كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٤

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٤

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: علي اكبر الغفّاري
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٨٩

عليهم أن يحلف منهم خمسون رجلا ما قتلنا ولا علمنا له قاتلا ، فان فعلوا أدى أهل القرية التي وجد فيهم ديته ، وإن كان بأرض فلاة أديت ديته من بيت المال ، فإن أمير المؤمنين ( عليه‌السلام ) كان يقول : لا يطل دم امرئ مسلم (١).

٥١٨٠ ـ وسأل سماعة أبا عبد الله ( عليه‌السلام ) « عن رجل يوجد قتيلا في قرية أو بين قريتين ، قال : يقاس بينهما فأيتهما كانت إليه أقرب ضمنت » (٢).

٥١٨١ ـ وروى زرارة عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال : « إنما جعلت القسامة احتياطا للناس لكيما إذا أراد الفاسق أن يقتل رجلا أو يغتال رجلا حيث لا يراه أحد خاف ذلك فامتنع من القتل » (٣).

باب

( من لا دية له في جراح أو قتل )

٥١٨٢ ـ روى حماد بن عيسى عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال : بينا رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في بعض حجراته إذا أطلع رجل في شق الباب وبيد رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) مذراة (٤) فقال : لو كنت قريبا منك لفقأت به عينك ) (٥).

__________________

(١) أطل الدم أهدره وهو الشايع في ابطال الدم ، وفى بعض النسخ « لا يبطل دم امرئ مسلم ».

(٢) حمله جمع من الفقهاء على اللوث وهو امارة يظن بها صدق المدعي فيما ادعاه من القتل كوجود ذي سلاح ملطخ بالدم عند قتيل في دمه ، وفي النهاية اللوث في القسامة هو أن يشهد شاهد واحد على اقرار المقتول قبل أن يموت ان فلانا قتلني أو يشهد شاهدان على عداوة بينهما أو تهديد منه له ونحو ذلك.

(٣) رواه الكليني والشيخ في الحسن كالصحيح في ذيل خبر عن زرارة.

(٤) المذراة : آلة تذرى بها الحنطة ، وفي بعض النسخ بالدال المهملة ، والمدارة المشط والقرن ، والثاني أنسب إذا كان بمعنى القرن.

(٥) فقأ العين : قلعها ، والضمير المجرور اما راجع إلى الاطلاع أي بسبب اطلاعك ، المراد لفقأت عينك بما في يدي.

١٠١

٥١٨٣ ـ وروى القاسم بن محمد الجوهري علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : « سألت أبا عبد الله ( عليه‌السلام ) عن رجل أطلع على قوم لينظر إلى عوراتهم فرموه فقتلوه أو جرحوه أو فقأوا عينه فقال : لا دية له إن رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أطلع رجل في حجرته من خلالها فجاءه رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بمشقص ليفقأ به عينه (١) فوجده قد انطلق فناداه يا خبيث لو ثبت لي لفقأت عينك به ».

٥١٨٤ ـ وقال أبو جعفر وأبو عبد الله ( عليهما‌السلام ) : « من قتله القصاص فلادية له » (٢).

٥١٨٥ ـ وروى هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد قال : قال أبو عبد الله ( عليه‌السلام ) « من بدا فاعتدى فاعتدي عليه فلا قود له ». (٣)

٥١٨٦ ـ وروى العلاء عن محمد بن مسلم عن أحدهما ( عليهما‌السلام ) « في الرجل يسقط على الرجل فيقتله ، قال : لا شئ عليه » (٤).

٥١٨٧ ـ وروى محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال : كان صبيان في زمن أمير المؤمنين ( عليه‌السلام ) يلعبون بأخطار لهم (٥) فرمى أحدهم

__________________

(١) المشقص ـ كمنبر ـ : نصل عريض ، أو سهم فيه ذلك.

(٢) روى الكليني ج ٧ ص ٢٩١ والشيخ في التهذيب في الحسن كالصحيح عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « أيما رجل قتله الحد في القصاص فلا دية له الخ ». وروى الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما ( عليهما‌السلام ) قال : من قتله القصاص فلا دية له ، راجع التهذيب ج ٢ ص ٥٠٣.

(٣) رواه الكليني والشيخ في الصحيح ، والقود ـ كسب ـ : القصاص ، والخبر محمول على ما إذا اقتصر على ما يحصل به الدفع ولم يتعده.

(٤) محمول على ما إذا كان زلق خطأ بلا اختيار لاما إذا دفعه دافع إذ حينئذ كانت الجنابة عليه ويرجع هو على الدافع ، كما يدل عليه صحيحة عبد الله بن سنان التي تأتي تحت رقم ٥٢٠٥ عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

(٥) الخطر ـ محركة ـ : الدرة من المنديل يلف ويضرب ، وفي الأرض ، وفي الأصل الرهن وما يخاطر عليه.

١٠٢

بخطره فدق رباعية صاحبه ، فرفع ذلك إلى أمير المؤمنين ( عليه‌السلام ) فأقام الرامي البينة بأنه قد قال : حذار ، فدرأ أمير المؤمنين عليه‌السلام عنه القصاص ، ثم قال : قد أعذر من حذر.

٥١٨٨ ـ وروى صفوان بن يحيى ، عن عبد الله بن سنان قال سمعت أبا ـ عبد الله ( عليه‌السلام ) يقول « في رجل أراد امرأة على نفسها حراما فرمته بحجر فأصابت منه مقتلا ، قال : ليس عليها شئ فيما بينها وبين الله عزوجل فإن قدمت إلى إمام عدل أهدر دمه » (١).

٥١٨٩ ـ وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال : ( أيما رجل عدا على رجل ليضربه ، فدفعه عن نفسه فجرحه أو قتله فلا شئ عليه (٢).

٥١٩٠ ـ وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي بصير قال : « سألت أبا جعفر ( عليه‌السلام ) عن رجل قتل مجنونا ، قال : إن كان أراده فدفعه عن نفسه فقتله فلا شئ عليه من قود ولادية ، ويعطى ورثته ديته من بيت مال المسلمين ، قال : فإن كان قتله من غير أن يكون المجنون أراده فلا قود لمن لا يقاد منه (٣) ، وأرى أن على قاتله الدية في ماله يدفعها إلى ورثة المجنون ويستغفر الله عزوجل ويتوب إليه ».

