كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٣

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

كتاب من لا يحضره الفقيه - ج ٣

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: علي اكبر الغفّاري
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٦١٢

إنما كانا يتناظران ، ففهمناها سليمان » (١).

٣٤١٥ ـ وروى الوشاء ، عن أحمد بن عمر الحلبي قال : « سألت أبا الحسن عليه‌السلام «عن قول الله عزوجل : « وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث» قال : كان حكم داود عليه‌السلام رقاب الغنم ، والذي فهم الله عزوجل سليمان عليه‌السلام أن حكم لصاحب الحرث باللبن والصوف ذلك العام كله » (٢).

باب

* ( حكم الحريم ) *

٣٤١٦ ـ روى إسماعيل بن مسلم عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : « قضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في رجل باع نخله ، واستثنى نخلة قضى له بالمدخل إليها والمخرج منها ومدى جرائدها » (٣).

٣٤١٧ ـ وروى وهب بن وهب ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما‌السلام « أن علي ابن أبي طالب عليه‌السلام كان يقول : حريم البئر العادية (٤) خمسون ذراعا إلا أن يكون إلى عطن (٥) أو إلى طريق فيكون أقل من ذلك إلى خمسة وعشرين ذراعا ».

٣٤١٨ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : حريم النخلة طول سعفتها » (٦).

__________________

(١) إشارة إلى الآية وفى بعض النسخ « ففهمها سليمان ».

(٢) أي يكون الغنم لصاحب الزرع والمراد بالحكم هنا أيضا ما فسره به أبو جعفر عليه‌السلام في الحديث السابق أي كان في التناظر ، مع هذا الاحتمال فلا منافاة بينه وبين الحديث السابق ، والظاهر أن ضمير « ففهمها » للغنم باعتبار حكمها. ( مراد )

(٣) أي له حق المرور ما دامت رطبة وله منتهى بلوغ أغصانها في هواء الحائط و بإزائها في الأرض مسقط التمر ، والمدى الغاية.

(٤) العادية : القديمة ، وفى القاموس شئ عادى أي قديم كأنه منسوب إلى عاد.

(٥) العطن والمعطن واحد الأعطان وهي مبارك الإبل عند الماء لتشرب عللا بعد نهل فإذا استوفت ردت إلى المرعى.

(٦) لم أجده مسندا وروى ابن ماجة في الضعيف عن ابن عمر عن عبادة بن صامت عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « حريم النخلة مد جرائدها » والجريدة السعف.

١٠١

٣٤١٩ ـ وروي « أن حريم المسجد أربعون ذراعا من كل ناحية ، وحريم المؤمن في الصيف باع » وروي « عظم الذراع » (١).

٣٤٢٠ ـ وروى عقبة بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في رجل أتى جبلا فشق منه قناة جرى ماؤها سنة ، ثم إن رجلا أتى ذلك الجبل فشق منه قناة أخرى فذهبت قناة الاخر بماء قناة الأول ، قال : يقايسان بحقائب البئر ليلة ليلة فينظر أيتها أضرت بصاحبتها ، فإن كانت الأخيرة أضرت بالأولى فليتعور (٢) ، وقضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك ، وقال : إن كانت الأولى أخذت ماء الأخيرة لم يكن لصاحب الأخيرة على الأولى سبيل ».

٣٤٢١ ـ وسئل عليه‌السلام » (٣) « عن قوم كان لهم عيون في أرض قريبة بعضها من بعض ، فأراد رجل أن يجعل عينه أسفل من موضعها الذي كانت عليه ، وبعض العيون إذا فعل بها ذلك أضرت ببقيتها ، وبعضها لا تضر من شدة الأرض ، فقال : ما كان في مكان جليد فلا يضره (٤) ، وما كان في أرض رخوة بطحاء فإنه يضر ».

٣٤٢٢ ـ وقال عليه‌السلام « يكون بين البئرين إن كانت أرضا صلبة خمسمائة

__________________

(١) ولا منافاة بينهما لان ذلك على سبيل الاستحسان والتخيير ، ويمكن أن يراد بالباع حريم الجانبين مجموعا فيقرب لكل جانب من عظم الذراع ( مراد ) والباع قدر مد اليدين ، قال سلطان العلماء : ولعل هذا في الشتاء وذلك في الصيف أو يحمل الباع على الأفضل.

(٢) الحقائب جمع الحقيبة وهي العجيزة ووعاء يجمع الراحل فيه زاده وحقب المطر أي تأخر واحتبس يعنى منتهى البئر ، والحاصل أنه يحبس كل ليلة ماء إحدى القناتين ليعلم أيتهما تضر بالأخرى. وفى التهذيب « بجوانب البئر » وفى بعض النسخ « بعقائب البئر » وقال الفيض رحمه‌الله ـ العقبة ـ بالضم ـ : النوبة ، والتعوير : الطم ، وفى النهاية : عورت الركية وأعورتها إذا طممتها وسددت أعينها التي ينبع منها الماء.

(٣) مروى في الكافي ج ٥ ص ٢٩٣ عن القمي ، عن أبيه ، عن محمد بن حفص عنه عليه‌السلام مع زيادة.

(٤) الجليد : الأرض الصلبة.

١٠٢

ذراع ، وإن كانت رخوة فألف ذراع » (١).

٣٤٢٣ ـ وروى الحسن الصيقل (٢) ، عن أبي عبيدة الحذاء قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : « كان لسمرة بن جندب نخلة في حائط بني فلان ، فكان إذا جاء إلى نخلته نظر إلى شئ من أهل الرجل يكرهه الرجل ، قال : فذهب الرجل إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فشكاه ، فقال : يا رسول الله إن سمرة يدخل علي بغير إذني فلو أرسلت إليه فأمرته أن يستأذن حتى تأخذ أهلي حذرها منه ، فأرسل إليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فدعاه فقال : يا سمرة ما شأن فلان يشكوك ويقول : يدخل بغير إذني فترى من أهله ما يكره ذلك ، يا سمرة استأذن إذا أنت دخلت ، ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يسرك أن يكون لك عذق في الجنة بنخلتك؟ قال : لا ، قال : لك ثلاثة؟ قال : لا ، قال : ما أراك يا سمرة إلا مضارا ، اذهب يا فلان فاقطعها واضرب بها وجهه » (٣).

__________________

(١) مروى في الكافي والتهذيب ج ٢ ص ١٥٧ بسند فيه محمد بن عبد الله بن هلال وهو مجهول الحال.

(٢) في الطريق إليه من لم يوثق صريحا ، ورواه الكليني والشيخ مع اختلاف وبنحو أبسط وفيهما « باع نخلا واستثنى عليه نخلة ».

