الطبّ النبوي

شمس الدّين محمّد بن أبي بكر بن أيّوب الزّرعي [ ابن القيّم ]

الطبّ النبوي

المؤلف:

شمس الدّين محمّد بن أبي بكر بن أيّوب الزّرعي [ ابن القيّم ]


الموضوع : الطّب
المطبعة: دار إحياء الكتب العربية ـ قاهرة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٣٤

وفى الصحيحين ـ من حديث طاوس ، عن ابن عباس : ـ « أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، احتجم ، وأعطى الحجام أجره » (١).

وفى الصحيحين أيضا ـ عن حميد الطويل ، عن أنس ـ : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، « حجمه أبو طيبة : فأمر له بصاعين من طعام ، وكلم مواليه : فخفضوا (٢) عنه من ضريبته ، وقال : خير ما تداويتم به الحجامة » (٣).

وفى جامع الترمذي : عن عباد بن منصور ، قال : سمعت عكرمة يقول : « كان لابن عباس غلمة ثلاثة حجامون ، فكان اثنان يغلان عليه وعلى أهله ، وواحد لحجمه وحجم أهله. قال : وقال ابن عباس : قال نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : نعم العبد الحجام : يذهب الدم ، ويجفف الصلب ، ويجلو عن البصر. وقال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ حيث عرج به ـ ما مر على ملا من الملائكة ، إلا قالوا : عليك بالحجامة. وقال : إن خير ما يحتجمون فيه يوم سبع عشرة ، ويوم تسع عشرة ، ويوم إحدى وعشرين. وقال : إن خير ما تداويتم به السعوط ، واللدود ، والحجامة ، والمشي. وإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لد ، فقال : من لدني؟ فكلهم أمسكوا. فقال : لا يبقى أحد في البيت إلا لد ، إلا العباس ». قال : هذا حديث غريب. ورواه ابن ماجة (٤).

( فصل ) وأما منافع الحجامة : فإنها تنقى سطح البدن أكثر من الفصد ، والفصد لأعماق البدن أفضل. والحجامة تستخرج الدم من نواحي الجلد.

قلت : والتحقيق في أمرها وأمر الفصد : أنهما يختلفان باختلاف الزمان والمكان ، والأسنان والأمزجة. والبلاد الحارة ، والأزمنة الحارة ، والأمزجة الحارة التي دم أصحابها

__________________

(١) وأخرجه أيضا : أبو داود ، والترمذي ، وابن ماجة. اه‍ ق.

(٢) كذا بالأصل. وفى الزاد (ص ٨٠) : « فخففوا ».

(٣) وأخرجه أيضا : النسائي ، وأحمد. اه‍ ق.

(٤) ورواه أيضا : أحمد ، والحاكم. وفى سنده : عباد بن منصور ، وهو ضعيف. ومعنى « يغلان » : يعملان للناس بالغلة! وهى هنا : الأجرة!. و « السعوط » ( بفتح أوله ) هو : ما يجعل من الدواء في الانف و « اللدود » (بفتح أوله) هو من الأدوية : ما يصب في أحد جانبي فم المريض ، وهما لديداه. هكذا قيل! وسيأتى للمصنف تفسيره بذلك!. اه‍ ق.

٤١

في غاية النضج ـ الحجامة فيها أنفع من الفصد بكثير : فإن الدم ينضج ويروق ويخرج إلى سطح الجسد الداخل ، فتخرج الحجامة ما لا يخرجه الفصد. ولذلك كانت أنفع للصبيان من الفصد ، ولمن لا يقوى على الفصد.

وقد نص الأطباء : على أن البلاد الحارة الحجامة فيها أنفع وأفضل من الفصد ، وتستحب في وسط الشهر (١) وبعد وسطه ، وبالجملة : في الربع الثالث من أرباع الشهر. لان الدم في أول الشهر لم يكن بعد قد هاج وتبيغ (٢) ، وفى آخره : يكون قد سكن. وأما في وسطه وبعيده : فيكون في نهاية التزيد.

قال صاحب القانون : « ويأمر باستعمال الحجامة لا في أول الشهر : لان الاخلاط لا تكون قد تحركت وهاجت ، ولا في آخره : لأنها تكون قد نقصت. بل في وسط الشهر : حين تكون الاخلاط هائجة بالغة في تزايدها ، لتزايد النور في جرم القمر. وقد روى عن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أنه قال : خير ما تداويتم به : الحجامة ، والفصد (٣). وفى حديث : خير الدواء : الحجامة والفصاد ». انتهى.

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : « خير ما تداويتم به الحجامة » ، إشارة إلى أهل الحجاز والبلاد الحارة : لان دماءهم رقيقة ، وهى أميل إلى ظاهر أبدانهم ، لجذب الحرارة الخارجة لها إلى سطح الجسد ، واجتماعها في نواحي الجلد ، ولان مسام أبدانهم واسعة ، وقواهم متخلخلة. ففي الفصد لهم خطر. والحجامة تفرق اتصالي إرادي : يتبعه استفراغ كلي من العروق ، وخاصة العروق

__________________

(١) كذا بالزاد. وفى الأصل : « وسطه ». وهو تحريف.

(٢) أي : هاج ، وكثر! وسيأتى للمصنف تفسيره بالأول!. اه‍ ق.

(٣) الحجامات على نوعين : حجامات جافة ، وحجامات رطبة. وتختلف الرطبة عن الجافة : بالتشريط قبل وضع الحجامات لامتصاص بعض الدم من مكان المرض. وتستعمل الحجامات الجافة إلى الآن : لتخفيف الآلام في العضلات ، خصوصا عضلات الظهر ، نتيجة إصاباتها بالروماتزم. أما الحجامات الرطبة ، فتستعمل في بعض حالات هبوط القلب المصحوبة بارتشاح في الرئتين ، وتعمل على ظهر القفص الصدري.

أما الفصد ، فيستعمل الآن : في حالات هبوط القلب الشديد المصحوب بزرقة في الشفتين ، وعسر شديد في التنفس. ويعمل الفصد بواسطة إبرة واسعة القناة ، تدخل في وريد ذراع المريض. ويأخذ من ٣٠٠ سم إلى ٥٠٠ سم ٣. وهذه العملية البسيطة أنقذت حياة كثير من مرض هبوط القلب ، في الحالات الأخيرة. اه‍ د.

٤٢

التي لا تفصد كثيرا ، ولفصد كل واحد منها نفع خاص. ففصد الباسليق : ينفع من حرارة الكبد والطحال والأورام الكائنة فيهما من الدم ، وينفع من أورام الرئة ، وينفع الشوصة وذات الجنب ، وجميع الأمراض الدموية العارضة من أسفل الركبة إلى الورك. وفصد الأكحل ( ينفع ) (١) من الامتلاء العارض في جميع البدن ( : إذا كان دمويا. وكذلك : إذا كان الدم قد فسد في جميع البدن ) (٢). وفصد القفال ينفع من العلل العارضة في الرأس والرقبة ، من كثرة الدم أو فساده. وفصد الودجين ينفع من وجع الطحال والربو والبهو ، ووجع الجبين.

