كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٤

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٤

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: علي اكبر الغفّاري
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٨٩

فكتب إلي ( عليه‌السلام ) : أعلم فلانا أنى آمره ببيع حصتي (١) من الضيعة وإيصال ثمن ذلك إلي وأن ذلك رأيي إن شاء الله أو يقومها على نفسه إن كان ذلك أرفق به. قال : وكتبت إليه أن الرجل ذكر أن بين من وقف هذه الضيعة عليهم اختلافا شديدا وأنه ليس يأمن أن يتفاقم ذلك بينهم (٢) فإن كان ترى أن يبيع هذا الوقف ويدفع إلى كل إنسان منهم ما كان وقف له من ذلك أمرته ، فكتب ( عليه‌السلام ) بخطه إلى : أعلمه أن رأيي إن كان قد علم اختلاف ما بين أصحاب الوقف وأن بيع الوقف أمثل (٣) فليبع فإنه ربما جاء في الاختلاف تلف الأموال والنفوس ».

قال مصنف هذا الكتاب رحمه‌الله : هذا وقف كان عليهم دوم من بعدهم ولو كان عليهم وعلى أولادهم ما تناسلوا ومن بعد على فقراء المسلمين إلى أن يرث الله

__________________

(١) في الكافي « أني آمره ببيع حقي ». وقال العلامة المجلسي : يحتمل أن يكون هذا الخمس حقه عليه‌السلام وقد كان أوقفه السائل فضولا فلما لم ينفذه عليه‌السلام بطل ، و أيضا لا يصح وقف مال الانسان على نفسه فلذا أمره عليه‌السلام ببيعه ، ويحتمل أن يكون من مال السائل ولما لم يحصل القبض بعد لم يقبله عليه‌السلام وقفا حتى يحصل القبض بل رده ثم بعد ابطال الوقف أمره ببيع حصته هدية وفي الأخير كلام ـ انتهى ، وقال الفاضل التفرشي : ظاهره أنه ملك الإمام عليه‌السلام خمس الضيعة الموقوفة فلذا جوز بيعها.

(٢) تفاقم الامر إذا عظم. ( الصحاح )

(٣) قال العلامة المجلسي : يخطر بالبال أنه يمكن حمل الخبر على ما إذا لم يقبض الضيعة الموقوفة ولم يدفعها إليهم ، وحاصل السؤال أنه يعلم أنه إذا دفعها إليهم يحصل بينهم الاختلاف وتشتد لحصول الاختلاف قبل الدفع بينهم بسبب الضيعة أو لأمر آخر أيدعها موقوفة ويدفعها إليهم أو يرجع من الوقف لعدم لزومه بعد ويدفع إليهم ثمنها أيهما أفضل؟ فكتب عليه‌السلام البيع أفضل لمكان الاختلاف المؤدى إلى تلف النفوس والأموال ، فظهر أنه ليس بصريح في جواز بيع الوقف كما فهمه القوم واضطروا إلى العمل به مع مخالفته لأصولهم والقرينة عليه أن أول الخبر أيضا محمول على ذلك كما عرفت.

٢٤١

الأرض ومن عليها لم يجز بيعه أبدا (١).

٥٥٧٦ ـ وروى محمد بن عيسى ، عن أبي علي بن راشد قال : « سألت أبا الحسن عليه‌السلام فقلت : جعلت فداك اشتريت أرضا إلى جنبي بألف درهم ، فلما وفرت المال خبرت أن الأرض وقف ، فقال : لا يجوز شراء الوقف ولا تدخل الغلة في مالك ادفعها إلى من وقفت عليه ، قلت : لا أعرف لها ربا ، قال : تصدق بغلتها » (٢).

٥٥٧٧ ـ وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن جعفر بن حنان (٣) قال « سألت أبا عبد الله ( عليه‌السلام ) عن رجل وقف غلة له على قرابة له من أبيه وقرابة من أمه

__________________

(١) قال استاذنا الشعراني ـ رضوان الله تعالى عليه ـ * ويحتمل أن الوقف لم يكن تماما بالقبض فتردد الواقف بين أن يعطيهم عين الضيعة وقفا أو ينقضه ويبيعه ثمنها واستصلح الإمام عليه‌السلام فرأى له الثاني ، وهذا من إفادات فخر المحققين في الايضاح وهو قريب جدا فيسقط الاستدلال به على بيع شئ من الوقف ، وما ذكروه في دفع الاحتمال غير خال عن التكلف ، وبالجملة فبيع الوقف على خلاف القاعدة ولا يذهب إليه الا بدليل لا يحتمل في الظاهر غير جواز البيع بعد تمام الوقف وهو غير موجود.

(٢) سند الخبر صحيح ويدل على عدم جواز بيع الوقف ووجوب دفعه إلى الموقوف عليه ومع عدم المعرفة يتصدق بحاصلها إلى أن يتحقق عنده المصرف ( م ت ) وقال العلامة المجلسي : لعل الأوفق بأصول الأصحاب التعريف ثم التخيير بين التصدق والضمان أو الضمان والوصية به الا أن يخص الوقف بهذا الحكم ، والفرق بينه وبين غيره ظاهر فالعدول عن النص الصحيح غير موجه.

(٣) في بعض النسخ « جعفر بن حيان » كما في الكافي وهو واقفي ولم يوثق بل هو مجهول الحال.

* فجعنا بمفاجأة الأجل لأستاذنا الفقيد السعيد ، بطل العلم والعمل والتقى ، جامع المعقول والمنقول الميرزا أبو الحسن الشعراني ـ رحمه‌الله ـ الذي كاد أن لا يسمح الدهر بمثله ، فقد لبى دعوة ربه ليلة الأحد لسبع خلون من شهر شوال المكرم سنة ١٣٩٣ ودفن في مقبرة في بستان بجوار روضة سيدنا عبد العظيم بن عبد الله الحسنى عليه‌السلام بالري ، راجع ترجمته بقلمه (ره) في مقدمة المجلد الأول من كتاب الوافي للفيض القاشاني طبع المكتبة الاسلامية بطهران.

٢٤٢

وأوصى لرجل ولعقبه من تلك الغلة ليس بينه وبينه قرابة بثلاثمائة درهم كل سنة ويقسم الباقي على قرابته من أبيه وأمه ، قال جائز للذي أوصى له بذلك ، قلت : أرأيت إن لم يخرج من غلة الأرض التي وقفها إلا خمسمائة درهم ، فقال : أو ليس في وصيته أن يعطى الذي أوصى له من الغلة بثلاثمائة درهم ويقسم الباقي على قرابته من أبيه وأمه قلت : نعم ، قال : ليس لقرابته أن يأخذوا من الغلة شيئا حتى يوفوا الموصى له ثلاثمائة درهم ، ثم لهم ما بقي بعد ذلك ، قلت : أرأيت إن مات الذي أوصى له ، قال : إن مات كانت الثلاثمائة درهم لورثته يتوارثونها ما بقي أحد منهم (١) فإذا انقطع ورثته ولم يبق منهم أحد كانت الثلاثمائة درهم لقرابة الميت (٢) ترد إلى ما يخرج من الوقف ثم يقسم بينهم يتوارثون ذلك ما بقي [ منهم أحد ] وبقيت الغلة ، قلت : فللورثة من قرابة الميت أن يبيعوا الأرض إذا احتاجوا إليها ولم يكفهم ما يخرج من الغلة؟ قال : نعم إذا رضوا كلهم وكان البيع خيرا لهم باعوا ». (٣)

