كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٣

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٣

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: علي اكبر الغفّاري
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٦١٢

وبلغ أشده ، ورزقت بره ». (١)

باب

* ( فضل الأولاد ) *

٤٦٨٨ ـ في رواية السكوني قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « الولد الصالح ريحانة من رياحين الجنة » (٢).

٤٦٨٩ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « ميراث الله من عبده المؤمن الولد الصالح يستغفر له ».

٤٦٩٠ ـ وقال أبو الحسن عليه‌السلام : « إن الله تبارك وتعالى إذا أراد بعبد خيرا لم يمته حتى يريه الخلف ».

٤٦٩١ ـ وروي « أن من مات بلا خلف فكأن لم يكن في الناس ، ومن مات وله خلف فكأن لم يمت ».

٤٦٩٢ ـ وروى أبان بن تغلب عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « البنات حسنات والبنون نعمة فالحسنات يثاب عليها والنعمة يسأل عنها ».

٤٦٩٣ ـ و « بشر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بابنة فنظر في وجوه أصحابه فرأى الكراهة فيهم ، فقال : مالكم! ريحانة أشمها ورزقها على الله عزوجل ، وكان عليه‌السلام أبا بنات » (٣).

__________________

(١) مروى في الكافي في الضعيف ج ٦ ص ١٧ وقوله « ما علمك » قيل إن المعنى من أين علمت أن كونه فارسا أصلح له من كونه راجلا.

(٢) رواه الكليني ج ٦ ص ٣ في الضعيف عن السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(٣) روى الكليني في القوى عن الجارود بن المنذر قال : « قال لي أبو عبد الله عليه السلام : بلغني أنه ولد لك ابنة فتسخطها وما عليك منها ، ريحانة تشمها ، وقد كفيت رزقها ، وقد كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أبا بنات ».

٤٨١

٤٦٩٤ ـ وقال علي عليه‌السلام « في المرض يصيب الصبي : إنه كفارة لوالديه ».

٤٦٩٥ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « إن الله عزوجل ليرحم الرجل لشدة حبه لولده ».

٤٦٩٦ ـ وقال عمر بن يزيد : « إن لي بنات ، فقال : لعلك تتمنى موتهن أما إنك إن تمنيت موتهن ومتن لم تؤجر يوم القيامة ولقيت ربك حين تلقاه وأنت عاص ».

٤٦٩٧ ـ وروى حمزة بن حمران بإسناده « أنه أتى رجل إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وعنده رجل فأخبره بمولود له فتغير لون الرجل فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : مالك؟ قال : خير ، قال : قل ، قال : خرجت والمرأة تمخض فأخبرت أنها ولدت جارية فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الأرض تقلها ، والسماء تظلها ، والله يرزقها ، وهي ريحانة تشمها ، ثم أقبل على أصحابه فقال : من كان له ابنة واحدة فهو مقروح (١) ومن كان له ابنتان فيا غوثاه بالله ، ومن كان له ثلاث بنات وضع عنه الجهاد وكل مكروه ، ومن كان له أربع بنات فيا عباد الله أعينوه ، يا عباد الله أقرضوه ، يا عباد الله ارحموه ».

٤٦٩٨ ـ وقال عليه‌السلام : « من عال ثلاث بنات أو ثلاث أخوات وجبت له الجنة قيل : يا رسول الله واثنتين ، قال : واثنتين ، قيل : يا رسول الله وواحدة؟ قال : وواحدة ».

٤٦٩٩ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « من عال ابنتين أو أختين أو عمتين أو خالتين حجبتاه من النار ».

٤٧٠٠ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « إذا أصاب الرجل ابنة بعث الله عزوجل إليها ملكا فأمر جناحه على رأسها وصدرها ، وقال : ضعيفة خلقت من ضعف ، المنفق عليها معان ».

__________________

(١) كذا وفى الكافي « فهو مقدوح » وفدحه الدين ـ كمنعه ـ : أثقله ، والمفدوح ذو التعب ، وفوادح الدهر : خطوبه.

٤٨٢

٤٧٠١ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « اعلموا أن أحدكم يلقى سقطه محبنطئا (١) على باب الجنة حتى إذا رآه أخذ بيده حتى يدخله الجنة ، وإن ولد أحدكم إذا مات اجر فيه ، وإن بقي بعده استغفر له بعد موته ».

٤٧٠٢ ـ وقال عليه‌السلام : « أحبوا الصبيان وارحموهم وإذا وعدتموهم ففوا لهم فإنهم لا يرون ألا أنكم ترزقونهم ».

٤٧٠٣ ـ وروى رفاعة بن موسى عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : « سألته عن الرجل يكون له بنون وأمهم ليست بواحدة أيفضل أحدهم على الاخر؟ قال : نعم لا بأس به ، [ و ] قد كان أبي عليه‌السلام يفضلني على عبد الله ».

٤٧٠٤ ـ وفي رواية السكوني قال : « نظر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى رجل له ابنان فقبل أحدهما وترك الاخر ، فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : فهلا واسيت بينهما » (٢).

٤٧٠٥ ـ وقال عليه‌السلام : « يلزم الوالدين من عقوق الولد ما يلزم الولد لهما من العقوق ».

٤٧٠٦ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « بر الرجل بولده بره بوالديه » (٣).

٤٧٠٧ ـ وفي خبر آخر قال : « قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من كان عنده صبي

__________________

(١) المحبنطئ : الممتلئ غيظا ، والمستبطئ للشئ.

(٢) قال الفاضل التفرشي : ينبغي حمله على ما إذا فضل أحدهما على الاخر ولم يكن له فضل عليه في نفس الامر ويحزن الاخر من ذلك ، والحديث السابق يحمل على ما إذا كان للمفضل فضل أو لم يحزن المفضل عليه من تفضيل الاخر عليه ، ويمكن الجمع أيضا بحمل الحديث الأول على التفضيل في المحبة ، ولعل المواساة هنا ضمنت معنى التسوية بقرينة تعلقها ببين.

