كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٤

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٤

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: علي اكبر الغفّاري
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٨٩

وأخبرناه أنه كان لا يعرف هذا الامر وأوصى بوصية عند الموت ، فقال : لو أن رجلا أوصى إلى أن أضع ماله في يهودي أو نصراني لوضعته فيهم ، إن الله عزوجل يقول  « فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه [ إن الله سميع عليم ] » فانظر إلى من يخرج في هذه الوجوه يعنى الثغور فابعثوا به إليه.

٥٤٦٤ ـ وروى عن أبي طالب عبد الله بن الصلت القمي أنه قال : « كتب الخليل ابن هاشم إلى ذي الرياستين وهو والى نيسابور أن رجلا من المجوس مات وأوصى للفقراء بشئ من ماله ، فأخذه الوصي بنيسابور فجعله في فقراء المسلمين ، فكتب الخليل إلى ذي الرياستين بذلك فسأل المأمون عن ذلك فقال : ليس عندي في ذلك شئ ، فسأل أبا الحسن ( عليه‌السلام ) فقال أبو الحسن ( عليه‌السلام ) : إن المجوسي لم يوص لفقراء المسلمين ولكن ينبغي أن يؤخذ مقدار ذلك المال من مال الصدقة فيرد على فقراء المجوس » (١).

باب

( في أن الانسان أحق بماله ما دام فيه شئ من الروح )

٥٤٦٥ ـ روى ثعلبة بن ميمون ، عن أبي الحسن الساباطي (٢) ، عن عمار بن موسى أنه سمع أبا عبد الله ( عليه‌السلام ) يقول : « صاحب المال أحق بماله ما دام فيه شئ من الروح يضعه حيث يشاء » (٣).

__________________

(١) يدل على أنه إذا أوصى المجوسي إلى الفقراء ينصرف إلى فقراء نحلته.

(٢) كأنه عمر بن شداد لما يأتي تحت رقم ٥٤٦٨ وهو مجهول الحال.

(٣) المشهور بين الأصحاب أن ما علق بالموت سواء كان في المرض أم لا هو من الثلث بل ربما نقل عليه الاجماع ونسب إلى علي بن بابويه القول بكونها من الأصل مطلقا ، وأما منجزات المريض فقد اختلف فيها ، والمشهور كون ما فيه المحاباة من الثلث ، واختلف في المرض فقيل المرض المخوف وان برئ ، والمشهور بين المتأخرين المرض الذي اتفق فيه الموت وان لم يكن مخوفا ، واستدل بهذا الخبر على كونها من الأصل ( المرآة ) أقول : ويمكن حمل المال على الثلث كما تقدم من المصنف ـ رحمه‌الله ـ.

٢٠١

٥٤٦٦ ـ وروى عبد الله بن جبلة ، عن سماعة ، عن أبي بصير عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال : قلت له : « الرجل يكون له الولد يسعه أن يجعل ماله لقرابته؟ قال : هو ماله يصنع به ما شاء إلى أن يأتيه الموت ».

قال مصنف هذا الكتاب رحمه‌الله : يعنى بذلك أن يبين به من ماله في حياته أو يهبه كله في حياته ويسلمه من الموهوب له ، فاما إذا أوصى به فليس له أكثر من الثلث ، وتصديق ذلك :

٥٤٦٧ ـ ما رواه صفوان ، عن مرازم (١) « في الرجل يعطى الشئ من ماله في مرضه ، قال : إذا أبان به فهو جائز ، وإن أوصى به فمن الثلث ».

٥٤٦٨ ـ وأما حديث علي بن أسباط ، عن ثعلبة ، عن أبي الحسن عمرو بن شداد الأزدي ، عن عمار بن موسى عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال : « الرجل أحق بماله ما دام فيه الروح إن أوصى به كله فهو جائز له ».

فإنه يعنى به إذا لم يكن له وارث قريب ولا بعيد فيوصي بماله كله حيث يشاء ، ومتى كان له وارث قريب أو بعيد لم يجز له أن يوصي بأكثر من الثلث ، وإذا أوصى بأكثر من الثلث رد إلى الثلث ، وتصديق ذلك :

٥٤٦٩ ما رواه إسماعيل بن أبي زياد السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ( عليهما‌السلام )! أنه سئل عن الرجل يموت ولا وراث له ولا عصبة ، قال : يوصى بماله حيث يشاء في المسلمين والمساكين وابن السبيل.

وهذا حديث مفسر والمفسر يحكم على المجمل.

باب

( وصية من قتل نفسه متعمدا )

٥٤٧٠ ـ روى الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاد قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه‌السلام ) يقول : « من قتل نفسه متعمدا فهو في نار جهنم خالدا فيها ، قيل له : أرأيت إن كان

__________________

(١) تقدم تحت رقم ٥٤٣٠ انه رواه عن بعض أصحابنا عن الصادق عليه‌السلام.

٢٠٢

أوصى بوصية ثم قتل نفسه متعمدا من ساعته تنفذ وصيته؟ قال : إن كان أوصى قبل أن يحدث حدثا في نفسه من جراحة أو فعل أجيزت وصيته في ثلثه ، وإن كان أوصى بوصية وقد أحدث في نفسه جراحة أو فعلا لعله يموت لم تجز وصيته ».

باب

( الرجلين يوصى إليهما فينفرد كل واحد منهما بنصف التركة )

٥٤٧١ كتب محمد بن الحسن الصفار رضي‌الله‌عنه إلى أبي محمد الحسن بن علي ( عليهما‌السلام ) : « رجل أوصى إلى رجلين أيجوز لأحدهما أن ينفرد بنصف التركة والاخر بالنصف؟ فوقع ( عليه‌السلام ) : لا ينبغي لهما أن يخالفا الميت ويعملان على حسب ما أمرهما إن شاء الله ».

وهذا التوقيع عندي بخطه ( عليه‌السلام ).

٥٤٧٢ ـ وفي كتاب محمد بن يعقوب الكليني ـ رحمه‌الله ـ عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسن الميثمي ، عن أخويه محمد وأحمد ، عن أبيهما ، عن داود بن أبي يزيد ، عن بريد بن معاوية قال : « إن رجلا مات وأوصى إلى رجلين فقال أحدهما لصاحبه خذ نصف ما ترك وأعطني النصف مما ترك فأبى عليه الآخر فسألوا أبا عبد الله ( عليه‌السلام ) عن ذلك فقال : ذاك له » (١).

