كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٤

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٤

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: علي اكبر الغفّاري
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٨٩

باب

( حجة الله عزوجل على تارك الوصية )

٥٤١٠ ـ روى محمد بن عيسى بن عبيد ، عن زكريا المؤمن ، عن علي بن أبي نعيم عن أبي حمزة ، عن بعض الأئمة ( عليهم‌السلام ) (١) قال : إن الله تبارك وتعالى يقول : ابن آدم تطولت عليك بثلاث سترت عليك ما لو يعلم به أهلك ما واروك (٢) ، وأوسعت عليك فاستقرضت منك (٣) فلم تقدم خيرا ، وجعلت لك نظرة (٤) عند موتك في ثلثك فلم تقدم خيرا ).

باب

( في الوصية انها حق على كل مسلم )

٥٤١١ ـ روى محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال : « سألته عن الوصية ، فقال : هي حق على كل مسلم ».

٥٤١٢ ـ وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم قال أبو جعفر ( عليه‌السلام ) : « الوصية حق ، وقد أوصى رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، فينبغي للمسلم أن يوصي » (٥).

__________________

أفاق حتى لم يكن عندي به بأس فلما أن كان اليوم الذي مات فيه أفاق فمات في ذلك اليوم ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : « مامن ميت ـ الحديث ».

(١) مروى في التهذيب ج ٢ ص ٣٨٣ عن أحدهما عليهما‌السلام.

(٢) أي ما دفنوك لقبح فعلك بل ينبذوك في الخربة.

(٣) إشارة إلى قوله عزوجل « من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا ـ الآية ».

(٤) أي مهلة حيث لم أقطع تصرفك في مالك رأسا بل جعلت لك التصرف في ثلث مالك فقصرت ولم تأت بما كان لك بمنزلة الزاد وأنت على جناح السفر. ( مراد )

(٥) يعني ان ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف وكان ذلك حقا على المتقين.

١٨١

باب

( في أن الوصية تمام ما نقص من الزكاة )

٥٤١٣ ـ روى مسعدة بن صدقة الربعي (١) ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ( عليهما‌السلام ) قال : « قال على ( عليه‌السلام ) : الوصية تمام ما نقص من الزكاة » (٢).

باب

( ثواب من أوصى فلم يحف ولم يضار )

٥٤١٤ ـ روى السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ( عليهما‌السلام ) قال : « قال على ( عليه‌السلام ) : من أوصى فلم يحف ولم يضار (٣) كان كمن تصدق به في حياته » (٤).

باب

( ما جاء فيمن لم يوص عند موته لذي قرابته ممن لا يرث بشئ )

( من ماله قل أو كثر )

٥٤١٥ ـ روى عبد الله بن المغيرة ، عن السكوني عن جعفر بن محمد ، عن أبيه

__________________

(١) الذي في كتب الرجال مسعدة بن صدقة العبدي وأما الربعي فهو مسعدة بن الفرج وعنونهما الشيخ والنجاشي في عنوانين ولا يبعد اتحادهما والنسبة في أحدهما إلى الجد ، والعلم عند الله تعالى عزوجل.

(٢) أي الوصية للفقراء من الأرحام وغيرهم تجبر ما نقص من الزكاة سهوا كما أن صلاة النافلة متمم للفريضة وهكذا صيام النافلة.

(٣) « لم يحف » أي لم يظلم في الكذب في الأقارير لحرمان الورثة « ولم يضار » أي بتفضيل بعضهم على بعض اضرارا أو تفسير للأول. ( م ت )

(٤) مع أن ما يتصدق به في حياته ثوابه أضعاف ما يتصدق به بعد موته لان المال حينئذ ماله وهو يحتاج إليه بخلاف ما بعد الموت لكنه بفضله ورحمته جعل مثله إذا لم يظلم. ( م ت )

١٨٢

عليهما‌السلام قال : « من لم يوص عند موته لذوي قرابته (١) فقد ختم عمله بمعصية » (٢).

باب

( ما جاء فيمن لم يحسن وصيته عند الموت )

٥٤١٦ ـ روى العباس بن عامر ، عن أبان ، عن أبي بصير عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال : « من لم يحسن عند الموت وصيته كان نقصا في مروءته وعقله ، وقال : إن رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أوصى إلى علي ( عليه‌السلام ) ، وأوصى على إلى الحسن ، وأوصى الحسن عليه‌السلام إلى الحسين ، وأوصى الحسين ( عليه‌السلام ) إلى علي بن الحسين ، وأوصى على ابن الحسين ( عليهما‌السلام ) إلى محمد بن علي الباقر ( عليهما‌السلام ) ».

باب

( ثواب من ختم له بخير من قول أو فعل )

٥٤١٧ ـ روى أحمد بن النضر الخزاز ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر عن أبي جعفر ( عليه‌السلام ) قال : « قال رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : من ختم له بلا إله إلا الله دخل الجنة ،ومن ختم له بصيام يوم دخل الجنة ، ومن ختم له بصدقة يريد بها وجه الله عزوجل دخل الجنة ».

باب

( ما جاء في الاضرار بالورثة )

٥٤١٨ ـ روى عبد الله بن المغيرة ، عن السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : « قال علي عليه‌السلام : ما أبالي أضررت بولدي أو سرفتهم ذلك

__________________

(١) مروى في التهذيب ج ٢ ص ٣٨٢ وزاد فيه هنا « ممن لا يرثه » وهو الموافق لما عنونه المصنف ـ رحمه‌الله ـ ولعل السقط وقع من النساخ.

(٢) لمخالفته ما أمر الله به في قوله « ان ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين ».

١٨٣

المال » (١).

