الفقه والمسائل الطبيّة

الشيخ محمد آصف المحسني

الفقه والمسائل الطبيّة

المؤلف:

الشيخ محمد آصف المحسني


الموضوع : الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: ياران
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٤٣

٢ ـ منذ عدّة سنوات ابتدأت فكرة زراعة أنسجة وخلايا داخل المخ في بحوث أكاديمية مختلفة على حيوانات المعامل من فئران وغيرها ، وذلك لتجربة تأثير عقاقير مختلفة عليها ، وكذلك لدراسة تصرف هذه الخلايا في الظروف البيئية المختلفة ، كما في مجال دراسة الاَورام السرطانية سلوكياً وعلاجياً.

وحيث إنّ زراعة المخ غير ممكنة فماذا عن زراعة خلايا أو أنسجة سليمة في مكان آخر تالفة فيما يشبه عمليات الترقيع في الجلد مثلاً؟ إنّ نجاح مثل هذه الزراعة العلاجية في حيوانات التجارب قد تكون مرحلة توطئة لتطبيقها على الاِنسان.

ولقد تم ذلك بالفعل ، وكان لبلاد مثل السويد والمكسيك قصب السبق في هذا المجال ، وصدر عن مراكز ابحاثهم المئات من التقارير والبحوث ، بل والاَكثر من ذلك أنه قد تمت بالفعل بعض التطبيقات على الاِنسان.

ومن هذا الكم الكبير للبحوث والتجارب التي صدرت حتى الآن من عدد كبير من الدول في أوروبا الشرقية والغربية والولايات المتحدة الاَمريكية وأمريكا الجنوبية ، يمكننا أن نتبين أن هذه الاَبحاث قد تشعبت وتعددت اتجاهاتها وبالتالي الاَغراض التي تهدف إليها ، وبصفة عامة يمكننا الآن أن نقوم بتقسيمها إلى قسمين رئيسين :

أولاً : أبحاث تهدف إلى توفير هرمونات معينة داخل المخ ، وذلك لتعويض نقص بها مما يعتقد أنه السبب في ظهور عوارض أو أمراض عصبية ، وهي ما يسمى بالهرمونات العصبية ( Neurotransmitters ) مثل الدوبامين ، والكولين ، والكاتيكولامين ، والهدف من الزراعة هو توفيرها

٢٨١

بصفة مستمرة من إفراز هذه الاَنسجة.

ثانياً : أبحاث تهدف إلى تعويض عن أنسجة تلفت لاَسباب مختلفة كالاِصابات في الحوادث أو نتيجة الالتهابات أو أمراض الشرايين وكل ما ينتهي إلى تليف يؤدي إلى توقف تنبيهات الحس والحركة داخل الجهاز العصبي المركزي والغرض من الزراعة هنا هو محاولة إعادة سريان هذه التنبيهات عن طريق قنوات الاتصال الجديدة والتي ستنشأ من هذه الخلايا عبر الاَنسجة التالفة المتليفة ، وقد أظهرت التجارب أنّ النتائج تختلف كثيراً اعتماداً على عوامل عدة ، منها نوعيات الاَنسجة المستخدمة في الزراعة ، مصادرها ، أسلوب نقلها وأماكن زراعتها بالمخ ، كما تعتمد أيضاً على عمر الخلايا المستخدمة وبالتالي مرحلة نضجها.

زراعة الاَنسجة بغرض توفير الهرمونات العصبية

١ ـ ( ربما كان هذا أول الاَهداف التي قصدت من الزراعة وبالذات لعلاج مرض باركنسون أو الشلل الرعاش ) (١).

أقول : الغرض من زراعة الخلايا والانسجة داخل المخ أُمور منها ماعرفته ، ومنها تحسين مظاهر شيخوخة المخ ، ومنها علاج ضعف الذاكرة ، ومنها شفاء مرض السكر الكاذب ، ومنها اعادة دورة الطمث والتبويض مرة أُخرى ، ومنها احتمال علاج امراض عصبية مستعصية لا يوجد لها علاج حتى الآن.

يقول طبيب في هذا المقام : ثم هناك تساؤل آخر بل انه حلم البشرية

__________________

(١) ص ٦١ وص ٦٢ نفس المصدر.

٢٨٢

الازلي الذي طالما داعب خيالها من مئات الاجيال وهو هل لهذه الجراحات المقدرة الصحة والشباب فتعالج المخ الذي هرم والجسم الذي وهن؟! وهل يمكن للمرأة العجوز ان تعود إلى نضارتها وإلى انجاب الاولاد من جديد؟

أقول : إذا حصلت للطب هذه المقدرة بحيث يصبح قادراً على ما ذكرناه هنا على غيره لكان كل تلك الاعمال جائزة شرعاً لا مانع منها ، وقد تقدم في مسألة رفع الموت عن الانسان جواب بعض الاسئلة المتعلقة بالمقام أيضاً ، نعم لا بد من التوجه الشديد إلى عدة أُمور :

١ ـ لزوم اعتبار الخبرة الكافية للمتصدي ، فإنّ جهاز المخ معقد فوق ما يتصور ، فلا بد من ادامة التجربة العلمية على مخ الحيوانات أو غيرها حتى حصول اليقين بالنتائج لئلا يضر الانسان بتلف في مخه.