قال مصنف هذا الكتاب ـ رحمه‌الله ـ : لست أفتى بهذا الحديث بل أفتى بما عندي بخط الحسن بن علي ( عليهما‌السلام ) ، ولو صح الخبر ان جميعا لكان الواجب الاخذ بقول الأخير كما أمر به الصادق ( عليه‌السلام ) وذلك أن الاخبار لها وجوه ومعان وكل إمام أعلم بزمانه وأحكامه من غيره من الناس وبالله التوفيق (٢).

__________________

(١) كذا في جميع نسخ الفقيه وبعض نسخ الكافي ، والمعنى أن للمطلوب حق الاباء لرجوع الضمير إلى المرجع الأقرب وكذا اسم الإشارة حيث كان للقريب. وفي التهذيبين « ذلك له » وحيث كان للبعيد فالإشارة إلى الطلب والضمير للطالب.

(٢) قال الشيخ ـ رحمه‌الله ـ ظن أبو جعفر ـ رحمه‌الله ـ أنهما متنافيان وليس



٢٠٣

باب

( الوصية بالشئ من المال والسهم والجزء والكثير )

٥٤٧٣ ـ روى أبان بن تغلب ، عن علي بن الحسين ( عليهما‌السلام ) « أنه سئل عن رجل أوصى بشئ من ماله ، فقال : الشئ في كتاب على ( عليه‌السلام ) واحد من ستة » (١).

٥٤٧٤ ـ وروى السكوني ، عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) أنه سئل عن رجل يوصى بسهم من ماله فقال : السهم واحد من ثمانية لقول الله عزوجل : « إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل » (٢).

٥٤٧٥ ـ وقد روى « أن السهم واحد من ستة » (٣).

__________________

الامر على ما ظن ، لان قوله عليه‌السلام « ذلك له » ليس في صريحه أن ذلك للطالب الذي طلب الاستبداد بنصف التركة ، وليس يمتنع أن يكون المراد بقوله « ذلك له » يعني الذي أبى على صاحبه الانقياد إلى ما يريده فيكون تلخيص الكلام أن له أن يأبى عليه ولا يجيب مسألته و على هذا الوجه لا تنافي بينهما على حال. وقال صاحب الوافي : وظن صاحب الاستبصار أنه لولا تفسيره للحديث بما فسره لكانا متنافيين وليس الامر على ما ظن لان حديث الصفار ليس نصا على المنع من الانفراد لجواز أن يكون معناه أنه ليس عليهما الا انفاذ وصاياه على ما أمرهما وأن لا يخالفا فيها أمره تفردا أو اجتمعا ، أو يكون معناه أنه ان نص على الاجتماع وجب الاجتماع ، وان جوز الانفراد جاز الانفراد ، وبالجملة إنما الواجب عليهما أن لا يخالفاه إلا أن ما ذكره في الاستبصار هو الأحسن والأوفق والأصوب. أقول : المشهور بين الأصحاب كما في ـ المرآة أنه لو أوصى إلى اثنين وشرط اجتماعهما أو أطلق فلا يجوز لأحدهما التصرف بدون اذن صاحبه ، وذهب الشيخ في أحد قوليه ومن تبعه إلى جواز انفراد كل منهما مع الاطلاق.

(١) قال العلامة المجلسي ـ رحمه‌الله ـ : عليه الفتوى ولا أعلم فيه مخالفا.

(٢) رواه الكليني بسنده المعروف عن السكوني ، ويدل على أن السهم ينصرف إلى الثمن كما هو المشهور بين الأصحاب ، وذهب الشيخ في أحد قوليه إلى أنه السدس.

(٣) أورده المصنف في معاني الأخبار ص ٢١٦ طبع مكتبة الصدوق مرسلا ، وقال : ذلك حسب ما يفهم من مراد الموصي وعلى حسب ما يعلم من سهام ماله [ بينهم ].

٢٠٤

قال مصنف هذا الكتاب رحمه‌الله : متى أوصى بسهم من سهام الزكاة كان السهم واحدا من ثمانية ، ومتى أوصى بسهم من سهام المواريث فالسهم واحد من ستة ، وهذان الحديثان متفقان غير مختلفين فتمضي الوصية على ما يظهر من مراد الموصي.

٥٤٧٦ ـ وروى الحسن بن علي بن فضال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن معاوية بن عمار قال : « سألت أبا عبد الله ( عليه‌السلام ) عن رجل أوصى بجزء من ماله ، فقال : جزء من عشرة قال الله عزوجل : « ثم اجعل على كل جبل منهم جزءا » وكانت الجبال عشرة ».

٥٤٧٧ ـ وروى البزنطي ، عن الحسين بن خالد ، عن أبي الحسن ( عليه‌السلام ) قال : « سألته عن رجل أوصى بجزء من ماله ، قال : سبع ثلثه » (١).

قال مصنف هذا الكتاب رحمه‌الله : كان أصحاب الأموال فيما مضى يجزؤن أموالهم فمنهم من يجعل أجزاء ماله عشرة ، ومنهم من يجعلها سبعة ، فعلى حسب رسم الرجل في ماله تمضى وصيته ، ومثل هذا لا يوصى به إلا من يعلم اللغة ويفهم عنه ، فأما جمهور الناس فلا تقع لهم الوصايا الا بالمعلوم الذي لا يحتاج إلى تفسير مبلغه. (٢)

__________________

(١) أي سبع ما يجوز له أن يوصي به من ماله ، وروى الشيخ في التهذيب ج ٢ ص ٣٩١ باسناده عن محمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي نصر قال : « سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن رجل أوصى بجزء من ماله فقال : واحد من سبعة إن الله تعالى يقول : » لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم « ـ الحديث » وحمله على الاستحباب وخبر معاوية ابن عمار على الوجوب ، وذهب المحقق وجماعة إلى أن الجزء هو العشر استنادا إلى روايات العشر وهو مختار الكليني ظاهرا ، وذهب أكثر المتأخرين إلى أنه السبع استنادا إلى صحيحة البزنطي وغيرها حيث دلت عليه وعللت بقوله تعالى « لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم ».