__________________

(١) قوله « لورثته » يدل على أن المراد بالعقب الوارث أعم من أن يكون ولدا أو غيره. ( م ت )

(٢) أي يرجع إلى قرابة الميت وقفا بشرائطه لان الميت وقفها واخرج منها شيئا وجعل الباقي بين الورثة ، فإذا انقطع القريب كان لهم ولا يخرج عن الوقف ، ويحتمل عوده إلى الملك. ( م ت )

(٣) يحمل جواز البيع على بيع تلك الحصة لكنها غير معينة المقدار لاختلافها باختلاف السنين في القيمة ، ويمكن حمل ما ورد في جواز البيع على الوقف الذي لم يكن لله تعالى وما ورد بعدم الجواز على ما نوى القربة فيه وبه يجمع بين الاخبار ويشهد عليه شواهد منها ( م ت ) وقال استاذنا الشعراني ـ رحمه‌الله ـ : الحديث يدل على جواز بيع الوقف عند الحاجة وكون البيع أنفع ، وأفتى به جماعة من العلماء كالسيد في الانتصار وابن زهرة في الغنية وادعى الاجماع عليه ، ولا بأس به في الوقف على بطن واحد دون من بعدهم وقد توهم دلالة الحديث على جواز البيع مع كونه أنفع مطلقا وان لم يكن لأصحاب الوقف حاجة وهذا توهم فاسد إذ لا يدل الحديث على الجواز مع الحاجة ، وتمام الكلام في الفقه ـ انتهى وقال في المسالك : القول بجواز البيع في الجملة للأكثر ومستنده صحيحة ابن مهزيار ، ومن فهم هذه الرواية اختلفت أقوال المجوزين فمنهم من شرط في جواز بيعه حصول الامرين

٢٤٣

٥٥٧٨ ـ وروى العباس بن معروف ، عن عثمان بن عيسى ، عن مهران بن محمد قال : « سمعت أبا عبد الله ( عليه‌السلام ) أوصى أن يناح عليه سبعة مواسم (١) فأوقف لكل موسم مالا ينفق فيه ».

٥٥٧٩ ـ وروى عاصم بن حميد عن أبي بصير قال قال : أبو جعفر ( عليه‌السلام ) « ألا أحدثك بوصية فاطمة ( عليها‌السلام )؟ قلت : بلى ، فأخرج حقا أو سفطا فأخرج منه كتابا فقرأه » بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصت به فاطمة بنت محمد ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أوصت بحوائطها السبعة : العواف ، والدلال ، والبرقة ، والميثب ، والحسنى والصافية ، ومال أم ـ إبراهيم (٢) إلى علي بن أبي طالب ( عليه‌السلام ) ، فإن مضى علي فإلى الحسن ، فإن مضى الحسن فإلى الحسين فإن مضى الحسين فإلى الأكبر من ولدى ، شهد الله على ذلك والمقداد بن الأسود الكندي والزبير بن العوام ، وكتب علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

وروى أن هذه الحوائط كانت وقفا وكان رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يأخذ منها ما ينفق على أضيافه ومن يمر به ، فلما قبض جاء العباس يخاصم فاطمة ( عليها‌السلام ) فيها ، فشهد على ( عليه‌السلام ) وغيره أنها وقف عليها.

__________________

وهما الاختلاف وخوف الخراب ، ومنهم من اكتفى بأحدهما ، والأقوى العمل بما دلت عليه ظاهرا من جواز بيعه إذا حصل بين أربابه خلف شديد ، وأن خوف الخراب مع ذلك أو منفردا ليس بشرط لعدم دلالة الرواية عليه ، وأما مجوز بيعه مع كون بيعه أنفع للموقوف عليهم وان لم يكن خلف فاستند فيه إلى رواية جعفر بن حنان ومال إلى العمل بمضمونها من المتأخرين الشهيد في شرح الارشاد والشيخ على ، مع أن في طريقهما ابن حنان وهو مجهول ، فالعمل بخبره فيما خالف الأصل والاجماع في غاية الضعف.

(١) أي يقام له مجلس تذكار في المواسم.

(٢) في الكافي في غير موضع « ما لام إبراهيم » والمراد مشربة أم إبراهيم ـ أعني مارية القبطية ـ وهي بعوالي المدينة بين النخيل ، وهذه الحوائط السبعة من أموال مخيريق اليهودي الذي أوصى بأمواله إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله على قول وعلى آخر هي من أموال بني النضير مما أفاء الله على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقيل غير ذلك راجع وفاء الوفاء للسمهودي.

٢٤٤

المسموع من ذكر أحد الحوائط الميثب ولكني سمعت السيد أبا عبد الله محمد ابن الحسن الموسوي أدام الله توفيقه (١) يذكر أنها تعرف عندهم بالميثم.

٥٥٨٠ ـ وروى محمد بن علي بن محبوب ، عن محمد بن الفرج ، عن علي بن معبد قال : « كتب إليه (٢) محمد بن أحمد بن إبراهيم في سنة ثلاث وثلاثين ومائتين يسأله عن رجل مات وخلف امرأة وبنين وبنات وخلف لهم غلاما أوقفه عليهم عشر سنين ثم هو حر بعد العشر سنين هل يجوز لهؤلاء الورثة بيع هذا الغلام وهم مضطرون إذا كان على ما وصفته لك جعلني الله فداك؟ فكتب ( عليه‌السلام ) : لا يبيعونه إلى ميقات شرطه إلا أن يكونوا مضطرين إلى ذلك ، فهو جائز لهم » (٣).

٥٥٨١ ـ وروى محمد بن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة قال : « كنت شاهدا لابن أبي ليلى وقضى في رجل جعل لبعض قرابته غلة داره (٤) ولم يوقت وقتا فمات الرجل وحضرت ورثته ابن أبي ليلى وحضر قرابته الذي جعل له غلة الدار ، فقال أبى ليلى : أرى أن أدعها على ما تركها صاحبها ، فقال محمد بن مسلم الثقفي : أما إن علي بن أبي طالب ( عليه‌السلام ) قد قضى في هذا المسجد بخلاف ما قضيت ، فقال : وما علمك؟ قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي ( عليهما‌السلام ) يقول : قضى على ( عليه‌السلام ) برد الحبيس وإنفاذ المواريث (٥)

__________________

(١) هو الشريف أبو عبد الله محمد بن الحسن بن إسحاق بن الحسن بن الحسين بن إسحاق بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام وهو المعروف بنعمة الذي صنف المصنف هذا الكتاب إجابة لملتمسه.

(٢) يعني إلى علي بن محمد أبي الحسن الهادي عليهما‌السلام فان محمد بن أحمد بن إبراهيم كان من أصحابه.

(٣) حمل على بيع خدمته فيكون المراد بالبيع الصلح أو الإجارة مجازا ، وهو بعيد جدا.

(٤) في الكافي والتهذيب « كنت شاهد ابن أبي ليلى ـ الخ » وقوله : « لم يوقت وقتا » أي لم يجعله وقفا مؤبدا ولا سكنى مدة عمره أو عمر الساكن.

