سلمان الفارسي في مواجهة التحدّي

السيد جعفر مرتضى العاملي

سلمان الفارسي في مواجهة التحدّي

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : التراجم
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٣٣

هذا .. وقد احتج معاوية نفسه على صعصعة وأصحابه بنصب عمر له ؛ فليراجع (١).

ولما خرجت الخوارج من الكوفة ، أتى علياً أصحابه ، وشيعته ، فبايعوه ، وقالوا : نحن اولياء من واليت ، واعداء من عاديت ؛ فشرط لهم فيه سنة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ فجاءه ربيعة بن أبي شداد الخثعمي ، وكان شهد معه الجمل ، وصفين ، ومعه راية خثعم ؛ فقال له : بايع على كتاب ا‏لله ، وسنة رسوله.

فقال ربيعة : على سنة أبي بكر ، وعمر ..

فقال له علي عليه‌السلام : ويلك ، لو أن بكر وعمر عملا بغير كتاب ا‏لله ، وسنة رسوله ، لم يكونا على شيء من الحق ..

فبايعه ربيعة.

ونظر إليه علي عليه‌السلام ، فقال : أما والله ، لكأني بك ، وقد نفرت مع هذه الخوارج ، فقتلت ، وكأني بك ، وقد وطأتك الخيل بحوافرها ..

فقتل يوم النهر. قال قبيصة : فرأيته يوم النهروان قتيلاً ، قد وطأت الخيل وجهه ، وشدخت رأسه ومثلت به. فذكرت قول علي ، فقلت : ‏ در أبي الحسن ما حرك شفتيه قط بشيء الا كان كذلك (٢).

وقال الاشعث بن قيس لامير المؤمنين عليه‌السلام فيما يرتبط بارسال أبي موسى للتحكيم :

« .. وهذا أبو موسى الاشعري ، وافد أهل اليمن إلى رسول الله صلّى الله

__________________

(١) تاريخ الطبري ج ٣ ص ٣١٦ والكامل لابن الاثير ج ٣ ص ١٤٣ والغدير ج ٩ ص ٣٥. عن : شرح النهج للمعتزلي ج ١ ص ١٥٨ ـ ١٦٠ وعن تاريخ ابن خلدون ج ٢ ص ٣٨٧ ـ ٣٨٩ وعن تاريخ أبي الفداء ج ١ ص ١٦٨.

(٢) الامامة والسياسة ج ١ ص ١٤٦ وراجع : تاريخ الطبري ج ٤ ص ٥٦ ، وبهج الصباغة ج ٧ ص ١٧٩ وراجع كتابنا : الحياة السياسية للامام الحسن عليه‌السلام ص والكامل لابن الاثير ج ٣ ص ٣٣٧.

١٦١

عليه وآله وسلّم ، وصاحب مغانم أبي بكر ، وعامل عمر بن الخطاب .. » (١).

أما في الاتجاه السلبي :

وفي الاتجاه السلبي ، نجد أن هؤلاء المهدورة كراماتهم ، المسلوبة حقوقهم ، من قبل الهيئة الحاكمة ، واعوانها على الخصوص ، يصبحون أشد الناس على عثمان ، حيث ثار الناس عليه ، بسبب ما ظهر منه ، في أيام خلافته ، ولا سيما في السنوات الاخيرة منها.

١ ـ يقول ابن عبدربه ، وهو يتحدث عن حصر أهل المدينة ، وأهل مصر عثمان بن عفان :

« .. وكان معهم من القبائل : خزاعة ، وسعد بن بكر ، وهذيل ، وطوائف من جهينة ، ومزينة ، وانباط يثرب ، وهؤلاء كانوا أشد الناس عليه » (٢).

٢ـ وحينما جاء عرب الكوفة إلى عبدالرحمان بن مخنف الازدي ، وطلبوا منه الخروج معهم على المختار ، قال لهم عبدالرحمان :

« .. أخاف أن تتفرقوا وتختلفوا. ومع الرجل شجعانكم وفرسانكم ، مثل فلان ، وفلان. ثم معه عبيدكم ، ومواليكم ؛ وكلمة هؤلاء واحدة. ومواليكم أشد حنقاً عليكم من عدوكم ؛ فهم مقاتلوكم بشجاعة العرب ، وعداوة العجم » (٣).

٣ ـ هذا .. بالاضافة إلى أن قتل الخليفة عمر بن الخطاب ، إنما تم على يد شخص غير عربي ، وهو أبو لؤلؤة ، غلام المغيرة بن شعبة .. (٤) وذلك معروف ومشهور.

__________________

(١) الامامة والسياسة ج ١ ص ١٣٠.