٥١٩١ ـ وروى جعفر بن بشير (٤) ، عن معلى أبي عثمان عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال : ( سألت عن رجل غشيته دابة فأرادت أن تطأه وخشي ذلك منها فزجر الدابة فنفرت بصاحبها فصرعته فكان جرح أو غيره ، فقال : ليس عليه ضمان إنما زجر عن نفسه وهي الجبار ) (٥).

__________________

(١) أي بعد الثبوت أو لعلمه بالواقع ، والأول أظهر. ( المرآة )

(٢) مروي في التهذيب ج ٢ ص ٥٠٣ في حديث.

(٣) يدل على أن لا يقتل العاقل بالمجنون.

(٤) هو ثقة ، والطريق إليه صحيح ، والمعلى أبي عثمان أو معلى بن عثمان ثقة ، ورواه الشيخ باسناده عن ابن محبوب عن المعلى ، عن أبي بصير عنه عليه‌السلام.

(٥) الجبار ـ بالضم ـ : الهدر الذي لا قود فيه.

١٠٣

٥١٩٢ ـ وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم عن أبي ـ جعفر ( عليه‌السلام ) قال : ( عورة المؤمن على المؤمن حرام ، وقال : من أطلع على مؤمن في منزله فعيناه مباحتان للمؤمن في تلك الحال ، ومن دمر (١) على مؤمن في منزلة بغير إذنه فدمه مباح للمؤمن في تلك الحال ، ومن جحد نبيا مرسلا نبوته وكذبه فدمه مباح ، قال : فقلت له : أرأيت من جحد الامام منكم ما حاله؟ فقال : من جحد إماما برأ من الله وبرأ منه ومن دينه فهو كافر مرتد عن الاسلام (٢) لان الامام من الله ، ودينه دين الله ، ومن برأ من دين الله فهو كافر ، ودمه مباح في تلك الحال إلا أن يرجع ويتوب إلى الله عزوجل مما قال (٣) ، قال : ومن فتك بمؤمن يريد ماله ونفسه فدمه مباح للمؤمن في تلك الحال.

٥١٩٣ ـ وروى ابن فضال ، عن ابن بكير عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) « في الرجل يقع على الرجل فيقتله فمات الاعلى ، قال : لا شئ على الأسفل ».

باب

( القود ومبلغ الدية ) (٤)

٥١٩٤ ـ روى هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد قال : « سألت أبا عبد الله ( عليه‌السلام ) عن رجل ضرب بعصا فلم ترفع عنه حتى قتل أيدفع القاتل إلى أولياء المقتول؟

__________________

(١) دمر يدمر دمورا : دخل بغير اذن.

(٢) حمل على ما إذا كان الإمام الحق مبسوط اليد بيده الولاية والسلطنة فانكاره حينئذ خروج عن طاعة الله عزوجل وانكار لوجوب طاعة أولي الامر المأمور به في الكتاب وهذا بمنزلة الكفر أو الارتداد عن الدين ، والمرتد دمه مباح لا حرمة له ، وأما الامام الذي يكون في حال التقية ويخفى أمره على أكثر الناس فاثبات الكفر والارتداد لمنكره في غاية الاشكال ، واختار السيد المرتضى ـ على ما هو المحكى عنه ـ كفر المخالفين وارتدادهم عن الملة ولعل مراده النصاب.

(٣) يدل على قبول توبة الموافق إذا صار مخالفا ، ويؤيده قبول أمير المؤمنين عليه‌السلام توبة الخوارج.

(٤) القود ـ محركة ـ : القصاص. ( النهاية )

١٠٤

قال : نعم ، ولكن لا يترك أن يعبث به (١) ولكن يجاز عليه » (٢).

٥١٩٥ ـ وروى الفضل بن عبد الملك عنه ( عليه‌السلام ) أنه قال : « إذا ضرب الرجل بالحديدة فذلك العمد ، قال : وسألته عن الخطأ الذي فيه الدية والكفارة أهو الرجل يضرب الرجل فلا يتعمد قتله؟ قال : نعم ، قلت : فإذا رمى شيئا فأصاب رجلا؟ قال : ذلك الخطأ الذي لا يشك فيه وعليه كفارة ودية » (٣).

٥١٩٦ ـ وروى النضر ، عن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه‌السلام ) يقول : قال أمير المؤمنين ( عليه‌السلام ) في الخطأ شبه العمد أن يقتل بالسوط أو بالحجر أو بالعصا : « إن دية ذلك تغلظ وهي مائة من الإبل فيها أربعون خلفة بين ثنية إلى بازل عامها (٤) وثلاثون حقة وثلاثون ابنة لبون ، والخطأ يكون فيه ثلاثون حقة وثلاثون ابنة لبون وعشرون ابنة مخاض وعشرون ابن لبون ذكر ، وقيمة كل بعير من الورق مائة وعشرون درهما (٥) أو عشرة دنانير ، ومن الغنم قيمة كل واحد من الإبل عشرون شاة ».

__________________

(١) أي بأن يقطع أنفه واذنه ويده ورجله مثلا إلى أن يموت. ( م ت )

(٢) أي يجهز عليه ويسرع قتله بضرب عنقه. وأجزت على الجريح أجهزت ، وفي حديث آخر يأتي وفي الكافي « لا يترك يتلذذ به ولكن يجاز عليه بالسيف » والمشهور بين الأصحاب عدم جواز التمثيل بالجاني وان كانت جنايته تمثيلا أو وقعت بالتغريق والتحريق والمثقل بل يستوفى جميع ذلك بالسيف ، وقال ابن الجنيد « يجوز قتله بمثل القتلة التي قتل بها » وقال الشهيد الثاني ـ رحمه‌الله ـ : « وهو متجه لولا الاتفاق على خلافه » والخبر يدل على المنع. ( المرآة )

(٣) مروي في الكافي ج ٧ ص ٢٧٩ مع اختلاف في اللفظ.

(٤) الخلف ـ ككتف ـ وهي الحوامل من النوق ، والبازل من الإبل الذي تم ثماني سنين ودخل في التاسعة وحينئذ يطلع نابه وتكمل قوته ثم يقال له بعد ذلك بازل عام وبازل عامين ، والثنية من الغنم ما دخل في السنة الثالثة ومن البقر كذلك ومن الإبل ما دخل في السادسة. ( النهاية )

(٥) فتصير اثنى عشر ألفا ، ويمكن أن يكون في ذلك الوقت قيمة كل دينار اثنى عشر درهما أو عشرة دنانير فيكون ألفا. ( م ت )

١٠٥

٥١٩٧ ـ وسأل معاوية بن وهب أبا عبد الله ( عليه‌السلام ) « عن دية العمد فقال : مائة من فحولة الإبل المسان (١) فإن لم يكن فمكان كل جمل عشرون من فحولة الغنم ».