(٣) يمكن حمله على التشبيه البليغ أي مثل بره بوالديه في الحسن وترتب الثواب عليه وعلى أن بره يوجب سرور الوالدين وان كانا قد ماتا لان الميت كثيرا ما يطلع على أحوال أهاليه ويحصل له السرور والحزن بذلك. ( مراد )

٤٨٣

فليتصاب له » (١).

٤٧٠٨ ـ وقال عليه‌السلام : « من نعم الله عزوجل على الرجل أن يشبهه ولده ».

٤٧٠٩ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « إن الله تبارك وتعالى إذا أراد أن يخلق خلقا جمع كل صورة بينه وبين آدم ثم خلقه على صورة إحديهن ، فلا يقولن أحد لولده هذا لا يشبهني ولا يشبه شيئا من آبائي ».

باب

* ( العقيقة والتحنيك والتسمية والكني وحلق رأس المولود ) *

* ( وثقب أذنيه والختان ) *

٤٧١٠ ـ روى عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : « كل امرئ مرتهن يوم القيامة بعقيقته ، والعقيقة أوجب من الأضحية » (٢).

٤٧١١ ـ وفي رواية أبي خديجة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « كل إنسان مرتهن بالفطرة (٣) وكل مولود مرتهن بالعقيقة ».

٤٧١٢ ـ وروي عن عمر بن يزيد قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « والله ما أدرى أكان أبي عق عني أم لا ، فأمرني عليه‌السلام فعققت عن نفسي وأنا شيخ ».

٤٧١٣ ـ وفي رواية علي بن الحكم ، عن علي بن أبي حمزة عن العبد الصالح عليه‌السلام قال : « العقيقة واجبة إذا ولد للرجل ولد فإن أحب أن يسميه من

__________________

(١) أي فليلعب معه كالصبيان ، وصبي صباء مثل سمع سماعا أي لعب مع الصبيان ، وفى الكافي ج ٦ ص ٤٩ في الحسن كالصحيح عن الأصبغ عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : « من كان له ولد صبا » أي فعل فعل الصبي.

(٢) رواه الكليني ج ٦ ص ٢٥ وليس فيه « يوم القيامة » والعقيقة : الذبيحة التي تذبح عن المولود ، وأصل العق : الشق ، وقيل للذبيحة : عقيقة لأنها يشق حلقها. ( النهاية )

(٣) أراد بالفطرة زكاتها ، والظاهر من الارتهان أنه يطالب ويمنع عن الثواب.

٤٨٤

يومه فعل » (١).

٤٧١٤ ـ وروى عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « العقيقة لازمة لمن كان غنيا ، ومن كان فقيرا إذا أيسر فعل ، فإن لم يقدر على ذلك فليس عليه شئ وإن لم يعق عنه حتى ضحى عنه فقد أجزأته الأضحية ، وكل مولود مرتهن بعقيقته وقال في العقيقة : يذبح عنه كبش ، فإن لم يوجد كبش أجزأه ما يجزي في الأضحية وإلا فحمل أعظم ما يكون من حملان السنة » (٢).

٤٧١٥ ـ وفي رواية محمد بن مارد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سألته عن العقيقة فقال : شاة أو بقرة أو بدنة ، ثم يسمي ويحلق رأس المولود يوم السابع ، ويتصدق بوزن شعره ذهبا أو فضة فإن كان ذكرا عق عنه ذكرا ، وإن كان أنثى عق عنها أنثى ».

٤٧١٦ ـ و « عق أبو طالب ـ رحمه‌الله ـ عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم السابع فدعا آل أبي طالب فقالوا : ما هذه؟ فقال : عقيقة أحمد قالوا : لأي شئ سميته أحمد؟ قال سميته أحمد لمحمدة أهل السماء والأرض له » (٣).

__________________

(١) لا خلاف بين الأصحاب في وقتها وهو اليوم السابع ، واختلف في حكمها وقال السيد وابن الجنيد : انها واجبة وادعى السيد عليه الاجماع ، وهو ظاهر المؤلف والكليني ، وذهب الشيخ ومن تأخر عنه إلى الاستحباب ، والظاهر أن المراد بقوله « العقيقة واجبة » هي سنة مؤكدة.

(٢) أي وان لم يوجد ما يجزى في الأضحية ـ وهو ما كان له سبعة أشهر من أولاد الضان وما كان له سنة من أولاد المعز ـ فيجزى حمل هو أعظم حملان تلك السنة التي ولد فيها المولود أي من أعظمها ، والحملان ـ بضم المهملة ـ جمع حمل ـ بفتحتين ـ وهو من أولاد الضأن ( مراد ) أقول : العقيقة ليست بمنزلة الأضحية وانها تجزى ما كانت كما في خبر مرازم في الكافي عن الصادق عليه‌السلام قال : « العقيقة ليست بمنزلة الهدى خيرها أسمنها »

(٣) رواه الكليني ج ٦ ص ٣٤ مسندا ، وعن أبي السائب ، عن أبي عبد الله ، عن أبيه عليهما‌السلام.

٤٨٥

ويجوز أن يعق عن الذكر بأنثى ، وعن الأنثى بذكر (١).

وقد روي أنه يعق عن الذكر بأنثيين ، وعن الأنثى بواحدة (٢) وما استعمل من ذلك فهو جائز ، والأبوان لا يأكلان من العقيقة وليس ذلك بمحرم عليهما ، وإن أكلت منه الام لم ترضعه ، وتطعم القابلة الرجل منها بالورك ، وإن كانت القابلة أم الرجل أو في عياله فليس لها شئ وإن شاء قسمها أعضاء كما هي ، وإن شاء طبخها وقسم معها خبزا ومرقا ولا يعطيها إلا لأهل الولاية (٣).

٤٧١٧ ـ وفي رواية عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إن كانت القابلة يهودية لا تأكل من ذبيحة المسلمين أعطيت ربع قيمة الكبش يشترى ذلك منها » (٤).

