الطبّ النبوي

شمس الدّين محمّد بن أبي بكر بن أيّوب الزّرعي [ ابن القيّم ]

الطبّ النبوي

المؤلف:

شمس الدّين محمّد بن أبي بكر بن أيّوب الزّرعي [ ابن القيّم ]


الموضوع : الطّب
المطبعة: دار إحياء الكتب العربية ـ قاهرة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٣٤

فأما الفقهي ، فالذي استقرت عليه سنته ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : إباحة الحرير للنساء مطلقا ، وتحريمه على الرجال إلا لحاجة ، أو مصلحة راجحة. فالحاجة إما من شدة البرد : ولا يجد غيره ، أو لا يجد سترة سواه. ومنها : إلباسه (١) للحرب والمرض ، والحكة وكثرة القمل. كما دل عليه حديث أنس هذا الصحيح.

والجواز أصح الروايتين عن الإمام أحمد ، وأصح قولي الشافعي. إذ (٢) الأصل : عدم التخصيص. والرخصة إذا ثبتت في حق بعض الأمة لمعنى ، تعدت إلى كل من وجد فيه ذلك المعنى. إذ الحكم يعم بعموم سببه.

ومن منع منه قال : أحاديث التحريم عامة ، وأحاديث الرخصة يحتمل اختصاصها بعبد الرحمن بن عوف والزبير ، ويحتمل تعديها إلى غيرهما. وإذا احتمل الأمران : كان الاخذ بالعموم أولى. ولهذا قال بعض الرواة في هذا الحديث : « فلا أدرى : أبلغت الرخصة من بعدهما ، أم لا؟ ».

والصحيح : عموم الرخصة ، فإنه عرف خطاب الشرع في ذلك ، ما لم يصرح بالتخصيص وعدم إلحاق غير من رخص له أولا به. كقوله لأبي بردة : « تجزيك ولن تجزى عن أحد بعدك ». وكقوله تعالى لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ في نكاح من وهبت نفسها له ـ : ( خالصة لك من دون المؤمنين ). وتحريم الحرير إنما كان سدا للذريعة ، ولهذا أبيح للنساء ، وللحاجة والمصلحة الراجحة. ( وهذه قاعدة ) (٣) ما حرم لسد الذرائع : فإنه يباح عند الحاجة والمصلحة الراجحة. كما حرم النظر : سدا لذريعة الفعل ، وأبيح منه ما تدعو إليه الحاجة والمصلحة الراجحة. وكما حرم التنفل بالصلاة في أوقات النهى : سدا لذريعة. المشابهة الصورية بعباد الشمس ، وأبيحت للمصلحة الراجحة. وكما حرم ربا الفضل :

__________________

(١) كذا بالزاد (ص ٨٨). وفى الأصل : « ومنهما لباسه ». وهو تحريف.

(٢) كذا بالزاد. وفى الأصل : « إذا » ، وهو خطأ وتحريف.

(٣) هذه الزيادة : عن الزاد ( ص ٨٨ ).

٦١

سدا لذريعة ربا النسيئة ، وأبيح منه ما تدعو إليه الحاجة : من العرايا (١). وقد أشبعنا الكلام فيما يحل ويحرم : من لباس الحرير ، في كتاب : « التحبير ، لما يحل ويحرم من لباس الحرير ».

( فصل ) وأما الامر الطبي ، فهو : أن الحرير من الأدوية المتخذة من الحيوان ، ولذلك يعد في الأدوية الحيوانية. لان مخرجه من الحيوان. وهو كثير المنافع ، جليل الموقع. ومن خاصيته : تقوية القلب وتفريحه ، والنفع من كثير من أمراضه ، ومن غلبة المرة السوداء والأدواء الحادثة عنها. وهو مقو للبصر : إذا اكتحل به. والخام منه ـ وهو المستعمل في صناعة الطب ـ حار يابس في الدرجة الأولى. وقيل : حار رطب فيها وقيل معتدل ( في صناعة الطب ) (٢). وإذا اتخذ منه ملبوس : كان معتدل الحرارة في مزاجه ، مسخنا للبدن ، وربما برد البدن بتسمينه إياه.

قال الرازي : « الإبريسم (٣) أسخن من الكتان ، وأبرد من القطن ، يربى اللحم. وكل لباس خشن فإنه يهزل ويصلب البشرة ، وبالعكس ».

قلت : والملابس ثلاثة أقسام : قسم يسخن البدن ويدفئه ، وقسم يدفئه ولا يسخنه ، وقسم لا يسخنه ولا يدفئه. وليس هناك ما يسخنه ولا يدفئه : إذ ما يسخنه فهو أولى بتدفئته. فملابس الأوبار والأصواف تسخن وتدفئ ، وملابس الكتان والحرير والقطن تدفئ ولا تسخن. فثياب الكتان باردة يابسة ، وثياب الصوف حارة يابسة ، وثياب القطن معتدلة الحرارة ، وثياب الحرير ألين من القطن وأقل حرارة منه. قال صاحب المنهاج : « ولبسه لا يسخن كالقطن بل هو معتدل ». وكل لباس أملس صقيل : فإنه أقل إسخانا للبدن ، وأقل عونا في تحلل ما يتحلل منه ، وأحرى أن يلبس في الصيف وفى البلاد الحارة.

__________________

(١) جمع « عرية » ـ بزنة قضية ـ وهى : النخلة يعطيها صاحبها لفقير ، لينتفع بثمرتها إلى سنة ، فتدفعه الحاجة إلى أن يأخذ بثمرتها تمرا قبل أن تحزر ثمرتها. فلا يضر الفضل حينئذ. اه‍ ق.

(٢) زيادة : عن الزاد ( ص ٨٨ ).

(٣) الإبريسم ـ بفتح السين وضمها ـ : الحرير. أو هو معرب!! اه‍ ق.

٦٢

ولما كانت ثياب الحرير ، كذلك وليس فيها شئ من اليبس والخشونة الكائنتين (١) في غيرها ـ : صارت نافعة من الحكة : إذ الحكة لا تكون إلا عن حرارة ويبس وخشونة فلذلك رخص رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، للزبير وعبد الرحمن ، في لباس الحرير : لمداواة الحكة. وثياب الحرير أبعد عن تولد القمل فيها : إذ كان مزاجها مخالفا لمزاج ما يتولد منه القمل.

وأما القسم الذي لا يدفئ ولا يسخن : فالمتخذ من الحديد والرصاص والخشب والتراب ونحوها.

فإن قيل : فإذا كان لباس الحرير أعدل اللباس وأوفقه للبدن ، فلماذا حرمته الشريعة الكاملة الفاضلة ، التي أباحت الطيبات ، وحرمت الخبائث؟.

قيل : هذا السؤال : يجيب عنه كل طائفة ـ من طوائف المسلمين ـ بجواب.

فمنكروا الحكم والتعليل : لما رفعت قاعدة التعليل من أصلها ، لم تحتج إلى جواب هذا السؤال.