(٣) في التهذيب « فقال رسول الله (ص) للأنصاري : اذهب فاقطعها وارم بها إليه ، فإنه لا ضرر ولا ضرار « وفى الكافي » وشكا الأنصاري إلى رسول الله (ص) فأرسل إليه رسول الله (ص) فأتاه فقال له : ان فلانا قد شكاك وزعم أنك تمر عليه وعلى أهله بغير أذنه فاستأذن عليه إذا أردت أن تدخل ، فقال : يا رسول الله أستأذن في طريقي إلى عذقى؟ فقال له رسول الله (ص) : خل عن ولك مكانه عذق في مكان كذا وكذا ، فقال : لا ، قال : فلك اثنان ، قال : لا أريد ، فلم يزل يزيده حتى بلغ عشرة أعذاق ، فقال : لا ، قال : فلك عشرة في مكان كذا وكذا فأبى فقال : خل عنه ولك مكانه عذق في الجنة ، قال : لا أريد ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : انك رجل مضار ، ولا ضرر ولا ضرار على مؤمن ، قال : ثم أمر بها رسول الله (ص) فقلعت ثم رمى بها إليه ، وقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : انطلق واغرسها حيث شئت ، وقال استاذنا الشعراني ـ مد ظله العالي ـ : هذا الحديث معتبر منقول بطرق مختلفة عن العامة والخاصة فلا بأس بالعمل به في مورده وهو أن يكون لرجل عذق في أرض رجل ولا يستأذن في الدخول و

١٠٣

قال مصنف هذا الكتاب ـ رحمه‌الله ـ : ليس هذا الحديث بخلاف الحديث الذي ذكرته في أول هذا الباب من قضاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في رجل باع نخلة واستثنى نخلة فقضى له بالمدخل إليها والمخرج منها ، لان ذلك فيمن اشترى النخلة مع الطريق إليها (١) ، وسمرة كانت له نخلة ولم يكن له الممر إليها (١).

__________________

يأبى عن البيع والمعاوضة ، وأما إذا تخلف بعض الشروط مثل أن يكون مال آخر غير النخل كشجرة التفاح أو زرع أو بناء أو كان الأرض غير مسكونة لاحد وكان الداخل يستأذن إذا دخل أو يرضى بعوضه أو عوض ثمرته فهو خارج عن مدلول الحديث ، ويمكن تعميم الحكم بالنسبة إلى كل شجرة غير النخل والى الزرع والبناء ، والاضرار بأمور أخرى غير عدم الاستيذان وأما إذا لم يضر واستأذن أو رضى بعوض فوق قيمته فجواز قلع الشجرة أو هدم الدار ممنوع ، و بالجملة القدر المسلم حرمة اضرار الغير الا أن يكون في أموال حفظها على مالكها ففرط في حفظها وتضرر بتفريطه في الحفظ. فيجوز أن يعمل في ملكه عملا يضر جاره ، وعلى الجار أيضا حفظ ملكه ثم إن الضرر مع حرمته لا يوجب لنا اختراع أحكام من قبل أنفسنا لدفع الضرر ، مثلا إذا تلفت غلة قرية بآفة لا يجوز لنا الحكم ببراءة ذمة المستأجر من مال الإجارة ، أو إذا استلزم خروج المستأجر من الدار والحانوت وانتقاله إلى مكان آخر ضررا لا يجوز لنا المنع من اخراجه وأمثال ذلك كثيرة في العقود والمعاملات ولا ينفى عنها بمقتضياتها إذا استلزم ضررا وكذلك لا يحلل به المحرمات كالربا إذا استلزم الامتناع منه ضررا ويجب في كل مورد من موارد الضرر اتباع الأدلة الخاصة به.

(١) حق العبارة « فيمن كانت له النخلة مع الطريق إليها » لان استثناء النخلة ليس بشرائها مع طريقها وإن كان في حكم ذلك ، ففي العبارة مسامحة ، ويمكن حمل فعل النبي (ص) على أن سمرة لما لم يسمع قول رسول الله (ص) ولم يرض من نخلته بثلاثة من عذق الجنة استحق ذلك ولا بعد فيه ، وأيضا ما مر من أن لصاحب النخلة الدخول والخروج وغير ذلك لا ينافي وجوب الاستيذان وان وجب الاذن على صاحب الحائط عنده ، ولا بعد أيضا في أن صاحب النخلة ان لم يرض بالاستيذان وكان ينظر إلى ما يكرهه صاحب الحائط استحق أن يقلع نخلته لدفع الاضرار. وقال سلطان العلماء : يمكن الجمع بأنه صلى‌الله‌عليه‌وآله لما علم أن غرض سمرة الاضرار والعناد والنظر إلى أهل الرجل أمر بقلع نخلتها كما يشعر به قوله عليه‌السلام « ما أراك الا مضارا » بعد الالتماس منه بخلاف ما سبق ، فلا منافاة.

١٠٤

باب

* ( الحكم باجبار الرجل على نفقة أقربائه ) *

٣٤٢٤ ـ روى محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : « من الذي أجبر على نفقته؟ قال : الوالدان والولد والزوجة (١) ، والوارث الصغير يعني الأخ وابن الأخ وغيره (٢).

باب

* ( ما يقبل من الدعاوي بغير بينة ) *

٣٤٢٥ ـ « جاء أعرابي إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) فادعى عليه سبعين درهما ثمن

__________________

(١) مروى في التهذيب ج ٢ ص ٨٩ والاستبصار ج ٣ ص ٤٣ نحو صدره مسندا عن حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث وذيله عن محمد الحلبي في آخر ، وأما اعتبار الصغر فهو مناف للأصول ويمكن أن يكون الصغير تصحيفا للفقير ويؤيد ذلك أنه نقل عن الشهيد ـ قدس‌سره ـ ذكر في بعض مصنفاته أن الشيخ ذكر في المبسوط أنه يجب نفقة الوارث الفقير للرواية. والظاهر أن المراد هذه الرواية لعدم وجودي غيرها. وقال الفاضل التفرشي : يمكن أن يراد بالوارث من ليس للمنفق أقرب وأن يراد من من شأنه أنه يصير وارثا ، والأول أقرب ـ انتهى

(٢) في الاستبصار والتهذيب « يعنى الأخ وابن الأخ ونحوه » وقال في المسالك : المشهور أنه لا يجب نفقه غير العمودين من الأقارب ونقل العلامة في القواعد في ذلك خلافا وأسنده الشراح إلى الشيخ وأنه ذهب إلى وجوبها على كل وارث والشيخ في المبسوط قطع باختصاصها بالعمودين وأسند وجوبها على الوارث إلى رواية وحملها على الاستحباب ـ انتهى.

(٣) روى المصنف في الأمالي المجلس (٢٢) عن علي بن محمد بن قتيبة ، عن حمدان ابن سليمان ، عن نوح بن شعيب ، عن محمد بن إسماعيل ، عن صالح بن عقبة ، عن علقمة ، عن الصادق عليه‌السلام نحو هذا الخبر ، وفى الانتصار للسيد المرتضى ـ قدس الله روحه ـ نحوه راجع مسائل القضاء والشهادات منه.

