كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٣

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٣

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: علي اكبر الغفّاري
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٦١٢

يشترى من أراضي أهل السواد شيئا إلا من كانت له ذمة فإنما هي فيئ للمسلمين » (١).

٣٨٨٠ ـ وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سئل ـ وأنا حاضر ـ عن رجل أحيا أرضا مواتا فكرى فيها نهرا (٢) وبنى بيوتا وغرس نخلا وشجرا ، فقال : هي له وله أجر بيوتها وعليه فيها العشر فيما سقت السماء أو سيل واد أو عين ، وعليه فيما سقت الدوالي والغرب (٣) نصف العشر ».

٣٨٨١ ـ وسأله سماعة « عن رجل زارع مسلما أو معاهدا فأنفق فيه نفقة (٤) ثم بداله في بيعه أله ذلك؟ قال : يشتريه بالورق فإن أصله طعام » (٥).

٣٨٨٢ ـ وسأله عبد الله بن سنان « عن النزول على أهل الخراج ، فقال : ثلاثة أيام ». وروي ذلك عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (٦).

٣٨٨٣ ـ وروي عن علي بن مهزيار قال : « سألت أبا جعفر الثاني عليه‌السلام عن دار كانت لامرأة وكان لها ابن وابنة فغاب الابن في البحر وماتت المرأة فادعت ابنتها أن أمها كانت صيرت تلك الدار لها وباعت أشقاصا منها وبقيت في الدار قطعة

__________________

(١) المراد بأراضي أهل السواد الأراضي المفتوحة عنوة كالعراق وغيره وقوله « الا من كانت له ذمة » أي من ضرب عليه الخراج على أن تكون الأرض في أيديهم ، وقوله : « لا يشترى » خبر منفى ، وفى بعض النسخ « لا تشترى » وفى التهذيب والاستبصار « لا تشتر » فالمعنى واضح وعلى ما في المتن يمكن أن يكون المراد أنه لا يشترى من الأراضي المفتوحة عنوة الا مسلم أو معاهد يؤدى الخراج ، لكن الظاهر أن نسخ الفقيه مصحفة والصواب ما في كتابي الشيخ رحمه‌الله.

(٢) كريت النهر كريا حفرته.

(٣) الغرب : الدلو العظيم والراوية.

(٤) أي فأنفق الزارع فيه نفقة. وقوله « بداله في بيعه » أي بيع حصته.

(٥) يدل على كراهة بيع الزرع بالحب للربا المعنوي ولا يحرم لان الزرع ليس بمكيل ولا موزون ولو كان حنطة فباعه بحنطة منه فهو محاقلة وقد ادعى الاجماع على حرمته.

(٦) رواه الشيخ في التهذيب ج ٢ ص ١٥٩ في الصحيح.

(٧) الشقص ـ بكسر الشين المعجمة ـ : القطعة من الأرض والنصيب في العين المشتركة من كل شئ.

٢٤١

إلى جنب دار رجل من إخواننا فهو يكره أن يشتريها لغيبة الابن وما يتخوف من أنه لا يحل له شراؤها وليس يعرف للابن خبر ، قال : ومنذ كم غاب؟ قلت : منذ سنين كثيرة ، فقال : ينتظر به غيبة سنين ثم يشتري » (١).

٣٨٨٤ ـ وكتب محمد بن الحسن الصفار ـ رحمه‌الله ـ (٢) إلى أبي محمد الحسن بن علي عليهما‌السلام « في رجل اشترى من رجل بيتا في دار له بجميع حقوقه ، وفوقه بيت آخر هل يدخل البيت الاعلى في حقوق البيت الأسفل أم لا؟ فوقع عليه‌السلام : ليس له إلا ما اشتراه باسمه وموضعه إن شاء الله ».

٣٨٨٥ ـ وكتب إليه « في رجل قال لرجلين : اشهدا إن جميع الدار التي له في موضع كذا وكذا بحدودها كلها لفلان ابن فلان وجميع ماله في الدار من المتاع ، والبينة لا تعرف المتاع أي شئ هو؟ فوقع عليه‌السلام ، يصلح إذا أحاط الشراء بجميع ذلك إن شاء الله » (٣).

٣٨٨٦ ـ وكتب إليه « في رجل كانت له قطاع أرضين فحضره الخروج إلى مكة والقرية على مراحل من منزله ولم يكن له من المقام ما يأتي بحدود أرضه (٤) وعرف

__________________

(١) المشهور الانتظار إلى العمر الطبيعي ، وقيل : أربع سنين بشرط الطلب وهو اختيار السيد المرتضى والصدوق ـ رحمهما‌الله ـ في الميراث ، وقيل : إلى عشرة سنين بلا طلب كما في هذه الرواية ( سلطان ) أقول : طريق المصنف إلى علي بن مهزيار صحيح لكن قوله « روى عن علي بن مهزيار » يشعر بكونه مأخوذا من كتاب مثل الكافي وفيه في طريقه سهل بن زياد وهو ضعيف على المشهور ، ومروى في التهذيب في باب ميراث المفقود « عن علي بن مهزيار » بدون لفظة « روى » وطريقه إليه صحيح.

(٢) كذا وطريق المصنف إليه صحيح ، وفى التهذيب مثل ما في المتن أعني بدون ذكر السند وطريقه إليه صحيح أيضا.

(٣) في الكافي ج ٧ ص ٤٠٢ في حديث عن محمد بن يحيى عنه وفى التهذيب ذيل الخبر المتقدم ، وقوله « يصلح » ذلك إذا علم المشترى ما في البيت ولم يعلمه الشاهد أو مع جهالته عند المشترى أيضا لكونه آئلا إلى المعلومية مع انضمامه إلى المعلوم كما في المرآة.

(٤) أي لا يسعه التوقف بقدر استعلام حدود أرضه بخصوصها وان عرف حدود كل القرية ( سلطان ) وفى الكافي « ولم يؤت بحدود أرضه » بدل « ولم يكن له من المقام ـ الخ ».

٢٤٢

حدود القرية الأربعة فقال للشهود : اشهدوا اني قد بعت من فلان ـ يعني المشتري ـ جميع القرية التي حد منها كذا والثاني والثالث والرابع وإنما له في هذه القرية قطاع أرضين فهل يصلح للمشتري ذلك وإنما له بعض هذه القرية وقد أقر له بكلها؟ فوقع عليه‌السلام لا يجوز بيع ما ليس يملك وقد وجب الشراء من البائع على ما يملك » (١).

