الفقه والمسائل الطبيّة

الشيخ محمد آصف المحسني

الفقه والمسائل الطبيّة

المؤلف:

الشيخ محمد آصف المحسني


الموضوع : الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: ياران
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٤٣

المسألة السابعة

حكم المنع من الحمل

للمنع من الحمل طرق مختلفة إليك بيان جملة منها مع حكمها الشرعي :

١ ـ الاخصاء ، ويمكن ان نستدل على حرمته بأنه اضرار مهم بالنفس ، وهو محرم ، فلاحظ ويحرم الاضرار بالغير مطققاُ. نعم في معتبره يونس بن يعقوب قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الاخصاء فلم يجبني ، فسألت أبا الحسن عليه السلام قال : لا بأس به (١).

فيفهم منه أن إخصاء الغير مع رضائه جائز ، لكن حمله صاحب الوسائل (٢) على إخصاء الحيوان ، ويؤكده رواية قرب الإسناد عن يونس عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته عن إخصاء الغنم قال : لا بأس به (٣).

أقول : والله العالم.

٢ ـ العزل ، وتدل أحاديثنا على جوازه ـ ولو على كراهة ـ ، ففي صحيح ابن مسلم قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن العزل فقال : ذلك الى الرجل يصرفه حيث يشاء. وفي صحيح آخر له ـ بنظر المشهور ـ ... أما الحرة فإني أكره ذلك إلا أن يشترط عليها حيث يتزوجها (٤).

__________________

(١) ص ٣٤١ ج ٣ الفقيه وص ٥٢٢ ج ١١ الوسائل نسخة الكومبيوتر.

(٢) المصدر.

(٣) ص ٥٢٣ ج ١١ الوسائل وفي الجواهر ( ص ١٩٢ ج ٣٤ ) حول بحث التنكيل بعد نقل الحديث : ويتفرع على ذلك انعتاق الخصيتان على مواليهم الذين يفعلون بهم ذلك فلا يصح شراؤهم لمن يعلم بالحال.

(٤) لاحظ الاحاديث في ص ٢١٢ وما بعدها ج ٢٠ جامع أحاديث الشيعة.

٨١

٣ ـ أكل الحبوبات الرائجة. وهو أيضاً جائز بعذر أو بدون عذر ، لاصالة الحلية أو أصالة البراءة ، ولا فرق في جواز أكله بين الزوج والزوجة. وأما إذا استلزم ضرراً فإن كان جزئياً فهو غير حرام ، وان فرض مهماً فلا يجوز أكلها من هذه الجهة.

٤ ـ ٥ ـ جعل الشيء في الرحم أو في الآلة الذكورية أو عليها أو في الجهاز التناسلي للمرأة يمنع عن الحمل مؤقتاً ، وهو أيضاً جائز عملاً بإصالة البراءة ، نعم يحرم من أجل نظر الاجنبي أو الاجنبية إلى العورة ومسها وكذا نظر الاجنبي إلى بدن المرأة ، فإن كان منع الحمل واجباً شرعياً لضرر على صحة المرأة أو حياتها فلا مانع من النظر ومس العورة أو بدن الاجنبية أو الاجنبي على الاجنبية ، فإن حرمتها ترتفع كما عرفت فيما سبق ، وإن لم يكن واجباً فلا يجوز لعدم رفع الحرمة الشرعية لمجرد الراحة عن مشقة الحمل ، فافهم جيداً. واما إذا كان الحمل أو الولادة حرجية لها لجهات زائداً على ما هو المتعارف فلا يبعد القول بجوازها.

٦ ـ ٧ ـ جعل الشيء في بدن المرأة أو الرجل ليمنع من الحمل دائماً ، فان استلزم حراماً آخر من النظر واللمس فلا يجوز لغيره ضرورة أو حرج ، وان لم يستلزم فقد حرمه بعض فقهائنا ، ولعله لحرمة الاضرار بالنفس ، لكنها ممنوعة. ولم أفت للسائلين لحد الآن بجوازه ، ورأيت بعض المراجع حديثاً أفتى بجوازه ، وهذا الفرض هو ما يسمى عند الأطباء بمنع الحمل الجراحي.

تنبيه : الامساك عن الحمل والولادة بغير عذر ، مرجوح ، ففي صحيح محمد بن مسلم (١) عن الصادق عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله تزوجوا بكراً

__________________

(١) ص ٥٨ نفس المصدر ولاحظ أقوال المذاهب كلها في ص ٣٨٣ وما بعدها من الانجاب في ضوء الاسلام.

٨٢

ولوداً ولا تزوجوا حسناء جميلة عاقراً فإني أُباهي بكم الامم يوم القيامة.

ثم إن منع الحمل بلحاظ غايته قد يكون واجباً وقد يكون حراماً وقد يكون مباحاً أو راجحاً أو مرجوحاً ، واليك بعض أقسامه :

١ ـ يجب منع الحمل على الاُم إذا كان الحمل أو الولادة خطراً على حياتها أو على صحتها إلى حد كبير.

