كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٣

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٣

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: علي اكبر الغفّاري
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٦١٢

ثم يطلقها أو يموت عنها فتعتد منه ، ثم إن أراد الأول أن يتزوجها فعل ، فإن تزوجها رجل متعة ودخل بها وفارقها أو مات عنها لم يحل لزوجها الأول أن يتزوج بها (١) حتى يتزوجها رجل آخر تزويجا بتاتا ويدخل بها فتكون قد دخلت في مثل ما خرجت منه (٢) ، ثم يطلقها أو يموت عنها وتعتد منه ، ثم إن أراد الأول أن يتزوجها فعل ، فإن تزوجها عبدا فهو أحد الأزواج (٣) ، وكل من طلق امرأته للعدة فنكحت زوجا غيره ، ثم تزوجها ثم طلقها للعدة فنكحت زوجا غيره ثم تزوجها ثم طلقها للعدة فقد بانت منه ، ولا تحل له بعد تسع تطليقات أبدا » (٤).

٤٧٦١ ـ وروى المفضل بن صالح ، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سألته عن قول الله عزوجل : « ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا » قال : الرجل يطلق حتى إذا كادت أن يخلو أجلها راجعها ثم طلقها يفعل ذلك ثلاث مرات ، فنهى الله عزوجل عن ذلك » (٥).

٤٧٦٢ ـ وروى البزنطي ، عن عبد الكريم بن عمرو ، عن الحسن بن زياد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا ينبغي للرجل أن يطلق امرأته ، ثم يراجعها وليس له

__________________

(١) لاشتراط دوام العقد في المحلل اجماعا.

(٢) يعنى النكاح الدائم الذي خرجت منه بالطلاق. والزوج الثاني لا يصير محللا بالطلاق ان نواه حين العقد لقصده عدم الدوام.

(٣) روى الكليني ج ٥ ص ٤٢٥ في الضعيف المنجبر عن إسحاق بن عمار قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل طلق امرأته طلاقا لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره فتزوجها عبد ثم طلقها هل يهدم الطلاق؟ قال : نعم لقول الله عزوجل في كتابه » حتى تنكح زوجا غيره « وقال : هو أحد الأزواج » ورواه أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره عن أحمد بن محمد وكأنه البزنطي.

(٤) لان المطلقة للعدة ثلاثا لا تحل للرجل حتى تنكح زوجا غيره وتحرم عليه في التاسع في عدة من الاخبار ، ولا خلاف فيه.

(٥) يدل على حرمة الضرار بل امسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وظاهره وقوع الطلاق كذلك وان أثم. ( م ت )

٥٠١

فيها حاجة ثم يطلقها ، فهذا الضرار الذي نهى الله عزوجل عنه إلا أن يطلق ثم يراجع وهو ينوي الامساك ».

٤٧٦٣ ـ وروى القاسم بن الربيع الصحاف ، عن محمد بن سنان أن أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليهما‌السلام كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله : « علة الطلاق ثلاثا لما فيه من المهلة فيما بين الواحدة إلى الثلاث لرغبة تحدث أو سكون غضب إن كان ، وليكن ذلك تخويفا وتأديبا للنساء وزجرا لهن عن معصية أزواجهن ، فاستحقت المرأة الفرقة والمباينة لدخولها فيما لا ينبغي من ترك طاعة زوجها ، وعلة تحريم المرأة بعد تسع تطليقات فلا تحل له عقوبة لئلا يستخف بالطلاق (١) ولا يستضعف المرأة وليكون ناظرا في أمور متيقظا معتبرا ، وليكون يأسا لهما من الاجتماع بعد تسع تطليقات ».

٤٧٦٤ ـ وروى علي بن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبيه قال : « سألت الرضا عليه‌السلام عن العلة التي من أجلها لا تحل المطلقة للعدة لزوجها حتى تنكح زوجا غيره ، فقال : إن الله عزوجل إنما أذن في الطلاق مرتين فقال عزوجل : « الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح باحسان » (٢) يعني في التطليقة الثالثة فلدخوله فيما كره الله عزوجل له من الطلاق الثالث حرمها عليه فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره لئلا يوقع الناس الاستخفاف بالطلاق ولا يضاروا النساء. (٣) والمطلقة للعدة إذا رأت أول قطرة من الدم الثالث بانت من زوجها ولم تحل له حتى تنكح زوجا غيره.

٤٧٦٥ ـ وروى موسى بن بكر ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « المطلقة ثلاثا ليس لها نفقة على زوجها ولا سكنى ، إنما ذلك للتي لزوجها عليها رجعة ».

__________________

(١) في بعض النسخ « لئلا يتلاعب بالطلاق ».

(٢) « مرتان » لم يرخص في الزائد الا على سبيل الضرورة.

(٣) كأن إلى هنا تمام الخبر كما في العلل.

٥٠٢

باب

* ( طلاق الغائب ) *

٤٧٦٦ ـ روى الحسن بن محبوب ، عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « سألته عن رجل قال لرجل : اكتب يا فلان إلى امرأتي بطلاقها أو قال : اكتب إلى عبدي بعتقه أيكون ذلك طلاقا أو عتقا؟ قال : لا يكون طلاق ولا عتق حتى تنطق به اللسان أو يخط بيده وهو يريد الطلاق أو العتق ويكون ذلك منه بالأهلة والشهود ويكون غائبا عن أهله ». (١)

وإذا أراد الغائب أن يطلق امرأته فحد غيبته التي إذا غابها كان له أن يطلق متى شاء ، أقصاه خمسة أشهر أو ستة أشهر ، وأوسطه ثلاثة أشهر ، وأدناه شهر. (٢)

٤٧٦٧ ـ فقد روى صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي إبراهيم عليه‌السلام : « الغائب الذي يطلق كم غيبته؟ قال : خمسة أشهر ، أو ستة أشهر ، قلت : حد فيه دون ذا؟ قال : ثلاثة أشهر ».