٣٨٨٧ ـ وكتب إليه « في رجل يشهده أنه قد باع ضيعة من رجل آخر وهي قطاع أرضين ولم يعرف الحدود في وقت ما أشهده ، وقال : إذا أتوك بالحدود فاشهد بها هل يجوز له ذلك ، أو لا يجوز له أن يشهد؟ فوقع عليه‌السلام : نعم يجوز والحمد لله » (٢).

٣٨٨٨ ـ وكتب إليه « هل يجوز أن يشهد على الحدود إذا جاء قوم آخرون من أهل تلك القرية فشهدوا أن حدود هذه الضيعة التي باعها الرجل هي هذه ، فهل يجوز لهذا الشاهد الذي أشهده بالضيعة ولم يسم الحدود أن يشهد بالحدود بقول هؤلاء الذين عرفوا هذه الضيعة وشهدوا له؟ أم لا يجوز لهم أن يشهدوا وقد قال لهم البائع : اشهدوا بالحدود إذا أتوكم بها (٣)؟ فوقع عليه‌السلام : لا تشهد إلا على صاحب الشئ وبقوله (٤) إن شاء الله ».

٣٨٨٩ ـ وروي عن جراح المدائني قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن دار

__________________

(١) أي بنسبة من الثمن كما هو المشهور ، أو بكله إذا علم المشترى أن المبيع بعض هذه القرية وإنما ذكر الكل لعدم علمه بالحدود. ( المرآة )

(٢) اما مجملا مع عدم العلم بالحدود أو مفصلا مع العلم بها ، ليوافق المشهور وسائر الأخبار ( المرآة ) وقال الفاضل التفرشي : قوله « إذا أتوك » أي إذا ذكروا لك الحدود و عرفوا إياها فاشهد بها ، والظاهر أن المعرفين ممن نص عليهم المقر بقرينة ما يأتي بعد ذلك « إذا جاء قوم آخرون » أي سوى الجماعة التي أشار البايع إليهم بقوله « إذا أتوك ».

(٣) يعنى قال البايع لهؤلاء الآخرين : اشهدوا بالحدود إذا أتوكم بها ، ولعل هذا لا يلائم استظهار الفاضل التفرشي.

(٤) يعنى إذا حصل لك العلم من البايع بالبيع ومن الشهود بالحدود فعليك أن تشهد بما في الواقع بأن تقول : أشهدني المالك على البيع والشهود على الحدود. ( م ت )

٢٤٣

فيها ثلاثة أبيات وليس لهن حجر (١) ، قال : إنما الاذن على البيوت ليس على الدار إذن » (٢).

قال مصنف هذا الكتاب ـ رحمه‌الله ـ : يعني بذلك الدار التي تكون للغلة وفيها السكان بالكرى أو بالسكنى فليس على مثلها من الدور إذن إنما الاذن على البيوت ، فأما الدار التي ليست للغلة فليس لأحد أن يدخلها إلا بإذن.

باب

* ( المزارعة والإجارة ) *

٣٨٩٠ ـ روي عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سألته عن الرجل يعطي الرجل أرضه وفيها ماء ونخل وفاكهة فيقول : اسق هذا من الماء واعمره ولك نصف ما أخرج الله عزوجل منه ، قال : لا بأس ».

قال : وسألته عن الرجل يعطي الرجل الأرض الخربة فيقول : اعمرها وهي لك ثلاث سنين أو أربع أو خمس سنين أو ما شاء ، قال : لا بأس [ بذلك ].

قال : وسألته عن الرجل تكون له الأرض من أرض الخراج عليها خراج معلوم وربما زاد وربما نقص فيدفعها إلى الرجل (٣) على أن يكفيه خراجها ويعطيه مائتي درهم في السنة؟ قال : لا بأس » (٤).

__________________

(١) أي ليس لهذه البيوت منع عن الدخول يعنى ليس لها باب فهل يحتاج إلى الاستيذان لدخول الدار أم لا ويجوز الدخول.

(٢) إشارة إلى قوله تعالى « يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ».

(٣) يحتمل كون ذلك بطريق المصالحة أو الإجارة أو التقبل. ( سلطان )

(٤) لعل وجهه أن مال الإجازة أو المصالحة حينئذ في الحقيقة هو مائنا درهم وهو معلوم لا جهالة فيه ويكون الخراج من قبيل سائر المؤونات التي على المستأجر ويزيد و ينقص فلا بأس بجهالته واحتماله الزيادة والنقصان كسائر المؤونات ( سلطان ) واحتمل بعض أن يكون فاعل زاد ونقص هو الحاصل.

٢٤٤

٣٨٩١ ـ وسأل سماعة أبا عبد الله عليه‌السلام « عن الرجل يتقبل الأرض بطيبة نفس أهلها على شرط يشارطهم عليه ، قال : له أجر بيوتها (١) إلا الذي كان في أيدي دهاقينها إلا أن يكون قد اشترط على أصحاب الأرض ما في أيدي الدهاقين » (٢).

٣٨٩٢ ـ وروى شعيب ، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا تقبلت أرضا بطيبة نفس أهلها على شرط شارطتهم عليه فإن لك كل فضل في حرثها إذا وفيت لهم ، وإنك إن رممت فيها مرمة وأحدثت فيها بناء فإن لك أجر بيوتها إلا ما كان في أيدي دهاقينها ».

٣٨٩٣ ـ وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام قال : « سألته عن رجل استأجر أرضا بألف درهم ، ثم آجر بعضها بمائتي درهم ، ثم قال له صاحب الأرض الذي آجره : أنا أدخل معك فيها بما استأجرت فننفق جميعا (٣) فما كان فيها من فضل كان بيني وبينك ، قال : لا بأس بذلك ».

٣٨٩٤ ـ وروى أبان ، عن إسماعيل قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل استأجر من رجل أرضا فقال : آجرنيها بكذا وكذا إن زرعتها أو لم أزرعها أعطيك

__________________

(١) قوله « على شرط يشارطهم عليه » أي من المدة والعمل وغير ذلك ، وقوله عليه‌السلام « له » أي للمتقبل والمراد بأجر البيوت منافع بيوتها الكائنة في هذه الأرض.

(٢) في التهذيب والكافي هكذا « بطيبة نفس أهلها على شرط يشارطهم عليه وان هو رم فيها مرمة أو جدد فيها بناء فان له أجر بيوتها الا الذي كان في أيدي دهاقينها أولا ، قال إذا كان قد دخل في قبالة الأرض على أمر معلوم فلا يعرض لما في أيدي دهاقينها الا أن يكون قد اشتراط ـ الخ » فالظاهر أن الزيادة سقط من قلم المصنف أو لخص الخبر ، والغرض كما قاله المولى المجلسي؟ إذا تقبل عاملا قرية خربة وشرط على أصحابها انه ان رم دورها يكون له أجرة تلك الدور سوى ما كان في أيدي أهل القرية قبل المرمة أو قبل الإجارة فإذا رمها هل يجوز أن يأخذ من الاكرة أجرة الدور؟ فقال عليه‌السلام قاعدة كلية وهي أنه إذا استأجر الأرض أو زارعها فان القبالة يشملهما ينصرف الاطلاق إلى الأراضي ولا يدخل فيه الدور والبيوت سيما ما كان في أيدي الاكرة الا أن يذكر الدور مع المزرعة.