٢ ـ منع الحمل لاجل الانفجار السكاني كما هو مورد البحث في كثير من الدول إما واجب واما راجح والحكم فيه راجح إلى الحاكم الشرعي بعد الاحاطة الكاملة بالقضية وحسن تشخيص الموضوع.

٣ ـ منع الحمل لعلم الطبيب بان الولد سيكون مجنوناً أو مشوهاً جداً ، راجح ، ولا دليل على وجوبه.

٤ ـ منع الحمل بداع عصبية دينية بحيث تتحول الاقليات غير المسلمة إلى أغلبيات أو الاغلبيات المسلمة الى أقليات.

وقد حكى طبيب مسلم انه زار مركزاً طبياً في اسيوط من بلاد مصر حيث إن التعداد العام فيه ٥٠ بالمئة مسلمين و ٥٠ بالمئة مسيحيين فهاله بعد رؤية السجلات أن جميع المعقمات كن مسلمات وأن الطائفة الاُخرى لديها أوامرها بالتكاثر والنماء.

أقول : وفي المورد ونظائره يمكن للحاكم الشرعي الحكم بتحريم منع الحمل رغماً للحكومات الخائنة الفاسقة في البلاد الاسلامية.

ثم إنك عرفت أنه لولا جهة ملزمة فعلا وتركاً كان منع الحمل في حد نفسه مرجوحاً للحديث المذكور.

٨٣

توضيح طبي حول التعقيم

التعقيم عملية جراحية لا يتناول الشهية الى الجنس ، أو القدرة عليه ، ولا يعطل إلا القدرة على الانجاب.

للرجل قناتان ملويتان وبالعملية تسدان ، وللمرأة قناتا فالوب ، وباغلاقهما يحصل التعقيم. وأما رفع التعقيم بفتح القناتين في الرجل والمرأة فلا ينجح دائماً المائة في المائة وربما يبقى الرجل أو المرأة عقيماً أبداً.

ثم التعقيم قد يكون بربط الأنابيب وقد يكون بقطعها أو بطرق مختلفة يركب عليها حلقة من المطاط ، وربما يحصل بإزالة رحم المرأة ويشبهه طبيب مسلم بقتل الذبابة بالرصاص!

ويقول طبيب آخر : إذا كان اللولب يسبب لها نزيفاً والحبوب يخشى منها أنها تخثر الدم فهناك وسائل أخرى ، مثل بعض الأشياء التي توضع محلياً في المهبل ، واذ وقعت عليها الحيوانات المحلية قتلت الحيوانات المنوية ، فاذا وضع لها عازل داخل المهبل وزوجها ليس عازلا نسميه الكبود ، ووضعنا في المهبل بعض هذه الأدوية التي تقتل الحيوانات المنوية فيكون فيه ثلاثة خطوط دفاع ، أظن انها في مجموعها يعادل الحبوب وزيادة.

أقول : المشكلة الشرعية في هذه المسألة المبتلى بها اليوم هي النظر الى العورة ومسها ، سواء كانا من الطبيب أو الطبيبة ، فإنهما محرمان ، وكذا نظر الطبيب الاجنبي إلى بدن المرأة ، ولا ترتفع الحرمة بمجرد عدم ارادة الزوجين عدم الانجاب ومنع الحمل ما لم يكن الحمل ـ لعلة من العلل ـ حرجياً وضررياً.

٨٤

المسألة الثامنة

أطفال الأنابيب

مقدمة في تعريف عدم الخصوبة والإنجاب وسببه :

وهو عدم القدرة على الحمل لمدة سنة على الأقل مع الاتصال المنتظم بين الرجل وزوجته ، وسبب عدم الانجاب يشترك فيه الرجل والمرأة ، حيث أن الرجل يتسبب في حوالي ٣٠ بالمئة من حالات عدم الانجاب ، والمرأة تسبب في حوالي ٤٠ بالمئة ، وكليهما معاً في حوالي ٣٠ بالمئة (١).

ومن الاسباب الرئسية لعدم الانجاب في المرأة هو انسداد البوقين ، ويحدث ذلك في حدود ٤٠ بالمئة ، ومنذ سنوات بدأت محاولات في التغلب على مشكلة انسداد البوقين في المرأة بطريقين في نفس الزمن :

أولاً عملية طفل الانابيب التي نجحت في ١٩٧٨ في انجلترا.

ثانياً استبدال الانبوبة المسدودة باخرى سليمة وطبيعية ومفتوحة من امرأة أخرى ، وفي عملية النقل التي تستغرق ساعات طويلة يتم تغذية الانبوبة بالمحاليل بواسطة الاوعية الدموية التي تتصل بها وتغذيها (٢).

إذا عرفت هذا فإليك ما ذكره بعض الاطباء :

__________________

(١) لا اعتماد على هذه الاحصائيات غالباً فانها في مكان الى مكان آخر ومن زمان الى زمان آخر بل من شخص الى شخص آخر وفي نفس المسألة ادعى بعض المؤلفين ما يغاير هذا الاحصاء.