والحجامة على الكاهل تنفع من وجع المنكب والحلق. والحجامة على الأخدعين تنفع من أمراض الرأس وأجزائه : كالوجه والأسنان والأذنين والعينين والأنف والحلق ، إذا كان حدوث ذلك عن كثرة الدم ، أو فساده ، أو عنهما جميعا.

قال أنس رضى الله تعالى عنه : « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يحتجم في الأخدعين والكاهل » (٣).

وفى الصحيحين عنه : « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يحتجم ثلاثا : واحدة على كاهله ، واثنتين على الأخدعين (٤) ».

وفى الصحيح عنه : « أنه احتجم ـ وهو محرم ـ في رأسه : لصداع كان به » (٥).

__________________

(١) زيادة عن الزاد (ص ٨١).

(٢) زيادة متعينة : عن الزاد (ص ٨١).

(٣) حديث أنس هذا ليس بالصحيحين!!!. وإنما أخرجه : أبو داود ، والترمذي وحسنه ، وابن ماجة ، وأحمد ، والحاكم. ونص أبى داود : « احتجم ثلاثا في الأخدعين والكاهل » ، وعند الباقين بغير ذكر العدد. وعلة هذا السهو وأمثاله!! من الإمام ابن القيم ـ وهو قليل ـ : أنه رحمه الله ألف كتابه الضخم « زاد المعاد ، في هدى خير العباد » ـ الذي هذا الكتاب جزء منه ـ من حفظه : وهو في سفر!!. اه‍ ق.

(٤) هذا الحديث ـ أيضا ـ ليس بالصحيحين عن أنس!! ، وإنما هو فيهما : عن ابن عباس. اه‍ ق.

(٥) وهذا ـ أيضا ـ إنما أخرجه : أبو داود ، والترمذي في الشمائل ، والنسائي ، وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما. ونصه : « احتجم النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وهو محرم ، على ظهر القدم ، من وجع » ، وفى بعضها : « من نساء كان به ». اه‍ ق.

٤٣

وفى سنن ابن ماجة ، عن علي : « نزل جبريل على النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بحجامة الأخدعين والكاهل » (١).

وفى سنن أبي داود ـ من حديث جابر ـ : « أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، احتجم في وركه من ونى كان به » (٢).

( فصل ) واختلف الأطباء في الحجامة على نقرة القفا ، وهى : القمحدوة.

وذكر أبو نعيم ـ في كتاب الطب النبوي ـ حديثا مرفوعا : « عليكم بالحجامة في جوزة القمحدوة ، فإنها تشفى من خمسة أدواء » ذكر منها الجذام. وفى حديث آخر : « عليكم بالحجامة في جوزة القمحدوة ، فإنها شفاء من اثنين وسبعين داء ».

فطائفة منهم استحسنته ، وقالت : إنها تنفع في جحوظ (٣) العين والنتوء العارض فيها ، وكثير من أمراضها ، ومن ثقل الحاجبين والجفن ، وتنفع من جربه.

وروى : أن أحمد بن حنبل احتاج إليها ، فاحتجم في جانبي قفاه ، ولم يحتجم في النقرة.

وممن كرهها صاحب القانون ، وقال : « إنها تورث النسيان حقا ، كما قال سيدنا ومولانا وصاحب شريعتنا محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم. فإن مؤخر الدماغ موضع الحفظ ، والحجامة تذهبه » انتهى كلامه.

ورد عليه آخرون ، وقالوا : الحديث لا يثبت ، وإن ثبت : فالحجامة إنما تضعف مؤخر الدماغ ، إذا استعملت بغير ضرورة. فأما إذا استعملت لغلبة الدم عليها : فإنها نافعة له طبا وشرعا ، فقد ثبت عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أنه احتجم في عدة أماكن من قفاه ، بحسب ما اقتضاه الحال في ذلك ، واحتجم في غير القفا بحسب ما دعت إليه حاجته.

( فصل ) والحجامة تحت الذقن تنفع من وجع الأسنان والوجه والحلقوم ، إذا استعملت في وقتها ، وتنقى الرأس والكفين.

__________________

(١) في سند هذا الحديث : أصبغ بن نباتة ، وهو ضعيف. اه‍ ق.

(٢) وأخرجه أيضا : النسائي ، وابن ماجة. و « الونى » هو : التعب. اه‍ ق.

(٣) في الأصل : « في جحظ ». وفى الزاد (ص ٨١) : « من جحظ ». والظاهر أنه محرف عن « جحوظ ». انظر : النهاية (١ / ١٤٥) ، والمختار.

٤٤

والحجامة على ظهر القدم تنوب عن فصد الصافن ، وهو : عرق عظيم عند الكعب. وتنفع من قروح الفخذين والساقين (١) ، وانقطاع الطمث ، والحكة العارضة في الأنثيين.

والحجامة في أسفل الصدر نافعة من دماميل الفخذ وجربه وبثوره ، ومن النقرس والبواسير والفيل وحكة الظهر.

فصل في هديه في أوقات الحجامة

روى الترمذي في جامعه ـ من حديث ابن عباس ، يرفعه ـ : إن خير ما تحتجمون فيه يوم سابع عشرة أو تاسع عشرة ، ويوم إحدى وعشرين » (٢).

وفيه عن أنس : « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : يحتجم في الأخدعين والكاهل ، وكان يحتجم لسبعة عشر ، وتسعة عشر ، وفى إحدى وعشرين (٣) ».

وفى سنن ابن ماجة ـ عن أنس مرفوعا ـ : « من أراد الحجامة : فليتحر سبعة عشر ، أو تسعة عشر ، أو إحدى وعشرين. ولا يتبيغ بأحدكم الدم ، فيقتله (٤) ».

وفى سنن أبي داود ـ من حديث أبي هريرة مرفوعا ـ : « من احتجم لسبع عشرة ، أو تسع عشرة ، أو إحدى وعشرين ـ : كانت شفاء من كل داء » (٥). وهذا معناه : من كل داء سببه غلبة الدم.

وهذه الأحاديث موافقة لما أجمع عليه الأطباء : أن الحجامة ـ في النصف الثاني ، وما يليه من الربع الثالث من أرباعه ـ أنفع من أوله وآخره ، وإذا استعملت عند الحاجة إليها ، نفعت أي وقت كان : من أول الشهر وآخره.

__________________

(١) كذا في الزاد. وهو المناسب. وفى الأصل : « والساق ».

(٢) سبق هذا الحديث ضمن حديث طويل : في سنده عباد بن منصور ، وهو ضعيف. اه‍ ق.

(٣) وأخرجه : أحمد أيضا ، وعلل. اه‍ ق.