(٢) العقد الفريد ج ٤ ص ٣٠٠ والغدير ج ٩ ص ١٦٩ عنه.

(٣) راجع : تاريخ الامم والملوك ج ٦ ص ٤٥ ط دار المعارف بمصر. والكامل لابن الاثير ج ٤ ص ٢٣١.

(٤) راجع : تاريخ عمر بن الخطاب ، لابن الجوزي ص ٢٣٨/٢٣٩ وأي كتاب تاريخي ، يؤرخ لقتل الخليفة الثاني.

١٦٢

وذلك كله أمر طبيعي ، فان الناس بشر ، لهم أحاسيسهم ، ومشاعرهم ، ولهم كذلك كرامات ، وطموحات ، لابدّ من مراعاتها ، والاستجابة لها ، وإلا .. فان النار تحرق ، والشجر يورق ، والبحر يغرق.

آثار سياسة علي عليه‌السلام وأهل بيته :

هذا .. ولكن سياسة علي أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام ، قد اسفرت عن نتائج وآثار سلبية ، واخرى ايجابية ..

فأما بالنسبة للسلبية منها ؛ فان مساواة علي عليه‌السلام بين العرب وغيرهم ، ولا سيما في العطاء ، قد كان من أهم اسباب الخلاف عليه ، وكانت قسمته بالسوية أول ما أنكروه منه ، واورثهم الضغن عليه (١).

وكان ذلك من أسباب خروج طلحة والزبير ، ثم ما جرى في حرب الجمل (٢).

وقد قال له عمار ، وأبو الهيثم ، وأبو أيوب ، وسهل بن حنيف ، وجماعة :

« إنهم قد نقضوا عهدك ، واخلفوا وعدك ، ودعونا في السر الى رفضك. هداك ا‏لله لرشدك ، وذلك لانهم كرهوا الاسوة ، وفقدوا الإثرة ، ولما آسيت بينهم وبين الاعاجم أنكروا إلخ .. » (٣).

وكتب ابن عباس إلى الامام الحسن عليه‌السلام يقول له :

« .. وقد علمت أن أباك عليّاً ، إنما رغب الناس عنه ، وصاروا إلى معاوية ؛ لانه واسى بينهم في الفيىء ، وسوى بينهم في العطاء إلخ .. » (٤).

بل لقد كان للعرب ، كل العرب موقف سلبي من علي عليه‌السلام ، قد عبر

__________________

(١) شرح النهج للمعتزلي الخنفي ج ٧ ص ٣٧.

(٢) راجع : المعيار والموازنة ص ١١٣/١١٤.

(٣) شرح النهج للمعتزلي الحنفي ج ٧ ص ٣٧ عن الاسكافي ، وبهج الصباغة ج ١٢ ص ٢٠٠.

(٤) الفتوح لابن اعثم ج ٤ ص ١٤٩ وشرح النهج للمعتزلي الحنفي ج ١٦ ص ٢٣ وعن جمهرة رسائل العرب ج ٢ ص ١ وراجع : حياة الامام الحسن بن علي القرشي ج ٢ ص ٢٦.

١٦٣

عنه هو نفسه ، حينما كتب لاخيه عقيل : « ألا وان العرب قد أجمعت على حرب أخيك ، اجماعها على حرب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل اليوم ؛ فأصبحوا قد جهلوا حقه ، وجحدوا فضله ، وبادروه العداوة ، ونصبوا له الحرب ، وجهدوا عليه كل الجهد ، وجروا إليه جيش الاحزاب إلخ » (١).

وعلى الصعيد الايجابي فإننا نجد تعاطف غير العرب ، مع أولئك الذين وجدوا فيهم التجسيد الحي لتعاليم الاسلام ، وهم علي وأهل بيته عليهم‌السلام ، وشعيته الابرار ؛ فقد كان من الطبيعي : أن تشدّهم إليهم أواصر المحبة ، وأن ينظروا إليهم بعين الاكبار ، والاجلال ، والتقدير الفائق ، وأن يجدوا فيهم الملجأ والملاذ لهم ، في جميع ما ينوبهم ..

ويكفي أن نذكر هنا :

١ ـ أن الموالي كانوا هم أنصار المختار ، في حركته التي كانت ترفع شعار الاُخذ بثارات الحسين عليه‌السلام ، وكان ذلك ـ على ما يبدوا ـ هو السبب في تخاذل العرب عنه (٢).

٢ ـ وكان لعثمان عبد ، فاستشفع بعلي أن يكاتبه عثمان ، فشفع له ، فكاتبه (٣).