(٢) لاحظ ص ٤٥٣ وص ٤٥٤ وص ٤٥٦ رؤية إسلامية لزراعة بعض الاعضاء البشرية.

٨٥

الحيوان المنوي والبويضة كذراعي المقص كل منهما لا يقص فإذا اشتبكا كان المقص ، وكان مكوناً منهما معاً إذا التحم الحيوان المنوي وبه ٢٣ كروموزوما والبويضة وفيها ٢٣ كروموزوما ، إذ الحيوان يمثل حصة الأب وهي ٢٣ كروموزوما والبويضة تمثل حصة الام وهي ٢٣ كروموزوما ، اذا التحما نتجت خلية واحدة هي ٤٦ كروموزوما ٢٣ منها من الاب و ٢٣ منها من الام ، هذه الخلية الواحدة هي بداية الانسان ، أول دور تكوين الانسان وامام هذه الخلية بعد هذا انها تنقسم إلى ٢ ، ٤ ، ٨ ، ١٦ ، ٣٢ ، ٦٤ ، ١٢٨ ، وهكذا وتبتدئ بالتدريج تكون الخلايا منها كبيرة قليلا وخلايا صغيرة قليلاً وخلايا متوسطة وخلايا طلعت فوق وخلايا نزلت الى تحت بالتدريج. العين لا تلحظ هذا التدرج ، ولكن على مدى شهرين يتكون انسان صغير. من الشهر الثالث هذا الانسان الصغير يكبر ، ولا يتكون فيه شيء جديد بعد ولكن يكبر.

نقل الجنين من رحم امرأة إلى رحم امرأة أخرى :

اذا كنا نقول المرأة يعني انثى الانسان فالاجابة سلبية ، لم يمكن الى الآن نقل جنين من رحم امرأة ، لان انتزاع جنين من رحم امرأة سيميت الجنين قطعاً. ولكن اذا بدا تكون هذا الجنين في الخارج في انبوبة الاختبار وكان هذا الجنين في انبوبة الاختبار من التحام منوي وبويضة من رجل وامراة ، والتحم المنوي والبويضة فتكونت الخلية الوحيدة الواحدة التي بها ٤٦ كروموزوما ، وانقسمت إلى اثنين والاثنين الى اربع ، والاربع الى ثمان ، فالثمانية هذه يمكن أن تودع رحم امراة اخرى ، ولديها فرص ان تعلق ويستمر الحمل حملا عاديا حتى يولد ، وعندما يولد نقول إنه طفل انبوبة الاختبار.

٨٦

ولكن يبقى ان التي ولدته في الحقيقة ، ولكن لان تكونه أي بداية اللقاح بين المني والبويضة كان خارج الجسم في انبوبة الاختبار ، فلذلك يسمونه طفل انبوبة الاختبار.

نقل جنين من انثى إلى انثى امكن في الحيوان ، فيحضر العلماء النعجة وتلقح تلقيحاً صناعياً ، وحالماً تحمل يفتحون بطنها ويشقون الرحم وينسلونه ويستخرجون الاجنة وتوضع في رحم ارنبة ، فيمكن ان تعيش فيها وتسافر الأرنبة ويفتحونها مرة ثانية بعد مدة وياخذون الاجنة ويضعون في نعجة فتعيش فيها. أما في الانسان فلم يمكن ذلك إلى الآن (١).

إذا تقرر ذلك فنرجع الى بيان أقسام الموضوع وبيان أحكامها الشرعية :

( القسم الاول ) : ان يكون طفل الانبوب من الحيوان المنوي للزوج وبييضة الزوجة ، فهذا مما لا إشكال في جوازه ، سواء كانت لنقص في المرأة أو بغير عذر ، نعم المانع هو حرمة النظر والمس كما اشرنا اليه فيما سبق فاذا باشره الزوج مثلا فلا إشكال فيه مطلقا.

لا يقال : الحرمة ترتفع بالضرورة كما سبق وعجز المرأة عن الحمل ضرورة.

فإنا نقول : إن مثل هذه الضرورة لا ترفع الحرمة ولا أقل من كونه مشكلاً.

وعلى كل يلحق الولد بالزوجين وإن كان النقل لأجل حرمة النظر

__________________

(١) ص ٢١٧ الانجاب في ضوء الاسلام. وفي انكاره امكان نقل جنين انسان إلى انسان آخر نظر ولا بد من الانتظار الى المستقبل وليس من حق العلم والطبيب البحث عن عدم الامكان.

٨٧

والمس محرماً ضرورة عدم تأثير هذه المحرمة في صحة انتساب الولد الى والديه.

وما حكي عن الشافعية بأنه لو قذف رجل منيه إلى الخارج بعميلة محرمة ( كالاستمناء ) ثم أخذ هذا المني فوضعه في رحم امرأته ، أنهم يرفضون هذا النسب ، ضعيف إلى الغاية فلا يلتفت اليه.

( القسم الثاني ) : إلتحام الحيوان المنوي مع بيضة امرأة اجنبية ثم نقلها من الانبوبة إلى رحمها.