(٢) قال المولى المجلسي : لا محصل لكلام المؤلف وهو أعلم بما قال ، والحق أن هذه المعاني شرعية لا لغوية فان أهل اللغة يطلقون كل واحد من هذه الألفاظ مكان الآخر ، ومع

٢٠٥

فإذا أوصى رجل بمال كثير ، أو نذر ان يتصدق بمال كثير فالكثير ثمانون وما زاد لقول الله تبارك وتعالى « لقد نصركم الله في مواطن كثيرة » وكانت ثمانين موطنا (١).

باب

( الرجل يوصى بمال في سبيل الله )

٥٤٧٨ ـ روى محمد بن عيسى بن عبيد ، عن الحسن بن راشد قال : « سألت أبا الحسن العسكري ( عليه‌السلام ) عن رجل أوصى بمال في سبيل الله ، فقال : سبيل الله شيعتنا » (٢).

٥٤٧٩ ـ وروى محمد بن عيسى ، عن محمد بسليمان ، عن الحسين بن عمر قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه‌السلام ) : « إن رجلا أوصى إلى بشئ في سبيل الله ، فقال لي : اصرفه في الحج ، قال : قلت : أوصى إلى في السبيل؟ قال : اصرفه في الحج فانى لا أعلم سبيلا من سبله أفضل من الحج » (٣).

__________________

قطع النظر عن الاخبار يكفي مسمى المال ولو كان جزءا من الف ألف إذا كان مما يقول ، والله يعلم ـ انتهى.

(١) تقدم في كتاب الايمان والنذور ما يدل بعمومه على ذلك ، وقال في المسالك : استشهاده بالمواطن الكثيرة المنصور فيها لا يقتضى انحصار الكثير فيه فقد ورد في القرآن « فئة كثيرة » « وذكرا كثيرا » ولم يحمل على ذلك.

(٢) لعل المراد ذلك في الوصية إذا كان الموصى من الشيعة فلا ينافي ذلك تفسير في سبيل الله في آية الزكاة بالجهاد ( مراد ) أقول : لعل ذلك مخصوص بزمان لا يكون الامر والامارة بأيديهم عليهم‌السلام.

(٣) يمكن الجمع بأن ذكر كل واحد من الحج وغيره ليس على وجه التخصيص بل من حيث أنه أحد المصارف فيتخير الوصي وإن كان بعضها أفضل كما يشعر به هذه الرواية.

( سلطان )

٢٠٦

قال مصنف هذا الكتاب رحمه‌الله : هذان الحديثان متفقان وذلك أنه يصرف ما أوصى به في السبيل إلى رجل من الشيعة يحج به عنه فهو موافق للخبر الذي قال : « سبيل الله شيعتنا ».

باب

( ضمان الوصي لما يغيره عما أوصى به الميت )

٥٤٨٠ ـ روى محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي سعيد عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال سئل عن رجل أوصى بحجة فجعلها وصيه في نسمة ، فقال : يغرمها وصيه ويجعلها فحجة كما أوصى به ، فان الله عزوجل يقول : « فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه ».

٥٤٨١ ـ وروى الحسن بن محبوب ، عن محمد بن مارد (١) قال : « سألت أبا عبد الله ( عليه‌السلام ) عن رجل أوصى إلى رجل وأمره أن يعتق عنه نسمة بستمائة درهم من ثلثه ، فانطلق الوصي فأعطى الستمائة رجلا يحج بها عنه ، فقال أبو عبد الله ( عليه‌السلام ) أرى أن يغرم الوصي ستمائة درهم من ماله ويجعلها فيما أوصى به الميت في نسمة » (٢).

٥٤٨٢ ـ وروى محمد بن أبي عمير ، عن زيد النرسي ، عن علي بن مزيد (٣) صاحب السابري قال : « أوصى إلي رجل بتركته وأمرني أن أحج بها عنه فنظرت في ذلك فإذا شئ يسير لا يكفي للحج فسألت أبا حنيفة وفقهاء أهل الكوفة فقالوا : تصدق بها عنه ، فلما لقيت عبد الله بن الحسن في الطواف سألته فقلت إن رجلا من مواليكم من أهل الكوفة مات وأوصى بتركته إلي وأمرني أن أحج بها عنه فنظرت في ذلك

__________________

(١) محمد بن مارد التميمي عربي صميم كوفي ثقة عين وهو ختن محمد بن مسلم ، وله كتاب عنه الحسن بن محبوب كما في فهرست النجاشي.

(٢) يدل على الضمان ، والخبر رواه الكليني والشيخ في الصحيح.

(٣) في الكافي « علي بن فرقد » ولعله تصحيف وهو مجهول الحال بكلا العنوانين.

٢٠٧

فلم يكف للحج ، فسألت من عندنا من الفقهاء فقالوا : تصدق بها عنه فتصدقت بها فما تقول؟ فقال : لي : هذا جعفر بن محمد في الحجر فأته فاسأله ، فدخلت الحجر فإذا أبو عبد الله ( عليه‌السلام ) تحت الميزاب مقبل بوجهه إلى البيت يدعو ثم التفت فرآني فقال : ما حاجتك؟ قلت : رجل مات وأوصى بتركته أن أحج بها عنه فنظرت في ذلك فلم يكف للحج فسألت للحج فسألت من عندنا من الفقهاء فقالوا : تصدق بها ، فقال : ما صنعت قلت : تصدقت بها ، فقال : ضمنت إلا أن لا يكون يبلغ ما يحج به من مكة ، فإن كان لا يبلغ ما يحج به من مكة فليس عليك ضمان ، وإن كان يبلغ ما يحج به من مكة فأنت ضامن » (١).

باب

( الوصية للأقرباء والموالي )

٥٤٨٣ ـ روى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة عن أبي جعفر ( عليه‌السلام ) « في رجل أوصى بثلث ماله في أعمامه وأخواله ، فقال : لأعمامه الثلثان ولأخواله الثلث » (٢).

٥٤٨٤ ـ وكتب سهل بن زياد الآدمي إلى أبى محمد ( عليه‌السلام ) « رجل له ولد ذكور

__________________

(١) يدل على أنه مع الاطلاق الوصية ينصرف إلى الحج من البلد ، ومع التعذر من الميقات ، ومع القصور عنه أيضا يتصدق وهو أحد القولين وأظهرهما ، وقيل يرد إلى الوارث.