ومثبتوا التعليل والحكم ـ وهم الأكثرون ـ منهم من يجيب عن هذا : بأن الشريعة حرمته : لتصبر النفوس عنه ، وتتركه لله ، فتثاب على ذلك. لا سيما ولها عوض عنه بغيره.

ومنهم من يجيب عنه : بأنه خلق في الأصل للنساء كالحلية بالذهب ، فحرم على الرجال لما فيه : من مفسدة تشبه الرجال بالنساء. ومنهم من قال : حرم لما يورثه : من الفخر والخيلاء والعجب.

ومنهم من قال : حرم لما يورثه للبدن لملاسته : من الاونوثية والتخنث ، وضد الشهامة والرجولية. فإن لبسه يكسب القلب صفة من صفات الإناث. ولهذا لا تكاد تجد من يلبسه في الأكثر ، إلا وعلى شمائله : من التخنث والتأنث والرخاوة ، مالا يخفى حتى لو كان من أشهم (٢) الناس وأكثرهم فحولية ورجولية ، فلا بد أن ينقصه لبس

__________________

(١) كذا بالأصل. وفى الزاد (ص ٨٨) : « الكائنين ». وكل صحيح.

(٢) كذا بالزاد (ص ٨٩). وفى الأصل : « شهم » ، وهو تحريف.

٦٣

الحرير منها وإن لم يذهبها. ومن غلظت طباعه وكثفت عن فهم هذا : فليسلم للشارع الحكم. ولهذا كان أصح القولين : أنه يحرم على الولي أن يلبسه الصبى ، لما ينشأ عليه من صفات أهل التأنيث.

وقد روى النسائي ـ من حديث أبي موسى الأشعري ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أنه قال : « إن الله أحل لاناث أمتي الحرير والذهب ، وحرمه على ذكورها » ، وفى لفظ : « حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي ، وأحل لاناثهم ».

وفى صحيح البخاري : عن حذيفة ، قال : « نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، عن لبس الحرير والديباج ، وأن يجلس عليه. وقال : هو لهم في الدنيا ، ولكم في الآخرة ».

فصل في هديه صلى‌الله‌عليه‌وسلم في علاج ذات الجنب

روى الترمذي في جامعه ـ من حديث زيد بن أرقم ـ أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : « تداووا من ذات الجنب بالقسط البحري والزيت (١) ».

ذات (٢) الجنب ـ عند الأطباء ـ نوعان : حقيقي ، وغير حقيقي. فالحقيقي : ورم حار يعرض في نواحي الجنب في الغشاء المستبطن للاضلاع. وغير الحقيقي : ألم يشبهه ، يعرض في نواحي الجنب عن رياح غليظة مؤذية ، تحتقن بين الصفاقات ، فتحدث وجعا قريبا من وجع ذات الجنب الحقيقي. إلا أن الوجع في هذا القسم ممدود ، وفى الحقيقي ناخس.

قال صاحب القانون : « قد يعرض في الجنب والصفاقات والعضل ، التي في الصدر والاضلاع ونواحيها ، أورام مؤذية جدا موجعة ، تسمى : شوصة ، وبرساما ، وذات الجنب. وقد تكون أيضا أوجاعا في هذه الأعضاء ، ليست من ورم ولكن من رياح غليظة ، فيظن : أنها من هذه العلة ، ولا تكون. قال : واعلم أن كل وجع في الجنب قد يسمى : ذات الجنب ، اشتقاقا من مكان الألم. لان معنى ذات الجنب : صاحبة الجنب. والغرض به ههنا : وجع الجنب. فإذا عرض في الجنب ألم عن أي سبب كان ، نسب إليه.

__________________

(١) وأخرجه : ابن ماجة ، وأحمد ، والحاكم. اه‍ ق.

(٢) كذا بالأصل. وفى الزاد (ص ٨٩) : « وذات ». وكلاهما صواب.

٦٤

وعليه حمل كلام ( أ ) بقراط في قوله : إن أصحاب ذات الجنب ينتفعون بالحمام. وقيل : المراد به كل من به وجع جنب ، أو وجع رئة من سوء مزاج ، أو من أخلاط غليظة أو لذاعة ، من غير ورم ولا حمى ».

قال بعض الأطباء : وأما معنى ذات الجنب ، في لغة اليونان ، فهو : ورم الجنب الحار ، وكذلك : ورم كل واحد من الأعضاء الباطنة. وإنما سمى ذات الجنب ورم ذلك العضو : إذا كان ورما حارا فقط. ويلزم ذات الجنب الحقيقي خمسة أعراض ، وهى : الحمى ، والسعال ، والوجع الناخس ، وضيق النفس ، والنبض المنشاري (١).

والعلاج الموجود في الحديث ليس هو لهذا القسم ، لكن للقسم الثاني الكائن عن الريح الغليظة. فإن القسط البحري ـ وهو : العود الهندي ، على ما جاء مفسرا في أحاديث أخر ـ صنف من القسط : إذا دق دقا ناعما ، وخلط بالزيت المسخن ، ودلك به مكان الريح المذكور ، أو لعق ـ : كان دواء موافقا لذلك ، نافعا له ، محللا لمادته ، مذهبا لها ، مقويا للأعضاء الباطنة ، مفتحا للسدد. والعود المذكور في منافعه كذلك. قال المسيحي : « العود حار يابس قابض ، يحبس البطن ، ويقوى الأعضاء الباطنة ، ويطرد الريح ، ويفتح السدد ، نافع من ذات الجنب ، ويذهب فضل الرطوبة. والعود المذكور جيد للدماغ. قال : ويجوز أن ينفع القسط من ذات الجنب الحقيقية أيضا : إذا كان حدوثها عن مادة بلغمية ، لا سيما في وقت انحطاط العلة. والله أعلم ».

وذات الجنب : من الأمراض الخطرة. وفى الحديث الصحيح عن أم سلمة ، أنها قالت : « بدأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بمرضه : في بيت ميمونة ، وكان كلما خف عليه : خرج وصلى بالناس ، وكان كلما وجد ثقلا ، قال : مروا أبا بكر فليصل بالناس. واشتد شكواه حتى (٢) غمر. ومن شدة الوجع ، اجتمع عنده نساؤه ، وعمه العباس ، وأم الفضل بنت

__________________

(١) هذا الوصف ينطبق على الوجع الصدري : نتيجة التهاب الرئة. ويعالج الآن بالأدوية المضادة للميكروبات ، مثل : أقراص السلفا ، وجقن الينسلين. اه‍ د.

(٢) كذا بالأصل. وفى الزاد ص ٩٠ : « ثدي عمر .. فاجتمع ». وهو تصحيف وتحريف.

(٥ ـ الطب النبوي)

٦٥

الحرث ، وأسماء بنت عميس. فتشاوروا في لده : فلدوه وهو مغمور. فلما أفاق قال : من فعل بي هذا؟ هذا من عمل نساء جئن من ههنا. وأشار بيده إلى أرض الحبشة. وكانت (أم) (١) سلمة وأسماء لدتاه. فقالوا : يا رسول الله ، خشينا أن يكون بك ذات الجنب. قال : فبم لددتموني؟ قالوا : بالعود الهندي ، وشئ من ورس وقطران من زيت. فقال : ما كان الله ليقذفني بذلك الداء. ثم قال : عزمت عليكم : أن لا يبقى في البيت أحد إلا لد ، إلا عمى العباس ».