(٤) سنده ضعيف. وسبق معنى « التبيغ » ، وهو : هيجان الدم!!. وسيأتى تفسيره به!!. اه‍ ق.

(٥) في سنده : سعيد بن عبد الرحمن الجمحي ، وهو ضعيف. اه‍ ق.

٤٥

قال الخلال : أخبرني عصمة بن عصام ، قال : حدثنا حنبل ، قال : كان أبو عبد الله أحمد بن حنبل يحتجم أي وقت هاج به الدم ، وأي ساعة كانت.

وقال صاحب القانون : «أوقاتها في النهار : الساعة الثانية أو الثالثة. ويجب توقيتها بعد الحمام ، إلا في من دمه غليظ : فيجب أن يستحم ، ثم يحم ساعة ، ثم يحتجم» انتهى.

وتكره عندهم الحجامة على الشبع : فإنها ربما أورثت سددا وأمراضا رديئة ، ولا سيما : إذا كان الغذاء رديئا غليظا.

وفى أثر : « الحجامة على الريق دواء ، وعلى الشبع داء ، وفى سبعة عشر من الشهر شفاء ».

واختيار هذه الأوقات للحجامة : فيما إذا كانت على سبيل الاحتياط والتحرز (١) من الأذى ، وحفظا للصحة. وأما في مداواة الأمراض : فحيثما وجد الاحتياج إليها ، وجب استعمالها.

وفى قوله : « لا يتبيغ بأحدكم الدم ، فيقتله » ، دلالة على ذلك. يعنى : لئلا يتبيغ ، فحذف حرف الجر مع « أن » ، ثم حذفت « أن ». و « التبيغ » : الهيج ، وهو مقلوب

البغى. وهو بمعناه : فإنه بغى الدم وهيجانه. وقد تقدم : أن الإمام أحمد كان يحتجم أي وقت احتاج من الشهر.

( فصل ) وأما اختيار أيام الأسبوع للحجامة ، فقال الخلال في جامعه : « أخبرنا حرب ابن إسماعيل ، قال : قلت لأحمد : تكره الحجامة في شئ من الأيام؟ قال : قد جاء في الأربعاء والسبت ». وفيه عن الحسين بن حسان : « أنه سأل أبا عبد الله عن الحجامة : أي وقت تكره؟ فقال : في يوم السبت ، ويوم الأربعاء ، ويقولون : يوم الجمعة ».

وروى الخلال ـ عن أبي سلمة وأبى سعيد المقبري ، عن أبي هريرة ، مرفوعا ـ : « من احتجم يوم الأربعاء ، أو يوم السبت ـ فأصابه بياض أو برص ـ : فلا يلومن إلا نفسه (٢) ».

وقال الخلال : أخبرنا محمد بن علي بن جعفر : أن يعقوب بن بختان حدثهم ، قال :

__________________

(١) كذا بالزاد ( ص ٨٢ ). وفى الأصل : « والتحزر » ، وهو تصحيف.

(٢) سنده ضعيف. اه‍ ق.

٤٦

« سئل أحمد عن النورة والحجامة يوم السبت ويوم الأربعاء؟ فكرهها وقال : بلغني عن رجل أنه تنور واحتجم (يعنى : يوم الأربعاء) ، فأصابه البرص. فقلت له (١) : كأنه تهاون بالحديث. قال : نعم ».

وفى كتاب « الافراد » للدار قطني ـ من حديث نافع ـ قال : قال لي عبد الله بن عمر : « تبيغ بي الدم ، فابغ لي حجاما ، ولا يكن صبيا ، ولا شيخا كبيرا. فإني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، يقول : الحجامة تزيد الحافظ حفظا ، والعاقل عقلا ، فاحتجموا على اسم الله تعالى ، ولا تحتجموا : الخميس والجمعة والسبت والاحد ، واحتجموا الاثنين. وما كان من جذام ولا برص ، إلا نزل يوم الأربعاء (٢) ». قال الدارقطني : تفرد به زياد ابن يحيى ، وقد رواه أيوب عن نافع ، وقال فيه : « واحتجموا يوم الاثنين والثلاثاء ، ولا تحتجموا يوم الأربعاء ».

وقد روى أبو داود في سننه ـ من حديث أبي بكرة ـ « أنه كان يكره الحجامة يوم الثلاثاء ، وقال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : يوم الثلاثاء : يوم الدم ، وفيه ساعة لا يرقأ فيه (٣) الدم (٤) ».

( فصل ) وفى ضمن هذه الأحاديث المتقدمة : استحباب التداوي ، واستحباب الحجامة ، وأنها تكون في الموضع الذي يقتضيه الحال ، وجواز احتجام المحرم : وإن آل إلى قطع شئ من الشعر ، فإن ذلك جائز. وفى وجوب الفدية عليه نظر ، ولا يقوى الوجوب. وجواز احتجام الصائم : فإن في صحيح البخاري : « أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم احتجم

__________________

(١) كذا بالأصل. وفى الزاد (ص ٨٢) : « قلت ».

(٢) ورواه ابن ماجة من طريقين ضعفهما ، والحاكم ـ كالدار قطني ـ بالافراد : بأسانيد ضعيفة. اه‍ ق.

(٣) كذا بالأصل. أي : في الساعة بمعنى الوقت. وفى الزاد : (فيها). وهو ظاهر.

(٤) سنده أيضا ضعيف ، وكل هذه الأحاديث ـ التي ذكرت فيها الأيام ـ ضعيفة. فقد قال الحافظ في الفتح : تقل الخلال عن أحمد أنه كره الحجامة في هذه الأيام ، وإن كان الحديث لم يثبت ، وقال الفيروز بادي في سفر السعادة : وباب الحجامة ، واختيارها في بعض الأيام ، وكراهتها في بعضها ـ ما ثبت فيه شئ. وكفى بقولهما حجة. اه‍ ق.

٤٧

وهو صائم » ، ولكن : هل يفطر بذلك؟ أم لا؟ مسألة أخرى ، الصواب : الفطر بالحجامة ، لصحته عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، من غير معارض. وأصح ما يعارض به : حديث حجامته وهو صائم. ولكن : لا يدل على عدم الفطر ، إلا بعد أربعة أمور : ( أحدها ) : أن الصوم كان فرضا. ( الثاني ) : أنه كان مقيما. ( الثالث ) : أنه لم يكن به مرض احتاج معه إلى الحجامة. ( الرابع ) : أن هذا الحديث متأخر عن قوله : « أفطر الحاجم والمحجوم ». فإذا ثبتت هذه المقدمات الأربع : أمكن الاستدلال بفعله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، على بقاء الصوم مع الحجامة. وإلا : فما المانع أن يكون الصوم نفلا يجوز الخروج منه بالحجامة وغيرها ، أو من رمضان لكنه في السفر ، أو من رمضان في الحضر لكن دعت الحاجة إليها (١) : كما تدعو حاجة من به مرض إلى الفطر ، أو يكون فرضا من رمضان في الحضر من غير حاجة إليها ، لكنه مبقى على الأصل. وقوله : « أفطر الحاجم والمحجوم » ، ناقل ومتأخر. فتعين المصير إليه. ولا سبيل إلى إثبات واحدة من هذه المقدمات الأربع ، فكيف بإثباتها كلها؟!.