أقول : نفس عملية الالتحام ليست بمحرمة ولم يستشكل أحد في المراحيض المشتركة بين الاجانب والاجنبيات ، كما انه لا إشكال في بنك الدم وبنك المني المشتركين من جهة الاختلاط. نعم هنا بحث فقهي آخر في الاعضاء المبانة من الانسان من جهة جواز النظر اليها ومسها للجنس المخالف الاجنبي حتى في مثل شعر المرأة المنفصل عنها ومن جهة وجوب الغسل بمس القطعة المبانة من الميت ، فلاحظ العروة الوثقى والمستمسك وحدود الشريعة.

واما نقل هذه النطفة إلى رحم الاجنبية ( غير الزوجة ) فهو غير جائز ، لكنه لا لأجل صدق الزنا فإنه منتف في الفرض جزماً ودعوى كونه زنا صراح ، غلط فاحش ، بل لفهم ذلك من بناء الشرع ولو من ارتكاز المشترعة وللنص الوارد المذكور في المسألة التاسعة الأتية.

ويمكن ان نستدل على حرمة العملية ( ادخال مني الاجنبي في رحم امرأة بقوله تعالى : ( والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم ...

٨٨

فمن ابتغى وراء ذلك فاولئك هم العادون ) (١). بناءً على عدم الفرق في حفظ الفرج بين الرجال والنساء ، وحفظ الفرج مطلق يشمل حفظه عن فرج الاخر ومنيه.

وكذا قوله تعالى : ( والحافظين فروجهم والحافظات ) (٢).

لكن في الاستدلال بالآيتين بحثاً ، لاحتمال انصرافهما إلى خصوص الزنا ، لعدم تعارف نقل المني من غير عمل الزنا في تلك الاعصار حتى نادراً. على أن الاية الثانية (الاحزاب ٣٥) لا تدل على الوجوب ، إلا أن يدعى أنه معلوم من الخارج وأن حفظ الفرج محكوم بالوجوب دائماً. ومنه يظهر الاشكال في الاستدلال على المقام ( حرمة نقل ماء الرجل الى رحم الأجنبية ) بقوله تعالى : ( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ) (٣). على أن الصحيح أبي بصير (٤) يدل على ان المراد من الحفظ في الآية هو حفظها عن النظر فقط ، ففيه قال الصادق عليه السلام : كل آية في القرآن في ذكر الفرج فهي من الزنا إلا هذه الاية فإنها من النظر. وقريب منه رواية أبي عمر الزبيدي (٥).

ولكن الثانية ضعيفة سنداً ، واما الاولى وإن كان سندها صحيحاً لكن مصدره ـ وهو تفسير القمي ـ لم يصل نسخته إلى صاحب الوسائل والبحار بطريق معتبر ، فيشكل الاعتماد على رواياته وذكرنا بحثه في محله.

فالعمدة هو ارتكاز المتشرعة وما يأتي من الحديث في حرمة

__________________

(١) المؤمنون آية ٥.

(٢) الاحزاب آية ٣٥.

(٣) النور آية ٣٠.

(٤) ص ١٠١ ج ٢ تفسير القمي وص ١٣٠ ج ٣ تفسير البرهان.

(٥) ص ١٦٦ ج ١٥ الوسائل نسخة الكومپيوتر.

٨٩

العملية.

وان استلزمت النظر إلى فرج المرأة ولمسها فهما محرمان أخران فتكون العملية محرمة بثلاث حرمات.

والاعتذار بأن زوج مثل هذه المرأة عقيم ، باطل فإنه لا يعد ضرورة تباح لاجله المحرمات ، وإلا لأباح الزنا في الاعصار المتقدمة التي لم ينجح الطب إلى هذا الحد فتأمل.

وأما الحكم الوضعي (١) فبالنسبة إلى الامومة يكون الاظهر صحة النسب وأن الولد ولدها فإنها صاحبة البويضة وهي الحامل وهي الوالدة فيترتب عليهما جميع أحكام الولد والام ، سوى الميراث ، اذ قد يتوهم انه لا يرث ، ولا يورث على مذهبنا من عدم إرث ولد الزنا وايراثه ، لكنه توهم خاطيء ، إذ لا يمكن إحرازهما غالباً ولا يحصل العلم بها ، والمفروض أن عنوان الزنا لا يصدق على المقام جزماً فلا مانع من التوارث.

وأما بالنسبة إلى الابوة ، فإن اشتبه الحال بين استناد الولد إلى الزوج

__________________

(١) الاعتبار الشرعي ان كان فيه بعث او زجر فهو المسمى بالحكم التكليفي كالوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة وان لم يكن فيه بعث وزجر فهو الحكم الوضعي كالجزئية والشرطية والسببية والضمان والصحة والبطلان والابوة والامومة والاخوة والولدية وامثال ذلك وان رتب عليها حكم تكليفي آخر. وهل الحكم الوضعي مجعول مستقل أو هو منتزع من الحكم التكليفي أو فيه تفصيل؟ فيه بحث طويل مذكور في اصول الفقه. وعلى كل ليس المراد بالحكم الوضعي هنا الاحكام العرفية غير الشرعية.