١٠٥

ناقة باعها منه ، فقال : قد أوفيتك ، فقال : اجعل بيني وبينك رجلا يحكم بيننا ، فأقبل رجل من قريش فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : احكم بيننا ، فقال للاعرابي ما تدعي على رسول الله؟ قال : سبعين درهما ثمن ناقة بعتها منه ، فقال : ما تقول يا رسول الله؟ قال : قد أوفيته فقال للاعرابي : ما تقول؟ قال : لم يوفني فقال لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ألك بينة على أنك قد أوفيته؟ قال : لا ، قال للاعرابي : أتحلف أنك لم تستوف حقك وتأخذه؟ فقال : نعم ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لأتحاكمن مع هذا إلى رجل يحكم بيننا بحكم الله عزوجل (١) ، فأتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله علي بن أبي طالب عليه‌السلام ومعه الاعرابي « فقال علي عليه‌السلام مالك يا رسول الله؟ قال : يا أبا الحسن أحكم بيني وبين هذا الاعرابي ، فقال علي عليه‌السلام : يا أعرابي ما تدعي على رسول الله؟ قال : سبعين درهما ثمن ناقة بعتها منه ، فقال : ما تقول يا رسول الله؟ قال : قد أوفيته ثمنها ، فقال : يا أعرابي أصدق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيما قال؟ قال : لا ما أوفاني شيئا ، فأخرج علي عليه‌السلام سيفه فضرب عنقه ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لم فعلت يا علي ذلك؟! فقال : يا رسول الله نحن نصدقك على أمر الله ونهيه وعلى أمر الجنة والنار والثواب والعقاب و وحي الله عزوجل ولا نصدقك في ثمن ناقة هذا الاعرابي! وإني قتلته لأنه كذبك لما قلت له أصدق رسول الله فيما قال فقال : لاما أوفاني شيئا ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أصبت يا علي فلا تعد إلى مثلها ، ثم التفت إلي القرشي وكان قد تبعه ، فقال : هذا حكم الله لا ما حكمت به » (٢).

٣٤٢٦ ـ وفي رواية محمد بن بحر الشيباني ، عن أحمد بن الحرث قال : حدثنا أبو أيوب الكوفي قال : حدثنا إسحاق بن وهب العلاف قال : حدثنا أبو عاصم النبال ،

__________________

(١) أي مع هذا الاعرابي ، و « لأتحاكمن » جواب القسم المحذوف.

(٢) تحاكم النبي (ص) إلى القرشي ابتداء ورد حكمه ثانيا يعطى جواز التحاكم إلى من في ظاهره قابلية التحكم ورد حكمه عند العلم بخطائه ، وكذا ما يجيئ من قضية شريح في درع طلحة.

١٠٦

عن ابن جريج ، عن الضحاك (١) ، عن ابن عباس قال : « خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من منزل عائشة فاستقبله أعرابي ومعه ناقة فقال : يا محمد تشتري هذه الناقة؟ فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : نعم بكم تبيعها يا أعرابي؟ فقال : بمائتي درهم فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : بل ناقتك خير من هذا ، قال : فما زال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يزيد حتى اشترى الناقة بأربع مائة درهم ، قال : فلما دفع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الاعرابي الدراهم ضرب الاعرابي يده إلى زمام الناقة ، فقال : الناقة ناقتي والدراهم دراهمي فإن كان لمحمد شئ فليقم البينة قال : فأقبل رجل فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أترضى بالشيخ المقبل؟ قال : نعم يا محمد ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : تقضي فيما بيني وبين هذا الاعرابي؟ فقال : تكلم يا رسول الله فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الناقة ناقتي والدراهم دراهم الاعرابي ، فقال الاعرابي : بل الناقة ناقتي و الدراهم دراهمي إن كان لمحمد شئ فليقم البينة ، فقال الرجل : القضية فيها واضحة يا رسول الله وذلك أن الاعرابي طلب البينة ، فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : إجلس فجلس ثم أقبل رجل آخر فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أترضى يا أعرابي بالشيخ المقبل؟ قال : نعم يا محمد ، فلما دنا قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : إقض فيما بيني وبين الاعرابي قال تكلم يا رسول الله فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : الناقة ناقتي والدراهم دراهم الاعرابي ، فقال الاعرابي : بل الناقة ناقتي والدراهم دراهمي إن كان لمحمد شئ فليقم البينة ، فقال الرجل : القضية فيها واضحة يا رسول الله لان الاعرابي طلب البينة ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : اجلس حتى يأتي الله بمن يقضي بيني وبين الاعرابي بالحق ، فأقبل علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أترضى بالشاب المقبل؟ قال : نعم فلما دنا قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أبا الحسن إقض فيما بيني وبين الاعرابي ، فقال : تكلم

__________________

(١) ذكر المصنف هنا تمام السند لأنه مقطوع وجل رواته من العامة ، ومحمد بن بحر مرمى بالغلو وارتفاع المذهب والقول بالتفويض ، وأحمد بن الحرث مشترك بين جماعة غير موثقين ولعله تصحيف أحمد بن حرب وهو حفيد محمد البخاري العامي ، و أبو أيوب الكوفي إن كان الخزاز فهو ثقة والا فمجهول ، وإسحاق بن وهب عامي وكذا بقية رجال السند إلى ابن عباس.

١٠٧

يا رسول الله فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : الناقة ناقتي والدراهم دراهم الاعرابي فقال الاعرابي : لا بل الناقة ناقتي والدراهم دراهمي إن كان لمحمد شئ فليقم البينة ، فقال علي عليه‌السلام : خل بين الناقة وبين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال الاعرابي : ما كنت بالذي أفعل أو يقيم البينة (١) قال : فدخل علي عليه‌السلام منزله فاشتمل على قائم سيفه (٢) ثم أتى فقال : خل بين الناقة وبين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ما كنت بالذي أفعل أو يقيم البينة : قال : فضربه علي عليه‌السلام ضربة فاجتمع أهل الحجاز على أنه رمى برأسه وقال بعض أهل العراق بل قطع منه عضوا ، قال : فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما حملك على هذا يا علي!؟ فقال : يا رسول الله نصدقك على الوحي من السماء ولا نصدقك على أربعمائة درهم »!.

قال مصنف هذا الكتاب ـ رحمه‌الله ـ : هذان الحديثان غير مختلفين لأنهما في قضيتين ، وكانت هذه القضية قبل القضية التي ذكرتها قبلها (٣).