(٥) أي حكم عليه‌السلام بأن ما كان حبسا كذلك يرد إلى الورثة بعد موت الحابس ويجعل ميراثا لورثته. ( م ت )

٢٤٥

فقال ابن أبي ليلى : هذا عندك في كتاب؟ قال نعم قال فأتني به ، فقال له محمد بن مسلم : على أن لا تنظر من الكتاب إلا في ذلك الحديث ، قال : لك ذلك ، قال : فأحضر الكتاب وأراه الحديث عن أبي جعفر عليه‌السلام في الكتاب فرد قضيته » (١).

والحبيس كل وقف إلى غير وقت معلوم هو مردود على الورثة.

٥٥٨٢ ـ وروى عبد الله بن المغيرة ، عن عبد الرحمن الجعفي (٢) قال : « كنت أختلف إلى ابن أبي ليلى في مواريث لنا ليقسمها وكان فيه حبيس فكان يدافعني ، فلما طال ذلك شكوته إلى أبى عبد الله ( عليه‌السلام ) فقال : أو ما علم أن رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أمر برد الحبيس وإنفاذ المواريث؟ قال : فأتيته ففعل كما كان يفعل ، فقلت له : إني شكوتك إلى جعفر بن محمد ( عليهما‌السلام ) فقال لي : كيت وكيت ، قال : فحلفني ابن أبي ليلى أنه قد قال ذلك فحلفت له ، فقضى لي بذلك ».

٥٥٨٣ ـ وروى يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن شعيب ، عن أبي كهمس عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال : « ستة تلحق المؤمن بعد وفاته : ولد يستغفر له ، ومصحف يخلفه (٣) ، وغرس يغرسه ، وبئر يحفرها ، وصدقة يجريها ، وسنة يؤخذ بها من بعده ».

٥٥٨٤ ـ وروى علي بن أسباط ، عن محمد بن حمران (٤) ، عن زرارة عن أبي جعفر ( عليه‌السلام ) « في الرجل يتصدق بالصدقة المشتركة ، قال : جائز » (٥).

__________________

(١) يدل على أنه إذا لم يوقت وقتا ومات الحابس يرد ميراثا على ورثته ويبطل الحبس كما هو مقطوع به في كلام الأصحاب. ( المرآة )

(٢) في الكافي « عبد الرحمن الخثعمي » وبكلا العنوانين مجهول ولا يضر لصحته عن عبد الله بن المغيرة وهو ثقة ثقة جليل ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم.

(٣) أي مكتوب من العلوم الدينية أو القرآن والأول أظهر. ( م ت )

(٤) هو النهدي الثقة بقرينة علي بن أسباط راوي كتابه.

(٥) يدل على جواز الوقف والصدقة في الحصة المشاعة. ( المرآة )

٢٤٦

٥٥٨٥ ـ وروى الحسين بن سعيد ، عن النضر ، عن القاسم بن سليمان ، عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) أنه قال « في رجل تصدق على ولد له قد أدركوا فقال : إذا لم يقبضوا حتى يموت فهي ميراث ، فإن تصدق على من لم يدرك من ولده فهو جائز لان الوالد هو الذي يلي أمرهم (١) وقال ( عليه‌السلام ) : لا يرجع في الصدقة إذا تصدق بها ابتغاء وجه الله عزوجل » (٢).

٥٥٨٦ ـ وفي رواية ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل تصدق على ابنه بالمال أو الدار ، أله أن يرجع فيه؟ فقال : نعم إلا أن يكون صغيرا » (٣).

٥٥٨٧ ـ وروى موسى بن بكر (٤) ، عن الحكم قال : « قلت لأبي عبد الله ( عليه‌السلام ) » إن والدي تصدق علي بدار ثم بداله أن يرجع فيها وإن قضاتنا يقضون لي بها ، فقال : نعم ما قضت به قضاتكم ولبئس ما صنع والدك إنما الصدقة لله عزوجل فما جعل لله فلا رجعة فيه له (٥) ، فإن أنت خاصمته فلا ترفع عليه صوتك وإن رفع صوته

__________________

(١) يدل على اشتراط الوقف والصدقة بالقبض ، وعلى أن قبض والد الصغير بمنزلة قبضة ( م ت ) وقال العلامة المجلسي : ظاهره عدم اشتراط نية القبض كما ذهب إليه جماعة ، وقيل يشترط.

(٢) يمكن أن يكون المراد بالصدقة في هذا الخبر وأمثاله الوقف فيدل على أن الوقف الذي لا يصح الرجوع فيه ولا بيعه هو ما أريد به وجه الله ويدل بعض الأخبار ظاهرا على اشتراط القربة في الوقف كما ذهب إليه بعض الأصحاب ، ويحتمل أن يكون المراد بالصدقة فيها أوفى بعضها المعنى المعروف ولا خلاف ظاهرا في اشتراطها بالقربة. ( المرآة )

(٣) يدل على أن الصدقة على الصغار لا يجوز الرجوع فيها لأنها مقبوضة بيده ومعوضة أيضا لما جعلت لله تعالى ، وما كان له فهو معوض لا رجعة فيه.

(٤) كذا في النسخ والظاهر تصحيفه لما جعل في بعضها « عن ابن بكر » وكأن صححها بعض بموسى بن بكر ، والصواب « عن ابن بكير » كما في الكافي والتهذيب وفيهما « عن الحكم بن أبي عقيلة » وهو غير مذكور والمذكور الحكم أخو أبي عقيلة وحاله مجهول.

(٥) لعل فيه دلالة على جواز أخذ الحق بقول القاضي الفاسق ، وأنه يجوز أن يفعل مع الأب ما يقتضيه من الدعوى مع ملاحظة أدبه.

٢٤٧

فاخفض أنت صوتك ، قال : قلت له : إنه قد توفى قال : فأطب بها (١).

٥٥٨٨ ـ وروى ربعي بن عبد الله عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال ، « تصدق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه‌السلام ) بداره التي في المدينة في بنى زريق (٢) فكتب » بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما تصدق به علي بن أبي طالب وهو حي سوى ، تصدق بداره التي في بنى زريق صدقة لا تباع ولا توهب ولا تورث حتى يرثها الله الذي يرث السماوات والأرض (٣) وأسكن هذه الصدقة خالاته ما عشن وعاش عقيبهن فإذا انقرضوا فهي لذوي الحاجة من المسلمين ، شهد [ الله ] .. (٤).

٩ ٥٥٨ ـ وروى حماد بن عثمان ، عن أبي الصباح [ الكناني ] (٥) قال : قلت لأبي الحسن ( عليه‌السلام ) : « إن أمي تصدقت على بنصيب لها في دار ، فقلت لها : إن القضاة لا يجيزون هذا ولكن اكتبيه شرى ، فقالت : اصنع من ذلك ما بدا لك وكلما ترى أنه يسوغ لك ، فتوثقت (٦) فأراد بعض الورثة أن يستحلفني أنى قد نقدت هذا الثمن ولم أنقدها شيئا فما ترى؟ قال : احلف له ».

