كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٣

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٣

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: علي اكبر الغفّاري
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٦١٢

٤٢٧٦ ـ وروى حماد بن عثمان ، عن محمد بن أبي الصباح قال : قلت لأبي الحسن عليه‌السلام : « إن أمي تصدقت علي بنصيب لها في الدار ، فقلت لها : إن القضاة لا يجيزون هذا ولكن اكتبيه شرى ، فقالت : أصنع من ذلك ما بدا لك ولك ما ترى أن يسوغ لك فتوثقت ، فأراد بعض الورثة أن يستحلفني أني قد نقدتها الثمن ولم أنقدها شيئا فما ترى؟ قال : فاحلف لهم » (١).

٤٢٧٧ ـ وقال أبو عبد الله عليه‌السلام « في رجل حلف إن كلم أباه أو أمه فهو يحرم بحجة ، قال : ليس بشئ » (٢).

٤٢٧٨ ـ وسئل عليه‌السلام « عن رجل غضب فقال : علي المشي إلى بيت الله الحرام ، قال : إذا لم يقل لله علي فليس بشئ ».

٤٢٧٩ ـ وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في قول الله عزوجل : « لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم « قال : هو لا والله وبلى والله » (٣).

٤٢٨٠ ـ وروى محمد بن مسلم (٤) قال : « سألت أحدهما عليهما‌السلام عن رجل قالت له

__________________

(١) رواه الشيخ في التهذيب ج ٢ ص ٣٢٩ في الصحيح والمشهور أنه يجب التورية بان يحلف اما ببراءة ذمته أو يحلف بأن ليس عليه من ثمن الحصة شئ أو يقول : نقدتها الثمن و يقصد ثمن شئ قد نقدها.

(٢) لم أجده مسندا ولعله موثق سماعة في الكافي ج ٧ ص ٤٤٠ قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل جعل عليه أيمانا أن يمشى إلى الكعبة أو صدقة أو عتق أو نذر أو هدى ان هو كلم أباه أو أمه أو أخاه أو ذا رحم أو قطع قرابة أومأ ثم فيه يقيم عليه ، أو أمر لا يصلح له فعله ، فقال : كتاب الله قبل اليمين ولا يمين في معصية ».

(٣) المراد باللغو الساقط الذي لا يعتد به من كلام وغيره ولغو اليمين مالا عقد معه كما سبق به اللسان أو تكلم جاهلا لمعناه ، ومنها قول : لا والله وبلى والله من غير عقد بل لمجرد التأكيد فقط ولا يؤاخذ الله به في الدنيا بوجوب الكفارة عقوبة ولا في الآخرة بعذاب. والخبر رواه الشيخ والكليني عن القمي عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عنه عليه‌السلام بزيادة في آخره وهي « ولا يعتقد على شئ ».

(٤) رواه الحسين بن سعيد عن محمد بن مسلم كما في البحار.

٣٦١

امرأته : أسألك بوجه الله إلا ما طلقتني ، قال : يوجعها ضربا أو يعفو عنها » (١).

٤٢٨١ ـ وروى عثمان بن عيسى ، عن أبي أيوب عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا تحلفوا بالله صادقين ولا كاذبين فإن الله عزوجل قد نهى عن ذلك فقال عزوجل : « ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم » (٢).

٤٢٨٢ ـ وقال أبو أيوب قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « من حلف بالله فليصدق ومن لم يصدق فليس من الله في شئ ، ومن حلف له بالله فليرض ومن لم يرض فليس من الله في شئ » (٣).

٤٢٨٣ ـ وروى بكر بن محمد الأزدي ، عن أبي بصير عنه عليه‌السلام أنه قال : « لو حلف الرجل أن لا يحك أنفه بالحائط لابتلاه الله تعالى حتى يحك أنفه بالحائط ، ولو حلف الرجل أن لا ينطح برأسه الحائط لوكل الله عزوجل به شيطانا حتى ينطح برأسه الحائط » (٤).

٤٢٨٤ ـ وروى حماد بن عيسى ، عن عبد الله بن ميمون عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « للعبد أن يستثني ما بينه وبين أربعين يوما إذا نسي (٥) إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أتاه

__________________

(١) أي هو مختار في أحد الامرين ولا يلزم عليه شئ بما قال امرأته. ( سلطان )

(٢) العرضة فعلة بمعنى مفعول تطلق لما يعرض دون الشئ ، وللمعرض للامر ، فالمعنى على الأول لا تجعلوا الله حاجزا لما حلفتم عليه من الخيرات فيكون المراد بالايمان الأمور المحلوف عليها ، وعلى الثاني لا تجعلوا الله معرضا لايمانكم فتبتذلوه بكثرة الحلف به فحينئذ كلمة « أن » في بقية الآية « أن تبروا » مع صلتها بيان للمحلوف عليه على المعنى الأول وعلى الثاني تعليل للنهي أي أنهاكم إرادة بركم وتقواكم.

(٣) رواه الكليني ج ٧ ص ٤٣٨ بسند موثق ، وتقدم نحوه في باب الدين والقروض تحت رقم ٣٧٠٢.

(٤) رواه الحسين بن سعيد عن البطائني عن أبي بصير كما في نوادر أحمد بن عيسى ص ٦٠ ويدل على كراهة الحلف على ترك هذه الأمور.

(٥) يعنى يجوز للحالف أن يعلق يمينه على مشيئة الله بأن يقول « لله على كذا إن كان كذا إن شاء الله ويجوز تأخير « إن شاء الله » إلى أربعين يوما إذا نسي ، وهذا يقتضى عدم انعقاد اليمين للنبوي المنجبر « من حلف على يمين فقال إن شاء الله لم يحنث » رواه أبو داود في سننه ج ٢ ص ٢٠١ ، ولخبر السكوني المروى في الكافي ج ٧ ص ٤٤٨ عن أبي عبد الله عن أمير المؤمنين عليهما‌السلام « من استثنى في يمين فلا حنث ولا كفارة » وذلك إذا كان المقصود بالاستثناء التعليق ، لا مجرد التبرك ، وفصل العلامة في القواعد فحكم بانعقاد اليمين مع الاستثناء إن كان المحلوف عليه واجبا أو مندوبا والا فلا.

٣٦٢

ناس من اليهود فسألوه عن أشياء فقال لهم : تعالوا غدا أحد ثكم ولم يستثن فاحتبس جبرئيل عليه‌السلام عنه أربعين يوما ، ثم أتاه فقال : « ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت ».