وفيها : دليل على استئجار الطبيب وغيره ، من غير عقد إجارة ، بل يعطيه أجرة المثل ، أو ما يرضيه.

وفيها : دليل على جواز التكسب بصناعة الحجامة ، وإن كان لا يطيب للحر أكل أجرته من غير تحريم عليه. فإن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أعطاه أجره ، ولم يمنعه من أكله. وتسميته إياه خبيثا : كتسميته للثوم والبصل خبيثين ، ولم يلزم من ذلك تحريمهما.

وفيها : دليل على جواز ضرب الرجل الخراج على عبده كل يوم شيئا معلوما ، بقدر طاقته ، وأن للعبد أن يتصرف فيما زاد على خراجه. ولو منع من التصرف فيه (٢) : لكان كسبه كله خراجا ، ولم يكن لتقديره فائدة. بل ما زاد على خراجه ، فهو تمليك من سيده له : يتصرف فيه كما أراد. والله أعلم.

__________________

(١) هذه الكلمة لم ترد في الزاد : ( ص ٨٣ ). وذكرها أولى من حذفها.

(٢) لم ترد هذه الكلمة في الزاد : ( ص ٨٣ ).

٤٨

فصل في هديه صلى‌الله‌عليه‌وسلم في قطع العروق والكي

ثبت في الصحيح ـ من حديث جابر بن عبد الله ـ : « أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعث إلى أبى ابن كعب طبيبا ، فقطع له عرقا ، وكواه عليه (١) ».

ولما رمى سعد بن معاذ في أكحله : حسمه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم ورمت : فحسمه ثانية. و ( الحسم ) هو : الكي. وفى طريق آخر : « أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، كوى سعد بن معاذ في أكحله بمشقص. ثم حسمه سعد بن معاذ ، أو غيره من أصحابه ». وفى لفظ آخر : « أن رجلا من الأنصار رمى في أكحله بمشقص ، فأمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فكوى » (٢).

وقال أبو عبيد : « وقد أتى (٣) النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، برجل نعت له الكي ، فقال : اكووه (أ) وارضفوه » (٤). قال أبو عبيدة : الرضف : الحجارة تسخن ثم تكمد بها.

وقال الفضل بن دكين : حدثنا سفيان ، عن أبي الزبير ، عن جابر : « أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كواه في أكحله » (٥).

وفى صحيح البخاري ـ من حديث أنس ـ : « أنه كوى من ذات الجنب : والنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم حي ».

وفى الترمذي عن أنس : « أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، كوى أسعد بن زرارة من الشوكة » (٦).

وقد تقدم الحديث المتفق عليه ، وفيه « وما أحب أن أكتوي » ، وفى لفظ آخر : « وأنا أنهى أمتي عن الكي ».

وفى جامع الترمذي وغيره ـ عن عمران بن حصين ـ : « أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، نهى عن

__________________

(١) أخرجه : مسلم ، وابن ماجة ، وأحمد ، والحاكم. اه‍ ق.

(٢) هذه الأحاديث المتشابهة أخرجها : مسلم ، وأبو داود ، وابن ماجة ، وأحمد ، والحاكم عن جابر. اه‍ ق.

(٣) كذا بالأصل. وفى الزاد (ص ٨٣) : « وفد إلى ». والظاهر؟؟ أنه تصحيف. انظر : النهاية (٢ / ٨٥) ، والزيادة الآتية عنها.

(٤) أخرجه الحاكم عن ابن مسعود. اه‍ ق.

(٥) مروى ضمن الروايات السابقة للحديث ، في مسلم وغيره ، عن جابر. اه‍ ق.

(٦) وأخرجه أيضا : الحاكم. اه‍ ق.

(٤ ـ الطب النبوي)

٤٩

الكي (١). قال : فابتلينا فاكتوينا ، فما أفلحنا ، ولا أنجحنا » ، وفي لفظ « نهينا عن الكي » وقال : « فما أفلحنا ولا أبحعنا (٢) ».

قال الخطابي : « إنما كوى سعدا ليرقأ الدم من جرحه ، وخاف عليه أن ينزف فيهلك. والكي مستعمل في هذا الباب : كما يكوى من تقطع يده أو رجله. وأما النهى عن الكي ، فهو : أن يكتوى طلبا للشفاء. وكانوا يعتقدون : أنه متى لم يكتو هلك ، فنهاهم عنه : لأجل هذه النية. وقيل : إنما نهى عنه عمران بن حصين خاصة ، لأنه كان به ناصور وكان موضعه خطرا ، فنهى عن كيه. فيشبه أن يكون النهى متصرفا (٣) إلى الموضع المخوف منه. والله تعالى أعلم. وقال ابن قتيبة : الكي جنسان : كي الصحيح لئلا يعتل ، فهذا الذي قيل فيه : « لم يتوكل من اكتوى » ، لأنه يريد أن يدفع القدر عن نفسه. والثاني : كي الجرح إذا نغل ، والعضو إذا قطع. ففي هذا الشفاء. وأما إذا كان الكي للتداوي : الذي يجوز أن ينجح ، ويجوز أن لا ينجح ، فإنه إلى الكراهة أقرب ». انتهى.

وثبت في الصحيح ـ من حديث السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب : « أنهم الذين لا يسترقون ، ولا يكتوون ، ولا يتطيرون ، وعلى ربهم يتوكلون » (٤).

فقد تضمنت أحاديث الكي أربعة أنواع : ( أحدها ) : فعله. ( والثاني ) : عدم محبته له. ( والثالث ) : الثناء على من تركه. ( والرابع ) : النهى عنه.

ولا تعارض بينها ـ بحمد الله تعالى ـ : فإن فعله يدل على جوازه ، وعدم محبته له لا يدل على المنع منه. وأما الثناء على تاركه : فيدل على أن تركه أولى وأفضل. وأما النهى عنه : فعلى سبيل الاختيار والكراهة ، أو عن النوع الذي لا يحتاج إليه ، بل يفعل خوفا من حدوث الداء. والله أعلم.

__________________

(١) وأخرجه أيضا : أبو داود ، وأحمد. وسنده قوى. اه‍ ق.

(٢) بالأصل : « أنجحنا » ، وهو تصحيف. وفى الزاد ـ في الموضعين ـ : « أنجعنا » ، وفى أحدهما تصحيف.

(٣) كذا بالأصل وفى الزاد (ص ٨٣) : « منصرفا » بالنون.

(٤) أخرجه : البخاري ، ومسلم ، والترمذي ، والنسائي ، وأحمد عن ابن عباس. اه‍ ق.