٥١٩٨ ـ وروى الحسن بن محبوب ، عن خضر الصيرفي ، عن بريد العجلي قال : « سئل أبو جعفر ( عليه‌السلام ) عن رجل قتل رجلا متعمدا فلم يقم عليه الحد ولم تصح الشهادة حتى خولط وذهب عقله ، ثم إن قوما آخرين شهدوا عليه بعدما خولط أنه قتله ، فقال : إن شهدوا عليه أنه قتله حين قتله وهو صحيح ليس به علة من فساد عقل قتل ، وإن لم يشهدوا عليه بذلك وكان له مال يعرف دفع إلى ورثة المقتول الدية من مال القاتل (٢) وإن لم يترك مالا أعطي الدية من بيت مال المسلمين ، ولا يبطل دم امرء مسلم ».

٥١٩٩ ـ وسأل سليمان بن خالد أبا عبد الله ( عليه‌السلام ) « عن رجل استأجر ظئرا فأعطاها ولده فكان عندها ، فانطلقت الظئر فاستأجرت أخرى فغابت الظئر بالولد فلا يدرى ما صنع به والظئر لا تكافى (٣) ، قال : الدية كاملة ».

٥٢٠٠ ـ وروى الحسن بن محبوب ، عن الحسن بن حي (٤) قال : « سألت أبا ـ عبد الله ( عليه‌السلام ) عن رجل وجد مقتولا فجاء رجلان إلى وليه فقال أحدهما : أنا قتلته عمدا وقال الآخر : أنا قتلته خطأ (٥) ، فقال : إن هو أخذ بقول صاحب العمد فليس له على صاحب الخطأ شئ ، وأن هو أخذ بقول صاحب الخطأ فليس له على صاحب العمد شئ ».

__________________

(١) المسان : ما كمل له خمس سنين ودخل في السادسة.

(٢) لأنه لم يتبين أنه قتله حالة الجنون.

(٣) لأنها ما قتلت الولد عمدا حتى تقتل به بل فعلت محرما أن استوجرت بأن ترضعها بنفسها وكذا مع الاطلاق. ( م ت )

(٤) يعني الحسن بن صالح بن حي له أصل أو كتاب معتمد على ما قبل ، وهو رأس الفرقة الصالحية من الزيدية.

(٥) التقييد بالعمد والخطأ في كل واحد منهما لارتفاع توهم التشريك.

١٠٦

٥٢٠١ ـ وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : سمعت ابن أبي ليلى يقول : كانت الدية في الجاهلية مائة من الإبل فأقرها رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ثم إنه فرض على أهل البقر مائتي بقرة ، وفرض على أهل الشاة ألف شاة ، وعلى أهل الحلل مائة حلة ، قال عبد الرحمن : فسألت أبا عبد الله ( عليه‌السلام ) عما رواه ابن أبي ليلى ، فقال : كان على ( عليه‌السلام ) يقول : « الدية ألف دينار وقيمة الدينار عشرة دراهم ، وعلى أهل الذهب ألف دينار ، وعلى أهل الورق عشرة آلاف درهم ، وعشرة آلاف لأهل الأمصار ، ولأهل البوادي الدية مائة من الإبل ، ولا هل السواد مائتي بقرة ، أو ألف شاة ».

٥٢٠٢ ـ وسمع كليب بن معاوية أبا عبد الله ( عليه‌السلام ) يقول : « من قتل في شهر حرام فعليه دية وثلث » (١).

٥٢٠٣ ـ وروى أبان ، عن زرارة أنه قال : سمعت أبا جعفر ( عليه‌السلام ) يقول : « إذا قتل الرجل في شهر حرام صام شهرين متتابعين من أشهر الحرم » (٢).

٥٢٠٤ ـ وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاد قال : « سألت أبا عبد الله ( عليه‌السلام ) عن رجل قتل رجلا مسلما عمدا فلم يكن للمقتول أولياء من المسلمين ألا أولياء من أهل الذمة من قرابته ، فقال : على الامام أن يعرض على قرابته من أهل بيته الاسلام فمن أسلم منهم فهو وليه يدفع القاتل إليه ، فإن شاء قتل وإن شاء عفا وإن شاء أخذ الدية ، فإن لم يسلم من قرابته أحد كان الامام ولى أمره إن شاء قتل وإن شاء أخذ الدية فجعلها في بيت مال المسلمين لان جناية المقتول كانت على الامام فكذلك تكون ديته لإمام المسلمين ، قلت : فإن عفا عنه الامام؟ فقال : إنما هو حق لجميع

__________________

(١) تقدم تحت رقم ٥١٦٩.

(٢) مروى في التهذيب ج ٢ ص ٥٠٦ في الموثق كالصحيح وسيأتي بتمامه تحت رقم ٥٢١٢ عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام ما يؤيد ذلك وللشيخ كلام نورده هناك.

(٣) إذا لم يكن القاتل معلوما.

١٠٧

المسلمين وإنما على الامام أن يقتل أو يأخذ الدية وليس له أن يعفو » (١).

٥٢٠٥ ـ وروى ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) « في رجل دفع رجلا على رجل فقتله (٢) فقال : الدية على الذي وقع على الرجل فقتله لأولياء المقتول ، قال : ويرجع المدفوع بالدية على الذي دفعه ، قال : وإن أصاب المدفوع شئ فهو على الدافع أيضا ».

٥٢٠٦ ـ وروى ابن محبوب ، عن أبي ولاد عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال : « كان أمير المؤمنين ( عليه‌السلام ) يقول : تستأدى دية الخطأ في ثلاث سنين ، وتستأدى دية العمد في سنة » (٣).

٥٢٠٧ ـ وروى جعفر بن بشير ، عن معلى أبي عثمان عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال : « سألته عن قول الله عزوجل : « فمن تصدق به فهو كفارة له « قال : يكفر عنه من ذنوبه على قدر ما عفا عن العمد » (٤).