وفى الصحيحين : عن عائشة رضى الله تعالى عنها ، قالت : « لددنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأشار : أن لا تلدوني. فقلنا : كراهية المريض للدواء. فلما أفاق قال : ألم أنهكم أن لا تلدوني؟! لايبقى منكم أحد إلا لد ، غير عمى العباس : فإنه لم يشهدكم ».

قال أبو عبيد : « عن الأصمعي اللدود : ما يسقى الانسان في أحد شقى الفم ، أخذ من لديدى الوادي ، وهما : جانباه. وأما الوجور فهو في وسط الفم ». قلت : واللدود ( بالفتح ) هو : الدواء الذي يلد به ، والسعوط : ما أدخل من أنفه.

وفى هذا الحديث ـ من الفقه ـ : معاقبة الجاني بمثل ما فعل سواء ، إذا لم يكن فعله محرما لحق الله. وهذا هو الصواب المقطوع به لبضعة عشر دليلا قد ذكرناها في موضع آخر. وهو منصوص أحمد. وهو ثابت عن الخلفاء الراشدين. وترجمة المسألة بالقصاص في اللطمة والضربة. وفيها عدة أحاديث لا معارض لها البتة ، فيتعين القول بها.

فصل في هديه صلى‌الله‌عليه‌وسلم في علاج الصراع والشقيقة

روى ابن ماجة في سننه ، حديثا في صحته نظر ، هو (٢) : « أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان إذا صدع : غلف رأسه بالحناء ، ويقول : إنه نافع بإذن الله من الصداع ».

والصداع : ألم في بعض أجزاء الرأس (أو في كله. فما كان منه في أحد شقى الرأس) (٣) ،

__________________

(١) زيادة متعينة : عن الزاد (ص ٩٠).

(٢) قوله : هو ، لم يرد في الزاد (ص ٩٠).

(٣) هذه الزيادة ، عن الزاد (ص ٩٠).

٦٦

لازما يسمى : شقيقة ، وإن كان شاملا لجميعه لازما يسمى : بيضة (١) وخوذة ، تشبيها ببيضة السلاح التي تشتمل على الرأس كله. وربما كان في مؤخر الرأس أو في مقدمه. وأنواعه كثيرة ، وأسبابه مختلفة. وحقيقة الصداع : سخونة الرأس واحتماؤه ، لما دار فيه من البخار الذي (٢) يطلب النفوذ من الرأس؟؟ ، فلا يجد منفذا : فيصدعه ، كما يصدع الوعاء (٣) إذا حمى ما فيه وطلب النفوذ. فكل شئ رطب : إذا حمى طلب مكانا أوسع من مكانه الذي كان فيه. فإذا عرض هذا البخار في الرأس كله ، بحيث لا يمكنه التفشي (٤) والتحلل وجال في الرأس ـ سمى : السدر.

والصداع يكون عن أسباب عديدة (٥). ( أحدها ) : من غلبة واحدة من الطبائع الأربعة. ( والخامس ) (٦) : يكون من قروح تكون في المعدة ، فيألم الرأس لذلك الورم ، للاتصال من العصب المنحدر من الرأس بالمعدة. ( والسادس ) : من ريح غليظة تكون في المعدة ، فتصعد إلى الرأس فتصدعه (٧). ( والسابع ) : يكون من ورم في عروق المعدة ، فيألم الرأس بألم المعدة ، للاتصال الذي بينهما. ( والثامن ) : صداع يحصل من (٨)

__________________

(١) كذا بالزاد. وفى الأصل : « ببيضة » ، ولعله تحريف

(٢) قوله : الذي ، لم يرد في الزاد (ص ٩٠).

(٣) كذا بالأصل. وفى الزاد : « الوعي » ولعله تحريف. انظر : المختار والمصباح (مادة : وعى)

(٤) كذا بالأصل. وفى الزاد (ص ٩٠) : « التغشي » بالغين. وهو تصحيف.

(٥) الصداع هو : ألم بأي جزء من أجزاء الرأس. وأسبابه عديدة جدا لا يمكن حصرها في هذا المجال. ويتميز كل مرض بصداع معين ، وفى مكان معين ، وفى أوقات معينة. فمن أسباب الصداع :

١ ـ حالات الحمى : يكون الصداع شاملا الرأس بأكمله.

٢ ـ التهاب الجيوب الأنفية : يكون الصداع في المقدمة ، وغالبا في الصباح.

٣ ـ ورم بالمخ : يكون الصداع داخليا عميقا ، مستمرا ومتزايدا.

٤ ـ ضعف الابصار : يكون الصداع في المقدمة ، وغالبا بعد إجهاد البصر.

٥ ـ ارتفاع ضغط الدم : الصداع فيه خلفي.

٦ ـ الصداع العصبي : يكون الصداع فيه نصفيا ، وفى الصباح ، ومصحوبا بقئ.

٧ ـ وهناك أسباب أخرى عديدة.

وعلاج الصداع هو علاج المسبب له. ومن أهم المسكنات له وقتيا ، أقراص الأسپرين. اه‍ د.

(٦) كذا بالأصل والزاد. وهو صحيح : لأنه اعتبر السابق أربعة أسباب باعتبار تنوع الطبائع

(٧) كذا بالأصل. وفى الزاد : « فيصدعه » ، وكل صحيح.

(٨) كذا بالأصل. وفى الزاد : « عن ».

٦٧

امتلاء المعدة من الطعام. ثم ينحدر ويبقى بعضه نيئا ، فيصدع الرأس ويثقله. ( والتاسع ) : يعرض بعد الجماع : لتخلل الجسم ، فيصل إليه من حر الهواء ، أكثر من قدره. ( والعاشر ) : صداع يحصل بعد القئ والاستفراغ : إما لغلبة اليبس ، وإما لتصاعد الأبخرة من المعدة إليه. ( والحادي عشر ) : صداع يعرض عن شدة الحر وسخونة الهواء. ( والثاني عشر ) : ما يعرض من شدة البرد ، وتكاثف الأبخرة في الرأس ، وعدم تحللها. ( والثالث عشر ) : ما يحدث من السهر ، وحبس النوم. ( والرابع عشر ) : ما يحدث من ضغط الرأس ، وحمل الشئ الثقيل عليه. ( والخامس عشر ) : ما يحدث من كثرة الكلام ، فتضعف قوة الدماغ لأجله. ( والسادس عشر ) : ما يحدث من كثرة الحركة ، والرياضة المفرطة (١). ( والسابع عشر ) : ما يحدث من الاعراض النفسانية : كالهموم والغموم ، والأحزان والوسواس ، والأفكار الرديئة. ( والثامن عشر ) : ما يحدث من شدة الجوع ، فإن الأبخرة لا تجد ما تعمل فيه ، فتكثر وتتصاعد إلى الدماغ فتؤلمه. ( والتاسع عشر ) : ما يحدث من ورم في صفاق الدماغ ، ويجد صاحبه كأنه يضرب بالمطارق على رأسه. ( والعشرون ) : ما يحدث بسبب الحمى ، لاشتعال حرارتها فيه ، فيتألم. والله أعلم.

