اليتيم في القرآن والسنّة

عز الدين بحر العلوم

اليتيم في القرآن والسنّة

المؤلف:

عز الدين بحر العلوم


الموضوع : الأخلاق
الناشر: دار الزهراء
الطبعة: ٢
الصفحات: ١١٩

المقصود ـ كما قلنا ـ كل ما يحقق اكرامه ، ويظهر لنا ذلك جلياً من المقابلة بينه ، وبين المسكين في الآية التي تلي هذه الآية.

( وَلا تَحَاضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ المِسْكِينِ ) :

فالمسؤولية بالنسبة إلى المساكين إنما تنحصر في اطعامهم والانفاق عليهم ولذلك أخذ الشارع المقدس يصحح مفاهيمهم بإنكم لا تحاضون أي تتواصون على هذا الشيء فتتركون هؤلاء المساكين تفترسهم أنياب الفقر ، والجوع.

أما اليتيم فانكم لا تكرمونه ، والاكرام أمر يختلف عن التعبير بالتواصي على إطعام المسكين فهو يضم بين جوانبه كلما يحقق الأخذ بيده لما فيه رفعته ، وكلما يحتاج إليه كصبي فقد كفيله ، وليكن مكرماً كما لو كان أبوه حياً فبنفس تلك الطريقة من الايواء ، والانفاق ، والتربية لا بد من معاملته ليحصل بذلك تكريمه.

٤ ـ الرفق باليتيم :

وهناك جهة عالجها الشارع المقدس ، فأولاها عناية وأكد عليها وهي الإِرفاق باليتيم في التحدث معه ، والابتسامة في وجهه لتبعد بذلك عنه الانكسار الذي يشعر به ، والذل الذي يحيط به من جميع جوانبه.

( فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ ).

درس بليغ في التحذير من قهر اليتيم فلماذا هذا التطاول عليه ، ولماذا هذا العبوس في وجهه وهو صبي لا ذنب له.

والآية الكريمة تخاطب النبي (ص) وحاشاه أن يقهر يتيماً ، أو يقطب في وجهه وهو الذي قال فيه عز وجل :

( وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ).

٦١

وجاء في بعض الأخبار عنه (ص) قوله :

« يا بني عبد المطلب انكم لن تسعوا الناس بأموالكم فألقوهم بطلاقه الوجه وحسن البشر » (١).

« وقيل كان (ص) لا يأخذه أحد بيده فينزع يده حتى كان الرجل هو الذي يرسله ولم يكن ركبته خارجة من ركبة جليسه ولم يكن أحد يكلمه إلا أقبل بوجهه عليه ثم لم يصرفه عنه حتى يفرغ من كلامه » (٢).

فالخطاب إنما هو للأمة على الصورة التذكيرية للنبي الأكرم.

ولماذا هذا القهر لليتيم وقد وجد في الاسلام مدافعاً عن حقوقه الاجتماعية ، والمالية.

أكرم اليتيم ولا تقهره ففي كنف الاسلام يأمن الضعيف.

وفي رعاية التشريع يجد اليتيم تلك اليد الرقيقة التي تحنو عليه ، وتمسح على رأسه لتزيل عنه غبار اليتم ، وتضفي عليه هالة من العطف ، والحنان.

( أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ ، فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ، وَلا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ المِسْكِينِ ) (٣).

فدفع اليتيم ، وقهره كان سبباً لان يكون القاهر في نظر الآية المباركة هو المكذب بالدين لأن المتمسك بالدين لا يقهر اليتيم ولا يمنعه حقه وليحسب الانسان بعد كل هذا يترك سدى يطلق لنفسه عنان الشهوات ويختار لنفسه ما يشاء دون أن يحاسب على أفعاله يقهر يتيماً ، ويدفع

__________________

(١) المحجة البيضاء : للفيض نقلاً عن المواهب المدنية.

(٢) للقسطلاني ٣ / ٣٦٤.

(٣) سورة الماعون : آية ( ١ ـ ٢ ـ ٣ ).

٦٢

مسكيناً عن حقه فهو مخطيء حينما ينسج له مقاييس وهمية ليبني عليها واقعه الاجتماعي ، وليهرب من مواجهة الحقيقة ، ويبرر بذلك موقفه من موجات الظلم المتلاحقة الصادرة منه.

( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالمِرْصَادِ ).

يحاسبه على كل صغيرة ، وكبيرة ، وسيجازيه عن كل ما يرتكبه وليقول العبد في ذلك اليوم ( يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ) ولتتمثل له عندها الطبقات الضعيفة تحاسبه على تجاوزه على حقوقها التي كانت له كنبتة الربيع.

( فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ ، وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ ) (١).

وصدق الله العظيم في وعده وليعض الظالم في ذلك اليوم على يديه ندماً ، ولتتحرق نفسه وهو يرى أن لا مناص من الجزاء وبذلة النادم يضرع إلى ربه وهو يصيح والموت يتراءى له بمنظره الموحش ليجسد له أعماله.

( رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ).

وجاء في تفسير الآية الكريمة أن المراد بما ترك تركته المالية حيث لم يؤد ما عليه من الحقوق وقيل : المراد فيما فرطت وليكن هذا أو ذاك فالمعنى يحوم حول ندمه على ما لم يقم به في دنياه مما فرضته عليه الشريعة المقدسة ولكن :

( كَلاًّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ).

فقد فاتته الفرصة ، وخسر الجولة فقد جاءه الموت ليلفه بشراعه ، وليجد أعماله تنتظره إن خيراً فخير ، وإن شراً فشر.

__________________

(١) سورة الفجر : آية ( ٢٥ ، ٢٦ ).

٦٣

وتتوالى التوسلات والفرد يجد نفسه نال الجزاء وفي جهنم يبقى خالداً وقد صدق الله في إخباره حيث قال :

( وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ ).

( قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ * رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ ).

وينتهي المشهد وتذهب التوسلات أدراج الرياح عندما يأتي النداء من الله عز وجل.

( قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ ) (١).

وهذه اللفظة تستعمل لزجر الكلب ونزلوا وهم في النار منزلة الكلاب المزجورة اذلالاً لهم ، وإهانة ، وإظهاراً للغضب عليهم.

وفي الآيات الكريمة التي تلي هذه الآيات عرض للأسباب التي نال بها هؤلاء هذه العقوبة وهذا الاعراض حيث كانوا يسخرون من الأنبياء والمرشدين وكانوا منهم يضحكون.

٢ ـ اليتيم وحقوقه المالية :

لا ملازمة لعنوان اليتيم مع الفقر فكثير من الأيتام لهم من الاموال ما ليس للكبار منها شيء.

ومشكلة اليتامى الاثرياء ليست بأقل من مشكلة اليتامى الفقراء لان المشكلة تكمن في الرواسب الخلفية ، والتي تفسح المجال

__________________

(١) الايات الكريمة المذكورة من سورة المؤمنون : من آية ( ٩٩ ـ ١٠٩ ).

٦٤

للاقوياء في التسلط على الضعفاء. واليتيم في أغلب الموارد ضعيف فقد من يكفله ، وبقي تحت رحمة الاولياء والاوصياء. لذلك نجد الشريعة المقدسة تولي الإِهتمام بهذه الجهة لتحافظ على الرصيد المالي لهذه الفئة الضعيفة كما أولتهم العناية بتوجيه النفوس إليهم في بقية المراحل الحياتية المعاشية ، والتربوية.

وقد بدى ذلك واضحاً من الآيات العديدة التي راعت هذه الجهة فأكدت على إحترام مال اليتيم ، وعدم التصرف فيه إلا بما فيه مصلحة تعود إليه.

لذلك نرى هذه المجموعة من الآيات ، والتي خصصت لمعالجة مشكلة اليتامى الأثرياء تتمشى مع اليتيم في ثلاثة مراحل :

المرحلة الأولى :

في المحافظة على ما يترك لليتيم من مالٍ ميراثاً كان ذلك المال ، أو هبة تعود إليه ، وعدم التجاوز على حقوق هؤلاء الضعفاء.

المرحلة الثانية :

وتتكفل ببيان الخطوط التي تنهي دور اليتم ، وترفع عنه هذا العنوان ، وبذلك تنتهي مهمة الاولياء ، والاوصياء عندما يشب الطفل ، ويترعرع فيصبح قابلاً لتسلم ماله من الاموال وقادراً على إدارتها بنفسه شأنه في ذلك شأن بقية الكبار.