وفي العمد يقتل الرجل بالرجل إلا أن يعفو أو يقبل الدية ، وله ما تراضوا عليه من الدية ، وفي شبه العمد المغلظة ثلاث وثلاثون حقة وأربع وثلاثون جذعة وثلاث وثلاثون ثنية خلفة طروقة الفحل ، ومن الشاة في المغلظة ألف كبش إذا لم يكن إبل (٥).

__________________

(١) رواه الكليني والشيخ في الصحيح ، وقال سلطان العلماء : جوز ابن إدريس العفو للامام ، ويظهر من كلام السيد المرتضى في الشافي أنه يجب على الامام القصاص ولا يجوز أخذ الدية.

(٢) تقدم الكلام فيه ص ١٠٢ ، وفي الكافي « وفي الكافي » عن علي بن رئاب وعبد الله بن سنان.

(٣) رواه الكليني في الصحيح والمشهور أنه تستأدى دية شبه العمد في سنتين.

(٤) فان عفى مطلقا فكفارة لجميع الذنوب أو كثير منها ، وان عفى عن القصاص ورضى بالدية فيقدره ، وان عفى عن بعضها فبقدر ما عفى.

(٥) هذا كلام المصنف ولم أجد له مستندا ، وفيه ما يخالف ما تقدم من أسنان الإبل في خبر ابن سنان في أول الباب ، وظاهر قوله « إذا لم يكن إبل » تعين الإبل عند الوجدان.

١٠٨

٥٢٠٨ ـ وروى ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن حريز عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال : « سألته عن رجل قتل رجلا عمدا فرفع إلى الوالي فدفعه الوالي إلى أولياء المقتول ليقتلوه فوثب عليهم قوم فخلصوا القاتل من أيدي الأولياء فقال : أرى أن يحبس الذين خلصوا القاتل من أيدي الأولياء أبدا حتى يأتوا بالقاتل ، قيل له : فإن مات القاتل وهم في السجن؟ فقال : إن مات فعليهم الدية يؤدونها إلى أولياء المقتول » (١).

٥٢٠٩ ـ وروى هشام بن سالم ، عن زياد بن سوقة ، عن الحكم بن عتيبة (٢) قال : قلت لأبي جعفر ( عليه‌السلام ) : « ما تقول في العمد والخطأ في القتل وفي الجراحات؟ فقال : ليس الخطأ مثل العمد ، العمد فيه القتل ، والجراحات فيها القصاص ، والخطأ في القتل والجراحات فيهما الدية ، وقال : ثم قال لي : يا حكم إذا كان الخطأ من القاتل أو الخطأ من الجارح وكان بدويا فدية ما جنى البدوي من الخطأ على أوليائه (٣) من البدويين ، قال : وإذا كان الجارح قرويا فإن دية ما جنى من الخطأ على أوليائه القرويين ».

٥٢١٠ ـ وروى ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة عن أبي جعفر ( عليه‌السلام ) « في رجل أمر رجلا أن يقتل رجلا فقتله ، قال يقتل به الذي ولي قتله ، ويحبس الذي أمر بقتله في السجن أبدا حتى يموت » (٤).

٥٢١١ ـ وروى ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي عبيدة قال : « سألت

__________________

(١) رواه الكليني في الصحيح أيضا.

(٢) الطريق إلى هشام بن سالم صحيح وهو ثقة ، وزياد بن سوقة أيضا ثقة وكلاهما من أرباب الأصول ، والحكم بن عتيبة من فقهاء العامة ولم يوثق ولعله لا يضر ، لصحته عن هشام.

(٣) أي وراثه أو ضامن جريرته مع فقد الوراث من النسب « من البدويين » إذا لم يكن له وارث من أهل القرى. ( م ت )

(٤) يدل على أنه يحبس الامر إلى أن يموت ويقتل القاتل ( م ت ) أقول : رواه الشيخ في الصحيح في التهذيبين والكليني في الكافي.

١٠٩

أبا جعفر ( عليه‌السلام ) عن رجل قتل أمه ، قال : لا يرثها ويقتل بها صاغرا (١) ، ولا أظن قتله بها كفارة لذنبه ».

٥٢١٢ ـ وروى ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة قال : « سألت أبا جعفر ( عليه‌السلام ) » عن رجل قتل رجلا خطأ في أشهر الحرم ، قال : عليه الدية وصوم شهرين متتابعين من أشهر الحرم ، قلت : إن هذا يدخل فيه العيد وأيام التشريق؟ فقال يصومه فإنه حق لزمه (٢).

٥٢١٣ ـ وفي رواية أبان ، عن زرارة عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) : « عليه دية وثلث » (٣).

٥٢١٤ ـ وروى ظريف بن ناصح ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله ( عليه‌السلام ) : « لو أن رجلا ضرب رجلا بخزفة أو بآجرة (٤) فمات كان

__________________

(١) أي بدون أن يعطى نصف الدية.

(٢) حكى عن الشيخ ـ رحمه‌الله ـ أنه قال : من قتل في الأشهر الحرم وجب عليه صوم شهرين متتابعين من أشهر الحرم وان دخل فيها العيد وأيام التشريق لرواية زرارة ، والمشهور عموم المنع.

(٣) المذكور في هذا الخبر كما في التهذيب ج ٢ ص ٥٠٦ القتل في الحرم وأصل الخبر هكذا « ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن زرارة قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام رجل قتل في الحرم ، قال : عليه دية وثلث ويصوم شهرين متتابعين في أشهر الحرم ، قال : قلت : هذا يدخل فيه العيد وأيام التشريق ، قال : فقال : يصومه فإنه حق لازمه ».

(٤) زاد في الكافي والتهذيب « أو بعود » والخزفة : السفال وحمل على ما إذا قصد القتل بها. وقال الأستاذ في هامش الوافي : الآلة التي قتل بها قد تكون قتالة عادة بحيث لو ادعى القاتل أنى لم أكن أعتقد أن المقتول يقتل بها لم يقبل منه ، وقد تكون بحيث يحتمل عدم القتل به وتقبل دعواه من القاتل ، فالأول عمد ، والثاني شبه لأنه قصد ايذاء المقتول وكان عاصيا بذلك ، والخطأ المحض أن لا يقصد المقتول أصلا لا قتلا ولا ايذاء ، وأما الأجرة والخزفة فليستا آلة قتالة ويصح دعوى عدم إرادة القتل من الضارب ، والمقصود في الحديث نفي كونه خطأ على ما يزعمه العامة بل هو عمد وإن كان شبيها بالخطأ ، وهنا

١١٠

متعمدا ».