٤٢٨٥ ـ وروى القاسم بن محمد الجوهري ، عن علي بن أبي حمزة قال : « سألته عمن قال : والله ، ثم لم يف به قال أبو عبد الله عليه‌السلام : كفارته إطعام عشرة مساكين مدا مدا دقيق أو حنطة أو تحرير رقبة أو صيام ثلاثة أيام متوالية إذا لم يجد شيئا » (١).

٤٢٨٦ ـ وروى ابن بكير ، عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : « نمر بالمال على العشار فيطلبون منا أن نحلف لهم ويخلون سبيلنا ولا يرضون منا إلا بذلك ، قال : فاحلف لهم فهو أحل من التمر والزبد » (٢).

٤٢٨٧ ـ وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : « التقية في كل ضرورة وصاحبها أعلم بها حين تنزل به » (٣).

٤٢٨٨ ـ وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « أرى أن لا يحلف إلا بالله وأما قول الرجل « لا بل شانئك » (٤) فإنه من قول الجاهلية ، ولو حلف

__________________

(١) مروى في الكافي ج ص ٤٥٣ في الصحيح وفيه « إذا لم يجد شيئا من ذا » وعدم ذكر الكسوة لظهوره عند المخاطب أو لعلمه عليه‌السلام عدم وجدانها له.

(٢) في بعض النسخ « أحلى من التمر والزبد » فلعل الواو بمعنى « مع » والزبد ـ بالضم ـ : زبد اللبن لان المقام يقتضى ما هو أشد حلاوة. وفى نوادر أحمد بن محمد بن عيسى كما في المتن.

(٣) رواه الحسين بن سعيد عن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام كما في النوادر والبحار.

(٤) مخفف قولهم « لا أب لشانئك » أي لمبغضك كما في بعض النسخ ، وهذه كلمة كانوا ينطقون بها في ضمن كلامهم مرددا كما هو عادة كل أحد من ترداد شئ ضمن كلامه مثل « يغفر الله لك » و « لله أبوك » و « يرحمك الله » وأمثال ذلك ، وفائدته أنه قد ينسى المتكلم ما يريد أن يقوله فيردد هذه الكلمة حتى يذكر ما كان قد نسيه ، وليس هذا وأمثاله حلفا ويمينا الا أنه قد يمكن جعل « لا بل شانئك » قسما نظير ما يقال : ليمت أبى ان كنت قلت ذاك ، ولست ابن أبي أو هلك ابني ، وأما في أكثر الامر فليس قسما البتة.

٣٦٣

الناس بهذا أو شبهه ترك أن يحلف بالله ، وأما قول الرجل : « يا هناه يا هناه » فإنما ذلك طلب الاسم (١) ولا أرى به بأسا ، وأما لعمر الله ، وأيم الله فإنما هو بالله » (٢).

٤٢٨٩ ـ وقال عليه‌السلام « في رجل حلف تقية قال : إن خشيت على دمك ومالك فاحلف ترده عنك بيمينك. فإن رأيت أن يمينك لا ترد عنك شيئا فلا تحلف لهم » (٣).

٤٢٩٠ ـ وقال الحلبي : « وسألته عن الرجل يجعل عليه نذرا ولا يسميه ، فال : إن سميته فهو ما سميت ، وإن لم تسم شيئا فليس بشئ ، فإن قلت » لله على « فكفارة يمين » (٤).

٤٢٩١ ـ وقال عليه‌السلام : « كل يمين لا يراد بها وجه الله عزوجل فليس بشئ

__________________

(١) أي لطلب شئ نسي اسمه فيقول « يا هناه يا هناه » حتى يتذكر.

(٢) لأنه راجع إلى الحلف بحياته تبارك وتعالى والصفة عين الذات فينعقد بخلاف ما لو قال « وحق الله تعالى » ، والمشهور أنه لا ينعقد اليمين الا بالله عز اسمه وجل أو بأسمائه المختصة به جل وعلا أو ما ينصرف اطلاقه إليه تعالى.

(٣) رواه الكليني ج ٧ ص ٤٦٣ عن القمي ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما‌السلام هكذا ـ « وفى رجل حلف تقية قال : ان خفت على مالك ودمك فاحلف ترده بيمينك ، فإن لم تر أن ذلك يرد شيئا فلا تحلف لهم ».

(٤) روى الكليني صدره في « باب ما لا يلزم من الايمان والنذور » وذيله في « باب النذور » في الحسن كالصحيح ، ويدل على أن كفارة النذر كفارة اليمين مطلقا كما ذهب إليه سلار والمحقق في النافع ، وبين الأصحاب في ذلك اختلاف لاختلاف الروايات فذهب الشيخان وأتباعهما والمحقق والعلامة وأكثر المتأخرين إلى أنها كفارة افطار رمضان مطلقا ، وذهب السيد المرتضى وابن إدريس إلى أنه إن كان النذر لصوم فكفارة رمضان وإن كان لغير ذلك فكفارة يمين ، وجمع العلامة في بعض كتبه بذلك بين الاخبار.

٣٦٤

في طلاق أو عتق » (١).

٤٢٩٢ ـ وقال : « في كفارة اليمين مد وحفنة » (٢).

٤٢٩٣ ـ و « عن الرجل (٣) يحلف لصاحب العشور يحرز بذلك ماله؟ قال : نعم ».

٤٢٩٤ ـ و « سألته عن امرأة جعلت مالها هديا لبيت الله إن أعارت متاعا لها فلانة وفلانة ، فأعار بعض أهلها بغير أمرها ، قال : ليس عليها هدي إنما الهدي ما جعل لله عزوجل هديا للكعبة فذلك الذي يوفى به إذا جعل لله ، وما كان من أشباه هذا فليس بشئ ولا هدي لا يذكر فيه اسم الله عزوجل » (٤).

__________________

(١) رواه الكليني في الصحيح عن الحلبي ، وظاهره اشتراط القربة في اليمين وهو خلاف المشهور الا أن يكون المراد باليمين النذر فإنه يشترط فيه القربة اجماعا ، ويحتمل أن المراد بقوله « لا يراد بها وجه الله » أن لا يكون يمينه باسم الله بل بالطلاق والعتاق وغير ذلك. ( سلطان )

(٢) رواه الحسين بن سعيد عن عبيد الله بن علي الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام كما في البحار ، وفى الكافي ج ٧ ص ٤٥١ في الصحيح عن الحلبي عنه عليه‌السلام « في كفارة اليمين يطعم عشرة مساكين مد من حنطة أو مدمن دقيق وحفنة ـ الخ ». والحفنة ملء الكف والظاهر تعلقها بالحنطة والدقيق معا لأجرة خبزهما وغيره لما روى الكليني أيضا في الحسن كالصحيح عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في كفارة اليمين مد مدمن حنطة وحفنة لتكون الحفنة في طحنه وحطبه ، ويحتمل تعلقه بالدقيق فقط لتفاوت كيل الدقيق والحنطة.