٥٠

فصل في هديه صلى‌الله‌عليه‌وسلم في علاج الصرع

أخرجا في الصحيحين ـ من حديث عطاء بن أبي رباح ـ قال : قال ابن عباس : « ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت : بلى. قال : هذه المرأة السوداء ، أتت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالت : إني أصرع ، وإني أتكشف ، فادع الله لي. فقال : إن شئت صبرت ولك الجنة ، وإن شئت دعوت الله لك أن يعافيك. فقالت : أصبر. قالت : فإني أتكشف ، فادع الله أن لا أتكشف. فدعا لها » (١).

قلت : الصرع صرعان : صرع من الأرواح الخبيثة الأرضية ، وصرع من الاخلاط الرديئة. والثاني هو الذي يتكلم فيه الأطباء : في سببه وعلاجه.

وأما صرع الأرواح : فأئمتهم وعقلاؤهم يعترفون به ، ولا يدفعونه. ويعترفون : بأن علاجه مقابلة (٢) الأرواح الشريفة الخيرة العلوية ، لتلك الأرواح الشريرة الخبيثة ، فتدفع (٣) آثارها ، وتعارض أفعالها وتبطلها. وقد نص على ذلك أبقراط في بعض كتبه ، فذكر بعض علاج الصرع ، وقال : « هذا إنما ينفع في الصرع الذي سببه : الاخلاط والمادة. وأما الصرع الذي يكون من الأرواح ، فلا ينفع فيه هذا العلاج ».

أما جهلة الأطباء وسقطهم وسفلتهم ، ومن يعتقد بالزندقة فضيلة ـ فأولئك ينكرون صرع الأرواح ، ولا يقرون بأنها تؤثر في بدن المصروع. وليس معهم إلا الجهل. وإلا : فليس في الصناعة الطبية ما يدفع ذلك ، والحس والوجود شاهد به. وإحالتهم ذلك على غلبة بعض الاخلاط ، هو صادق في بعض أقسامه ، لا في كلها.

وقدماء الأطباء كانوا يسمون هذا الصرع : المرض الإلهي ، وقالوا : إنه من الأرواح.

وأما جالينوس وغيره ، فتأولوا عليهم هذه التسمية ، وقالوا : إنما سموها (٤) بالمرض

__________________

(١) ورواه أيضا : النسائي ، وأحمد ، والبزار. اه‍ ق.

(٢) كذا بالأصل. وفى الزاد (ص ٨٤) : « بمقابلة ». وكلاهما صحيح.

(٣) كذا بالأصل. وفى الزاد (ص ٨٤) : « فتدافع .. بقراط ».

(٤) كذا بالأصل. أي : الصرع الذي هو علة. وفى الزاد : سموه. وهو ظاهر.

٥١

الإلهي ، لكون هذه العلة تحدث في الرأس ، فتضر بالجزء الإلهي الظاهر (١) الذي مسكنه الدماغ.

وهذا التأويل نشأ لهم من جهلهم بهذه الأرواح ، وأحكامها ، وتأثيراتها.

وجاءت زنادقة الأطباء : فلم يثبتوا إلا صرع الاخلاط وحده.

ومن له عقل ومعرفة بهذه الأرواح وتأثيراتها ، يضحك من جهل هؤلاء ، وضعف عقولهم.

وعلاج هذا النوع يكون بأمرين : أمر من جهة المصروع ، وأمر من جهة المعالج.

فالذي من جهة المصروع ، يكون : بقوة نفسه ، وصدق توجهه إلى فاطر هذه الأرواح وبارئها ، والتعوذ الصحيح الذي قد تواطأ عليه القلب واللسان. فإن هذا نوع محاربة ، والمحارب لا يتم له الانتصاف من عدوه بالسلاح إلا لامرين : أن يكون السلاح صحيحا في نفسه جيدا ، وأن يكون الساعد قويا. فمتى تخلف أحدهما لم يغن السلاح كثير طائل ، فكيف إذا عدم الأمران جميعا : يكون القلب خرابا من التوحيد والتوكل والتقوى والتوجه ، ولا سلاح له؟!

والثاني من جهة المعالج : بأن يكون فيه هذان الأمران أيضا ، حتى إن من المعالجين من يكتفى بقوله : اخرج منه ، أو يقول باسم الله ، أو يقول : (٢) لا حول ولا قوة إلا بالله.

والنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان يقول : « اخرج عدو الله ، أنا رسول الله » (٣).

وشاهدت شيخنا : يرسل إلى المصروع من يخاطب الروح التي فيه ، ويقول : قال لك الشيخ : اخرجي فإن هذا لا يحل لك. فيفيق المصروع. وربما خاطبها بنفسه. وربما كانت الروح ماردة : فيخرجها بالضرب ، فيفيق المصروع ، ولا يحس بألم. وقد شاهدنا ـ نحن وغيرنا ـ منه ذلك مرارا.

__________________

(١) كذا بالأصل. وفى الزاد : « الطاهر » ، وهو تصحيف.

(٢) كذا بالأصل. وفى الزاد : « أو بقول ». وكلاهما صحيح ، وإن كان ما في الأصل أحسن.

(٣) أخرجه أبو داود : عن أم أبان. اه‍ ق.

٥٢

وكان كثيرا ما يقرأ في أذن المصروع : ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا ، وأنكم إلينا لا ترجعون؟! ).

وحدثني : « أنه قرأها مرة في أذن المصروع ، فقالت الروح : نعم ، ومد بها صوته. قال : فأخذت له عصا ، وضربته بها في عروق عنقه ، حتى كلت (١) يداي من الضرب. ولم يشك الحاضرون : بأنه يموت لذلك الضرب. ففي أثناء الضرب ، قالت : أنا أحبه. فقلت لها : هو لا يحبك. قالت : أنا أريد أن أحج به. فقلت لها : هو لا يريد أن يحج معك. فقالت : أنا أدعه كرامة لك. ( قال ) قلت : لا ، ولكن : طاعة لله ولرسوله. قالت : فأنا أخرج منه. قال : فقعد المصروع يلتفت يمينا وشمالا ، وقال : ما جاء بي إلى حضرة الشيخ ، قالوا له : وهذا الضرب كله؟ فقال : وعلى أي شئ يضربني الشيخ ، ولم أذنب؟ ولم يشعر بأنه وقع به الضرب (٢) البتة » (٣).

وكان يعالج بآية الكرسي ، وكان يأمر بكثرة قراة المصروع ومن يعالجه بها ، وبقراءة المعوذتين.

وبالجملة : فهذا النوع من الصرع وعلاجه لا ينكره إلا قليل الحظ من العلم والعقل والمعرفة. وأكثر تسلط الأرواح الخبيثة على أهله ، تكون : من جهة قلة دينهم ، وخراب قلوبهم وألسنتهم من حقائق الذكر والتعاويذ ، والتحصنات النبوية والايمانية. فتلقى الروح الخبيثة الرجل ، أعزل لا سلاح معه ، وربما كان عريانا : فيؤثر فيه هذا.