٥٢١٥ ـ وروى ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، وغير واحد (١) عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه سئل « عن امرأة أعنف عليها الرجل فزعم أنها ماتت من عنفه عليها قال : الدية كاملة ولا يقتل الرجل » (٢).

٥٢١٦ ـ وفي نوادر إبراهيم بن هاشم « أن الصادق ( عليه‌السلام ) سئل عن رجل أعنف على امرأة ، أو امرأة أعنفت على زوجها فقتل أحدهما الاخر ، قال : لا شئ عليهما (٣) إذا كانا مأمونين ، فإن اتهما لزمهما اليمين بالله أنهما لم يريدا القتل ».

٥٢١٧ ـ وروى داود بن سرحان عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) « في رجلين قتلا رجلا قال : إن شاء أولياء المقتول أن يؤدوا دية ويقتلوهما جميعا قتلوهما » (٤).

٥٢١٨ ـ وروى سماعة ، عن أبي بصير عن أبي جعفر ( عليه‌السلام ) في قوله عزوجل :  « فمن عفي له من أخيه شئ فاتباع بالمعروف » ما ذاك الشئ؟ قال : هو الرجل يقبل الدية فأمر الله عزوجل الذي له الحق أن يتبعه بمعروف ولا يعسره ، وأمر الذي عليه الحق ان لا يظلمه ، وأن يؤديه إليه باحسان إذا أيسر ، فقلت : أرأيت قوله عزوجل « فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم » قال : هو الرجل يقبل الدية أو يصالح ثم يجيئ بعد فيمثل أو يقتل فوعده الله عزوجل عذابا أليما.

٥٢١٩ ـ وروى داود بن سرحان عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) « في رجل حمل على رأسه

__________________

مسألتان الأولى لو رمى بسهم فأصاب المقتل فهو عمد يوجب القود ، فمناط العمد أن يفعل القاتل ما يحتمل معه الموت وارتكبه الفاعل غير مبال به وان لم يقصد القتل بعينه ، الثانية إذا جنى على الطرف وسرى إلى النفس فهو عمد وان لم يكن قصد ما هو في معرض الهلاك.

(١) كأنه سقط هنا « عن سليمان بن خالد »

(٢) محمول على ما إذا لم يقصد القتل.

(٣) أي من القود لكن يلزم الدية لكونه شبه العمد.

(٤) يدل على جواز قتل الاثنين بواحد بعد رد فاضل الدية. ( م ت )

١١١

متاعا فأصاب إنسانا فمات أو كسر منه شيئا ، قال : هو مأمون » (١).

٥٢٢٠ ـ وروى محمد بن أسلم عن علي بن أبي حمزة عن أبي الحسن موسى بن جعفر ( عليهما‌السلام ) قال : قلت له « جعلت فداك رجل قتل رجلا متعمدا أو خطأ وعليه دين ومال فأراد أولياؤه أن يهبوا دمه للقاتل ، فقال أن وهبوا دمه ضمنوا الدين (٢) قلت : فإن هم أرادوا قتله ، فقال : إن قتل عمدا قتل قاتله وأدى عنه الامام الدين من سهم الغارمين ، قلت : فإنه قتل عمدا وصالح أولياؤه قاتله على الدية فعلى من الدين؟ على أوليائه من الدية أو على إمام المسلمين؟ فقال ، بل يؤدون دينه من ديته التي صالحوا عليها أولياؤه فإنه أحق بديته من غيره » (٣).

٥٢٢١ ـ وفي رواية ابن بكير قال : قال أبو عبد الله ( عليه‌السلام ) : « كل من قتل بشئ صغير أو كبير بعد أن يتعمد فعليه القود » (٤).

٥٢٢٢ ـ وروى البزنطي ، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) « في رجل ضرب رجلا بعصا على رأسه فثقل لسانه ، قال : يعرض عليه حروف المعجم فما أفصح منها فلا شئ فيه ، وما لم يفصح به كان عليه الدية وهي ثمانية وعشرون حرفا » (٥).

__________________

(١) الطريق إلى داود بن سرحان صحيح وهو ثقة ، ورواه الكليني والشيخ وفي طريقهما سهل بن زياد وهو ضعيف ، وفيهما « هو ضامن ». وهو الصواب.

(٢) في بعض النسخ « ضمنوا الدية ».

(٣) يدل على أنه إذا كان على المقتول دين وكان القتل خطأ فلا يجوز أن يهبوا ديته من القاتل لان الدية حقه ولو وهبوا يبقى ذمته مرتهنة بالدين ولو كان القتل عمدا فيجوز لهم القصاص لان وضعه للتشفي أما لو صالحوا حينئذ على مال فيصير في حكم مال الميت ويؤدى منه دينه ( م ت ). أقول : قوله ـ رحمه‌الله ـ « للتشفي » فيه نظر.

(٤) يدل على أنه ان قصد القتل فهو عامد وان لم يكن بشئ يقتل به غالبا. ( م ت )

(٥) مروي في الكافي ج ٢ ص ٣٢٢ والتهذيب في الحسن كالصحيح عن عبد الله بن المغيرة ، عن عبد الله بن سنان ، وفيهما « تسعة وعشرون حرفا » والظاهر أن التصرف من النساخ بناء على ما اشتهر من أن مخرج الهمزة وألف مختلفان فان الهمزة من أقصى الحلق والألف من الجوف ، والحق أن الألف لا مدخل للسان فيها.

١١٢

باب

( من خطأه عمد )

٥٢٢٣ ـ روى الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي بصير عن أبي ـ جعفر ( عليه‌السلام ) قال : « سئل عن الغلام لم يدرك وامرأة قتلا رجلا فقال : إن خطأ المرأة والغلام عمد (١) ، فإن أحب أولياء المقتول أن يقتلوهما قتلوهما ويردون على أولياء الغلام خمسة آلاف درهم ، وإن أحبوا أن يقتلوا الغلام قتلوه وترد المرأة على أولياء الغلام ربع الدية ، قال : وإن أحب أولياء المقتول أن يقتلوا المرأة قتلوها ويرد الغلام على أولياء المرأة ربع الدية ، قال : وإن أحب أولياء المقتول أن يأخذوا الدية كان على الغلام نصف الدية وعلى المرأة نصف الدية » (٢).