باب

* ( العدل والجور في الوصية ) *

٥٤١٩ ـ روى هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ( عليهما‌السلام ) قال : « من عدل في وصيته كان بمنزلة من تصدق بها في حياته ، ومن جار في وصيته لقى الله عزوجل يوم القيامة وهو عنه معرض ».

باب

( في أن الحيف (٢) في الوصية من الكبائر )

٥٤٢٠ ـ روى هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عن آبائه ( عليهم‌السلام ) قال : « قال علي عليه‌السلام : الحيف في الوصية من الكبائر » (٣).

__________________

(١) قال ابن إدريس في السرائر ص ٣٨٢ « سرفتهم » بالسين غير المعجمة والراء غير المعجمة المكسورة والفاء ، ومعناه أخطأتهم وأغفلتهم لان السرف والاغفال والخطأ ، وقد سرفت الشئ بالكسر إذا أغفلته وجهلته ، وحكى الأصمعي عن بعض الاعراب وواعده أصحاب له من المسجد مكانا فأخلفهم فقيل له في ذلك ، فقال : « مررت بكم فسرفتكم » أي أخطأتكم وأغفلتكم ، ومنه قول جرير :

أعطوا هنيدة يحدوها ثمانية

ما في عطائهم من ولاصرف

أي اغفال ويقال : خطأ ، أي لا يخطئون موضع العطاء بأن يعطوه من لا يستحق ويحرموه المستحق ، هكذا نص عليه جماعة أهل اللغة ذكره الجوهري في كتاب الصحاح وأبو عبيدة الهروي في غريب الحديث وغيرهما من اللغويين ، فأما من قال في الحديث « سرقتهم ذلك المال » بالقاف فقد صحف لان سرقت لا يتعدى إلى مفعولين بغير حرف الجر يقال : سرقت منهم مالا ، وسرفت بالفاء يتعدى إلى مفعولين بغير واسطة حرف الجر فليلحظ.

(٢) في بعض النسخ « الجنف » هنا وما يأتي في الحديث.

(٣) الحيف : الجور والظلم ، والجنف أيضا الجور والميل عن العدل والحق ، وكونهما كبيرة اما واقعا أو مبالغة.

١٨٤

باب

( مقدار ما يستحب الوصية به )

٥٤٢١ ـ روى السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ( عليهم‌السلام ) قال :  « قال : أمير المؤمنين ( عليه‌السلام ) : الوصية بالخمس لان الله عزوجل رضى لنفسه بالخمس ، وقال الخمس اقتصاد ، والربع جهد ، والثلث حيف » (١).

٥٤٢٢ ـ روى حماد بن عيسى ، عن شعيب بن يعقوب ، عن أبي بصير (٢) قال :  « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يموت (٣) ما له من ماله؟ فقال : له ثلث ماله وللمرأة أيضا ».

٥٤٢٣ ـ وروى عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس عن أبي جعفر ( عليه‌السلام ) قال : كان أمير المؤمنين ( عليه‌السلام ) يقول : « لان أوصى بخمس مالي أحب إلى من أن أوصى بالربع ولان أوصى بالربع أحب إلى من أن أوصى بالثلث ، ومن أوصى بالثلث فليترك فقد بالغ ، وقال : من أوصى بثلث ماله فلم يترك فقد بلغ المدى » (٤).

٥٤٢٤ ـ وفي رواية الحسن بن علي الوشاء ، عن حماد بن عثمان ، عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال : « من أوصى بالثلث فقد أضر بالورثة ، والوصية بالخمس والربع أفضل من الوصية بالثلث ، وقال من أوصى بالثلث فلم يترك » (٥).

__________________

(١) يحمل على ما إذا كانت الورثة فقيرا وتكون الوصية بالثلث اجحافا بهم

(٢) ليس في الكافي والتهذيبين « عن أبي بصير » وعلى أي حال كان السند صحيحا.

(٣) أي حضره الموت ويكون في حال الاحتضار.

(٤) اترك بمعنى ترك ، والمدى : الغاية والمنتهى.

(٥) أي لم يترك مما أذن له فيه شيئا ، قال في المسالك : الأكثر عملوا بمضمون هذا الخبر مطلقا ، وفصل ابن حمزة فقال : ان كانت الورثة أغنياء كانت الوصية بالثلث أولى ، وان كانوا متوسطين فالربع ، وأحسن منه ما فصله العلامة في التذكرة فقال : لا يبعد عندي التقدير بأنه متى كان المتروك لا يفضل عن غنى الورثة لا يستحب الوصية ثم يختلف الحال باختلاف الورثة وقلتهم وكثرتهم وغناهم ولا يتقدر بقدر من المال. ( المرآة )

١٨٥

باب

( ما يجب من رد الوصية إلى المعروف وما للميت من ماله )

٥٤٢٥ ـ روى عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس عن أبي جعفر ( عليه‌السلام ) قال : « قضى أمير المؤمنين ( عليه‌السلام ) في رجل توفى وأوصى بماله كله أو بأكثره ، فقال : إن الوصية ترد إلى المعروف ويترك لأهل الميراث ميراثهم » (١).

٥٤٢٦ ـ وروى ابن أبي عمير ، عن مرازم ، عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « الميت أحق بماله ما دام فيه الروح يبين به (٢) قال : فان تعدى فليس له الا الثلث ».

٥٤٢٧ ـ وروى هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة الربعي (٣) ، عن جعفر ابن محمد ، عن أبيه ( عليهما‌السلام ) « أن رجلا من الأنصار توفى وله صبية صغار وله ستة من الرقيق فأعتقهم عند موته وليس له مال غيرهم ، فاتى النبي ، ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) فأخبر فقال : ما صنعتم بصاحبكم؟ قالوا : دفناه ، قال : لو علمت ما دفناه مع أهل الاسلام ، ترك ولده يتكففون الناس » (٤).