٤٧٦٨ ـ وروى محمد بن أبي حمزة ، عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال :

__________________

(١) اتفق الأصحاب على عدم وقوع الطلاق بالكتابة للحاضر القادر على اللفظ واختلفوا في وقوعه من الغائب فذهب الأكثر منهم الشيخ في المبسوط والخلاف مدعيا عليه الاجماع إلى عدم وقوعه من الغائب وفى النهاية إلى وقوعه لهذه الصحيحة وأجيب بحملها على المضطر بأن يكون « أو » في « أو يخط » للتفصيل لا للتخيير ، ويرد عليه بأن الرواية صريحة في أن المطلق يقدر على التلفظ ، وأجيب بان هذا لا ينافي التعميم والتفصيل في الجواب إذ حاصله حينئذ أن الطلاق لا يكون الا بأحد الامرين في أحد الشخصين وهذا ليس واحدا منهما فلا يكون صحيحا. ( المرآة )

(٢) الظاهر أن المصنف ـ رحمه‌الله ـ جمع بين الاخبار بأن الشهر يكفي ، وحمل الزائد عليه على الاستحباب ، ويمكن أن يكون مراده الاختلاف بحسب عادات النساء كما ذكر. ( م ت )

٥٠٣

« الغائب إذا أراد أن يطلق امرأته تركها شهرا » (١).

باب

* ( طلاق الغلام ) *

٤٧٦٩ ـ روى زرعة ، عن سماعة قال : « سألته عن طلاق الغلام ولم يحتلم وصدقته ، فقال : إذا طلق للسنة ووضع الصدقة في موضعها وحقها فلا بأس وهو جائز » (٢).

باب

* ( طلاق المعتوه ) * (٣)

٤٧٧٠ ـ وروى عبد الكريم بن عمرو ، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سألته عن طلاق المعتوه الزائل العقل أيجوز؟ فقال : لا ، وعن المرأة إذا كانت كذلك يجوز بيعها وصدقتها؟ فقال : لا ».

__________________

(١) لا خلاف في أن طلاق الغائب صحيح وان صادف الحيض ما لم يعلم أنه حائض ، لكن اختلف الأصحاب في أنه هل يكفي مجرد الغيبة في جوازه أم لابد معها من أمر آخر ، ومنشأ الاختلاف اختلاف الاخبار فذهب المفيد وعلي بن بابويه وجماعة إلى جواز طلاقها حيث لم يمكن استعلام حالها من غير تربص ، وذهب الشيخ في النهاية وابن حمزة إلى اعتبار مضى شهر منذ غاب ، وذهب ابن الجنيد والعلامة في المختلف إلى اعتبار ثلاثة أشهر ، وذهب المحقق وأكثر المتأخرين إلى اعتبار مضى مدة يعلم انتقالها من الطهر الذي واقعها فيه إلى آخر بحسب عادتها ولا يتقدر بمدة. ( المرآة ).

(٢) رواه الكليني والشيخ في الموثق ، وعمل بمضمونه الشيخ وابن الجنيد وجماعة. واعتبر الشيخ والمفيد وجماعة من القدماء بلوغ الصبي عشرا من الطلاق ، والمشهور بين المتأخرين عدم صحة طلاق الصبي مطلقا. وقد حملوا الأخبار المجوزة على من بلغ عشرا وهو يعقل ، واستشكل بأن الصبي قبل التميز ليس موردا لاخبار الطرفين ، وبعده مع تساوى الافراد الباقية تحت المطلق والخارجة من جهة التقييد كيف بحكم بالنفي والاثبات بنحو بيان القانون ، فلابد من الترجيح في مقام تعارض الاخبار.

(٣) المعتوه : الناقص العقل.

٥٠٤

٤٧٧١ ـ وروى حماد بن عيسى ، عن شعيب ، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه « سئل عن المعتوه يجوز طلاقه ، فقال : ما هو؟ فقلت : الأحمق الذاهب العقل فقال : نعم ».

قال مصنف هذا الكتاب ـ رحمه‌الله ـ : يعني إذا طلق عنه وليه ، فأما أن يطلق هو فلا ، وتصديق ذلك :

٤٧٧٢ ـ ما رواه صفوان بن يحيى ، عن أبي خالد القماط قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « رجل يعرف رأيه مرة وينكره أخرى يجوز طلاق وليه عليه؟ فقال : ما له هو لا يطلق؟ قال ، قلت : لا يعرف حد الطلاق ولا يؤمن عليه إن طلق اليوم أن يقول غدا : لم أطلق ، فقال : ما أراه إلا بمنزلة الامام ـ يعني الولي ـ » (١).

باب

* ( طلاق التي لم يدخل بها ، وحكم المتوفى عنها زوجها ) *

* ( قبل الدخول وبعده ) *

٤٧٧٣ ـ روى محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها فلها نصف مهرها ، وإن لم يكن سمى لها مهرا فمتاع بالمعروف » على الموسع قدره وعلى المقتر قدره « وليس لها عدة ، تتزوج من شاءت من ساعتها » (٢).

__________________

(١) المشهور بين المتقدمين وأكثر المتأخرين جواز طلاق الولي عن المجنون المطبق مع الغبطة مستندا بصحيحة أبى خالد القماط هذه ، وذهب ابن إدريس وقبله الشيخ في الخلاف إلى عدم الجواز محتجا باجماع الفرقة وهو غير ثابت. قال سلطان العلماء قوله : « ما أراه الا بمنزلة الامام » ليس صريحا في جواز طلاق الولي لان كونه بمنزلة الامام إنما يدل على الجواز لو كان جواز طلاق الامام ثابتا وهو غير ظاهر فلعل التشبيه باعتبار عدم الجواز منهما.

(٢) يستفاد من الرواية والآية الانقسام إلى اليسار والاعسار ، والأصحاب قسموها إلى اليسار والوسط والاعسار.

