الميزان في تفسير القرآن - ج ٦

آية الله السيد محمد حسين الطباطبائي

الميزان في تفسير القرآن - ج ٦

المؤلف:

آية الله السيد محمد حسين الطباطبائي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٨١

أقول : ورواه في الجعفريات.

٧٨ ـ وفي الكافي ، بإسناده عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان خاتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من ورق.

٧٩ ـ وفيه ، بإسناده عن أبي خديجة قال : قال : الفص مدور ، وقال : هكذا كان خاتم رسول الله ص.

٨٠ ـ وفي الخصال ، بإسناده عن عبد الرحيم بن أبي البلاد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خاتمان : أحدهما عليه مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله ـ ، والآخر : صدق الله.

٨١ ـ وفيه ، بإسناده عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الثاني عليه‌السلام في حديث : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين والحسن والحسين ـ والأئمة عليهم‌السلام كانوا يتختمون في اليمين.

٨٢ ـ وفي المكارم ، عن الصادق عن علي عليه‌السلام قال : لبس الأنبياء القميص قبل السراويل.

أقول : ورواه في الجعفريات ، وفي المعاني السابقة أخبار أخر كثيرة.

٨٣ ـ ومن آدابه صلى‌الله‌عليه‌وآله في مسكنه وما يتعلق به ما في كتاب التحصين ، لابن فهد قال : توفي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وما وضع لبنة على لبنة.

٨٤ ـ وفي لب اللباب ، قال : قال عليه‌السلام : المساجد مجالس الأنبياء.

٨٥ ـ وفي الكافي ، بإسناده عن السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا خرج في الصيف من البيت خرج يوم الخميس ، وإذا أراد أن يدخل في الشتاء من البرد دخل يوم الجمعة.

أقول : ورواه أيضا في الخصال مرسلا.

٨٦ ـ وعن كتاب العدد القوية ، للشيخ علي بن الحسن بن المطهر أخ العلامة رحمهما

٣٢١

الله عن خديجة رضي الله عنها قالت : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا دخل المنزل دعا بالإناء فتطهر للصلاة ـ ثم يقوم فيصلي ركعتين يوجز فيهما ثم يأوي إلى فراشه.

٨٧ ـ وفي الكافي ، بإسناده عن عباد بن صهيب قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ما بيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عدوا قط.

٨٨ ـ وفي المكارم ، : كان فراش رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عباءة ، وكانت مرفقته من أدم حشوها ليف ـ فثنيت ذات ليلة فلما أصبح قال : لقد منعتني الليلة الفراش الصلاة ـ فأمر أن يجعل له بطاق واحد ، وكان له فراش من أدم حشوه ليف ، وكانت له عباءة تفرش له حيثما انتقل ، وتثنى ثنتين.

٨٩ ـ وفيه ، : عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ما استيقظ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من نوم قط إلا خر لله ساجدا.

٩٠ ـ : ومن آدابه صلى‌الله‌عليه‌وآله في المناكح والأولاد ـ ما في رسالة المحكم والمتشابه ، للمرتضى ـ بإسناده إلى تفسير النعماني عن علي عليه‌السلام قال : إن جماعة من الصحابة كانوا ـ قد حرموا على أنفسهم النساء ـ والإفطار بالنهار والنوم بالليل ـ فأخبرت أم سلمة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فخرج إلى أصحابه ـ فقال : أترغبون عن النساء؟ فإني آتي النساء وآكل بالنهار وأنام بالليل ـ فمن رغب عن سنتي فليس مني ، الخبر.

أقول : وهذا المعنى مروي في كتب الفريقين بطرق كثيرة.

٩١ ـ وفي الكافي ، بإسناده عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من أخلاق الأنبياء حب النساء.

٩٢ ـ وفيه ، بإسناده عن بكار بن كردم وغير واحد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : جعل قرة عيني في الصلاة ولذتي في النساء.

أقول : ويقرب منه ما روي بطرق أخرى.

٩٣ ـ وفي الفقيه ، : وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أراد أن يتزوج بامرأة ـ بعث إليها من ينظر إليها، الخبر.

٩٤ ـ وفي تفسير العياشي ، : عن الحسين بن بنت إلياس قال : سمعت أبا الحسن

٣٢٢

الرضا عليه‌السلام يقول : إن الله جعل الليل سكنا ، وجعل النساء سكنا ، ومن السنة التزويج بالليل وإطعام الطعام.

٩٥ ـ وفي الخصال ، بإسناده عن علي عليه‌السلام في حديث الأربعمائة قال : عقوا عن أولادكم يوم السابع ، وتصدقوا بوزن شعورهم فضة على مسلم ، وكذلك فعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالحسن والحسين وسائر أولاده.

٩٦ ـ : ومن آدابه صلى‌الله‌عليه‌وآله في الأطعمة والأشربة ـ وما يتعلق بالمائدة ما في الكافي ، بإسناده عن هشام بن سالم وغيره ـ عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ما كان شيء أحب إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ من أن يظل جائعا خائفا في الله.

٩٧ ـ وفي الإحتجاج ، بإسناده عن موسى بن جعفر عن آبائه عن الحسين بن علي عليه‌السلام في حديث طويل : في أسئلة اليهودي الشامي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ إلى أن قال ـ قال له اليهودي : فإن عيسى يزعمون أنه كان زاهدا! ، قال له علي عليه‌السلام : كان كذلك ، ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله أزهد الأنبياء ـ كان له ثلاث عشرة نسوة سوى من يطيف به من الإماء ـ ما رفعت له مائدة قط وعليها طعام ، وما أكل خبز بر قط ، ولا شبع من خبز شعير قط ثلاث ليال متواليات.

٩٨ ـ وفي أمالي الصدوق ، عن العيص بن القاسم قال : قلت للصادق عليه‌السلام : حديث يروى عن أبيك : أنه قال : ما شبع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من خبز بر قط ـ أهو صحيح؟ فقال : لا ـ ما أكل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خبز بر قط ولا شبع من خبز شعير قط.

٩٩ ـ وفي الدعوات ، للقطب قال : وروي ما أكل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله متكئا إلا مرة ـ ثم جلس فقال : اللهم إني عبدك ورسولك.