٥٤٢٨ ـ وروى محمد بن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال :  « كان البراء بن معرور الأنصاري بالمدينة وكان رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بمكة وإنه حضره الموت ، وكان رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) والمسلمون يصلون إلى بيت المقدس فأوصى البراء بن

__________________

(١) كأنه جزء من رواية محمد بقيس المتقدمة جزاها المصنف ـ رحمه‌الله ـ.

(٢) من الإبانة أي عزله عن ماله وسلمه إلى المعطى في مرضه ولم يعلق اعطاءه على موته. وفي التهذيب « فان قال بعدي » مكان قوله « فان تعدى » وهو أوفق بقوله « يبين » فإنه من الإبانة كما عرفت ( الوافي ) أقول : فيدل على أن المنجزات من الأصل لكن يشكل الاستدلال به لاختلاف النسخ وسيأتي الكلام في بابه إن شاء الله.

(٣) تقدم الكلام فيه في هامش ما مر تحت رقم ٥٤١٣.

(٤) أي يمدون أكفهم إلى الناس ويسألونهم ، وظاهر الخبر نفوذ العتق والا لما كان التهديد.

١٨٦

معرور أن يجعل وجهه (١) إلى تلقاء النبي ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) إلى القبلة (٢) وأوصى بثلث ماله فجرت به السنة ».

٥٤٢٩ ـ وروى عن أحمد بن عيسى ، عن أحمد بن إسحاق أنه كتب إلى أبى الحسن ( عليه‌السلام ) : « أن درة بنت مقاتل توفيت وتركت ضيعة أشقاصا (٣) في موضع كذا وأوصت لسيدنا في أشقاصها بأكثر من الثلث ونحن أوصياؤها ، فأحببنا إنهاء ذلك إلى سيدنا فإن أمرنا بامضاء الوصية على وجهها أمضيناها ، وإن أمرنا بغير ذلك انتهينا إلى أمره في جميع ما يأمرنا به إن شاء الله تعالى ، فكتب ( عليه‌السلام ) بخطه : ليس يجب لها في تركتها إلا الثلث فإن تفضلتم وكنتم الورثة كان جائزا لكم إن شاء الله » (٤).

٥٤٣٠ ـ وروى صفوان ، عن مرازم ، عن بعض أصحابنا (٥) « في الرجل يعطي الشئ من ماله في مرضه ، قال : إذا أبان به فهو جائز ، وإن أوصى به فمن الثلث » (٦).

باب

( رسم الوصية )

٥٤٣١ ـ روى علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن علي بن إسحاق ، عن الحسن بن حازم الكلبي ابن أخت هشام بن سالم ، عن سليمان بن جعفر ، وليس بالجعفري (٧) عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال : « قال رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : من لم يحسن وصيته عند الموت كان

__________________

(١) أي إذا دفن كما الكافي.

(٢) أي إلى الكعبة التي هي قبلة اليوم « به السنة » أي بتوجه الميت إلى الكعبة ، وأن لا يزاد على الثلث في الوصية ( الوافي ) وزاد هنا في الكافي « فجرت به السنة ».

(٣) الضيعة : العقار ، والشقص : القطعة من الأرض.

(٤) يدل على أن الوصية من الثلث الا مع تنفيذ الورثة. ( م ت )

(٥) كذا وكأنه عمار الساباطي لما تقدم تحت رقم ٥٤٢٦ ، وفي الكافي والتهذيب عنه « عن أبي عبد الله عليه‌السلام » وكأن السقط من النساخ.

(٦) يدل على أن المنجز من الأصل.

(٧) من كلام المصنف وليس في الكافي والتهذيب ، والرجل غير مذكور في الرجال.

١٨٧

نقصا في مروءته وعقله ، قيل : يا رسول الله وكيف يوصى الميت؟ قال : إذا حضرته وفاته واجتمع الناس إليه قال : « اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم ، اللهم إني أعهد إليك في دار الدنيا (١) أنى أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك ، وأن محمدا عبدك ورسولك ، وأن الجنة حق ، والنار وأن البعث حق ، والحساب حق ، والصراط حقا ، والقدر والميزان حق ، وأن الدين كما وصفت ، وأن الاسلام كما شرعت ، وأن القول كما حدثت ، وأن القرآن كما أنزلت ، وأنك أنت الله الحق المبين ، جزى الله محمدا عنا خير الجزاء (٢) وحيا الله محمدا وآل محمد بالسلام ، اللهم يا عدتي عند كربتي ، ويا صاحبي عند شدتي ، ويا ولى نعمتي ، الهي واله آبائي لا تكلني إلى نفسي طرفة عين ، فإنك إن تكلني إلى نفسي أقرب من الشر وأبعد من الخير ، فآنس في القبر وحشتي ، واجعل لي عهدا يوم ألقاك منشورا ثم يوصى بحاجته. وتصديق هذه الوصية في القرآن في السورة التي تذكر فيها مريم في قوله عزوجل : « لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا » فهذا عهد الميت ، والوصية حق على كل مسلم ، وحق عليه (٣) أن يحفظ هذه الوصية ويعلمها ، وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وسلامه علمنيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : علمنيها جبرئيل ( عليه‌السلام ).

٥٤٣٢ ـ وروى الحسين بن سعيد قال : حدثنا الحسين بن علوان ، عن عمرو بن ثابت عن أبي جعفر ( عليه‌السلام ) قال : « قال رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) لعلي ( عليه‌السلام ) : يا علي أوصيك في نفسك بخصال فاحفظها ، ثم قال : اللهم أعنه أما الأولى فالصدق ولا تخرجن من. فيك كذبة أبدا ، والثانية الورع [ حتى ] تجترين على خيانة أبدا (٤) ، والثالثة الخوف

__________________

(١) الموصوف محذوف أي دار الحياة الدنيا.