٥٠٥

٤٧٧٤ ـ وروى عمرو بن شمر ، عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عز و جل : « وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا » قال : متعوهن أي جملوهن (١) بما قدرتم عليه من معروف فإنهن يرجعن بكآبة ووحشة وهم عظيم وشماتة من أعدائهن فإن الله عزوجل كريم يستحي ويحب أهل الحياء إن أكرمكم أشدكم إكراما لحلائلهم ».

٤٧٧٥ ـ وفي رواية البزنطي « أن متعة المطلقة فريضة » (٢).

٤٧٧٦ ـ وروي « أن الغني يمتع بدار أو خادم ، والوسط يمتع بثوب ، و الفقير بدرهم أو خاتم » (٣).

٤٧٧٧ ـ وروي « أن أدناه الخمار وشبهه » (٤).

٤٧٧٨ ـ وروى الحلبي ، وأبو بصير ، وسماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في قول الله عزوجل : « وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفوا الذي بيده عقدة النكاح » قال : هو الأب أو الأخ أو الرجل يوصى إليه ، والذي يجوز أمره في مال المرأة فيبتاع لها ويتجر

__________________

(١) أي افعلوا معهن بالجميل.

(٢) في الكافي ج ٦ ص ١٠٥ عن القمي ، عن أبيه ، عن البزنطي قال : « ذكر بعض أصحابنا أن متعة المطلقة فريضة » وهو كما ترى موقوف ، واعلم أن تمتع المطلقة التي لم يدخل بها ولم يفرض لها مهر واجب بظاهر الآية والاخبار فان فرض لها فلها نصف المسمى وان لم يفرض فبقدر يساره وأطلق عليه التمتع.

(٣) مروى في فقه الرضا عليه‌السلام ولم نعثر على سند له.

(٤) رواه الكليني في الضعيف على المشهور عن أبي بصير قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : أخبرني عن قول الله عزوجل « وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين » ما أدنى ذلك المتاع إذا كان معسرا لا يجد؟ قال : خمار أو شبهه ».

٥٠٦

فإذا عفا فقد جاز » (١).

٤٧٧٩ ـ وفي خبر آخر : « يأخذ بعضا ويدع بعضا ، وليس له أن يدع كله » (٢).

٤٧٨٠ ـ وسأل عبيد بن زرارة أبا عبد الله عليه‌السلام « عن امرأة هلك زوجها ولم يدخل بها ، قال : لها الميراث وعليها العدة كاملة ، وإن سمى لها مهرا فلها نصفه ، وإن لم يكن سمى لها مهرا فلا شئ لها ». (٣)

وليس للمتوفى عنها زوجها سكنى ولا نفقة (٤).

٤٧٨١ ـ وسأل شهاب أبا عبد الله عليه‌السلام « عن رجل تزوج بامرأة بألف درهم فأداها إليها فوهبتها له ، وقالت : أنا فيك أرغب فطلقها قبل أن يدخل بها ، قال : يرجع عليها بخمسمائة درهم » (٥).

٤٧٨٢ ـ وروى علي بن رئاب ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « متعة النساء واجبة دخل بها أو لم يدخل بها ، تمتع قبل أن تطلق » (٦).

__________________

(١) حمل الأخ على كونه وكيلا أو وصيا ، والذي يجوز أمره على الوكيل المطلق الشامل وكالته لمثل هذا ، ويستفاد من الخبر أن للوصي النكاح ، وربما خصص بما إذا كان وصيا في خصوص النكاح.

(٢) رواه الشيخ في الصحيح عن رفاعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، وهو أحوط وإن كان ظاهر القرآن والاخبار أعم ( م ت ) أقول : قال الشهيد الثاني : لا فرق بعد بقاء البعض بين القليل والكثير ، والرواية يقتضى عدم الفرق في جواز عفوه بين كونه مصلحة للمولى عليه وعدمه نعم يشترط بعد الطلاق قبل الدخول.

(٣) رواه الكليني في الموثق كالصحيح ج ٦ ص ١٢٠.

(٤) كما دل عليه النصوص راجع الكافي ج ٦ ص ١١٥ و ١١٦ وعليه الفتوى ، وان كانت حاملا فينفق عليها من مال ولدها.

(٥) لان هبتها له كسائر اتلافاتها فيجب عليها رد نصف المهر ، وقيل : هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب.

(٦) هذه الجملة متعلقة بغير الدخول بها يعنى الجملة الأخيرة ، ولا يبعد التعميم بأن يكون التقديم في المدخول بها مستحبا.

٥٠٧

٤٧٨٣ ـ وقضى أمير المؤمنين عليه‌السلام (١) « في امرأة توفي عنها زوجها ولم يمسها قال : لا تنكح حتى تعتد أربعة أشهر وعشرة أيام عدة المتوفى عنها. وجها ».

والمطلقة تعتد من يوم طلقها زوجها ، والمتوفى عنها زوجها تعتد من يوم يبلغها الخبر ، لأن هذه تحد ، والمطلقة لا تحد (٢).

٤٧٨٤ ـ وكتب محمد بن الحسن الصفار إلى أبي محمد الحسن بن علي عليهما‌السلام « في امرأة مات عنها زوجها وهي في عدة منه وهي محتاجة لا تجد من ينفق عليها وهي تعمل للناس هل يجوز لها أن تخرج وتعمل وتبيت عن منزلها للعمل والحاجة في عدتها؟ قال : فوقع عليه‌السلام لا بأس بذلك إن شاء الله » (٣).

٤٧٨٥ ـ وسأل عمار الساباطي أبا عبد الله عليه‌السلام « عن المرأة يموت عنها زوجها هل يحل لها أن تخرج من منزلها في عدتها؟ قال : نعم تختضب وتدهن وتكتحل وتمتشط وتصبغ وتلبس المصبغ وتصنع ما شاءت بغير زينة لزوج » (٤).

٤٧٨٦ ـ وفي خبر آخر قال : « لا بأس بأن تحج المتوفى عنها زوجها وهي في عدتها وتنتقل من منزل إلى منزل » (٥).