٣ ـ وقال السيد أمير علي : « وقد أظهر الامام علي منذ بداية الدعوة الاسلامية كل تقدير ومودة نحو الفرس ، الذين اعتنقوا الاسلام. لقد كان سلمان الفارسي ـ وهو أحد مشاهير اصحاب الرسول ـ رفيق علي وصديقه. كان من عادة الامام أن يخصص نصيبه النقدي في الانفال لافتداء الاسرى. وكثيراً ما أقنع الخليفة عمر بمشورته ، فعمد إلى تخفيف عبء الرعية في فارس. وهكذا .. كان ولاء الفرس لاحفاده واضحاً تمام الوضوح » (٤).

__________________

(١) شرح النهج للمعتزلي الحنفي ج ٢ ص ١١٩ والغارات ج ٢ ص ٤٣١ والبحار ج ٨ ط قديم ص ٦٢١ والدرجات الرفيعة ص ١٥٦ ونهج السعادة ج ٥ ص ٣٠٢.

(٢) الخوارج والشيعة ٢٢٧/٢٢٨.

(٣) ربيع الاُبرار ج ٣ ص ٢٢.

(٤) روح الاسلام ص ٣٠٦.

١٦٤

٤ ـ ويرى فان فلوتن : ان من اسباب ميل الخراسانيين ، وغيرهم من الإيرانيين الى العلويين ، هو أنهم لم يعاملوا معاملة حسنة ، ولا رأوا عدلاً ، إلا في زمن حكم الامام علي عليه‌السلام (١).

٥ ـ وأخيراً .. فقد رأينا السودان ـ وهو ليسوا من العرب ـ يثورون ضد ابن الزبير ، انتصاراً لابن الحنفية. وكان فيهم غلام لابن عمر اسمه ، رباح ، فلما كلمه ابن عمر ، متعجباً ومستفهماً عن سبب خروجه مع الثائرين ، قال :

« والله ، إنا خرجنا لنردكم عن باطلكم إلى حقنا .. » (٢).

هذا كله .. عدا عن أن هذه السياسة الاسلامية الخالصة ، قد أسهمت في حفظ اصول الاسلام ، وفي وعي تعاليمه ، وترسيخ قواعده على المدى البعيد .. ثم في تعريف الناس على اولئك الذين يحملون همّ الاسلام للاسلام ، لا لاُجل مصالحهم الخاصة ، ولا لتحقيق مآربهم في التسلط والهيمنة على الآخرين ، واستغلالهم ..

فهم يعيشون الاسلام قضيةً ، وفكراً وطريقة ، ومنطلقاً ، وهدفاً. ويجسدونه رسالةً إلهية ، وانسانية ، تنبض بالحياة ، وتزخر بالمعاني السامية ، والغنية في مضامينها كما هي غنية في عطائها ، وروافدها.

غير العرب هم روّاد العلم والثقافة :

ورغم أن السياسة الاموية القاسية تجاه غير العرب ، والتي لم تكن إلا استمراراً لسياسة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب قد ارهقت غير العرب ، وحرمتهم من أبسط الحقوق الانسانية والشرعية .. فان هؤلاء الناس قد اتجهوا نحو ما هو أهم ونفعه أعم ، فحصلوا على المجد والرفع عن طريق العلم والمعرفة ، وأقبلوا على الاسلام ، وعلى النهل من معين معارفه ، وآدابه ، والغوص في بحار

__________________

(١) السيادة العربية والشيعة والاسرائيليات.

(٢) انساب الاشراف ، بتحقيق المحمودي ج ٣ ص ٢٩٥.

١٦٥

علومه وحقائقه بصورة مثيرة ومذهلة.

حتى لقد اصبحوا في مدة وجيزة هم علماء الامة ، وقراء الاسلام ، ودعاته ، ونحن نذكر هنا النصوص التالية :

١ ـ قال أبو هلال العسكري عن الحجاج :

« .. وهو أول من نقش على يد كل رجل اسم قريته ، ورده إليها. وأخرج الموالي من بين العرب .. إلى أن قال :

وكان الذي دعاه إلى ذلك : أن أكثر القراء ، والفقهاء ، كانوا من الموالي. وكانوا جلّ من خرج عليه مع ابن الاشعث ؛ فأراد أن يزيلهم من موضع الفصاحة والادب ، ويخلطهم بأهل القرى ؛ فيخمل ذكرهم. وكان سعيد بن جبير منهم ، وكان عبد رجل من بني أسد ، اشتراه ابن العاص ؛ فأعتقه ، فلما أتي به الحجاج ، قال :

يا شقي بن كسير ، أما قدمت الكوفة ، وما يؤم بها [إلا] (١) عربي ؛ فجعلتك إماماً؟ إلخ .. » (٢).