٥٥٩٠ ـ وروى محمد بن سليمان الديلمي عن أبيه عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال :  « سألته عن الرجل يتصدق على الرجل الغريب ببعض داره ، ثم يموت ، قال : يقوم

__________________

(١) أي تصرف فيها هنيئا لك ، أمر من طاب يطيب.

(٢) بنو زريق بطن من الأنصار. ( المغرب )

(٣) في بعض النسخ « حتى يرثها الله رب السماوات والأرض » وفي التهذيبين مثل ما في المتن.

(٤) أي شهد الله وفلان وفلان فالمعنى شهد الخ.

(٥) تقدمت هذه الرواية بعينها في باب الايمان والنذور تحت رقم ٤٢٧٦ « عن حماد بن عثمان عن محمد بن أبي الصباح قال : قلت ـ الخ » وفي التهذيب « عن حماد ، عن محمد بن فضيل عن أبي الصباح » وروى الكليني ج ٧ ص ٣٣ نحوه عن محمد بن مسلم ، عن محمد بن مسعود الطائي.

(٦) أي جعلت له وثيقة وحجة.

٢٤٨

ذلك قيمة فيدفع إليه ثمنه » (١).

٥٥٩١ ـ وروى محمد بن أبي عمير ، عن أبان ، عن إسماعيل الجعفي قال : قال أبو جعفر ( عليه‌السلام ) : « من تصدق بصدقة فردها عليه الميراث فهي له » (٢).

٥٥٩٢ ـ وفى رواية السكوني « أن عليا ( عليه‌السلام ) كان يرد النحلة في الوصية ، [ و ] ما أقر عند موته بلا ثبت ولا بينة رده » (٣).

٥٥٩٣ ـ وروى محمد بن علي بن محبوب ، عن علي بن السندي ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : أوصى أبو الحسن ( عليه‌السلام ) بهذه الصدقة : هذا ما تصدق به موسى بن جعفر ( عليه‌السلام ) تصدق بأرضه في مكان كذا وكذا كلها ، وحد الأرض

__________________

(١) الديلمي ضعيف ، والظاهر أن التصدق بمعنى التمليك بقصد القربة ، ولعل التقويم ودفع الثمن على وجه الاستحباب والتراضي والأصلح بحالهما. ( مراد )

(٢) الاسناد مجازي أي ثم انتقلت إليه بالميراث. ( مراد )

(٣) لعل المراد أنه عليه‌السلام يجعل العطية الواقعة في مرض الموت في الوصية ويحسبها من الثلث وما يقربه عند الموت من غير ثبت من عقله وتزلزله وتكلمه بالهذيان من دون أن يقام بينة على ما أقربه يرده مطلقا لا يجعل في أصل المال ولا في ثلثه ، وحينئذ فاما أن تكون الواو قبل « ما أقر » سقطت عن قلم بعض النساخ أو تكون زائدة ويكون ذكر ما أقر على سبيل التعداد ، ويمكن أن يكون ما أقر عند موته بيانا للنحلة ( مراد ) وقال المولى المجلسي : واعلم أن الفرق بين الصدقة والنحلة والعطية لا يكون الا بنية القربة ، فلو قصدها فهي صدقة ، ولو لم يقصدها فيجوز الرجوع مع بقاء العين الا أن يعوض عنها بأن يعطى بشرط العوض في العقد أو بإرادة العوض كما هو الظاهر من الاخبار ، والمشهور الأول الا في ذوي الأرحام فان المشهور أنه لا يشرط القربة في عدم جواز الرجوع ويظهر من بعض الأخبار أنهم كغيرهم وقصر المصنف واكتفى بهذا الخبر ، وروى الشيخ الكليني في الحسن كالصحيح عن هشام وحماد وابن أذينة وابن بكير وغيرهم كلهم قالوا : « قال أبو عبد الله عليه‌السلام : لا صدقة ولا عتق الا ما أريد به وجه الله عزوجل » وأيضا في الصحيح عن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إنما الصدقة محدثة ، إنما كان الناس على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ينحلون ويهبون ولا ينبغي لمن أعطى الله عزوجل شيئا أن يرجع فيه ، وقال : وما لم يعط الله وفي الله فإنه يرجع فيه نحلة كانت أو هبة ، حيزت أو لم تحز ـ الخ ».

٢٤٩

كذا وكذا تصدق بها كلها وبنخلها وأرضها وقناتها ومائها وأرحائها وحقوقها وشربها من الماء وكل حق هو لها في مرتفع أو مظهر أو عرض أو طول أو مرفق أو ساحة أو أسقية أو متشعب أو مسيل أو عامر أو غامر (١) تصدق بجميع حقوقه من ذلك على ولد صلبه من الرجال والنساء ، يقسم واليها ما أخرج الله عزوجل من غلتها الذي يكفيها في عمارتها ومرافقها بعد ثلاثين عذقا يقسم في مساكين القرية بين ولد فلان للذكر مثل حظ الأنثيين ، فإن تزوجت امرأة من بنات فلان فلا حق لها من هذه الصدقة حتى ترجع إليها بغير زوج ، فإن رجعت فان لها مثل حظ التي لم تتزوج من بنات فلان ، وأن من توفى من ولد فلان وله ولد فلولده على سهم أبيه للذكر مثل حظ الأنثيين مثل ما شرط فلان بين ولده من صلبه ، وأن من توفى من ولد فلان ولم يترك ولدا رد حقه إلى أهل الصدقة ، وأنه ليس لولد بناتي في صدقتي هذه حق إلا أن يكون آباؤهم من ولدى ، وأنه ليس لأحد في صدقتي حق مع ولدى وولد ولدى وأعقابهم ما بقي منهم أحد ، فإن انقرضوا فلم يبق منهم أحد قسم ذلك على ولد أبى من أمي ما بقي منهم أحد على مثل ما شرطت بين ولدي وعقبي ، فإذا انقرض ولد أبى من أمي ولم يبق منهم أحد فصدقتي على ولد أبى وأعقابهم ما بقي منهم أحد على مثل ما شرطت بين ولدى وعقبي ، فإذا انقرض ولد أبى فلم يبق منهم أحد فصدقتي على الأولى فالأولى حتى يرثها الله الذي ورثها وهو خير الوارثين ، تصدق فلان بصدقته هذه وهو صحيح صدقة بتا بتلا (٢) لا مشوبة فيها ولا رد أبدا ، ابتغاء وجه الله والدار الآخرة ، ولا يحل؟ لمؤمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيعها ولا يبتاعها ولا يهبها ولا ينحلها ولا يغير شيئا منها حتى يرث الله الأرض ومن عليها ، وجعل صدقته هذه إلى علي وإبراهيم فإذا انقرض أحدهما دخل القاسم مع الباقي ، فإن انقرض أحدهما دخل إسماعيل مع الباقي منهما ، فإن انقرض أحدهما دخل العباس مع

__________________

(١) أي كل معمور وخراب ، ومرافق الدار مصاب الماء ونحوها.

(٢) البت : القطع وكذلك البتل يقال بتلت الشئ أبتله ـ بالكسر ـ بتلا إذا ابنته من غيره ، ومنه قولهم طلقها بتة بتلة ، وفي بعض النسخ « لا مثنوية فيها » أي الاستثناء بالمشيئة.