أقول : وروى هذا المعنى الكليني والشيخ بطرق كثيرة والصدوق والبرقي والحسين بن سعيد في كتاب الزهد.

١٠٠ ـ وفي الكافي ، بإسناده عن زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ما أكل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله متكئا منذ بعثه الله ـ حتى قبض كان يأكل أكلة العبد ، ويجلس جلسة العبد. قلت : ولم؟ قال تواضعا لله عز وجل.

٣٢٣

١٠١ ـ وفيه ، بإسناده عن أبي خديجة قال : سأل بشير الدهان عن أبي عبد الله عليه‌السلام وأنا حاضر ـ فقال : هل كان يأكل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ متكئا على يمينه وعلى يساره؟ فقال : ما كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يأكل ـ متكئا على يمينه ولا على يساره ، ولكن يجلس جلسة العبد ، قلت : ولم ذاك؟ قال : تواضعا لله عز وجل.

١٠٢ ـ وفيه ، بإسناده عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يأكل أكل العبد ، ويجلس جلسة العبد ، وكان يأكل على الحضيض وينام على الحضيض.

١٠٣ ـ وفي الإحياء ، : كان صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا جلس يأكل جمع بين ركبتيه وبين قدميه ـ كما يجلس المصلي ـ إلا أن الركبة فوق الركبة والقدم فوق القدم ، ويقول إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد ـ وأجلس كما يجلس العبد.

١٠٤ ـ وفي كتاب التعريف ، للصفواني عن علي عليه‌السلام : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا قعد على المائدة قعد قعدة العبد ، وكان يتكئ عن (١) فخذه الأيسر.

١٠٥ ـ وفي المكارم ، : عن ابن عباس قال : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يجلس على الأرض ، ويعتقل الشاة ، ويجيب دعوة المملوك.

١٠٦ ـ وفي المحاسن ، بإسناده عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يلعق أصابعه إذا أكل.

١٠٧ ـ وفي الإحتجاج ، نقلا من كتاب مواليد الصادقين قال : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يأكل كل الأصناف من الطعام ، وكان يأكل ما أحل الله له مع أهله وخدمه إذا أكلوا ـ ومع من يدعوه من المسلمين على الأكل ، وعلى ما أكلوا عليه ـ وما أكلوا إلا أن ينزل بهم ضيف فيأكل مع ضيفه ـ إلى أن قال ـ وكان أحب الطعام إليه ما كان على ضفف.

أقول : قوله : « وعلى ما أكلوا عليه » يريد أمثال المائدة والصحفة ، وقوله : « وما أكلوا » ما موصولة أو توقيتية ، وقوله : « إلا أن ينزل ، إلخ » استثناء من قوله : « مع أهله وخدمه » و « الضفف » كثرة العيال ونحوها ، والضفة بالفتح الجماعة.

__________________

(١) كذا

٣٢٤

١٠٨ ـ وفي الكافي ، بإسناده عن ابن القداح عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أكل مع القوم طعاما ـ كان أول من يضع يده وآخر من يرفعها ليأكل القوم.

١٠٩ ـ وفي الكافي ، بإسناده إلى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : عشاء النبيين بعد العتمة ـ فلا تدعوا العشاء فإن ترك العشاء خراب البدن.

١١٠ ـ وفي الكافي ، بإسناده عن عنبسة بن نجاد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ما قدم إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله طعام فيه تمر إلا بدأ بالتمر.

١١١ ـ وفي الكافي ، وصحيفة الرضا ، بإسناده عن آبائه عليهم‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أكل التمر ـ يطرح النوى على ظهر كفه ثم يقذف به.

١١٢ ـ وفي الإقبال ، نقلا من الجزء الثاني من تاريخ النيسابوري ، في ترجمة الحسن بن بشر بإسناده قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يحمد الله بين كل لقمتين.

١١٣ ـ وفي الكافي ، بإسناده عن وهب بن عبد ربه قال : رأيت أبا عبد الله عليه‌السلام يتخلل فنظرت إليه ـ فقال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يتخلل ، وهو يطيب الفم.

١١٤ ـ وفي المكارم ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنه كان إذا شرب بدأ فسمى ـ إلى أن قال : ويمص الماء مصا ولا يعبه عبا ، ويقول : إن الكباد من العب.

١١٥ ـ وفي الجعفريات ، عن جعفر بن محمد عن آبائه عن علي عليه‌السلام قال : تفقدت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله غير مرة ، وهو إذا شرب تنفس ثلاثا ـ مع كل واحدة منها تسمية إذا شرب ـ وتحميد إذا انقطع فسألته عن ذلك ـ فقال : يا علي شكرا لله تعالى بالحمد وتسمية من الداء.

١١٦ ـ وفي المكارم ، : كان صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يتنفس في الإناء إذا شرب ـ فإن أراد أن يتنفس أبعد الإناء عن فيه حتى يتنفس.

١١٧ ـ وفي الإحياء ، : وكان صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أكل اللحم لم يطأطئ رأسه إليه ـ ويرفعه إلى فيه رفعا ـ ثم ينهشه انتهاشا ثم قال : وكان إذا أكل اللحم خاصة غسل يديه غسلا جيدا ـ ثم مسح بفضل الماء على وجهه.

٣٢٥

١١٨ ـ وفي المكارم ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنه كان يأكل الأصناف من الطعام.

أقول : ثم ذكر الطبرسي أصنافا من الطعام كان صلى‌الله‌عليه‌وآله يأكلها كالخبز واللحم على أقسامه والبطيخ والخربز والسكر والعنب والرمان والتمر واللبن والهريسة والسمن والخل والهندباء والباذروج والكرنب. وروي : أنه كان يحب التمر. وروي أنه كان يعجبه العسل. وروي أنه كان أحب الثمرات إليه الرمان.

١١٩ ـ وفي أمالي الطوسي ، بإسناده عن أبي أسامة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان طعام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الشعير إذا وجده ، وحلواه التمر ، ووقوده السعف.

١٢٠ ـ وفي المكارم ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنه كان لا يأكل الحار حتى يبرد ويقول : إن الله لم يطعمنا نارا إن الطعام الحار غير ذي بركة.