٤٧١٨ ـ وفي رواية عمار أيضا « أنه يعطى القابلة ربعها ، فإن لم تكن قابلة فلامه تعطيها من شاءت وتطعم منها عشرة من المسلمين فإن زاد فهو أفضل ».

٤٧١٩ ـ وروي « أن أفضل ما يطبخ به ماء وملح ».

٤٧٢٠ ـ قال عمار الساباطي : « وسئل عن العقيقة إذا ذبحت هل يكسر عظمها

__________________

(١) رواه في الكافي في الصحيح عن المنصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « العقيقة في الغلام والجارية سواء » وعن سماعة قال « سألته عن العقيقة فقال : في الذكر والأنثى سواء ، وفى معناه عن ابن مسكان وأبى بصير عنه عليه‌السلام.

(٢) لم أجده في مظانه.

(٣) في الكافي ج ٦ ص ٣٢ في الصحيح عن أبي خديجة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا يأكل هو ولا أحد من عياله من العقيقة ، قال : وللقابلة الثلث من العقيقة ، فان كانت القابلة أم الرجل أو في عياله فليس لها منها شئ ، وتجعل أعضاء ، ثم يطبخها ويقسمها ولا يعطيها الا أهل الولاية ، وقال : يأكل العقيقة كل أحد الا الام ».

(٤) مروى في الكافي في ذيل حديث هكذا « وان كانت القابلة يهودية لا تأكل ذبيحة المسلمين أعطيت قيمة ربع الكبش » يعنى تعطى إياها وتشترى منها.

٤٨٦

قال : نعم يكسر عظمها ويقطع لحمها ، وتصنع بها بعد الذبح ما شئت » (١).

٤٧٢١ ـ وسأل إدريس بن عبد الله القمي أبا عبد الله عليه‌السلام « عن مولود يولد فيموت يوم السابع هل يعق عنه؟ قال : إن كان مات قبل الظهر لم يعق عنه ، وإن [ كان ] مات بعد الظهر عق عنه » (٢).

٤٧٢٢ ـ وروى عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا أردت أن تذبح العقيقة قلت : « يا قوم إني برئ مما تشركون إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين ، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين ، اللهم منك ولك بسم الله والله أكبر ، اللهم تقبل (٣) من فلان بن فلان « وتسمي المولود باسمه ثم تذبح ».

٤٧٢٣ ـ وفي حديث آخر (٤) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « يقال عند العقيقة :  «اللهم منك ولك ما وهبت ، وأنت أعطيت ، اللهم فتقبله منا على سنة نبيك» وتستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ، وتسمي وتذبح وتقول : « لك سفكت الدماء ، لا شريك لك ، والحمد لله رب العالمين ، اللهم اخسأ عنا الشيطان الرجيم ».

وأما الختان فإنه سنة في الرجال ومكرمة في النساء (٥).

٤٧٢٤ ـ وروى غياث بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : « قال علي عليه‌السلام : لا بأس أن لا تختتن المرأة ، فأما الرجل فلابد منه ».

__________________

(١) يدل على جواز كسر العظم ولا ينافي قول أبى عبد الله عليه‌السلام في رواية الكاهلي المروية في الكافي « يعطى القابلة الرجل مع الورك ولا يكسر العظم » حيث إنه محمول على الكراهة أو أن ما يعطى القابلة لا يكسر عظمه.

(٢) رواه الكليني ج ٦ ص ٣٩ في الصحيح وعليه عمل الأصحاب. ( المرآة )

(٣) في الكافي « اللهم صل على محمد وآل محمد وتقبل ـ الخ ».

(٤) رواه الكليني ج ٦ ص ٣٩ مسندا عن محمد بن مارد عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

(٥) روى الكليني ج ٦ ص ٣٧ بسند مرسل عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال : « الختان في الرجل سنة ، ومكرمة في النساء ».

٤٨٧

٤٧٢٥ ـ وكتب عبد الله بن جعفر الحميري إلى أبي محمد الحسن بن علي عليهما‌السلام « أنه روى عن الصالحين عليهما‌السلام (١) أن اختنوا أولادكم يوم السابع يطهروا ، فإن الأرض تضج إلى الله عزوجل من بول الأغلف (٢) وليس جعلني الله فداك لحجامي بلدنا حذق بذلك ولا يختنونه يوم السابع وعندنا حجام من اليهود فهل يجوز لليهود أن يختنوا أولاد المسلمين أم لا؟ فوقع عليه‌السلام : يوم السابع فلا تخالفوا السنن إن شاء الله » (٣).

٤٧٢٦ ـ وروي عن مرازم بن حكيم الأزدي عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في الصبي إذا ختن قال يقول : « اللهم هذه سنتك وسنة نبيك صلواتك عليه وآله واتباع منا لك ولنبيك (٤) بمشيتك وبإرادتك ، وقضائك لأمر أنت أردته (٥) وقضاء حتمته وأمر أنفذته فأذقته حر الحديد في ختانه وحجامته لأمر أنت أعرف به مني ، اللهم فطهره من الذنوب ، وزد في عمره ، وادفع الآفات عن بدنه ، والأوجاع عن جسمه ، وزده من الغنى ، وادفع عنه الفقر ، فإنك تعلم ولا نعلم « وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : أي رجل لم يقلها عند ختان ولده فليقلها عليه من قبل أن يحتلم ، فإن قالها كفي حر الحديد من قتل أو غيره ».

ويستحب إذا ولد المولود أن يؤذن في أذنه الأيمن ويقام في الأيسر ويحنك بماء الفرات ساعة يولد إن قدر عليه (٦).

__________________

(١) في الكافي ج ٦ ص ٣٥ « أنه روى عن الصادقين عليهما‌السلام ».

(٢) الأغلف غير المختون.

(٣) يعنى أن المهم فيه إنما هو وقوعه يوم السابع ، وأما اسلام الحجام فليس بمهم. ( الوافي )

(٤) في بعض النسخ « وكتبك » بدل « ولنبيك ».