٢ ـ عدم جواز اجهاض الجنين لزراعة خلاياه في مخ المريض ، فان اجهاضه حرام كما مر ، نعم فيما استثنى الاجهاض من الحرمة ، سواء جاز أو وجب لا مانع منها إذا لم تحله الحياة أو زالت حياته ، وذلك مع مراعاة ما يتعلق بالجنين من التجهيز حسب ما فصّل في الفقه.

٣ ـ عدم سلب اختيار الانسان وارادته فانا نعلم بعدم رضي الشارع بذلك ، والحق أنّ تكليف الانسان بالشريعة واستحقاقه الثواب والعقاب كليهما موقوفان على اختيار الاِنسان وارادته.

وقد يتخيل أنّ كل نشاط اختياري يقوم به الانسان هو اثر من آثار الروح بواسطة البدن والبدن جندي مطيع للروح وليس الفكر والشعور والارادة ناشئة عن الدماغ نتيجة تفاعلات كيميائية وفيزيائية كما يتوهمها الماديون ، فيمكن ان يبقى ارادة الانسان وان تصرفوا في مخّه ، ولكنه تخيّل خاطيء ، فان الامر وان كان كذلك إلاّ ان له تاثيراً كبيراً في اعمال الروح

٢٨٣

وتفكره ، فيمكن سلب ارادة الروح بالتصرف في بعض مواضع المخ وان لم يكن معلوماً قطعياً.

واما عملية المخ لتغيير الفكر وبالتالي لتغيير السلوك ولو في حدود اختيار الفاعل وارادته فهي على قسمين :

الاَُولى : التغيير إلى الشر والفساد ، وهذا لا يجوز لانه تعاون على الاثم والعدوان.

الثاني : التغيير إلى الخير والصلاح ، وهو يجوز. وهنا يتوجه سؤال صعب ، وهو انه ما هو المعيار للخير والصلاح؟ وما هو المناط للشر والفساد؟ وجوابه يختلف باختلاف الاديان بل المذاهب والحضارات والاَقوام ولا ضابط له.

لا يقال : مع تشخيص الخير والصلاح من نظر الفقه تدخل عملية تغيير الفكر والصفات في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فهي حسنة بل واجبة.

فإنّه يقال : الامر والنهي المذكوران تشريعيان لا تكوينيان ، وبعبارة أُخرى أنّهما لاحداث الداعي في نفس المكلف لاتيان المعروف وترك المنكر ولا يجب على المكلف من باب الامر بالمعروف إيجاد العمل بالقوة بتوسط المتخلف وتارك الواجب ، ولا يجب أخذ الدارجة من يد السارق ولا وضع اليد على فم من يغتاب أو يسب أو يفتري أو يغني ونحو ذلك وإنْ شئت فقل : إنّ الامر والنهي المذكورين غير الدفع والردع ، وهذا واضح. نعم فيما علم من مذاق الشرع ذلك جاز أو وجب الدفع كما في الزنا واللواط والقتل مثلاً. والمقام من قبيل الدفع ولا يدخل في باب الارشاد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر.

٢٨٤

المسألة الرابعة والثلاثون

نزع عضو من ناقص الخلقة

لا يجوز انتزاع عضو من مولود ناقص الخلقة ظاهراً أو باطناً كالوليد عديم الدماغ ، ويراد بعديم الدماغ الذي يولد وليس له قبو رأس وليس له فصان مخيان ، وانما له جزع مخ يقوم على الوظائف الحيوية الاساسية من دورة دموية وتنفس بعد الانفصال حياً بالميلاد ولكنها حياة محدودة موقوتة ، ثم يموت بعد ساعات أو أيام أو اسابيع.

وذلك أنه انسان حي فلا يجوز قتله ولا الاِضرار به بوجه حتى لوالديه فضلاً عن غيرهما ، ولا فرق في عدم الجواز بين قصر العمر وطوله جزماً.

ومن الاطباء مَن يدعو لجعل غياب المخ مساوياً لموت المخ حتى وان كانت منطقة الجذع حية ، ولكن قام الاعتراض على ذلك ، لان أخذ عضو حيوي من انسان حي يعتبر قتلاً ، وزاد الامر تعقيداً ان التشريح الدقيق اثبت وجود بقايا نسيج مخي متلبسة بجذع المخ وان جذع المخ في بعض الاحيان يكتسب القدرة على القيام ببعض وظائف المخ النائب (١).