وكان إذا أكل سمى ، ويأكل بثلاث أصابع ، ومما يليه ولا يتناول من بين يدي غيره ، ويؤتى بالطعام فيشرع قبل القوم ثم يشرعون ، وكان يأكل بأصابعه الثلاث. الإبهام والتي تليها والوسطى وربما استعان بالرابعة ، وكان يأكل بكفه كلها ، ولم يأكل بإصبعين ، ويقول : إن الأكل بإصبعين هو أكل الشيطان ، ولقد جاء أصحابه يوما بفالوذج فأكل معهم وقال : مم هذا؟ فقالوا : نجعل السمن والعسل فيأتي كما ترى ـ فقال : إن هذا طعام طيب.

وكان يأكل خبز الشعير غير منخول (وما أكل خبز بر قط ، ولا شبع من خبز شعير قط ، ولا أكل على خوان حتى مات ، وكان يأكل البطيخ والعنب ـ ويأكل الرطب ويطعم الشاة النوى ، وكان لا يأكل الثوم ولا البصل ولا الكراث ـ ولا العسل الذي فيه المغافير ، والمغافير ما يبقى من الشجر في بطون النحل ـ فيلقيه في العسل فيبقى له ريح في الفم.

وما ذم طعاما قط. كان إذا أعجبه أكله ، وإذا كرهه تركه ولا يحرمه على غيره ، وكان يلحس القصعة ويقول : آخر الصحفة أعظم الطعام بركة ، وكان إذا فرغ لعق أصابعه الثلاث التي أكل بها واحدة واحدة ، وكان يغسل يده من الطعام حتى ينقيها ، وكان لا يأكل وحده.

أقول : قوله : « الإبهام والتي تليها والوسطى » من جميل أدب الراوي حيث لم

٣٢٦

يقل : الإبهام والسبابة « إلخ » صونا له صلى‌الله‌عليه‌وآله عن إطلاق السبابة على إصبعه الشريفة لما في اللفظ من الإيهام.

والذي رواه من أكله صلى‌الله‌عليه‌وآله الفالوذج يخالف ما في المحاسن مسندا عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : بينا أمير المؤمنين عليه‌السلام في الرحبة في نفر من أصحابه إذ أهدي إليه خوان فالوذج فقال لأصحابه : مدوا أيديكم فمدوا أيديهم ومد يده ثم قبضها وقال : إني ذكرت أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يأكله فكرهت أكله.

١٢١ ـ وفي المكارم ، قال : وكان صلى‌الله‌عليه‌وآله يشرب في أقداح القوارير ـ التي يؤتى بها من الشام ، ويشرب في الأقداح ـ التي تتخذ من الخشب والجلود والخزف.

أقول : وروي قريبا من صدره في الكافي ، والمحاسن ، وفيه : ويعجبه أن يشرب في القدح الشامي وكان يقول : هي أنظف آنيتكم.

١٢٢ ـ وفي المكارم ، عن النبي : أنه كان يشرب بكفه يصب الماء فيها ، ويقول : ليس إناء أطيب من اليد.

١٢٣ ـ وفي الكافي ، بإسناده عن عبد الله بن سنان قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يذبح يوم الأضحى كبشين ـ أحدهما عن نفسه والآخر عمن لم يجد من أمته.

١٢٤ ـ ومن آدابه صلى‌الله‌عليه‌وآله في الخلوة ما في شرح النفلية ، للشهيد الثاني عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنه لم ير علي بول ولا غائط.

١٢٥ وفي الجعفريات ، بإسناده عن جعفر بن محمد عن آبائه عن علي عليه‌السلام قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أراد أن يتخنع غطى رأسه ثم دفنه ، وإذا أراد يبزق فعل مثل ذلك ، وكان إذا أراد الكنيف غطى رأسه.

أقول : واتخاذ الكنيف في العرب مما حدث بعد الإسلام ، وكانوا قبل ذلك يخرجون إلى البر على ما يستفاد من بعض الروايات.

١٢٦ ـ وفي الكافي ، بإسناده عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الثاني عليه‌السلام قال : قلت له : إنا روينا الحديث ـ أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يستنجي وخاتمه في إصبعه ، وكذلك كان يفعل أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وكان نقش خاتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : محمد رسول الله؟

٣٢٧

قال : صدقوا ، قلت : فينبغي لنا أن نفعل ، قال : إن أولئك كانوا يتختمون في اليد اليمنى ـ وإنكم أنتم تتختمون في اليسرى ، الحديث.

أقول وروي قريب منه في الجعفريات ، وفي المكارم ، نقلا عن كتاب اللباس ، للعياشي عن الصادق عليه‌السلام.

ومن آدابه صلى‌الله‌عليه‌وآله عند المصائب والبلايا وفي الأموات وما يتعلق بها ما في المكارم ، : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا رأى من جسمه بثرة أعاذ بالله ـ واستكان له وجار إليه ـ فيقال له : يا رسول الله ما هو ببأس ، فيقول : إن الله إذا أراد أن يعظم صغيرا عظم ، وإذا أراد أن يصغر عظيما صغر.

١٢٨ ـ وفي الكافي ، بإسناده عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : السنة أن يحمل السرير من جوانبه الأربع ، وما كان بعد ذلك من حمل فهو تطوع.

١٢٩ ـ وفي قرب الإسناد ، عن الحسين بن طريف عن الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه : أن الحسن بن علي عليه‌السلام كان جالسا ومعه أصحاب له ـ فمر بجنازة فقام بعض القوم ولم يقم الحسن عليه‌السلام ـ فلما مضوا بها قال بعضهم : ألا قمت عافاك الله ـ فقد كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقوم للجنازة إذا مروا بها؟ فقال الحسن عليه‌السلام : إنما قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مرة واحدة ، وذلك أنه مر بجنازة يهودي وقد كان المكان ضيقا ـ فقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكره أن يعلوا رأسه.

١٣٠ ـ وفي دعوات القطب ، قال : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أتبع جنازة غلبته كآبة ، وأكثر حديث النفس ، وأقل الكلام.

١٣١ ـ وفي الجعفريات ، بإسناده عن جعفر بن محمد عن آبائه عن علي عليه‌السلام : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يحثو ثلاث حثيات ـ من تراب على القبر.