٢ ـ روى الحاكم بسنده عن الزهري ، قال :

قدمت على عبدالملك بن مروان ، فقال لي : من أين قدمت يازهري؟

قلت : من مكة.

قال : فمن خلفت يسود أهلها؟

قال : قلت : عطاء بن أبي رباح.

قال : فمن العرب ، أم من الموالي؟

قال : قلت : من الموالي.

__________________

(١) هذه الكلمة ساقطة من كتاب الاوائل ، لكنها موجودة في شذرات الذهب وفي وفيات الاعيان ج ٢ ص ٣٧٣.

(٢) الاوائل للعسكري ج ٢ ص ٦١ و ٦٢ وراجع : العقد الفريد ج ٣ ص ٤١٦/٤١٧ وشذرات الذهب ج ١ ص ١٠٩. ولم يذكر في العقد قصة سعيد بن جبير. وهي في وفيات الاعيان ج ٢ ص ٣٧٣.

١٦٦

قال : ويم سادهم؟

قال : قلت : بالديانة والرواية.

قال : إن أهل الديانة والرواية لينبغي أن يسودوا ؛ فمن يسود أهل اليمن؟

قال : قلت : طاووس بن كيسان.

قال : فمن العرب ، أم من الموالي؟

قال : قلت : من الموالي؟

قال : وبم سادهم؟

قال : قلت : بما سادهم به عطاء.

قال : إنه لينبغي. فمن يسود أهل مصر؟

قال : قلت : يزيد بن أبي حبيب.

قال : فمن العرب ، أم من الموالي؟

قال : قلت : من الموالي.

قال : فمن يسود أهل الشام؟

قال : قلت : محكول.

قال : فمن العرب ، أم من الموالي؟

قال : قلت : من الموالي ، عبد نوبي ، أعتقته امرأة من هذيل.

قال : فمن يسود أهل الجزيرة؟

قال : قلت : ميمون بن مهران.

قال : فمن العرب ، أم من الموالي؟

قال : قلت : من الموالي.

قال : فمن يسود أهل خراسان؟

قال : قلت الضحاك بن مزاحم.

قال : فمن العرب ، أم من الموالي؟

قال : قلت: من الموالي.

١٦٧

قال : فمن يسود أهل البصرة؟

قال : قلت : الحسن بن أبي الحسن.

قال : فمن العرب ، أم من الموالي؟

قال : قلت : من الموالي.

قال : ويلك ، فمن يسود أهل الكوفة؟

قال : قلت : إبراهيم النخعي.

قال : فمن العرب ، أم من الموالي؟

قال : قلت : من العرب.

قال : ويلك يا زهري ، فرجت عني وا‏لله ، ليسودنٌ الموالي على العرب ، حتى يخطب لها على المنابر ، والعرب تحتها!

قال : قلت : يا أمير المؤمنين ، انما هو أمر ا‏لله ودينه ، من حفظه ساد ، ومن ضيعه سقط (١).

٣ ـ وعن العباس بن مصعب ، قال :

خرج من مرو أربعة من أولاد العبيد ، ما منهم أحد إلا وهو امام عصره :

عبدالله بن المبارك ، ومبارك عبد.

وابراهيم بن ميمون الصائغ. وميمون عبد.

والحسين بن واقد. وواقد عبد.

وأبو حمزة ، محمد بن ميمون السكري وميمون عبد (٢).

ثم ذكر الحاكم جماعة من كبار التابعين وأئمة المسلمين ، كلهم من الموالي ، فمن أراد الاطلاع على ذلك ، فليراجع كتابه : معرفة علوم الحديث ص ١٩٩ ـ ٢٠٠.

٤ ـ ودخل محمد بن أبي علقمة على عبدالملك بن مروان ، فقال : من سيد الناس بالبصرة؟

__________________

(١) معرفة علوم الحديث ص ١٩٨ ـ ١٩٩.

(٢) معرفة علوم الحديث ص ١٩٩.

١٦٨

قال : الحسن.

قال : مولى ، أو عربي؟

قال : مولى.

قال : ثكلتك امك ، مولى ساد العرب؟!

قال : نعم.

قال : بم؟

قال : استغنى عما في ايدينا من الدنيا ، وافتقرنا إلى ما عنده من العلم إلخ (١).

وقال ابن أبي ليلى : قال لي عيسى بن موسى ، وكان جائراً شديد العصبية : من كان فقيه البصرة؟

قال : الحسن بن أبي الحسن.

قال : ثم من؟

قلت : محمد بن سيرين.