(٣) يعنى قال الحلبي : وسألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل.

(٤) رواه الكليني ج ٧ ص ٤٤١ في الحسن كالصحيح مع الخبر الآتي في حديث وفى التهذيب ج ٢ ص ٣٣٣ رواه باسناده عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي وفيه « ولا هدى الا بذكر الله ».

٣٦٥

٤٢٩٥ ـ وسئل « عن الرجل يقول : علي ألف بدنة وهو محرم بألف حجة (١) قال : تلك خطوات الشيطان (٢) ، وعن الرجل يقول : وهو محرم بحجة أو يقول : أنا أهدي هذا الطعام (٣) قال : ليس بشئ إن الطعام لا يهدى ، أو يقول لجزور بعد ما نحرت : هو هدي لبيت الله ، إنما تهدى البدن وهي أحياء وليس تهدى حين صارت لحما » (٤).

٤٢٩٦ ـ وروي في حديث آخر « في رجل قال : لا وأبي ، قال : يستغفر الله » (٥).

٤٢٩٧ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « اليمين على وجهين ، أحدهما : أن يحلف الرجل على شئ لا يلزمه أن يفعل فيحلف أنه يفعل ذلك الشئ أو يحلف على ما يلزمه أن يفعل فعليه الكفارة إذا لم يفعله (٦) ، والأخرى على ثلاثة أوجه فمنها ما يؤجر الرجل عليه إذا حلف كاذبا ، ومنها ما لا كفارة عليه ولا أجر له ، ومنها مالا كفارة عليه فيها والعقوبة فيها دخول النار ، فأما التي يؤجر عليها الرجل إذا حلف

__________________

(١) الظاهر أنه جملة حالية عن ضمير « على » منقولة بالمعنى وكأن القائل قال : على ألف بدنة وأنا محرم بألف حجة ، فيرفع إلى علي ألف احرام بألف حجة في كل احرام أو كل حجة بدنة. ( مراد )

(٢) في الكافي والتهذيب « تلك من خطوات الشيطان » لأنه لا يريد ايقاعه لامتناعه بحسب حاله وهو لاغ فيه (٣) يعنى وسئل عن رجل يقول : أنا محرم بحجة أو يقول : أهدى هذا الطعام كل ذلك ليس بشئ الا أن يقول : لله على كذا.

(٤) من قوله « قال الحلبي » إلى هنا من كلام الحلبي كما أشرنا إليه ورواه الحسين ابن سعيد الأهوازي في كتابه عن الحلبي كما في البحار.

(٥) لم أجده وادخال لا النافية على فعل القسم شايع في كلامهم للتأكيد كما قال البيضاوي ، وتقدم الكلام في عدم انعقاد اليمين بغير أسماء الله تعالى ، وكفارة هذا اليمين الاستغفار.

(٦) أي في الصورتين فان الحلف في الصورة الأولى الوجوب والكفارة على صورة المخالفة ، وفى الصورة الثانية وجوب الكفارة دون أصل الوجوب لأنه كان واجبا عليه بدون الحلف ، نعم صار وجوب ذلك الفعل مؤكدا حتى صار تركه أقبح. ( مراد )

٣٦٦

كاذبا ولا تلزمه الكفارة فهو أن يحلف الرجل في خلاص امرئ مسلم أو خلاص ماله من متعد يتعدى عليه من لص أو غيره. وأما التي لا كفارة عليه فيها ولا أجر له فهو أن يحلف الرجل على شئ ثم يجد ما هو خير من اليمين فيترك اليمين ويرجع إلى الذي هو خير. وأما التي عقوبتها دخول النار فهو أن يحلف الرجل على مال امرئ مسلم أو على حقه ظلما فهذه يمين غموس توجب النار ولا كفارة عليه في الدنيا » (١).

ولا يجوز إطعام الصغير في كفارة اليمين ولكن صغير بن بكبير (٢) فمن لم يجد في الكفارة إلا رجلا أو رجلين فليكرر عليهم حتى يستكمل.

٤٢٩٨ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « اليمين الكاذبة تدع الديار بلاقع من أهلها » (٣).

والنذر على وجهين ، أحدهما : أن يقول الرجل : إن كان كذا وكذا صمت أو صليت أو تصدقت أو حججت أو فعلت شيئا من الخير وكان (٤) ذلك ، فهو بالخيار إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل (٥) ، فان قال ، إن كان كذا وكذا فلله علي كذا وكذا فهو نذر واجب لا يسمه تركه وعليه الوفاء به ، وإن خالف لزمته الكفارة ، وكفارة النذر كفارة اليمين ، وكفارة اليمين إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم

__________________

(١) لم أجد هذا الخبر في أصل مسندا نعم مضمونه في أخبار شتى ، رواه الشيخ في التهذيبين والكليني في الكافي وفى صحيفة الرضا نقله بعين ألفاظه وفى الهداية للمؤلف نقله بدون ذكر الإمام عليه‌السلام.

(٢) روى الكليني ج ٧ ص ٤٥٣ في الموثق عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا يجزى اطعام الصغير في الكفارة اليمين ولكن صغيرين بكبير » ولعل هذا مخصوص بكفارة اليمين وأما في غيرها فيجتزى بهم مطلقا كالكبار وهكذا في صورة الاطعام دون التسليم.

(٣) مروى في الكافي في الضعيف عن الصادق عليه‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله البلاقع جمع بلقع وبلقعة هي الأرض القفر التي لا شئ بها كما في النهاية.

(٤) أي حصل وتحقق ذلك الشرط الذي علق عليه الفعل.

(٥) حيث لم يقل : « لله على » وبدون هذه الكلمة لم يتحقق النذر.

٣٦٧

لكل مسكين مد أو كسوتهم لكل رجل ثوبين ، أو تحرير رقبة ، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم.

فإن نذر رجل أن يصوم كل يوم سبت أو أحد أو سائر الأيام فليس له أن يتركه إلا من علة ، وليس عليه صومه في سفر ولا مرض إلا أن يكون نوى ذلك (١) ، فإن أفطر من غير علة تصدق مكان كل يوم على عشرة مساكين (٢).

فإن نذر أن يصوم يوما بعينه ما دام حيا فوافق ذلك اليوم يوم عيد فطر أو أضحى أو أيام التشريق أو سافر أو مرض فقد وضع الله عنه الصيام في هذه الأيام كلها ، ويصوم يوما بدل يوم (٣).

وإذا نذر الرجل نذرا ولم يسم شيئا (٤) فهو بالخيار إن شاء تصدق بشئ ، وإن شاء صلى ركعتين ، وإن شاء صام يوما ، وإن شاء أطعم مسكينا رغيفا (٥).