١٣٢ ـ وفي الكافي ، بإسناده عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ يصنع بمن مات من بني هاشم خاصة شيئا ـ لا يصنعه بأحد من المسلمين : كان إذا صلى بالهاشمي ونضح قبره بالماء ـ وضع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كفه على القبر حتى ترى أصابعه في الطين ، فكان الغريب يقدم أو المسافر من أهل المدينة ـ فيرى القبر الجديد علة أثر كف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فيقول : من مات من آل محمد؟

٣٢٨

١٣٣ ـ وفي مسكن الفؤاد ، للشهيد الثاني عن علي عليه‌السلام : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا عزى قال : آجركم الله ورحمكم ، وإذا هنأ قال : بارك الله لكم وبارك الله عليكم.

١٣٤ ـ ومن آدابه صلى‌الله‌عليه‌وآله في الوضوء والغسل ما في آيات الأحكام ، للقطب عن سليمان بن بريدة عن أبيه : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يتوضأ لكل صلاة ـ فلما كان عام الفتح صلى الصلوات بوضوء واحد ـ فقال عمر : يا رسول الله صنعت شيئا ما كنت صنعته ، فقال : عمدا فعلته.

١٣٥ ـ وفي الكافي ، بإسناده عن زرارة قال : قال أبو جعفر (ع) : ألا أحكي لكم وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ فقلنا : بلى ؛ فدعا بقعب فيه شيء من ماء فوضعه بين يديه ، ثم حسر عن ذراعيه ، ثم غمس فيه كفه اليمنى ـ ثم قال : هكذا إذا كانت الكف طاهرة ـ ثم غرف ملأها ماء فوضعها على جبينه ، ثم قال : بسم الله وسدله على أطراف لحيته ـ ثم أمر يده على وجهه وظاهر جبينه مرة واحدة ، ثم غمس يده اليسرى فغرف بها ملأها ـ ثم وضعه على مرفقه اليمنى ـ فأمر كفه على ساعده ـ حتى جرى الماء على أطراف أصابعه ـ ثم غرف بيمينه ملأها فوضعه على مرفقه اليسرى ـ فأمر كفه على ساعده ـ حتى جرى الماء على أطراف أصابعه ، ومسح مقدم رأسه وظاهر قدميه ـ ببلة يساره وبقية بلة يمناه.

قال : وقال أبو جعفر عليه‌السلام : إن الله وتر يحب الوتر فقد يجزيك من الوضوء ثلاث غرفات : واحدة للوجه واثنتان للذراعين ، وتمسح ببلة يمناك ناصيتك ، وما بقي من بلة يمينك ظهر قدمك اليمنى ، وتمسح ببلة يسارك ظهر قدمك اليسرى.

قال زرارة : قال أبو جعفر عليه‌السلام ـ سأل رجل أمير المؤمنين عليه‌السلام عن وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فحكى له مثل ذلك.

أقول : وهذا المعنى مروي عن زرارة وبكير وغيرهما بطرق متعددة رواها الكليني والصدوق والشيخ والعياشي والمفيد والكراجكي وغيرهم ، وأخبار أئمة أهل البيت عليه‌السلام في ذلك مستفيضة تقرب من التواتر.

١٣٦ ـ وفي الأمالي ، لمفيد الدين الطوسي بإسناده عن أبي هريرة : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا توضأ بدأ بميامنه.

٣٢٩

١٣٧ ـ وفي التهذيب ، بإسناده عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الوضوء فقال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يتوضأ بمد من ماء ويغتسل بصاع.

أقول : وروي مثله عن أبي جعفر عليه‌السلام بطريق آخر.

١٣٨ ـ وفي العيون ، بإسناده عن الرضا عن آبائه عليهم‌السلام في حديث طويل : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنا أهل بيت لا تحل لنا الصدقة ، وأمرنا بإسباغ الطهور ، ولا ننزي حمارا على عتيقة.

١٣٩ ـ وفي التهذيب ، بإسناده عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : المضمضة والاستنشاق مما سن رسول الله ص.

١٤٠ ـ وفيه ، بإسناده عن معاوية بن عمار قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : كان رسول الله يغتسل بصاع ، وإذا كان معه بعض نسائه يغتسل بصاع ومد.

أقول : وروى هذا المعنى الكليني في الكافي ، بإسناده عن محمد بن مسلم عنه : وفيه : يغتسلان جميعا من إناء واحد ، وكذلك الشيخ بطريق آخر.

١٤١ ـ وفي الجعفريات ، بإسناده عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليه‌السلام قال : سأل الحسن بن محمد ، جابر بن عبد الله ـ عن غسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فقال جابر : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يغرف على رأسه ثلاث مرات ـ فقال الحسن بن محمد : إن شعري كثير كما ترى ـ فقال جابر : يا حر لا تقل ذلك ـ فشعر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان أكثر وأطيب.

١٤٢ ـ وفي الهداية ، للصدوق : قال الصادق عليه‌السلام : غسل الجمعة سنة واجبة ـ على الرجال والنساء في السفر والحضر ـ إلى أن قال ـ وقال الصادق عليه‌السلام : غسل يوم الجمعة طهور وكفارة ـ لما بينهما من الذنوب من الجمعة إلى الجمعة ، قال : والعلة في غسل الجمعة ـ أن الأنصار كانت تعمل لنواضحها وأموالها ـ فإذا كان يوم الجمعة حضروا المسجد ـ فيتأذى الناس بأرياح آباطهم ـ فأمر الله النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بالغسل فجرت به السنة.

أقول : وقد روي من سننه صلى‌الله‌عليه‌وآله في الغسل غسل يوم الفطر والغسل في جميع الأعياد وأغسال أخر كثيرة ربما يأتي بعضها فيما سيأتي إن شاء الله تعالى.

١٤٣ ـ ومن آدابه وسننه صلى‌الله‌عليه‌وآله في الصلاة وما يلحق بها ما في الكافي ، بإسناده عن الفضيل بن يسار وعبد الملك وبكير قالوا : سمعنا أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : كان

٣٣٠

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يصلي من التطوع مثلي الفريضة ، ويصوم من التطوع مثلي الفريضة :.

أقول : ورواه الشيخ أيضا.