٣٤٢٧ ـ وروى محمد بن بحر الشيباني ، عن عبد الرحمن بن أحمد الذهلي قال : حدثنا محمد بن يحيى النيسابوري قال : حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع الحمصي ، قال : حدثنا شعيب ، عن الزهري ، عن عبد الله بن أحمد الذهلي قال (٤) حدثني عمارة بن خزيمة بن ثابت أن عمه حدثه وهو من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله « أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ابتاع فرسا من أعرابي فأسرع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله المشي ليقبضه ثمن فرسه فأبطأ الاعرابي فطفق رجال يعترضون الاعرابي فيساومونه بالفرس (٥) وهم لا يشعرون

__________________

(١) « أو يقيم » بمعنى إلى أن يقيم.

(٢) قائم السيف وقائمته : مقبضه. ( المصباح )

(٣) قال ذلك دفعا لان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله نهاه في الخبر السابق عن العود إلى مثله ، لكن في الخبرين غرابة كما لا يخفى والعلم عند الله.

(٤) السند عامي وروى نحوه الكليني ج ٧ ص ٤٠١ من الكافي في الموثق كالصحيح عن معاوية بن وهب مقطوعا. وذكر القضية جماعة من العامة وأشار إليه ابن قتيبة في المعارف وابن الأثير في أسد الغابة.

(٥) المساومة المقاولة في البيع والشراء والمجاذبة بين البايع والمشترى على السلعة وفضل ثمنها.

١٠٨

أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ابتاعه حتى زاد بعضهم الاعرابي في السوم على الثمن فنادى الاعرابي فقال : إن كنت مبتاعا لهذا الفرس فابتعه وإلا بعته ، فقام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حين سمع الاعرابي فقال : أو ليس قد ابتعته منك؟ فطفق الناس يلوذون بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله و بالأعرابي وهما يتشاجران فقال الاعرابي : هلم شهيدا يشهد إني قد بايعتك ، و من جاء من المسلمين قال للاعرابي : إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يكن ليقول إلا حقا حتى جاء خزيمة بن ثابت فاستمع لمراجعة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والأعرابي فقال خزيمة : إني أنا أشهد أنك قد بايعته ، فأقبل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله على خزيمة فقال : بم تشهد!؟ قال : بتصديقك يا رسول الله فجعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله شهادة خزيمة بن ثابت شهادتين وسماه ذا ـ الشهادتين ».

٣٤٢٨ ـ وروى محمد بن قيس (١) عن أبي جعفر عليه‌السلام « أن عليا عليه‌السلام كان في مسجد الكوفة فمر به عبد الله بن قفل التيمي ومعه درع طلحة فقال علي عليه‌السلام : هذه درع طلحة اخذت غلولا (٢) يوم البصرة ، فقال ابن قفل : يا أمير المؤمنين اجعل بيني وبينك قاضيك الذي ارتضيته للمسلمين فجعل بينه وبينه شريحا فقال علي عليه‌السلام : هذه درع طلحة اخذت غلولا يوم البصرة فقال شريح : يا أمير المؤمنين هات على ما تقول بينة فأتاه بالحسن بن علي عليه‌السلام فشهد أنها درع طلحة اخذت يوم البصرة غلولا فقال شريح : هذا شاهد ولا أقضي بشاهد حتى يكون معه آخر ، فأتي بقنبر فشهد أنها درع طلحة اخذت غلولا يوم البصرة ، فقال : هذا مملوك ولا أقضى بشهادة المملوك ، فغضب علي عليه‌السلام ، ثم قال : خذوا الدرع فإن هذا قد قضى بجور ثلاث مرات فتحول شريح عن مجلسه وقال : لا أقضي بين اثنين حتى تخبرني من أين قضيت

__________________

(١) رواه الكليني ج ٧ ص ٣٨٥ عن القمي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير عن عبد الرحمن ابن الحجاج ، والشيخ في التهذيب ج ٢ ص ٨٧ في الموثق عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي جعفر عليه‌السلام والظاهر أنه سقط محمد ابن قيس في الكتابين لان عبد الرحمن لم يلق أبا جعفر عليه‌السلام.

(٢) الغلول : الخيانة في المغنم خاصة.

١٠٩

بجور ثلاث مرات؟ فقال له علي عليه‌السلام : إني لما قلت لك : إنها درع طلحة اخذت غلولا يوم البصرة فقلت هات على ما تقول بينة ، وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : حيثما وجد غلول اخذ بغير بينة (١) ، فقلت : رجل لم يسمع الحديث ، ثم أتيتك بالحسن فشهد فقلت : هذا شاهد واحد ولا أقضي بشاهد حتى يكون معه آخر وقد قضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بشاهد ويمين ، فهاتان اثنتان ، ثم أتيتك بقنبر ، فشهد فقلت : هذا مملوك ، وما بأس بشهادة المملوك إذا كان عدلا فهذه الثالثة (٢) ، ثم قال عليه‌السلام : يا شريح إن إمام المسلمين يؤتمن من أمورهم على ما هو أعظم من هذا (٣) ، ثم قال أبو جعفر عليه‌السلام : فأول من رد شهادة المملوك ـ رمع ـ » (٤).

٣٤٢٩ ـ وروى محمد بن عيسى بن عبيد ، عن أخيه جعفر بن عيسى قال : « كتبت إلى أبي الحسن عليه‌السلام : جعلت فداك المرأة تموت فيدعي أبوها أنه أعارها بعض ما كان عندها من المتاع والخدم أتقبل دعواه بلا بينة ، أم لا تقبل دعواه إلا ببينة؟ فكتب عليه‌السلام : تجوز بلا بينة ، قال : وكتبت إلى أبي الحسن ـ يعني علي بن محمد ـ عليهما‌السلام جعلت فداك إن ادعى زوج المرأة الميتة أو أبو زوجها أو أم زوجها في متاعها أو في خدمها مثل الذي ادعى أبوها من عارية بعض المتاع والخدم أيكون بمنزلة الأب

__________________

(١) لعل مبنى ذلك على أنه لم يكن كلام في أنها درع طلحة لعلمهم بذلك بحيث لا يمكن انكاره حيث رأوها مرة بعد أخرى ، بل الكلام إنما كان في أن عبد الله بن قفل هل أخذه غلولا أو على وجه شرعي ، والأصل عدم انتقالها إليه بنافل شرعي ( مراد ) وقال العلامة المجلسي ـ رحمه‌الله ـ قوله « حيث ما وجد غلول » لعله محمول على ما إذا كان معروفا مشهورا بين الناس أو عند الامام والا فالحكم به مطلقا لا يخلو عن اشكال.

(٢) يستفاد منه تعديل قنبر وقبول شهادة المملوك العادل.

(٣) الخبر في الكافي والتهذيب إلى هنا.