المرحلة الثالثة :

وهي في الحقيقة مرتبطة بالمرحلة الثانية حيث يؤكد فيها على تثبت ارجاع المال ، والتأكد من إستلامه بما يرفع النزاع في المستقبل من دعوى عدم التسليم أو دعوى نقصان المال المسلم ، ولذلك يطلق على هذه المرحلة إسم « الاشهاد على التسليم ».

ومع هذه المراحل بنحو من التفصيل :

٦٥

١ ـ المحافظة على أموال اليتامى :

وبهذا الصدد يقول تعالى :

( وَآتُوا الْيَتَامَىٰ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَىٰ أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا ) (١).

ايتاء اليتامى أمولهم يكون بالصرف عليهم من ذلك المال في حالة الصغر ، وأما في حال البلوغ وإستئناس الرشد منهم فيتحقق ذلك بتسليمه اليهم كما تتكفل بيانه المرحلة الثانية.

وأول شيء تعرضت له الآية الكريمة هو ترك عملية تبديل أموال اليتامى حيث كان ذلك سائداً عندهم فقد نقل أئمة التفسير أن بعض الاوصياء كانوا يأخذون الجيد من مال اليتيم ، والغالي منه ، ويبدلونه بالرديء لذلك جاءت الآية الكريمة لتنهي عن هذه التجاوزات غير المشروعة بتبديل أموال هذه المجموعات من الصغار الضعفاء.

وتستمر الآيات الكريمة لتعالج جميع الحالات التي كان التجاوز فيها حاصلاً فيما بينهم على أموال الضعفاء من الايتام فتشمل ما هو أعظم من التبديل ، ذلك هو التجاوز على أصل المال حيث كان الفرد إذا أمن العقوبة يضم مال اليتيم إلى ماله فيتصرف بالجميع ، ويترك هذا المسكين يقاسي متاعب هذه الحياة الكالحة ، وقد جمع بهذا التجاوز على اليتيم إضافة إلى مشكلة يتمه ، مشكلة الفقر.

لذلك وقف القرآن وهو يصرخ في وجوه هؤلاء الأولياء المتجاوزين ويحذرهم مغبة هذا التعدي الوقح فقال سبحانه :

__________________

(١) سورة النساء : آية (٢).

٦٦

( وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَىٰ أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا ).

إثم عظيم يقترفه الانسان بضم مال اليتيم إلى ماله ليجحف به ويوصل الضرر إليه.

وتتوالى الصرخات التحذيرية من القرآن الكريم ناهية عن هذا النوع من التجاوز غير المشروع.

( إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ) (١).

تصوير مرعب تطالعنا به الآية المباركة حيث صورت الفرد منا والنار تستعر في جوفه فيعلم أهل الموقف أن ذلك جزاء من أكل مال اليتيم ومن وراء ذلك جهنم سيصلاه مخلداً فيها.

وقد روي عن الامام الباقر ( عليه السلام ) أنه قال :

قال رسول الله (ص) : يبعث اناس من قبورهم يوم القيامة تأجج أفواهم ناراً فقيل له من هؤلاء فقرأ هذه الآية.

وجاء في كتب التفسير أن هذه الآية لما نزلت وكذلك قوله تعالى : ( وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) (٢) بادر كل من عنده مال ليتيم فعزل طعامه وشرابه واجتنبوا أمورهم نظراً لما في هذا التحذير من عقاب صارم ينتظر آكل مال اليتيم.

وطبيعي أن يوجب هذا الوضع التشويش ، والاضطراب في قلوب المسلمين لأن ذلك مما يوجب تنفير هذه الفئة الضعيفة منهم

__________________

(١) سورة النساء آية (١٠).

(٢) سورة الانعام : آية (١٥٢).

٦٧

وليس ذلك في صلاح هؤلاء الاطفال لذلك قصدوا للسؤال من النبي (ص) عن أمر اليتامى ومخالطتهم وفيهم من لا يمكن تركه.

فجاءت الآية الكريمة لتخفف عنهم هذه الشدة ، وتصحح لهم المفهوم الخاطيء الذي تصوروه في ذلك فتسهل عليهم معاشرتهم.

( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَىٰ قُلْ إِصْلاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ ) (١).

وكان الجواب صريحاً في الطريق الذي لا بد لهم من سلوكه مع الأيتام فلا داعي لهذا التجنب ولا داعي لهذه الهوة التي أحدثوها فيما بينهم فكلما فيه صلاح اليتيم لا بد من رعايته وإذا كانت هناك مصلحة في مخالطتهم والتعايش معهم فهم اخوانكم ، والمخالطة مع الاخوان مما يؤكد عرى المحبة.

والاصلاح في الآية مطلق لا يقتصر على جهة معينة بل يشمل كل صور الاصلاح لأموالهم باستثمارها ، وتنحيتها ، والعمل بها في ميادين التجارة والكسب لتوفر على اليتيم ربحاً وفيراً في ماله.

وفي الوقت نفسه تشمل اصلاح اليتيم مع بقية نواحيه ولو كانت غير مالية كالتربية ، والتهذيب إذ أن الآية الكريمة تريد أن يكون اليتيم في نظر الآخرين كالاخ الصغير حيث يختضنه الأخ الكبير ، ويحوطه بعنايته فهو يقوم برعايته من النواحي المالية ، والاخلاقية ، ويخالطه ، ويعاشره بنحو لا يكون في البين طمع من الكبير في أموال الصغير ، بل رعايته ، وتوجيهه بحسن نية ، واخلاص ممزوجين بعطف أخوي.

ولم تقتصر الآيات الكريمة في مقام التهديد على النهي عن

__________________

(١) سورة البقرة : آية (٢٢٠).

٦٨

التجاوز ، وأكل مال اليتيم ، والتوعيد بالعذاب الاخروي بل سلكت طريقاً آخر مستوحىً من الواقع الحياتي الذي يعيشه الفرد في كل يوم.

إن هذه الطريقة الجديدة تتمثل في تنبيه المتجاوزين بإنهم لو ظلموا اليتامى ، وتجاوزوا على حقوقهم ، فليحذروا أن يكون جزاؤهم نفس ما عملوه مع اليتيم ، ولينتظروا يوماً يعامل فيه أيتامهم بنفس الطريقة التي أساؤوا بها إلى أيتام الآخرين.

قال تعالى :

( وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا ) (١).

وقد جاء عن الامام الصادق (ع) قوله :

« إن أكل مال اليتيم يخلفه وبال ذلك في الدنيا ، والآخرة. أما في الدنيا : فان الله تعالى يقول : ( وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ ). وأما في الآخرة فان الله عز وجل يقول : ( إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ) (٢).

إذاً فلرعاية الايتام أثار وضعية دنيوية ، وللإِساءة اليهم مثلها إذ كل شخص في هذه الحياة عرضة إلى الموت وأبنائه معرضون إلى اليتم في كل لحظة ، فليتق الله في الأيتام ليتق غيره في أيتامه.

وبالعكس ، فرعايتهم ، والأخذ بأيديهم له الأثار الوضعية أيضاً

__________________

(١) سورة النساء : آية (٩).

(٢) وسائل الشيعة : ١٢ / ١٨١ حديث (٤) الطبعة الجديدة.

٦٩

فالله لا ينسى تلك الأيادي البيضاء على هؤلاء المقطوعين الذين لف كفيلهم رداء الموت.

وقد عرض القرآن الكريم نماذج من هذا النحو من الرعاية المتقابلة فقال تعالى :

( وَأَمَّا الجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي المَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ) (١).

لقد حفظ الله ، ورعى لاب هذين اليتيمين جزاء صلاحه يتيميه فقيظ لهما من بنىٰ لهما الجدار الذي ذخر الكنز لهما تحته ريثما يبلغا أشدهما ، ويستخرجا كنزهما كل ذلك رحمة من ربك ، ومعاملة حسنة بالمقايضة ، والمقابلة.

حقوق الأولياء والأوصياء :

لم تقف الشريعة المقدسة في أثناء مرحلة ولاية الولي على اليتيم في وجه الولي لتمنعه من تناول شيء من المال جزاء أتعابه ، ورعايته في هذه المدة ، بل سمحت له بذلك إلا أنها قيدته بما يقتضيه الحال لرعاية حال اليتيم الذي يكون في الغالب محتاجاً إلى ما يدخر له من مال.