( المرآة )

(٢) يدل على أن الاطلاق ينصرف إلى الميراث ، وقال في المسالك : اطلاق الوصية يقتضى التسوية ولا خلاف في ذلك الا فيما أوصى لأعمامه وأخواله فان المشهور فيه ذلك ، ولكن ذهب الشيخ وجماعة إلى أن للأعمام الثلثين ولأخواله الثلث استنادا إلى صحيحة زرارة عن الباقر عليه‌السلام وهي رواية مهجورة كما أشار إليه المحقق ـ رحمه‌الله ـ وفيه رواية أخرى ضعيفة تقتضي قسمة الوصية بين الأولاد الذكور والإناث على كتاب الله ، وهي مع ضعفها لم يعمل بها أحد.

٢٠٨

وإناث فأقرب ضيعة أنها لولده ولم يذكر أنها بينهم على سهام الله وفرائضه ، الذكر الأنثى فيه سواء؟ فوقع ( عليه‌السلام ) : ينفذون وصية أبيهم على ما سمى ، فإن لم يكن سمى شيئا ردوها على كتاب الله عزوجل إن شاء الله » (١).

٥٤٨٥ ـ وكتب محمد بن الحسن الصفار (٢) ـ رضي‌الله‌عنه ـ إلى أبي محمد الحسن ابن علي ( عليهما‌السلام ) رجل أوصى بثلث ماله في مواليه وموالياته (٣) الذكر والأنثى فيه سواء؟ أو للذكر مثل حظ الأنثيين من الوصية؟ فوقع ( عليه‌السلام ) : جائز للميت ما أوصى به على ما أوصى به إن شاء الله تعالى ) (٤).

باب

( الوصية إلى مدرك وغير مدرك )

٥٤٨٦ ـ روى محمد بن عيسى بن عبيد ، عن أخيه جعفر بن عيسى بن عبيد ، عن علي بن يقطين قال : « سألت أبا الحسن ( عليه‌السلام ) عن رجل أوصى إلى امرأة وأشرك في الوصية معها صبيا ، فقال : يجوز ذلك وتمضي المرأة الوصية ولا تنظر بلوغ الصبي فإذا بلغ الصبي فليس له أن لا يرضى إلا ما كان من تبديل أو تغيير فان له أن يرده إلى ما أوصى به الميت » (٥).

٥٤٨٧ ـ وكتب محمد بن الحسن الصفار ـ رضي‌الله‌عنه ـ إلى أبى محمد الحسن بن علي ( عليهما‌السلام ) « رجل أوصى إلى ولده وفيهم كبار قد أدركوا (٦) وفيهم صغار أيجوز

__________________

(١) هذه هي الرواية التي أشار إليه المحقق فيما تقدم.

(٢) رواه الكليني ج ٧ ص ٤٥ والشيخ في الصحيح.

(٣) في بعض النسخ « في مواليه وموالي أبيه ».

(٤) يدل بظاهره على التسوية ، ويمكن الفرق بأن الخبرين الأولين كانا في الوارث فينصرف فيهم إلى الميراث وفي غيره إلى ظاهر اللفظ وهو التسوية. ( م ت )

(٥) السند حسن كما في الكافي ويدل على جوار اشراك الصبي مع الوصية كما هو المشهور وقالوا بعدم جواز الوصية إلى الصبي منفردا. ( المرآة )

(٦) « كبار » بالكسر جمع الكبير فان كبار بضم الكاف مفرد.

٢٠٩

للكبار أن ينفذوا الوصية ويقضوا دينه لمن صحح على الميت بشهود عدول (١) قبل أن يدرك الصغار؟ فوقع ( عليه‌السلام ) : على الأكابر من الولد أن يقضوا دين أبيهم ولا يحبسوه بذلك » (٢).

باب

( الموصى له يموت قبل الموصى أو قبل أن يقبض ما أوصى له به )

٥٤٨٨ ـ روى عمرو بن سعيد المدائني ، عن محمد بن عمر الساباطي قال : « سألت أبا جعفر ـ يعنى الثاني ـ ( عليه‌السلام ) عن رجل أوصى إلى وأمرني أن أعطى عما له في كل سنة شيئا فمات العم فكتب ( عليه‌السلام ) : أعط ورثته » (٣).

٥٤٨٩ ـ وروى عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس عن أبي جعفر الباقر ( عليه‌السلام ) قال « قضى أمير المؤمنين ( عليه‌السلام ) في رجل أوصى لاخر والموصى له غائب فتوفى الذي أوصى له قبل الموصى ، قال : الوصية لوارث الذي أوصى له ، وقال ( عليه‌السلام ) : من أوصى لاحد شاهد أو غائب فتوفي الموصى له قبل الموصي فالوصية لوارث الذي أوصى له ، إلا أن يرجع في وصيته قبل أن يموت » (٤).

__________________

(١) أي ثبت دينه على الميت بشهود وظاهره لا يحتاج إلى القسم.

(٢) لا يخفى أن الجواب مخصوص بقضاء الدين ولا يفهم منه حكم الوصية ، وعمل الأصحاب بمضمون الخبرين ( المرآة ) والخبر كالسابق يدل على جواز تصرف الكبير قبل بلوغ الصغير وأنه في تلك الحال وصى منفردا وإنما التشريك بعد البلوغ فليس للكبير التفرد.

(٣) محمد بن عمر الساباطي مجهول وقوله « أعط ورثته » الظاهر ارجاع الضمير إلى الموصي له ، ويحتمل ارجاعه إلى الموصى ، ثم اعلم أن الروايات مجملة في كون موت الموصى له بعد القبول أو قبله والأصحاب فرضوا المسألة قبل القبول وهو أظهر. ( المرآة )

(٤) هذا هو المشهور بين الأصحاب ، وذهب جماعة إلى بطلان الوصية بموت الموصى له قبل القبول سواء مات في حياة الموصى أم بعد مماته ، وفصل بعض الأصحاب فخص البطلان بما إذا مات الموصى له قبل الموصى. ( سلطان )

٢١٠

٥٤٩٠ ـ وروى العباس بن عامر ، عن مثنى قال : « سألته عن رجل أوصى له بوصية فمات (١) قبل أن يقبضها ولم يترك عقبا ، قال اطلب له وارثا أو مولى فادفعها إليه ، قلت : فإن لم يعلم له ولى؟ قال : اجهد أن تقدر له على ولى فإن لم تجده وعلم الله عزوجل منك الجهد فتصدق بها » (٢).