(٥) في بعض النسخ « بقضائك لأمر أردته ».

(٦) روى الكليني ج ٦ ص ٢٣ باسناده المعروف عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال : « قال رسول الله عليه وآله : من ولد له مولود فليؤذن في أذنه اليمنى بأذان الصلاة وليقم في اليسرى فإنها عصمة من الشيطان الرجيم ». والحنك ـ محركة ـ : باطن أعلى الفم ، والتحنيك ما يصنع للمولود عند ولادته من وضع شئ حلو بعد مضغه أو وضع التربة الحسينية أو ماء الفرات في فمه ليصل ذلك إلى جوفه. وروى الكليني عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « يحنك المولود بماء الفرات ويقام في أذنه » وفى رواية أخرى « حنكوا أولادكم بماء الفرات وبتربة الحسين عليه‌السلام فإن لم يكن فبماء السماء ».

٤٨٨

٤٧٢٧ ـ وروي عن هارون بن مسلم قال : « كتبت إلى صاحب الدار عليه‌السلام : ولد لي مولود وحلقت رأسه ووزنت شعره بالدراهم وتصدقت به ، قال : لا يجوز وزنه إلا بالذهب أو الفضة وكذا جرت السنة » (١).

٤٧٢٨ ـ وسئل أبو عبد الله عليه‌السلام : « ما العلة في حلق رأس المولود؟ قال : تطهيره من شعر الرحم » (٢).

٤٧٢٩ ـ وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما‌السلام « عن مولود لم يحلق رأسه يوم السابع ، فقال : إذا مضى سبعة أيام فليس عليه حلق » (٣).

٤٧٣٠ ـ وفي رواية السكوني قال : « قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا فاطمة اثقبي اذني الحسن والحسين خلافا لليهود » (٤).

__________________

(١) المراد بصاحب الدار صاحب الامر عليه‌السلام ظاهرا ويحتمل كونه أبا محمد وأبا الحسن صلوات الله عليهما باعتبار كونهما محبوسين ( بالعسكر ) في دار سر من رأى التي هي مزارهما صلوات الله عليهما ، وقوله « كذا جرت السنة » كما في الاخبار من عدم ذكر الدرهم بل الفضة والورق وهذا الخبر مبينها كما ذكره الأصحاب وان أمكن أن يكون جوابه عليه‌السلام تقريرا لفعله مع زيادة افاده أنه لا يجوز غير المذهب والفضة. ( م ت )

(٢) رواه المصنف في العلل في الصحيح عن صفوان بن يحيى عمن حدثه عنه عليه‌السلام.

(٣) رواه الكليني في الصحيح ويدل على أنه لا حلق ولا تصدق بعد السابع ، ويمكن أن يكون محمولا على نفى الكمال تحريصا على فعله في السابع والعمل على الأول. ( م ت )

(٤) اعلم أن المصنف ـ رحمه‌الله ـ ذكر في العنوان التسمية والكنى ولم يذكر أخبارهما فان أردت الاخبار في ذلك فراجع الكافي ج ٦ ص ١٨ وكتاب الوسائل أبواب أحكام الأولاد ب ٢١ إلى ٣٠.

٤٨٩

باب

* ( حال من يموت من أطفال المؤمنين ) *

٤٧٣١ ـ روى أبو زكريا ، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « إذا مات طفل من أطفال المؤمنين نادى مناد في ملكوت السماوات والأرض ألا إن فلان ابن فلان قد مات ، فإن كان مات والداه أو أحدهما أو بعض أهل بيته من المؤمنين دفع إليه يغذوه وإلا دفع إلى فاطمة عليهما‌السلام تغذوه حتى يقدم أبواه أو أحدهما أو بعض أهل بيته فتدفعه إليه ».

٤٧٣٢ ـ وفي رواية الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إن الله تبارك وتعالى كفل إبراهيم وسارة أطفال المؤمنين يغذوانهم بشجرة في الجنة لها أخلاف (١) كأخلاف البقر في قصر من درة ، فإذا كان يوم القيامة ألبسوا وطيبوا واهدوا إلى آبائهم ، فهم ملوك في الجنة مع آبائهم وهو قول الله عزوجل : « والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم » (٢).

٤٧٣٣ ـ وفي رواية أبي بكر الحضرمي قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام « في قول الله عزوجل : « والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بايمان ألحقنا بهم ذريتهم (٢) « قال : قصرت الأبناء عن أعمال الاباء فألحق الله الأبناء بالاباء لتقر بذلك أعينهم ».

٤٧٣٤ ـ وسأل جميل بن دراج أبا عبد الله عليه‌السلام « عن أطفال الأنبياء عليهم‌السلام ، فقال : ليسوا كأطفال الناس ».

٤٧٣٥ ـ و « سأله عن إبراهيم بن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لو بقي كان صديقا نبيا؟ قال : لو بقي كان على منهاج أبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله ».

__________________

(١) الخلف ـ بكسر ـ : حلمة ضرع الناقة جمعه أخلاف.

(٢) في بعض النسخ « واتبعناهم ذرياتهم » ، و « ألحقنا بهم ذرياتهم » كما في قراءة بعض.

٤٩٠

٤٧٣٦ ـ وفي رواية عامر بن عبد الله قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : « كان على قبر إبراهيم بن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عذق يظله من الشمس حيثما دارت ، فلما يبس العذق ذهب أثر القبر فلم يعلم مكانه ».

٤٧٣٧ ـ وقال عليه‌السلام : « مات إبراهيم وله ثمانية عشر شهرا فأتم الله رضاعه في الجنة ».

٤٧٣٨ ـ وقال عليه‌السلام في قول الله عزوجل : « وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما » قال : أبدلهما الله عزوجل مكان الابن ابنة فولد منها سبعون نبيا ».

باب

* ( حال من يموت من أطفال المشركين والكفار ) *

٤٧٣٩ ـ روى وهب بن وهب ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : « قال علي عليه‌السلام : أولاد المشركين مع آبائهم في النار ، وأولاد المسلمين مع آبائهم في الجنة » (١).