(٢) لفظه « عنا » ليست في الكافي.

(٣) قوله « وحق عليه » ليس في التهذيب والكافي.

(٤) في بعض النسخ « على جناية أبدا ».

١٨٨

من الله عزوجل حتى كأنك تراه ، والرابعة كثرة البكاء من خشية الله عزوجل يبنى لك بكل دمعة بيت في الجنة ، والخامسة بذل مالك ودمك دون دينك ، والسادسة الاخذ بسنتي في صلاتي وصيامي وصدقتي ، أما الصلاة فالخمسون ركعة وأما الصيام فثلاثة أيام في كل شهر : خميس في أوله ، وأربعاء في وسطه ، وخميس في آخره ، وأما الصدقة فجهدك حتى تقول : قد أسرفت ولم تسرف ، وعليك بصلاة الليل ، وعليك بصلاة الليل ، وعليك بصلاة الليل ، وعليك بصلاة الزوال (١) ، وعليك بتلاوة القرآن على كل حال ، [ و ] عليك برفع يديك في الصلاة وتقليبهما بكلتيهما ، [ و ] عليك بالسواك عند كل وضوء كل صلاة ، [ و ] عليك بمحاسن الأخلاق فاركبها ، [ و ] عليك بمساويها فاجتنبها ، فإن لم تفعل فلا تلم الا نفسك ».

٥٤٣٣ ـ وروى عن سليم بن قيس الهلالي قال : « شهدت وصية علي بن أبي طالب ( عليه‌السلام ) حين أوصى إلى ابنه الحسن وأشهد على وصيته الحسين ومحمدا وجميع ولده ورؤساء أهل بيته وشيعته ( عليهم‌السلام ) ، ثم دفع إليه الكتاب والسلاح ، ثم قال ( عليه‌السلام ) : يا بنى أمرني رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أن أوصى إليك وأن أدفع إليك كتبي وسلاحي كما أوصى إلى رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ودفع إلى كتبه وسلاحه وأمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعه إلى أخيك الحسين ، قال : ثم أقبل على ابنه الحسين ( عليه‌السلام ) فقال : وأمرك رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أن تدفعه إلى ابنك علي بن الحسين ، ثم أقبل على ابنه علي بن الحسين ( عليهما‌السلام ) فقال : وأمرك رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أن تدفع وصيتك إلى ابنك محمد بن علي فأقرأه من رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ومنى السلام.

ثم اقبل على ابنه الحسن ( عليه‌السلام ) فقال : يا بنى أنت ولى الامر وولى الدم فإن عفوت فلك وإن قتلت فضربة مكان ضربة ولا تأثم ، ثم قال : اكتب » بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به علي بن أبي طالب أوصى أنه يشهد أن لا إله

__________________

(١) المراد بها صلاة الأوابين ثمان ركعات قبل الظهر. ( م ت )

(٢) وهو طفل ابن أقل من سنتين فإنه عليه‌السلام ولد سنة ثمان وثلاثين من الهجرة وتوفي أمير المؤمنين عليه‌السلام سنة أربعين من الهجرة.

١٨٩

إلا الله وحده لا شريك له وأن محمد عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين ولو كره المشركون ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، ثم إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين ، ثم إني أوصيك يا حسن وجميع ولدى وأهل بيتي ومن بلغه كتابي من المؤمنين بتقوى الله ربكم ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ، واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا (١) واذكروا نعمة الله عليكم إذا كنتم أعداء فألف بين قلوبكم ، فانى سمعت رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يقول : صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام ، وإن البغضة حالقة الدين وفساد ذات البين ولا قوة إلا بالله.

انظروا ذوي أرحامكم فصلوهم يهون الله عليكم الحساب ، والله الله في الأيتام فلا نعر أفواههم (٣) ولا يضيعوا بحضرتكم فإني سمعت رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يقول : « من عال يتيما حتى يستغنى أوجب الله له الجنة كما أوجب لاكل مال اليتيم النار ».

والله الله في القرآن فلا يسبقنكم إلى العمل به غيركم.

والله الله في جيرانكم فإن الله ورسوله أوصيا بهم.

والله الله في بيت ربكم فلا يخلون منكم ما بقيتم ، فإنه إن ترك لم تناظروا فإن أدنى ما يرجع به من أمه (٤) أن يغفر له ما سلف من ذنبه.

والله الله في الصلاة فإنها خير العمل وإنها عمود دينكم.

والله الله في الزكاة فإنها تطفئ غضب ربكم.

__________________

(١) « لا تموتن ـ الخ » أي كونوا على حال لا تموتن الا حال كونكم مسلمين ، ولعل المراد بحبل الله هو القرآن العظيم عظم الله شرفه. ( مراد )

(٢) الحالقة ـ بالحاء المهملة والقاف ـ القاطعة ، وفي النهاية : هي الخصلة التي من شأنها أن تحلق أي تهلك وتستأصل الدين كما تستأصل الموسى الشعر.

(٣) عر الظليم إذا صاح أي لا ترفع أصواتهم بالبكاء. وفي الكافي « لا تغبوا أفواههم » وقال ابن أبي الحديد : أي لا يجيعوهم بأن تطعموهم يوما وتتركوهم يوما ، وفي التهذيب « فلا تغيروا أفواههم » والمعنى واحد فان الجايع يتغير فمه.

(٤) أي من قصده أو حجة.

١٩٠

والله الله في صيام شهر رمضان فإن صيامه جنة من النار.