تقول الآية الكريمة موضحة الخط الذي يليق بالولي أن يسلكه في هذا الحال.

( وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالمَعْرُوفِ ).

جاء ذلك بعد قوله تعالى :

__________________

(١) سورة الكهف : آية (٨٢).

٧٠

( وَابْتَلُوا الْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا ) (١).

لقد بدى واضحاً من الآية الكريمة أنها صنفت الاولياء إلى قسمين :

١ ـ ولي غني له من المال ما يكف نفسه عن تناول شيء من أموال اليتيم.

٢ ـ وولي فقير قد يضر بحاله المالي أن ينشغل بادارة الشؤون المالية لليتيم لذلك نجده يصبو إلى أخذ شيء من المال لقاء ما يقدمه له من رعاية ، ومحافظة.

١ ـ الولي الغني : وقد خاطبت الآية هذا النوع من الاولياء بقوله تعالى : ( فَلْيَسْتَعْفِفْ ).

والإِستعفاف في اللغة هو : الامتناع عن الشيء. والإِمساك عنه ، فهي إذا تخاطب الأغنياء بترك أموال اليتامى وعدم أكلها لا قليلاً ، ولا كثيراً فلماذا هذا الجشع ، والغني قد أعطاه الله من المال ما كفاه عن التطلع إلى هؤلاء الضعفاء ؟ وكيف تتم حلقة التكافل الاجتماعي ، والتضامن ما دام الغني يلاحق هؤلاء الصغار الذين فقدوا من يكفلهم ليضيف إلى مخزونه المالي ما يتقاضاه لقاء عمله لرعاية الايتام ؟.

وأين إذاًَ النوايا الحسنة ، والضمير النابض ليستيقظ فيتجه الغني إلى ربه مبتغياً وجهه سبحانه فيما يقدمه من خدمة ، ورعاية ربما يكون هو في مستقبل الأيام محتاجاً لمثل هذه الرعاية من

__________________

(١) سورة النساء : آية (٦).

٧١

الآخرين لو اختطفه الموت ، وخلف أيتاماً كهؤلاء الذين تولى هو أمرهم ، ورعايتهم ؟.

( وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا ) (١).

٢ ـ الولي الفقير : أما إذا كان الولي فقيرا فقد خاطبته الآية الكريمة بقوله تعالى : ( فَلْيَأْكُلْ بِالمَعْرُوفِ ).

وقد روعيت ظروف الفقير في هذه الحالة ، فان الاشتغال بهذه الرعاية المالية يوجب انشغال الفقير عن كسبه ، أو لا أقل من توزيع جهوده بين كسبه ، ورعاية اليتيم المالية لذلك سمحت له الاكل ، وهو كناية عن تناوله من مال اليتيم قدر الحاجة والكفاية على بعض التفاسير مع تقييد كون هذا الأخذ على نحو الفرض حيث لا بد من رده إذا تمكن بعد ذلك مالياً ، أو الأخذ على قدر ما يسد به جوعته ، وليستر به عورته لكن لا على جهة القرض بل على جهة تملك المأخوذ لقاء عمله ، ورعايته كما جاء في بعض التفاسير الأخرى.

وليكن هذا أو ذاك ، فالولي إذا كان فقيراً مقيد ، ومضيق عليه في تناول ما يشاء من مال المولى عليه.

( إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ) (٢).

والتعدي عن المقدار اللازم في الاخذ من مال اليتيم هو أكل ذلك المال ظلماً ، وتجاوزاً وهو مهدد عليه بنص الآية الكريمة.

__________________

(١) سورة النساء : آية (٩).

(٢) سورة النساء : آية (١٠).

٧٢

وأخيراً فرفقاً بهؤلاء الصغار الذين تقتضي الرحمة الانسانية ان يحافظ على ماله إلى الوقت الذي يسلم إليه ليتمكن من مواجهة هذه الحياة بظروفها القاسية.