٩٠

الاجنبي فالولد ولد الزوج لقول رسول الله صلى الله عليه وآله : الولد للفراش وللعاهر الحجر (١) ، وإن لم يشتبه الحال بل علم ان الولد من نطفة الانبوبة المفروضة أنها من الاجنبي ـ كما إذا كان الزوج غائباً أو علم عدم قربه منها وان كان حاضراً أو كانت المرأة خلية غير مزوجة ـ فلا مورد هنا للحديث لاختصاصه بفرض الشك كما يأتي في المسألة الآتية. وليس الحديث وارداً فيإلحاق ولد الغير بالزوج ، فإنه ظلم وباطل لا يقبله ارتكاز المتشرعة.

ويمكن أن يقال : إن النطفة إذا لم تستقر في رحم المرأة بعقد صحيح شرعي لا ينسب الولد إلى صاحبها ولا يصح النسب بها ، كما ربما يظهر من كلمات بعض الفقهاء (٢).

لكنها دعوى غير مدللة فإن المتقين أن ولد زنا لا يرث ولا يورث شرعاً ، وأما أنه ليس بولد فهذا لا دليل عليه ، بل هو ولد عرفاً وحقيقةً ، ولم يثبت اصطلاح خاص للشرع في الولد ، فالحق أن الرجل في المقام أب ووالد والولد ولده ويترتب عليهما جميع أحكام الابوة والبنوة حتى الميراث بعد عدم صدق الزنا في المقام.

وبالجملة : لا فرق بين الرجل والمرأة في صدق الوالدين عليهما.

( القسم الثالث ) : نقل البييضة الملقحة ـ سواء كانت من الزوجين كما في القسم الاول أو من غيرهما كما في القسم الثاني إلى الرحم امرأة غير صاحبة البييضة ، سواء كانت مزوجة أو خلية.

وحكمه التكليفي والوضعي يفهم مما ذكرنا في القسم الثاني بلا فرق

__________________

(١) لاحظ ج ١٩ و ٢١ و ٢٦ من الوسائل نسخة الكومپيوتر وسيأتي أيضاً بيان المصادر في المسألة الآتية.

(٢) الفقه لاحظ ص ٢٠٦ ج ٦٤.

٩١

سوى تعيين الام وأن هذا الولد ينسب إلى امرأة ولدته أو إلى صاحبة البييضة ، إذ فيه قولان :

القول الاول : إن اُم الولد هي صاحبة البييضة ، فإن اصل الولد منها وسوف يرث خصائص البييضة ، وصاحبة الرحم لا تعطيه إلا غذاء كالمرضعة ولا تعطيه أي توريث لأي صفة وراثية.

أقول : لا دليل قاطع على عدم تأثير الرحم في حال الجنين وإيراث الخصائص ، فربما يقف الطب غداً أو بعد غد عليه ، بل يقول بعض الاطباء (١) : إن الولد في الحقيقة بصرف النظر عن أصل البويضة ليس فقط نتاج الكروموزمات الوراثية فقد ثبت طبياً الآن ـ وهو الاتجاء الطبي الجديد ـ ان الانسان نتاج العوامل الوراثية وتفاعلها مع البيئة المحيطة ، واشد هذه البيئات التصاقا به هو رحم امه ، فبصرف النظر عن الكروموزومات التي تحمل الشفرة الوراثية ، إلا أن هذا السلوك الوراثي يتأثر بالبيئة ... ، فيمكن ان يكون الطفل يحمل كروموزومات المبيض الاصل الذي استنبط منه ، ولكن وجوده وتكونه وتغيره صحياً وجسمياً ـ وقد يكون والله أعلم نفسياً ـ متأثر بالرحم الذي حمل فيه ...

أقول : لابعد في صحة القول الثاني وأن الام هي الحامل الوالدة استناداً إلى ظاهر آيات قرآنية كقوله تعالى : ( وإذ أنتم أجنة في بطون امهاتكم ) (٢) ، وقوله تعالى : ( حملته امه كرهاً ووضعته كرهاً ) (٣) وقوله تعالى : ( والله أخرجكم من بطون امهاتكم ) (٤) وقوله تعالى : ( إن

__________________

(١) ص ٣٢١ وص ٢٣٢ الانجاب في ضوء الاسلام.

(٢) النجم آية ٣٢.

(٣) الاحقاف آية ١٥.

(٤) النحل آية ٧٨.

٩٢

أمهاتكم إلا اللائي ولدنهم ) (١) ، هذه الاية الأخيرة لمكان حصرها أوضح دلالة من غيرها على المطلوب.

ولعل متوهماً يتوهم أن المراد بالحصر المذكور إنما هو بالنسبة إلى الازواج المظاهرين لا بالنسبة إلى مثل المقام ، لكنه غفل من أن ذلك لا يمنع عن الأخذ باطلاقه الشامل للمقام ، وقد تقرر في محله أن المورد غير مخصص ولا مقيد ، والعبرة بالظهور عند العقلاء.