( فصل ) وسبب صداع الشقيقة : مادة في شرايين الرأس وحدها ، حاصلة فيها ، أو مرتقية إليها ، فيقبلها الجانب الأضعف من جانبيه. وتلك المادة : إما بخارية ، وإما أخلاط حارة أو باردة. وعلامتها الخاصة بها : ضربان الشرايين وخاصة في الدموي. وإذا ضبطت بالعصائب ، ومنعت الضربان : سكن الوجع.

وقد ذكر أبو نعيم ـ في كتاب الطب النبوي له ـ : أن هذا النوع كان يصيب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فيمكث اليوم واليومين ، ولا يخرج. وفيه : عن ابن عباس ، قال : « خطبنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : وقد عصب رأسه بعصابة ».

وفى الصحيح : « أنه قال في مرض موته : وا رأساه (٢). وكان يعصب رأسه في مرضه ».

__________________

(١) كذا بالزاد ( ص ٩١ ). وفى الأصل : « المفردة ». وهو تصحيف.

(٢) وأخرجه أيضا : النسائي ، وابن ماجة ، وأحمد. اه‍ ق.

٦٨

وعصب الرأس ينفع في وجع الشقيقة ، وغيرها : من أوجاع الرأس.

( فصل ) وعلاجه يختلف باختلاف أنواعه وأسبابه. فمنه : ما علاجه بالاستفراغ. ومنه : ما علاجه بتناول الغذاء. ومنه : ما علاجه بالسكون والدعة. ومنه : ما علاجه بالضمادات. ومنه : ما علاجه بالتبريد. ومنه : ما علاجه بالتسخين. ومنه : ما علاجه بأن يجتنب سماع الأصوات والحركات.

إذا عرف هذا : فعلاج الصداع ـ في هذا الحديث ـ بالحناء ، هو جزئي ، لا كلي. وهو علاج نوع من أنواعه. فإن الصداع : إذا كان من حرارة ملتهبة ، ولم يكن من مادة يجب استفراغها ـ : نفع فيه الحناء نفعا ظاهرا. وإذا دق وضمدت به الجبهة مع الخل : سكن الصداع. وفيه قوة موافقة للعصب : إذا ضمد به سكن أوجاعه. وهذا لا يختص بوجع الرأس ، بل يعم الأعضاء. وفيه قبض تشد به الأعضاء. وإذا ضمد به موضع الورم الحار والملتهب ، سكنه.

وقد روى البخاري في تاريخه ، وأبو داود في السنن : « أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ما شكا إليه أحد وجعا في رأسه ، إلا قال : احتجم. ولا شكا إليه وجعا في رجليه ، إلا قال له : اختضب بالحناء ».

وفى الترمذي : عن سلمى أم رافع ، خادمة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قالت : « كان لا يصيب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قرحة ولا شوكة ، إلا وضع عليها الحناء » (١).

( فصل ) والحناء بارد في الأولى ، يابس في الثانية ، وقوة شجر الحناء وأغصانها ، مركبة من قوة محللة اكتسبتها من جوهر فيها مائي حار باعتدال ، ومن قوة قابضة اكتسبتها من جوهر فيها أرضى بارد.

__________________

(١) الحديثان عن سلمى أم رافع. والمعنى واحد ، وهو : مداواة كل وجع في الرجلين بالحناء. أخرجه! أبو داود ، والترمذي ، وابن ماجة ، وأحمد ، والحاكم ، والبخاري في التاريخ بأسانيد كلها ضعاف. ونقل شارح الترمذي عن ابن العربي!! تضعيف كل ما ورد في الحناء ، ورده. وقال الفيروز بادي (في سفر السعادة) : باب فضائل الحناء لم يثبت فيه شئ. وكفى بحكمهما فيصلا!! اه‍ ق

٦٩

ومن منافعه : أنه محلل نافع من حرق النار ، وفيه قوة موافقة للعصب : إذا ضمد به. وينفع إذا مضغ من قروح الفم والسلاق العارض فيه. ويبرئ القلاع الحادث في أفواه الصبيان. والضماد به ينفع من الأورام الحارة الملهبة ، ويفعل في الخراجات (١) فعل دم الأخوين (٢). وإذا خلط نوره (٣) مع الشمع المصفى ودهن الورد : ينفع من أوجاع الجنب.

ومن خواصه : أنه إذا بدأ الجدري يخرج بصبى ، فخضبت أسافل رجليه بحناء ـ : فإنه يؤمن على عينيه أن يخرج فيها شئ منه. وهذا صحيح مجرب لا شك فيه. وإذا جعل نوره بين طي ثياب الصوف : طيبها ، ومنع السوس عنها. وإذا نقع ورقه في ماء عذب يغمره ، ثم عصر وشرب من صفوه أربعين (٤) يوما ، كل يوم عشرون درهما مع عشرة دراهم سكر ، ويغذى عليه بلحم الضأن الصغير ـ : فإنه ينفع من ابتداء الجذام بخاصية فيه عجيبة.

وحكى : أن رجلا تشققت أظافير أصابع يده ، وأنه بذل لمن يبرئه مالا ، فلم يجد. فوصفت له امرأة : أن يشرب عشرة أيام حناء ، فلم يقدم عليه. ثم نقعه بماء وشربه : فبرأ ، ورجعت أظافيره إلى حسنها.

والحناء إذا ألزمت به الأظفار معجونا : حسنها ونفعها. وإذا عجن بالسمن ، وضمد به بقايا الأورام الحارة التي ترشح ماء أصفر ـ : نفعها ، ونفع من الجرب المتقرح المزمن ، منفعة بليغة. وهو ينبت الشعر ويقويه ويحسنه ، ويقوى الرأس. وينفع من النفاطات والبثور العارضة في الساقين والرجلين ، وسائر البدن.

فصل في هديه صلى‌الله‌عليه‌وسلم في معالجة المرضى بترك اعطائهم ما يكرهونه

من الطعام والشراب ، وأنهم لا يكرهون على تناولهما

روى الترمذي في جامعه ، وابن ماجة : عن عقبة بن عامر الجهني ، قال : قال

__________________

(١) كذا بالأصل. وفى الزاد (ص ٩١) : « الجراحات ».

(٢) في التذكرة ـ بعد أن تردد في بيان حقيقته ـ : « والصحيح أنا لا نعرف أصله ، وإنما يجلب هكذا من بلاد الهند ». اه‍ ق.

(٣) سبق تفسير « النورة »!!!. اه‍ ق.

(٤) بالأصل : « أربعون .. عشرون ». وفى الزاد : « أربعين. عشرين ». وفى كل تصحيف

٧٠

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : « لا تكرهوا مرضاكم على الطعام والشراب ، فإن الله عز وجل يطعمهم ويسقيهم (١) ».