وقد يقال : إنّ تشخيص حالة اللادماغية يمكن التوصل إليه بصورة مؤكدة بمجرد النظر إلى رأس المولود وبناء على المعايير ، كعدم وجود جزء كبير من الجمجمة ، وكعدم وجود فروة رأس في منطقة الجزء الغائب من الجمجمة ، وكوجود انسجة ليفية نازفة مكشوفة ، وكعدم وجود نصفي كرتي

__________________

(١) ص ١٧٨ وص ١٧٩ رؤية اسلامية لزراعة بعض الاعضاء البشرية.

٢٨٥

الدماغ (١).

لكن قال بعضهم : إنّه تبيّن أنّ تشخيص موت المخ في الوليد عديم الدماغ من الصعوبة بمكان ... (٢).

__________________

(١) ص ٢٠٢ نفس المصدر.

(٢) ص ١٧٩ نفس المصدر.

٢٨٦

المسألة الخامسة والثلاثون

هل هو شخص سابق أو جديد؟

إذا قدر الطب أنْ يحتفظ جسد المريض بالتبريد قبل موته قليلاً أو بعد موت الدماغ بدقائق فيحفظه خمسين أو مائة سنة مثلاً ثمّ اعاده إلى وضعه الذي كان عليه قبل التبريد وازال مرضه السابق فصار حياً سليماً (١) ، فهل هو انسان جديد أو انسان سابق؟

وهنا سؤال ثان وهو أنّ مثل هذا التبريد ما هو حكمه شرعاً؟

أما جواب السؤال الاَوّل فالواقع أنّ حقيقة الانسانية ليست بهذا الهيكل المحسوس وإنْ كان له دخل في أفعال الروح وتصوراتها وافكارها الى حد ، وانما قوامها بروحها الناطقة فان كان هذا الحي بالفعل من حيث عقائده وعلومه وذاكراته مثل ما كان في الحياة السابقة فهو ذاك الانسان السابق ، ويترتب عليه جميع أحكامه الشرعية وما يتعلق بروابطه الاجتماعية والحقوقية والاخلاقية ، وان لم يكن مثل السابق فيمكن أن يقال بأنّه شخص جديد.

هذا هو التصور الابتدائي في هذا المقام لكن الامر لا يخلو عن صعوبة ، وذلك أولاً ، مَن يعلم أنّ روحه ـ في الحياة الثانية ـ جديدة بعد إمكان زوال ذاكرته وتغير معلوماته وعروض النسيان عليه ، كما يقول بعض

__________________

(١) كما امكن ذلك في حق البييضة الملقحة على ما مرّ في بعض المباحث السابقة ، فيمكن غرسها في رحم المرأة بعد خمسين سنة من الانجماد مثلاً.

٢٨٧

العلماء بمثله في موضوع عالم الذر والميثاق ، بل وكل من يقول بتقديم خلق الروح على البدن يلتزم بنسيان الروح مشاهداته في تلك المرحلة قبل الولادة ، ومن الممكن نسيان ذكره وتغير ملكاته بعد التبريد أو بعد الحياة المجددة.

وثانياً : أنّه لا شاهد من التاريخ والتجربة على توارد روحين على بدن واحد متعاقباً.

وعلى كلّ فمع الشكّ في الوحدة والتعدد يجري استصحاب بقاء الشخصية وعدم تعلق روح آخر به وبقاء تعلق الروح السابقة بالنسبة إلى الاحكام الشرعية.

هذا كله بناء على أنّ التبريد المذكور يوجب موته ، وعليه يبطل زوجيته لزوجتها بالموت كما سبق بحثه وفي لزوم رد ما أخذه الورثة إليه بحث.

وأمّا إذا كان الشخص في حال تبريده حياً بنوع من الحياة فالفرد المذكور هو الفرد السابق بعينه وحال تبريده كحال نومه. وهل يجب عليه قضاء صلواته وصيامه؟ فيه وجهان.

وأما جواب السؤال الثاني وحكم هذا التحفظ فأقول : الظاهر عدم وجوبه لعدم دليل على وجوب حفظ النفس بهذا النحو ، فهو أمر جائز بناء على بقاء حياته ، واما بناء على موته فلا يبعد تحريمه ، فتأمّل ثمّ إذ قبل التبريد حرماً ـ اي ثبت أنّ التبريد حالة موت وانقطاع روح عنه فهو محكوم بالموت ، فإنّ شكّ الورثة في عودة حياته فيجوز لهم تقسيم ماله ويجوز لزوجته الزواج بعد عدة الوفاة ولزوجها نكاح اختها مثلاً ، وكذا يجب العمل ببقية أحكام الموت كقضاء عباداته وقضاء ديونه والعمل بوصاياه وان علموا بعودة حياته ـ ولو بحسب التجربة ـ فالحكم بموته لا يخلو عن إشكال بل منع ، والله اعلم.