ولازم ذلك جواز الزواج بين صاحبة البويضة والولد ولا مجال لالحاقها بالمرضعة في التحريم حتى وان تم اركان القياس ، فإنه باطل في فقه الامامية ، نعم الاحتياط الشديد ترك مثل هذا الزواج. كما ان لازم القول الأول جواز الزواج بين الولد والوالدة إذا لم يشرب من لبنها بمقدار معتبر في التحريم ، ودعوى كونها كالمرضعة ، باطلة.

وبقي أمر آخر وهو ان اسقاط مثل هذا الحمل هل يجوز للحامل وكذا لزوجها ـ إذا كانت متزوجة ـ؟

أقول : إذا كانت الحامل غافلة أو نائمة أو مكروهة ومقهورة في انتقال النطفة فلا يبعد لها جواز الاسقاط وكذا لزوجها ، لأن هذا من حقوقهما ، والنص الأتي على حرمة الالقاء منصرف عن هذه الصورة ، ولأنه ضرر وحرج نفسي واهانة لهما. نعم إذا أقدمت المرأة على ذلك عمداً أو عصيانا فيشكل جواز اسقاطه لها وكذا الزوج ، فلاحظ. وهذا الحكم يجري في القسم الثاني أيضاً.

هذا كله قبل ان تلج الروح في الجنين وأما بعده فلا يجوز بحال لما

__________________

(١) المجادلة آية ٢.

٩٣

مرّ.

( القسم الرابع ) : نقل النطفة من الزوجين إلى زوجة اخرى لهذا الزوج بأن تكون احداهما لها مبيض وليس لها رحم مثلا والاخرى لها رحم ولا تعطي بيضة.

أقول : أما الحكم الوضعي فابوة الزوج مما لانقاش فيه كما ان مقتضى ما مر من الاستدلال بظاهر الآيات هو امومة الحامل الوالدة دون صاحبة البويضة ويفهم حكم جميع صور هذا القسم مما سبق ، وإنما الكلام في حكمه التكليفي وأن العمل المذكور جائز أم حرام؟

قد يكون احتمال الحرمة من جهة رجوع هذا العمل إلى المساحقة المحرمة في المعنى ، ولكنه ممنوع جداً.

وقد يكون الادعاء فهم مبغوضية العمل المذكور ـ إي اقرار مني امرأة في رحم امرأة أخرى ـ من مذاق الشرع وان لم يدل دليل لفظي على حرمته ، لكنها إن ثبتت في حد نفسها فهي في المقام غير معلومة ، خصوصاً إذا فرضنا الزوجتين غافلتين وكان القائم بالعملية هو الزوج ؛ فلعل المتمسك باصالة البراءة غير ملوم.

وقد يكون من جهة عدم رضا بعض الثلاثة بالعمل المذكور ، وصور الموضوع تسعة تحصل من قيام بعضهم مستبداً بنقل النطفة ورضا الاخرين وكراهتهما أو كراهة أحدهم.

ومحصل الكلام انه لا يجوز قيام صاحبة البويضة بنقل النطفة مستبدة مع كراهة ضرتها الحامل الزوج ، فإن عملها تصرف من دون رضاهما ، وايذاء للحامل وابتلاء بمشقة الحمل والولادة وهو حرام ، بل للحامل اسقاطه قبل ولوج الروح لما مر.

٩٤

وأما قيام الزوج بالعملية مع كراهتهما أو كراهة إحديهما ففيه احتمالان ؛ وحه الجواز دعوى ان المفهوم من مجموع ما ورد في باب النكاح أن للزوج حق الاستيلاد ولو من دون إذن الزوجة ، ويؤيده قوله تعالى ( الرجال قوامون على النساء ) ، ووجه الحرمة ان المتيقن من حقه ما إذا كانت البييضة من الحامل الوالدة لا في مثل مفروض البحث فإن حقه غير محرز.

وأما قيام الحامل بها مع كراهة صاحبة البيضة فلا يبعد عدم جوازه ، لأن تصرفها في البييضة مع أنها حق صاحبتها غير جائز إذ التصرف في حق الغير كالتصرف في مال الغير حرام. وهذا الحكم جار بالنسبة إلى استبداد الزوج وتصرفه فيها دون رضى صاحبتها به.

واما إذا رضيتا ولكن الزوج كاره ففيه وجهان ، وجه الجواز ان للمرأة الحمل والولادة وان لم يرض بهما الزوج ، ووجه الحرمة دعوى عدم ثبوت هذا الحق لها ، ويؤيده جواز العزل له وان كرهته الزوجة ، لكن الحرمة غير ثابتة كما لا يخفى على المتأمل ، والحق المذكور ثابت لها ولا ينافيه جواز العزل له. ونظير المقام ما إذا هيجت الزوجة شهوة زوجها ثم جامعته بقصد الاستيلاد على كراهة زوجها بالولد ، ولم اجد نصاً يتعلق بالمقام بل لا أذكر من تعرض له في الفقه.