(٣) أي الضروريات للعمل.

٢٤٥

ذلك فلم يزرع الرجل ، قال : له أن يأخذه بماله إن شاء ترك وأن شاء لم يترك ». (١)

٣٨٩٥ ـ وروى إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا تستأجر الأرض بالتمر ولا بالحنطة ولا بالشعير ولا بالأربعاء ولا بالنطاف (٢) ، قلت : وما الأربعاء؟ قال : الشرب ، والنطاف فضل الماء (٣) ، ولكن تتقبلها بالذهب والفضة ، والنصف والثلث والربع ».

٣٨٩٦ ـ وروى محمد بن مسلم (٤) عن أبي جعفر عليه‌السلام « في رجل اكترى دارا وفيها بستان فزرع في البستان وغرس نخلا وأشجارا وفاكهة وغيرها ولم يستأمر في ذلك صاحب الدار ، قال : عليه الكرى ، ويقوم صاحب الدار ذلك الغرس والزرع فيعطيه الغارس إن كان استأمره في ذلك ، وإن لم يكن استأمره فعليه الكرى وله الغرس والزرع يقلعه ويذهب به حيث شاء ».

٣٨٩٧ ـ وروى إدريس بن زيد (٥) عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : قلت له : « جعلت

__________________

(١) أي ان شاء المستأجر ترك الزرع وان شاء لم يترك ، ويحتمل أن يكون تفصيلا لقوله « له أن يأخذه بماله » أي ان شاء المؤجر ترك ماله ولم يأخذ من المستأجر وان شاء لا يترك ويأخذ منه.

(٢) الأربعاء جمع الربيع وهو النهر الصغير ، والنطاف جمع نطفة وهي الماء القليل والمراد حصة من ماء ، وقال المولى المجلسي : أي لا يستأجر الأرض بشرب أرض المؤجر.

(٣) حمل على الكراهة وقد قيد بما إذا كان شرط أن يكون الحنطة أو الشعير من تلك الأرض ، وقيد الشيخ ـ رحمه‌الله ـ في الاستبصار النهى بما إذا كان قبلها بما يزرع فيها فاما إذا كان في غيرها فلا بأس.

(٤) في طريق المصنف إليه علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن خالد عن أبيه وهما غير مذكورين ورواه الكليني في الكافي ج ٥ ص ٢٩٧ والشيخ في التهذيب بسند موثق بأدنى اختلاف.

(٥) الطريق إليه حسن كما في الخلاصة وهو مجهول الحال الا أن المصنف وصفه في المشيخة بصاحب الرضا عليه‌السلام وربما يشعر ذلك بالمدح ، وقال الوحيد البهبهاني في التعليقة : حكم بعض المتأخرين باتحاده مع إدريس بن زياد الكفرثوثي الثقة بقرينة رواية إبراهيم بن هاشم عنه.

٢٤٦

فداك إن لنا ضياعا ولها الدولاب وفيها مراعي وللرجل منا غنم وإبل ويحتاج إلى تلك المراعي لغنمه وإبله أيحل له أن يحمي المراعي لحاجته إليها؟ قال : إذا كانت الأرض أرضه فله أن يحمي ويصير ذلك إلى ما يحتاج إليه ، وقلت له : الرجل يبيع المرعى؟ فقال : إذا كانت الأرض أرضه فلا بأس » (١).

٣٨٩٨ ـ وروى الحسن بن محبوب ، عن إبراهيم الكرخي قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « أشارك العلج المشرك (٢) فيكون من عندي الأرض والبقر والبذر ويكون على العلج القيام والسعي والعمل في الزرع حتى يصير حنطة أو شعيرا وتكون القسمة فيأخذ السلطان حظه (٣) ويبقى ما بقي على أن للعلج منه الثلث ولي الباقي؟ فقال : لا بأس بذلك ، قلت : فإن عليه أن يرد على ما أخرجت من البذر ويقسم الباقي ، فقال : لا إنما شاركته على أن البذر والبقر والأرض من عندك ، وعليه القيام والسعي » (٤).

٣٨٩٩ ـ وروى الحسن بن محبوب ، عن خالد بن جرير أخي إسحاق بن جرير (٥) قال : « سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن أرض يريد رجل أن يتقبلها فأي وجوه القبالة أحل؟ قال ، يتقبل من أهلها بشئ مسمى (٦) إلى سنين مسماة فيعمر

__________________

(١) قال في الجامع : يجوز بيع المرعى والكلاء إذا كان في ملكه وان يحمى ذلك في ملكه ، فاما الحمى العام فليس الا لله ولرسوله وأئمة المسلمين يحمى لنعم الصدقة والجزية والضوال وخيل المجاهدين ، وقال في الدروس : يجوز بيع الكلاء المملوك ويشترط تقدير ما يرعاء بما يرفع الجهالة. ( المرآة )

(٢) العلج ـ بالكسر والسكون ـ : الرجل الضخم من كفار العجم ، وقيل مطلقا.

(٣) في الكافي ج ٥ ص ٢٦٨ « فيأخذ السلطان حقه ».

(٤) في الكافي « والسقي » وما اشتمل عليه موافق للمشهور. ( المرآة )

(٥) خالد بن جرير بن عبد الله البجلي كان من أصحاب الصادق عليه‌السلام وله كتاب رواه ابن محبوب. وروى الكشي عن علي بن الحسن أنه قال : خالد بن جرير كان صالحا ، و في التهذيب ج ٢ ص ١٧٢ عنه عن أبي الربيع الشامي عن أبي عبد الله عليه‌السلام ولعل الواسطة سقط من النساخ.

(٦) أي من الأجرة والحصة بالثلث والربع. ( م ت )

٢٤٧

ويؤدي الخراج ، فإن كان فيها علوج فلا يدخل العلوج في القبالة فإن ذلك لا يحل » (١).

٣٩٠٠ ـ وروى الحسن بن محبوب عن خالد ، عن أبي الربيع قال : « سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يتقبل الأرض من الدهاقين فيؤاجرها بأكثر مما يتقبلها به ويقوم فيها بحظ السلطان؟ فقال : لا بأس به (٢) إن الأرض ليست مثل الأجير ولا مثل البيت ، إن فضل الأجير والبيت حرام » (٣).