__________________

(١) رواه الكليني ج ٦ ص ١١٩ بسند موثق عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال : « قضى ـ الخ ».

(٢) الحداد ترك الزينة للمتوفى عنها زوجها ، والمطلقة يكفيها من يوم الطلاق لان الغرض استبراء الرحم بخلاف المتوفى عنها زوجها فالمطلوب منها استبراء الرحم والتعزية رعاية لحق زوجه ، وروى الكليني والشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام « في الرجل يموت وتحته امرأة وهو غائب ، قال : تعتد من يوم يبلغها وفاته » ، وفى الحسن كالصحيح عن زرارة ومحمد بن مسلم وبريد العجلي عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال « في الغائب عنها زوجها إذا توفى قال : المتوفى عنها ( زوجها ) تعتد من يوم يأتيها الخبر لأنها تحد عليه ».

أقول : أحدت المرأة على زوجها : حزن عليه ولبست لباس الحزن.

(٣) يدل على جواز البيتوتة عن منزلها للضرورة.

(٤) حمل على الأمة أو التقية أو الاكتحال بغير الإثمد والمشط في الحمام ، وفى طريق المصنف إلى عمار الساباطي من لم يوثق.

(٥) رواه الكليني ج ٦ ص ١١٦ في الموثق عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (ع).

٥٠٨

باب

* ( طلاق الحامل ) *

٤٧٨٧ ـ روى زرارة (١) عن أبي جعفر عليه‌السلام : « طلاق الحامل واحدة ، فإذا وضعت ما في بطنها فقد بانت منه » (٢).

وقال الله تبارك وتعالى : « وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن » فإذا طلقها الرجل ووضعت من يومها أو من غد فقد انقضى أجلها وجائز لها أن تتزوج ولكن لا يدخل بها زوجها حتى تطهر.

والحبلى المطلقة تعتد بأقرب الأجلين إن مضت بها ثلاثة أشهر قبل أن تضع فقد انقضت عدتها منه (٣) ولكنها لا تتزوج حتى تضع ، فإن وضعت ما في بطنها قبل انقضاء ثلاثة أشهر فقد انقضى أجلها.

والحلبي المتوفى عنها زوجها تعتد بأبعد الأجلين ، إن وضعت قبل أن تمضي أربعة أشهر وعشرة أيام لم تنقض عدتها حتى تمضي أربعة أشهر وعشرة أيام ، وإن

__________________

(١) رواه الكليني عن إسماعيل الجعفي عنه عليه‌السلام.

(٢) يمكن حملها على طلاق السنة بالمعنى الأخص إذا المعتبر فيه انقضاء العدة فلا يتصور في الحامل ثانيا الا بعد وضع الحمل إذ انقضاء عدة الحامل بالوضع فلا يتصور فيها طلاق السنة الا واحدة ، وأما طلاق العدة فيجوز في الحامل في الجملة اجماعا كما سيأتي في آخر الباب وإن كان المنقول عن الصدوقين اشتراط طلاقها ثانيا بانقضاء ثلاثة أشهر ، وفى المسألة أقوال أخر لاختلاف الروايات ، والتفصيل في المسالك ( سلطان ) أقول : الخبر مروى في التهذيبين أيضا عن إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه‌السلام.

(٣) فليس للزوج الرجوع بعد ذلك وان لم يجز لها التزويج الا بعد الوضع ، وهذا مختار الصدوق وابن حمزة خلافا للمشهور حيث اعتبروا عدة الحامل المطلقة بوضع الحمل بالنسبة إلى جميع الأحكام طالت مدته أو قصرت فللزوج ما لم تصنع الحمل وإن كان بعد ثلاثة أشهر على المشهور. ( سلطان )

٥٠٩

مضت لها أربعة أشهر وعشرة أيام قبل أن تضع لم تنقض عدتها حتى تضع (١).

٤٧٨٨ ـ وروى علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : « الحلبي المطلقة ينفق عليها حتى تضع حملها وهي أحق بولدها أن ترضعه بما تقبله امرأة أخرى يقول الله عزوجل : « لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك « لا يضار بالصبي ولا يضار بأمه في رضاعه ، وليس لها أن تأخذ في رضاعه فوق حولين كاملين ، فإذا أراد الفصال قبل ذلك عن تراض منهما كان حسنا ، والفصال هو الفطام » (٢).

٤٧٨٩ ـ وروى محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في المرأة الحلبي المتوفى عنها زوجها : ينفق عليها من مال ولدها الذي في بطنها ».

٤٧٩٠ ـ وفي رواية السكوني قال : قال علي بن أبي طالب عليه‌السلام : « نفقة الحامل المتوفى عنها زوجها من جميع المال حتى تضع » (٣).

والذي نفتي به رواية الكناني.

٤٧٩١ ـ وروى محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في امرأة توفي عنها زوجها وهي حبلى فولدت قبل أن تنقضي أربعة أشهر وعشرة أيام

__________________

(١) روى الكليني في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : « في الحبلى المتوفى عنها زوجها تنقضي عدتها آخر الأجلين ». ومثله عن عبد الله ابن سنان عنه عليه‌السلام.

(٢) مروى في الكافي ج ٦ ص ١٠٣ بزيادة.

(٣) قال في المسالك : المتوفى عنها زوجها ان كانت حائلا فلا نفقة لها اجماعا وان كانت حاملا فلا نفقة لها في مال المتوفى أيضا كذلك ، وهل تجب في نصيب الولد اختلف الأصحاب في ذلك بسبب اختلاف الروايات فذهب الشيخ في النهاية وجماعة من المتقدمين إلى الوجوب ، وللشيخ قول آخر بعدمه وهو مذهب المتأخرين للأصل ـ انتهى ، وقال العلامة المجلسي (ره) : ان كانت المرأة محتاجة لزم الانفاق عليها من نصيب ولدها والا فلا ، وبذلك يجمع بين الاخبار.

٥١٠

فتزوجت فقضى : أن يخلي عنها ثم لا يخطبها حتى ينقضي آخر الأجلين (١).