__________________

(١) كذا بالأصل. وفى الزاد (ص ٨٥) : « تخلت ». وكل صحيح ، وإن كان ما في الأصل أنسب.

(٢) كذا بالأصل. وفى الزاد : « ضرب ».

(٣) الصرع هو : مرض عصبي ينتج من تهيج خلايا المخ ، ويمتاز بحصول نوبات تشنجات في جميع أعضاء الجسم ، وخروج ريم أحيانا ما يكون مدمما : نتيجة قرص اللسان بالأسنان. ويعقب التشنجات تقلص في جميع عضلات الجسم لمدة قصيرة يتبعها ارتخاء العضلات ، ودخول المريض في نوم عميق. ويكون المريض أثناء النوم غائبا تماما عن وعيه : لا يدرى إطلاقا ما حدث. وعلاجه : إعطاء مهدئات.

ولكن بعض الحالات النفسية ـ المسماة بالهستريا العصبية ـ تشابه في أعراضها الظاهرة الصرع : مما لا تخفى على فطنة الأطباء. ففي هذه الحالات الأخيرة ، قد يفيد الضرب أو التعذيب أو العقاب : كعلاج لمثل هذه الحالات. اه‍ د.

٥٣

ولو كشف الغطاء : لرأيت أكثر النفوس البشرية صرعى مع هذه الأرواح الخبيثة ، وهى في أسرها وقبضتها : تسوقها حيث شاءت ، ولا يمكنها الامتناع عنها ، ولا مخالفتها ، وبها الصرع الأعظم : الذي لا يفيق صاحبه إلا عند المفارقة والمعاينة. فهناك يتحقق : أنه كان هو المصروع حقيقة. وبالله المستعان.

وعلاج هذا الصرع : باقتران العقل الصحيح إلى الايمان بما جاءت به الرسل ، وأن تكون الجنة والنار نصب عينه ، وقبلة قلبه ، ويستحضر أهل الدنيا وحلول المثولات (١) والآفات بهم ، ووقوعها خلال ديارهم : كمواقع القطر ، وهم صرعى لا يفيقون.

وما أشد أعداء هذا الصرع. ولكن لما عمت البلية به بحيث (٢) ينظر الانسان لا يرى إلا مصروعا ، لم يصر مستغربا ولا مستنكرا. بل صار لكثرة المصروعين ، عين المستنكر المستغرب خلافه.

فإذا أراد الله بعبد حيرا : أفاق من هذه الصرعة ، ونظر إلى أبناء الدنيا : مصروعين حوله يمينا وشمالا ، على اختلاف طبقاتهم. فمنهم : من أطبق به الجنون ، ومنهم : من يفيق أحيانا قليلة ويعود إلى جنونه ، ومنهم : من يجن مرة ويفيق أخرى (٣) ، فإذا أفاق : عمل عمل أهل الإفاقة والعقل ، ثم يعاوده الصرع : فيقع في التخبيط.

( فصل ) وأما صرع الاخلاط (٤) فهو : علة تمنع الأعضاء النفيسة عن الافعال والحركة والانتصاب ، منعا غير تام. وسببه : خلط غليظ لزج ، يسد منافذ بطون الدماغ سدة غير تامة ، فيمتنع نفوذ الحس والحركة ، فيه وفى الأعضاء ، نفوذا ما من غير انقطاع بالكلية. وقد يكون لأسباب أخر : كريح غليظ يحتبس في منافذ الروح ، أو بخار

__________________

(١) كذا بالأصل والزاد : (ص ٨٥). وهود « المثلات » ( بفتح الميم ) جمع « مثلة » ( بالفتح فالضم ) العقوبات. وإن كان اللفظ الثاني هو المشهور أو الذي اقتصرت عليه بعض المعاجم. انظر : القاموس (٤ / ٤٩) ، والمختار؟؟ (٦١٥).

(٢) هذا إلخ عبارة الأصل. وفى الزاد : « بحيث لا يرى إلا مصروعا ».

(٣) كذا بالأصل. وعبارة الزاد : « ومنهم من يفيق مرة ويجن أخرى ».

(٤) كذا بالأصل. وفى الزاد : « الاختلاط » ، وهو تحريف.

٥٤

ردئ يرتفع إليه من بعض الأعضاء ، أو كيفية لاذعة. فينقبض الدماغ لدفع المؤذى ، فيتبعه تشنج في جميع الأعضاء ، ولا يمكن أن يبقى الانسان معه منتصبا ، بل يسقط ويظهر في فيه الزبد غالبا.

وهذه العلة تعد من جملة الأمراض الحادثة (١) : باعتبار وقت وجوده المؤلم خاصة. وقد تعد من جملة الأمراض المزمنة : باعتبار طول مكثها ، وعسر برئها ، لا سيما إن جاوز في السن خمسا وعشرين سنة. وهذه العلة في دماغه وخاصة في جوهره. فإن صرع هؤلاء يكون لازما. قال أبقراط : « إن الصرع يبقى في هؤلاء حتى يموتوا ».

إذا عرف هذا : فهذه المرأة التي جاء الحديث : أنها كانت تصرع وتنكشف ـ يجوز : أن يكون صرعها من هذا النوع ، فوعدها النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم الجنة : بصبرها على هذا المرض ، ودعا لها : أن لا تنكشف ، وخيرها بين الصبر والجنة ، وبين الدعاء لها بالشفاء : من غير ضمان ، فاختارت الصبر والجنة.

وفى ذلك : دليل على جواز ترك المعالجة والتداوي ، وأن علاج الأرواح بالدعوات والتوجه إلى الله ، يفعل ما لا يناله علاج الأطباء ، وأن تأثيره وفعله ، وتأثر الطبيعة عنه وانفعالها ـ أعظم من تأثير الأدوية البدنية ، وانفعال الطبيعة عنها. وقد جربنا هذا مرارا نحن وغيرنا.

وعقلاء الأطباء معترفون : بأن في فعل القوى النفسية وانفعالاتها ، في شفاء الأمراض ، عجائب. وما على الصناعة الطبية أضر من زنادقة القوم وسفلتهم وجهالهم.

والظاهر : أن صرع ( هذه ) (٢) المرأة كان من هذا النوع. ويجوز : أن يكون من جهة الأرواح ، ويكون رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : قد خيرها بين الصبر على ذلك مع الجنة ، وبين الدعاء لها بالشفاء ، فاختارت الصبر والستر. والله أعلم.

__________________

(١) كذا بالأصل. وفى الزاد : « الحادة » ، ولعله تحريف.

(٢) زيادة حسنة : عن الزاد (ص ٨٦).

٥٥

فصل في هديه صلى‌الله‌عليه‌وسلم في علاج عرق النساء

روى ابن ماجة في سننه ـ من حديث محمد بن سيرين عن أنس بن مالك ـ قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، يقول : « دواء عرق النساء : ألية شاة أعرابية تذاب ، ثم تجزأ ثلاثة أجزاء ، ثم تشرب على الريق : في كل يوم جزء » (١).