١٤٤ ـ وفيه ، بإسناده عن حنان قال : سأل عمرو بن حريث أبا عبد الله عليه‌السلام وأنا جالس ـ فقال : جعلت فداك أخبرني عن صلاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فقال : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يصلي ثمان ركعات الزوال ، وأربعا الأولى ، وثماني بعدها ، وأربعا العصر ، وثلاثا المغرب ، وأربعا بعد المغرب ، والعشاء الآخرة أربعا ، وثماني صلاة الليل ، وثلاثا الوتر ، وركعتي الفجر ، وصلاة الغداة ركعتين.

قلت : جعلت فداك ـ إن كنت أقوى على أكثر من هذا ـ يعذبني الله على كثرة الصلاة؟ فقال : لا ولكن يعذبك على ترك السنة.

أقول : ويظهر من الرواية أن الركعتين عن جلوس العشاء أعني العتمة ليستا من الخمسين بل يتم بهما ـ محسوبتين بواحدة عن قيام ـ العدد إحدى وخمسين بل إنما شرعت العتمة بدلا من الوتر لو نزل الموت قبل القيام إلى الوتر فقد روى الكليني رحمه الله في الكافي ، بإسناده عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يبيتن إلا بوتر ـ قلت : تعني الركعتين بعد العشاء الآخرة؟ قال : نعم إنهما بركعة فمن صلاهما ـ ثم حدث به حدث مات على وتر ـ فإن لم يحدث به حدث الموت يصلي الوتر في آخر الليل.

فقلت : هل صلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هاتين الركعتين؟ قال : لا. قلت : ولم؟ قال : لأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يأتيه الوحي ، وكان يعلم أنه هل يموت في تلك الليلة أم لا؟ وغيره لا يعلم فمن أجل ذلك لم يصلهما وأمر بهما ، الخبر.

ويمكن أن يكون المراد بقوله في الحديث : « لم يصلهما » أنه لم يداوم عليهما بل ربما صلى وربما ترك كما يستفاد من بعض آخر من الأحاديث ، فلا يعارض ما ورد من أنه كان يصليهما.

١٤٥ ـ وفي التهذيب ، بإسناده عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يصلي من النهار شيئا ـ حتى تزول الشمس ـ فإذا زالت قدر نصف إصبع صلى ثماني ركعات ـ فإذا فاء الفيء ذراعا صلى الظهر ، ثم صلى بعد الظهر ركعتين ،

٣٣١

ويصلي قبل وقت العصر ركعتين ، فإذا فاء الفيء ذراعين صلى العصر ، وصلى المغرب (حين) تغيب الشمس ، فإذا غاب الشفق دخل وقت العشاء ، وآخر وقت المغرب إياب الشفق ـ فإذا آب الشفق دخل وقت العشاء ـ وآخر وقت العشاء ثلث الليل.

وكان لا يصلي بعد العشاء حتى ينتصف الليل ـ ثم يصلي ثلاث عشرة ركعة منها الوتر ومنها ركعتا الفجر قبل الغداة ، فإذا طلع الفجر وأضاء صلى الغداة.

أقول : ولم يستوعب تمام نافلة العصر في الرواية ، وهي معلومة من روايات أخر.

١٤٦ ـ وفيه ، بإسناده عن معاوية بن وهب قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : وذكر صلاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : كان صلى‌الله‌عليه‌وآله يؤتى بطهور فيخمر عند رأسه ـ ويوضع سواكه تحت فراشه ، ثم ينام ما شاء الله فإذا استيقظ جلس ـ ثم قلب بصره في السماء ، ثم تلا الآيات من آل عمران : « إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ » الآيات ، ثم يستن ويتطهر ، ثم يقوم إلى المسجد ـ فيركع أربع ركعات على قدر قراءته ركوعه ، وسجوده على قدر ركوعه ، يركع حتى يقال : متى يرفع رأسه؟ ويسجد حتى يقال : متى يرفع رأسه.

ثم يعود إلى فراشه فينام ما شاء الله ، ثم يستيقظ فيجلس ـ فيتلو الآيات ويقلب بصره إلى السماء ، ثم يستن ويتطهر ويقوم إلى المسجد ـ فيصلي الأربع ركعات كما ركع قبل ذلك.

ثم يعود إلى فراشه فينام ما شاء الله ـ ثم يستيقظ ويجلس ويتلو الآيات من آل عمران ـ ويقلب بصره في السماء ، ثم يستن ويتطهر ويقوم إلى المسجد ـ فيوتر ويصلي الركعتين ـ ثم يخرج إلى الصلاة.

أقول : وروي هذا المعنى أيضا في الكافي ، بطريقين.

١٤٧ ـ وروي : أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يوجز في نافلة الصبح يصليهما عند أول الفجر ـ ثم يخرج إلى الصلاة.

١٤٨ ـ وفي المحاسن ، بإسناده عن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : أنه قال : من قال في وتره إذا أوتر : أستغفر الله ربي وأتوب إليه سبعين مرة ، وواظب على ذلك حتى قضى سنة ـ كتبه الله عنده من المستغفرين بالأسحار.

وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يستغفر الله في الوتر سبعين مرة ، ويقول : هذا مقام العائذ

٣٣٢

بك من النار سبعا ، الخبر.

١٤٩ ـ وفي الفقيه ، : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول في قنوت الوتر : اللهم اهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، إنك تقضي ولا يقضى عليك ، سبحانك رب البيت ، أستغفرك وأتوب إليك وأومن بك وأتوكل عليك ، ولا حول ولا قوة إلا بك يا رحيم.

١٥٠ ـ وفي التهذيب ، بإسناده عن أبي خديجة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ إذا جاء شهر رمضان زاد في الصلاة وأنا أزيد فزيدوا.

أقول : يعني عليه‌السلام بالزيادة الألف ركعة ـ التراويح ـ نوافل شهر رمضان التي كان يصليها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله غير الخمسين نوافل اليوم والليلة ، وقد وردت في كيفيتها وتقسمها على ليالي شهر رمضان أخبار كثيرة ، وورد من طرق أئمة أهل البيت عليه‌السلام : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يصليها بغير جماعة ، وينهى عن إتيانها بالجماعة ، ويقول : لا جماعة في نافلة.

وللنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله صلوات خاصة أخرى منقولة عنه في كتب الأدعية تركنا ذكرها لخروجها عن غرضنا في هذا المقام ، وكذلك له صلى‌الله‌عليه‌وآله سنن في الصلوات والأدعية والأوراد من أراد الوقوف عليها فليراجع مظان ذكرها.

١٥١ ـ وفي الكافي ، بإسناده عن يزيد بن خليفة قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إن عمر بن حنظلة أتانا عنك بوقت قال : إذن لا يكذب علينا ـ إلى أن قال ـ قلت : وقال : إن وقت المغرب إذا غاب القرص ـ إلا أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا جد به السير أخر المغرب ـ ويجمع بينها وبين العشاء ، فقال : صدق.

١٥٢ ـ وفي التهذيب ، بإسناده عن طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عليه‌السلام : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان في الليلة الممطرة يوجز في المغرب ـ ويعجل في العشاء يصليهما جميعا ، ويقول : من لا يرحم لا يرحم.

١٥٣ ـ وفيه ، بإسناده عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا كان في سفر أو عجلت به الحاجة ـ يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء الآخرة ، الخبر.

٣٣٣

أقول : وفي هذا المعنى روايات كثيرة رواها الكليني والشيخ وابنه والشهيد الأول رحمهم الله.

١٥٤ ـ وفي الفقيه ، بإسناده عن معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : كان المؤذن يأتي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في الحر في صلاة الظهر ـ فيقول له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أبرد أبرد.

أقول : قال الصدوق : يعني عجل عجل أخذ ذلك من البريد ، والظاهر أن المراد به التأخير ليزول شدة الحر كما يدل عليه ما في كتاب العلاء ، عن محمد بن مسلم قال : مر بي أبو جعفر عليه‌السلام بمسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وأنا أصلي فلقيني بعد فقال : إياك أن تصلي الفريضة في تلك الساعة ، أتؤديها في شدة الحر؟ قلت : إني كنت أتنفل.

١٥٥ ـ وفي الإحياء ، قال : وكان صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يجالس إليه أحد ـ وهو يصلي إلا خفف صلاته وأقبل عليه فقال ، ألك حاجة؟ فإذا فرغ من حاجاته عاد إلى صلاته.

١٥٦ ـ وفي كتاب زهد النبي ، لجعفر بن أحمد القمي قال : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا قام إلى الصلاة تربد وجهه خوفا من الله ، وكان لصدره أو لجوفه أزيز كأزيز الوجل.

أقول : وروى هذا المعنى ابن الفهد وغيره أيضا.

١٥٧ ـ وفيه ، قال : وفي رواية أخرى : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا قام إلى الصلاة كأنه ثوب ملقى.

١٥٨ ـ وفي البحار ، قال : قالت عائشة : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يحدثنا ونحدثه ـ فإذا حضرت الصلاة فكأنه لم يعرفنا ولم نعرفه.

١٥٩ ـ وفي المجالس ، لمفيد الدين الطوسي بإسناده إلى علي عليه‌السلام : في كتابه إلى محمد بن أبي بكر حين ولاه مصر ـ إلى أن قال ـ ثم انظر ركوعك وسجودك ـ فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان أتم الناس صلاة ، وأخفهم عملا فيها.

١٦٠ ـ وفي الجعفريات ، بإسناده عن جعفر بن محمد عن آبائه عن علي عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ إذا تثاءب في الصلاة ردها بيده اليمنى.

أقول : وروي في الدعائم مثله.

١٦١ ـ وفي العلل ، بإسناده عن هشام بن الحكم عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام في

٣٣٤

حديث قال : قلت له : لأي علة يقال في الركوع : سبحان ربي العظيم وبحمده؟ ويقال في السجود : سبحان ربي الأعلى وبحمده؟ فقال : يا هشام إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما أسري به ، وصلى وذكر ما رأى من عظمة الله ارتعدت فرائصه ـ وابترك على ركبتيه ، وأخذ يقول : سبحان ربي العظيم وبحمده ، فلما اعتدل من ركوعه ـ فإنما نظر إليه في موضع أعلى من ذلك ـ خر على وجهه وهو يقول : سبحان ربي الأعلى وبحمده ـ فلما قالها سبع مرات سكن ذلك الرعب ـ فلذلك جرت به السنة.

١٦٢ ـ في تنبيه الخواطر ، للشيخ ورام بن أبي فراس عن النعمان قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يسوي صفوفنا ـ كأنما يسوي بها القداح حتى رأى أنا قد أغفلنا عنه ؛ ثم خرج يوما وقام حتى كاد أن يكبر فرأى رجلا بادئا صدره ـ فقال : عباد الله لتسوون صفوفكم ـ أو ليخالفن بين وجوهكم.

١٦٣ ـ وفيه ، عن ابن مسعود قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يمسح مناكبنا في الصلاة ـ ويقول : استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم ، الخبر.

١٦٤ ـ وفي الفقيه ، بإسناده عن داود بن الحصين عن أبي العباس عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : اعتكف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في شهر رمضان في العشر الأول ـ ثم اعتكف في الثانية في العشر الوسطى ، ثم لم يزل يعتكف في العشر الأواخر.

١٦٥ ـ وفيه ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : كانت بدر في شهر رمضان ولم يعتكف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فلما أن كان من قابل اعتكف عشرين : عشرا لعامه ، وعشرا قضاء لما فاته :.

أقول : ورواه والذي قبله الكليني في الكافي.

١٦٦ ـ وفي الكافي ، بإسناده عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا دخل العشر الأواخر (يعني من شهر رمضان) اعتكف في المسجد ، وضربت له قبة من شعر ، وشمر الميزر ، وطوى فراشه ـ وقال بعضهم : واعتزل النساء؟ قال : أما اعتزال النساء فلا.

أقول : وهذا المعنى مروي في روايات كثيرة ، والمراد من نفي الاعتزال ـ كما ذكروه وتدل عليه الروايات ـ تجويز مخالطتهن ومعاشرتهن دون المجامعة.