٢٥٠

الباقي منهما ، فان انقرض أحدهما ، دخل الأكبر من ولدى مع الباقي منهما ، وإن لم يبق من ولدى معه إلا واحد فهو الذي يليه.

٥٥٩٤ ـ وروى العباس بن عامر ، عن أبي الصحارى عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال : قلت له : « رجل اشترى دارا فبقيت عرصة فبناها بيت غلة أيوقفه على المسجد؟ قال : إن المجوس أوقفوا على بيت النار ». (١)

باب

* ( السكنى والعمرى والرقبى ) *

٥٥٩٥ ـ روى محمد بن أبي عمير ، عن الحسين بن نعيم (٣) ، عن أبي الحسن موسى ابن جعفر ( عليهما‌السلام ) قال : « سألته عن رجل جعل سكنى داره لرجل أيام حياته أو جعلها له ولعقبه من بعده ، قال : هي له ولعقبه كما شرط ، قلت : فإن احتاج إلى بيعها يبيعها قال : نعم ، قلت : فينقض بيعه الدار السكنى؟ قال : لا ينقض البيع السكنى كذلك سمعت أبي ( عليه‌السلام ) يقول قال أبو جعفر ( عليه‌السلام ) : لا ينقض البيع الإجارة ولا السكنى ولكنه يبيعه على أن الذي يشتريه لا يملك ما اشترى حتى ينقضي السكنى على ما شرط والإجارة (٤) ، قلت : فإن رد على المستأجر ماله وجميع ما لزمه في النفقة والعمارة

__________________

(١) تقدم الكلام فيه في المجلد الأول ص ٢٣٨.

(٢) السكنى هو الاسكان في الدار مدة عمر الساكن أو المسكن ، والعمرى أعم من السكنى من وجه وأخص من وجه ، قال ابن الأثير في النهاية : قد تكرر في الحديث ذكر العمرى والرقبى يقال : أعمرته الدار عمري أي جعلتها له يسكنها مدة عمره فإذا مات عادت إلي ، والرقبى هو أن يقول الرجل : للرجل : لك هذه الدار فان مت قبلي رجعت إلي ، فان مت قبلك فهي لك ، وهي فعلى من المراقبة لان كل واحد يراقب موت صاحبه ، والفقهاء فيها مختلفون ، منهم من يجعلها تمليكا ، ومنهم من يجعلها كالعارية ـ انتهى.

(٣) السند صحيح وفي الكافي والتهذيب حسن كالصحيح ، والمراد ظاهرا الحسين بن نعيم الصحاف لكن لم ينقل روايته عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام ،

(٤) أي لا ينتزع من يد الساكن والمستأجر. ( مراد )

٢٥١

فيما استأجر؟ قال : على طيبة النفس ورضا المستأجر بذلك لا بأس » (١).

٥٥٩٦ ـ وروى الحسن بن محبوب ، عن خالد بن نافع البجلي (٢) عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال : « سألته عن رجل جعل لرجل سكنى دار له مدة حياته يعنى صاحب الدار (٣) فمات الذي جعل السكنى وبقى الذي جعل له السكنى أرأيت إن أراد الورثة أن يخرجوه من الدار ألهم ذلك؟ فقال : أرى أن تقوم الدار بقيمة عادلة وينظر إلى ثلث الميت فإن كان في ثلثه ما يحيط بثمن الدار فليس للورثة أن يخرجوه وإن كان الثلث لا يحيط بثمن الدار فلهم أن يخرجوه ، قيل له : أرأيت إن مات الرجل الذي جعل له السكنى بعد موت صاحب الدار يكون السكنى لعقب الذي جعل له السكنى؟ قال : لا » (٤).

__________________

(١) يدل على أن عقد السكنى لازم ويجوز بيع المسكن المسلوب المنفعة مدة حياة الساكن أو المسكن ، وكذا يجوز بيع العين المستأجرة كذلك وعليه عمل الأصحاب ( م ت ) و قال العلامة المجلسي ـ رحمه‌الله ـ : المشهور بين الأصحاب أنه لا يبطل العمرى والسكنى والرقبى بالبيع بل يجب يوفي المعمر ما شرط لهذه الحسنة ، واختلف كلام العلامة ففي الارشاد قطع بجواز البيع ، وفي التحرير استقرب عدمه لجهالة وقت انتفاع المشترى ، وفي القواعد المختلف والتذكرة استشكل الحكم ، والأوجه أنه بعد ورود الرواية المعتبرة لا اشكال.

(٢) مروي في الكافي ج ٧ ص ٣٨ أيضا عن خالد بن نافع البجلي وهو مجهول.

(٣) كذا في جميع الكتب الأربعة للمشايخ الثلاثة ـ رضوان الله عليهم ـ فلعل المراد بالصاحب الساكن في الدار كما يأتي.

(٤) قال العلامة المجلسي : قوله « مدة حياته » أي فعل ذلك في حياته أي صحته ، أو المراد بصاحب الدار : الساكن في الدار ، والظاهر أن الراوي أخطأ في التفسير ، قال الشيخ ـ رحمه‌الله ـ في التهذيب : ما تضمن هذا الخبر من قوله « يعني صاحب الدار » حين ذكر أن رجلا جعل لرجل سكنى دار له فإنه غلط من الراوي ووهم منه في التأويل لان الأحكام التي ذكرها بعد ذلك إنما يصح إذا كان قد جعل السكنى في حياة من جعلت له السكنى فحينئذ يقوم وينظر باعتبار الثلث وزيادته ونقصانه ولو كان الامر على ما ذكره المتأول للحديث من أنه كان جعله مدة حياته لكان حين مات بطلت السكنى ولم يحتج معه إلى تقويمه واعتباره بالثلث ـ انتهى. وبهذا التفصيل قال ابن الجنيد ، ولم يعمل به الأكثر لجهالة الخبر ، وقال الشهيد الثاني ـ رحمه‌الله ـ : « نعم لو وقع في مرض موت المالك اعتبرت المنفعة الخارجة من الثلث لا جميع الدار » أقول يمكن حمل الخبر على وذلك بتكلف بأن يكون المراد بتقويم الدار تقويم منفعتها تلك المدة ، وقوله « فلهم أن يخرجوه » أي بعد استيفاء قدر الثلث من منفعة الدار.

٢٥٢

٥٥٩٧ ـ وروى الحسن بن علي بن فضال ، عن أحمد بن عمر الحلبي ، عن أبيه عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال : « سألته عن رجل أسكن داره رجلا مدة حياته ، فقال : يجوز له وليس له ان يخرجه ، قلت : فله ولعقبه؟ قال : يجوز له ، وسألته عن رجل أسكن رجلا ولم يوقت له شيئا ، قال : يخرجه صاحب الدار إذا شاء » (١).

٥٥٩٨ ـ وروى محمد بن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن حمران قال : « سألته عن السكنى والعمرى فقال : الناس فيه عند شروطهم إن كان شرط حياته فهو حياته ، وإن كان لعقبه فهو لعقبه كما شرط حتى يفنوا ثم ترد إلى صاحب الدار » (٢).

٥٥٩٩ ـ وروى محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال : « سئل عن السكنى والعمرى ، فقال : إن كان جعل السكنى في حياته فهو كما شرط ، وإن كان جعلها له ولعقبه من بعده حتى يفنى عقبه فليس لهم (٣) أن يبيعوا ولا يورثوا الدار ، ثم ترجع الدار إلى صاحبها الأول ».