قال : فما هما؟

قلت : فما هما؟

قلت : موليان.

قال : فمن كان فقيه مكة؟

قلت : عطاء بن أبي رباح ومجاهد بن جبر ، وسعيد بن جبير ، وسليمان بن يسار.

قال : فما هؤلاء؟

قلت : موالى.

قال : فمن فقهاء المدينة؟

قلت : زيد بن اسلم ، ومحمد بن المكندر ، ونافع بن أبي نجيح.

__________________

(١) ربيع الابرار ج ١ ص ٨١١.

١٦٩

قال : فمن هؤلاء؟

قلت : موالي.

فتغير لونه ، ثم قال : فمن افقه أهل قباء؟

قلت : ربيعة الرأي ، وابن أبي الزناد.

قال : فما كانا؟

قلت : من الموالي.

فاربد وجهه ، ثم قال : فمن كان فقيه اليمن؟

قلت : طاووس ، وابنه ، وهمام بن منبه.

قال : فما هؤلاء؟

قلت : من الموالي.

فانتفخت اوداجه ، وانتصب قاعداً ، ثم قال : فمن فقيه خراسان.

قلت : عطاء بن عبدا‏ الخراساني.

قال : فما كان عطاء هذا؟

قلت : مولى.

فازداد وجهه تربداً ، واسود اسوداداً ، حتى خفته ، ثم قال : فمن كان فقيه الشام؟

قلت : مكحول.

قال : فما مكحول هذا؟

قلت : مولى.

فازداد تغيظاً وحنقاً ، ثم قال : فمن كان فقيه الجزيرة؟

قلت : ميمون بن مهران.

قال : فما كان؟

قال : مولى.

قال : فتنفس الصعداء ، ثم قال : فمن كان فقيه الكوفة؟

قال : فوّالله لولا خوفه لقلت : الحكم بن عيينة وعمار بن أبي سليمان.

١٧٠

ولكن رأيت فيه الشر ؛ فقلت : إبراهيم ، والشعبي.

قال : فما كانا؟

قلت : عربيان.

قال : ا‏لله أكبر.

وسكن جأشه (١).

٦ ـ وقال عبدالرحمان بن زيد بن أسلم : لما مات العبادلة : عبدالله بن عباس ، وعبدالله بن عمر ، وعبدالله‏ بن الزبير ، وعبدالله بن عمرو بن العاص ، صار الفقه في جميع البلدان الى الموالي :

فقيه مكة : عطاء.

وفقيه اليمن : طاووس.

وفقيه اليمامة : يحيى بن أبي كثير.

وفقيه البصرة : السن البصري.

وفقيه الكوفة : إبراهيم النخعي.

وفقيه الشام : مكحول.

وفقيه خراسان : عطاء الخراساني.

الا المدينة ؛ فان ا‏لله حرسها بقرشي ، فقيه غير مدافع : سعيد بن المسيّب إلخ .. (٢). ولكن ذكر إبراهيم النخعي في جملة الموالي لا يصح ، فإنه كان عربياً من النخع من مذحج.

وقد يجوز لنا أن نتساءل هنان فنقول : لماذا كانت الحراسة بقرشي لخصوص المدينة ، مع أن مكة أشرف منها وأقدس ، لان فيها الكعبة المشرفة ، قبلة المسلمين ، وبيت الله فلماذا لم يحرسها ا‏لله بقرشي ، واصل قريش منها ، ولعل الاُصح خصها كما في معجم البلدان.

__________________

(١) العقد الفريد ج ٣ ص ٤١٥/٤١٦.

(٢) شذرات الذهب ج ١ ص ١٠٣ ومعجم البلدان ج ٢ ص ٣٥٤.

١٧١

كما أننا نرى ان لنا الحق في تسجيل تحفظ فيما يرتبط بنسبة الفقاهة إلى اكثر العبادلة ، الذين ذكرت اسماءهم ، ولمناقشة هذا الاُمر موضع آخر.

٧ ـ وقال ياقوت عن أهل خراسان: « أما العلم ؛ فهم فرسانه ، وساداته واعيانه ، ومن أني لغيرهم مثل : محمد بن اسماعيل البخاري إلخ » (١).

٨ ـ « ولما تكلم ابن خلدون في فصل : أن حملة العلم في الاسلام أكثرهم من العجم ، من مقدمة العبر إلخ .. » (٢).

قال : « من الغريب الواقع : أن حملة العلم في الملة الاسلامية أكثرهم العجم ، لا من العلوم الشرعية ، ولا من العلوم العقلية (٣) الا في القليل النادر. وان كان منهم العربي في نسبته ؛ فهو عجمي في لغته ، ومرباه ، ومشيخته ، مع أن الملة عربية ، وصاحب شريعتها عربي .. ».