٤٧٤٠ ـ وروى جعفر بن بشير ، عن عبد الله بن سنان قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن أولاد المشركين يموتون قبل أن يبلغوا الحنث؟ قال : كفار ، والله أعلم بما كانوا عاملين يدخلون مداخل آبائهم » (٢).

__________________

(١) تقدم أن أبا البختري وهب بن وهب ضعيف كذاب ، وتعذيب غير المكلف قبيح عقلا.

(٢) الحنث هو الاثم وبلغ الغلام الحنث أي المعصية والطاعة. والسؤال عن أحكامهم من الغسل والكفين والصلاة والدفن ، والجواب أن حكمهم حكم الكفار ، يدفنون مع آبائهم أي في مقابرهم ، وقوله عليه‌السلام : « والله أعلم بما كانوا عاملين » أي كفوا عنهم ولا تقولوا فيهم شيئا ورد واعلم ذلك إلى الله تعالى. كما في خبر زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام المروى في الكافي ج ٣ ص ٢٤٩

٤٩١

٤٧٤١ ـ وقال عليه‌السلام : « تؤجج لهم نار فيقال لهم : ادخلوها فإن دخلوها كانت عليهم بردا وسلاما ، وإن أبوا قال الله عزوجل لهم : هو ذا أنا قد أمرتكم فعصيتموني ، فيأمر الله عزوجل بهم إلى النار » (١).

٤٧٤٢ ـ وفي رواية حريز ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « إذا كان يوم القيامة احتج الله على سبعة : على الطفل ، والذي مات بين النبيين ، والشيخ الكبير الذي أدرك النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو لا يعقل ، والأبله ، والمجنون الذي لا يعقل ، والأصم والأبكم ، كل واحد منهم يحتج على الله عزوجل قال : فيبعث الله عزوجل إليهم رسولا فيؤجج لهم نارا فيقول : إن ربكم يأمركم أن تثبوا فيها فمن وثب فيها كانت عليه بردا وسلاما ، ومن عصى سيق إلى النار ».

قال مصنف هذا الكتاب ـ رحمه‌الله ـ : هذه الأخبار متفقة وليست بمختلفة وأطفال المشركين والكفار مع آبائهم في النار لا يصيبهم من حرها لتكون الحجة أوكد عليهم متى أمروا يوم القيامة بدخول نار تؤجج لهم مع ضمان السلامة متى لم يثقوا به ولم يصدقوا وعده في شئ قد شاهدوا مثله (٢).

باب

* ( تأديب الولد وامتحانه ) *

٤٧٤٣ ـ قال الصادق عليه‌السلام : « دع ابنك يلعب سبع سنين ، ويؤدب سبع سنين والزمه نفسك سبع سنين ، فإن أفلح وإلا فإنه ممن لا خير فيه » (٣).

__________________

(١) رواه الكليني في الضعيف المرفوع عن بعضهم عليهم‌السلام. وتأجيج النار اشتعالها والهابها ، يقال : أججتها تأجيجا.

(٢) لا خلاف في أن الأطفال المؤمنين يدخلون الجنة ويلحقون بآبائهم ، وإنما الخلاف في أطفال الكفار أهم أهل الجنة أم أهل النار ، والمسألة قليلة الجدوى ، وليس فيها قول نعتمد عليه ويوافق ظاهر الروايات. فنرد علمها إلى أهله.

(٣) رواه الكليني بسند فيه ارسال ج ٦ ص ٤٤.

٤٩٢

٤٧٤٤ ـ وكان جابر بن عبد الله الأنصاري يدور في سكك الأنصار بالمدينة وهو يقول : علي خير البشر فمن أبى فقد كفر ، يا معاشر الأنصار أدبوا أولادكم على حب علي ، فمن أبى فانظروا في شأن أمه » (١).

٤٧٤٥ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « من وجد برد حبنا على قلبه فليكثر الدعاء لامه فإنها لم تخن أباه » (٢).

وكان الصبي على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا وقع الشك في نسبه عرضت عليه ولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام فإن قبلها ألحق نسبه بمن ينتمي إليه وإن أنكرها نفي (٣).

٤٧٤٦ ـ وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « يربى الصبي (٤) سبعا ويؤدب سبعا ، ويستخدم سبعا ، ومنتهى طوله في ثلاث وعشرين سنة ، وعقله في خمس وثلاثين [ سنة ] وما كان بعد ذلك فبالتجارب ».

٤٧٤٧ ـ وفي رواية حماد بن عيسى قال (٥) : « يشب الصبي كل سنة أربع أصابع بإصبع نفسه ».

٤٧٤٨ ـ وروى صالح بن عقبة قال : سمعت العبد الصالح عليه‌السلام يقول : « تستحب

__________________

(١) أي فمن أبى من الأولاد فهو لعلة كانت من قبل أمه ، وهذا الكلام رواه العامة بطريق متكثرة مذكورة في مسند أحمد بن حنبل وفردوس الاخبار ومسند فخر خوارزم وغيرها ، و نقل من طرقهم عن عائشة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بسبع طرق : « يا معشر الأنصار أدبوا أولادكم على حب علي عليه‌السلام » أقول : ورواه المصنف في العلل.

(٢) رواه المصنف في علل الشرايع في القوى عن المفضل بن عمر.

(٣) ينتمى أن ينتسب والانتماء الانتساب.

(٤) في مكارم الأخلاق « يرخى الصبي سبعا » وكذا في البحار.

(٥) مروى في الكافي ج ٦ ص ٤٦ مسندا عن حماد بن عيسى عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « يشب ـ الخ ».

٤٩٣

عرامة الغلام في صغره ليكون حليما في كبره » (١).

٤٧٤٩ ـ و « سأل رجل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : ما بالنا نجد بأولادنا ما لا يجدون بنا (٢)؟ قال : لأنهم منكم ولستم منهم » (٣).