__________________

(١) يدل على أنه إذا وقته فيلزم الوفاء وإذا لم يوقت فله الاخراج متى شاء. ( م ت )

(٢) قال في المسالك : كما يجوز تعليق العمرى على عمر المعمر يجوز إضافة عقبه إليه بحيث يجعل حق المنفعة بعده لهم مدة عمرهم أيضا ، والنصوص دالة عليه وأولى منه لو جعله لبعض معين من العقب ، ومثله ما لو جعله له مدة عمره ولعقبه مدة مخصوصة ، والعقد حينئذ مركب من العمرى والرقبى ، ثم قال : الأصل في عقد السكنى اللزوم ، فإن كان مدة معينة لزم فيها ، وإن كان عمر أحدهما لزم كذلك ، ولا يبطل العقد بموت غير من علقت على موته ، فان كانت مقرونة بعمر المالك استحقها المعمر كذلك ، فان مات المعمر قبل المالك انتقل الحق إلى ورثته مدة حياة المالك كغيره من الحقوق والاملاك ، وهذا مما لا خلاف فيه ، أما لو انعكس بأن قرنت بعمر المعمر فمات المالك قبله فالأصح أن الحكم كذلك وليس لورثة المالك ازعاجه قبل وفاته مطلقا ، وفصل ابن الجنيد هنا فقال : ان كانت قيمة الدار تحيط بثلث الميت لم يكن لهم اخراجه ، وإن كان ينقص عنها كان كذلك لهم استنادا إلى رواية خالد بن نافع.

(٣) أي للساكنين أو المسكين وعلى الثاني محمول على ما إذا أخرجوا الساكنين أو على ما إذا باعوا ولم يذكر السكنى للمشتري. ( المرآة )

٢٥٣

كتاب الفرائض والمواريث

باب

* ( ابطال العول في المواريث ) *

٥٦٠٠ ـ روى سماعة عن أبي بصير عن أبي جعفر ( عليه‌السلام ) قال : « إن أمير المؤمنين عليه‌السلام كان يقول : إن الذي أحصى رمل عالج (١) يعلم أن السهام لا تعول على ستة (٢) لو يبصرون وجوهها لم تجز ستة » (٣).

__________________

(١) في النهاية في حديث الدعاء « وما تحويه عوالج الرمال » هي جمع عالج ـ بكسر اللام ـ وهو ما تراكم من الرمل ودخل بعضه في بعض.

(٢) « تعول » أي لا تزيد ولا ترتفع ، والعول في الفرائض هو زيادة الفريضة لقصورها عن سهام الورثة على وجه يحصل به النقص على الجمع بالنسبة ، وهو باطل عند الإمامية كما إذا كانت ستة مثلا فعالت إلى سبعة في مثل زوج وأختين لأب فان للزوج النصف ثلاثة وللأختين الثلثين أربعة فزادت الفريضة واحدا ، والقائلون بالعول يجمعون السهام كلها ويقسمون الفريضة عليها فيدخل النقص على كل واحد بقدر فرضه كأرباب الديون إذا ضاق المال عن حقهم ، وأول مسألة وقع فيها العول في الاسلام في زمن عمر على ما رواه عنه العامة وهو أنه ماتت امرأة في زمانه عن زوج وأختين فجمع الصحابة وقال لهم : فرض الله تعالى للزوج النصف وللأختين الثلثين ، فان بدأت للزوج لم تبق للأختين حقهما وان بدأت للأختين لم يبق للزوج حقه ، فأشيروا علي ، فاتبع رأي أكثرهم على العول ، فقضى بتوزيع النقص على الجميع بنسبة سهامهم ، وسنذكر قول الإمامية فيه عن قريب إن شاء الله تعالى.

(٣) الستة هي التي ذكره الله سبحانه في كتابه وهي الثلثان والنصف والثلث والربع والسدس والثمن.

فالثلثان هو فرض البنتين فصاعدا ، والأختين فصاعدا لأب وأم أو لأب مع فقد الاخوة.

والنصف هو فرض الزوج مع عدم الولد وان نزل ، والبنت الواحدة والأخت الواحدة لأب وأم أو لأب مع فقد الاخوة.

٢٥٤

٥٦٠١ ـ وروى سيف بن عميرة ، عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان ابن عباس يقول : إن الذي أحصى رمل عالج ليعلم أن السهام لا تعول من ستة (١).

٥٦٠٢ ـ وروى الفضل بن شاذان ، عن محمد بن يحيى ، عن علي بن عبد الله ، عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، عن أبيه (٢) قال : حدثني أبي عن محمد بن إسحاق قال :

__________________

والثلث هو فرض الام مع عدم من يحجبها من الولد وان نزل ، والزائد على الواحد من ولد الام.

والربع هو فرض الزوج مع الولد وان نزل ، والزوجة فأزيد مع عدم الولد.

والسدس هو فرض كل واحد من الأبوين مع الولد وان نزل والام المحجوبة ، والواحد من كلالة الام ذكرا كان أو الأنثى والثمن هو فرض الزوجة فأزيد مع الولد وان نزل.

(١) لا خلاف عند العامة أن ابن عباس لم يقل بالعول كما رواه الحاكم في مستدركه ج ٤ ص ٣٤٠ وقال : صحيح على شرط مسلم ، وسنن البيهقي ج ٦ ص ٢٥٣ ، وكنز العمال ج ٦ ص ٧ ، وأحكام القرآن للجصاص ج ٢ ص ١٠٩.

(٢) طريق الصدوق إلى الفضل بن شاذان قوى والفضل بن شاذان النيشابوري متكلم فقيه جليل ، له كتب ومصنفات يبلغ عددها مائة وثمانين كتابا ، وهو يروى هذا الحديث عن محمد بن يحيى بن عبد الله الذهلي العامي النيشابوري ، نقل ابن حجر عن أبي محمد بن أبي الجارود عن محمد بن أحمد بن الجراح الجوزجاني يقول : دخلت على أحمد فقال لي : تريد البصرة قلت : نعم ، قال : فإذا أتيتها فألزم محمد بن يحيى فليكن سماعك منه فانى ما رأيت خراسانيا ـ أو قال : ما رأيت أحدا ـ أعلم بحديث الزهري منه ولا أصح كتابا منه ، وأما على ابن عبد الله فهو أبو الحسن علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح السعدي مولاهم يكنى ابن المديني بصرى قال أبو حاتم الرازي : كان علي بن عبد الله علما في الناس في معرفة الحديث والعلل وكان أحمد لا يسميه إنما يكنيه اجلالا له. وأما يعقوب بن إبراهيم بن سعد فهو من أحفاد الزهري المعروف ، وثقة ابن معين والعجلي وابن حبان ، وأبوه إبراهيم بن سعد ثقة أيضا قال أحمد : أحاديثه مستقيمة ، وجده سعد بن إبراهيم قاضى واسط من قبل هارون ووثقه ابن معين.