إلى أن قال بعد ذكره أمثلة على ذلك : « .. ولم يقم بحفظ العلم وتدوينه الا الأعاجم. وظهر مصداق قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لو تعلق العلم بأكناف السماء لنا له قوم من أهل فارس إلخ .. » (٤).

٩ ـ وقال الزمخشري :

قال قرشي : سألني سعيد بن المسيّب عن أخوالي.

فقلت : أمي فتاة.

فنقصت في عينه ؛ فامهلت حتى دخل عليه سالم بن عبدالله بن عمر ، فقلت : من امه؟

قال فتاة.

ثم دخل القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق؛ فقلت : من امه؟

__________________

(١) معجم البلدان ج ٢ ص ٣٥٣.

(٢) التراتيب الادارية ج ٢ ص ٣١٨.

(٣) أي سواء من العلوم الشرعية ، أو من العلوم العقلية ، كما جرى عليه ابن خلدون في تعبيراته.

(٤) راجع : مقدمة ابن خلدون ص ٥٤٣ ـ ٥٤٥.

١٧٢

قال : فتاة.

ثم دخل علي بن الحسين ؛ فقلت : من امه؟

قال : فتاة.

ثم قلت : رأيتني نقصت في عينك ؛ لاني ابن فتاة!! أفما لي بهؤلاء أسوة؟!

فجللت في عينه (١).

١٠ ـ ويذكرنا موقف هذا القرشي من سعيد بموقف زيد بن علي رضوان ا‏لله تعالى عليه من هشام بن عبدالملك ، حينما قال له هشام :

بلغني : أنك تطلب الخلافة ، ولست لها بأهل.

قال : ولم؟!.

قال : لانك ابن أمة.

قال : فقد كان إسماعيل ابن أمة ، وإسحاق ابن حرة وقد أخرج ا‏لله من ولد إسماعيل سيد ولد آدم ..

ولهذه القضية نصوص اخرى ، فلتراجع في مصادرها ، التي قدمّنا شطراً منها حين الكلام على سياسة الامويين في موضوع التمييز العنصري ، فلتراجع.

غير العرب .. والامر بالمعروف والنهي عن المنكر :

هذا .. وقد رأينا أيضاً : أن غير العرب كانوا أكثر التزاماً لجانب الحق ، وأشد تحرياً واجتهاداً ، والتزاماً بالشرع وأحكامه ، وقد تقدم كيف أن السودان ـ وهم ليسوا من العرب ـ يثورون ضد ابن الزبير ، انتصاراً لابن الحنفية ، وكان فيهم غلام لابن عمر ، اسمه : رباح ، فلما سأله ابن عمر عن الذي دعاه للخروج مع الثائرين.

قال : « .. والله ، إنا خرجنا لنردكم عن باطلكم إلى حقنا .. » (٢).

__________________

(١) ربيع الابرار ج ٣ ص ٣١.

(٢) انساب الاشراف ، بتحقيق المحمودي ج ٣ ص ٢٩٥.

١٧٣

الملحق

١٧٤
١٧٥

مؤخاة سلمان مع من؟! :

وقبل أن ننهي الحديث عن سلمان ، أحببنا تسجيل ملاحظة ، حول ما يذكر في قضية مواخاته رضوان الله تعالى عليه فانهم يقولون : إن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد آخى بينه وبين أبي الدرداء (١).

وفي نص آخر : إنه آخى بينه وبين حذيفة (٢).

وفي رواية ثالثة : إنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد آخى بينه وبين المقداد (٣).

انكار حديث المؤاخاة والاجابة عن ذلك :

أما ابن سعد ، فقد قال :

« أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني موسى بن محمد ، بن إبراهيم ، بن

__________________

(١) الاصابة ج ٢ ص ٦٢ ، والاستيعاب بهامشه ج ٢ ص ٦٠ وج ٤ ص ٥٩ والغدير ج ١٠ ص ١٠٣/١٠٤ وج ٣ ص ١٧٤ وقد ناقش في هذه الرواية. والسيرة النبوية لابن هشام ج ٢ ص ١٥٢ وأسد الغابة ج ٢ ص ٣٣٠ و ٣٣١ وطبقات ابن سعد ط ليدن ج ٤ قسم ١ ص ٦٠ وتهذيب تاريخ دمشق ج ٦ ص ٢٠٣ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٨ ص ٣٧ وتهذيب الاسماء ج ١ ص ٢٢٧ وقاموس الرجال ج ٠٧ ص ٢٥٦ ونفس الرحمان ص ٩١ و ٨٥ عن أبي عمر ، وعن المناقب للخوارزمي ، الفصل ١٤. وتهذيب التهذيب ج ٤ ص ١٣٨.

