاء ذلك ، بل يجازيهم على كفرهم وأعمالهم القبيحة.

٣. دلالة اللبث أحقاباً في النار على محدودية البقاء في جهنم

قالوا : إن الحقب في قوله تعالى : ( لَّابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا ) ٢ زمن محدود عرفناه أم جهلناه ، فجمعه أيضاً محدود لا تتصور فيه اللانهاية الزمنية للمكوث في النار ، فهذه الآية تدلّ على انقطاع العذاب ، واستندوا في إثبات ما ذهبوا إليه على بعض الروايات المنقولة عن الأصحاب. ٣

________________

١. الانعام ، ١٣٠.

٢. النبأ ، ٢٣.

٣. راجع : تفسير الفرقان ، ج ٣٠ ، ص ٤١ ـ ٤٣؛ حادي الارواح ، ص ١٤٩ ـ ٢٥٠ ، ص ٢٥٣ ، ٢٥٤.

٧٩

أقوال اللغويين في معنى الحقب

١. قال الراغب : والصحيح أن الحقبة مدة من الزمان مبهمة. ١

٢. قال الأزهري : وقال الليث : الحقبة زمان من الدهر لا وقت له. ٢

٣. قال ابن منظور : والحقبة من الدهر : مدة لا وقت لها. ٣

٤. قال الجوهري : والحقبة بالكسر : واحدة الحقب ، وهي السنون ، والحقب : الدهر ، والأحقاب : الدهور ، ومنه قوله تعالى : ( أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا ). ٤

آية الحقب عند المفسرين

١. يذهب الشيخ الطوسي والعلامة الطبرسي إلى أن المقصود من الآية هو توقيت لأنواع العذاب لا لمكثهم في النار ، والمعنى : أي لابثين فيها أحقاباً ، لا يذوقون في تلك الأحقاب برداً ولا شرباً إلّا حميماً وغساقاً ، ثم يلبثون فيها يذوقون غير الحميم والغساق من أنواع العذاب كالزقوم والزمهرير ونحوه. ٥

٢. إن معنى الآية : لابثين فيها أحقاباً متتابعة لا انقطاع لها ، كلما مضى حقب تعبه حقب آخر. وذهب إلى هذا الرأي أحمد المراغي ، ٦ والبيضاوي ، ٧ والزمخشري ، ٨ والقرطبي ، ٩ والآلوسي ، ١٠ والبروسوي ، ١١ والقاضي عبدالجبار ، ١٢ والشيخ مكارم الشيرازي. ١٣ وظاهر كلام العلامة الطباطبائي أنه يميل إلى هذا

________________

١. مفردات الفاظ القرآن ، ص ٢٤٨.

٢. تهذيب اللغة ، ج ٤ ، ص ٧٣.

٣. ابن منظور الافريقي ، لسان العرب ، ج ١ ، ص ٣٢٦.

٤. اسماعيل بن حماد الجوهري ، الصحاح ، ج ١ ، ص ١١٤.

٥. راجع : تفسير التبيان ، ج ١٠ ، ص ٢٢٤ ؛ مجمع البيان ،  ، ج ١ ، ص ٤٢٤.

٦. راجع : تفسير المراغي ، ج ٣٠ ، ص ١٣.

٧. راجع : تفسير البيضاوي ، ج ٥ ، ص ٤٤١.

٨. راجع : تفسير الكشاف ، ج ٤ ، ص ٦٦٨.

٩. راجع : تفسير القرطبي ، ج ١٩ ، ص ٢٧٧.

١٠. راجع : روح المعاني ، ج ٣٠ ، ص ١٤ ، ١٥.

١١. راجع : روح البيان ، ج ١٠ ، ص ٣٠٢.

١٢. راجع : القاضي عبدالجبار بن احمج ، تنزيه القرآن عن المطاعن ، ص ٤٤٦.

١٣. راجع : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل ، ج ١٩ ، ص ٣٠٤.

٨٠