قال بعض فضلاء الأطباء : ما أغزر فوائد هذه الكلمة النبوية ، المشتملة على حكم إلهية ، لا سيما للأطباء ولمن يعالج المرضى. وذلك : أن المريض إذا عاف الطعام أو الشراب ، فذلك : لاشتغال الطبيعة بمجاهدة المرض ، أو لسقوط شهوته أو نقصانها : لضعف الحرارة. الغريزية ، أو خمودها. وكيفما كان : فلا يجوز حينئذ إعطاء الغذاء في هذه الحالة.

واعلم أن الجوع إنما هو : طلب الأعضاء للغذاء ، لتخلف الطبيعة به عليها ، عوض ما يتحلل منها ، فتجذب الأعضاء القصوى من الأعضاء الدنيا ، حتى ينتهى الجذب إلى المعدة ، فيحس الانسان بالجوع ، فيطلب الغذاء. وإذا وجد المرض : اشتغلت الطبيعة بمادته وإنضاجها وإخراجها ، عن طلب الغذاء أو الشراب. فإذا أكره المريض على استعمال شئ من ذلك : تعطلت به الطبيعة عن فعلها ، واشتغلت بهضمه وتدبيره عن إنضاج مادة المرض ودفعه. فيكون ذلك سببا لضرر المريض ، ولا سيما في أوقات البحارين (٢) ، أو ضعف الحار الغريزي ، أو خموده. فيكون ذلك زيادة في البلية ، وتعجيل النازلة المتوقعة. ولا ينبغي أن يستعمل في هذا الوقت والحال ، إلا ما يحفظ عليه قوته ويقويها ، من غير استعمال مزعج للطبيعة البتة. وذلك يكون بما لطف قوامه : من الأشربة والأغذية. واعتدال مزاجه : كشراب اللينوفر (٣) والتفاح والورد الطري ، وما أشبه ذلك. ومن الأغذية : أمراق الفراريج المعتدلة المطيبة (٤) فقط. وإنعاش قواه : بالاراييج (٥) العطرة

__________________

(١) وأخرجه أيضا : الحاكم. اه‍ ق. ومعظم الأمراض يصحبها عدم رغبة المريض للطعام. وإطعام المريض قصدا في هذه الحالة ، يعود عليه بالضرر : لعدم قيام الجهاز الهضمي بعمله كما يجب ، مما يتبعه عسر هضم ، وسوء حالة المريض. وكل مريض له غذاء معين له ، وغالبا ما يكون غذاء قليلا سهل الهضم. ومن دلائل شفاء المريض : عودته إلى سابق رغبته في الطعام. ف‍ « لا تكرهوا مرضاكم على الطعام والشراب » اه‍ د.

(٢) جمع « بحران » بضم فسكون. وهو : حال من أحوال الأمراض إذا اشتدت!!. اه‍ ق.

(٣) في التذكرة : الأشهر فيه تقديم النون. وقال فيه : « فارسي معناه ذو الأجنحة. وهو : نبت مائي له أصل كالجزر ، وساق أملس ، يطول سجفه! عمق الماء ، فإذا ساوى سطحه أورق وأزهر. إلى أن قال : وهو يعرف بمصر بعرائس النبل. اه‍ ق.

(٤) كذا بالأصل. وفى الزاد (ص ٩٢) : « الطيبة ».

(٥) جمع « أريج ». وهو : توهج ريح الطيب. والمراد : الأشياء ذوات الأريج. اه‍ ق. وهذا لفظ الأصل. وفى الزاد : « بالاراييح » بالحاء المهملة

٧١

الموافقة ، والاخبار السارة. فإن الطبيب خادم الطبيعة ومعينها ، لا معيقها.

واعلم أن الدم الجيد هو المغذى للبدن ، وأن البلغم دم فج (١) قد نضج بعض النضج. فإذا كان بعض المرضى في بدنه بلغم كثير ـ وعدم الغذاء ـ : عطفت الطبيعة عليه ، وطبخته وأنضجته ، وصيرته دما وغذت به الأعضاء ، واكتفت به عما سواه. والطبيعة هو : القوة التي وكلها الله سبحانه بتدبير البدن وحفظه وصحته ، وحراسته مدة حياته.

واعلم أنه قد يحتاج في الندرة إلى إجبار المريض على الطعام والشراب. وذلك في الأمراض التي يكون معها اختلاط العقل.

وعلى هذا : فيكون الحديث من العام المخصوص ، أو من المطلق الذي قد دل على تقييده دليل. ومعنى الحديث : أن المريض قد يعيش بلا غذاء أياما ، لا يعيش الصحيح في مثلها.

وفى قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : « فإن الله يطعمهم ويسقيهم » ، معنى لطيف زائد على ما ذكره الأطباء ، لا يعرفه إلا من له عناية بأحكام القلوب والأرواح ، وتأثيرها في طبيعة (٢) البدن وانفعال الطبيعة عنها ، كما تنفعل هي كثيرا عن الطبيعة. ونحن نشير إليه إشارة ، فنقول : النفس إذا حصل لها ما يشغلها ـ : من محبوب ، أو مكروه ، أو مخوف. ـ اشتغلت به عن طلب الغذاء والشراب : فلا تحس بجوع ولا عطش ، بل ولا حر ولا برد. بل تشتغل به عن الاحساس بالمؤلم (٣) الشديد الألم ، فلا تحس به. وما من أحد إلا وقد وجد في نفسه ذلك أو شيئا منه. وإذا اشتغلت النفس بما دهمها وورد عليها : لم تحس بألم الجوع.

فإن كان الوارد مفرحا قوى التفريح : قام لها مقام الغذاء ، فشبعت به ، وانتعشت قواها وتضاعفت ، وجرت الدموية في الجسد حتى تظهر في سطحه ، فيشرق وجهه ، وتظهر دمويته. فإن الفرح يوجب انبساط دم القلب ، فينبعث في العروق ، فتمتلئ به.

__________________

(١) أي نيئ!!!. اه‍ ق.

(٢) كذا بالزاد : (ص ٩٢). وفى الأصل : « طبية » ، وهو تحريف.

(٣) كذا بالأصل. وفى الزاد : « المؤلم » ، وهو تحريف.

٧٢

فلا تطلب الأعضاء معلومها : من الغذاء المعتاد ، لاشتغالها بما هو أحب إليها وإلى الطبيعة منه. والطبيعة إذا ظفرت بما تحب : آثرته على ما هو دونه.

وإن كان الوارد مؤلما أو محزنا أو مخوفا : اشتغلت بمحاربته ومقاومته ومدافعته ، عن طلب الغذاء. فهي ـ في حال حربها ـ في شغل عن طلب الطعام والشراب. فإن ظفرت في هذا الحرب : انتعشت قواها ، وأخلفت (١) عليها نظير ما فاتها من قوة الطعام والشراب. وإن كانت مغلوبة مقهورة : انحطت قواها بحسب ما حصل لها من ذلك. وإن كانت الحرب بينها وبين هذا العدو سجالا : فالقوة تظهر تارة ، وتخفى أخرى. وبالجملة : فالحرب بينهما على مثال الحرب الخارج بين العدوين المتقابلين ، والنصر للغالب. والمغلوب : إما قتيل ، وإما جريح ، وإما أسير.