باب

( الوصية بالعتق والصدقة والحج )

٥٤٩١ ـ روى محمد بن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار قال : أوصت إلي امرأة من أهل بيتي بمالها وأمرت أن يعتق عنها ويحج ويتصدق فلم يبلغ ذلك فسألت أبا حنيفة فقال : يجعل ذلك أثلاثا : ثلثا في الحج وثلثا في العتق وثلثا في الصدقة فدخلت على أبى عبد الله ( عليه‌السلام ) فقلت له : إن امرأة من أهلي ماتت وأوصت إلي بثلث مالها وأمرت أن يعتق عنها ويحج عنها ويتصدق عنها فنظرت فيه فلم يبلغ ، فقال عليه‌السلام : إبدأ بالحج فإنه فريضة من فرائض الله عزوجل واجعل ما بقي طائفة في العتق وطائفة في الصدقة (٣) ، فأخبرت أبا حنيفة بقول أبى عبد الله ( عليه‌السلام ) فرجع عن قوله وقال بقول أبى عبد الله ( عليه‌السلام ).

٥٤٩٢ ـ وروى الحسن بن علي بن فضال ، عن داود بن فرقد (٤) قال : « سئل أبو عبد الله ( عليه‌السلام ) عن رجل كان في سفر ومعه جارية له وغلامان مملوكان فقال لهما : أنتما أحرار لوجه الله فاشهدا أن ما في بطن جاريتي هذه منى ، فولدت غلاما فلما قدموا على الورثة أنكروا ذلك واسترقوهم ، ثم إن الغلامين أعتقا بعد فشهدا

__________________

(١) يشمل ما إذا مات قبل الموصى أو بعده ودلالته على الثاني أظهر.

(٢) في الخبر دلالة على جواز التصدق بالمال الذي لا يصل إلى مالكه. ( مسالك )

(٣) حاصله أن تحصيل الحج مقدم فان بقي شئ يصرف في الامرين الباقيين ، ولعل في تقديم العتق في الذكر ايماء إلى تقدمه ويجب أن يكون بحيث يبقى شئ للصدقة.

(٤) هو داود بن أبي يزيد الثقة كما في بعض النسخ فالسند موثق بابن فضال.

٢١١

بعدما أعتقا أن موليهما الأول أشهدهما أن ما في بطن جاريته منه ، قال : تجوز شهادتهما للغلام ولا يسترقهما الغلام الذي شهدا له لأنهما أثبتا نسبه » (١).

٥٤٩٣ ـ وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي جميلة (٢) ، عن حمران عن أبي جعفر عليه‌السلام « في رجل أوصى عند موته وقال : أعتق فلانا وفلانا وفلانا حتى ذكر خمسة فنظر في ثلثه فلم يبلغ ثلثه أثمان قيمة المماليك الخمسة الذين امر بعتقهم (٣) قال : ينظر إلى الذين سماهم وبدأ بعتقهم فيقومون وينظر إلى ثلثه فيعتق منه أول شئ ذكر ثم الثاني والثالث ، ثم الرابع ، ثم الخامس ، فان عجز الثلث كان في الذي سمى آخرا لأنه أعتق بعد مبلغ الثلث بما لا يملك فلا يجوز له ذلك ».

٥٤٩٤ ـ وروى العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال : « سألته عن رجل حضره الموت فأعتق غلامه وأوصى بوصية فكان أكثر من الثلث ، قال يمضى عتق الغلام ويكون النقصان فيما بقي » (٤).

٥٤٩٥ ـ وروى أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أبي همام إسماعيل بن همام عن أبي الحسن ( عليه‌السلام ) « في رجل أوصى عند موته بمال لذوي قرابته وأعتق مملوكا فكان جميع ما أوصى به يزيد على الثلث كيف يصنع في وصيته؟ فقال : يبدأ بالعتق فينفذ » (٥).

__________________

(١) أكثر الأصحاب أفتوا بظاهره ، واختلف في أن المنع من استرقاقهما هل هو على الحرمة أو الكراهة.

(٢) هو الفضل بن صالح وقال العلامة ضعيف كذاب يضع الحديث.

(٣) إضافة الأثمان إلى القيمة بيانية. ( مراد )

(٤) سنده صحيح وكذا في الكافي والتهذيب ، ويدل على أن المنجزات من الثلث وعلى تقديمها على الوصية.

(٥) السند صحيح كما في الكافي أيضا ، وقال الفاضل التفرشي : قوله : « يبدأ بالعتق فينفذ ـ الخ » لان الموصى به لا ينتقل إلى الموصى له بمجرد الوصية بل له أن يرجع عنها فلا يمنع العتق المنجز لأنه تصرف ناجز في ملكه من غير مانع للأصل فيكون صحيحا ، ولما كان في مرض الموت يحسب من الثلث فينتقل الوصية إلى ما بقي منه.

٢١٢

٥٤٩٦ ـ وروى النضر بن شعيب ، عن خالد بن ماد ، عن الجازي (١) عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) « في رجل توفى فترك جارية أعتق ثلثها فتزوجها الوصي قبل أن يقسم شئ من الميراث أنها تقوم وتستسعى هي وزوجها بقية ثمنها بعد ما تقوم فما أصاب المرأة من عتق أو رق جرى على ولدها » (٢).

٥٤٩٧ ـ وروى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن أحمد بن زياد (٣) قال :  سألت أبا الحسن ( عليه‌السلام ) عن الرجل تحضره الوفاة وله مماليك لخاصة نفسه ومماليك في الشركة مع رجل آخر فيوصي في وصيته مماليكي أحرار ما خلا مماليكي الذين في الشركة (٤) ، فكتب عليه‌السلام : يقومون عليه إن كان ما له يحتمل (٥) ثم هم

__________________

(١) في كثير من النسخ « عن الحارثي » وفي الكافي ج ٧ ص ٢٠ عن النضر بن شعيب المحاربي عن أبي عبد الله عليه‌السلام « وفي التهذيبين » عن النضر بن شعيب ، عن الحارثي عنه عليه‌السلام وكأن في الكافي سقطا أو تصحيفا والصواب ما في التهذيبين غير أن الحارثي تصحيف الجازي والمراد به عبد الغفار الجازي الثقة وروى عنه النضر تارة بلا واسطة وتارة بواسطة خالد بن ماد كما هو كثير في كتب الحديث.