٣٩٠١ ـ « ولو أن رجلا استأجر دارا بعشرة دراهم فسكن ثلثيها وآجر ثلثها بعشرة دراهم لم يكن به بأس ولكن لا يؤاجرها بأكثر مما استأجرها » (٤).

٣٩٠٢ ـ وسئل أبو عبد الله عليه‌السلام (٥) « عن رجل استأجر أرضا من أرض الخراج

__________________

(١) الظاهر أن المشار إليه بذلك مشاركة العلج في القبالة حتى يتعلق حقه بالأرض مثل حق المسلم فلا ينافي ما مر أنه لا بأس في مشاركة العلج حيث إن مشاركته حينئذ في الزراعة عوضا عن عمله وخدمته فهو حينئذ في معنى الأجير ، ويمكن أن يحمل نفى الحل على الحل الذي كان السائل قد سأله وهو كونه أحل ، فيكون المراد أن عدم مشاركة العلج أحل. ( مراد )

(٢) قد مر في رواية إسحاق بن عمار وغيرها النهى عن ذلك إذا كان بالذهب والفضة ، والأصحاب حملوا النهى على الكراهة فلا ينافي الجواز ، ويحتمل حمل هذا على ما إذا عمل فيه عمل ويحتمل الفرق بين الذهب والفضة وغيرهما لكن غير موجود في كلام أكثر الأصحاب.

( سلطان )

(٣) يدل على جواز إجارة الأرض للزراعة بأكثر مما استأجرها مع قيامه بالخراج بخلاف الزيادة التي تحصل من الأجير والبيت. ( م ت )

(٤) هذا الكلام بلفظه حديث رواه الكليني في الكافي ج ٥ ص ٢٧٢ في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، وزاد في آخره « الا أن يحدث فيها شيئا ». ويدل على أنه يجوز أن يسكن بعضها ويوجر الباقي بمثل ما استأجرها ولا يجوز بالأكثر كما ذهب إليه ابن البراج ، والشيخ قال بالمنع فيهما كما في المرآة.

(٥) رواه الكليني ج ٥ ص ٢٧٢ في ذيل خبر عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

٢٤٨

بدراهم مسماة أو بطعام مسمى فيؤاجرها جريبا جريبا أو قطعة قطعة بشئ معلوم فيكون له فضل فيما استأجر من السلطان ولا ينفق شيئا ، أو يؤاجر تلك الأرض قطعا على أن يعطيهم البذور والنفقة فيكون له في ذلك فضل على إجارته وله مرمة الأرض (١) أله ذلك؟ أو ليس له ، فقال : إذا استأجرت أرضا فأنفقت فيها شيئا أو رممت فيها فلا بأس بما ذكرت ».

ولا بأس أن يستكري الرجل أرضا بمائة دينار فيكري بعضها بخمسة وتسعين دينارا ويعمر بقيتها (٢).

٣٩٠٣ ـ روي عن أبي الربيع (٣) قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « كان أبو جعفر عليه‌السلام يقول : إذا بيع الحائط وفيه النخل والشجر سنة واحدة فلا يباعن حتى يبلغ ثمرته ، وإذا بيع سنتين أو ثلاثا فلا بأس ببيعه بعد أن يكون فيه شئ من الخضر » (٤).

٣٩٠٤ ـ وروي عن أبي الربيع (٥) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في رجل يزرع في

__________________

(١) في بعض النسخ والكافي « وله تربة الأرض » وقال العلامة المجلسي : يمكن حمل الأول على الإجارة والثاني على المزارعة ، لان في المزارعة لا يملك منافع الأرض فهو بمنزلة الأجير في العمل ، أو المراد بالتربة التراب الذي يطرح على المزارع لاصلاحها ، أو أنه يبقى لنفسه شيئا من تربة الأرض ، أو لا يبقى بل يؤاجرها كلها ، وفى بعض النسخ « ولم تربة الأرض » بتشديد الميم بمعنى اصلاح تربتها.

(٢) روى الشيخ في التهذيب ج ٢ ص ١٧٣ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام قال : « سألته عن رجل يستكري الأرض بمائة دينار فيكري نصفها بخمسة و تسعين دينارا ويعمر هو بقيتها؟ قال : لا بأس ».

(٣) رواه الشيخ في التهذيب ج ٢ ص ١٤٢ باسناده عن ابن محبوب ، عن خالد بن جرير عنه.

(٤) لعله إشارة إلى عدم كون الأشجار يابسة بحيث لا يستعد للاثمار في السنين ، أو المراد الضميمة كما هو المشهور. ( سلطان )

(٥) روى الشيخ في التهذيب ج ٢ ص ١٧٠ بالسند السابق عنه مثله وزاد في آخره « فإنما يحرم الكلام ».

٢٤٩

أرض رجل على أن يشترط للبقر الثلث وللبذر الثلث ولصاحب الأرض الثلث؟ فقال لا يسمي بقرا ولا بذرا ولكن يقول لصاحب الأرض : أزارعك في أرضك ولك كذا وكذا مما أخرج الله عزوجل فيها ».

٣٩٠٥ ـ قال أبو الربيع : وقال أبو عبد الله عليه‌السلام « في رجل يأتي أهل قرية وقد اعتدى عليهم السلطان فضعفوا عن القيام بخراجها ، والقرية في أيديهم ولا يدرى لهم هي أم لغيرهم فيها شئ فيدفعونها إليه على أن يؤدي خراجها فيأخذها منهم ويؤدي خراجها ويفضل بعد ذلك شئ كثير؟ فقال : لا بأس بذلك إذا كان الشرط عليهم بذلك ».

٣٩٠٦ ـ وفي رواية حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سألته عن مزارعة أهل الخراج بالربع والثلث والنصف؟ فقال : لا بأس قد قبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أهل خيبر (١) أعطاها اليهود حين فتحت عليه الخبر ، والخبر هو النصف » (٢).

٣٩٠٧ ـ وروى محمد بن خالد ، عن ابن سيابة (٣) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سأله رجل فقال له : جعلت فداك أسمع قوما يقولون : إن الزراعة مكروهة ، فقال : ازرعوا واغرسوا ، فلا والله ما عمل الناس عملا أحل وأطيب منه ، والله ليزرعن الزرع والنخل بعد خروج الدجال » (٤).

__________________

(١) الصواب أرض خيبر.