(٢) طبقات ابن سعد ج ٤ قسم ١ ص ٦٠ ط ليدن.

(٣) نفس الرحمان ص ٨٥ عن الحسين بن حمدان.

١٧٦

الحارث ، عن أبيه ، قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : أخبرنا محمد بن عبدالله ، عن الزهري :

أنهما كانا ينكران كال مؤاخاة كانت بعد بدر ، ويقولان : قطعت بدر المواريث.

وسلمان يومئذٍ في رق ، وإنما عتق بعد ذلك. وأول غزوة غزاها : الخندق ، سنة خمس من الهجرة (١).

ولأجل ذلك ؛ فقد عبر البلاذري هنا بقوله : « .. وقوم يقولون : آخى بين أبي الدرداء ، وسلمان.

وإنما اسلم سلمان فيها بين أحد والخندق.

قال الواقدي : والعلماء ينكرون المؤاخاة بعد بعد ، ويقولون : قطعت بدر المواريث » (٢).

« .. وقال ابن أبي الحديد : قال أبو عمر : آخى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بينه وبين أبي الدرداء ، لما آخى بين المسلمين.

ولا يخفى ضعفه ، وغرابته » (٣).

ونقول : إن لنا على ما تقدم ملاحظات ، نجملها فيما يلي :

أولاً : قولهم إن المؤاخاة قد انقطعت بعد بدر ، لا يصح ، وقد تحدثنا عن ذلك في كتابنا : الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ج ٣ ص ٥٩/٦٠ فليراجعه من أراد. فلا داعي لاستغراب هؤلاء ، ولا مبرر لانكار أولئك.

وثانياً : قولهم : إن انقطاع المؤاخاة بعد بدر يلزمه عدم صحة مؤاخاة سلمان مع أحد من الناس ، لا يصح كذلك ، إذ لماذا لا يؤاخي قبل بدر بين سلمان وان

__________________

(١) طبقات ابن سعد ط ليدن ج ٤ قسم ١ ص ٦٠.

(٢) انساب الاشراف (قسم حياة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ج ١ ص ٢٧١.

(٣) نفس الرحمان ص ٨٥ عنه.

١٧٧

كان عبداً وبين رجل آخر حر ..

هذا بالاضافة إلى أنه قد تقدم في اول هذا الكتاب : أنه قد اسلم وتحرر في اول سني الهجرة.

وثالثاً : أما دعوى البلاذري أن سلمان قد اسلم بين أحد والخندق ، فلا تصح أيضاً لأنه إنما أسلم في أول الهجرة ، كما اتضح من روايات اسلامه ، نعم .. هم يقولون : إن تحرره قد كان قبل الخندق.

فاذا كان مسلماً حين المؤاخاة ؛ فيمكن أن يؤاخي بينه وبين أحد المسلمين ، ولو كان الطرف الآخر حراً ؛ لعدم الفرق بين الحر والعبد ، في الايمان والانسانية ، وغير ذلك بنظر الاسلام ..

هذا .. لو سلم أن كان لا يزال عبداً ..

ورابعاً : إن الذي انقطع بدع بدر انما هو التوارث بين الاخوة وليس نفس المؤاخاة ..

مع أننا نقول أيضاً : إن التوارث لم يكن موجوداً حتى قبل ذلك ، ولعل بعض المسلمين قد توهم التوارث بين المتأخرين ، فجاء الردع عنه ، وتصحيح اشتباهه في ذلك ، فصادف ذلك زمان حرب بدر ..

فنشأ عن ذلك توهمان آخران : هما : ان التوارث كان ثابتاً .. وأن المؤاخاة تنقطع بانقطاع التوارث ، وكلاهما باطل ، ولا يصح ..

وخامساً : قولهم : إن المؤاخاة قد كانت بين سلمان وبين أبي الدرداء.

يقابله :

١ ـ ما روي عن امامنا السجاد عليه الصلاة والسلام ، أنه قال : « لو علم أبو ذر ما في قلب سلمان لقتله ، ولقد آخى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بينهما ، فما ظنكم بسائر الخلق » (١).

__________________

(١) بصائر الدرجات ص ٢٥ والكافي ج ١ ص ٣٣١ والغدير ج ٧ ص ٣٥ عنهما واختيار معرفة الرجال

١٧٨

٢ ـ عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، أنه قال : آخى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين سلمان وأبي ذر ، واشترط على أبي ذر : أن لا يعصي سلمان (١).