٢٨٨

المسألة السادسة والثلاثون

توضيح حول مرض الايدز

وفيه مطالب اثنا عشر :

( الاَوّل ) : أصبحت عدوى الاَمراض الجنسية عامة منتشرة في العالم على نطاق واسع ، إذ تصاب الآن في كل عام أكثر من مائتين وخمسين مليون حالة جديدة ، وأمّا عدوى الايدز وحده فقد أصابت خلال السنوات القليلة الماضية عدداً يقارب أربعة عشر مليوناً من البشر ، وينتظر أنْ يرتفع هذا العدد بحلول سنة ألفين إلى أربعين مليوناً أو يزيد (١) ( لله الاَمر من قبل ومن بعد ) (٢).

وأهم طرق العدوى بفيروس الايدز هو ما يأتي :

١ ـ الاتصال الجنسي الذي يكون أحد طرفيه مصاباً بالعدوى سواء بين أفراد الجنس الواحد أو الجنسين ، هذا الطريق يمثل أكثر من ٩٠% من حالات العدوى ، وهناك ممارسات جنسية معينة تزيد من خطر انتقال العدوى مثل تعدد القرناء الجنسين واللواط والمخالطة الجنسية للبغايا وكذلك وجود امراض تناسلية أُخرى (٣).

وقيل : إنّه إذا جامع الرجل المريض بالايدز زوجته فاحتمال الاصابة نصف في المئة : لكن قيل : إنّ معنى ذلك إذا كان الرجل في شبابه قوياً

__________________

(١) ص ٤٢ رؤية اسلامية للمشاكل الاجتماعية لمرض الايدز.

(٢) الروم آية ٤.

(٣) ص ٦١ نفس المصدر.

٢٨٩

يجامع في الاَُسبوع مرتين وثماني مرات في الشهر و ٩٦ مرة في السنة كان احتمال الاصابة أكثر من ٤٠ أو من ٥٠% في السنة الواحدة ، فتصبح النسبة ضخمة (١).

٢ ـ الحقن بمحاقن ملوثة بفيروسات المرض كما يحدث عند اشتراك مدمني المخدرات في حقن انفسهم بمحاقن وإبر ملوثة.

٣ ـ الدم ومشتقاته ، سواء بنقل الدم العلاجي أو باستخدام الابر والمحاقن الملوثة بالفيروس.

٤ ـ انتقال العدوى من الام للجنين : دل استعمال أحدث طريقة لكشف جزئيات الفيروس ، على أنّ نسبة إصابة الجنين وهو في داخل الرحم بالعدوى هي نسبة ضئيلة لا تتجاوز عشرة بالمائة ، وتحدث معظم حالات العدوى للجنين في أثناء الولادة من جراء تلوث الجنين بالمفرزات التناسلية المعدية بمعدل ثلاثين بالمائة ، ولا تنتقل العدوى من الام إلى الجنين في ستين بالمئة من الحالات (٢).

وقال بعض الاَطباء : إنّ الدورة الدموية للام والجنين لا اتصال بينهما ، والدورة الدموية للجنين مستقلة تماماً عن الدورة الدموية للاُم ، لكن بعض العوامل المرضية قد تخترق المشيمة ، ولكن هذا لم يثبت فيما يتعلق بالنسبة للايدز (٣).

( الثاني ) : كلمة الايدز مركبة في الاَحرف الاَُولى بالانجليزية لاسم مرض خطير يدعى « متلازمة العوز المناعي المكتسب » وهو متلازمة أي

__________________

(١) ص ٥٣٥ نفس المصدر.

(٢) ص ٦٢ نفس المصدر.

(٣) ص ٣٢٨ نفس المصدر.

٢٩٠

مجموعة من الاَعراض المرضية تتلازم وتتزامن ، وهو مكتسب لاَنّ الانسان يكتسبه إكتساباً بالعدوى.

ولما كان الجهاز المناعي في هذا المرض يتم تدميره تدميراً كبيراً فإنّ الانسان يصاب بعوز مناعي ـ أي نقص شديد في عناصر المناعة ـ ينجم عنه عجز الانسان عن مجابهة سائر أنواع الجراثيم بما في ذلك تلك الجراثيم التي ليس من عادتها أن تحدث المرض في الانسان ، ولكنها تنتهز فرصة العوز المناعي لتحدثه ولذلك تدعى الجراثيم الانتهازية.

ومرض الايدز هذا يسببه فيروس وهو كائن دقيق لا يرى إلاّ بالمجهر الالكتروني ، يطلق عليه اسم « فيروس العوز المناعي البشري » وهو ينتقل من الانسان الى الانسان بواسطة سوائل البدن التي تحتوي عليه ( المني وسوائل عنق الرحم وسائل المهبلي والدم ) (١).