(٢) المخابرة أن يزرع على النصف ونحوه كالخبر ـ بالكسر ـ

(٣) في بعض النسخ « عن ابن سنان » وفى الكافي « عن سيابة » بدون لفظة « ابن »

(٤) في الكافي والتهذيب « والله ليزرعن الزرع وليغرسن النخل بعد خروج الدجال » وهذا اما كناية عن الدوام والتأييد أو عن زمان ظهور القائم عليه‌السلام ، وعلى الثاني لعل المراد أن في حكومته صلوات الله عليه تكون الزراعة والفلاحة من أهم الأمور وأشغل الأعمال لاهتمامه عليه‌السلام بشأنهما وشدة تحريصه الناس عليهما بحيث نصير الأرض في أيامه معمورة على حد لا توجد فيها قطعة مستعدة الا وقد تزرع ولا بستان الا وهو ملتف بالنخيل والأثمار كما جاء في الاخبار ، وهذه خصيصة تخص بها الحكومة الحقة الإلهية قلما تكون في غيرها ، وقال سلطان العلماء : لعله كناية عن أن هذا عمل يعمل إلى آخر الزمان والناس يحتاجون إليها إلى قيام الساعة فكيف يكون مكروها ، ويحتمل أن يكون المراد أن بعد خروج الدجال يكون قيام القائم عليه‌السلام وأمر الناس بالبر والتقوى ورفع الظلم والنهى عن المحرمات و في زمان شأنه كذا الناس مشغولون بالزراعة فكيف يكون مكروها. وقال المولى المجلسي أي عند ظهور القائم عليه‌السلام مع وجوب اشتغال العالمين بخدمته والجهاد تحت لوائه يزرعون فان بني آدم يحتاجون إلى الغذاء ويجب عليهم كفاية تحصيله بالزراعة.

٢٥٠

٣٩٠٨ ـ روى الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : « لا تستأجر الأرض بحنطة ثم تزرعها حنطة » (١).

٣٩٠٩ ـ وروى محمد بن سهل ، عن أبيه (٢) قال : « سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الرجل يزرع له الحراث الزعفران ويضمن له (٣) على أن يعطيه في جريب أرض يمسح عليه كذا وكذا درهما (٤) فربما نقص وغرم وربما زاد؟ قال : لا بأس به إذا تراضيا ».

٣٩١٠ ـ وروي عن علي بن يقطين قال : « سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الرجل يتكارى من الرجل البيت أو السفينة سنة وأكثر من ذلك أو أقل ، قال : الكرى لازم إلى الوقت الذي تكارى إليه ، والخيار في أخذ الكرى إلى ربها إن شاء أخذ وإن شاء ترك » (٥).

٣٩١١ ـ وسأل علي الصائغ (٦) أبا عبد الله عليه‌السلام فقال : « أتقبل العمل فاقبله

__________________

(١) لعل المراد اشتراط أن يزرعها حنطة ، فهو كناية عن الإجارة بالحنطة الحاصلة من هذه الأرض المعينة. ( سلطان )

(٢) محمد بن سهل بن اليسع كان من أصحاب الرضا وأبى جعفر عليهما‌السلام عنونه المصنف في المشيخة وطريقه إليه صحيح وقال النجاشي : له كتاب يرويه جماعة وذكر منهم أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري. وفى هذا القول ايماء إلى الاعتماد عليه لا سيما كون الجماعة من القميين ـ رضوان الله عليهم ـ وأبوه سهل بن اليسع القمي ثقة.

(٣) أي يضمن الحارث الرجل.

(٤) في الكافي ج ٥ ص ٢٦٦ والتهذيب ج ٢ ص ١٧١ « وزن كذا وكذا درهما ».

(٥) يدل على جواز أخذ الأجرة للمؤجر معجلا ما لم يشترط التأجيل.

(٦) الظاهر أنه علي بن ميمون الصائغ ولم يذكر المصنف طريقه إليه وهو ممدوح.

٢٥١

من الغلمان يعملون معي بالثلثين؟ فقال : لا يصلح ذلك إلا أن تعالج معهم ، قلت : فإني اذبيه لهم (١)؟ قال : ذلك عمل فلا بأس ».

٣٩١٢ ـ وروى صفوان بن يحيى ، عن أبي محمد الخياط عن مجمع قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « أتقبل الثياب أخيطها فأعطيها الغلمان بالثلثين؟ قال : أليس تعمل فيها؟ قلت : اقطعها وأشتري لهم الخيوط ، قال : لا بأس ».

٣٩١٣ ـ وروي عن محمد الطيار (٢) قال : « دخلت المدينة وطلبت بيتا أتكاراه فدخلت دارا فيها بيتان بينهما باب وفيه امرأة ، فقالت : تكاري هذا البيت؟ قلت : بينهما باب وأنا شاب ، قالت : أنا أغلق الباب بيني وبينك فحولت متاعي فيه وقلت لها : اغلقي الباب ، فقالت : تدخل علي منه الروح دعه ، فقلت : لا أنا شاب وأنت شابة أغلقيه ، قالت : أقعد أنت في بيتك فلست آتيك ولا أقربك وأبت تغلقه ، فأتيت أبا عبد الله عليه‌السلام فسألته عن ذلك ، فقال : تحول منه فإن الرجل والمرأة إذا خليا في بيت كان ثالثهما الشيطان ».

٣٩١٤ ـ وكتب أبو همام (٣) إلى أبي الحسن عليه‌السلام « في رجل استأجر ضيعة من رجل فباع المؤاجر تلك الضيعة بحضرة المستأجر ، ولم ينكر المستأجر البيع وكان حاضرا له شاهدا عليه ، فمات المشتري وله ورثة هل يرجع ذلك الشئ في ميراث الميت؟ أو يثبت في يد المستأجر إلى أن تنقضي إجارته؟ فكتب عليه‌السلام : يثبت في يد المستأجر إلى أن تنقضي إجارته » (٤)

__________________

(١) « أذيبه » كما في التهذيب من أذاب يذيب ، وفى بعض النسخ « ادنيه » ولعله تصحيف من النساخ.

(٢) لعله والد حمزة بن محمد الطيار مولى فزارة ، وفى بعض النسخ « محمد الطيان » ولم أجده.

(٣) يعنى إسماعيل بن همام وهو ثقة وكان من أصحاب الرضا عليه‌السلام.

(٤) المشهور أن الإجارة لا تبطل بالبيع لكن إن كان المشترى عالما بالإجارة تعين عليه الصبر إلى انقضاء المدة وإن كان جاهلا تخير بين الفسخ والامضاء.

٢٥٢

وسألت شيخنا محمد بن الحسن رضي ـ الله عنه ـ عن رجل آجر ضيعة من رجل هل له أن يبيعها؟ قال : ليس له أن يبيعها قبل انقضاء مدة الإجارة إلا أن يشترط على المشتري الوفاء للمستأجر إلى انقضاء مدة إجارته (١).