٥٢٢٤ ـ وروى ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن ضريس الكناسي قال : « سألت أبا عبد الله ( عليه‌السلام ) عن امرأة وعبد قتلا رجلا خطأ ، فقال : إن خطأ المرأة والعبد مثل العمد فإن أحب أولياء المقتول أن يقتلوهما قتلوهما. قال : وإن كان قيمة العبد أكثر من خمسة آلاف درهم ردوا على سيد العبد ما يفضل بعد الخمسة آلاف درهم فإن أحبوا أن يقتلوا المرأة ويأخذوا العبد فعلوا إلا أن يكون قيمته أكثر من خمسة آلاف درهم فيردوا على مولى العبد ما يفضل بعد الخمسة آلاف درهم ويأخذوا العبد أو يفتديه سيده ، وإن كانت قيمة العبد أقل من خمسة آلاف درهم فليس لهم إلا العبد » (٣).

__________________

(١) لا يخفى مخالفته للمشهور بل للاجتماع ويحتمل أن يكون المراد بخطأهما ما صدر عنهما لنقصان عقلهما لا الخطأ المصطلح. فالمراد بالغلام الذي لم يدرك : شاب لم يبلغ كمال العقل مع كونه بالغا ( المرآة )

(٢) قيل اعراض الأصحاب عن هذا الخبر مع أنه مما رواه ابن محبوب وهو من أصحاب الاجماع يوهن أمر الاجماع.

(٣) رواه الشيخ في الاستبصار ج ٤ ص ٢٨٦ وروى خبر أبي بصير المتقدم بعده وقال :

١١٣

٥٢٢٥ ـ وروى أبو أسامة ، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال : « في امرأة قتلت رجلا متعمدة ، فقال : إن شاء أهله أن يقتلوها قتلوها وليس يجنى أحد جناية على أكثر من نفسه » (١).

٥٢٢٦ ـ وروى السكوني عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) « في رجل وغلام اجتمعا في قتل رجل فقتلاه ، فقال : قال أمير المؤمنين ( عليه‌السلام ) : إذا بلغ الغلام خمسة أشبار اقتص منه واقتص له ، وإن لم يكن بلغ الغلام خمسة أشبار فقضى بالدية » (٢).

باب

* ( من عمده خطأ ) *

٥٢٢٧ ـ وروى الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن عمار الساباطي عن أبي عبيدة قال « سألت أبا جعفر ( عليه‌السلام ) عن أعمى فقأ عين صحيح متعمدا ، فقال : يا أبا عبيدة إن عمد الأعمى مثل الخطأ هذا فيه الدية من ماله ، فإن لم يكن له مال فان دية ذلك على الامام ولا يبطل حق مسلم ».

__________________

قد أوردت هاتين الروايتين لما تتضمنا من أحكام قتل العمد. فاما قوله في الخبر الأول « ان خطأ المرأة والعبد عمد » وفي الرواية الأخرى « ان خطأ المرأة والغلام عمد » فهو مخالف لقول الله تعالى لان الله عزوجل حكم في قتل الخطأ بالدية دون القود ولا يجوز أن يكون الخطأ عمدا كما لا يجوز أن يكون العمد خطأ الا ممن ليس بمكلف مثل المجانين ومن ليس بعاقل منالعبد إذا قتل خطأ سلم إلى أولياء المقتول أو يفتديه مولاه وليس لهم قتله. وكذلك قد بينا أن الص الصبيان وأيضا فقد أوردنا في كتاب التهذيب ما يدل على أن بي إذا لم يبلغ فان عمده وخطأه يجب فيهما الدية دون القود ، فكيف يجوز أن نقول في هذه الرواية ان خطأه عمد ـ إلى آخر ما قال ـ.

(١) هذا هو المشهور في روايات الأصحاب ، والمعروف من مذهبهم لا نعلم مخالفا فيه. ( المسالك )

(٢) رواه الكليني بسنده المعروف عن السكوني ، وقال في المسالك : بمضمونها أفتى الصدوق المفيد. والحق أن هذه الروايات مع ضعف سندها شاذة مخالفة للأصول ولما أجمع المسلمون الا من شذ فلا يلتفت إليها.

١١٤

٥٢٢٨ ـ وروى إسماعيل بن أبي زياد عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) « أن محمد بن أبي بكر  ـ رضي‌الله‌عنه ـ كتب إلى أمير المؤمنين ( عليه‌السلام ) يسأله عن رجل مجنون قتل رجلا عمدا ، فجعل ( عليه‌السلام ) الدية على قومه ، وجعل خطأه وعمده سواء ».

باب

* ( فيمن اتى حدا ثم التجأ إلى الحرم ) *

٥٢٢٩ ـ وروى ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) « في الرجل يجنى في غير الحرم ثم يلجأ إلى الحرم قال : لا يقام عليه الحد ولا يطعم ولا يسقى (١) ولا يكلم ولا يبايع فإنه إذا فعل ذلك به يوشك أن يخرج فيقام عليه الحد ، وإن جنى في الحرم جناية أقيم عليه الحد في الحرم فإنه لم ير للحرم حرمة ».

باب

* ( حكم الرجل يقتل الرجلين أو أكثر والقوم يجتمعون على ) *

* ( قتل رجل ) *

٥٢٣٠ ـ روى القاسم بن محمد ، عن أبان ، عن الفضيل بن يسار قال : قلت لأبي جعفر ( عليه‌السلام ) : « عشرة قتلوا رجلا ، قال : إن شاء أولياؤه قتلوهم جميعا وغرموا تسع ديات ، وإن شاؤوا أن يتخيروا رجلا فيقتلوه قتلوه ، وأدى التسعة الباقون إلى أهل المقتول الأخير عشر الدية كل رجل منهم ، قال ثم إن الوالي يلي أدبهم وحبسهم ».