فإن شاء أولياء المرأة أنكحوها إياه وإن شاؤوا أمسكوها فإن أمسكوها ردوا عليه ماله » (٢).

٤٧٩٢ ـ وسأل عبد الرحمن بن الحجاج أبا إبراهيم عليه‌السلام « عن الحلبي يطلقها زوجها فتضع سقطا قد تم أو لم يتم ، أو وضعته مضغة أتنقضي بذلك عدتها؟ فقال : كل شئ وضعته يستبين أنه حمل ثم أو لم يتم فقد انقضت به عدتها وإن كانت مضغة (٣). قال : وسمعته يقول : إذا طلق الرجل امرأته فادعت حبلا انتظرت تسعة أشهر فإن ولدت وإلا اعتدت ثلاثة أشهر ثم قد بانت منه » (٤).

٤٧٩٣ ـ وروى سلمة بن الخطاب ، عن إسماعيل بن [ إسحاق ، عن إسماعيل بن ] أبان ، عن غياث ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي عليهم‌السلام قال : « أدنى ما تحمل المرأة لستة أشهر وأكثر ما تحمل لسنتين » (٥).

٤٧٩٤ ـ وروى علي بن الحكم ، عن محمد بن منصور الصيقل ، عن أبيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في رجل يطلق امرأته وهي حبلى؟ قال : يطلقها ، قلت : فيراجعها؟ قال : نعم يراجعها ، قلت : فإنه بداله بعد ما راجعها أن يطلقها ، قال : لا حتى

__________________

(١) حمل على عدم الدخول كما هو الظاهر ، وعليه عمل الأصحاب.

(٢) يدل على أن النكاح إذا كان كذلك في عدة لا يوجب التحريم الأبدي وهو محمول على الجهل بالتحريم والعدة مع عدم الدخول والا حرم مؤبدا.

(٣) إلى هنا رواه الكليني ج ٦ ص ٨٢ في الموثق وعليه فتوى الأصحاب وروى البقية عن عبد الرحمن أيضا ج ٦ ص ١٠١ في الحسن كالصحيح.

(٤) اختلف الأصحاب فيما إذا ادعت الحمل بعد الطلاق ، فقيل : تعتد سنة ، ذهب إليه الشيخ في النهاية والعلامة في المختلف ، وجماعة إلى أنها تتربص تسعة أشهر ، وقيل عشرة لاختلافهم في أقصى الحمل ، ويمكن حمل ما زاد على التسعة على الاحتياط والاستحباب كما يفهم من بعض الأخبار والأول أحوط. ( المرآة )

(٥) في بعض النسخ « تحمل لسنة » وعلى أي الرواية عامية.

٥١١

تضع » (١).

٤٧٩٥ ـ وسئل الصادق عليه‌السلام (٢) « عن المرأة الحامل يطلقها زوجها ثم يراجعها ، ثم يطلقها ثم يراجعها ، ثم يطلقها الثالثة ، فقال : قد بانت منه ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره » (٣).

باب

* ( طلاق التي لم تبلغ المحيض والتي قد يئست من المحيض ) *

* ( والمستحاضة والمسترابة ) *

٤٧٩٦ ـ روى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن عبد الكريم بن عمرو ، عن محمد بن حكيم ، عن العبد الصالح عليه‌السلام قال : قلت له : « الجارية الشابة التي لا تحيض ومثلها تحيض طلقها زوجها ، قال : عدتها ثلاثة أشهر » (٤).

٤٧٩٧ ـ وروى محمد بن حكيم ، عن محمد بن مسلم قال : « سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول في التي قد يئست من المحيض يطلقها زوجها ، قال : بانت منه ولا عدة عليها ».

٤٧٩٨ ـ وروى الحسن بن محبوب ، عن أبان بن عثمان ، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « عدة المرأة التي لا تحيض (٥) والمستحاضة التي لا تطهر (٦) والجارية

__________________

(١) رواه الشيخ في التهذيبين عن إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم عليه‌السلام.

(٢) حمل على الاستحباب أو نفى طلاق السنة ، وفيه اشكالات راجع المسالك.

(٣) قال الشيخ لا ينافي هذا الخبر الاخبار التي تضمنت أن طلاق الحامل واحدة لأنا قد ذكرنا ذلك في طلاق السنة ، فأما طلاق العدة فإنه يجوز أن يطلقها في مدة حملها إذا راجعها ووطئها.

(٤) رواه الكليني في الضعيف ، وفى الأخبار المستفيضة أن العدة ثلاثة قروء أو ثلاثة أشهر أن لم تحض.

(٥) أي وهي في سن من تحيض.

(٦) أي التي يدوم دمها بحيث لا تميز طهرها عن حيضها.

٥١٢

التي قد يئست (١) ثلاثة أشهر ، وعدة التي يستقيم حيضها ثلاث حيض » (٢).

٤٧٩٩ ـ وفي رواية جميل أنه قال (٣) : « في الرجل يطلق الصبية التي لم تبلغ ولا تحمل مثلها وقد كان دخل بها والمرأة التي قد يئست من المحيض وارتفع طمثها ولا تلد مثلها ، فقال : ليس عليهما عدة ».

٤٨٠٠ ـ وروى البزنطي ، عن المثنى ، عن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سألته عن التي لا تحيض إلا في ثلاث سنين أو أربع سنين ، قال : تعتد ثلاثة أشهر ، ثم تتزوج إن شاءت ».

٤٨٠١ ـ وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام أنه قال « في التي تحيض في كل ثلاثة أشهر مرة أو في كل سنة مرة (٤) والمستحاضة ، والتي لم تبلغ ، والتي تحيض مرة ويرتفع حيضها مرة ، والتي لا تطمع في الولد (٥) ، والتي قد ارتفع حيضها وزعمت أنها لم تيأس (٦) والتي ترى الصفرة من حيض ليس بمستقيم ، فذكر أن عدة هؤلاء كلهن ثلاثة أشهر ».