وإذا نذر أن يتصدق بمال كثير ولم يسم مبلغه فإن الكثير ثمانون وما زاد لقول الله تعالى : « لقد نصركم الله في مواطن كثيرة » وكانت ثمانين موطنا (٦).

__________________

(١) أي نوى أن يصوم في السفر أو المرض ما لم يتضرر ، أو الاستثناء من السفر فقط.

(٢) لانعقاد النذر شرعا وفى صورة التخلف تجب عليه الكفارة.

(٣) كما في مكاتبة القاسم بن أبي القاسم الصيقل المروية في التهذيبين قال : « كتبت إليه يا سيدي رجل نذر أن يصوم يوم الجمعة دائما ما بقي فوافق ذلك اليوم يوم عيد فطر أو أضحى أو أيام التشريق أو سفر أو مرض هل عليه صوم أو قضاؤه أو كيف يصنع يا سيدي؟ فكتب إليه : قد وضع الله عنه الصيام في هذه الأيام كلها ويصوم يوما بدل يوم إن شاء الله » ونقل هذا الخبر في التهذيب في باب النذر عن علي بن مهزيار مكاتبة فاذن صحيح ، وقوله « أو في أيام التشريق » مخصوص بمن كان بمنى ناسكا كما تقدم في أحكام الحج.

(٤) أي شيئا من الصالحات بخصوصه ، بل نذر فعلا حسنا مطلقا.

(٥) روى الكليني ج ٧ ص ٤٦٣ في الضعيف عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه‌السلام « أن أمير المؤمنين عليه‌السلام سئل عن رجل نذر ولم يسم شيئا ، قال : ان شاء صلى ركعتين ، وان شاء صام يوما ، وان شاء تصدق برغيف ».

(٦) لرواية أبى بكر الحضرمي المروية في التهذيب ج ٢ ص ٣٣٥ قال : « كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام فسأله رجل عن رجل مرض فنذر لله شكرا ان عافاه الله أن يتصدق من



٣٦٨

وإن صام يوما أو شهرا لم يسمه في النذر فأفطر فلا كفارة عليه إنما عليه أن يصوم مكانه يوما معروفا على حسب ما نذر ، فإن نذر أن يصوم يوما معروفا أو شهرا معروفا فعليه أن يصوم ذلك اليوم أو ذلك الشهر فإن لم يصمه أو صامه فأفطر فعليه الكفارة » (١).

فإن نذر أن يصوم يوما فوقع ذلك اليوم على أهله فعليه أن يصوم بدل يوم ويعتق رقبة مؤمنة (٢).

والأعمى لا يجزي في الرقبة ، ويجزي الأقطع والأشل والأعرج والأعور ، ولا يجزي المقعد (٣).

__________________

ماله بشئ كثير ولم يسم شيئا فما تقول؟ قال : يتصدق بثمانين درهما فإنه يجزيه ، وذلك بين في كتاب الله إذ يقول لنبيه » لقد نصركم الله في مواطن كثيرة « والكثيرة في كتاب الله ثمانون ». وفى تفسير العياشي عن يوسف بن السخت أنه « اشتكى المتوكل فنذر لله ان شفاه الله أن يتصدق بما كثير فكتب إلى الهادي عليه‌السلام يسأله فكتب تصدق بثمانين درهما ، وكتب قال الله لرسوله (ص) » لقد نصركم الله في مواطن كثيرة « والمواطن التي نصر الله رسوله فيها ثمانون موطنا فثمانون درهما من حله مال كثير » وروى نحوه الكليني ج ٧ ص ٤٦٧ وفى تفسير علي بن إبراهيم مثله ، وروى في معاني الأخبار ص ٢١٨ مسندا عن البرقي عن أبيه ، عن أبن أبى عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال « في رجل نذر أن يتصدق بمال كثير ، فقال الكثير ثمانون فما زاد لقول الله تبارك وتعالى » لقد نصركم الله في مواطن كثيرة « وكانت ثمانين موطنا ».

(١) قال في النافع : « ما لم يعين بوقت يلزمه الذمة مطلقا ، وما قيد بوقت يلزمه فيه ولو أخل لزمه الكفارة » لان الأول بمنزلة الواجب الموسع والثاني بمنزلة المضيق.

(٢) كما في ذيل مكاتبة علي بن مهزيار المروية في الكافي ج ٧ ص ٤٥٦ في الموثق « كتب إليه يسأله يا سيدي رجل نذر أن يصوم يوما فوقع ذلك اليوم على أهله ، ما عليه من الكفارة؟ فكتب إليه : يصوم يوما بدل يوم وتحرير رقبة مؤمنة ».

(٣) روى الشيخ في الموثق عن أبي جعفر عليه‌السلام « لا يجزى الأعمى في الرقبة و يجزى ما كان منه مثل الأقطع والأشل والأعرج والأعور ، ولا يجوز المقعد ». ومروى نحوه في الكافي في الضعيف عن أمير المؤمنين عليه‌السلام.

٣٦٩

ويجوز في الظهار صبي ممن ولد في الاسلام (١).

فإن حلف رجل غريمه أن لا يخرج من البلد إلا يعلمه فلا يجوز له أن يخرج حتى يعلمه ، فإن خشي أن لا يدعه أن يخرج ويقع عليه وعلى عياله ضرر فليخرج ولا شئ عليه (٢).

وإن ادعى رجل على رجل مالا ولم يكن له بينة وكان غير محق في دعواه فإن بلغ مقدار ثلاثين درهما فليعطه ولا يحلف ، وإن كان أكثر من ثلاثين درهما فليحلف ولا يعطه (٣).

وإذا كان للرجل جارية فأذته امرأته وغارت عليه فقال لها : هي عليك صدقة فإن كان جعلها لله عزوجل فليس له أن يقر بها وإن لم يكن ذكر الله فهي جاريته يصنع بها ما يشاء (٤).

٤٢٩٩ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من أجل الله أن يحلف به كاذبا أعطاه الله

__________________

(١) كما في مرسلة الحسين بن سعيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام في التهذيب ج ٢ ص ٢٣٣.

(٢) روى الكليني ج ٧ ص ٤٦٢ في الضعيف عن إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « الرجل يكون عليه اليمين فيحلفه غريمه بالايمان المغلظة أن لا يخرج من البلد الا يعلمه ، فقال : لا يخرج حتى يعلمه ، قلت : ان أعلمه لم يدعه ، قال : إن كان علمه ضررا عليه وعلى عياله فليخرج ولا شئ عليه ».