٢٥٥

حدثني الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة (١) قال : جلست إلى ابن عباس فعرض على ذكر فرائض المواريث فقال ابن عباس : سبحان الله العظيم أترون أن الذي أحصى رمل عالج عددا جعل في مال نصفا ونصفا وثلثا (٢) فهذان النصفان قد ذهبا بالمال فأين موضع الثلث؟ فقال له زفر بن أوس البصري : يا ابن عباس فمن أول من أعال الفرائض قال : « رمع » لما التفت عنده الفرائض ودافع بعضها بعضا قال : والله ما أدرى أيكم قدم الله وأيكم أخر الله وما أجد شيئا هو أوسع من أن أقسم عليكم هذا المال بالحصص فأدخل على كل ذي حق ما دخل عليه من عول الفريضة ، وأيم الله أن لو قدم من قدم الله وأخر من أخر الله ما عالت فريضة ، فقال له زفر بن أوس : وأيهما قدم وأيهما أخر؟ فقال : كل فريضة لم يهبطها الله عزوجل عن فريضة إلا إلى فريضة (٣) فهذا ما قدم الله ، وأما ما أخر الله فكل فريضة إذا زالت عن فرضها لم يكن لها إلا ما بقي فتلك التي اخر الله ، فاما التي قدم الله فالزوج له النصف فإذا دخل عليه ما يزيله عنه رجع إلى الربع لا يزيله عنه شئ ، والزوجة لها الربع فإن زالت عنه صارت إلى الثمن لا يزيلها عنه شئ ، والام لها الثلث فإن زالت عنه صارت إلى السدس لا يزيلها عنه شئ ، فهذه الفرائض التي قدم الله عزوجل ، وأما التي أخر الله ففريضة البنات والأخوات لها النصف إن كانت واحدة ، وإن كانت اثنتين أو أكثر فالثلثان فإذا

__________________

(١) محمد بن إسحاق أبو بكر المطلبي مولاهم نزيل العراق وثقه ابن معين وقال : كان حسن الحديث وهو صاحب المغازي. ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري حاله مشهور والعامة رفعوه فوق مقامه راجع تهذيب التهذيب ج ٩ ص ٤٤٥ إلى ٤٥١ ، وأما عبيد الله بن عبد الله ابن عتبة الهذلي فوثقه أبو زرعة وابن حبان والواقدي وغيرهم ، وإنما بينا رجال السند لعدم كونهم في كتب رجال الخاصة وليكون القارئ على بصيرة في مسألة بطلان العول.

(٢) قال العلامة المجلسي : مثال ذلك أنه ان ماتت امرأة وتركت زوجا وأخوتها لامها وأختها لأبيها فان للزوج النصف ثلاثة أسهم وللاخوة من الام الثلث سهمين وللأخت من الأب أيضا عندهم النصف ثلاثة أسهم يصير من ستة تعول إلى الثمانية ، ويحتجون بذلك بقوله تعالى « وله أخت فلها نصف ما ترك » وعندنا للأخت من الأب السدس.

(٣) هذا لا يجرى في كلالة الام كما لا يخفى. ( المرآة )

٢٥٦

أزالتهن الفرائض لم يكن لهن إلا ما يبقى فتلك التي أخر الله ، فإذا اجتمع ما قدم الله وما أخر بدئ بما قد الله فأعطى حقه كملا ، فإن بقي شئ كان لمن أخر ، وإن لم يبق شئ فلا شئ له (١) ، فقال له زفر بن أوس : فما منعك أن تشير بهذا الرأي على  « رمع »؟ قال : هبته (٢) فقال الزهري : والله لولا أنه تقدمه إمام عدل كان أمره على الورع فأمضى أمرا فمضى ما اختلف على ابن عباس من أهل العلم اثنان (٣).

٥٦٠٣ ـ قال الفضل : وروى عبد الله بن الوليد العدني (٤) صاحب سفيان قال : حدثني أبو القاسم الكوفي صاحب أبى يوسف عن أبي يوسف قال : حدثنا ليث بن أبي سليم (٥) عن أبي عمرو العبدي عن ابن سليمان (٦) عن علي بن أبي طالب ( عليه‌السلام ) أنه كان يقول :

__________________

(١) قوله « ان لم يبق ـ الخ » لا يخفى الاشكال فيه لأنه مع كونه المؤخر في المرتبة التي فيها المقدم كيف يكون محروما من الإرث بالقرابة؟ وأجيب عن الاشكال بأنه مبالغة في تقديم من قدمهم الله تعالى وهذا بطريق الاحتمال العقلي والا فهذا لا يقع أبدا

(٢) أي خفته وفي نسخة « هيبة » أي خوفا منه ، وقوله « فقال الزهر ى » من كلام محمد ابن إسحاق.

(٣) يعنى لولا أن العول تقدم من عمر وهو امام عدل على زعم الناس لما اختلف من أهل العلم على قول ابن عباس اثنان. وقال المولى المجلسي : هذا المعنى أو هذا الرأي أخذه ابن عباس عن أمير المؤمنين عليه‌السلام. أقول : روى نحوه الحاكم والبيهقي عن ابن عباس ونقله السيوطي في الدر المنثور ج ٢ ص ١٢٧ وأورده المصنف هنا محتجا به على المخالفين وقد عرفت أن رواته كلهم من ثقات العامة كالخبر الآتي.

(٤) في بعض النسخ « عبد الله بن الوليد العبدي » وهو تصحيف وهو عبد الله بن الوليد بن ميمون المكي المعروف بالعدني روى عن سفيان وغيره قال أحمد : سمع من سفيان وجعل يصحح سماعه ولكن لم يكن صاحب حديث وحديثه حديث صحيح ، وقال أبو زرعة : صدوق وذكره ابن حبان في الثقات راجع تهذيب التهذيب ج ٦ ص ٧٠.

(٥) في بعض النسخ والعلل والتهذيب « ليث بن أبي سليمان » وهو تصحيف والظاهر أنه ليث بن أبي سليم بن زنيم القرشي.

(٦) في التهذيب والعلل « عن ليث ، عن أبي عمر العبدي عن علي بن أبي طالب عليه السلام » ويحتمل أن يكون الصواب « عن أبي عمرو عبيدة السلماني » فصحف بيد النساخ

٢٥٧

الفرائض من ستة أسهم ، الثلثان أربعة أسهم ، والنصف ثلاثة أسهم ، والثلث سهمان والربع سهم ونصف ، والثمن ثلاثة أرباع سهم ، (١) ولا يرث مع الولد إلا الأبوان والزوج والمرأة ، ولا يحجب الام عن الثلث إلا الولد والاخوة ، ولا يزاد الزوج على النصف ولا ينقص من الربع ، ولا تزاد المرأة على الربع ولا تنقص من الثمن وإن كن أربعا أو دون ذلك فهن فيه سواء ، ولا يزاد الاخوة من الام على الثلث ولا ينقصون من السدس ، وهم فيه سواء ، الذكر والأنثى ، ولا يحجبهم عن الثلث إلا الولد والوالد (٢) والدية تقسم على من أحرز الميراث(٣).

__________________

والرجل هو من أصحاب علي عليه‌السلام ثقة ثبت وقالوا كان شريح القاضي إذا أشكل عليه أمر كتب إلى عبيدة هذا وسأل عنه ، أسلم قبل وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتوفى بعد السبعين.