وقد ذكرنا شيئاً حول هذا الحديث في كتابنا : الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ج ٣ ص ٦٨/٦٩ فليراجع.

٣ ـ إننا نعتقد : أن مؤاخاة سلمان مع أبي ذر هي الأصح ، والأوفق بما يذكرونه من أن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يؤاخي بين كل رجل ونظيره (٢). وكان أبو ذر أكثر مشاكلةً لسلمان من أبي الدرداء له ؛ فان سلمان يؤكد على أنه لابدآ من الوقوف إلى جانب القرآن ، إذا اقتتل القرآن والسلطان ، كما أن أبا ذر قد كان له موقف عنيف من السلطة ، حينما وجد أنها تسير في خطٍ انحرافي خطير ، فكان أن اتخذ جاب الحق ، واعلن ادانته للانحراف بصورة قاطعة ، كما أنه هو وسلمان قد كان لهما موقف منسجم من أحداث السقيفة ، ونتائجها ..

أما أبو الدرداء .. فقد أصبح من وعاظ السلاطين ، واعوان الحكام المتسلطين ، حتى لنجد معاوية ـ كردٍّ للجميل ـ يهتم بمدحه وتقريظه ، والثناء عليه (٣).

كما أن أبا الدرداء ـ حسبما تقدم ـ يكتب لسلمان يدعوه إلى الارض المقدّسة ، وهي الشام بزعمه ، وليس مكة ، والمدينة! فاقرأ واعجب ؛ فانك ما عشت أراك الدهر عجبا.

__________________

ص ١٧ والبحار ج ٢٢ ص ٣٤٣ ومصابيح الانوار ج ١ ص ٣٤٨ وقاموس الرجال ج ٤ ص ٤١٨/٤١٩. والظاهر : أن الرواية معتبرة.

(١) الكافي ج ٨ ص ١٦٢ ، والبحار ج ٢٢ ص ٣٤٥ عنه ، ونفس الرحمان ص ٩١.

(٢) راجع كتابنا : الصحيح من سيرة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ج ٣ حين الكلام حول حديث المؤاخاة ..

(٣) طبقات ابن سعد ج ٢ قسم ٢ ص ١١٥.

١٧٩

ويكفي أن نذكر : أن يزيد بن معاوية قد مدح أبا الدرداء ، واثنى عليه (١).

كما أن معاوية قد ولاه دمشق (٢).

بالاضافة إلى أن رسول الله ـ حسبما يروى ـ قد ذم أبا الدرداء ، وقال له :

إن فيك جاهلية.

قال : جاهلية كفر ، أم جاهلية اسلام؟

قال : جاهلية كفر (٣).

٤ ـ وإذا كان سلمان قد اسلم في أول سني الهجرة ، حسبما تقدم ، وإذا كان أبو الدرداء ، قد تأخر اسلامه إلى ما بعد احد (٤) .. فلماذا ترك النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سلمان من دون أن يواخي بينه وبين أحدٍ من الناس ، في هذه المدة الطويلة كلها؟!

٥ ـ واذا أخذنا بقول الواقدي : إن « .. العلماء ينكرون المؤاخاة بعد بدر ، ويقولون : قطعت بدر المواريث .. » (٥).

فان النتيجة تكون : أن العلماء ينكرون المؤاخاة بين سلمان وأبي الدرداء ، لأن أبا الدرداء قد تأخر اسلام عن بدر كثيراً ..

٦ ـ وأخيراً .. فقد جاء في بعض النصوص : أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد آخى بين أبي الدرداء ، وعوف بن مالك الاشجعي (٦) ولعل هذا هو الأصح ، والاولى بالقبول ..

__________________

(١) تذكرة الحفاظ ج ١ ص ٢٥ و.

(٢) الاستيعاب بهامش الاصابة ج ٣ ص ١٧ وج ٤ ص ٦٠ والاصابة ج ٣ ص ٤٦ والتراتيب الادراية ج ٢ ص ٤٢٦ / ٤٢٧.

(٣) الكشاف ج ٣ ص ٥٣٧ وقاموس الرجال ج ١٠ ص ٦٩ عنه.

(٤) الاستيعاب بهامش الاصابة ج ٣ ص ١٦ وراجع ج ٤ ص ٦٠.

(٥) قاموس الرجال ج ٧ ص ٢٥٦ وج ١٠ ص ٦٩ وانساب الاشراف (قسم حياة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ج ١ ص ٢٧١ وراجع : طبقات ابن سعد ج ٤ قسم ١ ص ٦٠.

(٦) طبقات ابن سعد ج ٤ قسم ١ ص ٢٢.

١٨٠