(٣) روى الكليني ج ٧ ص ٤٣٥ عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا ادعى عليك مال ولم يكن له عليك فأراد أن يحلفك ، فان بلغ مقدار ثلاثين درهما فأعطه ولا تحلف ، وإن كان أكثر من ذلك فاحلف ولا تعطه ».

(٤) روى الشيخ في التهذيب ج ٢ ص ٢٣٦ في المرسل كالصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام « في الرجل تكون له الجارية فتؤذيه امرأته وتغار عليه فيقول : هي عليك صدقة ، قال : ان جعلها لله وذكر الله فليس له أن يقربها ، وان لم يكن ذكر الله فهي جاريته يصنع بها ما شاء ».

٣٧٠

عزوجل خيرا مما ذهب منه » (١).

٤٣٠٠ ـ وقال أبو جعفر الباقر عليه‌السلام : « ما ترك عبد شيئا لله عزوجل ففقده ».

٤٣٠١ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من حلف سرا فليستثن سرا ومن حلف علانية فليستثن علانية » (٢).

٤٣٠٢ ـ وسأل إسماعيل بن سعد أبا الحسن الرضا عليه‌السلام « عن الرجل يحلف باليمين وضميره على غير ما حلف ، قال : اليمين على الضمير » (٣) ـ يعني على ضمير المظلوم ـ.

٤٣٠٣ ـ وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما‌السلام « عن الرجل يحلف وينسى ما قاله ، قال : هو على ما نوى » (٤).

__________________

(١) رواه الكليني ج ٧ ص ٤٣٤ باسناده عن السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام رفعه إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ونقله الشيخ في التهذيب عنه وفيهما بدون لفظة « كاذبا » فحينئذ معناه واضح وأما على ما في المتن فاما أن يقرء « يحلف به » بالتخفيف فيكون « كاذبا » حالا عنه واما أن يقرء بالتشديد فيكون « كاذبا » مفعوله ، والمعنى أنه لم يقدم على احلاف الكاذب ويترك حقه من أجل أن لا بينة له ويجل الله سبحانه من أن يحلف به. وفى نسخة من الفقيه « صادقا » بدل « كاذبا » والظاهر أنه أنسب بالمقام.

(٢) مروى في الكافي مسندا عن السكوني وقال العلامة الحلي : لعله لعدم الاتهام بترك اليمين ولم أر قائلا بوجوبه.

(٣) رواه الكليني ج ٧ ص ٤٤٤ في الصحيح. وفى التهذيب في الحسن كالصحيح عن صفوان عنه عليه‌السلام. وقوله « على ضمير المظلوم » من كلام المؤلف لعدم وجوده في الكافي والتهذيب وأخذه المؤلف من خبر مسعدة بن صدقة المروى في الكافي قال : « سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول وسئل عما يجوز من النية على الاضمار في اليمين فقال : قد يجوز في موضع ولا يجوز في آخر ، فأما ما يجوز فإذا كان مظلوما فما حلف به ونوى اليمين فعلى نيته ، وأما إذا كان ظالما فاليمين على نية المظلوم » ويدل على أن المعتبر في اليمين على نية المظلوم من الخصمين ولا ينفع للظالم التورية لو حلف.

(٤) مروى في قرب الإسناد ص ١٢١ مسندا وفيه « ما حاله » بدل « ما قاله » ولعله تصحيف وحاصله أن السائل سأل عن حالف قصد الحلف على شئ فحلف ثم نسي كلامه ولم يدر هل كان حلفه يطابق نيته أولا فأجاب عليه‌السلام إذا نسي ولم يدر فهو على نيته.

٣٧١

٤٣٠٤ ـ وروي عن سعد بن الحسن عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه « سئل عن الرجل يحلف أن لا يبيع سلعته بكذا وكذا ثم يبدو له (١) قال : يبيع ولا يكفر » (٢).

٤٣٠٥ ـ وروى السكوني عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام قال : « إذا قال الرجل : أقسمت أو حلفت فليس بشئ حتى يقول : أقسمت بالله أو حلفت بالله » (٣).

٤٣٠٦ ـ وروى أبان ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام « في رجل قال : علي بدنة ولم يسم أين ينحرها؟ قال : إنما النحر بمنى يقسمها بين المساكين » (٤).

٤٣٠٧ ـ وروى محمد بن يحيى الخزاز ، عن طلحة بن زيد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما‌السلام « أن عليا عليه‌السلام كره أن يطعم الرجل في كفارة اليمين قبل الحنث » (٥).

٤٣٠٨ ـ وسأل محمد بن منصور موسى بن جعفر عليهما‌السلام « عن رجل نذر صياما فثقل الصوم عليه ، قال : يتصدق [ عن ] كل يوم بمد من حنطة » (٦).

__________________

(١) أي ثم يظهر له أن يبيعه بذلك الذي حلف أن لا يبيعه لأنه أصلح له.

(٢) لعدم كونه من أقسام اليمين التي تجب الكفارة بمخالفتها وقد تقدم فلا ينافي ما ورد من وجوب الكفارة بالحنث.

(٣) تقدم الاخبار فيه ، والخبر مروى في التهذيب ج ٢ ص ٣٣٢ عن محمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن النوفلي ، عن السكوني.

(٤) مروى في التهذيب بسند موثق كالصحيح.

(٥) رواه الشيخ في التهذيب ج ٢ ص ٣٣٢ بسند صحيح عن طلحة بن زيد وهو بتري عامي المذهب ولم يوثق ، وقال الشيخ في الفهرست له كتاب معتمد. والحنث في اليمين نقضها وقبل الحنث لا يجب الكفارة. وفى الضعيف عن الصادق عليه‌السلام « أن علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : إذا حنث الرجل فليطعم عشرة مساكين ويطعم قبل ان يحنث ».

(٦) الخبر في الكافي ج ٤ ص ١٤٣ هكذا قال : « سألت الرضا عليه‌السلام عن رجل نذر نذرا في صيام فعجز فقال : كان أبى يقول : عليه مكان كل يوم مد » ولا يخفى اختلاف المفهومين فان ثقل الصوم غير العجز وصوم شهر رمضان في الصيف في بعض الأمصار ثقيل على نوع الناس ولا يصدق العجز ، فلابد أن نحمل الثقل على العجز. وفى نسخة من الفقيه « تصدق عن كل يوم بمدين من حنطة » وستأتي بقية الكلام عند خبر إسحاق بن عمار تحت رقم ٤٣٢٥ إن شاء الله.

٣٧٢

٤٣٠٩ ـ وروى طلحة بن زيد ، عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما‌السلام في امرأة حبلى شربت دواء فأسقطت ، قال : تكفر عنه » (١).