(٢) يدل على الاستسعاء إذا تحرر منها شئ وعلى أن حكم وطي الشبهة حكم الصحيح وعلى أن المنجز من الثلث ، ويحمل على عدم خروج الأمة من الثلث ( م ت ) وقال العلامة المجلسي : لعله محمول على ما إذا لم يخلف سوى الجارية فلذا لا يسرى العتق فتستسعي في بقية ثمنها وتزوج الوصي اما لشبهة الإباحة أو باذن الورثة ، وعلى التقديرين الولد حر ويلزمه على الأول قيمة الأمة والولد وإنما يلزمه ههنا لتعلق الاستسعاء بها سابقا ، وبالجملة تطبيق الخبر على قواعد الأصحاب لا يخلو من الاشكال.

(٣) هو أحمد بن زياد الخزاز وكان واقفيا من أصحاب الكاظم عليه‌السلام.

(٤) في الكافي والتهذيب « ما حال مماليكه الذين في الشركة » والظاهر هو الصواب ولعل التصحيف في النساخ ، وقال المولى المجلسي : يمكن اصلاحه بأن يكون مراده عدم السراية في حصص الشركاء ويكون الجواب بأن العتق يسرى وان قصد خلافه.

(٥) الظاهر أن المراد بماله الثلث ولهذا عبر عنه بذلك والا لكان الأنسب قوله مع يساره ونحوه كما ورد في أخبار أخر في السراية.

٢١٣

أحرار (١).

٥٤٩٨ ـ وروى محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن علي بن النعمان ، عن سويد القلاء ، عن أيوب بن الحر ، عن أبي بكر الحضرمي (٢) عن عبد الله ( عليه‌السلام ) قال : قلت له : إن علقمة بن محمد أوصى أن أعتق عنه رقبة فأعتقت عنه امرأة أفتجزيه أو أعتق عنه من مالي؟ قال : يجزيه ، ثم قال : إن فاطمة أم ابني أوصت أن أعتق عنها رقبة ، فأعتقت عنها امرأة » (٣).

٥٤٩٩ ـ وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال : « سألته عن رجل مات وأوصى أن يحج عنه ، قال : إن كان صرورة حج عنه من وسط الما (٤) ، وإن كان غير صرورة فمن الثلث » (٥).

٥٥٠٠ ـ و « قال في امرأة أوصت بمال في عتق وحج وصدقه فلم يبلغ ، قال : ابدأ بالحج فإنه مفروض فان بقي شئ فاجعل في الصدقة طائفة وفي العتق طائفة » (٦).

٥٥٠١ ـ وروى ابن أبي عمير ، عن علي بن أبي حمزة قال : « سألت أبا الحسن ( عليه‌السلام ) عن رجل أوصى بثلاثين دينارا يعتق بها رجل من أصحابنا فلم يوجد بذلك قال : يشترى

__________________

(١) يدل ـ بناء على نسخة الكافي والتهذيب ـ على أنه إذا أوصى بعتق مماليكه يدخل فيها المختصة والمشتركة ويعتق نصيبه منها ، وأما تقويم حصة الشركاء عليه فقد قال به الشيخ في النهاية وتبعه بعض المتأخرين ونصره في المختلف ، وذهب أكثر المتأخرين إلى أنه لا يعتق منها الا حصة منها لضعف الرواية كما في المرآة.

(٢) السند حسن بأبي بكر الحضرمي والبقية ثقات.

(٣) يدل على جواز عتق الأنثى عن الرقبة الموصى بها ولا ريب فيه ( م ت ) كما ذكره الأصحاب. ( المرآة )

(٤) أي من أصله لامن ثلثه ، أو يخرج الوسط ممن يناسب حال الموصي أو الأعم. ( م ت )

(٥) يدل على أنه إذا أوصى بمال في الحج وغيره وكان عليه حجة الاسلام فهو يتعلق بذلك المال وإن كان من الأصل لو لم يكن أوصى به. ( م ت )

(٦) رواه الكليني في الصحيح عن معاوية بن عمار ، وتقدم الكلام فيه ص ٢١١.

٢١٤

من الناس فيعتق » (١).

٥٥٠٢ ـ وروى علي بن أبي حمزة عنه ( عليه‌السلام ) أيضا أنه قال : « فليشتروا من عرض الناس ما لم يكن ناصبيا » (٢).

٥٥٠٣ ـ وروى أبان بن عثمان ، عن محمد بن مروان ، عن الشيخ يعنى موسى ابن جعفر ـ عن أبيه ( عليهما‌السلام ) أنه قال : « إن أبا جعفر ( عليه‌السلام ) مات وترك ستين مملوكا فأعتق ثلثهم ، فأقرعت بينهم وأعتقت الثلث ».

٥٥٠٤ ـ وروى القاسم محمد الجوهري ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : « سألت أبا جعفر ( عليه‌السلام ) عن محررة كان أعتقها أخي وقد كانت تخدم الجواري وكانت في عياله ، فأوصاني أن أنفق عليها من الوسط ، فقال : إن كانت مع الجواري وأقامت عليهم فأنفق عليها واتبع وصيته » (٣).

٥٥٠٥ ـ وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن سماعة قال : « سألت أبا عبد الله ( عليه‌السلام ) » عن رجل أوصى أن يعتق عنه نسمة من ثلثه بخمسمائة درهم فاشترى الوصي نسمة بأقل من خمسمائة درهم وفضلت فضلة فما ترى في الفضلة؟ قال : تدفع إلى النسمة من قبل أن تعتق ، ثم تعتق عن الميت (٤).

__________________

(١) يدل على أنه إذا أوصى بعتق رقبة مؤمنة ولم توجد تجزى عنها غير المؤمن ، ويحمل على المستضعف. ( م ت )

(٢) رواه الكليني ج ٧ ص ١٨ هكذا قال : « سألت عبدا صالحا عليه‌السلام عن رجل هلك فأوصى بعتق نسمة مسلمة بثلاثين دينارا فلم يوجد له بالذي سمى ، قال : ما أرى لهم أن يزيدوا على الذي سمى ، قلت : فإن لم يجدوا؟ قال : فليشتروا من عرض الناس ما لم يكن ناصبا » والظاهر أن ذلك مع اليأس.