( الثالث ) : العدوى نزول الجرثوم بساحة البدن ، أي دخوله إليه وتكاثره فيه ، وليس تعني العدوى حتماً حدوث المرض ، لاَنّ الله سبحانه قد زوّد الانسان بجهاز مناعي يتولّى مسؤولية الدفاع عن البدن ضد كل عدوى تسومه ، ويقوم الجهاز المناعي بواسطة أصناف متعددة من الخلايا منها ما يهاجم الجرثوم بذاته فيلتهمه أو يقتله ، ومنها ما يهاجم الجرثوم بمفرزاته (التي نسميها الاجسام المضادة أو الاضداد) ، ومنها ما يساعد الاصناف الاَُخرى من الخلايا في الهجوم فيقوم بدور المؤازر والمساعف ومن أجل ذلك إذا حدثت العدوى فيمكن أن تتطور الاَُمور في أحد اتجاهات أربعة :

__________________

(١) ص ٦٠ وص ٦١ نفس المصدر.

٢٩١

أولها : أنْ تتغلب وسائل المقاومة في البدن على الجرثوم وتقضي عليه ، فلا تظهر أعراض المرض.

وثانيها : أنْ يتغلّب الجرثوم ابتداء على وسائل دفاع البدن فيحدث مرض عدوائي ( أي ناجم عن العدوى ) قد تكون مدته قصيرة وقد تطول ، وفي النهاية إما يتغلب الجسم فيحدث الشفاء ، أو يتغلب الجرثوم فتحدث الوفاة.

وثالثها : أنّ تقوم وسائل المناعة بتعويق الجرثوم المعتدي وتضيق عليه الخناق ولكنه يبقى حياً متربصاً ينتهز الفرصة للانقضاض.

ورابعها : أنْ تصل الحرب بين وسائل الدفاع وبين الجرثوم إلى مرحلة هدنة مسلحة لا يقضي فيها الجسم على الجرثوم ولا يؤذي الجرثوم الجسم ، ولكن الشخص يمكن أنْ ينقل الجرثوم إلى جسم آخر فيسبب فيه العدوى وربما المرض ويسمى الشخص في هذه الحالة بحامل الجرثوم.

( الرابع ) : بعد أنْ تتم العدوى بهذا الفيروس فإنّه يختفي بسرعة داخل بعض الخلايا ويأخذ في التكاثر تدريجاً وفي تدمير هذه الخلايا.

وتمر العدوى في الجسم بمراحل من أهمها مرحلة الكمون ، يهاجم خلايا الجهاز المناعي مما يؤدي إلى تناقص عددها شيئاً فشيئاً حتى تصل إلى المستوى الحرجي الذي لا يستطيع معه الشخص المصاب مقاومة جراثيم الاَمراض أو الخلايا الضارة مثل الخلايا السرطانية ، فيحدث ما هو معروف بمرض الاِيدز ( أي الاتصاف باعراض وعلامات مرضية ظاهرة ترافقها أمراض الجراثيم الانتهازية والاورام الخبيثة ) (١) ، والغالب أنّ

__________________

(١) ص ٦٣ نفس المصدر ، في فترة ما بعد عام ١٩٨٣م عرف ان للمرض فيروساً واعراضاً منها ارتفاع في درجة الحرارة ، هزال ، وفقدان للشهية والوزن تضخم في

٢٩٢

المريض الذي يصل إلى هذه المرحلة يموت خلال فترة قصيرة قد تكون أشهراً قليلة ولا تتعدّى السنتين.

وتكون مرحلة الكمون ـ أي ما بين العدوى وبين ظهور الاَمراض المميزة للمرض ـ قصيرة نسبياً في الاطفال ( أقل من سنتين ) وتتراوح في البالغين ما بين ٧ ـ ١٠ سنوات ، وتقصر هذه المدة بحدوث أمراض أُخرى مصاحبة أو سوء التغذية أو الحمل في المرأة ، ولذلك فإنّ متوسّطها في افريقيا خمس سنين لما فيها من سوء التغذية والملاريا ، مثلاً في حين يكون متوسطها في أمريكا عشر سنين بفضل التغذية الجيدة والعلاج المناسب للاَمراض المرافقة ، ويكون الشخص معدياً طوال هذه المدة (١).

( الخامس ) : لا توجد شواهد بينة على إنتقال العدوى من طريق الحشرات أو الطعام أو الشراب أو المراحيض أو المسابح ( حمامات السباحة ) أو المقاعد ، أو ادوات الطعام المشتركة أو حتى الملابس المستعملة ، وقد ذكرت حالات معدودة في العالم كله ، يعتقد فيها أنّ العدوى فيها انتقلت من طريق لبن الام ويظن ظناً أنّ المص الذي يمارسه الرضيع مع ما يرافقه من ضغط شديد على الغشاء المخاطي الرقيق في فمه قد يؤدي إلى انتقال العدوى إذا كانت حلمة الثدي متشققة دامية لكن الاحتمال ضئيل جداً (٢) ، وقيل : إنّ الطعام والشراب الملوث والمستقذر لا يبعد أنْ يكون سبباً لهذه المرض (٣).