٣٣٥

١٦٧ ـ ومن آدابه وسننه صلى‌الله‌عليه‌وآله في الصيام ما في الفقيه ، بإسناده عن محمد بن مروان قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يصوم حتى يقال : لا يفطر ، ويفطر حتى يقال : لا يصوم ، ثم صام يوما وأفطر يوما ، ثم صام الإثنين والخميس ، ثم آل من ذلك إلى صيام ثلاثة أيام في الشهر : الخميس في أول الشهر ، وأربعاء في وسط الشهر ، والخميس في آخر الشهر ، وكان صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : ذلك صوم الدهر.

وقد كان أبي عليه‌السلام يقول : ما من أحد أبغض إلى الله من رجل يقال له : كان رسول الله يفعل كذا وكذا ـ فيقول : لا يعذبني الله على أن أجتهد في الصلاة والصوم ـ كأنه يرى أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ترك شيئا من الفضل عجزا منه.

١٦٨ ـ وفي الكافي ، بإسناده عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أول ما بعث ـ يصوم حتى يقال : ما يفطر ويفطر حتى يقال : ما يصوم ، ثم ترك ذلك وصام يوما ـ وأفطر يوما وهو صوم داود ، ثم ترك ذلك وصام الثلاثة الأيام الغر ، ثم ترك ذلك وفرقها في كل عشرة يوما : خميسين بينهما أربعاء فقبض صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يعمل ذلك.

أقول : وفي هذا المعنى روايات كثيرة مستفيضة.

١٦٩ ـ وفيه ، بإسناده عن عنبسة العابد قال : قبض النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله على صيام شعبان ورمضان وثلاثة أيام من كل شهر.

١٧٠ ـ وفي نوادر ، أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن نعمان عن زرعة عن سماعة قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن صوم شعبان ـ أصامه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال : نعم ولم يصمه كله ، قلت : كم أفطر منه؟ قال : أفطر ، فأعدتها وأعادها ثلاث مرات لا يزيدني على أن أفطر ، ثم سألته في العام القابل عن ذلك ـ فأجابني بمثل ذلك الخبر.

١٧١ ـ وفي المكارم ، عن أنس قال : كانت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله شربة يفطر عليها ـ وشربة للسحر ، وربما كانت واحدة وربما كانت لبنا ، وربما كانت الشربة خبزا يماث ، الخبر.

١٧٢ ـ وفي الكافي ، بإسناده عن ابن القداح عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أول ما يفطر عليه في زمن الرطب الرطب ـ وفي زمن التمر التمر.

١٧٣ ـ وفيه ، بإسناده عن السكوني عن جعفر عن أبيه عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا صام ـ ولم يجد الحلواء أفطر على الماء ـ وفي بعض الروايات : أنه ربما

٣٣٦

أفطر على الزبيب.

١٧٤ ـ وفي المقنعة ، روي عن آل محمد عليه‌السلام أنهم قالوا : يستحب السحور ولو بشربة من الماء ، وروي أن أفضله التمر والسويق ـ لمكان استعمال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك.

أقول : وهذا في سننه الجارية ، وكان من مختصاته صوم الوصال وهو الصوم أكثر من يوم من غير فصل بالإفطار ، وقد نهى صلى‌الله‌عليه‌وآله الأمة عن ذلك ، وقال : إنكم لا تطيقون ذلك ـ وإن لي عند ربي ما يطعمني ويسقين.

١٧٥ ـ وفي المكارم ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنه كان يأكل الهريسة أكثر ما يأكل ويتسحر بها.

١٧٦ ـ وفي الفقيه ، قال : وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا دخل شهر رمضان ـ أطلق كل أسير وأعطى كل سائل.

١٧٧ ـ وفي الدعائم ، عن علي عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يطوي فراشه ـ ويشد ميزره في العشر الأواخر من شهر رمضان ، وكان يوقظ أهله ليلة ثلاث وعشرين ، وكان يرش وجوه النيام بالماء في تلك الليلة ، وكانت فاطمة عليه‌السلام لا تدع أحدا من أهلها ـ ينام تلك الليلة ـ وتداويهم بقلة الطعام وتتأهب لها من النهار ، وتقول : محروم من حرم خيرها.

١٧٨ ـ وفي المقنع ، : والسنة أن يفطر الرجل في الأضحى بعد الصلاة ـ وفي الفطر قبل الصلاة.

١٧٩ ـ ومن آدابه صلى‌الله‌عليه‌وآله في قراءة القرآن والدعاء ما في مجالس الشيخ ، بإسناده عن أبي الدنيا عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يحجزه عن قراءة القرآن إلا الجنابة.

١٨٠ ـ وفي مجمع البيان ، عن أم سلمة : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقطع قراءته آية آية.

١٨١ ـ وفي تفسير أبي الفتوح ، : كان صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يرقد حتى يقرأ المسبحات ، ويقول : في هذه السور آية هي أفضل من ألف آية. قالوا : وما المسبحات؟ قال : سورة الحديد والحشر ـ والصف والجمعة والتغابن.

٣٣٧

أقول : وروي هذا المعنى في مجمع البيان ، عن العرباض بن سارية.

١٨٢ ـ وفي درر اللئالي ، لابن أبي جمهور عن جابر قال : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لا ينام حتى يقرأ تبارك والم التنزيل.

١٨٣ ـ وفي مجمع البيان ، : وروى علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يحب هذه السورة : سبح اسم ربك الأعلى ، وأول من قال : « سبحان ربي الأعلى » ميكائيل.

أقول : وروي أول الحديث في البحار عن الدر المنثور ، وهنا أخبار أخر في ما كان يقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله عند تلاوة القرآن أو عند تلاوة سور أو آيات مخصوصة ، من أرادها فعليه بمظانها.

وله صلى‌الله‌عليه‌وآله خطب وبيانات يرغب فيها ويحث على التمسك بالقرآن والتدبر فيه ، والاهتداء بهدايته ، والاستنارة بنوره ، وكان هو صلى‌الله‌عليه‌وآله أولى الناس بما يندب إليه من الكمال وأسبق الناس وأسرعهم إلى كل خير ، وهو القائل ـ في الرواية المشهورة ـ : شيبتني (١) سورة هود ، وقد روي (٢) عن ابن مسعود قال : أمرني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن أتلو عليه شيئا من القرآن ـ فقرأت عليه من سورة يونس حتى إذا بلغت قوله تعالى : « وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ » الآية ـ رأيته وإذا الدمع تدور في عينيه الكريمتين.