٤٧٥٠ ـ وسئل الصادق عليه‌السلام « لم أيتم الله نبيه محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال : لئلا يكون لاحد عليه طاعة » (٤).

( كتاب الطلاق )

باب

* ( وجوه الطلاق ) *

الطلاق على وجوه ، ولا يقع شئ منها إلا على طهر من غير جماع بشاهدين عدلين ، والرجل مريد للطلاق غير مكره ولا مجبر ، فمنها طلاق السنة ، وطلاق العدة ، وطلاق الغائب ، وطلاق الغلام ، وطلاق المعتوه ، وطلاق التي لم يدخل بها ، وطلاق الحامل ، وطلاق التي لم تبلغ المحيض ، وطلاق التي قد يئست من المحيض ، وطلاق الأخرس ، وطلاق السر ، ومنه التخيير والمبارأة والنشوز والشقاق والخلع

__________________

(١) عرامة الغلام بطره وميله إلى اللعب وبغضه للمكتب وشكاسة خلقه وهي مستحسن مطلوب لأنها تدل على عقله وفطانته في الكبر. وقيل : المراد استحباب حمله على الأمور الشاقة في الصغر ليوجب حلمه وعقله في الكبر. وزاد في الكافي « ثم قال : ما ينبغي الا هكذا ».

(٢) أي نحزن ونضطرب بسبب مرضهم وموتهم وابتلاءاتهم ما لا يحزنون بنا.

(٣) رواه المصنف في العلل في الحسن كالصحيح عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام.

(٤) رواه المصنف في العلل في الحسن كالصحيح عن محمد بن أبي عمير ، عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

٤٩٤

والايلاء والظهار واللعان ، وطلاق العبد ، وطلاق المريض ، وطلاق المفقود ، والخلية والبرية والبتة والبائن ، والحرام (١) وحكم العنين.

باب

* ( طلاق السنة ) *

روي عن الأئمة عليهم‌السلام أن طلاق السنة هو أنه (٢) إذا أراد الرجل أن يطلق امرأته تربص بها حتى تحيض وتطهر ، ثم يطلقها في قبل عدتها (٣) بشاهدين عدلين في موقف واحد بلفظة واحدة ، فإن أشهد على الطلاق رجلا وأشهد بعد ذلك الثاني لم يجز ذلك الطلاق إلا أن يشهدهما جميعا في مجلس واحد (٤) ، فإذا مضت بها ثلاثة أطهار فقد بانت منه ، وهو خاطب من الخطاب والامر إليها إن شاءت تزوجته وإن شاءت فلا ، فإن تزوجها بعد ذلك تزوجها بمهر جديد ، فإن أراد طلاقها طلقها للسنة على ما وصفت ، ومتى طلقها طلاق السنة فجائز له أن يتزوجها بعد ذلك ، و سمي طلاق السنة طلاق الهدم متى استوفت قروؤها وتزوجها ثانية هدم الطلاق الأول (٥)

__________________

(١) أي يقول : أنت على حرام.

(٢) مأخوذ من عدة روايات رواها الكليني والشيخ جلها عن الصادقين عليهما‌السلام.

(٣) بضم القاف وسكون الباء : أي في اقبالها حين يتمكن من الدخول.

(٤) روى الكليني في الحسن كالصحيح ج ٦ ص ٧١ عن البزنطي قال : « سألت أبا ـ الحسن عليه‌السلام عن رجل طلق امرأته على طهر من غير جماع وأشهد اليوم رجلا ثم مكث خمسة أيام ثم أشهد آخر ، فقال : إنما أمر أن يشهدا جميعا ».

(٥) ظاهره أنه لا يحسب من الثلاث التي تحرم بعدها المطلقة ويحتاج إلى المحلل وهذا مذهب ابن بكير حيث قال ـ على المحكى ـ : « لو فعل هذا مائة مرة بها هدم ما قبله وحلت بلا محلل ، نعم لو راجعها قبل أن ينقضي عدتها ثم يطلقها ثلاثا كذلك لم تحل بعد الثلاث الا بالمحلل ». وروى في ذلك رواية عن أبي جعفر عليه‌السلام خلافا للمشهور بل للاجماع حيث حكموا بالاحتياج إلى المحلل بعد الثلاث وان انقضى العدة ، والرواية التي نقلها ابن بكير شاذ حكم بشذوذه الشهيد في المسالك وقال : هذا الخبر بالاعراض عنه حقيق ، وظاهر المصنف اختيار مذهب ابن بكير لكن لم ينقل عنه.

٤٩٥

وكل طلاق خالف السنة فهو باطل ، ومن طلق امرأته للسنة فله أن يراجعها ما لم تنقض عدتها ، فإذا انقضت عدتها بانت منه وكان خاطبا من الخطاب ، ولا تجوز شهادة النساء في الطلاق (١) ، وعلى المطلق للسنة نفقة المرأة والسكنى ما دامت في عدتها ، وهما يتوارثان حتى تنقضي العدة » (٢).

٤٧٥١ ـ وروى القاسم بن محمد الجوهري ، عن علي بن أبي حمزة قال : قال أبو ـ عبد الله عليه‌السلام : « لا طلاق إلا على السنة ، إن عبد الله بن عمر طلق ثلاثا في مجلس وامرأته حائض (٣) فرد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله طلاقه ، وقال : ما خالف كتاب الله رد إلى كتاب الله » (٤).

٤٧٥٢ ـ وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه « سئل عن رجل قال لامرأته : إن تزوجت عليك أو بت عنك (٥) فأنت طالق ، فقال : إن رسول ـ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من شرط شرطا سوى كتاب الله عزوجل لم يجز ذلك عليه ولا له (٦) ،

__________________

(١) روى الكليني ج ٧ ص ٣٩١ في الموثق عن محمد بن مسلم قال : قال : « لا تجوز شهادة النساء في الهلال ولا في الطلاق ـ الخ ».

(٢) لكونها زوجته فتجب على الزوجة النفقة والسكنى وبينهما الميراث.