(٤) مقلوب عمر. وحاصل الخبر أن طلب البينة من المدعى إنما يكون فيمن لم يعلم عصمته ، وأما فيمن علم عصمته بالدليل فيعلم بقوله حقية دعواه فلم يحتج الحاكم في الحكم إلى بينة لوجوب حكمه بعلمه ولهذا يجب تصديقه في جميع الأحكام الشرعية والاعتقادات. ( مراد )

١١٠

في الدعوى؟ فكتب عليه‌السلام : لا » (١).

٣٤٣٠ ـ وروى محمد بن أبي عمير ، عن رفاعة بن موسى النخاس عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا طلق الرجل امرأته فادعت أن المتاع لها وادعى أن المتاع له كان له ما للرجال ولها ما للنساء » (٢).

وقد روي أن المرأة أحق بالمتاع لان من بين لابتيها قد يعلم أن المرأة تنقل إلى بيت زوجها المتاع (٣).

قال مصنف هذا الكتاب ـ رحمه‌الله ـ : يعني بذلك المتاع الذي هو من متاع النساء والمتاع الذي هو يحتاج إليه الرجال كما تحتاج إليه النساء ، فأما ما لا يصلح إلا للرجال فهو للرجل ، وليس هذا الحديث بمخالف للذي قال : له ما للرجال و لها ما للنساء وبالله التوفيق.

__________________

(١) مروى في الكافي ج ٧ ص ٤٣١ وفى التهذيب ج ٢ ص ٨٧ ، وقال العلامة المجلسي ـ رحمه‌الله ـ : لعل الفرق فيما إذا علم كونها ملكا للأب سابقا كما هو الغالب بخلاف غيره ، فالقول قول الأب لأنه كان ملكه والأصل عدم الانتقال ، وقال في التحرير : هذه الرواية محمولة على الظاهر لأن المرأة تأتى بالمتاع من بيت أهلها.

(٢) مروى في التهذيب ج ٢ ص ٨٩ والاستبصار ج ٣ وص ٤٧ في ذيل حديث.

(٣) هذا الكلام مضمون خبر رواه الشيخ في التهذيب ج ٢ ص ٩٠ في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سألني هل يقضى ابن أبي ليلى بقضاء يرجع عنه فقلت له : بلغني أنه قضى في متاع الرجل والمرأة إذا مات أحدهما فادعى ورثة الحي وورثة الميت ، أو طلقها الرجل فادعاه الرجل وادعته المرأة أربع قضيات قال : ما هن؟ قلت : أما أول ذلك فقضى فيه بقضاء إبراهيم النخعي أن يجعل متاع المرأة الذي لا يكون للرجل للمرأة ، ومتاع الرجل الذي لا يكون للمرأة للرجل ، وما يكون للرجال والنساء بينهما نصفين ثم بلغني أنه قال : هما مدعيان جميعا والذي بأيديهما جميعا مما يتركان بينهما نصفين ثم قال : الرجل صاحب البيت والمرأة الداخلة عليه وهي المدعية فالمتاع كله للرجل الا متاع النساء الذي لا يكون للرجال فهو للمرأة ، ثم قضى بعد ذلك بقضاء لولا انى شهدته لم أروه عليه ، ماتت امرأة منا ولها زوج وتركت متاعا فرفعته إليه فقال اكتبوا لي المتاع فلما قرأه قال : هذا يكون للمرأة وللرجل وقد جعلته للمرأة الا الميزان فإنه من متاع الرجل ، فهو لك ، قال ، فقال لي على أي شئ هو اليوم؟ قلت : رجع إلى أن جعل البيت للرجل ، ثم سألته عن ذلك فقلت له : ما تقول فيه أنت؟ قال : القول الذي أخبرتني أنك شهدت منه وإن كان قد رجع عنه ، قلت له : يكون المتاع للمرأة؟ فقال : لو سألت من بينهما ـ يعنى الجبلين ـ ونحن يومئذ بمكة لا خبروك أن الجهاز والمتاع يهدى علانية من بيت المرأة إلى بيت الرجل فيعطى التي جاءت به وهو المدعى فان زعم أنه أحدث فيه شيئا فليأت بالبينة ».

١١١

( باب نادر )

٣٤٣١ ـ روى السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليهم‌السلام « أنه سئل عن رجل أبصر طيرا فتبعه حتى وقع على شجرة فجاء رجل آخر فأخذه فقال : للعين ما رأت ولليد ما أخذت ».

٣٤٣٢ ـ وروى علي بن عبد الله الوراق ـ رحمه‌الله ـ عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن أبي عمير ، عن حماد ، عن محمد بن مسلم قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الأخرس كيف يحلف إذا ادعي عليه دين ولم يكن للمدعى بينة فقال إن أمير المؤمنين عليه‌السلام اتي بأخرس وادعي عليه دين فأنكره ولم يكن للمدعي عليه بينة فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : الحمد لله الذي لم يخرجني من الدنيا حتى بينت للأمة جميع ما يحتاج إليه ، ثم قال : ائتوني بمصحف فاتي به ، فقال للأخرس : ما هذا فرفع رأسه إلى السماء وأشار أنه كتاب الله ، ثم قال : ائتوني بوليه فأتوه بأخ له فأقعده إلى جنبه ، ثم قال : يا قنبر علي بدواة وصينية فأتاه بهما (١) ثم قال لأخ الأخرس : قل لأخيك : هذا بينك وبينه انه علي ، فتقدم إليه بذلك ثم كتب أمير ـ المؤمنين عليه‌السلام : والله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم ، الطالب الغالب الضار النافع ، المهلك المدرك ، الذي يعلم السر والعلانية ، إن فلان بن فلان المدعي ليس له قبل فلان بن فلان ـ أعني الأخرس ـ حق ولا طلبة بوجه من

__________________

(١) يعنى قصعة ، والخبر مروى في التهذيب ج ٢ ص ٩٧.

١١٢

الوجوه ولا سبب من الأسباب ثم غسله وأمر الأخرس أن يشربه ، فامتنع فألزمه الدين » (١).

باب

* ( العتق وأحكامه ) *

٣٤٣٣ ـ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من أعتق مؤمنا أعتق الله بكل عضو منه عضوا من النار ، وإن كانت أنثى أعتق الله بكل عضوين منها عضوا من النار ، لأن المرأة بنصف الرجل » (٢).

٣٤٣٤ ـ وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « يستحب للرجل أن يتقرب عشية عرفة ويوم عرفة بالعتق والصدقة ».

٣٤٣٥ ـ وروي عن أبي بصير ، وأبي العباس ، وعبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا ملك الرجل والديه أو أخته أو عمته أو خالته أو ابنة أخيه أو ابنة أخته وذكر أهل هذه الآية (٣) من النساء عتقوا جميعا ، ويملك الرجل عمه وابن

__________________

(١) قال في المسالك : في حلف الأخرس أقوال أشهرها تحليفه بالإشارة المفهمة الدالة عليه كسائر أموره ، والشيخ في النهاية اشترط مع ذلك وضع يده على اسم الله تعالى ، وقيل : بكتب اليمين في لوح ويؤمر بشر به بعد اعلامه ، واحتجوا بهذا الخبر ، وحمله ابن إدريس على أخرس لا يكون له كتابة معقولة ولا إشارة مفهومة ، وما ذكر في الخبر من فهمه إشارة علي عليه السلام إليه بالاستفهام عن المصحف ينافي ذلك.