فالمريض له مدد من الله تعالى يغذيه به زائدا على ما ذكره الأطباء : من تغذيته بالدم. وهذا المدد بحسب ضعفه وانكساره ، وانطراحه بين يدي ربه عز وجل. فيحصل له من ذلك ما يوجب له قربا من ربه. فإن العبد أقرب ما يكون من ربه : إذا انكسر قلبه ، ورحمة ربه قريبة منه. فإن كان وليا له : حصل له من الأغذية القلبية ، ما تقوى به قوى طبيعته وتنتعش به قواه ، أعظم من قوتها وانتعاشها بالأغذية البدنية. وكلما قوى إيمانه وحبه لربه وأنسه به وفرحه به ، وقوى يقينه بربه ، واشتد شوقه إليه ورضاه به وعنه ـ : وجد في نفسه من هذه القوة ، مالا يعبر عنه ، ولا يدركه وصف طبيب ، ولا يناله علمه.

ومن غلظ طبعه ، وكثفت نفسه عن فهم هذا والتصديق به ـ : فلينظر حال كثير من عشاق الصور الذين قد امتلأت قلوبهم بحب ما يعشقونه : من صورة ، أو جاه ، أو مال ، أو علم. وقد شاهد الناس من هذا عجائب في أنفسهم ، وفى وغيرهم.

وقد ثبت في الصحيح ـ عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : أنه كان يواصل في الصيام ( الأيام ) (٢)

__________________

(١) كذا بالزاد : (ص ٩٣). وفى الأصل : « واختلفت » ، وهو تحريف.

(٢) الزيادة : عن الزاد (ص ٩٣).

٧٣

ذوات العدد ، وينهى أصحابه عن الوصال ، ويقول : « لست كهيئتكم ، إني أظل يطعمني ربى ويسقيني ». ومعلوم أن هذا الطعام والشراب ليس هو الطعام الذي يأكله الانسان بفهمه. وإلا : لم يكن مواصلا ، ولم يتحقق الفرق ، بل لم يكن صائما. فإنه قال : « أظل يطعمني ربى ويسقيني ». وأيضا : فإنه فرق بينه وبينهم في نفس الوصال ، وأنه يقدر منه على مالا يقدرون عليه. فلو كان يأكل ويشرب بفهمه ، لم يقل : « لست كهيئتكم ». وإنما فهم هذا من الحديث ، من قل نصيبه من غذاء الأرواح والقلوب ، وتأثيره في القوة وإنعاشها واغتذائها به ، فوق تأثير الغذاء الجسماني. والله الموفق.

فصل في هديه صلى‌الله‌عليه‌وسلم في علاج العذرة

وفى العلاج بالسعوط

ثبت في الصحيحين أنه قال : « خير ما تداويتم به الحجامة ، والقسط البحري (١). ولا تعذبوا صبياتكم بالغمز من العذرة » (٢).

وفى السنن والمسند عنه ـ من حديث جابر بن عبد الله ـ قال : « دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، على عائشة : وعندها صبي تسيل منخراه دما ، فقال : ما هذا؟ فقالوا : به العذرة ، أو وجع في رأسه. فقال : ويلكن ، لا تقتلن أولادكن ، أيما امرأة أصاب ولدها عذرة أو وجع في رأسه : فلتأخذ قسطا هنديا ، فلتحكه بماء ثم تسعطه إياه. فأمرت عائشة رضي الله عنها ، فصنع ذلك بالصبى فبرأ » (٣).

قال أبو عبيد : « عن أبي عبيدة ، العذرة : تهيج في الحلق من الدم ، فإذا عولج

__________________

(١) القسط البحري هو على نوعين : الهندي والصبني. وهو من الأدوية القديمة والتي لا تزال تستعمل في الهند : في حالات الصداع ، والزكام ، وبعض حالات الربو ـ بطريقة السعوط. اه‍ ق.

(٢) وأخرجه أيضا : النسائي ، والشافعي في السنن ، وأحمد والبزار ، والطبراني في الأوسط ـ عن أنس. اه‍ ق.

(٣) أخرجه. أحمد ، والحاكم ، وأبو يعلى ، والبزار. ورجالهم رجال الصحيح. فإذا ضم إليه وإلى حديث أنس قبله ، حديث أم محصن ـ الذي أخرجه البخاري ومسلم ، وأبو داود والنسائي ، وأحمد وابن حبان ـ : تأكد أن مداواة هذا المرض بالقسط الهندي ، أمر صحيح ثابت.!! اه‍ ق

٧٤

منه ، قيل : قد عذر به ، فهو معذور » انتهى. وقيل : العذرة : قرحة تخرج فيما بين الاذن والحلق ، وتعرض للصبيان غالبا.

وأما نفع السعوط منها بالقسط المحكوك ، فلان العذرة مادتها دم يغلب عليه البلغم ، لكن تولده في أبدان الصبيان. وفى القسط تجفيف يشد اللهاة ويرفعها إلى مكانها. وقد يكون نفعه في هذا الداء بالخاصية. وقد ينفع في الأدواء الحارة ، والأدوية الحارة بالذات تارة ، وبالعرض أخرى. وقد ذكر صاحب القانون في معالجة سقوط اللهاة : القسط مع الشب اليماني وبزر المرو.

والقسط البحري المذكور في الحديث ، فهو : العود الهندي ، وهو الأبيض منه. وهو حلو ، وفيه منافع عديدة. وكانوا يعالجون أولادهم بغمز اللهاة ، وبالعلاق. وهو : شئ يعلقونه على الصبيان. فنهاهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن ذلك ، وأرشدهم إلى ما هو أنفع للأطفال ، وأسهل عليهم.

والسعوط : ما يصب في الانف ، وقد يكون بأدوية مفردة ومركبة : تدق وتنخل وتعجن وتجفف ، ثم تحل عند الحاجة ، ويسعط بها في أنف الانسان : وهو مستلق على ظهره وبين كتفيه ما يرفعهما ، لينخفض رأسه ، فيتمكن السعوط من الوصول إلى دماغه. ويستخرج ما فيه من الداء بالعطاس.

وقد مدح النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ التداوي بالسعوط فيما يحتاج إليه فيه. وذكر أبو داود في سننه : « أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، استعط ».

فصل في هديه صلى‌الله‌عليه‌وسلم في علاج المفؤود

روى أبو داود في سننه ـ من حديث مجاهد ، عن سعد ـ قال : « مرضت مرضا ، فأتاني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، يعودني. فوضع يده بين ثديي : حتى وجدت بردها على فؤادي ، وقال لي : إنك رجل مفؤود ، فأت الحرث بن كلدة من ثقيف (١) ، فإنه

__________________

(١) طبيب العرب!!! اه‍ ق. ورواية سنن أبي داود (٤ / ٧ : ط النجارية أولى) : « أخا ثقيف ».