٤٣١٠ ـ و « سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رجلا يقول : « أنا برئ من دين محمد « فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ويلك إذا برئت من دين محمد فعلى دين من تكون؟! فما كلمه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى مات » (٢).

٤٣١١ ـ وروى محمد بن إسماعيل ، عن سلام بن سهم الشيخ المتعبد (٣) أنه سمع أبا عبد الله عليه‌السلام يقول لسدير : يا سدير إنه من حلف بالله كاذبا كفر ، ومن حلف بالله صادقا أثم ، إن الله عزوجل يقول : ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم ».

٤٣١٢ ـ وروى عبد الله بن القاسم ، عن عبد الله بن سنان قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام (٤) : « لا يمين في غضب ولا في قطيعه رحم ولا في جبر ولا في إكراه ، قال : قلت : أصلحك الله فما فرق بين الاكراه والجبر؟ قال ، الجبر من السلطان يكون و الاكراه من الزوجة والأب والام وليس ذلك بشئ ».

__________________

(١) الخبر أجنبي عن المقام بل يناسب باب الكفارات ، وتجب الكفارة بقتل الجنين حيث تلجه الروح كالمولود ، وقيل مطلقا مع المباشرة بقتله لا مع التسبيب كغيره ، كما في الروضة البهية ، وطلحة بن زيد تقدم حاله.

(٢) رواه الكليني ج ٧ ص ٤٣٨ بسند مرفوع ، ولا خلاف في حرمة الحلف بالبراءة من الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة عليهم‌السلام ولا ينعقد صادقا كان أو كاذبا ، واختلف في وجوب الكفارة وعدمها فقال المحقق في الشرايع : ولا تجب بها كفارة ويأثم.

(٣) في الكافي والتهذيب « عن يحيى بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أبي سلام المتعبد » وفى بعض نسخ الفقيه « عن سلام بن يسهم الشيخ المتعبد » وفى رجال العامة ورواتهم رجل يقال له : سلام بن سلم ـ أو سلام بن سليم ـ يروى عن جعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام وضعفه جلهم وقالوا انه خراساني الأصل. يعرف بسلام الطويل ، توفى حدود سنة سبع وسبعين ومائة ولعله هو.

(٤) كذا في الكافي ومعاني الاخبار ص ١٦٦ ، وفى بعض نسخ الفقيه » قال أبو جعفر عليه‌السلام.

٣٧٣

٤٣١٣ ـ وقال علي عليه‌السلام : « احلف بالله كاذبا وأنج أخاك من القتل » (١).

٤٣١٤ ـ وروى عبد الله بن جبلة ، عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في رجل يجعل عليه صياما في نذر فلا يقوى ، قال : يعطي من يصوم عنه كل يوم مدين » (٢).

٤٣١٥ ـ وروى محمد بن عبد الله بن مهران ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى ابن جعفر عليهما‌السلام قال : « سألته عن الرجل يقول هو يهدي إلى الكعبة كذا وكذا ، ما عليه إذا كان لا يقدر على ما يهديه ، قال : إن كان جعله نذرا ولا يملكه فلا شئ عليه ، وإن كان مما يملك غلاما أو جارية أو شبههما باع واشترى بثمنه طيبا فيطيب به الكعبة ، وإن كانت دابة فليس عليه شئ » (٣).

٤٣١٦ ـ وروى السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما‌السلام « أن علي بن أبي طالب عليه‌السلام سئل عن رجل نذر أن يمشي إلى البيت فمر بمعبر ، قال : فليقم في المعبر حتى يجوزه » (٤).

__________________

(١) رواه الشيخ في التهذيب ج ٢ ص ٣٣٢ باسناده عن الصغار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام عن علي عليه‌السلام ، وظاهر الخبر الوجوب ولا خلاف فيه.

(٢) طريق الصدوق إلى عبد الله بن جبلة صحيح ، ورواه الكليني عنه بسند فيه جهالة ، وظاهر الخبر أن المدين اجرة لمن يصوم نيابة عنه ولم يقل به أحد ، وقال سلطان العلماء : يحتمل أن يكون الظرف متعلقا بيعطى بتضمين الكفارة أي يعطى كفارة عن الصوم أو عن نفسه من يصوم أي من عليه الصوم وهو الناذر في كل يوم مدين وكأن الشيخ حمل على هذا فأوجب مدين عليه ـ انتهى وقال في الشرايع « إذا عجز الناذر عما نذره سقط فرضه فلو نذر الحج فصد سقط النذر وكذا لو نذر صوما فعجز لكن روى في هذا أنه يتصدق عن كل يوم بمد من طعام ». وطريق التوفيق بين المدين في هذا الخبر والمد في خبر محمد بن منصور التخيير أو حمل المدين على الاستحباب.

(٣) قال في المسالك : في اخراجه عليه‌السلام الدابة من الحكم وحكمه بعدم لزوم شئ عليه على تقديرها مخالفة للجميع ومحمد بن عبد الله بن مهران ضعيف جدا.

(٤) رواه الكليني ج ٧ ص ٤٥٥ عن القمي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني وعمل به جماعة وحمله جماعة على الاستحباب ، والمعبر ـ بكسر الميم ـ : ما يعبر به كالسفينة.

٣٧٤

٤٣١٧ ـ وقال الصادق عليه‌السلام ليونس بن ظبيان : « يا يونس لا تحلف بالبراءة منا ، فإنه من حلف بالبراءة منا صادقا كان أو كاذبا فقد برئ منا » (١).

٤٣١٨ ـ وقال عليه‌السلام : « من برئ من الله عزوجل صادقا كان أو كاذبا فقد برئ الله منه ».

٤٣١٩ ـ وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم قال : « سألته عن الأحكام (٢) ، فقال : يجوز على كل دين بما يستحلفون » (٣).

٤٣٢٠ ـ و « قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام فيمن استحلف رجلا من أهل الكتاب بيمين صبر (٤) أن يستحلفه بكتابه وملته » (٥).

__________________

(١) مروى في الكافي والتهذيب بسند ضعيف ، وتقدم الكلام فيه.

(٢) أي عن الأحكام الشرعية والمسائل الدينية.

(٣) كذا في جميع النسخ ورواه الشيخ في التهذيبين بسند صحيح وفيهما هكذا « فقال : في كل دين ما يستحلفون » وزاد في بعض النسخ « به » فحينئذ لا يدل على جواز الاستحلاف بغير الله للمسلم لأنه مجرد اخبار عن شرايعهم.

(٤) اليمين الصبر هي التي يمسك الحكم عليها وكانت لازمة لصاحبها من جهة الحكم أي الزم بها صاحبها ويحبس عليها.