__________________

(١) أي البالغة التي لم تحض بعد فان الثلاث مسترابة بالحمل.

(٢) ينبغي حمل الحديث على ما إذا لم يكن للمستحاضة حيض مستقيم قبل استمرارها ولم يكن لها أهل يمكنها الرجوع إلى عادتهن للجمع بينه وبين حديث محمد بن مسلم الآتي في آخر الباب إذا أبقى ذلك الحديث على ظاهره. ( مراد )

(٣) يعنى أبا عبد الله أو أبا جعفر عليهما‌السلام لكونه في الكافي مرويا عن أحدهما عليهما‌السلام.

(٤) في الكافي والتهذيب « في كل ثلاثة أشهر مرة ، أو في سنة ، أو في سبعة أشهر » ولا شك في الستة ، وأما الثلاثة فيقيد بأن تمضى عليها ولا ترى دما لأنها ان رأت دما يجب عليها أن تعتد بالأقراء وان كانت في تسعة أشهر كما سيجيئ ، والظاهر أن السقط والتصحيف من النساخ.

(٥) بأن تكون في سن من تحيض ولم تحض بعد.

(٦) بأن تعلم سنها ولم يبلغ الخمسين أو الستين إذا كانت قرشية أو نبطية على قول.

٥١٣

٤٨٠٢ ـ وروى ابن أبي عمير ، والبزنطي جميعا ، عن جميل ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال ، « أمران أيهما سبق إليها بانت به المطلقة المسترابة التي تستريب الحيض : إن مرت بها ثلاثة أشهر بيض ليس فيها دم بانت بها وإن مرت بها ثلاث حيض ليس بين الحيضتين ثلاثة أشهر بانت بالحيض ».

قال ابن أبي عمير : قال جميل بن دراج : وتفسير ذلك إن مرت بها ثلاثة أشهر إلا يوما فحاضت ، ثم مرت بها ثلاثة أشهر إلا يوما فحاضت ، ثم مرت بها ثلاثة أشهر إلا يوما فحاضت فهذه تعتد بالحيض على هذا الوجه ولا تعتد بالشهور ، فإن مرت بها ثلاثة أشهر بيض لم تحض فيها بانت.

٤٨٠٣ ـ وسأل أبو الصباح الكناني أبا عبد الله عليه‌السلام « عن التي تحيض في كل ثلاث سنين مرة كيف تعتد؟ قال : تنظر مثل قروئها التي كانت تحيض فيه في الاستقامة (١) فلتعتد ثلاثة قروء ثم لتتزوج إن شاءت ».

٤٨٠٤ ـ وسأله محمد بن مسلم « عن عدة المستحاضة ، فقال : تنتظر قدر أقرائها فتزيد يوما أو تنقص يوما (٢) ، فإن لم تحض فلتنظر إلى بعض نسائها فلتعتد بأقرائها » (٣).

٤٨٠٥ ـ وروي « أن المرأة إذا بلغت خمسين سنة لم تر حمرة إلا أن تكون امرأة من قريش » (٤).

__________________

(١) كان السؤال عمن كانت لها سابقا عادة مستقيمة وترى الدم في كل شهر مرة.

(٢) لعله لاتمام ثلاثة أشهر إذ الغالب في العادات اختلافها مع ثلاثة أشهر بقدر قليل. ( سلطان )

(٣) يدل على أن المستحاضة تعتد بعادتها ، أو التميز ، والا فعادة نسائها ، وحملت على المبتدئة. ( م ت )

(٤) رواه الكليني ج ٣ ص ١٠٧ في الصحيح عن أبن أبى عمير ، عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، ويدل على أن غير القرشية تيأس لخمسين ، وروى عن أبن أبى نصر عن بعض أصحابنا قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « المرأة قد يئست من المحيض حدها خمسون سنة » وروى « ستون سنة » أيضا ويفهم من الخبرين أن القرشية تيأس لستين ، وفى شرح الشرايع أنه لم يوجد رواية بالحاق النبطية بالقرشية والمراد بالقرشية من انتسب إلى قريش بأبيها كما هو المختار في نظائره ، ويحتمل الاكتفاء بالأم هنا لان لها مدخلا في ذلك بسبب تقارب الأمزجة.

٥١٤

باب

* ( طلاق الأخرس ) *

٤٨٠٦ ـ سأل أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي أبا الحسن الرضا عليه‌السلام « عن رجل تكون عنده المرأة يصمت ولا يتكلم ، قال : أخرس هو؟ قلت : نعم فنعلم منه بغضا (١) لامرأته وكراهة لها أيجوز أن يطلق عنه وليه؟ قال : لا ولكن يكتب ويشهد على ذلك ، قلت ، أصلحك الله فإنه لا يكتب ولا يسمع كيف يطلقها؟ قال : بالذي يعرف به من أفعاله مثل ما ذكرت من كراهته وبغضه لها » (٢).

وقال أبي ـ رضي‌الله‌عنه ـ في رسالته إلي : الأخرس إذا أراد أن يطلق امرأته ألقى على رأسها قناعها يري أنها قد حرمت عليه ، وإذا أراد مراجعتها كشف القناع عنها يري أنه قد حلت له (٣).

__________________

(١) كذا وفى الكافي « فيعلم منه بغض ».

(٢) قال في المسالك : لو تعذر النطق بالطلاق كفت الإشارة كالأخرس ، ويعتبر فيها أن تكون مفهمة لمن يخالطه ويعرف إشارته ويعتبر فهم الشاهدين لها ، ولو عرف الكتابة كانت من جملة الإشارة بل أقوى ، ولا يعتبر ضميمة الإشارة إليها ، وقدمها ابن إدريس على الإشارة ، ويؤيده رواية البزنطي ، واعتبر جماعة من الأصحاب منهم الصدوقان (ره) فيه القاء القناع على المرأة يرى أنها قد حرمت عليه. أقول : الخبر رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن البزنطي ج ٦ ص ١٢٨.