(٣) لعله محمول على ما إذا دلت القرائن على الاشتراط ، وعلى ما إذا وفي الثلث بمجموع الانفاق. ( المرآة )

(٤) قال في المسالك : الرواية مع ضعف سندها بسماعة تدل على أجزاء الناقصة وان أمكنت المطابقة لأنه لم يستفضل فيها هل كانت المطابقة ممكنة أم لا الا أن الأصحاب نزلوها

٢١٥

باب

( الوصية للمكاتب وأم الولد )

٥٥٠٦ ـ روى عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس عن أبي جعفر ( عليه‌السلام ) قال :  « قضى أمير المؤمنين ( عليه‌السلام ) في مكاتب كانت تحته امرأة حرة ، فأوصت له عند موتها بوصية ، فقال أهل الميراث : لا تجوز وصيتها له إنه مكا تب لم يعتق ، فقضى ( عليه‌السلام ) : أنه يرث بحساب ما أعتق منه ، ويجوز له من الوصية بحساب ما أعتق منه. وقضى عليه‌السلام في مكاتب أوصى له بوصية وقد قضى نصف ما عليه فأجاز له نصف الوصية. وقضى في مكاتب قضى ربع ما عليه فأوصى له بوصية فأجاز له ربع الوصية. وقال عليه‌السلام في رجل أوصى لمكاتبته وقد قضت سدس ما كان عليها فأجاز لها بحساب ما أعتق منها » (١).

٥٥٠٧ ـ وروى الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن أبي عبيدة قال : « سألت أبا عبد الله ( عليه‌السلام ) عن رجل كانت له أم ولد وله منها غلام ، فلما حضرته الوفاة أوصى لها بألفي درهم أو بأكثر ، للورثة أن يسترقوها؟ فقال : لابل تعتق من ثلث الميت وتعطى ما أوصى لها به » (٢).

__________________

على تعذر الشراء بالقدر ، ولا بأس بذلك مع اليأس من العمل بمقتضى الوصية لوجوب تنفيذها بحسب الامكان واعطاء النسمة الزائدة صرف له في وجوه البر ـ انتهى ، وقال المولى المجلسي : يحمل على أنه لا يوجد بقيمة ما وصى والا أنه يضمن بالمخالفة كما تقدم.

(١) رواه الكليني والشيخ في الحسن كالصحيح عن عاصم بن حميد ، ويدل على أنه ينفذ من وصيته بمقدار ما أعتق منه. ( م ت ) أقول : فيهما « أوصى لمكاتبة ».

(٢) في التهذيب والكافي بعد ذكر الخبر « وفي كتاب العباس تعتق من نصيب ابنها وتعطى من ثلاثة ما أوصى به » وقال الشهيد في المسالك : لا خلاف في صحة وصية الانسان لام ولده ولا في أنها تعتق من نصيب ولدها إذا مات سيدها ولم يوص لها بشئ ، وأما إذا أوصى لها بشئ هل تعتق منه أو من نصيب ولدها وتعطى الوصية على تقدير وفاء نصيب ولدها بقيمتها قولان معتبران ، واستدل على القول الثاني برواية أبي عبيدة ولا يخفى أن الاستدلال بمجرد وجوده في كتاب العباس لا يتم وان صح السند ، ورواية أبي عبيدة مشكلة على ظاهرها لأنها

٢١٦

٥٥٠٨ ـ وروى [ عن ] أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال : نسخت من كتاب بخط أبى الحسن ( عليه‌السلام ) « فلان مولاك توفى ابن أخ له فترك أم ولد له ليس لها ولد وأوصى لها بألف درهم هل تجوز الوصية ، وهل يقع عليها عتق ، وما حالها ، رأيك  ـ فدتك نفسي ـ في ذلك؟ فكتب ( عليه‌السلام : ) تعتق من الثلث ولها الوصية » (١).

باب

( الرجل يوصى لرجل بسيف أو صند أو سفينة )

٥٥٠٩ ـ روى أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبي جميلة ، عن الرضا ( عليه‌السلام ) قال : « سألته عن رجل أوصى لرجل بسيف وكان في جفن وعليه حلية فقال له الورثة : إنما لك النصل وليس لك السيف ، فقال : لا بل السيف بما فيه له ، قال : قلت له : رجل أوصى بصندوق لرجل وكان فيه مال فقال الورثة : إنما لك الصندوق وليس لك المال فقال : الصندوق بما فيه له ».

٥٥١٠ ـ وروى محمد بن الحسين ، عن محمد بن عبد الله بن هلال ، عن عقبة بن خالد عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال : « سألته عن رجل قال : هذه السفينة لفلان ولم يسم ما فيها وفيها طعام أيعطيها الرجل وما فيها؟ قال : هي للذي أوصى له بها إلا أن يكون صاحبها استثنى ما فيها وليس للورثة شئ » (٢).

__________________

إذا أعطيت الوصية لا وجه لعتقها من ثلاثة لأنها تعتق حينئذ من نصيب ولدها وربما حملت على ما لو كان نصيب ولدها بقدر الثلث ، أو على ما إذا أعتقها المولى وأوصى لها بوصية وكلاهما بعيدان الا أن الحكم فيها باعطائها الوصية كاف في المطلوب وعتقها حينئذ من نصيب ولدها يستفاد من دليل خارج.

(١) قوله « تعتق من الثلث » لعل المعنى أنها تعتق من الوصية إلى الثلث كما ذهب إليه بعض الأصحاب. وفي الكافي والتهذيب « تعتق في الثلث ولها الوصية ».

(٢) في الشرايع لو أوصى بسيف معين وهو في جفن ـ بكسر الجيم : غمد السيف ـ دخل الجفن والحلية في الوصية ، وكذا لو أوصى بصندوق وفيه ثياب ، أو سفينة وفيها متاع

٢١٧

باب

* ( فيمن لم يوص وله ورثة فيقسم بينهم أو يباع عليهم ) *

٥٥١١ ـ روى زرعة ، عن سماعة قال : « سألته (١) عن رجل مات وله بنون بنات صغار وكبار من غير وصية وله خدم ومماليك وعقد (٢) كيف يصنع الورثة بقسمة ذلك الميراث؟ قال : إن قام رجل ثقة قاسمهم ذلك كله فلا بأس » (٣).

٥٥١٢ ـ وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب قال : سألت أبا الحسن موسى ( عليه‌السلام ) عن رجل بيني وبينه قرابة مات وترك أولادا صغارا وترك مماليك له غلمانا وجواري ولم يوص فما ترى فيمن يشترى منهم الجارية فيتخذها أم ولد؟ وما ترى في بيعهم؟ فقال : إن كان لهم ولى يقوم بأمرهم باع عليهم ، ونظر لهم كان مأجورا فيهم ، قلت : فما ترى فيمن يشترى منهم الجارية فيتخذها أم ولد؟ قال : لا بأس بذلك إذا باع عليهم القيم لهم ، الناظر فيما يصلحهم ، وليس لهم أن يرجعوا عما صنع القيم لهم ، الناظر فيما يصلحهم ) (٤).