التجارة بمال اليتيم :

ونقصد بالتجارة بمال اليتيم كل تصرف يعود بالنفع عليه تجارة ، أو زراعة ، أو تنمية من قبل الجد ، أو الوصي من قبل الأب ، أو الحاكم الشرعي ، أو الاولياء المنصوبين من قبله ، وهكذا حيث تصل النوبة إلى عدول المؤمنين.

ولم تحدد الآية الكريمة في قوله تعالى :

( وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) (١).

أبعاد هذا التصرف ، بل نهت عن التقرب إليه إلا على النحو الاحسن.

وقد ذكر الفقهاء للقرب المذكور في الآية معاني عديدة ، وكذلك النحو الاحسن ذكروا له معاني عديدة أيضاً.

ومن مجموع ما ذكروه نخرج بالنتيجة التالية :

أن الأدلة الواردة في رعاية اليتيم ، والاحسان إليه ثبت فيها أنه إذا كان الترك للتصرف بمال اليتيم مفسدة حرم ذلك لانه إتلاف له ، وإفساده ، وهذا ما لا يريده الشارع المقدس.

وأما لو لم يكن في ترك التصرف مفسدة ، بل كان التصرف فيه

__________________

(١) سورة الاسراء : آية (٣٤).

٧٣

مصلحة فقد صرحت الآية الكريمة بسلوك الطريق الاحسن في مثل ذلك التصرف ، وقد جاء ذلك بصورة النهي إلى جميع المعنيين بشؤون اليتيم ، ورعايته أن يقربوا ، وهو كناية عن التصرف ـ لمال اليتيم إلا بالشيء الذي يصدق عليه التصرف الاحسن ، ويكون ذلك بحفظه ، وتثميره ، والانفاق عليه بالمعروف على ما لا يشك أنه أصلح له ، فأما لغير ذلك فلا يجوز لأحد التصرف فيه.

وإنما خص اليتيم بذلك ، وان كان التصرف في مال البالغ بغير إذنه لا يجوز أيضاً مما هي خصوصية اليتيم.

والجواب عن ذلك : أن اليتيم إلى هذه الرعاية أحوج والطمع في مثله أكثر (١) لذلك جاءت الآية الكريمة تحفظ حقه في التأكيد على ما هو أصلح له عند التصرف بماله.

ونقف أخيراً أمام السؤال الذي يفرض نفسه علينا ، ونحن نرى الآية الكريمة تجيز التصرف بالنحو الاحسن بأنه : لو دار الامر بين الأصلح ، والمصلحة ، ويمثل لذلك ، بما إذا كان يباع هذا المال في مكان بعشرة دنانير ، ولكنه يباع بعشرين دينار بمكان قريب من ذلك المكان ، ففي هذه الصورة يعد بيعه في المكان الأول ـ مع إمكان بيعه في المكان الثاني ـ إفساداً للمال ، ولو ارتكبه عاقل عد سفيهاً ليست لديه ملكة إصلاح المال ، وتثميره (٢).

وإذاً فلا بد من رعاية الاصلح إن لم يكن ذلك موجباً لادخال الضرر على من يتصدى للتصرف بمال اليتيم.

__________________

(١) التبيان في تفسير القرآن في تفسيره لآية (٣٤) من سورة الاسراء.

(٢) مكاسب الشيخ الانصاري بحث الولاية.

٧٤

وقد استدل الفقهاء على هذه الرعاية ، وعدم جواز الاخذ بالمصلحة في مورد يمكن الاخذ بالاصلح بعدة أدلّة :

الأول :

أن الولي بحسب وضعه الاولي منصوب لرعاية مصلحة الصغير ، وإذا كان هذا الملاك ، فرعاية الاصلح مقدمة على المصلحة لان ذلك من مقتضيات نصب الولي ـ كما عرفت ـ.

الثاني :

أننا نشك عند بيع مال اليتيم بالاقل رعاية للمصلحة ، وعدم البيع بالأكثر رعاية للاصلح بأن المال انتقل من ملك اليتيم إلى المشتري بدون وجود الاصلحية ففي هذه الصورة استصحاب ملكية اليتيم يحكم ببقائه ، وعدم إنتقاله أما لو راعى الولي حالة الاصلحية فان الاستصحاب لا يبقى مجال لجريانه كما هو واضح.