(٣) الطلاق في الحيض كان مخالفا لقوله تعالى « فطلقوهن لعدتهن » أي وقتها ، واللام للتوقيت بالاجماع عند الفريقين وهو الطهر الذي لم يواقعها فيه بالاجماع.

(٤) مضمون هذا الخبر متواتر في الصحيحين روى مسلم في صحيحه كتاب الطلاق تحت رقم ٤ مسندا عن محمد ( ابن أخير الزهري ) عن عمه قال : أخبرنا سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر قال : طلقت امرأتي وهي حائض ، فذكر ذلك عمر للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم فتغبط رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم قال : « مره فليراجعها حتى تحيض حيضة أخرى مستقبلة سوى حيضتها التي طلقتها فيها ، فان بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرا من حيضتها قبل أن يمسها فذلك الطلاق للعدة كما أمر الله ».

(٥) أي ان تزوجت عليك بزوجة تكون ضرة لك أو لم أكن ليلة عندك وأكون عند غيرك.

(٦) الظاهر أن هذا هو الطلاق باليمين ، وربما يطلق عليه الطلاق بالشرط ، وأجمع الأصحاب على بطلان الطلاق بهما. ( م ت )

٤٩٦

قال : وسئل عن رجل قال : كل امرأة أتزوجها ما عاشت أمي فهي طالق ، فقال : لا طلاق إلا بعد نكاح ، ولا عتق إلا بعد ملك ».

٤٧٥٣ ـ وفي رواية النضر بن سويد ، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « في رجل قال : امرأته طالق ومماليكه أحرار إن شربت حراما أو حلالا من الطلا (١) أبدا ، فقال : أما الحرام فلا يقربه أبدا إن حلف وإن لم يحلف ، وأما الطلا فليس له أن يحرم ما أحل الله (٢) قال الله عزوجل : « يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك « فلا يجوز يمين في تحريم حلال ، ولا في تحليل حرام ، ولا في قطيعة رحم ».

٤ ٤٧٥ وروى [ عن ] محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « قام رجل إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : « إني طلقت امرأتي للعدة بغير شهود ، فقال : ليس طلاقك بطلاق ، فارجع إلى أهلك » (٣).

ولا يقع الطلاق بإكراه ولا إجبار (٤) ولا على سكر ، ولا على غضب ، ولا يمين. (٥)

__________________

(١) الطلا : المطبوخ من عصير العنب ، وحرامه ما لم يذهب ثلثاه ، وحلالا ما ذهب ثلثاه ويصير دبسا ، والحرام حرام أبدا ولا يحتاج إلى التحريم باليمين الباطلة. ( م ت )

(٢) أي ليس له أن يحرم ما كان منه حلالا.

(٣) يدل على أنه يشترط في الطلاق أن يكون بمحضر عدلين يسمعانه ، والخبر في الكافي هكذا عن محمد بن مسلم « قدم رجل إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام بالكوفة فقال : انى طلقت امرأتي بعد ما طهرت من محيضها قبل أن أجامعها ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أشهدت رجلين ذوي عدل كما أمر الله عزوجل ، فقال : لا ، فقال : اذهب فان طلاقك ليس بشئ ».

(٤) روى الكليني ج ٦ ص ١٢٧ في الحسن كالصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن طلاق المكره وعتقه ، فقال : ليس طلاقه بطلاق ولا عتقه بعتق ـ الحديث ».

(٥) روى الكليني في الحسن كالصحيح على الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سألته عن طلاق السكران ، فقال : لا يجوز ولا كرامة » وفى القوى عن أبي الصباح

٤٩٧

٤٧٥٥ ـ وروى بكير بن أعين عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سمعته يقول : « إذا طلق الرجل امرأته وأشهد شاهدين عدلين في قبل عدتها فليس له أن يطلقها بعد ذلك حتى تنقضي عدتها أو يراجعها » (١).

٤٧٥٦ ـ وجاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام (٢) فقال : « يا أمير المؤمنين إني طلقت امرأتي ، فقال : ألك بينة؟ فقال : لا ، فقال : أعزب » (٣).

__________________

الكتاني عنه عليه‌السلام « قال : ليس طلاق السكران بشئ ». وعن يحيى بن عبد الله عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سمعته يقول : لا يجوز الطلاق في استكراه ، ولا يجوز عتق في استكراه ، ولا يجوز يمين في قطيعة رحم ولا في شئ من معصية الله ، فمن حلف أو حلف في شئ من هذا وفعله فلا شئ عليه قال : وإنما الطلاق ما أريد به الطلاق من غير استكراء ولا اضرار على العدة والسنة على طهر بغير جماع وشاهدين فمن خالف هذا فليس طلاقه ولا يمينه بشئ يرد إلى كتاب الله عزوجل » ج ٦ ص ١٢٧.

(١) رواه الكليني بسند حسن وفيه « حتى تنقضي عدتها الا أن يراجعها ».

(٢) رواه الكليني في الحسن كالصحيح في ذيل حديث عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام.

(٣) أي غب واذهب ، وهو كناية عن عدم الوقوع. ويدل بظاهره على وجوب الاشهاد عنده عليه‌السلام خلافا لمذهب الجمهور في المشهور وقد ذهب منهم جماعة إلى وجوبه كعبد الملك بن جريج وعطاء بن أبي رباح وعمران بن حصين وقالوا بأنه شرط لصحة الطلاق ووقوعه ، روى ابن كثير في تفسيره عن ابن جريج أن عطاء كان يقول في قوله تعالى : « واشهدوا ذوي عدل منكم » قال : لا يجوز في نكاح ولا طلاق ولا ارجاع الا شاهدا عدل ». وأخرج السيوطي في الدر المنثور عن عبد الرزاق وعبد بن حميد ، عن عطاء قال : النكاح بالشهود ، والطلاق بالشهود والمراجعة بالشهود. وعن ابن سيرين أن رجلا سأل عمران بن حصين عن رجل طلق ولم يشهد وراجع ولم يشهد ، قال : بئس ما صنع طلق لبدعة ، وراجع لغير سنة ، فليشهد على طلاقه وعلى مراجعته وليستغفر الله.