( القسم الخامس ) : نقل نطفة الزوجين إلى الزوجة كما في الفرض الاول لكن بعد وفاة زوجها.

ويمكن أن توخذ بييضة أو أكثر من حيوان منوي من الزوج ويستعان بإثنين في الشهر الاول ويوضع الباقي في ثلاجة يجمد إلى فترة بعد سنة أو سنتين أو يمكن حتى بعد وفاة الزوج ، ويمكن أن توضع

٩٥

هذه الاجنة مرة أخرى في الرحم (١).

أقول : في المقام مطالب :

( الاول ) لا يبعد بطلان الزوجية او انتهائها بموت أحد الزوجين ، فإن المفهوم حسب المتفاهم العرفي قيامها بالاحياء دون الاموات ولا بين الاحياء والاموات ، فالميت كان زوجاً لا أنه بالفعل زوج للحي أو الحية ، وعليه فلا مجال لاستصحاب بقاء الزوجية ، لعدم بقاء الموضوع.

وأما ما ورد من جواز غسل كل منهما للأخر إذا مات والنظر اليه فمع الغض عن تعارضه بغيره لا يستفاد منه بقاء الزوجية ، فإنه حكم تعبدي نلتزم به كما نلتزم بولاية الزوج على زوجته الميتة لأجل النص.

والذي يؤكد أو يدل على ما ذكرنا استنكار المتشرعة وطء الزوج زوجته الميتة ، بل ارسل بعض الفقهاء حرمته ارسال المسلمات ، وتجويز بعض المعاصرين وطئها كأنه ناشٍ عن التعجيل في التأليف. ويدل على بطلان الزوجية بموت احداهما نكاح الخامسة فور موتها أو تزويج اختها ، فتدبر ولاحظ ص ٣٢٧ ج ٢ من كتابنا حدود الشريعة حول حكم وطء الزوجة الميتة.

( الثاني ) : بناء على بطلان الزوجية لا يجوز نقل تلك النطفة إلى رحم الزوجة بعد موت زوجها إلا بناء على الاستصاحب التعليقي الذي لا نقول به.

ويلحق بموت الزوج في الحكم طلاق الزوجة بل الحكم فيه أظهر ، ولا يبعد جوازه للزوج في العدة الرجعية ، فهو منه رجوع.

__________________

(١) لاحظ ص ١٩٤ وص ١٩٥ وص ١٩٩ الانجاب في ضوء الاسلام.

٩٦

( الثالث ) وأما الحكم الوضعي فالولد ولدهما كما عرفت وجهه لكن في إرثه من أبيه الميت إشكالا ، بل ذكر بعض المعاصرين : نعم الظاهر المستفاد من النصوص بل وفتاويهم لزوم ان يكون الحمل حال حياة الاب في إرثه منه ... فلا يرث مثل هذا الولد (١) نعم لامانع ـ ظاهراً ـ أن يرث هذا الولد من اقرباء أبيه إذا ماتوا بعد استقراره في الرحم للإطلاق. وإما إذا فرضنا أنه نما في الانبوبة وولد خارج الرحم ففي كونه ولداً لصاحب البيضة إشكال أو منع ، لقوله تعالى : ( ان امهاتكم إلا اللائي ولدنهم ) وما ذكره بعض المعاصرين من نفي البعد في إرثه من الام واقربائها لصدق الولج محجوج بالاية الكريمة ، وحمل الولادة في الاية على ما يعم حياة الولد في الانبوبة خلاف الظاهر جداً. نعم لا مانع من كونه ولداً بالنسبة إلى الاب كما مر ، لكن في ارثه منه إذا مات الاب قبل حياته التامة خارج الانبوبة إشكالا لعدم صدق الحمل عليه وهو الموضوع أو الشرط للميراث.

نعم إذا لم تقسم التركة لمانع أو لعدم وارث آخر فخرج ولد الانبوبة حياً لا بعد في ارثه من تركة أبيه ، والله أعلم بحقيقة أحكامه.

بقي في المقام أمران

١ ـ قال بعض الاطباء : البويضة المخصبة هي التقاء الحيوان المنوي بالبويضة ، وهذا يحدث في الجزء الوحشي من الانبوبة ثم بعد ذلك تتجه نحو الرحم وتتكون منها العلقة ، وبعد ذلك يحدث الاندغام ، والاندغام هذا هو الحمل ، ولذلك التعريف العلمي للحمل هو اندغام البويضة المخصبة

__________________

(١) ص ١٤٨ ج ٨٢ الفقه.

٩٧

الحية في انسجة حية (١).

أقول : وقبول هذا بالنسبة إلى الاحكام الشرعية محتاج الى تأمل.

٢ ـ نقل عن جريدة فرنسية أنه وضع الاطباء بويضة ملقحة في رحم قردة تنمو ، وقالوا : إن هذه العملية لم تنجح ، ولكن عدم نجاحها لا يعود إلى استحالتها علمياً ولكن لبعض أخطاء وقعت وسيعيدون العملية.