٥٢٣١ ـ وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال : « قضى علي عليه السلام في رجلين أمسك أحدهما وقتل الاخر ، فقال : يقتل القاتل ويحبس الاخر

__________________

(١) ظاهره منع الطعام والشراب عنه مطلقا وإن كان سد الرمق. ( مراد )

١١٥

حتى يموت عما كما حبسه عليه حتى مات غما »

٥٢٣٢ ـ وقال في عشرة اشتركوا في قتل رجل قال : يتخير أهل المقتول فأيهم شاؤوا قتلوه ويرجع أولياؤه على الباقين بتسعة أعشار الدية (١)

٥٢٣٣ ـ وقضى أمير المؤمنين ( عليه‌السلام ) « في ستة نفر كانوا في الماء فغرق منهم رجل فشهد منهم ثلاثة على اثنين أنهما غرقاه ، وشهد اثنان على ثلاثة أنهم غرقوه فألزمهم الدية جميعا ألزم الاثنين ثلاثة أسهم بشهادة الثلاثة عليهما وألزم الثلاثة سهمين بشهادة الاثنين عليهم (٢)

٤ ٥٢٣ ـ وقضى علي ( عليه‌السلام ) (٣) في أربعة نفر أطلعوا في زبية الأسد فخر أحدهم فاستمسك بالثاني ، واستمسك الثاني الثالث ، واستمسك الثالث بالرابع حتى أسقط بعضهم بعضا على الأسد ، فقضى بالأول أنه فريسة الأسد ، وغرم أهله ثلث الدية لأهل الثاني وغرم أهل الثاني لأهل الثالث ثلثي الدية ، وغرم أهل الثالث لأهل الرابع الدية كاملة » (٤).

__________________

(١) لا خلاف في جواز قتل الجميع ورد ما فضل عن الدية الواحدة ( المرآة ) والخبر رواه الكليني في الصحيح ج ٧ ص ٢٨٣ عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

(٢) رواه الكليني بسنده المعروف عن السكوني ، وفى الروضة : هي مع ضعف سندها قضبة في واقعة مخالفة لأصول المذهب فلا يتعدى ، والموافق لها من الحكم أن شهادة السابقين ان كانت مع استدعاء الولي وعد التهم قبلت ، ثم لا تقبل شهادة الآخرين للتهمة ، وان كانت الدعوى على الجميع أو حصلت التهمة عليهم لم تقبل شهادة أحدهم مطلقا ويكون ذلك لوثا يمكن اثباته بالقسامة.

(٣) رواه الكليني من رواية محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام.

(٤) هذا أيضا قضية في واقعة وتوجيهها بأن الأول لم يقتله أحد. والثاني قتله الأول وقتل هو الثالث والربع فقسطت الدية على الثلاثة فاستحق منها بحسب ما جنى عليه والثالث

١١٦

٥٢٣٥ ـ وروي عن عمرو بن أبي المقدام قال : « كنت شاهدا عند البيت الحرام ينادي بأبي جعفر الدوانيقي رجل وهو يطوف ويقول يا أمير المؤمنين إن هذين الرجلين طرقا أخي ليلا فأخرجاه من منزله فلم يرجع إلى ووالله ما أدري ما صنعا به ، فقال لهما : ما صنعتما به؟ فقالا : يا أمير المؤمنين كلمناه ثم رجع إلى منزله ، فقال لهما : وافياني غدا عند صلاة العصر في هذا المكان فوافوه صلاة العصر من الغد ، فقال لأبي ـ عبد الله ( عليه‌السلام ) وهو قابض على يده : يا جعفر اقض بينهم فقال : اقض بينهم أنت ، قال له بحقي عليك إلا قضيت بينهم ، قال : فخرج جعفر ( عليه‌السلام ) فطرح له مصلى قصب فجلس عليه ثم جاء الخصماء فجلسوا قدامه فقال للمدعي : ما تقول؟ فقال : يا ابن رسول الله إن هذين طرقا أخي ليلا فأخرجاه من منزله ووالله ما رجع إلي وواله ما أدري ما صنعا به ، فقال : ما تقولان؟ فقالا : يا بن رسول الله كلمناه ثم رجع إلى منزله فقال أبو عبد الله ( عليه‌السلام ) : يا غلام اكتب بسم الله الرحمن الرحيم قال رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : كل من طرق رجلا بالليل فأخرجه من منزله فهو له ضامن إلا أن يقيم البينة أنه قد رده إلى منزله ، يا غلام نح هذا الواحد منهما واضرب عنقه فقال : يا ابن رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ما أنا قتلته ولكني أمسكنه ثم جاء هذا فوجاء فقتله (١) ، فقال : أنا ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يا غلام نح هذا فاضرب عنقه للآخر ، فقال : يا ابن رسول الله والله ما عذبته ولكني قتلته بضربة واحدة فأمر أخاه فضرب عنقه ، تأمر بالآخر فضرب جنبيه وحبسه في السجن ووقع على رأسه يحبس عمره ، يضرب كل سنة خمسين جلدة ».

__________________

قتله اثنان وقتل هو واحدا فاستحق ثلثين كذلك ، والرابع قتله الثلاثة فاستحق تمام الدية تعليل بموضع النزاع إذ لا يلزم من قتله لغيره سقوط شئ من ديته عن قاتله ، وربما قيل بأن دية الرابع على الثلاثة بالسوية لاشتراكهم جميعا في سببة قتله وإنما نسبها إلى الثالث لان الثاني استحق على الأول ثلث الدية فيضيف إليه ثلثا ويدفعه إلى الثالث فيضيف إلى ذلك ثلثا آخر ويدفعه إلى الرابع وهذا مع مخالفته لظاهر الرواية لا يتم في الآخرين لاستلزامه كون دية الثالث على الأولين ودية الثاني على الأول إذ لا مدخل لقتله من بعده في اسقاط حقه كما مر الا أن يفرض كون الواقع عليه سببا في افتراس الأسد له فيقرب الا أنه خلاف الظاهر كما في الروضة البهية كتاب الديات.

(١) وجأه باليد والسكين ـ كوضعه ـ : ضربه كتوجأه.

١١٧

٥٢٣٦ ـ وروى السكوني عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال : « كان قوم يشربون فيسكرون فتباعجوا (١) بسكاكين كانت معهم فرفعوا إلى أمير المؤمنين ( عليه‌السلام ) فسجنهم فمات منهم رجلا وبقي رجلا فقال أهل المقتولين : يا أمير المؤمنين أقدهما بصاحبينا فقال علي ( عليه‌السلام ) للقوم : ما ترون؟ فقالوا : نرى أن تقيدهما فقال علي ( عليه‌السلام ) : لعل ذينك اللذين ما تقتل كل واحد منهما صاحبه؟ قالوا : لا ندري ، فقال علي ( عليه‌السلام ) : بل أنا أجعل دية المقتولين على قبائل الأربعة فأخذ دية جراحة الباقين من دية المقتولين ».