والله الله في الفقراء والمساكين فشاركوهم في معيشتكم.

والله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ، فإنما يجاهد في سبيل الله رجلان : إمام هدى ، ومطيع له مقتد بهداه.

والله الله في ذرية نبيكم فلا تظلمن بين أظهركم وأنتم تقدرون على الدفع عنهم.

والله الله في أصحاب نبيكم الذين لم يحدثوا حدثا ولم يؤوا محدثا ، فإن رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أوصى بهم ولعن المحدث منهم ومن غيرهم والمؤوي للمحدث (١).

والله الله في النساء وما ملكت ايمانكم لا تخافن في الله لومة لائم ، يكفيكم الله من أرادكم وبغى عليكم وقولوا للناس حسنا كما أمركم الله عزوجل.

لا تتركن الامر بالمعروف والنهى عن المنكر فيولي الله الامر شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم.

عليكم يا بنى بالتواصل والتباذل والتبار ، وإياكم والتقاطع والتدابر و التفرق ، وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان ، واتقوا الله إن الله شديد العقاب.

حفظكم الله من أهل بيت ، وحفظ فيكم نبيكم وأستودعكم الله وأقرأ عليكم السلام.

ثم لم يزل يقول : لا إله إلا الله حتى قبض صلوات الله عليه وسلامه في أول ليلة من العشر الا واخر ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان ليلة الجمعة لأربعين

__________________

(١) في النهاية : في حديث المدينة « من أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا » الحدث الامر الحادث المنكر الذي ليس بمعتاد ولا معروف في السنة ، والمحدث يروى بكسر الدال وفتحها على الفاعل والمفعول ، فمعنى الكسر : من نصر جانيا أو آواه وأجاره من خصمه وحال بينه وبين أن يقتص منه ، والفتح هو الامر المبتدع نفسه ، ويكون معنى الايواء فيه الرضا والصر عنه فإنه رضى بالبدعة وأقر فاعلها ولم ينكر عليه فقد آواه.

١٩١

سنة مضت من الهجرة (١).

باب

( الاشهاد على الوصية )

٥٤٣٤ ـ روى محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني قال : « سألت أبا عبد الله ( عليه‌السلام ) عن قول الله عزوجل : « يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم » قال : هما كافران (٢) قلت : ذوا عدل منكم؟ قال : مسلمان ».

٥٤٣٥ ـ وروى حماد بن عيسى ، عن ربعي بن عبد الله عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في شهادة امرأة حضرت رجلا يوصى ليس معها رجل ، فقال : تجاز في ربع الوصية » (٣).

٥٤٣٦ ـ وروى يونس بن عبد الرحمن ، عن يحيى بن محمد (٤) عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال : « سألته عن قول الله عزوجل » يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخر ان من غيركم قال : اللذان منكم مسلمان ، واللذان من غيركم من أهل الكتاب فإن لم تجدوا من أهل الكتاب فمن المجوس لان في المجوس سنة أهل الكتاب في الجزية ، وذلك إذا مات الرجل في أرض غربة فلم يوجد مسلمان أشهد رجلان من أهل الكتاب ، يحبسان بعد العصر فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا

__________________

(١) ما اشتمل عليه من تاريخ شهادته عليه‌السلام هو المشهور بين الخاصة والعامة وفي الكافي « حتى قبض صلوات الله عليه ورحمته في ثلاث ليال من العشر الأواخر ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان ليلة الجمعة سنة أربعين من الهجرة وكان ضرب ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان » وهو مخالف للمشهور.

(٢) ظاهره مطلق الكافر وحمل على الذمي.

(٣) في الكافي ج ٧ ص ٤ « فقال : يجاز في ربع ما أوصى بحساب شهادتها ».

(٤) هو مشترك ولعله يحيى بن محمد بن سعيد أبو شبل.

١٩٢

إذ المن الآثمين قال وذلك إن ارتاب ولى الميت في شهادتهما فإن عثر على أنهما شهدا بالباطن فليس له أن ينقض شهادتهما حتى يجئ بشاهدين فيقومان مقام الشاهدين الأولين فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين. فإذا فعل ذلك نقض شهادة الأولين وجازت شهادة الآخرين ، يقول الله تبارك وتعالى : « ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن ترد أيمان بعد ايمانهم » (١).

باب

( أول ما يبدأ به من تركة الميت )

٥٤٣٧ ـ روى السكوني عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال : « أول شئ يبدأ به من المال الكفن ، ثم الدين ، ثم الوصية ، ثم الميراث » (٢).

٥٤٣٨ ـ وروى عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس عن أبي جعفر ( عليه‌السلام ) قال : « قال أمير المؤمنين ( عليه‌السلام ) : إن الدين قبل الوصية ، ثم الوصية على أثر الدين ، ثم الميراث بعد الوصية ، فإن أولى القضاء كتاب الله عزوجل ». (٣)

٥٤٣٩ ـ وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال : « الكفن من جميع المال » (٤).

٥٤٤٠ ـ وقال ( عليه‌السلام ) : « كفن المرأة على زوجها إذا ماتت » (٥).

__________________

(١) الآيات في سورة المائدة ١٠٨ إلى ١١٠.

(٢) رواه الكليني ج ص ٢٣ بسنده المعروف عن السكوني ، وعمل به الأصحاب ووجه بأن الكفن لباس الميت والكسوة مقدم على الدين ، والدين مقدم على الوصايا المستحبة والواجبة داخلة في الدين ثم الميراث ، والوصايا من الثلث. ( م ت )

(٣) حيث يقول الله تبارك وتعالى : « من بعد وصية يوصى بها أو دين »

(٤) رواه الكليني في الصحيح وقال المولى المجلسي : ولو كان الدين مستوعبا للتركة لما تقدم وللاجماع.