٣٩١٥ ـ وروي عن محمد بن عطية قال : « سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : إن الله عزوجل اختار لأنبيائه عليهم‌السلام الحرث والزرع لئلا يكرهوا شيئا من قطر السماء » (٢).

٣٩١٦ ـ و « سئل [ علي ] عليه‌السلام عن قول الله عزوجل » وعلى الله فليتوكل المتوكلون « قال : الزارعون ».

باب

* ( ما يجب من الضمان على من يأخذ ) *

* ( اجرا على شئ ليصلحه فيفسده ) *

٣٩١٧ ـ روى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في الرجل يعطى الثوب ليصبغه فيفسده ، فقال : كل عامل أعطيته أجرا على أن يصلح فأفسد فهو ضامن » (٣).

٣٩١٨ ـ وروى علي بن الحكم ، عن إسماعيل بن الصباح (٤) قال : « سألت

__________________

(١) المشهور جواز بيع العين المستأجرة وعدم بطلان الإجارة بالبيع.

(٢) أي طبعا مع قطع النظر عن علمهم بالمصالح العامة.

(٣) يدل على ضمان الصانع إذا أفسد مطلقا والظاهر أنه لا خلاف فيه.

(٤) في الكافي « عن علي بن الحكم عن أبي الصباح » وكذا في التهذيب لكن في الاستبصار ج ٣ ص ١٣٢ « إسماعيل عن أبي الصباح » والظاهر هو الصواب لما روى نحوه عن الحسين ابن سعيد عن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح وهو إبراهيم بن نعيم الكناني وعليه فلعل المراد بإسماعيل إسماعيل بن عبد الخالق الأسدي وهو خير فاضل لرواية علي بن الحكم عنه في موارد عديدة ، والعلم عند الله.

٢٥٣

أبا عبد الله عليه‌السلام عن القصار يسلم إليه المتاع فيحرقه أو يخرقه أيغرمه؟ قال : نعم غرمه بما جنت يده فإنك إنما أعطيته ليصلح ولم تعطه ليفسد ».

٣٩١٩ ـ وقال عليه‌السلام : « كان أبي عليه‌السلام يضمن القصار والصواغ ما أفسدا وكان علي بن الحسين عليهما‌السلام يتفضل عليهم ».

باب

* ( ضمان من حمل شيئا فادعى ذهابه ) *

٣٩٢٠ ـ روى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في جمال يحمل معه الزيت فيقول : قد ذهب أو أهرق أو قطع عليه الطريق ، فإن جاء عليه ببينة عادلة أنه قطع عليه أو ذهب فليس عليه شئ وإلا ضمن (١). وفي رجل حمل معه رجل في سفينته طعاما فنقص قال : هو ضامن ، قلت له : إنه ربما زاد ، قال : تعلم أنه زاد فيه شيئا؟ قلت : لا ، قال : هو لك ».

٣٩٢١ ـ وقال عليه‌السلام « في الغسال والصواغ (٢) ما سرق منهم من شئ فلم يخرج ببينة على أمر بين أنه قد سرق وكل قليل له أو كثير (٣) فإن فعل فليس

__________________

(١) قال في المسالك : القول بضمانهم مع عدم البينة هو المشهور بل ادعى عليه الاجماع والروايات مختلفة ، والأقوى أن القول قولهم مطلقا لأنهم أمناء وللأخبار الدالة عليه ، و يمكن الجمع بينها وبين ما دل على الضمان بحمل ما دل على الضمان على ما لو فرطوا أو أخروا المتاع عن الوقت المشترط كما دل عليه بعضها ـ انتهى ، وقال المولى المجلسي : لعل الحكم بوجوب إقامة البينة عليه والضمان على تقدير عدم الإقامة في صورة التهمة أي ظن كذب الحمال أو ظن تفريطه أو عدم كونه عادلا كما يشعر به بعض الأخبار الآتية لا مطلقا وهذا أظهر طرق الجمع في هذه الأخبار ـ انتهى ، وقال نحوه سلطان العلماء.

(٢) الظاهر أنهما بالضم جمع الغاسل والصايغ ، ويحتمل الفتح فيهما على المبالغة فرجع ضمير « منهم » إليهما باعتبار تعدد أفرادهما والأول يشمل القصار. ( مراد )

(٣) قوله « فلم يخرج » أي من ادعى منهم السرقة ، وقوله « وكل قليل له أو كثير » عطف على الضمير في « سرق » أي مع كل قليل أو كثير ، وقوله « فان فعل » أي أخرج البينة ، وقال العلامة المجلسي : كأنه ليس المراد به شهادة البينة على أنه سرق المتاع بعينه فإنه مع تلك الشهادة لا حاجة إلى شهادة انه سرق غيره معه ، بل المراد انه شهدت البينة أنه سرق عنه أشياء كثيرة بحيث يكون الظاهر أن المسروق فيها.

٢٥٤

عليه شئ وإن لم يقم ببينة وزعم أنه قد ذهب الذي ادعى (١) فقد ضمنه إن لم يكن له على قوله بينة ». (١)

٣٩٢٢ ـ وقال (٢) « في رجل تكارى دابة إلى مكان معلوم فتضيع الدابة ، قال إن كان جاز الشرط فهو ضامن ، وإن دخل واديا فلم يوثقها فهو ضامن ، وإن سقطت في بئر فهو ضامن لأنه لم يستوثق منها ». (٣)

٣٩٢٣ ـ وروي (٤) « عن رجل جمال اكتري منه إبل وبعث معه بزيت إلى أرض فزعم أن بعض زقاق الزيت انخرق واهراق الزيت ، قال : إنه أشاء أخذ الزيت وقال انخرق ، ولكن لا يصدق إلا ببينة عادلة (٥) ، وأيما رجل تكارى دابة فاخذتها الذئبة (٦) فشقت عينها فنفقت (٧) فهو لها ضامن إلا أن يكون مسلما

__________________

(١) رواه الكليني في الكافي ج ٥ ص ٣٤٣ في الحسن كالصحيح عن حماد ، عن الحلبي بلفظ آخر ، وكذلك الشيخ في التهذيب. وفى الكافي « الذي ادعى عليه » وهو الصواب.

(٢) رواه الشيخ في التهذيب ج ٢ ص ١٧٦ باسناده عن أحمد بن محمد ، عن رجل ، عن أبي المغرا ، عن الحلبي.

(٣) وجه ضمانه في الصورة الأولى هو الافراط وفعل ما لا يجوز فعله ، وفى الأخيرتين التفريط وترك ما يجب عليه فعله.