__________________

الغدد الليمفاوية (السهال) ضعف في البنية ، سهولة الاصابة بامراض أُخرى نتيجة للميكروبات الانتهازية.

(١) ص ٥٩ وص ٦٠ وص ٦٣ رؤية اسلامية للمشاكل الاجتماعية لمرض الايدز.

(٢) ص ٦٢ نفس المصدر.

(٣) ص ٥٠٨ نفس المصدر.

٢٩٣

( السادس ) : مدة العزل هي طوال الحقبة التي يكون الشخص فيها معدياً ، وهي محدودة في معظم الاَمراض ، إما في الايدز فهي العمر كله (١).

( السابع ) : إنّ نسبة الاصابة حتّى تتطور إلى مرض خلال خمس سنوات من العدوى تتراوح ما بين ٢٥ إلى ٣٠% من المصابين يصبحون في حالات مرضية ، وخلال عشر سنوات ما بين ٥٠ إلى ٦٠% يصابون بالمرض ، وكلما طالت المدة ارتفعت نسبة التحول من حامل الجراثيم إلى مريض ، خلال ١٤ سنة يمكن لحوالي ٩٥% من الناس الذي أُصيبوا أنْ يتحولوا إلى حالات مرضية.

( الثامن ) : وأمّا نقل الاَعضاء ففي نقل القرنية ثبت أنّها تنقل العدوى ، كذلك نقل السعار في إحدى الحالات ، وكذلك نقل الكلى في حالات كثيرة ، والآن قلّت احتمالات العدوى بهذه الطريقة لانّه يتم الفحص قبل نقلها.

واما التشريط والحلاقة والحجامة فيمكن نقل العدوى بشرط أنّ يستخدم نفس الموسى ، وعليه الدم موجود ، ويتم الحلق لشخص آخر قبل أن يجف هذا الدم ، فهذا محتمل معه نقل العدوى (٢).

( التاسع ) : استقرت كلمة العقلاء من الغربيين على أنّ هذا المخلوق المدمر للحياة انما نشأ أوّل ما نشأ ثمّ ترعرع في احشاء الشواذ والبغايا ودمائهم وأنّه أطل رأسه أوّل ما ظهر من مستنقع الاباحة التي تسود العالم الغربي حتّى أطلقوا عليه طاعون الشواذ ، ولم ينشأ عن القرود ولا من المصانع الحربية ولا من افريقية.

__________________

(١) ص ٦٥ نفس المصدر.

(٢) ص ١٠٧ نفس المصدر.

٢٩٤

هذا بالنسبة للعوامل الرئيسية التي أدّت إلى ولادة هذا المرض ، وأمّا بالنسبة إلى طرق انتشاره واحتلاله لمواقع جديدة من اجساد بني البشر فانّ أخطر قنواته هي الممارسات الجنسية الشاذة والادمان على المخدرات والبغاء ، واما نقل الدم والتبرع بالاَعضاء والحمل وغيرها لا تشكل في فاعليتها سوى نسبة ضئيلة ، وهي قنوات يمكن الاحتياط لها بالمراقبة والضبط (١).

( العاشر ) : فيروس الايدز لا ينتقل بسهولة كالامراض المعدية الاَُخرى مثل الملاريا والتيفوئيد والكوليرا والحمى الشوكية والسل ( الدرن ) والتهاب الكبد الفيروسي وغير ذلك من الامراض الجلدية الاَُخرى.

( الحادي عشر ) : فيروس الايدز لا يدخل جميع خلايا الجسم ولكن ما يصاب من الخلايا يسرع اليه الوصف ، فلا يمكن استخراج الفيروس منه إلاّ بموت هذه الخلية ، لكن من فضل الله أنّ خلايا المناعة الاَُخرى مثل الخلايا الطبيعية القاتلة ، والخلايا الآكلة الكبيرة منها مما لم تصب بالفيروس ، وهذه الخلايا إذا أُعيدت إلى حالتها الصحيحة يمكن أنْ تقتل الخلايا الملوثة بالفيروس إذا ما وصلت إلى حالتها الطبيعية. وهذا ما نجد مبشراته الآن لذلك التوازن (٢).

( الثاني عشر ) : نقص المناعة الذي يصاحب مرض الايدز يرشح المريض لعدة مصائب مهلكة لعدم القدرة على المقاومة ، ولتوضيح ذلك أقول مختصراً : إنّ الجراثيم أربعة :

١ ـ فيروسات ، وهذه يسهلها الاِيدز بجميع أنواعها وأمراضها

__________________

(١) ص ٤٧٤ نفس المصدر.

(٢) ص ٥٢٢ نفس المصدر.

٢٩٥

ومخاطرها ما تعرّض المريض لاستقبالها وهو في الحقيقة كذلك.

٢ ـ فطريات ، وهذه يساعد الايدز على انتشارها ببعض الطفيليات.