عرق النساء : وجع يبتدئ من مفصل الورك ، وينزل من خلف على الفخذ ، وربما امتد على الكعب. وكلما طالت مدته : زاد نزوله ويهزل معه الرجل والفخذ.

وهذا الحديث فيه معنى لغوى ، ومعنى طبي.

فأما المعنى اللغوي : فدليل على جواز تسمية هذا المرض : بعرق النساء ، خلافا لمن منع هذه التسمية ، وقال : النساء هو العرق نفسه ، فيكون من باب إضافة الشئ إلى نفسه. وهو ممتنع.

وجواب هذا القائل من وجهين : (أحدهما) : أن العرق أعم من النساء ، فهو من باب إضافة العام إلى الخاص. نحو : كل الدراهم (أ) (٢) وبعضها. (الثاني) : أن النساء هو المرض الحال بالعرق ، والإضافة فيه من باب إضافة الشئ إلى محله وموضعه (٣). قيل : وسمى بذلك : لان ألمه ينسى ما سواه. وهذا العرق ممتد من مفصل الورك ، وينتهى إلى آخر القدم وراء الكعب ، من الجانب الوحشي فيما بين عظم الساق والوتر.

وأما المعنى الطبي ، فقد تقدم : أن كلام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم نوعان ، ( أحدهما ) : عام بحسب الأزمان والأماكن ، والاشخاص والأحوال. ( والثاني ) : خاص بحسب هذه الأمور أو بعضها. وهذا من هذا القسم : فإن هذا خطاب للعرب وأهل الحجاز ومن جاورهم ، ولا سيما أعراب البوادي. فإن هذا العلاج من أنفع العلاج لهم ، فإن هذا المرض : يحدث من يبس ، وقد يحدث من مادة غليظة لزجة. فعلاجها بالاسهال. « والالية » فيها

__________________

(١) وأخرجه : أحمد ، والحاكم في صحيحه. اه‍ ق.

(٢) زيادة : عن الزاد ( ص ٨٦ ).

(٣) كذا بالزاد. وفى الأصل : « وموضوعه » ، وهو تحريف.

٥٦

الخاصيتان : الانضاج (١) والتليين ، ففيها الانضاج والاخراج. وهذا المرض يحتاج علاجه إلى هذين الامرين.

وفى تعيين الشاة الاعرابية : قلة فضولها ، وصغر مقدارها ، ولطف جوهرها ، وخاصية مرعاها. لأنها ترعى أعشاب البر الحارة : كالشيح والقيصوم ، ونحوهما. وهذه النباتات : إذا تغذى بها الحيوان ، صار في لحمه من طبعها ، بعد أن يلطفها تغذية بها ، ويكسبها مزاجا ألطف منها ، ولا سيما الالية ، وظهور فعل هذه النباتات في اللبن ، أقوى منه في اللحم. ولكن الخاصية التي في الالية ـ : من الانضاج والتليين ـ لا توجد في اللبن. وهذا مما تقدم : أن أدوية غالب الأمم والبوادي بالأدوية المفردة ، وعليه أطباء الهند. وأما الروم واليونان : فيعتنون بالمركبة. وهم متفقون كلهم : على أن من سعادة الطبيب أن يداوى بالغذاء ، فإن عجز : فبالمفرد ، فإن عجز : فبما كان أقل تركيبا.

وقد تقدم : أن غالب عادات العرب وأهل البوادي الأمراض البسيطة : فالأدوية البسيطة تناسبها. وهذه لبساطة أغذيتهم في الغالب. وأما الأمراض المركبة : فغالبا تحدث عن تركيب الأغذية وتنوعها واختلافها ، فاختيرت لها الأدوية المركبة. والله تعالى أعلم (٢).

فصل في هديه صلى‌الله‌عليه‌وسلم في علاج يبس الطبع

واحتياجه إلى ما يمشيه ويلينه

روى الترمذي في جامعه ، وابن ماجة في سننه ـ من حديث أسماء بنت عميس ـ قالت : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : بماذا كنت تستمشين؟ قالت : بالشبرم.

__________________

(١) كذا بالأصل. وفى الزاد : « والانضاج ». والزيادة من الناسخ أو الطابع.

(٢) عرق النساء هو : مرض يصيب النساء والرجال على السواء ، وآلامه مفرطة تبتدئ غالبا في أسفل العمود الفقرى ، ويمتد الألم إلى إحدى الأليتين ، ثم إلى الجزء الخلفي من الفخذ ، وأحيانا حتى الكعب. وينتج غالبا من انفصال غضروفي بأسفل العمود الفقرى ، أو التهاب روماتزمي بالعصب الانسى. وعلاجه الأساسي : الراحة التامة على الظهر لمدة خمسة عشر يوما على الأقل ، مع إعطاء مهدئات للألم مثل الأسپرين إلخ. والحجامات الجافة والكي أحيانا يساعدان على علاجه. اه‍ د.

٥٧

قال : حار جار. ثم قالت : استمشيت بالسنا (١). فقال : لو كان شئ يشفى من الموت لكان السنا (٢) ».

وفى سنن ابن ماجة ، عن إبراهيم بن أبي عبلة ، قال : « سمعت عبد الله بن أم حرام (٣) ـ وكان مما صلى مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، القبلتين ـ يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : عليكم بالسنا والسنوت (٤). فإن فيهما شفاء من كل داء إلا السام. قيل : يا رسول الله ، وما السام؟ قال : الموت ».

قوله : « بم تستمشين؟ » أي : تليين الطبع حتى يمشى ولا يصير بمنزلة الواقف ، فيؤذى باحتباس النجو. ولهذا سمى الدواء المسهل : مشيا ، على وزن فعيل. وقيل : لان المسهول يكثر المشي والاختلاف للحاجة.

وقد روى : « بماذا (٥) تستشفين؟ فقالت : بالشبرم ». وهو من جملة الأدوية اليتوعية ، وهو : قشر عرق شجرة. وهو حار يابس في الدرجة الرابعة. وأجوده المائل إلى الحمرة ، الخفيف الرقيق الذي يشبه الجلد الملفوف. وبالجملة : فهو من الأدوية التي أوصى الأطباء بترك استعمالها ، لخطرها وفرط إسهالها.

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : « حار جار » ، ويروى « حار يار ». قال أبو عبيد :

__________________

(١) كذا بالأصل ، وسنن الترمذي : (٨ / ٢٣٤). وكذلك في سنن ابن ماجة (٢ / ١٨٠ : ط العلمية) بدون كلمة « قالت ». وفى الزاد (ص ٨٦) : « ثم قال استمشين بالسنا » ، وهو خطأ وتحريف.