(٣) روى الكليني باسناده المعروف عن السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « طلاق الأخرس أن يأخذ مقنعتها فيضعها على رأسها ويعتزلها ».

٥١٥

باب

* ( طلاق السر ) *

٤٨٠٧ ـ روى الحسن بن محبوب ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : « سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن رجل تزوج امرأة سرا من أهله وهي في منزل أهلها وقد أراد أن يطلقها وليس يصل إليها فيعلم بطمثها إذا طمثت ، ولا يعلم بطهرها إذا طهرت ، فقال : هذا مثل الغائب عن أهله فيطلقها بالأهلة والشهور ، قال : قلت : أرأيت إن كان يصل إليها الأحيان والأحيان لا يصل إليها فيعلم حالها كيف يطلقها؟ فقال : إذا مضى لها شهر لا يصل إليها فيطلقها إذا نظر إلى غرة الشهر الاخر بشهود (١) ويكتب الشهر الذي يطلقها فيه ويشهد على طلاقها رجلين ، فإذا مضى ثلاثة أشهر فقد بانت منه ، وهو خاطب من الخطاب ، وعليه نفقتها في تلك الثلاثة الأشهر التي تعتد فيها ».

باب

* ( اللاتي يطلقن على كل حال ) *

٤٨٠٨ ـ روى جميل بن دراج ، عن إسماعيل بن جابر الجعفي (٢) عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « خمس يطلق على كل حال (٣) ، الحامل المتبين حملها (٤) ، والتي لم يدخل بها زوجها ، والغائب عنها زوجها (٥) ، والتي لم تحض ، والتي قد جلست

__________________

(١) هذا هو المشهور وخالف ابن إدريس فأنكر الحاق غير الغائب به. « ويكتب الشهر » لأجل تزويج أختها أو الخامسة أو للانفاق عليها أو لاخبارها بانقضاء عدتها. ( المرآة )

(٢) « الجعفي » مصحف « الخثعمي » والتحقيق في المشيخة إن شاء الله.

(٣) أي وان صادف الحيض وطهر المواقعة. ( المرآة )

(٤) في بعض النسخ « المتيقن حملها » وفى الكافي بدون التقييد ، وفى نسخة « المستبين حملها ».

(٥) اعتبر بعض أصحابنا في الغائب بعض الشروط مع عدم العلم بحالها. ( سلطان )

٥١٦

من المحيض » (١).

٤٨٠٩ ـ وفي خبر آخر : « والتي قد يئست من المحيض » (٢).

( باب التخيير )

قال أبي ـ رضي‌الله‌عنه ـ في رسالته إلي : اعلم يا بني أن أصل التخيير هو أن الله تبارك وتعالى أنف لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله في مقالة قالتها بعض نسائه : أيرى محمد أنه لو طلقنا لا نجد أكفاءنا من قريش يتزوجونا ، فأمر الله نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يعتزل نساءه تسعا وعشرين ليلة فاعتزلهن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مشربة أم إبراهيم ثم نزلت هذه الآية : « يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا. وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما » فاخترن الله ورسوله فلم يقع الطلاق ، ولو اخترن أنفسهن لبن (٣).

٤٨١٠ ـ وفي رواية أبي الصباح الكناني « أن زينب قالت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تعدل وأنت رسول الله؟! وقالت حفصة : إن طلقنا وجدنا في قومنا أكفاءنا من قريش ، فاحتبس الوحي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تسعة وعشرين يوما فأنف الله عز و جل لرسوله فأنزل الله : « يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها ـ إلى قوله ـ أجرا عظيما « فاخترن الله ورسوله فلم يقع الطلاق ولو اخترن أنفسهن لبن ».

__________________

(١) في الكافي « قد يئست من الحيض ».

(٢) لعل المراد خبر آخر لإسماعيل الجعفي ، أو المراد خبر الحلبي المروى في الكافي ج ٦ ص ٧٩ بسند حسن كالصحيح.

(٣) راجع الكافي ج ٦ ص ١٣٧ وفيه مسندا عن عيص بن القاسم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سألته عن رجل خير امرأته فاختارت نفسها بانت منه؟ قال : لا إنما هذا شئ كان لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خاصة ، أمر بذلك ففعل ولو اخترن أنفسهن لطلقهن وهو قول الله عزوجل : « قل لأزواجك ان كنتن تردن ـ الآية ».

٥١٧

٤٨١١ ـ وروى ابن أذينة ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « إذا خيرها أو جعل أمرها بيدها في غير قبل عدتها من غير أن يشهد شاهدين فليس بشئ ، وإن خيرها أو جعل أمرها بيدها بشهادة شاهدين في قبل عدتها فهي بالخيار ما لم يتفرقا ، فان اختارت نفسها فهي واحدة وهو أحق برجعتها وإن اختارت زوجها فليس بطلاق » (١).

٤٨١٢ ـ وروى ابن مسكان ، عن الحسن بن زياد (٢) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « الطلاق أن يقول الرجل لامرأته : اختاري فإن اختارت نفسها فقد بانت منه وهو خاطب من الخطاب ، وإن اختارت زوجها فليس بشئ أو يقول : أنت طالق ، فأي ذلك فعل فقد حرمت عليه ، ولا يكون طلاق ولا خلع ولا مبارأة ولا تخيير إلا على طهر من غير جماع بشهادة شاهدين » (٣).

٤٨١٣ ـ وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في رجل يخير امرأته أو أباها أو أخاها أو وليها ، فقال : كلهم بمنزلة واحده إذا رضيت ».