٣ ـ ونوع واحد من البكتريا وهي جرثومة السل ، وهي تعتمد في انتشارها على الخلية اللمفاوية التي يدمرها ميكروب الايدز لدرجة ان سل الطيور الذي لا يجرؤ على اصابة الانسان السليم يستطيع أنْ يصيب مريض الايدز ، وهناك حلف بيلوجي بين جرثومة السل وجرثومة الايدز (١).

نعم إنّ لمرض الايدز خطورة كبيرة على الجهاز العصبي الذي هو مكون من حوالي ١٠٠ مليون خلية ، هذه الخلايا إذا دخل اليها المرض فإنّه يصيب القشرة السطحية للمخ وتتليف ، ويوماً بعد يوم يتكون مثل الحمص من الخلايا التي تموت وتتجمع ثم يصيب الخلايا « البيزل جانجلي » ومعناه ( خلايا في قراع المخ ) ثمّ يبدأ فيصيب الخلايا الاَُخرى المختلفة في المخ .....

خاتمة مؤسفة

نشرت مجلّة « زد ماغازين » حول الايدز ودعارة الاَطفال والاَسواق الحرة في مملكة تايلند ... : وازدادت صناعة الجنس في تايلند بعد ابرام معاهدة في العام ١٩٦٧م والتي كانت تقضي بالسماح للجنود الاَمريكيين بالاتيان إلى تايلند من فيتنام لاَجل الراحة والاستحمام ، وبحلول عام ١٩٧٤م وصلت أماكن اللهو والدعارة إلى أكثر من عشرين ألف مكان فيما رصدت دراسة دوائر الشرطة أكثر من ٤٠٠ ألف مومس وعاهرة في ذلك

__________________

(١) ص ٤٤٩ المصدر.

٢٩٦

العام بالذات ... وفي يونيو ١٩٨٩ وجد باحثون بأنّ نسبة ٣ ، ١٧% من المومسات ... يحملن فيروس الايدز الايجابي ، وبحلول ديسمبر لعام ١٩٨٩ قفزت إلى أكثر من ٤ ، ٢٠% ، وفي العام ١٩٩٠ قدرت نسبة الاطفال العاملين في صناعة الدعارة الذين اصيبوا بفيروس الايدز الايجابي على صعيد البلاد كلها بحوالي ٦٠% ، وفي العام الجاري (١٩٩٣) بلغ عدد المصابين بالايدز حوالي ٦٠٠ ألف مصاب ، ويزداد عدد المصابين بالايدز حوالي ١٢٠٠ شخص تايلندي في اليوم الواحد. وفي العام ١٩٩٣ يولد ٣٠٠٠ طفل مصاب بمرض الايدز ... وتقدر منظمة الصحة العالمية أنّه بحلول عام ١٩٩٧ فإنّ عدد الاشخاص المتوقع أن يموتوا بمرض الايدز يتراوح ما بين ١٢٥٠٠ و ١٥٠٠٠٠ شخص (١).

أقول : وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون.

ثمّ إنّ المستفاد من هذا ومما مر في المطلب التاسع وغيره (٢) أنّ سبب فيروس الايدز هو اللواط ومباشرة البغايا مع تعدد القرناء ، والمستفاد من غيرها أنهما سبب الانتقال دون سبب الوجود ، وعلى هذا فلم يذكر سبب وجود هذا الفيروس في كلام الاطباء ، وكأنه لعدم علمهم به حتى الآن.

__________________

(١) ص ٢٨١ نفس المصدر.

(٢) ص ١٨١ المصدر.

٢٩٧

المسألة السابعة والثلاثون

الاَحكام الفقهية المتعلقة بمريض الايدز وبكل مرض معد

١ ـ يحرم على المريض بالايدز ـ وبكل مرض معدٍ كجملة ما اسميناها في المطلب العاشر من المسألة السابقة ـ نقل مرضه إلى غيره من المسلمين وأهل الذمة والمعاهدين لحرمة الاضرار بهم جزماً ، ويعاقب المخالف المتعمد بما يراه الحاكم الشرعي صلاحاً ، ويمكن تحريم نقل الجرثومة إلى الغير وان لم تكن بالفعل مرضاً له.

وعلى كل الاِضرار حرام بأي وجه اتفق حتى بمثل السحر ونحوه ، بل العقل يقبّح حرمة الاضرار بالجن والحيوان وكل ما يحس الاَلم ، وبمقتضى قاعدة الملازمة يمكن أنْ نقول بحرمة ذلك شرعاً ، وكذا باطلاق قوله صلى الله عليه وآله « لا ضرر ولا ضرار » فيحرم الاِضرار مطلقاً إلاّ فيما دل الدليل الشرعي على الجواز كذبح الحيوان واستثماره.