(٢) هذا إذا كان المعتق ـ على صيغة الفاعل ـ رجلا ، أما إذا كانت امرأة فالظاهر من العلة المذكورة أن يعتق بكل عضو منها عضوا منها من النار ، وفى صورة العكس ينعتق بكل عضو منه عضوان بمعنى تضاعف الاجر ، وفى المجلد الأول من الكافي ص ٤٥٣ باب مولد أمير المؤمنين عليه‌السلام « أن فاطمة بنت أسد قالت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : انى أريد أن أعتق جاريتي هذه ، فقال لها : أن فعلت أعتق الله بكل عضو منها عضوا منك من النار ». والخبر رواه الشيخ في التهذيب ج ٢ ص ٣٠٩ والكليني ج ٦ ص ١٨٠.

(٣) المراد قوله تعالى « حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم ـ الآية ».

١١٣

أخيه وابن أخته وخاله ، ولا يملك أمه من الرضاعة ولا أخته ولا عمته ولا خالته ، فإذا ملكهن عتقن ، قال : وما يحرم من النسب من النساء فإنه يحرم من الرضاع (١) ، وقال : يملك الذكور ما خلا الوالد والولد ، ولا يملك من النساء ذات محرم ، قلت : وكذلك يجري في الرضاع؟ قال : نعم يجري في الرضاع مثل ذلك » (٢).

٣٤٣٦ ـ وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في جارية كانت بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه قال : إن كان موسرا كلف أن يضمن وإن كان معسرا اخدمت بالحصص » (٣).

٣٤٣٧ ـ وروى محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في عبد كان بين رجلين فحرر أحدهما نصفه وهو صغير وأمسك الاخر نصفه (٤) ، قال : يقوم قيمة يوم حرر الأول وامر المحرر أن يسعى في نصفه الذي لم يحرر حتى يقضيه ».

٣٤٣٨ ـ وروى محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني قال : « سألت أبا ـ عبد الله عليه‌السلام عن الرجلين يكون بينهما الأمة فيعتق أحدهما نصفه فتقول الأمة للذي لم يعتق نصفه : لا أريد أن تقومني ذرني كما أنا أخدمك وإنه أراد أن يستنكح النصف

__________________

(١) اختلف الأصحاب تبعا لاختلاف الروايات في أن من ملك من الرضاع من ينعتق عليه لو كان بالنسب هل ينعتق أم لا ، فذهب الشيخ وأتباعه وأكثر المتأخرين إلى الانعتاق ، وذهب المفيد وابن أبي عقيل وسلار وابن إدريس ـ رحمهم‌الله ـ إلى عدم الانعتاق. ( المرآة )

(٢) ظاهر الحديث يدل على انعتاق كل من بين تحريمها في الآية وإن كان بالمصاهرة كأم الزوجة وزوجة الولد ، ولكنهم خصصوا الحكم بالمحرمات بالنسب والرضاع. ( مراد )

(٣) كذا في الاستبصار ، وفى بعض النسخ « اخذت » وفى التهذيب « اخدمت بالحصة » ، وقيل : يمكن أن يحمل ذلك على ما إذا لم يقدر على السعي في تحصيل قيمة ما بقي لها من الرق أو لم يسع بقرينة ما يجيئ.

(٤) في الكافي ج ٦ ص ١٨٣ « وأمسك الاخر نصفه حتى كبر الذي حرر نصفه ».

١١٤

الاخر ، قال لا ينبغي له أن يفعل إنه لا يكون للمرأة فرجان ولا ينبغي له أن يستخدمها ولكن يقومها ويستسعيها » (١).

وفي رواية أبي بصير مثله إلا أنه قال : « وإن كان الذي أعتقها محتاجا فليستسعها ».

٣٤٣٩ ـ وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه « سئل عن رجلين كان بينهما عبد فأعتق أحدهما نصيبه ، قال : إن كان مضارا كلف أن يعتقه كله و إلا استسعى العبد في النصف الآخر » (٢).

٣٤٤٠ ـ وروى حريز ، عن محمد بن مسلم قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : « رجل ورث غلاما وله فيه شركاء فأعتق لوجه الله نصيبه ، فقال : إذا أعتق نصيبه مضارة وهو موسر ضمن للورثة ، وإذا أعتق نصيبه لوجه الله عزوجل كان الغلام قد أعتق منه حصة من أعتق ، ويستعملونه على قدر ما لهم فيه ، فإن كان فيه نصفه عمل لهم يوما وله يوم ، وإن أعتق الشريك مضارا فلا عتق له لأنه أراد أن يفسد على القوم و يرجع القوم على حصتهم ».

٣٤٤١ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : « لا عتق إلا ما أريد به وجه الله عزوجل » (٣).

٣٤٤٢ ـ وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام قال : « سألته عن الرجل تكون له الأمة ، فيقول : متى آتيها فهي حرة ، ثم يبيعها من رجل ، ثم يشتريها بعد ذلك ، قال : لا بأس بأن يأتيها قد خرجت من ملكه ».

٣٤٤٣ ـ وروي عن سماعة قال : « سألته عن رجل قال لثلاثة مماليك له : أنتم أحرار ، وكان له أربعة فقال له رجل من الناس : أعتقت مماليكك؟ قال : نعم أيجب

__________________

(١) رواه الكليني في الكافي ج ٥ ص ٤٨٢ وفيه « فيستسعيها ».

(٢) أي إذا كان قصده بذلك الاضرار على شريكه فيلزمه العتق فيما بقي ويؤخذ بما بقي لشريكه ، والخبر رواه الشيخ في الاستبصار ج ٤ ص ٤ والتهذيب ج ٢ ص ٣١٠.

(٣) كذا في جميع النسخ كما في الكافي ج ٦ ص ١٧٨ وفى التهذيب ج ٢ ص ٣٠٩ « ولا أعتق الا ما أريد به وجه الله تعالى ».

١١٥

عتق الأربعة حين أجملهم؟ أو هو للثلاثة الذين أعتق؟ قال : إنما يجب العتق لمن أعتق ».

٣٤٤٤ ـ وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في رجل زوج أمته من رجل وشرط له أن ما ولدت من ولد فهو حر ، فطلقها زوجها أو مات عنها فزوجها من رجل آخر ما منزلة ولدها؟ قال : بمنزلتها إنما جعل ذلك للأول (١) وهو في الاخر بالخيار إن شاء أعتق وإن شاء أمسك ».