__________________

(١) اتفق علماء الاسلام ممن عدا الأصحاب على جواز تفويض الزوج أمر بالطلاق إلى المرأة وتخييرها في نفسها ناويا به الطلاق ووقوع الطلاق لو اختارت نفسها ، وأما الأصحاب فاختلفوا فذهب جماعة منهم ابن الجنيد وابن أبي عقيل والسيد وظاهر ابني بابويه إلى وقوعه به إذا اختارت نفسها بعد تخييره لها على الفور مع اجتماع شرائط الطلاق ، وذهب الأكثر ومنهم الشيخ والمتأخرون إلى عدم وقوعه بذلك ، ووجه الخلاف اختلاف الروايات ، وأجاب المانعون عن الأخبار الدالة على الوقوع بحملها على التقية ، وحملها العلامة في المختلف على ما إذا طلقت بعد التخيير وهو غير سديد ، واختلف القائلون بوقوعه في أنه هل يقع رجعيا أو بائنا فقال ابن أبي عقيل : يقع رجعيا ، وفصل ابن الجنيد فقال : إن كان التخيير بعوض كان بائنا والا كان رجعيا ، ويمكن الجمع بين الاخبار بحمل البائن على مالا عدة لها والرجعي على ما لها عدة كالطلاق. ( المسالك )

(٢) مشترك بين العطار الثقة والصيقل المجهول.

(٣) يدل على جواز الطلاق بلفظ اختاري كما يجوز بلفظ اعتدى وهو كالسابق و ظاهره الجواز لغير النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ويدل على أنه بائن.

٥١٨

٤٨١٤ ـ وروى الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن الفضيل بن يسار قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل قال لامرأته : قد جعلت الخيار إليك فاختارت نفسها قبل أن تقوم ، قال : يجوز ذلك عليه ، قلت ، فلها متعة؟ قال : نعم ، قلت : فلها ميراث إن مات الزوج قبل أن تنقضي عدتها؟ قال : نعم ، وإن ماتت هي ورثها الزوج » (١).

٤٨١٥ ـ وروى محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : قال : « ما للنساء والتخيير (٢) إنما ذلك شئ خص الله به نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله » (٣).

( باب المبارأة ) (٤)

٤٨١٦ ـ روى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « المبارأة أن تقول المرأة لزوجها لك ما عليك (٥) واتركني فتركها ، إلا أنه يقول لها : إن ارتجعت في شئ منه فأنا أملك ببضعك ».

__________________

(١) يدل على أنه رجعي للميراث.

(٢) في الكافي « ما للناس والتخيير ».

(٣) لا يخفى منافاته ظاهرا لما سبق ولم يتعرض المصنف لجمعها ، ويمكن حمله على أن المراد أنه لا ينبغي جعل التخيير للنساء وأن ذلك لا يليق بحالهن ، وما فعل النبي صلى الله عليه وآله خاص به ، وهذا لا ينافي أنه لو جعل التخيير لهن صح الطلاق فان كون ذلك منهيا قبيحا لا يقتضى عدم صحته ، لكن هذا التأويل لا يجرى في مثل رواية عيص بن القاسم حيث سأل عن البينونة بذلك فقال عليه‌السلام : لا ـ الخ ، والله أعلم. ( سلطان )

(٤) أي المفارقة ، وفى الصحاح : بارأت شريكي إذا فارقته ، وبارأ الرجل امرأته ، واستبرأت الجارية واستبرأت ما عندك ـ انتهى ، والمراد بها في الشرع طلاق بعوض مترتب على كراهة كل من الزوجين كما أن الخلع مترتب على كراهة الزوجة فقط وتقف الفرقة على التلفظ بالطلاق في المبارأة ، ولا يجوز أخذ الزيادة على ما وصل إليها وفى الخلع يجوز.

(٥) من المهر وغيره ، وهذا باطلاقه يدل على أنه يجوز في المبارأة أخذ جميع المهر كما هو المشهور ، ولا يشترط كون العوض دون المهر كما هو المنقول من المصنف وسيجيئ.

٥١٩

وروي أنه لا ينبغي له أن يأخذ منها أكثر من مهرها بل يأخذ منها دون مهرها (١).

والمبارأة لا رجعة لزوجها عليها (٢).

( باب النشوز ) (٣)

النشوز قد يكون من الرجل والمرأة جميعا (٤) ، فأما الذي من الرجل فهو ما قال الله عزوجل في كتابه : « وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا (٥) فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير » وهو أن تكون المرأة عند الرجل لا تعجبه فيريد طلاقها فنقول : له أمسكني ولا تطلقني وأدع لك ما على ظهرك وأحل لك يومي وليلتي فقد طاب ذلك له : روى ذلك المفضل بن صالح عن زيد

__________________

(١) المراد ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « المبارأة يؤخذ منها دون الصداق ، والمختلعة يؤخذ منها ما شاء أو ما تراضيا عليه من صداق أو أكثر ، وإنما صارت المبارئة يؤخذ منها دون المهر ، والمختلعة يؤخذ منها ما شاء لان المختلعة تعتدي في الكلام وتكلم بما لا يحل لها » ، ويحمل على الاستحباب لصريح خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام « المبارأة تقول المرأة لزوجها : ذلك ما عليك واتركني أو تجعل له من قبلها شيئا فتركها الا أنه يقول : فان ارتجعت في شئ فانا أملك ببضعك ، ولا يحل لزوجها أن يأخذ منها الا المهر فما دونه » ولهذا قال المصنف « لا ينبغي » وان نسب إليه القول بعدم جواز أخذ المساوئ كما يأتي منه ص ٥٢٤.

(٢) روى الشيخ في الموثق عن حمران قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يتحدث قال : « المبارأة تبين من ساعتها من غير طلاق ولا ميراث بينهما لان العصمة بينهما قد بانت ساعة كان ذلك منها ومن الزوج » وعن زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « المبارأة تطليقة باينة وليس في شئ من ذلك رجعة ».

(٣) أي الارتفاع عن الحق الواجب والمخالفة له.

(٤) في العبارة مسامحة وظاهرها معنى الشقاق لا النشوز ، والمراد أنه قد يكون من المرأة وقد يكون من الرجل.

(٥) « نشوزا » أي بالمخالفة للواجب عليه ، و « اعراضا » أي بترك المؤانسة والمجالسة وحسن المعاشرة.

٥٢٠