٧٥

رجل يتطبب ، فليأخذ سبع تمرات من عجوة المدينة. فليجأهن (١) بنواهن ، ثم ليلدك (١) بهن » (٢).

المفؤود : الذي أصيب فؤاده ، فهو يشتكيه. كالمبطون : الذي يشتكى بطنه. واللدود : ما يسقاه الانسان من أحد جانبي الفم. وفى التمر خاصية عجيبة لهذا الداء ولا سيما تمر المدينة ، ولا سيما العجوة منه. وفى كونها سبعا خاصية أخرى تدرك بالوحي.

وفى الصحيحين ـ من حديث عامر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه ـ قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : « من تصبح بسبع تمرات من تمر العالية ، لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر ». وفى لفظ : « من أكل سبع تمرات مما بين لا بتيها (٣) ، حين يصبح ، لم يضره سم حتى يمسى » (٤).

والتمر حار في الثانية ، يابس في الأولى. وقيل : رطب فيها. وقيل : معتدل. وهو غذاء فاضل حافظ للصحة ، لا سيما لمن اعتاد الغذاء به : كأهل المدينة وغيرهم. وهو من أفضل الأغذية في البلاد الباردة والحارة التي حرارتها في الدرجة الثانية. وهو لهم أنفع منه لأهل البلاد الباردة : لبرودة بواطن سكانها ، وحرارة بواطن سكان البلاد الباردة. ولذلك يكثر أهل الحجاز واليمن والطائف ، وما يليهم ـ من البلاد المشابهة لها ـ من الأغذية الحارة ، مالا يتأنى لغيرهم : كالتمر والعسل. وشاهدناهم يضعون في أطعمتهم من الفلفل والزنجبيل ، فوق ما يضعه غيرهم ، نحو عشرة أضعاف أو أكثر ، ويأكلون الزنجبيل كما يأكل غيرهم الحلوى. ولقد شاهدت من يتنقل (٥) به منهم كان يتنقل بالنقل. ويوافقهم

__________________

(١) كذا بالزاد (ص ٩٤) ، وسنن أبي داود (٤ / ٨). وانظر : النهاية (٤ / ١٩٤). وفى الأصل : « فليلجأهن .. ليدلك ». وهو تحريف.

وعلق « ق » على ذلك فقال : من وجأه بمعنى دقه. أي : فليدقهن. والكلمة محرفة في الأصل. اه‍ د.

(٢) أخرجه أبو داود بسند حسن ، والطبراني بسند ضعيف. وآخره ـ كما في أبى داود ـ : « ليلدك » من اللد. ومنه اللدود. وقد سبق تعريفه! وسيعرفه المصنف!!. والكلمة فيه محرفة أيضا. اه‍ ق.

(٣) لا بتيها : ما يحيط بجانبيها من الحجارة السود المحترقة من قديم. تثنية « لابة » بزنة غاية. اه‍ ق.

(٤) وأخرجه أيضا : أبو داود ، وأحمد. اه‍ ق.

(٥) كذا بالزاد (ص ٩٤) وفى الأصل في الموضعين : « ينتقل ». وهو تصحيف.

٧٦

ذلك ، ولا يضرهم : لبرودة أجوافهم ، وخروج الحرارة إلى ظاهر الجسد. كما تشاهد مياه الآبار : تبرد في الصيف ، وتسخن في الشتاء. وكذلك تنضج المعدة من الأغذية الغليظة ، في الشتاء ، مالا تنضجه في الصيف.

وأما أهل المدينة : فالتمر لهم يكاد أن يكون بمنزلة الحنطة لغيرهم ، وهو قوتهم ومادتهم. وتمر العالية من أجود أصناف تمرهم : فإنه متين الجسم ، لذيذ الطعم ، صادق الحلاوة.

والتمر يدخل في الأغذية والأدوية والفاكهة ، وهو يوافق أكثر الأبدان ، مقو للحار الغريزي. ولا يتولد عنه من الفضلات الرديئة ، ما يتولد عن غيره من الأغذية والفاكهة ، بل يمنع لمن اعتاده ، من تعفن الاخلاط وفسادها.

وهذا الحديث من الخطاب الذي أريد به الخاص : كأهل المدينة ومن جاورهم. ولا ريب أن للأمكنة اختصاصا ينفع كثير (١) من الأدوية في ذلك المكان دون غيره ، فيكون الدواء الذي قد نبت في هذا المكان نافعا من الداء ، ولا يوجد فيه ذلك النفع : إذا نبت في مكان غيره ، لتأثير نفس التربة ، أو الهواء ، أو هما جميعا. فإن للأرض خواص وطبائع يقارب اختلافها اختلاف طبائع الانسان. وكثير من النبات يكون في بعض البلاد غذاء مأكولا ، وفى بعضها سما قاتلا. ورب أدوية لقوم أغذية لآخرين ، وأدوية لقوم من أمراض هي أدوية لآخرين في أمراض سواها ، وأدوية لأهل بلاد (٢) لا تناسب غيرهم ولا تنفعهم.

وأما خاصية السبع ، فإنها قد وقعت قدرا وشرعا. فخلق الله عز وجل السماوات سبعا ، والأرضين سبعا ، والأيام سبعا ، والانسان كمل خلقه في سبعة أطوار. وشرع الله لعباده الطواف سبعا ، والسعي بين الصفا والمروة سبعا ، ورمى الجمار (٣) سبعا سبعا ، وتكبيرات العيدين سبعا في الأولى. وقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : « مروه بالصلاة لسبع ». وإذا صار للغلام سبع

__________________

(١) بالزاد : « كثيرا » ، وهو تحريف.

(٢) بالزاد (ص ٩٥) : « بلدها ».

(٣) كذا بالزاد. وفى الأصل : « الحجار » ، وهو تصحيف

٧٧

سنين : خير بين أبويه في رواية ، وفى رواية أخرى : أبوه أحق به من أمه ، وفى ثالثة : أمه أحق به. وأمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في مرضه : أن يصب عليه من سبع قرب. وسخر الله الريح على قوم عاد سبع ليال. ودعا النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أن يعينه الله على قومه بسبع كسبع يوسف. ومثل الله سبحانه ما يضاعف به صدقة المتصدق : بحبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة ، والسنابل التي رآها صاحب يوسف سبعا (١) ، والسنين التي (٢) زرعوها دأبا سبعا. وتضاعف الصدقة إلى سبعمائة ضعف : إلى أضعاف كثيرة. ويدخل الجنة من هذه الأمة بغير حساب سبعون ألفا.