٢ ـ إذا نقل المريض فيروس الايدز ـ أو أي مرض معد آخر ـ إلى غيره فمات به ذلك الغير ولو بعد مدة وثبت علمياً استناد موته إلى نقل العدوى ، فان كان الناقل متعمداً جاز لولي الميت قصاص الناقل إذا كان المرض مهلكاً ، وإذا كان الناقل جاهلاً أو غافلاً يجب عليه الدية على ما تقرر في كتاب الديات.

٣ ـ يستحق المنتقل اليه أخذ الغرامة عن الناقل وحيث إنّه لا دية مذكورة له ففيه الارش ، وتكميل البحث فيه بذكر فصول ثلاثة :

٢٩٨

( الاَوّل ) : في اصل لزوم الارش في غير ما ورد فيه الدية :

قال صاحب الجواهر رضي الله عنه في بحث ديات الاَعضاء (١) في شرح قول ماتنه ( كل ما لا تقدير فيه ففيه الارش ) : المسمّى بالحكومة ، وفيه يكون العبد أصلاً للحر كما هو ـ أي الحر ـ أصل له ( أي للعبد ) فيما فيه مقدر بلا خلاف أجده فيه ، بل الاجماع بقسميه عليه ، مضافاً إلى إمكان استفادته من النصوص بالخصوص فضلاً عن استفادة عدم بطلان الجناية وكونها هدراً حتى ارش الخدش من الكتاب والسنة ، فليس مع عدم تقديره إلاّ الحكومة ، وإلاّ كانت جناية لا استيفاء لها ولا قصاص ولا دية ، وهو مناف لما يمكن القطع به من الادلة كتاباً وسنةً وإجماعاً.

أقول : فليكن حكم الارش مقطوعاً بما ذكره ، وببناء العقلاء عليه ، وما ورد من عدم سقوط حق مسلم (٢) ، وما في أحاديث الجامعة المذخورة عند الائمة عليهم السلام من ثبوت الارش حتّى على الخدش والغمز.

( الثاني ) في كيفية الارش :

في الشرائع والجواهر : كل موضع قلنا فيه الارش أو الحكومة فهما واحد اصطلاحاً ، والمعنى أنّه يقوّم المجروح صحيحاً لو كان مملوكاً تارة ويقوّم مع الجناية أُخرى وينسب إلى القيمة الاَُولى ويعرف التفاوت بينهما ويؤخذ من الدية للنفس لا للعضو بحسابه ، أي التفاوت بين القسمين ...

وكيف كان ، فهذا في الحر الذي يكون العبد أصلاً له في هذا الحال ضرورة توقف معرفة الفائت على ذلك بعد عدم التقدير من الشارع له ،

__________________

(١) ص ١٦٨ ج ٤٣.

(٢) الكافي ج ٧ ص ٣٠٢ والتهذيب ج ١٠ ص ٢٣٢ والفقيه ج ٤ ص ١١٤ نسخة الكامبيوتر.

٢٩٩

والفرض كون الجملة مضمونة بالدية فتضمن الاَجزاء منها ، فيستكشف بذلك كما يستكشف تفاوت المعيب والصحيح ثم يرجع بعد إلى ثمن الذي ضمن به المبيع ، فكذلك هنا ، وهو واضح (١).

( الثالث ) : ما يمكن أن يقال في المقام وبالله الاعتصام :

لا يبعد أنْ يلزم الجاني بدفع جميع ما يحتاج المريض إلى صرفه في علاجه من ثمن الاَدوية وأجر الاَطباء وما يصرف في مقدمات التداوى حتّى أجرة السيارة وكذا ما يفوت على المريض من منافعه اليومية لاَجل المرض ، وهذا هو طريق العقلاء في أخذ الغرامة من المعتدي ، ولاحظ الفصل الثالث من كتاب إجارة العروة الوثقى ( المسألة الثالثة ) ، ولا يحصل لنا علم من اجماع الجواهر ، فلا يكون حجة لنا.

على انّه لا سبيل لنا في مثل هذه الاعصار إلى قيمة العبد ولا وجود له في بلادنا (٢). ولا أدري رأي أهل الاستنباط ـ أيدهم الله ـ في هذا العصر ، غير أن ما ذكرنا هو الارجح.

واما في الاَمراض التي لا علاج لها فتعيين ارشها موكول إلى نظر الحاكم بمشورة أهل الخبرة منهم الاَطباء ، مضافاً إلى غرامة منافع المريض اليومية الفائتة لاَجل المرض عليه.

ويمكن أنْ نقول في نقل فيروس الايدز إنّه يهدم مناعة البدن وهي واحدة ، فاتلافها يوجب الدية كاملة. لكن قيل : إنّ هذه القاعدة في خصوص الاعضاء دون المنافع ، ففي صحيح هشام بن سالم المروي في

__________________

(١) لاحظ ج ٤٣ من الجواهر.

(٢) بل المسلمون اليوم اسراء بيد الكفار في العالم وثله منهم يسعون لفكاك رقابهم منهم.

٣٠٠