(٥) رواه الشيخ في التهذيب ج ٢ ص ٣٨٢ في القوى كالصحيح عن السكوني.

١٩٣

باب

( الرجل يموت وعليه دين بقدر ثمن كفنه )

٥٤٤١ ـ روى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة قال : « سألته عن رجل مات وعليه دين بقدر ثمن كفنه ، قال : يجعل ما ترك في ثمن كفنه إلا أن يتجر عليه بعض الناس (١) فيكفنونه ويقضى ما عليه مما ترك ».

باب

( الوصية للوارث )

٥٤٤٢ ـ روى ابن بكير ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ( عليه‌السلام ) قال : « سألته عن الوصية للوارث فقال : تجوز ثم تلا هذه الآية : إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين ».

٥٤٤٣ ـ قال مصنف هذا الكتاب رحمه‌الله الخبر الذي روى أنه لا وصية لوارث (٢) ليس بخلاف هذا الحديث ومعناه انه لا وصية لوارث بأكثر من الثلث كما لا تكون لغير الوارث بأكثر من الثلث. (٣)

__________________

(١) أي يطلب الاجر من الايتجار ، وقال الزمخشري في الفائق بعد ذكره انه لا يكون من الأجرة لان الهمزة لا تدغم في التاء : فأما ما روى من « أن رجلا دخل المسجد وقد قضى النبي (ص) صلاته فقال : من يتجر؟ فيقوم ويصلي معه » فوجهه ان صحت الرواية أن يكون من التجارة لأنه لا يشترى بعمله المثوبة ». وقال ابن الأثير في النهاية ان الهروي قد أجازه في كتابه واستشهد بهذا الحديث. أقول : وفي بعض النسخ » الا أن يحسن عليه وهو تصحيف.

(٢) روى الشيخ في التهذيب ج ٢ ص ٣٨٩ باسناده عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم ابن سليمان قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل اعترف لوارث بدين في مرضه ، فقال : لا تجوز وصيته لوارث ولا اعتراف » وحمله على التقية لان مذهب المخالفين. أقول : روى الدارقطني في السنن بسند حسن عن جابر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : « لا وصية لوارث » كما في الجامع الصغير.

(٣) حمل الشيخ أحسن وأولى لأنه لافرق بين الوارث وغيره في الزائد عن الثلث.

١٩٤

٥٤٤٤ ـ وروى عن عبد الله بن محمد الحجال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن محمد بن قيس قال : « سألت أبا جعفر ( عليه‌السلام ) عن الرجل يفضل بعض ولده على بعض ، قال : نعم ونساءه » (١).

باب

( الامتناع من قبول الوصية )

٥٤٤٥ ـ روى حماد بن عيسى ، عن ربعي بن عبد الله ، عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال : « إن أوصى رجل إلى رجل وهو غائب فليس له أن يرد وصيته وإن أوصى إليه وهو بالبلد فهو بالخيار إن شاء قبل وإن شاء لم يقبل » (٢).

٥٤٤٦ ـ وروى ربعي ، عن الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) « في رجل يوصى إليه قال : إذا بعث بها إليه من بلد فليس له ردها ، وإن كان في مصر يوجد فيه غيره فذاك إليه ».

٥٤٤٧ ـ وروى سهل بن زياد ، عن علي بن الريان قال : « كتبت إلى أبى ـ الحسن ( عليه‌السلام ) رجل دعاه والده إلى قبول وصيته هل له أن يمتنع من قبول وصية والده؟ فوقع ( عليه‌السلام ) : ليس له أن يمتنع » (٣).

__________________

(١) مروى في الكافي ج ٧ ص ١٠ في الصحيح ويدل على جواز تفضيل بعض الورثة على بعض وكذا تفضيل بعض زوجاته على بعض فيما كان له وبعمومه يشمل الوصية. ( م ت )

(٢) المشهور بين الأصحاب أن للموصي إليه أن يرد الوصية ما دام الموصي حيا بشرط أن يبلغه الرد ولو مات قبل الرد أو بعده لم يكن للرد أثر وكانت الوصية لازمة للوصي ، وذهب العلامة في التحرير والمختلف إلى جواز الرجوع ما لم يقبل عملا بالأصل. ومستند المشهور الاخبار ، وقال الشهيد الثاني بعد نقل الاخبار : والحق أن هذه الأخبار ليست بصريحة في المدعي لتضمنها أن الحاضر لم يلزمه القبول مطلقا والغائب يلزمه مطلقا وهو غير محل النزاع ، نعم في تعليل رواية منصور بن حازم « التي تأتي في آخر الباب » ايماء إليه ثم قال : ولو حملت الاخبار على شدة الاستحباب كان أولى ـ انتهى. ( المرآة )

(٣) السند ضعيف على المشهور لمكان سهل وظاهره الاختصاص بالولد ، وذلك لأنه عقوق غالبا ، ويمكن حمله على الكراهة الشديدة.

١٩٥

٥٤٤٨ ـ وروى محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) « في الرجل يوصى إلى الرجل بوصية فيكره أن يقبلها ، فقال أبو عبد الله ( عليه‌السلام ) : لا يخذله على هذه الحال » (١).

٥٤٤٩ ـ وروى علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال : « إذا أوصى الرجل إلى أخيه وهو غائب فليس له أن يرد وصيته لأنه لو كان شاهدا فأبى أن يقبلها طلب غيره ».

باب

( الحد الذي إذا بلغه الصبي جازت وصيته )

٥٤٥٠ ـ روى محمد بن أبي عمير عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) أنه قال : « إذا بلغ الغلام عشر سنين جازت وصيته » (٢).