فلا ريب أن لهذا العدد خاصية ليست لغيره ، والسبعة جمعت معاني العدد كله وخواصه. فإن العدد شفع (ووتر. والشفع أول وثان ، والوتر كذلك. فهذه أربع مراتب : شفع ) (٣) أول وثان ، ووتر أول وثان. ولا تجتمع هذه المراتب في أقل من سبعة. وهى عدد كامل جامع لمراتب العدد الأربعة ، أعنى : الشفع والوتر والأوائل والثواني ، ونعني بالوتر الأول : الثلاثة ، وبالثاني : الخمسة ، وبالشفع الأول : الاثنين ، وبالثاني ، الأربعة. وللأطباء اعتناء عظيم بالسبعة ، ولا سيما في البحارين. وقد قال أبقراط (٤) : « كل شئ في هذا العالم فهو مقدر على سبعة أجزاء » ، والنجوم سبعة ، والأيام سبعة ، وأسنان الناس سبعة أولها طفل : إلى سبع ، ثم صبي : إلى أربع عشرة ، ثم مراهق ، ثم شاب ، ثم كهل ، ثم شيخ ، ثم هرم : إلى منتهى العمر. والله تعالى أعلم بحكمته وشرعه وقدره في تخصيص هذا العدد : هل هو لهذا المعنى؟ أو لغيره؟.

ونفع هذا العدد من هذا التمر ، من هذا البلد ، من هذه البقعة بعينها ، من السم

__________________

(١) هكذا في الأصل ( والزاد ص ٩٥ في الموضعين ) بنصب « سبعا ». والظاهر أنها على المفعولية لفعل مقدر ، كالسابق تقديره : ومثل الله. اه‍ ق. والذي نراه أنه إما محرف عن « سبع » ، أو أن أصل الكلام : « وكانت السنابل. ».

(٢) كذا بالزاد. وفى الأصل : « الذي » ، وهو تحريف.

(٣) الزيادة عن الزاد (ص ٩٥). (٤) بالأصل والزاد : « بقراط ».

٧٨

والسحر ـ بحيث تمنع إصابته ـ : من الخواص التي لو قالها أبقراط وجالينوس وغيرهما من الأطباء ، لتلقاها عنهم الأطباء بالقبول والاذعان والانقياد. مع أن القائل إنما معه الحدس والتخمين والظن. فمن كلامه كله يقين وقطع وبرهان ووحى ، أولى أن تتلقى أقواله بالقبول والتسليم ، وترك الاعتراض. وأدوية السموم تارة تكون بالخاصية ، كخواص كثير من الاحجار والجواهر واليواقيت. والله أعلم.

( فصل ) ويجوز نفع التمر المذكور في بعض السموم. فيكون الحديث من العام المخصوص. ويجوز نفعه ، لخاصية تلك البلد وتلك التربة الخاصة ، من كل سم. ولكن ههنا أمر لا بد من بيانه ، وهو : أن من شرط انتفاع العليل بالدواء قبوله واعتقاده النفع به ، فتقبله الطبيعة فتستعين به على دفع العلة. حتى إن كثيرا من المعالجات تنفع (١) بالاعتقاد وحسن القبول ، وكمال التلقي. وقد شاهد الناس من ذلك عجائب. وهذا : لان الطبيعة يشتد قبولها له ، وتفرح النفس به ، فتنتعش القوة ، ويقوى سلطان الطبيعة ، وينبعث الحار الغريزي فيساعد على دفع المؤذى. وبالعكس يكون كثير من الأدوية نافعا لتلك العلة ، فيقطع عمله سوء اعتقاد العليل فيه ، وعدم أخذ الطبيعة له بالقبول ، فلا يجدى (٢) عليها شيئا.

واعتبر هذا بأعظم الأدوية والأسقية (٣) ، وأنفعها للقلوب والابدان ، والمعاش والمعاد ، والدنيا والآخرة ، وهو : القرآن الذي هو شفاء من كل داء ، كيف لا ينفع القلوب التي لا تعتقد فيه الشفاء والنفع ، بل لا يزيدها إلا مرضا على مرضها. وليس لشفاء القلوب دواء قط أنفع من القرآن : فإنه شفاؤها التام الكامل الذي لا يغادر فيها سقما إلا أبرأه ، ويحفظ عليها صحتها المطلقة ، ويحميها الحمية التامة من كل مؤذ ومضر. ومع هذا فإعراض أكثر القلوب عنه ، وعدم اعتقادها الجازم الذي لا ريب فيه أنه كذلك ، وعدم استعماله ، والعدول عنه إلى الأدوية التي ركبها بنو حدسها (٤) ـ حال بينها وبين الشفاء به ، وغلبت العوائد ،

__________________

(١) بالزاد (ص ٩٥) : « ينفع » : وكل صيحيح.

(٢) كذا بالزاد. وفى الأصل : « تجدى » ، ولعله تصحيف.

(٣) بالزاد : « والأشفية ». (٤) بالزاد ٩٦ : جنسها. وهو الظاهر

٧٩

واشتد الاعراض ، وتمكنت العلل والأدواء المزمنة من القلوب ، وتربى المرضى والأطباء على علاج بنى جنسهم ، وما وصفه (١) لهم شيوخهم ومن يعظمونه ويحسنون به ظنونهم. فعظم

المصاب ، واستحكم الدواء ، وتركبت أمراض وعلل أعيا عليهم علاجها ، وكلما عالجوها بتلك

العلاجات الحادثة : تفاقم أمرها وقويت : ولسان الحال ينادى عليهم :

ومن العجائب ـ والعجائب جمة ـ

قرب الشفاء ، وما إليه وصول

كالعيس في البيداء : يقتلها الظما

والماء فوق ظهورها محمول

فصل في هديه صلى‌الله‌عليه‌وسلم في دفع ضرر الأغذية والفاكهة

وإصلاحها بما يدفع ضررها ، ويقوى نفعها

ئبت في الصحيحين ـ من حديث عبد الله بن جعفر ـ قال : « رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يأكل الرطب بالقثاء » (٢).

والرطب حار رطب في الثانية : يقوى المعدة الباردة ويوافقها ، ويزيد في الباه. ولكنه سريع التعفن ، معطش ، معكر للدم مصدع ، مولد للسدد ووجع المثانة ، ومضر بالأسنان. والقثاء بارد رطب في الثانية : مسكن للعطش ، منعش للقوى بشمه : لما فيه من العطرية ، مطفئ لحرارة المعدة الملتهبة. وإذا جفف بزره ودق ، واستحلب بالماء وشرب ـ : سكن العطش ، وأدر البول ، ونفع من وجع المثانة. وإذا دق ونخل ، ودلك به الأسنان : جلاها. وإذا دق ورقه ، وعمل منه ضماد مع الميفختج (٣) : نفع من عضة الكلب الكلب.

وبالجملة : فهذا حار ، وهذا بارد. وفى كل منهما صلاح الآخر ، وإزالة لأكثر ضرره ، ومقاومة كل كيفية بضدها ، ودفع سورتها بالأخرى. وهذا أصل العلاج كله ،

__________________

(١) في الزاد : « وضعه ». وكل صحيح.

(٢) وأخرجه أيضا أبو داود والترمذي وابن ماجة وأحمد. اه‍ ق.

(٣) هكذا في الأصل الذي بيدنا (والزاد ص ٩٦). ولا معنى لها. وكأنها محرفة عن « الميخبخ ». قال فيه داود : يراد به أغلوقى ، وهو عقيد العنب إلخ. اه‍ ق

٨٠