وروى أبو داود في سننه نحوه عن عمران. وبالجملة ان القول بوجوب الاشهاد غير منحصر بالامامية ، وبعد ما ثبت عندنا أن عليا عليه السلام يقول به ويفتى ويحكم به فقول من خالفه باطل لقول النبي صلى الله عليه وآله « على مع الحق والحق معه » كما رواه الفريقان.

٤٩٨

٤٧٥٧ ـ وقال أبو جعفر عليه‌السلام (١) : « لو وليت الناس لعلمتهم الطلاق وكيف ينبغي لهم أن يطلقوا ، ثم قال : لو اتيت برجل قد خالفه لأوجعت ظهره ، ومن طلق لغير السنة رد إلى كتاب الله عزوجل وإن رغم أنفه ».

٤٧٥٨ ـ وسأل سماعة أبا عبد الله عليه‌السلام « عن المطلقة أين تعتد؟ قال : في بيتها لا تخرج فإن أرادت زيارة خرجت قبل نصف الليل ، ورجعت بعد نصف الليل (٢) ولا تخرج نهارا ، وليس لها أن تحج حتى تنقضي عدتها » (٣).

٤٧٥٩ ـ وسئل الصادق عليه‌السلام « عن قول الله عزوجل : « واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة » قال : إلا أن تزني فتخرج ويقام عليها الحد » (٤).

٤٧٦٠ ـ وكتب محمد بن الحسن الصفار ـ رضي‌الله‌عنه ـ إلى أبي محمد الحسن بن علي عليهما‌السلام « في امرأة طلقها زوجها ولم يجز عليها النفقة للعدة وهي محتاجة هل يجوز لها أن تخرج وتبيت عن منزلها للعمل والحاجة؟ فوقع عليه‌السلام : لا بأس بذلك إذا علم الله الصحة منها ».

باب

* ( طلاق العدة ) *

طلاق العدة هو أنه إذا أراد الرجل أن يطلق امرأته طلقها على طهر من غير

__________________

(١) رواه الكليني ج ٦ ص ٥٧ بسند موثق عن أبي بصير عنه عليه‌السلام.

(٢) نسخة في بعض النسخ « خرجت بعد نصف الليل ورجعت قبل نصف الليل » وفى الكافي والتهذيبين « وان أرادت زيارة خرجت بعد نصف الليل ولا تخرج نهارا ـ الخ » مع زيادة في آخره.

(٣) حمل على الرجعية ولا خلاف في عدم جواز خروجها من بيت الزوج وكذلك لا خلاف في عدم جواز اخراجها الا أن تأتى بفاحشة مبينة.

(٤) يعنى لا تخرج الا لإقامة الحد عليها فترد بعد الحد إلى بيت الزوج.

٤٩٩

جماع بشاهدين عدلين ، ثم يراجعها من يومه ذلك أو بعد ذلك قبل أن تحيض (١) و يشهد على رجعتها حتى تحيض ، فإذا خرجت من حيضها طلقها تطليقة أخرى من غير جماع ويشهد على ذلك ، ثم يراجعها متى شاء قبل أن تحيض ويشهد على رجعتها ويواقعها وتكون معه إلى أن تحيض الحيضة الثانية ، فإذا خرجت من حيضتها طلقها الثالثة وهي طاهر من غير جماع ويشهد على ذلك ، فإن فعل ذلك فقد بانت منه و لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره (٢) ، وأدنى المراجعة أن يقبلها أو ينكر الطلاق فيكون إنكار الطلاق مراجعة ، وتجوز المراجعة بغير شهود كما يجوز التزويج ، و إنما تكره المراجعة بغير شهود من جهة الحدود والمواريث والسلطان (٣) ، ومن طلق امرأته للعدة ثلاثا واحدة بعد واحدة كما وصفت فتزوجت المرأة زوجا آخر و لم يدخل بها فطلقها أو مات عنها قبل الدخول بها فاعتدت المرأة لم يجز لزوجها الأول أن يتزوجها (٤) حتى يتزوجها رجل آخر ويدخل بها ويذوق عسيلتها ،

__________________

(١) ينبغي حمل كلامه على الحيض الذي بها يخرج عن العدة ، قال سلطان العلماء : لعل مراده الحيضة الثالثة التي هي انقضاء العدة فهو كناية عن أنه لابد أن يكون المراجعة قبل انقضاء العدة ، وأما اشتراط كون المراجعة في طهر الطلاق لم ينقل عن أحد بل المشهور اعتبار المراجعة في العدة وإن كان في الطهر الثاني أو الثالث.

(٢) الظاهر أن المؤلف لم يعتبر المواقعة في الرجعة الأولى وهو خلاف المشهور ولعله اكتفى بذكره في الطلاق الثاني ، وأخذ كلامه هذا من خبر زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام في الكافي وفيه « ويراجعها من يومه ذلك أن أحب أو بعد ذلك بأيام ( أو ) قبل أن تحيض ويشهد على رجعتها ويواقعها ويكون معها حتى تحيض فإذا حاضت وخرجت من حيضها طلقها تطليقة أخرى من غير جماع ويشهد على ذلك ثم يراجعها ـ إلى آخر الكلام » وعلى هذا ، الذي يترتب على طلاق العدة أنها في التاسعة تحرم مؤبدا بخلاف طلاق السنة فإنها لا تحرم أبدا إذا تحلل في كل ثالثة.

(٣) الاشهاد على الرجعة غير واجب عندنا للأصل ، ولكن يستحب لحفظ الحق ودفع النزاع ، وقوله « من وجهة الحدود » أي اسقاطها ، فان المخالفين يحدونهما وان قالوا بالرجعة.

(٤) لاشتراط الدخول في المحلل ، وعدم كفاية مجرد العقد.

٥٠٠