٣٤٤٥ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا طلاق قبل نكاح ولا عتق قبل ملك » (٢).

٣٤٤٦ ـ وسأله عبد الرحمن بن أبي عبد الله « عن رجل قال لغلامه : أعتقك على أن أزوجك جاريتي هذه فإن نكحت عليها أو تسريت فعليك مائة دينار ، فأعتقه على ذلك فنكح أو تسرى أعليه مائة دينار ويجوز شرطه؟ قال : يجوز عليه شرطه » (٣).

٣٤٤٧ ـ وقال أبو عبد الله عليه‌السلام « في رجل أعتق مملوكه على أن يزوجه ابنته وشرط عليه إن تزوج أو تسرى عليها فعليه كذا وكذا ، قال : يجوز ». (٤)

__________________

(١) في التهذيب ج ٢ ص ٣١١ « قال منزلتها ما جعل ذلك الا للأول ـ الخ ، وقال سلطان العلماء : ينبغي حمل ذلك على صورة يفيد فيها هذا الشرط ويصح كون الولد بمنزلة الام مع عدم الاشتراط كما إذا كان الزوج عبدا أو كما ذهب إليه ابن الجنيد من كون الولد رقا وإن كان الزوج حرا الا مع اشتراط الحرية ، والمشهور كون ولد الزوج الحر حر الا مع اشتراط الرقية ، وقيل : لا تأثير لشرط الرقية.

(٢) رواه الكليني في الكافي ج ٦ ص ١٧٩ في الحسن كالصحيح. ويمكن حمله على أن المراد لا يصح عتق يكون انعتاقه قبل الملك لئلا ينافي الأخبار الدالة ظاهرا على صحة تعليقه بالملك ولكن حملها الشيخ على النذر.

(٣) أجمع الأصحاب على أن المعتق إذا شرط على العبد شرطا سائغا في العتق لزمه الوفاء ، وهل يشترط في لزوم الشرط قبول المملوك ، قيل : لا ، وهو اختيار المحقق ، وقيل : يشترط مطلقا وهو اختيار العلامة في التحرير وفصل في القواعد وقال بلزومه في شرط المال دون الخدمة.

(٤) روى نحوه الكليني في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام.

١١٦

٣٤٤٨ ـ وسأله يعقوب بن شعيب « عن رجل أعتق جاريته وشرط عليها أن تخدمه خمس سنين فأبقت ثم مات الرجل فوجدها ورثته ألهم أن يستخدموها؟ قال : لا » (١).

٣٤٤٩ ـ وروى جميل ، عن زرارة ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام « في رجل أعتق عبدا له مال لمن مال العبد؟ قال : إن كان علم أن له مالا تبعه ماله وإلا فهو للمعتق (٢). وفي رجل باع مملوكا وله مال ، قال : إن علم مولاه الذي باعه أن له مالا فالمال للمشتري ، وإن لم يعلم البايع فالمال للبايع ».

٣٤٥٠ ـ وروى ابن بكير ، عن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا كان للرجل مملوك فأعتقه وهو يعلم (٣) أن له مالا ولم يكن استثنى السيد المال حين أعتقه فهو للعبد ».

٣٤٥١ ـ وسأله عبد الرحمن بن أبي عبد الله (٤) « عن رجل أعتق عبدا له و

__________________

(١) مروى في الكافي ج ٦ ص ١٧٩ في الصحيح ، وعليه الأصحاب ، وقوله « فأبقت » من الإباق أي هربت من سيدها.

(٢) إلى هنا رواه الكليني في الكافي ج ٦ ص ١٩٠ والشيخ في التهذيب ج ٢ ص ٣١١.

(٣) كذا ، وفى الكافي ج ٦ ص ١٩٠ والتهذيب « قال : إذا كاتب الرجل مملوكه وأعتقه وهو يعلم ـ الخ » وفى الاستبصار كما في المتن وزاد في بعض نسخه بعد قوله « فهو للعبد » « والا فهو له ـ أي وان لم يعلم أن له مالا فالمال للسيد ـ ».

(٤) رواه الشيخ في التهذيبين باسناده عن محمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن أبان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، وقال بعده : هذه الأخبار عامة مطلقة ينبغي أن نقيدها بأن نقول إنما يكون له المال إذا بدأ به في اللفظ قبل العتق بأن يقول : لي مالك وأنت حر ، فان بدأ بالحرية لم يكن له من المال شئ ، يدل على ذلك ما رواه محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن سعد بن سعد ، عن أبي جرير قال : « سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن رجل قال لمملوكه : أنت حر ولى مالك ، قال : لا يبدء بالحرية قبل المال يقول له : لي مالك وأنت حر برضا المملوك فان ذلك أحب إلى ».

١١٧

للعبد مال فتوفي الذي أعتق العبد لمن يكون مال العبد؟ أيكون للذي أعتق العبد ، أو للعبد؟ قال : إذا أعتقه وهو يعلم أن له مالا فماله له ، وإن لم يعلم فماله لولد سيده ».

٣٤٥٢ ـ وروى جميل ، عن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في رجل أعتق مملوكه عند موته وعليه دين ، قال : إن كان قيمة العبد مثل الذي عليه ومثله (١) جاز عتقه وإلا لم يجز » (٢).

__________________

(١) في بعض النسخ « ومثليه » والظاهر أنه من النساخ كما في جميع كتب الاخبار والفقه وكما سيجيئ أيضا مفردا يعنى إذا أعتق سدس الغلام يستسعى في الباقي الا إذا كان أقل منه فإنه اضرار على الورثة وأصحاب الديون ويؤيده ، موثقة الحسن بن الجهم في الكافي والتهذيب.

(٢) قال في المسالك : إذا أوصى بعتق مملوكه تبرعا أو أعتقه منجزا على أن المنجزات من الثلث وعليه دين فإن كان الدين يحيط بالتركة بطل العتق والوصية وان فضل منها عن الدين فضل وان قل صرف ثلث الفاضل في الوصايا فيعتق من العبد بحساب ما يبقى من الثلث ويسعى في ما بقي من قيمته ، هذا هو الذي تقتضيه القواعد ولكن وردت روايات صحيحة في أنه يعتبر قيمة العبد الذي أعتق في مرض الموت فان كانت بقدر الدين مرتين أعتق العبد وسعى في خمسة أسداس قيمته لان نصفه حينئذ ينصرف إلى الدين فيبطل فيه العتق ويبقى منه ثلاثة أسداس للمعتق منها سدس وهو ثلث التركة بعد الدين وللورثة سدسان ، وان كانت قيمة العبد أقل من قدر الدين مرتين بطلت العتق فيه أجمع ، وقد عمل بمضمونها المحقق وجماعة والشيخ وجماعة عدوا الحكم من منطوق الرواية إلى الوصية بالعتق ، والمحقق اقتصر على الحكم في المنجز ، وأكثر المتأخرين ردوا الرواية لمخالفتها لغيرها من الروايات الصحيحة ولعله أولى ويرد على القائل بتعديتها إلى الوصية معارضتها فيها لصحيحة الحلبي ( الآتي ) حيث تدل باطلاقها باعتاقه متى زادت قيمته عن الدين فلا وجه لعمل الشيخ بتلك الرواية مع عدم ورودها في مدعاه واطراح هذه ، ومن الجائز اختلاف حكم المنجز والموصى به في مثل ذلك كما اختلفا في كثير من الأحكام على تقدير تسليم حكمها في المنجز ويبقى في رواية الحلبي أنه عليه‌السلام حكم باستسعاء العبد في قضاء دين مولاه ولم يتعرض لحق الورثة مع أن لهم في قيمته مع زيادتها عن الدين حقا كما تقرر الا أن ترك ذكرهم لا يقدح لامكان استفادته عن خارج وتخصيص الامر بوفاء الدين لا ينافيه.