٥٢٣٧ ـ و « رفع إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام (٢) ثلاثة نفر واحد منهم أمسك رجلا وأقبل الآخر فقتله ، والآخر يراهم ، فقضى ( عليه‌السلام ) في صاحب الرؤية أن تسمل عيناه (٣). وقضى في الذي أمسك أن يسجن حتى يموت كما أمسكه ، وقضى في الذي قتل أن يقتل ».

٥٢٣٨ ـ و « قضى عليه‌السلام في رجل أمر عبده أن يقتل رجلا ، فقال : وهل عبد الرجل إلا كسيفه وسوطه يقتل السيد به ، ويستودع العبد السجن حتى يموت » (٤).

باب

* ( الجراحات والقتل بين النساء والرجال ) *

٥٢٣٩ ـ روى عبد الرحمن بن الحجاج (٥) عن أبان بن تغلب قال : قلت لأبي ـ عبد الله ـ ( عليه‌السلام ) : « ما تقول في رجل قطع إصبعا من أصابع المرأة كم فيها؟ قال : عشرة من الإبل ، قلت : قطع اثنين؟ فقال : عشرون ، قلت : قطع ثلاثا؟ قال : ثلاثون ، قلت

__________________

(١) بعج بطنه بالسكين يبعجه بعجا إذا شقه فهو مبعوج.

(٢) هذا أيضا من رواية السكوني كما تقدم ج ٣ ص ٣٠ وفي الكافي ج ٧ ص ٢٨٨.

(٣) سلمت عينه إذا فقأتها بحديدة محماة.

(٤) تقدم نحوه في كتاب القضاء ص ٣٠ من حديث السكوني.

(٥) رواه الكليني في الصحيح ج ٧ ص ٢٩٩.

١١٨

قطع أربعا؟ قال : عشرون ، قلت ، سبحان الله يقطع ثلاثا فيكون عليه ثلاثون فيقطع أربعا فيكون عليه عشرون!! إن هذا كان يبلغنا ونحن بالعراق فنبرأ ممن قاله ، ونقول : الذي قاله شيطان ، فقال : مهلا يا أبان هكذا حكم رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، إن المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث الدية (١) ، فإذا بلغت الثلث رجعت المرأة إلى النصف يا أبان إنك أخذتني بالقياس والسنة إذا قيست محق الدين ».

٥٢٤٠ ـ وسأل جميل ، ومحمد بن حمران أبا عبد الله ( عليه‌السلام ) « عن المرأة بينها وبين الرجل قصاص؟ قال : نعم في الجراحات حتى يبلغ الثلث سواء فإذا بلغ الثلث سواء ارتفع الرجل وسفلت المرأة » (٢).

٥٢٤١ ـ وروى أبو بصير عن أحدهما ( عليهما‌السلام ) (٣) قال : قلت : « رجل قتل امرأة فقال » إن أراد أهل المرأة أن يقتلوه أدوا نصف ديته وقتلوه وإلا قبلوا الدية « ٥٢٤٢ ـ وقال الصادق ( عليه‌السلام ) (٤) » في امرأة قتلت زوجها متعمدة ، فقال : إن شاء أهله أن يقتلوها قتلوها وليس يجني أحد أكثر من جنايته على نفسه.

٥٢٤٣ ـ وروى محمد بن سهل بن اليسع ، عن أبيه ، عن الحسين بن مهران ، عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال : « سألته عن امرأة دخل عليها لص وهي حبلى فوقع عليها ، فقتل ما في بطنها فوثبت المرأة على اللص فقتلته ، فقال : أما المرأة التي قتلت فليس عليها

__________________

(١) ظاهر العبارة يدل على أن المرأة تساوى الرجل فيما هو أهل من الثلث دون نفس الثلث لأنه جعل نهاية التساوي ، وهو المشهور ، وقد حمل المساواة على ما إذا كانت الجناية بضربة واحدة فإذا قطع الأربع أربع مرات وجب الأربعون وإذا قطعت بضربة واحدة وجب العشرون وذلك أنه إذا قطع الثلاث وجب عليه الثلاثون ، ولا معنى لقطع إصبع أخرى للعشرة الثانية.

(٢) رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن جميل عليه‌السلام.

(٣) رواه الكليني في الموثق عنه عن أحدهما عليهما‌السلام.

(٤) رواه الكليني والشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عنه عليه‌السلام.

١١٩

شئ ، ودية سخلتها على عصبة المقتول السارق » (١).

باب

* ( الرجل يقتل ابنه أو أباه أو أمه ) *

٥٢٤٤ ـ روى القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير عن أبي عبد الله ( عليه‌السلام ) قال : « لا يقتل الأب بابنه إذا قتله ، ويقتل الابن بأبيه إذا قتل أباه ، وقال : لا يتوارث رجلان قتل أحدهما صاحبه » (٢).

٥٤٤٥ ـ وروى محمد بن قيس عن أبي جعفر ( عليه‌السلام ) أنه قال « في رجل قتل أمه ، قال : إذا كان خطأ فإن له نصيبا من ميراثها ، وإن كان قتلها متعمدا فلا يرث منها شيئا ».

٥٢٤٦ ـ وروى عمرو بن شمر ، عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام « في الرجل يقتل ابنه أو عبده ، قال : لا يقتل به ولكن يضرب ضربا شديدا وينفى من مسقط رأسه ».

٥٢٤٧ ـ وروى علي بن رئاب ، عن أبي عبيدة قال : « سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن رجل قتل أمه ، قال : لا يرثها ويقتل بها وهو صاغر ، ولا أظن قتله بها كفارة لذنبه » (٢).

__________________

(١) ضعيف لمقام الحسين بن مهران وسيجيئ في بابه.

(٢) روى الكليني صدره في الضعيف ج ٧ ص ٢٩٨ وذيله ج ٧ ص ١٤٠ وقال العلامة المجلسي : كان نفى التوارث من الجانبين المتحقق في ضمن حرمان القاتل فقط فان المقتول يرث من القاتل ان مات قبله. وقال سلطان العلماء : هذا بظاهره يشمل العمد والخطأ ولا خلاف في عدم الإرث في العمد إذا كان ظلما ، وأما خطأ ففي منعه من الإرث مطلقا أو عدم منعه مطلقا أو منعه من الدية خاصة أقوال ، ورواية محمد بن قيس الآتية يؤيد القول الثاني فيمكن تخصيص هذا بالعمد.

(٣) تقدم في باب القود ومبلغ الدية.

١٢٠