أقول : وذكر بعض النشريات اليومية أن أحداً من أهالي قرية صغيرة قرب ماسكو جامع خنزيره فاولدها مولوداً يشبه الخنزير في بعض مظاهر بدنه والانسان في بعضها الاخر.

وبالجملة : إذا ولد مولود من ماء انسان وحيوان سواء بالجماع أو بوسيلة طبية ، وكذا إذا نقلت البيضة المخصبة من إنسانين في رحم حيوان أو من حيوانين في رحم انسان فولد مولود ، فما هو حكمه؟

أقول : إذا ولد مولود إنساناً بدناً ونفساً فيجري عليه حكم الانسان وان شبه الحيوان في بعض أجزاء بدنه ، ويترتب عليه أحكام النسب بالاضافة الى الانسان إما مطلقا كما في فرض وساطة الالات الطبية أو في غير الميراث كما في فرض الزنا على ما سبق بيانه ، نعم في فرض تولده من حيوان انثى لا تثبت امومة صاحبة البييضة في حقه.

وإذا كان حيواناً فلا يترتب عليه أحكام الانسان ، وكذا إذا شك في كونه انساناً او حيواناً ، فلاحظ ـ وتأمل.

وأما إذا كان إنسانا روحا وحيواناً بدنا ففي مثل ذلك لا بد من الاحتياط ، فلا يجوز قتله وايذائه وغصب ماله للإطلاقات ، كقوله تعالى :

__________________

(١) ص ٣١٢ الحياة الانسانية بدايتها ونهايتها.

٩٨

( من قتل نفساً بغير نفس ... ) (١) وغيره ، بل يحتمل شموله لإطلاقات أدلة الحدود والقصاص.

ودعوى انصراف الإطلاقات عن مثل هذا الفرد الشاذ ضعيفة ، فإنها ـ كما ذكر في اصول الفقه ـ تشمل الافراد الشائعة والنادرة كمن له رأسان مثلا ، والمسلم بطلان اختصاص المطلقات بالافراد النادرة.

واما بالنسبة الى نكاحه ـ ذكرا كان او انثى ـ فلا يجوز بحسب الاحتياط والله العالم.

وأما إذا كان انسانا بدنا وحيوانا فكرا ففي إلحاقه بالانسان أو بالحيوان اشكال.

ويقول الشهيد الثاني رحمه الله في بحث نجاسة الكلب : وما تولد منهما ووان باينهما في الاسم ( نجس ) ، وأما المتولد من أحدهما وطاهر فإنه يتبع في الحكم الاسم ولو لغيرهما ، فإن انتفى المماثل فالاقوى طهارته وإن حرم لحمه للاصل فيهما ، انتهى كلامه.

أقول : في الحيوان يكفي صدق الاسم عرفاً ، واما في الانسان فلا بد من العلم بتحقق روحه. ثم ان في حكم الشهيد رحمه الله بنجاسة المتولد منهما مع تباين الاسم اشكال ، وكذا في كون الاصل في اللحوم هو الحرمة ، وليس هنا موضع بحثه.

__________________

(١) المائدة آية ٢٣.

٩٩

المسألة التاسعة

إقرار المني في رحم الاُنثى الاَجنبية

قد يكون ذلك بالطريق المعتاد فهو الزنا المحرم كتاباً وسنةً وإجماعاً ، بل ضرورة من الدين.

وقد يكون بالوسائل الحديثة الطبية من دون المباشرة ، كما إذا فرّغ الرجل منيه (١) في ظرف خاص فتدخلهُ امرأة بوسيلة الاُبرة ونحوها في رحم امرأة من دون النظر الى فرجها فضلاً عن مسه إذا أمكن ذلك.

والكلام تارة في حكمه التكليفي واُخرى في حكمه الوضعي.

أما الاَوّل فلا أظن خلافاً بين الفقهاء في كونه هو الحرمة ، لا لاَجل أنّه زنا فإنّه مكابرة وزوراً وليس بزنا جزماً ، بل بعنوان إدخال المني في رحم أجنبية واقراره فيه. وكما يحرم ذلك على الرجل يحرم قبوله على المرأة أيضاً.

ففي حديث علي بن سالم عن الصادق عليه السلام المروي في الكافي (ج ٥ ص ٥٤١) قال : أشد الناس عذاباً يوم القيامة رجل أقرّ نطفته في رحم يحرم عليه. ورواه البرقي في محاسنه والصدوق في عقاب الاَعمال.

وفي حديث الفقيه المرسل عن رسول الله صلى الله عليه وآله : لن يعمل ابن آدم عملاً أعظم عند الله عزّ وجلّ من رجل قتل نبياً أو هدم الكعبة التي جعلها الله قبلة لعباده أو أفرغ مائه في امرأة حراماً.

وهذا الحديث ينهى عن افراغ المني في مطلق بدن المرأة دون

__________________

(١) سواء كان افراغه حراماً كما في الاستمناء أو حلالاً كما في فرض ملاعبة الزوج مع زوجته.

١٠٠