__________________

(١) يدل على كراهة رد الوصية مطلقا ، لا سيما إذا لم يوجد غيره ، أو لم يوجد غيره ، أو لم يعتمد على غيره. ( م ت )

(٢) قال في المسالك : اختلف الأصحاب في صحة وصية الصبي الذي لم يبلغ بأحد الأمور الثلاثة المعتبرة في التكليف ، فذهب الأكثر من المتقدمين والمتأخرين إلى جواز وصية من بلغ عشرا مميزا في المعروف وبه أخبار كثيرة ، وأضاف الشيخ ـ رحمه‌الله ـ إلى الوصية الصدقة والهبة والوقف والعتق لرواية زرارة ( الآتية ) وفي قول بعضهم لأقاربه وغيرهم إشارة إلى خلاف ما روى في بعض الأخبار من الفرق كصحيحة محمد بن مسلم ( التي تأتي في آخر الباب ) وهو يقتضي عمله بها ، والقائل بالاكتفاء في صحة الوصية ببلوغ الثمان ابن الجنيد واكتفى في الأنثى بسبع سنين استنادا إلى رواية الحسن بن راشد ، وهي ما رواه الشيخ ـ رحمه‌الله ـ في التهذيب ج ص ٣٨٢ باسناده عن الحسن بن راشد عن العسكري عليه‌السلام قال : « إذا بلغ الغلام ثمان سنين فجائز امره في ماله وقد وجب عليه الفرائض والحدود وإذا تم للجارية سبع سنين فكذلك » وهي مع ضعف سندها شاذة مخالفة لاجماع المسلمين من اثبات باقي الأحكام غير الوصية ، لكن ابن الجنيد اقتصر منها على الوصية ، وابن إدريس سد الباب ، واشترط في جواز الوصية البلوغ كغيرها ونسبه الشهيد في الدروس إلى التفرد بذلك.

١٩٦

٥٤٥١ ـ وروى صفوان بن يحيى ، عن موسى بن بكر ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « إذا أتى على الغلام عشر سنين فإنه يجوز له في ماله ما أعتق أو تصدق وأوصى على حد معروف وحق فهو جائز ».

٥٤٥٢ ـ وروى محمد بن أبي عمير ، عن أبي المغرا ، عن أبي بصير عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) أنه قال : « إذا بلغ الغلام عشر سنين فأوصى بثلث ماله في حق جازت وصيته ، وإذا كان ابن سبع سنين فأوصى من ماله باليسير في حق جازت وصيته ».

٥٤٥٣ ـ وروى علي بن الحكم ، عن داود بن النعمان (١) ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه‌السلام ) يقول : « إن الغلام إذا حضره الموت فأوصى ولم يدرك جازت وصيته لذوي الأرحام ولم تجز للغرباء ».

باب

( الوصية بالكتب والايماء )

٥٤٥٤ ـ روى عبد الصمد بن محمد (٢) عن حنان بن سدير ، عن أبيه عن أبي جعفر ( عليه‌السلام ) قال : « دخلت على محمد بن علي ابن الحنفية وقد اعتقل لسانه ، فأمر ته بالوصية فلم يجب قال : فأمرت بطست فجعلت فيه الرمل فوضع ، فقلت له : خط بيدك ، فخط وصيته بيده في الرمل ، ونسخت أنا في صحيفة » (٣).

__________________

(١) في أكثر نسخ الكافي « علي بن النعمان ». وهما ثقتان والسند صحيح ، وكان علي بن الحكم ابن أخت داود بن النعمان وتلميذ ابن أبي عمير ، وهو مثل ابن فضال وابن بكير.

(٢) لم يذكر المصنف طريقه إليه ، والظاهر أنه أخذ الحديث من كتاب أحمد بن محمد بن يحيى الأشعري ، فان الشيخ رواه في التهذيب ج ٢ ص ٤٠٠ باسناده عنه ، عن عبد الصمد ، عن حنان ، عن أبيه

(٣) يدل على فوت ابن الحنفية في حياة أبي جعفر عليه‌السلام خلافا للكيسانية حيث إنهم معتقدون بأنه ذهب من خوف ابن الزبير إلى اليمن وغاب في جبل رضوي وهو حي يخرج في آخر الزمان.

١٩٧

٥٤٥٥ ـ وروى محمد بن أحمد الأشعري ، عن السندي بن محمد ، عن يونس بن يعقوب ، عن أبي مريم (١) ذكره عن أبيه « أن امامة بنت أبي العاص وأمها زينب بنت رسول الله ( صلى الله عليه ) واله كانت (٢) تحت علي بن أبي طالب ( عليه‌السلام ) بعد فاطمة ( عليهما‌السلام ) فخلف عليها بعد على ( عليه‌السلام ) المغيرة بن النوفل ، فذكر أنها وجعت وجعا شديدا حتى اعتقل لسانها فجاءها الحسن والحسين ابنا على ( عليهم‌السلام ) وهي لا تستطيع الكلام فجعلا يقولان لها والمغيرة كاره لذلك أعتقت فلانا وأهله؟ فجعلت تشير برأسها نعم (٣) وكذا وكذا فجعلت تشير برأسها [ أن ] نعم (٤) ، لا تفصح بالكلام ، فأجاز ذلك لها » (٥).

٥٤٥٦ ـ وروى عن إبراهيم بن محمد الهمداني قال : « كتبت إلى أبى الحسن عليه‌السلام (٦) رجل كتب كتابا بخطه ولم يقل لورثته : هذه وصيتي ولم يقل إني قد أوصيت إلا أنه كتب كتابا فيه ما أراد أن يوصى به هل يجب على ورثته القيام بما في الكتاب بخطه ولم يأمرهم بذلك؟ فكتب ( عليه‌السلام ) إن كان له ولد ينفذون كل شئ (٧) يجدون في كتاب أبيهم في وجه البر أو غيره » (٨).