وهناك أدلة أخرى تعرضت لها الموسوعات الفقهية ، كما وقد ذكر من يكتفي بمجرد وجود المصلحة أدلة اعتمد عليها ، ودلل فيها على عدم لزوم تكليف الولي برعاية الاصلح ما دام عنوان المصلحة متحققاً في التصرف بمال اليتيم. وليس بالإِمكان التعرض لكل هذه الاراء ، والأدلة وملاحظة جميع ما ورد في هذا الموضوع. بل المهم أن نستفيد من وراء ما نقلناه أن رعاية اليتيم لا تقتصر على حفظ ماله ، وإيداعه إلى ان يصل إلى حد البلوغ ليسلم إليه بل لا بد من تثميره ، وتنميته رعاية لحق اليتامى ، واشعاراً لهم بأن القدر لو اختطف منهم اليد الحانية فقد عوضهم الله بمن يعطف عليهم لينسيهم مرارة الوحدة ، وذل اليتيم.

١ ـ تسليم أموال اليتامى :

أما من ناحية تسليم أموال اليتامى فقد حدد الشارع المقدس لذلك وقتاً خاصاً يكون بإمكان الولي ، أو الوحي التخلي عن هذه المسؤولية الملقاة على عواتقهم بدفع أموال اليتامى إليهم.

٧٥

قال عز وجل :

( وَابْتَلُوا الْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُوا وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالمَعْرُوفِ ) (١).

وقال سبحانه :

( وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ ) (٢).

وقال تعالى :

( وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ) (٣).

خطوط المراحل النهائية للمحافظة على مال اليتيم حددتها الآيات الكريمة فبدى من خلالها لزوم شرطين أساسيين لتحقق هذه المرحلة الإِنتقالية ، وهما :

١ ـ البلوغ.

٢ ـ الرشد.

بلوغ النكاح : وهو كناية عن وصول الطفل إلى مرحلة النضوج البدني فيشهي بذلك النكاح والذي هو تعبير عن قدرة الطفل على ممارسة العملية الجنسية.

والرشد : وهو النضوج العقلي عند الانسان.

__________________

(١) سورة النساء : آية (٦).

(٢) سورة الانعام : آية (١٥٢).

(٣) سورة الاسراء : آية (٣٤).

٧٦

وبحصول هذين يكون اليتيم ناضجاً ، وقادراً على إدارة شؤونه والتصرف بأمواله بنفسه على النحو الذي يقوم به كل شخصٍ كامل .. على أن الفقهاء قد إستفادوا من الآيات الكريمة المذكورة الارتباط بين هذين الشرطين فلم يقولوا بدفع المال إلى اليتيم بمجرد وصوله إلى حد البلوغ فقط ، أو حصول الرشد لوحده دون البلوغ إذ لربما يصل الانسان إلى حد يتجاوز بها السن المقررة شرعاً في البلوغ ، ولكنه بعد لا يستطيع من القيام بأعباء المسؤولية المالية.

لقد لاحظ الشارع المقدس ، ومن خلال الآيات الكريمة أن رفع الولاية عن الصبي يتيماً كان ، أو ذا أبٍ يتمتع بالحياة لا بد له من المقدرتين البدنية ، والعقلية.

فلا فائدة في طفل اكتملت رجولته البدنية بالوصول إلى مرحلة من العمر ، وهو على أبواب الشباب بتخطيه الخامسة عشرة ما لم يكتمل نضوجه العقلي حيث تصبح لديه القدرة الكافية لتمييز مضاره من منافعه ، وما يصلح له مما يفسده وقد جعل المشرع لكلٍ من هاتين المرحلتين علامة تشعر بتحققها ، وإكتمالها.

البلوغ .. علاماته :

وقد ذكر الفقهاء للبلوغ أسباباً خمسة :

ثلاثة يشترك فيها الذكور ، والإِناث.

واثنان تختص بالإِناث.

أسباب البلوغ المشتركة :

أما الاسباب المشتركة فهي :

١ ـ الإِنبات للشعر الخشن على العانة.

٧٧

٢ ـ السن.

٣ ـ الاحتلام.

أسباب البلوغ المختصة :

وهي كما قلنا مختصة بالنساء وقد قررت كما يلي :

١ ـ الحيض.

٢ ـ الحمل.