(٤) رواه الكليني ج ٥ ص ٢٤٣ في الحسن كالصحيح عن حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سئل عن رجل جمال استكرى ـ إلى قوله ـ ببينة عادلة ».

(٥) قوله : « فزعم » أي ادعى وقوله عليه‌السلام « ان شاء أخذ الزيت » يعنى الجمال ان شاء أخذ الزيت ويقول انخرق الزقاق واهراق الزيت ولكن يجب عليه في ادعائه إقامة البينة.

(٦) الذئبة : داء يأخذ الدواب في حلوقها فينقب عنه بحديدة في أصل أذنه فيستخرج شئ كحب الجاورس. ( القاموس )

(٧) أي هلكت وماتت ، وفى بعض النسخ « فشقت عسها » والعس بضم العين وشد السين المهملة : الذكر والفرج ، وقد يقرء في بعضها « فشقت عسنها » والعسن بفتح العين : الشحم.

٢٥٥

عدلا » (١).

٣٩٢٤ ـ وروي عن جعفر بن عثمان (٢) قال : « حمل أبي متاعا إلى الشام مع جمال فذكر أن حملا منه ضاع ، فذكرت ذلك لأبي عبد الله عليه‌السلام فقال : « أتتهمه؟ فقلت : لا ، قال : فلا تضمنه » (٣).

٣٩٢٥ ـ وروى ابن مسكان ، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سألته عن قصار دفعت إليه ثوبا فزعم أنه سرق من بين ثيابه ، قال : عليه أن يقيم البينة أن ذلك سرق من بين متاعه وليس عليه شئ ، وإن سرق مع متاعه فليس عليه شئ » (٤).

٣٩٢٦ ـ وروى عثمان بن زياد عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت له : « إن جمالا لنا كان يكارينا فحمل على غيره (٥) فضاع ، قال : ضمنه وخذ منه ».

٣٩٢٧ ـ و « كان (٦) أمير المؤمنين عليه‌السلام : يضمن الصباغ (٧) والقصار والصائغ

__________________

(١) الظاهر أن من قوله « وأيما رجل ـ إلى هنا ـ » من تتمة خبر الحلبي ولم يخرجه الشيخان ، ويحتمل أن يكون عن غيره.

(٢) في الكافي ج ٥ ص ٢٤٤ عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي عمير عن جعفر بن عثمان ، وجعفر بن عثمان مشترك فإن كان الرواسي فهو ثقة ، وإن كان ابن شريك الكلابي أو صاحب أبي بصير فهما مهملان ، وإن كان جعفر بن عثمان الطائي فلم يوثق ، لكن نقل الوحيد عن خاله العلامة المجلسي أنه قال : الغالب المراد به الثقة. يعنى الرواسي ، وفى طريق المصنف إلى جعفر بن عثمان علي بن موسى الكمنداني وأبو جعفر الشامي وهما غير مذكورين.

(٣) يدل على عدم التضمين مع عدم التهمة أما وجوبا أو استحبابا. ( المرآة )

(٤) تقدم الكلام في مثله.

(٥) أي على جمال آخر أو أنه حمل متاعنا على غير ما كرينا منه من الإبل.

(٦) رواه الكليني ج ٥ ص ٢٤٢ باسناده عن السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، وكذا الشيخ أيضا في التهذيب.

(٧) قوله « يضمن » من باب التفعيل أي يحكم بضمانهم.

٢٥٦

احتياطا على أمتعة الناس ، وكان لا يضمن من الغرق والحرق والشئ الغالب (١) ، وإذا غرقت السفينة وما فيها فأصابه الناس فما قذف به البحر على ساحله فهو لأهله وهم أحق به ، وما غاص عليه الناس وتركه صاحبه فهو لهم ».

٣٩٢٨ ـ وروى ابن مسكان ، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا يضمن الصائغ ولا القصار ولا الحائك إلا أن يكونوا متهمين فيجيثون بالبينة [ فيخوف ] ويستحلف لعله يستخرج منه شئ ». (٢)

٣٩٢٩ ـ و « اتي علي عليه‌السلام (٣) بصاحب حمام وضعت عنده الثياب فضاعت فلم يضمنه ، وقال : إنما هو أمين » (٤).

٣٩٣٠ ـ و « إن عليا عليه‌السلام ضمن رجلا مسلما أصاب خنزيرا لنصراني قيمته » (٥).

٣٩٣١ ـ وروى ابن مسكان ، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في الرجل يستأجر الحمال فيكسر الذي يحمل عليه أو يهريقه ، قال : إن كان مأمونا فليس عليه شئ ، وإن كان غير مأمون فهو ضامن ».

__________________

(١) لعل المراد الكثير الوقوع أو مالا يقدرون على دفعه ومالا اختيار لهم فيه أو الغالب كونه سببا للتلف.

(٢) ظاهره جمع الحلف مع البينة ولعل وجهه عدم اطلاع البينة على تقصيره ويحتمل كون الحلف على تقدير التهمة فيكون كل من البينة والحلف على تقدير آخر. ( سلطان )

(٣) رواه الكليني ٥ ج ص ٢٤٣ بسند موثق عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما‌السلام قال : ان عليا عليه‌السلام أتى بصاحب حمام ـ الخ ورواه الشيخ في التهذيب أيضا.

(٤) يدل على ما هو المشهور من أن صاحب الحمام لا يضمن الا ما أودع عنده وفرط فيه. ( المرآة )

(٥) رواه الشيخ في التهذيب ج ٢ ص ١٧٨ باسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن يحيى ، عن غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله ، وعن أبيه عليهما‌السلام ، وقوله : « أصاب » أي قتل.

٢٥٧

٣٩٣٢ ـ وروى ابن أبي نصر (١) ، عن داود بن سرحان عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في رجل حمل متاعا على رأسه فأصاب إنسانا فمات أو انكسر منه شئ فهو ضامن ».

٣٩٣٣ ـ وروي عن محمد بن علي بن محبوب قال : « كتب رجل إلى الفقيه عليه‌السلام في رجل دفع ثوبا إلى القصار ليقصره فدفعه القصار إلى قصار غيره ليقصره فضاع الثوب هل يجب على القصار أن يرد ما دفعه إلى غيره إن كان القصار مأمونا؟ فوقع عليه‌السلام : هو ضامن له إلا أن يكون ثقة مأمونا (٢) أن شاء الله.

باب

* ( السلف في الطعام والحيوان وغيرهما ) *

٣٩٣٤ ـ روى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه « سئل عن رجل أسلفته (٣) دراهم في طعام : فلما حل طعامي عليه بعث إلى بدارهم ، وقال : اشتر لنفسك طعاما واستوف حقك ، فقال : أرى أن تولي ذلك غيرك وتقوم معه حتى تقبض الذي لك ولا تول أنت شراءه » (٤).