باب

( الرجل يوصى بوصية فينساها الوصي ولا يحفظ منها )

( الا بابا واحدا )

٥٥١٣ ـ روى محمد بن الحسن الصفار رضي‌الله‌عنه عن سهل بن زياد ، عن

__________________

أو جراب وفيه قماش. وان الوعاء وما فيه دخل في الوصية ، وفيه قول آخر بعيد وقال في المسالك : القول بدخول جميع ما ذكر في الوصية هو المشهور بين المتقدمين والمتأخرين والروايات الواردة فيها ضعيفة السند الا أن العرف شاهد بذلك.

(١) يعني أبا عبد الله عليه‌السلام كما هو مذكور في الكافي

(٢) العقدة : الضيعة جمعها عقد ، وفي بعض النسخ « عقر » وهو من العقار.

(٣) يدل على جواز تصرف الثقة في مال اليتيم. ( م ت )

(٤) يدل على جواز تصرف الولي والقيم في مال الطفل وسند الخبر صحيح ، ولكن في الكافي ضعيف على المشهور.

٢١٨

محمد بن ريان قال : « كتبت إليه يعنى علي بن محمد ( عليهما‌السلام ) أسأله عن إنسان أوصى بوصية فلم يحفظ الوصي إلا بابا واحدا منها كيف يصنع في الباقي؟ فوقع ( عليه‌السلام ) : الأبواب الباقية اجعله في البر » (١).

باب

( الوصي يشترى من مال الميت شيئا إذا بيع فيمن زاد )

٥٥١٤ ـ روى محمد بن أحمد بن يحيى ، عن الحسين بن إبراهيم الهمداني قال : « كتبت مع محمد بن يحيى هل للوصي أن يشترى شيئا من مال الميت إذا بيع فيمن زاد (٢) يزيد ويأخذ لنفسه؟ فقال : يجوز إذا اشترى صحيحا » (٣).

باب

( اخراج الرجل ابنه من الميراث لاتيانه أم ولد لأبيه )

٥٥١٥ ـ روى الحسن بن علي الوشاء ، عن محمد بن يحيى ، عن وصى علي بن السرى قال : قلت لأبي الحسن ( عليه‌السلام ) : « إن علي بن السرى توفى وأوصى إلي ، فقال : رحمه‌الله ، قلت : وإن ابنه جعفرا وقع على أم ولد له فأمرني أن أخرجه من الميراث ، فقال لي : أخرجه إن كنت صادقا ، فسيصيبه خبل (٤) قال : فرجعت فقد منى إلى أبى يوسف القاضي فقال له : أصلحك الله أنا جعفر بن علي بن السرى وهذا وصى أبى فمره أن يدفع إلى ميراثي من أبى ، فقال لي : ما تقول؟ فقلت : نعم هذا جعفر بن علي بن السرى وأنا وصى علي بن السرى ، قال : فادفع إليه ما له ، فقلت

__________________

(١) جعلها في وجوه البر هو المشهور بين الأصحاب ، وذهب ابن إدريس إلى أنه يعود ميراثا.

(٢) يعنى إذا بيع بالمزايدة. والسند مجهول كما في الكافي والتهذيب.

(٣) لعل المراد به رعاية الغبطة ، ولا محذور في أن يكون الموجب والقابل واحدا لان التغاير الاعتباري كاف.

(٤) الخبل ـ محركة ـ فساد العقل لحزن يعتري الانسان ، وأيضا فساد الأعضاء والفالج.

٢١٩

له : أريد أن أكلمك ، قال فادن منى فدنوت حيث لا يسمع أحد كلامي فقلت له هذا وقع على أم ولد لأبيه فأمرني أبوه وأوصى إلي أن أخرجه من الميراث ولا أورثه شيئا ، فأتيت موسى بن جعفر ( عليهما‌السلام ) بالمدينة فأخبرته وسألته فأمرني أن أخرجه من الميراث ولا أورثه شيئا فقال : الله إن أبا الحسن أمرك؟ فقلت : نعم فاستحلفني ثلاثا ثم قال لي : أنفذ ما أمرك فالقول قوله ، قال الوصي : فأصابه الخبل بعد ذلك ، قال أبو محمد الحسن بن علي الوشاء : رأيته بعد ذلك » (١).

قال مصنف هذا الكتاب رحمه‌الله : ومتى أوصى الرجل بإخراج ابنه من الميراث ولم يحدث هذا الحدث لم يجز للوصي إنفاذ وصيته في ذلك وتصديق ذلك :

٥٥١٦ ـ ما رواه أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عبد العزيز بن المهتدي ، عن سعد بن سعد قال : سألته ـ يعنى أبا الحسن الرضا ( عليه‌السلام ) ـ عن رجل كان له ابن يدعيه فنفاه وأخرجه من الميراث وأنا وصيه فكيف أصنع؟ فقال ( عليه‌السلام ) : لزمه الولد لاقراره بالمشهد ، لا يدفعه الوصي عن شئ قد علمه.

باب

* ( انقطاع يتم اليتيم ) *

٥٥١٧ ـ روى منصور بن حازم ، عن هشام عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال : « انقطاع يتم اليتيم الاحتلام وهو أشده ، وإن احتلم ولم يؤنس منه رشده وكان سفيها أو ضعيفا فليمسك عنه وليه ماله » (٢).

٥٥١٨ ـ وروى ابن أبي عمير ، عن مثنى بن راشد عن أبي بصير عن أبي ـ عبد الله ( عليه‌السلام ) قال : « سألته عن يتيم قد قرأ القرآن وليس بعقله بأس ، وله مال على

__________________

(١) زاد في الكافي « وقد أصابه الخبل » وهذا الحكم مقصور على هذه القضية ولا يتعدى به إلى غيرها ، وحمل على أنه عليه‌السلام كان عالما بانتفاء الولد منه واقعا فحكم بذلك والا فاخرا الوارث عن الميراث مخالف للكتاب والسنة.

(٢) سند الخبر حسن كالصحيح ، ورواه الكليني ج ٧ ص ٦٨ في الصحيح.

٢٢٠