(٢) أو السلاميكا. وهى على أنواع كثيرة ، أفضلها : السنا الهندي لنقاوتها. وتستعمل السنا للآن كملين في حالات الامساك. وتستعمل أوراق النبات فقط بعد نقعها في الماء لمدة ١٢ ساعة ، ويشرب المنقوع بدون الورق. أما إذا غليت فقد تسبب مغصا شديدا بالأمعاء. وكمية الورق المنقوعة تختلف من شخص إلى آخر ، وعلى قدر حالة الامساك. وغالبا من ١٠ إلى ١٥ ورقة للنقع لمدة ١٢ ساعة. اه‍ د.

وأخرج الحديث أيضا : أحمد ، والحاكم. وأخرج الطبراني عن أم سلمة نحوه. والشبرم بزنة « قنفذ ». وسيبينه المؤلف ، وسيبين السنا أيضا!!. اه‍ ق.

(٣) كذا بالأصل وسنن ابن ماجة : ( ٢ / ١٧٩ ). وفى الزاد : « بن حرام » وهو خطأ وتحريف.؟؟ : التهذيب ١٢ / ٣ ، والخلاصة ٣٨٠.

(٤) وأخرجه أيضا : الحاكم وأخرج النسائي عن أنس نحوه. وسيبين ( المؤلف ) المراد بالسنوت. وهو بفتح السين وضمها ، والفتح أفصح. اه‍ ق.

(٥) كذا بالأصل. وفى الزاد ( ص ٨٧ ) : بما الذي.

٥٨

وأكثر كلامهم بالياء. قلت : وفيه قولان (أحدهما) : أن الحار الجار بالجيم : الشديد الاسهال ، فوصفه بالحرارة وشدة الاسهال ، وكذلك هو. قاله أبو حنيفة الدينوري.

( والثاني ) ـ وهو الصواب ـ : أن هذا من الاتباع الذي يقصد به تأكيد الأول ، ويكون بين التأكيد اللفظي والمعنوي. ولهذا يراعون فيه اتباعه في أكثر حروفه. كقولهم : حسن بسن ، أي : كامل الحسن. وقولهم : حسن قسن بالقاف. ومنه شيطان ليطان ، وحار جار. مع أن في الجار معنى آخر ، وهو : الذي يجر الشئ الذي يصيبه ، من شدة حرارته وجذبه له ، كأنه ينزعه ويسلخه. و « يار » إما لغة في « جار » ، كقولهم : صهري وصهريج ، والصهارى والصهاريج. وإما اتباع مستقل.

وأما « السناء » ففيه لغتان : المد والقصر. وهو : نبت حجازي ، أفضله المكي وهو : دواء شريف مأمون الغائلة ، قريب من الاعتدال ، حار يابس في الدرجة الأولى ، يسهل الصفراء والسوداء ، ويقوى ( جرم ) (١) القلب. وهذه فضيلة شريفة فيه. وخاصيته : النفع من الوسواس السوداوي ، ومن الشقاق العارض في البدن ، ويفتح العضل ، وانتشار الشعر ، ومن القمل والصداع العتيق ، والجرب والبثور ، والحكة والصرع. وشرب مائه مطبوخا أصلح من شربه مدقوقا. ومقدار الشربة منه : إلى ثلاثة دراهم ، ومن مائه : إلى خمسة دراهم. وإن طبخ معه شئ من زهر البنفسج والزبيب الأحمر المنزوع العجم ، كان أصلح.

قال الرازي : « السناء والشاهترج (٢) يسهلان الاخلاط المحترقة ، وينفعان من الجرب والحكة. والشربة من كل واحد منهما : من أربعة دراهم إلى سبعة دراهم ».

وأما « السنوت » ففيه ثمانية أقوال : (أحدها (٣) : أنه العسل. ( والثاني ) : أنه رب عكة السمن يخرج خططا سوداء على السمن. حكاهما عمر بن بكر السكسكي. ( الثالث ) : أنه حب بشبه الكمون (وليس به. قاله (٤) ابن الاعرابى. ( الرابع ) : أنه الكمون)

__________________

(١) زيادة : عن الزاد (٨٧).

(٢) في تذكرة داود : أنه ملك البقول ، ويسمى : كزبرة الحمار. وهو نوعان بينهما في التذكرة!!. وهو فارسي.! اه‍ ق.

(٣) كذا بالزاد. وفى الأصل : أحدهما. وهو تحريف.

(٤) في الزاد ـ والزيادة كلها عنه ـ : « قال » ، وهو تحريف.

٥٩

الكرماني. ( الخامس ) : أنه الرازيانج. حكاهما أبو حنيفة الدينوري عن بعض الاعراب. ( السادس ) : أنه الشبت. ( السابع ) : أنه التمر. حكاهما أبو بكر بن السنى الحافظ. ( الثامن ) : أنه العسل الذي يكون في زقاق السمن. حكاه عبد اللطيف البغدادي. قال بعض الأطباء : وهذا أجدر بالمعنى وأقرب إلى الصواب. أي : يخلط السناء مدقوقا بالعسل المخالط للسمن ، ثم يلعق ، فيكون أصلح من استعماله مفردا ، لما في العسل والسمن من إصلاح السنا (١) وإعانته على الاسهال. والله أعلم.

وقد روى الترمذي وغيره ـ من حديث ابن عباس يرفعه ـ : « إن خير ما تداويتم به السعوط ، واللدود ، والحجامة ، والمشي » (٢). المشي هو : الذي يمشى الطبع ويلينه ، ويسهل خروج الخارج.

فصل في هديه صلى‌الله‌عليه‌وسلم في علاج حكة (٣) الجسم

وما يولد القمل

جاء (٤) في الصحيحين ـ من حديث قتادة ، عن أنس بن مالك ـ قال : « رخص رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لعبد الرحمن بن عوف ، والزبير بن العوام ـ رضى الله تعالى عنهما ـ : في لبس الحرير ، لحكة كانت بهما ». وفى رواية : « أن عبد الرحمن بن عوف ، والزبير بن العوام ـ رضى الله تعالى عنهما ـ شكوا القمل إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، في غزاة (٥) لهما ، فرخص لهما في قمص الحرير. ورأيته عليهما ».

هذا الحديث يتعلق به أمران : أحدهما فقهي ، والآخر طبي.

__________________

(١) كذا بالأصل مقصورا. وفى الزاد : « السناء » ممدودا. وكل صحيح.

(٢) سبق تخريجه وأنه غريب!. وسبق تفسير السعوط واللدود ، وأن الأول : ما يجعل في الانف من الدواء ، والآخر : في جانب الانف.!! أما المشي فقد فسره! وقيل : سمى به لأنه يكثر مشى صاحبه إلى الخلاء!. اه‍ ق.

(٣) كذا بالأصل. وعبارة الزاد (ص ٨٧) : « في علاج الجسم ». والنقص من الناسخ أو الطابع.

(٤) هذا اللفظ لم يرد في الزاد.

(٥) كذا بالأصل. وفى الزاد : « غزوة ». وكلاهما صحيح.

٦٠