__________________

(١) في بعض نسخ التهذيب هكذا « عن أبي مريم عن أبي عبد الله عليه‌السلام ذكر أن أباه حدثه عن أبيه أن أمامة بنت العاص ـ الحديث ».

(٢) الضمير المؤنث راجع إلى امامة.

(٣) في بعض النسخ « لا ».

(٤) في بعض النسخ « ان » وهو بالتشديد من حروف الايجاب مثل نعم تأكيدا له. ( مراد )

(٥) يدل على صحة الوصية بالإشارة مع التعذر. ( م ت )

(٦) إبراهيم بن محمد الهمداني من أصحاب أبي الحسن الهادي عليه‌السلام ووكيل الناحية ثقة جليل والطريق إليه حسن كالصحيح بإبراهيم بن هاشم.

(٧) كذا وكأن فيه سقطا وفي التهذيب نقلا عن الصدوق « فكتب عليه‌السلام إن كان ولده ينفذون شيئا منه وجب عليهم أن ينفذوا كل شئ ـ الخ ».

(٨) يدل على عدم الاعتبار بالكتابة إلا مع القرائن ، وقال الفاضل التفرشي : ظاهر الخبر أنه لا يجب عليهم العمل بذلك حيث أنه عليه‌السلام أوقف العمل به على تنفيذهم إذ لا يعلم أن مقصوده من الكتب أن يعملوا به ، ويمكن أن يراد من التنفيذ أن يعرفوا أن قصده

١٩٨

باب

( الرجوع عن الوصية )

٥٤٥٧ ـ روى الحسن بن علي بن فضال ، عن علي بن عقبه ، عن بريد العجلي عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال : « لصاحب الوصية أن يرجع فيها ويحدث في وصيته ما دام حيا » (١).

٥٤٥٨ ـ وروى محمد بن أبي عمير ، عن بكير بن أعين (٢) ، عن عبيد بن زرارة قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه‌السلام ) يقول : « للموصي أن يرجع في وصيته إن كان في صحة أو مرض » (٣).

٥٤٥٩ ـ وروى يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن مسكان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قضى أمير المؤمنين ( عليه‌السلام ) أن المدبر من الثلث ، وأن للرجل أن ينقض وصيته فيزيد فيها وينقص منها ما لم يمت (٤).

٥٤٦٠ ـ وفى رواية يونس بن عبد الرحمن باسناده قال : قال علي بن الحسين عليهما‌السلام : « للرجل أن يغير من وصيته فيعتق من كان أمر بتمليكه ويملك من كان أمر بعتقه ويعطى من كان حرمه ويحرم من كان أعطاه ما لم يكن رجع عنه » (٥).

__________________

العمل بما كتب ، وعلى التقديرين جزاء الشرط محذوف أي عملوا به أما جعل ينفذون خبرا في معنى الامر أي لينفذوا فيكون جزاء الشرط فبعيد.

(١) لا خلاف في رجوع جواز الموصى عن وصيته ما دام حيا. ( المرآة )

(٢) في الكافي والتهذيب « عن ابن أبي عمير ، عن ابن بكير ، عن عبيد بن زارة » وهو الصواب.

(٣) « إن كان في صحة ـ الخ » أي الرجوع أو الوصية يتأول الايصاء أو الأعم. ( م ت )

(٤) يدل على جواز التغيير بالزيادة والنقصان ما لم يمت ، وعلى أن المدبر من الثلث والتدبير كالوصية. ( م ت )

(٥) في الكافي « ما لم يمت » وفي التهذيب « ما لم يمت ويرجع فيه » وعبارة المتن بمعنى عبارة التهذيب.

١٩٩

باب

( فيمن أوصى بأكثر من الثلث وورثته شهود فأجازوا ذلك هل )

( لهم أن ينقضوا ذلك بعد موته )

٥٤٦١ ـ روى حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) « في رجل أوصى بوصية وورثته شهود فأجازوا ذلك ، فلما مات الرجل نقضوا الوصية هل لهم أن يردوا ما أقروا به فقال : ليس لهم ذلك ، والوصية جائزة عليهم إذا أقروا بها في حياته » (١).

وروى صفوان بن يحيى ، عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) مثله.

باب

( وجوب انفاذ الوصية والنهى عن تبديلها )

٥٤٦٢ ـ روى حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله ( عليه‌السلام ) عن الرجل أوصى بما له في سبيل الله (٢) فقال : أعطه لمن أوصى له به وإن كان يهوديا أو نصرانيا ، إن الله عزوجل يقول : « فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبد لونه ».

قال مصنف هذا الكتاب ـ رحمه‌الله : ماله هو الثلث.

٥٤٦٣ ـ وروى سهل بن زياد ، عن محمد بن الوليد ، عن يونس بن يعقوب أن رجلا كان بهمذان ذكر أن أباه مات وكان لا يعرف هذا الامر فأوصى بوصية عند الموت وأوصى أن يعطى شئ في سبيل الله ، فسئل عنه أبو عبد الله ( عليه‌السلام ) كيف يفعل به؟

__________________

(١) أكثر الأصحاب على أن إجازة الوارث مؤثرة متى وقعت بعد الوصية ، سواء كان في حال حياة الموصي أو بعد موته ، وقال المفيد وابن إدريس لا تصح الإجازة الا بعد وفاته لعدم استحقاق الوارث المال قبله ، والأول أقوى. ( المرآة )

(٢) قيل : « ما » موصولة أو موصوفة ويكون للعموم.

٢٠٠