١١٨

٣٤٥٣ ـ وروى حماد ، عن الحلبي عنه عليه‌السلام أنه قال : « في الرجل يقول : إن مت فعبدي حر وعلى الرجل دين قال : إن توفي وعليه دين قد أحاط بثمن العبد بيع العبد ، وإن لم يكن أحاط [ بثمن العبد ] استسعي العبد في قضاء دين مولاه وهو حر به إذا أوفاه » (١).

٣٤٥٤ ـ وروى محمد بن مروان عنه عليه‌السلام أنه قال : « أن أبي عليه‌السلام ترك ستين مملوكا وأوصى بعتق ثلثهم ، فأقرعت بينهم فأخرجت عشرين فأعتقتهم » (٢).

٣٤٥٥ ـ وروى حريز ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام قال : « سألته عن رجل ترك مملوكا بين نفر فشهد أحدهم أن الميت أعتقه ، قال : إن كان الشاهد مرضيا لم يضمن وجازت شهادته في نصيبه ، واستسعى العبد فيما كان للورثة » (٣).

__________________

(١) رواه الشيخ في التهذيب ج ٢ ص ٣١٣ ، وقال سلطان العلماء : قوله « إذا مت فعبدي حر » هذا بطريق الوصية والسابق بطريق التخيير ، ولعل الحكم فيها مختلف كما هو مذهب بعض الأصحاب ، فلا منافاة ـ انتهى ، وما بين القوسين ليس في أكثر النسخ وهو موجود في التهذيب.

(٢) مروى في التهذيب ج ٢ ص ٣١٤.

(٣) الظاهر أنه الفرد الخفي أي مع أنه مرضى لا يصير اقراره سببا للسراية لأنه لم يعتق ، فكيف إذا لم يكن مرضيا ، ويمكن أن يكون مفهومه إذا لم يكن مرضيا يضمن القيمة للورثة كما في السراية إذا كان مضارا ، وفيه بعد ، ويمكن أن لا يسمع قوله مع عدم كونه مرضيا في السراية وان سمع اقراره على نفسه في عتق حصته ( م ت ) وقال سلطان العلماء : لو كانا اثنين يظهر فائدة كونهما مرضيين إذ بشهادتهما يحكم بعتق الكل أما في الواحد فلا يظهر وجهه الا أن يقال لدفع احتمال قصد الاضرار المبطل وهو بعيد وفيه تأمل ـ انتهى ، وقال العلامة في المختلف : الوجه أن نقول : الاقرار يمضى في حق المقر سواء كان مرضيا أم لا ولا يجب السعي ، وبالجملة فلا فرق بين المرضى وغيره ، ويمكن أن يقال : إن عدالته ينفى التهمة فيمضى الاقرار في حقه خاصة وأما في حق الشركاء فيستسعى العبد كمن أعتق حصة من عبد ولم يقصد الاضرار مع الاعسار وأما إذا لم يكن مرضيا فإنه لا يلتفت إلى قوله الا في حقه فلا يستسعى العبد بل يبقى حصص الشركاء على العبودية ويحكم في حصته بالحرية ، وهذا عندي محمول على الاستحباب عملا بالرواية.

١١٩

( باب التدبير ) (١)

٣٤٥٦ ـ سأل إسحاق بن عمار أبا إبراهيم عليه‌السلام « عن الرجل يعتق مملوكه عن دبر ، ثم يحتاج إلى ثمنه ، قال : يبيعه ، قال : قلت فإن كان له عن ثمنه غنى (٢) قال : إذا رضي المملوك فلا بأس ».

٣٤٥٧ ـ وروى جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سألته عن المدبر أيباع؟ قال : إن أحتاج صاحبه إلى ثمنه ورضي المملوك فلا بأس » (٣).

٣٤٥٨ ـ وروي عن العلاء عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام « في الرجل يعتق غلامه أو جاريته عن دبر منه ، ثم يحتاج إلى ثمنه أيبيعه؟ قال : لا إلا أن يشترط على الذي يبيعه إياه أن يعتقه عند موته » (٤).

٣٤٥٩ ـ وسئل أبو إبراهيم عليه‌السلام (٥) « عن امرأة دبرت جارية لها فولدت

__________________

(١) التدبير هو التفعيل من الدبر ، والمراد به تعليق العتق بدبر الحياة ، وقيل : سمى تدبيرا لأنه دبر أمر دنياه باستخدامه واسترقاقه وأمر آخرته باعتاقه وهذا راجع إلى الأول لان التدبير في الامر مأخوذ من لفظ الدبر أيضا لأنه نظر في عواقب الأمور. ( المسالك )

(٢) أي لا يحتاج إليه فهل يجوز بيعه.

(٣) لا يخفى صحة الرواية وهي تدل على اشتراط الاحتياج ورضى المملوك في جواز بيعه وهي تنافى الرواية السابقة واللاحقة ، ولم ينقل من واحد من الأصحاب العمل بها والجمع بين الروايات المذكورة لا يخلو من اشكال والله أعلم. ( سلطان )

(٤) في المحكى عن المسالك : قال الصدوق : لا يجوز بيعه الا أن يشترط على الذي يبيعه إياه أن يعتقه عند موته ، وقريب منه قول ابن أبي عقيل. والمشهور جواز بيعه مطلقا كأنهم حملوا الروايات الدالة على اشتراط الشرائط المذكورة على الاستحباب والكراهة بدونها ولذا اختلف في الروايات ذكر الشرائط وهو بعيد. وقال الفاضل التفرشي : محمول على الكراهة بدون الاشتراط ، والظاهر رجوع ضمير « موته » إلى البايع ليبقى معنى التدبير.

(٥) رواه الكليني ج ٦ ص ١٨٤ عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى الكلاني عنه عليه‌السلام.

١٢٠