فهذه شذرات (٣) من آدابه وسننه صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد استفاضت الروايات وتكرر النقل في كثير منها في كتب الفريقين ، والكلام الإلهي يؤيدها ولا يدفع شيئا منها ، والله الهادي.

(كلام في الرق والاستعباد)

قوله تعالى : « إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ » : « المائدة : ١١٨ كلام منبئ عن معنى الرق والعبودية ، والآيات المتضمنة لهذا المعنى وإن كانت كثيرة في القرآن الكريم غير

__________________

(١) يشير صلى الله عليه وآله إلى قوله تعالى فيها : فاستقم كما أمرت.

(٢) الرواية منقولة بالمعنى.

(٣) استخرجناها من رسالة عملناها سابقا في سنن النبي صلى الله عليه وآله.

٣٣٨

أن هذه الآية مشتملة على التعليل العقلي الكاشف عن أنه لو كان هناك عبد كان من المسلم عند العقل أن لمولاه أن يتصرف فيه بالعذاب لأنه مولاه المالك له.

والعقل لا يحق الحكم بجواز التعذيب ، وتسويغ التصرف الذي يشقه إلا بعد حكمه بإباحة سائر التصرفات غير الشاقة فللمولى أن يتصرف في عبده كيف شاء وبما شاء ، وإنما استثنى العقل التصرفات التي يستهجنها بما أنها تصرفات شنيعة مستهجنة لا بما أن العبد عبد.

ولازم ذلك أيضا أن على العبد أن يطيع مولاه فيما كلفه به وأن يتبعه فيما أراد وليس له أن يستقل بشيء من العمل إن لم يرض به مولاه كما يشير إلى ذلك بعض الإشارة قوله تعالى : « بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ » : الأنبياء : ٢٧ وقوله تعالى : « ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ » : النحل : ٧٥.

واستقصاء البحث في جهات ما يراه القرآن الشريف في مسألة العبودية والرق يتوقف على فصول :

١ ـ اعتبار العبودية لله سبحانه : في القرآن الكريم آيات كثيرة جدا يعد الناس عبادا لله سبحانه ، وتبني على ذلك أصل الدعوة الدينية : الناس عبيد والله مولاهم الحق. بل ربما تعدى ذلك وأخذ كل من في السماوات والأرض موسوما بسمة العبودية كالحقيقة المسماة بالملك على كثرتها والحقيقة الأخرى التي يسميها القرآن الشريف بالجن قال تعالى : « إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً » : مريم : ٩٣.

ولا ريب أن اعتبار العبودية لله سبحانه أمر مأخوذ بالتحليل وهو تحليل معنى العبودية إلى أجزائها الأصلية ثم الحكم بثبوت حقيقته بعد طرح خصوصياته الزائدة الطارئة على أصل المعنى في أولي العقل من الخليقة فهناك أفراد من الناس يسمى الواحد منهم عبدا ، ولا يسمى به إلا لأن نفسه مملوكة لغيره ملكا يسوغ لذلك الغير الذي هو مالكه ومولاه أن يتصرف فيه كيف يشاء وبما أراد ، ويسلب عن العبد استقلال الإرادة مطلقا.

والتأمل في هذا المعنى يوجب الحكم بأن الإنسان ـ وإن شئت وسعت وقلت :

٣٣٩

كل ذي شعور وإرادة ـ عبد لله سبحانه بحقيقة معنى العبودية فإن الله سبحانه مالك كل ما يسمى شيئا بحقيقة معنى الملك فلا يملك شيء من نفسه ولا من غيره شيئا من ضر ولا نفع ولا موت ولا حياة ولا نشور ، ولا يستقل أمر في الوجود بذات ولا وصف ولا فعل اللهم إلا ما ملكه الله ذلك تمليكا لا يبطل بذلك ملكه تعالى ، ولا ينتقل به الملك عنه إلى غيره بل هو المالك لما ملكهم ، والقادر على ما عليه أقدرهم ، وهو على كل شيء قدير ، وبكل شيء محيط.

وهذه السلطة الحقيقية والملك الواقعي هي المنشأ لوجوب انقيادهم لما يريده منهم بإرادته التشريعية ، وما يصنع لهم من شرائع الدين وقوانين الشريعة مما يصلح به أمرهم وتحاز به سعادتهم في الدارين.

والحاصل أنه تعالى هو المالك لهم ملكا تكوينيا يكونون به عبيده الداخرين لقضائه سواء عرفوه أم جهلوه أطاعوه في تكاليفه أم عصوه وهو المالك لهم ملكا تشريعيا يوجب له عليهم السمع والطاعة ، ويحكم عليهم بالتقوى والعبادة.

ويتميز هذا الملك والمولوية بحسب الحكم عن الملك والمولوية الدائر بين الناس ـ وكذا العبودية المقابلة له ـ بأن الله سبحانه لما كان مالكا تكوينا على الإطلاق لا مالك سواه لم يجز في مرحلة العبودية التشريعية اتخاذ مولى سواه ولا عبادة أحد غيره قال تعالى : « وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ » : الإسراء : ٢٣ بخلاف الموالي من الناس فإن الملك هناك لمن غلب بسبب من أسباب الغلبة.

وأيضا لما لم يكن في عبيده تعالى المملوكين شيء غير مملوك له تعالى ولم ينقسموا في وجودهم إلى مملوك وغير مملوك بل كانوا من حيث ذواتهم وأوصافهم وأحوالهم وأعمالهم مملوكين له تكوينا تبع ذلك التشريع فحكم فيهم بدوام العبودية واستيعابها لجميع ما يرجع إليهم بوجه من الوجوه فلا يسعهم أن يعبدوا الله من جهة بعض ما يرجع إليهم دون بعض مثل أن يعبدوه باللسان دون اليد كما لا يسعهم أن يجعلوا بعض عبادتهم لله تعالى وبعضها لغيره وهذا بخلاف المولوية الدائرة بين الناس فلا يسع للمولى عقلا أن يفعل ما يشاء ، تأمل فيه.

وهذا هو الذي يدل على إطلاق أمثال قوله تعالى : « ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ » : السجدة : ٤ وقوله تعالى : « (وَهُوَ اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى

٣٤٠