(٥) روى الكليني ج ٧ ص ٤٥١ في الحسن كالصحيح عن الحلبي قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن أهل الملل يستحلفون ، فقال : « لا تحلفوهم الا بالله عزوجل » وفى الموثق عنه عليه‌السلام قال سماعة : « سألته هل يصلح لاحد أن يحلف أحدا من اليهود والنصارى والمجوس بآلهتهم؟ قال : لا يصلح لاحد أن يحلف أحدا الا بالله عزوجل « وفى الصحيح عن سليمان بن خالد عنه عذره السلام قال : « لا يحلف اليهودي ولا النصراني ولا المجوسي بغير الله ان الله عزوجل يقول : « فاحكم بينهم بما أنزل الله » ، ولعل المراد بما انزل الله قوله تعالى في الشهادة على الوصية حيث قال عز من قائل « يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم ان أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله ان ارتبتم » يعنى الآخرين من غير المسلمين ، وقال في المسالك : مقتضى هذه النصوص عدم جواز الاحلاف

٣٧٥

٤٣٢١ ـ وروى عبد الله بن مسكان ، عن بدر بن خليل (١) قال : « سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن رجل كان في حبس فقال : لله علي إن خرجت من حبسي هذا أن أصوم سنة فخرج الرجل من الحبس وخاف أن لا يمكنه أن يصوم سنة كيف يصنع؟ قال : يصوم شهرا ومن الشهر الثاني أياما فيكون قد صام شهرين متتابعين ، ثم يصوم بعد ذلك ، فمتى أفطر يوما تصدق بمد ، ومتى صام حسب له حتى يتم له سنة ».

٤٣٢٢ ـ وروي محمد بن إسماعيل بن بزيع عن أبي جعفر الثاني عليه‌السلام قال ، قلت له « رجل مات وعليه صوم ، يصام عنه أو يتصدق عنه فإنه أفضل » (٢).

٤٣٢٣ ـ وروي عن علي بن مهزيار قال : قلت لأبي جعفر الثاني عليه‌السلام : « قوله عزوجل ، » والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى « وقوله عزوجل : « والنجم إذا هوى « وما أشبه هذا ، فقال : إن الله عزوجل يقسم من خلقه بما يشاء وليس لخلقه أن يقسموا إلا به عزوجل » (٣).

__________________

الا بالله ، سواء كان الحالف مسلما أو كافرا ، وسواء كان حلفه بغيره أردع أم لا ، وفى بعضها تصريح بالنهي عن احلافه بغير الله ، لكن استثنى المحقق والشيخ في النهاية وجماعة ما إذا رأى الحاكم تحليف الكافر بما يقتضيه دينه أردع من احلافه بالله ، فيجوز تحليفه بذلك والمستند رواية السكوني « أن أمير المؤمنين عليه‌السلام استحلف يهوديا بالتوراة التي أنزلت على موسى عليه‌السلام » ولا يخلو من اشكال ـ انتهى أقول : واحتمل الفيض في هذا الخبر أعني ما في المتن أن يكون المجرور في كتابه وملته راجعين إلى من استحلف ولهذا اتيا بالمفرد دون الجمع.

(١) الظاهر هو بدر بن الوليد الكوفي لرواية ابن مسكان عنه كثيرا.

(٢) لا مناسبة له بالباب ، وقال سلطان العلماء : ولعل المصنف حمل الصوم هذا على صوم الكفارة المخيرة بينه وبين الطعام أو النذر المخير ولذا أورد الحديث في هذا الباب.

(٣) رواه الكليني والشيخ في الحسن كالصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر محمد ابن علي الباقر عليهما‌السلام.

٣٧٦

[ الكفارات ] (١)

٤٣٢٤ ـ وروى محمد الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا يجوز في القتل إلا رجل (٢) ، ويجوز في الظهار وكفارة اليمين صبي » (٣).

٤٣٢٥ ـ وسأل إسحاق بن عمار أبا إبراهيم عليه‌السلام فقال : « يعطي ضعيفا من غير أهل الولاية؟ قال : نعم ، وأهل الولاية؟ أحب إلي » (٤) ـ يعني في الكفارات ـ.

٤٣٢٦ ـ وروي عن المفضل بن عمر الجعفي قال : « سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول في قول الله عزوجل : « فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم « يعني به اليمين بالبراءة من الأئمة عليهم‌السلام يحلف بها الرجل يقول : إن ذلك عند الله عظيم » وهذا الحديث في نوادر الحكمة.

٤٣٢٧ ـ وروى حفص بن عمر عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما كفارة الاغتياب؟ قال : تستغفر لمن اغتبته كما ذكرته » (٥).

٤٣٢٨ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « كفارة الضحك أن يقول : اللهم لا تمقتني » (٦).

__________________

(١) العنوان زيادة منا وليس في الأصل.

(٢) أي لا يجوز في كفارة القتل الخطأ الا اعتاق رجل.

(٣) المشهور عدم جواز الصبي في الجميع وعمل ابن الجنيد بظاهر الخبر.

(٤) روى العياشي في تفسيره ج ١ ص ٣٣٦ باسناده عن إسحاق بن عمار قال : « سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن اطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو اطعام ستين مسكينا أيجمع ذلك؟ فقال : لا ولكن يعطى كل انسان كما قال الله ، قال : قلت : فيعطى الرجل قرابته إذا كانوا محتاجين؟ قال : نعم ، قلت : فيعطيها إذا كانوا ضعفاء من غير أهل الولاية؟ فقال : نعم وأهل الولاية أحب إلى » وروى الحسين بن سعيد نحوه كما في نوادر أحمد ابن محمد بن عيسى ص ٦١ وأقول : في اشتراط ايمان مستحق الكفارة أربعة أقوال راجع المسالك.

(٥) أي تقول اللهم اغفر له ، حيا كان أو ميتا.

(٦) في القاموس : أمقته أبغضه كمقته.

٣٧٧

٤٣٢٩ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « كفارة عمل السلطان فضاء حوائج الاخوان » (١).

٤٣٣٠ ـ وكتب محمد بن الحسن الصفار ـ رضي‌الله‌عنه ـ (٢) إلى أبي محمد الحسن ابن علي عليهما‌السلام « رجل حلف بالبراءة من الله عزوجل أو من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فحنث ما توبته وما كفارته؟ فوقع عليه‌السلام : يطعم عشرة مساكين ، لكل مسكين مد ، و يستغفر الله عزوجل ».