ومن الاجمال الى التفصيل. ونبدأ ببيان الاسباب المشتركة للبلوغ وهي كما قلنا :

١ ـ الانبات :

وفي اللغة : أنبتت الارض إذا أخرجت نباتها ، وبقلها. وأنبت الغلام : إذا بلغ مبلغ الرجال (١).

ويراد بالإِنبات : في مصطلح الفقهاء : نبات الشعر على العانة للرجل ، والمرأة.

وأما لعانة : فيقول عنها اللغويون.

وعانة الإِنسان إسبه : الشعر النابت على فرجه.

وقيل : هي منبت الشعر هناك (٢).

وليس للفقهاء مصطلح خاص يختلف عما ذهب إليه اللغويون. بالنسبه إلى العانة بل يقول الجميع بنفس المقالة المذكورة.

__________________

(١ ، ٢) لسان العرب : مادة ( نبت ، وعون ).

٧٨

الإِنبات موضعه :

لا شك أن خروج الشعر حول ذكر الرجل ، وفرج المرأة في القبل هو مورد قبول الفقهاء من جميع المذاهب الاسلامية ـ عدا المذهب الحنفي ـ لانهم لا يقولون بأن الانبات علامة من علامات البلوغ ليبحث عن موضع ذلك أين يكون.

وأما وجود الشعر على غير العانة من بدن الانسان ، فقد وقع الخلاف فيه ، فذهب معظم الفقهاء إلى عدم إعتباره دليلاً على البلوغ ، ومن موارده الإِنبات في الوجه في اللحية ، والشارب ، وفي الإِبط أيضاً.

وإذاً فبحصول الإنبات على العانة يكون الصبي قد أحرز أحد الشرطين في عملية إنتهاء دور الصبا ، وتسلم ما له من المال عند الغير.

الإِنبات صفته :

الشعر الذي ينبت على العانة ، ويكون علامة على بلوغ الصبي ، وانهائه دور اليتم قيده الفقهاء بكونه « خشناً » وفي مقام توضيحه يعبرون عن مقدار الخشونة بقولهم :

« بحيث يحتاج إلى الحلق بالموسى ، أو غيره في مقام إزالته ».

ولهذا صرحوا بعدم الاعتبار بالزغب ، أو الشعر الضعيف وقد عرف الزغب بأنه : صغار الشعر ، ولينه ، أو هو أول ما يبدو من الشعر.

وأما الضعيف : فهو الشعر الذي يلي هذه المرحلة فينبت قبل الخشونة ، ولذلك بالامكان تقسيم الشعر في مراحله إلى هذه الادوار الثلاثة : زغب ، وضعيف ، وخشن.

٧٩

غير الانبات من العلامات الجسدية :

ينفرد فقهاء المالكية بذكر بعض العلامات الأخرى غير الإِنبات حيث اعتبروها دليلاً على البلوغ.

وقد ذكروا تلك العلامات على ما يلي :

١ ـ فرق أرنبة المارن : والمارن هو الانف ، وقيل هو طرفه ، وقيل ما لان من الأنف.

٢ ـ نتونة رائحة الابط.

٣ ـ بروز الشعر في الابط.

٤ ـ نهود الثدي.

٥ ـ غلظ الصوت.

وغير هذه من العلامات التي يستدل بها على أن وجودها معناه تبدل أعضاء البدن ، وإنتقاله من مرحلة الطفولة إلى مرحلة نضوج البدن ، وبلوغه السن الذي يكون الطفل قد أهل إلى تحمل التكاليف الشرعية.

ولكن بقية الفقهاء من بقية المذاهب لم يعتبروا هذه العلامات التي تفتقر في مقام تقييمها إلى الدليل الشرعي. وأما مجرد الغالبية لحصول هذه العلامات مع البلوغ ، وحصولها بحسب العادة في مثل هذه السن فهذا مما لا يكون دليلاً يجعل هذه العلامات كعلامة ( الإِنبات ) على البلوغ حيث صرحت الادلة بأنه علامة من علامات البلوغ المشتركة بين الذكور والاناث.

٢ ـ البلوغ بالسن :

تقرر كافة المذاهب الإِسلامية ( عدى المالكية ) بأن وصول الصبي

٨٠