وبهذا الوجه يرفع الخلاف بين العلل والتهذيب وبين الفقيه.

(١) لم يذكر السدس للظهور أو سقط من النساخ ، والغرض أن السهام التي ذكر ها الله تعالى في الكتاب ليست الا ستة وليس فيها السبع والتسع والعشر وما فوقه كما يلزم على العول. ( م ت ).

(٢) كأن الصواب « ولا يحجبهم عن الإرث الا الولد والوالدان ».

(٣) روى الكليني ج ٧ ص ١٠١ في الحسن كالصحيح عن بكير بن أعين قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « امرأة تركت زوجها وأخوتها لامها وأخوتها وأخواتها لأبيها ، قال : للزوج النصف ثلاثة أسهم ، وللاخوة من الام الثلث الذكر والأنثى فيه سواء ، وبقى سهم فهو للاخوة والأخوات من الأب للذكر مثل حظ الأنثيين لان السهام لا تعول ولا ينقص الزوج من النصف ولا الاخوة و من الام من ثلثهم ـ الخبر » ومحصل الكلام أن الوارث من جهة النسب إن كان واحدا ورث المال كله إن كان ذا فرض بعضه بالفرض وبعضه بالقرابة ، وان لم يكن ذا فرض فبالقرابة ، وإن كان أكثر من واحد ولم يحجب بعضهم بعضا فأما أن يكون ميراث الجميع بالقرابة أو بالفرض أو بالاختلاف ، فعلى الأول يقسم على ما يأتي من تفصيل في ميراثهم إن شاء الله تعالى ، وعلى الثالث يقدم صاحب الفرض فيعطى فرضه والباقي للباقين ، وعلى الثاني فاما أن تنطبق السهام على الفريضة أو تنقص عنها أو تزيد عليها ، فعلى الأول لا اشكال وعلى الثاني فالزائد عندنا للأنساب يرد عليهم زيادة على سهامهم إذ الأقرب يحرم الابعد ، وعلى الثالث يدخل النقص عندنا على البنت والأخوات للأبوين أو للأب خاصة ، والنقص يدخل على من له فرض واحد في الكتاب العزيز دون من له الفرضان ، فإنه متى نزل عن الفرض الاعلى كان له الفرض الأدنى خلافا للعامة في المقامين ( جامع المدارك ج ٥ ص ٣٠٨ ).

٢٥٨

قال : الفضل بن شاذان : هذا حديث صحيح (١) على موافقة الكتاب ، وفيه دليل على أنه لا يرث الاخوة والأخوات مع الولد شيئا ، ولا يرث الجد مع الولد شيئا وفيه دليل على أن الام تحجب الاخوة من الام عن الميراث.

فإن قال قائل (٢) : إنما قال : والد ولم يقل والدين ولا قال والدة ، قيل له : هذا جائز كما يقال : ولد ، يدخل فيه الذكر والأنثى ، وقد تسمى الام والدا إذا جمعتها مع الأب كما تسمى أبا إذا اجتمعت مع الأب لقول الله عزوجل « ولأبويه لكل واحد منهما السدس » فأحد الأبوين هي الام وقد سماها الله عزوجل أبا حين جمعها مع الأب ، وكذلك قال : « الوصية للوالدين والأقربين » فأحد الوالدين هي الام وقد سماها الله عزوجل والدا كما سماها أبا ، وهذا واضح بين والحمد لله.

٥٦٠٤ ـ وقال الصادق ( عليه‌السلام ) : « إنما صارت سهام الموارث من ستة أسهم لا يزيد عليها لان الانسان خلق من ستة أشياء وهو قول الله عزوجل : ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين ـ الآية » (٣).

وعلة أخرى (٤) وهي أن أهل المواريث الذين يرثون أبدا ولا يسقطون ستة : الأبوان والابن والبنت والزوج الزوجة.

__________________

(١) أي موافق للحق

(٢) من كلام المصنف ـ رحمه‌الله ـ أو الفضل ـ رضي‌الله‌عنه ـ لكن الأول أظهر

(٣) رواه المصنف في علل الشرايع في الصحيح عن ابن أبي عمير ، عن غير واحد عنه عليه‌السلام. وفي الكافي في مجهول موقوف عن يونس قال : « إنما جعلت المواريث من ستة أسهم على خلقة الانسان لان الله عزوجل بحكمته خلق الانسان من ستة أجزاء فوضع المواريث على ستة أسهم وهو قول الله عزوجل » لقد خلفنا الانسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين « ففي النطفة دية » ثم خلقنا النطفة علقة « ففي العلقة دية » فخلقنا العلقة مضغة « وفيها دية » فخلقنا المضغة عظاما « وفيها دية » فكسونا العظام لحما « وفيه دية أخرى » ثم أنشأناه خلقا آخر « وفيه دية أخرى ، فهذا ذكر آخر المخلوق ».

(٤) مأخوذ من كلام يونس بن عبد الرحمن مولى علي بن يقطين وهو ثقة له كتب كثيرة ، ونقل كلامه الكليني بتمامه في الكافي ج ٧ ص ٨٣.

٢٥٩

باب

* ( ميراث ولد الصلب ) *

إذا ترك الرجل ابنا ولم يترك زوجة ولا أبوين فالمال كله للابن ، وكذلك إن كانا اثنين أو أكثر من ذلك فالمال بينهم بالسوية ، وكذلك إن ترك ابنة ولم يترك زوجا ولا أبوين فالمال كله للابنة لان الله عزوجل جعل المال للولد (١) ولم يسم للابنة النصف إلا مع الأبوين (٢) ، وكذلك إن كانتا اثنتين أو أكثر فالمال كله لهن بالسوية وإن ترك ابنة وابنة ابن وابن ابن ولم يكن زوج ولا أبوان فالمال كله للابنة وليس لولد الولد مع ولد الصلب شئ لان من تقرب بنفسه كان أولى وأحق بالمال ممن تقرب بغيره ، ومن كان أقرب إلى الميت (٣) ببطن كان أحق بالمال ممن كان أبعد ببطن.

فإن ترك ابنا ترك ابنا وابنة أو بنين وبنات فالمال كله لهم للذكر مثل حظ الأنثيين إذا لم يكن معهم زوج ولا والدان (٤) ، فإن ترك ابنة وأخا وأختا وجدا فالمال كله للابنة ، ولا يرث مع الابنة أحد إلا الابن والزوج والولدان ، وكذلك لا يرث مع

__________________

(١) إن كان المراد قوله تعالى « للذكر مثل حظ الأنثيين » فلا يدل على حكم البنت المنفرد ، وإن كان المراد أية ذوي الأرحام فلا يحتاج إلى هذا التكليف بل لها النصف تسمية والنصف ردا. ( م ت )

(٢) هذا غير ظاهر بل الظاهر خلافه ، نعم ما قاله محتمل ولا يمكن الاستدلال به على العامة. ( م ت )

(٣) أي في مرتبة واحدة والا فابن ابن ابن الابن أولى من الجد مع أن الجد أقرب ببطنين. ( م ت )

(٤) قوله « إذا لم يكن » شرط لإرث الكل لا للإرث مطلقا ، فإنه مع اجتماع الزوج والأبوين فللذكر مثل حظ الأنثيين أيضا. ( م ت )

٢٦٠