٤٣٣١ ـ وروى عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري ـ رضي‌الله‌عنه ـ عن علي بن محمد بن قتيبة ، عن حمدان بن سليمان ، عن عبد السلام بن صالح الهروي قال : قلت للرضا عليه‌السلام : « يا ابن رسول الله قد روي لنا عن آبائك عليهم‌السلام فيمن جامع في شهر رمضان أو أفطر فيه ثلاث كفارات ، وروي عنهم عليهم‌السلام أيضا كفارة واحدة فبأي الخبرين نأخذ؟ فقال : بهما جميعا ، متى جامع الرجل حراما أو أفطر على حرام في شهر رمضان فعليه ثلاث كفارات : عتق رقبة ، وصيام شهرين متتابعين ، وإطعام ستين مسكينا وقضاء ذلك اليوم ، وإن كان نكح حلالا أو أفطر على حلال فعليه كفارة واحدة وقضاء ذلك اليوم ، وإن كان ناسيا فلا شئ عليه ».

٤٣٣٢ ـ وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « من حلف فقال : لا ورب المصحف (٣) فعليه كفارة واحدة ».

٤٣٣٣ ـ وروى حنان بن سدير عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : « كل ذنب يكفره القتل في سبيل الله إلا الدين لا كفارة له إلا الأداء ، أو يرضى صاحبه ، أو يعفو الذي له الحق » (٤).

__________________

(١) تقدم في كتاب المعايش والمكاسب تحت رقم ٣٦٦٦

(٢) رواه الكليني في الصحيح ج ٧ ص ٤٦١.

(٣) كأنه سقط هنا « فحنث » وهو موجود في الكافي والتهذيب وروياه بسند حسن عن النوفلي عن السكوني عن الصادق عليه‌السلام عن جده أمير المؤمنين صلوات الله عليه.

(٤) تقدم خبر في هذا المعنى تحت رقم ٣٦٨٨ في باب الدين والقروض.

٣٧٨

٤٣٣٤ ـ وروي عن جميل بن صالح قال : « كانت عندي جارية بالمدينة فارتفع طمثها فجعلت لله عزوجل علي نذرا إن هي حاضت ، فعلمت بعد أنها حاضت قبل أن أجعل النذر علي فكتبت إلى أبي عبد الله عليه‌السلام وأنا بالمدينة ، فأجابني إن كانت حاضت قبل النذر فلا نذر عليك ، وإن كانت حاضت بعد النذر فعليك » (١).

٤٣٣٥ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « كفارات المجالس أن تقول عند قيامك منها : سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين ».

( كتاب النكاح )

باب

* ( بدء النكاح وأصله ) *

٤٣٣٦ ـ روي عن زرارة بن أعين (٢) أنه قال : « سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن خلق حواء وقيل له : إن أناسا عندنا يقولون : إن الله عزوجل خلق حواء من ضلع آدم الأيسر الأقصى فقال : سبحان الله وتعالى عن ذلك علوا كبيرا ، أيقول من يقول هذا (٣) إن الله تبارك وتعالى لم يكن له من القدرة ما يخلق لادم زوجة من غير ضلعه؟! ويجعل للمتكلم من أهل التشنيع سبيلا إلى الكلام أن يقول : إن آدم كان ينكح

__________________

(١) رواه الكليني والشيخ في الضعيف وأحمد بن محمد بن عيسى في نوادره ص ٥٩ عن الحسين بن سعيد ، عن جميل بن صالح ولعله مرسل والواسطة القاسم بن محمد وهو واقفي ولم يوثق ، وعمل الأصحاب بالخبر قال في النافع : لو نذر أن برئ مريضه أو قدم مسافره فبان البرء والقدوم قبل النذر لم يلزم ولو كان بعده لزم.

(٢) رواه المؤلف في العلل الجزء الأول ب ١٧ عن شيخه ابن الوليد ، عن أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى العطار جميعا ، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال ، عن أحمد بن إبراهيم بن عمار ، عن ابن نوبة ، عن زرارة. وأحمد بن إبراهيم مشترك. وابن نوبة مجهول.

(٣) في بعض النسخ « يقولون : من يقول هذا ـ الخ ».

٣٧٩

بعضه بعضا إذا كانت من ضلعه ما لهؤلاء حكم الله بيننا وبينهم!! ثم قال عليه‌السلام : إن الله تبارك وتعالى لما خلق آدم عليه‌السلام من طين وأمر الملائكة فسجدوا له ألقى عليه السبات (١) ثم ابتدع له حواء فجعلها في موضع النقرة التي بين وركيه (٢) وذلك لكي تكون المرأة تبعا للرجل ، فأقبلت تتحرك ، فانتبه لتحركها ، فلما انتبه نوديت أن تنحي عنه ، فلما نظر إليها نظر إلى خلق حسن يشبه صورته غير أنها أنثى ، فكلمها فكلمته بلغته ، فقال لها : من أنت؟ قالت : خلق خلقني الله كما ترى ، فقال آدم عليه‌السلام عند ذلك : يا رب ما هذا الخلق الحسن الذي قد آنسني قربه والنظر إليه؟ فقال الله تبارك وتعالى : يا آدم هذه أمتي حواء ، أفتحب أن تكون معك تؤنسك وتحدثك وتكون تبعا لأمرك؟ فقال : نعم يا رب ولك علي بذلك الحمد والشكر ما بقيت ، فقال الله عزوجل : فاخطبها إلي (٣) فإنها أمتي وقد تصلح لك أيضا زوجة للشهوة وألقى الله عزوجل عليه الشهوة وقد علمه قبل ذلك المعرفة بكل شئ ، فقال : يا رب فإني أخطبها إليك فما رضاك لذلك؟ فقال عزوجل : رضاي أن تعلمها معالم ديني ، فقال : ذلك لك يا رب علي إن شئت ذلك لي ، فقال عزوجل وقد شئت ذلك وقد زوجتكها ، فضمها إليك ، فقال لها آدم عليه‌السلام : إلي فاقبلي فقالت له : بل أنت فاقبل إلي ، فأمر الله عزوجل آدم عليه‌السلام أن يقوم إليها ، ولولا ذلك لكان النساء هن يذهبن إلى الرجال حتى يخطبن على أنفسهن ، فهذه قصة حواء صلوات الله عليها ».

وأما قول الله عزوجل : « يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء «فإنه روي أنه عزوجل خلق من طينتها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء (٤) والخبر الذي روي» أن

__________________

(١) المراد بالسبات هنا النوم وأصله الراحة.

(٢) النقرة هي الحفرة والمراد الحفرة التي يكون فوق الدبر.

(٣) يعنى اطلب منى تزويجها.

(٤) نقل السيد الرضى ـ قدس‌سره ـ في حقايق التأويل عن المبرد أن المراد نفس واحدة الحقيقة الواحدة.

٣٨٠