٣٩٣٥ ـ وروي عن صفوان بن يحيى ، عن يعقوب بن شعيب قال : « سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الرجل يسلم في الحنطة أو التمر مائة درهم فيأتي صاحبه حين يحل له الدين فيقول : والله ما عندي إلا نصف الذي لك فخذ مني إن شئت بنصف الذي لك حنطة ونصفا ورقا ، فقال : لا بأس إذا أخذ منه الورق كما أعطاه (٥).

__________________

(١) طريق المصنف إلى أحمد بن محمد بن أبي نصر صحيح وهو ثقة جليل ، وداود بن سرحان ثقة أيضا.

(٢) لعل المراد القصار الثاني يعنى إن كان القصار الثاني ثقة مأمونا لم يفرط الأول فلم يكن ضامنا.

(٣) في بعض النسخ « أسلفه ».

(٤) لعله بطريق الكراهة أو لرفع توهم أخذ النقد عوض الثمن فيخرج عن حقيقة السلف ويلحقه أحكام الصرف ( سلطان ) وقال المولى المجلسي : حمل على الاستحباب لرفع التهمة ولئلا يخدعه الشيطان في أن يأخذ أعلا من الوصف أو لشباهته بالربا.

(٥) أي مثل ما أعطاه من غير زيادة ولا نقصان فيرجع إلى فسخ النصف. ( مراد )

٢٥٨

قال : وسألته عن الرجل يكون لي عليه جلة من بسر ، فآخذ منه جلة من رطب (١) مكانها وهي أقل منها (٢)؟ قال : لا بأس ، قلت : فيكون لي عليه جلة من بسر فآخذ مكانها جلة من تمر ، وهي أكثر منها؟ قال : لا بأس إذا كان معروفا بينكما (٣). قال : وسألته عن رجل يكون له على الاخر مائة كر من تمر وله نخل فيأتيه فيقول : أعطني نخلك هذا بما عليك ، فكأنه كرهه (٤).

قال : وسألته عن الرجل يكون له على الاخر أحمال من رطب أو تمر فيبعث إليه بدنانير فيقول : اشتر بهذه واستوف منه الذي لك ، قال : لا بأس إذا ائتمنه » (٥).

٣٩٣٦ ـ وروى صفوان بن يحيى ، عن عبد الله بن سنان قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام في الرجل يسلم في غير زرع ولا نخل ، قال : يسمي كيلا معلوما إلى

__________________

(١) الجلة : وعاء التمر ، والبسر ـ بضم الموحدة ـ : التمر إذا لون ولم ينضج ، الواحدة بسرة والجمع بسار بكسر الباء ، والرطب : ما نضج قبل أن يصير تمرا ، والتمر أول ما يبدو من النخل طلع ثم خلال ثم بلج ثم بسر ثم رطب ثم تمر.

(٢) أي أقل منها وزنا.

(٣) رواه الشيخ في التهذيب ج ٢ ص ٦٣ بسند صحيح ، عن الصادق عليه‌السلام وقوله « لا بأس إذا كان معروفا بينكما » أي إذا كان متعارفا بينكم تتسامحون فيها ، ويمكن أن يكون المراد من المعروف الاحسان ، وقال المولى المجلسي : يعنى يجوز أخذ الزائد إذا كان احسانا ولا يكون شرطا ، أو كان الاحسان معروفا بينكما بأن تحسن إليه و يحسن هو إليك.

(٤) رواه الكليني ج ٥ ص ١٩٣ عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، وتقدم تحت رقم ٢٢٥ و تقدم وجه كراهته عليه‌السلام أيضا ، وقوله « أعطني نخلك » أي ثمرة نخلك.

(٥) رواه الشيخ في التهذيب ج ٢ ص ١٣٠ في الصحيح عنه عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، وحمل على الجواز وما سبق من النهى في رواية الحلبي على الكراهة ، ويمكن حمل هذا على تولى الغير.

٢٥٩

أجل معلوم (١). قال : وسألته (٢) عن السلم في الحيوان والطعام ويرتهن الرجل بماله رهنا؟ قال : نعم استوثق من مالك ».

٣٩٣٧ ـ وروى عن منصور بن حازم (٣) قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « رجل كان له على رجل دراهم من ثمن غنم اشتراها منه فأتى الطالب المطلوب يتقاضاه فقال له المطلوب : أبيعك هذه الغنم بدراهمك التي لك عندي فرضي ، قال : لا بأس بذلك ».

٣٩٣٨ ـ وروى عن عبد الله بن بكير (٤) قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل أسلف في شئ يسلف الناس فيه من الثمار فذهب ثمارها (٥) ولم يستوف سلفه ، قال : فليأخذ رأس ماله أو لينظره ».

٣٩٣٩ ـ وروى صفوان بن يحيى ، عن العيص بن القاسم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سألته عن رجل أسلف رجلا دراهم بحنطة حتى إذا حضر الأجل لم يكن عنده طعام ووجد عنده دوابا ورقيقا ومتاعا أيحل له أن يأخذ من عروضه تلك بطعامه قال : نعم يسمي كذا وكذا بكذا وكذا صاعا » (٦).

٣٩٤٠ ـ وروي عن حديد بن حكيم (٧) قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « الرجل

__________________

(١) يحتمل أن يكون المراد أن المسلم فيه ليس بزرع ولا نخل أو ليس أو ان بلوغ الزرع وثمرة النخل ( سلطان ) ويدل على اشتراط تقدير المسلم فيه بالكيل والوزن.

(٢) روى هذه القطعة من الخبر الشيخ في التهذيب ج ٢ ص ١٣٠ في الصحيح عن عبد الله بن سنان وزاد بعد قوله « من مالك » « ما استطعت ».

(٣) يعنى روى صفوان ، عن منصور بن حازم كما في التهذيب ج ٢ ص ١٣٠ ، رواه في الصحيح.

(٤) رواه صفوان ، أيضا عن عبد الله بن بكير كما في التهذيب ج ٢ ص ١٣٠ رواه عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان ومحمد بن خالد ، عن عبد الله بن بكير.

(٥) أي ثمار هذه السنة أي ذهب زمانها ، وفى التهذيب « فذهب زمانها ».

(٦) رواه الكليني في الصحيح ج ٥ ص ١٨٦ وكذا الشيخ في التهذيبين.

(٧) رواه الكليني ج ٥ ص ٢٢١ في مرسل كالموثق عن أبان عن حديد.

٢٦٠